المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المناهي اللفظية .. الاداب الاسلاميه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-06-30, 18:08   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل يصح أن يقال " حرام على الله أن يفعل كذا " للشيء يقضي بعدم حصوله ؟

السؤال:


هل هذا المقولة صحيحة : "حرام على الله أن يفعل كذا " ؛ مثلا : أن يدخل المتكبر الجنة ؟

فهل هذا من قبيل التجرؤ على الله ؟ أم هذا يشبه قول الله في الحديث القدسي : حرم الله الظلم على نفسه ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

لله أن يوجب على نفسه ما شاء ، وله سبحانه أن يحرم على نفسه ما شاء ، وليس للخلق أن يوجبوا عليه تعالى شيئا ، ولا أن يحرموا عليه شيئا سبحانه ؛ فإن هذا من قول أهل البدع .

فالله تعالى مالك الملك يفعل ما يشاء ، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" اتفق العلماء على وجوب ما يجب بوعده الصادق ، وتنازعوا : هل يوجب بنفسه على نفسه ؟ على قولين ، ومن جوز ذلك احتج بقوله سبحانه : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) الأنعام/ 54 ، وبقوله في الحديث الصحيح : ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما ) .

وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى ، والتحريم بالقياس على خلقه ، فهذا قول القدرية ، وهو قول مبتدع ، مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول ، وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء ومليكه ، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا ، ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب ، قال: إنه كتب على نفسه ، وحرم على نفسه ، لا أن العبد نفسه يستحق على الله شيئا، كما يكون للمخلوق على المخلوق "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/ 310) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح الأربعين النووية" (ص 244):

" لله عزّ وجل أن يحرم على نفسه ما شاء لأن الحكم إليه ، فنحن لا نستطيع أن نحرم على الله لكن الله يحرم على نفسه ما شاء ، كما أنه يوجب على نفسه ما شاء. اقرأ قول الله تعالى: ( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الأنعام/12، وكتب عزّ وجل عنده : ( إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) رواه البخاري (7422) ومسلم (2751) .

فلو سألنا سائل: هل يحرم على الله شيء ، وهل يجب على الله شيء؟

فالجواب : أما إذا كان هو الذي أوجب على نفسه أو حرم : فنعم، لأن له أن يحكم بما شاء ، وأما أن نحرم بعقولنا على الله كذا وكذا، أو أن نوجب بعقولنا على الله كذا وكذا فلا ، فالعقل لا يوجب ولا يحرم ، وإنما التحريم والإيجاب إلى الله عزّ وجل " انتهى .

ثالثاً :

الحديث المشار إليه في السؤال : رواه مسلم في صحيحه (91) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ ) .

فهذا الحديث ونحوه ، هو من أحاديث الوعيد التي لا تقتضي تحريما ولا إيجابا في حق الله عز وجل .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم : ( لا يدخل الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ) ؛ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ ؛ فَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ التَّكَبُّرُ عَنِ الْإِيمَانِ ، فَصَاحِبُهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَصْلًا إِذَا مَاتَ عَلَيْهِ .

وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ كِبْرٌ حَالَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غل ) ، وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِيهِمَا بُعْدٌ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنِ الْكِبْرِ الْمَعْرُوفِ ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ عَلَى النَّاسِ وَاحْتِقَارُهُمْ ، وَدَفْعُ الْحَقِّ ؛ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُخْرِجَيْنِ لَهُ عَنِ الْمَطْلُوبِ

بَلِ الظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ : أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دُونَ مُجَازَاةٍ ، إِنْ جَازَاهُ ؛ وَقِيلَ : هَذَا جَزَاؤُهُ ، لَوْ جَازَاهُ ، وَقَدْ يَتَكَرَّمُ بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيهِ ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّةَ ؛ إِمَّا أَوَّلًا ، وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْدَ تَعْذِيبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ ماتوا مصرين عليها ، وقيل لا يدخلها مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّلَ وَهْلَةٍ " .

انتهى من شرح مسلم (2/91) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الْكِبْرُ الْمُبَايِنُ لِلْإِيمَانِ : لَا يَدْخُلُ صَاحِبُهُ الْجَنَّةَ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ، وَمِنْ هَذَا كِبْرُ إبْلِيسَ وَكِبْرُ فِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ كَانَ كِبْرُهُ مُنَافِيًا لِلْإِيمَانِ ، وَكَذَلِكَ كِبْرُ الْيَهُودِ ..
.
وَالْكِبْرُ كُلُّهُ مُبَايِنٌ لِلْإِيمَانِ الْوَاجِبِ فَمَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَا يَفْعَلُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ بَلْ كِبْرُهُ يُوجِبُ لَهُ جَحْدَ الْحَقِّ وَاحْتِقَارَ الْخَلْقِ ..

فَقَوْلُهُ: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ} مُتَضَمِّنٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَلَا مُسْتَحِقًّا لَهَا ، لَكِنْ إنْ تَابَ ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ مَاحِيَةٌ لِذَنْبِهِ أَوْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِمَصَائِبَ كَفَّرَ بِهَا خَطَايَاهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ زَالَ ثَمَرَةُ هَذَا الْكِبْرِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ؛ فَيَدْخُلُهَا أَوْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْكِبْرِ مِنْ نَفْسِهِ

فَلَا يَدْخُلُهَا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكِبْرِ وَلِهَذَا قَالَ : مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ : إنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الدُّخُولُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَا يَكُونُ مَعَهُ عَذَابٌ ؛ لَا الدُّخُولُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي يَحْصُلُ لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ ثُمَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ؛ فَإِنَّهُ إذَا أُطْلِقَ فِي الْحَدِيثِ فُلَانٌ فِي الْجَنَّةِ أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ الْمَفْهُومُ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ.

فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا يَدْخُلُهَا بِلَا عَذَابٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ لِكِبْرِهِ كَمَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَلَكِنْ قَدْ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: { لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ } ، وَقَوْلِهِ: { لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ } وَأَمْثَالُ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ .

وَعَلَى هَذَا فَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي الْكُفَّارِ وَفِي الْمُسْلِمِينَ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/167-169) .

فإذا كان الحديث متناولا لكبر المشركين ، الذين حرم الله عليهم الجنة ، وكبر أهل المعاصي والكبائر من الموحدين ، الذين لا يخلدون في النار ، ولا تحرم عليهم الجنة على جهة التأبيد : لم يجز أن يطلق فيه مثل هذا الإطلاق الموهم ، الذي لم يرد بشأنه توقيف ، خاصة مع ترجيح بعض المحققين لأن يكون المراد بالحديث : عصاة الموحدين ، دون كبر المشركين .

والواجب على العبد أن يلزم مقام التأدب مع الله تعالى ، والإقصار من بعض القول ، ولو بدا له فيه وجه حسن ، فإن مثل هذا الكلام الذي لم يرد به توقيف : لو قدر أنه صحيح ، لم يكن قوله واجبا ، بل ولا مستحبا ؛ فكيف إذا كان يحتمل \

معاني باطلة موهمة ؛ فما الحاجة إلى التكلف ، والإغراب والتفيهق في مثل ذلك ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) ص/86 .

وفي صحيح البخاري (7293) عَنْ أَنَسٍ ، رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: ( نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ ) .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:24   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك !!

السؤال :


هل هذه العبارة صحيحة : كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك ؟

وهل يمنع الإنسان من التفكر في شيء من أسماء الله وصفاته ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا ريب أن التفكر في أسماء الله جل جلاله وصفاته التي أثبتها لنفسه ، وأثبتها لها نبيه صلى الله عليه وسلم ، والتعبد لله بمقتضى ذلك ، هو من أعظم ما يفتح على العبد من المعارف والعلوم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" العلم بالله وما يستحقه من الأسماء والصفات لا ريب أنه مما يفضل الله به بعض الناس على بعض ، أعظم مما يفضلهم بغير ذلك من أنواع العلم .

ولا ريب أن ذلك يتضمن من الحمد لله ، والثناء عليه، وتعظيمه وتقديسه، وتسبيحه وتكبيره ما يعلم به أن ذلك مما يحبه الله ورسوله."

انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (7/129) .

ومتى تفكر العبد فيما ينبغي لله جل جلاله من ذلك ، وطرق باب معرفته سبحانه من حيث أمر ، فتح عليه من أبواب المعرفة والعبودية بحسب ما وفق له من ذلك ؛ فمن مقل ومستكثر .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الْقُرْآن كَلَام الله ، وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ بصِفَاته :

فَتَارَة يتجلى فِي جِلْبَاب الهيبة وَالْعَظَمَة والجلال ، فتخضع الْأَعْنَاق وتنكسر النُّفُوس وتخشع الْأَصْوَات ، ويذوب الْكبر كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء .

وَتارَة يتجلى فِي صِفَات الْجمال والكمال ، وَهُوَ كَمَال الْأَسْمَاء ، وجمال الصِّفَات ، وجمال الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات ؛ فيستنفد حبُّه من قلب العَبْد قُوَّة الْحبّ كلهَا ، بحسب مَا عرفه من صِفَات جماله ونعوت كَمَاله ، فَيُصْبِح فؤاد عَبده فَارغًا إِلَّا من محبته ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الرَّحْمَة وَالْبر واللطف وَالْإِحْسَان ، انبعثت قُوَّة الرَّجَاء من العَبْد وانبسط أمله ، وَقَوي طمعه ، وَسَار إِلَى ربه وحادى الرَّجَاء يَحْدُو ركاب سيره ، وَكلما قوي الرَّجَاء جد فِي الْعَمَل ، كَمَا أَن الباذر كلما قوي طمعه فِي الْمغل ، غلَّق أرضه بالبذر ، وَإِذا ضعف رجاؤه قصر فِي الْبذر .

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعدْل والانتقام وَالْغَضَب والسخط والعقوبة ، انقمعت النَّفس الأمارة ، وَبَطلَت أَو ضعفت قواها من الشَّهْوَة وَالْغَضَب وَاللَّهْو واللعب والحرص على الْمُحرمَات ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْأَمر وَالنَّهْي والعهد وَالْوَصِيَّة وإرسال الرُّسُل وإنزال الْكتب وشرع الشَّرَائِع ، انبعثت مِنْهَا قُوَّة الِامْتِثَال والتنفيذ لأوامره ، والتبليغ لَهَا والتواصي بهَا ، وَذكرهَا وتذكرها ، والتصديق بالْخبر ، والامتثال للطلب ، والاجتناب للنَّهْي .

وَإِذا تجلى بِصفة السّمع وَالْبَصَر وَالْعلم انْبَعَثَ من العَبْد قُوَّة الْحيَاء ، فيستحي ربه أَن يرَاهُ على مَا يكره ، أَو يسمع مِنْهُ مَا يكره ، أَو يخفي فِي سَرِيرَته مَا يمقته عَلَيْهِ ، فَتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشَّرْع ، غير مُهْملَة وَلَا مُرْسلَة تَحت حكم الطبيعة والهوى .

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْكِفَايَة والحسب وَالْقِيَام بمصالح الْعباد وسوق أَرْزَاقهم إِلَيْهِم ، وَدفع المصائب عَنْهُم ، وَنَصره لأوليائه ، وحمايته لَهُم ، ومعيته الْخَاصَّة لَهُم : انبعثت من العَبْد قُوَّة التَّوَكُّل عَلَيْهِ والتفويض إِلَيْهِ وَالرِّضَا بِهِ فِي كل مَا يجريه على عَبده ، ويقيمه فيه ، مِمَّا يرضى بِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعِزّ والكبرياء ، أَعْطَتْ نَفسه المطمئنة مَا وصلت إِلَيْهِ من الذل لعظمته ، والانكسار لعزته ، والخضوع لكبريائه ، وخشوع الْقلب والجوارح لَهُ ؛ فتعلوه السكينَة وَالْوَقار فِي قلبه وَلسَانه وجوارحه وسمته ، وَيذْهب طيشه وقوته وحدته .

وجماع ذَلِك : أَنه سُبْحَانَهُ يتعرف إِلَى العَبْد بِصِفَات إلهيته تارّة ، وبصفات ربوبيته تَارَة ؛ فَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الإلهية الْمحبَّة الْخَاصَّة ، والشوق إِلَى لِقَائِه ، والأنس والفرح بِهِ ، وَالسُّرُور بخدمته ، والمنافسة فِي قربه ، والتودد إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ ، واللهج بِذكرِهِ ، والفرار من الْخلق إِلَيْهِ ، وَيصير هُوَ وَحده همه دون مَا سواهُ .

وَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الربوبية التَّوَكُّل عَلَيْهِ ، والافتقار إِلَيْهِ ، والاستعانة بِهِ ، والذل والخضوع والانكسار لَهُ .

وَكَمَال ذَلِك أَن يشْهد ربوبيته فِي إلهيته ، وإلهيته فِي ربوبيته ، وحمده فِي ملكه ، وعزه فِي عَفوه ، وحكمته فِي قَضَائِهِ وَقدره ، وَنعمته فِي بلائه ، وعطاءه فِي مَنعه ، وبره ولطفه وإحسانه وَرَحمته فِي قيوميته ، وعدله فِي انتقامه ، وجوده وَكَرمه فِي مغفرته وستره وتجاوزه ، وَيشْهد حكمته وَنعمته فِي أمره وَنَهْيه ، وعزه فِي رِضَاهُ وغضبه ، وحلمه فِي إمهاله ، وَكَرمه فِي إقباله ، وغناه فِي إعراضه .

وَأَنت إِذا تدبرت الْقُرْآن ، وأجرته من التحريف وَأَن تقضي عَلَيْهِ بآراء الْمُتَكَلِّمين ، وأفكار المتكلفين : أشهدك ملكا قيوما فَوق سماواته على عَرْشه ، يدبر أَمر عباده ، يَأْمر وَيُنْهِي ، وَيُرْسل الرُّسُل ، وَينزل الْكتب ، ويرضى ويغضب ، ويثيب ويعاقب ، وَيُعْطِي وَيمْنَع ، ويعز ويذل ، ويخفض وَيرْفَع

يرى من فَوق سبع وَيسمع ، وَيعلم السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ، فعّال لما يُرِيد ، مَوْصُوف بِكُل كَمَال ، منزه عَن كل عيب ، لَا تتحرك ذرّة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ ، وَلَا تسْقط ورقة إِلَّا بِعِلْمِهِ ، وَلَا يشفع أحد عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ ، لَيْسَ لِعِبَادِهِ من دونه ولي وَلَا شَفِيع" .

انتهى من "الفوائد" (98-101) ط المجمع .

ثانيا :

قولهم : " كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك " ؛ يدخل فيه ـ بهذا الإطلاق ـ نفي قدر كبير من الحق ، فمن الحق أن يخطر بالبال أن الله سميع بصير حكيم خبير، استوى على عرشه كيف شاء ، وهكذا سائر ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نحو من ذلك المعنى :

" يؤكد ذلك أن حكم الوهم والخيال غالب على الآدميين في الأمور الإلهية ، بل وغيرها ؛ فلو كان ذلك كله باطلًا لكان نفي ذلك من أعظم الواجبات في الشريعة ، ولكان أدنى الأحوال أن يقول الشارع من جنس ما يقوله بعض النفاة : ما تخيلته فالله بخلافه ، لا سيما مع كثرة ما ذكره لهم من الصفات ."

انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (1/436) ط المجمع .

وأحسن من هذا القول ، وأقعد بالسنة ، قول يحي بن عمار رحمه الله :

" لَا نحتاج فِي هَذَا الْبَاب إِلَى قَول أَكثر من هَذَا : أَن نؤمن بِهِ ، وننفي الْكَيْفِيَّة عَنهُ ، ونتقي الشَّك فِيهِ ، ونوقن بِأَن مَا قَالَه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ، وَلَا نتفكر فِي ذَلِكَ وَلَا نسلط عَلَيْهِ الْوَهم ، والخاطر، والوسواس .
وَتعلم حَقًا يَقِينا أَن كل مَا تصور فِي همك ووهمك من كَيْفيَّة أَو تَشْبِيه ، فَالله سُبْحَانَهُ بِخِلَافِهِ ، وَغَيرُه ، نقُول: هُوَ بِذَاتِهِ عَلَى الْعَرْش ، وَعلمه مُحِيط بِكُل شَيْء ."

انتهى من "الحجة في بيان المحجة" لقوام السنة الأصبهاني (2/109) .

فالحاصل :

أن ما خطر بالبال من أسماء الله وصفاته وأفعاله ، التي أثبتها لنفسه في كتابه ، وأثبتها له رسوله : فهذا حق ، بل واجب اعتقاده ، والله تعالى هو بذلك الوصف الذي أخبرنا به في كتابه ، وأخبرنا عنه رسوله .

وما خطر بالبال من تشبيه ، أو تمثيل ، أو تكييف لشيء من ذلك ، أو اعتقاد فيه غير ما ثبت في كتابه ، وسنة نبيه : فهو من الباطل الذي يجب الكف عنه ، وقطع الوهم والظن عن بابه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:27   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل موت كبار السن تحل به مصائب أو تنقص فيه بركة على أهله الباقين ؟

السؤال :

عندنا مقولة في ثقافتنا تُردد حين يموت الكبار ، يقولون : إن المصيبة تحل على الباقين من العائلة ، ويقولون أيضاً : إن بموتهم تقل بركة الله في الباقين من الأقارب الأحياء

. ما هو تكييف هذا الكلام وفقاً للشريعة ؟

وهل معناه صحيح ؟


الجواب :


الحمد لله


فإن الموت مصيبة عظيمة وبلية جسيمة وبه ينقطع العمل وينتهي الأجل ويقدُم المرء على ربه ، إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر ، وبالموت تسال العبرات وتحزن القلوب وتعم الأحزان .

قال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) البقرة/ 155 ، فنقص الأنفس من جملة الابتلاءات التي تصيب العباد .

وهذا كله من حيث العموم ، وأما ما ورد في السؤال من كون موت الكبار يكون سبباً في نزول البلاء على الأسرة ، وسبباً في نقص البركة ، فهذا أمر لا دليل عليه بهذا الإطلاق ، وما زال الناس يموت فيهم الكبير والصغير ، فلو كانت وفاة الكبير سببا في نقصان البركة ، أو نزول المصائب ، لمحقت البركة من دنيا الناس

وتوالت على أهل كل بيت المصيبة بعد الأخرى ، وهذا خلاف ما هو مشاهد ، وخلاف ما جرت به سنة الله في خلقه ، وكم من كبير مات ، فتنعم أهله من بعده ، إما بمال تركه لهم ، أو نعمة فتحت عليهم ، أو زواج امرأة ، أو نحو ذلك مما هو مشاهد معلوم .

ثم ما علاقة الأحياء بموت الكبير ، حتى يصيبهم من البلاء ما يذكره هذا القائل ، سواء أكان الميت صالحا ، أو طالحا ؛ وقد قال تعالى : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الإسراء/ 15 .

إنما مصاب الناس حقيقة في موت صاحب العلم الذي يحرم الناس من علمه ، أو صاحب العبادة والطاعة ، والنفع المتعدي للناس : من جهاد في سبيل الله ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو صدقات وزكوات ، أو نحو ذلك ؛ وهذا كله لا تعلق له بصغير أو كبير ، إنما بحاله ، ونفعه للناس ، وبركته في الأرض

فلا شك أن موت أمثال هؤلاء : نقصان خير وبركة ، وثلمة في دين الناس أو دنياهم ، وأعظم الناس مصابا بهم : المقربون منهم ؛ لكن ذلك ليس معناه أن تنزل عليهم مصيبة أخرى بعده

إلا أن يعمل من بعده بعمل يستحقون به ذلك . فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) رواه البخاري ( 100 ) ومسلم ( 2673 ) .

إِذَا مَا مَاتَ ذُو عِلْمٍ وَتَقْوَى ...
فَقَدْ ثَلمَتْ مِنَ الإِسْلامِ ثُلْمَهْ

وَمَوْتُ الْعَادِلِ الْمَلِكِ الْمُوَلَّى ...
لِحُكْمِ الْخَلْقِ مَنْقَصَةً وَقَصْمَهْ

وَمَوْتُ الْعَابِدِ الْمَرْضِيِّ نَقْصٌ ...
فَفِي مَرْآهُ لِلأَسْرَارِ نَسْمَهْ

وَمَوْتُ الْفَارِسِ الضِّرْغَامِ هَدْمٌ ...
فَكَمْ شَهَدَتْ لَهُ بِالنَّصْرِ عَزْمَهْ

وَمَوْتُ فَتَى كَثِيرِ الْجُودِ نَقْصٌ ..
. لأَنَّ بَقَاءَهُ فَضْلٌ وَنِعْمَهْ

فَحَسْبُكَ خَمْسَةٌ يُبْكَى عَلَيْهمْ ...
وَمَوْتُ الْغَيْرِ تَخْفِيفٌ وَرَحْمَهْ

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:37   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تجوز التحية بقول : صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال:


عندنا في بلدنا بعض الناس يقول عند الصباح : صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فما حكم قول هذه الكلمة ؟


الجواب :

الحمد لله

قد تطلق هذه العبارة : " أنوار النبي صلى الله عليه وسلم ، أو " نور النبي صلى الله عليه وسلم " ويقصد بها معنى صحيح ، وهو نور الهداية التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ كما قال الله تعالى : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) المائدة/ 15 .

قال الطبري رحمه الله :

" يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب : (قد جاءكم) ، يا أهل التوراة والإنجيل (من الله نور) ، يعني بالنور محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام ، ومحق به الشرك ، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق ، ومن إنارته الحق ، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب " انتهى من "تفسير الطبري" (10 /143) .
وقد تطلق وتوهم معنى فاسدا ؛ كأن يقصد قائلها الإشارة إلى ما يعتقده كثير من الصوفية وجهلة العوام من أن النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور ، وهو اعتقاد باطل .

أما التحية بقول : " صبحك الله بأنوار النبي صلى الله عليه وسلم " فلا تُشرع ، بل لا تجوز ؛ وذلك لأمور ، منها :

أولا : أنها تحية محدثة ، لم يدل عليها الكتاب ولا السنة ، ولا كانت من عمل من مضى من السلف ، ولا يعرف عنهم أنهم كانوا يحيون بعضهم بعضا بها .

ثانيا : أنها موهمة للمعنى الباطل من كون النبي صلى الله عليه وسلم خُلق من نور ، أو أن نوره الحسي ما ازال بين الناس ؛ وكأنه يدعو لصاحبه أن يصيبه من ذلك النور .

ثالثا : أنها تحمل على الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم .

رابعا : قد تؤدي التحية بها إلى ترك التحية بالسلام المشروع ؛ فيكون ذلك من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير
.
خامسا : أن المبالغة في مثل هذا الباب ، إنما هي شأن أهل البدع من الصوفية ونحوهم .

وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

بعض الناس يقول لآخر : صبحك الله بأنوار النبي عند الصباح ، فهل يجوز هذا ؟ وإن كان لا يجوز ، فهل يجوز إبداله بصبحك الله بنوره؟
فأجاب :

" لا ، يقول : صبحك الله بالخير ، أما بأنوار النبي ! ما هي أنوار النبي ؟ النبي صلى الله عليه وسلم متوفى ، وليس له أنوار ، هذا عند القبوريين وعند الصوفيين ، فهذا الكلام لا يجوز " انتهى

والله أعلم .


.........

هل خلق النبي صلى الله عليه وسلم من نور


السؤال:

قرأت في كتابين أن النبي المصطفى كان أول من خلق الله وقد خلقه الله من نور وكان هو السبب الوحيد الذي خلق الله بقية الخلق لأجله. أنا غير متأكد من هذا فأرجو أن توضح وشكراً


الجواب:

الحمد لله

ورد مثل هذا السؤال على اللجنة الدائمة للإفتاء وهذا نصه :

السؤال : إن جل الناس يعتقدون أن الأشياء خلقت من نور محمد صلى الله عليه وسلم وأن نوره خلق من نور الله ويروون : " أنا نور الله وكل شئ من نوري " ويروون أيضا : " أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم " فهل لذلك من أصل ؟ ويروون : " أنا عرب بلا عين أي رب أنا أحمد بلا ميم أي أحد " فهل لذلك من أصل؟

الجواب :

الحمد لله

وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله إن أريد به أنه نور ذاتي من نور الله فهو مخالف للقرآن الدال على بشريته ، وإن أريد بأنه نور باعتبار ما جاء به من الوحي الذي صار سببا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح ، وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك هذا نصها : للنبي صلى الله عليه وسلم نور هو نور الرسالة والهداية التي هدى الله بها بصائر من شاء من عباده

ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله . قال تعالى : " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور " سورة الشورى الآية 73 ,

وليس هذا النور مكتسبا من خاتم الأولياء كما يزعم بعض الملاحدة ، أما جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دم ولحم وعظم .. إلخ ، خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته وما يروى أن أول ما خلق الله نور النبي صلى الله عليه وسلم أو أن الله قبض قبضة من نور وجهه

وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم فنظر إليها فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا أو خلق الخلق كلهم من نوره صلى الله عليه وسلم فهذا وأمثاله لم يصح منه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال الفتوى السابقة يظهر أنه اعتقاد باطل . وأما ما يروى
:
أنا عرب بلا عين فلا أساس له من الصحة وهكذا أنا أحمد بلا ميم . وصفة الربوبية والانفراد من الصفات المختصة بالله سبحانه وتعالى فلا يجوز أن يوصف أحد من الخلق بأنه الرب ولا أنه أحد على الإطلاق

فهذه الصفات من اختصاص الله سبحانه ولا يوصف بها الرسل ولا غيرهم من البشر . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . فتاوى اللجنة الدائمة 1/310

السؤال : هل يقال أن الله خلق السماوات والأرض لأجل خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما معنى لولاك لما خلق الأفلاك هل هذا حديث أصلا هل صحيح أم لا . بين لنا حقيقته ؟

الجواب :

الحمد لله

لم تخلق السماوات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم بل خلق لما ذكره الله سبحانه من قوله عز وجل : " الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما " , أما الحديث المذكور فهو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
فتاوى اللجنة الدائمة 1/312


...........

: أهمية السلام ورده

السؤال :

هل يمكن أن تخبرني عن أهمية قول السلام عليكم وقول وعليكم السلام ؟

الجواب:


الحمد لله


كان من عادة الناس الجارية بينهم أن يحيي بعضهم بعضاً بتحيات فيما بينهم وكان لكل طائفة منهم تحية تخصهم عن غيرهم من الناس .

فقد كانت العرب تقول في تحيتهم أنعم صباحاً أو أنعموا صباحا فيأتون بلفظ النعمة وهي طيب العيش بعد الصباح ويصلونها به لأن الصباح هو أول ما يبدأ به الإنسان نهاره فإذا حصلت فيه النعمة والخير استصحب ذلك طول نهاره .
ولما جاء الإسلام الحنيف شرع الله عز وجل فيه تحية للمسلمين فيما بينهم وشعارا لهم وهي السلام عليكم وجعلها خاصة لهم عن غيرهم من الأمم ومعنى السلام هو البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب

والسلام أيضا اسم عظيم من أسماء الله عز وجل وعلى هذا فإنّ قول السلام عليكم أي هو يراقبكم ويطّلع عليكم فيكون فيها موعظة ويدخل في المعنى كذلك : نزلت عليكم بركة اسمه تعالى وحصلت عليكم .

قال ابن القيم بدائع الفوائد (144)

: فشرع الله الملك القدوس السلام لأهل الإسلام تحية بينهم سلام عليكم وكانت أولى من جميع تحيات الأمم التي فيها ما هو محال وكذب نحو قولهم تعيش ألف سنة وما هو قاصر المعنى مثل أنعم صباحاً ومنها ما لا ينبغي مثل السجود فكانت التحية بالسلام أولى من ذلك كله لتضمنها السلامة التي لا حياة

ولا فلاح إلا بها فهي الأصل المقدم على كل مقصود ومقصود العبد من الحياة يحصل بشيئين : بسلامته من الشر وحصول الخير عليه والسلامة من الشر مقدمة على حصول الخير وهي الصلة ) انتهى

هذا وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم إفشاء السلام من الإيمان فروى البخاري (12).(28) و(6236) ومسلم (39) وأحمد (2/169) وأبو داود (5494) والنسائي (8/107) وابن حبان (505)

عن عبد الله بن عمر قال : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) قال ابن حجر في الفتح (1/56) أي لا تخص أحداً تكبراً أو تصنعا ، بل تعظيماً لشعار الإسلام ومراعاة لاخوة المسلم .

قال ابن رجب في الفتح (1/43 ) :

وجمع في الحديث بين إطعام الطعام وإفشاء السلام لأنه به يجتمع الإحسان بالقول والفعل وهو أكمل الإحسان ، وإنما كان هذا خير الإسلام بعد الإتيان بفرائض الإسلام وواجباته .

قال السنوسي في إكمال المعلم (1/244) :

( المراد بالسلام التحية بين الناس وهو مما يزرع الود والمحبة في القلوب كما يفعل الطعام وقد يكون في قلب المحبين ضعف فيزول بالتحية وقد يكون عدواً فينقلب بها صديقاً ) .أهـ

قال القاضي في إكمال المعلم (1:276)

: وهذا حض منه صلى الله عليه وسلم على تأليف قلوب المؤمنين وإن أفضل خلقهم الإسلامية ألفة بعضهم بعضاً وتحيتهم وتوادهم واستجلاب ذلك بينهم بالقول والفعل وقد حض صلى الله عليه وسلم على التحابب والتودد وعلى أسبابهما من التهادي وإطعام الطعام وإفشاء السلام ونهي عن أضدادها من التقاطع والتدابر والتجسس والتحسس والنميمة وذوي الوجهين .

والألفة أحد فرائض الدين وأركان الشريعة ونظام شمل الإسلام وفي بذل السلام على من عرف ومن لم يعرف إخلاص العمل به لله تعالى لا مصانعة ولا مَلَقاً لمن تعرف دون من لا تعرف وفيه مع ذلك استعمال خلق التواضع وإفشاء شعار هذه الأمة من لفظ السلام ) انتهى .

ولذلك بين صلى الله عليه وسلم أن بالسلام يحصل الود المحبة والإخاء فيما رواه مسلم (54) أحمد (2/391) والترمذي (2513) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم ) .

هذا وقد بين صلى الله عليه وسلم جزاء وثواب من قال السلام عليكم كما روى النسائي في عمل اليوم والليلة (368) والبخاري في الأدب المفرد (586) وابن حبان (493) عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلاً مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال سلام عليكم فقال عشر حسنات ثم مر رجل آخر قال سلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فمر رجلا آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حسنة ).

وقد أمر صلى الله عليه وسلم بردّ السلام وجعله حقاً فروى أحمد (2/540) والبخاري (1240) ومسلم (2792) والنسائي في اليوم والليلة (221) وأبو داود(5031) عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه (حق المسلم على المسلم خمس : ردّ السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز ، وإجابة الداعي وتشميت العاطس ) .

وظاهر الأمر الوجوب فيجب رد السلام ذلك أن المسلم قد أعطاك الأمان فواجب عليك إعطاؤه الأمن والسلامة مقابل ذلك وكأنه يقول لك : أعطيك الأمان والسلامة والأمن فكان لا بد من إعطائه نفس الأمان والسلامة حتى لا يظن ولا يدخل في نفسه أن من سلّم عليه قد يغدر به أو أنه هاجر له ولذلك فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الهجرة بين المتهاجرين يقطعها السلام فروى البخاري (6233)

عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " . هذه نبذة عن أهمية السّلام وردّه

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد......









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:47   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجوز أن يقول الرجل لأمه " فداكِ نفسي ومالي وولدي وزوجتي " ؟

السؤال:

أنا رجل متزوج وأحب زوجتي كثيراً ، وقع خلاف بيني وبينها حول كلمة سمعتها من داعية إسلامي وعالم جليل هو الشيخ " أبو إسحاق الحويني " عن بر الوالدين ، حيث قال : إنه يفتدي أمه بنفسه وماله وولده وزوجاته ، وأنا أحب أن أكون سبباً في نشر الخير بين الناس ودائما أستخدم موقعي على " الفيس بوك " للدعوة الإسلامية ، فأعجبني هذا المقطع للشيخ الحويني ، فنشرته

وكتبت بجانبه " الأم هي من تُفتدى بالمال والأهل والولد " ، فغضبت زوجتي كثيراً لذلك ! وأخبرتني أني جرحتُ مشاعرها بنشر هذا الكلام ، هل أنا مخطئ بما فعلت حتى أعتذر من زوجتي ؟

وإذا لم أكن مخطئاً فكيف أتصرف مع زوجتي ، والتي تهددني بخلع الخمار كلما غضبت مني ؟

وهل صحيح أن الأم تُفتدى بالمال والأهل والولد ؟

وما معنى الفداء هنا ؟

ولقد قرأت على موقعكم الطيب فتوى لكم أن الرجل الذي لا يستطيع أن ينفق على زوجته وأمه فإن الزوجة أحق من الأم بالنفقة ، وقد صدمت لذلك ، وهنا أسألكم إذا لم يكن للأم مُعيل إلا هذا الابن : فماذا يفعل ؟

ينفق على أمه أم على زوجته ويترك أمه بلا معيل ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

أما معنى " الفداء " : فقد قال ابن فارس في " مقاييس اللغة " ( 4 / 483 ) : " فدي : أن يُجعل شيءٌ مكان شيءٍ حمًى له ... .

( ومنها ) قولك فديتُه أفدِيه : كأنك تحميه بنفسك أو بشيءٍ يعوّض عنه " انتهى باختصار .

واسم هذا الدعاء " التفدية " ، فمعنى جُعلت فداءكَ : حملتُ عنك الضر الذي نزل عليك بنفسي أو مالي أو ما أملكه ، ومثله لو قال " فداك أبي وأمي " ، فالمعنى : أن ينزل البلاء على الأم والأب من غير أن يصيبك منه شيء ، وعلى هذا يقاس كل ما يقال في الدعاء بـ " التفدية " .

ثانيا :

ليُعلم أن هذه اللفظة لا يراد بها الفداء على الحقيقة ، بل هي للتعبير عن حب وبرّ وعظيم منزلة لهذا المفدَّى عند المفْدي ، ومما يدل على ذلك استعمال النبي صلى الله عليه وسلم لها لبعض أصحابه ومعلوم أن أبواه لم يكونا أحياء وقتها ! فَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ إِلَّا لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ ( يَا سَعْدُ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ) رواه البخاري ( 3519 ) ومسلم ( 2412 ) .

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ ) فَانْطَلَقْتُ فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ فَقَالَ ( فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ) رواه البخاري ( 3515 ) ومسلم ( 2416 ) .
ولا يحق للزوجة أن تغضب من هذا ، بل إن عليها أن تفرح وتعين زوجها على أنواع البر لأمه ، فمَن لا خير فيه لأمه لا خير فيه لزوجه ، وإذا كانت هذه التفدية على باب المجاز ، والتوسع في العبارة على ما جاءت به العرب ، فليس في ذلك شيء يستوجب غضبا ، ولا اعتذارا ، بل لا يستوجب الوقوف عنده أصلا ؛ خاصة أيضا وأن الزوج كان مجرد ناقل لمقطع يستحسنه .

ثم إننا لا نرى مانعا من أن تخاطب امرأتك بمثل هذه العبارة ، فتقول : وأنتِ أيضا " فداكِ أبي وأمي ونفسي ومالي " ؛ فإن الزوجة يليق بها ذلك أيضاً ؛ لما أمر الشارع بالإحسان إليها ، ولما تبذله لزوجها وأولادها ، وقد سبق معرفة أن الكلام لا يراد به حقيقته .

قال النووي – رحمه الله – في شرح حديث علي بن أبي طالب السابق

- : " فيه : جواز التفدية بالأبوين ، وبه قال جماهير العلماء ، وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري رضي الله عنهما ، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه .

والصحيح : الجواز مطلقاً ؛ لأنه ليس فيه حقيقةً فداء وإنما هو كلام وإلطاف وإعلام بمحبته له ومنزلته ، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقاً "

انتهى من " شرح مسلم " ( 15 / 184 ) .

ولتعلم الزوجة أن هذه العبارة إذا كانت على وجه الإكرام والإلطاف في القول ، فإن أولى الناس بذلك ، وأحقهم به : هي الأم ، ولا علاقة للزوجة ومنزلتها بذلك أصلا .

وإذا قدر أن أحدا يطلقها ، ويريد بها حقيقتها ، فالأم ـ أيضا ـ هي التي يليق بها ذلك ؛ فإن رضاها مقدم على رضا الزوجة والولد ، وراحتها مقدمة على راحة الزوجة والولد ، وطاعتها مقدمة على طاعة الزوجة والولد ، وبرها مقدم على بر الزوجة والولد ؛ فأي خطأ في ذلك ؟ وأي إساءة في مثل هذا الكلام ؟!

ثالثاً:

أما ما تهدد به عند غضبها من خلع الخمار ، فهو أمر عظيم جلل ، وإننا لنرجو أن يكون كلاماً لا يوافق الباطن ، أو أنها ظنت أنها تغاضبك بمثل هذا ، أو نحو ذلك مما يكون بين الأزواج .

غير أننا ننبه الزوجة إلى أن هذا شيء جلل ، وأن عليها أن تتقي الله من تهديدها هذا ؛ فإن لبس الخمار ليس طاعة لك وحدك ، بل هو طاعة لله من قبل والذي قال : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/ 59 .

هل يليق بمسلم أن يهدد بأن يعصي الله ، ويغضبه ، لأجل أنه غضب من أحد من البشر ؛ أو يوطن نفسه على ذلك ؟ فلتحذر الزوجة من كلمة قد توبق دنياها وأخراها ، فتكون سبباً للهوي في النار ، ولتعلم أن أكثر ما يُدخل الناس في جهنم إنما هو حصائد ألسنتهم ، وليكن لك أنت موقف حازم جاد من تعليمها ذلك ، وتأديبها عليه .

رابعاً:

أما بخصوص النفقة على الزوجة والأم : فإن الإحسان إلى الأم واجب محتَّم ، وعند القدرة على النفقة فيبدأ بالزوجة ثم بأمه ، وأما إذا لم يستطع إلا أن ينفق على واحد فتقدَّم الزوجة ويكون معسراً في حق أمه فحاله كحال أي ابن فقير ليس لأمه معيل إلا هو وهو غير قادر على النفقة

عليها فيسقط الواجب للإعسار وينتقل لغيره من أخ له أو لها حتى ينتقل إلى بيت مال المسلمين ، والفرق بين الزوجة والأم في هذه الحال واضح فالزوجة محبوسة لزوجها ومع قدرته فلا تجب نفقتها إلا عليه ، وأما الأم فقد يكون لها أبناء وبنات وإخوة وأخوات وأب وأم ، فيلاحظ تعدد المنفقين

ولا تجب نفقتها على أحدهم باعتباره ابناً أو أخاً بل تسقط النفقة على المعسر دون الموسر منهم ، وأما في حال الزوجة فتجب نفقتها على زوجها بعينه موسراً كان أو معسراً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ) رواه مسلم ( 1822 ) ، وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم - ( 1036 ) - ( ابْدَأْ بِمَنْ تَعُول ) .

قال ابن قدامة في " المغني " ( 2 / 695 ) :

" لأن نفقتها – أي : الزوجة - آكد ؛ فان نفقتها تجب على سبيل المعاوضة مع اليسار والإعسار ، ونفقة الأقارب صلة تجب مع اليسار دون الإعسار " انتهى .

قال النووي – رحمه الله -

: " يلزمه نفقة الوالد وإن علا ، والولد وإن سفل ، وإن اختلف دِينُهما ، بشرط يسار المنفِق بفاضل عن قوته وقوت عياله في يومه " .

انتهى من " منهاج الطالبين " ( ص 120 ) .

وقال الخطيب الشربيني – رحمه الله – شارحاً كلام النووي

- : " سواء أفضَل ذلك بكسب أم بغيره ، فإن لم يفضل شيء : فلا شيء عليه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ابْدَأ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فِإنْ فَضَلَ شَيءٌ فَلأهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ فَلذِي قَرَابَتِكَ ) رواه مسلم " .

انتهى من " مغني المحتاج " ( 3 / 447 ) .

والله أعلم


.....

نفقة الزوجة مقدَّمة على نفقة الوالدين.


السؤال :


من له الحظ الأوفر في مال الزوج ، هل الزوجة والأولاد أم أمه؟

قد قرأت أن القران يشير إلى أن زوجة الرجل وأولاده هم أولى الناس بماله. وهل يجوز للرجل إذا كان دخله قليلاً أن يقدم حاجات أسرته على حاجات زوجته وأولاده؟


الجواب :

الحمد لله :

أولاً :

لا شك أن الزوج ملزم بالنفقة على زوجته ، ومطالب بالإنفاق على أبنائه وآبائه إذا كانوا فقراء لا مال لهم ، ولا كسب يستغنون به عن غيرهم .

فإن استطاع أن ينفق عليهم جميعاً وجب عليه ذلك .

وإن لم يستطع ذلك لقلة ماله ، وضعف دخله الشهري ، فإن الواجب عليه أن يُقدِّم نفقة زوجته وأولاده على غيرهم من أقاربه .

وليس في القرآن ما يشير إلى تقديم نفقة الزوجة على غيرها ، وإنما ثبت ذلك في السنة النبوية .

ففي صحيح مسلم (997) عَنْ جَابِرٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا ، بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَعَنْ يَمِينِكَ ، وَعَنْ شِمَالِكَ ).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَصَدَّقُوا.

فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ .

فَقَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ : تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ .

قَالَ : عِنْدِي آخَرُ .

قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ .

رواه أبو داود في سننه (1691) والنسائي واللفظ له ، وحسنه الألباني في الإرواء (895).

وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم النفقة على الأهل صدقة لا يعني أنها مستحبة فقط .

قَالَ الْمُهَلَّب :

" النَّفَقَة عَلَى الْأَهْل وَاجِبَة بِالْإِجْمَاعِ , وَإِنَّمَا سَمَّاهَا الشَّارِع صَدَقَة خَشْيَة أَنْ يَظُنُّوا أَنَّ قِيَامهمْ بِالْوَاجِبِ لَا أَجْر لَهُمْ فِيهِ , وَقَدْ عَرَفُوا مَا فِي الصَّدَقَة مِنْ الْأَجْر فَعَرَّفَهُمْ أَنَّهَا لَهُمْ صَدَقَة , حَتَّى لَا يُخْرِجُوهَا إِلَى غَيْر الْأَهْل إِلَّا بَعْد أَنْ يَكْفُوهُمْ ; تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي تَقْدِيم الصَّدَقَة الْوَاجِبَة قَبْل صَدَقَة التَّطَوُّع ".

نقله عنه في " فتح الباري" (9/623).

قال الْخَطَّابِيُّ :

" هَذَا التَّرْتِيب إِذَا تَأَمَّلْته عَلِمْت أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ قَدَّمَ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى وَالْأَقْرَب فَالْأَقْرَب ".

نقله عنه في " عون المعبود" (5/ 76)

وقال النووي

: " إذا اجتمع على الشخص الواحد محتاجون ممن تلزمه نفقتهم ، نظرَ: إن وفَّى ماله أو كسبه بنفقتهم فعليه

نفقة الجميع قريبهم وبعيدهم .

وإن لم يفضل عن كفاية نفسه إلا نفقة واحد ، قدَّم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب ...لأن نفقتها آكد ، فإنها لا تسقط بمضي الزمان ، ولا بالإعسار ".

انتهى "روضة الطالبين" (9/ 93) .

قال المرداوي

: " الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ : وُجُوبُ نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا ، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا بِالْمَعْرُوفِ ...إذَا فَضَلَ عَنْ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ ".

انتهى " الإنصاف" (9/ 392).

قال الشوكاني:

" وقد انعقد الإجماع على وجوب نفقة الزوجة ، ثم إذا فضل عن ذلك شيء فعلى ذوي قرابته ".

انتهى " نيل الأوطار" (6 /381).

فلم يختلف العلماء في تقديم الزوجة على الوالدين في النفقة ، وإنما اختلفوا في الزوجة والولد أيهما يقدم؟

قال الشيخ ابن عثيمين: " فالصواب أنه يبدأ بنفسه ، ثم بالزوجة ، ثم بالولد ، ثم بالوالدين ، ثم بقية الأقارب ".

انتهى من " فتح ذي الجلال والإكرام (5/194).

وبناء على ما سبق فالواجب على الزوج أن يبدأ بكفاية زوجته وأولاده من النفقة الواجبة عليه بالمعروف ، فإن بقي معه بعد ذلك شيء من المال فالواجب عليه أن ينفقه على والديه

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-03, 16:51   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل يجوز أن يقال : فلان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال:


سؤالي هو : هل يجوز أن نقول على شخص ما إن فيه شبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان هذا الشبه في الشكل الجسدي فقط ، وليس في الأخلاق أو أي شيء آخر ؟


الجواب :


الحمد لله :


لا حرج على المسلم من القول : إن فلاناً يشبه النبي صلى الله عليه وسلم ، سواء في الجوانب الخَلقية أو الخُلقية ، إن كان هذا الشخص في واقع الحال كذلك .

فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : أَنْتَ مِنِّي ، وَأَنَا مِنْكَ ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي ، وَقَالَ لِزَيْدٍ : أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ) .

رواه البخاري (2700) .

وقد صدر مثل هذا عن كثير من الصحابة .

عَنْ أَنَس بن مالك قَالَ : ( لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ) رواه البخاري (3752 ) .
وقال عن الحسين بن علي : (كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

رواه البخاري (3748).

قال الحافظ ابن حجر

: " وَالَّذِينَ كَانُوا يُشَبَّهُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ : جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَقُثَمُ بن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَمُسْلِمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .

وَمِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ : السَّائِب بن يزِيد المطلبي الْجَدُّ الْأَعْلَى لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ الْعَبْشَمِيُّ ، وَكَابِسُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَدِيٍّ ، فَهَؤُلَاءِ عَشَرَةٌ ".

انتهى من"فتح الباري" (7/97).

قال ابن الجوزي : " وَكَانَ من التَّابِعين رجل يُقَال لَهُ كابس بن ربيعَة السَّامِي، ... كَانَ يُشبههُ ، فَبعث إِلَيْهِ مُعَاوِيَة فَقبل بَين عَيْنَيْهِ ، وأقطعه قطيعة ، وَكَانَ أنس بن مَالك إِذا رَآهُ بَكَى ".

انتهى من "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (1/42) .

وقد ذكر بعض العلماء غير هؤلاء ، وكل من له معرفة بصفات النبي صلى الله عليه وسلم معرفة تامة يستطيع أن يدرك ذلك .

قال ابن عبد الهادي عن رجل معاصر له ، اسمه : عبد الله بن عوانة المغربي .

قال : " أخبرني غير واحد من الأشياخ الذين كانت لهم معرفة بصفات النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، أن هذا المغربي كانت صفته تقرب من صفة النبي صلى اللَّه عليه وسلم " .

انتهى من "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد" (2/ 117)

وكذلك قد يكون التشبيه بالهدي والصفات .

قَالَ حُذَيْفَةُ بن اليمان : ( إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ دَلًّا ، وَسَمْتًا ، وَهَدْيًا ، بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ) رواه البخاري (6097)

أي : عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه .

وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : ( مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا ، وَدَلًّا ، وَهَدْيًا ، بِرَسُولِ اللَّهِ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

رواه الترمذي (3762 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني.

( دَلًّا ، وَسَمْتًا ، وَهَدْيًا) هَذِهِ الْأَلْفَاظ مُتَقَارِبَةُ الْمَعَانِي ، ومَعْنَاهَا : الْهَيْئَة ، وَالطَّرِيقَة ، وَحُسْن الْحَال وَنَحْو ذَلِكَ.

ينظر : "عون المعبود" (14/ 87) .

"كَأَنَّهَا أَشَارَتْ بِالسَّمْتِ إِلَى مَا يُرَى عَلَى الْإِنْسَانِ مِنَ الْخُشُوعِ وَالتَّوَاضُعِ لِلَّهِ ، وَبِالْهَدْيِ مَا يَتَحَلَّى بِهِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، وَبِالدَّلِّ حُسْنَ الْخُلُقِ وَلُطْفَ الْحَدِيثِ ".

انتهى من "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7/2969).

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 15:32   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل ثبت عن الإمام الشافعي مدحه للصوفية في شعره ؟

السؤال :


أنا مسلمة أعيش في كندا ، هنا في بلاد الغرب لقد انتشرت الصوفية كثيراً ، وأصبح الكثير من المسلمين المحترمين والمتعلمين يتبعون طرق الصوفية وأهل البدع

هذه مشكلة كبيرة في بلادنا، وكثيرٌ من هؤلاء الصوفية يستشهدون بقول الإمام الشافعي رحمه الله ، فمن فضلكم أريد شرح هذه الأبيات : فقيهاً وصوفياً فكن ليس واحداً فإني وحق الله إياك انصح فذلك قاسٍ، لم يذق قلبه تقى وهذا جهولٌ ، كيف ذو الجهل يصلح؟


الجواب :

الحمد لله


هذا الشعر المنسوب إلى الإمام الشافعي رحمه الله لا يُعرف عنه من طريق مقبول ، ولا ذكره عنه – فيما نعلم – أحد من أصحابه ولا أحد من أتباع مذهبه ، وإنما ذُكر في كتاب "ديوان الإمام الشافعي" (ص32) ، وقد سبقت الإشارة في جواب السؤال رقم (154451) إلى أن هذا الديوان المجموع لا تصح نسبته إليه رحمه الله .

والزيادة على الإمام الشافعي ، والتقول عليه في الشعر ، أمر معروف من قديم ؛ فقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الدرر الكامنة" (1/355) في ترجمة نور الدين الهاشمي ، عن التقي السبكي أنه قال عنه :

" استعرت منه جزءا فوجدت فيه في الأبيات الضادية المنسوبة للشافعي التي أولها : ( يا راكبا قف بالمحصب من منى ) بيتا زائدا ، وهو :

قف ثم ناد بأنني لمحمد ووصيه وابنيه لست بباغض

قال : فتأملت خط البيت الزائد فإذا هو خط نور الدين الهاشمي . ومن له معرفة يعلم أن الشافعي لا يستعمل اسم فاعل من " أبغض " انتهى .

والذي يبرهن على عدم صحة نسبة هذا الكلام للإمام الشافعي – فضلا عن كونه لا يعرف عنه من وجه معتبر - عدة أمور ، منها :

أولا : أنه لا يعرف عن الشافعي مدحه للصوفية ومذاهبهم ، وإنما المعروف عنه ذمه لهم ولطريقتهم .

فعن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول

: " لو أن رجلا تصوف أول النهار ، لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق " .

وعنه أيضا أنه قال : " ما لزم أحد الصوفية أربعين يوما ، فعاد عقله إليه أبدا " .

وقال يونس بن عبد الأعلى تلميذ الشافعي :

" صحبت الصوفية ثلاثين سنة ، ما رأيت فيهم عاقلا ، إلا مسلم الخواص "

. انتهى من "تلبيس إبليس" (ص 327) .

وانظر كتاب "الاستقامة" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (1/414) .

وقال الشافعي أيضا :

" صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إلا بكلمتين ، سمعتهم يقولون : الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك . ونفسك إن لم تشغلها بالحق ، وإلا شغلتك بالباطل " .

"مدارج السالكين" (3 /129) .

ثانيا : ركاكة هذا الشعر ، وضعف صياغته وبنائه ، والشافعي رحمه الله معروف عنه البلاغة والفصاحة والمعرفة التامة بالشعر .

قال المبرد

: " دخل رجل على الشافعي فقال : إن أصحاب أبي حنيفة لفصحاء .

فأنشأ يقول :

فلولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد "

"سير أعلام النبلاء" (10 /72) .

ثالثا : نفيه تقوى الله عن قلب الفقيه ، ووصفه بالقساوة قول باطل ، لا يجوز أن ينسب إلى الشافعي ، بل الفقيه أولى الناس بتقوى الله .

روى البخاري (71) ومسلم (1037) عن مُعَاوِيَةَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )

فكيف والإمام الشافعي ما عظم في الأمة ، ولا عرف فيها بشيء أجل من فقهه ، وإمامته فيه ، وأما التصوف فما عرف له فيه شيء ، ولا ثبت عنه فيه بحث ولا مقام .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 15:41   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الطرق الصوفية وموقف المسلم منها

السؤال :

هو كم فريق من الصوفية موجودين ؟

وهل جميع الصوفية مخطئون ؟

لقد سمعت أن الإمام النووي كان متأثراً بهم ، وكانوا ينصحون الناس بالتخلي عن الكراهية والحقد ولم يشركوا بالله ؟

فما رأيكم ؟


الجواب :

الحمد لله

الصوفية فرق وشيع وأحزاب ، كل حزب بما لديهم فرحون ، وكل طريقة لها شيخ ، وأوراد ، وطقوس ، يجمعها البعد عن الفهم الصحيح للكتاب والسنة ، والترويج للبدع والمحدثات والخرافات ، ويغلو كثير منها حتى يقع في الشرك اعتقادا وعملا ، كاعتقاد وحدة الوجود ، واعتقاد التصريف والتدبير للأولياء والأقطاب ، وعبادة هؤلاء ، دعاء ونذرا وطوافا بقبورهم وذبحا لهم .

والتصوف في القديم كان أقل انحرافا وخطرا ، وكان يقصد به في بعض الأحيان الزهد والورع والتقشف ، حتى نسب إليه بعض العلماء والعباد ، مع سلامة المنهج وصحة الاعتقاد .

والواجب على المسلم : تحقيق التوحيد ، واتباع الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، وتجنب البدع والمحدثات ، فإن هذا هو طريق النجاة .

روى أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ مُسْتَقِيمًا ، قَالَ : ثُمَّ خَطَّ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ السُّبُلُ ، وَلَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَرَأَ : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )

وصححه الألباني في كتاب "التوسل" ( ص / 125) .

وروى أبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجه (44) عن الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3851) .

ومن نظر في القرآن والسنة ، وتأمل سيرة الخلفاء الراشدين ، وحال القرون الثلاثة المهديين ، علم بطلان ما عليه الصوفية من تقديس الأشخاص ، وعبادة الأموات ، واختراع الأوراد ، والتعلق بالخرافات ، والهادي هو الله ، ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) النور/40 .
.
والله أعلم .


>>>>>>>>>>

هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله


السؤال:

ما هو مكان الصوفية في الإسلام ؟

ما صحة القول بأن هناك عبّاد وأولياء يتّصلون بالله ، بعض الناس يعتقدون بهذه الظاهرة وأنّ هناك ما يُثبت ذلك في الأديان المختلفة والأنحاء المختلفة في الأرض .

كيف تمكن رؤية الذين يدعون بأنهم صوفية أو تابعين للصوفيين ؟

أليست الصلاة والذكر نوع من الاتصال بالله سبحانه وتعالى ؟


الجواب:


الحمد لله

لم يعرف الإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين حتى جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف فأطلقوا هذا الاسم عليهم ، وقيل مأخوذ من كلمة صوفيا ومعناها الحكمة باليونانية وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء صفائي وليست صوفي .

وظهور هذا الاسم الجديد والطائفة التي تحمله زاد الفرقة في المسلمين ، وقد اختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية

المتأخرة التي انتشرت فيها البدع بشكل أكبر وعمّ فيهم الشرك الأصغر والأكبر وبدعهم مما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وفيما يلي مقارنة بين معتقدات الصوفية وطقوسها وبين الإسلام المبني على القرآن والسنّة :

الصوفية : لها طرق متعددة كالتيجانية والقادرية والنقشبندية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي أصحابه أنهم على الحق وغيرهم على الباطل والإسلام ينهى عن التفرق ويقول الله تعالى { ...ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } ( سورة الروم الآيات 31-32).

الصوفية : عبدوا غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات فهم يقولون ( يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثاً ومدد ، ويا رسول الله عليك المعتمد ) .

والله ينهى عن دعاء غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو ويعدّه شركاً إذ يقول { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين } سورة يونس ،آية 106 .

الصوفية : تعتقد أن هناك أبدالاً وأقطاباً وأولياء سلّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم :{ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } سورة يونس : 31

. فمشركو العرب أعرف بالله من هؤلاء الصوفية .

والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .

بعض الصوفية : يعتقد بوحدة الوجود فليس عندهم خالق ومخلوق فالكل خلق والكل إله .

الصوفية : تدعو إلى الزهد في الحياة وترك الأخذ بالأسباب وعدم الجهاد والله تعالى يقول { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } ( سورة القصص ،آية 77).

{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( سورة الأنفال ،آية 60) .

الصوفية : تعطي مرتبة الإحسان إلى شيوخهم وتطلب من المريدين أن يتصورا شيخهم عندما يذكرون الله حتى في صلاتهم وكان بعضهم يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". رواه مسلم .

الصوفية : تبيح الرقص والدف والمعازف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } ( سورة الأنفال ، آية 3 ) .

ثم تراهم يذكرون بلفظ الجلالة : الله فقط فيقولون الله ، الله ، الله وهذه بدعة وكلام غير مفيد لمعنى شرعي بل يصلون إلى حدّ التلفظ بكلمة ( أهـ ، أهـ ) . أو هو ، هو . والإسلام والسنة أن يذكر المسلم ربّه بكلام مفيد صحيح يُؤجر عليه كقوله : سبحان الله والحمد له ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك .

الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر فيرددون اسم الحب والعشق والهوى وغيرها وكأنهم في مجلس طرب فيه الرقص وذكر الخمر مع التصفيق والصياح وكلّ هذا من عادة المشركين وعبادتهم قال الله تعالى : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } سورة الأنفال آية 35 .( المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ) .

بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلاً ( يا جداه ) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله لأنه استغاث بغير الله ، قال الله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } سورة الزخرف ، آية 36 .

الصوفية : تدعي الكشف وعلم الغيب والقرآن يكذبهم : قال عزّ وجلّ : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } . ( سورة النمل آية 65 ) .

الصوفية : تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يكذبهم قائلاً { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (سورة الذرايات آية 56) .

وخاطب الله سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر آية 99).

الصوفية : تزعم رؤية الله في الدنيا والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى :{ رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } (سورة الأعراف ، آية 143) .

الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة فهل هم أفضل من الصحابة ؟

الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون : حدثني قلبي عن ربي .

الصوفية : تقيم الموالد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون تعاليمه حينما

يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح . وهل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده أو أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والأئمة الأربعة وغيرهم فمن أعلم وأصحّ عبادة هؤلاء أم الصوفية .

الصوفية : تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو للطواف حولها أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه .

الصوفية : تتعصب لشيوخها ولو خالفت قول الله ورسوله ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } سورة الحجرات آية 1 .

الصوفية : تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الاستخارة والتمائم والحجب وغير ذلك .

الصوفية : لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبتدعون صلوات فيها التبرك الصريح والشّرك الفظيع الذي لا يرضاه الذي يصلون عليه .

أما السؤال عن صحة اتصال مشايخ الصوفية فهي صحيحة لكنها مع الشياطين وليس مع الله

فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه } الأنعام (112) .

وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الأنعام /121) .

وقال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الشعراء 121/222) .

فهذا هو الاتصال الذي يحدث حقيقة ، لا الاتصال الذين يزعمونه زوراً وبهتاناً من اتصالهم بالله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، يُنظر معجم البدع : 346- 359

واختفاء بعض مشايخ الصوفية فجأة عن أنظار أتباعهم هو نتيجة لهذا الاتّصال مع الشياطين حتى لربما حملوهم إلى أماكن بعيدة وعادوا بهم في اليوم نفسه أو الليلة نفسها إضلالا للبشر من أتْباعهم .

ولذلك كانت القاعدة العظيمة أننا لا نزن الأشخاص بالخوارق التي تظهر على أيديهم وإنما بحسب بعدهم وقربهم والتزامهم بالكتاب والسنّة ، وأولياء الله حقّا لا يُشترط أن تظهر لهم خوارق بل هم الذين يعبدون الله بما شرع ولا يعبدونه بالبدع

أولياء الله الذين ذكرهم ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في الصحيح 5/2384 عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " .

والله الموفق والهادي إلى طريق الصّواب .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 15:49   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الطرق الصوفية وحكم الانضمام إليها

السؤال :

في الطرق الصوفية يوجد طريقة تسمى : سياريا (syari'a) ، طريقة ، حقيقة ، معرفة ، هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم علَّم أصحابه هذه الطرق وبنفس ما تعنيه هذه الطرق لدى الصوفية ؟.

الجواب :

الحمد لله

لا بد أن نعلم أن النسبة إلى الصوفية هي إلى لبس الصوف لا إلى شيء آخر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

واسم الصوفية هو نسبة إلى لباس الصوف هذا هو الصحيح ، وقد قيل إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء ، وقيل إلى صوفة بن أد بن طانجة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك ، وقيل إلى أهل الصُّفة ، وقيل إلى الصفا ، وقيل إلى الصفوة ، وقيل إلى الصف المقدم بين يدي الله ؛ وهذه الأقوال : ضعيفة فإنه لو كان كذلك لقيل صفي أو صفائي أو صفوي أو صفي ولم يقل صوفي .

" مجموع الفتاوى " ( 11 / 195 ) .

ولم يظهر التصوف إلا بعد القرون الثلاثة التي أثنى علها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم …." - رواه البخاري ( 2652 ) ، ومسلم ( 2533 ) من حديث ابن مسعود - .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

وأما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك .

" مجموع الفتاوى " ( 11 / 5 ) .

وهذه الطريقة ومثيلاتها من الطرق المبتدعة المخالفة للكتاب والسنَّة ولما كان عليه خير القرون ، فقد اخترع كل شيخٍ لهذه الطرق ورداً وحزباً وطريقة في العبادة يُميِّز بها نفسه عن غيره ، مخالفاً للشرع ، ومفرقاً للصف .

وقد امتن الله على الأمَّة بأن أكمل لها دينها وأتمَّ عليه نعمته ، فكل من جاء بعبادة وطريقة لم يأتِ بها الشرع فهو مكذب بما قاله الله تعالى متهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة .

وقد يكون مع ابتداعهم هذا كذبٌ أيضاً بأن زعم زاعمهم أنهم تلقوا طريقتهم هذه من النبي صلى الله عليه وسلم أو أنهم على طريق وهدي الخلفاء الراشدين .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :

هل يوجد في الإسلام طرق متعددة مثل : الطريقة الشاذلية ، والطريقة الخلوتية ، وغيرهما من الطرق ، وإذا وجدت هذه الطرق فما هو الدليل على ذلك ؟ وما معنى قول الحق تبارك وتعالى { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } الأنعام / 153 ، وما معنى قوله أيضاً : {

وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } النحل / 9 ، ما هي السبل المتفرقة ، وما هو سبيل الله ، ثم ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه عنه ابن مسعود أنه خط خطّاً ثم قال : " هذا سبيل الرشد " ثم خطَّ عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال : " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ؟

فأجابوا :

لا يوجد في الإسلام شيء من الطرق المذكورة ، ولا من أشباههما ، والموجود في الإسلام هو ما دلت عليه الآيتان والحديث الذي ذكرتَ وما دلَّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فِرقة ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فِرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فِرقة ، كلها في النار إلا واحدة " ، قيل : من هي يا رسول الله ؟ قال : " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي "

وقوله عليه الصلاة والسلام : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " ، والحق هو اتباع القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة الصحيحة الصريحة ، وهذا هو سبيل الله ، وهو الصراط المستقيم ، وهو قصد السبيل ، وهو الخط المستقيم المذكور في حديث ابن مسعود ،

وهو الذي درج عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وعن أتباعهم من سلف الأمَّة ومن سار على نهجهم ، وما سوى ذلك من الطرق والفِرق هي السبل المذكورة في قوله سبحانه وتعالى : { وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } الأنعام / 153 .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 283 ، 284 ) .

والله أعلم.


>>>>>>>>

طلب المدد من غير الله شرك

السؤال :

أسمع كثيراً من الناس يقول : مدد يا رسول الله . مدد يا سيدنا الحسين . مدد يا سيد يا بدوي . . . ولا أعلم معنى هذه الكلمة .

الجواب :

الحمد لله

ينبغي أن يُعلم أن الله تعالى خلق الخلق ليعبدوه وحده سبحانه ، ويفردوه بالعبادة . قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذريات/56 .

وأرسل الله تعالى الرسل ليدعو أقوامهم إلى توحيد الله تعالى ، وينهوهم عن الشرك ، قال الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُون ِ) الأنبياء /25.

والشرك هو صرف العبادة لغير الله تعالى ، والدعاء من جملة العبادات التي يجب إخلاصها لله تعالى ولا يجوز صرفها لغيره ، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الدعاء هو العبادة ) رواه الترمذي (2969) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وطلب المدد من غير الله -كما جاء في السؤال- من صور دعاء غير الله ، ولذلك كان من الشرك .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة" (2/193) :

"قول جماعة المنشدين : مدد يا سيدنا الحسين ، مدد يا سيدة زينب ، مدد يا بدوي يا شيخ العرب مدد يا رسول الله ، مدد يا أولياء الله .. إلى أمثال ذلك شرك أكبر يخرج قائله من ملة الإسلام والعياذ بالله ؛ لأنه نداء للأموات ليعطوهم خيراً ، وليغيثوهم ويدفعوا أو يكشفوا عنهم ، وذلك أن المراد بالمدد هنا العطاء والغوث والنصرة

فكان معنى قول القائل : ( مدد يا سيد يا بدوي ، مدد يا سيدة زينب ..الخ ) امددنا بعطائك وخيرك واكشف عنا الشدة وادفع عنا البلاء

وهذا شرك أكبر ، قال الله تعالى بعد أن بيّن لعباده تدبيره للكون وتسخيره إياه : ( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير) فاطر/13–14 . فسمى دعاءهم شركاً .

وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف /6 .

فأخبر سبحانه بأن المدعوين سواه من الأنبياء والصالحين غافلون عن دعاء من دعاهم ولا يستجيبون دعاءهم أبداً وأنهم سيكونون أعداء لهم ويكفرون بعبادتهم إياهم وقال : ( أيشركون مالا يخلق شيئاً وهم يخلقون .

ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون . وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون . إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ) الأعراف /191-194 .

وقال : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) المؤمنون /117 . فأخبر سبحانه بأن من دعا غير الله من الأموات ونحوهم لا فلاح له لكفره بسبب دعائه غير الله" اهـ .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 15:55   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجوز أن يقال : " فلان وَليّ نعمتي " ؟

السؤال:

هل يجوز أن يقول الشخص ( فلان ولي نعمتي ) ؟

الجواب :

الحمد لله

الأصل أن ولي النعمة هو الله تعالى الذي أنعم على عبده بنعمته السابغة الظاهرة والباطنة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الخير كله لله وفى يديه وبه ومنه فهو وليّ نعمته – يعني العبد - ومبتدئُه بها من غير استحقاق ، ومجريها عليه مع تَمَقُّتِه إليه بإعراضه وغفلته ومعصيته ، فحظه سبحانه الحمد والشكر والثناء ، وحظ العبد الذم والنقص والعيب "

انتهى من "الفوائد" (ص 113) .

ولكن ذلك لا يمنع أن يكون أحد عباده سبحانه ، ممن منّ الله عليه ، وليّاً للنعمة على غيره من عباد الله ، مع ما هو معلوم من الفرق العظيم بين إنعام الله الحقيقي على عباده جميعا ، بخلق النعم

وتقسيم الأرزاق ، وإنزالها من خزائنه سبحانه ، وبين أن ينعم بعض عباده بما أعطاه الله ، وملكه من النعم ، وجعله مستخلفا فيها ، فما هو إلا مجرى لنعم الله على عباده ؛ فإنعام الخالق بحسبه سبحانه ، وإنعام المخلوق بحسب ما للمخلوق المملوك من تخويل الله له من النعم .

وإطلاق " ولي النعمة " و " مولى النعمة " على صاحب النعمة معروف في اللغة والشرع ، وأقرب شيء في ذلك وأشهره إطلاقها على السيد المُعتِق .

روى البيهقي (21966) عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ : إِنِّى أَعْتَقَتُ غُلاَمًا لِى وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ لاَ يُسَيِّبُونَ إِنَّمَا كَانَتْ تُسَيِّبُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنْتَ وَارِثُهُ وَوَلِىُّ نِعْمَتِهِ فَإِنْ تَحَرَّجْتَ مِنْ شَىْءٍ فَأَرنَاهُ نَجْعَلُهُ فِى بَيْتِ الْمَالِ " . وأصله في البخاري (6753) .

وقال القاضي عياض رحمه الله في "المشارق" (2/18) :

" مولى النعمة : المعتق " انتهى .

وقال الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن" (2/231) :

" الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ ; لِأَنَّهُ وَلِيُّ نِعْمَةٍ فِي عِتْقِهِ ; وَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَوْلَى النِّعْمَةِ " انتهى .

وقال أيضا رحمه الله :

" جَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَقَّ مَوْلَى النِّعْمَةِ كَحَقِّ الْوَالِدِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ) رواه مسلم (1510) فَجَعَلَ عِتْقَهُ لِأَبِيهِ كِفَاءً لِحَقِّهِ وَمُسَاوِيًا لِيَدِهِ عِنْدَهُ وَنِعْمَتِهِ لديه "

انتهى من "أحكام القرآن" (1/ 169) .

وراجع : "شرح منتهى الإرادات" (2 /500) ، "كشاف القناع" (4 /405) ، "اختلاف الأئمة العلماء" (2 /85) ، "أنيس الفقهاء" (ص 98) ، "الفواكه الدواني" (2/ 250) .

وفي اللغة :

قال ابن منظور رحمه الله :

" والمَوْلى مَوْلى النِّعْمة وهو المُعْتِقُ أَنعم على عبده بعتقِه "

انتهى من"لسان العرب" (15 /405)

وراجع : "تهذيب اللغة" (5 /205)

"المصباح المنير" (2/614)

"تاج العروس" (40 /243).

فعلى ذلك لا يظهر ما يمنع من إطلاق ذلك في حق بعض الخلق ، مع استحضار الفرق السابق ، إلا أن يخشى أن يكون في الأمر شيء من الغلو في حق مخلوق ، أو المبالغة في منعه ، فيمنع حينئذ لأجل ذلك ، لا لأن المخلوق لا يصح أنه يكون له نعمة على غيره .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 16:03   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من فعل ذنوبا تستوجب اللعن هل له من توبة ؟

هل يمكن أن يغفر الله له ؟

السؤال :

كنت أتساءل : ماذا يعنى كون المرء ملعونا من قبل الله ؟! ؛ فهل هناك لذلك مجال مرئي له مذاق وملمس ؟! ، وعندما يكون الشخص ملعونا ، فهل هذا يعنى أن الله يضع الشخص في عالم مجنون وغير معقول ، ويؤذيه ويتحدث إليه ، أم إنها مجرد لعنة بسيطة ، ومجرد قول لا غير ؟! .

وأيضا : أود أن أعرف : إذا كان الشخص ملعونا من الله ، هل هذا يعنى أنه لا يمكنه دخول الجنة ، أو : لن يغفر له الله لأنه ملعون ؟

أنا لدي صديق كان يعيش حياة طيبة إسلامية ، وبدأ يصوم في سن العاشرة ، وتوقف عن ذلك في الخامسة عشرة من عمره ، لأنه بدأ يرافق غير مسلم ، وأخذ يدخن الحشيش ، وبعدها كان يشرب الخمر ، وعندما كان في بلدة أخرى قام بتدخين الحشيش ثانية ، ثم دخل في نفس المدينة في علاقة مع غير مسلمة

ومارس الجنس وارتكب الزنا ، واستمرت العلاقة حوالي 6 أشهر قبل أن يقطعها ، لأن أخته ووالدته أخبرتاه أنها علاقة حرام وشريرة ، فقال إنه لا يمكنه الاستمرار في العلاقة وتركها وترك أيضا حياة العصابات ، وكنت أتساءل هل يمكن أن يغفر الله له ؟ وما هي عقوبة ذلك إن لم تكن هناك عقوبة أبدية ؟

وأيضا : فإن ذات الشخص بدأ يسمع أصواتا ، وقالت له : هذه الأصوات إنها أرواح ، وبدأ يتحدث مع الله ، وقال له الله : إنه سيغفر له ، لكن يقول له صوت الله أحيانا : إنه لن يغفر له ، ويرى أشياء لا يراها الآخرون ، فهل هو ملعون ؟

وإذا كان كذلك في الدنيا ، فهل يمكن أن يغفر له؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

" اللَّعْنُ : الإِبْعادُ والطَّرْد مِنَ الْخَيْرِ ، وَقِيلَ : الطَّرْد والإِبعادُ مِنَ اللَّهِ ، وَمِنَ الخَلْق السَّبُّ والدُّعاء ... وكلُّ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَدْ أَبعده عَنْ رَحْمَتِهِ وَاسْتَحَقَّ العذابَ فَصَارَ هَالِكًا "

انتهى من "لسان العرب" (13/ 387-388) .

والملعون إما أن يكون كافرا فهذا مطرود من رحمة الله مبعد عنها إلى عذاب الله .

وإما أن يكون مسلما ولكنه فعل فعلا يستحق عليه اللعن ، كشرب الخمر وأكل الربا وسب الوالدين ونحو ذلك من الذنوب العظام ، فهذا لا يكون إلا في كبائر الذنوب ، ولا يعني ذلك خلوده في النار ؛ لأن من مات من أهل التوحيد على التوحيد والإسلام وإن دخل النار بذنوب فعلها فإنه لا يخلد فيها ، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة .

قال ابن عثيمين رحمه الله :

" اللعن : هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ، ولا لعن على فعلٍ إلا من كبائر الذنوب ، ولهذا قال العلماء : كل ذنبٍ كانت عقوبته اللعنة فهو من كبائر الذنوب " .

انتهى من "دروس وفتاوى الحرم المدني" (ص 57) .

فمن فعل فعلا استوجب كفره ومات على ذلك ولم يتب منه ، فهذا ملعون بمعنى أنه استوجب عذاب الله الخالد ، الذي لا يخرج منه أبدا .

وأما من كان من المسلمين ، ففعل فعلا عظيما استوجب غضب الله عليه ، أو لعنته ، فهذا لم يخرج من الإسلام بمجرد ما وقع منه من الكبيرة ، أو بمجرد حكم الله له باللعنة ؛ بل هو في مشيئة الله تعالى : إن شاء عذبه على ما استوجبه بعمله ، وإن شاء عفا عنه سبحانه بمنه وكرمه ؛ لكنه إذا عذبه عذبه ما شاء أن يعذبه ثم يخرجه من العذاب ، فهذا ليس له العذاب الخالد .

ولا شك أن شرب الخمر والحشيش وفعل فاحشة الزنا من كبائر الذنوب التي تستوجب سخط الله وعذابه ، ولكن من تلبس بشيء من ذلك ثم تاب تاب الله عليه ، شريطة أن يكون صادقا في ندمه وتوبته ، مقلعا عما كان يقترفه من الذنوب والآثام ، دائم الاستغفار مقبلا على الله .

قال الله تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ) مريم/ 59، 60 .

وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/ 68 – 71 .

ثانيا :

لعنة الله تعالى لمن استحق ذلك من عباده ، هي طرده لهذا العبد عن طريق الهدى والرشاد ، وصرفه إلى طريق الغي والفساد ، أو هي كلامه سبحانه بما يستحقه هذا العبد من اللعنة ، وذكره لهذا العبد بلعنته سبحانه وتعالى .

ولا علاقة لهذه اللعنة بعلامة رمزية تظهر على العبد ، أو تظهر له ، كأن ينزل عليه شيء من السماء بمقتضى هذه اللعنة ، أو يظهر شيء في شكله وصورته ، أو يرى شيئا يدله على هذه اللعنة ، أو نحو ذلك من الأوهام ، ولا علاقة لها أيضا بأن يصيبه شيء من الجنون أو الجذام ، أو غير ذلك من الأسقام ؛ فاللعنة حكم شرعي

يتعلق بدين الرجل في الدنيا ، ومصيره عند ربه في الدار الآخرة ، وربما بدا لك من الشخص أنه من أنعم الناس عيشا ، وأبهاهم صورة ومنظرا ، وهو ملعون عند الله ، مطرود من رحمته . وربما بدا لك من شخص أنه من أقل الناس قدرا ، وأضيقهم عيشا ، وأقلهم حظا ، أو أوحشهم صورة ، ثم هو عند الله من الناجين الفائزين المرحومين .

ثالثا :

الذي يراه صاحبك من أشياء لا يراها غيره ، والذي يسمعه من أصوات تزعم أنها أرواح ، وهذا الذي يأتيه ويقول له أنه الله وأنه سيغفر له ، أو لن يغفر له : كل هذا وأشباهه من تلبيس الشيطان عليه واحتياله وتسلطه ليبعده أكثر عن الله ، وكل ذلك من الباطل الذي لا حقيقة له ، والذي لا أثر له في الحقيقة على من وفقه الله للتوبة والإنابة والرجوع إلى ربه .

وأما صوت الله فلا يسمعه أحد من البشر في الدنيا إلا الأنبياء ، ولا نبي بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهكذا لا يرى أحد ربه حتى يموت ، ونراه في الدار الآخرة ، نسأل الله أن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم .

وكل ما يجب على صاحبك الآن : أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا : فيقلع عن هذه الذنوب والمعاصي التي أوقعه فيها عدوه اللعين ، وأن يندم على ما فات منه ، وأن يسارع إلى إصلاح اللحظة التي يحياها بطاعة الله تعالى ، والإكثار من الخيرات

والإقبال على الله بحسن الظن فيه ، والرجاء له ، والرغبة فيما عنده سبحانه ؛ قال الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 .

وروى ابن ماجة (4250) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ : ( وَسَلَّمَ التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) . حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

قال السندي رحمه الله :

" قَوْله ( التَّائِب مِنْ الذَّنْب ) إِطْلَاق الذَّنْب يَشْمَل الذُّنُوب كُلّهَا ، فَيَدُلّ الْحَدِيث عَلَى أَنَّ التَّوْبَة مَقْبُولَة مِنْ أَيّ ذَنْب كَانَ ، وَظَاهِر الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ التَّوْبَة إِذَا صَحَّتْ بِشَرَائِطِهَا فَهِيَ مَقْبُولَة "

انتهى من " حاشية السندي على سنن ابن ماجه " ( 2/ 562 ) .

وقال شيخ الإسلام رحمه الله :

" الذُّنُوبُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ فَإِذَا تَابَ الْعَبْدُ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَقَدْ تَرْتَفِعُ دَرَجَتُهُ بِالتَّوْبَةِ ، فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِالتَّوْبَةِ كَانَ كَمَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : " إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا النَّارَ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَيَدْخُلُ بِهَا الْجَنَّةَ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ وَيَعْجَبُ بِهَا وَيَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَتَكُونُ نُصْبَ عَيْنِهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا " .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ) .

وَالْمُؤْمِنُ إذَا فَعَلَ سَيِّئَةً فَإِنَّ عُقُوبَتَهَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ بِعَشَرَةِ أَسْبَابٍ : أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ، أَوْ يَسْتَغْفِرُ فَيُغْفَرُ لَهُ ، أَوْ يَعْمَلُ حَسَنَاتٍ تَمْحُوهَا فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ، أَوْ يَدْعُو لَهُ إخْوَانُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا

أَوْ يَهْدُونَ لَهُ مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ مَا يَنْفَعُهُ اللَّهُ بِهِ ، أَوْ يَشْفَعُ فِيهِ نَبِيُّهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ يَبْتَلِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا بِمَصَائِبَ تُكَفِّرُ عَنْهُ ، أَوْ يَبْتَلِيهِ فِي الْبَرْزَخِ بِالصَّعْقَةِ فَيُكَفِّرُ بِهَا عَنْهُ ، أَوْ يَبْتَلِيهِ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ مِنْ أَهْوَالِهَا بِمَا يُكَفِّرُ عَنْهُ ، أَوْ يَرْحَمُهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .

فَمَنْ أَخْطَأَتْهُ هَذِهِ الْعَشَرَةُ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 / 45-46) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" قد استقرت حكمة الله به عدلا وفضلا أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنا أنه يبدل سيئاته حسنات ، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب ، وقد قال تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد ، ولكن هذا في حق التائبين خاصة "

انتهى من "الجواب الكافي" (1 / 116) .

فبشر صاحبك بسعة رحمة الله ، وعظيم عفوه ، وفرحه بتوبة عبده وإقباله عليه وإنابته إليه
.
فليسارع إلى التوبة وليرجع إلى الله وليترك أهل السوء وليصاحب أهل الصلاح .

والله تعالى أعلم .


>>>>>>>>>

عملت وشماً قبل الإسلام فهل هي ملعونة


السؤال:

قبل دخولي في الإسلام, قمت بعمل وشم. وقد قرأت مؤخرا بأن المرأة التي تحمل وشما هي ملعونة .

فهل ينطبق ذلك علي أيضا ؟

وإذا خُطبت فهل أخبر المتقدم لي بأمر الوشم مقدما, في حالة كونه لا يريد أن يرتبط "بفتاة ملعونة" ؟.


الجواب :

الحمد لله

لا بد أن يعلم المسلم أن الإسلام يجبُّ ما قبله من السيئات ويمحوها بل يبدلها الله حسنات كما قال الله تبارك وتعالى : { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } الفرقان / 70 .

عن عمرو بن العاص قال : ... فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلتُ : ابسط يمينك فلأبايعك ، فبسط يمينه ، قال : فقبضت يدي ، قال : مالك يا عمرو ؟ قال : قلت : أردت أن أشترط ، قال : تشترط بماذا ؟ قلت : أن يغفر لي ، قال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأن الحج يهدم ما كان قبله .

رواه مسلم ( 121 ) .

فدل هذا الحديث أن من أسلم يغفر له جميع السيئات التي عملها قبل الإسلام .

ثانياً :

ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الوشم .

عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: " لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ونهى عن ثمن الكلب وكسب البغي ولعن المصورين " .

رواه البخاري ( 5032 ) .

فالوشم من كبائر الذنوب ، ولكن إن تاب الإنسان منه تاب الله عليه .

ثالثاً :

توصل الطب الحديث إلى إمكانية إزالة الوشم ، والدواء موجود ومتداول في الصيدليات ومعروف فيمكنك بسهولة إن شاء الله إزالته .

رابعاً :

إن لعن الواشمة ليس صفة لازمة بل متى تاب الإنسان منه زال الوصف عنه وبالتالي خطأ أن تقولي عن نفسك فتاة ملعونة ، بل نسأل الله أن تكوني صالحة .

خامساً :

لاشك أن من يريد التزوج بك سوف يُقدر هذا الأمر وخصوصاً أنه قبل الإسلام ، وحتى لو كان بعد الإسلام مادام أن المسلم تاب منه فلا وجه للمؤاخذة والمحاسبة بل تبدل سيئته حسنة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 16:12   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

حكم لعن المعين

السؤال :

ما حكم لعن ( وليس سب فقط ) اليهود والنصارى أفرادا أو جماعات أحياءً كانوا أم أمواتا ؟ .

الجواب :

الحمد لله


قال صاحب لسان العرب : اللعن : الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخَلْق السب والدعاء .

واللعن يقع على وجهين :

الأول : أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم ، كما لو قال : لعن الله اليهود والنصارى . أو : لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين . أو : لعن الله شارب الخمر والسارق . فهذا اللعن جائز ولا بأس به . قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/203) : ويجوز لعن الكفار عامة اهـ .

الثاني : أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان كافراً أو فاسقاً ، كما لو قال : لعنة الله على فلان ويذكره بعينه ، فهذا على حالين :

1- أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس ، أو يكون النص قد ورد بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب ، وأبي جهل ، فلعن هذا جائز .

قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/214) : ويجوز لعن من ورد النص بلعنه ، ولا إثم عليه في تركه اهـ .

2- لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه بعينه مثل : بائع الخمر – من ذبح لغير الله – من لعن والديه – من آوى محدثا - من غير منار الأرض – وغير ذلك .

" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه لا يجوز بحال .

الثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .

الثالث : يجوز مطلقا " اهـ

الآداب الشرعية لابن مفلح (1/303) .

واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة ، منها :

1- ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ) .

2- ما رواه البخاري ( 6780 ) عن عمر أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، قال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنوه ، فو الله ما علمت ، إلا أنه يحب الله ورسوله ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/511) :

" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله ، وأما لعنة المعين فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته ، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر ، مع أنه قد لعن شارب الخمر عموما ، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً " اهـ " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/226) :

" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛ فالأول (لعن المعين) ممنوع ، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز ، فإذا رأيت محدثا ، فلا تقل لعنك الله

بل قل : لعنة الله على من آوى محدثا ، على سبيل العموم ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من المشركين من أهل الجاهلية بقوله : (اللهم ! العن فلانا وفلانا وفلانا ) نهي عن ذلك بقوله تعالى : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) رواه البخاري" اهـ .

والله تعالى أعلم .


>>>>>>

قبول التوبة

السؤال :

أنا قد أذنبت ذنبا عظيما , واستغفرت الله ودعوته أن يغفر لي فهل تقبل توبتي من ذلك الذنب ؟

خصوصا أني أحس أنه لم تقبل توبتي وأنه مغضوب علي! فهل هناك إشارات على قبول التوبة ؟.


الجواب :


الحمد لله

أولاً : لاشك أن السهو والتقصير من طبع الإنسان ، وأن المكلَّف لا ينفك من تقصير في طاعة ، أو سهو وغفلة ، أو خطأ ونسيان ، أو ذنب وخطيئة ، فكلنا مقصرون.. ومذنبون... ومخطئون.. نقبل على الله تارة وندبر أخرى ، نراقب الله مرة ، وتسيطر علينا الغفلة أخرى ، لا نخلو من المعصية ، ولا بد أن يقع منا الخطأ ، فلسنا بمعصومين .

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ، لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون ) رواه مسلم (2749) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي (2499) وحسنه الألباني.

ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أنه فتح له باب التوبة ، وأمره بالإنابة إليه ، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي ، ولولا ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد ، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه ، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته ، فالتوبة من مقتضيات النقص البشري ، ومن لوازم التقصير الإنساني .

وقد أوجب الله التوبة على أنواع هذه الأمة : السابقِ منها إلى الخيرات ، والمقتصِد في الطاعات ، والظالمِ لنفسه بالمحرمات .

فقال تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31

وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إِلَى اللَّه توبة نصوحا ) التحريم/8

وقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس ، توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم/2702 من حديث الأغر المزني رضي الله عنه .

والله سبحانه وتعالى فاضت رحمته وشملت رأفته عبادَه ، فهو حليم لا يبطش بنا ولا يعذبنا ولا يهلكنا حالا بل يمهلنا ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلن كرمه سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53

ويقول لطفا بعباده : ( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/74

وقال جل وعلا : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طـه/82

وقال جل شأنه : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران/135

وقال تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ) النساء/110

وقد دعا الله تعالى إلى التوبة أعظمَ الخلق شركاً بالله ومعصيةً ؛ الذين قالوا بأن عيسى عليه الصلاة والسلام ابن الله ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً

فقال تعالى : ( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/74، كما فتح باب التوبة للمنافقين الذين هم شر من الكفار المعلنين كفرهم ، فقال تعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ) النساء/145-146

ومن صفات الرب جل وعلا أنه يقبل التوبة ويفرح بها كرماً منه وإحساناً ، قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25، وقال تعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104.

وعَنْ أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ( لله أفرح بتوبة عبده مِنْ أحدكم سقط عَلَى بعيره وقد أضله في أرض فلاة) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ .

وفي رواية لمسلم/2747 ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه مِنْ أحدكم كان عَلَى راحلته بأرض فلاة فانفلتت مِنْه وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس مِنْ راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال مِنْ شدة الفرح : اللَّهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ مِنْ شدة الفرح ).

وعَنْ أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مِنْ مغربها ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ/2759.

وعَنْ أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ (3537) وحسنه الألباني .

ثانياً : بركات التوبة عاجلة وآجلة ، ظاهرةٌ وباطنة ، وثواب التوبة طهارة القلوب ، ومحو السيئات ، ومضاعفة الحسنات ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم/8 .

وثواب التوبة الحياة الطيبة التي يظلِّلها الإيمان والقناعة والرضا والطمأنينة والسكينة وسلامة الصدر ، قال الله تعالى : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) هود/3.

وثواب التوبة بركات من السماء نازلة ، وبركات من الأرض ظاهرة ، وسعة في الأموال والأولاد ، وبركة في الإنتاج ، وعافية في الأبدان ، ووقاية من الآفات ، قال الله تعالى عن هود عليه الصلاة والسلام : ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ) هود/52.

ثالثاً : كل من تاب إلى الله تاب الله عليه . وقافلة التائبين ماضية في مسيرها إلى الله لا تنقطع حتى تطلع الشمس من مغربها .

فهذا تائبٌ من قطع طريق ، وهذا تائب من فاحشة الفرج ، وهذا تائب من الخمر، وهذا تائب من المخدرات ، وهذا تائب من قطيعة الرحم ، وهذا تائب من ترك الصلاة أو التكاسل عنها جماعة

وهذا تائب من عقوق الوالدين ، وهذا تائب من الربا والرشوة ، وهذا تائب من السرقة ، وهذا تائب من الدماء ، وهذا تائب من أكل أموال الناس بالباطل ، وهذا تائب من الدخان ، فهنيئاً لكل تائب إلى الله من كل ذنب ، فقد أصبح مولوداً جديداً بالتوبة النصوح .

وعَنْ أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له مِنْ توبة ؟

فقال لا ، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له مِنْ توبة؟ فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟

انطلق إِلَى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون اللَّه تعالى فاعبد اللَّه معهم، ولا ترجع إِلَى أرضك فإنها أرض سوء. فانطلق حتى إذا وصل نصف الطريق أتاه الموت؛ فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إِلَى اللَّه تعالى، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم - أي حكماً –

فقال : قيسوا ما بين الأرضين فإِلَى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إِلَى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة ) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم(2716) : ( فكان إِلَى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل مِنْ أهلها ).

وفي رواية للبخاري(3470) : ( فأوحى اللَّه تعالى إِلَى هذه أن تقربي وأوحى إِلَى هذه أن تباعدي وقال قيسوا ما بينهما فوُجد إِلَى هذه أقرب بشبر فغُفر له )

وفي رواية لمسلم(2766) : ( فنأى بصدره نحوها ).

والتوبة معناها الرجوع إلى الله تعالى ، والإقلاع عن المعصية ، وبغضها ، والندم على التقصير في الطاعات ، قال النووي رحمه الله تعالى : " التوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها أن يُقلع عن المعصية

والثاني أن يندم على فعلها ، والثالث أن يعزم على أن لا يعود إليها أبداً، فإن فقد أحدَ الثلاثة لم تصحّ توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة : هذه الثلاثة ، وأن يبرأ من حق صاحبها ، فإن كانت مالا أو نحوه ردَّه إليه ، وإن كانت حدَّ قذفٍ ونحوه مكّنه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبةً استحلّه منها . ويجب أن يتوب من جميع الذنوب

فإن تاب من بعضها صحّت توبته -عند أهل الحق- من ذلك الذنب الذي تاب منه، وبقي عليه الباقي" انتهى كلامه.

وبناء على ذلك فإذا تحققت هذه الشروط في الشخص التائب فحري أن تقبل توبته بإذن الله تعالى، ولا ينبغي بعد ذلك أن يبتلى بوسوسة عدم قبول التوبة ؛ لأن ذلك من الشيطان وهو خلاف ما أخبر به الله سبحانه و أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم من قبول التوبة إذا كان التائب صادقا مخلصا.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 15:53   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



: هل يجوز استعمال عبارة " القرآن المقدَّس " و " الرسول المقدَّس " ؟

السؤال :

سؤالي هو أني سمعت في محاضرة : أننا ليس من الضروري علينا أن نقول حين نشير إلى القرآن " القران المقدس " ، لأن الله ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم قالوا مثل هذا ؛ لذا فسؤالي ما حكم قولنا : " القرآن المقدس " ؟

أم إنه من الأفضل أن نقول " القرآن الكريم " ؟ جزاكم الله خيراً .


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

من حيث معنى " المقدَّس " في لغة العرب فإنه ليس ثمة ما يمنع من إطلاق لفظ " المقدَّس " على القرآن الكريم وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أبرز معاني الكلمة : المبارك والمطهَّر ، وكلاهما وصفان يتصف بهما القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم .

وقد جاء في " لسان العرب " ( 6 / 168 )

: " و " المُقَدَّس " : المُبارَك ، والأَرض المُقَدَّسة : المطهَّرة ، وقال الفرَّاء : الأَرض المقدَّسة : الطاهرة ، وهي دِمَشْق

وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ ، ويقال : أَرض مقدَّسة أَي : مباركة ، وهو قول قتادة ، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي " انتهى

والقرآن هو أحق بالطهر والتقديس من كل كلام ؛ فهو مطهر عن كل عيب ونقص ، مقدس عن الخطأ ، أو أن يشتبه بكلام البشر ؛ لكننا مع ذلك نرى أن وصفه ذلك ، لا يعني أن يطلق عليه أنه ( الكتاب المقدس ) على سبيل الاسم ، أو اللقب الملازم له ، كما هو حال النصارى مع كتابهم ؛ لأننا لم نعرف ذلك عن السلف ، ولم يعد عنهم تلك التسمية ، ويخشى أن يكون فيها ـ أيضا ـ نوع تشبه أو محاكاة لأهل الكتاب مع كتابهم .

ثانياً:

يظهر مما ذكرناه أن لفظة " المقدَّس " لا تختص بالله تعالى ، بل تُطلق على بعض المخلوقات مما يستحق هذا الوصف .
وقد جاء في " الفروق اللغوية " ( ص 125 ) لأبي هلال العسكري –

نقلا عن غيره في الفرق بين التسبيح والتقديس - : "

والحاصل : أن التقديس لا يختص به سبحانه بل يستعمل في حق الآدميين ، يقال : فلان رجل مقدَّس : إذا أريد تبعيده عن مسقطات العدالة ووصفه بالخير ، ولا يقال : رجل مسبَّح ، بل ربما يستعمل في غير ذوي العقول أيضاً ، فيقال : قدَّس الله روح فلان ، ولا يقال : سبَّحه .

ومن ذلك قوله تعالى ( ادْخُلُوا الأَرضَ المُقَدَّسَةَ ) يعني : أرض المقدسة ، يعني : أرض الشام .

انتهى .

وفي " تفسير السعدي " ( ص 449 ) :

" ( قُلْ نزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ ) وهو جبريل ، الرسول المقدَّس المنزه عن كل عيب وخيانة وآفة " . انتهى .

وقال تعالى ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ) المائدة/ 21 .
قال ابن كثير – رحمه الله - : " فقال تعالى مخبراً عن موسى أنه قال ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ) أي : المطهرة "

انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 3 / 75 ) .

وقال ابن عاشور – رحمه الله - :

" والأرض المقدّسة بمعنى : المطهّرة المباركة ، أي : الّتي بارك الله فيها "

انتهى من " التحرير والتنوير " ( 6 / 162 ) .

ثالثاً:

كلا الوصفين – المبارَك والمطهَّر – قد وصف بهما القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم .

1. وصف " مبارَك "

أ. أما القرآن الكريم فقد جاء وصفه بأنه " مُبَارك " في قوله تعالى ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ) ص/ 29 .

ب. وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو مبارَك في رسالته وفي أفعاله وفي ذاته وآثاره حتى بعد وفاته .
قال الشيخ سعيد بن وهف القحطاني – وفقه الله - : " والأمور المباركة أنواع منها :

1. القرآن الكريم مبارَك ، أي : كثير البركات والخيرات ؛ لأن فيه خير الدنيا والآخرة ، وطلب البركة من القرآن يكون : بتلاوته حق تلاوته والعمل بما فيه على الوجه الذي يرضي الله عز وجل .

2. الرسول صلّى الله عليه وسلّم مبارك ، جعل الله فيه البركة ، وهذه البركة نوعان :

أ. بركة معنوية : وهي ما يحصل من بركات رسالته في الدنيا والآخرة ، لأن الله أرسله رحمة للعالمين وأخرج الناس من الظلمات إلى النور وأحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث وختم به الرسل ، ودينه يحمل اليسر والسماحة .

ب. بركة حسّيّة ، وهي على نوعين :

النوع الأول : بركة في أفعاله صلّى الله عليه وسلّم ، وهي ما أكرمه الله به من المعجزات الباهرة الدالة على صدقه .
النوع الثاني : بركة في ذاته وآثاره الحسية ، وهي ما جعل الله له صلّى الله عليه وسلّم من البركة في ذاته ؛ ولهذا تبرك به الصحابة في حياته وبما بقي له من آثار جسده بعد وفاته "

انتهى من " نور السنة وظلمات البدعة " ( ص 49 ، 50 ) - ترقيم الشاملة -
.
2. وصف " مطهَّر " .

أ. جاء وصف القرآن بأنه مطهَّر في قوله تعالى ( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) البيِّنة/ 2 .

قال الطبري – رحمه الله - :

" يقول : يقرأ صحفاً مطهرة من الباطل "

انتهى من " تفسير الطبري " ( 24 / 540 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله

- : " ( مُطَهَّرَة ) أي : منقاة من الشرك ومن رذائل الأخلاق ومن كل ما يسوء ؛ لأنها نزيهة مقدسة .

" تفسير جزء عمَّ " ( ص 281 ) .

ب. وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو مطهَّر – أيضاً ، فقد طهَّر الله تعالى باطنه .

قال أبو القاسم السهيلي – رحمه الله

- : " والقول عندي في الرسول عليه السلام : أنه متطهِّر ومُطهَّر ، أما متطهِّر : فلأنه بشرٌ آدميٌّ يغتسل من الجنابة ويتوضأ من الحدث ، وأما مطهَّر : فلأنه قد غُسل باطنُه وشُقَّ عن قلبه ومُلئ حكمة وإيماناً فهو مطهَّر ومتطهِّر "

انتهى من " الروض الأُنف " ( 2 / 119 ) .

ومع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مطهر مبارك ، منزه عن كل ما يعيبه ويشينه وينقص من قدره وشانه ، حاشاه ، صلى الله عليه وسلم ؛ فإننا لا نرى أن يطلق عليه وصف (المقدس) أو يقرن ذلك باسمه ؛ ولا نعلم أحدا من أهل السلف أو أهل العلم والسنة والاتباع قد فعل ذلك معه صلى الله عليه وسلم

ولا نعلم أيضا أنه أطلق عليه ذلك في شيء من النصوص الشرعية ، ويخشى أن يفتح ذلك باب الغلو ، والإطراء له بما يخالف هديه ، ويوقع في نهيه صلى الله عليه وسلم في قوله ( لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري ( 3261 ) .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -

: " وقال ابن التين : معنى قوله ( لاَ تُطْرُونِي ) : لا تمدحوني كمدح النصارى ، حتى غلا بعضهم في عيسى ، فجعله إلهاً مع الله ، وبعضهم ادَّعى أنه هو الله ، وبعضهم ابن الله "

انتهى من " فتح الباري " ( 12 / 149 ) .

ولكن الأولى أن نصف القرآن بما وصفه الله تعالى به

كما قال عز وجل : ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِين ) الحجر/ 1 ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) الحجر/ 87

( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ) ص/ 29

( يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) يس/ 1، 2

( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) الواقعة/ 77

( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ) البروج/ 21

ولا يطلق في حق القرآن على سبيل اللقب والتسمية : " القرآن المقدس" ؛ لئلا نضاهي النصارى الذين يطلقون على كتابهم المحرف المبدل : " الكتاب المقدس " .

فإذا قيل : هل القرآن كتاب مقدس ؟

قلنا : نعم ، وهو أولى وأحق بالتقديس والتطهير والتنزيه من كل كتاب ، ولكننا لا نطلق عليه : ( الكتاب المقدس ) أو ( القرآن المقدس ) ؛ لئلا نشبه النصارى في ذلك ، وإن كان يوصف بذلك : أنه مقدس

أي : مطهر ، وإنما يطلق عليه ما سماه الله ووصفه به ؛ فيقال : قرآن مبين ، قرآن حكيم ، قرآن كريم ، قرآن مجيد .

و الله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 15:56   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجوز صياغة عبارات على لسان القرآن ؟

السؤال:


ما حكم قول " أنا القرآن ألا تعرفني ؟

" لحث الناس على القراءة ؛ فقد كثرت مثل هذه العبارات على الإنترنت وأجد في نفسي شيئاً منها


الجواب :


الحمد لله

بعد تقليب النظر وسؤال طائفة من أهل العلم حول استعمال مثل هذا الأسلوب في صياغة عبارات النثر والشعر على لسان القرآن ، فالذي يظهر أنه لا حرج في ذلك ، وأنه لا تعلق للأمر بكون القرآن هو كلام الله تعالى ، وأساليب اللغة العربية تستوعب هذا وأكثر .

لكن مع الانتباه إلى ألا تتضمن مثل هذه الأساليب وصفا للقرآن إلا بما يناسبه ، وما يليق به

وألا ينسب إلى القرآن خبر ، أو أمر ، أو نهي : إلا أن يكون ذلك موجودا فيه على وجه الحقيقة ؛ فلا يدعي أن القرآن يأمر بشيء ، وهو لم يأمر به ، أو يخبر بشيء ، وهو لم يخبر به

حتى ولو كان في مثل هذا الأسلوب المجازي ، والاستعمال الأدبي .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 16:03   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم قول المتنبي ( بذا قضت الأيام ) وكذلك قول الشاعر : ( فرب العباد سريع النقم

السؤال:


ما حكم قول القائل : " بذا قضت الأيام ما بين أهلها "، وهل الأيام تقضي . بارك الله فيكم .

الجواب :

الحمد لله


أولا :

العبارة المنقولة في السؤال هي شطر من أبيات مشهورة للمتنبي ، فيها حكمة بليغة ، سارت بها الركبان ، واستقرت في الأذهان ، وغدت مثلا على كل لسان ، وذلك في قصيدته التي يمدح فيها سيف الدولة الحمداني ، ويذكر هجوم الشتاء الذي عاقه عن غزو " خرشنة "، جاء في مطلعها :

عَواذِلُ ذاتِ الخالِ فيَّ حَواسِدُ وَإِنَّ ضَجيعَ الخَودِ مِنّي لَماجِدُ

إلى أن قال:

أخو غزواتٍ ما تغب سيوفهُ ...
رقابهم إلا وسيحان جامدُ

فَلَم يَبقَ إِلّا مَن حَماها مِنَ الظُبا لَمى شَفَتَيها وَالثُدِيُّ النَواهِدُ

أي : هو مقيم على غزو الروم ، وغزواته متصلة ، لا تؤخر سيوفه رقابهم إلا إذا اشتد البرد وجمد واديهم ، وسيحان نهر هناك معروف ، قتل الروم وأفناهم ، فلم يبق إلا النساء اللواتي منعها من السيوف سواد شفاههن ، ونهود ثديهن ، يعني الجواري .

تبكي عليهن البطاريق في الدجى
... وهن لدينا ملقياتٌ كواسدُ

بذا قضت الأيام ما بين أهلها
... مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ

يريد أنه أسر بنات بطاريق الروم فهم يبكون عليهن ليلا ، وهن ذليلاتٌ عند المسلمين ، هكذا عادة الأيام ، سرور قوم مساءة آخرين ، وما حدث في الدنيا حدث إلا سر به قوم ، وسيء به آخرون .

انظر: " شرح ديوان المتنبي للواحدي " (ص/233 ترقيم الشاملة آليا)

ثانيا :

قول المتنبي : " قضت الأيام " يسميه علماء اللغة " المجاز العقلي "، وتعريفه عندهم هو : إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له .

يقول الدكتور فضل حسن عباس رحمه الله :

" توضيحا لهذه الجملة نقول :

إذا قلت : " سال الماء في الوادي "، " فاض الماء من الكأس "، " نبت البقل في فصل الربيع "

قف أمام هذه الجمل واحدة واحدة ، تجد أن الإسناد في كل منهما إسناد حقيقي ، فهو إسناد الفعل أو ما يشبهه لما هو له ، ألا ترى أن إسناد " سال " و " فاض " إلى الماء إسناد حقيقي ؟ ، وإسناد النبت إلى البقل في فصل الربيع كذلك .

ولكن سعة اللغة وفن التعبير يكسبان الكلام زهوا وبهاء ، فيمكننا أن نقول " فاض الكأس "، " سال الوادي "، " أنبت الربيع البقل "، " أشابتنا الهموم "

في هذه العبارات جميعا نجد أننا أسندنا الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له ، فإن الكأس والوادي لم يسيلا ، ولكن سال الماء الذي فيهما ، ومن هنا كان المجاز ..

. ولكي تتضح لك صورة هذا المجاز نذكر لك مزيدا من الأمثلة :

قال تعالى : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ) غافر/36، وقال تعالى في شأن فرعون : ( يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ) القصص/4.

وإسناد البناء إلى هامان ، والتذبيح والاستحياء إلى فرعون إسناد مجازي علاقته السببية ؛ لأن هامان سبب في البناء ، وهو المشرف عليه ، ولأن فرعون هو السبب في التذبيح والاستيحاء ، والباني في الحقيقة العَمَلَة ، والمذبح والمستحيي هم الجنود .

إن للمجاز العقلي في الكلام لشأنا عظيما ، ولذا فأنت تراه مرتكزا في طبائع الناس ، يعبرون به وإن لم يعرفوا اسمه ، ألا تسمعهم يقولون : فلان أصلحه الزواج وغيَّره المال ، وأنت نجَّتك أمانتك ، وفلان نفعته تقوى والديه ، وهذا رفعَه العِلْم ، وذاك قتله طمعه ، وهذه أشقاها جمالها ، وتلك سما بها خلقها

وعلَّمنا الاستعمار دروسا لا ننساها ، ويقول بعضهم لبعض : منزلك عامر ، وسفرة دائمة ، إلى غير ذلك من العبارات الكثيرة ، وكلها من المجاز العقلي كما ترى "

انتهى من " البلاغة فنونها وأفنانها " (ص/139-143)

والشاهد من هذا كله بيان أن المسلم العربي حين يقول : " قضت الأيام " فهو لا ينسب القضاء إلى الأيام على الحقيقة ، وإنما على المجاز العقلي ، والتقدير : قضى الله عز وجل في الأيام ، وليس في ذلك حرج شرعي .

ثالثا :

لهذا الأمر شواهد كثيرة في الكتاب والسنة الصحيحة ، ومن ذلك :

قوله تعالى : ( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) المزمل/17، فتأمل كيف أسند إشابة الولدان إلى يوم القيامة ، مع أن المشيب الحقيقي هو الله عز وجل .

يقول العلامة السعدي رحمه الله :

" فكيف يحصل لكم الفكاك والنجاة من يوم القيامة ، اليوم المهيل أمره ، العظيم قدره ، الذي يشيب الولدان ، وتذوب له الجمادات العظام ، فتتفطر به السماء ، وتنتثر به نجومها "

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/894)

وأيضا في قوله عز وجل : ( وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ) هود/84 ، أسند الإحاطة إلى اليوم ، مع أن المحيط هو عذاب الله ، وأما الزمان فلا يحيط بنفسه .

يقول الإمام الطبري رحمه الله :

" فجعل ( المحيط ) نعتًا لليوم ، وهو من نعت " العذاب "، إذ كان مفهومًا معناه ، وكان العذاب في اليوم ، فصار كقولهم : " بعْض جُبَّتك محترقة "

انتهى من " جامع البيان " (15/445)

وجاء في " تفسير الجلالين " (ص/297) :

" ( عذاب يوم محيط ) بكم يهلككم ، ووصف اليوم به مجاز لوقوعه فيه " انتهى.

رابعا :

تقريرنا للمجاز العقلي في هذا المقام يبين لك الفرق الدقيق بين استعمال المجاز العقلي في مكانه المقبول لدى جميع المسلمين ، وبين الاحتجاج بالمجاز العقلي على صرف العبادة لغير الله تعالى .

يقول الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي رحمه الله ( المتوفى سنة 1326هـ ) :

" تحقيق القول في ذلك الباب أنا لا ننكر المجاز العقلي ، ولكن لابد هناك من التفصيل :

وهو أنه إذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما يقدر عليه العبد لغير الله تعالى يجب حمله على الحقيقة ، ولا يصح حمله على المجاز العقلي كما في الأمثلة المذكورة .

وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما لا يقدر عليه إلا الله ، مثل فلان شفاني ، وفلان رزقني ، وفلان وهب لي ولداً ، يجب حمله على المجاز العقلي .

ولكن لا مطلقاً ، بل متى لم يصدر من ذلك المتكلم شيء من الألفاظ والأعمال الكفرية مما هو كفر بواح ، وشرك قراح .
وأما إذا صدر منه شيء من تلك الألفاظ والأعمال فلا يحمل كلامه على المجاز العقلي

إذ المؤمن بهذا اللفظ والعمل قد انسلخ من الإيمان فلم يبق مؤمناً ، فلا وجه لهذا الحمل ، ولا ريب في أن عبدة الأنبياء والصالحين يصدر منهم من الألفاظ والأعمال ما هو كفر صريح كالسجدة والطواف والنذر والنحر ونحو ذلك "

انتهى من " صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان " (ص/238)

وللتوسع في هذا الموضوع يمكن مراجعة :

"جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية" (2/1021-1029) "

هذه مفاهيمنا " للشيخ صالح آل الشيخ (122-138)

والله أعلم









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الاداب الاسلاميه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc