السيرة النبوية.. سؤال وجواب - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم

منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم كل ما يختص بمناقشة وطرح مواضيع نصرة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم و كذا مواضيع المقاومة و المقاطعة...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

السيرة النبوية.. سؤال وجواب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-02-23, 03:28   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

كيف شرح الله تعالى صدر رسوله صلى الله عليه وسلم عندما قال : ( ألم نشرح لك صدرك ) ؟

.....وهل صحيح ما قيل : إنه كان على يد سيدنا جبريل عليه السلام مرتين في عمره ؟


الجواب

الحمد للَّه


لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على أنبيائه ورسله بنعم عظيمة جليلة ، أولاها فضلا ، وأوفاها مِنَّةً ، وأعلاها قدرا نعمةُ النبوة ، حيث اصطفاهم لقربه ، واجتباهم لرحمته .

يقول الله تعالى : ( وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ) آل عمران/179

ويقول سبحانه : ( وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) الأنعام/87

وقد خص الله سبحانه وتعالى نبيه وخليله محمدا صلى الله عليه وسلم بمزيد فضل ، وحباه بعظيم قدر ، حتى قال سبحانه وتعالى : ( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) النساء/113

ومن هذا الفضل أنه سبحانه شرح صدر الرسول الكريم محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وامتن عليه بهذه النعمة العظيمة في سورة من القرآن الكريم تتلى إلى يوم القيامة ، تسمى سورة "الشرح" .

يقول سبحانه وتعالى : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) الشرح/1

وشَرْحُ صدر النبي صلى الله عليه وسلم يتضمن معاني كثيرة عظيمة :

1- شرح الله صدره للإسلام دينا وشريعة ، وهذا أعظم ما يمكن أن ينشرح له الصدر ، وهو تفسير ابن عباس ، علقه البخاري في صحيحه ( كتاب التفسير / باب سورة الشرح ، ص 982)

2- وشرح الله صدر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن ملأه حكمة وعلما وإيمانا ، كما فسره الحسن البصري ، ويذكر العلماء في تفسير ذلك حادثة شق صدره صلى الله عليه وسلم ، والتي تكررت مرتين في حياته صلى الله عليه وسلم :
الأولى : كانت وهو صغير في بني سعد .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً ، فَقَالَ : هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ . ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ، ثُمَّ لَأَمَهُ ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ يَعْنِي ظِئْرَهُ فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ قَالَ أَنَسٌ وَقَدْ كُنْتُ أَرْئِي أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ ) رواه مسلم (162)
الثانية : كانت ليلة الإسراء .

كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ ) رواه البخاري (349) ومسلم (163)

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى "فتح الباري" (7/204) :

" وقد استنكر بعضهم وقوع شق الصدر ليلة الإسراء ، وقال إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد ، ولا إنكار في ذلك ، فقد تواردت الروايات به ... وجميع ما ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته ، لصلاحية القدرة ، فلا يستحيل شيء من ذلك ، قال القرطبي في "المفهم" : لا يلتفت لإنكار الشق ليلة الإسراء ؛ لأن رواته ثقات مشاهير " انتهى .

وقد جاءت حادثة شق الصدر أيضا في بعض الروايات في أوقات أخرى ، في عمر العشر سنوات ، وعند البعثة ، لكنها روايات ضعيفة . انظر "السيرة النبوية الصحيحة" (1/103)

يقول ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/677) :

" يقول تعالى : ( ألم نشرح لك صدرك ) يعني : أما شرحنا لك صدرك ، أي : نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا ، كقوله : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام )

وقيل : المراد بقوله : ( ألم نشرح لك صدرك ) شرح صدره ليلة الإسراء ، ولكن لا منافاة ، فإنه من جملة شرح صدره الذي فعل بصدره ليلة الإسراء وما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضا فالله أعلم " انتهى .

3- وجاء في "روح المعاني" (30/166) :

" وقيل : المعنى : ألم نزل همك وغمك بإطلاعك على حقائق الأمور وحقارة الدنيا ، فهان عليك احتمال المكاره في الدعاء إلى الله تعالى .

ونقل عن الجمهور أن المعنى : ألم نفسحه بالحكمة ونوسعه بتيسيرنا لك تلقي ما يوحى إليك بعد ما كان يشق عليك " انتهى .

4- وقال ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (1/4850) :

" وشرح صدره كناية عن الإنعام عليه بكل ما تطمح إليه نفسه الزكية من الكمالات ، وإعلامه برضى الله عنه ، وبشارته بما سيحصل للدين الذي جاء به من النصر " انتهى .


وانظر "سبل الهدى والرشاد" (2/59) .

5- ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "تفسير سورة الشرح" (ص/1) :

" وهذا الشرح شرح معنوي ليس شرحاً حسيًّا ، وشرح الصدر أن يكون متسعاً لحكم الله عز وجل بنوعيه ، حكم الله الشرعي وهو الدين ، وحكم الله القدري وهو المصائب التي تحدث على الإنسان " انتهى باختصار .
والله أعلم .


و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-02-23, 14:34   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
*جزائرية وافتخر*
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية *جزائرية وافتخر*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما شاء الله يا ريت الاخرين يدركون وجودك و يضعون بصمتهم



نشاله ربي يدخلك الجنة










رد مع اقتباس
قديم 2018-02-23, 16:40   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دودو تتكلم والكل يتعلم مشاهدة المشاركة
ما شاء الله يا ريت الاخرين يدركون وجودك و يضعون بصمتهم



نشاله ربي يدخلك الجنة
جميعا باذن الله في جنه النعيم

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-23, 16:43   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
*جزائرية وافتخر*
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية *جزائرية وافتخر*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

امين
.......................










رد مع اقتباس
قديم 2018-02-24, 05:06   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

السؤال:

ما حكم من قال : إنه كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم مشاكل زوجية ؟ وهو لا يقصد في ذلك التنقص من النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريد بذلك أنه وهو سيد الخلق لم يسلم من هذه المشاكل ، فكيف بمن دونه ،.
وهل في ذلك انتقاص من قدر أمهات المؤمنين رضي الله عنهم ؟

وهل هذا الكلام ردة ؟

وكيف تكون التوبة ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

ينبغي أن يُعلم أن بيته عليه الصلاة والسلام هو أفضل البيوت وأزكاها ، فهو عليه الصلاة والسلام أحسن الناس معاشرة لأهله ، وأكملهم خلقاً وتعاملاً مع زوجاته عليه الصلاة والسلام .

فقد روى الترمذي (3895) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العِشْرَة دائم البِشْرِ ، يداعب أهله ، ويَتَلَطَّفُ بهم ، ويُوسِّعُهُم نَفَقَته ، ويُضاحِك نساءَه ، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يَتَوَدَّدُ إليها بذلك ، قالت : سَابَقَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَسَبَقْتُهُ ، وذلك قبل أن أحملَ اللحم ، ثم سابقته بعد ما حملتُ اللحمَ فسبقني ، فقال : " هذِهِ بتلْك " ، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها ، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد ، يضع عن كَتِفَيْه الرِّداء وينام بالإزار ، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يَسْمُر مع أهله قليلا قبل أن ينام ، يُؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم

" انتهى من " تفسير ابن كثير " (2/242) .

ثانياً :

ما يحدث بين الزوجين من مغاضبات ، أو خلاف حول شيء من أمور البيت والمعيشة ، أو نحو ذلك : أمر طبيعي ، وسنة من سنن الحياة الزوجية ، وهو من شأن هذه الحياة الدنيا التي لا تخلو من كدر ، أو تعب ، أو تكدير ؛ وعلى ذلك بُنيت .

وبيت النبوة ربما كان يحدث فيه المرة بعد المرة شيء من ذلك التعب والتكدير ؛ وكان بين نسائه من التغاير ما يحدث مثله ، أو شبيهه بين النساء ؛ وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم معصوما ، فنساؤه رضوان الله عليهن ، وإن كن خير النساء ؛ فلم يكُنَّ معصومات ؛ قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ) سورة الأحزاب / 28 - 29 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : " لما اجتمع نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الغيرة ، وطلبن منه النفقة والكسوة ، طلبن منه أمرًا لا يقدر عليه في كل وقت ، ولم يزلن في طلبهن متفقات ، في مرادهن متعنتات ، شَقَّ ذلك على الرسول ، حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهرًا " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/662) .

وروى البخاري (5225) عن أنس رضي الله عنه : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ» ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ " .

وروى البخاري (2468) عن ابن عباس رضي الله عنهما - في قصة هجر النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته – يرويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والحديث طويل ، وفيه : ( ... وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الْأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي ، فَرَاجَعَتْنِي ، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي ، فَقَالَتْ وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ ؟! فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُرَاجِعْنَهُ ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ ... ) .

فالقول بأن بيته عليه الصلاة والسلام لم يخل من بعض ذلك الأمر ، إذا لم يكن على وجه التنقص للنبي صلى الله عليه وسلم ، معاذ الله ، ولا لأهل بيته ، رضوان الله عليهم جميعا : لا حرج فيه ، وربما كان فيه منفعة لبعض من ابتلي في بيته : أن يتسلى بذلك الأمر من شأن الدنيا ؛ ويأتسي به عليه الصلاة السلام في طريقة تعامله مع تلك المشكلة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-24, 05:13   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

هل صحيح أن الرسول كان اسمه قثم قبل نزول الوحي أم هو مجرد للطعن في النبوة ؟

وهل توجد روايات تدعم هذا الزعم ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً : ضبْط ومعني اسم " قُثَم " في لغة العرب .

لو أردنا في البداية أن نعلم كيف يُنْطَق هذا الاسم ؟

سنجد أنه يُنطق بالتشكيل التالي : " قُثَمُ " بضمِّ القاف وفتح الثاء ، كما ينطق اسم : "عُمر". لسان العرب (12/461) .
ما معني هذا الاسم في لغة العرب ؟

بمطالعة معاجم اللغة سنجد أن مادة القاف والثاء والميم تدلُّ على الجمع والإعطاء .

من ذلك قولهم : رجلٌ قُثَمٌ : مِعْطاء ، والقُثَمُ والقَثوم : الجَموع للخير ، ويقال للرجل إذا كان كثير العَطاء ( قُثَمُ ) ، و ( القُثَمُ ) : المجتمع الخلق ، وقيل هو : الجامع الكامل .

انظر : " لسان العرب " (12/461) ، و" مقاييس اللغة " (5/59) .

مما سبق يتضح أن المعاني التي تدل عليها مادة ( قُثَم ) في لغة العرب معاني مدح وثناء .

ثانياً : هل كان ( قُثَم ) هو اسم النبي قبل الوحي ؟!.

هذه شبهة من الشبهات التي يحرص علي ترديدها الاستشراق المعاصر .

حيث جاءت في كتابات المستشرق الألماني تويودور نولدكه (1836/ 1930م) صاحب كتاب " تاريخ القرآن " ، وردَّدها أيضاً المستشرق النمساوي لويس سبرنجر (تـ 1893م) في كتابه عن سيرة النبي ، والمستشرق الفرنسي اليهودي هرتويغ درنبرغ ( تـ 1908م) ، والمستشرق الإيطالي الأمير ليون كايتاني في كتابه الشهير " حوليات الإسلام " .
انظر : " تاريخ العرب في الإسلام" لجواد علي (97-98) ، " هل بشَّر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم " لد. منقذ السقار (129) .

وقد تابع المستشرقين في ترديد هذه الشبهة بعض تلامذتهم من المسلمين ، ممن لا ينبغي للبال أن ينشغل بأسمائهم .
والهدف من إثارة هذه الشبهة يتمثَّل فيما يلي :

أ- إشاعة الشك عند المسلم في كل شيء ، حتى يشك المسلم في كل أمور دينه ولا يطمئن إلى أيٍّ منها ، وهذه خطة قديمة جرى عليها كثير من المستشرقين والمبشرين وأذنابهم من المسلمين من بين أَظْهُرنا ومن بنى جلدتنا .

ب- فرار أحبار اليهود والنصارى من الإشارة إلى بشارة التوراة والإنجيل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وورود اسمه الصريح فيهما .

وبعد بيان مصدر هذه الشبهة وهدفها نذكر الرد الشرعي والتاريخي والعقلي والمنطقي علي هذه الشبهة في النقاط التالية :

النقطة الأولي : لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم معروفاً باسم ( محمد ) منذ طفولته ، والأدلة علي ذلك كثيرة ومتواترة شرعاً وعرفاً وتاريخاً ، ونكتفي منها بما يلي .

جاء الصبيان الصغار أثناء فترة رضاعة النبي إلي مرضعته ( حليمة ) ، وأخبروها بما حدث للنبي عند شقِّ صدره ، وأخبروا عنه باسم ( محمد ) .

حيث جاء في الرواية الصحيحة الواردة في معجزه شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة ، فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ، ثم أعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ( يعني مرضعته ) ، فقالوا : إن محمداً قد قُتِل ، فاستقبلوه وهو منتقع اللون ، قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره " . صحيح مسلم " باب : الإسراء برسول الله " رقم : (162) .

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه عن كثرة أسمائه ، فعن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لي أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد وأنا الماحي الذى يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذى يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب ) .

أخرجه الإمام البخاري في كتاب المناقب ، باب : ما جاء فى أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رقم : (3339) ، والإمام مسلم فى كتاب الفضائل ، باب : فى أسمائه صلى الله عليه وسلم ، رقم : (2354) .

النقطة الثانية : إذا كان اسم الرسول الأصلى هو " قُثَم " فلماذا غيَّره النبي ، بالرغم من أنه اسم يدل على الكرم وكثرة العطاء ، ومن ثمَّ فهو مدح وليس ذمّا ؟!.

النقطة الثالثة : إذا كان اسم ( قُثَم ) هو اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأربعين عاماً ولم يحمل اسماً غيره ؛ فكيف خفي ذلك على أعدائه من كفار قريش في مكة ، ثم من اليهود والمنافقين في المدينة ، ثم من سائر المرتدين في الجزيرة العربيّة ، ثم من أعداء الإسلام على مرِّ القرون ، كيف خفي ذلك علي كل هؤلاء ولم يتخذوه مطعناً علي النبي ، بالرغم من شدة عدائهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبحثهم عن أيّ مطعن في النبي ولو خَفِي ودقَّ ؟!.

فهذا هو أبو سفيان عندما وقف أمام هرقل وقت ورود رسالة النبي لهرقل التي دعاه فيها إلي الإسلام ، لم يتحدث عن شيء من ذلك ؛ رغم أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل كانت تبدأ بجملة : " من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم... " ، فلو كان الاسم الأصلي للنبي هو " قُثَم " لاستغل ذلك أبو سفيان الذي كانت بينه وبين الرسول في ذلك الوقت ثارات وحروب .

وكان بإمكان أبي سفيان – لو كانت هذه الدعوي صحيحة – أن يقول لهرقل : إنه لا يُدْعَى " محمد " بل اسمه " قُثَم " ، ولكانت تلك ـ حقاً ـ القاصمة ، والفاصلة أيضا ؛ إلا أن ذلك لم يحدث .

ينظر : " صحيح البخاري " - كتاب بدء الوحي - ، " باب : كيف كان بدء الوحي إلي رسول الله " رقم : (7) .

وإذا كان أبو سفيان ، وصناديد قريش ، وهم أهل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعشيرته ، والعارفون به وبسيرته ونسبه ، وأصله وفصله ؛ إذا كانوا قد سكتوا عن ذلك ، أو بالأحرى : لم يعلموا بوجوده أصلا ؛ فكذلك فعل أحبار أهل الكتاب في زمان النبي ، ولا عجب ، فلم ينطق أحد منهم في ذلك ، ومن الممتنع أن يكون عندهم خبر منه ، ثم لا يشنعون عليه ، ولا يطعنون في صدقه ونبوته به .

لقد قرَّر القرآن الكريم ، والسنة النبويّة المطهرة ، وكتب التاريخ والسير والأدب وأشعار العرب أنّ اسمه صلى الله عليه وسلم محمدٌ ، وأنّ النبي خاطب الناس بهذا الاسم ، واستخدمه في العهود والمواثيق والمبايعات والرسائل إلى الملوك ، ولم يناقشه أو يعترض عليه أحد من معاصريه وأعدائه في ذلك .

فهل يُترك كل هذا ويُلتفت إلى عدة نصوص ضعيفة أو مجهولة السند في كتب السير والتاريخ ؟!.

إنَّ للنبي أسماءاً جاء بيانها في القرآن والسنة ؛ منها : محمد ، وأحمد ، والمتوكل ، والماحي ، والحاشر ، والعاقب ، والمقفي ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة ، ونبي الملحمة ، والفاتح ، والأمين . انظر : " زاد المعاد " للإمام ابن القيم (1/85-86) .

وليس اسم ( قُثَم ) من هذه الأسماء التي أخبر بها النبي عن نفسه ، ولم تَرد التسمية به في الروايات أو الآثار الصحيحة الثابتة في كتب السنة النبوية .

ثالثاً : الروايات التي ورد فيها اسم ( قُثَم ) ، وبيان درجتها .

أ- روايات كتب الحديث :

روى ابن عدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لي عند ربي عشرة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي ، وأنا الحاشر الذي يحشر الخلائق معي على قدمي ، وأنا رسول الرحمة ، ورسول التوبة ، ورسول الملاحم ، وأنا المقفي قفيت النبيين ، وأنا قثم " .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/64) .

درجة الحديث :

هذا الحديث رواه ابن عدي بسنده في الكامل وفيه أبو البختري ، قال ابن عدي بعد أن ساق الحديث : " وهذه الأحاديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بواطيل ، وأبو البخترى جسور من جملة الكذابين الذين يضعون الحديث ، وكان يجمع في كل حديث يريد أن يرويه أسانيد من جسارته على الكذب ووضْعه على الثقات

" . انتهي من " الكامل في الضعفاء " لابن عدي (7/65) .

قال الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين (2/383) : " أخرجه ابن عدي من حديث علي وجابر وأسامة بن زيد وابن عباس وعائشة بإسناد ضعيف .

وله ولأبي نعيم في الدلائل من حديث أبي الطفيل : " لي عند ربي عشرة أسماء ، قال أبو الطفيل : حفظت منها ثمانية فذكرها بزيادة ونقص ، وذكر سيف بن وهب أن أبا جعفر قال : إن الاسمين طه ويس ، وإسناده ضعيف " . انتهي
وقال تاج الدين السبكي في " طبقات الشافعية " (6/287) : ( وهذا فصل جمعت فيه جميع ما في كتاب الإحياء من الأحاديث التي لم أجد لها إسناداً ) . انتهي

وذكر منها حديث ( وأنا قثم ) . انتهي من " طبقات الشافعية " (6/330)

مما سبق يتبين أن هذه الرواية ورد في سندها أبو البختري الكذاب الوضَّاع ، وذكرها أئمة الحديث في الضعيف والمردود وما لا إسناد له من روايات الحديث .

ب- روايات كتب السيرة وغيرها :

ورد ذكْر هذا الاسم في عدة مواضع في كتب السيرة وغيرها ، فقد ذكر القاضي عياض في كتابه " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " (1/231- 232) : ( ... وذكر غيره لي عشرة أسماء فذكر الخمسة التى في الحديث الأول ، قال : وأنا رسول الرحمة ورسول الراحة ورسول الملاحم وأنا المقفى قفيت النبيين وأنا قيم والقيم الجامع الكامل كذا وجدته ولم أروه وأرى أن صوابه قثم بالثاء ... ). انتهي

وورد هذا الاسم كذلك في : " خلاصة سير سيد البشر "(72–73) ، " سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " (1/244) ، " السيرة الحلبية " (1/131) ، " صفة الصفوة " (1/55) ، " المواهب اللدنية بالمنح المحمدية " (1/473) ، " النهاية في غريب الأثر " (4/27) .

الاعتبار الذي أورد به كتَّاب السِّيَر اسم ( قُثَم ) في كتبهم :

لقد أورد عدد من كُتَّاب السِّير اسم ( قُثَم ) في مواضع من كتبهم عند حديثهم عن أسماء النبي ، إلا أنهم أوردوه علي اعتبار أنه لقب من الألقاب أو صفة من الصفات التي وصلتهم عن النبي ، ولم يذكر واحد منهم أن هذا الاسم كان هو الاسم الأصلي أو الأول للنبي ، وفيما يلي طرف من النقولات التي توضِّح ذلك .

قال الإمام المحب الطبري في " خلاصة سير سيد البشر " (72) : ( وقد ذكر له أسماء كثيرة اقتصرنا على المشهور منها ، منها المتوكل والفاتح والخاتم والضحوك والقتال والأمين والمصطفى والرسول والنبي الأمين والقثم ، ومعلوم أن أكثر هذه الأسماء صفات ) . انتهي

وقال الإمام القسطلاني في " المواهب اللدنية بالمنح المحمدية " (1/445) : ( ورأيت فى كتاب " أحكام القرآن " للقاضى أبى بكر بن العربى : قال بعض الصوفية : لله تعالى ألف اسم ، وللنبى صلى الله عليه وسلم ألف اسم . انتهى

والمراد الأوصاف : فكل الأسماء التى وردت أوصاف مدح ، وإذا كان كذلك ، فله صلى الله عليه وسلم من كل وصف اسم ، ثم إن منها ما هو مختص به أو الغالب عليه ، ومنها ما هو مشترك ، وكل ذلك بيِّن بالمشاهدة لا يخفى ، وإذا جعلنا له من كل وصف من أوصافه اسماً بلغت أوصافه ما ذُكر ، بل أكثر ) . انتهي

بان مما سبق أن كل ما ورد في كتب السِّيَر تحت عنوان ( أسماء النبي ) ما هي إلا ألقاب أو صفات ما عدا ( محمد وأحمد ) ، وقد نصَّت روايات السنة الصحيحة على عددٍ قليلٍ جداً من هذه الألقاب والصفات ، ثم أضاف المسلمون إليها الكثير مما لم يُسْمَع من النبى ومما لم يرد به إسناد ، حتى لقد بلغ بعضهم بهذه الصفات والألقاب النبوية ألفاً
.
رابعا : لا يعتمد على روايات المؤرخين فيما له تعلق بحكم شرعي أو عقدي :

من المعلوم أنه قد اشتهر من علماء الإسلام طائفة ممن لهم عناية واهتمام بالتواريخ والسير والمغازي وأخبار الإسلام ، وهم المعروفون بأئمة المغازي أو الأخباريين .

ولا يخفي علي الباحثين أن منهج النقد الذي وضعه المحدثون لم يكن له حضور عند أكثر من كتب في السيرة النبوية وتاريخ الإسلام ، حيث كانوا يسوقون الأخبار والروايات من غير نقد ولا تمحيص ، ولهذا بقي المحدِّثون يتتبعون أخبار السيرة النبوية بالنقد والتمحيص ليتميَّز الصحيح فيها من الضعيف .

لذا ؛ فينبغي أن يُعلَم أنه ليس كل ما أورده أهل السِّيَر والتاريخ يكون صحيحاً ، فقد مُلِئت كتب تلك الفنون بالباطل والمنكر ، فالخبر المجرد الذي ليس فيه نكارة ، ولا يُستنبط منه حكم شرعي ولا تؤخذ منه فائدة عقدية ؛ يمكن التساهل في نقله .

أما حين يكون في متنه نكارة ، أو يكون فيه دلالة على حكم شرعي : فهنا يجب مراعاة قواعد أهل الحديث ، ومن هنا قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله : " لولا الإسناد لقال مَن شاء ما شاء " . " صحيح الإمام مسلم " - باب في أن الإسناد من الدين - رقم : (32) .

وقد اختص الله تعالى هذه الأمة المباركة بالإسناد ، فحفظت به قرآنها وسنَّة نبيها صلى الله عليه وسلم .

قال الشيخ الألباني – رحمه الله - : ( وقد يظن بعضهم أن كلَّ ما يُروى في كتب التاريخ والسيرة أن ذلك صار جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي لا يجوز إنكار شيء منه ! ، وهذا جهل فاضح ، وتنكُّر بالغ للتاريخ الإسلامي الرائع الذي يتميز عن تواريخ الأمم الأخرى بأنه هو وحده الذي يملك الوسيلة العلمية لتمييز ما صح منه مما لم يصح ، وهي نفس الوسيلة التي يميز بها الحديث الصحيح من الضعيف ، ألا وهو الإسناد الذي قال فيه بعض السلف :

" لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء " ، ولذلك لما فقدت الأمم الأخرى هذه الوسيلة العظمى امتلأ تأريخها بالسخافات والخرافات ، ولا نذهب بالقراء بعيداً فهذه كتبهم التي يسمونها بـ " الكتب المقدسة " اختلط فيها الحابل بالنابل ، فلا يستطيعون تمييز الصحيح من الضعيف مما فيها من الشرائع المنزلة على أنبيائهم ، ولا معرفة شيء من تاريخ حياتهم أبد الدهر ، فهم لا يزالون في ضلالهم يعمهون ، وفي دياجير الظلام يتيهون !، فهل يريد منَّا أولئك الناس أن نستسلم لكل ما يقال إنه من " التاريخ الإسلامي " ولو أنكره العلماء ) . انتهي من " السلسلة الصحيحة " (5/331) .

فلا تُقبل رواية عند المسلمين بلا سند ، والسند يبين صحة الرواية أو ضعفها ، ولهذا قيل " من أسند فقد أحال " .
للاستزادة انظر : " مصادر السيرة النبوية وتقويمها " د. فاروق حمادة (104) ، " السيرة النبوية الصحيحة" د. أكرم ضياء العمري (1/39-40) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-24, 05:17   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرفّه عن نفسه ؟

أم كانت حياته كلها طاعات وعبادات ؟


الجواب :

الحمد لله

نعم ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفّه عن نفسه ، وهو مع ذلك كانت حياته كلها لله رب العالمين ؛ كما قال الله عز وجل : ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الأنعام/ 162 .

فكانت حياته الكريمة صلى الله عليه وسلم كلها لله ، أما العبادة فوجه كونها لله ظاهر معلوم .

أما غير العبادة : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة رضي الله عنها ، وكان يضاحك أهله ويلاطفهن ويسامرهن .

وروى مسلم (670) وأبو داود (1294) والنسائي (1358) عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ : " أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوْ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَامَ ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وينشِدُون الشّعْر فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ " .

وروى الترمذي (1990) وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا ، قَالَ : ( إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا ) . وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الأدب المفرد " برقم : (265) .

وروى ابن ماجة (144) عن يَعْلَى بْن مُرَّةَ : " أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ ، فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ قَالَ : فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَ الْقَوْمِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَفِرُّ هَا هُنَا وَهَا هُنَا ، وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَهُ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقْنِهِ وَالْأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ " .
وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : " أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ - يُقال لَهُ: زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ - كَانَ يُهدِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّةَ , فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إن زاهِراً بَادِيَنا , وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ ) , قَالَ : فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ , فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ -وَالرَّجُلُ لَا يُبصره -؛ فَقَالَ : أَرْسِلْنِي , مَن هَذَا ؟! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ , فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟ ) , فَقَالَ زَاهِرٌ: تجدُني يَا رَسُولَ اللَّهِ! كاسِداً , قَالَ: (لَكِنَّكَ - عِنْدَ اللَّهِ - لَسْتَ بِكَاسِدٍ) , أَوْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (بَلْ أَنْتَ - عند الله - غَالٍ) .

رواه أحمد في المسند (12468ـ ط الرسالة ) وابن حبان (5790) والترمذي في الشمائل (239) وصححه الألباني .
وروى أحمد (24334) عن عَائِشَةَ قَالَتْ : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ – يعني يوم أن لعب الحبشة في المسجد : ( لَتَعْلَمُ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ )" وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3219) .
والأخبار في ذلك كثيرة .

وقد عقد الإمام الترمذي رحمه الله في كتابه النافع الماتع " شمائل النبي صلى الله عليه وسلم " ، بابين مفيدين في ذلك : أحدهما : " باب ما جاء في ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، والآخر : " باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

والمرء قد ينام وقد يلعب وقد يلاعب أهله ، فإذا أحسن في ذلك النية أثيب عليه ،
وقد روى البخاري (4345) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ : " أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي " ؛ فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-24, 05:22   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

يخرج أناس علينا بهذا الحديث في محاولة لدحض الحق : الحديث في البخاري الجزء السابع كتاب 72 رقم (787) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا بِالْقَصِيرِ ، وَلَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ وَلَا بِالْآدَمِ ، وَلَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ ، وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وحديث آخر عن ابن عباس: " بُعِثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَرْبَعِينَ سَنَةً ، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ، يُوحَى إِلَيْهِ ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ ، فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ"


فما قولكم في الفرق بين الحديثين ؟ ، وكيف يجمع بينهما ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

المشهور الذي عليه جمهور أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة قبل النبوة أربعين سنة ، وأقام بها بعد النبوة ثلاث عشرة سنة ، وأقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين ، ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة – صلى الله عليه وسلم .

قال النووي رحمه الله :

" وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ بَعْد الْهِجْرَة عَشْر سِنِينَ , وَبِمَكَّة قَبْل النُّبُوَّة أَرْبَعِينَ سَنَة , وَإِنَّمَا الْخِلَاف فِي قَدْر إِقَامَته بِمَكَّة بَعْد النُّبُوَّة , وَقبلَ الْهِجْرَة ، وَالصَّحِيح أَنَّهَا ثَلَاث عَشْرَة , فَيَكُون عُمْره ثَلَاثًا وَسِتِّينَ , وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْس أَرْبَعِينَ سَنَة هُوَ الصَّوَاب الْمَشْهُور الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاء " انتهى .
وهذا هو منطوق ما رواه البخاري (3902) ومسلم (2351) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَرْبَعِينَ سَنَةً ، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ " .

وأما ما رواه البخاري (3547) ومسلم (2347) ـ أيضا ـ عن أَنَس بْن مَالِكٍ ، يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ ، أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ ، وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ ).

فللعلماء في الجمع بين الحديثين طرق:

الأولى : إلغاء الكسر في حديث أنس ، وإثباته في حديث ابن عباس ؛ فيكون حديث ابن عباس قد دقق في عد السنوات ، وأما حديث أنس فقد اهتم بذكر العشرة ( العقد ) ، ولم يعتن بنقل الكسر الزائد عليها ، وهي طريقة للعرب ، حيث كانت أمة أمية .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَوْله : ( فَلَبِثَ بِمَكَّة عَشْر سِنِينَ يَنْزِل عَلَيْهِ ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ عَاشَ سِتِّينَ سَنَة , وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَنَس " أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ " وَهُوَ مُوَافِق لِحَدِيثِ عَائِشَة الْمَاضِي قَرِيبًا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُور , وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : لَا بُدّ أَنْ يَكُون الصَّحِيح أَحَدهمَا , وَجَمَعَ غَيْره بِإِلْغَاءِ الْكَسْر

" انتهى من " فتح الباري " (6/570) .

وقال النووي :

" اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ أَصَحّ الرّوايَات ثَلَاث وَسِتُّونَ ... وَرِوَايَة سِتِّينَ اِقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى الْعُقُود وَتَرْك الْكَسْر

" انتهى من " شرح مسلم " (15/99) .

وقال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر الاختلاف :

" وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَنَسٍ ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَثِيرًا مَا تَحْذِفُ الْكَسْرَ " انتهى .

"البداية والنهاية" (5/ 257) .

والذي يدل عليه أن كل من رُوى عنه من الصحابة ما يخالف المشهور جاء عنه رواية تضبط العدد ، على حسب القول الآخر المشهور .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَوْله : ( لَبِثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة عَشْر سِنِينَ يَنْزِل عَلَيْهِ الْقُرْآن وَبِالْمَدِينَةِ عَشْر سِنِينَ ) وَهَذَا ظَاهِره أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ سِتِّينَ سَنَة ، إِذَا اِنْضَمَّ إِلَى الْمَشْهُور أَنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْس الْأَرْبَعِينَ , لَكِنْ يُمْكِن أَنْ يَكُون الرَّاوِي أَلْغَى الْكَسْر كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه فِي الْوَفَاة النَّبَوِيَّة , فَإِنَّ كُلّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ عَاشَ سِتِّينَ أَوْ أَكْثَر مِنْ ثَلَاث وَسِتِّينَ ، جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ .

فَالْمُعْتَمَد أَنَّهُ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ , وَمَا يُخَالِف ذَلِكَ إِمَّا أَنْ يُحْمَل عَلَى إِلْغَاء الْكَسْر فِي السِّنِينَ , وَإِمَّا عَلَى جَبْر الْكَسْر فِي الشُّهُور " انتهى من " فتح الباري " (9/4) .

الطريقة الثانية : أن يحمل قول مَن قال : مكث ثلاث عشرة سنة ، على أنه عدّ ذلك من أول نزول الوحي ، وأما من قال : مكث عشرا ، فقد عدّ من بعد فترة الوحي ؛ فإن الوحي فَتَر زمنا ، ثم حمي وتتابع .

قال ابن كثير رحمه الله :

" قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلُ ثَلَاثَ سِنِينَ ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ ، وَلَمْ يَنْزِلِ الْقُرْآنُ ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً عَشْرًا بِمَكَّةَ وَعَشْرًا بِالْمَدِينَةِ ، فَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.

قال ابن كثير : فَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى الشَّعْبِيِّ ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ إِسْرَافِيلَ قُرِنَ مَعَهُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ " انتهى من "البداية والنهاية" (3/ 4) .

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/151):

" وَقَدْ جَمَعَ السُّهَيْلِيُّ بَيْن الْقَوْلَيْنِ الْمَحْكِيَّيْنِ بِوَجْهٍ آخَر , وَهُوَ أَنَّ مَنْ قَالَ : مَكَثَ ثَلَاث عَشْرَة عَدَّ مِنْ أَوَّل مَا جَاءَهُ الْمَلَك بِالنُّبُوَّةِ , وَمَنْ قَالَ : مَكَثَ عَشْرًا أَخَذَ مَا بَعْد فَتْرَة الْوَحْي وَمَجِيء الْمَلَك بِيَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر " انتهى .

وقال أيضا في الفتح (9/4):

" أَوْ أَنَّهُ عَلَى رَأْس الْأَرْبَعِينَ قُرِنَ بِهِ مِيكَائِيل أَوْ إِسْرَافِيل ، فَكَانَ يُلْقِي إِلَيْهِ الْكَلِمَة أَوْ الشَّيْء مُدَّة ثَلَاث سِنِينَ ، كَمَا جَاءَ مِنْ وَجْه مُرْسَل , ثُمَّ قُرِنَ بِهِ جِبْرِيل فَكَانَ يَنْزِل عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ مُدَّة عَشْر سِنِينَ بِمَكَّة " انتهى .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-25, 02:17   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

السؤال :

أريد أن أعرف حجم منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث أهدي لمسجدنا منبر ضخم جدا وبه أكثر من ثلاث درجات ، وبما أنني عضو في الإدارة نريد أن نعيد تعديله ونجعله ثلاث درجات فقط ، لذلك نريد أن نعرف حجم المنبر الطبيعي الذي اعتاد النبي صلي الله عليه وسلم أن يعتليه ، ويفضل لو كانت إجابتكم مدعمة بالأحاديث وآراء العلماء .

الجواب :

الحمد لله

روى البخاري (917) ومسلم (544) عن أَبِي حَازِمٍ : " أَنَّ نَفَرًا جَاءُوا إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَدْ تَمَارَوْا فِي الْمِنْبَرِ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ ؟ فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِنْ أَيِّ عُودٍ هُوَ وَمَنْ عَمِلَهُ وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ فَحَدِّثْنَا قَالَ : أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى امْرَأَةٍ من الأنْصَار : ( انْظُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ، فَعَمِلَ هَذِهِ الثَّلَاثَ دَرَجَاتٍ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوُضِعَتْ هَذَا الْمَوْضِعَ ، فَهِيَ مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ " .

( طُرَفَاء الْغَابَة ) وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ ( مِنْ أَثْل الْغَابَة ) وهو شجر لا شوك له ، وَالْغَابَة مَوْضِع مَعْرُوف مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَة " . والمقصود أنه مصنوع من الخشب .

وروى أحمد (2415) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال : َ" كَانَ مِنْبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصِيرًا ، إِنَّمَا هُوَ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ " . وإسناده حسن . وقال الهيثمي : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح
"مجمع الزوائد" (2 /386) .

وروى مسلم (1017) من حديث جرير : " فَصَلَّى الظُّهْرَ – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا " .

روى الدارمي (41) عن أَنَس بْن مَالِكٍ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى جِذْعٍ مَنْصُوبٍ فِي الْمَسْجِدِ فَيَخْطُبُ النَّاسَ ، فَجَاءَهُ رُومِيٌّ فَقَالَ : أَلَا أَصْنَعُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ وَكَأَنَّكَ قَائِمٌ ؟ فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا لَهُ دَرَجَتَانِ وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّالِثَةِ ، فَلَمَّا قَعَدَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْمِنْبَرِ خَارَ الْجِذْعُ كَخُوَارِ الثَّوْرِ حَتَّى ارْتَجَّ الْمَسْجِدُ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمِنْبَرِ فَالْتَزَمَهُ وَهُوَ يَخُورُ ، فَلَمَّا الْتَزَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَنَ ثُمَّ قَالَ : ( أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلْتَزِمْهُ لَمَا زَالَ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

ورواه أحمد (21252) والدارمي (36) من حديث أبي بن كعب .
قال الألباني في "الصحيحة" (5/173) : "إسناده جيد ، وهو على شرط مسلم " .

وروى أبو داود (1082) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ : " كَانَ بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْحَائِطِ كَقَدْرِ مَمَرِّ الشَّاةِ " . وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

" والصحيح : أن المنبر كانَ ثلاث مراق ، ولم يزل على ذَلِكَ في عهد خلفائه الراشدين .

وقد عد طائفةٌ من العلماء : تطويل المنابر من البدع المحدثة ، منهم: ابن بطة من أصحابنا وغيره ، وكره بعض الشافعية المنبر الكبير جداً، إذا كانَ يضيق به المسجد

" انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (8/ 242) .

وقال ابن حجر رحمه الله :

" وَلَمْ يَزَلِ الْمِنْبَرُ عَلَى حَالِهِ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ حَتَّى زَادَهُ مَرْوَانُ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ سِتَّ دَرَجَاتٍ مِنْ أَسْفَلِهِ " انتهى .

"فتح الباري" لابن حجر (2/ 399) .

وقال النووي رحمه الله :

" قَالَ الْعُلَمَاء : كَانَ الْمِنْبَر الْكَرِيم ثَلَاث دَرَجَات , كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِم فِي رِوَايَته " .

فعُلم بما تقدم من الأحاديث الصحيحة أن منبر النبي صلى الله عليه وسلم كان صغيرا قصيرا متواضعا ، مصنوعا من الخشب ، يتكون من ثلاث درجات ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على الثانية ويجلس على الثالثة ، وكان بين منبره وبين الحائط قدر ممر شاة ، فلم يكن يقطع صفا ، ولم يكن يؤذي أحدا ، إنما هي خشبات متواضعة ركبت ثلاث درجات ، ولا زخارف ولا نقوش ولا إنفاق زائد على الحد ، وعلى نحو ذلك ينبغي أن تكون منابر مساجد المسلمين .

ولقد أحسنتم في رغبتكم في تعديل هذا المنبر الكبير وجعله ثلاث درجات ، نسأل الله لكم التوفيق والعمل بالسنة .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-25, 02:21   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

ما صحة قصة المرأة التي كانت ترى النور في وجه أبي النبي عبد الله قبل أن تحمل آمنة بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب :

الحمد لله

هذه القصة والتي مفادها أن امرأة رأت نور النبوة في وجه عبد الله بن عبد المطلب أبي النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعته إلى نفسها ، فحال الله بينها وبين حصول ذلك :

هي قصة مشهورة مروية في عامة كتب السيرة ودلائل النبوة ، ولها طرق وأسانيد متعددة ، ولكن عامة أسانيدها واهية ، وإليك البيان :

- روى أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص131) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (3/404) والخرائطي كما في "البداية والنهاية" (2 /308) من طريق مُحَمَّد بْن عُمَارَةَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا خَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِابْنِهِ لِيُزَوِّجَهُ ، مَرَّ بِهِ عَلَى كَاهِنَةٍ مِنْ أَهْلِ تُبَالَةَ مُتَهَوِّدَةٍ ، قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ الْخَثْعَمِيَّةُ، فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ : يَا فَتَى، هَلْ لَكَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ الْآنَ ، وَأُعْطِيَكَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ :

أَمَّا الْحَرَامُ فَالْمَمَاتُ دُونَهْ * وَالْحِلُّ لَا حَلّ فَأَسْتَبِينَهْ * فَكَيْفَ لِي الْأَمْرُ الَّذِي تَبْغِينَهْ

ثُمَّ مَضَى مَعَ أَبِيهِ، فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ ، فَأَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ نَفْسَهُ دَعَتْهُ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ الْخَثْعَمِيَّةُ ، فَأَتَاهَا، فَقَالَتْ : يَا فَتَى، مَا صَنَعْتَ بَعْدِي؟ قَالَ: زَوَّجَنِي أَبِي آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، قَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بِصَاحِبَةِ رِيبَةٍ ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ فِيَ وَجْهِكَ نُورًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ فِيَّ ، وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُصَيِّرَهُ حَيْثُ أَحَبَّ .

وهذا إسناد ضعيف لا تقوم به الحجة :
مسلم بن خالد قال ابن المديني ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث ، وقال أبو حاتم لا يحتج به ، وضعفه أبو داود . ينظر : "ميزان الاعتدال" (4/102) .

وابن جريج مدلس وقد عنعنه ، وقال الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح . ينظر : "تهذيب التهذيب" (6 /359) .

- ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" (1/107) أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْلَمَة بْن عَلْقَمَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بمعناه .

ومسلمة بن علقة قال الإمام أحمد وزكريا الساجي : حدث عن داود بن أبي هند أحاديث مناكير ، وقال العقيلي : له عن داود مناكير وما لا يتابع عليه من حديثه كثير . وذكر له ابن عدي أحاديث وقال وله غير ما ذكرت مما لا يتابع عليه .ينظر : "تهذيب التهذيب" (10 /132) .

وهذا من روايته عن داود كما ترى فهو من مناكيره .
وعبد الوارث بن إبراهيم لم نعثر له على ترجمة .

وابن قانع كان قد اختلط ، راجع : "لسان الميزان" (3 /383) .

- ورواه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 78) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ الْمَدَنِيَّ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَبَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ فَرَأَتْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا سَاطِعًا إِلَى السَّمَاءِ ... فذكر معناه .

وهذا إسناد صحيح ، لكنه مرسل .

- وله شاهد يرويه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص: 130) من طريق أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ ، به .

وهذا إسناد واه ، محمد بن عبد العزيز قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف. ينظر : "ميزان الاعتدال" (3 /628) .

- ورواه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص: 131) من طريق يَعْقُوب بْن مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ به .
ويعقوب بن محمد الزهري تالف ، قال أحمد ليس يسوي شيئا ، وقال أبو زرعة واهي الحديث ، وقال ابن معين أحاديثه تشبه أحاديث الواقدي – والواقدي متهم - وقال الساجي منكر الحديث
"تهذيب التهذيب" (11 /348) .

- ورواه ابن سعد في "الطبقات (1/77 ) أخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَضَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَا عَرَضَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَهِيَ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ.

قَالَ ابن سعد : وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي الْفَيَّاضِ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِامْرَأَةٍ مِنْ خَثْعَمٍ يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُرٍّ. وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَشَبِّهِ وَأَعَفِّهِ. وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْكُتُبَ. وَكَانَ شَبَابُ قُرَيْشٍ يَتَحَدَّثُونَ إِلَيْهَا. فَرَأَتْ نُورَ النُّبُوَّةِ فِي وَجْهِ عَبْدِ اللَّهِ .

وهشام بن محمد وأبوه متهمان . راجع "ميزان الاعتدال" (3/556) ، "لسان الميزان" (6/196) .

- ورواه ابن سعد أيضا (1/77) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ .

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ أَبِيهِ.

وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالُوا جَمِيعًا: هِيَ قُتَيْلَةُ بِنْتُ نَوْفَلٍ أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ، وَكَانَتْ تَنْظُرُ وَتَعْتَافُ ، فَمَرَّ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَدَعَتْهُ يَسْتَبْضِعُ مِنْهَا وَلَزِمَتْ طَرَفَ ثَوْبِهِ ، فَأَبَى وَقَالَ : حَتَّى آتِيَكِ ، وَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى الْمَرْأَةِ فَوَجَدَهَا تَنْظُرُهُ .، فَقَالَ: هَلْ لَكِ في الذي عرضت علي؟ فقالت: لا ، مَرَرْتَ وَفِي وَجْهِكَ نُورٌ سَاطِعٌ ثُمَّ رَجَعْتَ وَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ النُّورُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَتْ مَرَرْتَ وَبَيْنَ عَيْنَيْكَ غُرَّةٌ مِثْلُ غُرَّةِ الْفَرَسِ وَرَجَعْتَ وَلَيْسَ هِيَ فِي وَجْهِكَ.

ومحمد بن عمر هو الواقدي ، كذبه الشافعي وأحمد والنسائي وغيرهم ، وقال إسحاق بن راهويه : هو عندي ممن يضع الحديث . ينظر : "تهذيب التهذيب" (9 /326) .

- ورواه البيهقي في "الدلائل" (1/105) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّهُ ... ؛ فذكره بنحو مما سبق . وهذا مرسل .

- ورواه أبو نعيم في "الدلائل" (ص133) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: " كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَحْسَنَ رَجُلٍ رُؤِيَ قَطُّ ، خَرَجَ يَوْمًا عَلَى نِسَاءِ قُرَيْشٍ مُجْتَمِعَاتٍ ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَيَّتُكُنَّ تَتَزَوَّجُ بِهَذَا الْفَتَى ، فَتَصْطَبُّ النُّورَ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِنِّي أَرَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا ، فَتَزَوَّجَتْهُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ فَجْأَةً ، فَحَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

وهذا مرسل أيضا ، ولعل في هذه النسخة المطبوعة تصحيفا ، وأن الصواب : ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب ؛ فإن ذلك هو المعروف ، ولا نعرف في شيوخ ابن وهب من اسمه أحمد بن يونس .

والخلاصة :

أن هذا الحديث ضعيف من جميع طرقه ، وأن عامتها واهية لا يستشهد بها فضلا عن أن يحتج بها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-25, 02:25   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

هل بول النبي صلى الله عليه وسلم طاهر ؟

وهل ورد وصح أن إحدى الصحابيات قامت بشربه ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

ورد شرب بول النبي صلى الله عليه وسلم في حديثين لامرأتين :

الحديث الأول : في شرب " أم أيمن " لبول النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد جاء الحديث من طريق أبي مالك النخعي عن الأسود بن قيس عن نُبيح العَنَزي عن أُمِّ أَيْمَنَ قالت : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ إلى فَخَّارَةٍ في جَانِبِ الْبَيْتِ فَبَالَ فيها ، فَقُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ وأنا عَطْشَانَةُ فَشَرِبْتُ ما فيها وأنا لا أَشْعُرُ فلما أَصْبَحَ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أُمَّ أَيْمَنَ قَوْمِي فَأَهْرِيقِي ما في تِلْكَ الْفَخَّارَةِ ) قلت : قد وَالله شَرِبْتُ ما فيها ، قالت : فَضَحِكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قال ( أما إنك لا تَتَّجِعِينَ بَطْنَكِ أبدًا ) .

رواه الحاكم في " مستدركه " ( 4 / 70 ) وأبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 67 ) والطبراني في " الكبير " ( 25 / 89 ، 90 ) .
وإسناد الحديث ضعيف ، فيه علتان : العلة الأولى : الانقطاع بين نبيح العنزي وأم أيمن ، والعلة الثانية : أبو مالك النخعي واسمه عبد الملك بن حسين ، وهو متفق على ضعفه ، قال عنه النسائي : متروك ، وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، وقال عمرو بن علي : ضعيف منكر الحديث .

انظر " الضعفاء والمتروكين " للنسائي و " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم و " تهذيب التهذيب " لابن حجر .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - : " وأبو مالك ضعيف ، ونُبيح لم يلحق أم أيمن

" انتهى من " التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير " ( 1 / 171 ) .

ورواه أبو مالك النخعي من طريق آخر عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن أم أيمن .
قال الدارقطني – رحمه الله - : " وأبو مالك ضعيف ، والاضطراب فيه من جهته

" انتهى من " العلل " للدارقطني " ( 15 / 415 ) .

الحديث الثاني : في شرب " بَرَكة أم يوسف " لبول النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد جاء الحديث من طريق ابن جُرَيْجٍ قال حَدَّثَتْنِي حُكَيْمَةُ بنتُ أُمَيْمَةَ بنتِ رُقَيْقَةَ عن أُمِّهَا أنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يَبُولُ في قَدَحِ عِيدَانٍ ثُمَّ يَرْفَعُ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَبَالَ فيه ثُمَّ جاء فَأَرَادَهُ فإذا الْقَدَحُ ليس فيه شَيْءٌ فقال لامْرَأَةٍ يُقَالُ لها " بَرَكَةُ " كانت تَخْدُمُ أُمَّ حَبِيبَةَ جَاءَتْ بها من أَرْضِ الْحَبَشَةِ ( أَيْنَ الْبَوْلُ الذي كان في الْقَدَحِ ؟ ) قالت : شَرِبَتُهُ ، فقال ( لَقَدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النَّارِ بِحِظَارٍ ) .

رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 7 / 67 ) والطبراني في " الكبير " ( 24 / 189 ) .

وهو حديث ضعيف ؛ لجهالة حُكيمة بنت أميمة .

قال الذهبي في " ميزان الاعتدال " ( 1 / 587 ) : " غير معروفة " انتهى .

وقال ابن حجر في " تقريب التهذيب " ( ص 745 ) : " حُكَيمة بنت أميمة لا تعرف " انتهى .

ومع علة الجهالة فإن متن الحديث مضطرب اضطراباً كبيراً .

ثانياً:

أما حكم " بول النبي صلى الله عليه وسلم " : فالأصل فيه أنه كباقي بول البشر ، وليس ثمة استثناء في كونه طاهراً ، وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستنجي بعد انتهائه من بوله وقضاء حاجته ، ولم يصحَّ أن أحداً شرب بولَه صلى الله عليه وسلم ، والأحاديث السابقة في هذا الباب ضعيفة كلها ، ولو صحَّ شيء منها ، لم يكن فيه حجة ، لأن شرب البول قد وقع فيها مصادفة ، من غير تعمد لشربه .

والأصل في خَلْق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كباقي البشر ؛ لقوله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) الكهف/ 110 ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي ) رواه البخاري ( 392 ) ومسلم ( 572 ) " ولقوله : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ

فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم ( 2603 )
.
إلا أن يَنصَّ هو على خلاف ذلك فيما أكرمه الله تعالى به وخصَّه به من دون الناس ، كقوله فيما رواه البخاري ( 1096 ) ومسلم ( 738 ) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي ) ، وكما جاء عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فَإِنِّي أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِي ) رواه البخاري ( 686 ) ومسلم ( 425 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-25, 02:32   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

أتمنى أن يصلكم سؤالي هذا وأنتم في خير صحة وعافية . سؤالي هو لقد لاحظت أنه حين يسأل أي شخص غير مسلم عن عمر الإسلام بعد عصر النبوة ، فنحن كمسلمين نجيب فقط بالسنين بعد الهجرة ،

وسؤالي هو ؛ لماذا نترك ثلاث عشرة سنة من النبوة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ؟

أعلم أن السنة التي هاجر فيها كانت سنة عظيمة ، ولكن نعلم جميعاً أن النبوة بدأت قبل الهجرة بثلاث عشرة سنة ، لذا فحين نجيب على السؤال عن عمر الإسلام ، فنحن نجيب 1433 بعد الهجرة ، فلماذا لا نقول 1446 بعد النبوة ، ونضيف تلك الثلاث عشرة سنة ؟

تستطيعون إن شاء الله توضيح الأمر لي .


الجواب :

الحمد لله

لاشك أن سني الدعوة التي قضاها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة يدعو إلى سبيل ربه ، ويتحمل الأذى ، ويصبر على مقولة السفهاء ، لا شك أنها محسوبة من عمر الإسلام ، بل هي من أعظم سني الإسلام ، لما كان عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم من تمام التوكل على ربه وحسن الظن به والصبر على الأذى في سبيله .

وهذا أمر لا يشك فيه عاقل ، ولا ينكره أحد على الإطلاق ، سواء من المسلمين أو من غيرهم .

ولكن الذي حدا بالناس أن يعتمدوا تاريخ الهجرة عند التقويم أو عند ذكر سنة وقوع الحدث ، وهو الذي يقع غالبا في كلامهم ، أن هذا التاريخ هو ما اتفق عليه الصحابة أن يؤرخوا به زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وذلك لأنه التاريخ الحقيقي لقيام الدولة الإسلامية ، بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبنزوله المدينة ، واجتماع الناس حوله ، ونصرتهم له ، وبناء المسجد ، وغير ذلك مما ترتب على الهجرة ، فبدأت معالم الدولة الإسلامية تظهر وتتضح جغرافيا واجتماعيا وعسكريا وسياسيا ، وأما قبل ذلك فلم يكن للمسلمين دولة ، ولم يكن لهم نظام جامع .

وقد اتفق الصحابة رضي الله عنهم في سنة ست عشرة - وقيل سنة سبع عشرة ، أو ثماني عشرة - في الدولة العمرية على جعل ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة ، وذلك أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رفع إليه صك - أي حجة - لرجل على آخر وفيه ، أنه يحل عليه في شعبان .

فقال عمر: أي شعبان ؟ أشعبان هذه السنة التي نحن فيها أو السنة الماضية ، أو الآتية ؟ ثم جمع الصحابة فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون به حلول الديون وغير ذلك .

فقال قائل : أرخوا كتاريخ الفرس فكره ذلك ، وقال قائل: أرخوا بتاريخ الروم ، فكره ذلك .

وقال آخرون : أرخوا بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال آخرون بل بمبعثه ، وقال آخرون بل بهجرته ، وقال آخرون بل بوفاته عليه السلام .

فمال عمر رضي الله عنه إلى التاريخ بالهجرة لظهوره واشتهاره ، واتفقوا معه على ذلك .

والمقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة ، وجعلوا أولها من المحرم فيما اشتهر عنهم ، وهذا هو قول جمهور الأئمة ، لئلا يختلط النظام .

انظر : "البداية والنهاية" (3 /251-253) .

وقد روى البخاري في صحيحه (3934) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : ( مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ وَفَاتِهِ مَا عَدُّوا إِلَّا مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَقَدْ أَبْدَى بَعْضهمْ لِلْبُدَاءَةِ بِالْهِجْرَةِ مُنَاسَبَة فَقَالَ : كَانَتْ الْقَضَايَا الَّتِي اتّفقَتْ لَهُ وَيُمْكِن أَنْ يُؤَرَّخ بِهَا أَرْبَعَة : مَوْلِده وَمَبْعَثه وَهِجْرَته وَوَفَاته , فَرَجَحَ عِنْدهمْ جَعْلهَا مِنْ الْهِجْرَة ، لِأَنَّ الْمَوْلِد وَالْمَبْعَث لَا يَخْلُو وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ النِّزَاع فِي تَعْيِين السَّنَة , وَأَمَّا وَقْت الْوَفَاة فَأَعْرَضُوا عَنْهُ لِمَا تُوُقِّعَ بِذِكْرِهِ مِنْ الْأَسَف عَلَيْهِ , فَانْحَصَرَ فِي الْهِجْرَة , وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ مِنْ رَبِيع الْأَوَّل إِلَى الْمُحَرَّم لِأَنَّ اِبْتِدَاء الْعَزْم عَلَى الْهِجْرَة كَانَ فِي الْمُحَرَّم , إِذْ الْبَيْعَة وَقَعَتْ فِي أَثْنَاء ذِي الْحِجَّة وَهِيَ مُقَدِّمَة الْهِجْرَة , فَكَانَ أَوَّل هِلَال اِسْتَهَلَّ بَعْد الْبَيْعَة وَالْعَزْم عَلَى الْهِجْرَة هِلَال الْمُحَرَّم ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَل مُبْتَدَأ , وَهَذَا أَقْوَى مَا وَفَقْت عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَة الِابْتِدَاء بِالْمُحَرَّمِ .

وَرَوَى الْحَاكِم عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ " جَمَعَ عُمَر النَّاس فَسَأَلَهُمْ عَنْ أَوَّل يَوْم يَكْتُب التَّارِيخ , فَقَالَ عَلِيّ : مِنْ يَوْم هَاجَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَك أَرْض الشِّرْك , فَفَعَلَهُ عُمَر ... " انتهى ملخصا .

فالذي يعتبر أن عمر الإسلام إنما يبدأ بالهجرة ، إنما يقصد التاريخ والتقويم وما اتفق الناس عليه من توحيد النظام لمعرفة الأيام والأحداث ، وتصحيح المواقيت للناس في العقود والوفود ونحو ذلك : فهذا أمر اتفق الناس عليه من خلافة عمر رضي الله عنه إلى يومنا هذا ، والذي يحدد بهذا التاريخ إنما يقصد عمر تكوين وإنشاء الدولة ، وهذا إنما ابتدأ بالهجرة .

وأما بدء أمر الإسلام ، ومعرفة الناس به : فلا يحتاج إلى تنبيه أنه قبل ذلك ، بل الإسلام بمعناه العام : يشمل الدين الذي ارتضاه الله لعباده ، وأرسل به أنبياءه ورسله ، وهذا غير مراد في هذا المقام .

ولا نعتقد أن أحدا يتصور أن بداية الإسلام الحقيقية إنما هو من الهجرة ، ويلغي سنين الدعوة التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه بمكة قبل الهجرة ، هذا لا يقوله أحد .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-28, 02:03   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

السؤال :

هناك عامل وزميل غير مسلم ، وحين أحاول دعوته وإخباره بان الدين الإسلامي دين عظيم ، وكيف أن النبي محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أعظم البشر ، وأعظم من وطئت قدمه الأرض ، وأنه رحمة للعالمين ؛ بل ولكل المخلوقات ، فيظل يرد علي بتلك الردود : كيف يكون محمد رحمة للبشر ؟

و قد قطع أيدي الناس وأرجلهم وصلبهم ، بل ورماهم في الصحراء ليموتوا ... ( صحيح البخاري ) ، وقد قتل اليهود أمام نسائهم ثم اغتصبهن . أعتقد أن كلمة رحمة والرأفة لابد أن تحذف من أي ترجمة ، ولا تجعلني أبدا في الاعتقاد في الله الذي يحرق الناس حتى يذهب جلدهم ثم يبدلهم بجلد آخر ليحرقهم ويكرر ذلك إلى الأبد ، وهذا في القرآن ، هل هذه هي الرحمة والرأفة في عقلكم ؟

،أرجو التوضيح ، فأحاول أن أقول له أن هذا ليس حقيقي ، وأن هذه الأمور ليست صحيحة ، ولكنه يأتي لي بالأحاديث التي تؤيد كلامه ، وكيف أن النبي قطع رؤوس سبعمائة يهودي 700 يهودي في سوق المدينة في يوم واحد ، ثم أخذ نسائهم و أطفالهم عبيد و سبايا ؟!! لا أعرف كيف أرد عليه و أشعر بالضيق الشديد . أرجو المساعدة !


الجواب :

الحمد لله

نعم لقد بعث الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين كما قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء/ 107 .

وروى الحاكم في "المستدرك" (100) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2345) .

ثم إن من الخلق من قَبِل هذه الرحمة ، ومنهم من ردها .

قال السعدي رحمه الله :

" فهو رحمته المهداة لعباده ، فالمؤمنون به قبلوا هذه الرحمة وشكروها وقاموا بها ، وغيرهم كفرها ، وبدلوا نعمة الله كفرا ، وأبوا رحمة الله ونعمته

" انتهى من "تفسير السعدي" (ص 532) .

ولذلك قال الله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم ( بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) التوبة/ 128

فهو رحمة للمؤمنين ، ورأفة للصالحين ، وهو نقمة على الكافرين وعذاب على المفسدين ،
فإذا رفض العبد الرحمة لم يكن من أهلها ، وهذا معلوم مستقر في الأذهان شرعا وعقلا ،

فإذا لم يكن من أهل الرحمة ، كان من أهل العذاب ، وهكذا جاءت أحكام الشريعة يوافقها العقل ، ويؤيدها النظر الصحيح .

وهؤلاء الذين قطع النبي صلى الله عليه وسلم أيديهم وأرجلهم ونبذهم بالعراء لم يقبلوا رحمة الله ، وعثوا في الأرض فسادا ، فسفكوا الدم الحرام ، وآذوا عباد الله ، فلم يكن بُدّ من استئصالهم ، وإراحة البلاد والعباد منهم ، فإن مثل هؤلاء يفسدون وينشرون الفساد ، وإذا لم يمنعهم مانع قاهر لم يمتنعوا من الإفساد في الأرض ، فصاروا كالعضو الفاسد من الجسد إذا أصابه السوء والبلاء وجعل يستشري فيه شيئا فشيئا لم يكن بد من قطعه واستئصاله ، وإذا لم يستأصل وتُرك على حاله هلك بسببه البدن كله .

روى البخاري (6390) ومسلم (3163) عن أَنَس : ( أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَاسْتَوْخَمُوا الْأَرْضَ وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ؟ فَقَالُوا بَلَى . فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَصَحُّوا فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَطَرَدُوا الْإِبِلَ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسُمِرَ أَعْيُنُهُمْ )

قَالَ أَبُو قِلَابَةَ : " فَهَؤُلَاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ " رواه البخاري (226) .

فهؤلاء أهل فساد ، هم في المجتمع كالعضو الفاسد في البدن ، لا بد من استئصاله ، وهذا من تمام الحكمة والرحمة التي بها يحصل الأمن للمجتمعات ، ويعتبر أهل الفساد بما حصل لهؤلاء فيتوبوا أو ينكفّوا . أما تركهم بغير رادع يردعهم وأمثالهم من المفسدين في الأرض فهو من إعانتهم على فسادهم ، وتحريض لذويهم للإفساد ، فتخرب البلاد ولا يأمن العباد على أنفسهم ولا على أعراضهم ولا على أولادهم ولا على أموالهم ، ومن استقرأ التاريخ ، ونظر في ذلك وجده حقا لا شك فيه .

وعلى ذلك : فحد الحرابة الذي شرعه الله تعالى بقوله : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/ 33 .

من تمام العدل والحكمة والرحمة ، والذي يدل على ذلك قوله بعد ذلك مباشرة : ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/ 34 .

فحض الله على التوبة ، ومنع استشراء الفساد ، وعاقب المفسدين ونكل بهم ليرتدع أمثالهم عن أذية العباد ، أليس هذا من تمام الحكمة والرحمة ؟

وهؤلاء المعترضون على دين الله وشرعه وحكمه أهمهم شأن تلك الأيدي والأرجل المقطعة بسبب فساد أصحابها ، ولم يلتفتوا إلى هذا الفساد الذي يلحق الناس في أنفسهم وأهليهم وأموالهم بسبب هؤلاء الظالمين .

أما قتل يهود بني قريظة : فإنهم نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت اجتمع عليه فيه الأحزاب من كل مكان ، ورمت العرب المسلمين عن قوس واحدة ، وجاءهم العدو من فوقهم ومن أسفل منهم ، كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ) الأحزاب/ 9 – 11 .

نقض اليهود عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأرادوا استئصال المسلمين ، والقضاء عليهم تماما ، فتحالفوا مع حزب الشيطان على ذلك ، وصارت كلمتهم واحدة ، ووجهتهم واحدة ، وأمرهم واحد : القضاء على الإسلام وأهله .
ولو كان هؤلاء تمكنوا مما أرادوا مما حال الله بينه وبينهم برحمته لذهب الإسلام ، ولذهب أهله ، ولبقي الناس إلى يوم الدين في ضلالات الكفر .

فكان هذا الذي فعله هؤلاء اليهود من نقض العهد ومحالفة المشركين على حرب المسلمين من أعظم الفساد في الأرض ، ومما يدل على أنهم لا عهد لهم ولا ذمة ، وهذا معروف عنهم على مر العصور والأزمان .

ولما نصر الله عز وجل نبيه وعباده المسلمين أتِي بهؤلاء الخونة ، ونزلوا على حكم سعد بن معاذ باختيارهم ورضاهم ، فحكم فيهم بحكم الله ، أن يقتل مقاتلتهم وتسبى نساؤهم وذريتهم ، كما في البخاري (2816) ومسلم (3314) .

وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : ( وَكَانُوا أَرْبَعَ مِائَةٍ ) رواه الترمذي (1508) وصححه ، وصححه الألباني .
لكن السؤال الآن : لماذا رضيت صفية بنت حيي رضي الله عنها بالزواج من النبي صلى الله عليه وسلم وقد قتل أباها – أحد سادات اليهود – وقتل زوجها وعمها ؟!

كيف تم ذلك ؟ وكيف وافقت عليه ؟

فسيقولون : وافقت خوفا منه !

فلماذا لم ترتد بعد موته صلى الله عليه وسلم ؟ لماذا لم تهرب ؟

لماذا عاشت وماتت على الإيمان به وطاعته ومحبته ، وقد فعل بها وبأهلها ما فعل ؟!

إن أحدا من هؤلاء المعترضين المخذولين لا يجرؤ أن يسأل هذا السؤال ؟

وقد روى الطبراني في "المعجم الكبير" (177) عن ابن عمر قال : كان بعيني صفية خضرة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه الخضرة بعينيك ؟ فقالت : قلت لزوجي إني رأيت فيما يرى النائم قمرا وقع في حجري فلطمني وقال : أتريدين ملك يثرب ؟ قالت : وما كان أبغض إليّ من رسول الله قتل أبي وزوجي ، فما زال يعتذر إليّ فقال : ( يا صفية إن أباك ألّب علي العرب ، وفعل ، وفعل ) حتى ذهب ذاك من نفسي
.
وصححه الألباني في "الصحيحة" (2793)

أما قول هذا المعترض : " قتل اليهود أمام نسائهم ثم اغتصبهن " فقول باطل وكذب وزور .

وقد كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل النساء والصبيان والأجراء في الحروب ، فروى أبو داود (2295) عَنْ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ : انْظُرْ عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ ، فَجَاءَ فَقَالَ عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ ، فَقَالَ : مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ . قَالَ : وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ : ( قُلْ لِخَالِدٍ لَا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

والذين أخذهم النبي صلى الله عليه وسلم في السبي من اليهود كثير منهم من الله عليه بالإسلام . فكان ذلك من رحمة الله بهم .

روى النسائي (3376) عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ : " كُنْتُ يَوْمَ حُكْمِ سَعْدٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ غُلَامًا فَشَكُّوا فِيَّ فَلَمْ يَجِدُونِي أَنْبَتُّ فَاسْتُبْقِيتُ ، فَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ " . صححه الألباني في "صحيح النسائي" .

يعني أنه كان صغيرا فلم يقتل فأبقوا عليه ، ثم منّ الله عليه بالإسلام ، يقول هذا الكلام تحدثا بنعمة الله عليه .
وقضية صنيع هؤلاء المكذبين أنهم يتبعون : إما الكذب ، وإما الجهل أو الفهم الخاطئ ، ويؤتون من قِبل كفرهم وإعراضهم ورغبتهم أن يكون ما سمعوه من إفك حقا ، فلا تلتفت إليهم .

أما قول الله تعالى عن الكافرين في النار : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ) النساء/ 56 .

فيخبر تعالى عن الذين جحدوا بآيات الله وكذبوا رسوله أنه سوف يصليهم نارا ، ينضجهم ويشويهم فيها ، كلما انشوت جلودهم واحترقت أبدلهم جلودا غيرها ؛ ليذوقوا العذاب .

راجع : "تفسير الطبري" (8 /484) .

فمن أخبر هؤلاء أن أهل الكفر والشر والفساد سوف يرحمهم الله ؟

أم من أخبرهم أن العذاب المهين الذي أعده الله للكافرين يوم الدين من الرحمة والرأفة ؟

أفيعقل أن يرحم الله من لا يستحق الرحمة ؟

أيجعل الله المسلمين كالمجرمين ؟ أم يجعل المتقين كالفجار ؟

أيجعل أهل الفساد والتدمير والتخريب كأهل الصلاح والإصلاح ؟!

إن رحمة الله لا تكون إلا للمحسنين من عباده المؤمنين به وبكتبه ورسله ، أما الجاحدون المكذبون المعاندون فأولئك لا يرحمهم الله ، ولهم عذاب أليم .

قال تعالى : ( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) الأعراف/ 56 .

وقال تعالى : ( قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/ 156 .

وقال تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ) التوبة/ 71 .

وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النحل/ 104 .

وقال تعالى : ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ) الحجر /49-50 .

وقد أنذر الله وأعذر ، فأرسل الرسل وأنزل الكتب وأظهر الآيات ، وأقام الحجج البينات ، وبشر المؤمنين ، وتوعد الكافرين ، فمن رضي لنفسه بالكفر واختاره على الإيمان فدخل النار فلا يلومن إلا نفسه ، وهو بذلك أشد الناس لها ظلما ، وأعظمهم في حقها جرما .

ولو أن هؤلاء في قلوبهم من الخوف مثقال ذرة لقادهم الخوف إلى الإيمان والتسليم ، ولو فزعا وفرقا أن يصيبهم هذا التهديد والوعيد الشديد ، ولكنهم أبدا لا يؤمنون ولا يستسلمون ، فإنما يجادلون ويتواقحون لإطفاء نور الله .
فاثبت أيها المسلم على دينك ، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون .

ولو قيل للرجل العاقل : لا تشرب هذا السم ، إنك إن شربته مت ، فشربه وهو عاقل مدرك لما يفعل ، على من يقع اللوم ؟ : على الله الذي خلق السم وقدر به الموت ؟ أم على الحية التي استخرج السم منها ؟ أم على هذا الذي شربه برضاه ؟
فكما أننا نسلم بالقدر ولا نعترض عليه ، فكذلك لا بد أن نسلم بالشرع ولا نعترض عليه .

وعليك أن لا تغرق في الجدل مع هؤلاء ، وردهم إلى معالم الخير والصلاح في دين الله ، وكيف أن الإسلام انتشر في الأرض ، وكيف أن الناس يتوافدون في الدخول فيه أفواجا ، والذين كانوا أعداء له من قبل صاروا من جنده وحزبه .
لماذا أسلم عكرمة بن أبي جهل وقد قتل محمد أباه ؟

لماذا أسلمت أم حبيبة بنت أبي سفيان وتزوجت بالنبي صلى الله عليه وسلم في وقت كان أبوها ألد أعدائه وأشد خصمائه ؟

لماذا أسلمت هند بن عتبة وقد قتل محمد أباها وعمها وأخاها في حصدة واحدة ؟

فاعلم أن دين الله حق ، وأن الله لا يخلف وعده ، وأنه أرحم الراحمين ، وأنه بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين .

ولينظر هؤلاء في قادة العصر الحديث المتحضر ماذا فعلوا ويفعلون بالبشر ممن خالفهم ؟

ماذا يقولون عن أمريكا وما تفعله بشعوب الأرض بدعوى نشر الديمقراطية والقيم ؟

والمخالف إن كان من أهل اليهودية والنصرانية فلينظر في كتابه المقدس ليرى كيف كان أنبياء بني إسرائيل يقاتلون من خالفهم لا يتركون رجلاً أو امرأة أو شيخاً .

وإن كان شيوعياً فلينظر ماذا فعل استالين ورجاله .

وإن كان لا من هؤلاء ولا هؤلاء ويرى الحق في القتال لتحرير الشعوب وإزالة الأنظمة الجائرة فهذا حجة عليه .
والحاصل : أن الرحمة لها أهل ، والعذاب والنكال له أهل ، والنبي صلى الله عليه وسلم مبعوث بالرحمة ، كما هو مبعوث بالجهاد والقتال لأعدائه ، وهو رحمة للعالمين مطلقاً ، من وافقه ومن خالفه ، أما من وافقه فواضح ، وأما من خالفه : فإنه بلّغهم رسالة ربهم وأقام عليهم الحجة ، ولم يعاجلهم بالعقوبة .

وإن من الرحمة إزالة - الفئة الجائرة المتحكمة في نفوس وعقول من حولها – بعد إنذارها لتنعم الأغلبية بالأمن والحرية ، وهذه فلسفة الجهاد المشروع في الإسلام .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-28, 02:06   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

هل هناك حديث صحيح يقضي بضرورة إجراء عقد النكاح في المسجد؟

أعلم أن هناك حديثاً في الترمذي ولكنه ضعيف ، فهل هناك حديث صحيح بهذا الشأن؟ وأين عقد النبي صلى الله عليه وسلم عقد نكاح بناته؟


الجواب :


الحمد لله

لا يوجد حديث صحيح في استحباب عقد النكاح في المسجد ، بل اعتقاد استحباب عقد في المسجد لا دليل عليه

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" استحباب عقد النكاح في المسجد لا أعلم له أصلا ولا دليلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا صادف أن الزوج والولي موجودان في المسجد وعقدا فلا بأس ، أما استحباب ذلك بحيث نقول: اخرجوا من البيت إلى المسجد ، أو تواعدوا في المسجد ليعقد فيه ، فهذا يحتاج إلى دليل ، ولا أعلم لذلك دليلا

" انتهى ."لقاء الباب المفتوح" (167 /17)

وإنما استحب بعض الفقهاء عقد النكاح في المسجد لأجل البركة بالمكان ، ولأجل حصول الإشهار به ، وبعضهم بنى ذلك أيضا على الحديث الضعيف الوارد فيه .

ينظر : "الموسوعة الفقهية" (37 /214) ، (41/221) .

وكذا استحبه كثير من الناس اليوم ، لأنه إذا عقد في المسجد لم يحصل كثير من تلك المخالفات الشرعية التي تحصل عادة لو عقد في غير المسجد ، من الاختلاط المحرم ، وشرب الدخان وسماع الموسيقى والغناء إلى غير ذلك من المحرمات .

وأما السؤال : أين عقد النبي صلى الله عليه وسلم لبناته ؛ فهذا ما لا نعلم له أصلا في الرواية ، ولا يبدو أن مكان ذلك كان له عند الناس في هذا الزمان من الأهمية ما يدعوهم إلى تتبع معرفته ، ونقله إلينا ، وإنما كان يحصل ذلك - فيما يبدو - في مجالسهم المعتادة ، أو بيوتهم ، أو حيثما اتفق ؛ ولم نقف على شيء مخصوص لذلك في شيء من الروايات .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-28, 02:12   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

من المعلوم أن من إكرام الميت التعجيل بدفنه ، فبم تفسرون دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يومين ؟

الجواب :


الحمد لله

ليس في تأخير دفن جسد النبي صلى الله عليه وسلم الطاهر أي مخالفة لإكرام الميت ، وبيان ذلك من وجوه عدة :

أولا :

جسد النبي صلى الله عليه وسلم الطاهر في حياته وموته ليس كأجساد بقية البشر ، لا يغيره الموت ولا تصيبه الآفات ، بل هو محفوظ بحفظ الله عز وجل ، جسد شريف طيب طاهر في حياته وفي مماته ، والدليل على ذلك ما رواه البخاري رحمه الله في " صحيحه " (رقم/3667) عن عائشة رضي الله عنها في قصة موت النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ( فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ ، قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا....إلى آخر الحديث )

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( لَمَّا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ لِغَسْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ إِلا أَهْلُهُ : عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، وَقُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، وَصَالِحٌ مَوْلاهُ....وَكَانَ الْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ يُقَلِّبُونَهُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَصَالِحٌ مَوْلاهُمَا يَصُبَّانِ الْمَاءَ ، وَجَعَلَ عَلِيٌّ يَغْسِلُهُ ، وَلَمْ يُرَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلم شَيْءٌ مِمَّا يُرَاهُ مِنَ المَيِّتِ ، وَهُوَ يَقُولُ : بِأَبِي وَأُمِّي ، مَا أَطْيَبَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا...إلى آخر الحديث ) رواه أحمد في " المسند " (4/187) وقال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة : حسن لغيره . انظر: " الخصائص الكبرى " للسيوطي (2/469-492)

ولهذا فقد أمِنَ الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على جسده الشريف أن يتغير بسبب الموت ، وكراهة تأخير الدفن معللة بخوف تغير الميت ، أما إذا انتفت العلة فأُمِنَ التغير ، كما في جسده صلى الله عليه وسلم ، فلا كراهة حينئذ ، إذا وجدت حاجة لمثل ذلك التأخير .

ثانيا :

ومن الحاجات التي ربما تكون قد دعت إلى ذلك التأخير ، حرص جميع الصحابة رضوان الله عليهم على الصلاة عليه ، فقد صلى عليه جميع الناس ، الرجال والنساء والصبيان ، صلوا أرسالا - أي جماعات متفرقين -، لم يؤمهم إمام واحد ، وإنما كان يدخل الجمع منهم حجرته الشريفة عليه الصلاة والسلام فيصلون عليه فرادى ، وهذا لا بد أن يستغرق كثيرا من الوقت كي يدرك الجميع هذه الفضيلة .

جاء في " موطأ مالك " (1/231) :

" أنه بلغه أنه صلى الناس عليه أفذاذا لا يؤمهم أحد " انتهى.

وروى ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/430) عن سعيد بن المسيب قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع على سريره , فكان الناس يدخلون زمرا زمرا يصلون عليه ويخرجون ولم يؤمهم أحد .

وقد كان اختلافهم في شأن غسله صلى الله عليه وسلم ، ومن يغسله ، وأين يدفن ، كل ذلك مما يستغرق شيئا من الوقت ، ويدعو إلى بعض التأخر .

بل قبل ذلك ، كان وقع هذه الفاجعة على الصحابة الكرام رضوان الله عليهم عظيما ، فلم تكد عقولهم وقلوبهم تطيق ثقل المصيبة ، حتى أنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ، وكان من الصحابة من أصمت ، ومنهم من أقعد إلى الأرض فلم يستطع حراكا ، وهكذا لم يصب الصحابة بمصاب أعظم من ذلك اليوم .
حتى قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :
لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة ... عشية علوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم ... وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يبكون من تبكي السماوات يومه ... ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزية هالك ... رزية يوم مات فيه محمد

انظر: " الروض الأنف " (7/584، 602) .

ثالثا :

لقد اشتغل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بما يحفظ على الأمة أمرها وشأنها ، فدارت بينهم بعض الحوارات والاجتماعات لتحديد خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كي يوحدوا راية الأمة ، ويقطعوا على الشيطان سبيل التفرقة بين الناس ، وكي لا يخلو الناس من إمام يقيم فيهم الحق ، ويخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشؤون العظام ، وهذا أيضا استغرق بعض الوقت .

وقد كان ذلك هو أهم وأعظم أمر دعاهم إلى التأخر في دفنه هذه الأيام .

قال الزرقاني رحمه الله :

" إنما أخروا دفنه لاختلافهم في موته أو في محل دفنه ، أو لاشتغالهم في أمر البيعة بالخلافة حتى استقر الأمر على الصديق ، ولدهشتهم من ذلك الأمر الهائل الذي ما وقع قبله ولا بعده مثله ، فصار بعضهم كجسد بلا روح ، وبعضهم عاجزا عن النطق ، وبعضهم عن المشي ، أو لخوف هجوم عدو ، أو لصلاة جم غفير عليه

" انتهى من " شرح الموطأ " (2/94)

رابعا :

ومع هذه الأسباب والأحداث المتنوعة التي ذكرناها ؛ فإن الأمر كله يستغرق سوى شيئا من نهار الاثنين ، وليلة الثلاثاء ونهاره ، ثم دفن عليه الصلاة والسلام وسط ليلة الأربعاء ، أي إن الأمر كله لم يستغرق أكثر من (48) ساعة في أعلى تقدير ، وهذا وقت ليس بالطويل ، ولا يكاد يكفي لتحقيق جميع الأسباب السابقة

. انظر " السيرة النبوية الصحيحة " (2/553-556)

فكيف إذا علمنا أن كثيرا من المحدثين قالوا إنه عليه الصلاة والسلام توفي يوم الإثنين، ودفن يوم الثلاثاء ، وليس ليلة الأربعاء .

فقد اختلف المحدثون والمؤرخون في اليوم الذي دفن فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك على قولين :
القول الأول : أنه دفن ليلة الأربعاء ، وهو الذي عليه الأكثرون ، واستدلوا لذلك بما روي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ( تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ )

رواه أحمد في " المسند " (41/300) وقال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة : إسناده محتمل للتحسين . وذكروا متابعاته التي يحسن لأجلها .

قال ابن كثير رحمه الله – بعد أن ذكر القول الثاني في دفنه عليه الصلاة والسلام يوم الثلاثاء - : " هو قول غريب ، والمشهور عن الجمهور ما أسلفناه من أنه عليه الصلاة والسلام توفي يوم الاثنين ، ودفن ليلة الأربعاء

" انتهى من " البداية والنهاية " (5/292)

القول الثاني : أنه دفن يوم الثلاثاء ، وقد وردت بذلك مجموعة من الأدلة والآثار ، حتى قال ابن عبد البر رحمه الله : " أكثر الآثار على أنه دفن يوم الثلاثاء ، وهو قول أكثر أهل الأخبار

" انتهى من " الاستذكار " (3/56)

جاء في " موطأ مالك " (1/231) :

" أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء ، وصلى الناس عليه أفذاذا لا يؤمهم أحد " انتهى.

وروى ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/430) عن سعيد بن المسيب قال :

" لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع على سريره , فكان الناس يدخلون زمرا زمرا يصلون عليه ويخرجون ولم يؤمهم أحد , وتوفي يوم الإثنين , ودفن يوم الثلاثاء " انتهى.

وروى الترمذي في " الشمائل المحمدية " (ص/336) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ :

" تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ . قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ

" انتهى.

وفي " شرح السنة " للبغوي (14/49):

" قال عروة : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، ودفن في آخر الليل من ليلة الثلاثاء ، أو مع الصبح ، وقال عكرمة : دفن ليلة الأربعاء " انتهى.

وروى البيهقي في " دلائل النبوة " (7/ 256) عن الأوزاعي قال :

" توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين في شهر ربيع الأول قبل أن ينتصف النهار ، ودفن يوم الثلاثاء " انتهى.

وروى البيهقي أيضا في " دلائل النبوة " (7/256) عن ابن جريج قال : أُخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم مات في الضحى يوم الاثنين ، ودفن الغد في الضحى .

وأما يوم وفاته فكان عندما اشتد الضحى من يوم الاثنين باتفاق المحدثين ، ورد في ذلك النص الصريح الصحيح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لابنته عائشة رضي الله عنها :

( فِي أَيِّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ) رواه البخاري في " صحيحه " (رقم/1387)

والله أعلم.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سؤال وجواب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:13

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc