الحديث وعلومه - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-04, 06:28   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صفات الحور العين في الكتاب والسنة

السؤال:

ما وصف الحور العين مما ورد في الكتاب والسنة ؟

والزوجة الصالحة في الدنيا ماذا يكون شكلها أو وصفها في الجنة إذا أراد الله لها الجنة ؟ .


الجواب:

الحمد لله

أولاً :

إن رضى الرحمن ودخول الجنان هو غاية ما يتمناه المؤمن والمؤمنة ، فإذا خرج من الدنيا وقد فاز برضوان الله فليبشر بعد ذلك بالخير كله

فإذا دخل الجنة فلا يسأل بعد ذلك عن النعيم المقيم ، الذي لم تره عين ، ولم تسمع به أذن ، ولم يخطر على قلب بشر ، فيحصل له كل ما يتمناه بأحسن أحواله ، وكل ما يطلبه مجاب

وكل ما يشتهيه في متناوله ، ولا يمكن أبداً أن يجد ما يعكر صفوه لأنه في ضيافة الرحمن

كما قال سبحانه : ( وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ . نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فصلت/31،32 .

ومن أحسن ما تشتهيه الأنفس في الآخرة للرجال نساء الجنة ، وهن الحور العين ، وللنساء ما يقابله من النعيم ، ومن حكمة الله العظيمة أن الله لم يذكر ما للنساء مقابل الحور العين للرجال

لأن ذلك من دواعي الخجل وشدة الحياء ، فكيف يرغبهن في الجنة بما يثير حياءهن ويستحيين من ذكره والكلام فيه ، فاكتفى سبحانه بالإشارة إليه كما في قوله : ( وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ) فصلت/31 .

وقد جاء في كتاب الله تعالى وصف للحور العين في أكثر من موضع ، ومن ذلك :

1. قوله تعالى في ذكر جزاء أهل الجنة : ( وَحُورٌ عِينٌ . كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ) الواقعة/22، 23 .

قال السعدي رحمه الله :

" أي : ولهم حور عين ، والحوراء : التي في عينها كحل وملاحة ، وحسن وبهاء ، والعِين : حسان الأعين وضخامها ، وحسن العين في الأنثى من أعظم الأدلة على حسنها وجمالها .

( كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ) أي : كأنهن اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي البهي ، المستور عن الأعين والريح والشمس ، الذي يكون لونه من أحسن الألوان ، الذي لا عيب فيه بوجه من الوجوه

فكذلك الحور العين ، لا عيب فيهن بوجه ، بل هن كاملات الأوصاف ، جميلات النعوت . فكل ما تأملته منها لم تجد فيه إلا ما يسر الخاطر ويروق الناظر " انتهى .

" تفسير السعدي " (ص 991) .

2. قوله تعالى : ( كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ) الرحمن/58 .

قال الطبري رحمه الله :

" قال ابن زيد في قوله ( كأنهن الياقوت والمرجان ) : كأنهن الياقوت في الصفاء , والمرجان في البياض ، الصفاء صفاء الياقوتة ، والبياض بياض اللؤلؤ " انتهى .

" تفسير الطبري " ( 27 / 152 ) .

3. قوله تعالى في وصف نساء الجنة في سورة الواقعة : ( إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً . فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا . عُرُبًا أَتْرَابًا ) الواقعة/35-37 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" قوله ( عُرُباً ) : قال سعيد بن جبير عن ابن عباس يعني : متحببات إلى أزواجهن ، وعن ابن عباس : العُرُب العواشق لأزواجهن , وأزواجهن لهن عاشقون .........

وقوله ( أَتْرَابا ) قال الضحاك عن ابن عباس يعني : في سن واحدة ثلاث وثلاثين سنة ........

وقال السدي : ( أترابا ) أي : في الأخلاق المتواخيات بينهن ليس بينهن تباغض ولا تحاسد ، يعني : لا كما كن ضرائر متعاديات " انتهى .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 294 ) .

وقال الحافظ ابن حجر :

عن مجاهد في قوله ( عُرُباً أتراباً ) قال : هي المحببة إلى زوجها .

" فتح الباري " ( 8 / 626 ) .

4. وقال تعالى في وصفهن : ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) الرحمن/70 .

قال ابن القيم :

ووصفهن بأنهن خيرات حسان وهو جمع خَيْرة وأصلها خَيّرة وهي التي قد جمعت المحاسن ظاهرا وباطنا , فكمل خلقها وخلقها فهن خيرات الأخلاق , حسان الوجوه .

" روضة المحبين " ( ص 243 ) .

5. ووصفهن بالطهارة فقال : ( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/25 .

قال ابن القيم :

ووصفهن بالطهارة فقال : ( ولهم فيها أزواج مطهرة ) طهرن من الحيض والبول والنجو (الغائط) وكل أذى يكون في نساء الدنيا ، وطهرت بواطنهن من الغيرة وأذى الأزواج وتجنيهن عليهم وإرادة غيرهم .

" روضة المحبين " ( ص 243 ، 244 ) .

6. ووصفهن تعالى بأنهن قاصرات أطرافهن عن غير أزواجهن فقال : ( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ) الرحمن/56 ، وقال : ( حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) الرحمن/72 .

قال ابن القيم :

ووصفهن بأنهن ( مقصورات في الخيام ) أي : ممنوعات من التبرج والتبذل لغير أزواجهن ، بل قد قُصِرْن على أزواجهن ، لا يخرجن من منازلهم ، وقَصَرْنَ عليهم فلا يردن سواهم

ووصفهن سبحانه بأنهن ( قاصرات الطرف ) وهذه الصفة أكمل من الأولى ، فالمرأة منهن قد قصرت طرفها على زوجها من محبتها له ورضاها به فلا يتجاوز طرفها عنه إلى غيره .

" روضة المحبين " ( ص 244 ) .

هذا طرف من ذكرهن في القرآن ، وقد جاء في السنة ما تحار فيه العقول في وصف جمالهن وحسنهن ، ومن ذلك :

1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر , ثم الذين يلونهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة ,

قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض , لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين , يرى مخ سوقهن من وراء العظم واللحم من الحسن )

رواه البخاري ( 3081 ) ومسلم ( 2834 ) .

قال ابن حجر رحمه الله :

الحور التي يحار فيها الطرف يبان مخ سوقهن من وراء ثيابهن , ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون .

" فتح الباري " ( 8 / 570 ) .

2. وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما , ولملأت ما بينهما ريحا , ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ) رواه البخاري ( 2643 ) .

فلو أطلت بوجهها لأضاءت ما بين السماء والأرض ، فأي نور وجمال في وجهها ! وطيبُ ريحها يملأ ما بين السماء والأرض ، فما أجمل ريحها !

وأما لباسها ؛ فإن كان المنديل الذي تضعه على رأسها خير من جمال الدنيا وما فيها من متاع وروعة وطبيعة خلابة وقصور شاهقة وغير ذلك من أنواع النعيم ، فسبحان خالقها ما أعظمه ، وهنيئا لمن كانت له وكان لها .

ثانياً :

وحال المؤمنة في الجنة أفضل من حال الحور العين وأعلى درجة وأكثر جمالا ، وقد ورد في ذلك بعض الأحاديث والآثار ولكن لا يثبت منها شيء

ولكن المرأة الصالحة من أهل الدنيا إذا دخلت الجنة فإنما تدخلها جزاء على العمل الصالح وكرامة من الله لها لدينها وصلاحها

أما الحور التي هي من نعيم الجنة فإنما خلقت في الجنة من أجل غيرها وجعلت جزاء للمؤمن على العمل الصالح ، وشتان بين من دخلت الجنة جزاء على عملها الصالح

وبين من خلقت ليُجَازَى بها صاحب العمل الصالح ، فالأولى ملكة سيدة آمرة ، والثانية على عظم قدرها وجمالها إلا أنها لا شك دون الملكة وهي مأمورة من سيدها المؤمن الذي خلقها الله تعالى جزاء له .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

هل الأوصاف التي ذكرت للحور العين تشمل نساء الدنيا ؟

فأجاب :

الذي يظهر لي أن نساء الدنيا يكنَّ خيراً من الحور العين ، حتى في الصفات الظاهرة ، والله أعلم .

" فتاوى نور على الدرب ( شريط رقم 282 ) " .

نسأل الله العظيم أن يؤتينا أفضل ما يؤتي عباده الصالحين .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 06:35   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ما العدد الحقيقي للحور العين للمسلم في الجنة؟

السؤال

: ما العدد الحقيقي للحور العين للمسلم في الجنة؛ فقد سمعت أن للمسلم حوريتان، وسمعت شيخا آخر يقول: إن للمسلم مائة حورية، وفي كتاب "حادي الأرواح لبلاد الأفراح" لابن القيم أن للمسلم عددا - لا أذكره من الحور - وأربع آلاف بكر، وثمانية آلاف أمة؟

الجواب :

الحمد لله


الصحيح الثابت في السنة النبوية هو الحديث عن زوجتين للمؤمن في الجنة، كما ثبت في "صحيح البخاري" (3245)، وفي "صحيح مسلم" (2834)

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ)

وقد وردت بعض ألفاظ هذا الحديث تقيد الزوجتين بوصفهما من الحور العين، وروايات أخرى مطلقة دون تقييد.

وأما الزيادة على ذلك – سواء على سبيل الزواج أو على سبيل التسري - فقد ورد فيها حديث صحيح ، لكنه غير صريح، وأحاديث أخرى صريحة ولكنها غير صحيحة. سيأتي نقلها في كلام العلماء .

والمقصود هنا : بيان الحاصل من هذه الأحاديث، وهو ما قاله ابن قيم الجوزية رحمه الله:

"لا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنتين

لما في الصحيحين [البخاري (3243)، ومسلم (2838)]

من حديث أبي عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ مجوفة طولها ستون ميلا ، للعبد المؤمن فيها أهلون ، فيطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضا)"

انتهى من "حادي الأرواح" (ص232)

ولمزيد من العلم ننقل هنا أقوال العلماء التي وقفنا عليها في عدد ما للمسلم في الجنة من النساء، وخلاصتها ما قررناه أعلاه، ولا نرى أكثر ما سنسرد من أقوال متعارضا معه، فالفارق أننا لم نخض في التفرقة بين ما له من نساء الدنيا، وما له من الحور العين:

القول الأول:

له زوجتان من نساء الدنيا، وله من الحور العين سوى ذلك بحسب عمله، دون تحديد بعدد.

يقول ابن تيمية رحمه الله:

"وقد صح : لكل رجل من أهل الجنة زوجتان من الإنسيات ، سوى الحور العين" انتهى من "مجموع الفتاوى" (6/ 432)

ويقول ابن كثير رحمه الله:

"المراد من هذا أن هاتين من بنات آدم، وله غيرهما من الحور العين ما شاء الله عز وجل"

انتهى من "البداية والنهاية" (20/341)

وزاد بعض العلماء بأن الزوجتين هما أقل ما يكون، وإلا فالعدد في زيادة.

يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله:

"قوله: (ولكل واحد منهم زوجتان) أي: من نساء الدنيا؛ فقد روى أحمد من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا - في صفة أدنى أهل الجنة منزلة -: (وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة

سوى أزواجه من الدنيا) وفي سنده شهر بن حوشب، وفيه مقال. ولأبي يعلى في حديث الصور الطويل من وجه آخر عن أبي هريرة في حديث مرفوع: (فيدخل الرجل على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله، وزوجتين من ولد آدم)

وأخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد رفعه: (إن أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم، وثنتان وسبعون زوجة) وقال: غريب. ومن حديث المقدام بن معد يكرب عنده: (للشهيد ست خصال) الحديث.

وفيه: (ويتزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين) وفي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه والدارمي رفعه: (ما أحد يدخل الجنة إلا زوجه الله ثنتين وسبعين من الحور العين، وسبعين وثنتين من أهل الدنيا) وسنده ضعيف جدا.

وأكثر ما وقفت عليه من ذلك ما أخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث من حديث عبد الله بن أبي أوفى رفعه: (إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء

أو إنه ليفضي إلى أربعة آلاف بكر، وثمانية آلاف ثيب) وفيه راو لم يسم. وفي الطبراني من حديث ابن عباس: (إن الرجل من أهل الجنة ليفضي إلى مائة عذراء).

وقال ابن القيم: ليس في الأحاديث الصحيحة زيادة على زوجتين

سوى ما في حديث أبي موسى: (إن في الجنة للمؤمن لخيمة من لؤلؤة له فيها أهلون، يطوف عليهم) .

قلت: الحديث الأخير صححه الضياء.

وفي حديث أبي سعيد عند مسلم في صفة أدنى أهل الجنة: (ثم يدخل عليه زوجتاه) .

والذي يظهر أن المراد أن أقل ما لكل واحد منهم زوجتان" انتهى من "فتح الباري" (6/ 325)

لكن رفض آخرون أن تكون الزيادة في زوجات نساء الدنيا، وإنما في السراري من الحور العين فحسب.

واختلف كلام ابن قيم الجوزية رحمه الله، فتحدث في بداية المقام عن زوجتين من الحور العين، والزيادة في السراري بحسب العمل، ثم أكد في آخر المقام أن المؤمن له أكثر من اثنتين دون شك أو ريب، ولكن هكذا بإطلاق، فلم يحدد اثنتين من أزواج نساء الدنيا، أم من الحور العين، أم غير ذلك.

يقول رحمه الله:

"(لكل امرئ منهم زوجتان) والظاهر أنهن من الحور العين"

انتهى من "حادي الأرواح" (ص: 125)

ويقول ابن قيم الجوزية رحمه الله –

بعد أن ساق الأحاديث التي سبقت في كلام ابن حجر في عدد ثنتين وسبعين من الحور العين -:

"والأحاديث الصحيحة إنما فيها إن لكل منهم زوجتين، وليس في الصحيح زيادة على ذلك، فإن كانت هذه الأحاديث محفوظة:

فإما أن يراد بها ما لكل واحد من السراري زيادة على الزوجتين، ويكونون في ذلك على حسب منازلهم في القلة والكثرة، كالخدم والولدان.

وإما أن يراد أنه يعطي قوة من يجامع هذا العدد، ويكون هذا هو المحفوظ، فرواه بعض هؤلاء بالمعنى فقال: له كذا وكذا زوجة.

وقد روى الترمذي في جامعه من حديث قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يطيق ذلك

قال يعطى قوة مائة) هذا حديث صحيح. فلعل من رواه (يفضي إلى مائة عذراء) رواه بالمعنى. أو يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات. والله أعلم"

انتهى من "حادي الأرواح" (ص: 157)

القول الثاني:

له زوجتان من نساء الدنيا، وسبعون من الحور العين، هذا في أقل ما يكون، ولا حد للأكثر.

يقول العراقي رحمه الله:

"الزوجتان من نساء الدنيا، والزيادة على ذلك من الحور العين... قد تبين ببقية الروايات أن الزوجتين أقل ما يكون لساكن الجنة من نساء الدنيا، وأن أقل ما يكون له من الحور العين سبعون زوجة. وأما أكثر ذلك فلا حصر له .

.. وروى الترمذي من رواية ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه، وأزواجه، ونعيمه، وخدمه، وسرره، مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية)"

انتهى من " طرح التثريب في شرح التقريب" (8/ 270)

القول الثالث:

له زوجتان من الحور العين في أقل تقدير، وله زيادة على ذلك بحسب كل واحد.

يقول ابن رجب رحمه الله:

"هاتان الزوجتان من الحور العين، لا بد لكل رجل دخل الجنة منهما، وأما الزيادة على ذلك، فتكون بحسب الدرجات والأعمال، ولم يثبت في حصر الزيادة على الزوجتين شيء"

انتهى من " التخويف من النار" (ص: 268)

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

"لكل واحد زوجتان من الحور العين غير زوجاته من الدنيا، وغير ما يعطى من الزوجات الأخريات من الحور العين، وكل واحد لا ينقص عن زوجاته من الحور العين مع ما له من زوجات من الدنيا"

انتهى من " دروس للشيخ عبد العزيز بن باز" (4/ 21، بترقيم الشاملة آليا)

ويقول أيضا رحمه الله:

"يعطى كل زوج من الحور العين ما شاء الله منهن، على حسب أعماله الصالحة وتقواه لله جل وعلا، ولكل واحد زوجتان من الحور العين، غير ما يعطى منهن زيادة على ذلك، كل واحد له زوجتان من الحور العين، هذا أمر معلوم، لكن الزيادة الله الذي يعلم مقدارها"

انتهى من "فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر" (4/ 351)

والخلاصة :

أنه لم يرد حديث صحيح – بحسب كلام ابن القيم وابن حجر – في تحديد ما للمؤمن من الحور العين في الجنة .

ويتفق العلماء أن له زوجتين في أقل تقدير، ويختلفون في تحديدهما عن كانتا من الحور العين أم من نساء الدنيا.

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-07, 10:00   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
بـــيِسَة
مشرفة الخيمة
 
الصورة الرمزية بـــيِسَة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اخي
دمت محب الاسلام










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-10, 18:22   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
sat_mohamed
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل الخير وجعله في ميزان حسناتك










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 05:02   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الانيقة بيسة مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك اخي
دمت محب الاسلام

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

لنا جميعا اللهم امين

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير



.... احترامي و تقديري ....









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 05:04   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sat_mohamed مشاهدة المشاركة
جزاك الله كل الخير وجعله في ميزان حسناتك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اكرمتني بتواجدك المميز مثلك
و بقولك ادام الله مرورك العطر

بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير



.... احترامي و تقديري ....









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 05:14   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




الموقف من اختلاف ألفاظ الحديث الواردة المتقاربة والمتغايرة وذِكر أمثلة منهما

السؤال:

هناك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ترد روايات ألفاظها مختلفة ولا أعلم ما الأصح بينها : الحديث الأول : ( اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي ) .

* قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ) . . . . . . . . . . . . . . . .

. الحديث الثاني : عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها ، قَالَت : قلتُ يَا رَسُول الله ، أرأيتَ إنْ علمتُ أيَّ لَيْلَة الْقدر مَا أَقُول فِيهَا ؟ قَالَ : ( قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْوٌّ تحب الْعَفْو فَاعْفُ عني ) . * ( اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْوٌّ كَرِيمٌ تحب الْعَفْو فَاعْفُ عَنِّي ) صحيح الترمذي . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحديث الثالث : عند الاستيقاظ من النوم ليلا ًوالدعاء بالمأثور في ذلك وهو قوله : ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ ) . هناك روايات أخرى له . . . . . . . . . . . . . . . .

الحديث الرابع : عن عائشة : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه في شيء يخفيه من عائشة ، وعائشة تصلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَلَيْكِ بِالْكَوَامِلِ - أَوْ : كَلِمَةً أُخْرَى - فَلَمَّا انْصَرَفَتْ عَائِشَةُ سَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا :

( قُولِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَسْتَعِيذُكَ مِمَّا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا ) . * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : ( عَلَيْكِ بِالْجَوَامِعِ الْكَوَامِلِ

قُولِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأَسْتَعِيذُكَ مِمَّا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ) . . . . . . . . . . . . . . . . .

* عَنْ أبي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) صحيح مسلم .

* ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجِدِّي وَخَطَايَاي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي ) البخاري مع " الفتح " . . . . . . . . . . . . . . . . . *

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) سنن أبي داود ، والترمذي ، وصححه الألباني . * رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الغَفُورُ ) صحيح الترمذي وصحيح ابن ماجه . **

* فما هي الرواية الأصح من بين الروايات لهذه الأحاديث لأني أريد العمل بها ؟ . وجزاكم الله خيراً .


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

تختلف ألفاظ الروايات في الأمر الواحد ، ويكون بين تلك الروايات مغايرة في الألفاظ أحياناً ، ومن أشهر تلك الأسباب التي ينبغي معرفتها : تعدد الرواة النقَلة لألفاظ ذلك الحديث الواحد المتكرر .

وأما الاختلاف الحاصل في ألفاظ رواياتهم فهو لا يخرج عن حالين :

أ. أن يكون اختلافاً يسيراً في حروف يسيرة ، وسبب ذلك الاختلاف في الألفاظ المنقولة يكون تبعاً لحفظهم ، ولضبطهم .

وفي هذه الحال يتساهل في العمل بأية رواية من تلك الروايات ، إلا أن البحث عن أصح الروايات ، وأضبط الرواة ، والعمل برواية من يروي باللفظ لا بالمعنى : هو الذي ينبغي على العامل عند الترجيح بين تلك الروايات .

ب. أن تكون الألفاظ متغايرة فيما ينقلونه بعضهم عن بعض ، وسبب ذلك أن يكون ذلك الأمر ، أو تلك العبادة لها ألفاظ متعددة في أدعيتها ، وأذكارها ، كألفاظ الأذان

والإقامة ، وأدعية الاستفتاح ، وأذكار النوم ، فالحديث في كل ذلك واحد ، ولكنه لما كان متكرراً تعددت الألفاظ فيه ، ونتج من ذلك تعدد الروايات والنقل فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني – رحمه الله - :

فهذا القسم أمره هيِّن ، وإشكاله سهل ؛ لأنه قد علم أنه صلى الله عليه وآله وسلم في الأفعال المتكررة مثل أذكار الصلاة - التي ذكرنا - كان يعلمهم ، فمن روى رواية وصحت أو حسنت طرقها كتشهد ابن عباس

مثلاً - ، وتشهد ابن مسعود : فهما حديثان صحيحان اختلفت ألفاظهما والكل مرفوع ، فمثل هذا ومثل ألفاظ الأذان وغير ذلك محمول على تعداد التعليم منه صلى الله عليه وآله

وعلِم كل ما رآه صلى الله عليه وآله وسلم توسعة على العباد ، فهم مخيرون بأي رواية عملوا أجروا واقتدوا وامتثلوا ، فمن ربَّع في التكبير ورجَّع : فليس عليه نكير ، ومن ترك التربيع : فكذلك

إذ الكل مروي بأحاديث معمول بها دالة على التخيير للعباد ، وكذلك ألفاظ التشهد والتوحيد من أتى بأيها ممن روى بطرق معمول بها : فهو بالخيار في ذلك .

انتهى من " رسالة في اختلاف ألفاظ الحديث النبوي " .

وهي رسالة علمية قيمة ، قليلة الصفحات ، عظيمة النفع .

ثانياً:

لاختلاف الألفاظ في العبادة والشعيرة الواحدة حِكَمٌ متعددة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

العبادات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على أنواع يشرع فعلها على جميع تلك الأنواع لا يكره منها شيء ، وذلك مثل أنواع التشهدات ، وأنواع الاستفتاح

ومثل الوتر أول الليل وآخره ، ومثل الجهر بالقراءة في قيام الليل والمخافتة ، وأنواع القراءات التي أنزل القرآن عليها ، والتكبير في العيد ، ومثل الترجيع في الأذان وتركه ، ومثل إفراد الإقامة وتثنيتها .

" مجموع الفتاوى " ( 22 / 335 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

والعلماءُ رحمهم الله اختلفوا في العبادات الواردة على وجوهٍ متنوِّعة ، هل الأفضل الاقتصار على واحدة منها ، أو الأفضل فِعْلُ جميعها في أوقات شتَّى ، أو الأفضل أنْ يجمعَ بين ما يمكن جَمْعُه ؟ والصَّحيح :

القول الثاني الوسط ، وهو أن العبادات الواردة على وجوهٍ متنوِّعة تُفعل مرَّة على وجهٍ ، ومرَّة على الوجه الآخر ، فهنا الرَّفْعُ وَرَدَ إلى حَذوِ منكبيه ، ووَرَدَ إلى فُرُوع أُذنيه ؛ وكُلٌّ سُنَّة

والأفضل : أن تَفعلَ هذا مرَّة ، وهذا مرَّة ؛ ليتحقَّقَ فِعْلُ السُّنَّةِ على الوجهين ، ولبقاء السُّنَّةِ حيَّة ؛ لأنك لو أخذت بوجهٍ وتركت الآخر : مات الوجهُ الآخر ، فلا يُمكن أن تبقى السُّنَّةُ حيَّة إلا إذا كُنَّا نعمل بهذا مرَّة

وبهذا مرَّة ، ولأن الإِنسان إذا عَمِلَ بهذا مرَّة وبهذا مرَّة : صار قلبُه حاضراً عند أداء السُّنَّة ، بخلاف ما إذا اعتاد الشيء دائماً فإنه يكون فاعلاً له كفعل الآلة عادة ، وهذا شيء مشاهَد

ولهذا مَن لزم الاستفتاح بقوله : " سبحانك اللهمَّ وبحمدك " دائماً : تجده مِن أول ما يُكبِّر يشرع بـ " سبحانك اللهم وبحمدك " مِن غير شعور ؛ لأنه اعتاد ذلك

لكن لو كان يقول هذا مرَّة ، والثاني مرَّة صار منتبهاً ، ففي فِعْلِ العباداتِ الواردة على وجوهٍ متنوِّعة فوائد :

1 . اتِّباعُ السُّنَّة .

2. إحياءُ السُّنَّة .

3. حضورُ القلب .

وربما يكون هناك فائدة رابعة : إذا كانت إحدى الصِّفات أقصرَ مِن الأخرى - كما في الذِّكرِ بعد الصَّلاةِ - فإن الإِنسان أحياناً يحبُّ أن يُسرع في الانصراف ؛ فيقتصر على " سبحان الله " عشر مرات

و " الحمد لله " عشر مرات ، و " الله أكبر " عشر مرات ، فيكون هنا فاعلاً للسُّنَّة قاضياً لحاجته ، ولا حَرَجَ على الإِنسان أن يفعل ذلك مع قصد الحاجة

كما قال تعالى في الحُجَّاج : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) البقرة/ 198 .

" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 3 / 8 ) .

ثالثاً:

أما اختلاف الرواة في روايتهم للحدث الواحد غير المتكرر ، وللقصة الواحدة غير المتعددة : فهنا لا يمكن لطالب العلم والعامل إلا أن يرجح بين الروايات ، فيأخذ أقواها ، ويعمل بأصحها إسناداً ، إذا كان المعنى يختلف باختلاف تلك الروايات

قال الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني – رحمه الله – بعد أن فصَّل في السبب الأول - :

الثاني من الوجوه : أن تتحد القصة وتختلف الألفاظ فيها :

وهذا هو المشكل ، وذلك واقع كثيراً ، كقضية بيع جمَل جابر وشرائه صلى الله عليه وسلم له منه ، فإنه اختلف لفظه في القيمة ، وفي اشتراطه ركوبه إلى المدينة

وكاختلافهم في ركوعات صلاة الكسوف مع أنه لم يصلها إلا مرة واحدة ، بخلاف صلاة الخوف فإنه صلاها مراراً على وجوه مختلفة فهي من القسم الأول ، وكاختلافهم في حجه

وكل منهم روى أنه حج صلى الله عليه وآله وسلم حجّاً مفرداً ، وآخرون رووا أنه تمتع ، وآخرون أنه قارن ، وهي في واقعة واحدة ، وحجة واحدة

ونحو هذه الصور ، وهو كثير : فهذا لا بد فيه من النظر في الروايات وطرقها ، والصحيح منها والراجح من المرجوح ، وهو شيء عسير إلا على من سهله الله .

انتهى من " رسالة في اختلاف ألفاظ الحديث النبوي " .

رابعاً:

أما بخصوص الأحاديث التي ذكرها الأخ السائل :

1. فاللفظ الأول في الحديث الأول : رواه النسائي ( 1305 ) ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي " من حديث عمَّار بن ياسر رضي الله عنه .

واللفظ الثاني : رواه البخاري ( 5990 ) ومسلم ( 2680 ) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .

وكلا الحديثين مختلفان في المخرج ، وليس أحدهما بأولى بالعمل من الآخر ، بل يُعمل بكليهما ، لكن لا يقال هذا الدعاء إلا عند وقوع الضرر وخشية الفتنة على الدين .

قال أبو الحسن المباركفوري – رحمه الله - :

قوله ( أحيني ) إلى قوله ( خيرًا لي ) ثابت في الصحيحين من حديث أنس بلفظ ( اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي ) وهو يدل على جواز الدعاء بهذا ، لكن عند نزول الضرر ، كما وقع التقييد بذلك في حديث أنس المذكور .

" مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 8 / 278 ) .

2. واللفظ الأول في الحديث الثاني : رواه الترمذيّ ( 3513 ) وصححه ، والنَّسائيّ في " الكبرى " ( 6 / 218 ) وابن ماجه ( 3850 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وأما اللفظ الثاني وهو ( اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْوٌّ كَرِيمٌ تحب الْعَفْو فَاعْفُ عَنِّي ) : فإن الزيادة الواردة في الحديث وهي " كريم " : زيادة لا أصل لها ، ونسبتها للترمذي خطأ –

وهي موجودة في كثير من نسخ سنن الترمذي - ، ولم يروها الترمذي – في الواقع - ولا غيره .

قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :

وقع في "سنن الترمذي " بعد قوله : ( عفو ) زيادة : " كريم " ! ولا أصل لها في شيء من المصادر المتقدمة

ولا في غيرها ممن نقل عنها ، فالظاهر أنها مدرجة من بعض الناسخين ، أو الطابعين ؛ فإنها لم ترِد في الطبعة الهندية من " سنن الترمذي " التي عليها شرح " تحفة الأحوذي " للمباركفوري ( 4 / 264 )

ولا في غيرها ، وإن مما يؤكد ذلك : أن النسائي في بعض رواياته أخرجه من الطريق التي أخرجها الترمذي ، كلاهما عن شيخهما " قتيبة بن سعيد " بإسناده دون الزيادة .

وكذلك وقعت هذه الزيادة في رسالة أخينا الفاضل علي الحلبي :

" مهذب عمل اليوم والليلة لابن السني " ( 95 / 202 ) ، وليست عند ابن السني ؛ لأنه رواه عن شيخه النسائي - كما تقدم - عن قتيبة ، ثم عزاه للترمذي ، وغيره ! ولقد كان اللائق بفن التخريج أن توضع الزيادة بين معكوفتين كما هو

المعروف اليوم [ ] ، وينبَّه أنها من أفراد الترمذي ، وأما التحقيق : فيقتضي عدم ذكرها مطلقاً ؛ إلا لبيان أنه لا أصل لها ، فاقتضى التنبيه .

" السلسلة الصحيحة " ( 13 / 140 ) .

فالرواية الثانية فيها كلام ، فعليك بالأولى ؛ فإنها أصح .

3. وأما الحديث الثالث : فقد رواه البخاري ( 1103 ) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .

وقولك " هناك روايات أخرى له " : فالجواب عليه : أن الحديث ليس فيه روايات مختلفة ، ولو وُجد : فعليك برواية الإمام البخاري ، وتكفيك .

4. وأما اللفظ الأول في الحديث الرابع : فقد رواه الحاكم ( 1 / 702 ) ، وباختلاف يسير في أوله – فقط - رواه أحمد ( 42 / 67 ) وصححه محققوه .

ورواه ابن ماجه ( 3846 ) بنحو تلك الألفاظ ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .

وأما اللفظ الثاني : فهو الحديث السابق نفسه لكن من غير زيادة ( بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ) ، وقد نسبها الحافظ العراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " لابن ماجه ، والحاكم ، وليس فيهما تلك الجملة .

ولم نجد سبباً يجعلنا نقول بصحة هذه الزيادة ، فيُكتفى بالرواية السابقة دونها .

5. وأما اللفظ الأول في الحديث الخامس : فليس هو في " مسلم " وحده ، بل هو في الصحيحين : البخاري ( 6035 ) ومسلم ( 2719 ) .

وأما اللفظ الثاني : فرواه البخاري ( 6036 )

وهو ذات الحديث السابق لكنه أخصر منه .

وقد علَّق الحافظ ابن حجر رحمه الله على لفظة ( خَطَاياي ) فقال :

قوله ( اغفر لي خطاياي وعمدي ) وقع في رواية " الكشميهني " في طريق إسرائيل ( خطئي ) ، وكذا أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " بالسند الذي في الصحيح ، وهو المناسب لذكر العمد ، ولكن جمهور الرواة على الأول .

والخطايا جمع خطيئة ، وعطف العمد عليها من عطف الخاص على العام ؛ فإن الخطيئة أعم من أن تكون عن خطأ وعن عمد ، أو هو من عطف أحد العامين على الآخر .

" فتح الباري " ( 11 / 198 ) .

فلا تعارض بين الروايتين ، وليس ثمة صحيح وأصح ، فاذكر ربك تعالى بأي الصيغتين شئت ، ولا يخفى أن الرواية الأولى أوسع .

6. وأما اللفظ الأول في الحديث السادس : فرواه أبو داود ( 1516 ) وابن ماجه ( 3814 )

والنسائي في " الكبرى " ( 6 / 119 ) ، ولم يروه الترمذي بهذا اللفظ .

وأما اللفظ الثاني : رواه الترمذي ( 3434 )

والنسائي في " الكبرى " ( 6 / 119 ) .

وكلا الروايتين صحيحة ، وليس مخرجهما واحداً ، وهو من اختلاف التنوع ، وبأي الصيغتين استغفرت ربَّك تعالى أُجرت إن شاء الله .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 05:23   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

في تفسير النار الحاشرة التي تحشر الناس إلى أرض المحشر ، وبيان صفتها ووقتها .

السؤال :

في الحديث الذي رواه مسلم عن علامات يوم القيامة الكبرى أنه عليه الصلاة والسلام قال : " إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ....

. وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم " ورواه أبو داود : " وآخر ذلك نار تخرج من اليمن من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر " . ما أعرفه أن أرض المحشر أرض بيضاء جديدة ..

وهي الموصوفة بالساهرة " فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة " .. فهذه النار الحاشرة (في الحديث) هل يكون معناها أنها نار تكون على شرار الخلق الباقين قبل يوم القيامة

.. تجعلهم يذهبون إلى مكان حشر (أي مكان موتهم) أم أنها تجعلهم يذهبون إلى أرض الحشر يوم القيامة ؟ .

. وكيف يكون ذلك والله يقول عن يوم القيامة " يوم تبدل الأرض غير الأرض " .. ثم هذه النار تكون على هؤلاء الناس وهم لم يموتوا بعد .

. فكيف يذهبوا إلى أرض الحشر ولم يموتوا بعد .. فهم سيموتوا ثم يمكثوا أربعين فترة ( ما بين النفختين ) فكيف توصف الأرض الذاهبين إليها بأنها (أرض الحشر) ولم يموتوا بعد وايضا الأرض ستبدل ..وجزاكم الله خيراً


الجواب

الحمد لله

الحديث الذي ذكره السائل : حديث صحيح ، أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (2901) عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ:

مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ . قَالَ: " إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ – فَذَكَرَ – الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ

وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ ".

وقد أشكل على السائل :

ما المرادُ بالنار الحاشرة المذكورة في الحديث ؟

وهل تكون بعد البعث ، أم قبله ؟ وهل تكون على شرار الخلق أم ماذا ؟

وجواب ذلك : أن الحشر لغة هو : الجمع والسوق . والحشر في خطاب الشرع أربعة .

قال القرطبي رحمه الله ، في "التذكرة" (ص225) :

" باب الحشر ومعناه الجمع ، وهو على أربعة أوجه : حشران في الدنيا و حشران في الآخرة ". انتهى .

وإليك بيان أنواعه :

الأول : ما حدث لليهود الذين أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة ، فذهبوا إلى الشام ، وفيهم يقول الله تعالى :" هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ .." الحشر/2

الثاني : يكون قبل نفخة الصعق وقيام الساعة ، أي قبل فناء الدنيا ، وهي المذكورة في الحديث الذي أورده السائل ورواه الإمام مسلم ، وهذا الحشر يكون بخروج نار عظيمة من اليمن

تسوق الناس إلى محشرهم ، في أرض الشام ، ويكونون على ثلاثة طرائق كما سيأتي بيانه .

وقد ورد في وصف هذه النار ، وعلى من تخرج ، وإلى أي موضع تخرج ، وإلى أي موضع تسوق الناس عدة أحاديث ، تبين ذلك تفصيلا :

أما من أي مكان تخرج ؟ فقد ورد فيه حديثان : الأول : ما ذكره السائل وهو حديث حذيفة بن أسيد ، وفيه أن النار تخرج من اليمن .

وجاء حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أول أشراط الساعة فقال :" «أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ .." . أخرجه البخاري (3938) .

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/378)

:" وَقَدْ أَشْكَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ ؟

وَظَهَرَ لِي فِي وَجْهِ الْجَمْعِ : أَنَّ كَوْنَهَا تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ ، لَا يُنَافِي حَشْرَهَا النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمُغْرِبِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ ابْتِدَاءَ خُرُوجِهَا مِنْ قَعْرِ عَدَنَ ، فَإِذَا خَرَجَتِ : انْتَشَرَتْ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا .

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ : إِرَادَةُ تَعْمِيمِ الْحَشْرِ ؛ لَا خُصُوصِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ .

أَوْ : أَنَّهَا ، بَعْدَ الِانْتِشَارِ : أَوَّلَ مَا تَحْشُرُ أَهْلَ الْمَشْرِقِ . وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْفِتَنِ دَائِمًا مِنَ الْمَشْرِقِ، كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ .

وَأَمَّا جَعْلُ الْغَايَةِ إِلَى الْمَغْرِبِ : فَلِأَنَّ الشَّامَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِقِ : مَغْرِبٌ ". انتهى









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 05:23   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وأما عن هذه النار ، وهل تكون قبل قيام الساعة أم بعدها ؟

فجواب ذلك : أنه قد وقع خلاف بين أهل العلم في هذا الحشر هل هو قبل انتهاء الدنيا وقيام الساعة ، أم هو الحشر يوم القيامة بعد بعث الأرواح ؟

والذي عليه الجماهير من أهل العلم : أن هذا الحشر يكون قبل انتهاء الدنيا وقيام الساعة .

وهذا القول هو الذي رجحه البغوي في "شرح السنة" (15/125)

والقاضي عياض في "إكمال المعلم" (8/391)

والخطابي في "أعلام الحديث" (3/2269)

والقرطبي في "التذكرة" (ص225)

وابن رجب في "لطائف المعارف" (ص89)

وابن كثير في "النهاية في الفتن والملاحم" (1/278).

وخالفهم في ذلك الحليمي كما في "شعب الإيمان" للبيهقي (1/546)

وأبو حامد الغزالي كما في "الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة" (ص42) .

قال السفاريني في "لوامع الأنوار البهية" (2/155)

:" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَشْرِ النَّاسِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ، هَلْ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ قَبْلَهُ؟

فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَصَوَّبَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ : إِنَّ هَذَا الْحَشْرَ يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .

وَأَمَّا الْحَشْرُ مِنَ الْقُبُورِ فَهُوَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرْفُوعًا ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا : « إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا » " .

وَقَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ". انتهى

والقول الراجح ، الذي تؤيده الأدلة ، هو قول الجمهور ، وذلك لما يلي :

أولا : أنه جاء في حديث حذيفة بن أسيد

:" لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ " ، فدل ذلك على أن هذا الحشر يكون قبل قيام الساعة .

قال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (8/391)

:" وقوله: " يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين ، واثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ، وأربعة على بعير ، وعشرة على بعير . وتحشر بقيتهم النار

تبيت معهم حيث باتوا " الحديث: هذا الحشر هو في الدنيا قبيل قيام الساعة، وهو آخر أشراطها كما ذكره مسلم بعد هذا في آيات الساعة

قال فيه: ( وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس ) ، وفى رواية: ( تطرد الناس إلى محشرهم ) ، وفى حديث آخر: ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز ) ، ويدل أنها قبل القيامة ". انتهى

ثانيا : أنه قد جاء في صفة هذا الحشر حديث أخرجه البخاري (6522) ، ومسلم (2861) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاَثِ طَرَائِقَ: رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ

وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ ، وَثَلاَثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ ، وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا ، وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا ، وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا ، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا " .

وفي الحديث بيان أن النار : تبيت وتقيل وتصبح وتمسي معهم ، وهذا لا يكون إلا في الدنيا .

قال ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (30/37) :

" ما ذكره عياض من أن ذَلِكَ في الدنيا : أظهر ، لما في نفس الحديث من ذكر المساء ، والمبيت ، والقائلة ، والصباح ، وليس ذَلِكَ في الآخرة ". انتهى

ثالثا : أنه قد ثبت في صفة الحشر يوم القيامة : أن الناس يحشرون حفاة عراة غرلا

كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ". أخرجه البخاري (3349) ، ومسلم (2860) .

وهذه الصفة خلاف تلك الصفة التي وردت في حشر الناس لأرض الشام قبل البعث . قال الخطابي في "أعلام الحديث" (3/2269) في شرح حديث أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يحشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين راهبين .

.." . قلت: الحشر المذكور في هذا الحديث : إنما يكون قبل قيام الساعة ، يحشر الناس أحياء إلى الشام. فأما الحشر الذي يكون بعد البعث من القبور، فإنه على خلاف هذه الصورة من ركوب الإبل والمعاقبة عليها

إنما هو على ما ورد في الخبر أنهم يبعثون يوم القيامة حفاة عراة بهما غرلا . وقد قيل: إن هذا البعث دون الحشر ، فليس بين الحديثين تدافع ، ولا تضاد ". انتهى .

وقال البغوي في "شرح السنة" (15/125) :

" قَوْله: « يحْشر النَّاس عَلَى ثَلاث طرائق » ، هَذَا الْحَشْر قَبْلَ قيام السَّاعَة ، إِنَّمَا يَكُون إِلَى الشَّام أَحيَاء ، فَأَما الْحَشْر بَعْد الْبَعْث من الْقُبُور عَلَى خلاف هَذِهِ الصّفة من ركُوب الْإِبِل والمعاقبة عَلَيْهَا ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا أخبر أَنهم يبعثون حُفَاة عُرَاة ". انتهى

رابعا : أنه قد جاء في حديث ابن عمر في وصف هذه النار الحاشرة، أن رسول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" سَتَخْرُجُ نَارٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ أَوْ مِنْ نَحْوِ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ

قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ ، تَحْشُرُ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ ". أخرجه الترمذي (2217) ، وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2768) .

فصرح الحديث بأن ذلك الحشر يكون قبل يوم القيامة . ثم إنه أوصى الناس بـ"الشام" ؛ وهذا لا يكون إلا قبل يوم القيامة .
قال ابن الملك في "شرح المصابيح" (6/524)

:" "قال: عليكم بالشام"، وهذا يدل على أن ذلك يكون قبل قيام الساعة ". انتهى

خامسا : أنه قد جاء في القرآن العظيم في صفة أرض المحشر : أنها غير الأرض التي نعيش عليها حيث قال الله تعالى :" يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ". إبراهيم/48 .

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ ، كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ ، لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ لِأَحَدٍ » . أخرجه البخاري (6521) ، ومسلم (2790) .

وهذا التبديل على قولين لأهل العلم : إما هو تبديل كلي ؛ أي أرض غير الأرض تماما ، فهو تبديل عين بعين . أو تبديل صفة .

قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (9/382)

:" واختلف في كيفية تبديل الْأَرْضِ ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: إِنَّ تَبَدُّلَ الْأَرْضِ : عِبَارَةٌ عَنْ تَغَيُّرِ صِفَاتِهَا ، وَتَسْوِيَةِ آكَامِهَا ، وَنَسْفِ جِبَالِهَا ، وَمَدِّ أَرْضِهَا .. وَقِيلَ: اخْتِلَافُ أَحْوَالِهَا ...

وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ مُبَيَّنًا فِي كِتَابِ" التَّذْكِرَةِ" ، وَذَكَرْنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ إِزَالَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ ، حَسَبَ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَهُ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الأرض والسموات؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ ". انتهى .

وأيا ما كان من أمر التبديل ؛ فحشرُ النار الناسَ إلى الشام : دليل على أنه قبل القيامة ، حيث إن أرض المحشر يوم القيامة : ليس فيها معلم لأحد .

قال ابن كثير في "النهاية في الفتن والملاحم" (1/278)

:" فَهَذِهِ السِّيَاقَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَشْرَ هُوَ حَشْرُ الْمَوْجُودِينَ فِي آخِرِ الدنيِا ، مِنْ أقطار محلة الحشر ، وَهِيَ أَرْضُ الشَّامِ ، وَأَنَّهُمْ يَكُونُونَ عَلَى أَصْنَافٍ ثلاثة ، فقسم يحشرون طَاعِمِينَ كَاسِينَ رَاكِبِينَ

وَقِسْمٍ يَمْشُونَ تَارَةً وَيَرْكَبُونَ أُخْرَى ، وَهُمْ يَعْتَقِبُوَنَ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ ، وَثَلَاثَةٌ على بعير ، وعشرة على بعير ، يعني يعتقبونه من قلة الظهر

كما تقدم ، كما جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ ، وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ ، فَتُحِيطُ بِالنَّاسِ مِنْ وَرَائِهِمْ ، تَسُوقُهُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ ، وَمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ أكلته النار .

وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا في آخر الدنيا ، حيث الأكل والشرب ، والركوب على الظهر المستوي وغيره ، وحيث يهلك المتخلفون منهم بالنار .

وَلَوْ كَانَ هَذَا بَعْدَ نَفْخَةِ الْبَعْثِ ، لَمْ يبق موت ولا ظهر يسري ، وَلَا أَكْلٌ وَلَا شُرْبٌ ، وَلَا لُبْسٌ فِي الْعَرَصَاتِ ". انتهى

الحشر الثالث : وهو حشر الخلائق يوم القيامة .

قال تعالى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) البقرة/203 .

وقال تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) آل عمران/158

وقال تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) البقرة/281

وروى البخاري في صحيحه (3349) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثُمَّ قَرَأَ:

{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104]، وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي

فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ ": {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} [المائدة: 117]- إِلَى قَوْلِهِ - {العَزِيزُ الحَكِيمُ} [البقرة: 129] .

وينظر : "القيامة الكبرى" للشيخ عمر سليمان الأشقر، رحمه الله (56) وما بعدها .

الحشر الرابع : حشر المتقين إلى الجنة .

قال الله تعالى : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86). مريم/85- 86 .

ومما سبق يتبين أن المقصود بالنار الحاشرة التي وردت في السؤال أنها تكون قبل يوم القيامة ، حيث تسوق الناس إلى أرض الشام ، ثم عليها تقبض أرواحهم

وليس المقصود بها نار تسوق الناس للحشر يوم القيامة كما ظن السائل ، والله أعلم .

ملخص الجواب :

أن المقصود بالنار الحاشرة التي وردت في السؤال أنها تكون قبل يوم القيامة ، حيث تسوق الناس إلى أرض الشام ، ثم عليها تقبض أرواحهم ، وليس المقصود بها نار تسوق الناس للحشر يوم القيامة كما ظن السائل









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 05:30   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: حشر الناس والدواب

السؤال


هل يمكن أن تخبرنا عن هيئة الناس عند البعث ؟

هل سيكونون بملابس أم لا ؟

وهل الحيوانات ستقوم بعد الموت أم لا ؟.

الجواب

الحمد لله

سمى الله تعالى يوم القيامة بيوم الجمع لأن الله يجمع فيه العباد إنسهم وجنهم

قال تعالى : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ) هود / 103 .

وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) الواقعة / 49-50 .

وقال تعالى : ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) مريم / 93-95 .

وقال تعالى : ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) الكهف / 47 .

ومما يدخل في هذا الحشر حشر البهائم ، يقول شيخ الإسلام :

وأما البهائم فجميعها يحشرها الله سبحانه كما دل عليه الكتاب والسنة

قال تعالى : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) الأنعام / 38 . وقال تعالى : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) التكوير / 5 .

وقال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ) الشورى / 29

وحرف ( إذا ) إنما يكون لما يأتي لا محالة والأحاديث في ذلك مشهورة ، فإن الله عز وجل يوم القيامة يحشر البهائم ويقتص لبعضها من بعض ثم يقول لها : كوني ترابا فتصير ترابا

فيقول الكافر حينئذ : ( يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ) النبأ / 40 . ومن قال إنها لا تحيا فهو مخطئ في ذلك أقبح خطأ ، بل هو ضال أو كافر والله أعلم . اهـ

مجموع الفتاوى 4/248 .

روى أحمد (20534) عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا ، وَشَاتَانِ تَقْتَرِنَانِ ، فَنَطَحَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَأَجْهَضَتْهَا ، قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقِيلَ لَهُ : مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : عَجِبْتُ لَهَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُقَادَنَّ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . أي لَيُقْتَصَّنَّ لها .

قال أحمد شاكر : إسناده حسن متصل اهـ .

وروى مسلم (2582) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ) .

والجلحاء هي التي لا قرن لها .

قال النووي :

هَذَا تَصْرِيح بِحَشْرِ الْبَهَائِم يَوْم الْقِيَامَة ، وَإِعَادَتهَا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يُعَاد أَهْل التَّكْلِيف مِنْ الآدَمِيِّينَ ، وَكَمَا يُعَاد الأَطْفَال وَالْمَجَانِين وَمَنْ لَمْ تَبْلُغهُ دَعْوَة ، وَعَلَى هَذَا تَظَاهَرَتْ دَلَائِل الْقُرْآن وَالسُّنَّة .

قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( وَإِذَا الْوُحُوش حُشِرَتْ ) وَإِذَا وَرَدَ لَفْظ الشَّرْع ، وَلَمْ يَمْنَع مِنْ إِجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِره عَقْل وَلا شَرْع وَجَبَ حَمْله عَلَى ظَاهِره .

قَالَ الْعُلَمَاء : وَلَيْسَ مِنْ شَرْط الْحَشْر وَالإِعَادَة فِي الْقِيَامَة الْمُجَازَاة وَالْعِقَاب وَالثَّوَاب، وَأَمَّا الْقِصَاص مِنْ الْقَرْنَاء لِلْجَلْحَاءِ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ قِصَاص التَّكْلِيف إِذْ لا تَكْلِيف عَلَيْهَا , بَلْ هُوَ قِصَاص مُقَابَلَة . وَاَللَّه أَعْلَم اهـ .

ويحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا –أي غير مختونين- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عنْهمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا ) ثُمَّ قَرَأَ :

( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ

كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ : ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ) رواه البخاري 3349 .

وعن عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا ) قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ! فَقَالَ: ( الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ ) رواه البخاري 6527 .

وجاء في الحديث أن الإنسان يبعث في الثياب التي مات فيها عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ

: ( إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا ) رواه أبو داود ( 3114 ) وصححه الألباني في السلسة الصحيحة 1671 .

ولعل هذا الحديث يشكل مع ما قبله من أن العباد يبعثون عراة ، فأجاب العلماء بأجوبة للتوفيق بين الأحاديث فمن أوجه الجمع :

1- أنهم يبعثون فيها ثم تبلى بعد القيام فإذا وافوا الموقف كانوا عراة .

2- أنهم يبعثون عراة ثم إذا كسي الأنبياء والصديقون ومن بعدهم كُسِيَ كلٌّ من جنس ما مات فيه من الثياب .

3- وحمل بعض العلماء هذا الحديث على الشهداء فإنهم هم الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدفنوا في ثيابهم التي ماتوا فيها . فيبعثون في ثيابهم تمييزاً لهم عن غيرهم .

4- أن المراد بالثياب الأعمال الصالحة كما قال تعالى : ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) وقوله : ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) والمعنى يبعث المرء على ما مات عليه من عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر

يدل عليه حديث جَابِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ) رواه مسلم 2878 وحديث ابْنَ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْه قال :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ ) رواه البخاري 7108 ، ومما يدل عليه حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْه

قَالَ : بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُحَنِّطُوهُ وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) رواه البخاري 1265 ،

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ ) رواه البخاري 237

ومن هنا استحب تلقين الميت لا إله إلا الله وذلك لتكون هذه الكلمة الطيبة آخر كلامه من الدنيا وعليها يبعث يوم القيامة .

انظر فتح الباري (11/383) .

ويحشر الناس في ذلك اليوم على أرض أخرى غير هذه الأرض ، ولها خصائص معينة بينتها السنة فعن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ

: ( يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ ) قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ : لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَد . رواه البخاري 6521 .

والعفراء أي بيضاء تضرب إلى الحمرة قليلا وقيل بيضاء بياضا غير ناصع وقيل خالصة البيضاء .

وقرصة النقي هي القرصة من الدقيق النقي من الغش والنخال .

والله اعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 05:36   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

يوم القيامة مراحل وأحوال ، تفصّلها نصوصُ الكتاب والسنة .

السؤال:


أقرا في كتاب الله عن الصحف و تطايرها ، وعن مقدار الحسنات والسيئات ، ولكن في صحيح البخاري في باب

السجود-فضل السجود- قرأت أن كل أمة تتبع معبودها وتبقى أمة محمد صلى الله عليه وسلم

والحديث لم يذكر تطاير الصحف للكفار ولا عن الحسنات والسيئات ، فسؤالي هو كيف نوفق بين هذا الحديث وما تم تفصيله في القران الكريم ؟


الجواب :


الحمد لله

روى البخاري (4581) ومسلم (183)

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْصَابِ إِلَّا يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ

حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيُدْعَى الْيَهُودُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ

فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ قَالُوا: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا، فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟

قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ، كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا تَبْغُونَ؟

فَيَقُولُونَ: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا، فَاسْقِنَا، قَالَ: فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ أَلَا تَرِدُونَ؟

فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَاقَالَ: فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟

تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ لَا نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ

فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلَّا أَذِنَ اللهُ لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلَا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلَّا جَعَلَ اللهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً

كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ وَقَدْ تَحَوَّلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ ) .

يمر يوم القيامة بمراحل متعددة ، ويكون الناس فيه على أحوال مختلفة ، وهو يوم عظيم ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ، نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين النجاة من شدائده وكربه ، وأن يدخلنا جنته بكرمه ومنّه .

فيقوم الناس من قبورهم ، ويسارعون إلى ربهم ، فيكون العرض ، والحساب ، وتطاير الصحف ، والميزان ، إلى غير ذلك من أحوال الآخرة .

وليس كل نص شرعي يأتي على هذه المراحل كلها ، ويذكرها جميعا ؛ بل قد تذكر مراحل منها في بعض النصوص ، ولا تذكر مراحل أخرى فيها ، وإنما تذكر في نصوص أخرى .

وقد يذكر في نصوص السنة ، ما لا يذكر في نصوص الكتاب المجيد .

وبالجمع بين النصوص يتبين الحال ، ويزول الإشكال .

وحديث أبي سعيد المذكور ، في بيان أول العرض ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ، ويقفون هذا الموقف العظيم ، ثم تكون بعد ذلك الشفاعة ، وهي المقام المحمود الذي يؤتيه الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم ليشفع في أهل الموقف

ثم يكون بعد ذلك عرض الأعمال ، ثم الحساب وتطاير الصحف ، ثم الميزان

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "المطالب العالية" (18/ 492):

قال إسحاق - يعني ابن راهويه - : أخبرنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْه حَدَّثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عَنْه هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ:

" إِذَا حُشِرَ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَامُوا أَرْبَعِينَ، عَلَى رؤوسهم الشَّمْسُ، شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، يَنْتَظِرُونَ الْفَصْلَ ، كُلُّ بَرٍّ مِنْهُمْ وَفَاجِرٍ، لَا يَتَكَلَّمُ مِنْهُمْ بَشَرٌ

ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ ، ثُمَّ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ ، أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ قَوْمٍ مَا تَوَلَّوْا ، فَيَقُولُونَ: بَلَى ... " ثم ساق الحديث موقوفا .

وقال الحافظ : " هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ " .

فبين في هذا الحديث أن هذا المشهد يكون في أول فصل القضاء .

وهو ، وإن كان موقوفا ، إلا أن له حكم الرفع .

وروى البخاري (6573) ، ومسلم (182) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " قَالَ أُنَاسٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ ؟ ، فَقَالَ: (هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَاب ٌ؟)

قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : (هَلْ تُضَارُّونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ ؟) ، قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ

فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ القَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُون َ، فَيَقُولُ : أَنَا رَبُّكُم ْ،

فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ، وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ ... ) وساق الحديث .

فبين أن هذا الموقف يكون قبل المرور على الصراط، وبعد أن يجمع الله الناس .

قال القاضي عياض رحمه الله :

" الْأَمْرُ بِاتِّبَاعِ كُلِّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ : هُوَ أَوَّلُ فَصْلِ الْقَضَاءِ ، وَالْإِرَاحَةِ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ "

انتهى من فتح الباري (11/ 438)

وقال النووي رحمه الله :

" جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الرُّؤْيَةِ وَحَشْرِ النَّاسِ: اتِّبَاعُ كُلِّ أَمَةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، ثُمَّ تَمْيِيزُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، ثُمَّ حُلُولُ الشَّفَاعَةِ، وَوَضْعُ الصِّرَاطِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَمْرَ بِاتِّبَاعِ الْأُمَمِ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ

: هُوَ أَوَّلُ الْفَصْلِ وَالْإِرَاحَةِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ، وَهُوَ أَوَّلُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ "

انتهى من شرح النووي على مسلم (3/ 58)

والحاصل :

أنه ليس بين الآية والحديث شيء من التعارض ، ولا فيهما إشكال ، حتى يطلب التوفيق بينهما ، فإن الإجمال في نص ، والتفصيل في نص آخر : معهود متوارد في نصوص الشريعة ، وكذا في مخاطبات الناس وكلامهم .

والله تعالى أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 15:57   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
walid-youcef
عضو جديد
 
الصورة الرمزية walid-youcef
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك و جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 18:07   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة walid-youcef مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-14, 05:48   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




وزن الأعمال وتوزيع الصحائف يوم القيامة


السؤال

كيف يتم توزيع صحائف الأعمال يوم القيامة على العباد ؟ وكيف توزن أعمالهم ؟.

الجواب

الحمد لله

توزيع صحائف الأعمال :

إذا تمت محاسبة العباد على أعمالهم ، أُعطى كل عبد كتابه المشتمل على أعماله كلها فأما المؤمن فيعطاه بيمينه تكرمة له ، وهو الناجي المسرور يوم القيامة

قال الله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ) القيامة /7-9 . وقال : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيه (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيه (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) الحاقة /19-24 .

أما الكافر والمنافق وأهل الضلال فيعطون كتبهم بشمالهم من وراء ظهورهم

قال الله تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا) القيامة/10-12 . وقال : (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيه (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيه (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ) الحاقة /25-32 . فإذا أعطي العباد كتبهم قيل لهم : (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الجاثية /29 . ( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) الإسراء /14 .

وأما الميزان :

فيوضع الميزان لوزن أعمال العباد قال القرطبي : ( فإذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال ، لأن الوزن للجزاء ، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة ، فإن المحاسبة لتقدير الأعمال ، والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها ) اهـ .

وقد دلت النصوص الشرعية على أن الميزان ميزان حقيقي له كِفَّتان ، توزن به أعمال العباد . وهو ميزان عظيم لا يقدر قدره إلا الله تعالى

وقد اختلف أهل العلم هل هو ميزان واحد تورزن به أعمال العباد أم أن الموازين متعددة ولكل شخص ميزانه الخاص ، فمن قال بالتعدد استدلوا بأن الميزان قد ورد في بعض الآيات بصيغة الجمع

مثل قوله تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء /47 .

ومن قال بأنه واحد استدلوا بمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السموات و الأرض لوسعت

فتقول الملائكة : يا رب لمن يزن هذا ؟

فيقول الله تعالى : لمن شئت من خلقي... ) السلسلة الصحيحة (941) . وحملوا الآية التي ورد فيها الميزان بصيغة الجمع على تعدد الموزونات من الأعمال والأقوال والصحف والأشخاص . فقالوا : إنه جُمِع الأشياء التي توزن فيه .

ومما يدل على وزن الأقوال عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ) رواه البخاري 6406 .

ويدل على وزن الأعمال ما صح عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلاةِ ) صحيح سنن الترمذي 1629.

ومما يدل على وزن صحائف الأعمال حديث البطاقة عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ

ثُمَّ يَقُولُ أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ فَيَقُولُ لَا يَا رَبِّ فَيَقُولُ أَفَلَكَ عُذْرٌ فَيَقُولُ لا يَا رَبِّ فَيَقُولُ بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً فَإِنَّهُ لا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ

فَيَقُولُ احْضُرْ وَزْنَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاتِ فَقَالَ إِنَّكَ لا تُظْلَمُ قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ فَطَاشَتِ السِّجِلاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ فَلا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ ) صحيح سنن الترمذي 2127.

ومما يدل على وزن الأشخاص عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَقَالَ اقْرَءُوا ( فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ) رواه البخاري 4729

وكذلك يدل عليه ما ثبت من أن ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنَ الأَرَاكِ وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِمَّ تَضْحَكُونَ )

قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ فَقَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ ) حسن إسناده الألباني في شرح الطحاوية برقم 571 ص 418 .

نسأل الله تعالى أن يثقل موازيننا .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-14, 05:53   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ترتيب أحداث يوم القيامة

السؤال:

هل يمكن ترتيب أهوال القيامة كيف ستكون : البعث ، ثم انتظار 50 ألف سنة ، الورود على الحوض ، الحشر ، العرض ، الحساب ، دخول الكفار في النار ، مرور المسلمين والمنافقين على الصراط

قصاص العباد من العباد ، جنة . والذي يقع في النار عند المرور على الصراط قد يكون منافق يخلد في جهنم للأبد ، أو مسلم عاصي يعذب على قدر ذنوبه . هل صحيح هذا الترتيب ؟

وسمعت من شيخ أن عند الموت يقعد شيطانان يتمثلان على هيئة أبيه وأمه ، فيأمرانه باتباع اليهودية والنصرانية ، هل صح هذا الحديث ؟


الجواب:


الحمد لله

أولا :

" الذي قرَّرَهُ المحققون من أهل العلم أنَّ ترتيب ما يحصل يوم القيامة كالتالي :

1 - إذا بُعث الناس وقاموا من قبورهم ذهبوا إلى أرض المحشر ، ثم يقومون في أرض المحشر قياماً طويلا ، تشتد معه حالهم وظمؤُهُم ، ويخافون في ذلك خوفاً شديداً

لأجل طول المقام ، ويقينهم بالحساب ، وما سيُجري الله - عز وجل – عليهم .

2 - فإذا طال المُقام رَفَعَ الله - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم أولاً حوضه المورود ، فيكون حوض النبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة ، إذا اشتد قيامهم لرب العالمين ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .

فمن مات على سنّته ، غير مًغَيِّرٍ ولا مُحْدِثٍ ولا مُبَدِّلْ : وَرَدَ عليه الحوض ، وسُقِيَ منه ، فيكونُ أول الأمان له أن يكون مَسْقِيَاً من حوض نبينا صلى الله عليه وسلم ، ثم بعدها يُرْفَعُ لكل نبي حوضه ، فيُسْقَى منه صالح أمته .

3 - ثم يقوم الناس مُقاماً طويلاً ، ثم تكون الشفاعة العظمى - شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم- بأن يُعَجِّلَ الله - عز وجل - حساب الخلائق ، في الحديث الطويل المعروف :

أنهم يسألونها آدم ثم نوحاً ثم إبراهيم ، إلى آخره ، فيأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له : يا محمد ، ويصِفُونَ له الحال

وأن يقي الناس الشدة بسرعة الحساب ، فيقول صلى الله عليه وسلم بعد طلبهم اشفع لنا عند ربك ، يقول ( أنا لها ، أنا لها )

فيأتي عند العرش ، فيخر فيحمد الله - عز وجل - بمحامد يفتحها الله - عز وجل - عليه، ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك ، وسل تُعْطَ واشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فتكون شفاعته العظمى في تعجيل الحساب .

4 - بعد ذلك يكون العرض - عرض الأعمال - .

5 - ثم بعد العرض يكون الحساب .

6 - وبعد الحساب الأول تتطاير الصحف ، والحساب الأول من ضمن العرض ؛ لأنه فيه جدال ومعاذير ، ثُمَّ بعد ذلك تتطاير الصحف ، ويُؤْتَى أهل اليمين كتابهم باليمين ، وأهل الشمال كتابهم بشمالهم ، فيكون قراءة الكتاب .

7 - ثم بعد قراءة الكتاب : يكون هناك حساب أيضاً لقطع المعذرة ، وقيام الحجة بقراءة ما في الكتب .

8 - ثم بعدها يكون الميزان ، فتوزن الأشياء التي ذكرنا .

9 - ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج ؛ أزواج بمعنى كل شكل إلى شكله ، وتُقَامْ الألوية -ألوية الأنبياء- لواء محمد صلى الله عليه وسلم

ولواء إبراهيم ، ولواء موسى إلى آخره ، ويتنوع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم ، كل شَكْلٍ إلى شكله .

والظالمون والكفرة أيضاً : يُحْشَرُونَ أزواجاً ، يعني متشابهين كما قال : ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ ) الصافات/22-23

يعني بأزواجهم : أشكالهم ونُظَرَاءَهُمْ ، فيُحْشَرْ علماء المشركين مع علماء المشركين ، ويُحْشَرْ الظلمة مع الظلمة ، ويُحْشَرْ منكرو البعث مع منكري البعث ، وهكذا .

10 - ثُمَّ بعد هذا يَضْرِبُ الله - عز وجل - الظُّلمة قبل جهنم والعياذ بالله ، فيسير الناس بما يُعْطَونَ من الأنوار ، فتسير هذه الأمة وفيهم المنافقون

ثُمَّ إذا ساروا على أنوارهم ضُرِبَ السُّور المعروف ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى ) الحديد/13-14. الآيات

فيُعْطِيْ الله - عز وجل - المؤمنين النور ، فيُبْصِرُون طريق الصراط ، وأما المنافقون فلا يُعْطَون النور ، بل يكونون مع الكافرين يتهافتون في النار ، يمشون وأمامهم جهنم والعياذ بالله .

11 - ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم أولاً ويكون على الصراط ، ويسأل الله - عز وجل - له ولأمته فيقول : ( اللهم سلّم سلم ، اللهم سلّم سلم ) ؛ فَيَمُرْ صلى الله عليه وسلم ، وتَمُرُّ أمته على الصراط

كُلٌ يمر بقدر عمله ، ومعه نور أيضاً بقدر عمله ، فيمضي مَنْ غَفَرَ الله - عز وجل - له، ويسقط في النار ، في طبقة الموحّدين ، من شاء الله - عز وجل - أن يُعَذبه .

ثم إذا انتهوا من النار : اجتمعوا في عَرَصَات الجنة ، يعني في السّاحات التي أعدها الله - عز وجل - لأن يقْتَصَّ أهل الإيمان بعضهم من بعض ، ويُنْفَى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل .

12 - فيدخل الجنة أول الأمر ، بعد النبي صلى الله عليه وسلم : فقراء المهاجرين ، فقراء الأنصار ، ثم فقراء الأمة ، ويُؤَخَّر الأغنياء لأجل الحساب الذي بينهم وبين الخلق ، ولأجل محاسبتهم على ذلك " .

"شرح الطحاوية" (ص 542) بترقيم الشاملة / للشيخ صالح آل الشيخ ، بتصرف يسير.

ثانيا :

لا نعلم حديثا صحيحا في أن الرجل عند الموت يقعد له شيطانان يتمثلان على هيئة أبويه فيأمرانه باتباع اليهودية والنصرانية

أما قول القرطبي رحمه الله في "التذكرة" (ص 185) :

" روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن العبد إذا كان عند الموت قعد عنده شيطانان : الواحد عن يمينه ، والآخر عن شماله ، فالذي عن يمينه على صفة أبيه

يقول له : يا بني إني كنت عليك شفيقاً ولك محباً ، ولكن مت على دين النصارى فهو خير الأديان ، والذي على شماله على صفة أمه

تقول له : يا بني إنه كان بطني لك وعاء ، وثديي لك سقاء ، وفخذي لك وطاء ، ولكن مت على دين اليهود وهو خير الأديان )

ذكره أبو الحسن القابسي في شرح رسالة ابن أبي زيد له ، وذكر معناه أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة " انتهى .

فهذا : لا نعلم له أصلا ؛ فلا يحتج به .

ولكن قد يعرض الشيطان لابن آدم عند موته ، فيأتيه بمثل هذا وغيره ليضله ، فقد روى أبو داود (1552) ، والنسائي (5531) عَنْ أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي

وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا )

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال الخطابي رحمه الله :

" استعاذته من تخبط الشيطان عند الموت : هو أن يستولي عليه الشيطان عند مفارقة الدنيا فيضله ، ويحول بينه وبين التوبة

أو يعوقه عن إصلاح شأنه ، والخروج من مظلمة تكون قِبَله ، أو يؤيسه من رحمة الله ، أو يتكره الموت ويتأسف على حياة الدنيا

فلا يرضى بما قضاه الله من الفناء والنُّقلة إلى الدار الآخرة ، فيختم له بالسوء ، ويلقى الله وهو ساخط عليه .

وقد روي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن آدم منه في حال الموت ، يقول لأعوانه : دونكم هذا ؛ فإنه إن فاتكم اليوم ، لم تلحقوه " انتهى من "معالم السنن" (1/ 296) ، وينظر : "التذكرة" (ص 185).

قال صالح بن الإمام أحمد : " حضرت أبي الوفاة ، فجلست عنده وبيدي الخرقة ، لأشد بها لحيته ، فجعل يعرق ، ثم يضيق ، ويفتح عينيه ويقول بيده هكذا : لا بعد ، لا بعد ، ثلاث مرات !!

فقلت: يا أبت إيش هذا الذي قد لهجت به فِي هذا الوقت ؟

قَالَ: يا بني ما تدري ؟

قلت: لا .

قَالَ: " إبليس لعنه اللَّه ، قائم بحذائي عاضا عَلَى أنامله ، يقول: يا أَحْمَد فتّني ! فأقول: لا ؛ حتى أموت !!" .

انتهى من "طبقات الحنابلة" (1/ 175).

وقال القرطبي :

" سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول : حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتضر. فقيل له : قل : لا إله إلا الله ، فكان يقول : لا ، لا.

فلما أفاق ذكرنا له ذلك ؟

فقال : أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي ، يقول أحدهما : مت يهودياً فإنه خير الأديان ، والآخر يقول : مت نصرانياً فإنه خير الأديان .

فكنت أقول لهما: لا لا . فكان الجواب لهما ، لا لكما .

قلت : ومثل هذا عن الصالحين كثير ، يكون الجواب للشيطان ، لا لمن يلقنه الشهادة "

انتهى من "التذكرة" (ص 187).

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الحديث و علومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc