المتصوفة يفسدون الأعمال ويهدمون قوانين الأديان - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المتصوفة يفسدون الأعمال ويهدمون قوانين الأديان

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-08-27, 22:42   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *jugurtha* مشاهدة المشاركة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

[وأول من حمل اسم ((صوفي)) هو أبو هاشم الكوفي، الذي ولد في الكوفة، وأمضى معظم حياته في الشام، وتوفى عام(160)هجرية وأول من حدد نظريات التصوف وشرحها هو ((ذو النون المصري)) تلميذ الإمام ((مالك))، وأول من بوبها ونشرها هو((الجنيد)) البغدادي ] انتهى .

فائدة: ابوهاشم الكوفي كان معاصراً للامام المجتهد سفيان الثوري الذي توفي عام 155هـ
قال عنه سفيان الثوري : (( لولا أبو هاشم ماعُرِفت دقائق الرياء )) .

قال ابن تيمية في ( مجموع الفتاوى ) (11/6) :
[أول ما ظهرت الصوفية من البصرة وأول من بنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد وعبد الواحد من أصحاب الحسن البصري وكان في البصرة من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار ولهذا كان يقال فقه كوفي وعبادة بصرية ] .

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (11/282)

[وعبد الواحد بن زيد وأن كان مستضعفاً في الرواية إلا أن العلماء لا يشكون في ولايته وصلاحه ولا يلتفتون إلى قول الجوزجاني فأنه متعنت كما هو مشهور عنه ]
السلام عليكم
أخي في الله-يوغرطة- لقد تعجبت مما كتبة و والله الذي لا ألاه إلا هو لحزنت حزنا شديدا؟ ودعوت الله أن يهدي الله قلبك للحق وأن يجعلك من الهداة المهتدين؟
وأظنك لا تعرف الصوفية بتاتا؟
سأذكر لك أمثلة عن أقوالهم؟
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ((ابن الفارض ، ناظم التائبة في السلوك على طريقة المتصوفة المنسوبين إلى الاتحاد ، هو أبو حفص عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي الحموي الأصل المصري المولد والدار والوفاة ، تكلم فيه غير واحد من مشايخنا بسبب قصيدته المشار إليها وقد ذكره شيخنا أبو عبد الله الذهبي في ميزانه وحط عليه)). (البداية والنهاية: 13ـ143).
وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((ولد في ذي القعدة سنة (576 هـ) بالقاهرة ، ومات سنة (632 هـ) قال المنذري: سمعت منه من شعره ، وقال في التكملة: كان قد جمع في شعره بين الحوالة والحلاوة ، قال الذهبي: إلا أنه شابه بالاتحاد في ألذ عبارة وأرق استعارة كفالوذج مسموم ثم أنشد من التائية التي سماها نظم السلوك أبياتا منها:
لها صلواتي بالمقام أقيمها .......... وأشهد فيها أنها لي صلت
كلانا مصل واحد ساجد إلى ......... حقيقته بالجمع في كل سجدة
ومنها
وها أنا أبدي في اتحادي مبدأي......... وانهي انتهائي في مواضع رفعتي
وفي موقفي لا بل إلى توجهي ......... ولكن صلاتي لي ومني كعبتي
ومنها:
ولا تك ممن طيشة دروسه ......... بحيث استقلت عقله واستفزت
فتم وراء العقل علم يدق......... عن مدارك غايات العقول السلمية
تلقيته عني ومني أخذته ونفسي......... كانت من خطائي محيدتي
ومنها:
وما عقد الزنار حكماً سوى......... يدي وان حل بالإقرار فهي أحلت
وإن خر للأحجار في الله......... عاكف فلا بعد بالإنكار بالعصبية
وإن عبد النار المجوس وما......... انطفت فما قصدوا غيري لأنوار عزتي
قلت ومن هذه القصيدة:
وجد في فنون الاتحاد ولا تحد......... إلى فئة في غرة العمر أصبت
ومنها:
إلي رسولاً كنت مني مرسلاً......... وذاتي أماني علي استقلت.
قال الذهبي: ((فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح الاتحاد الذي لا حيلة في وجوده فما في العالم زندقة ولا ضلال ، اللهم ألهمنا التقوى وأعذنا من الهوى فيا أئمة الدين ألا تغضبون لله فلا حول ولا قوة إلا بالله)). (سير أعلام النبلاء: 22ـ368).
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((سألت شيخنا الإمام سراح الدين البُلقيني عن ابن عربي ، فبادر الجواب: بأنه كافر. فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه. قلت: فما الفرق بينهما والموضع واحد.؟ وأنشدته من التائية فقطع علي بعد إنشاء عدة أبيات بقوله: هذا كفر هذا كفر.
ورأيت في كتاب التوحيد للشيخ عبد القادر القوصي قال: حكى لي الشيخ عبد العزيز بن عبد الغني المنوفي قال: كنت بجامع مصر وابن الفارض في الجامع وعليه حلقة ، فقام شاب من عنده وجاء إلى عندي وقال جرى لي مع هذا الشيخ حكاية عجيبة ، يعني ابن الفارض ، قال دفع إلي دراهم وقال اشتر لنا بها شيئاً للأكل فاشتريت ومشينا إلى الساحل فنـزلنا في مركب حتى طلع البهنسا فطرق باباً فنـزل شخص فقال: بسم الله ، وطلع الشيخ فطلعت معه وإذا بنسوة بأيديهن الدفوف والشبابات وهم يغنون له ، فرقص الشيخ إلى أن انتهى وفرغ ، ونزلنا وسافرنا حتى جئنا إلى مصر ، فبقي في نفسي فلما كان في هذه الساعة جاءه الشخص الذي فتح له الباب فقال له: يا سيدي فلانة ماتت ، وذكر واحدة من أولئك الجواري ، فقال: اطلبوا الدلال وقال: اشتر لي جارية تغني بدلها ، ثم أمسك أذني فقال: لا تنكر على الفقراء)). (لسان الميزان: 4ـ364).
وقال أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير, فقد في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم} (صفحة: 14-143): ((ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهراً , وانتمى إلى الصوفية حلولَ الله في الصور الجميلة , وذهب من ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج, والشعوذي , وابن أحلى , وابن عربي المقيم بدمشق , وابن الفارض , وأتباع هؤلاء كابن سبعين)).
وقال الشيخ محمد بن علي النقاش في وحدة الوجود: ((وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض)). (تنبيه الغبي: 147).
§§§§§§§§§§§§§§§§








 


قديم 2012-08-27, 23:43   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال ابن الجوزي:
فصل وقد اندس في الصوفية أقوام وتشبهوا بهم وشطحوا في الكرامات وادعائها وأظهروا للعوام مخاريق صادوا بها قلوبهم وقد روينا عن الحلاج أنه كان يدفن شيئا من الخبز والشواء والحلوى في موضع من البرية ويطلع بعض أصحابه على ذلك فاذا أصبح قال لأصحابه إن رأيتم أن نخرج على وجه السياحة فيقوم ويمشي والناس معه فاذا جاءوا إلى ذلك المكان قال له صاحبه الذي أطلعه على ذلك نشتهي الآن كذا وكذا فيتركهم الحلاج وينزوي عنهم إلى ذلك المكان فيصلي ركعتين ويأتيهم بذلك وكان يمد يده إلى الهواء ويطرح الذهب في أيدي الناس ويمخرق وقد قال له بعض الحاضرين يوما هذه الدراهم معروفة ولكن اؤمن بك إذا أعطيتني درهما عليه اسمك واسم أبيك وما زال يمخرق إلى وقت صلبه.
حدثنا أبو منصور القزاز قال نا أبو بكر بن ثابت نا عبد الله بن احمد ابن عمار الصيرفي ثنا أبو عمرو بن حيوة قال لما أخرج حسين الحلاج للقتل مضيت في جملة الناس فلم أزل أزاحم حتى رأيته فقال لأصحابه لا يهولنكم هذا فإني عائد اليكم بعد ثلاثين يوما وكان اعتقاد الحلاج اعتقادا قبيحا وقد بينا في أول هذا الكتاب شيئا من اعتقاده وتخليطه وبينا أنه قتل بفتوى فقهاء عصره وقد كان من المتأخرين من يطلي بدهن الطلق ويقعد في التنور ويظهر أن هذا كرامة قال ابن عقيل وكان ابن الشباس وأبوه قبله لهم طيور سوابق وأصدقاء في جميع










قديم 2012-08-27, 23:53   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B18 لا أظنك تقبل هذا الكلام؟؟؟؟؟؟؟؟؟

[QUOTE=zizou_setif;11354026]

السلام عليكم
أخي في الله-يوغرطة- لقد تعجبت مما كتبة و والله الذي لا ألاه إلا هو لحزنت حزنا شديدا؟ ودعوت الله أن يهدي الله قلبك للحق وأن يجعلك من الهداة المهتدين؟
وأظنك لا تعرف الصوفية بتاتا؟
سأذكر لك أمثلة عن أقوالهم؟

وعن أبي عبد الرحمن السلمي حكى عن عمرو المكي أنه قال كنت أماشي الحسين بن منصور في بعض أزقة مكة وكنت أقرأ القرآن فسمع قراءتي فقال يمكنني أن أقول مثل هذا ففارقته وعن محمد بن يحيى الرازي قال سمعت عمرو بن عثمان يلعن الحلاج ويقول لو قدرت عليه لقتلته بيدي فقلت بأي شيء وجد عليه الشيخ فقال قرأت آية من كتاب الله عز وجل فقال يمكنني أن اقول أو أؤلف مثله وأتكلم به وبإسناد عن أبي القاسم الرازي يقول قال أبو بكر بن ممشاد قال حضر عندنا بالدينور رجل ومعه مخلاة فما كان يفارقها لا بالليل ولا بالنهار ففتشوا المخلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه من الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان فوجه إلى بغداد فأحضر وعرض عليه فقال هذا خطي وأنا كتبته فقالوا كنت تدعي النبوة فصرت تدعي الربوبية فقال ما ادعي الربوبية ولكن هذا عين الجمع عندنا هل الكاتب إلى الله تعالى واليد فيه آلة فقيل له هل معك أحد فقال نعم ابن عطاء وأبو محمد الجريري وأبو بكر الشبلي وأبو محمد الجريري يتستر والشبلي يتستر فان كان فإبن عطاء فأحضر الجريري وسئل فقال قائل هذا كافر يقتل من يقول هذا وسئل الشبلي فقال من يقول هذا يمنع وسئل ابن عطاء عن مقالة الحلاج فقال بمقالته وكان سبب قتله وبإسناد عن ابن باكويه قال اسمعت عيسى بن بردل القزويني وقد سئل أبو عبد الله بن خفيف عن معنى هذه الأبيات:
سبحان من أظهر ناسوته ... سر سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهرا ... في صورة الآكل والشارب
حتى لقد عاينه خلقه ... كلحظة الحاجب بالحاجب

فقال الشيخ على قائله لعنة الله قال عيسى بن فورك هذا شعر الحسين
ابن منصور قال إن كان هذا اعتقاده فهو كافر إلا أنه ربما يكون متقولا عليه وبإسناد عن علي بن المحسن القاضي عن أبي القاسم اسماعيل بن محمد بن زنجي عن أبيه أن أبنه السمري أدخلت على حامد الوزير فسألها عن الحلاج فقالت حملني أبي إليه فقال قد زوجتك من ابني سليمان وهو مقيم بنيسابور فمتى جرى شيء تنكرينه من جهته فصومي يومك واصعدي في آخر النهار إلى السطح وقومي على الرماد واجعلي فطرك عليه وعلى ملح جريش واستقبليني بوجهك واذكري لي ما أنكرتيه منه فاني أسمع وأرى قالت وكنت ليلة نائمة في السطح فأحسست به قد غشيني فانتبهت مذعورة لما كان منه فقال إنما جئتك لأوقظك للصلاة فلما نزلنا قالت ابنته اسجدي له فقلت أو يسجد أحد لغير الله فسمع كلامي فقال نعم إله في السماء وإله في الأرض.
قال المصنف: اتفق علماء العصر على إباحة دم الحلاج فأول من قال إنه حلال الدم أبو عمرو القاضي ووافقه العلماء وإنما سكت عنه أبو العباس سريج قال وقال لا أدري ما يقول والإجماع دليل معصوم من الخطأ وبإسناد عن أبي هريرة قال قال رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ان الله أجاركم أن تجتمعوا على ضلالة كلكم" وبأسناد عن أبي القاسم يوسف بن يعقوب النعماني قال سمعت والدي يقول سمعت أبا بكر محمد بن داود الفقيه الأصبهاني يقول إن كان ما أنزل الله عز وجل على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حقا فما يقول الحلاج باطل وكان شديدا عليه.
قال المصنف: وقد تعصب للحلاج جماعة من الصوفية جهلا منهم وقلة مبالاة بإجماع الفقهاء وبإسناد عن محمد بن الحسين النيسابوري قال سمعت ابراهيم بن محمد النصر ابادي كان يقول إن كان بعد النبيين والصديقين موحد فهو الحلاج قلت وعلى هذا أكثر قصاص زماننا وصوفية وقتنا جهلا من الكل بالشرع وبعدا عن معرفة النقل وقد جمعت في أخبار الحلاج كتابا بينت فيه حيله ومخاريقه وما قال العلماء فيه والله المعين على قمع الجهال.
وبإسناد عن أبي نعيم الحافظ قال سمعت عمر البنا البغدادي بمكة يحكي أنه لما كانت محنة غلام الخليل ونسبة الصوفية إلى الزندقة أمر الخليفة بالقبض عليهم فأخذ النوري في جماعة فأدخلوا على الخليفة فأمر بضرب أعناقهم فتقدم النوري مبتدرا إلى السياف ليضرب عنقه فقال له السياف ما دعاك إلى البدار قال آثرت حياة أصحابي على حياتي هذه اللحظة فتوقف السياف فرفع الأمر إلى الخليفة فرد أمرهم إلى قاضي القضاة اسماعيل بن اسحاق فأمر بتخليتهم وبإسناد إلى أبي العباس أحمد بن عطاء قال كان يسعى بالصوفيه ببغداد غلام الخليل إلى الخليفة فقال ههنا قوم زنادقة فأخذ أبو الحسين النوري وأبو حمزة الصوفية وأبو بكر الدقاق وجماعة من أقران هؤلاء واستتر الجنيد بن محمد بالفقه على مذهب أبي ثور ف
أدخلوا إلى الخليفة فأمر بضرب أعناقهم فأول من بدر أبو الحسين النوري فقال له السياف لم بادرت أنت من بين أصحابك ولم ترع قال أحببت أن أوثر أصحابي بالحياة مقدار هذه الساعة فرد الخليفة أمرهم إلى القاضي فأطلقوا.
قال المصنف: ومن أسباب هذه القصة قول النوري أنا أعشق الله والله يعشقني فشهد عليه بهذا ثم تقدم النوري إلى السياف ليقتل إعانة على نفسه فهو خطأ أيضا وبإسناد عن ابنباكويه قال سمعت أبا عمرو تلميذ الرقي قال سمعت الرقي يقول كان لنا بيت ضيافة فجاءنا فقير عليه خرقتان يكنى بأبي سليمان فقال الضيافة فقلت لابني إمض به إلى البيت فأقام عندنا تسعة أيام فأكل في كل ثلاثة أيام أكلة فسمته المقام فقال الضيافة ثلاثة أيام فقلت له لا تقطع عنا أخبارك فغاب عنا اثنتي عشرة سنة ثم قدم فقلت من أين فقال رأيت شيخا يقال له أبو شعيب المقفع مبتلي فأقمت عنده أخدمه سنة فوقع في نفسي أن أسأله أي شيء كان أصل بلائه فلما دنوت منه ابتدأني قبل أن أسأله فقال وما سؤالك عما لا يعنيك فصبرت حتى تم لي ثلاث سنين فقال في الثالثة لا بد لك فقلت له ان رأيت فقال بينما أنا أصلي بالليل إذ لاح لي من المحراب نور فقلت أخسأ يا ملعون فإن ربي عز وجل غني عن أن يبرز للخلق ثلاث مرات قال ثم سمعت نداء من المحراب يا أبا شعيب فقلت لبيك فقال تحب أن أقبضك في وقتك أو نجازيك على ما مضى لك أو نبتليك ببلاء نرفعك به في عليين فاخترت البلاء فسقطت عيناي ويداي ورجلاي قال فمكثت أخدمه تمام اثنتي عشرة سنة فقال يوما من الأيام ادن مني فدنوت منه فسمعت أعضاءه يخاطب بعضها بعضا أبرز حتى برزت أعضاؤه كلها بين يديه وهو يسبح ويقدس ثم مات.
قال المصنف وهذه الحكاية توهم أن الرجل رأى الله عز وجل فلما أنكر عوقب وقد ذكرنا أن قوما يقولون أن الله عز وجل يرى في الدنيا وقد حكى أبو القاسم عبد الله بن أحمد البلخي في كتاب المقالات قال قد حكى قوم من المشبهة أنهم يجيزون رؤية الله تعالى بالأبصار في الدنيا وأنهم لا ينكرون أن يكون بعض من تلقاهم في السكك وإن قوما يجيزون مع ذلك مصافحته وملازمته وملامسته ويدعون أنهم يزورونه ويزورهم وهم يسمون بالعراق أصحاب الباطن وأصحاب الوساوس وأصحاب الخطرات قال المصنف وهذا فوق القبيح نعوذ بالله من الخذلان.









قديم 2012-08-27, 23:56   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثم دخلت
سنة ثلثمائة
فمن الحوادث فيها: خروج خارجي بالمغرب فنصر عليه وبعث بأعلام من أعلامه وآذان وآناف في خيوط.
وفي هذه السنة صلب الحسين بن منصور الحلاج وهو حي في الجانب الشرقي في يوم الأربعاء والخميس، وفي الغربي يوم الجمعة والسبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر.










قديم 2012-08-28, 00:13   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B18 ماذا بعد

[SIZE="3"][QUOTE=*Jugurtha*;11187422]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
.............
الكتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي (المتوفى : 456هـ)

قال أبو محمد: وليس في الجنون أكثر من هذا واليعقوبية منهم وهم مئين ألوف يعتقدون أن الباري تعالى عن كفرهم ضرب بالسياط واللطام وصلب ونحر ومات وسقى الحنظل وبقي العالم ثلاثة أيام بلا مدبر وكأصحاب الحلول وغالية الرافضة الذين يعتقدون في رجل جالس معهم كالحلاج وابن أبي العز أنه الله والإله عندهم قد يبول ويسلح ويجوع فيأكل ويعطش فيشرب ويمرض فيسوقون إليه الطبيب ويقلع ضرسه إذا ضرب عليه ويتضرر إذا أصابه دمل ويجامع ويحتجم ويفتصد وهو الله الذي لم يزال ولا يزال خالق هذا العالم كله ورازقه ومحصيه ومدبره ومدبر الأفلاك المميت المحيي العالم بما في الصدور ويصبرون في جنب هذا الاعتقاد على السجود والمطابق وضرب السياط وقطع الأيدي والأرجل والقتل والصلب وهتك الحريم وفيهم قضاة وكتاب وتجاورهم اليوم ألوف وكما يدعي طوائف اليهود
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال أبو محمد ليعلم كل مسلم أن هؤلاء الذين يسمونهم النصارى ويزعمون أنهم كانوا حواريين للمسيح عليه السلام كبارة ومتى الشرطي ويوحنا ويعقوب ويهوذا الاخساء لم يكونوا قط مؤمنين فكيف حواريين بل كانوا كذابين مستخفين بالله تعالى إما مقرين بإلاهية المسيح عليه السلام معتقدين لذلك غالين فيه كغلو السبائية وسائر فرق الغالية في علي رضي الله عنه وكقول الخطابية بإلاهية أبي الخطاب وأصحاب الحلاج بإلهية الحلاج وسائر كفار الباطنية عليهم اللعنة من الله والغضب وإما مدسوسين من قبل اليهود كما تزعم اليهود لإفساد دين أتباع المسيح عليه السلام وإضلالهم كانتصاب عبد الله بن سبأ الحميري والمختار بن أبي عبيد وأبي عبد الله العجاني وأبي زكريا الخياط وعلي النجار وعلي بن الفضل الجندي وسائر دعاة القرامطة والمشارقة لإضلال شيعة علي رضي الله عنه فوصلوا من ذلك إلى حيث عرف وسلم الله من ذلك من لم يكن من الشيعة
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال أبو محمد: ولو كان ما قالوه صحيحاً لوجب أن يطلق اسم الإيمان لكل من صدق بشيء ما ولكان من صدق بإلاهية الحلاج وبإلاهية المسيح وبإلاهية الأوثان مؤمنين لأنهم مصدقون بما صدقوا به وهذا لا يقوله أحد مما ينتمي إلى الإسلام بل قائله كافر عند جميعهم ونص القرآن بكفر من قال بهذا قال تعالى: " ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً " فهذا الله عز وجل شهد بأن قوماً يؤمنون ببعض الرسل وبالله تعالى ويكفرون ببعض فلم يجز مع ذلك أن يطلق عليهم اسم الإيمان أصلاً بل أوجب لهم اسم الكفر بنص القرآن.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
.........و قال ت طائفة بإلاهية الحسن بن منصور حلاج القطن المصلوب ببغداد بسعي الوزير ابن حامد بن العباس رحمه الله أيام المقتدر و قال ت طائفة بإلاهية محمد بن علي بن السلمعان الكاتب المقتول ببغداد أيام الراضي وكان أم أصحابه أن يفسق الأرفع قدراً منهم به ليولج فيه النور وكل هذه الفرق ترى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟









قديم 2012-08-28, 00:33   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B18 إجعل قدوتك إبن عقيــــــــــــل ؟؟؟؟؟؟؟

[QUOTE=*Jugurtha*;11187422]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
[color=#0000ff]
[center][color=#0000ff][b][[size=7]وأول من حمل اسم ؟؟؟؟؟؟



ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي :في ذيل طبقات الحنابلة في , وفيات المائة الخامسة من سنة 460 ه إلى سنة 500 ه, في ترجمة الإمام علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن أحمد البغدادي

,,,,,,,,,والأذية التي ذكرها من أصحابه له، وطلبهم منه هجران جماعة من العلماء، نذكر بعض شرحها. وذلك:

أن أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد، وابن التبان شيخي المعتزلة. وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة، وتأول لبعض الصفات، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الله.
ففي سنة إحدى وستين اطلعوا له على كتب فيها شيء من تعظيم المعتزلة، والترحُّم على الحلاَّج وغير ذلك. ووقف على ذلك الشريف أبو جعفر وغيره، فاشتد ذلك عليهم، وطلبوا أذاه، فاختفى. ثم التجأ إلى دار السلطان، ولم يزل أمره في تخبيط إلى سنة خمس وستين، فحضر في أولها إلى الديوان، ومعه جماعة من الأصحاب، فاصطلحوا ولم يحضر الشريف أبو جعفر لأنه كان عاتبًا على ولاة الأمر بسبب إنكار منكر قد سبق ذكره في ترجمته.
فمضى ابن عقيل إلى بيت الشريف وصالحه وكتب خَطّه: يقول علي بن عقيل بن محمد: إني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب مبتدعة الاعتزال وغيره، ومن صحبة أربابه، وتعظيم أصحابه، والترحم على أسلافهم، والتكثر بأخلاقهم. وما كنت علّقته، ووُجد بخَطّي من مذاهبهم وضلالتهم فأنا تائب إلى الله تعالى من كتابته. ولا تَحل كتابته، ولا قراءته، ولا اعتقاده.
وإنني علقت مسألة في جملة ذلك. وإن قوماً قالوا: هو أجساد سود.
وقلت: الصحيح: ما سمعته من الشيخ أبي عليّ، وأنه قال: هو عَدمٌ ولا يسمى جسماً، ولا شيئًا أصلاً. واعتقدتُ أنا ذلك. وأنا تائب إلى الله تعالى منهم.
[COLOR="red"]واعتقدتُ في الحلاج أنه من أهل الذَين والزُّهد والكرامات[/COLOR]. ونصرتُ ذلك في جزء عملته.
وأنا تَائب إلى الله تعالى منه، وأنه قتل بإجماع علماء عصره، وأصابوا في ذلك، وأخطأ هو. ومع ذلك فإني أستغفر اللّه تعالى، وأتوب إليه من مخالطة المعتزلة، والمبتدعة، وغير ذلك، والترحم عليهم، والتعظيم لهم فإن ذلك كله حرام. ولا يحل لمسلم فعله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من عظَّم صاحب بدعة فقد أعان على هَدْمِ الإسلام " .

وقد كان الشريف أبو جعفر، ومن كان مَعه من الشيوخ، والأتباع، سادتي وإخواني - حرسهم الله تعالى - مصيبين في الإنكار عليَّ لما شاهدوه بخالي من الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها، وأتحققُ أني كنتُ مخطئًا غير مصيب.

[COLOR="Red"]ومتى حفظ عليَّ ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار: فلإمام المسلمين مكافأتي على ذلك. وأشهدت الله وملائكته وأولي العلم، على ذلك غير مجبر، ولا مكرَه وباطني وظاهري - يعلم الله تعالى - في ذلك سواء. قال تعالى: " وَمنْ عَادَ فَيَنتقِمُ اللّهُ مِنْهُ، وَاللّهُ عَزِيز ذُو انْتِقَام " المائدة: 199[/COLOR].
وكتب يوم الأربعاء عاشر محرم سنة خمس وستين وأربعمائة.

وكانت كتابته قبل حضوره الديوان بيوم، فلما حضَر شَهِدَ عليه جماعة كثيرة من الشهود والعلماء.

قال ابن الجوزي: وأفتى ابن عقيل، ودرَسَ وناظر الفحول، واستفتى في الديوان في زمن القائم، في زمرة الكبار. وجمع علم الفروع والأصول وصنَّف فيها الكتب الكبار. وكان دائم التشاغل بالعلم، حتى أني رأيتُ بخطه: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عُمري، حتى إذا تعطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعةٍ، أعملتُ فكري في حال راحتي، وأنا مستطرح، فلا أنهض إلاَّ وقد خطر لي ما أسطره. وإني لأجدُ من حرصي على العلم. وأنا في عشر الثمانين أشدّ مما كنت أجدُه وأنا ابن عشرين سنة.
قال: وكان له الخاطر العاطر، والبحث كن الغامض والدقائق، وجعل كتابه المسمى ب " الفنون " مناطًا لخواطره وواقعاته. من تأمل واقعاته فيه عرف غور الرجل.
وتكلم على المنبر بلسان الوعظ مدة. فلما كانت سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة جرت فيها فتنٌ بين الحنابلة والأشاعرة فترك الوعظ واقتصر على التدريس. ومتعه الله تعالى بسمعه وبصره، وجميع جوارحه.
قال: وقرأت بخطه. قال: بلغتُ الاثنتي عشرة سنة، وأنا في سنة الثمانين وما أرى نقصًا في الخاطر والفكر والحفظ، وحدة النظر، وقوة البصر، لرؤية الأهلة الخفية، إلاّ أن القوة بالإضافة إلى قوة الشبيبة والكهولة ضعيفة.
قلتُ: وذكر ابن عقل، في فنونه: قال حنبلي - يعني نفسه - : أنا أقصرُ بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سفّ الكعك وتحسيه بالماء على الخبزة لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ، توفرًا على مطالعة، أو تسطير فائدة، لم أدركها فيه.
قال ابن الجوزي: وكان ابن عقيل قوي الدين، حافظًا للحدود. وتوفي له ولدان، فظهر منه من الصبر ما يتعجب منه. وكان كريمًا ينفق ما يجد، ولم يخلف سوى كتبه وثياب بدنه. وكانت بمقدار كفنه، وقضاء دينه.
وقال ابن عقيل: قدم علينا أبو المعالي الجويني بغداد، أول ما دخل الغزالي فتكلم مع أبي إسحاق، وأبي نصر الصباغ، وسمعتُ كلامه. ثم ذكر عنه مسألة العلم بالأعراض المشهورة عنه، وبالغ في الرد عليه.
ولما ورد الغزالي بغداد، ودرس بالنظامية، حضَره ابن عقيل، وأبو الخطاب، وغيرهُما. وكان ابن عقيل كثير المناظرة للكيا الهراسي. وكان الكيا ينشده في المناظرة:
ارفق بعبدك إنَّ فيه فهاهة ... جبلية ولك العراق وماؤها
قال السلفي: ما رأت عيناي مثل الشيخ أبي الوفاء بن عقيل ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوة حجته. ولقد تكلم يومًا مع شيخنا أبي الحسن الكيا الهرّاسي في مسألة، فقال شيخنا: هذا ليس بمذهبك. فقال: أنا لي اجتهادٌ، متى ما طالبني خصمي بحجة كان عندي ما أدفع به عن نفسي، وأقوم له بحجتي، فقال له شيخنا: كذلك الظنُّ بك.
وذكر ابن النجار في تاريخه: أن ابن عقيل قرأ الفقه على القاضي أبي يعلى، وعلى أبي محمد التميمي، وقرأ الأصول والخلاف على القاضي أبي الطيّب الطبري، وأبي نصر بن الصباغ، وقاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني.
وكان ابن عقيل رحمه الله عظيم الحرمة، وافر الجلالة عند الخلفاء والملوك









قديم 2012-08-28, 00:49   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










Hot News1 سئل عن كتاب فصوص الحكم

[QUOTE=*Jugurtha*;11187422]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
[color=#0000ff]
[center][color=#0000ff][b][[size=7]وأول من حمل اوسئل ‏:‏
ما تقول السادة العلماء، أئمة الدين، و هداة المسلمين ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ في الكلام الذي تضمنه كتاب ‏[‏فصوص الحكم‏]‏ وما شاكله من الكلام الظاهر في اعتقاد قائله‏:‏ أن الرب والعبد شيء واحد، ليس بينهما فرق، وأن ما ثمَّ غير، كمن قال في شعره‏:‏
أنا وهو واحد ما معنا شـــيء **
ومثل ‏:‏
أنا من أهوى، ومن أهوى أنا **
ومثل ‏:‏
إذا كنـــت ليلى وليـــلى أنا **
وكقول من قال‏:‏
لو عرف الناس الحق مــــا ** رأوا عابدًا ولا معبـــــــودًا‏.‏
وحقيقة هذه الأقوال لم تكن في كتاب الله عز وجل، ولا في السنة، ولا في كلام الخلفاء الراشدين، والسلف الصالحين‏.‏
ويدعي القائل لذلك‏:‏ أنه يحب الله سبحانه وتعالى، والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏31‏]‏، والله سبحانه وتعالى ذكر خير خلقه بالعبودية في غير موضع، فقال تعالى عن خاتم رسله صلى الله عليه وسلم‏:‏‏{‏فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏10‏]‏، وكذلك قال في حق عيسى عليه السلام‏:‏ ‏{‏إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عليه‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏59‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ‏}‏ الآية ‏[‏النساء‏:‏172‏]‏‏.‏
فالنصارى كفار بقولهم مثل هذا القول في عيسى بمفرده، فكيف بمن يعتقد هذا الاعتقاد‏:‏ تارة في نفسه، وتارة في الصور الحسنة من النسوان والمردان‏؟‏‏!‏
ويقولون‏:‏ إن هذا الاعتقاد له سر خفي، وباطن حق، وإنه من الحقائق التي لا يطلع عليها إلا خواص خواص الخلق‏.‏
فهل في هذه الأقوال سر خفي يجب على من يؤمن بالله واليوم الآخر وكتبه ورسله أن يجتهد على التمسك بها والوصول إلى حقائقها ـ كما زعم هؤلاء ـ أم باطنها كظاهرها‏؟‏ وهذا الاعتقاد المذكور هو حقيقة الإيمان بالله ورسوله، وبما جاء به، أم هو الكفر بعينه‏؟‏
وهل يجب على المسلم أن يتبع في ذلك قول علماء المسلمين، ورثة الأنبياء والمرسلين، أم يقف مع قول هؤلاء الضالين المضلين‏؟‏ وإن ترك ما أجمع عليه أئمة المسلمين، ووافق هؤلاء المذكورين، فماذا يكون من أمر الله له يوم الدين‏؟‏
أفتونا مأجورين، أثابكم الله الكريم‏.‏
فأجاب شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن عبد السلام بن تيمية ـ رحمه الله‏:‏
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ما تضمنه كتاب فصوص الحكم وما شاكله من الكلام‏:‏ فإنه كفر باطنا وظاهرًا، وباطنه أقبح من ظاهره‏.‏ وهذا يسمى مذهب أهل الوحدة، وأهل الحلول، وأهل الاتحاد‏.‏ وهم يسمون أنفسهم المحققين‏.‏
وهؤلاء نوعان‏:‏ نوع يقول بذلك مطلقًا، كما هو مذهب صاحب الفصوص ابن عربي وأمثاله‏:‏ مثل ابن سبعين، وابن الفارض، والقونوي، والششتري، والتلمساني، وأمثالهم ممن يقول‏:‏ إن الوجود واحد، ويقولون‏:‏ إن وجود المخلوق هو وجود الخالق، لا يثبتون موجودين خلق أحدهما الآخر، بل يقولون‏:‏ الخالق هو المخلوق، والمخلوق هو الخالق‏.‏
ويقولون‏:‏ إن وجود الأصنام هو وجود الله، وإن عبَّاد الأصنام ما عبدوا شيئا إلا الله‏.‏
ويقولون‏:‏ إن الحق يوصف بجميع ما يوصف به المخلوق من صفات النقص والذم‏.‏
ويقولون‏:‏ إن عبّاد العجل ما عبدوا إلا الله، وإن موسى أنكر على هارون لكون هارون أنكر عليهم عبادة العجل، وإن موسى كان ـ بزعمهم ـ من العارفين الذين يرون الحق في كل شيء، بل يرونه عين كل شيء، وأن فرعون كان صادقًا في قوله‏:‏ ‏{‏فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى‏}‏ ‏[‏النازعات‏:‏24‏]‏، بل هو عين الحق، ونحو ذلك مما يقوله صاحب الفصوص‏.‏
ويقول أعظم محققيهم‏:‏ إن القرآن كله شرك؛ لأنه فرق بين الرب والعبد، وليس التوحيد إلا في كلامنا‏.‏
فقيل له‏:‏ فإذا كان الوجود واحدًا، فلم كانت الزوجة حلالا والأم حرامًا‏؟‏ فقال‏:‏ الكل عندنا واحد، ولكن هؤلاء المحجوبون قالوا‏:‏ حرام‏.‏ فقلنا‏:‏ حرام عليكم‏.‏
وكذلك ما في شعر ابن الفارض في قصيدته التي سماها نظم السلوك كقوله ‏:‏
لها صلواتي بالمقـــام أقيمـــــــــها ** وأشهـــــد فيها أنها لي صلــت
كلانا مصــل واحــد ساجد إلــــى ** حقيقته بالجمع في كل سجـــدة
وما كان لي صلى سواي، ولم تكن ** صلاتي لغيري في أدا كل سجدة
وقوله‏:‏
وما زلت إياها، وإياي لم تزل ** ولا فرق، بل ذاتي لذاتي أحبت
وقوله‏:‏
إلىَّ رسولا، كنت مني مرسلا ** وذاتي بآياتي علىّ استدلـــــــت
فأقوال هؤلاء ونحوها باطنها أعظم كفرًا وإلحادًا من ظاهرها، فإنه قد يظن أن ظاهرها من جنس كلام الشيوخ العارفين، أهل التحقيق والتوحيد، وأما باطنها فإنه أعظم كفرًا وكذبًا وجهلًا من كلام اليهود والنصارى وعبّاد الأصنام‏.‏
ولهذا فإن كل من كان منهم أعرف بباطن المذهب وحقيقته، كان أعظم كفرًا وفسقا، كالتلمساني، فإنه كان من أعرف هؤلاء بهذا المذهب، وأخبرهم بحقيقته، فأخرجه ذلك إلـى الفعل فكان يعظـم اليهود والنصـارى والمشركين، ويستحل المحرمات ويصنف للنصيرية كتبًا على مذهبهم، يقرهم فيها على عقيدتهم الشركية‏.‏
وكذلك ابن سبعين كان من أئمة هؤلاء، وكان له من الكفر والسحرـ الذي يسمى السيميا ـ والموافقة للنصارى، والقرامطة والرافضة، ما يناسب أصوله‏.‏
فكل من كان أخبر بباطن هذا المذهب، ووافقهم عليه، كان أظهر كفرًا وإلحادًا‏.‏
وأما الجهال الذين يحسنون الظن بقول هؤلاء ولا يفهمونه، ويعتقدون أنه من جنس كلام المشايخ العارفين، الذين يتكلمون بكلام صحيح لا يفهمه كثير من الناس، فهؤلاء تجد فيهم إسلاما وإيمانًا، ومتابعة للكتاب والسنة بحسب إيمانهم التقليدي، وتجد فيهم إقرارا لهؤلاء وإحسانا للظن بهم، وتسليما لهم بحسب جهلهم وضلالهم، ولا يتصور أن يثني على هؤلاء إلا كافر ملحد، أو جاهل ضال‏.‏
وهؤلاء من جنس الجهمية الذين يقولون‏:‏ إن الله بذاته حال في كل مكان، ولكن أهل وحدة الوجود حققوا هذا المذهب أعظم من تحقيق غيرهم من الجهمية‏.‏
وأما النوع الثاني‏:‏ فهو قول من يقول بالحلول والاتحاد في معين، كالنصارى الذين قالوا بذلك في المسيح عيسى، والغالية الذين يقولون بذلك في علي بن أبي طالب وطائفة من أهل بيته، والحاكمية الذين يقولون بذلك في الحاكم، والحلاَّجية الذين يقولون بذلك في الحلاج، واليونسية الذين يقولون بذلك في يونس، وأمثال هؤلاء ممن يقول بإلهية بعض البشر، وبالحلول والاتحاد فيه، ولا يجعل ذلك مطلقا في كل شيء‏.‏
ومن هؤلاء من يقول بذلك في بعض النسوان والمردان، أو بعض الملوك أو غيرهم، فهؤلاء كفرهم شر من كفر النصارى الذين قالوا‏:‏ إن الله هو المسيح ابن مريم‏.‏
وأما الأولون‏:‏ فيقولون بالإطلاق‏.‏ ويقولون‏:‏ النصارى إنما كفروا بالتخصيص‏.‏
وأقوال هؤلاء شر من أقوال النصارى، وفيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى، ولهذا يقولون بالحلول تارة، وبالاتحاد أخرى، وبالوحدة تارة، فإنه مذهب متناقض في نفسه، ولهذا يُلَبِّسون على من لم يفهمه‏.‏
فهذا كله كفر باطنا وظاهرًا بإجماع كل مسلم، ومن شك في كفر هؤلاء بعد معرفة قولهم ومعرفة دين الإسلام فهو كافر، كمن يشك في كفر اليهود والنصارى والمشركين‏.‏









قديم 2012-08-28, 00:53   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فإذا جوز أن يشهد لبعض الناس أنه ولي الله في الباطن، إما بنص وإما بشهادة الأمة ـ فالحلاج ليس من هؤلاء، فجمهور الأمة يطعن عليه ويجعله من أهل الإلحاد ـ إن قدر على أنه يطلع على بعض الناس أنه ولي الله، ونحو ذلك مما يختص به بعض أهل الصلاح‏.‏










قديم 2012-08-28, 00:54   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فهذا الذي أثنى على الحلاج ووافقه على اعتقاده ضال من وجوه‏:‏
أحدها‏:‏ أنه لا يعرف فيمن قتل بسيف الشرع على الزندقة أنه قتل ظلمًا وكان وليا لله، فقد قتل الجهم بن صفوان، والجعد بن درهم، وغيلان القدري، ومحمد بن سعيد المصلوب، وبشار بن برد الأعمى، والسهروردي، وأمثال هؤلاء كثير، ولم يقل أهل العلم والدين في هؤلاء أنهم قتلوا ظلمًا، وأنهم كانوا من أولياء الله، فما بال الحلاج تفرد عن هؤلاء‏.‏
وأما الأنبياء فقتلهم الكفار، وكذلك الصحابة الذين استشهدوا قتلهم الكفار، وعثمان، وعلى، والحسين ونحوهم قتلهم الخوارج البغاة، لم يقتلوا بحكم الشرع على مذاهب فقهاء أئمة الدين، كمالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم‏.‏ فإن الأئمة متفقون على تحريم دماء هؤلاء، وهم متفقون على دم الحلاج وأمثاله‏.‏
الوجه الثاني‏:‏ أن الاطلاع على أولياء الله لا يكون إلا ممن يعرف طريق الولاية، وهو الإيمان والتقوى‏.‏
ومن أعظم الإيمان والتقوى أن يجتنب مقالة أهل الإلحاد ـ كأهل الحلول والاتحاد ـ فمن وافق الحلاج على مثل هذه المقالة، لم يكن عارفًا بالإيمان والتقوى، فلا يكون عارفًا بطريق أولياء الله، فلا يجوز أن يميز بين أولياء الله وغيرهم‏.‏
الثالث‏:‏ أن هذا القائل قد أخبر أنه يوافقه على مقالته، فيكون من جنسه، فشهادته له بالولاية شهادة لنفسه، كشهادة اليهود والنصارى والرافضة لأنفسهم على أنهم على الحق، وشهادة المرء لنفسه فيما لا يعلم فيه كذبه ولا صدقه مردودة، فكيف يكون لنفسه ولطائفته الذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم أهل ضلال‏؟‏
الرابع‏:‏ أن يقال‏:‏ أما كون الحلاج عند الموت تاب فيما بينه وبين الله أو لم يتب، فهذا غيب يعلمه الله منه، وأما كونه إنما كان يتكلم بهذا عند الاصطلام فليس كذلك، بل كان يصنف الكتب ويقوله وهو حاضر ويقظان‏.‏
وقد تقدم أن غيبة العقل تكون عذرًا في رفع القلم، وكذلك الشبهة التي ترفع معها قيام الحجة، قد تكون عذرًا في الظاهر‏.‏
فهذا لو فرض، لم يجز أن يقال‏:‏قتل ظلما، ولا يقال‏:‏ إنه موافق له على اعتقاده، ولا يشهد بما لا يعلم، فكيف إذا كان الأمر بخلاف ذلك وغاية المسلم المؤمن إذا عذر الحلاج أن يدعى فيه الاصطلام والشبهة‏.‏ وأما أن يوافقه على ما قتل عليه فهذا حال أهل الزندقة والإلحاد، وكذلك من لم يجوز قتل مثله فهو مارق من دين الإسلام‏.‏
ونحن إنما علىنا أن نعرف التوحيد الذي أمرنا به، ونعرف طريق الله الذي أمرنا به، وقد علمنا بكليهما أن ما قاله الحلاج باطل، وأنه يجب قتل مثله، وأما نفس الشخص المعين، هل كان في الباطن له أمر يغفر الله له به من توبة أو غيرها‏؟‏ فهذا أمر إلى الله، ولا حاجة لأحد إلى العلم بحقيقة ذلك، والله أعلم‏.










قديم 2012-08-28, 01:08   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










Hot News1 لا تختلط ؟ قارن بين صوفيتك وصوفية العلماء

[QUOTE=zizou_setif;11355206][QUOTE=*Jugurtha*;11187422]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
[color=#0000ff]
[center][color=#...............إلخ

معنى الصوفية الذي لا تعرفه عند العلماء

قارن بين صوفيتك وصوفية العلماء

اجتماع الجيوش الإسلامي
ة


أقوال الزهاد والصوفية أهل الاتباع وسلفهم

ص -125- أقوال الزهاد والصوفية أهل الاتباع وسلفهم
(قول ثابت البناني شيخ الزهاد) قال محمد بن عثمان في رسالته: صح عنه أنه قال كان داود يطيل الصلاة ثم يركع ثم يرفع رأسه إلى السماء ثم يقول " إليك رفعت رأسي نظر العبيد إلى أربابها يا ساكن السماء " ورواه اللالكائي بإسناد صحيح عنه، ورواه الإمام أحمد أيضا في كتاب الزهد، فهذا الرفع إن كان في الصلاة فهو منسوخ في شرعنا، وإن كان بعد الصلاة فهو جائز كرفع اليدين في الدعاء إلى الله تعالى.
؟
(قول مالك بن دينار) قد أسلفنا عنه أنه كان يقول خذوا فيقرأ ثم يقول اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه. رواه أبو نعيم في الحلية بإسناد صحيح، عنه وروى ابن أبي الدنيا عنه قال قرأت في بعض الكتب أن الله تعالى يقول " يا ابن آدم خيري إليك ينزل وشرك يصعد إليّ وأتحبب إليك بالنعم وتتبغض إلي بالمعاصي ولا يزال ملك كريم يعرج إليّ منك بعمل قبيح ".
؟

(قول سليمان التيمي) قال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد قال ضمرة بن ربيعة عن صدقة عن سليمان سمعته يقول " لو سئلت أين الله؟ لقلت في السماء ولو سئلت أين كان العرش قبل السماء؟ لقلت على الماء، ولو سئلت أين كان قبل الماء لقلت لا أدري ".
(قول شريح بن عبيد) روى عنه أبو الشيخ بإسناد صحيح أنه كان يقول ارتفع إليك ثناء التسبيح وصعد إليك. وقال في التقديس: سبحانك ذا الجبروت بيدك الملك والملكوت والمفاتيح والمقادير.
(قول عبيد بن عمير) روى عبد الله بن أحمد في كتاب السنة له من حديث حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير أنه قال: ينزل الرب عز وجل شطر الليل إلى سماء الدنيا ويقول " من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له " حتى إذا كان الفجر صعد الرب عز وجل.
(قول الفضيل بن عياض) قال الأثرم في كتاب السنة: حدثنا إبراهيم بن الحارث، يعني العبادي، حدثنا الليث بن يحيى قال سمعت إبراهيم بن الأشعث قال أبو بكر صاحب الفضيل سمعت الفضيل بن عياض يقول: ليس لنا أن نتوهم في الله كيف وكيف لأن الله وصف نفسه فأبلغ فقال {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} فلا صفة أبلغ مما وصف الله به نفسه، وكذا النزول والضحك والمباهات والاطلاع، كما شاء أن ينزل وكما شاء أن يباهي، وكما شاء أن يطلع، وكما شاء أن يضحك، فليس لنا أن نتوهم كيف وكيف.
وإذا قال لك الجهمي أنا أكفر برب ينزل عن مكانه، فقلت أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء، وقد ذكر هذا الكلام الأخير عن الفضيل البخاري في كتاب خلق الأفعال فقال: وقال الفضيل بن عياض: إذا قال لك الجهمي، فذكر قول يحيى بن معاذ الرازي قال: الله تعالى على العرش بائن من الخلق قد أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، ولا يشك في هذه المقالة إلا جهمي رديء ضليل وهالك مرتاب، يقول يمزج الله بخلقه، ويخلط الذات بالأقذار والأنتان.
(قول عطاء السلمي) ثبت أنه كان لا يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله عز وجل، ومن هذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم المصلي عن رفع بصره إلى السماء تأدبا مع الله وإطراقا بين يديه وإجلالا له كما يقف العبيد بين يدي الملوك، ولا يرفعون رؤوسهم إليهم إجلالا لهم، وإذا ضم هذا إلى رفع الأيدي في الرغبات والرهبات وتوجه القلوب إلى العلو دون اليمنة واليسرة والخلف والأمام، أفاد العلم بأن هذا فطرة الله التي فطر الناس عليها.
(قول أبي عبيدة الخواص) ذكر أبو نعيم وابن الجوزي عنه أنه مكث كذا وكذا سنة لم يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله.
(قول بشر الحافي) صح عنه أنه قال: إني لأرفع يدي إلى الله ثم أردهما وأقول إنما يفعل هذا من له جاه عند الله.
(قول ذي النون المصري) روى أبو الشيخ في كتاب العظمة بإسناده عنه قال أشرقت لنوره السماوات وأنار بوجهه الظلمات وحجب جلاله عن العيون وناجاه على عرشه ألسنة الصدور.
فإن قيل: قد نقل القشيري عن ذي النون أنه سئل عن قوله تعالى { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } فقال أثبت ذاته ونفى مكانه وهو موجود بذاته والأشياء موجودة بحكمته كما شاء.
قيل القشيري لم يذكر لهذه الحكاية إسنادا؛ وما ذكرناه مسند عنه، وفي كتب التصوف من الحكايات المكذوبة ما الله به علي. قال شيخ الإسلام وهذا النقل باطل، فإن هذا الكلام ليس فيه مناسبة للآية بل هو مناقض لها، فإن هذه الآية لم تتضمن إثبات ذاته ونفي مكانه بوجه من الوجوه فكيف يفسر ذلك، قال وأما قوله هو موجود بذاته والأشياء موجودة بحكمته فحق ولكن ليس هو معنى الآية.
(قول الحارث بن أسد المحاسبي) قال وأما قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ } { إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً } فهذه وغيرها مثل قوله { تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ } {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وهذه توجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها، متنزه عن الدخول في خلقه، لا يخفى عليه منهم خافية؛ لأنه أبان في هذه الآيات أنه أراد به بنفسه فوق عباده لأنه قال {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْض} يعني فوق العرش، والعرش على السماء؛ لأن من كان فوق كل شيء على السماء في السماء، وقد قال {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } أي على الأرض، لا يريد الدخول في جوفها، وكذلك قوله {يَتِيهُونَ فِي الأَرْض} يعني على الأرض. وكذلك قوله تعالى {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} يعني فوقها عليها. وقال في موضع آخر فبيّن عروج الأمر وعروج الملائكة ثم وصف وقت عروجها بالارتفاع صاعدة إليه فقال {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُه } فذكر صعودها إليه ووصولها بقوله { إِلَيْه} كقول القائل اصعد إلى فلان في ليلة أو يوم. وذلك أنه في العلو، وأن صعودك إليه في يوم فإذا صعدوا إلى العرش فقد صعدوا إلى الله عز وجل. وإن كانوا لم يروه ولم يساووه في الارتفاع في علوه فإنهم صعدوا من الأرض وعرجوا بالأمر إلى العلو الذي الله تعالى فوقه. وقال تعالى {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ } ولم يقل عنده، وقال فرعون {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} ثم استأنف وقال {وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً } يعني فيما قال أن إلهه فوق السماوات، فبين الله عز وجل أن فرعون ظن بموسى أنه كاذب فيما قال له وعمد إلى طلبه حيث قال له مع الظن بموسى أنه كاذب. ولو أن موسى قال إنه في كل مكان بذاته لطلبه في نفسه فتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(قول إمام الصوفية في وقته) الإمام العارف أبو عبد الله محمد بن عثمان المكي قال في كتابه " آداب المريدين " والتعرف لأحوال العبادة في باب ما يجيء به الشياطين للتائبين من الوسوسة.
وأما الوجه الثالث الذي يأتي به الناس إذا هم امتنعوا عليه واعتصموا بالله فإنه يوسوس لهم في أمر الخالق ليفسد عليهم أصول التوحيد. وذكر كلاما طويلا إلى أن قال: فهذا من أعظم ما يوسوس به في التوحيد بالتشكيك أو في صفات الرب بالتشبيه والتمثيل، أو بالجحد لها والتعطيل، وأن يدخل عليهم مقاييس عظمة الرب بقدر عقولهم فيهلكوا أو يضعضع أركانهم إلا أن يلجأوا في ذلك إلى العلم وتحقيق المعرفة بالله سبحانه من حيث أخبر عن نفسه ووصف به نفسه ووصفه به رسوله، فهو تعالى القائل: أنا الله ـ لا الشجرة ـ الجائي هو لا أمره. المستوي على عرشه بعظمته وجلاله دون كل مكان. الذي كلم موسى تكليما وأراه من آياته عظيما، فسمع موسى كلام الله الوارث لخلقه، السميع لأصواتهم الناظر بعينه إلى أجسامهم، يداه مبسوطتان، وهما غير نعمته وقدرته، وخلق آدم بيده.
ثم ساق كلاما طويلا في السنة، وهو رحمه الله من نظراء الجنيد وأعيان مشايخ القوم توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين ببغداد.
(قول أبي جعفر الهمداني الصوفي) ذكر محمد بن طاهر المقدسي محدث الصوفية في كتابه عنه أنه حضر مجلس أبي المعالي الجويني وهو يقول: كان الله ولا عرش وهو الآن على ما كان عليه. وكلاما من هذا المعنى، فقال يا شيخ دعنا من ذكر العرش أخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا فإنه ما قال عارف قط ياالله إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو، ولا يلتفت يمنة ولا يسره، فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ قال فصرخ أبو المعالي ولطم على رأسه وقال: حيرني الهمداني حيرني الهمداني.
(قول الإمام العارف معمر بن أحمد الأصبهاني) شيخ الصوفية في أواخر المائة الرابعة قال في رسالته: أحببت أن أوصي أصحابي بوصية من السنة وموعظة من الحكمة، وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر وأهل المعرفة والتصوف من المتقدمين والمتأخرين قال فيها: وإن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل والاستواء معقول والكيف مجهول وأنه عز وجل بائن من خلقه، والخلق بائنون منه بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة، لأن الفرد البائن من الخلق الواحد الغني عن الخلق، وأن الله سميع بصير عليم خبير، يتكلم ويرضى ويسخط ويضحك ويعجب، ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكا، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف شاء فيقول: هل من داع فأستجيب له، هل من تائب فأتوب عليه حتى يطلع الفجر، ونزول الرب إلى السماء بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، فمن أنكر النزول أو تأول فهو مبتدع ضال.
(قول الشيخ الإمام العارف قدوة العارفين الشيخ عبد القادر الجيلاني) قدس الله روحه قال في كتابه " تحفة المتقين وسبيل العارفين " في باب " اختلاف المذاهب في صفات الله عز وجل " وفي ذكر اختلاف الناس في الوقف عند قوله { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّللَّهُ } قال إسحاق في العلم ـ إلى أن قال ـ والله تعالى بذاته على العرش علمه محيط بكل مكان، والوقف عند أهل الحق على قوله " إلا الله " وقد روي ذلك عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الوقف حسن لمن اعتقد أن الله بذاته على العرش، ويعلم ما في السماوات والأرض ـ إلى أن قال ـ ووقف جماعة من منكري استواء الرب عز وجل على قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وابتدأوا بقوله {اسْتَوَى، لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} يريدون بذلك نفي الاستواء الذي وصف به نفسه. وهذا خطأ منهم لأن الله تعالى استوى على العرش بذاته. وقال في كتابه الغنية: أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار، فهو أن تعرف وتتيقن أن الله واحد أحد، إلى أن قال، وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال إنه في السماء على العرش استوى، قال الله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وساق آيات وأحاديث ثم قال وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، ثم قال وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف، هذا نص كلامه في الغنية.
(قول أبي عبد الله بن خفيف الشيرازي) إمام الصوفية في وقته قال في كتابه الذي سماه " اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات " قال في آخر خطبته " فاتفقت أقوال المهاجرين والأنصار في توحيد الله ومعرفة أسمائه وصفاته وقضائه وقدره قولا واحدا وشرطا ظاهرا وهم الذين نقلوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك حين قال " عليكم بسنتي " فكانت كلمة الصحابة على الاتفاق من غير اختلاف، وهم الذين أمرنا بالأخذ عنهم إذا لم يختلفوا بحمد الله في أحكام التوحيد وأصول الدين من الأسماء والصفات كما اختلفوا في الفروع، ولو كان منهم في ذلك اختلاف لنقل إلينا كما نقل إلينا سائر الاختلاف، ثم ذكر حديث يلقى في النار وتقول هل من مزيد، حتى يضع الجبار فيها رجله، وحديث الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر قدره إلا الله، ثم ذكر حديث الصور ـ إلى أن قال ـ ونعتقد أن الله قبض قبضتين فقال هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار ـ إلى أن قال ـ ومما نعتقد أن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير فيبسط يديه ويقول: هل من سائل، الحديث، وليلة النصف من شعبان وعشية عرفة، وذكر الحديث في ذلك، ونعتقد أن الله يتولى حساب الخلق بنفسه، ونعتقد أن الله خص محمدا صلى الله عليه وسلم بالرؤية واتخذه خليلا.
(قول شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله الأنصاري) صاحب كتاب منازل السائرين والفاروق وذم الكلام وغيره، صرح في كتابه بلفظ الذات في العلو، وأنه استوى بذاته على عرشه، قال ولم تزل أئمة السلف تصرح بذلك، ومن أراد معرفة صلابته في السنة والإثبات فليطالع كتابيه " الفاروق وذم الكلام ".
(قول شيخ الصوفية والمحدثين أبي نعيم صاحب كتاب حلية الأولياء) قال في عقيدته " وإن الله سميع بصير عليم خبير يتكلم ويرضى ويسخط ويضحك ويعجب ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكا، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف يشاء فيقول هل من داع فأستجيب له؛ هل من مستغفر فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه حتى يطلع الفجر، ونزول الرب تعالى إلى سماء الدنيا بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل فمن أنكر النزول أو تأول فهو مبتدع ضال، وسائر الصفوة العارفين على هذا، ثم قال وإن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، فالاستواء معقول والكيف مجهول، وأنه سبحانه بائن من خلقه وخلقه بائنون منه، بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة، لأنه البائن الفرد من الخلق والواحد الغني عن الخلق. وقال أيضا: طريقنا طريق السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة. وساق ذكر اعتقادهم ثم قال: ومما اعتقدوه أن الله في سمائه دون أرضه وساق بقيته.

(قول الإمام يحيى بن عمار السجزي) شيخ أبي إسماعيل الأنصاري إمام الصوفية في وقته قال في رسالته في السنة بعد كلام: بل نقول هو بذاته على العرش وعلمه محيط بكل شيء وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء، وهو معنى قول الله تعالى { وَهُوَ مَعَكُمْ } ورسالته موجودة مشهورة.









قديم 2012-08-28, 01:24   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B9 موقف الإمام القرطبي من اعتقاد الصوفية وبدعهم في تفسيره

لم يقف التصوف عند مجرد الزهد في الحياة الدنيا ولُبس الصوف بل انحرف إلى ابتداع عقائدَ وأعمالٍ في دين الله مخالفة لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا شأن جميع المخالفات فإنها تبدأ يسيرة شبيهة بالحق لا يعرفها إلا العلماء ثم تصير عظيمة لا يمكن جَبرها، وبعد ذلك صار يستدل كثير من الصوفية على تسويغ تلك البدع بمتشابهات من القرآن خاصة بعدما تسرّب إليهم التفسير الباطني من الشيعة الإسماعيلية، فبيّن العلماء رحمهم الله فساد الاستدلال بهذه الآيات على تلك المخالفات، وفي هذا المقال نقل لنفائس من كلام أحد هؤلاء وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي المالكي المفسر المشهور صاحب جامع أحكام القرآن (ت671 ﻫ):


سجود جهال المتصوفة عند أقدام مشايخهم:
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: 1. ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة/34]

قلت: وهذا السجود المنهي عنه قد اتخذه جهال المتصوفة عادة في سماعهم وعند دخولهم على مشايخهم واستغفارهم، فيرى الواحد منهم إذا أخذه الحال بزعمه يسجد للأقدام لجهله، سواء أكان للقبلة أم غيرها جهالة منه، ضل سعيهم وخاب عملهم.([1])
ليس كل من أظهر الله تعالى على يديه خوارق للعادات يكون وليّا:
وقال الإمام القرطبي -رحمه الله- في المسألة التاسعة من تفسير الآية السابقة: قال علماؤنا -رحمة الله عليهم-: ومن أظهر الله تعالى على يديه ممن ليس بنبي كرامات وخوارق للعادات فليس ذلك دالا على ولايته، خلافا لبعض الصوفية والرافضة حيث قالوا: إن ذلك يدل على أنه وليّ، إذ لو لم يكن وليا ما أظهر الله على يديه ما أظهر.
ودليلنا أن العلم بأن الواحد منا وليّ لله تعالى لا يصح إلا بعد العلم بأنه يموت مؤمنا، وإذا لم يعلم أنه يموت مؤمنا لم يمكنا أن نقطع على أنه وليّ لله تعالى، لأن الولي لله تعالى من علم الله تعالى أنه لا يوافي إلا بالإيمان.
ولما اتفقنا على أننا لا يمكننا أن نقطع على أن ذلك الرجل يوافي بالإيمان، ولا الرجل نفسه يقطع على أنه يوافي بالإيمان، علم أن ذلك ليس يدل على ولايته لله.
قالوا: ولا نمنع أن يُطلع الله بعض أوليائه على حسن عاقبته وخاتمة عمله وغيره معه، قال الشيخ أبو الحسن الأشعري وغيره.([2])

سنة النبي صلى الله عليه وسلم في التفكر:
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: 2.﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران/190، 191].
قال ابن العربي: اختلف الناس أي العملين أفضل: التفكر أم الصلاة، فذهب الصوفية إلى أن التفكر أفضل، فإنه يثمر المعرفة وهو أفضل المقامات الشرعية.
وذهب الفقهاء إلى أن الصلاة أفضل، لما ورد في الحديث من الحث عليها والدعاء إليها والترغيب فيها.
وفي الصحيحين عن ابن عباس [رضي الله عنهما] أنه بات عند خالته ميمونة[رضي الله عنها]، وفيه: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح النوم عن وجهه ثم قرأ الآيات العشر الخواتم من سورة آل عمران، وقام إلى شنّ معلق فتوضأ وضوءا خفيفا ثم صلى ثلاث عشرة ركعة، الحديث.
فانظروا رحمكم الله إلى جمعه بين التفكر في المخلوقات ثم إقباله على صلاته بعده، وهذه السنة هي التي يعتمد عليها.
فأما طريقة الصوفية أن يكون الشيخ منهم يوما وليلة وشهرا مفكّرا لا يفتر، فطريقة بعيدة عن الصواب غير لائقة بالبشر، ولا مستمرة على السنن.([3])

بدعة الرقص والتصفيق وسماع الغناء:
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى3: . ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [الأنفال/35]
وعلى التفسيرين ففيه ردٌّ على الجهال من الصوفية الذين يرقصون ويصفقون ويصعقون.
وذلك كله منكر يتنـزّه عن مثله العقلاء، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت.([4])
وقال أيضا-رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: 4. ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ [الكهف/14].
قال ابن عطية: تعلقت الصوفية في القيام والقول بقول الله: ﴿ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الكهف/14].
قلت: وهذا تعلّق غير صحيح هؤلاء قاموا فذكروا الله على هدايته، وشكروا لما أولاهم من نعمه ونعمته، ثم هاموا على وجوههم منقطعين إلى ربهم خائفين من قومهم، وهذه سنة الله في الرسل والأنبياء والفضلاء الأولياء.
أين هذا من ضرب الأرض بالأقدام والرقص بالأكمام، وخاصة في هذه الأزمان، عند سماع الأصوات الحسان، من المرد والنسوان، هيهات بينهما -والله- ما بين الأرض والسماء.
ثم هذا حرام عند جماعة العلماء، على ما يأتي بيانه في سورة لقمان إن شاء الله تعالى.([5])
وقال أيضا-رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: 5. ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [لقمان/6].
...ولهذه الآثار وغيرها قال العلماء بتحريم الغناء.
...وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به، الذي يحرك النفوس ويبعثها على الهوى والغزَل، والمجون الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، فهذا النوع إذا كان في شعر يشبب فيه بذكر النساء ووصف محاسنهن وذكر الخمور والمحرمات لا يختلف في تحريمه، لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق.
فأما ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح، كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان في حفر الخندق وحدو أنجشة وسلمة بن الأكوع.
فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع الأغاني بالآلات المطربة من الشبابات والطار والمعازف والأوتار فحرام.([6])
وقال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى:

6. ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف/142]
وهذا كله أصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتغييره ومفارقة أهله، وأن المقيم بينهم لا سيما إذا كان راضيا حكمُه كحكمهم، وقد مضى هذا المعنى في آل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال.
وسئل:" الإمام أبو بكر الطرطوشي [الأندلسي المالكي ت 520ﻫ] -رحمه الله-":
ما يقول سيدنا الفقيه في مذهب الصوفية؟ واعلم -حرس الله مدته- أنه اجتمع جماعة من رجال، فيكثرون من ذكر الله تعالى، وذكر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم يوقعون بالقضيب على شيء من الأديم، ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه، ويحضرون شيئا يأكلونه.
هل الحضور معهم جائز أم لا؟ أفتونا مأجورين، [يرحمكم الله].
وهذا القول الذي يذكرونه:
يا شيخ كف عن الذنوب *** قبل التفرق والزلل
واعمل لنفسك صالحا *** ما دام ينفعك العمل
أما الشباب فقد مضى *** ومشيب رأسك قد نزل.
وفي مثل هذا ونحوه.
الجواب: - يرحمك الله - مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري، لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون، فهو دين الكفار وعبّاد العجل، وأما القضيب فأوّل من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى، وإنما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار، فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم، ولا يعينهم على باطلهم، هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين وبالله التوفيق.([7])

ترك الصوفية العمل بالأسباب الدنيوية لتحصيل المنافع:
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: 7. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة/28]
[قال] ابن العربي: ولكن شيوخ الصوفية قالوا: إنما يغدو ويروح في الطاعات فهو [السبب] الذي يجلب الرزق".
قالوا: والدليل عليه أمران:
أحدهما - قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾ [طه: 132].
الثاني - قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه﴾ [فاطر : 10].
فليس يُنزل الرزق من محله وهو السماء، إلا ما يصعد وهو الذكر الطيب والعمل الصالح وليس بالسعي في الأرض فإنه ليس فيها رزق!
والصحيح ما أحكمته السنة عند فقهاء الظاهر وهو العمل بالأسباب الدنيوية من الحرث والتجارة في الأسواق والعمارة للأموال وغرس الثمار. وقد كانت الصحابة تفعل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم.([8])

تحريم الصوفية التداوي:
8. ﴿ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل/69].
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى:
في قوله تعالى: (فيه شفاء للناس) دليل على جواز التعالج بشرب الدواء وغير ذلك خلافا لمن كره ذلك من جلة العلماء، وهو يردّ على الصوفية الذين يزعمون أن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء، ولا يجوز له مداواة.([9])

انحراف الصوفية في تفسير التوكل:
9. ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ [الكهف/62]
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: قوله تعالى: (آتنا غداءنا) فيه مسألة واحدة، وهو اتخاذ الزاد في الأسفار، وهو رد على الصوفية الجهلة الأغمار، الذين يقتحمون المهامَة والقِفار، زعما منهم أن ذلك هو التوكل على الله الواحد القهار، هذا موسى نبي الله وكليمه من أهل الأرض قد اتخذ الزاد مع معرفته بربه، وتوكله على رب العباد.([
10])

شغل جميع الأوقات بالتعبّد مخالف لطبيعة البشر:
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: 10. ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود/114].
وقال شيوخ الصوفية: إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادة فرضا ونفلا.
قال ابن العربي: وهذا ضعيف، فإن الأمر لم يتناول ذلك لا واجبا لا نفلا، فإن الأوراد معلومة، وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة، وما سواها من الأوقات يسترسل عليها الندب على البدل لا على العموم، وليس ذلك في قوة بشر.([11])

ترك الصوفية أكل الطيبات:
قال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: 11. ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء/70].
هذه الآية تردّ ما روي عن عائشة رضي الله عنها، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " احرموا أنفسكم طيب الطعام فإنما قوى الشيطان أن يجري في العروق منها".([12])
وبه يستدل كثير من الصوفية في ترك أكل الطيبات، ولا أصل له، لأن القرآن يرده، والسنة الثابتة بخلافه، على ما تقرر في غير موضع.([13])
تقطيع الصوفية ثيابهم وتخريقها:
ِقال الإمام القرطبي -رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى: 12. ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) [ص : 30 - 33]
...وقد استدل الشبلي وغيره من الصوفية في تقطيع ثيابهم وتخريقها بفعل سليمان، هذا.
وهو استدلال فاسد، لأنه لا يجوز أن ينسب إلى نبي معصوم أنه فعل الفساد.
والمفسرون اختلفوا في معنى الآية، فمنهم من قال: مسح على أعناقها وسوقها إكراما لها وقال: أنت في سبيل الله، فهذا إصلاح. ومنهم من قال: عرقبها ثم ذبحها، وذبح الخيل وأكل لحمها جائز... وعلى هذا فما فعل شيئا عليه فيه جناح. فأما إفساد ثوب صحيح لا لغرض صحيح فإنه لا يجوز...([14])
والحمد لله رب العلمين
--------------------------------------------------------------------------------
[1] تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 294)
[2] تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 297)
[3] تفسير القرطبي - (ج 4 / ص 315)
[4] تفسير القرطبي - (ج 7 / ص 400)
[5] تفسير القرطبي - (ج 10 / ص 366)
[6] تفسير القرطبي - (ج 14 / ص 54)
[7] تفسير القرطبي - (ج 11 / ص 237)
[8] تفسير القرطبي - (ج 8 / ص 107)
[9] تفسير القرطبي - (ج 10 / ص 138)
[10] تفسير القرطبي - (ج 11 / ص 13)
[11] تفسير القرطبي - (ج 9 / ص 109)
[12] قال الألباني: موضوع. ينظر:السلسلة الضعيفة - (ج 4 / ص 378)، رقم: 1879
[13] تفسير القرطبي - (ج 10 / ص 295)
[14] انظر تتمة الكلام في تفسير القرطبي - (ج 15 / ص 197)










آخر تعديل فقير إلى الله 2012-08-28 في 13:22.
قديم 2012-08-29, 06:44   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
nacer tidjani
عضو جديد
 
الصورة الرمزية nacer tidjani
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله
الحمد لله على نعمة الإسلام الحمد لله على نعمة الإيمان الحمد لله على نعمة لا إله إلا الله كلمة الحق ومفتاح الجنة وباب الوصول إلى الله سبحانه وتعالى الكلمة التي من قالها فقد عصم دمه وماله وعرضه .. لا إله إلا الله


[ماهية التصوف]
التصوف
التصوف الذي نعنيه نحن هنا هو الطريق الحق الذي انتشرت أخباره في المشارق والمغارب
التصوف المقصود منه كما قال أهل العلم هو بلوغ مرتبة الإحسان ، لأننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى لما بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمة { الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة } [آل عمران/75]
فإذا المهمة التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست مهمة مخاطبة العقول أو التلاوة أو الإرسال إليهم فقط ، إنما كان مبعوثًا بالتعليم والتزكية والتربية ، فإذاً شأن التزكية للنفس الذي يبلغ صاحبها إلى مرتبة المعاملة مع الله تعالى التي سأل عنها رسول الله في الحديث الصحيح لما جاءه جبريل فقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فأخبره ثم قال أخبرني عن الإيمان فأخبره ثم قال أخبرني عن الإحسان وقال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، إذًا نحن علمنا أن الإسلام هو الأركان الخمسة الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج ، وعلمنا أن شرائع الإسلام ألُّفت فيها المؤلفات الكبيرة ، وأن أهل الإسلام أخذوا فيها بالمذاهب التي اشتهرت فهناك المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي ، كل هذه المذاهب جاءت في تفريعات أمور الشريعة الظاهرة وهي الإسلامية في أركان الإسلام وما يتعلق بها من معاملات بعد ذلك ، ثم جاءنا في الإيمان كلام أهل التوحيد والذين تكلموا وسموا بعد ذلك برجال العقيدة وسمي هذا العلم بعلم العقيدة ، وبقي شأن التزكية وشان التربية وتصفية القلوب لتحقيق هذه العبودية لله سبحانه وتعالى فسميت بما تعارف عليه أهل الإسلام من أهل القرون الأولى أنه التصوف.
التصوف عرفه أهله وأصحابه وأئمته ، نحن نعلم أن كل علم يرجع فيه إلى من أسسه وإلى رجاله وإلى أئمته ، فعلم التصوف علم عظيم تعلق بالتربية على وفق الكتاب والسنة ، وأئمته الذين اشتهروا به وهم مراجعٌ فيه ممن استخلص معاني التربية من الكتاب والسنة عرفوا هذا المنهج بتعريفات هي الأصل والمرجع فلا يأتي أحد فيعرف التصوف ثم يهاجم التصوف من حيث تعريفٍ عرفه هو أو غيره ، وينسى التعريفات التي عرفه بها أهله رضوان الله تعالى ، فمثلاً :
[تعريف علماء التصوف للتصوف]
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني -وهو من كبار أهل التصوف ومن أشهرهم على الإطلاق- يقول:
((التصوف ليس ما أخذ عن القيل والقال ولكن أخذ من الجوع وقطع المؤلوفات والمستحسنات))
ويقول الإمام الغزالي - الحجة التي سمي بـحجة الإسلام وهو الذي أحسن البيان في مجال التصوف وكتبه أجرى الله بها النفع في جميع بلاد المسلمين- يقول :
(( التصوف هو تجريد القلب لله تعالى واحتقار ما سواه )) أي تخليص القلب لله تعالى واعتقاد ما سواه اعتقادًا أنه لا يضر ولا ينفع فلا يؤول إلى على الله فالمراد باحتقار ما سواه اعتقاد أنه لا يضر ولا ينفع وليس المراد الازدراء والتنقيص
ويقول الشيخ ابن عطاء السكندري - صاحب الحكم - :
((التصوف هو الإسترسال مع الحق ))
ويقول الشيخ معروف الكرخي :
(( التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق ))
ويقول الإمام أبو الحسن الشاذلي -الذي يتبعه في ميدان التصوف الملايين اليوم من البشر-:
(( التصوف تدريب النفس على العبودية وردها إلى أحكام الربوبية ))
ويقول الإمام الجنيد -والإمام الجنيد يسمى سيد الطائفة الصوفية- يقول الإمام الجنيد:
((التصوف ذكر مع اجتماع ووجد مع استماع وعمل مع اتباع)) يعني اتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم
ويقول أيضًا :
(( علمنا هذا -أي التصوف- مقيد بالكتاب والسنة ومن لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر والطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ))
ويقول :
(( علمنا هذا -يعني التصوف- مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يسمع الحديث ويجلس ويأخذ أدبه من المتأدبين أفسد من اتبعه ))
ويقول :
(( التصوف أن يختصك الله بالصفاء فمن صفا من كل ما سوى الله فهو الصوفي ))
إلى غير ذلك من التعريفات ويقول أيضًا :
(( التصوف تصفية القلب عن موافقة البرية ومفارقة الأخلاق الطبيعية وإخماد الصفات البشرية ومجانبة الدعاوي النفسانية ومنازلة الصفات الروحانية والتعلق بالعلوم الحقيقية واستعمال من هو أولى على الأبدية والنصح لجميع الأمة والوفاء الله على الحقيقة واتباع الرسول في الشريعة ))
هكذا يعرف هذا الإمام التصوف بأنه كله كتاب وسنة
ويقول الإمام السري -من تلامذة الإمام الجنيد- يقول :
((سمعت الجنيد يقول التصوف أن يميتك الحق عنك ويحييك به ))
ويقول السيد الشريف الجرجاني :
(( التصوف هو وقوف مع الآداب الشرعية ظاهرًا فيسري حكمها من الظاهر إلى الباطن وباطنًا فيسري حكمها من الباطن إلى الظاهر فيحصل للمتأدب بالحكمة كمال ))
ويقول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري -مجمع القراءات الإسلامية قراءات القرآن- يقول :
(( التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس وتصفية الأخلاق وتأمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية ))
ويقول مِن مَن عرف التصوف من المتأخرين شيخ محمد سعيد البوطي :
(( التصوف اسم حادث لمسمى قديم إذ إن مسماه لا يعدو كونه سعيًا إلى تزكية النفس مع الأغبار العالقة بها عادةً كالحسد والتكبر وحب الدنيا وحب الجاه وكذلك ابتغاءه توجيهها إلى حب الله عز وجل والرضا عنه والتوكل عليه والإخلاص له سبحانه وتعالى))
ويقول الإمام الحداد -من أكابر رجال التصوف باليمن- يقول :
(( طريقنا هو العلم والعمل به والإخلاص لله والورع والخوف من الله جل جلاله وتعالى في عظمته ))
-ويقول في بعض أبياتًا له:-
وإن الذي لا يتبع الشرع مطلقًا * على كل حال عبد نفس وشهوة
فبـيع هوى يبكـى علـيه لأنـه * هو الميت ليس الميت ميت الطبيعة
وما في طريق القوم -يعني الصوفية- بدأً ولا انتهاء * مخالفة للشرع فاسمع وانصت
وخل مقالات الذين تخبطوا * ولا تك إلا مع كتابٍ وسنة ))
ويقول بعضهم في وصف أهل التصوف:
(( قوم همومهم بالله قد علقت * فمالهم همم تسمو إلى أحد
فمطلب القوم مولاهم وسيدهم * يا حسن مطلبهم للواحد الصمد
ما إن تنازعهم دنيا ولا شرف * من المطاعم واللذات والولد
ولا للباس ثياب فائق أنق * ولا لروح سرور حل في بلدي ))
أحببت أن أنقل هذه التعريفات لأولئك الكرام السادات أوائل أهل التصوف وأكابرهم حتى يعلم السامع أن مراجع أهل التصوف يقولون أن التصوف أنه كله كتاب وسنة وكله تزكية للنفس وكله تربية للأخلاق للوصول إلى مرتبة الصديقية والقرب من الله والإحسان مع الله .

[لفظ التصوف]
ثم نأتي إلى لفظ التصوف نفسه
كثيرٌ يشكل عليه لفظ التصوف ويقول (لماذا تسمون هذا بالتصوف؟) و (لماذا لا نكتفي بذكر التزكية ؟) و (لماذا هذه الطائفة سميت بالصوفية؟) فنقول:
أولاً : التصوف اختلف العلماء في أصله من أين أتى هذا الاسم ، فقال بعضهم (أتى هذا الاسم من الصوف) لأن كثير من أوائل هذا المنهج من الزهّاد والعبّاد اشتهروا بلبس الصوف ; والصوف هو لبس الأنبياء وهو لبس الصالحين وهو كذلك لبس الصحابة عليهم رضوان الله تعالى الكثير منهم لبسوا الصوف لأنه زهيد الثمن ولأنه لبس الفقراء والضعفاء وأهل التصوف كانوا يميلون إلى الفقر وإلى الزهد في هذه الدنيا كما حثّت على ذلك الشريعة وجاءت سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كلها زهد في هذه الفانية المنتهية النافذة الدنيا وما فيها .
وقال بعضهم (إن التصوف أصله جاء من الصفاء)
وبعضهم قال (هو مشتق من الاصطفاء)
فالصوفي هو الذي صوفي من الحق أي صافاه الحق فهو الصوفي
وقال بعضهم (هو من الصِفَّا) لأن أهل الصِفَّا الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة -وكان منهم أبو هريرة وغيره- هم فقراء الصحابة الذين جاؤوا إلى المدينة وليس لهم بيتٌ يأويهم وليس لهم زوج ولا ولد هؤلاء أهل الصِفَّا كانوا يلبسون الصوف ويجلسون في الصُفَّ يعبدون الله تعالى ويذكرون الله فإذا جاء الجهاد خرجوا وإن لم يكن الجهاد بقوا في مسجد رسول الله يعتكفون يأكلون مع رسول الله ويشربون مع رسول الله ولذلك يقول أبو هريرة عليه رضوان الله : (إني حفظت هذا الحديث لأني كنت أمشي مع رسول الله على ملأ بطني) يعني أنه لم يكن هناك شيء يشغلني كمثل بقية الناس فأنا كنت ملازم رسول الله أأكل معه وأشرب معه وليس عندي شيءٌ يشغلني
فقال بعضهم (أن أهل التصوف هم أمثال أهل الصُفَّا الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) .
وعلى العموم .. كثرت الأقوال وليس هناك مشاحة في الاصطلاح كذلك قال أهل العلم :
(( لا مشاحة في الاصطلاح )) قل ما شئت .. وسمي ما شئت .. ما دام أن ذلك ليس بخارج عن الحق وعن طريق الحق فليس هناك إشكال ، فنحن نعلم أن مسميات كثيرة قد حدثت في الإسلام ، مثلاً :
لماذا جاء اسم (أهل السنة والجماعة) ؟ هل كان الصحابة يسمون بأهل السنة والجماعة ؟ هل كان من التابعين من يسمى بهذا الاسم ؟
ثم جاءت بعد ذلك المذاهب : فيقال عن الذين تبعوا في فروع الفقه أباحنيفة يقال لهؤلاء (الأحناف) ، ولأولئك (المالكية) ، ولأولئك (الشافعية) ، ولهؤلاء (الحنبلية) لماذا ؟ واشتهرت هذه الأسماء ولم يعترض عليها أحد في الإسلام !
ثم جاءنا في علم العقيدة مثلاً أن العقيدة لم يأتي هذا اللفظ لا في عهد رسول الله ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا تابع التابعين ولا في القرن الثالث ولا في الرابع بل ولا في الخامس فمتى اشتهر علم العقيدة بهذا الاسم إلا مؤخرًا ، فلماذا لم نقل أن علم العقيدة هذا علم باطل وعلم مبتدع لماذا ؟!
نقول (لا مشاحة في الاصلاح) الألفاظ لا مشاحة فيها ، أمور اشتهرت بين المسلمين واستحسنت بين المسلمين ، فلماذا تنكر هذه الأسماء ونحن نرى إلى هذا اليوم يسمى هؤلاء بالسلفية وهؤلاء يسمون بكذا والذين يتخرجون من جامعة إسلامية معينة يسمون باسم تلك الجامعة فلا بأس من نسبة الناس في فئاتهم إلى شيء من هذه التصنيفات فلا بأس في ذلك ، وهو أمر مشتهر بين أهل الإسلام من قديم وجاء بعد ذلك علم المصطلح وجاءنا بعد ذلك علم الأصول وعلم التخريج والرجال كلها أمور حدثت بعد القرون الأولى فلا بأس بها وأهل الإسلام كلهم متفقون على ذلك فلماذا التصوف بالخصوص يأتي بعضهم فيقول (لماذا هؤلاء جعلوا لأنفسهم لماذا التزكية مهمة المسلمين أجمعين) . نعم نحن نعلم أن أهل التصوف لم يقولوا نحن مثلاً (لا نأخذ الفقه) لكن كما أن هناك أناس اشتهروا مثلاً بالعقيدة فهل يعني أن أولئك يسمون بعلماء العقيدة ، أو الذين اشتهروا بعلم الفقه يسمون بالفقهاء ، والذين اشتهروا بعلم التفسير سموا المفسرين رجال التفسير ، رجال المصطلح ، رجال الأصول ، هل يعني أننا إذا أطلقنا على أحد هذه الأصناف من الناس الذي اشتهروا بنوع من العلم ، أننا نقول أنهم لا يعلمون شيئًا من تلك العلوم أبدًا ؟! لا لا نقول ذلك إنما هذا الشخص قد اشتهر بهذا الصنف من العلم بزيادة وهو يعلم تلك العلوم الأخرى ، كذلك الصوفية هم تخصصوا في أمر التزكية والتربية والمتابعة لدقائق النفوس لتفسيرها بما جاء به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وألفُّوا في ذلك المؤلفات وعملوا لذلك المجالس والمجامع والوعظ والتذكير وهم كذلك أهل تفسير وهم فقهاء وهم أهل حديث -وإذا رجعنا وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى -فيما يأتي- أن الصوفية هم رجال التفسير أن الصوفية هم رجال الحديث أن الصوفية هم رجال المصطلح أن الصوفية هم رجال الفقه فكلها الكتب الموجودة في العالم الإسلامي اليوم طافحة بمؤلفات أهل التصوف الذين ألَّفوا في أنواع العلوم وأصنافها ، هذا المعنى وإن كنت لا أحب الإطالة فيه إلا لأن البعض يشكل عليه أمر اللفظ ولا مشاحة في الاصطلاح أبدًا .

[بروز التصوف]
نعود إلى مسالة بروز التصوف ، متى برز التصوف بهذا الاسم وبهذا المنهج ؟ هل التصوف -الذين يهاجمون التصوف هؤلاء بالجرأة- نقول لهم تريثوا تريثوا هل التصوف هو وليد سنوات يسيرة ؟ هل هو وليد هذا القرن الأخير ؟ هل هو وليد قرنين أو ثلاث أو أربع أو خمس؟
لا ، التصوف ظهر من القرون الأولى قرون الخيرية وأكابر الصوفية هم الذين كانوا في القرون الأولى الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم { خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم }
أولاً .. نعود إلى بعض الكتب التي نقلت شيئًا من ذلك . يقول الكندي سنة مائتين و واحد في كتابه (الولاة والقضاة) في صفحة 162 -مائة واثنين وستين- يقول :
(( وظهرت طائفة بالاسكندرية يسمون بالصوفية يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) سنة مائتين و واحد !
ويقول الإمام الحسن البصري كما نقل عنه السراج الصوفي في اللمع يقول :
(( رأيت صوفيًا في الطواف فأعطيته شيئًا لم يأخذ .وقال معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي ))
ويقول الإمام الكلاباذي-الإمام الكلاباذي توفي سنة 398 هـ ثلاثمئة وثمانٍ وتسعين يعني هو من أهل القرن الرابع !- قد ألف كتابًا كاملاً سماه التعرف لمذهب أهل التصوف وروى كثيرًا من أخبار الصوفية من أهل القرن الثاني ومن أهل القرن الثالث الذين اشتهروا بالصوفية ومن أحب أن يطالع هذا الكتاب فهو كتاب بحمد الله مطبوع وموجود في أسواق المسلمين يمكن أن يرجع إليه وأن ينتفع به والإمام الكلاباذي روى عنه الحاكم وروى عنه الدارقطني وترجم له الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء قال عنه الحاكم -عن الإمام الكلاباذي صاحب كتاب التعرف لمذهب اهل التصوف- قال : ((هو من الحفاظ حسن الفهم والمعرفة عارفًا بصحيح البخاري وهو متقنٌ ولم يخلف بما وراء النهر مثله)) يعني أنه طبقة في هذه العلوم وفي الحديث وجاء ليجمع لنا هذا الكتاب عن التصوف ثم نجد مراجع أهل التصوف من أهل القرون الأولى نذكر بعضهم على سبيل الإجمال لا التفصيل فمثلاً عندنا :
الإمام الحسن البصري الذي تلقى عن جملة من الصحابة وهو مرجع أهل التصوف وأكثر طرق الصوفية اليوم يروون الطريق ويأخذون السند في التزكية إلى الإمام الحسن البصري وهو ولد في سنة 22 هـ اثنين وعشرين وتوفي سنة 110 هـ مائة وعشرة .
عندنا الإمام إبراهيم بن أدهم ، عندنا الإمام عبد الله بن المبارك ، أبو مسلم الخولاني ، -كلهم من أهل القرن الأول-الإمام محمد بن واسع توفي سنة 123هـ مائة وثلاثة وعشرين ، الإمام مالك بن دينار 131 هـ سنة مائة و واحد وثلاثين ، داود الطائي سنة 165 هـ مائة وخمس وستين ، الفضيل بن عياض سنة 186 هـ مئة وست وثمانين ،معروف الكرخي سنة 200 هـ مئتين ، شيخ سليمان الداراني 215 هـ مئتين وخمسة عشر ، الحارث المحاسبيالمشهور الذي له جملة من الكتب في التصوف وهي موجودة في مكاتب المسلمين الإمام الحارث المحاسبي توفي سنة 243 هـ مئتين وثلاث وأربعين ، ذا النون المصري 245 هـ مئتين وخمس وأربعين ، أبو حمزة الصوفي -وهو ممن أخذ عنه الإمام أحمد بن حنبل وكان الإمام أحمد يجالسه- في سنة 269 هـ مئتين وتسعة وستين ،الإمام الجنيد -سيد الطائفة الصوفية مرجع أهل التصوف- سنة 297 هـ مائتين وسبع وتسعين ، وبعدهم الإمام الغزالي والجيلاني والشاذلي والفقيه المقدم في القرن الخامس وبعده وقبله أعداد كبيرة جدًا من أهل التصوف هم من أهل تلك القرون الخيرية فما نقول في هؤلاء الأئمة ؟ الذين سردت أسمائهم الآن من أهل التصوف رووا لنا الحديث واشتهرت تراجمهم في كتب التراجم ولا يكاد في كتب الطبقات أن تخلو هذه الكتب عن أسمائهم وعن أخبارهم وعن قصصهم ولا يستطيع واعظٌ أن يرجع إلى المواعظ إلا بذكرهم وذكر أخبارهم وقصصهم عليهم رحمة الله ورضوانه سبحانه وتعالى إذًا نحن نعلم أن التصوف نشأ من تلك القرون الأولى ، لهذا نقول للذين يسارعون في الهجوم على التصوف تريثوا لتعلموا إذا أردتم الكلام عن التصوف أنتم تتكلمون عن من ؟ وتتحدثون عن من ؟ ثم نقول لماذا برز التصوف في تلك القرون الأولى ؟ ما هي الدوافع والدواعي التي جعلت التصوف يبرز كمنهج ، لماذا برز التصوف كمنهج ؟ له قواعده وله ترتيباته وله رجاله وله أئمته . نقول :
نحن نعلم أن سيدنا عثمان بن عفان عليه رضوان الله تعالى قتل في داره شهيدًا ، وفتح على الأمة باب فتنة عظيمة ، ثم بعد ذلك قتل سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وتحولت بعد ذلك الخلافة إلى ملك ، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، تحولت الخلافة إلى ملك ، ولما تحولت الخلافة إلى ملك ، بدأت الأوضاع في العالم الإسلامي تتغير ، ثم اشتدت ، فجاء يزيد بن معاوية الذي شهد علماء الإسلام أنه كان فاسدًا وفاجرًا ، فصارت من الفتن في الحرمين الشريفين وفي بلاد المسلمين أشياء يشيب لها رأس الوليد ، فلقد هدمت الكعبة وقتل الحجاج عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كرام التابعين من أكابرهم ، ثم قتل خيار خيار أهل الأرض في ذلك الوقت ، الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ، قتل وقتل معه أعداد كبيرة من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا هو الوضع السياسي الذي كان في المجتمع في ذلك الزمن ، هذا كله مع نهاية القرن الأول أو منتصفه ، بعد منتصفه ، حدثت هذه الفتن ، وقتل عبد الله بن الزبير وحصلت هذه المصائب العظيمة الكبيرة الشديدة و لحق بأهل الملك وبدور الأمارة أعداد من من أخذوا صورة هذا العلم فأخذ كبار علماء الإسلام -كمثل الحسن البصري وأشباهه وأمثاله- ، أخذوا وانحازوا بأنفسهم عن هذه الفتنة ، ولم يجالسوا الحكام والملوك والأمراء وبقوا يطالبون الأمة بالرجوع إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الأموال انتشرت في الأمة وجاءت الأموال والملابس الفاخرة والعطور الفاخرة من كل مكان ، وبقي هؤلاء الطائفة على ما كان عليه رسول الله يربط على بطنه الحجر من شدة الجوع ، ويلبس الصوف ، وداره وحجره معلومة وصغيرة بسيطة حياته كلها صلى الله عليه وسلم فقر وزهد وورع وترك لمستلذات هذه الحياة الفانية ، فلما بقي هؤلاء الجماعة على هذا الوصف ، عرفوا بالصوفية واشتهروا بهذا اللفظ ، فصاروا يتكاثرون وصاروا يدعون إلى هذا الطريق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه بعض الأسباب التي كانت في ذلك الزمن ، داهمت الأمة فسببت إنحياز أهل الصدق والزهد وأهل الإحسان إلى بعضهم البعض وأخذهم عن آل بيت رسول الله وعن الصالحين والبقية الباقية من الصحابة ، فبقوا على ذلك الوصف الحسن الطيب ، ثم هناك أوضاع اجتماعية كذلك أثرت ، كما أن هذا الوضع سياسي ومن الفتن وتغير الخلافة إلى الملك سبب انحياز أهل التصوف واجتماعهم وتسميهم بهذا الاسم ، فهناك ظروف اجتماعية كذلك ، كظهور الطوائف المختلفة وكما حصل الترك والتخلف لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من السنن وكثرة الأموال وظهور الترف الذي ظهر في العالم الإسلامي في ذلك الوقت كل هذه أسبابٌ اجتماعية ، جعلت الصادقين من علماء هذه الأمة المتمسكين بأصل ما جاء عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يبقون يأخذون بهذا الفقر والزهد بمنهج التصوف .
هذه كلها مقدمات وحقائق تاريخية وأوضاع أحببت بيانها من أجل أن تسمع وتعلم ، ومن أجل أن تعرف يا أخي أن التصوف نشأ في هذه الظروف وبهذه الأسباب وبهؤلاء الرجال ، ثم نأتي إلى الأدلة والبراهين التي تدل على أن التصوف حق ، وعلى أن أهل التصوف هم أهل حق فأقول :


[الشواهد والبراهين على أن التصوف حق]
على أن التصوف حق ونور وهدي وصفاء ،
[الدليل الأول]
من الأدلة والبراهين أولاً : مضمون التصوف ومحتواه . فنحن نعلم أن الحكم على الشيء هو فرع تصوره إذا أردنا أن نحكم على شيء قبل أن نحكم عليه لا بد أن نتصور هذا الشيء ونعرفه أما إنسان يحكم على شيء دون أن يعرفه فهذا مجازف فهذا متجرأ فهذا متطاول ، فلا نحكم على شيء إلا إذا تصورناه وعرفناه فنحن بما ذكرنا من التعريفات لأهل التصوف ، نعلم أن هذا هو الحق .

[الدليل الثاني]
لأمر الثاني -أو الدليل أو العلامة الثانية- : قضية السند . السند هو قضية عظيمة في الإسلام وفي الدين وفي الأمة لأننا نعلم أن أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ميزها الله سبحانه وتعالى باتصال السند فيها في تلقي القرآن والسنة ، والحق تعالى أنزل القرآن وحفظ القرآن { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } والنبي صلى الله عليه وسلم قال { من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار } فتناقل رجال هذه الأمة القرآن والحديث بأسانيد لم يرضوا أن ينتقل هذا السند إلا بشروط شديدة وقوية جدًا فلا يروى إلا عن العقل الضابط المحقق المستقيم الصالح ، نحن نعلم أن القرآن في قراءاته السبع -أو قراءاته العشر- ، كلها متلقاة بأسانيد ، الذي يريد أن يتلقى القرآن اليوم لا يكفيه أن يمسك مصحف ويقرأه فيقول (أنا تلقيت القرآن) لا .. إن هذا وحي من السماء ، تلقاه رسول الله عن ربه بواسطة جبريل ، وألقاه إلى الصحابة فسمعوه من لسانه ، ثم جاء التابعون فسمعوه من الصحابة وحققوه ودققوه ، وجاء الذين بعدهم يروون هذه القراءات للقرآن فنعلم أن أسانيد تلقي القرآن في الأمة كلها ممزوجة برجال التصوف ، هل الذي اليوم يتهم التصوف بأنه ضلال أو أنه بدعة أنا أريد منك يامن طال لسانك على الصوفية وكثر اتهامك على أهل التصوف وتجرأت عليهم حتى أنزلتهم أسوأ المنازل من الضلال والبعد والابتداع ومن التغيير في دين الله تعالى .. أريد منك أن تأتيني بسند واحد لك في قراءة إحدى القراءات لكلام الله تعالى ليس في هذا السند أحد من رجال التصوف ؟ ، نحن نتحدى أن يأتي أحد بسند في قراءة القرآن ليس فيه رجال التصوف ، عندنا أمثلة على رجال القراءات الذين كانوا من مشاهير أهل التصوف ، فمثلاً عندنا :
شيخ الإسلام زكريا الأنصاري مرجع القراءات بمصر الذي يروي القراءات السبع وهو مرجع لهذه القراءات ، أغلب أسانيد القراءات تعود إليه ، الشيخ زكريا الأنصاري -شيخ الإسلام- ، هو من كبار رجال التصوف ، وله مؤلفات في التصوف ، وهو الذي شرح الرسالة القشيرية والرسالة القشيرية تسمى (دستور الصوفية) كما سماها بعضهم ، وهذا الشيخ شرحها وهو مسند القراءات ومرجع القراءات في السند ، مثلاً :
إرجع إلى كتاب (معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار) واقرأ أخبار القراء وأسانيدهم تجده يترجم للكثير منهم بأنهم الصوفية .
مثلاً: تجد من أهل الأسانيد العظيمة والمراجع في سند القراءات الإمام أحمد بن علي البغدادي أبو الـخطاب ترجم له في هذا الكتاب فقال : (هو أبو الخطاب الصوفي من شيوخ الإقراء ببغداد توفي سنة ست وسبعين وأربعمئة) .
(الإمام أبو أحمد بن السكينة البغدادي المقريء الصوفي شيخ العراق في عصره)
(الإمام العلامة الواصفي المقريء المفسر أبو العباس الخطيب الصوفي أحد الأعلام) وترجم له في ترجمة طويلة قال:
(عالم بالتفسير كان خطيبًا واعظًا زاهدًا خيرًا صاحب أوراد وتهجد)
(الإمام أبو عبد الله المصري المقريء الصوفي نزيل دمشق)
(الإمام نجم الدين الواسطي الشافعي الصوفي قرأ القراءات بواسطة وأتقنها على الشيخ علي قرين)
(الإمام أبو شجاع الأصبهاني ثم البغدادي المقريء الفقيه الشافعي كان قد أخذ عن الصوفية وعن رجال التصوف وصحب الصوفية ثم جاور وأمَّ بالمقام وروى الكثير عن أهل التصوف) وغيرهم وغيرهم لدي أسماء كثيرة هنا لا أحب الإطالة بذكرها كلها .
عندنا هذا بالنسبة للقرآن ، وبالنسبة للحديث وهو المصدر الثاني من مصادر التشريع واستمداد الأحكام الشرعية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نأتي إلى البخاري أصح الكتب بعد كلام الله سبحانه وتعالى فنجد:
أسانيد تلقي البخاري كلها ، الذين رووا عن البخاري والذين رووا عنهم من أهل الحديث بعد ذلك ، كلهم يروون صحيح البخاري بطرق أهل التصوف ، أشهر من شرح صحيح البخاري ، والذي عرف بين الناس شرحه وهو في كل مكتبات المسلمين ، الإمام ابن حجر العسقلاني ، أمير المؤمنين في الحديث الذي شرح البخاري ، هو الذي ترجم ترجمة للإمام عبد القادر الجيلاني إمام التصوف وأخذ كثيرًا عن رجال التصوف ، وفي سنده في رواية البخاري ترجمةً لرجال التصوف ، الإمام القسطلاني الذي شرح البخاري مثله ، الإمام مسلم (صحيح مسلم) وهو أصح الكتب بعد البخاري ، شرحه لنا الإمام النووي ، والإمام النووي الحجة هو أشهر من أن يشهر وأعرف من أن يعرف ،الإمام النووي لما روى لنا سنده في رواية صحيح مسلم ، في المجلد الأول في شرحه ذكر في سنده
(فلان أخذ مسلمًا عن فلان وكان من الصوفيًة.. فلان وكان من أهل التصوف .. يروي عن فلان وكان صوفيًا رضي الله عنه .. وكان من أئمة التصوف رحمه الله)
فيروي لنا الإمام النووي سنده في صحيح مسلم كله عن رجال التصوف ، فنحن نريد الذي يتطاول على التصوف اليوم نريده أن يأتي لنا بسند له يروي به البخاري أو يروي به صحيح مسلم دون رجال التصوف .
يا معشر أهل الإسلام نحن نخاف إذا كثر الاتهام والأباطيل التي ينشرها بعض الناس عن أهل التصوف ، أن يأتي يوم يرجع الراجع إلى كتب الحديث فيجد أن الأسانيد في رواية هذه الكتب كتب السنة والقرآن فيها رجال التصوف فينبذ هذه الكتب ويقول أن أسانيد الأمة كلها فيها غير العدول وفيها صوفية مخرفين مبتدعين أصحاب خزعبلات أو كما يقول بعضهم هداهم الله تعالى لا بد أن نتنبه إلى هذا ، ننظر مثلاً الإمام الذهبي في كتاب سير أعلام النبلاء لما كان يترجم للرجال ، كان إذا أراد أن يمتدح بعض المحدثين يقول (كان صوفيًا) أو (كان من أهل التصوف) ، وارجع إلى كتاب سير أعلام النبلاء في ذكره وامتداحه لبعض المحدثين بأنهم صوفية ستجد ذلك كثيرًا في كتابه رحمه الله تعالى ، إذا قضية السند قضية عظيمة ينبغي التنبه لها وينبغي الانتباه فهي أمر كبير وشأن عظيم في الأمة الإسلامية ، فالذي يخدش اليوم في التصوف يخدش في سند الحديث وفي سند القرآن وفي أسانيد تلقي العلوم الشرعية كلها .

[الدليل الثالث]
الدليل الثالث -أو الشاهد الثالث على أن التصوف حق- :
أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (أهل البيت)
أهل البيت ما قضيتهم في الإسلام ؟
هل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم قضية في الإسلام ؟
أبدًا ! الله سبحانه وتعالى أمر الأمة أن تودهم وقال لنبيه { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } [الشورى/23]
فإذًا مودة أهل البيت مفروضة على الأمة بنص كلام الرب تعالى .
ثم نأتي إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم . هل رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في هذا الأمر؟
نعم ، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يجعل أهل البيت علامة على الحق ، فمثلاً حديث الثقلين -الذي هو حديث صحيح وبلَّغه بعض الحفاظ إلى مرتبة الحديث المتواتر بالتواتر المعنوي- نجد في رواية مسلم قال صلى الله عليه وسلم : ((وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، -فحث على كتاب الله ورغب فيه-، ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ))
فهذا رسول الله يقول لنا أنا تارك فيكم القرآن وأهل البيت ويقول لكم استمسكوا بهم .
وفي رواية الترمذي وأحمد والطبراني وأبي يعلى يقول صلى الله عليه وسلم : (( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي -أي ذريتي- أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ))
يقول ((ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض)).
وفي رواية الطبراني وأحمد -وهي رواية صحيحة- يقول : ((إني تارك فيكم خليفيتيَّ كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )) وفي رواية ((فإن مثلهما كمثل سفينة نوح))
إذًا ..هذه الروايات كلها تدل على أن أهل البيت هم علامة على الحق ، وهم علامة على الصدق ، يقول البعض مثلاً : ((إذا كان هذا قولك فماذا تقول في أن بعض أهل البيت خرجوا عن الحق فبعضهم اتبعوا بعض الفئات التي ابتدعت وإننا نرى اليوم فيهم من هو فاسق ونرى منهم اليوم من هو مرتكب للمعاصي فما تقول في ذلك))

نقول : لا نقول أهل البيت معصومون كما يقول البعض ، أهل السنة والجماعة لا يقولون بعصمة أهل البيت ، إنما نحن نقول أن أهل البيت هم علامة على الحق ، يعني أن إجماع علمائهم الذين تتصل أسانيدهم بأهل البيت إلى جدهم الأكبر صلى الله عليه وسلم هم علامة على هذا الحق ، وهم مع القرآن بشاهد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فاللذي يخالف هذا القول كأنما يخالف نص حديث نبيه ورسوله الواضح البين الذي مثل الشمس في رابعة النهار .
نحن نرى الطرق الصوفية اليوم في العالم الإسلامي فنجد أن كل الطرق الصوفية -أو معظمها- تعود أسانيدها بل وتأسيسها إلى رجال آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمثلاً :
أصحاب الطريقة القادرية -أو الجيلانية- وهم ملائين في العالم منهم بالعراق وفي إفريقيا وفي الهند وفي الحجاز كلهم يعودون في سندهم بالتربية والتزكية وأخذ الأوراد والأذكار إلى الإمام عبد القادر الجيلاني الحسني -يعود نسبه الى الحسن بن علي بن ابي طالب-.
الشاذلية وهم كذلك ملائين منهم في مصر وفي الشام وفي الحجاز وفي تركيا وفي نواحي العالم كله ، وهم يعودون إلى سيدنا أبو الحسن الشاذلي السيد -من آل بيت رسول الله-.
نجد طريقة آل أبي علوي المشتهرة بحضرموت واليمن وكثرة من أهل الحجاز وشرق آسيا قاطبة يتبعهم في طريقتهم أهل اندنوسيا وهم أكثر من مائتي مليون في تلك البلاد كلهم على طريقة صوفية على منهج هؤلاء السادة من آل أبي علوي الحسينيين ، يرجع نسبهم إلى الحسين بن علي بن أبي طالب ، ومؤسس هذا الطريق هو الإمام الفقيه المقدم من أهل القرن الخامس و طريقتهم مشتهرة في اندنوسيا والفلبين وفي سيلان -التي تسمى سيريلانكا- وفي الهند وفي افريقيا كمثل كينيا وجزر القمر وزنجبار وغيرها من بلاد الإسلام ملائين من البشر من أهل الإسلام يتبعون هذا الطريق .
نجد السادة التيجانية إلى السيد محمد التيجاني كذلك في أواسط افريقيا وفي شمالها .
نجد الأدارسة الذين بالمغرب وفي جنوب الحجاز وجهة اليمن ، الأدارسة كلهم يعودون حسنيين إلى الإمام إدريس الأكبر ويعود بعضهم إلى الإمام أحمد بن إدريس المدفون بصبيا بجوار جيزان .
الطريقة السمانية المشتهرة بالسودان وبالمدينة وغيرها من بلاد المسلمين تعود إلى الشيخ محمد السمَّان كذلك من أهل البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الإمام أحمد البدوي ، الدسوقي ، .. أعداد يطول ذكرهم كل الطرق الصوفية الموجودة مؤسسوها هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو المتلقون عنه.
إذًا السواد الأعظم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على منهج الحق ، فلو الواحد اليوم ببساطة وسهولة يقول (الصوفية مبتدعة .. الصوفية ضالون) فكأنه يقول السواد الأعظم من أمة النبي والسواد الأعظم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أهل ضلال وكل ضلالة في النار فيدخل أهل الإسلام وغالبية آل بيت رسول الله إلى النار ، ما يقول بذلك عاقل أبدًا أبدًا أبدًا .
الواقع والتاريخ يثبت أن أهل البيت غالبيتهم على طرق الصوفية في العالم كله ، الذي لا يصدق يرجع إلى الواقع أمامه ، يذهب إلى بلاد المسلمين فيجد الطرق الصوفية فيجد كلها آل بيت رسول الله الذين يتصدَّرونها .

[الدليل الرابع]
ثم علامة رابعة على أن التصوف حق : هو الإجماع .
نحن نعلم كما سمعتم أن التصوف برز من القرون الأولى ومرت عليه هذه القرون كلها ، ونعلم أن الأمة لم تهاجم هذا التصوف ولم يتكلم فيه أحد ، سأذكر في ختام هذه الجلسة أقوال أئمة الدين من الكبار كأمثال الأئمة الأربعة ومن بعدهم أقوالهم عن التصوف ومجالستهم لرجال التصوف ليعلم السامع أن التصوف من تلك الأيام مشتهر وأن الأمة قد استحسنته وقد ارتضته على مر عصورها .
الأمة الإسلامية هل كانت كلها غافلة ؟ هل كانت كلها نائمة ؟ هل كانت كلها راقدة ؟ ضلالة تنتشر فيها ولا تهاجم ؟!
نحن نريد أن نعلم متى هوجم التصوف ؟ ومن الذين هاجموا التصوف ؟ ومن الذين تكلموا عن التصوف بالكلام الذي البعض اليوم يتكلم عنه بالتشنيع والتشديد وبالتفسيق أو التضليل ، نجد كلهم أفراد والكثير منهم جاؤوا متأخرين كمثل ابن الجوزي أو ابن تيمية أو غيره ممن جاء من بعد من بعد القرن الثامن ، بل نفس هؤلاء الذين ذكرتهم سأنقل من كلامهم ما يدل على أنهم لم يهاجموا التصوف كمنهج إنما هاجموا بعض أدعياء التصوف وسأثبت ذلك في الكلام المقبل -إن شاء الله تعالى- .
نحن نرى أغلب أهل الأرض اليوم منسوبون إلى التصوف ونرى مرور القرون كلها لم يهاجم التصوف وفي ذلك كفاية لصاحب العقل والفهم أن يدرك أن التصوف حق ، وأن يدرك أن التصوف صدق ، ليس بباطل .
قال صلى الله عليه وسلم -في أحاديثه الكثيرة-: (( لا تجتمع أمتي على ضلالة )) كما جاءنا في مسند الإمام أحمد يقول صلى الله عليه وسلم : ((سألت الله عز وجل ألا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها )) ويقول (( إن الله لا يجمع أمتي -أو قال أمة محمد- على ضلالة )) و ((يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار)) ويقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في حديثه الطويل ((وفي أمتي أجارهم من ثلاث لا يعمهم بسنة ولا يستأصلهم عدو ولا يجمعهم على ضلالة )) وفي سنن ابن ماجه يقول أنس بن مالك (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم ))
وفي مصنف ابن أبي شيبة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ((وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ))
وشواهد هذه الأحاديث كثيرةً جدًا نحن نرى إجماع الأمة على مر القرون بأنها ارتضت هذا التصوف ولم يتكلم فيه أحدٌ إلا أفراد معينون هاجموا التصوف من حيثيات معينة سيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى ونرى غالبية أهل الأرض اليوم من المسلمين كذلك هم على منهج التصوف وعلى اتصال بطرق التصوف الموجودة في العالم الإسلامي .

فإذًا هذه أربعة شواهد ذكرتها تدل على أن التصوف حق مع ما مر من كلام عن بدايته ونشأته وأصله أولاً ذكرنا العلامات والشواهد
أولها : أصل التصوف وتعريفه وما يحتويه هذا المنهج علامة على الحق.
ثانيًا : قضية السند وأحب أن يحسن الواحد منكم النظر إليها والتأمل فيها .
الثالثة : هم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتسابهم إلى التصوف واتصال التصوف بهم على مر العصور كلها .
رابعًا : الإجماع ومرور القرون الطويلة من القرون الأولى من نشأة التصوف وأهل العلم من أوائل هذه الأمة كلهم يمتدحون ويثنون التصوف وأهل التصوف ويترجمون لرجال التصوف في كتبهم وفي طبقاتهم وفي رجال الحديث والتفسير وغير ذلك.

ثم من العلامات والبيانات للتصوف التي أحب أن يعرفها السامع منكم

[دور الصوفية في الجهاد في سبيل الله]
دور التصوف في الجهاد في سبيل الله
الجهاد في سبيل الله الذي الأمة الإسلامية اليوم في أمسَّ الحاجة إليه ونحن نرى واقع العالم الإسلامي وما يجري على أراضيَ المسلمين في المقدس وغيرها في الشرق والغرب ننظر إلى الجهاد الذي مر في العالم الإسلامي من القرون الأولى إلى اليوم وماذا كان دور التصوف فيه .
نقول : أولاً : إذا رجعنا إلى ترجمة رجال التصوف الأوائل وجدناهم كلهم كانوا ممن يخرجوا في سبيل الله تعالى .
[الصوفية وحروب الصليبيين]
ثم نأتي إلى المعارك الكبرى في الإسلام وإلى القادات العظماء في الإسلام فننظر : القائد نور الدين زنكي الذي حارب الصليبية الإمام القائد نور الدين زنكي المشهور الورع التقي الصوفي ، كان جليس رجال التصوف وهو الذي قرر كتاب إحياء علوم الدين للجيش كله وهو من أشهر كتب التصوف .
ترجم له وذكر ذلك الإمام ابن كثير في كتاب البداية والنهاية وجاء في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء -الإمام القائد نور الدين زنكي- .
السلطان الأرسلان الذي انتصر على الروم في موقعة ملاذكر سنة (463) أربعمئة وثلاث وستين وكان يتبرك بالشيخ أبي القاسم القشيري وعدد من مشائخ الصوفية وارجع إلى نفس المراجع التي ذكرتها في نور الدين زنكي ، السلطان الأرسلان الذي انتصر على الروم!.
القائد البطل صلاح الدين الأيوبي الذي جاء تباعًا لنور الدين زنكي الإمام صلاح الدين الأيوبي القائد الذي حرَّر بيت المقدس وما أحوجنا لمثله اليوم وهو في سنة (532) خمسمئة واثنين وثلاثين كان يوصف (الصوفي الزاهد الورع النقي التقي) ذكره السبكي في طبقاته قال عنه ابن كثير : ((كان شجاعًا كثير الصلاة وله خانقاه بالديار المصرية أقامه للصوفية )) خانقاه معروف في مصر هي الدور التي يجتمع فيها أهل التصوف للذكر بناها لهم صلاح الدين الأيوبي ، وبنى مدارس الصوفية في جبل قاسيون في الشام وهو الذي بنى قبة الإمام الشافعي القبة المعروفة على قبر الإمام الشافعي وعلى ضريح الإمام الشافعي الذي بناها هو صلاح الدين الأيوبي ، وفتح بيت المقدس في السابع والعشرين من رجب سنة (583) خمسمئة وثلاث وثمانين بإشارة مشائخ الصوفية وكان في جيشه كثير من أهل التصوف ، صلاح الدين الأيوبي ! ، أخاف أن يأتي أحد اليوم فيقول صلاح الدين الأيوبي مبتدع كبير بنى قبة على قبر الإمام الشافعي وأنه كان يجالس الصوفية ، ومن ؟! عسى أن صاحب هذا القول هو الذي سيفتح بيت المقدس اليوم !!.
الإمام القائد محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية الذي جاءت الإشارة إليه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (خير الأمير أميرها وخير الجيوش جيشها) كذلك كان جليس رجال التصوف ، هذه حروب الصليبية والذين قاتلوهم .

[الصوفية وحروب التتار]
نأتي إلى حروب التتار الذين هاجموا الإسلام وانتهكوا بلاد المسلمين وانتهكوا بغداد وما حولها ، حروب التتار ، نجد الإمام أبو الحسن الشاذلي مرجع الصوفية الشاذلية ، كان هو قائد الحملة التي حبست لويس التاسع في المنصورة كان عمره فوق الستين وكف بصره فخرج حاملاً الراية يدعو الجهاد الجهاد.
الإمام العز بن عبد السلام هو شيخ القائد سيف الدين قطس ومعروف القائد سيف الدين قطس ، هو الذي انتصرت على التتار في معركة عين جالوت سنة (656) ستمئة وست وخمسين في السابع والعشرين من رمضان ، سيف الدين قطس كان من تلامذة العز بن عبد السلام من أشهر رجال التصوف من كبارهم .
الإمام أحمد البدوي بمصر كان يهادن وتلامذته معسكرات التتار بالليل لفك الأسرى وكم من كثير من الأخبار التي تذكر عن جهاد الصوفية .
[الصوفية والاستعمار]
نأتي إلى جهاد الصوفية ضد الاستعمار الأخير
نجد الشيخ عبد الكريم المغربي قائد حركة المرابطين في المغرب ضد الاستعمار -الاستعمار الإنجليزي والفرنسي وغيره-.
الشيخ عبد القادر -الأمير عبد القادر- الجزائري ضد فرنسا بالجزائر من كبار علماء التصوف.
الشيخ عمر المختار في ليبيا من الطريقة السنوسية الذي أذاق إيطاليا مُرً ومرارة عظيمة في صحراء ليبيا ، الشيخ عمر المختار وهو سنوسي الطريقة صوفي .
الإمام الزاهر من آل أبي علوي هو الذي أخرج هولندا من منطقة آكي باندنوسيا وهو من كبار الصوفية .
عز الدين القسام في فلسطين الذي أتعب اليهود والصهيونية كان صوفيًا عليه رحمة الله تعالى عز الدين القسام .
في السودان الذي حارب وأقام الحملة ضد الاستعمار الإمام المهدي الصوفي .
الذين قاتلوا الاستعمار بالشام هم أصحاب الطريقة الشاذلية والنقشبندية .
اليوم الذين يجاهدون بالشيشان هم أهل الطريقة النقشبدنية من الصوفية.
فهذا طرف من أخبار جهاد الصوفية قديمًا وحديثًا .


[دور الصوفية في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى]
ثم نأتي إلى دور الصوفية في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
فنجد أن أكثر الأراضي التي دخلت في الإسلام دون السيف ، إنما دخلت إلى الإسلام بدعوة الصوفية ولا غير ، والتاريخ يشهد بذلك بل وكتب العرب والغرب والشرق وكتب المستشرقين وكتب المؤرخين كلها تثبت هذه الحقيقة .
نجد مثلاً : الإسلام كيف دخل إلى شرق آسيا ؟ كيف وصل إلى الهند ؟
عن طريق السادة آل أبي علوي المنسوبين إلى الطريقة -طريقة آل أبي علوي- إلى الإمام الفقيه المقدم إلى سيدنا الحسين هم الذين أدخلوا الإسلام إلى الهند وإلى الفلبين واندنوسيا كلها وجزر الواق واق وإلى كل نواحي شرق آسيا وإلى جوانب في إفريقيا بعد ذلك وفي شرق افريقيا على وجه الخصوص .
هؤلاء الذين نشروا الإسلام واليوم تعداد المسلمين في تلك البلاد بمئات الملائين ليس بعشرات الملائين بل بمئات الملائين ، فنجد ان غالبية تعداد السكان اليوم من المسلمين دخلوا إلى الإسلام على أيدي رجال التصوف وأهل الذكر وأهل الحضرات .
نأتي إلى جهات روسيا وداغستان والشيشان وإلى منطقة البلقا ، نجد كلها دخلت إلى الإسلام عن طريق رجال التصوف من النقشبدنية والشاذلية وغيرهم وارجع إلى تاريخ هذه المناطق ، تركيا أوروبا اليوم الإسلام الذي ينتشر فيها عن طريق من ؟ نجدهم أصحاب الطرق الصوفية ، الصحراء الكبرى بافريقيا السادة التيجانية وغيرهمووسط افريقيا وإلى نواحي كثيرة في العالم الإسلامي الذي اليوم هو مرتبط بالإسلام ومواضع الأقليات الإسلامية إذا تفقدناها وجدناها كلها دخلت إلى الإسلام عن طريق رجال التصوف .
إذًا كيف يتجرأ المتجرأ بالحديث والكلام عن التصوف بهذه الجرأة وهذه البذاءة أحيانًا ، قد يتطاول بعضهم -والعياذ بالله تعالى- هؤلاء الذين جاهدوا في سبيل الله هؤلاء الذين نشروا الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى تأتي ببساطة يأتي بعض الناس أو نرى مثلاً في قناة من القنوات الفضائية يأتون ببرنامج يصورون أن التصوف هو دراويش بعض الناس يتخالطون رجال ونساء يختلط بعضهم ببعض ويمتزج بعضهم ببعض ويعملون بعض الحركات ثم يقولون للناس هذا هو التصوف ، اتقوا الله ، أستغفر الله العظيم ، كيف ؟! هذه الحملة اليوم على التصوف وعلى أهل التصوف في تصوير الصوفية بأنهم أهل هذه الأفعال المنكرة كيف يليق بمسلم أن يتصور هذا التصور عن أهل هذه الأسانيد ، يا أخي !! ، إسمع الكلام الذي سمعته في كل هذه المحاضرة وتأمله حتى لا تتطاول لسانك على هؤلاء القوم الكرام الذين خدموا دين الله سبحانه وتعالى .

[مسألة الهجوم على التصوف المنتشر هذه الأيام]
نأتي إلى مسألة الهجوم على التصوف المنتشر اليوم.
متى بدأ هذا الهجوم ؟ متى جاء هذا الكلام عن الاتهامات لهذا التصوف ؟
نجد الذين يهاجمون التصوف كلهم من منطقة معروفة وما مر عليهم أكثر من مائتين سنة أصلاً على طريقتهم ومنهجهم اليوم الذي ينشرونه ، هم الذين يهاجمون التصوف ما في أحد غيرهم في العالم يهاجم التصوف ! وأكثر الشواهد يأتون ببعض كلام لابن تيمية وبعض كلام لابن الجوزي وبعض كلام لابن القيم أو الشاطبي أو غير هؤلاء من علماء العالم الإسلامي ، ويجعلون ذلك طريقًا وسبيلاً لهم ، بأن يتطاولوا على أهل الإسلام ، وعلى علماء الدين عليهم رضوان الله تعالى .
هذا كلام ابن تيمية : الشيخ ابن تيمية وقبله ابن الجوزي وبعده ابن القيم تكلموا عن التصوف ولكنهم هاجموابعض مظاهر التصوف أو المتمصوفة أو الذين ادعوا التصوف أو هاجموا بعض الأشياء التي لم يفهموها في التصوف ولم تتضح لهم في التصوف وإلا فالشيخ ابن تيمية نفسه يأتي في كتبه وفي فتاواه ليمتدح التصوف وليثني على التصوف مثلاً:
يقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى عن تمسك الصوفية بالكتاب والسنة في الجزء العاشر من مجموع فتاويه ، قال : ((فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض وابراهيم بن أدهم وسليمان الداراني ومعروف الكرخي والسري السقطي -هؤلاء كلهم من أهل القرن الأول والثاني- والجنيد وغيرهم من المتقدمين مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ حمّاد والشيخ أبي البيان وغيرهم من المتأخرين وهم لا يسووغون للسالك ولو طار في الهواء ومشى على الماء أن يخرج عن الامر والنهي الشرعيين بل عليه أن يعمل بالمأمور ويدع المحظور إلى أن يموت وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف وهذا كثير من كلامهم ))
إذَا نحن نرى ابن تيمية نفسه يقول هذا الكلام ويقول في مجموع فتاواه كذلك في المجلد الحادي عشر :
(( وأهل السنة والجماعة يقولون ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع هو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله والثواب على حسناته ويستحق العقاب على سيئاته إن الشخص الواحد يستمع فيه ما يتاب عليه وما يعاقب عليه وما يحمد عليه وما يذم عليه وما يحب منه وما يبغض منه فهذا هذا إذا عرف أن منشأ التصوف كان من البصرة وأنه كان فيها من يسلك طريق العبادة والزهد مما له فيه اجتهاد كما كانت الكوفة من يسلك من طريق الفقه والعلم ما له فيه اجتهاد وهؤلاء نسبوا إلى اللبسة الظاهرة وهي لباس الصوف فقيل في أحدهم صوفي وليس طريقهم مقيد بلباس الصوف ولا هم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به لكن أضيفوا إليه بكونه ظاهر الحال )) ثم يقول (( ثم التصوف عندهم له حقائق وأحوال معروفة قد تكلموا في حدوده وسيرته وأخلاقه كقول بعضهم : الصوفي من صفا من الكدر وامتلأ من الفكر واستوى عنده الذهب والحجر )) إلى غير ذلك من كلام الشيخ ابن تيمية وقد تكلم في فتاواه وألف في ذلك رسالة سماها "الصوفية والفقراء" وتكلم فيها عن أهل التصوف بكلام جميل وحسن قال (( ويقولوا فإذا قيل عن هؤلائك الزهَّاد والعبَّاد من البصريين أنهم صديقون فهو كما يقال عن أئمة الفقهاء من أهل الكوفة أنهم صديقون أيضًا كل بحسب الطريق الذي سلكه من طاعة الله ورسوله وبحسب اجتهاده وقد يكونون من أجلِّ الصديقين بحسب زمانهم )) هذا كلام ابن تيمية وغيره كثير.
ثم نجد مثلاً الإمام ابن القيم. ابن القيم ألف كتابًا كاملاً في التصوف سماه مدارج السالكين في ثلاث مجلدات نقل فيه جميع كلام أهل التصوف فاللذي يريد أن يعود إليه فهو موجود يقول ((الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين وكذلك التصوف قال الكتاني : التصوف هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف)) هذا كلام ابن القيم ، وله كلام غير ذلك كثير قيم ، والذين مثلاً اليوم ينتسبون إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويهاجمون التصوف كذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب كثير ما أثنى على التصوف فمثلاً:
يقول في القسم الثالث من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب جزء فتاوى ومسائل قام بجمعها وتصحيحها ومقابلتها على أصولها الشيخ صالح بن عبد الرحمن وغيره يقول في الصفحة واحدة والثلاثين المسئلة الخامسة : (( سأل رحمه الله عن مسائل مفيدة فأجاب : اعلم أرشدك الله أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو العلم النافع ودين الحق الذي هو العمل الصالح إذا كان من ينتسب إلى الدين منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول به كالفقهاء ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين ))
إذًا هذا كلام الذين يعود إليهم هؤلاء الذين يهاجمون التصوف ويسندون إليهم الأمر نجدهم يثنون على التصوف وإنما الشيخ ابن تيمية وغيره هاجموا بعض الألفاظ التي اشتبهت على البعض يكون فيها شبه الحلول أو الاتحاد أو يكون فيها بعض ما خرج عن ظاهر الكتاب والسنة ، فهم إنما هاجموا الصور السيئة التي هي دخيلة على التصوف وليس التصوف بعينه وكان الشيخ ابن تيمية إذا ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني يقول (قدس الله سره)


[أقوال العلماء في التصوف]
وأختم هذه الجلسة وهذه المحاضرة بقراءة كلام أئمة الدين حول التصوف ، ليكون ختامًا حسنًا جميلاً لقول الكرام ، وهم الذين يعتدُّ بهم ويأخذ بقولهم ولا قولة مثل قولهم .
[1] منهم الإمام أبو حنيفة الإمام النعمان أبو حنيفة نقل الفقيه الحنفي الحصفكي صاحب الدر أن أباعلي الدقَّاق رحمه الله تعالى -كان من أهل التصوف هذا- قال : ( أنا أخذت الطريقة من أبي القاسم النصرأبادي وقال أبو القاسم أنا أخذتها من الشبلي وهو من السري السقطي وهو من معروف الكرخي وهو من داود الطائي وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله )) انظر إلى حاشية ابن عابدين الدر المختار (ج1/ص43) الجزء الأول صفحة ثلاثة وأربعين. فأبو حنيفة يعطي طريقة صوفية !

[2] الإمام مالك رحمه الله : يقول الإمام مالك رحمه الله ( من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن جمع بينهما فقد تحقق ) انظر حاشية العلامة علي العدوي على شرح الإمام الزرقاني في الفقه المالكي (ج3/ص95) الجزء الثالث صفحة خمسة وتسعون وفي غير ذلك من أخبار الإمام مالك والأئمة الأربعة المشهورين وغيرهم .

[3] الإمام الشافعي : قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : (صحبت الصوفية فاستفدت منهم ثلاث كلمات قولهم الوقت سيف إذا لم تقطعه قطعت وقولهم نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل وقولهم العدم عصمة ) في كتاب تأييد الحقيقة العلية للإمام جلال الدين السيوطي صفحة (15) خمسة عشر ، وقال أيضًا -الإمام الشافعي-: (حبب إليَّ من دنياكم ثلاث ترك التكلف وعشرة الخلق بالتلطف والإقتداء بطريق أهل التصوف ) راجع كتاب كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للإمام العجلوني.

[4] الإمام أحمد بن حنبل : كان يقول قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله (يا ولدي عليك بالحديث وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية فإنهم ربما كان أحدهم جاهل بأحكام دينه) فلما صحب أبا حمزة البغدادي الصوفي عرف أحوال القوم أصبح يقول لولده (يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم فإنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة ) راجع كتاب تنوير القلوب للشيخ أمين الكردي.
وكان الإمام أحمد مع جلالة قدره إذا توقف في مسألة يقول لأبي حمزة البغدادي (ما تقول في هذه المسألة يا صوفي ؟) فمهما قال له اعتمده ، ونقل العلامة محمد السفارييني الحنبلي عن إبراهيم بن عبد الله العلاني رحمه الله (أن الإمام أحمد قال عن الصوفية لا أعلم أقوامًا أفضل منهم قيل أنهم يستحيون ويتواجدون قال دعوهم يفرحون مع الله ساعة) كتاب غذاء الألباب شرح منطومة الآداب.

[5] الإمام الشريف الجرجاني : يقول في التعريفات صفحة (52) اثنين وخمسين -كتابه التعريفات- يقول : ((التصوف مذهب كله جد فلا يخلطونه بشيء من الهزل وهو تصفية القلب عن المواقف البرية مفارقة الأخلاق الطبيعية إخماد الصفات البشرية ومجانبة الدعاوي النفسانية ومنازلة الصفات الروحانية .. -إلى غير ذلك إلى أن قال- .. واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشريعة))

[6] الإمام الغزالي يقول في كتابه المنقذ من الضلال بعد أن فرغ من علوم الشريعة يقول واصفًا التصوف والصوفية : ((ثم إني لما فرغت من هذه العلوم أقبلت بهمتي على طريق الصوفية وعلمت أن طريقهم إنما يتم بعلم وبعمل ..إلى آخر كلامه رضي الله عنه))

[7] الشيخ الإمام الكبير حجة المتكلمين عبد القاهر البغدادي رحمه الله في كتابه الفرق بين الفرق قال :
(( الفصل الأول من فصول هذا الباب في بيان أصناف أهل السنة والجماعة ثمانية أصناف من الناس)) ذكر منها الصنف السادس قائلاً : ((والصنف السادس منهم الزهَّاد الصوفية الذين أبصروا فأقصروا واختبروا فاعتبروا ورضوا بالمقدور وقنعوا بالميسور وعلموا أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك مسؤول عن الخير والشر ومحاسب على مثاقيل الذر .. إلى آخر كلامه )) في كتاب الفرق للإمام عبد القاهر البغدادي المتوفي سنة (429) أربعمئة وتسع وعشرين .

[8] الإمام فخر الدين الرازي -الإمام الكبير المفسر الشهير- رحمه الله في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين يقول :
(( الباب الثامن في أحوال الصوفية
اعلم أن أكثر فرق الأمة لم يذكروا الصوفية وذلك خطأ لأن حاصل قول الصوفية أن الطريقة إلى المعرفة إلى الله هو التصفية والتجرد من العلائق البدنية وهذا طريقٌ حسن )) وقال أيضًا : ((والمتصوفة قوم يشتغلون بالفكر وتجرد النفس من العلائق الجسمانية ويجتهدون ألا يخلو سرهم وبالهم عن ذكر الله تعالى .. الى آخر كلامه)) اعتقادات فرق المسلمين للإمام فخر الدين الرازي المتوفي سنة (606) ستمئة وستة .

[9] الإمام النووي الحجة أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي يقرر في رسالته المعروفة المقاصد -كتيب مطبوع للإمام النووي- يقول :
(( أصول الطريق التصوف خمسة -فيأصل التصوف يقول أصول طريق التصوف خمسة- تقوى الله تعالى في السر والعلانية واتباع السنة في الأقوال والأفعال والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار والرضا عن الله في القليل والكثير والرجوع إلى الله في السرَّاء والضرَّاء)) راجع مقاصد الإمام النووي في التوحيد والعبادة وأصول التصوف صفحة (20) عشرين ، توفي الإمام النووي سنة (676) ستمئة وست وسبعين.

[10] الإمام السيوطي العلامة المشهور يقول في كتابه تأييد الحقيقة العلية -وهو من الصوفية- : (( إن التصوف في نفسه علم شريف وإن مداره على اتباع السنة وترك البدع والتبرِّي من النفس وعوائقها وحظوظها وأغراضها ومراداتها واختياراتها والتسليم لله تعالى ..إلى آخر كلامه وهو كلام طويل )) في كتابه تأييد الحقيقة العلية في الصفحة (57) السابعة والخمسين ، الإمام السيوطي المتوفي سنة (911) تسعمئة وتسعة عشر .

[11] الإمام تاج الدين السبكي قال تاج الدين السبكي المعروف المشهور في كتابه معيد النعم ومبيد النقم تحت عنوان (الصوفية) ((حياهم الله وبياهم وجمعنا في الجنة نحن وإياهم وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعبًا ناشئًا عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المتلبسين بها .. -إلى أن قال-.. وإنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة .. إلى آخر كلامه)) في كتابه معيد النعم في صفحة (119) مئة وتسعة عشر ، الإمام السبكي توفي سنة (771) سبعمئة و واحد وسبعين .

[12] ابن خلدون رحمه الله المؤرخ يقول ابن خلدون في كلامه عن علم التصوف :
(( هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة ، وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين من بعدهم طريقة الحق والهداية ، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخارف الدنيا وزينتها والزهد فيما يقبل عليها الجمهور ، من لذة ومال وجاهٍ والانفراد عن الخلق .. -إلى آخر كلامه قال-..واختصَّ المقبلون على العبادة باسم الصوفية )) مقدمة ابن خلدون صفحة (328) ثلاثمئة وثمان وعشرين ، وهو المتوفي سنة (808) ثمانمئة وثمان .

[13] الشيخ العز بن عبد السلام : يقول ((قد قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وآخرى وقعد غيرهم على الرسوم ومما يدلك على ذلك ما يقع على يدي القوم من الكرامات وخوارق العادات فإنه فرع عن قربات الحق لهم ورضاه عنهم .. -إلى آخر كلامه-)) الشيخ العز بن عبد السلام.

[14] من المشائخ المشهورين في زمننا هذا الشيخ محمد متولي الشعراوي -المفسر المشهور الذي يسمعه الناس في الشاشات دائمًا وفي الإذاعات رحمه الله تعالى- : يقول الشيخ محمد متولي فيما يرويه لنا في كتاب أصول الأصول للشيخ زكي إبراهيم يقول : (( الصوفي يتقرب إلى الله بفروض الله ، ثم يزيدها بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام من جنس ما فرض الله ، وأن يكون عنده صفاء في استقبال أقضية العبادة فيكون صافيًا لله والصفاء هو كونك تصافي الله فيصافيك الله )) قال : (( والتصوف رياضة روحية لأنها تلهم الإنسان بمنهج تعبديٌ لله فوق ما ترضى ))

[15] الشيخ أبو الحسن الندوي -المشهور كذلك المعروف الذي صليَّ عليه في وفاته صليَّ عليه في الحرمين الشريف قبل سنوات يقول - في بحث (الصوفية في الهند وتأثيرها في المجتمع) من كتابه (المسلمون في الهند) قال : ((إن هؤلاء الصوفية كانوا يبايعون الناس على التوحيد والإخلاص واتباع السنة والتوبة عن المعاصي والظلم والقسوة ويرغبونهم في التحلِّي بالأخلاق الحسنة التخلي عن الرذائل مثل الكبر والحسد والبغضاء))

[16] الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي -حفظه الله تعالى من علمائنا البقية الموجودين بالشام- يقول : (( كان أبي رحمه الله يجزم بأن التصوف النقي هو جوهر الإسلام ولبابه وكان يأكد أن المسلم إذا لم يكن قد تشرَّب حقيقة التصوف فقد حبس نفسه في معاني الإسلام ولم يرقى صعدًا إلى حقيقة الإيمان)) في كلام له كثير من كتابه (السلفية) وفي كتبٌ الأخرى تكلم بكثير من الكلام عن التصوف حفظه الله تعالى .

[17] وهذا الشيخ الإمام الحسن البنا -صاحب الحركة الإسلامية العظيمة- يقول في مذكراته في الصفحة (27) السابعة والعشرين : ((وصحبت الإخوان الحصافية بدمنهور وواظبت على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة)) ويقول الحسن البنا -رحمه الله تعالى كما ذكر ذلك بلاد الرزق في كتابه حسن البناء بأقلام تلامذة حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه- يقول : ((في دمنهور توثقت صلته -يعني حسن البنا- بالإخوان الحصافية -هذا الطريق الحصافية- وواظب على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة مع الإخوان الحصافية ورغب في أخذ الطريقة حتى انتقل من مرتبة المحب إلى مرتبة التابع وكان المؤسس غارقًا في التصوف كما في مذكراته صفحة (32) اثنين وثلاثين حيث يقول (وكانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الاستغراق في عاصفة التصوف والعبادة ) )) وكثير من كلام الحسن البنا وإن كان بعض الذين اليوم ممن يقول أنه من أتباع الحسن البنا ربما يتطاول على التصوف .
وكذلك فئات المسلمين والذين اشتهروا بخدمة الدين في المشارق وفي المغارب وبالهند والسند والشرق والغرب أغلبهم ومعظمهم نراهم من أهل التصوف أو جلساء رجال التصوف هذا ما أحببت أن أبينه في هذه المحاضرة التي حاولت فيها أن آتي بأقوال العلماء وبمظاهر الدلالة على حقيقة التصوف .
[الخاتمة]
وإن كان هذا الكلام لا يعني أنني أؤيد بعض المظاهر التي دخلت دخيلة على التصوف فهناك متمصوفة دخلاء على التصوف ليسوا بصوفية ، نحن إنما نتكلم وهذه الجلسة كلها إنما هي لبيان أن التصوف الحق حق ، أما أنا أعلم أن هناك من دخل على التصوف ومن ادعَّى التصوف من أدعياء يخالطون النساء ويفعلون المنكرات ثم يقولون نحن أولياءٌ لله أو يدعون إلى اختلاط النساء بالرجال أو غير ذلك من هذه التصرفات فنحن ورجال التصوف كلهم لا نؤيد هذا ولا ندعوا إلى هذا وننكره إنكارًا للمنكر ونأمر بالحق أمرًا بالمعروف .
نسأل الله تعالى لنا الهداية والثبات إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ومن كان له سؤال أو استفسار يمكن أن نجود عليه -بفضل الله تعالى وبتوفيقه- إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين .










قديم 2012-08-29, 08:12   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فك اخي في الله عبد العزيز من سطيف وسلمت اناملك
وسدد خطاك على الفائدة ...نسأل اللهم الاجر والثواب والثبات الثبات










قديم 2012-08-29, 08:17   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


من هو الشيخ عبدالقادر الجيلاني؟!


الشيخ الزاهد عبدالقادر الجيلاني .. أحد علمـاء الحنابلة .. لهُ كــتاب "الغنية" في مذهب أحمد ..

هذا الشيخ المظلوم .. وقد ظلمه أصحــــاب التصوف والقبوريون فكذبوا عليه .. حتى وصل ببعضهم أن يستغيثون به من دون الله .. وسنرى .. أن هؤلاء المشركون هم أنفسهم يخالفون الشيخ عبدالقادر من الكتب التي عندهم وينسبونها للشيخ ..

تنبيه: أن التصوف عند السلف بمعنى الزهد، أما اليوم فهي الابتداع بالدين واختراع طرق واتباع بدع وتشريع ما لم يشرع الله .. أنظر –بعد قليل – كيف يقرر الشيخ عبدالقادر عقيدة السلف وأنظر للقادرية ومن ينتسبون لعبدالقادر كيف يشركون بالله ويخالفون أمر الله الذي قرره وأكد عليه الشيخ في كتبه؟!!
أنظر كيف يطوفون بقبره ويصيرونه نداً لله.. قاتل الله أصحاب الجبايات الذين يضلون الناس ليكسبوا من هذه المزارات الدراهم الكثيرة..

سئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي :
هل كان عبد القادر الجيلاني على عقيدة أهل السنة والجماعة وأن تلاميذه عظموه بعد وفاته؛ لأنني قرأت هذا في بعض الكتب؟

فأجـاب :
نعم عبد القادر الجيلاني من الصالحين، ومن الحنابلة ولكن الناس عكفوا على قبره، وغلوا فيه ودعوه من دون الله، وهو لا يرضى بذلك، وهو من العلماء الأفاضل - من علماء الحنابلة وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وله كتاب الغنية، ومن ذلك ما ذكر شيخ الإسلام عنه قصة:
وهو أن الشياطين تستولي على بعض الناس، وتغريهم بالشرك، وتتسلط على المشركين، ومن ذلك أن بعض الشياطين تدخل في القبور، وتخاطب من يدعوها من دون الله، ويسمع منها الصوت مثل العزى، كان يسمع منها الصوت، فيظن المشرك إذا دعاه، وقد يقضي له حاجته، فيظن أن الميت هو الذي دعاه، وقد ينشق القبر، ثم يخرج الشيطان في صورة الميت، ويسلم عليه، ويقول: أنا أقضي لك حوائجك حتى يغريه بالشرك، ويشجعه على الشرك، هكذا ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يأتي ويقول: ذكر عني أنه رآني شخص بصورتي في البلد الفلاني، وأنا في البلد الفلاني، هذا شيطان تشبه به.

ومن ذلك ما يحصل من الشياطين ما حصل لعبد القادر الجيلاني قال: رأيت عرشًا بين السماء والأرض، فناداني صوت قال: يا عبد القادر أنا ربك قد أسقطت عنك الفرائض، وأبحت لك المحارم كلها، أسقطت عنك جميع الواجبات، قال: فقلت له: اخسأ يا عدو الله، فتمزق ذلك العرش، وذلك النور، وقال: نجوت مني بحلمك وعلمك يا عبد القادر وقد فتنت بهذه الفعلة سبعين صديقا أو كما قال. قيل له: كيف عرفت يا عبد القادر أنه شيطان. قال: عرفت بقوله: أسقطت عنك الواجبات، وأبحت لك المحرمات، وعرفت أن الواجبات لا تسقط عن أحد إلا من فقد عقله، وقال: إنه لم يستطع أن يقول: أنا الله، بل قال: أنا ربك.

فهذه من القصص التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن عبد القادر الجيلاني - رأى عرشًا بين السماء والأرض ويخاطبه. فالشياطين لهم شيطنة يتسلطون على بعض الناس، وعباد القبور وغيرهم، يشجعونهم على الشرك، ويؤذونهم، حتى إذا ترك الشرك يؤذيه الشيطان حتى يفعل الشرك إذا تأخر عن الشرك آذاه ولو ما يذبح لغير الله آذاه، وتسلط عليه، قال الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ حتى إن بعضهم - بعض عباد القبور - يزحف أو يأتي كأنه ساجد حتى يصل إلى القبر، يقول، ولا يستطيع يمشي وهو مستقيم، لو يمشي وهو مستقيم سقط خبطه الشيطان، حتى يمشي وهو راكع، أو يزحف على ركبتيه، وإذا غير هذه الحالة ما استطاع.

وهذا مشاهد وواقع في قصص كثيرة من هذا، وأنا ذكر لي بعض المصريين الحجاج يقول: إنه يذبح للسيد البدوي وبعضهم يقول: يذبح في العام مرة، ويقول: علي ذبيحة لأهل الله، هذا ولي لأهل الله، علي ذبيحة لأهل الله، ويقول: إني أردت مرة أن أترك الذبح، أو تأخرت عن الذبح، فجاءني في الليل جمل فتح فاه، يريد أن يأكلني فما تخلصت حتى ذبحت - حتى ذبح للبدوي - فهذا من تلاعب الشياطين، والشياطين تتسلط عليهم كما قال الله: إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

((قُلْت : وَلِهَذَا يَقُولُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -
كَثِيرٌ مِنْ الرِّجَالِ إذَا وَصَلُوا إلَى الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ أَمْسَكُوا وَأَنَا انْفَتَحَتْ لِي فِيهِ رَوْزَنَةٌ فَنَازَعْتُ أَقْدَارَ الْحَقِّ بِالْحَقِّ لِلْحَقِّ وَالرَّجُلُ مَنْ يَكُونُ مُنَازِعًا لِقَدَرِ لَا مُوَافِقًا لَهُ وَهُوَ - رضي الله عنه - كَانَ يُعَظِّمُ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَيُوصِي بِاتِّبَاعِ ذَلِكَ وَيَنْهَى عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِالْقَدَرِ )) ( 8/303)

وقال:

(( وَأَمَّا أَئِمَّةُ الصُّوفِيَّةِ وَالْمَشَايِخُ الْمَشْهُورُونَ مِنْ الْقُدَمَاءِ :
مِثْلُ الجنيد بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَتْبَاعِهِ وَمِثْلُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ وَأَمْثَالِهِ فَهَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ لُزُومًا لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَتَوْصِيَةً بِاتِّبَاعِ ذَلِكَ وَتَحْذِيرًا مِنْ الْمَشْيِ مَعَ الْقَدَرِ كَمَا مَشَى أَصْحَابُهُمْ أُولَئِكَ وَهَذَا هُوَ " الْفَرْقُ الثَّانِي " الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ الجنيد مَعَ أَصْحَابِهِ . وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ كَلَامُهُ كُلُّهُ يَدُورُ عَلَى اتِّبَاعِ الْمَأْمُورِ , وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورِ وَلَا يُثْبِتُ طَرِيقًا تُخَالِفُ ذَلِكَ أَصْلًا لَا هُوَ وَلَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَيُحَذِّرُ عَنْ مُلَاحَظَةِ الْقَدَرِ الْمَحْضِ بِدُونِ اتِّبَاعِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ )) ( 8/366)

وهنا أنظر الصوفيين مع هذا الشيخ الجليل وكيف يصيرونه وثناً يعبدونهُ من دون الله بالطواف على قبره والصلاة إليه والذبح وتقديم القرابين والاستغاثة به وغير ذلك .. ثم نتبع بكلامه الذي يفضح ادعاءات الصوفية ويبين كذب اتباعهم لهُ.

يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن في كشفه (كشف ما ألقاهُ إبليس من البهرج والتلبيس) ص261-264:

"وكذلك ما كان يفعلهُ أهل العراق ، والمغرب، والسواحل، من البناء على قبر عبدالقادر الجيلاني ، وبناء المشاهد لعبادة عبدالقادر ، كالمشهد الذي في أقصى المغرب ، وينادونه من مسافة أشهر ؛ بل سنة لتفريج كرباتهم ، وإغاثة لهفاتهم ، ويعتقدون أنهُ من تلك المسافة يسمع داعية ، ويجيب مناديه.
يقول قائلهم:إنه يسمع ومع سماعه ينفع .
وهو لما كان حياً يسمع ويبصر ، لم يعتقد أحد فيه أنه يسمع من ناداهُ من وراء جدار ، ثم بعد موته صار منهم ما صار ، وهل هذا إلا لاعتقادهم أنهُ يعلم الغيب ، ويقدر على ما لا يقدر عليه إلا الله؟

فلو جاز في حق عبدالقادر لجاز في حق من هو أفضل منهُ بأضعاف ، من الخلفاء الراشدين ، والسابقين الأولين ، والأئمة المهتدين ، أن يدعى من تلك المسافة ، ويستجيب ، لكن الله تعالى صان أولياءهُ ، وخيــار أهل الإيمان أن يفعل معه مثل هذا ، فأين اعتقاد من اعتقد في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الإلهية ، فخدَّ لهم الأخاديد ، وألقى فيها من الحطب ، وأضرم فيها النار فقذفهم فيها.

قال ابن عباس: "إنهم يقتلون بالسيف" ، وفِعْلُهُ أمير المؤمنين لشدةِ غيرته على التوحيد ، وشدةِ إنكاره للشرك والتنديد.
وهذا الذي يفعلهُ هؤلاء مع من ذكرنا إنما هو من تألهِ القلوب بهم ، وشدة اعتقادهم فيهم ، وصرف خصائص الربوبية والإلهية لهم.

وعبدالقادر –رحمه الله- لاشك أنه لهُ فضل ودين ، وهو حنبلي المذهب ، وأكثر أصحاب الإمام أحمد أفضل منه في العلم ، وكذلك الإمام أحمد ، ومن في طبقته من أئمة المحدثين والفقهاء أفضل من عبدالقادر بالاتفاق ، فلو جازت هذه الأمور في حق عبدالقادر لجاز أن تفعل في حق أحد من هؤلاء ، بل وفي حق من هو أفضل من الكل كأعيان التابعين ومن قبلهم من الصحابة كالخلفاء الراشدين.

وعبدالقادر من سائر أهل مذهبه ، وله كتـاب "الغنية" في مذهب أحمد ، ولهُ زهد وعبادة ، وليس أفضل من الفضيل بن عياض ، وبشر بن الحافي والجنيد ، بل أهل العلم يعلمون أن هؤلاء أفضل منه ، فهو فاضل بالنسبة لمن دونه ، مفضول بالنسبة إلى من ذكرنا من الأئمة قبله ، وإن كان يُذْكَرُ لَهُ كرامات الله أعلم بصحة ذلك ، وما آفة الأخبــار إلا رواتها ، فإن صح منها شيء فكرامات الصحابة أعظم ، كما وقع لعمر وعلي وغيرهما ، فلم يعبدوا لأجل ما وقع لهم من كرامات.

والكرامة فعل الله تعالى ، وليست فعلاً لمن وقعت لهُ ، ومن أحسنِ مناقبِ عبدالقادر أن إبليس تراءى لهُ في غمامة فقال: أنا ربك وقد أبحت لك المحارم،فقال لهُ: اخسأ أنت إبليس ، إن الله لا يأمر بالفحشــاء ، أو قال: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} فرحم الله عبدالقادر ، فلقد كان لا يرضى بما قد كانوا يفعلونهُ معه ، ولا بمثل قطرة منه.

وأعظم المحارم التي ينكرها ما كان يُفعلُ اليوم وقبلهُ عند ضريح من الشرك الذي لا يغفره الله ، فإنه أعظم ذنب عصى الله به ، لا يرتاب في هذا مؤمن.

وهذا الذي ذكرناهُ على سبيل التمثيل ، وإلا فبناء المساجد ، والمشاهد على القبور وعبادتها ، قد عمت به البلوى في كثير ، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا)) ، وقال لأمِ سلمةَ لما ذكرت لهُ كنيسة بأرضِ الحبشة ، وما فيها من الصور قال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)) .

فما أعظم ما وقع من الشرك في كثير من هذه الأمة ، فقد ربا على شرك أهل الجاهلية ، فإن أولئك أقروا بتوحيد الربوبية وجحدوا توحيد الإلهية ، وهؤلاء صرفوا خصائص الربوبية والإلهية لغير الله ، فالله المستعان. "اهـ

قال الشيخ عبدالقادر الجيلاني في كتابه الفتح الرباني:
" يـــــا من يشكو الخلق مصائبه ، ايش ينفعك شكواك إلى الخلق؟!!
لا ينفعونك ولا يضرونك وإذا اعتمدت عليهم اشركت في باب الحق عزّ وجلّ يبعدونك ، وفي سخطهِ يوقعونك! ..
ويلك أما تستحيي أن تطلب من غير الله وهو أقرب إليك من غيره".

ويقول:
"لا تدعو مع الله أحداً كما قال {فلا تدعو مع الله أحداً} "

وقال لولده عند مرضِ موته:
" لا تخف أحداً ولا ترجه ، وأوكل الحوائج كلها إلى الله ، واطلبها منه ، ولا تثق بأحدٍ سوى الله عز وجل ، ولا تعتمد إلا عليه سبحانه ، التوحيد ، وجماع الكل التوحيد"

من كتــاب الفتح الرباني والفيض الرحماني ص117-118،159،373 نقلاً عن موسوعة أهل السنة للشيخ أبو عبيدة عبدالرحمن محمد سعيد

قول الشيخ الإمام العارف قدوة العارفين الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله روحه

قال في كتابه تحفة المتقين وسبيل العارفين في باب اختلاف المذاهب في صفات الله عز وجل وفي ذكر اختلاف الناس في الوقف عند قوله {وما يعلم تأويله إلا الله} قال إسحاق في العلم إلى أن قال: والله تعالى بذاته على العرش علمه محيط بكل مكان والوقف عند أهل الحق على قوله إلا الله وقد روى ذلك عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الوقف حسن لمن اعتقد أن الله بذاته على العرش ويعلم ما في السموات والأرض إلى أن قال ووقف جماعة من منكري استواء الرب عز وجل على قوله: {الرحمن على العرش استوى} وابتدأوا بقوله استوى له ما في السموات وما في الأرض يريدون بذلك نفي الاستواء الذي وصف به نفسه وهذا خطأ منهم لأن الله تعالى استوى على العرش بذاته وقال في كتابه الغنية أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار فهو أن تعرف وتتيقن أن الله واحد أحد إلى أن قال وهو بجهة العلو مستو على العرش محتو على الملك محيط علمه بالأشياء إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال أنه في السماء على العرش استوى قال الله تعالى الرحمن على العرش استوى وساق آيات وأحاديث ثم قال وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرش ثم قال وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف . هذا نص كلامه في الغنية
من كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم 1/175

قال الناظم رحمه الله تعالى
فصل:

هذا وخامس عشرها الإجماع من ** رسل الإله الواحد المنان
فالمرسلون جميعهم مع كتبهم ** قد صرحوا بالفوق للرحمن
وحكى لنا إجماعهم شيخ الورى ** والدين عبد القادر الجيلاني
شرح قصيدة ابن القيم 1/432-433

وأبو الوليد المالكي أيضا حكى ** إجماعهم واني ابن رشد الثاني
وكذا أبو العباس أيضا قد حكى ** إجماعهم علم الهدى الحراني
وله إ طلاع لم يكن من قبله ** لسواه من متكلم بلسان

قال الشيخ الإمام شيخ الإسلام سيد الوعاظ أبو محمد عبد القادر ابن الجيلي في كتاب الغنية له :
أما معرفة الصانع بالآيات والإختصار فهو أن يعرف ويتيقن أن الله واحد أحد إلى أن قال وهو بجهة العلو مستو على العرش يحنو على الملك محيط علمه بالأشياء إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال إنه في السماء على العرش كما قال {الرحمن على العرش استوى } وذكر آيات وأحاديث إلى أن قال وينبغي إطلاق صفة الإستواء من غير تأويل وإنه إستواء الذات على العرش قال وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف وذكر كلاما طويلا

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( فأمر الشيخ عبد القادر ( الجيلاني ) وشيخه حماد الدباسي وغيرهما من المشايخ أهل الاستقامة رضي الله عنهم : بأنه لا يريد السالك مراداً قط ، وأنه لا يريد مع إرادة الله عز وجل سواها ، بل يجري فعله فيه ، فيكون هو مراد الحق )) .

ثم قال : (( فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف : مثل الفضيل بن عياض ، وإبراهيم بن أدهم ، وأبي سليمان الداراني ، ومعروف الكرخي ، والسري السقطي ، والجنيد بن محمد ، وغيرهم من المتقدمين ومثل الشيخ عبد القادر ، والشيخ حماد ، والشيخ أبي البيان وغيرهم من المتأخرين ، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهوى أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين بل عليه أن يفعل المأمور ، ويدع المحظور إلى أن يموت ، وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف ، وهذا كثير في كلامهم .

وقال شيخ الإسلام أيضاً : (( والثابت الصحيح عن أكابر المشايخ يوافق ما كان عليه السلف ، وهذا هو الذي كان يجب أن يذكر .

فإن في الصحيح الصريح المحفوظ عن أكابر المشايخ مثل بن عياض ، وأبي سليمان الداراني، ويوسف بن أسباط ، وحذيفة المرعشى ، ومعروف الكرخي ، إلى الجنيد بن محمد ، وسهل بن عبد الله التستري ، وأمثال هؤلاء ما يبين حقيقة مقالات المشايخ .

وقال ابن تيمية عن الجيلاني : (( والشيخ عبد القادر ونحوه من أعظم مشائخ زمانهم أمراً بالتزام الشرع ، والأمر والنهي ، وتقديمه على الذوق والقدر ، ومن أعظم المشائخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية .

من مقال للدكتور يحيى اليحيى حفظه الله ..
فالشيخ يقر بكرامــات الأوليــاء والصالحين ، وما لهم من المكاشفات ، وهم على صلاحهم رضي الله عنهم ، وهو كما قال الله فيهم: {ألا إنَّ أوليــاء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} .

إلا أنهم لا يستحقون من حق الله شيئاً ، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله ، وهم بريئون ممَّن أشرك بالله كبراءة عيسى من النصارى ، وموسى من اليهود ، وعلي من الرافضة ، وكذلك عبدالقادر الجيلاني رحمه الله بريء من أتباع الشيطان الذين ينتسبون إليه ويتسمون بالفقراء الجيلانية.

ثم يبين الشيخ أن هؤلاء الذين يزعمون حب الصالحين ، وهم يخالفونهم ، ويشركون مع الله في الدعــاء والنذر والذبح وغير ذلك من العبادة التي لا تصلح إلا لله ، إن هؤلاء في الحقيقة أعــداء الصالحين ، أما من هداهُ الله ، فلم يدع إلا الله ؛ فهو والله الذي يحبهم ؛ لأن من أحبَ قوماً أطاعهم ، فمن أحب الصالحين حقيقة يطيعهم ، فلا يعتقد إلا في الله كما في طريقتهم.

----------------------------------
[وبإمكانك مراجعة المصادر التالية للاطلاع على أقوال الشيخ رحمه والتي ملخصها ما سبق ذكره،ومن أراد التفصيل يرجع إلى المراجع المدونة بالأسفل:
"مؤلفات الشيخ" القسم الأول/الشخصية:رقم21 ص147.
== = = == = :رقم8 ص54-55.
= = = = = :رقم15 ص101.
"مؤلفات الشيخ" القسم الثالث/مختصر السيرة:ص296.
"مؤلفات الشيخ" القسم الرابع/التفسير: ص282-183.
"مؤلفات الشيخ" القسم الأول/العقيدة –كشف الشبهات-:ص169.
= = = -ستة الأصول العظيمة-:ص395-396]
------------------------------------

وهذا غيض من فيض .. ولو أردنا التفصيل لطال بنا الحديث
ولم أُرد أن أقف كثيراً مع الصوفيين في كلامهم عن ما يتعقدونه بالجيلاني وادعاء الكرامات منها أنه قاسم الأرزاق ومغيث الملهوف ومجيب الدعاء ومن كراماته أنه يحتلم في ليلة أربعين ليلة ... إلى غير ذلك من الضلال ..

رحم الله الشيخ عبدالقادر فوالله أنه لا يرضى بما يفعله أدعياء ااتباع الطريقة القادرية!!
رحم الله الشيخ فقد أهان سيرته وكال الكذب عليه بني صوفان لا كثرهم الله !!










قديم 2012-08-29, 08:27   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ايها الاخ لقد رددنا على كل مزاعمك التي نقلتها من منتديات بني صوفان
لو قرات الموضوع والردود لعرفت ان كل ما طرحته اجبنا عليه بكل دقة بدأ من التفريق بين تصوف الزاهد العابد وتصوف الشركيين..ةكذلك الكذب على علماء الاربعة وخاصة الامام احمد ابن حنبل وكذلك افتراآت اخرى وكذب وزيف الصوفيين في منتدياتهم لكن الحق كشف ودحر الباطل لذا انصحك بقراءة الردود جيدا تعرف الجواب ان كان مقصدك طلب العلم والحق وان كنت تكابر ...فلا مقالتك التي نقلتها من خزعبلات القبوريين تنفعنا في شئ تلقى العلم من منبعه ومن علمائه الربانيين .......................










موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
المتصوفة, الميدان, الأعمال, يفسدون, ويهدمون, قوانين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:48

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc