لكل من يبحث عن مرجع سأساعده - الصفحة 86 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لكل من يبحث عن مرجع سأساعده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-11-28, 20:06   رقم المشاركة : 1276
معلومات العضو
louiza2012
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

ارجوكم اريد بحث حول الهوية و تسيير الجماعة في وحدة ديناميكية الجماعة و اريد بحثا اخر حول شخصيات الاستاد و انواع المكونين ارجوكككككككككككككككمممممممممممممممممممممممممممم مع صور لكل بحث ادا اردتم ارجوكم عاجل









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-11-28, 20:22   رقم المشاركة : 1277
معلومات العضو
imane 13
عضو جديد
 
الصورة الرمزية imane 13
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم

أريد مساعدة بخصوص نظريات الاعلام و الاتصال









رد مع اقتباس
قديم 2012-11-29, 12:36   رقم المشاركة : 1278
معلومات العضو
زهرية
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B8 المسكن في العصر الحجري

اريد بحث حول المسكن في العصر الحجري










رد مع اقتباس
قديم 2012-11-30, 12:57   رقم المشاركة : 1279
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم انا جد متاسفة لانني عندي ظروف خاصة حالت دون ان اجيب على مطالبكم لان لدي مشكلة مع الانترنت انا جد حزينة واسمحو لي وارجو ان تدعو لقريبي بالرحمة والمفرة وانا اعدكم انني لن اتخلى عنكم وساساعدكم باذن الله عندما احل مشكلتي وشكرا










رد مع اقتباس
قديم 2012-11-30, 16:59   رقم المشاركة : 1280
معلومات العضو
asma anoucha
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام وعليكم اريد مساعدة في بحتي الدعم العربي للتورة الجزائرية









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-02, 22:17   رقم المشاركة : 1281
معلومات العضو
حمادة حمادي
عضو جديد
 
الصورة الرمزية حمادة حمادي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اريدبحث عن الفلسفة الالحديثة في اوربا ارجوك بالتهميش او دلني على المراجع










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-07, 13:48   رقم المشاركة : 1282
معلومات العضو
مديقوتية على العام
عضو جديد
 
الصورة الرمزية مديقوتية على العام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم

ربي يجعل مثواه الجنة ان شاء الله



*******************************************
أريد اي مرجع أو أي شيء يتحدث عن الفكر الكنسي في العصور الوسطى

جزاك الله خيرا









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-14, 18:30   رقم المشاركة : 1283
معلومات العضو
messi29
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم أريد بحث حول المفكر ميكيافلي










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-20, 20:18   رقم المشاركة : 1284
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة messi29 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد بحث حول المفكر ميكيافلي
نيكولو ميكافيلي مفكر لا يأفل نجمه د. ضرغام الدباغ برلين 2009مقدمة (Niccolo Machiavelli) حضي المفكر الإيطالي نيقولو ميكافيلي اهتماماً كبيراً يستحقه (بتقديرنا) قلما حضي به مفكر آخر (من مفكري العصور الوسطى) في كافة أرجاء العالم وفي ثقافات معظم الأمم. وكنا قد درسنا أعمال هذا المفكر في مراحل دراسية في إطار مباحث الفكر السياسي الحديث، ولكن فهمنا لهذا المفكر يتطور، مع إدراكنا المغزى الحقيقي للأفكار التي أراد ميكافيلي أن يعبر عنها، الدولة أولاً والدولة ثانيا وثالثاً، وفي سبيل الحفاظ على الدولة وهي برأيه قيمة مادية كبيرة جداً، أباح ميكافيلي للسياسي، للأمير(الحاكم) أو حاشيته من رجال السياسة والإدارة، إدارة مصالح الدولة بالوسائل العقلية، وترك المؤثرات العاطفية جانباً، التي نادراً ما لها وزنها المؤثر في تقرير سمت الأحداث والتطورات، لا سيما تلك الخطيرة منها المؤثرة على مصير الدولة، ويسجل له أنه كان من أوائل المفكرين الذين طالبوا بوضوح، إبعاد المؤسسة الدينية عن الحكم، وكانت مثل هذه الأفكار في تلك القرون، لها عواقبها الوخيمة، وليست نادراً ما أفضت إلى أن يدفع المفكر حياته ثمناً لها. في البدء كان نظام الحكم هو عبارة عن اتحاد تام بين السلطتين: الروحية، الكنيسة (المعبد) والزمنية، القيصر (الملك) الذي يحكم إما وفق نظرية الحق الإلهي (Devine Right) أو شبه إلهي(َQuasi Divune)، بل ربما هناك من الحكام من يزعم أنه مخول من الله، أو قد حل به روح الله (Inkarnation). ويستند بذلك على ما شاء له من معطيات عقلية، بعضها حيكت بدرجة عالية من المهارة، تمكنت من عقل فئات كثيرة من المجتمعات. بيد أن مرحلة سطوة المعبد(الكنيسة) أنقضت في مسيرة استغرقت قروناً، مقابل تصاعد وبروز السلطة الزمنية المتمثلة بالملوك والقياصرة والأمراء. وطيلة قرون هيمن على الدولة تحالف بين المعبد والحكم، في سياسة أطلق عليها اتحاد أو تحالف سلطة السيفين(Glasnias): سيف الكنيسة وسيف الملك. ولم تكن الدولة سوى مطية تؤمن مصالح هاتين المؤسستين، فلا أهمية لمؤسسات الدولة ذات الصلة الوثيقة بمصالح الشعب على المدى القريب والبعيد. وكانت المؤسسة الدينية إن تعرضت للضعف، لأي سبب من الأسباب، فذلك يعني طغيان الملك، أو بالعكس إذا كان بدت سلطة الملك واهنة، تبرز وتطغي سلطة المؤسسة الدينية. وكان هناك عبر التاريخ ولأسباب عديدة، ملوك ضعفاء، مقابل مؤسسة دينية تتفاوت قوتها بين مرجعية وأخرى. ودون ريب فإن الأمر لم يكن يجري باتساق متكامل نهائي، بل كانت التيارات التي تهب في هاتين المؤسستين، هي التي تقرر سياسة الدولة في نهاية المطاف، وهي على الأرجح لا علاقة لها بمصالح الدولة. وفي سبيل لأبعاد هيمنة المؤسسة الدينية، ناضل العلماء على خطين متوازيين:الأول: هو رفع مستوى وعي الناس وإشاعة أفكار التحرر والأدب والفن، وقبل كل شيئ، نشر المنجزات العلمية والفلكية والجغرافية، فلا شيئ يدحر الظلام سوى الضياء.الثاني: هو النضال من أجل تقليص الهيمنة السياسية في الحكم، من خلال إضعاف أواصر الثلاثي المهيمن: المؤسسة الدينية ـ الملوك ـ الإقطاع. وعندما تحقق لهم ذلك، تمكنوا من وضع دساتير وجعل الملكيات مقيدة بالدستور. وقد جازف فلاسفة ومفكرون، بأرواحهم أحياناً، أن يأخذوا على عاتقهم مهمة طرح الأفكار وإنضاجها، فكانوا رموزاً لعصر النهضة (Renaissance) لتفضي أولاً إلى تقليص، دور المؤسسة الدينية، ومن ثم أضعافها وإبعادها في عصور التنوير لاحقاً، والنضال من أجل حكومات دستورية، توجت بالثورة الفرنسية التي أنهت عصر الملكيات، أو الملكيات المطلقة وجعلتها دستورية مقيدة. وأفكار ميكافيلي، وهنا لا بد أن نؤشر لميكافيلي رهافة وشدة إحساسه وإدراكه لعمق مغزى الدولة، تلك الأفكار كانت بمثابة حزمة ضوء في تلك القرون، ضوء أنطلق ولا سبيل إلى حبسه بل سيتواصل على يد غيره، وصولاً إلى كروشيوس، توماس مور، قادت إلى عصر التنوير (Enlightenmet)، وعلى يد مفكرين أمثال: سبينوزا، جون لوك، مونتسيكيو، فولتير، كانت، ديدرو، روسو. وهكذا يمكننا أدراك الدور الكبير الذي قام به ميكافيلي، في تطور الفكر السياسي، بل في تطور مفهوم الدولة، وإذا كان قد قرر التصدي لسلطة المؤسسة الدينية، وكان قد أيقن أن لا تقدم جوهري مع هيمنة الكنيسة، فكان لابد له من أن يتعكز في مهمته على السلطة الزمنية، وسيكون من قلة التبصر لو أنه تصدى للمؤسستين في آن واحد. ولإن خشي ميكافيلي على نفسه من السجن والتصفية، (وهو لم يسلم من ذلك في النهاية)، فالنفس البشرية محتوم لها أن يدب الخوف في قلب بعض الأشخاص، ربما في بعض اشد المعارك ضراوة، أو عند إحساسه بأن السيف قد وصل عنقه، فيكون رد فعله الطبيعي، أن يداري خوفه بمدح هذا الحاكم أو ذاك، وهو ما فعله ميكافيلي وأعاب عليه المؤرخون ذلك. ليس دفاعاً عن ميكافيلي، فعندما هادن هذا المفكر الكبير الأسر القوية الحاكمة في فلورنسا، كان لابد له أن يلجأ إلى قوة الدولة في التصدي لقوة الكنيسة، ثم أنه كان يأمل أن تتم وحدة بلاده إيطاليا على أيديهم، من جهة، وأعتقد أنه بعمله في دبلوماسية الحكومة، عله سيكون في عمله (وهي رؤية لا تخلو من الصواب) ذي فائدة أكثر من ابتعاده في قرية نائية، لن يكون فيها مؤثراً ولو بقدر بوصة على الأحداث، لا عمل له سوى الكتابة، على أمل أن ينصفه التاريخ يوماً، وهي جملة شهيرة أطلقها تروتسكي قبل أن يلفظ أنفاسه (1940) اغتيالاً في المكسيك: سوف ينصفنا التاريخ. بالطبع هو لم يقل ذلك، ولكني تعمقت في دراسة أعمال ميكافيلي وما كتب عنه، ومطالعاتي الكثيرة عنه، حملتني أن أعدل بعض أرائي عنه، أو قل لعلنا ذقنا لسعة نيران التجربة، فقد أدركت أن ميكافيلي شعر بأهمية الدولة وهو ليس بالفقيه القانوني، ولكنه أدرك أن الدولة جهاز قانوني، ولهذا الجهاز وظيفة هي حماية مصالح الشعب على المدى القريب والبعيد، وهناك وسيلة محترمة للتعبير عن سياسة الدولة وهي: الدبلوماسية، والدبلوماسية ينبغي أن يكون لها جهازها وموظفيها الأكفاء القادرين حقاً على تحقيق مصالح الدولة بالأساليب السياسية، ولا مناص من الاعتراف أن هذا فهم متطور ليس في مقاييس ذلك العصر، بل تصلح حتى لعصرنا الراهن، فغالباً ما يدور الأمر هكذا، أن يربط بعض الحكام ملوك وأمراء، رؤساء، ديكتاتوريين وطغاة، أنظمة لا تقيم وزناً كبيراً لقيمة المواطن وحقوق المواطنة، فمثل هذه الأفكار لن تنال رضا الحكام، أو ليست مفضلة لديهم. هل نجح ميكافيلي في مساعيه ..؟ نكاد نجزم فنقول أن مساعيه الفكرية كانت باهرة، وليس أدل على ذلك من أن كتبه وآثاره، وبصفة خاصة كتابة (الأمير) يدرس في جامعات العالم كافة، وليس من سياسي محترف(دبلوماسي أو رجل دولة) لم يقرأ هذا الكتاب، بل أن بعضهم يحفظه عن ظهر قلب، وإن انكروا ذلك ..! نعم ناجحة بحيث أن الملوك، والرؤساء لم يعدوا سوى موظفين في الدولة لا يستطيعون مغادرة الفقرة الدستورية التي تمنحهم السلطة قيد أنملة واحدة، والسلطة كل السلطة لممثلي الشعب، ومؤسسات الدولة وفي مقدمتها القضاء. ولكن من المؤسف حقاً، أن بعض من يقرأ ميكافيلي، لا يذهب أكثر من الحروف المطبوعة أمامه، أي لا يذهب إلى لب الأمر وجوهره، أو يتمسك بالمثاليات، فيتهم حرص ميكافيلي على الدولة بالانتهازية، وخشيته على مصيرها بالنفاق. متجاهلين أن المبدأ الرئيسي عند ميكافيلي (معمقاً لفكر أرسطو في: الدولة أولاً) هو الحفاظ على الدولة، والأمير هو رأس الدولة، أعلنها جهاراً نهاراً دون خشية من الكنيسة، وعلى الرغم من أنه كان متديناً، لكن ليس للكنيسة مكان في فكر ميكافيلي، لذلك حاز على سخطها وغضبها. وأخيراً، عندما أدرك الأمراء أن ولاء ميكافيلي هو للدولة، وللدولة فقط، أستحق النفي والسجن والإبعاد. نعم هو كان على استعداد أن يعمل تحت من هم أقل منه ذكاء وكفاءة، ولكنه لم يكن ليقبل أن يصبح مهرجاً في البلاط، لذلك تعرض للنفي أولاً، ثم العزل، فمضى إلى المصير الذي كان يحاول أن يتجنبه: النفي إلى قرية نائية ليفرغ للكتابة وليموت بهدوء وهو في سن 51 سنة. ضرغام الدباغ مدخل:نيكولو ميكافيلي (Niccolo 1469 - 1527 Machiavelli) إيطالي، رجل دولة ومؤرخ، إيطالي، ولد في فلورنسا وعاش ما بين عامي – 1469- 1527 لأب كان محامياً متوسط الحال، أشتهر بكتابه الأمير الذي وضعه عام 1532، حصل على وظيفة صغيرة في حكومة فلورنسا، ثم تقدم وتقلب في الوظائف الدبلوماسية ثم أصبح المستشار الثاني للجمهورية.له خصوم ومعجبين كثيرين، ولكن كتابه (الأمير The Prince) خالد على مر العصور والأزمان، ولم يكن ليدر بخلد نيقولا ميكافيلي، أن كتابه الأمير الذي انتهي من كتابته قبيل وفاته بأربعة عشر سنة في 1532 ميلادية سيصبح أثراً خالداً ومرجعا فكرياً وسياسيا مهما لكل حكومات الدنيا عقب الثورة الصناعية العالمية، وكذلك للحكام وللدبلوماسيين والطلبة والباحثين.وضع كتاب آخر ولكنه أقل شهرة وأهمية (المطارحات). ميكافيلي وبحسب علماء سياسة كثيرون، أنه أول من وضع الحدود بين علم السياسة وعلم الأخلاق، ولكن جمهرة من المؤرخين يعتبرون أن ميكافيلي انتهازي وأساء للدبلوماسية والسياسة إذ أعتبرها أداة أباح لها استخدام كل شيئ حتى الكذب والدجل من أجل تحقيق مصالح الدولة، واعتبروا، أن شارل مونتسيكيو الفرنسي(1689 ـ 1755 Chales Montesquieu) يتفوق عليه وإليه يعود الفضل في وضع أسس علم السياسة الحديث والدولة في أثره الهام (روح القوانين). (الصورة: نيكولو ميكافيلي على غلاف كتابة الشهير: الأمير) وقد عاش هذا المفكر الكبير حياة لا تعرف الاستقرار، فعندما استولت أسرة مديتشي على الحكم سجن لأنه كان معارضاً لهم، وكان ينظر إليه بريبة، كما أنه عاش فقيراً في أواخر حياته نتيجة غضبة الحكام عليه، ثم نفي، وأخيراً سمح له بأن يحيا حياة التقاعد في الريف قرب فلورنسا وتفرغ للكتابة والتأليف. وهكذا فقد عانى ميكافيلي الكثير من المتاعب رغم أنه كان ينحدر من أسرة دبلوماسية وله قدرات فكرية متميزة، وكان بالإضافة لذلك، وديعا رقيق المشاعر دافق الأحاسيس متوقد الذهن. أما خصومه فيذكرون أن فكر ميكافيلي يبرر لكل فعل من أجل تحقيق النجاح النهائي ..! فقالوا، أن هدفه كان استرضاء العائلة الحاكمة(الميديتشيين) لكنه لم ينجح. المعجبون به ينكرون إعجابهم في الغالب، بل ينكرون حتى أنهم قرؤوا كتابه ذائع الصيت (الأمير)، ولكنهم يطبقوه حرفياً، وبعضهم لا يتردد القول برصانة أراء ميكافيلي فيثمنها عالياً، ويعتبره رجل دولة حكيم وصارم وضع مصالح الدولة قبل أي اعتبار آخر، وفضلها على مصالح الأمراء والحكام، وأعتبر أن الدفاع عن الدولة هو ما ينبغي أن يشغل بال الأمير ومساعدوه من الحاشية. وهو في الواقع، كان يدعو إلى قيام حكومة إيطالية قوية دون اعتبار لقيم عابرة زائلة، وخصومه يدعون أنه انتهازي، يبحث عن مصالحه الخاصة، يفتقر إلى الأخلاق، إذ يدعو جهاراً إلى تجاهلها. والحقيقة انه كان يريد أن يرى بلاده التي يحب، موحدة غير مقسمة إلى خمس دول، (ملكيتان، وجمهوريتان، ودولة البابا) يتنازعون من أجل إماراتهم، ويبذلون دماء شعبهم من أجل غاياتهم تلك التي أعتبرها دنيئة، وسواها هو جهد وفكر يصب لصالح البلاد. كان نموذجا قوميا يحتذي به والدولة القومية التي يطمح إليها ميكافيلي هي نفسها التي اعتبرها هيغل غاية ونهاية للتطور التاريخي وقال عنها (ليس لشعب من الشعوب أن يتحرك إلا داخل نطاقها وليس له أن يحاول تحقيق مصالحه إلا عن طريقها). كان يعز على ميكافيلي أن يشاهد أن يري بلاده وريثة الأمجاد الرومانية العريقة علي هذا النحو من التفكك والانهيار لا لشيء سوي لإرضاء نزوات الأمراء المتصارعين والدماء هي دائماً إيطالية، تلك المشاعر كانت الملهمة له أن يكتب نصائحه وأفكاره مستشفا فهمه لحركة التاريخ (وفق قاموس عصره) وضمنها في أعماله ولا سيما أثره الهام (الأمير) وهو في الحقيقة كان يخاطب أحلامه التي في أن يجد الأمير (النظام) القادر على توحيد إيطاليا. وعلى عكس الأفكار الشائعة عن ميكافيلي، فقد كان لا يحترم الأمراء الذين يسعون لمجد إماراتهم التي هي دون الوطن عروش زائلة، وتلك هي الأخلاق الحميدة، تلك التي تصب لخير ومصلحة الوطن. وبتقديرنا أن ميكافيلي قد شهد من الأحداث الدامية وتشتت إيطاليا إلى إمارات ودوقيات، وهذا ما دفعه القول: أن لا بد من الحفاظ على الدولة، بصرف النظر عن الأساليب، وعبر عن ذلك بجملة بليغة: ليست المحافظة على الدول بالكلام ...! اشهر مؤلفاته: 1. كتاب الأمير (1532): 2. كتاب المطارحات: وهو اكبر من كتاب الأمير.3. كتاب فن الحرب. 4. كتاب في تاريخ فلورنسا. عصر النهضة مقدمة التنوير:في عمل بحثي مهم، قام بتأليفه الباحث تيودور. راب (Theodor, Rab) المختص بعصر النهضة الأوروبية. نجح الباحث بتقديم عمل ممتاز عن تلك المرحلة الهامة ليس في تاريخ أوربا فحسب، بل والحضارة العالمية على حد السواء.(1) من الضروري إدراك، وقد حاولنا الإشارة لذلك في باقتضاب في المقدمة، إن عصر النهضة يعني قبل كل شيئ نهاية مسيرة طويلة قطعها الفكر الأوربي في محاولات لم تتوقف في التجسير بين الفلسفة المزدهرة في أوربا قبل أن تفد المسيحية إليها بما لا يقل عن 600 عام، محاولة تكييف الفلسفة لصالح الدين أو بالعكس (Adaptation) ومن بين هذه المحاولات واشهرها السكولاستية (Schoolstic)، تلك التي صادفت بعض من الاهتمام على يد القس توما الأكويني 1225ـ 1274 (Tommasso d, Aquino).(الصورة: توما الاكويني) هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان التقدم الاقتصادي الذي قاد بتراكماته إلى تشكيلات جديدة سياسية / اجتماعية. لا سيما أن السكولاستية كانت انتهت رغم أن الأكويني منحها الكثير، انتهت حيث لم تستطع الحركة أن تواكب أو أن تستوعب حجم الآمال الناهضة المتطلعة إلى الأمام، وبعدها كانت رصاصة الرحمة على ما عرف بسياسة تأييد سلطة البابا(Ultramontis) وعهد الهيمنة الكنسية من خلال الحركة التي قام بها القس الألماني مارتن لوثر، والقس الروسي كوسوي. وكان هناك من بين مفكري عصر النهضة من يحمل على عصور هيمنة الكنيسة المسيحية لأنها قضت على الفلسفة الإغريقية، ولم تقدم البديل عنها، فمرت أوربا بعصور بربرية، ظلامية. وأن هؤلاء المفكرين كانوا يشعرون بأنهم يولدون من جديد بعد أن خرجوا من ظلاميات الكهنة المسيحيين واكتشفوا آداب الإغريق والرومان وفلسفتهم. وهي آداب كانت القرون الوسطى قد طمستها كلياً تقريباً بحجة أنها وثنية، مادية إلحادية. أزمة لم تجد طريقها للحل: هي إيجاد سبل التوافق بين الدين والفلسفة. صراع لم يهدأ مطلقاً ولم تنجح محاولات الكنسيين المتنورين من ردم الهوة وحل الإشكالية التي ما برحت تطرح نفسها هكذا:يتعارض اللاهوت مع البحث العلمي في: * يقر العلم أن لاشيء يخلق من لا شيء، فيما يقبل الدين بوجود الخالق سبحانه، من لا شيء.* يقر العلم أن مناقشة كل شيء وأية موضوعة ممكنة، فيما لا يقبل اللاهوت مناقشة وجود الخالق.* السياسة كعلم تتعامل مع الحياة الواقعية ونتائجها الملموسة، بينما المؤسسة الدينية تهدف لحث الناس على الفوز بالجنة. ومن الواضح أن ميكافيلي قد أحاز للعلم والفلسفة في موقفه حيال الكنيسة. وعندئذ ظهر مصطلح الدراسات الإنسانية معارضة لها بالدراسات اللاهوتية. والدينية المسيحية. وكان المقصود بها الدراسات المتركزة على كبار أدباء وشعراء وفلاسفة العصور القديمة السابقة على المسيحية: كهوميروس، وأفلاطون، وأرسطو، وفرجيل، وشيشرون وعشرات غيرهم. تلك أفكار وأعمال كانت معروفة منذ القدم في أوربا ولكنها كانت مهملة في العصور الوسطى لأنهم وثنيون، تجرأ مفكرو عصر النهضة واهتموا بهم وجعلوا من اكتشافهم ودراستهم اكبر وتحديث معارفهم والتأسيس فوقها، رسالة لهم في الحياة. ولذلك كان فلاسفة عصر النهضة يشعرون بحق أنهم يطلقون مرحلة جديدة في التاريخ. ويكتب تيودور راب قائلاً: بعض المؤرخين احتجوا مؤخراً على هذه النظرة التبسيطية للأمور. وقالوا بما معناه: لا يمكن الزعم بان العصور الوسطى كانت ظلامية كلها. فالواقع انه وجد آنذاك بعض المفكرين الكبار المستنيرين بضوء العقل. واكبر دليل على ذلك فلاسفة العرب من أمثال الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن الطفيل، وبن رشد، وابن باجة، وابن عربي، والعربي، وأبي بكر الرازي، الخ.. وكلهم عاشوا في العصور الوسطى بحسب التقسيم الأوروبي لتاريخ الفكر. ومعلوم أن هذا التقسيم يتحدث عن ثلاثة عصور أساسية: العصور القديمة اليونانية الرومانية (القرن الخامس قبل الميلاد وحتى القرن الخامس بعد الميلاد). العصور الوسطى من عام 500 ميلادية إلى عام 1500 تقريباً. العصور الحديثة من عام 1500 وحتى اليوم. وبما أن كل فلاسفة العرب المذكورين عاشوا قبل عام 1500 بل وحتى قبل عام 1200 فإن هذا يعني أنهم كلهم ينتمون إلى مرحلة العصور الوسطى. فهل يمكن القول بأنهم كانوا ظلاميين متخلفين أو متعصبين كما توحي به هذه الصورة التبسيطية ؟ بالطبع كلا. فهم لم يهملوا دراسة الفلسفة اليونانية، على العكس، ولم يهملوا العلم والعقل، على العكس تماماً. وقس على ذلك بعض الفلاسفة المسيحيين الذين ظهروا في أوروبا بعد أن ترجموا أعمالهم وبنوا عليها، فمن المعروف على نطاق واسع، أن أبن رشد هو من عرف الأوربيين على أرسطو، في شرح أعماله، بل وتأسست جامعة في إيطاليا (جامعة بادوفا Badova) للفكر الأرسطوي. إذن لا يمكن وصف العصور الوسطى بالظلامية بصفة مطلقة، وإنما كانت فيها بعض المنارات، وبقع الضوء. ولكنها بشكل عام لم تكن مستنيرة. فاستنارة بعض العباقرة لا يعني استنارة عموم الشعب. ولكن عودة مفكري عصر النهضة إلى الماضي البعيد، وإلى فلاسفة اليونان والرومان وأدبائهم لا تعني مجرد العودة إلى الوراء ونسيان، الحاضر والمستقبل. فالواقع أنها كانت عودة من أجل التأسيس على ما وضعه الفلاسفة الأولون، فهي بهذا المعنى عودة لتغيير الحاضر أو لتجديد الحياة الحاضرة بكل جوانبها، وفي مقدمة ذلك إعادة ترتيب التحالفات والأصطفافات الاجتماعية / السياسية، وليس فقط فض العلاقة بين المؤسسة الدينية عن مؤسسة الحكم، بل وإنهاء أي دور سياسي مفترض للكنيسة، وهو سيكون مفتاح للتطورات اللاحقة في أوربا، وهنا يكمن جوهر عصر النهضة وحداثته. والواقع إن التحولات الفكرية التي حصلت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر في أوروبا كانت قد سبقتها ثلاث حركات مهدت لعصر النهضة: الأولى: حركة السولاستية التي اعترفت بأهمية التنوير، ولكنها لم يكن بوسعها أن تستوعب تيارات المستقبل. الثانية: حركة الإصلاح الديني الذي حصل في النصف الأول من القرن السادس عشر على يد مارتن لوثر، وأقل منها حركة كوسوي في روسيا. الثالثة: حركة إنسانية نهضوية، تمثلت بانتعاش الآداب القديمة، والفنون، وميل جارف نحو الثقافة والمنجزات العلمية، ومن تلك: الاكتشافات العلمية كوبرنيكوس وغاليلو (1564 ـ 1642) الذي شكل الأسس الراسخة للعلم الحديث، الفيزياء والفلك والرياضيات وغيرهما، وكانت أولى المؤشرات على ظهور عهد جديد للفكر والسلوك انبثقت في ايطاليا منذ نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر. ويمكن أن نضيف إليها الاكتشافات الجغرافية وتحسن الأوضاع الاقتصادية. وبحق يعتبر نقولا ميكافيلي (1469 ـ 1527) من شهراء عصر النهضة ومن أبرز علاماتها، والذي اشتهر بكتاب: الأمير وهو (برأي الكثيرين من المؤرخين)الذي أسس علم السياسة بالمعنى الحديث للكلمة(أو كانت مساهمته حاسمة). إذ أسس الواقعية السياسية التي خلع اسمه عليها فأصبحت تدعى بالميكافيلية، ولكن الكلمة اتخذت معنى سلبيا في الاستخدام الشائع لأنك عندما تقول عن شخص بأنه ميكافيلي فكأنك تقول بأنه وصولي، انتهازي. ولكن هذا يفتقر في الواقع إلى الدقة، أو بالأحرى ليس كاملاً لأن نظرية ميكافيلي عن السياسة أوسع من ذلك وأكثر تعقيداً، وبرأينا أن مساهمة ميكافيلي في تطور علم السياسة هي مساهمة حاسمة، وهي أبعد من قبول أو السخط على أفكاره، ليس بسبب فصله لعلم السياسة عن علم الأخلاق، وإنما لأنه كرس مصالح الدولة في المقام الأول، والحفاظ على مصالحها، تلكم هي النظرية الحقيقية في أفكار ميكافيلي. ومن كبار فلاسفة عصر النهضة أيضاً، الذي مهددا للحداثة يمكن أن نذكر جيوردانو برونو (1548 ـ 1600) الذي انتهى نهاية مأساوية. فقد أدانته محاكم التفتيش بالهرطقة وحكمت عليه بالموت حرقاً، لأنه شكك ببعض العقائد المسيحية ولأنه تبنى النظرة العلمية للعالم والكون، وكان أكبر فيلسوف إيطالي في عصره. كان هذا المفكر يقول بأن معرفة الكون هي هدف الحياة الفلسفية. وكان يقول أيضا بأن هذه المعرفة غير ممكنة إلا عن طريق العقل والتجربة العملية المحسوسة. لهذا السبب اعتبره هيغل احد مؤسسي الفلسفة الحديثة ثم انتقلت النهضة الفلسفية إلى خارج ايطاليا: أي إلى البلدان الأوروبية الأخرى. عصر ميكافيلي:برز مفكر مهم لصالح السلطة الزمنية هو جون باريس (John Paris 1255-1306) الذي كتب " إن الكنيسة تتطلب انتشارا عالمياً لا تتطلبه السلطة السياسية، وأن المجتمع المدني ينشأ بوحي من غريزة طبيعية، مع اختلاف الناس في الميول والمصالح، وأن التقسيم السياسي الطبيعي، هو تقسيم العالم إلى أقاليم وممالك ". كما قال "إن السلطة الروحية تملك فقط حق الحرمان من رحمة الكنيسة الأمر الذي لا يترتب عليه أية نتائج مادية، أما سلطة القمع فمن حق الدولة(السلطة الزمنية)" . أما حول حصانة البابا، فقد قال جون باريس " صحيح ليس هناك قانون يعاقب البابا، ولكنه إذا أثار الفتنة ولم يكف عن ذلك، فأنه يجب تحريض الكنيسة أن تتخذ الإجراءات ضد البابا، وعلى الأمير أن يدرأ عدوان سيف البابا بسيفه هو، في حدود القانون، وهو إذ يفعل ذلك إنما يدفع عدوان ذلك الذي أصبح عدواً له وللمجتمع".(2) كانت هذه بدايات أن يفقد المرجع الأعظم قدسيته وهيبته، عندما يعلن مفكرين أن المرجع الأعظم بشراً وأنه يمكن أن يخطأ، وبعض الخطأ ينبغي محاسبته وربما معاقبته. وكان ذلك مساراً تاريخياً ينذر بانقشاع عهد الظلمات. ولا شك أن كتابات جون باريس التي نشرها عام1303 وغيره على هذا النحو الصريح من الإدانة لهيمنة البابوية والكنيسة على المجتمع والدولة بانحيازه التام للدولة بقوله:" أن السلطة الزمنية هي أقدم في التاريخ من الكهنوتية وليست اشتقاقا منها". كانت أفكار كهذه قد فعلت أثرها العميق ليس في أوساط المثقفين والمفكرين، بل بصفة عامة لدى الشعب. ومنذ القرن الرابع عشر كانت السكولاستية قد بدأت تفلس وتتلاشى كتيار وتفقد بريقها وسرعان ما ستخبو. وكانت مكانة الكنيسة في تراجع لا محال، ولكن ذلك كان يدور بوتائر متفاوتة في الأقطار الأوربية. وبينما كانت الكنيسة ما تزال تتمتع بالنفوذ القوي في إيطاليا، كانت تتعرض للضعف في ألمانيا وبريطانيا وحتى فرنسا. في هذه الظروف وجد رجل سياسي سيكتب على يده تطور مهم في الفكر السياسي، أما قيمة أعماله وأفكاره فستكون موضع جدل حتى يومنا هذا، وهو نيقولا ميكافيلي 1469 ـ 1527 وكان لإسهاماته الفكرية (وضع كتابين: الأول/ الأمير، الثاني/ المطارحات) أثر مهم في تطور الفكر السياسي من جهة، والدولة الوضعية من جهة أخرى. قلنا في جميع مباحثنا أن المفكر السياسي هو أبن عصره، لذلك فإن كتابات ميكافيلي تنطوي على شحنة عداء للكنيسة، فالأمور ترتبط ببعضها جدلياً، هناك أتفاق ظاهر أو كامن بين الكنيسة والملك، يتقاسمان السلطة بموجبها وبالطبع الأمتيازات وهناك نظرية سادت في تلك القرون، تقضي بتحالف السلطتين، الروحية والزمنية، أطلق عليها اتحاد السيفين (Glasnias)، لذلك كان من مصالحة الكنيسة أن لا يتحالف الأمراء، وبالأحرى أن لا يتحدوا، لأن في اتحادهم قوة وإضعاف لسلطة المؤسسة الدينية وبالتالي لمزاياها ومكاسبها. وهو ما جعل ميكافيلي يدرك أن الكنيسة تقف ضد الوحدة القومية الإيطالية، وأن تمزق إيطاليا إلى كيانات سياسية عديدة سيجعلها ألعوبة في أيدي الدول القوية المجاورة(فرنسا ـ ألمانيا) بالإضافة إلى المنازعات والمشاحنات التي لا نهاية لها بين الأمراء الإيطاليين أنفسهم. وفي العصور المتأخرة عندما بدأت سلطة الإمبراطورية تذوي في إيطاليا، أخذت البابوية تتسع في سلطاتها الزمنية، كانت إيطاليا مجزأة إلى عدد كبير من الدول، وهبت مدن كثيرة نثور على نبلائها الذين كانوا يستمدون سلطتهم من الإمبراطور، وأخذت الكنيسة تشجع هذه المدن الثائرة (الاتجاهات التقسيمية) رغبة منها توسيع سلطاتها الزمنية، وهكذا حتى سقطت إيطاليا في أيدي الكنيسة.(3) وقد سبب موقف ميكافيلي هذا السخط عليه من قبل الكنيسة، وعن ذلك يكتب جان جاك روسو هامشاً في كتابه المهم للغاية (العقد الاجتماعي) عن ميكافيلي وكتاب الأمير " إنه كتاب الجمهوريين، لقد حرمت الكنيسة البابوية تداول هذا الكتاب تحريماً قاطعاً، ولست أعجب من ذلك، فأنة أوضح تصوير لفسادها (الكنيسة) كان تصوره هو".(4) ولا يمكن اختصار أفكار ميكافيلي بسهولة، فلن يغني شيئاً عن دراسة مؤلفاته وبدقة، إلا أنه ينطوي على مبادئ حكم تتركز في البحث عن الدولة وعن أهميتها، وإن كان ميكافيلي لا يقيم أهمية كبيرة لمؤسسات الدولة، فهو لا يأتي إلا مرة واحدة على ذكر البرلمان عندما يمتدح النظام الفرنسي ومؤسسات الحكم فيه.(5) ويركز ميكافيلي اهتمامه بالأمير(الحكام)، بل يكاد لا يهتم بشيء سواه، لأنه كان يرى في الكنيسة العائق الأكبر أمام حرية الفكر، فيقدم إليه النصائح في إدارة الدولة وفي علاقاته بالشعب أو بالدول الأخرى. ولكن بعض من نصائحه لا تخلو من الطرافة: فهو يعتقد أن على الأمير أن يشغل وقته بالصيد..! وهي نصيحة لم تكن حصافة ورزانة العالم العربي الماوردي لتطرحها، كما لا تخلو أيضاً بعض من نصائح ميكافيلي من التناقضات، فتارة يصفه الشعب بالرعاع (لا شك أنه كان يعني الغوغاء منهم، ولربما كانت تلك سمة عامة) وإن لا أهمية لهم (لاحظ صفحات: 147 / 144 الأمير) ثم يعود ويعتقد إن على الأمير أن يحوز على محبة شعبه.(6) بيد أن هناك ملاحظة مهمة، بني عليها كثير من المؤرخين وعلماء السياسة أرائهم وأحكامهم، بأن ميكافيلي هو مؤسس علم السياسة الحديث. وبوصفه عزل الأخلاق عن علم السياسة عزلاً واضحاً، وقد كان حقاً في آراؤه تلك يمثل خروجاً غريباً عن المألوف في عصره، فقد أباح كافة الوسائل من أجل الوصول إلى غايات الأمير بما في ذلك ارتكاب ما يراه الآخرون رذائل، وأن لا يكترث حتى للتشهير إذا كانت تؤدي إلى زيادة ما يشعر الإنسان من طمأنينة ومصلحة الدولة.(7) وما يهمنا هنا عرضه، أن أراء ميكافيلي لا سيما تلك التي كانت موجهة ضد الكنيسة وتسببها في تجزئة إيطاليا، كانت تنطوي على جرأة وعلى إشارة وإن بدت غير واضحة تماماً إلى بزوغ فجر الدولة القومية. ويختصر موسولوني(حاكم وديكتاتور إيطاليا منذ العشرينات حتى 1945) في مقدمة رائعة رأيه في ميكافيلي " تشاؤم ميكافيلي العنيف فيما يختص بالطبيعة البشرية، أنه يحتقر البشر" وقوله " التعارض في فكر ميكافيلي بين الحاكم والشعب، بين الدولة والفرد تعارض محتوم. وهذا ما أطلقت عليه تسمية النفعية البراغماتية، وعند ميكافيلي الأمير هو الدولة".(8) وكانت أعمال ميكافيلي ومن هو على شاكلته ممن وجهوا النقد إلى الكنيسة أو سلطتها ضمناً أو جهاراً، كانت إشارة إلى تراجع مكانة الكنيسة ودورها. ولكن ما يسمى حق الكنيسة بالتدخل في الشؤون الروحية دون أن تكون هناك حدود واضحة بين القضايا الدينية والدنيوية، حولت الأمر مع تقدم الزمن إلى صدام دائم أو مشروع دائم بين الكنيسة والسلطة الزمنية، وحتى بين الكنيسة والناس. فالقضايا الفكرية ذات الطابع التحرري ابتدأت تطرح في الأوساط الثقافية والاجتماعية بجرأة أكثر من القرن العاشر أو الحادي عشر أو حتى الثالث عشر. ولكن بعد القرن الرابع عشر غدت معرفة حدود وسلطات وصلاحيات السلطة الروحية مطلباً عاماً، كما أن الشعوب كانت تريد معرفة حدود السلطات الزمنية. وعلى هذا الطريق كانت ثلاث محطات مهمة:* النزاع الذي قام بين البابوية ومملكة فرنسا والذي أستمر من عام 1297 إلى سنة 1303 بلغت فيها نظرية الإمبراطورية البابوية أوجها (لاحظ أن مركز البابا لما يزل قوياً بعد). * النزاع بين البابا جون الثاني والعشرين، مع الأمير لويس البافاري بعد النزاع الأول بخمسة وعشرين عاماً 1328، تبلورت فيها المعارضة ضد سيطرة البابا ولعب فيها المفكر الديني البريطاني وليم أكام William Ockham 1285 ـ 1347دوراً قيادياً، ولكن نتائج هذا النزاع لم يكن هذه المرة لصالح البابا، بل حدت من سلطة الكنيسة، ولكن مؤسسة الكنيسة نفسها ظلت سليمة. * النزاع الثالث حدث داخل الكنيسة نفسها، نجم عنه انشقاق مهم بسبب قضايا نظرية بالدرجة الأولى(صكوك الغفران) والمهم في هذا الدور أن النزاع لم يعد بين السلطة المدنية والروحية، بل ضمن المؤسسة الدينية نفسها. ومن النتائج المهمة لهذه النزاعات التي استغرقت ربما قرناً من الزمن وأن المؤسسة الدينية بقيادة البابا حاولت استعادة دورها القيادي وهيمنتها على الحكم الزمني، ولكن تلك الجهود باءت بالفشل والهزيمة، بل وأسفرت أيضا عن ناتج آخر هو ظهور العاطفة القومية كقوة جديدة في السياسة الأوربية.(9) ولم يكن ميكافيلي المفكر الوحيد الذي أعلن موقفاً سلبياً من الكنيسة، بل أن طائفة من الفلاسفة والمفكرين كانت لهم مواقفهم المتفاوتة في الحدة من الكنيسة وأطلق عليهم "النقاد" ومنهم ميكافيلي الذي وصفه خصومه بأنه " اشهر أتباع الوثنية في عصره " وكان هناك أيضاً بيتر دي لارمي 1515( ـ 1572، وكانت المؤسسة الدينية قد وصمت كتابين من تأليفه يفند فيها مذاهب الكنيسة الفلسفية في تحوير الأرسطوطالية، ووصف المؤلف بأنه " عدو الدين والأمن العام " وكذلك برنو نيو تليزيو (1508 ـ 1588) وجيوردانو برونو (1548 ـ 1600) الذي أعدم حرقاً بسبب آراؤه العلمية المناهضة لمفاهيم الكنيسة وكذلك تومازو كمبانيلا (1568 ـ 1625 ) وهو راهب دومنيكاني قال باستحالة التوفيق بين الفلسفة والكنيسة، فأتهم بالمروق عن الدين والتآمر على الدولة، فسجن وعذب في إيطاليا سبع وعشرين عاماً. ولكمبانيلا أراء في السياسة منها " أن السياسة يجب أن تخضع للأخلاق والدين معاً وتصدر عنهما. فهي ليست علماً أو فناً مستقلاُ كما يريد ذلك ميكافيلي بمذهبه أن يؤكد. السياسة قائمة على المحبة، ويا حبذا لو ألغت الإنسانية جمعاء إمبراطورية يديرها مجلس الملوك بإرشاد البابا، فيتولى الحكم فيها أهل العلم النظري والعملي وتزول سلطة القضاء الكنسي(الأكليروس) وتزول الملكية الخاصة وينتفي الظلم والفقر. ومتى كان العمل مفروضاً على كل مواطن وموزعاً تبعاً للكفاية، فيكاد المواطن لا يعمل أربعة ساعات من اليوم ..! (10) وينظم إلى القائمة من العلماء وإن كانت أعمالهم لا تمس مباشرة الموضوعات الدينية اللاهوتية والسياسية، إلا أن نتائج أعمالهم كانت تكرس العلم ومعطياته ونتائجه وبالتالي قوانينه، وتدين الفكر الغيبي واتجاهاته، لذلك كانت موضع استفزاز الكنيسة لأنها تمس بصورة مباشرة أو غير مباشرة اللاهوت، ومن بين هؤلاء: • ليوناردو دافنشي : 1452 ـ 1519، إيطالي• نقولا كوبرنيك : 1473 ـ 1543، بولوني / ألماني• لويس فيغس : 1492 ـ 1540، أسباني• كبـــلر : 1571 ـ 1630، ألماني• غاليلو غاليلي : 1564 ـ 1642، إيطالي وقد توالت الكتابات والأعمال من مفكرين وفلاسفة وعلماء الفلك أو مخترعين بالإضافة إلى الفلاسفة والسياسيين منهم بصفة خاصة. فقد اشتدت المطالبة على نطاق واسع(وإن كانت الكنيسة لما تزل تبذل مقاومة ضارية) بهدف الحد من سلطات الكنيسة" فقد اشتد النزاع خلال القرن الذي تلا ظهور كتابات وليام أكام(القرن الخامس عشر حول سلطة البابا المطلقة في الكنيسة" وكان النظام المدني (الملك) مدين لكتاب ومفكرين من طراز وليام أكام، وكذلك لأهمية المسألة القريبة(وسو يشتد ذلك في المراحل المقبلة) ولكن أيضا حول مسائل عامة مثل حق التملك وفرض الضرائب البابوية.(11) أهم المحطات في فكر ميكافيلي: هناك جمل من كتابات ميكافيلي، في المراجع والتي تتداول في الأعمال، لا يكاد يفهم من سياقها ماذا يريد ميكافيلي قوله ..! ولكن هناك أيضاً جمل ذاع صيتها، وبالمقابل فإن بعض الجمل القصيرة، لها مؤشراتها في يومنا هذا.وقد نشرت مجلة فوكوس الألمانية الواسعة الانتشار، بعض من تلك النصوص والجمل، قامت المستشارة في فوكوس كرستينا باور ـ يلينكا (Christine Baur- Jelinek) بالتعاون مع فريق فوكوس بجمع بعض من هذه النصوص المهمة وسوف نقوم بعصرنة (Modernization) النصوص الميكافيلية، ونمنحها بعداً يتفق مع الموقف في العلاقات الدولية المعاصرة. (12) 1. " الواجب الأساسي لأي أمير هو: أن يحمي نفسه من الكراهية أو قلة الاحترام ".يحث ميكافيلي الأمير (الحاكم) على خلق إطار من الاحترام له ولمنصبه، وأن يقاوم الجهات أو الأشخاص الذين يحاولون ألحاق الضرر بمؤسسة الحكم. ولكن ميكافيلي لم يقل كما عبر عن ذلك سقراط وأفلاطون بصراحة تامة، أن على الدولة والأمير احترام القوانين ومنا ستكتسب الدولة والأمير (الحاكم)احترام المواطنين. 2. " الغرض (الهدف) يبرر الواسطة ".هذا النص لم يقله ميكافيلي أبداً، والأرجح أن المؤرخين والنقاد وضعوا هذا النص كإجمالي لأفكار ميكافيلي، لتقارب هذا النص في فحواه مع مجمل آراءه. ومن ثم فإن هذه المقولة تخدم البعض ممن يريدها كمبرر وآلة يستخدمها من يريد الحفاظ على حكمه بأي ثمن. وعلى كل حال فإن ميكافيلي كان يتقلب في كتاباته ضد الحكام، ولكن عندما يدور الأمر بصفة الحاكم كشخصية، فتحتل المصلحة العامة وبصفة دائمة في المقدمة متغلبة على الاهتمامات والمصالح الفردية للحكام، فالأمر هكذا، أي أخلاقيات تكمن وراء الأمر، إن كانت حيل، أو أساليب غير متعارف عليها، أو باستخدام أساليب غير شريفة. من أجل الاحتفاظ بالسلطة من أجل أغراض شخصية أم من أجل المصلحة العامة. 3. " على الأمير أن لا يظهر نيته أبداً، بل عليه قبل ذلك أن يحاول بكل الوسائل بلوغ هدفه ".تصب هذه المقولة في نظرية اقتصاد القوة. وهي من تدابير الحنكة في إدارة الأزمات السياسية واحتمالات تصاعدها. يجب أن يبقى سقف القرار السياسي أمراً مجهولاً حتى للعناصر العاملة في الإدارة، وبتقديرنا، فإن الأمير الحديث ليس عليه أن يضع سقف الموقف في المراحل التمهيدية للأزمة، بل أن توارد المعطيات حتى أكثرها حداثة قد تمنح صورة الموقف بعداً جديداً يستحق أن يدخل في عداد عناصر الموقف العام كمعطى يستحق الانتباه والاعتبار، وعلى كل حال بتقديرنا أن هذه من الموضوعات الحساسة في قضايا اتخاذ القرار السياسي، ولها علاقة بالسجال الاستراتيجي، حيث ينبغي دراسة المعطيات المؤثرة على القرار السياسي دراسة وافية نزيهة بعيدة كل البعد عن أحكام الهوى، ومنح المعطيات قيماً رياضية من أجل التوصل لأدق القرارات وأكثرها صواباً. 4. " إن كنت قوياً، إذن أبدأ معركتك هناك حيث تتمتع بالقوة، حيث بوسعك أن تحتمل الهزيمة "فيما يتعلق الأمر بالعمل السياسي المعاصر: الجزء الأول نصيحة جيدة للمفاوض أو حين مباشرة الفعاليات العملية، فمن المفضل إدارة المحادثات أو العمليات، في اتجاه قطاع أو حقل معين، حيث بوسعه تسجيل النقاط لصالحه، وعندما يجد المرء نفسه في موقف ضعيف، عليه أولاً أن يشخص ويعالج نقاط ضعفه. ففي المعركة ينبغي الاقتصاد في القوى، ومن ثم فقط عليه أن يزج في المساجلة، تلك العناصر التي إن خسرها فبوسعه تعويضها بسهولة، ولا تؤثر على مفردات الموقف العام وحيث بوسعه تقبل الأمر بسهولة تامة أو نسبية. 5. " قم بإبادة عدوك بصفة نهائية "يوجه ميكافيلي النصيحة للأمير، بقوله: إن بعض من يسعى صنع سيرة لامعة يحاول بإصرار، إزاحة منافسيه عن طريقه بأسلوب المكائد والدسائس. وهذا على أية حال فهذا أسلوب الغوغاء ومن ينتهج أساليب غوغاء، يحط من قدره، ويضعف بذلك موقفه. ومن الأفضل بدرجة كبيرة، هو أن يجهز على خصومه، سياسياً، أو إذا كان بمقدوره أن يسحق في الميدان فعليه أن لا يتردد وينهي هذه الصفحة لكي يتسنى له التفرغ لمعالجة صفحة أخرى.إن سحق العدو أو الخصم في العلاقات الدولية المعاصرة، هو أمر لابد أن يؤخذ في الحسبان القانون الدولي والرأي العام الدولي، وكذلك المنظمات الدولية التي تمنح العلاقات الدولية المعاصرة صفة قانونية وفي مقدمة تلك: منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن المنبثق عنها.ولكن إبادة العدو قد تعني نزع قدرة التفوق لديه، سياسياً واقتصادياً، وإعلامياً، ونزع التفوق يعني منح قضيتك الغايات المسببة لها (Motivationn) وينبغي أن تحاول أن تجعلها أهداف شرعية في تقديرات القوى المؤثرة، وإحاطة القضية بحلفاء لهم مصلحة في نجاح هدفك، واستخدام كل السبل المفضية إلى هذه النتيجة، والمناورة بمعطيات الموقف، وقد يكون هامش المناورة محدود، لذلك على القيادات السياسية الانتباه لردود الأفعال المؤكدة والمحتملة. 6. " يجب استخدام كل وسائل القوة دفعة واحدة، إذ سيكون لها فيما بعد، تأثير أقل، بل وربما ستنسى، أما الأعمال الطيبة تستخدم تدريجياً وفقط بعد تحقيق التفوق، وبذلك ستنال التقدير ".هذه استراتيجية عمل مهمة في السلم والحرب، وحتى في الإدارة. وهي تنصح الأمير (الحاكم ـ المفاوض) أن يستخدم قوته مرة واحدة للإجهاز على المقابل، فاستخدامها التدريجي قد يعرضها للإبادة التدريجية، وفي المفاوضات من أجل خلق موقف قوي لا يملك المقابل سوى التراجع وتقديم التنازلات، أما في الإدارة، فأستخدم صلاحياتك كلها عاقب المخالف والمقصر، وكافأ المجد في العمل والإنجاز. 7. " ليس بوسع المرء تفادي المعركة، إذا كان العدو يسعى لها بإصرار ".لن يسعى للمعركة من لا يجد ضرورة قصوى في ذلك، أو عندما يكون ذلك هو الحل الأوحد، ولكن موقف المقابل هام ومؤثر، وإذا شعر الأمير أن المقابل قد وضع المعركة نصب عينية لا محالة ولا يلوح بصيص تراجع، آنذاك تصبح المعركة أمراً محتوماً، وعلى الأمير أن يضع كل قواه في استقبال الأخطار القادمة تحسباً ووقاية.إعلان الحرب يمكن أن يحدث: عندما يتجاوز أحد الأطراف نقطة يعتبرها الطرف الآخر أنها ماسة بشكل خطير بمقومات أمنه، ومن شأنها أن تزعزع أسس وكيان الدولة. ردود الفعل لا ينبغي لها أن تؤسس على الغضب، في مثل هذه المواقف، بل ينبغي أن تكون ردود الأفعال هادئة ولا تدل على التشنج، الرد بهدوء ولكنه رد يضرب بقوة وبصورة منهجية (على أهداف محددة) الاستراتيجية الجيدة يمكن أن تغطي نقاط الضعف، وربما أن تحيلها إلى قوة، وتنفع في إطار التحالفات التي يمكن أن تحدث في هذه الحالات.هناك بعض الدول تعلن بوضوح عقيدتها السياسية / العسكرية (Military Doctorine) الخطوط الحمراء التي بتجاوزها، يتعرض السلم لمخاطر جدية، وهي على الأرجح تلك الفقرات التي تشكل مخاطر جسيمة للأمن القومي. 8. " في الحرب يحتاج المرء للانضباط أكثر من الغضب "الاندفاعات العاطفية الغريزية، تمثل في العمل بصفة عامة من المحرمات المطلقة. ومن يهتاج في كل مناسبة، أو لا يستطيع أن يروض نفسه، عليه أن يعلم أنه قد يخسر المعركة أو المفاوضة برمتها المؤسسة على رد الفعل الغاضب، بل عليه أن يظهر أحياناً أن الأمر أقل من مما يستحق الهياج، فذلك يعني، أن ما حدث لا يزال يقع ضمن مدى تصوره وقدرته للتحكم بسير الأحداث.في الحرب أو في السياسة، لا بد إظهار أقصى درجات الكياسة، والابتعاد عن ما يدل على التزمت أو الاستخفاف، وقد يكون الغضب، هدف يسعى له الخصم لدفعك إليه من أجل أنهاك القوى العقلية، ذلك أن الغضب يحجب قدر مهم من الطاقات العقلية لمفاوض والمحارب على حد السواء. 9. "من يمتلك السلطة ولا يعاقب على الخطأ، على أن لا يخطأ مرة أخرى، سيحسب عليه أنه غير مقتدر وجبان "هذه الجملة الرئيسية سارية المفعول في عصرنا هذا أيضاً، فعلى القائد السياسي والإداري أن يلتزم بدقة العمل وأن لا يسمح بأي تهاون يقود إلى الانفلات والتصرف خارج الخطة. وفي كل الأحوال والواجبات لا ينبغي التنازل عن الخطأ، والتصرف بحزم ضد مرتكب الخطأ، وقد لا يكفي التعهد بعدم تكرار الخطأ، أو الاكتفاء بأبعاد المخطأ، وفي حال تكرر الأخطاء، فأن ذلك سيسجل كحالة على القائد الإداري والسياسي نفسه. 10. "الصداقة بين السادة ينبغي أن تكون بحراسة الأسلحة "عصرنة هذه المقولة في السياسة الدولية: لا توجد صداقات حقيقية بين الحكام، لذلك على المرء أن لا يمنح ثقته مطلقاً لحاكم آخر، أو دولة بدولة أخرى، وإذا أظهر الحاكم ضعفاً في موقفه، فمن الممكن أن تستخدم هذه ضده كسلاح. وأبرز دليل على ذلك: هو استمرار وجود حلف الناتو (NATO) رغم اختفاء حلف وارسو من المسرح الدولي، بل وتفكك المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفيتي، والأمر لا يقتصر على وجود حلف الناتو، بل يجري العمل على توسيعه.وقد يستغرق وقتاً ليدرك قارئ غير مختص بالعلوم السياسية، أن الموقف على مسرح العلاقات الدولية قد لا يتأثر كما يشاع بالصراعات بين الكتل على أسس أيديولوجية، بل تتدخل العناصر الجيوبولتيكية(Geopolitic) أولاً، ثم المصالح الاقتصادية، ثم الموقف الاستراتيجي العام، فاليابان اتخذت موقفها من الولايات المتحدة الذي قاد للحرب مع أن الأنظمة السياسية في الدولتين كان متشابهاً، وتحالف الاتحاد السوفيتي مع الغربيين ضد ألمانيا، مع أن ألمانيا كانت بلداً رأسمالياً، والموقف الأطلسي (الولايات المتحدة وغرب أوربا) من روسيا له جذوره التاريخية، وبدور روسيا الحالي والمستقبلي في أوربا والعالم. والسياسة المعاصرة تستخدم مصطلحات كهذه: * التحالفات المسلحة.* سلام تحرسه المدافع.* المعاهدات المضمونة تعزز الثقة بين المتحالفين.* لا توجد صداقات دائمة، ولا عداوات دائمة، توجد مصالح دائمة.* ثق بنفسك وبقدراتك أولاً.* لا تكن طرفاً غير موثوق، كن قوياً مرهوب الجانب. 11. " ليس من يعمد لاستخدام السلاح أولاً، هو المحرض على الشؤم، بل من هو بحاجة لذلك "تصعيد الموقف وصولاً إلى حد الصراع المسلح، ذروة قد أستغرق بلوغها مراحل قبل أن تبلور قناعة بفشل العمل السياسي، آنذاك فإن استخدام القوة المسلحة، بدرجات مختلفة، قد تمنح الموقف معطيات جديدة، تدعو الأطراف إلى إعادة الحسابات.ربما في حالات معينة، يكون فيها الهجوم أفضل وسائل الدفاع، وفي ذلك استباق لموقف لا يريد أحد الأطراف بلوغه، أو إجهاضاً لتنامي قوة غير مرغوبة ستضيف إلى أحد الأطراف قوة مضافة. ومن يؤنبه ضميره في هذه الحالات، سيسقط صريعاً في الميدان." الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى " مقولة شهيرة للأستراتيجي الألماني الشهير كلاوس فون فيتز (Klaus von Witz) التي سادت عالم ما قبل الصواريخ البالستية التي جعلت من الحروب الشاملة خياراً مستبعداً بسبب امتلاك القوى العظمى لأسلحة دمار شامل (نووي، نيوتروني، بايولوجي، كيماوي) تكفي لإبادة العالم عدة مرات.ومن ثم فإن التنافس في الحصول على مزايا اقتصادية وسياسية، هي العنصر المرجح، والدليل الأحدث على ذلك، السباق القائم على قدم وساق لنيل المكاسب والمغانم في أفريقيا، التي وبرغم النهب الاستعماري / الإمبريالي، فأنها ما تزال توصف بأنها قارة بكر تقريباً، والقرن الحالي والقادم هو قرن المواد الخام. أفكار ميكافيلية في الإمارة ـ " الممتلكات التي اكتسبت بهذه الطريقة (أي بالضم) إما أنها قد ألفت حكم أمير آخر فيما سبق أو كانت ولايات حرة يلحقها الأمير بممتلكاته.. إما بقوة أسلحته هو أو بقوة أسلحة غيره أو يسقطها في يده حسن الطالع أو قدرة خاصة ".(13) يتحدث ميكافيلي هنا عن إيطاليا المجزأة، وكان كثير الاهتمام بوحدة إيطاليا، ومن يحب بلاده يحبها موحدة عزيزة، ويقدم الولاء لها على أي اعتبار آخر، فهو يريد القول أن الأمير عليه أن يتصرف بطريقة تكون مقبولة من شعب الإمارة التي صار الاستيلاء عليها.وتصريف هذه المقولة تصلح في حال إعادة الاتحاد لقطرين، كالوحدة الفيثنامية، أو الوحدة اليمنية، أو مشاريع الاتحاد والوحدة عليها أن تراعي هذا الجانب. ولكن إن شئنا أن نبحث المقولة في العلاقات الدولية غير حالات الوحدة والاتحاد، فنذكر أن فكرة الضم والإلحاق هي فكرة استعمارية تكاد تختفي بصيغها التي عرفت بها منذ الثورة الصناعية والفتوحات الاستعمارية وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن القوى الكبرى ما تزال تمارس ذات السياسة ولكن بصيغ حديثة، فحشد كبير من الدول النامية هي دول شكلية فحسب، لها مقعد في الأمم المتحدة ولها علمها ونشيدها الوطني وإذاعة رسمية، لكن الدول الكبرى تتدخل حتى في صغائر الأمور تبعاً لمصالحها السياسي والاقتصادية والاستراتيجية، وفي سائر شؤونها حيثما عن لها ذلك. فالتبعية الاقتصادية ما توال في أقسى أشكالها، وهو ما أفضى إلى تبعية سياسية، والأنكى من كل ذلك، أن القوى العظمى تحاول اليوم (وهي تصادف النجاح والمقاومة)، فرض أنماط من الثقافات وصيغ الحياة والدخل في دقائق الحياة اليومية ومفرداتها، بل هي سمة العصر وأحدى ملامحه الرئيسية. وقد تخفي الدول العظمى أساليب تدخلها وراء عدة أقنعة: كالديون وال(المساعدات) وبرامج التنمية، وما إلى ذلك من العلاقات المشروطة على الأرجح، والتي تمثل المدخل للتدخل في الشؤون الداخلية، انتهاء بفرض المعاهدات غير المتكافئة التي تلب حاجات الدولة العظمى، ونادراً ما تهتم بهموم وهواجس الدولة الصغيرة، الطالبة للمساعدة. ـ عن الملكيات المتوارثة يكتب " إن الصعوبة في المحافظة علي الدول الوراثية التي الفت حكم أسرة حاكمة أقل بكثير منها من حكم الملكيات الجديدة لأنه يكفي ألا نتجاوز أوضاع السلف وان نتهيأ للطوارئ المقبلة " ومن النادر في الأنظمة المتوارثة، أن يستمر نظام الحكم على ذات السمت الذي كانت عليه، بسبب اختلاف القدرة الزعامية لوارثي الزعامة، من جهة وتغير الظروف والمعطيات السياسية والاقتصادية من جهة أخرى، ناهيك عن أن الوارث لا يجد ذات البواعث التي كانت لمن سبقه.ونجد أن أفكار أبن خلدون في هذا المجال أكثر علمية ونضجاً، فميكافيلي يرى هنا ولكن دون أن يتوصل لذلك كما فعل أبن خلدون، أن الدول تتعرض للشيخوخة، بسبب فقدان العصبية التي دعت لنهوضها، وهو في ذلك ينتقد الأنظمة الملكية، ومن هنا وصفت أفكار ميكافيلي بأنها جمهورية مبكرة.ويحاول مفكرون رجعيين أمثال: صامؤيل هنتغتن، وفرانسيس فوكوياما، أن يخلقوا عناصر شد جديدة بإشاعة مشاعر التخوف من هذه الجهة أو تلك، والهدف الرئيسي هو الإبقاء على حالة الشد العصبي، والالتفاف، عن طريق اختراع مخاطر موهومة.وكان وزير الخارجية الأمريكي الكسندر هيغ، قد صرح أن لا بد من إيجاد المبررات لحلف الناتو، وابتكار جبهات ومواجهات. وأحدث تلك الأساليب، هو مشروع الدرع الصاروخي التي تحاول الولايات المتحدة تأسيسه في أوربا، هي تدعي أنه لحماية شرق أوربا من مخاطر وهمية(الصواريخ الإيراني) وعلى الرغم من أن هذا المبرر هزلي، ولا يصدقه أحد، إلا أن إجراءات تتخذ وتداعيات تحدث، وهناك ملامح أزمة تلوح في الأفق، الغاية منها إبقاء الأوربيين تحت شعور أنهم تحت حماية الولايات المتحدة القوية والضامنة للسلم والأمن على حافتي الأطلسي. ـ كتب مكيافيلي " ولكن حين نستولي علي ممتلكات في منطقة تختلف معنا في اللغة والقوانين والعادات فإن الصعوبات التي لابد من التغلب عليها عظيمة ". هذا خطاب يصلح لدعاة الإمبريالية والعولمة اليوم، وما لم يقله ميكافيلي لأنها لاحقة لعصره، أن الاستعمار هو مشروع اقتصادي / سياسي، والإمبريالية نموذج أعلى للاستعمار القديم (Colonialism)، أما العولمة فهي أعلى أشكال الإمبريالية، وهي مشروع اقتصادي / سياسي / ثقافي، أكثر تكاملاً من أي مشروع استعماري سابق، لأن التوسع الثقافي وسبله قد بلغت شأواً كبيراً، في ثورة شاملة رفيعة المستوى في جميع وسائل النقل والمواصلات (Communication System) من أبرز ملامحها: استخدام الأقمار الصناعية، وانتشار الحاسوب(الكومبيوتر) والهواتف النقالة، وآلات التصوير الديجتال وغيرها، وسهولة الانتقال بالطائرات، وهي أدوات تستخدمها دوائر العولمة في نشر ثقافة موحدة، عابرة للقارات والأمم، يملي فيها الأقوى إرادته ومعتقداته الثقافية، كما هي وسيلة لشعوب العالم الثالث في تحسين أدائها الثقافي، واستخدام هذه المعطيات لمصلحتها. ـ " أن من لم تؤخذ أرضه منه لإقامة مستعمرة عليها سيحتفظ بالولاء له أي للأمير والخوف من أن تؤخذ منه أرضه مثلهم ". ويكاد مكيافيلي يشير إلي أسلوب الدعاية بالترهيب، ولو عاصر ميكافيلي عالمنا اليوم، لأشار إلى أشهر واقعة تهديد وترهيب وابتزاز في التاريخ الحديث والقديم والحديث، ولأدرك أن تهديد القوي المتغطرس ليس على الدوام تأتي بثمارها، ونعني بها الجلسة التي هدد فيها وزير الخارجية الأمريكي بيكر وزير الخارجية العراقي طارق عزيز، بقوله سنعيد بلدكم إلى القرون الحجرية ما لم تقبلوا إنذارنا (Ultimatum). وقد رفض الوزير العراقي الإنذار، إذ لم يكن أكثر من استسلام كامل.بوسع الدول العظمى اليوم بما تملكه من قوة هائلة، نقل جيوش جرارة خلال ساعات إلى أي بقعة في الكرة الأرضية وزجها في معارك قد تحرز النصر في صفحاتها الأولى، بيد أن هذه القوى سوف لن تكسب النتائج سياسياً، أو لنقل، أنها لن تستطيع التحكم في المسارات اللاحقة سياسياً بالدرجة الأولى، ولكن عسكرياً أيضاً، وسف تحتاج هذه الدولة العظمى، إلى مساعدة وجهود سياسية / عسكرية / أخلاقية لدول أخرى في معركتها. ـ ويقول مكيافيللي " إن إهانتنا لإنسان لابد أن تكون إهانة تعنينا عن أن نخشي انتقامه " ويريد ميكافيلي هنا القول أنك عندما تلحق الإهانة كضرر معنوي، أو إلحاق الضرر بطرف ما، عليك أن تتوقع ردود فعله إن عاجلاً أو آجلاً، وربما بطريقة تختلف عن تلك التي أقدمت عليها.وفي السياسة المعاصرة، ورغم ضعف العوامل الأخلاقية، إلا أن هزيمة الولايات المتحدة في فيثنام خلقت عقدة نفسية لدى صناع القرار السياسي في هذه الدولة العظمى ما تزال تعاني منها، وقد أضافت العمليات الحربية في العراق الدائرة منذ سبعة سنوات المزيد من العقد السياسية، بعد الخسائر الكبيرة في الأفراد والمعدات التي منيت بها القوات المسلحة الأمريكية بخاصة. ـ (من كان سببًا في قوة غيره هلك ).. كتب نيقولا مكيافيلي تحت عنوان (لماذا لم تثر مملكة داريوس علي خلفاء الاسكندر عقب وفاته). يقول: " الممالك التي عرفها التاريخ قد حكمت بطريقتين.. إما حكمها أمير وأتباعه يساعدونه في حكم المملكة كوزراء بفضله وإجازة منه.. أو حكمها أمير ونبلاء يتبوءون مراكزهم بدون مساعدة من الأمير.. ولكن لقدمهم.. ولمثل هؤلاء النبلاء ولايات ومواطنون لهم خاصة يعترفون بهم سادة عليهم بطبيعة الحال.. وللأمير في تلك الولايات التي يحكمها أمير وأتباعه سلطان أكبر من سلطان الأمير الثاني.. لأنه لا يوجد فوقه سواه ".وفي السياسة المعاصرة نفهم ذلك أن القوى العظمى تدير أزمات، أو ملفات معينة، أو ربما مناطق كاملة بواسطة وكلاء تعمل على إمدادهم بمصادر القوة، أو تسمح لهم أن يكونوا مراكز قوى ليخدموا سياستها في نهاية المطاف، ولكن الولايات المتحدة كقوة عظمى تستخدم هذا المبدأ، تحرص أن تخلق قوى لتكون في مصلحتها وتحت قيادتها، وليس خلق قوة من أجل المطالبة بشراكة. وهناك فرق قانوني / سياسي كبير بين مصطلحي: تحت إشراف أو تحت كنف (Supervision) ومصطلح شراكة (Partner). ـ يطرح مكيافيلي ثلاثة أساليب لإخضاع المستعمرات الجديدة التي لا نتفق معها في لغة أو جنس.. وهي التخريب، نقل السلطة إليها، تتويج حكومة عملية. وتمارس القوى العظمى هذه السياسة منذ عصر الاستعمار، وبكثافة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وشيوع أساليب الاستعمار الجديد. وتنصيب حكومات عميلة خيار محبب للمستعمرين القدامى والجدد، وكذلك في عصر العولمة.وتنصيب حكومات متعاونين من أبناء البلاد وسيلة التجأ إليها كل المحتلون عبر العصور في محاول لإيجاد عناصر / شريحة تقبل بوجود المحتلين مقابل الحصول على مغانم فردية / فئوية لا ترتقي إلى مصلحة الوطن، وسرعان ما سيلحق التناقض التحالف الهش بين المتعاونين والمحتلين، المتعاونين على تعدد أطرافهم، والمحتلين على صعيد تقبل مسرح العلاقات الدولية لعملية نهب معاصرة تجري تحت أنظار العالم. ـ (في الإمارة الجديدة التي استولي عليها بقوات غيرنا وخطه) يقول مكيافيلي: " إن أولئك الذين يرقون من أفراد عاديين ليصبحوا أمراء لمجرد الحظ، لا يعانون عناء كبيرًا في الصعود.. لكنهم يقاسون كثيرا في توطيد ولايتهم.. هم لا يقابلون في الطريق إلي الإمارة أية عقبات لأنهم يطيرون فوقها) ويضيف (وهؤلاء يعتمدون اعتمادا مطلقاً علي حظ أولئك الذين يرفعونهم وإرادتهم الخيرة) ويعلل (وهم غير قادرين علي المحافظة علي أنفسهم لأنهم لا يملكون قوات صديقة وموالية لهم ".والترجمة العصرية لهذه الأفكار هي أن وضع أشخاص في موضع المسؤولية دون تدريب وتأهيل لمهماتهم، قد يتعود بالنتائج الوبيلة على البلاد والحكم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن القوى الكبرى المخلصة لاستراتيجيتها وليس لاعتبارات أخلاقية، تتعامل بواقعية: أنت لم تعمل لنا مجاناً، والآن قد حان وقت غيرك. والواقع والأحداث تشير أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد استغنتا مرات عديدة عن كثيرين ممن تعاملوا معهم، لأن الحاجة استدعت التعامل مع وجوه جديدة. ـ يعتبر ميكافيلي أن " الدول التي ترمي شباكها وقواعدها سريعاً لجميع الأشياء الأخرى ذات البدايات والنمو السريع لا تستطيع أن تتجذر بعمق. هي تتشعب في أماكن رحبة حتى أن أول عاصفة تهب تدمرها ". والغرب الاستعماري لم يستفيد من هذه المقولة الميكافيلية، لجهة كسب تعاطف الشعوب، بل كان جل سعيها، نهب أقصى قدر من القدرات الاقتصادية، وفي هذا السبيل فإن العناصر المحلية التي تعاونت مع الغاز المحتل، اتهموا من شعوبهم بالخيانة العظمى، ولم يعد مهماً في هذه الحالة البرنامج الذي يتقدمون به للشعب.أما القصص التي يسردها مكيافيلي أن أميراً لكي يستجلب محبة الناس ولي عليهم قائدا فظا ولما جأروا من بطشه قاوم بالقبض عليه وقسمه بالسيف نصفين وعلقه في الميدان. فهذه تدخل في نطاق الحيل والأحابيل السياسية التي يتبعها المحتلون أو حتى الحكام المحليين، لإظهار مزايا السطوة والمبادئ الضائعة التي يريد المحتل أن يشرعها. كما يروي ميكافيلي الكثير من الأحداث التي تشير أن الأمراء كانوا يحيكون الدسائس والمؤامرات من أجل الاحتفاظ بالسلطة أو توسيع النفوذ، ويذكر أحداثاً كثيرة أم المؤسسة الدينية (الكنيسة ـ البابا) غالباً ما كانت تشارك في المؤامرات، لقاء صفقات ومكاسب.ـ ويطرح مكيافيلي عدة نقاط يطلب مراعاتها من الأمير(النظام) الذي يصل للحكم بالحظ أو بأسلحة غيره:1. تأمين نفسه ضد الأعداء.المقولة كمبدأ عام صائبة، ولكن أن لميكافيلي أن يعيش عصرنا هذا ويشاهد أعلى أشكال البراغماتية (Pragmatsim) تطبق في عالم السياسة، بل وحتى العقائديين الدوغماتيون (Dogmatism) صاروا برغماتيين يسلكون أكثر الوسائل انفضاحاً من أجل مصالح لا تداني المصداقية (Credibility) العقائدية ولو حتى بالقليل. عالم اليوم يقبل ويدعو لإقامة التحالفات، والائتلافات بهدف حلحلة الموقف ودفع العملية السياسية. 2. استعمال القوة أو الخديعة.يؤمن ميكافيلي باستخدام القوة عند الحاجة لها، وحينما يمتلكها دون هوادة ولا شفقة، وعندما يتفوق طرف ما فعليه أن يستخدم معطيات التفوق بلا تراجع أو تردد لدرجة سحق الخصم بحيث قطع أمكانية أن يعود ذو حجم مؤثر. أما مبدأ الإيهام(Camouflage)، والاستتار خلف أي ستارة تؤمن تأجيل المواجهة الحاسمة، أو دفعها إلى الوراء سعياً وراء أهداف سياسية قد تكون مؤثرة بمجموعها. ميكافيلي يعتقد أن واجب السياسي أن يحافظ على الدولة ومصالحها فحسب. 3. أن يكون محبوبا ومهيبا للشعب.ميكافيلي لا يقبل بالطغاة، وقوله هذا وإن كان الحاكم أو النظام يتسم بالقوة، ولا أمل يلوح لخصومه وأعدائه، إلا أن عليه أن يجعل وجوده مقبولاً، بل وخياراً محبباً. ولكن أي نوع من المحبة، إنها المحبة الممزوجة بالاحترام والتقدير، وهو ما يسعى الحاكم أو النظام أن يشيعه بين صفوف الشعب لا أن يفرضه قسراً. 4. التخلص من كل مكامن الخطر.الحاكم إن تمتع ببصر وبصيرة ثاقبة، وبقدرة ضرورية للتنبؤ، عليه أن يدرك بعمق أي المخاطر ينطوي عليها إقدامه على هذه الفعلة أو تلك. وأن يتنبأ أي المخاطر هي أمامه وبأية درجة. والتخلص من الخطر في عرف ميكافيلي فهو قد يعني ربما التآمر، أو أتباع ما من شأنه تلبية الغرض، ولكن في علم السياسة المعاصر، فإن النظام / الحكومة ينبغي لها أن تنصت لرأي الخبراء، والخبراء هم علماء السياسة والقانون الذين ينيرون طريق الإجراءات بالأفكار السديدة، واستجلاء لعواقب القرارات ونتائجها المحتملة. 5 ـ يقوم بتجديد كل ما هو قديم.هذه مقولة رائعة، وثورية حقاً، ربما قالها ميكافيلي دون معرفة وافية للديالكتيك(Dialectic)، ربما كان قد أطلع على مقولات هيروقليطس، بيد أن الديالكتيك لم ينضج إلا على يد هيغل وماركس وهما لاحقان لمرحلة ميكافيلي بعدة قرون.التجديد ببساطة يعني استمرار الحياة، بل قل قابلية استمرارها، وأنها السبيل الوحيد لفهم التطور وحركة التاريخ، من يتخلف عن فهمها، يصبح للأسف كالشجرة اليابسة لا أمل بالثمار منها، وستكون عائقاً أمام من يريد مواصلة المسيرة. 6 ـ يجمع بين القسوة والشفقة.القسوة دليل الحزم، وإشارة للقاصي والداني أن من يخطأ يعرض نفسه للمساءلة، وستكون قاسية إن كان الخطأ جسيم، ولكن عليه أيضاً أظهار العطف حين توفر ظروفه، ففيه يؤكد الحاكم (النظام) أن المواطن هو أبن الدولة، وفسحة العطف موجودة، إن توفرت ظروفها، ومنها تنزع الدولة (الحاكم) صفة السطوة والطغيان. 7 ـ نبيل الخصال.هذه قالها كل علماء العلوم السياسية، فمن يتصدى لقيادة الناس، لن يكون مقنعاً ما لم يتمتع بخصال متميزة. وبعض من هذه الخصال هي مكتسبة، والأخرى هي لصيقة به كأن يكون كريم المحتد.وقد يختلف علماء السياسة حول من هو النبيل أو كريم المحتد ..؟في عصر ميكافيلي، لا بد أنه لا يمكن له أن يتصور أميراً دون أن يكون سليل عائلة إقطاعية، واسعة الثراء كبيرة العدد، تمتلك الأراضي الشاسعة، وهي صفات تؤهل العائلة على إقامة تحالف عائلات مع عائلات أخرى، وتتمكن بذلك أن تشكل القوة السياسية والاقتصادية والسياسية الأكبر. أما في عصرنا الحالي، فالقائد السياسي ينبغي له أن يمتلك كاريزما قيادية، وليس سوى ثقافة ممتازة تجعله محدثاً يستحق الانصات له، وتجربة مهمة في العمل السياسي، وله إطلالة طيبة على الجمهور.فما لذي يجعل الفرنسيين ينتخبون رئيساَ مثل ساركوزي، وهو المهاجر أبن المهاجر، تمتد جذوره لديانة غير المسيحية، سوى كفاءته في وزارة الداخلية التي أقنعت حزبه أولاً ومن ثم الجمهور أن بوسعه قيادة البلاد. 8 ـ رحب التفكير.هي نصيحة طيبة من ميكافيلي في ذلك العصر الذي كانت الدولة تفتقر فيه للمؤسسات الدستورية القوية، وبالتالي كان الشعب يرجو، وليس أكثر من الرجاء أن يتسع صدر الأمير لرأي غيره.في عالم السياسة المعاصرة، فإن حرية التفكير والاستماع خاصة لرأي المعارض هو من بديهيات الأمور، ولكن أي حاكم وأي حكومة وأية معارضة، فذلك هو الشأن الجوهري في الواقع.فالحاكم كسلطة تنفيذية، ومجلس النواب كسلطة تشريعية إنما سلطات تعمل بنصوص القانون، وهي مقيدة بشكل حازم بالدستور، وهناك محكمة دستورية تنظر في كل حالة يشتبه بأنها خالفت الدستور أو روح الدستور ..! 9 ـ يبقي علي علاقة بين الملوك والأمراء تفرحهم إذا نفعوه ويخافونه إذا أضروه.ـ ثم يقرر مكيافيلي بأن: المنفعة الحديثة لا يمكن أن تمحو أثر الإساءة القديمة من نفوس العظماء. ولعلنا في هذا الباب قصدنا الإطالة لمأثورات مكيافيللي نظراً لما تراءي لنا من أهمية تلك الملحوظات في عصرنا الحالي.. وما يمكن أن نلاحظه يوميا في حياتنا علي أي مستوي من مستويات السلطة. في السياسة المعاصرة نعلم أن الدول كالأشخاص. فمنها ما هو محترم الجانب، لأن الدولة وبصرف النظر عن حجمها(للحجم والسكان دور لا ريب في ذلك)، إلا أن الدول تستطيع أن تثبت للدول الجارة محلياً وقارياً، أنها ذات منفعة، وأنها تتحرك في أي اتجاه يكون مفيد للعلاقات الثنائية والدولية. 10ـ ويؤكد أن الشدة الصالحة (لو أمكن استبدال الشر خيرا) لا يجب أن تستعمل سوي مرة واحدة لتأمين مصير الأمير.. كما لا يجب استخدام الشدة في تلك الحالات التي سوف تتلاشي مع الزمن تلقائيا.لعل ميكافيلي يريد أن ينصح أن لا يسرف الأمير(الحاكم / الدولة) في استخدام القوة، وإظهار الجبروت. وفي ذلك يلعب الاقتصاد في القوة دوراً في تقرير أين ينبغي أظهار القوة والتشدد، وأين تكون إبداء المرونة واجبة. والإسراف في القوة قد يؤدي أن يكون ذاك الطرف مرهوب الجانب، بيد أن القوى المناوئة له سوف تتحالف ضده متى ما بدا أنه خطر محدق على الجميع. 11 ـ ويشير إلي: أن الفاتح الذي يستولي علي ولاية جديدة عليه أن يهيئ الأمر لكي يقترف ضروب قسوته مرة واحدة حتى لا يضطر إلي أن يمارسها كل يوم ويعلل ذلك بأنه (سيضطر دائما أن يقف والخنجر في يده ولا يستطيع أن يركن إلي رعاياه بتاتا لأنهم لا يستطيعون أن يطمئنوا إليه بسبب أذاه الذي يتجدد لأن الإساءة يجب أن تكون جميعها دفعة واحدة حتى أنه كلما قل حدوثها قل ضررها).في السياسة المعاصرة لا توجد ولايات تفتح بالمعنى القديم، بيد الأمريكان على سبيل المثال كغزاة في القرون المعاصرة، لا ينفكون عن استخدام القوة المفرطة ولسنين طويلة، بل هم يتبعون حزمة أساليب عديدة في آن واحد، وكلها تنطوي على الشدة أكثر مما تعتمد على الحوار السياسي مع خصومهم، وهذه دلالة أن الدولة العظمى التي تتمتع بقدرات اقتصادية وسياسية كبيرة، لكنها تعتمد على القوة بالدرجة الأولى، رغم أن دراسات استراتيجية أمريكية تنصح بعدم وضع القوة المسلحة في المقام الأول، بل السياسة المدعومة بالمال، ويستشهد استراتيجي أمريكي معاصر بالقول: أن المال لم يخلق من أجل قيماً أفلاطونية ..! (14) 12 ـ في الإمارات المدنية تحت هذا العنوان كتب: (وبلوغ هذه الولاية لا يتوقف بتاتاً علي الجدارة أو الحظ ولكنه يعتمد بالأحري علي المكر يعينه الحظ لأن الأمير يبلغها برغبة الشعب أو بإرادة الطبقة الأرستقراطية) يريد ميكافيلي بالصياغات السياسية المعاصرة، والمكر عنده العمل السياسي / الدبلوماسي الذكي، يريد القول: أن ترسيخ السلطة لا يعتمد فقط على المعطيات القانونية، التي يفترض أن الكفاءة والجدارة عمادها، بل أن على الحكومة اللجوء إلى أساليب أخرى، هو يطلق عليها المكر، بيد أنها الذكاء والحصافة التي تتمتع بها الحكومة، والحاكم، من خلال سياسة داخلية وخارجية منسجمة، وبجهاز إعلامي متطور يفسر عمل الحكومة بطريقة ذكية للشعب. 13 ـ وإذا كان نيقولا مكيافيلى ينصح الأمير العاقل بأن (يبحث عن وسائل يكون رعاياه بها في حاجة إلى حكومته دائما وفى كل ظرف ممكن وحينئذ سكونون أوفياء له على الدوام).الحكومة ينبغي لها على الدوام أن تكون حججها وأسانيدها في العمل الشرعي، وأن تكون حائزة على ثقة المواطنيين، وليس فقط قلوبهم واحترامهم، المهم هنا الولاء للدولة قبل الولاء للحكومة القائمة هذه أو تلك. 14 ـ كيف يجب قياس قوة كافة الإمارات ؟ تحت هذا العنوان كتب مكيافيلى (أعتبر الذين في حاجة إلى غيرهم دائما هم أولئك الذين لا يقدرون أن ينزلوا أعدائهم في الميدان ولكنهم يضطرون إلى الانسحاب داخل مدنهم ويدافعون ) و ( ليس ثمة قول سوى أن تستنهض هذا الأمير لتحصن مدينته تحصينا منيعا ويهاجم بإحجام شديد وذلك لأن الناس يعافون دائما المشروعات التي تنبئهم بمصاعبها ولا يمكن أبدا أن تبدو مهاجمة أمير له مدينة منيعة ولا يناوئه شعبه أمرا هيناً )في السياسة المعاصرة ليست هناك قلاع وحصون، إنما هناك فهم عميق ودقيق لقضايا الأمن القومي، ولتلك معطياتها وركائزها على الصعيد الداخلي والخارجي. فعلى الصعيد الداخلي يعد الأمن الغذائي والاقتصادي عامة، والوحدة الشعبية، والسلم الاجتماعي من أهم مرتكزاتها، فيما على الصعيد الخارجي، علاقات الدولة الخارجية، محلياً وقارياً ، والدور الذي تلعبه في الحياة الدولية سياسياً واقتصادياً، وثقافياً. خاتمة برأينا : * المفكر أبن عصره.* المفكر يستخدم مفردات من القاموس السياسي لعصره.* لا يمكن مقارنة أعمال أي مفكر إلا بمن سبقوه من المفكرين أو المعاصرين له.* ينبغي أن يتذكر من يتصدى للتقييم أو النقد، الظروف التاريخية لذلك العصر.* لا يجوز اقتباس مقطع صغير من أعمال المفكرين، فقد يختفي المعنى في النص بأكمله. هذه بتقديرنا عناصر مهمة، ينبغي للكاتب، الناقد أن يتذكرها عند تصديه لمهمات تحليل أو تقييم عمل أحد المفكرين. وقد تعرض ميكافيلي لحملة تشويه واسعة، بل ووضعت كلمات لم يقلها في فمه، من تلك مثلاً مقولة انتشرت كالنار في الهشيم، لم يقلها ميكافيلي مطلقاً، وقد أطلعت على عمل لباحثة ألمانية مختصة بأعمال ميكافيلي، تذكر أن هذه المقولة موضوعة، ربما هي استنتاج توصل إليه أحدهم لأفكار ميكافيلي، إلا أنه لا يوجد نص في أعماله، والمقولة هي: الغاية تبرر الواسطة. من له مصلحة في تدمير سمعة ميكافيلي العلمية والشخصية ..؟ الكنيسة كانت قد ناصبته وناصبها العداء، هذه حقيقة مؤكدة.الكنيسة رمت ميكافيلي بأنه من أشياع الوثنية. المؤسسة الدينة اعتادت أن ترمي من يعاديها أو يسعى لإبعادها عن أنشطة السياسة والحكم بالزندقة، بالهرطقة، بالفسق، بالكفر ..الخ . ولكن ميكافيلي كان متديناً، بمعنى أن كان مؤمناً وموحداً، ولكن الكنيسة تريد الاستسلام الكامل الشامل وليس أقل من ذلك، وهو ما لم يكن ميكافيلي ليقبله، لأن الزمن كان قد تجاوز مثل هذه الفكرة، بل وميكافيلي وآخرون غيره كانوا قد توصلوا إلى حقيقة أن الكنيسة عائق أمام التقدم، عائق ضد الوحدة الإيطالية، الكنيسة كان لها المصلحة أن تبقى إيطاليا مقسمة إلى دويلات، على أن تتحد، لأن في التجزئة ضمان لتفوقها على السلطة الزمنية(الدولة)، وأن الوحدة ستقود إلى قوة الدولة والحكومة والقوانين الوضعية وهو سيعرض نفوذها للتقلص التدريجي وربما لاختفاء. هل تقبل المؤسسة الدينية أن تحصر عملها بين جدران الكنيسة ..؟هل الأمر يتعلق بإطاعة أوامر إلهية بالقيادة والحكم ..؟ في غالب الأحيان لم يكن تلك الفقرة الوحيدة في رسالة الكنيسة (Argumentation)، الكنيسة كانت ثرية، بل المالك الأعظم للأراضي ووسائل الثروة. وقد تمتع رجال المؤسسة الدينية دائماَ بالوجاهة الاجتماعية إضافة إلى المقدرة الاقتصادية. لذلك فإن المؤسسة الدينية لا تحبذ أن تكون الدولة قوية. لأن قوة الدولة يعني الدستور، ويعني بالتالي سائر القوانين الوضعية، الذي تضمن الفعاليات الاجتماعية، القانون ينبغي له أن يلبي حاجات الأنشطة الاجتماعية، والأنشطة الاجتماعية تتضمن فعاليات لا ترضى عنها الكنيسة أو تقف منها موقفاً سلبياً. الحياة تطرح منطقاً، يؤدي لاشتداد نفوذ الدولة بالنظر للتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي دارت في نهاية القرن الخامس عشر يصفه جورج سباين بأن كان لها عواقب اجتماعية وسياسية بعيدة الغور، وكلها تؤدي إلى تقوية نفوذ السلطة الزمنية (الملوك والأمراء) قادت في نهاية المطاف إلى نهاية النفوذ القانوني للكنيسة. (15) كانت الكنيسة قد أفلست إفلاسا تاماً، لم تنقذها الحركات الإصلاحية (اللوثرية)، ولا محاولات التوفيق بينها وبين الفلسفة (السكولاستية) التي يمتد جذور نفوذها إلى 300 عام قبل الميلاد، إي قبل حلول المسيحية وانتشارها في أوربا بما لا يقل عن 700 عام. كانت رياح التغيير قد هبت لا محالة، الاكتشافات الفكية كانت أكثر من أن يطمسها حرق العلماء، أو إعدامهم، الفنون اجتذبت عقول الناس وأفئدتهم معاً، الشعراء والفنانون عامة قد أقنعوا الناس، أن الحياة جميلة، ويمكن أن تصبح أكثر جمالاً. التغيرات كانت تدب فوجدت هذه آثارها في فكر مفكر ألمعي مثل ميكافيلي، الذي أستشف بوضوح لم يجاريه أحد، أن المستقبل هو الدولة، وبالدولة فقط يمكن إحراز مكتسبات تعزز من كيان الشعب، تجمع إرادة الناس، ولا تفرق بينهم، لذلك لا بد من إنهاء دور الكنيسة، مقابل تقوية سلطة الدولة متمثلة بالملوك والأمراء، ومن خلال منح الفرص للعمل السياسي. (16) ـ وكان عداء ميكافيلي للكنيسة ناجم عن اعتقاده أن لا تقدم مع هيمنة الكنيسة الثقافية / الاجتماعية، كتب يسخر من الكنيسة بقوله: " نحن الإيطاليين مدينون لكنيسة روما (الفاتيكان) ولقساوستها بأننا أصبحنا (بفضل فسادها وتخلفها) غير متدينين واشرارأً، ولكنا ندين لها بدين أكبر وسوف يكون سبب خرابنا، ألا وهو أن الكنيسة أبقت ولا تزال تبقي على انقسام بلدنا، ومن المؤكد أنه لا يمكن لبلد أن يصبح أبداً موحداً وسعيداً إلا إذا أطاع تماماً حكومة واحدة، سواء كانت ملكية أم جمهورية ". (17) ـ ويصف سباين أعمال ميكافيلي بقوله: إن كتاباته وأعماله في الدبلوماسية، مزاياها ونقائصها المميزة لها، فيها أذكى بصر بنقاط الضعف والقوة في موقف سياسي، ألأوضح وأرزن حكم على موارد خصم ومزاجه، وأكثر تقدير موضوعي للقيود التي تحد من سياسة ما، واسلم إدراك في التنبؤ بمنطق الأحداث ونتيجة المجرى الذي يسير فيه بالفعل، وهي صفات جعلت منه محبباً لدى الدبلوماسيين من عصره وإلى الآن.(18) ـ أمتلك ميكافيلي بصيرة ثاقبة، وإخلاصا لا حدود له للعلم، ولمستقبل بلاده، فعمل بكل قواه على إعلاء شأنها، وفي ذلك ناهض القوى الكبرى في مجتمعه: الكنيسة والأمراء الفاسدين(الميديتشيين الذين عادوا للسلطة بحراب المحتلين الأسبان) وبإخلاصه بدت مواقفه وأفكاره غريبة مشايعي الكنيسة، والمتملقين للأمراء بدفع من مصالحهم الشخصية. وأفكاره المتحررة بدت جريئة في " مجتمع كانت بقايا الفكر الإقطاعي، ولا سيما فرديته ونفاقه، تطغي علي عقول الجانب الأكبر من أصحاب الكلمة والفكر فيه. فقد كان ضعاف النفوس من أقرانه يحسدونه ويحاولون النيل منه عن طريق خلق المشاكل له وإشاعة الرذائل عنه والطعن في إخلاصه، فلم يجد من الأصدقاء المخلصين، لا سيما بعد نفيه، سوي الذين كانوا علي مستوي تفكيره أو من كانوا في أخلاقهم ارفع من أن يسمحوا لأنفسهم بالتحلل والانحطاط، ويأتي علي رأسهم المؤرخ المعروف كويجارديني والدبلوماسي الفلورنسي فرانسيسكو فيتوري. وبحق قال عنه أحد المؤرخين: كان وحيدا لكنه كان ارفع من الآخرين. (18 ) https://www.iraqipa.net/08_09/11_15/a6_12aug09.htm









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-20, 20:19   رقم المشاركة : 1285
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة messi29 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد بحث حول المفكر ميكيافلي
تابع وميكافيلي شأنه شأن معظم عباقرة التاريخ، يموتون منفيين جياع، يدفنهم الغرباء. ولكن التاريخ يحترمهم، ولئن قاسى ميكافيلي في عصره، فذلك لأنه كان سابق بفكره، وقد شاء له طالعه أن لا يستطيع الحديث عن توافه الأمور التي تسعد وتبهج بعض الحكام، عن فن صناعة الحرير، ولا عن فن نسج الصوف ولا عن الربح أو الخسارة، فقد كان لا يجيد الحديث إلا عن أمر واحد بل عن موضوع واحد هو قضايا الدولة.(19) لذلك بتقديرنا: الدولة: هي الخلاصة الحقيقية وزبدة أفكار ميكافيلي هي، الدولة، والدولة فقط، ومن أجل أن تكون كلمة الدولة هي العليا، ناصبته الكنيسة (المنافس التقليدي للدولة) العداء، فشهرت به واستخدمت كافة وسائل الإسقاط بحقه شخصياً ولم تنج حتى عائلته من التشهير. وقد توصل ميكافيلي لقناعاته تلك عبر قراءات لأفكار فقهية / قانونية (شيشرون ـ سينكا ـ سولون)، كذلك من خلال التجربة التي عايشها شخصياً وكان وفياً لها ودونها في أعماله: الكنيسة خطر على الوحدة الوطنية، لا تقدم مع هيمنة الكنيسة، فالدولة بنظر ميكافيلي كيان يمكن السيطرة عليه عبر القوانين، ويمكن توجيه اللوم لها واتهامها بالتقصير ومحاسبتها، ولكن من الذي يجرأ على اتهام الكنيسة والمؤسسة الدينية ..؟ حتى القس مارتن لوثر الذي قاد انتفاضة ضد الانصياع الأعمى، وضد صكوك الغفران، وضد معصومية البابا، وقف إلى جانب الأمراء في قمعهم لثورة فلاحية، وانتهى الأمر به ليكون مسالماً للقياصرة والملوك، ليقول مقولته الشهيرة: لا يجوز لمسيحي أن يثور ضد القيصر. ومن أجل إعلاء شأن وكلمة الدولة، قبل ميكافيلي أن يخوض المعارك دون هوادة، وكان قبلها قد قبل أن يفعل السياسي كل شيئ من أجل الحفاظ على أهم مكتسب يمتلكه أي مجتمع: الدولة ـ النظام ـ القانون الهوامش 1. Rab, Teodore, K. : Renaissance live, New York 1993 Petrark 2. سباين، جورج: نفس المصدر، ص384/3963. ميكافيلي، نيقولا: الأمير، ص1224. روسو، جان جاك: العقد الاجتماعي ، ص1265. ميكافيلي: نفس المصدر، ص156 6. ميكافيلي: نفس المصدر، ص132/172 7. ميكافيلي: نفس المصدر، ص1378. موسولويني، بنيتو: مقدمة لكتاب الأمير، ص5/79. سباين، جورج: نفس المصدر، ص372/373 10. كرم، يوسف: نفس المصدر، ص17/4111. سباين، جورج: نفس المصدر ، ص434/435 12. باور، كرستينا: ميكافيلي: نظام السلطة، اشهر الاقتباسات وقيمتها الأستخدامية في الصراع التنافسي في التوظيف الحديثChristine Baur- JelinekFocus: Nr:7, 2008, Hamburg / BRDMachiavelli : REGELN DER MACHTDie bekanntesten Zitate und ihr Nutzwert für den Konkurrenzkampf im modernen Unternehmenمجلة فوكوس: العدد السابع / 2008، هامبورغ / ألمانيا الاتحاديةكرستينا باور ـ يلينكا 13. سيد أمين: أمريكا الميكافيلية / دراسة تطبيقية(المقولات مقتبسة من المقال)14. بالدوين، هانسون: استراتيجية للغد، ص29515. سباين، جورج: نفس المصدر، ج3، ص46716. سباين، جورج: نفس المصدر، ج3، ص47117. سباين، جورج: نفس المصدر، ج3، ص47318. مظهر، د. كمال: ميكافيلي والميكافيلية، كراس 19. مظهر، د. كمال: نفس المصدر المصادر 1. سباين، جورج: تطور الفكر السياسي، القاهرة/ (خمسة أجزاء)1972 2. ميكافيلي، نقولا: الأمير، بيروت / 19713. روسو، جان جاك: العقد الاجتماعي، بيروت / 19734. موسوليني، بنيتو: مقدمة لكتاب الأمير، بيروت / 19735. كرم، يوسف: تاريخ الفلسفة، القاهرة / 19576. سيد أمين: أمريكا الميكافيلية / دراسة تطبيقية (مجلة الفكر الحديث) Rab, Teodore, K. : Renaissance live, New York 1993 Petrark(7) Machiavelli : REGELN DER MACHT(8)Die bekanntesten Zitate und ihr Nutzwert für den Konkurrenzkampf im modernen Unternehmenمجلة فوكوس: العدد السابع / 2008، هامبورغ / ألمانيا الاتحاديةكرستينا باور ـ يلينكا 7. مظهر، د. كمال: ميكافيلي والميكافيلية، كراس، بغداد / 1984 https://www.iraqipa.net/08_09/11_15/a6_12aug09.htm









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-20, 20:26   رقم المشاركة : 1286
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة messi29 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد بحث حول المفكر ميكيافلي
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%...8A%D9%84%D9%8A
https://www.dijlh.net/archive/index.php/t-832742.html









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-20, 20:35   رقم المشاركة : 1287
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مديقوتية على العام مشاهدة المشاركة
السلام عليكم


ربي يجعل مثواه الجنة ان شاء الله



*******************************************
أريد اي مرجع أو أي شيء يتحدث عن الفكر الكنسي في العصور الوسطى

جزاك الله خيرا
https://arz.wikipedia.org/wiki/%D8%A7...B3%D8%B7%D9%89









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-20, 20:42   رقم المشاركة : 1288
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مديقوتية على العام مشاهدة المشاركة
السلام عليكم


ربي يجعل مثواه الجنة ان شاء الله



*******************************************
أريد اي مرجع أو أي شيء يتحدث عن الفكر الكنسي في العصور الوسطى

جزاك الله خيرا
https://www.create-answer.com/mofrkt%20el%20kateb/52.htm









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-20, 20:50   رقم المشاركة : 1289
معلومات العضو
الفراشة الرومانسية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الفراشة الرومانسية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أريد بحث "مدكرة " حول
les effets inhibiteurs de la plante lowsonia inermis" henna "sur les bactéries










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-20, 20:51   رقم المشاركة : 1290
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حمادة حمادي مشاهدة المشاركة
اريدبحث عن الفلسفة الالحديثة في اوربا ارجوك بالتهميش او دلني على المراجع
الفلسفة الحديثة و نشأتها هذا بحث مختصر حول عصر النهضة وعوامل النهضة،ومعنى الفلسفة الحديثة، وأهم خصائصها وقد قسّمته إلى عدة مباحث على النحو التالي: المبحث الأول : عصر النهضة الأوربية منذ القرن السادس قبل ميلاد المسيح حتى القرن الخامس عشر بعد الميلاد، والطابع العام للتفلسف يتمثل ــ غالباً ــ في عناصر الفلسفة اليونانية. وكان من الطبيعي وقد انتشر الدين المسيحي حين ذاك في كل أنحاء أوروبا أن يتأثر اتجاه التفكير الإنساني بهذا الدين الجديد، وأن يحاول رجاله استخدام الفلسفة في تأييد عقائده، وتثبيت مقدساته في نفوس الناس. وقد نتج عن هذا تثبيت سلطان الكنيسة، وانفرادها بالسلطة في توجيه الجماهير، وتكييف تفكيرهم ومعتقداتهم. وهنا خضعت المعرفة بمختلف فروعها للدين وأصبحت تطلب لا لذاتها، بل لغاية روحية لاهوتية. هذا هو الطابع العام ــ تقريباً ــ لفلسفة العصور الوسطى المسيحية. انتهى "العصر الوسيط" في السنوات الأخيرة من القرن الخامس عشر وبدأ عصر أطلق عليه المؤرخون اسم "العصر الحديث"، وإذا صرفنا النظر عن دقائق الحوادث وتفاصيلها وجدنا في هذا العصر نزعتين مختلفتين، من حيث التأثير: ثورة في التفكير والجمال، وثورة في العقيدة الأخلاقية والدينية. هاتان الثورتان هما النهضة والإصلاح الديني. إن كلمة "النهضة" تعبير حديث النشأة، بدأ استعماله منذ العام 1830، ولكن المعنى الحقيقي مازال موضع نقاش وجدال، وربما استمر ذلك زمناً طويلاً، على أن "النهضة" وان اتفقت من الوجهة الزمنية مع بدء العصر الحديث، فمن المؤكد أن لا انقطاع بين "العصر الوسيط" والعصر الذي يليه. "النهضة" تفتح عجيب للحياة بأشكالها المختلفة، بلغت مظاهره الكبرى بين 1490 و 1560، ولكن دون أن يبقى مقيداً في هذه الحدود، وهي بالمعنى العام الواسع؛ تدفق من الحيوية أثار البشرية الأوربية، فتبدلت على أثره حضارة أوربه بكاملها، وهي بالمعنى الضيق نزوة حياتية في أعمال الفكر. المبحث الثاني: عوامل ظهور النهضة لم يكن من المستساغ أن تبقى الكنيسة حاكمة بأمرها في تفكير الناس، أو أن يظل حجرها على العقول والأفكار وتقرير قيم مايصح ومالا يصح من المعارف الإنسانية ساري المفعول. لقد حدثت تطورات في تاريخ البشرية، وجدّت عوامل قلبت المقاييس الإنسانية، وغيَّرت في تفكير الإنسان ونظرته إلى الحياة.وكانت هذه التطورات وذلك الاتجاه الفكري الجديد نتيجة لعوامل متعددة، ومجموعة من الظواهر عمت أوربا كلها، نذكر من أهمها ــ على وجه الإجمال ــ مايأتي: 1. حركة الإصلاح الديني التي قام بها"مارتن لوثر"، وكان من نتيجتها ثورة الناس على الكنيسة وسلطتها، والمطالبة بتقرير حرية الفرد واستقلاله.2. بعث الآداب القديمة وإحياؤها، مما أدى إلى ثورة ترمي إلى التحرر من الجمود الذي أصاب العقول، وإلى منح الفكر الإنساني روح القوة الحيوية.3. الاكتشافات العلمية ونشأة العلوم الطبيعية، حيث طرأت عدة كشوف علمية وسعت من رقعة العالم، وذهبت بآفاق الناس وإدراكاتهم عن الكون إلى أفسح مجال. المبحث الثالث : أثر الفكر الإسلامي على أوروبا مما لاشك فيه أن الفكر الإسلامي كان له أكبر الأثر في فلسفة أوربا وفكرها ــ وإن أنكر ذلك من أنكره ــ، وفي هذا المبحث نستعرض شيئاً من ذلك: أولاً: العصور الوسطى لقد كان العلماء المسيحيون في أوروبا يعملون جاهدين منذ عام 1130م على ترجمة الفلسفة العربية إلى اللاتينية، وكانت توجد في أسبانيا حركة ترجمة نشيطة. جاء الإمبراطور (ريموند) فأسس مجمعاً للمترجمين، وأسند إليه مهمة إعداد ترجمات لاتينية لأهم الكتب العربية في الفلسفة والعلوم، وكانت هذه الترجمات التي وصلت إلى أيدي الغرب أساس الفلسفة الأوروبية. وفي عام (1224)م أنشأ الإمبراطور (فريدريك الثاني) جامعة نابولي، وجعل منها أكاديمية لإدخال العلوم العربية إلى العالم الغربي، وقد كان ذا إعجاب شديد بالفلاسفة العرب. لقد كان تأثر فلاسفة أوربا المسيحيين بفلاسفة العرب تأثراً واضحاً، لاسيما في آراء ابن سينا في نظرية المعرفة، ومسألة الكليات...، وممن تأثر بابن سينا من فلاسفة أوربا: ألبرت ــ توماس ــ سكوت وغيرهم. كما كان للفارابي وابن رشد والغزالي أثرهم الواضح على فلاسفة أوربا، ومن ذلك ــ مثلاً ــ أنه لم يأت منتصف القرن الثالث عشر إلا وجميع كتب ابن رشد الفلسفية قد ترجمت إلى اللاتينية. ومما يوضح مدى أثر الفكر الإسلامي على أوربا مانقل عن الفلاسفة الأوربيين أنفسهم من إقرار بذلك، يقول سلفادور نوجالس أنا مقتنع كل الاقتناع بأن هناك تأثيراً مباشراً للفلسفة الإسلامية في أوربا في القرون الوسطى، بل أقول أكثر من ذلك: إنه لولا هذا التأثير الذي كان للفلسفة الإسلامية على الفلسفة المسيحية ربما ماكانت الفلسفة المسيحية تقدر على اجتياز تلك الخطوة العملاقة، التي نقدرها عند عباقرة الفلسفة المدرسية. ثانياً: العصر الحديث لقد اتضح لنا مما تقدم أن الفلسفة الإسلامية كان لها تأثيرها العظيم في الفلسفة الأوروبية الحديثة. لقد كان للشك المنهجي الذي وضع الغزالي جميع خطواته؛ أثره البالغ فيما عرفه الفكر الفلسفي بعد ذلك لدى ديكارت. فالخطوات التي سار عليها الغزالي في شكه المنهجي هي نفس الخطوات التي سار عليها ديكارت بعده بأكثر من خمسة قرون، واعتُبر المنهج الديكارتي فتحاً جديداً في عالم الفلسفة. وكذا نجد نقد الغزالي المسهب لمبدأ السببية ورد العلاقة بين السبب والمسبب إلى العادة، واعتبارها مجرد علاقة زمنية بين شيئين، هذا النقد وجدناه بعينه لدى دفيد هيوم. ــ وأيضاً ــ تأثر اسبينوزا ببعض الأفكار الإسلامية عن طريق ابن ميمون، وكذا كان لأفكار ابن خلدون في فلسفة التاريخ والفلسفة الإجتماعية أثرها البالغ في أوربا. المبحث الرابع : انفصال العلوم عن الفلسفة تمهيد: كانت الفلسفة تشمل جميع العلوم، حتى القرن السابع عشر، فقد كان الفيلسوف يسمى عالماً، والعالم فيلسوفاً. وقد ظهرت حركة جديدة لتحرير العلوم وفصلها عن شجرة الفلسفة، وذلك منذ القرن السابع عشر الميلادي، فصار للعلم معناً حديثاً، هو: النظر إلى مظاهر الطبيعة بالمشاهدة والملاحظة، ثم تفسير هذه الظواهر تفسيراً مؤيداً بالتجربة. والتجربة هنا هي الميزان للعلم الصحيح، وبذلك يتلخص العلم الحديث في ثلاثة أمور: ملاحظة، تجربة، قانون. أسباب تأخر العلم الحديث في الظهور: السبب الأول: احتقار القدماء للتجربة، حيث نظروا إليها على أنها من الصناعة اليدوية، التي لا تليق إلا بالعبيد.السبب الثاني: قلة المعامل التي يمكن إجراء التجارب فيها، فالعلم الحديث هو ثمرة هذه المعامل المتطورة. وقديماً كان الانتفاع بالمعامل الموجودة يتم سراً، حتى لايتهم أصحابها بالسحر أو الشعوذة، فيتعرضون لغضب السلطان أو الجمهور. السبب الثالث: انصراف الجمهور عن تأييد العلماء، إلى الانشغال بالدين، فاضطر العلماء إلى ستر أعمالهم بكنايات ورموز، حتى لا يصابوا بأي أذى من الجمهور. ولعلنا الآن نعرض شيئاً من العلوم التي انفصلت عن الفلسفة: 1) علم الرياضة: هذا أول علم انفصل عن الفلسفة، وكان ذلك على يد العالم اقليدس الذي فصل علم الهندسة، ومن هنا نسبت إليه: "الهندسة الاقليدية". 2) علم الفلك:انفصل علم الفلك عن الفلسفة قبل علم الطبيعة،.وهو أقرب إلى العلوم الرياضية منه إلى العلوم الطبيعية. ويعد "أرسطو" مسئولاً عن تأخر هذا العلم، لأن نظرياته التي قال بها حول الفلك كانت خاطئة. وقد لقي العلماء الذين حاولوا تفسير علم الفلك تفسيراً جديداً، صعوبة كبيرة جداً، لأنهم كانوا يواجهون آراء أرسطو التي آمن بها الناس زمناً طويلاً، كما كانوا يواجهون رجال الكنيسة الذين سيطروا على العلم والسياسة، وحرموا الحرية الفكرية، وهي الشرط الأساسي لتقدم العلم والفلسفة. 3) علم الكيمياء:عاش (لافوازييه) في إبان الثورة الفرنسية، فكان أثراً من آثارها، واكتوى آخر عمره بنارها. وقال لافوازييه: "لست أنا الذي أتكلم، ولكني أدع الوقائع هي التي تتكلم" وهو قول يدل في مجمله على أن العلم مستقل تمام الاستقلال عن الإنسان، لأن قوانينه تجري من تلقاء نفسها، وعلى الإنسان أن يبحث عنها، دون أن يفرض عليها وجهة نظره المبحث الخامس : معنى الفلسفة الحديثة الفلسفة: لغة: (فلسف : الفَلْسفة: الـحِكْمة، أَعجمي، وهو الفَـيْلسوف وقد تَفَلْسَفَ وقد انتقلت لفظة فلسفة إلى اللغة العربية من اللغة اليونانية، وأصبحت من الألفاظ المعرّبة التي يجري عليها التصريف والاشتقاق، فيقال: فلسف يتفلسف ومتفلسف وفيلسوف...إلخاصطلاحاً: عرّفت الفلسفة بتعريفات عديدة، من أهمها مايلي:1. الفلسفة هي: (حب الحكمة) أو (إيثار الحكمة).2. الفلسفة هي: (التشبه بأفعال الله تعالى، بقدر طاقة الإنسان).3. الفلسفة هي: (العناية بإماتة الشهوات).وفي العصور الحديثة تعرف الفلسفة بأنها: دراسة المبادئ الأولى، التي تفسر المعرفة تفسيراً عقلياً.. ومن الملاحظ على التعريفات الحديثة،ميلها بالفلسفة تجاه نظرية المعرفة. ويعرّف هسرل ــ أحد الفلاسفة المعاصرين ــ الفلسفة على أنها: (علم بالمبادئ الحقيقية وبالأصول، وبجذور الكل. ويقابل هسرل، ألويس ريل، إذ يرى أن الفلسفة هي: (علم الشعور، وهي الإدراك العلمي للشعور وموضوعاته وقوانينه. وقد اختلف في تحديد الفترة الزمنية للفلسفة الحديثة على رأيين: 1) إن الفلسفة المعاصرة هي فلسفة القرن العشرين. 2) لا تقتصر الفلسفة المعاصرة على فلسفة القرن العشرين، بل تضم فلسفة القرن التاسع عشر وما أنجزته من تيارات عميقة تتصل بالإنسان والكون والمجتمع. المبحث السادس: مميزات وخصائص الفلسفة الحديثة كان للفلسفة الحديثة خصائص وميزات تميزت بها عن غيرها، نود هنا أن نلمح سريعاً لشيء من تلك الخصائص، ولكن قبل الخوض في المراد أشير إلى أنه من الصعب تحديد فكرٍ معينٍ تحديداً دقيقاً، يقول الدكتور بيصار في ذلك: (كانت محاولات المؤرخين للفكر الإنساني شاقة ومضنية، بل وبالغة غاية التعقيد. فكلما حاولوا أن يحددوا خصائصه ويفصلوا مميزاته، في كل طور من أطواره، أمعنوا في الغموض، وأوقعوا في الحيرة. وكلما قصدوا بيان إلى بيان واضح يسترشد به الباحثون والدارسون في تبويب المعرفة الإنسانية وتصنيفها، شط بهم القصد، وذهب بهم الجهد بعيداً عن مرمى غايتهم وتحقيق غرضهم.* تميزت الفلسفة الحديثة بما يلي: 1. حرية الفكر: بحيث لا يؤمن المفكر بأي رأي، إلا بعد إمعان الفكر والنظر، ومن هنا استقلت الفلسفة عن الدين، فوجدت فلسفة الحادية، وأخرى تتحدث عن المسيحية لكن على أنها مجرد عاطفة دينية فقط، وثالثة تشيد بالعلم الآلي. 2. اصطناع منهج جديد:بحيث يوصل إلى المعرفة الصحيحة. 3. اتجاه الفلسفة إلى احتواء جميع العلوم: هذا مع ملاحظة أن هذه الصفة الثالثة، قد تغيرت منذ بدأت العلوم تتقلص عن شجرة الفلسفة. 4. العناية بالإنسان: في كل ما يملأ وجوده الواقعي في عالمي الأشياء والأغيار (الأشخاص الآخرين). وتتمثل هذه الفلسفة في بيكون وديكارت، إلا أن بيكون صاحب منهج تجريبي، موصل إلى معرفة العلوم الطبيعية، بينما ديكارت صاحب منهج عقلي رياضي يقوم على الوضوح، ويصلح للبحث في الفلسفة العامة.**** **** **** هذا ماتيسر جمعه باختصار حول هذا الموضوع، وإلا فهو موضوع طويل يحتاج إلى عدة مصنفات... الموضوع الأصلي: الفلسفة الحديثة و نشأتها || الكاتب: جنونـ حرفـ || المصدر: حروف الأدبhttps://www.7rowf.net الحقوق محفوظة لـ شبكة حروف الأدبhttps://www.7rowf.net/vb/threads/9130...aa%d9%87%d8%a7









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مرجع, يبدة, ساساعده


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:17

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc