مناقب التاريخ الاسلامي - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مناقب التاريخ الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-11-15, 16:54   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



الحياء من الله تعالى ، صُوَره ، وأنواعه ، وآثاره

السؤال

كيف - يا شيخ - أستحي من الله ؟

فالله يراني في الخلاء ، وعند قضاء الحاجة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : إنه يجب علينا أن نستحي من الله كما نستحي من الرجل الصالح منا

فمَن أستحي منه مِن البشر لا أريده أن يراني على هذه الأوضاع التي ذكرتها سابقاً ، فأخجل منه مِن أن يطلع على عورتي ويراني كذلك

ولكن هذا يستحيل مع الله ، فكيف أستحي من الله ؟ وهل لهذا الحياء ثواب عند الله ؟


الجواب

الحمد لله

سؤالك أخي الفاضل في محله ، وهو يدل على انتباه ، ونباهة ، فنسأل الله أن يزيدك هدى وتوفيقاً ، وأن تكون من حملة العلم والدعاة إلى الله .

وجواباً عليه نقول :

1. الحياء لغةً مصدر حيي ، وهو : تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذمّ ، وفي الشّرع : خلق يبعث على اجتناب القبيح من الأفعال والأقوال ، ويمنع من التّقصير في حقّ ذي الحق .

" الموسوعة الفقهية " ( 18 / 259 ) .

2. الحديث الذي ورد في سؤالك هو :

عَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْصِنِي ، قَالَ : أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ .

رواه الإمام أحمد في " الزهد " ( 46 ) ، والبيهقي في " شعب الأيمان " ( 6 / 145 ) والطبراني في " المعجم الكبير " ( 7738 ) ، وصححه الألباني في " الصحيحة " ( 741 ) .

قال المناوي – رحمه الله - :

( أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك ) قال ابن جرير : هذا أبلغ موعظة وأبْين دلالة بأوجز إيجاز ، وأوضح بيان ، إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح

وذوي الهيئات والفضل ؛ أن يراه وهو فاعله ، والله مطلع على جميع أفعال خلقه ، فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه :

تجنَّب جميع المعاصي الظاهرة ، والباطنة ، فيا لها مِن وصية ، ما أبلغها ، وموعظة ما أجمعها "

انتهى ." فيض القدير " ( 3 / 74 ) .

ولذلك قال بعض السلف : خف الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك !!

قال الراغب الأصفهاني ـ رحمه الله ـ :

( حق الإنسان إذا همَّ بقبيح أن يتصور أجل من في نفسه حتى كأنه يراه ، فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ، ولذلك لا يستحي من الحيوان ، ولا من الأطفال

ولا من الذين لا يميزون ، ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ، ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد
.
والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة : البشر ، وهم أكثر من يستحي منه ، ثم نفسه

ثم الله تعالى ، ومن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه : فنفْسه عنده أخس من غيره ، ومن استحى منها ولم يستح من الله : فلعدم معرفته بالله

فالإنسان يستحيي ممن يعظمه ، ويعلم أنه يراه أو يسمع نجواه ، فيبكته ؛ ومن لا يعرف الله فكيف يعظمه، وكيف يعلم أنه مطلع عليه ؟"

انتهى . "الذريعة إلى مكارم الشريعة" ص (289) .

3. وما ذكرتَه أخي الفاضل ليس له دخل بالحياء في أصل صورته ؛ لأنه لا قضاء للحاجة ، ولا جماع ، ولا اغتسال إلا بكشف عورة

وهذا أمرٌ معلوم ، لكن قد يفعل ذلك بعض من نزع الحياء من قلبه ، فتراه يتمشى في البيت وهو عريان ! أو يعبث بعورته أثناء قضائه لحاجته

أو تراه يغتسل ولا يبالي بمن يراه من الناس ، وهكذا تختلف صور أولئك الذين يقضون حاجتهم ، أو يغتسلون بحسب ما في قلوبهم من الحياء .

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟

قَالَ : احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ

قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ

قَالَ : إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا

قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِياً

قَالَ : اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ .

رواه الترمذي ( 2794 ) وأبو داود ( 4017 ) وابن ماجه ( 1920 ) ، وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وقوله في الحديث : ( فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحَيَا مِنْهُ ) " أَيْ : فَاستتر [ يعني : مما أمر الله بالاستتار منه ] ، طَاعَة لَهُ وَطَلَبًا لِمَا يُحِبّهُ مِنْك وَيُرْضِيه ؛ وَلَيْسَ الْمُرَاد فَاسْتَتِرْ مِنْهُ ؛ إِذْ لَا يُمْكِن الِاسْتِتَار مِنْهُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَثَنَاؤُهُ "

قاله السندي في حاشية ابن ماجة .

وقد سئل ابن عباس ، رضي الله عنهما ، عن قول الله عز وجل : ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) هود/5

فَقَالَ : ( أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ ) . رواه البخاري (4681) .

يعني : أنهم كانوا يكرهون أَنْ يَقْضُوا الْحَاجَة فِي الْخَلَاء وَهُمْ عُرَاة .

كان الصدِّيق يقول : استحيوا من الله ؛ فإني أذهب إلى الغائط فأظل متقنعا بثوبي حياءً من ربي عز وجل !!
وكان أبو موسى إذا اغتسل في بيت مظلم لا يقيم صلبه حياء من الله عز وجل .

" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 52 ) .

ولكن هذا قدر زائد ، ومكرُمة عالية ، لا يؤمر بها كل الناس ، والإخلال بمثل هذا المقام ، لا يخل بأدب ولا دين ، مادام المرء قد حفظ عورته ، كما أمره نبيه صلى الله عليه وسلم

وأعطى الحياء حقه ؛ فلم يقدم على قبيح في الشرع ، ولا مرذول في الأدب والأخلاق .

وللفائدة :

ففي المسألة حديث مشهور ، لكنه ضعيف ، ينهى عن التعري عند قضاء الحاجة ، وعند الجماع ، وهو : ( إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ ؛ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ

وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ ) رواه الترمذي ( 2800 ) ، وفيه ليث بن أبي سليم ، وكان قد اختلط ، وضعفه الألباني في " إرواء الغليل " ( 64 ) .
.
والله أعلم








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-11-15, 16:58   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نماذج من إجلال أهل العلم للعلم .

السؤال

أرجو تزويدي ببعض الأمثلة للعلماء الأوائل ، وكيف أنهم احترموا العلم ومصادره.

الجواب

الحمد لله

العلماء ورثة الأنبياء ، وحملة الشريعة ، يعلِّمون الناس أمور دينهم ، وما أحل الله لهم وما حرم عليهم ، ويذبون عن دين الله ، ويحاربون البدعة ، ويفصلون بين الناس بالقسطاس المستقيم
.
يستغفر لهم كل شيء حتى حيتان البحر ، ويعرف فضلهم الناس جميعاً على اختلاف مراتبهم في الدنيا ، ولولا أن الله تعالى اجتباهم ومنَّ بهم على الناس لضلوا ، ولتنازعوا ، ولهلكوا .

وهذا شأن أهل العلم في كل زمان ، وفي كل أمة ، إلا أن الله تعالى اختص علماء هذه الأمة بمزيد فضل ؛ فإن هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس ، وعلماءها خير أصنافها .

ويأتي في مقدمة أهل العلم : أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، ثم أتباعهم من أئمة التابعين وعلمائهم ، ثم أتباعهم من العلماء الفقهاء الصلحاء .

ومن أكابر علماء هذه الأمة وفقهائها الأئمة الأربعة ، أصحاب المذاهب المتبعة : أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل رحمهم الله .

وقد اجتمعوا على طلب العلم ونشره وتعليمه الناس وإعظام قدره وإجلال أهله :

- كان الإمام مالك بن أنس رحمه الله من أشد الناس توقيرا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أبو مصعب : " كان مالك لا يحدث إلا على وضوء ، إجلالاً منه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

وقال مصعب بن عبد الله :

" كان مالك إذا سئل الحديث توضأ وتهيأ ولبس ثيابه فقيل له في ذلك فقال: إنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

ينظر : "ترتيب المدارك" (2/16) .

- وقَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ : " سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ القاضي عِنْد وَفَاتِهِ يَقُوْلُ: " كُلُّ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ ، فَقَدْ رَجَعتُ عَنْهُ ، إِلاَّ مَا وَافَقَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ " .

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (7/ 471) .

- وكان طاهر بن عبد الله - الأمير - يودّ أن يأتيه أبو عبيد القاسم بن سلام ليسمع منه كتاب غريب الحديث في منزله ، فلم يفعل أبو عبيد إجلالاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان هو يأتيه .

وقدم علي بن المدينى وعباس العنبريّ ، فأرادا أن يسمعا غريب الحديث ، فكان يحمل كلّ يوم كتابه ويأتيهما في منزلهما، فيحدّثهما فيه إجلالا لعلمهما .

ينظر: "إنباه الرواة" (3/ 17) .

فامتنع أن يأتي بعلمه الأمير في بيته إجلالا للعلم ، وذهب بالعلم لأهله في بيوتهم إجلالا لهم .

وينظر جواب السؤال رقم : (21523) .

- وقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ : " رُبَّمَا يَقَعُ فِي قَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ القَوْمِ أَيَّاماً فَلاَ أَقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَينِ الكِتَابُ وَالسُّنَّة " .

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (8/ 327) .

- وروى الإمام الشافعي يَوْمًا حَدِيثا وَقَالَ إِنَّه صَحِيح ، فَقَالَ لَهُ قَائِل : أَتَقول بِهِ يَا أَبَا عبد الله ؟

فاضطرب وَقَالَ : " يَا هَذَا أرأيتني نَصْرَانِيّا ؟ أرأيتني خَارِجا من كَنِيسَة ؟ أَرَأَيْت فِي وسطي زناراً ؟

أروي حَدِيثا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَقُول بِهِ ؟!" .

نقله السيوطي في : "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" (ص 6) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-15, 17:14   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

النبي صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة على الإطلاق

السؤال

من يدخل الجنة أولاً ، النبي صلى الله عليه وسلم أم بلال الحبشي ؟ أرجو التفصيل .

الجواب

الحمد لله


أولا :

النبي صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة ، وهذا مما فضله به ربه على العالمين .

روى مسلم (197) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ : مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ : مُحَمَّدٌ ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ ) .

وروى الإمام أحمد (12469) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وَلَا فَخْرَ، وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ ، وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا فَخْرَ )

قال الألباني في "الصحيحة" (4/ 100): " سنده جيد، رجاله رجال الشيخين " .

ثانيا :

روى البخاري (1149) ، ومسلم (2458) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :

" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ : ( يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ )

قَالَ: " مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي : أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا ، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ "
.
دف نعليك : يعني حركة نعليك وصوتهما في الأرض .

وروى الترمذي (3689) عن بُرَيْدَةَ ، قَالَ: " أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِلَالًا فَقَالَ : ( يَا بِلَالُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ ؟ مَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي ، دَخَلْتُ البَارِحَةَ الجَنَّةَ

فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي ، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا : لِرَجُلٍ مِنَ العَرَبِ ، فَقُلْتُ : أَنَا عَرَبِيٌّ ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقُلْتُ: أَنَا قُرَشِيٌّ

لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدٌ لِمَنْ هَذَا القَصْرُ ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ) ، فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ

وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بِهِمَا) ".
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

قال ابن القيم رحمه الله :

" نتلقاه بالقبول والتصديق ، ولا يدل على أن أحدا يسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجنة ، وأما تقدم بلال بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة :

فلأن بلالا كان يدعو إلى الله أولا في الأذان ، فيتقدم أذانه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم دخوله بين يديه ، كالحاجب والخادم .

فتقدمه بين يديه : كرامة لرسوله ، وإظهار لشرفه وفضله ، لا سبقا من بلال ؛ بل هذا السبق من جنس سبقه إلى الوضوء ، ودخول المسجد ونحوه ، والله أعلم " .

انتهى من "حادي الأرواح" (ص 116) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَمَشْيه بَيْن يَدَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ مِنْ عَادَته فِي الْيَقِظَة ، فَاتَّفَقَ مِثْله فِي الْمَنَام , وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ دُخُول بِلَال الْجَنَّة قَبْلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِأَنَّهُ فِي مَقَام التَّابِع

وَكَأَنَّهُ أَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَقَاء بِلَال عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَال حَيَاته ، وَاسْتِمْرَاره عَلَى قُرْب مَنْزِلَته , وَفِيهِ مَنْقَبَة عَظِيمَة لِبِلَالٍ "

انتهى من "فتح الباري" (3/35) .

وقال القاري رحمه الله :

" وَهَذَا مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْخَادِمِ عَلَى الْمَخْدُومِ ، وَلَعَلَّ فِي صُورَةِ التَّقْدِيمِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا خَالِصًا، وَلِذَا خُصَّ مِنْ بَيْنِ عُمُومِ الْخُدَّامِ بِسَمَاعِ دَفَّ نَعْلَيْهِ الْمُشِيرِ إِلَى خِدْمَتِهِ ، وَصُحْبَتِهِ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الدَّارَيْنِ وَمُرَافَقَتِهِ.

قَالَ ابْنُ الْمَلكِ : وَهَذَا أَمْرٌ كُوشِفَ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ فِي نَوْمِهِ ، أَوْ يَقَظَتِهِ ، أَوْ بَيْنَ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ ، أَوْ رَأَى ذَلِكَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ

وَمَشْيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبِيلِ الْخِدْمَةِ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَقَدُّمِ بَعْضِ الْخَدَمِ بَيْنَ يَدِيِّ مَخْدُومِهِ ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمَا رَآهُ لِيَطِيبَ قَلْبُهُ وَيُدَاوِمَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلِتَرْغِيبِ السَّامِعِينَ إِلَيْهِ "
.
انتهى من "مرقاة المفاتيح" (3/ 984) .

وينظر أيضا: "تحفة الأحوذي" ، للمباركفوري (10/ 120) ، "دليل الفالحين" لابن علان (6/ 614-615) .

وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك على سبيل التمثيل ، فلا يتعدى كونه رؤيا منامية ، رآها النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ، ولا يلزم أن يكون الأمر على ذلك يوم القيامة .

قال بدر الدين العيني رحمه الله :

" وَأما سبق بِلَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّخُول فِي هَذِه الصُّورَة : فَلَيْسَ هُوَ من حَيْثُ الْحَقِيقَة ، وَإِنَّمَا هُوَ بطرِيق التَّمْثِيل ؛ لِأَن عَادَته فِي الْيَقَظَة أَنه كَانَ يمشي أَمَامه

فَلذَلِك تمثل لَهُ فِي الْمَنَام ، وَلَا يلْزم من ذَلِك السَّبق الْحَقِيقِيّ فِي الدُّخُول "

انتهى من "عمدة القاري" (7/ 208) .

وقال العراقي رحمه الله :

" إنْ قِيلَ : مَا مَعْنَى رُؤْيَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبِلَالٍ أَمَامَهُ فِي الْجَنَّةِ كُلَّمَا دَخَلَ ، مَعَ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ؛ فَكَيْفَ مَعْنَى تَقَدُّمِ بِلَالٍ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا؟

فالْجَوَابُ : أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا : إنَّهُ يَدْخُلُهَا قَبْلَهُ فِي الْقِيَامَةِ ، وَإِنَّمَا رَآهُ أَمَامَهُ فِي مَنَامِهِ، وَأَمَّا الدُّخُولُ حَقِيقَةً : فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُهَا مُطْلَقًا، وَأَمَّا هَذَا الدُّخُولُ فَالْمُرَادُ بِهِ سَرَيَانُ الرُّوحِ فِي حَالَةِ النَّوْمِ ؛ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " .

انتهى من "طرح التثريب" (2/ 58) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-15, 17:19   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث: أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، حديث منكر ، وأكثر الحفاظ على أنه موضوع.

السؤال

بعض الناس يكتبون : الإمام علي ، عليه السلام ، وإذا رددنا عليهم ، يقولون : إن منزلة علي ، كمنزلة الأنبياء ، وأنه باب مدينة العلم ؟

الجواب

الحمد لله


أولا :

علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أولياء الله الصالحين ، ومن الأئمة المهديين ، وهو رابع الخلفاء الراشدين ، لا يحبه - الحب المشروع - إلا مؤمن ، ولا يبغضه إلا منافق .

والمغالاة فيه أو في غيره من أولياء الله لا تجوز ، والغلو في محبة الصالحين يوقع في البدعة ويجر إلى الشرك - كما هو معلوم من أحوال الناس - .

ودعوى أن علي بن أبي طالب ، أو أحدا من أهل بيته المكرمين ، رضي الله عنهم ، أنه في الفضل في مقام النبوة : دعوى كاذبة باطلة ، بل هي ضلال مبين.

وقد روى النسائي (3057) وابن ماجة (3029) عن ابْن عَبَّاسٍ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ ) ، وصححه الألباني في صحيح النسائي .

ثالثا :

تقدم أنه لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه أو أحد من الصحابة بالصلاة أو السلام عليه عند ذكره ، وذلك لأمور :
الأول : عدم الدليل على التخصيص .

الثاني : أنه يوحي بأفضليته على غيره ، وقد يوجد من هو أفضل منه كما هو الحال مع علي وأبي بكر وعمر ، فإنهما أفضل منه اتفاقا .

الثالث : أن التخصيص أصبح شعارا لأهل البدع ، فلا ينبغي مشابهتهم فيه .

لكن إذا دعت إلى ذلك مصلحة ، كدعوة من يرجى هدايته واستقامته ، أو كان شيئا قليلا ، ولم يكن هديا متبعا ، ولا شعارا دائما : فلا حرج في ذلك .

رابعا :

روى الطبراني في "المعجم الكبير" (11061) والحاكم في "مستدركه" (4637) وابن المقرئ في "معجمه" (175) والسهمي في "تاريخه" (ص65) والخطيب في "تاريخه" (3/655)

وابن المغازلي في "مناقب علي" (120) وابن حبان في "المجروحين" (1/130) وابن عدي في "الكامل" (1/311) والعقيلي في "الضعفاء" (3/149)

وأبو نعيم في "المعرفة" (1/88) من طرق عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا ، فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِهِ مِنْ بَابِهِ )

وهذا حديث لا يصح من جميع طرقه ، وقد نص غير واحد من أهل العلم على ذلك ، وأكثرهم على أنه موضوع
.
قال العقيلي رحمه الله :

" لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْمَتْنِ حَدِيثٌ " انتهى .

"الضعفاء" (3/ 149)

وقال ابن القيسراني رحمه الله :

" هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا ابْتَكَرَهُ أَبُو الصَّلْتِ الهروي، وَالْكَذَبَةُ عَلَى مِنْوَالِهِ نَسَجُوا " انتهى.

"تذكرة الحفاظ" (ص: 137)

وقال أبو بكر بن العربي رحمه الله :

" هُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ، النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَدِينَةُ عِلْمٍ وَأَبْوَابُهَا أَصْحَابُهَا؛ وَمِنْهُمْ الْبَابُ الْمُنْفَسِحُ، وَمِنْهُمْ الْمُتَوَسِّطُ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ فِي الْعُلُومِ " انتهى .

"أحكام القرآن" (3/ 86)

وقال الشوكاني رحمه الله :

" ذكر هذا الحديث ابن الجوزي في الموضوعات من طرق عدة، وجزم ببطلان الكل، وتابعه الذهبي وغيره " انتهى .

"الفوائد المجموعة" (ص 349)

وقال الألباني في "الضعيفة" (2955) : " موضوع "

ورواه الترمذي في "سننه" (3723) عن علي رضي الله عنه مرفوعا بلفظ : ( أنا دار الحكمة وعلي بابها ) وقال الترمذي عقبه : " هذا حديث غريب منكر "

وقال في "العلل" (ص 375):

" سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - يعني البخاري - عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ , وَأَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَأَمَّا حَدِيثُ ( أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ ) فَأَضْعَفُ وَأَوْهَى ، وَلِهَذَا إنَّمَا يُعَدُّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ الْمَكْذُوبَاتِ وَإِنْ كَانَ التِّرْمِذِيُّ قَدْ رَوَاهُ . وَلِهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ مِنْ سَائِرِ طُرُقِهِ

. وَالْكَذِبُ يُعْرَفُ مِنْ نَفْسِ مَتْنِهِ ؛ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّظَرِ فِي إسْنَادِهِ :

فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ مَدِينَةَ الْعِلْمِ ، لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْمَدِينَةِ إلَّا بَابٌ وَاحِدٌ

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَلِّغُ عَنْهُ وَاحِدًا ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَلِّغُ عَنْهُ أَهْلَ التَّوَاتُرِ الَّذِينَ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ لِلْغَائِبِ ، وَرِوَايَةُ الْوَاحِدِ لَا تُفِيدُ الْعِلْمَ إلَّا مَعَ قَرَائِنَ

وَتِلْكَ الْقَرَائِنُ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُنْتَفِيَةً ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ خَفِيَّةً عَنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ ، أَوْ أَكْثَرِهِمْ ؛ فَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ الْعِلْمُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ ؛ بِخِلَافِ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ: الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ لِلْخَاصِّ وَالْعَامِّ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ إنَّمَا افْتَرَاهُ زِنْدِيقٌ أَوْ جَاهِلٌ: ظَنَّهُ مَدْحًا؛ وَهُوَ مُطْرِقُ الزَّنَادِقَةِ إلَى الْقَدْحِ فِي عِلْمِ الدِّينِ - إذْ لَمْ يُبَلِّغْهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ .

ثُمَّ إنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَعْلُومِ بِالتَّوَاتُرِ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ مَدَائِنِ الْمُسْلِمِينَ : بَلَغَهُمْ الْعِلْمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (4/ 410-411)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-15, 17:25   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث في فضل الرباط بعسقلان

السؤال

قرأت منذ زمن وجيز حديثا عن فضل عسقلان والرباط فيها ، والحديث هو " أول هذا الأمر نبوة ورحمة ثم يكون خلافة ورحمة ثم ملكا ورحمة ثم إمارة ورحمة ثم يتكادمون عليها تكادم الحمير فعليكم بالجهاد

وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان "

وأسئلتي هي : 1. ماهي درجة هذا الحديث ؟

2. هل المقصود من هذا الحديث غزة ؟

لأني قرأت أن المدينتين تاريخيا واحدة ، ودليل ذلك أن الإمام الشافعي رحمه الله أجاب حين سأل عن مسقط رأسه : تارة بغزة ، وتارة أخرى بعسقلان .


الجواب

الحمد لله


أولا :

غزة وعسقلان بلدتان كنعانيتان ، دلت الحفريات المكتشفة على أنهما كانتا مأهولتين منذ العصر الحجري الحديث .
ويرجع أول ذكر عسقلان في التاريخ إلى نص فرعوني يعود إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد .

أما غزة : فهي مدينة عريقة أيضا ، وقد تغير اسمها بتغير الأمم التي توالت عليها ،

فأطلق عليها الكنعانيون " هزاتي " والمصريون الفراعنة " غازاتو " و "غاداتو " والعبرانيون " عزة " والآشوريون " عزاتي " . أما العرب فقد أطلقوا عليها " حمراء اليمن " و " غزة " أو " غزة هاشم " .

وتقع مدينتا غزة وعسقلان جنوب فلسطين ، وتقع غزة جنوب غرب عسقلان ، وكانت غزة منذ الفتح الإسلامي حتى الغزو الصليبي تابعة لعسقلان

وعرفت بــــ " غزة عسقلان " وبين عسقلان وغزة أربعة فراسخ ( حوالي 21 كم ) ، وبين غزة ويافا 80 كم ، وبين يافا وعسقلان 56 كم

ويفصل غزة وعسقلان عن بيت المقدس بلدة " بيت جبرين " وهي تبعد عن غزة أقل من مرحلتين ، وبين بيت جبرين وعسقلان 32 كم .

انظر : "الحياة العلمية في غزة وعسقلان منذ بداية العصر العباسي حتى الغزو الصليبي" (ص2-5) د/ زهير عبد الله سعيد أبو رحمة .

فيتبين مما تقدم إلى أن غزة قريبة جدا من عسقلان ، وقد كانت غزة تابعة لها منذ الفتح الإسلامي حتى الغزو الصليبي ، ولذلك ذكر العلماء أن الإمام الشافعي رحمه الله ولد بغزة

وقيل بعسقلان

قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/ 8):

" الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وُلِدَ بِغَزَّةَ ، وَقِيلَ بِعَسْقَلَانَ ، وَهُمَا مِنْ الْأَرَاضِي الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا ، فَإِنَّهُمَا عَلَى نَحْوِ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " انتهى .

ثانيا :

قال الطبراني - رحمه الله - في "المعجم الكبير" (11138) :

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ الْعَسْكَرِيُّ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ ، ثنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( أَوَّلُ هَذَا الْأَمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ ، ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً وَرَحْمَةً ، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا وَرَحْمَةً ، ثُمَّ يَكُونُ إِمَارَةً وَرَحْمَةً ، ثُمَّ يَتَكادَمُونَ عَلَيْهِ تَكادُمَ الْحُمُرِ فَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ ، وَإِنَّ أَفْضَلَ جهادِكُمُ الرِّبَاطُ ، وَإِنَّ أَفْضَلَ رباطِكُمْ عَسْقَلَانُ )

وقوله " عن ابن شهاب " تصحيف ، والصواب " عن أبي شهاب " كما أورده السيوطي رحمه الله في "اللآلئ المصنوعة" (1/422) وهو أبو شهاب موسى بن نافع الحناط ، وهو صدوق

وثقه ابن معين وغيره ، وقال أبو حاتم : يكتب حديثه

"التهذيب" (10/375) .

والذي يدل عليه أن موسى بن أعين لم يذكروا في شيوخه ابن شهاب ، فكأنه لم يلقه ، فإن بين وفاتيهما 53 سنة .
والحديث

قال الهيثمي رحمه الله في "المجمع" (5/190) :

" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ " .

وقال الألباني رحمه الله :

" وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات ؛ غير سعيد بن حفص النفيلي ، ففيه كلام يسير ، وقد وثقه ابن حبان (8/268) ، وأخرج له في "صحيحه "ثلاثة أحاديث، والذهبي ، والعسقلاني فقال : "صدوق تغير في آخر عمره " .

انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (7/ 803) .

وسعيد بن حفص النفيلي ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال علي بن عثمان النفيلي : مات يوم الجمعة في رمضان سنة سبع وثلاثين ومائتين ، وقال مسلمة بن قاسم : ثقة

وقال أبو عروبة الحراني : كان قد كبر ولزم البيت وتغير في آخر عمره .

"تهذيب التهذيب" (4/ 17)

وقال العيني في "مغاني الأخيار" (3/ 558):

" صدوق، تغير في آخر عمره " .

وقال الذهبي في "الكاشف" (1/433) : " ثقة " .

وأحمد بن النضر ثقة ، توفي سنة 290 كما في " تاريخ بغداد " (6/413) وتوفي النفيلي سنة 237 كما تقدم ، فيكون بين وفاتيهما 53 سنة ، فيخشى أن يكون ابن النضر سمع هذا الحديث من سعيد بن حفص بعد كبره واختلاطه .

ولذلك قال الشيخ عبد الرحمن اليماني رحمه الله في تعليقه على هذا الحديث :

" سعيد بن حفص النفيلي، تغير في آخر عمره "

انظر : هامش "الفوائد المجموعة" (ص 431) .

وقد روى الإمام أحمد (18406) عن حُذَيْفَة : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ

فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً

فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ) ثُمَّ سَكَتَ ".

وحسنه الألباني في "الصحيحة" (5) .

وروى الإمام أحمد (20445) عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ ، ثُمَّ يُؤْتِي اللهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ ) وهو حديث حسن .

فلعل ذكر عسقلان في حديث الترجمة غير محفوظ .

وقد ورد في فضل عسقلان عدة أحاديث كلها لا تصح .

راجع "الفوائد المجموعة" (ص429-432) بتعليق الشيخ اليماني .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" عَامَّةُ مَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ فَضْلِ عَسْقَلَانَ والإسكندرية أَوْ عَكَّةَ أَوْ قَزْوِينَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَمَا يُوجَدُ مِنْ أَخْبَارِ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ بِهَذِهِ الْأَمْكِنَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ: فَهُوَ لِأَجْلِ كَوْنِهَا كَانَتْ ثُغُورًا

لَا لِأَجْلِ خَاصِّيَّةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ ، وَكَوْنُ الْبُقْعَةِ ثَغْرًا لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَ ثَغْرٍ : هُوَ مِنْ الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ لَهَا ، لَا اللَّازِمَةِ لَهَا ؛ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهَا دَارَ إسْلَامٍ أَوْ دَارَ كُفْرٍ

أَوْ دَارَ حَرْبٍ أَوْ دَارَ سِلْمٍ ، أَوْ دَارَ عِلْمٍ وَإِيمَانٍ أَوْ دَارَ جَهْلٍ وَنِفَاقٍ ؛ فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ سُكَّانِهَا وَصِفَاتِهِمْ "
.
انتهى من "مجموع الفتاوى" (27/ 53) .

وقال أيضا :

" وَأَمَّا " عَسْقَلَانُ " : فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَغْرًا مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ ، كَانَ صَالِحُو الْمُسْلِمِينَ يُقِيمُونَ بِهَا لِأَجْلِ الرِّبَاطِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهَكَذَا سَائِرُ الْبِقَاعِ الَّتِي مِثْلُ هَذَا الْجِنْسِ ، مِثْلُ " جَبَلِ لُبْنَانَ " و" الإسكندرية " وَمِثْلُ " عبادان "

وَنَحْوِهَا بِأَرْضِ الْعِرَاقِ ، وَمِثْلُ " قَزْوِينَ " وَنَحْوِهَا مِنْ الْبِلَادِ الَّتِي كَانَتْ ثُغُورًا ؛ فَهَذِهِ كَانَ الصَّالِحُونَ يَقْصِدُونَهَا؛ لِأَجْلِ الرِّبَاطِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (27/ 141) .

وبتقدير صحة الحديث ؛ فإنه يدل على فضل الرباط بعسقلان مطلقا ، وكذا غزة ؛ لأنها كانت تابعة لها كما تقدم ، وكأن في ذلك إشارة إلى أنها تبقى ثغرا ، زمانا طويلا .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-15, 17:29   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجوز أن يقال : فلان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال


سؤالي هو : هل يجوز أن نقول على شخص ما إن فيه شبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان هذا الشبه في الشكل الجسدي فقط ، وليس في الأخلاق أو أي شيء آخر ؟

الجواب

الحمد لله :


لا حرج على المسلم من القول : إن فلاناً يشبه النبي صلى الله عليه وسلم ، سواء في الجوانب الخَلقية أو الخُلقية ، إن كان هذا الشخص في واقع الحال كذلك .

فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : أَنْتَ مِنِّي ، وَأَنَا مِنْكَ ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي ، وَقَالَ لِزَيْدٍ : أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ) .

رواه البخاري (2700) .

وقد صدر مثل هذا عن كثير من الصحابة .

عَنْ أَنَس بن مالك قَالَ : ( لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ) رواه البخاري (3752 ) .
وقال عن الحسين بن علي : (كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

رواه البخاري (3748).

قال الحافظ ابن حجر :

" وَالَّذِينَ كَانُوا يُشَبَّهُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ : جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ

وَقُثَمُ بن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَمُسْلِمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .

وَمِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ : السَّائِب بن يزِيد المطلبي الْجَدُّ الْأَعْلَى لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ الْعَبْشَمِيُّ ، وَكَابِسُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَدِيٍّ ، فَهَؤُلَاءِ عَشَرَةٌ ".

انتهى من"فتح الباري" (7/97).

قال ابن الجوزي : " وَكَانَ من التَّابِعين رجل يُقَال لَهُ كابس بن ربيعَة السَّامِي، ... كَانَ يُشبههُ ، فَبعث إِلَيْهِ مُعَاوِيَة فَقبل بَين عَيْنَيْهِ ، وأقطعه قطيعة ، وَكَانَ أنس بن مَالك إِذا رَآهُ بَكَى ".

انتهى من "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (1/42) .

وقد ذكر بعض العلماء غير هؤلاء ، وكل من له معرفة بصفات النبي صلى الله عليه وسلم معرفة تامة يستطيع أن يدرك ذلك .

قال ابن عبد الهادي عن رجل معاصر له ، اسمه : عبد الله بن عوانة المغربي
.
قال : " أخبرني غير واحد من الأشياخ الذين كانت لهم معرفة بصفات النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، أن هذا المغربي كانت صفته تقرب من صفة النبي صلى اللَّه عليه وسلم " .

انتهى من "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد" (2/ 117)

وكذلك قد يكون التشبيه بالهدي والصفات .

قَالَ حُذَيْفَةُ بن اليمان : ( إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ دَلًّا ، وَسَمْتًا ، وَهَدْيًا ، بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ) رواه البخاري (6097)

أي : عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه .

وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : ( مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا ، وَدَلًّا ، وَهَدْيًا ، بِرَسُولِ اللَّهِ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

رواه الترمذي (3762 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني.

( دَلًّا ، وَسَمْتًا ، وَهَدْيًا) هَذِهِ الْأَلْفَاظ مُتَقَارِبَةُ الْمَعَانِي ، ومَعْنَاهَا : الْهَيْئَة ، وَالطَّرِيقَة ، وَحُسْن الْحَال وَنَحْو ذَلِكَ

. ينظر : "عون المعبود" (14/ 87) .

"كَأَنَّهَا أَشَارَتْ بِالسَّمْتِ إِلَى مَا يُرَى عَلَى الْإِنْسَانِ مِنَ الْخُشُوعِ وَالتَّوَاضُعِ لِلَّهِ ، وَبِالْهَدْيِ مَا يَتَحَلَّى بِهِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، وَبِالدَّلِّ حُسْنَ الْخُلُقِ وَلُطْفَ الْحَدِيثِ ".

انتهى من "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7/2969).

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-15, 17:33   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

إجماع أهل المدينة : هل هو حجة شرعية ؟

السؤال

سمعت أن الإمام مالك كان يعتبر إجماع أهل المدينة حجة ملزمة ، فهل هذا صحيح ؟

إذا كان كذلك ، فهل يُعتبر حجة ملزمة للأمّة بأجمعها؟


لجواب

الحمد لله

أولا :

كان الإمام مالك رحمه الله شديد الاعتناء بعمل أهل المدينة ، ويرى أنه حجة في دين الله ، وأنه لا يجوز مخالفة جماعتهم ، كتب إلى الليث بن سعد رحمه الله يقول :

" الناس تبع لأهل المدينة ، إليها كانت الهجرة ، وبها نزل القرآن ، وأحل الحلال ، وحرم الحرام ، إذ رسول الله بين أظهرهم ، يحضرون الوحي والتنزيل

ويأمرهم فيطيعونه ، ويسن لهم فيتبعونه ، حتى توفاه الله واختار له ما عنده صلوات الله عليه ورحمته وبركاته .

ثم قام من بعده أتبع الناس له من أمته ممن ولي الأمر من بعده فما نزل بهم مما علموا أنفذوه ، وما لم يكن عندهم فيه علم سألوا عنه ، ثم أخذوا بأقوى ما وجدوا في ذلك في اجتهادهم وحداثة عهدهم

وإن خالفهم مخالف ، أو قال امرؤ غيره أقوى منه وأولى ، ترك قوله وعمل بغيره ، ثم كان التابعون من بعدهم يسلكون تلك السبيل ويتبعون تلك السنن .

فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهراً معمولاً به ، لم أر لأحد خلافه ؛ للذي في أيديهم من تلك الوراثة التي لا يجوز لأحد انتحالها ولا ادعاؤها ، ولو ذهب أهل الأمصار يقولون هذا العمل ببلدنا وهذا الذي مضى عليه من مضى منا

لم يكونوا من ذلك على ثقة ، ولم يكن لهم من ذلك الذي جاز لهم "

انتهى من "ترتيب المدارك" للقاضي عياض (1 /10) .

ثانيا :

مراد الإمام مالك رحمه الله بذلك عمل أهل المدينة الذي يجرى مجرى النقل ، وكذا عملهم القديم الذي كان زمن الصحابة رضي الله عنهم ثم جرى عمل الناس عليه بعدهم

أما عملهم بعد ذلك العهد ، واختلافهم مع الناس فيما يُدرك بالاستنباط والاجتهاد ، فلا يعتبر عند الإمام مالك حجة لا تجوز مخالفتها

وإنما غايته أن يكون مرجحا ، وإنما خالف في ذلك من خالف من متأخري المالكية .

قال القاضي عبد الوهاب بن علي المالكي رحمه الله :

" إجماع أهل المدينة نقلا : حجة تحرم مخالفته ، ومن طريق الاجتهاد مختلف في كونه حجة ، والصحيح عندنا أنه يرجح به على غيره ، ولا يحرم الذهاب إلى خلافه "

انتهى من "المعونة على مذهب عالم المدينة" (2/607).

وقال الباجي رحمه الله :

" ذلك أن مالكا إنما عول على أقوال أهل المدينة وجعلها حجة ، في ما طريقه النقل ؛ كمسألة الأذان وترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، ومسألة الصاع ، وترك إخراج الزكاة من الخضراوات

وغير ذلك من المسائل التي طريقها النقل ، واتصل العمل بها في المدينة على وجه لا يخفى مثله ، ونقل نقلا يحج ويقطع العذر "

انتهى من "إحكام الفصول" (1/486) .

وقال أيضا (1/488) :

" ما أدركوه بالاستنباط والاجتهاد ، فهذا لا فرق فيه بين علماء المدينة وعلماء غيرهم ، في أن المصير منه إلى ما عضده الدليل والترجيح ، ولذلك خالف مالك في مسائل عدة أقوال أهل المدينة .

هذا مذهب مالك في هذه المسألة ، وبه قال محققو أصحابنا ، كأبي بكر الأبهري وغيره ، وقال به أبو بكر وابن القصار وأبو تمام ، وهو الصحيح .

وقد ذهب جماعة ممن ينتحل مذهب مالك ممن لم يمعن النظر في هذا الباب إلى أن إجماع أهل المدينة حجة فيما طريقه الاجتهاد " انتهى .

وقال شيخ الإسلام رحمه الله :

" عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى النَّقْلِ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ لِأَبِي يُوسُفَ - لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ الصَّاعِ وَالْمُدِّ ، وَأَمَرَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِإِحْضَارِ صِيعَانِهِمْ ، وَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ إسْنَادَهَا عَنْ أَسْلَافِهِمْ -

: أَتَرَى هَؤُلَاءِ يَا أَبَا يُوسُفَ يَكْذِبُونَ ؟ قَالَ : لَا وَاَللَّهِ مَا يَكْذِبُونَ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (20 /306) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-16, 14:29   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يجوز إطلاق لقب " قديسة " على الصّدّيقة مريم أم المسيح عليه السلام ؟


السؤال

ليلة أمس كنت أقرأ القرآن فقالت لي أمي : أنهم سيعرضون فيلما للقديسة مريم ، فقلت : أنها ليست قديسة يعني لا يجب مناداتها بهذا الاسم ، فهل يصح مناداتها بالقديسة؟

الجواب

الحمد لله


التقديس وإن كان معروفا في اللغة ، وهو بمعنى التطهير ، والقُدْس فيِ كَلاَم العَرَب الطَّهَارَةُ ، والقُدُّوس – من أسماء الله - الطَاهِرُ المُنَزَّه عَنِ العُيوب والنَّقائص .

كما في "لسان العرب" (6/168- 169)

إلا أن مريم رضي الله عنها لم يطلق عليها لقب " قديسة " لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أطلق هذا اللقب عليها النصارى من باب الغلو

في تعظيمها حتى رفعوها إلى منزلة أم الإله – تعالى الله عما يقولون - .

قال الله عز وجل : ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ) المائدة / 116 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ... وكتب المشرقيون صحيفة ، وثبتوا فيها الأمانة الصحيحة وقالوا فيها : إن مريم العذراء القديسة ولدت إلها ربنا يسوع المسيح الذي هو مع أبيه في الطبيعة ، ومع الناس في الناسوت

وأقروا بطبيعتين ووجه واحد ، وأقنوم واحد ، ولعنوا نسطورس " .

انتهى من "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (4 /248) .

وينظر أيضا : "هداية الحيارى" لابن القيم (ص 178-179)

"البداية والنهاية" لابن كثير(2 /121) .

وإنما وُصفت مريم رضي الله عنها في كتاب الله وسنة رسوله بالصّدّيقة والعذراء والبتول .

قال تعالى : ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المائدة/ 75 .

وروى أحمد (1742) ( أن النجاشي أرسل إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم الذين هاجروا إلى الحبشة أرسل يسألهم عن المسيح عليه السلام ما يقولون فيه .

قالت أم سلمة رضي الله عنها : فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ ؟ قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ فِيهِ مَا قَالَ اللَّهُ وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ .

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ : مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ :

( نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا : هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ ) قَالَتْ : فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ :

مَا عَدَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ ) صححه الألباني في "صحيح السيرة" .

والواجب علينا أن نقول في عيسى عليه السلام وأمه رضي الله عنها ما قال الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لا نتعداه إلى أقوال أهل الكتاب وأحوالهم ، سواء من غلا فيهم من النصارى ، أو جفا حقهم من اليهود .

ولذلك قال الله تعالى : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ

وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) النساء/ 171 .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-16, 14:36   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت عن الإمام أحمد أنه كان يتنفل بثلاثمائة ركعة كل يوم ؟

وكيف ذلك ؟

السؤال

قرأت في سيرة الإمام أحمد بن حنبل أنه كان يصلي في اليوم ثلاثمائة ركعة تطوعاً ، فلو أراد أحدنا أن يصلي هذا العدد من الركعات فكيف ومتى يمكن فعل ذلك ؟ .

أرجو التوضيح والتفصيل .


الجواب

الحمد لله

ينبغي أولاً التنبيه على أمرين فيما يُذكر في صلاة بعض العبَّاد :

1. فمنه ما يكون كذباً ، ومنه ما يكون صدقاً .

2. كما أن منه ما يكون في أوقات معيَّنة أو في أحوال مخصوصة ، ومنه ما يكون مُداوماً عليه.

أما الأول : فقد روى الرافضي ابن المطهر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يصلي كل يوم ألف ركعة ! وهذا لا شك من الكذب

لأن الوقت لا يستوعب ذلك وخاصة مع جلالة ما كان يقوم به علي رضي الله عنه من أعمال ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد عليه : " وصلاة ألف ركعة في اليوم والليلة مع القيام بسائر الواجبات غير ممكن

فإنه لا بد له من أكل ونوم وقضاء حق أهل وقضاء حقوق الرعية وغير ذلك من الأمور التي تستوعب من الزمان إما النصف أو أقل أو أكثر

والساعة الواحدة لا تتسع لثمانين ركعة وما يقارب ذلك إلا أن يكون نقراً كنقر الغراب ، و" عليُ " أجلُّ من أن يصلي صلاة المنافقين "

انتهى من " منهاج السنَّة النبوية " ( 4 / 31 )

وقال – أيضاً -

: " وكذلك قوله أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة من الكذب الذي لا مدح فيه "

انتهى من " منهاج السنَّة النبوية " ( 7 / 498 ) .

وأما ما ورد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان يصلي في اليوم والليلة ثلائمائة ركعة ، فالظاهر أنه صحيح عنه

فقد رواه الإمام أبو نعيم الأصفهاني في " الحلية " ( 9 / 181 )

عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : " كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة ، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته ، فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة وكان قرب الثمانين " .

وأما الثاني : فإنه قد يكون ما روي عن بعض العبَّاد من كثرة صلاة

إنما هو في حال اعتكافهم في بيت من بيوت الله أو يكون ذلك في العشر الأواخر من رمضان ، أو يكون ذلك مع تفرغ كامل عن شغل الدنيا بسبب منع من تدريس أو سجن أو ما شابه ذلك

فذِكر شيء من عبادة أولئك الأئمة ، قراءة للقرآن ، أو كثرة صلاة غير مستغرب في تلك الأحوال والأوقات ، وانظر جواب السؤال رقم ( 156299 ) .

وثمة فرق بين قراءة القرآن وكثرة الصلاة ؛ فإن الأئمة والعلماء الثقات الفقهاء ، إذا لم يكونوا في الأحوال السابقة الذكر ونحوها ، فإنهم لا يختمون في أقل من ثلاث إلا لمراجعة حفظ – مثلاً -

وأما الصلاة فإنه لا حرج ـ من حيث الأصل ـ في الإكثار منها مع المداومة ، وليس في ذلك ما يُستنكر منهم وقوعاً ولا مخالفة للشرع

لما ورد من الوصية من الإكثار من السجود كما رواه مسلم ( 489 ) من قوله صلى الله عليه وسلم لما سأله رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيّ عن مرافقته في الجنة قال له ( فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ) .

وقد ثبت عن الإمام عبد الغني المقدسي أنه كان يصلي بعدد صلاة الإمام أحمد وكان يقرأ في الركعتين بالفاتحة والمعوذتين

كما ذكره عنه الإمام الذهبي في كتابه " تذكرة الحفاظ " ( 4 / 113 )

فكان حرص أولئك الأئمة على الإكثار من السجود تفضيلاً له على قلة الركعات مع طول القيام ، وهو قول مشتهر عند السلف .

والذي ينكر مثل هذا غالبا ، إنما ينكره قياسا على نفسه ، ونظرا إلى حاله من حيث الضعف عن مثل ذلك ، أو كثرة الانشغال ، أو ما يلاحظه أهل الزمان من قلة البركة في الأوقات عما كان عليه الحال في الزمان الأول .

ونحن وإن كنَّا نثبت هذا عن أولئك الأئمة فإننا لا ننصح بفعله لكل أحدٍ

بل نوصي المسلم أن يحافظ على الفرائض ثم الرواتب ثم ما يتيسر من النوافل التي يمكن أن يداوم عليها من غير انقطاع ، كصلاة الضحى وقيام الليل

ونرى أن المحافظة على قليل دائم خير من الإتيان بكثير سرعان ما ينقطع ، فليحافظ المسلم على ركعتين من الضحى وركعتين من قيام الليل يصب خيراً كثيراً

ولا مانع أن يزيد في بعض الأحوال إذا رأى منه نشاطاً على أن لا يؤثر ذلك على استمراريته في الركعتين

وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ! خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ )

رواه البخاري ( 5861 ) ومسلم ( 782 )

وقال صلى الله عليه وسلم – أيضاً - ( أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )

رواه البخاري ( 6464 ) ومسلم ( 783 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-16, 14:41   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ترجمة السلطان المغولي " أورنك زيب " وهل كان سلفيَّ العقيدة

السؤال

بارك الله فيكم ورفع درجاتكم في الدنيا والآخرة . أرجو منكم التكرم بإجابة هذا السؤال : ما حقيقة " أورنك زيب " (

الامبراطور المغولي الذي حكم الهند ) ؟

وهل كان من أتباع منهج أهل السنَّة والجماعة ( السلف ) ؟

أم أنه كان كباقي الأباطرة المغول ؟ .


الجواب


الحمد لله


السلطان " أورنك زيب " هو أبو المظفر محي الدين محمد " عالَم كير "

سلطان مملكة شبه القارة الهندية وما حولها ، وهو أحد أحفاد " تيمور لنك " الطاغية المغولي المعروف

ولد في 15 من ذي القعدة عام 1028هـ

- يوافق 24 من أكتوبر 1619م -

وتوفي في 28 من ذي القعدة عام 1118 هـ -

يوافق 20 من فبراير 1707م - .

و " أُورنْك زِيْب " – ويقال " أورنج زيب " - معناها بالفارسية " زينة العرش " ، فـ " أورنج " معناها : عرش ، و " زيب " معناها : زينة ، وأما " عالَم كير " فمعناها بالفارسية : فاتح العالم .

وهو ابن السلطان " شاه جيهان" أحد أعظم سلاطين دولة المغول المسلمين فى الهند ,

وهو الذي بنى مقبرة " تاج محل " الشهيرة التى تعد من العجائب ، ليدفن فيها زوجته الشهيرة باسم " ممتاز محل " – والدة السلطان أبي المظفر - والتي فُتن بحبِّها

ومن شدة حزنه عليها لم يعد صالحاً للملك ، فتولَّى ابنه السلطان أبو المظفر الملك في حياته بعد معارك مع إخوته
.
لم يكن السلطان " أورنك زيب " كباقي سلاطين المغول ، بل المعروف من سيرته أنه كان عالِماً عابداً زاهداً تقيّاً شاعراً ، وكان حنفي المذهب في الفروع ، فهو ليس كباقي سلاطين المغول ، بل هو خير منهم جميعاً .

ومن أفعاله الجليلة : أنه حارب البدع والخرافات ، وترك الاستماع للموسيقى والغناء - مع أنه كان من الماهرين بهما - وأبطل الاحتفالات الوثنية والبدعية

كما أبطل عادة الانحناء وتقبيل الأرض مما كان يُفعل للملوك قبله ، وأمر أن يحييه الناس بتحية الإسلام

" السلام عليكم " ، ولعلَّ هذا ما جعل بعض الكتَّاب من الحاقدين على الإسلام يصفه بالتعصب ! ومن الممكن أن هذا جعل بعضهم يظنه " سلفيّاً "

وهو في هذه الأبواب كلها سلفي ولا شك - والواقع أنه – رحمه الله – كان حنفيَّ المذهب ، والمعروف عن الحنفية في تلك البلاد أنهم ماتريدية في أبواب العقائد

وقد ذكر كثير ممن ترجم له أنه كان متصوفاً ، فالله أعلم بحاله واعتقاده ، فليس هناك شيء نعلمه عنه بيقين ، والمشتهر في ترجمته هو أفعاله وصفاته كتعبّده وزهده وديانته

فقد ذكر مترجموه فيها أشياء كثيرة حميدة ، فإذا أضيف إليها محاربته للبدع والخرافات ، وقضاؤه على الدويلات الرافضية

ومنعه للاحتفالات البدعية والوثنية تبيَّن أنه ملك يستحق الاحترام والتقدير والدعاء بخير ، وما فعله – رحمه الله – هو تطبيق عملي لمنهج السلف في الحُكم وهو ما دعا بعض الأدباء

وهو الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله – أن يطلق عليه " بقية الخلفاء الراشدين " ، وقد ترجم له ترجمة جليلة في كتابه " رجال من التاريخ " ( ص 227 – 237 ) ، وقد ختمها بقوله :

ووفِّق إلى أمرين لم يسبقه إليهما أحد من ملوك المسلمين :

الأول: أنّه لم يكن يعطى عالما عطية أو راتبا إلا طالبه بعمل , بتأليف أو بتدريس , لئلا يأخذ المال ويتكاسل , فيكون قد جمع بين السيئتين , أخذ المال بلا حق ، وكتمان العلم .

الثانى: أنّه أول من عمل على تدوين الأحكام الشرعية فى كتاب واحد , يُتخذ قانونا فوضعت له وبأمره وبإشرافه ونظره "الفتاوى التي نُسبت إليه فسميت " الفتاوى العالمكيرية

" واشتهرت بـ " الفتاوى الهندية " من أشهر كتب الأحكام في الفقه الإسلامي وأجودها ترتيباً وتصنيفاً .

" رجال من التاريخ " ( ص 236 ) .

ومن أقرب مَن ترجم للسلطان مِن أهل عصره – ووصفه بالتصوف - أبو الفضل محمد خليل بن علي المرادي – رحمه الله – توفي 1206 هـ - وقد قال في ترجمته :

سلطان الهند في عصرنا ، وأمير المؤمنين وإمامهم ، وركن المسلمين ونظامهم ، المجاهد في سبيل الله ، العالِم العلامة ، الصوفي العارف بالله ، الملك القائم بنصرة الدين

الذي أباد الكفار في أرضه ، وقهرهم وهدم كنائسهم ، وأضعف شركهم ، وأيد الإسلام وأعلى في الهند مناره ، وجعل كلمة الله هي العليا ، وقام بنصرة الدين

وأخذ الجزية من كفار الهند ولم يأخذها منهم ملك قبله لقوتهم وكثرتهم ، وفتح الفتوحات العظيمة ، ولم يزل يغزوهم ، وكلما قصد بلداً سلكها ، إلى أن نقله الله إلى دار كرامته وهو في الجهاد

وصرف أوقاته للقيام بمصالح الدين وخدمة رب العالمين من الصيام والقيام والرياضة التي لا يتيسر بعضها لآحاد الناس فضلاً عنه ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وكان موزعاً لأوقاته : فوقت للعبادة

ووقت للتدريس ، ووقت لمصالح العسكر ، ووقت للشكاة ، ووقت لقراءة الكتب والأخبار الواردة عليه كل يوم وليلة من مملكته ، لا يخلط شيئاً بشيء .

والحاصل : أنه كان حسنة من حسنات الزمان ، ليس له نظير في نظام سلطنته ولا مُدانِ ، وقد ألُّفتْ في سلطنته وحسن سيرته الكتب الطويلة بالفارسية غيرها فمن أرادها فليطلع عليها .

" سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر " ( 4 / 113 ) .

ثم قال – بعد ذلك - :

واشتغل بالمملكة من سنة ثمان وستين وألف ، وأراد الله بأهل الهند خيراً ؛ فإنه رفع المظالم والمكوس ، وطلع من الأفق الهندي فجره ، وظهر من البرج التيموري بدره

وفلك مجده دائر ، ونجم سعده سائر ، وأَسَر غالب ملوك الهند المشهورين ، وصارت بلادهم تحت طاعته ، وجُبِيَت إليه الأموال ، وأطاعته البلاد والعباد ، ولم يزل في الاجتهاد في الجهاد

ولم يرجع إلى مقر ملكه وسلطنته بعد أن خرج منه ، وكلما فتح بلادا

أشرع في فتح أخرى ، وعساكره لا يحصون كثرة ، وعظمته وقوته لا يمكن التعبير عنها بعبارة تؤديها حقها ، والملك لله وحده ، وأقام في الهند دولة العلم وبالغ في تعظيم أهله حتى قصده الناس من كل البلاد .

والحاصل : أنه ليس له نظير في عصره في ملوك الاسلام في حسن السيرة والخوف من الله سبحانه والجد في العبادة .
وأمر علماء بلاده الحنفية

أن يجمعوا باسمه فتاوى تجمع جل مذهبهم مما يحتاج إليه من الأحكام الشرعية فجمعت في مجلدات وسماها بـ "

الفتاوى العالمكيرية " واشتهرت في الأقطار الحجازية والمصرية والشامية والرومية

وعمَّ النفع بها وصارت مرجعاً للمفتين ، ولم يزل على ذلك حتى توفي بالركن في شهر ذي القعدة الحرام سنة ثماني عشرة ومائة وألف ، ونقل إلى تربة آبائه وأجداده ، وأقام في الملك خمسين سنة رحمه الله تعالى .

" سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر " ( 4 / 113 ) .

وللتوسع في ترجمته – أيضاً -

: يُنظر ما كتبه الأستاذ عبد المنعم النمر في كتابه

" تاريخ الإسلام في الهند " ( ص 286 – 288 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-16, 14:51   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

انتساب الرجل إلى بيت النبوة لا يوجب محبته إلا بالتقوى

السؤال

عائلة زوجي تنتمي إلي قبيلة من الأشراف ( آل البيت )، وهم لا يعاملونني جيدا ، وأحس أنني أبغضهم ، وأقول عنهم كلاما سيئا ، فهل آثم لذلك

وكيف أعاملهم إذا أخطؤوا في حقي ، مع العلم أني أحب الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته وآل بيته كثيرا ، بمعنى آخر إذا بغضت أشخاصا معينين من الأشراف لأسباب دنيوية هل آثم لذلك

حتى ولو كنت أحب آل البيت عموما ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

مكانة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم – على وجه الإجمال – مكانة محفوظة معروفة ، يقررها أهل السنة في كثير من كتبهم ، ويستدلون عليها بكثير من الأدلة الصحيحة الثابتة في السنة النبوية .

ثانيا :

لكن فضل آل البيت الذي يستوجب التوقير والتكريم والرعاية خاص بالأتقياء والصالحين منهم ، ولا يشمل من كفر أو فسق أو ساءت أخلاقه وصفاته ، وذلك لأدلة كثيرة ، منها :

1. قول الله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/13.

2. وقوله عز وجل : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ) المؤمنون/101، فتأمل كيف تقرر هذه الآيات أن الكرامة عند الله يوم القيامة ميزانها التقوى والعمل الصالح

وأن النسب الشريف لا ينفع صاحبه إذا لم يلبس لباس التقوى.

3. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) رواه مسلم (2699)

ثالثا :

ننقل هنا تقرير العلماء أن النسب الشريف لا يرفع صاحبه بغير التقوى .

يقول الإمام النووي رحمه الله :

" معناه : من كان عمله ناقصا لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال ، فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل "

انتهى من " شرح مسلم " (17/22-23)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لا ريب أنه لآل محمد صلى الله عليه وسلم حقا على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم ، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش...وأما ترتيب الثواب والعقاب على القرابة

ومدح الله عز وجل للشخص المعين وكرامته عند الله تعالى ، فهذا لا يؤثر فيه النسب ، وإنما يؤثر فيه الإيمان والعمل الصالح ، وهو التقوى

كما قال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وفي الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الناس أكرم ؟ فقال : أتقاهم )

ولهذا أثنى الله في القرآن على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وأخبر أنه رضي عنهم ، كما أثنى على المؤمنين عموما .

فكون الرجل مؤمنا وصف استحق به المدح والثواب عند الله ، وأما نفس القرابة فلم يعلق بها ثوابا ولا عقابا ، ولا مدح أحدا بمجرد ذلك .

وهذا لا ينافي ما ذكرناه من أن بعض الأجناس والقبائل أفضل من بعض ، فإن هذا التفضيل معناه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) فالأرض إذا كان فيها معدن ذهب ومعدن فضة كان معدن الذهب خيرا ؛ لأنه مظنة وجود أفضل الأمرين فيه

فإن قدر أنه تعطل ولم يخرج ذهبا ، كان ما يخرج الفضة أفضل منه .

فلا بد أن يوجد في الصنف الأفضل ما لا يوجد مثله في المفضول

وقد يوجد في المفضول ما يكون أفضل من كثير مما يوجد في الفاضل

كما أن الأنبياء الذين ليسوا من العرب أفضل من العرب الذين ليسوا بأنبياء

والمؤمنون المتقون من غير قريش أفضل من القرشيين الذين ليسوا مثلهم في الإيمان والتقوى ، وكذلك المؤمنون المتقون من قريش وغيرهم أفضل ممن ليس مثلهم في الإيمان والتقوى من بني هاشم .

فهذا هو الأصل المعتبر في هذا الباب ، دون من ألغى فضيلة الأنساب مطلقا ، ودون من ظن أن الله تعالى يفضل الإنسان بنسبه على من هو مثله في الإيمان والتقوى

فضلا عمن هو أعظم إيمانا وتقوى ، فكلا القولين خطأ ، وهما متقابلان

بل الفضيلة بالنسب فضيلة جملة ، وفضيلة لأجل المظنة والسبب ، والفضيلة بالإيمان والتقوى فضيلة تعيين وتحقيق وغاية ; فالأول يفضل به لأنه سبب وعلامة ، ولأن الجملة أفضل من جملة تساويها في العدد

والثاني يفضل به لأنه الحقيقة والغاية ، ولأن كل من كان أتقى لله كان أكرم عند الله ، والثواب من الله يقع على هذا ، لأن الحقيقة قد وجدت ، فلم يعلق الحكم بالمظنة

ولأن الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه ، فلا يستدل بالأسباب والعلامات .

فالاعتبار العام هو التقوى ، فكل من كان أتقى كان أفضل مطلقا ، وإذا تساوى اثنان في التقوى استويا في الفضل ، سواء كانا أو أحدهما غنيين أو فقيرين

أو أحدهما غنيا والآخر فقيرا ، وسواء كانا أو أحدهما عربيين أو أعجميين ، أو قرشيين أو هاشميين ، أو كان أحدهما من صنف والآخر من صنف آخر "

انتهى باختصار من " منهاج السنة " (4/599-608)

وينظر : "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/308-310)

" سلسلة الأحاديث الصحيحة "

للشيخ الألباني رحمها الله (7/645) .

والحاصل مما سبق :

أنه لا حرج عليك في بغض أهل الأخلاق السيئة وإن انتسبوا إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فمعقد المحبة والبغض والولاء والبراء هو الإيمان والتقوى ، وليس الأنساب والأحساب .

ولكننا نوصي دائما جميع المسلمين أن يقابلوا الإساءة بالإحسان ، وأن يصفحوا ويغفروا ويتجاوزوا لعل الله يتجاوز عنا وعنهم أجمعين .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-16, 14:57   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن " أبي حيان التوحيدي " وكتابه " البصائر والذخائر "

السؤال


هل من نبذة عن شخصية " أبي حيان التوحيدي " وهل هو من الملحدين ؟

وما رأيكم بكتابه " الذخائر والبصائر " ؟

الجواب

الحمد لله

شخصية أبي حيَّان التوحيدي – توفي عام 414 هـ - شخصية جدليَّة

وقد تضاربت الأقوال في اعتقاده ومنهجه - بل وحتى في لقبه " التوحيدي "

هل هو نسبة لنوع تمر أو هو للتوحيد الذي عند المعتزلة وحقيقته : نفي صفات الله تعالى - فمن قائل فيه إنه زنديق ضال ملحد ، ومن قائل إنه كان صحيح العقيدة وليس عنده ما يوجب الوقيعة فيه .

ومن أبرز القادحين فيه : ابن الجوزي والذهبي رحمهما الله .

قال الإمام الذهبي – رحمه الله - : " أبو حيان التوحيدي ، الضال الملحد ، أبو حيَّان ، علي بن محمد بن العباس البغدادي الصوفي ، صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية ، ويقال : كان من أعيان الشافعية .

قال ابن بابي في كتاب " الخريدة والفريدة " : كان أبو حيان هذا كذَّاباً ، قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان ، تعرض لأمور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل

ولقد وقف سيدنا الوزير الصاحب كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه من سوء الاعتقاد فطلبه ليقتله ، فهرب والتجأ إلى أعدائه

ونفق عليهم تزخرفه وإفكه ، ثم عثروا منه على قبيح دخيلته وسوء عقيدته وما يبطنه من الإلحاد ويرومه في الإسلام من الفساد ، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح ، ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح

فطلبه الوزير المهلبي ، فاستتر منه ، ومات في الاستتار ، وأراح الله ، ولم يؤثر عنه إلا مثلبة أو مخزية ".

وقال أبو الفرج بن الجوزي :

" زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي ، وأبو حيان التوحيدي ، وأبو العلاء المعري ، وأشدهم على الاسلام : أبو حيان ؛ لأنهما صرَّحا ، وهو مجمج ولم يصرح " .

قلت : وكان من تلامذة علي بن عيسى الرماني ، ورأيته يبالغ في تعظيم الرماني في كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ ، فانظر إلى المادح والممدوح ، وأجود الثلاثة الرماني - مع اعتزاله وتشيعه -
.
وأبو حيان له مصنف كبير في تصوف الحكماء وزهاد الفلاسفة ، وكتاب سمَّاه " البصائر والذخائر " ، وكتاب " الصديق والصداقة " مجلد ، وكتاب " المقابسات "

وكتاب " مثالب الوزيرين " - يعني : ابن العميد وابن عباد - ، وغير ذلك .

وهو الذي نسب نفسه إلى التوحيد ، كما سمى ابن تومرت أتباعه بالموحدين ، وكما يُسمِّي صوفية الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وبالاتحادية .

أنبأني أحمد بن أبي الخير عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي عن ابن طاهر : سمعت أبا الفتح عبد الوهاب الشيرازي بالري يقول : سمعت أبا حيان التوحيدي يقول

: أناس مضوا تحت التوهم ، وظنوا أن الحق معهم ، وكان الحق وراءهم .

قلت : أنت حامل لوائهم .

وقال أبو نصر السجزي الحافظ فيما يأثروه عنه جعفر الحكاك : سمعت أبا سعد الماليني يقول : قرأت الرسالة - يعني المنسوبة إلى أبي بكر وعمر مع أبي عبيدة إلى علي رضي الله عنهم

- على أبي حيان ، فقال : هذه الرسالة عملتُها ردّاً على الرافضة ، وسببه : أنهم كانوا يحضرون مجلس بعض الوزراء وكانوا يُغلون في حال " علي " ، فعملتُ هذه الرسالة .

قلت : قد باء بالاختلاف على " علي " الصفوة ، وقد رأيتُها ، وسائرها كذِب بيِّنٌ " انتهى من " سير أعلام النبلاء " ( 17 / 119 – 123 ) باختصار .

ومن أبرز الذابين عنه والمادحين له : تاج الدين الدين السبكي ووالده تقي الدين

وابن النجار رحمهم الله .

قال تاج الدين الدين السبكي – رحمه الله -

: " قال ابن النجار : له المصنفات الحسنة كـ " البصائر " وغيرها .

قال : وكان فقيراً صابراً متديِّناً ، قال : وكان صحيح العقيدة
.
قلت – أي : السبكي - : الحامل للذهبي على الوقيعة في التوحيدي - مع ما يبطنه من بغض الصوفية ! -

هذان الكلامان – أي : كلام ابن بابي وابن الجوزي - ولم يثبت عندي إلى الآن مِن حال أبي حيان ما يوجب الوقيعة فيه ، ووقفتُ على كثير من كلامه فلم أجد فيه إلا ما يدل على أنه كان قوي النفس مزدرياً بأهل عصره

لا يوجب هذا القدر أن ينال منه هذا النيل ، وسئل الشيخ الإمام الوالد رحمه الله عنه فأجاب بقريب مما أقول "

انتهى من " طبقات الشافعية الكبرى " ( 5 / 287 ، 288 ) باختصار .

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

يثبت لأبي حيان اشتغاله بالفلسفة ولا يجزم له بالزندقة.

قال – رحمه الله - :

" فإنَّ أبا حيان تغلب عليه الخطابة والفصاحة ، وهو مركب من فنون أدبية وفلسفية وكلامية وغير ذلك ، وإن كان قد شهد عليه بالزندقة غير واحد وقرنوه بابن الراوندي ، كما ذكر ذلك ابن عقيل وغيره "

انتهى من " العقيدة الأصفهانية " ( ص 172 ) .

وقال – رحمه الله – أيضاً - :

" والغزالي في كلامه مادة فلسفية كبيرة بسبب كلام ابن سينا في " الشفا " وغيره ، " ورسائل إخوان الصفا " وكلام أبي حيان التوحيدي "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 6 / 54 ) .

ونحن نتوقف في الحكم عليه حتى نقف على ترجمة لباحث يتفرغ لقراءة كتبه ويحكم على جمله وعباراته بالعدل ، ولعلنا نحظى برسالة جامعية متخصصة من باحث من أهل السنَّة قريباً

وبعدها لعلنا نرجِّح قولاً على آخر .

وأما كتابه " البصائر والذخائر " فهو يحتوي على قطع أدبية مسموعة ومنقولة ، وقد أثنى عليه ابن النجار – كما سبق ذِكر كلامه -

وفيه أشياء فائقة البلاغة ، حسنة المعنى جدا . ووقفنا فيه على نقدٍ شديد لأهل الكلام في دينهم وسلوكهم وتعبدهم ، وقد حققه جماعة من المختصين وطُبع عدة طبعات

وقد استوفت الكلام عليه – تقريباً - الدكتورة وداد القاضي وذلك في دراسة خاصة بالكتاب جعلتها في آخره .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-16, 15:06   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

التفريق بين عبد الله بن أبي سرح وغيره ممن ارتد وادَّعى أنه كان يحرِّف الوحي

السؤال

عبد الله بن أبي السرح هو شخصية إسلامية جدلية في التاريخ الإسلامي حيث كان من كتَّاب الوحي ثم ارتد عن الاسلام ، هل كان يحرِّف بعض الآيات في القرآن ؟ .

الجواب

الحمد لله

أولاً:

ثمة خلط عند كثيرين بين شخصيتين ارتدتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومما جعل الأمر كذلك اشتراكهما في كتابة الوحي ، ووقوع الردة منهما ، إلا أن الحقيقة أنهما شخصيتان مختلفتان

فالأول هو " عبد الله بن سعد بن أبي سرْح " ، والثاني هو رجل نصراني لا يُعرف اسمه

والأول كان ارتد ثم رجع إلى الإسلام في " فتح مكة " ، والثاني بقي على ردته ومات ولفظته الأرض وكان آية للناس ، والثاني هو الذي زعم أنه كان يغيِّر في كتابة الوحي ليس الصحابي الجليل عبد الله بن أبي السرح .

ثانياً:

أما الأول : فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، أبو يحيى القرشي العامري ، أخو عثمان بن عفان من الرضاعة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه

ثم استأمن له عثمان فأمَّنه النبي صلى الله عليه ، وأسلم وحسن إسلامه .

عَنْ سَعْد بن أبي وقَّاص قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ وَابْنُ أَبِي سَرْحٍ

قَالَ : وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ (

أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ ) فَقَالُوا : مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ قَالَ ( إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ ) .

رواه النسائي ( 4067 ) وأبو داود ( 2683 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

وقد ولاَّه عثمان رضي الله عنه على " مصر " ، وهو الذي قاد معركة " ذات الصواري " ، وقد غزا إفريقية ففتح كثيراً من مدنها ، واعتزل فتنة علي ومعاوية رضي الله عنهما ، ثم خرج إلى

" الرملة " في " فلسطين " ، فلما كان عند الصبح قال " اللهم اجعل آخر عملي الصبح " فتوضأ ثم صلَّى فسلم عن يمينه ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه ،

وكان ذلك في سنة تسع وخمسين .

قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله :

"لم يتعدَّ ، ولا فعل ما يُنقم عليه بعدها – أي : بعد فتح مكة - ، وكان أحد عقلاء الرجال وأجوادهم "

انتهى من" سير أعلام النبلاء " ( 3 / 34 ) .

ولينظر " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " لابن عبد البر ( 3 / 52 )

و " الإصابة في تمييز الصحابة " ( 4 / 110 ) .

ولم نقف على رواية صحيحة الإسناد أن عبد الله بن أبي سرح كان يحرِّف الوحي ، وإنما في قصته أنه " أزلَّه الشيطان " .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم .

رواه النسائي ( 4069 ) وأبو داود ( 4358 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح النسائي " .

ثالثاً:

أما الثاني : فهو الرجل الذي كان نصرانيّاً ثم أسلم وارتدَّ على عقبه ، وكان يقول إنه كان يغيِّر ما كان يلقيه عليه النبي صلى الله عليه وسلم من كلام

فأهلكه الله تعالى هلاكاً يكون فيه عبرة لغيره من الشاتمين للرسول صلى الله عليه وسلم والطاعنين في دينه .

عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ : كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ : مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ

فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقُوهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ

فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا ، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ .

رواه البخاري ( 3421 ) ومسلم ( 2781 ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

"فهذا الملعون الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدري إلا ما كتب له قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً

وهذا أمر خارج عن العادة يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله وأنه كان كاذباً إذ كان عامَّة الموتى لا يصيبهم مثل هذا

وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد ؛ إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا ، وأن الله منتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن طعن عليه وسبَّه

ومظهر لدينه ولكذب الكاذب إذ لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد

"انتهى من" الصارم المسلول " ( 1 / 122 ) .

فتبين براءة عبد الله بن سعد بن أبي السرح ، رضي الله عنه ، من هذه التهمة ؛ فهو لم يدع ذلك ، ولم يقله ، ثم إنه تاب بعد ذلك ، وأسلم ، وحسن إسلامه .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-17, 15:03   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل " أويس القرني " و " الحسن البصري " من الصوفية ؟

السؤال

أود أن أعرف إذا ما كان أويس القرني، حسن البصري ، الإمام الغزالي والشيخ عبد القادر الجيلاني من أئمة الصوفية ؟

وإذا كانت الإجابة بـ(نعم) فهل قاموا بوعظ الناس للدخول في الصوفية باعتبارها جزءا من الإسلام ؟

وإذا كانت الإجابة بـ(لا) فلماذا يستشهد بهم الصوفيون كثيرا ؟

حيث ورد ذكرهم كثيرا في غالبية كتب الصوفية ، وتم الاستشهاد بالكثير من أقوالهم . أرجو التوضيح .


الجواب

الحمد لله

أولا :

لفظ التصوف من الألفاظ الحادثة في الإسلام ، لم يكن معروفا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عهد أصحابه ، بل ولم يشتهر ذكره في القرون المفضلة الثلاثة الأولى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" أَمَّا لَفْظُ " الصُّوفِيَّةِ " فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا اُشْتُهِرَ التَّكَلُّمُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ نُقِلَ التَّكَلُّمُ بِهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالشُّيُوخِ: كَالْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني وَغَيْرِهِمَا.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/5) .

وجاء في "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة" (1/249) وما بعدها :

" خلال القرنين الأولين ابتداءً من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين حتى وفاة الحسن البصري، لم تعرف الصوفية سواء كان باسمها أو برسمها وسلوكها

بل كانت التسمية الجامعة: المسلمين، المؤمنين، أو التسميات الخاصة مثل: الصحابي، البدري، أصحاب البيعة ، التابعي.

لم يعرف ذلك العهد هذا الغلو العملي التعبُّدي أو العلمي الاعتقادي إلا بعض النزعات الفردية نحو التشديد على النفس الذي نهاهم عنه النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة .. "

" البداية والظهور: ظهر مصطلح التصوف والصوفية أول ما ظهر في الكوفة بسبب قُربها من بلاد فارس، والتأثُّر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة، ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب .

وقد تنازع العلماء والمؤرخون في أول مَن تسمَّ به. على أقوال ثلاثة:

1 ـ قول شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه: أن أول من عُرف بالصوفي هو أبو هاشم الكوفي ت150هـ أو 162هـ بالشام بعد أن انتقل إليها، وكان معاصراً لسفيان الثوري ت 155هـ

قال عنه سفيان:

"لولا أبو هاشم ما عُرِفت دقائق الرياء". وكان معاصراً لجعفر الصادق وينسب إلى الشيعة الأوائل، ويسميه الشيعة مخترع الصوفية.

2 ـ يذكر بعض المؤرخين أن عبدك ـ عبد الكريم أو محمد ـ المتوفى سنة 210هـ هو أول من تسمى بالصوفي، ويذكر عنه الحارث المحاسبي أنه كان من طائفة نصف شيعية تسمي نفسها صوفية تأسست بالكوفة.

بينما يذكر الملطي في التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع أن عبدك كان رأس فرقة من الزنادقة الذين زعموا أن الدنيا كلها حرام، لا يحل لأحد منها إلا القوت

حيث ذهب أئمة الهدى، ولا تحل الدنيا إلا بإمام عادل، وإلا فهي حرام، ومعاملة أهلها حرام.

3 ـ يذهب ابن النديم في الفهرست إلى أن جابر بن حيان تلميذ جعفر الصادق والمتوفى سنة 208هـ أول من تسمى بالصوفي، والشيعة تعتبره من أكابرهم، والفلاسفة ينسبونه إليهم " انتهى .

وبهذا يتبين أن نسبة أويس القرني والحسن البصري إلى التصوف ، بالمعنى الاصطلاحي الذي عرف عند المتأخرين ، نسبة باطلة غير صحيحة ؛ فإن التصوف ـ بالمعنى المفهوم

لم يكن قد نشأن في وقت الحسن البصري ، فضلا عن أويس القرني الذي هو أقدم من الحسن البصري .

ثانيا :

وأما ورود ذكر أويس القرني والحسن البصري كثيرا في كتب التصوف ، فلأمرين :

الأول : أن كتب التصوف تعنى أول شيء بباب الأخلاق ، والزهد والرقائق ، وما أشبه ذلك ؛ وقد نقل في ذلك عن الحسن البصري الشيء الكثير الطيب النافع

وهكذا نقل من أحوال أويس القرني ، وبعض أقواله ، ما هو نافع مفيد في هذا الباب ، فمن الطبيعي أن يرد ذكرهما في كتب التصوف .

الثاني : أن تقديم هذين العلمين : أويس القرني ، والحسن البصري ، رحمة الله عليهما ، والإشادة بذكرهما ، والقبول العام لهما في الأمة

يجعل ورود ذكرهما في كتب التصوف شيئاً منطقيا ومفهوماً ، فالمصنفون لهذه الكتب من هذه الأمة التي تلقت هذين الشخصين بالقبول . وفي ضوء ذلك ـ أيضا ـ نفهم : لماذا ينتسب الصوفية لهما

ولأمثالهما من السلف الصالحين في الأمة ؛ فإن كل مذهب يبحث عن سند تاريخي مقبول على وجه العموم في الأمة ، من أجل إثبات مشروعيته ، والترويج له بين الناس .

وإذا كانت أقوال هذين العلمين ، وأحوالهما ، منقولة في كتب أهل السنة المصنفة في الفقه ، وكتبهم المصنفة في الأخلاق والرقائق ، تبين أن مجرد ورود هذه الأقوال في كتب التصوف

لا يعني أنهما من الصوفية ، بل يرجع إلى ما ثبت عنهما ، وعن غيرهما من السلف ، بالأسانيد الصحيحة ، ويضم ذلك إلى معرفة تاريخ نشأة التصوف ، وبه يتبين أن نسبتهما إلى التصوف ـ بالمعنى الاصطلاحي ـ نسبة باطلة.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc