طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع - الصفحة 75 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم المتوسط > قسم النشاطات الثقافية والبحوث واستفسارات الأعضاء > قسم البحوث و الاستفسارات و طلبات الأعضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-05-11, 17:32   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
REDMAN-05
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم

ابحث على تعريف ل جوليام بيروتر او وليام جيمس

انا ادرس بكلية الاداب و العلوم الانسانية ارغب في تعريف كامل









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-05-11, 17:45   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اﻻﺧــــﻼق واﻟــﺪﻳﻦ ﺑﻴﻦ وﻟﻴـﻢ ﺟﻴﻤﺲ وﺟـــﻮن دﻳـﻮي

نوع الملف: PDF/Adobe Acrobat
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﻟﻴﻢ ﺟﻴﻤﺲ، واهﻢ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﺖ. اهﺘﻤﺎﻣﺎً آﺒﻴﺮاً ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ، وهﺬﻩ اﻟﺠﻮاﻧﺐ هﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ، واﻟﻤﺬهﺐ










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-14, 21:10   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
REDMAN-05
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم الرجاء بحث حول الاصول النفسية في التربية

وراثية
بيئية
نفسية










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-14, 22:16   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة REDMAN-05 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم الرجاء بحث حول الاصول النفسية في التربية

وراثية
بيئية
نفسية

الأصول النفسية للتربية
للاطلاع على المقال إضغط هنا









رد مع اقتباس
قديم 2011-05-14, 21:42   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
sérine-s
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sérine-s
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من فضلكم أريد بحث حول اسهامات مالينوفسكي أو راد كليف براون في الأنتربولوجيا الدينية
وأريد البحث غدا










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-14, 22:22   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sérine-s مشاهدة المشاركة
من فضلكم أريد بحث حول اسهامات مالينوفسكي أو راد كليف براون في الأنتربولوجيا الدينية
وأريد البحث غدا

03:32
ظهرت كتابات مالينوفسكى عن جماعات جزر تروبرياند بماليزيا فيما بين 1922-1935 وقد شكلت تلك الدراسات،كما يرى الكثيرون من العلماء، جل إنتاجه العلمي في الفترة التى أمضاها مدرساً بجامعة لندن، وقد شكلت معلوماته التى جمعها من جزر تروبرياند جوهر محاضراته ودروسه التى ألقاها في لندن بخاصة ما تعلق منها بخبرته في جمع تلك المعلومات وطريقته التي انتهجها في الدراسة الحقلية.



يلاحظ أن مالينوفسكى سعى لتحقيق بعض الغايات من خلال ما نشره، ويمكن أن يكون من بين تلك الغايات التأكيد على رأيه القائل بأن مظاهر الثقافة لا يمكن دراستها في ذاتها، أي بمعزل عن الغايات التى تسعى لتحقيقها، بمعنى أنه يجب على الباحث فهمها في حدود استخداماتها: فالقارب، على سبيل المثال، عند جماعات التروبرياند لا يُعد في حد ذاته أكثر من مجرد قطعة مادية، لكنه مصنوع لعدة أغراض. عند صناعته يواجه الناس بعدة صعوبات قد لا يمكن التغلب عليها إلا في حدود العمل التطوعي الجماعي، كما أن لكل خطوة من خطوات صناعة القارب طقوسها الخاصة بها وأن تلك الطقوس والاعتقادات لا تكمن في مجرد خطوات صناعة القارب وإنما حتى عند استخدامه في الإبحار، وفي مجابهة الأخطار، وفي نجاح التجارة وما إلى ذلك. ويلاحظ مالينوفسكى بفعل خبرته الدقيقة بقضايا منهج الأنثروبولوجيا الاجتماعية أنه يجب على الباحث ألا يعتمد كثيراً على العموميات، كما ويجب عليه ألا يعَّول كثيراً على شروح مخبره المرافق له في الدراسة الحقليَّة من أجل الوصول إلى فهم الحقيقة الاجتماعية وذلك لأن الناس دائماً يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً مغايراً. ويسدى مالينوفيسكى نصيحة لطلاب الأنثروبولوجيا الاجتماعية مفادها أن الإنسان البدائي الذى صُور لنا على أنه إنسان متوحش هو في الواقع إنسان مثلنا يتمتع بعقل ويستخدم هذا العقل مثلنا، على أن مالينوفسكى كان قد استخلص هذه المبادئ في دراساته التي قام بها في جزر تروبرياند حيث اكتشف حقيقة الإنسان البدائي وعقليته، وأن مسألة العقلانية هذه مهمة جداً عند مالينوفسكى إذ كتب في مقدمة كتابه "الجريمة والعادة في مجتمع متوحش" أن الباحث الأنثروبولوجي الحديث قد جبل على طريقة الوصول إلى بعض القواعد العامة في بعض المسائل مثل قضية ما إذا كان العقل البدائي يختلف عن عقولنا أو أنه مثل عقولنا، أو ما إذا كانت حياة الجماعات المتوحشة كلها مسيَّرة وبصورة دائمة بعالم الغيبيات أو بقوى ما وراء طبيعية أو على العكس من ذلك إلى غير ذلك من القضايا. على أن هذه المشكلات العقلانية العامة، أي القوى والقواعد العامة وغيرها يمكن أن تكون من وجهة نظر مالينوفسكى الأساس لنظرية عالمية للإنسان الاجتماعي.



يقدم مالينوفسكى في كتابه "أبطال المحيط الهادي الغربي" تحليلاً يجوز عده نموذجاً من نماذج الأنثروبولوجيا الحديثة وإن كانت بعض تفسيراته موضع اعتراض اليوم. يعرض مالينوفسكى تداخل عناصر ثقافة جماعات تروبرياند من خلال وصف النظام الاقتصادي للأسر الأموية حيث يلتمس الفرد أصله وقرابته عن طريق الأم وحيث لا يرتبط الابن بأبيه وإنما بخاله الذى هو عشيرته. الفرد من التروبرياند يعمل بجد واجتهاد في بستانه لكي يعول أخته وأولادها وليس زوجته وأولاده، وأن أكثر من 75% من إنتاجه يوزع على أقاربه من أمه. هنا يتضح تداخل النظام الاقتصادي بنظام القرابة في مجتمع التروبرياند كما يحلله مالينوفسكى من واقع حياتهم الاجتماعية. يسمح هذا النظام الاجتماعي للزعماء بتعدد الزوجات، ويفضل الزعماء الزواج بالنساء اللائي لهن إخوة أغنياء ليكون لهم عدد من الأصهار الأثرياء وبما أن النظام الأمومي في تروبرياياند يضع واجبات على الأخ نحو أخته فإن الزعيم يجد نفسه غارقاً في الثروة التى تقدم لزوجاته من أخواتهن. ما يتحصل عليه الزعيم من ثروة لا يخزنه، بخاصة السلع الغذائية، بل يقوم بتوزيعه في عدد من المناسبات والاحتفالات. أنه من خلال التزام الزعيم بالتوزيع المستمر للثروة في مثل تلك الاحتفالات فإنه يعنى بالمهام المناط بها زعيماً من جهة، ومن جهة ثانية فإن استمرار هذا الالتزام يعتمد على استمرار النظام القرابى.



يقدم تحليل مالينوفسكى للسلطات التى يمارسها الزعيم في قرية أوماركانا التى تهيمن على مقاطعة كيريوينا إشارة إلى أن القرية تمثل الوحدة السياسية الأساسية لمجتمع تروبرياند، ويمارس حتى أكثر الزعماء شأناً سلطتهم على قريتهم بصورة رئيسة، وعلى مقاطعتهم بصورة ثانوية. تستثمر المشاعة القروية بساتينها جماعياً وتشن الحرب، وتقيم الاحتفالات الدينية، وترسل البعثات التجارية. يبقى استقلالها الذاتي السياسي والاقتصادي على جانب كبير من الأهمية. يمارس زعيم القرية شيئاً من السلطة على المقاطعة، أي على مجموعة من القرى تنضم إلى قريته في الحرب وفي الاحتفالات الدينيَّة الكبيرة. يتوزع جميع الرجال من ذوى الرتب في شكل هرم يترأسه زعيم أوماركانا. هذا الزعيم هو سيد أقوى القوى السحريَّة التى تتحكم بالمطر والشمس. يتحلى الرجال ذوو الرتب بحلي مميزة، لكنهم يتميزون قبل كل شئ عن العوام بوجود محرمات (تابو) يتكاثر عددها كلما ارتقينا سلم الهرم. لا يتمتع الأشخاص من ذوى الرتب العالية والزعماء بأي سلطة قضائية أو تنفيذية على الأفراد من ذوى الرتب الدنيا في القرى غير المرتبطة بقريتهم. عندما يطلب زعيم من الزعماء من أفراد قريته أو مقاطعته أو من الأجانب بذل الخدمات فإنه يكون ملزماً بالتعويض عن هذه الخدمات. وكما أوضحنا فأن الزعيم يتحصل على الموارد الضرورية عن طريق تعدد الزوجات الذى هو امتياز الزعماء، وعن طريق الهبة التى يدين بها كل صهر لزوج أخته. الزعيم ذو الرتبة يتزوج واحدة من أخوات كل زعيم من زعماء قرى مقاطعته فيصبحون مدينين له بجزء من محاصيلهم وأشيائهم الثمينة. يستخدم الزعيم ذو الرتبة هذا الثراء في إقامة الاحتفالات الكبيرة، وبوجه عام في دمج عدد من القرى بـ "اقتصاد المقاطعة". وبهذا فأن الزعيم هو الأداة لاقتصاد أوسع نطاقاً من اقتصاد القرية.



لا يتمتع الزعيم بأية قوة عامة لتسوية المنازعات التى تظل من اختصاص الأنساب. يتمتع الزعيم بسلاح أوحد هو السحر، ويكون خيرة السحرة تحت تصرفه. وعلى هذا لا يعرف مجتمع تروبرياند حكومة مركزية. إن مجتمع تروبرياند يجسد مثالاً لتسلسل هرمي وراثي يربط بين مختلف الأنساب والمشاعات القروية المحلية من دون أن يؤدى الوظيفة التي تؤديها بنية سياسية ظاهرة. أن سلطة الزعماء هي ركيزة العلاقات الاقتصادية والدينية التى تتخطى إطار المشاعات القروية الخصوصية من غير أن تدمج مع ذلك هذه المشاعات في شبكة اقتصادية واحتفالية واحدة تغطى الجزيرة بأسرها. ويتمتع الزعماء بأقوى السلطات السحرية التى ينبغي عليهم أن يضعوها في خدمة مشاعاتهم . ولهذا فأن إمتيازاتهم هى الوجه الآخر لواجباتهم والمكافأة على الخدمات الاستثنائية التى يبذلونها لمشاعاتهم على كافة المستويات وهمية كانت أم فعلية.



ويمثل مجتمع تروبرياند أشهر مثال على الأهمية والشكل اللذين قد تتلبسهما المبادلات في المجتمعات البدائية المجزأة. فعلاوة على تبادل القلائد والأساور، تتيح البعثات البحرية الكبيرة إمكانية التموين بالمواد الأولية الضرورية من حجارة للفؤوس وخيزران وصلصال وما إلى ذلك. لقد كانت شبكة توزيع الكولا تؤلف رابطة سياسية واسعة تربط بين مجتمعات مجزأة يتوجب عليها أن تكفل الانتظام لتجارة حيوية من دون مساعدة حكومة مركزية تحفظ السلام وتوطده. حاول مالينوفسكى لدى تحليل نظام شبكة توزيع الكولا توضيح النشاطات الاقتصادية ومزجها بالنظام الطقوسي المتمثل في السحر والشعوذة. تمارس جماعات تروبرياند الزراعة وبناء القوارب وصيد الأسماك من خلال أسلوب لتقسيم العمل بين الأفراد وفق أنواع النشاطات الاقتصادية الشئ الذى يدفعهم إلى تبادل السلع بين جزر تروبرياند المختلفة عن طريق شبكة توزيع الكولا. يحلل مالينوفسكى شبكة الكولا بحسبانها أنساق مركبة من الشعائر الدينية والطقوس والاحتفالات التى يتم فيها تبادل بعض المواد الطقوسية بين أفراد الجماعات التى تنتمى إلى شبكة كولا معينة.



ورغم النسق المركب لشبكة الكولا فإنها تمارس دوراً تجارياً ذلك أنه عندما يرغب أحد الأفراد في شبكة ما زيارة شريكه في جزيرة أخرى عليه أن يحمل معه منتجاته ومصنوعاته التى يرى ضرورة حملها معه. يحلل مالينوفسكى طقوس الاستقبال والاحتفالات الدينية التى يتم خلالها تبادل السلع وكذلك تقديم الهدايا بمدى رضا الإنسان المتحصل على الهديَّة. هكذا يفسر مالينوفسكى فلسفة جماعات تروبرياند من توزيع سلعهم من خلال تحليله لشبكة توزيع الكولا.



راد كليف بروان (1881-1955)
حاول رادكليف براون أن يطور الأنثروبولوجيا الاجتماعية إلى علم طبيعي يقوم على الدراسة العلمية المقارنة للأنساق الاجتماعية عند الشعوب البدائية. أسهم إسهاماً بناءً في دراسة البناء الاجتماعي وأنساق القرابة. يعد هو ومالينوفسكى المؤسسين لمدرسة الأنثروبولوجيا البريطانية الحديثة. ألف كتاب: "جزر الاندمان" (1922). وجمعت مقالاته العلمية ومحاضراته في ثلاثة كتب: "البنية والوظيفة في المجتمع البدائي" (1952)، "علم طبيعي للمجتمع" (1957)، "المنهج في الأنثروبولوجيا الاجتماعية" (1958).



من أهم الاتجاهات التي تأثر بها بروان وهيمنت على أفكاره مسألة المماثلة بين الكائنات الحية والحياة الاجتماعية، أي على أساس المشابهة بين الحياة الاجتماعية والحياة العضوية البيولوجية كما كان الحال عند إميل دور كايم. يرى بروان أن المجتمع مثله مثل الكائن الحي يتألف من أجزاء أو وحدات تتداخل وظيفياً وتعتمد على بعضها البعض، فمثلاً أنه كما تتعاضد أعضاء الكائن الحي للحفاظ على الكائن حياً تعمل نظم المجتمع وتقاليده بدورها على بقاء المجتمع واستمراره. يُعرِّف بروان الوظيفة بأنها الدور الذى يؤديه أي نشاط جزئي في النشاط الكلى الذى يكون هو جزء فيه. هكذا تكون وظيفة أي نظام اجتماعي كامنة في الدور الذي يؤديه في البنية الاجتماعية المكونة من أفراد يرتبطون ببعضهم في كلٍ واحدٍ متماسكٍ للعلاقات الاجتماعية المحددة، ووظيفة أية عادة اجتماعية هي الدور الذى تقوم به العادة المعينة في مجمل الحياة الاجتماعية على أساس أن هذه الحياة هي عماد النسق الاجتماعي الكلى. يعطى براون أهميَّة للحياة الاجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية طالما أن النسق الاجتماعي يؤلف، في رأيه، وحدة كيان ووظيفة، أي أنه ليس مجرد تجمع أو حشد وإنما هو كل متكامل مثله مثل الكائن العضوي.



رأينا كيف أن مالينوفسكى اهتم بمفهوم الثقافة وجعلها محوراً وأساساً لدراساته وتحليلاته الوظيفية. أما براون فيهتم بالمجتمع عاداً إياه نسقاً طبيعياً. اهتم براون من ثم بالأشخاص Persons عاداً إياهم وحدات بنيوية حيث أن هذه الوحدات تكوَّن الكل وتجعل منه بنيَّة، هذه الأهميَّة التى أولاها براون للأشخاص جعلته يفرق بينهم وبين الأفراد Individuals. الأشخاص أعضاء المجتمع يمكن أن يكون كل منهم مواطناً له مهنة معينة، أي أن الشخص عند براون يجسد مجموعة علاقات اجتماعية، في حين أن الفرد هو كائن بيولوجي بمعنى أنه يجسد مجموعة من العمليات الفسيولوجية والسلوكية ويقوم علماء الفسيولوجيا وعلماء النفس بدراسته. أما الأشخاص فأن دراستهم تقع في نطاق البنية الاجتماعية ولا يمكن دراسة أية بنية اجتماعية ودونهم بحسبانهم وحدات البنية الرئيسة. لهذا فأن دراسة المجتمع عند براون بمعناها البنيوي تشير إلى الترابط الداخلي الذى يربط بين البنية الاجتماعية وبين صيرورة الحياة الاجتماعية. عليه فأن استخدام مفاهيم مثل صيرورة Process ، وبنية Structure ، ووظيفة Function ما هي إلا محاور بنى عليها براون نظريته في تفسير الأنساق الاجتماعية. تقوم فكرة الوظيفة بمعناها البنيوي عند براون على أساس أن البنية تؤلف مجموعة من العلاقات التى تربط بين تلك الوحدات البنيوية بدرجات متفاوتة. فالأسرة عند براون هي بمثابة وحدة بنيوية والعلاقات الأسرية القائمة بين أفرادها هي علاقات بنيوية تستحيل رؤيتها في عموميتها في أية لحظة لكننا نستطيع ملاحظتها. أن أهمَّ ما يميز تفسيرات براون وتحليلاته الوظيفية هو تركيزها على البنية الاجتماعية هو تركيزها على البنية الاجتماعية ووظيفتها وهو ما أدى إلى انبثاق اتجاه جديد في الأنثروبولوجيا صار يعرف بالاتجاه البنيوي الوظيفي.



اضطر رادكليف براون، في محاولته إعطاء الأنثروبولوجيا نقاءً جديداً ومنهجية، أن يذوب هذا العلم في النظرية العامة المتعلقة بالمجتمعات، أي في علم الاجتماع، وفي الوقت نفسه أعطى براون الأنثروبولوجيا تمايزاً معرفياً. وبما أن المجتمعات غير المعقدة (البدائية/غير المعقدة) نسبياً هي مادة موضوع دراسة الأنثروبولوجيا، فقد ارتأى براون إمكانية أخذ مفاهيم علم الاجتماع الأساسية (بنية، ووظيفة، ومجتمع الخ. كما أشرنا). هكذا تبدى لبراون بأنه يمكنه، انطلاقا من أجزاء طفيفة في علم الاجتماع، إثراء طريقته. الأمر كذلك يجوز القول بأن فكرة البنية الاجتماعية ظهرت في الأنثروبولوجيا مع التحليلات التى قدمها براون ومع تعريفه لمفهوم البنية.



الحق يقال فأن مفهوم البنية شابه قدر من الغموض لوروده بأشكال عديدة في أعمال الكثيرين من علماء الاجتماع. تعددت الآراء وتنوعت حول هذا المفهوم لدرجة استحالت معها فرصة الوصول إلى تعريف واحد شامل ومحدد يتفق حوله العلماء. ففي كتابه "البنية الاجتماعية" (1965) يرى موردوك أن مفهوم البنية الاجتماعية يدل على تماسك المؤسسات الاجتماعية إذ ليست تلك المؤسسات تجمعاً عشوائياً بل أن لها بنية. أحد أغراض هذا النوع من التحليل هو بالتحديد فهم تماسك المؤسسات الاجتماعية وإظهار تبعيتها المتبادلة، ولذلك فإنه يلاحظ استبعاد هذه الفكرة في شكل التحليل البنيوى الوظيفي. بصورة أعم غالباً ما ينال مفهوم البنية عند الوظيفيين والبنيويين تفسيراً قريباً من مفهوم النمط. في حالات يتم استخدام مفهوم البنية بمواجهة تعبيرات أخرى أو بالعلاقة معها إذ نجد أن غورفتش في مقال نشره بعنوان "مفهوم البنية الاجتماعية" (1955) يميز مثلاً المجموعات المبنية عن المجموعات المنظمة وهكذا فإنه يعتقد بإمكانية أن تكون الطبقات الاجتماعية "متبنية" دون أن تكون "منظمة". ويواجه مفهوم البنية في ظروف أخرى بمفهوم المصادفة. كذلك فأن مفهوم البنية غالباً ما يشير إلى العناصر الثابتة لنظام معين مقابل عناصره المتغيرة … وهكذا تشير فكرة المفهوم إلى نموذج معين، إما إلى ثوابت النموذج، وإما إلى مجمل الثوابت والوظائف التى تربط المتغيرات فيما بينها، وإما أيضاً إلى مجمل الثوابت والوظائف. وفي حالات أخرى أيضاً يستعمل مفهوم البنية بشئ من التردد لتمييز الأساسي من الثانوي والجوهري من غير الجوهري والأصلي من المشتق … هكذا يرى مانهايم أن البنية الاجتماعية هي "نسيج القوى الاجتماعية في نشاطها المتبادل والذي تخرج منه مختلف نماذج الملاحظة والفكر"…في هذه الحالة فأن مفهوم البنية الاجتماعية يشير بصورة ضمنية إلى مجمل العناصر لنظام اجتماعي معين يخمن عالم الاجتماع أنه يسيطر عليها ويحدد الأخرى. بالنسبة لمانهايم يتعلق الأمر بالعناصر المادية (التى يشار إليها بغموض بعبارة "القوى الاجتماعية" التى تسمح بتفسير العناصر الفكرية، وهو ما يذكرنا بالتمييز الذى يقيمه ماركس بين البنية التحتية والبنية الفوقية. ويستعمل بعض علماء الاجتماع مفهوم البنية الاجتماعية بحسبانه مرادفاً "لنظام التدرج" وتعد متغيرات التدرج في هذه الحال أولية وحاسمة.



وقد رفض علماء الأنثروبولوجيا من أمثال كروبر وايفانز برتشارد وراد كليف بروان عد بعض فئات المتغيرات بصفتها حاسمة بحيث أصبح مفهوم البنية الاجتماعية عندهم مرادفاً بسيطاً لمفاهيم أخرى، مثل مفاهيم التنظيم الاجتماعي أو تنظيم العلاقات الاجتماعية. هكذا يمكن أن يظهر مفهوم البنية مترابطاً مع مفهوم النظام إذا اعتبرنا أن النظام هو مجمل "العناصر ذات التبعية المتبادلة". ولكن يمكن أن يظهر كذلك وكأنه معَّرف ضمنياً أو صراحة بمواجهة مجموعة أخرى من المفاهيم أو من التصاق بها، في اتجاهات متنوعة جداً ربما يستطيع الوضع العام وحده أن يحددها.



على كل فقد اقترن مفهوم البنية عند أصحاب الاتجاه الوظيفي بالدراسات الحقليَّة المعمقة بخاصة تلك التى قام مالينوفسكى في جزر تروبرياند وكذلك راد كليف بروان في جزر الاندمان حيث ظهرت تبعاً لذلك تعريفات للبنية الاجتماعية بعيدة عن الارتباط بالوظيفة عند براون وآخرين وظهور اتجاه جديد يجمع بين البنية والوظيفة عرف بالاتجاه البنيوي الوظيفي.



يرى بروان أن مفهوم البنية يشير بالضرورة إلى وجود نوع من الترتيب بين الأجزاء التى تدخل في تركيب الكل وذلك لأن ثمة علاقات وروابط معينة بين الأجزاء التى تؤلف الكل وتجعل منه بنية متماسكة ومتمايزة. ومن ثم تكون الوحدات الجزئية التى تدخل في تكوين البنية الاجتماعية هم الأشخاص أعضاء المجتمع الذين يحتل كل منهم مركزاً معيناً في المجتمع ويؤدى دوراً معلوماً في الحياة الاجتماعية. وكما أشرنا سابقاً فأن هذه تشكل النقطة الأساسية في نظرية راد كليف بروان عن البنية الاجتماعية لأن الإنسان فرداً لا يعد جزءاً مكوناً للبنية التى تتألف من أشخاص هم أعضاء المجتمع لا من حيث أنهم أفراد.



الإنسان فرداً هو كائن بيولوجي يتكون من مجموعة كبيرة من وحدات وعمليات عضوية ونفسية وبالتالي مداراً لبحث البيولوجيا وعلم النفس. أما الإنسان شخصاً فهو مجموعة من العلاقات الاجتماعية تتحد طبقاً لمكانته الاجتماعية مواطناً، وزوجاً، وأباً، وعضواً في مجتمع الخ. من هنا يصبح الإنسان "الشخص" لا "الفرد" هو موضوع بحث الأنثروبولوجيا الاجتماعية التى تستمر باستمرار النظام الاجتماعي الذى ينظم أدوار الأشخاص ويشخص علاقاتهم بين بعضهم البعض ويحددها … هذا ما يفسر، في رأي براون، استمرار العشيرة، والقبيلة، والأمة بحسبانها تجسيداً لتنظيمات معينة من الأشخاص رغم التغير الذى يصيب الوحدات المؤلفة له من وقت إلى آخر . يقصد براون بالبنية الاجتماعية الآتي:



أولاً: الجماعات الاجتماعية الموجودة لفترة طويلة وكافية، وهى الأشكال المورفولوجية للمجتمع الإنساني والتي تمثل تجمع الأنساق في وحدات اجتماعية مختلفة الأحجام.

ثانياً: التباين القائم بين أفراد وجماعات مجتمع من المجتمعات، ويحدد ذلك التباين الأدوار الاجتماعية التى يقوم بها الأفراد والجماعات في المجتمع الواحد، مثل اختلاف المركز الاجتماعي بين الرجال والنساء، وبين الشيوخ والشباب، وبين الشباب والأطفال، وبين الرئيس والمرؤوس، وبين صاحب العمل والعمال.

ثالثاً: كل العلاقات الاجتماعية التى تقوم بين شخص وآخر من البنية التى تتكون من العلاقات الثنائية مثل العلاقات بين الأب وابنه، وابن الخال وابن أخته الخ. ويعد النظام القرابى في المجتمعات غير المعقدة أهم النظم الاجتماعية وهو الذى يحدد شبكة العلاقات الاجتماعية للمجتمع.



وتتميز البنية الاجتماعية وفقاً لبروان بعدة خصائص:

1- البنية الواقعية التى هي مجموعة من العلاقات الواقعيَّة بين شخصين على الأقل، وقد تضم عدداً كبيراً من الأشخاص. ما يميز هذه العلاقات طابعها المتغير سواء بين الأشخاص أو الجماعات، بمعنى أنها غير ثابتة بفعل دخول أعضاء جدد في المجتمع عبر الولادة أو الهجرة إلى المجتمع، والهجرة من المجتمع، والوفيات. تشمل البنية الاجتماعية الواقعية أيضاً جميع العلاقات الاجتماعية الجزئية المتغيرة بين أعضاء أي مجتمع من المجتمعات البشرية.

2- الصورة البنيوية التي تتميز بالثبات النسبي لفترة زمنية تطول أو تقصر وفق متغيرات معينة. وتتعرض الصورة البنيوية للتغير في حالات بصورة فجائية أو تدريجية … فالثورة أو الغزو الخارجي قد يؤديان إلى حدوث تغير فجائي عارم.

3- لا يمكن رؤية البنية الاجتماعية بصورة مباشرة، لكن يمكن للباحث ملاحظة البنية في صورة علاقات اجتماعية محسوسة بين أفراد وجماعات مجتمع من المجتمعات …. ثم أن دراسة البنية الاجتماعية شئ ودراسة العلاقات الاجتماعية شئ آخر. يستخدم بعض الأنثروبولوجيين مصطلح البنية الاجتماعية للإشارة إلى الجماعات الاجتماعية الثابتة فقط مثل الأمم، والقبائل، والعشائر…إلخ التى تحتفظ باستمراريتها وكياناتها بالرغم من التغيرات التى تتعرض لها عضويتها زيادة أو نقصاناً.

5- يدرس الباحث الأنثروبولوجي البنية الاجتماعية بهدف الوصول إلى نتائج موضوعية مستخدماً منهجاً شمولياً، أي دراسة تشمل جميع أجزاء البنية الاجتماعية وكافة مظاهرها ذلك أن عناصر البنية وأجزاءها تتفاعل ككل وعلى الباحث أن يكشف عن العلاقات المباشرة وغير المباشرة التي تربط تلك العناصر والأجزاء. بمعنى آخر عليه أن يحدد عملية التأثيرات المتبادلة بين وحدات البنية الاجتماعية.

6- استمرار البنية الاجتماعية وبقائها فترة طويلة من الزمن، وهى خاصة تميز البنية وتؤهلها للقيام بوظيفتها الاجتماعية الأساسية المتمثلة في الحفاظ على تماسك المجتمع وبقائه، ويكون بقاء البنية بقاءً متجدداً لا جامداً، بمعنى أنه متغير وليس ساكن.



لقد أصبحت البنيوية الوظيفية دراسة لا لنمط الحياة بل لنمط وجود فعلى متخطية نزعة المركزة الاثنية التى ميزت الأنثروبولوجيا في النصف الأول للقرن التاسع عشر والتي لم تر في المجتمعات الأخرى إلا أنواعاً من الحياة التى تخطاها التطور.



وتعد البنيوية الوظيفية أن كل مجتمع، بحسبانه نظام مؤسسات وممارسات لها دلالتها، قادر على الاستمرار في حركته وتحولاته والقيام بوظيفته رغم التغيرات الظاهرة داخلياً وخارجياً على المستوى "الشخصي"، وقادر على الممارسات غير الهامة. فالمجتمع ليس مجرد ركام لا عضوي كما تصور أنثروبولوجيو النصف الأول من القرن التاسع عشر، بل هو "نظام" وظيفي من مؤسسات تلبى حاجات إنسانية أساسية. فالوظيفة الإنسانية والاجتماعية لهذه المؤسسات هي التى تعطيها شبه شرعيتها وديمومتها. وقد عبرت عالمة الأنثروبولوجيا البريطانية لوسى ماير عن ذلك بقولها: "أن تفسير الثقافة الإنسانية بحسبانها آلية تضامن تهدف لتحقيق الحاجات الاجتماعية بحيث يرتبط كل عنصر فيها بالباقي ويظل مشروطاً به، يفرض ضرورة الاهتمام بجدية أكثر بالمؤسسات غير المعقدة للشعوب غير المتحضرة أكثر مما تم في الماضي، وطالما أننا نؤكد أن القبائل مازالت تعيش شروط البربرية غير المنتظمة،و هى شروط تعترف بقسوتها حتى القبائل، يصبح يسيراً علينا أن نتطلع إلى انتصار المدنية مع ما يلحق بها من حسنات، وأن تعد كل مقاومة حيوية مؤقتة سترتفع حين يتبنى السكان الأصليون مفهوماًُ أكثر عقلانية".


الاتجاه الثقافوى النسبي الأمريكي
أن يكون لكل مجتمع إنساني نظامه القيمي، والمستند إلى اختيار ثقافي مميز، وإلى خلفيات سماها كادرينر لاحقاً بالشخصية القاعدة، كل ذلك سمح للأنثروبولوجيا الأمريكية أن تتخطى في الفترة 1930-1950 الكثير من الغيوم التى شابت البنيوية الوظيفية البريطانية. نجحت منهجية الدراسات الأمريكية ولغتها في التوصل إلى خطاب جديد معادٍ للأيدولوجيا الاستعمارية ومتوافق مع مطالبة المجتمعات غير المعقدة الخاضعة للاستعمار بحقها في الوجود.



رأى الفريد كروبر (1876-1960) أن التاريخ لا يعنى قط دراسة تتابع الظواهر والأحداث في الزمن، كما فهمه الوظيفيون، وإنما يهدف في النهاية إلى إعطاء وصف متكامل لموضوع الدراسة، وبهذا يمكن استخدام التاريخ في دراسة الوقائع والأحداث الجارية في مجتمع معين، على أساس هذا التوسع في مفهوم التاريخ عند كروبر بحسبانه منهجاً يأخذ في الحسبان عنصري الزمان والمكان، تصبح الأنثروبولوجيا دراسة تاريخية في المقام الأول ويكون هدفها هو التمييز بين الأنماط الثقافية التى يمكن استخلاصها من الدراسة المقارنة للشعوب. لكن علماء أنثربولوجيا أمريكيون آخرون من أمثال روث بناديكت، ومرجريت ميد، وإدوارد سابير، ومكاردينر رأوا أن التاريخ وحده لا يكفي لتفسير الثقافة، ذلك لأن الثقافة مسألة معقدة تجمع، في اعتقادهم، بين التجربة المكتسبة عبر الزمن وخلال التاريخ وبين التجربة النفسية (السيكولوجية)، وأن أية سمة من السمات الثقافية تضم بذلك مزيجاً من النشاط النفسي والثقافي بالنسبة إلى بيئة معينة. نتج عن ذلك لجوء أولئك الأنثروبولوجيين إلى الاستعانة بمفاهيم علم النفس.



كانت دراسة روث بناديكت "أنماط الثقافة" الذى نشرته في عام 1934 بداية حقيقية لبلورة الاتجاه الثقافوى النسبي (ما يعرف في حالات بالاتجاه التاريخى النفسي) في دراسة الثقافات. ويبدو أن نزعة المقارنة التى ميزت دراستها لا يجوز بحال ردها إلى النزعة التى كان قد اقترحها راد كليف براون. لا شك أن الدراسات التى أجريت لأنماط المجتمعات التى تميزت بممارساتها الاقتصادية والاجتماعية والدينية (الدوبو، والزونى ، والكواكيت من شعوب أمريكا الأصليين) إلى جانب التقصي عن الأنظمة الثقافية التى لا بدَّ منها والتي تعد نماذج قصوى عن طواعية الإنسان، هي التى مكنت روث بناديكت من تطوير نظريَّة "الصيغ الثقافية". ترتكز كل ثقافة، في اعتقاد بناديكت، حول مبدأ أساسي يعطيها نمطاً أو تشكيلاً خاصاً بها يميزها عن غيرها من الثقافات. إن كل مجتمع لا يستعمل سوى جزء محدد من الصيغة الثقافية التي باستطاعة الإنسان استخدامها . وأجرت بناديكت دراسة مقارنة بين عدة ثقافات غير معقدة أوضحت من خلالها العلاقة القائمة بين "الصيغة الثقافية العامة ومظاهر الشخصية كما تنعكس لدى الأفراد في تلك المجتمعات". وكما أشار أحمد أبو زيد فإنه في حين "بدأ مالينوفسكى نظرته للثقافة من الفرد عاداً الظواهر الثقافية مشتقات من الحاجات الفردية، بدأت روث بناديكت من الصيغ الثقافية عادة السلوك الفردي مجرد اتفاق وتواؤم مع التعاليم، والمثل ، والقيم، والاتجاهات الثقافية الموجودة بالفعل". هكذا تمَّ طرح لا الفكرة ذات الخط الواحد وحسب، بل فكرة التطور أيضاً بمعناها التقليدي.



وهكذا تم إحلال فكرة الاختيار الثقافي بدلاً عن مفهوم الطبقة، أو التماهي أو التوازي في مسيرة كل مجتمع. الاختلاف ليس هو بغية الانتظام، أي التأخر وسط التطور الوحيد، بل أنه محصلة الاختيار والطرق المتباينة. وفقاً لهذا المنظور تنتمي كل مقاومة وتفقد دلالتها. هكذا لا يعود لأي مجتمع طموح أو عجرفة الحكم على الآخرين وتكتسب تخريجات غير متنافسة للممارسات والعقائد، وهى لا تختلف عن بعضها بعضاً، لأن خطاً معيناً يكون حاضراً هنا غائباً هناك، أو لأن خطاً آخراً موجود في منطقتين اثنتين، ولكن بأشكال مختلفة. إنها تختلف ككل في اتجاهات مختلفة. إنها تتقدم في طرق مختلفة بحثاً عن غايات مختلفة، وهذه الغايات والوسائل التى نجدها في مجتمع ما لا يمكن الحكم عليها بعبارات مجتمع آخر لأنه لا يمكن قياسها".



لقد ساعدت شمولية معنى المؤسسات الإنسانية (القرابة والاقتصاد والسياسة) كل من راد كليف براون ومالينوفسكى على إرساء نظرية المقارنة. إلا أن الأمر بالنسبة لبناديكت يختلف ذلك أن المؤسسات ليس سوى إطار شكلي لكنه فارغ، ويكون من اليسر إظهار شموليتها حين نترك المعنى العيني والفعال الذى تمثله في ثقافة ما، أو من أجلها . ينطبق هذا بدوره على مفهوم "الوظيفة" بالمعنى الذى أدخله عليه كل من مالينوفسكى وبروان، وهو أمر يعود لتفسير المؤسسات لقيم خاصة ومميزة. إن "الاختيارات" مرتبطة بمجتمع معين، لا بحسبانها استجابة لحاجات أساسية كما يعتقد مالينوفسكى (شمولية الحاجة الجنسية تقابلها شمولية العائلة، والجوع تقابله المؤسسة الاقتصادية، وشمولية القلق تقابله المؤسسة الدينية).



يوجد نموذج ثان للاتجاه الثقافوى النسبي الأمريكي يتمثل في مؤلفات ابرام كاردينر التي تطرح مفهوم الشخصية القاعدة الذى يشير إلى مجموعة الخصائص النفسية والسلوكية، التى تتطابق مع كل النظم والعناصر والسمات المؤلفة لأية ثقافة. يركز كاردينر على ما أسماه النظم الأولية المرتبطة بتربية الأطفال في سنواتهم الأولى، والتي تختلف من ثقافة إلى أخرى. يفترض كاردينر أنه نتيجة لاشتراك مجموعة من الناس في نوع معين من النشأة والتربية خلال مرحلة طفولتهم، تسود سمات شخصية مشتركة بينهم عندما يكبرون. ومن ثم ترتبط هذه الصفات بالتشكيل النهائي للثقافة السائدة بين هؤلاء الأفراد. ومع أنه لا يمكن للنمط أو التشكيل الثقافي السائد أن يزيد من وجود الفوارق الفردية و يقللها في نطاق الثقافة الواحدة إلا أن العلاقة بين الأنماط الثقافية والشخصية الفردية والتأثيرات المتبادلة بينها أمر لا يجوز إهماله. وعرض كاردنر في كتابه "التخوم النفسية للمجتمع" عدداً من أنماط الثقافة: ثقافة الكومانشى أو ثقافة شعوب الألور، بمواجهة الثقافة الغربية كما تجسدها مدينة أمريكية صغيرة. وقد اعتمد تفسير كاردنر إلى قيم أساسية، أو كما يقول كاردنر استنادا إلى "نظم إسقاط" الشخصية الأساسية التى تتمثل في كل ثقافة دون اللجوء إلى قيم أو مفاهيم خارجية، وذلك يعود، كما يقول "لامتلاك كل ثقافة تركيباً نفسياً فريداً، ولا وجود لثقافتين متشابهتين".



لا يعنى ذلك، في رأى دعاة الاتجاه الثقافوى النسبي الأمريكيين، أن تكون الثقافات بمثابة "نجاح ثقافي" دوماً بالدرجة نفسها، ذلك أن بعضها يكون أكثر انسجاما وتكيفاً من بعضها الآخر. فالتكيف لا يقاس مباشرة بدرجات التقدم التقني أو "الثقافي" بل بالعكس قد يرى البعض أن الثقافة الغربية أقل تكيفاً من كثير من المجتمعات غير المعقدة، ثم أن التغير الذى نتج عن التناقص لا قيمة له في حد ذاته. فلكل ثقافة طريقتها في إدراك التغير ومعايشته … فهي إما أن تقبله بصمت، أو أنها ستحاول إعدامه. يمكن أن يستنتج من ذلك أن الفرض القسري لنمط تغير معين غالباً ما يؤدى إلى تشويهات في النظام الثقافي، وهى تشويهات قد تتحول إلى كبت على مستوى الأفراد أو إلى خلل نفسي وأمراض عقلية.



أما سابير فقد اقترح تمييزاً بين ثقافات "أصيلة" وثقافات "غير أصيلة" الأولى: "ثقافات منسجمة، متوازنة، وتعيش في تطابق كلى مع ذاتها". أما الأخرى فتحيل الفرد إلى حالة من الصدأ، كما تولد الكبت والاغتراب. ومهما كانت فاعلية الصنف الثاني من الثقافات وقوتها التقنية بارزة، فهي لا تستطيع إخفاء "إخفاقها الثقافي": ليس هناك من وهم أكبر سخرية وأكثر من الوهم الذي نتقاسمه جميعاً، والناجم عن امتداحنا التخصص والدقة التقنية المتنامية والكمال الذى أدخله العلم على تقنيتنا، بحيث يخال لنا الوصول إلى نتائج متشابهة فيما يتعلق بعمق ثقافتنا ومطابقتها وانسجامها كلياً مع حياتنا".



يعود الفضل إلى هرسكوفيتز في اختراع مصطلح "نسبية الثقافة" إذ أنه قد تساءل "كيف يمكن إطلاق أحكام قيمة على هذه الثقافة أو تلك، أو على الثقافة غير المعقدة بشكل عام طالما أن هذه الأحكام مبنية على التجربة، وطالما أن كل فرد يفسر التجربة بحدود تناقضه الخاص؟. لا وجود لـ"تجربة" (حسية، أو فنية، أو دينية..إلخ) بذاتها، طالما أن كل تجربة هي نسبية بالنسبة لنسق المجتمع الثقافي، وطالما أن كل مجتمع هو نظام تجربة وأحكام.



ويعود الفضل إلى ميلفن هرسكوفيتز بالاشتراك مع رالف لنتون وروبرت ردفيلد في النظر للتناقض بحسبانه يشمل التغير الثقافي في تلك الظواهر التى تنشأ حين تدخل جماعات من الأفراد الذين ينتمون إلى ثقافتين مختلفتين في اتصال مباشر معها، مما يترتب عليه حدوث تغيرات في الأنماط الثقافية الأصلية السائدة في إحدى هاتين الجماعتين أو فيهما معاً. هكذا فإن المفهوم العام للتناقض هو الطريقة التي تقبل بها ثقافة وافدة أو جديدة وتهضمها داخل محتواها بحيث تصبح هذه العناصر الجديدة أو الوافدة جزءاً لا يتجزأ من المضمون الثقافي العام. وبذلك فإن دراسة التناقض والتغير الاجتماعي هي عبارة عن دراسة عملية التغير والتقبل في الكثير من النظم والعناصر الثقافية، لكى تتلاءم العناصر الجديدة مع الكم الثقافي أو يتلاءم الكم الثقافي مع العناصر الجديدة، أو أن تحدث العمليتان معاً بدرجات مختلفة حسب قوة









رد مع اقتباس
قديم 2011-05-14, 22:28   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sérine-s مشاهدة المشاركة
من فضلكم أريد بحث حول اسهامات مالينوفسكي أو راد كليف براون في الأنتربولوجيا الدينية
وأريد البحث غدا
برونيسلو مالينوفسكي (1884-1942)

تمثل إسهام مالينوفسكى في النظرية الوظيفية في طرحه لتوجيه نظري يقوم على فرضية مفادها أن جميع السمات الثقافية تشكل أجزاء مقيدة للمجتمع الذى توجد فيه، أي أن كل نمط ثقافي، وكل معتقد ديني، أو موقف من المواقف يمثل جزءاً من ثقافة المجتمع يؤدى وظيفة في تلك الثقافة. ويرى مالينوفسكي أن ثقافة أي مجتمع تنشأ وتتطور في إطار إشباع الاحتياجات البيولوجية للأفراد، وحصرها في التغذية، والإنجاب، والراحة البدنية، والأمان والاسترخاء، والحركة والنمو. ويرى مالينوفيسكى الثقافة بأنها "ذلك الكل من الأدوات وطبائع الجماعات الاجتماعية والأفكار الإنسانية والعقائد والعادات التى تؤلف في مجموعها الجهاز الذى يكون فيه الإنسان في وضع يفرض عليه أن يكيف نفسه مع هذا الجهاز الكلى لكي يحقق حاجاته الضرورية". ويؤكد مالينوفسكى أن كل ثقافة هي كيان كلى وظيفي متكامل ويشبهها بالكائن الحي بحيث لا نستطيع فهم أي جزء من الثقافة إلا في ضوء علاقته بالكل، وأن الوظيفة التى يؤديها بعناصر الثقافة الأخرى، أي أن الثقافة تدرس كما هي موجودة بالفعل وليس من الضروري أن نبحث في تاريخ نشأتها وتطورها.



ويؤكد مالينوفسكى على الأسس البيولوجية التى تقوم عليها النظرية الأنثروبولوجية ذلك أن البشر في كل زمان ومكان عليهم أن يشبعوا حاجاتهم الضرورية التى تؤهلهم على البقاء، أي أن على البشر أن يشبعوا حاجاتهم الضرورية من غذاء وهواء، وعليهم أن يتناسلوا، وأن يزودوا أنفسهم بالراحة والصحة والأمن وغيرها من الحاجات الضرورية التى تحفظ للنوع البشرى البقاء والاستمرار، أي أن الإنسان ليس مثل بقية الحيوانات يعيش فقط على الدوافع الجسمية، وإنما على الدوافع الثقافية. ونرى في كل مجتمع أنواعاً من الاستجابات الثقافية لكل تلك الاحتياجات الضرورية ذلك أنه وفقاً لرأي مالينوفسكى "لا يمكن تعريف الوظيفة إلا بإشباع الحاجات عن طريق النشاط الذى يتعاون فيه الأفراد ويستخدمون الآلات ويستهلكون ما ينتجونه".



يرى مالينوفسكى أن الاستجابات الثقافية للحاجات البيولوجية الضرورية هي التى فرضت على الإنسان عدداً من الضرورات الناتجة عن هذه الاحتياجات الضرورية التي تتمثل في:



أولاً: نتيجة للحاجة الضرورية للغذاء ظهرت استجابات ثقافية تتمثل في الحصول على الغذاء والذي يعرف بالتنظيم الاقتصادي أياً كان هذا التنظيم ساذجاً غير معقد أو معقداً أو شاملاً لعدد من القواعد المنظمة للنشاط الاقتصادي والمتمثلة في صنع الآلات والأدوات اللازمة لإنتاج الغذاء واستخدامها لأغراض أخرى مختلفة، إلى جانب ظواهر أخرى مصاحبة مثل ملكية الأرض وتقسيماتها وتوزيع الثروة بين أفراد المجتمع وتقسيم العمل وما إلى ذلك.

ثانياً: تظهر الضرورة الثانية، وهى ضرورة معيارية أي ثقافية، استجابة للاحتياج لتفسير الثقافة ذاتها بقصد الوصول إلى الوظيفة الأساسية للثقافة البشرية المتمثلة في عمليات التعاون والحياة المشتركة مع ما يتطلبه ذلك من مظاهر العمل المشترك بين أفراد المجتمع من أجل المصلحة العامة، وتظهر بفعل ذلك قواعد اجتماعية معينة.

ثالثاً: التنظيم السياسي الذى يحدد السلطات في أي مجتمع، ويرتبط في معظم المجتمعات بالتسلط والقهر، ويرمى إلى تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع فيما بينهم، وينظم علاقاتهم بغيرهم من المجتمعات، ويوفر لهم الحماية ضد الاعتداءات التى قد تقع عليهم من الخارج.

رابعاً: الضرورة التى تمثلها الطرق والوسائل التى ينتقل بها التراث الاجتماعي الثقافي من جيل إلى جيل، أي التربيَّة المسئولة عن إعداد أفراد المجتمع تربوياً وتزويدهم بالمعارف اللازمة التى تؤهلهم للقيام بأدوارهم المحددة في المجتمع، وهى تمثل القوانين المنظمة للسلوك الإنساني من جميع جوانبه.



ظهرت كتابات مالينوفسكى عن جماعات جزر تروبرياند بماليزيا فيما بين 1922-1935 وقد شكلت تلك الدراسات،كما يرى الكثيرون من العلماء، جل إنتاجه العلمي في الفترة التى أمضاها مدرساً بجامعة لندن، وقد شكلت معلوماته التى جمعها من جزر تروبرياند جوهر محاضراته ودروسه التى ألقاها في لندن بخاصة ما تعلق منها بخبرته في جمع تلك المعلومات وطريقته التي انتهجها في الدراسة الحقلية.



يلاحظ أن مالينوفسكى سعى لتحقيق بعض الغايات من خلال ما نشره، ويمكن أن يكون من بين تلك الغايات التأكيد على رأيه القائل بأن مظاهر الثقافة لا يمكن دراستها في ذاتها، أي بمعزل عن الغايات التى تسعى لتحقيقها، بمعنى أنه يجب على الباحث فهمها في حدود استخداماتها: فالقارب، على سبيل المثال، عند جماعات التروبرياند لا يُعد في حد ذاته أكثر من مجرد قطعة مادية، لكنه مصنوع لعدة أغراض. عند صناعته يواجه الناس بعدة صعوبات قد لا يمكن التغلب عليها إلا في حدود العمل التطوعي الجماعي، كما أن لكل خطوة من خطوات صناعة القارب طقوسها الخاصة بها وأن تلك الطقوس والاعتقادات لا تكمن في مجرد خطوات صناعة القارب وإنما حتى عند استخدامه في الإبحار، وفي مجابهة الأخطار، وفي نجاح التجارة وما إلى ذلك. ويلاحظ مالينوفسكى بفعل خبرته الدقيقة بقضايا منهج الأنثروبولوجيا الاجتماعية أنه يجب على الباحث ألا يعتمد كثيراً على العموميات، كما ويجب عليه ألا يعَّول كثيراً على شروح مخبره المرافق له في الدراسة الحقليَّة من أجل الوصول إلى فهم الحقيقة الاجتماعية وذلك لأن الناس دائماً يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً مغايراً. ويسدى مالينوفيسكى نصيحة لطلاب الأنثروبولوجيا الاجتماعية مفادها أن الإنسان البدائي الذى صُور لنا على أنه إنسان متوحش هو في الواقع إنسان مثلنا يتمتع بعقل ويستخدم هذا العقل مثلنا، على أن مالينوفسكى كان قد استخلص هذه المبادئ في دراساته التي قام بها في جزر تروبرياند حيث اكتشف حقيقة الإنسان البدائي وعقليته، وأن مسألة العقلانية هذه مهمة جداً عند مالينوفسكى إذ كتب في مقدمة كتابه "الجريمة والعادة في مجتمع متوحش" أن الباحث الأنثروبولوجي الحديث قد جبل على طريقة الوصول إلى بعض القواعد العامة في بعض المسائل مثل قضية ما إذا كان العقل البدائي يختلف عن عقولنا أو أنه مثل عقولنا، أو ما إذا كانت حياة الجماعات المتوحشة كلها مسيَّرة وبصورة دائمة بعالم الغيبيات أو بقوى ما وراء طبيعية أو على العكس من ذلك إلى غير ذلك من القضايا. على أن هذه المشكلات العقلانية العامة، أي القوى والقواعد العامة وغيرها يمكن أن تكون من وجهة نظر مالينوفسكى الأساس لنظرية عالمية للإنسان الاجتماعي.



يقدم مالينوفسكى في كتابه "أبطال المحيط الهادي الغربي" تحليلاً يجوز عده نموذجاً من نماذج الأنثروبولوجيا الحديثة وإن كانت بعض تفسيراته موضع اعتراض اليوم. يعرض مالينوفسكى تداخل عناصر ثقافة جماعات تروبرياند من خلال وصف النظام الاقتصادي للأسر الأموية حيث يلتمس الفرد أصله وقرابته عن طريق الأم وحيث لا يرتبط الابن بأبيه وإنما بخاله الذى هو عشيرته. الفرد من التروبرياند يعمل بجد واجتهاد في بستانه لكي يعول أخته وأولادها وليس زوجته وأولاده، وأن أكثر من 75% من إنتاجه يوزع على أقاربه من أمه. هنا يتضح تداخل النظام الاقتصادي بنظام القرابة في مجتمع التروبرياند كما يحلله مالينوفسكى من واقع حياتهم الاجتماعية. يسمح هذا النظام الاجتماعي للزعماء بتعدد الزوجات، ويفضل الزعماء الزواج بالنساء اللائي لهن إخوة أغنياء ليكون لهم عدد من الأصهار الأثرياء وبما أن النظام الأمومي في تروبرياياند يضع واجبات على الأخ نحو أخته فإن الزعيم يجد نفسه غارقاً في الثروة التى تقدم لزوجاته من أخواتهن. ما يتحصل عليه الزعيم من ثروة لا يخزنه، بخاصة السلع الغذائية، بل يقوم بتوزيعه في عدد من المناسبات والاحتفالات. أنه من خلال التزام الزعيم بالتوزيع المستمر للثروة في مثل تلك الاحتفالات فإنه يعنى بالمهام المناط بها زعيماً من جهة، ومن جهة ثانية فإن استمرار هذا الالتزام يعتمد على استمرار النظام القرابى.



يقدم تحليل مالينوفسكى للسلطات التى يمارسها الزعيم في قرية أوماركانا التى تهيمن على مقاطعة كيريوينا إشارة إلى أن القرية تمثل الوحدة السياسية الأساسية لمجتمع تروبرياند، ويمارس حتى أكثر الزعماء شأناً سلطتهم على قريتهم بصورة رئيسة، وعلى مقاطعتهم بصورة ثانوية. تستثمر المشاعة القروية بساتينها جماعياً وتشن الحرب، وتقيم الاحتفالات الدينية، وترسل البعثات التجارية. يبقى استقلالها الذاتي السياسي والاقتصادي على جانب كبير من الأهمية. يمارس زعيم القرية شيئاً من السلطة على المقاطعة، أي على مجموعة من القرى تنضم إلى قريته في الحرب وفي الاحتفالات الدينيَّة الكبيرة. يتوزع جميع الرجال من ذوى الرتب في شكل هرم يترأسه زعيم أوماركانا. هذا الزعيم هو سيد أقوى القوى السحريَّة التى تتحكم بالمطر والشمس. يتحلى الرجال ذوو الرتب بحلي مميزة، لكنهم يتميزون قبل كل شئ عن العوام بوجود محرمات (تابو) يتكاثر عددها كلما ارتقينا سلم الهرم. لا يتمتع الأشخاص من ذوى الرتب العالية والزعماء بأي سلطة قضائية أو تنفيذية على الأفراد من ذوى الرتب الدنيا في القرى غير المرتبطة بقريتهم. عندما يطلب زعيم من الزعماء من أفراد قريته أو مقاطعته أو من الأجانب بذل الخدمات فإنه يكون ملزماً بالتعويض عن هذه الخدمات. وكما أوضحنا فأن الزعيم يتحصل على الموارد الضرورية عن طريق تعدد الزوجات الذى هو امتياز الزعماء، وعن طريق الهبة التى يدين بها كل صهر لزوج أخته. الزعيم ذو الرتبة يتزوج واحدة من أخوات كل زعيم من زعماء قرى مقاطعته فيصبحون مدينين له بجزء من محاصيلهم وأشيائهم الثمينة. يستخدم الزعيم ذو الرتبة هذا الثراء في إقامة الاحتفالات الكبيرة، وبوجه عام في دمج عدد من القرى بـ "اقتصاد المقاطعة". وبهذا فأن الزعيم هو الأداة لاقتصاد أوسع نطاقاً من اقتصاد القرية.



لا يتمتع الزعيم بأية قوة عامة لتسوية المنازعات التى تظل من اختصاص الأنساب. يتمتع الزعيم بسلاح أوحد هو السحر، ويكون خيرة السحرة تحت تصرفه. وعلى هذا لا يعرف مجتمع تروبرياند حكومة مركزية. إن مجتمع تروبرياند يجسد مثالاً لتسلسل هرمي وراثي يربط بين مختلف الأنساب والمشاعات القروية المحلية من دون أن يؤدى الوظيفة التي تؤديها بنية سياسية ظاهرة. أن سلطة الزعماء هي ركيزة العلاقات الاقتصادية والدينية التى تتخطى إطار المشاعات القروية الخصوصية من غير أن تدمج مع ذلك هذه المشاعات في شبكة اقتصادية واحتفالية واحدة تغطى الجزيرة بأسرها. ويتمتع الزعماء بأقوى السلطات السحرية التى ينبغي عليهم أن يضعوها في خدمة مشاعاتهم . ولهذا فأن إمتيازاتهم هى الوجه الآخر لواجباتهم والمكافأة على الخدمات الاستثنائية التى يبذلونها لمشاعاتهم على كافة المستويات وهمية كانت أم فعلية.



ويمثل مجتمع تروبرياند أشهر مثال على الأهمية والشكل اللذين قد تتلبسهما المبادلات في المجتمعات البدائية المجزأة. فعلاوة على تبادل القلائد والأساور، تتيح البعثات البحرية الكبيرة إمكانية التموين بالمواد الأولية الضرورية من حجارة للفؤوس وخيزران وصلصال وما إلى ذلك. لقد كانت شبكة توزيع الكولا تؤلف رابطة سياسية واسعة تربط بين مجتمعات مجزأة يتوجب عليها أن تكفل الانتظام لتجارة حيوية من دون مساعدة حكومة مركزية تحفظ السلام وتوطده. حاول مالينوفسكى لدى تحليل نظام شبكة توزيع الكولا توضيح النشاطات الاقتصادية ومزجها بالنظام الطقوسي المتمثل في السحر والشعوذة. تمارس جماعات تروبرياند الزراعة وبناء القوارب وصيد الأسماك من خلال أسلوب لتقسيم العمل بين الأفراد وفق أنواع النشاطات الاقتصادية الشئ الذى يدفعهم إلى تبادل السلع بين جزر تروبرياند المختلفة عن طريق شبكة توزيع الكولا. يحلل مالينوفسكى شبكة الكولا بحسبانها أنساق مركبة من الشعائر الدينية والطقوس والاحتفالات التى يتم فيها تبادل بعض المواد الطقوسية بين أفراد الجماعات التى تنتمى إلى شبكة كولا معينة.



ورغم النسق المركب لشبكة الكولا فإنها تمارس دوراً تجارياً ذلك أنه عندما يرغب أحد الأفراد في شبكة ما زيارة شريكه في جزيرة أخرى عليه أن يحمل معه منتجاته ومصنوعاته التى يرى ضرورة حملها معه. يحلل مالينوفسكى طقوس الاستقبال والاحتفالات الدينية التى يتم خلالها تبادل السلع وكذلك تقديم الهدايا بمدى رضا الإنسان المتحصل على الهديَّة. هكذا يفسر مالينوفسكى فلسفة جماعات تروبرياند من توزيع سلعهم من خلال تحليله لشبكة توزيع الكولا.



راد كليف بروان (1881-1955)

حاول رادكليف براون أن يطور الأنثروبولوجيا الاجتماعية إلى علم طبيعي يقوم على الدراسة العلمية المقارنة للأنساق الاجتماعية عند الشعوب البدائية. أسهم إسهاماً بناءً في دراسة البناء الاجتماعي وأنساق القرابة. يعد هو ومالينوفسكى المؤسسين لمدرسة الأنثروبولوجيا البريطانية الحديثة. ألف كتاب: "جزر الاندمان" (1922). وجمعت مقالاته العلمية ومحاضراته في ثلاثة كتب: "البنية والوظيفة في المجتمع البدائي" (1952)، "علم طبيعي للمجتمع" (1957)، "المنهج في الأنثروبولوجيا الاجتماعية" (1958).



من أهم الاتجاهات التي تأثر بها بروان وهيمنت على أفكاره مسألة المماثلة بين الكائنات الحية والحياة الاجتماعية، أي على أساس المشابهة بين الحياة الاجتماعية والحياة العضوية البيولوجية كما كان الحال عند إميل دور كايم. يرى بروان أن المجتمع مثله مثل الكائن الحي يتألف من أجزاء أو وحدات تتداخل وظيفياً وتعتمد على بعضها البعض، فمثلاً أنه كما تتعاضد أعضاء الكائن الحي للحفاظ على الكائن حياً تعمل نظم المجتمع وتقاليده بدورها على بقاء المجتمع واستمراره. يُعرِّف بروان الوظيفة بأنها الدور الذى يؤديه أي نشاط جزئي في النشاط الكلى الذى يكون هو جزء فيه. هكذا تكون وظيفة أي نظام اجتماعي كامنة في الدور الذي يؤديه في البنية الاجتماعية المكونة من أفراد يرتبطون ببعضهم في كلٍ واحدٍ متماسكٍ للعلاقات الاجتماعية المحددة، ووظيفة أية عادة اجتماعية هي الدور الذى تقوم به العادة المعينة في مجمل الحياة الاجتماعية على أساس أن هذه الحياة هي عماد النسق الاجتماعي الكلى. يعطى براون أهميَّة للحياة الاجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية طالما أن النسق الاجتماعي يؤلف، في رأيه، وحدة كيان ووظيفة، أي أنه ليس مجرد تجمع أو حشد وإنما هو كل متكامل مثله مثل الكائن العضوي.



رأينا كيف أن مالينوفسكى اهتم بمفهوم الثقافة وجعلها محوراً وأساساً لدراساته وتحليلاته الوظيفية. أما براون فيهتم بالمجتمع عاداً إياه نسقاً طبيعياً. اهتم براون من ثم بالأشخاص Persons عاداً إياهم وحدات بنيوية حيث أن هذه الوحدات تكوَّن الكل وتجعل منه بنيَّة، هذه الأهميَّة التى أولاها براون للأشخاص جعلته يفرق بينهم وبين الأفراد Individuals. الأشخاص أعضاء المجتمع يمكن أن يكون كل منهم مواطناً له مهنة معينة، أي أن الشخص عند براون يجسد مجموعة علاقات اجتماعية، في حين أن الفرد هو كائن بيولوجي بمعنى أنه يجسد مجموعة من العمليات الفسيولوجية والسلوكية ويقوم علماء الفسيولوجيا وعلماء النفس بدراسته. أما الأشخاص فأن دراستهم تقع في نطاق البنية الاجتماعية ولا يمكن دراسة أية بنية اجتماعية ودونهم بحسبانهم وحدات البنية الرئيسة. لهذا فأن دراسة المجتمع عند براون بمعناها البنيوي تشير إلى الترابط الداخلي الذى يربط بين البنية الاجتماعية وبين صيرورة الحياة الاجتماعية. عليه فأن استخدام مفاهيم مثل صيرورة Process ، وبنية Structure ، ووظيفة Function ما هي إلا محاور بنى عليها براون نظريته في تفسير الأنساق الاجتماعية. تقوم فكرة الوظيفة بمعناها البنيوي عند براون على أساس أن البنية تؤلف مجموعة من العلاقات التى تربط بين تلك الوحدات البنيوية بدرجات متفاوتة. فالأسرة عند براون هي بمثابة وحدة بنيوية والعلاقات الأسرية القائمة بين أفرادها هي علاقات بنيوية تستحيل رؤيتها في عموميتها في أية لحظة لكننا نستطيع ملاحظتها. أن أهمَّ ما يميز تفسيرات براون وتحليلاته الوظيفية هو تركيزها على البنية الاجتماعية هو تركيزها على البنية الاجتماعية ووظيفتها وهو ما أدى إلى انبثاق اتجاه جديد في الأنثروبولوجيا صار يعرف بالاتجاه البنيوي الوظيفي.



اضطر رادكليف براون، في محاولته إعطاء الأنثروبولوجيا نقاءً جديداً ومنهجية، أن يذوب هذا العلم في النظرية العامة المتعلقة بالمجتمعات، أي في علم الاجتماع، وفي الوقت نفسه أعطى براون الأنثروبولوجيا تمايزاً معرفياً. وبما أن المجتمعات غير المعقدة (البدائية/غير المعقدة) نسبياً هي مادة موضوع دراسة الأنثروبولوجيا، فقد ارتأى براون إمكانية أخذ مفاهيم علم الاجتماع الأساسية (بنية، ووظيفة، ومجتمع الخ. كما أشرنا). هكذا تبدى لبراون بأنه يمكنه، انطلاقا من أجزاء طفيفة في علم الاجتماع، إثراء طريقته. الأمر كذلك يجوز القول بأن فكرة البنية الاجتماعية ظهرت في الأنثروبولوجيا مع التحليلات التى قدمها براون ومع تعريفه لمفهوم البنية.



الحق يقال فأن مفهوم البنية شابه قدر من الغموض لوروده بأشكال عديدة في أعمال الكثيرين من علماء الاجتماع. تعددت الآراء وتنوعت حول هذا المفهوم لدرجة استحالت معها فرصة الوصول إلى تعريف واحد شامل ومحدد يتفق حوله العلماء. ففي كتابه "البنية الاجتماعية" (1965) يرى موردوك أن مفهوم البنية الاجتماعية يدل على تماسك المؤسسات الاجتماعية إذ ليست تلك المؤسسات تجمعاً عشوائياً بل أن لها بنية. أحد أغراض هذا النوع من التحليل هو بالتحديد فهم تماسك المؤسسات الاجتماعية وإظهار تبعيتها المتبادلة، ولذلك فإنه يلاحظ استبعاد هذه الفكرة في شكل التحليل البنيوى الوظيفي. بصورة أعم غالباً ما ينال مفهوم البنية عند الوظيفيين والبنيويين تفسيراً قريباً من مفهوم النمط. في حالات يتم استخدام مفهوم البنية بمواجهة تعبيرات أخرى أو بالعلاقة معها إذ نجد أن غورفتش في مقال نشره بعنوان "مفهوم البنية الاجتماعية" (1955) يميز مثلاً المجموعات المبنية عن المجموعات المنظمة وهكذا فإنه يعتقد بإمكانية أن تكون الطبقات الاجتماعية "متبنية" دون أن تكون "منظمة". ويواجه مفهوم البنية في ظروف أخرى بمفهوم المصادفة. كذلك فأن مفهوم البنية غالباً ما يشير إلى العناصر الثابتة لنظام معين مقابل عناصره المتغيرة … وهكذا تشير فكرة المفهوم إلى نموذج معين، إما إلى ثوابت النموذج، وإما إلى مجمل الثوابت والوظائف التى تربط المتغيرات فيما بينها، وإما أيضاً إلى مجمل الثوابت والوظائف. وفي حالات أخرى أيضاً يستعمل مفهوم البنية بشئ من التردد لتمييز الأساسي من الثانوي والجوهري من غير الجوهري والأصلي من المشتق … هكذا يرى مانهايم أن البنية الاجتماعية هي "نسيج القوى الاجتماعية في نشاطها المتبادل والذي تخرج منه مختلف نماذج الملاحظة والفكر"…في هذه الحالة فأن مفهوم البنية الاجتماعية يشير بصورة ضمنية إلى مجمل العناصر لنظام اجتماعي معين يخمن عالم الاجتماع أنه يسيطر عليها ويحدد الأخرى. بالنسبة لمانهايم يتعلق الأمر بالعناصر المادية (التى يشار إليها بغموض بعبارة "القوى الاجتماعية" التى تسمح بتفسير العناصر الفكرية، وهو ما يذكرنا بالتمييز الذى يقيمه ماركس بين البنية التحتية والبنية الفوقية. ويستعمل بعض علماء الاجتماع مفهوم البنية الاجتماعية بحسبانه مرادفاً "لنظام التدرج" وتعد متغيرات التدرج في هذه الحال أولية وحاسمة.



وقد رفض علماء الأنثروبولوجيا من أمثال كروبر وايفانز برتشارد وراد كليف بروان عد بعض فئات المتغيرات بصفتها حاسمة بحيث أصبح مفهوم البنية الاجتماعية عندهم مرادفاً بسيطاً لمفاهيم أخرى، مثل مفاهيم التنظيم الاجتماعي أو تنظيم العلاقات الاجتماعية. هكذا يمكن أن يظهر مفهوم البنية مترابطاً مع مفهوم النظام إذا اعتبرنا أن النظام هو مجمل "العناصر ذات التبعية المتبادلة". ولكن يمكن أن يظهر كذلك وكأنه معَّرف ضمنياً أو صراحة بمواجهة مجموعة أخرى من المفاهيم أو من التصاق بها، في اتجاهات متنوعة جداً ربما يستطيع الوضع العام وحده أن يحددها.



على كل فقد اقترن مفهوم البنية عند أصحاب الاتجاه الوظيفي بالدراسات الحقليَّة المعمقة بخاصة تلك التى قام مالينوفسكى في جزر تروبرياند وكذلك راد كليف بروان في جزر الاندمان حيث ظهرت تبعاً لذلك تعريفات للبنية الاجتماعية بعيدة عن الارتباط بالوظيفة عند براون وآخرين وظهور اتجاه جديد يجمع بين البنية والوظيفة عرف بالاتجاه البنيوي الوظيفي.



يرى بروان أن مفهوم البنية يشير بالضرورة إلى وجود نوع من الترتيب بين الأجزاء التى تدخل في تركيب الكل وذلك لأن ثمة علاقات وروابط معينة بين الأجزاء التى تؤلف الكل وتجعل منه بنية متماسكة ومتمايزة. ومن ثم تكون الوحدات الجزئية التى تدخل في تكوين البنية الاجتماعية هم الأشخاص أعضاء المجتمع الذين يحتل كل منهم مركزاً معيناً في المجتمع ويؤدى دوراً معلوماً في الحياة الاجتماعية. وكما أشرنا سابقاً فأن هذه تشكل النقطة الأساسية في نظرية راد كليف بروان عن البنية الاجتماعية لأن الإنسان فرداً لا يعد جزءاً مكوناً للبنية التى تتألف من أشخاص هم أعضاء المجتمع لا من حيث أنهم أفراد.



الإنسان فرداً هو كائن بيولوجي يتكون من مجموعة كبيرة من وحدات وعمليات عضوية ونفسية وبالتالي مداراً لبحث البيولوجيا وعلم النفس. أما الإنسان شخصاً فهو مجموعة من العلاقات الاجتماعية تتحد طبقاً لمكانته الاجتماعية مواطناً، وزوجاً، وأباً، وعضواً في مجتمع الخ. من هنا يصبح الإنسان "الشخص" لا "الفرد" هو موضوع بحث الأنثروبولوجيا الاجتماعية التى تستمر باستمرار النظام الاجتماعي الذى ينظم أدوار الأشخاص ويشخص علاقاتهم بين بعضهم البعض ويحددها … هذا ما يفسر، في رأي براون، استمرار العشيرة، والقبيلة، والأمة بحسبانها تجسيداً لتنظيمات معينة من الأشخاص رغم التغير الذى يصيب الوحدات المؤلفة له من وقت إلى آخر . يقصد براون بالبنية الاجتماعية الآتي:



أولاً: الجماعات الاجتماعية الموجودة لفترة طويلة وكافية، وهى الأشكال المورفولوجية للمجتمع الإنساني والتي تمثل تجمع الأنساق في وحدات اجتماعية مختلفة الأحجام.

ثانياً: التباين القائم بين أفراد وجماعات مجتمع من المجتمعات، ويحدد ذلك التباين الأدوار الاجتماعية التى يقوم بها الأفراد والجماعات في المجتمع الواحد، مثل اختلاف المركز الاجتماعي بين الرجال والنساء، وبين الشيوخ والشباب، وبين الشباب والأطفال، وبين الرئيس والمرؤوس، وبين صاحب العمل والعمال.

ثالثاً: كل العلاقات الاجتماعية التى تقوم بين شخص وآخر من البنية التى تتكون من العلاقات الثنائية مثل العلاقات بين الأب وابنه، وابن الخال وابن أخته الخ. ويعد النظام القرابى في المجتمعات غير المعقدة أهم النظم الاجتماعية وهو الذى يحدد شبكة العلاقات الاجتماعية للمجتمع.



وتتميز البنية الاجتماعية وفقاً لبروان بعدة خصائص:

1- البنية الواقعية التى هي مجموعة من العلاقات الواقعيَّة بين شخصين على الأقل، وقد تضم عدداً كبيراً من الأشخاص. ما يميز هذه العلاقات طابعها المتغير سواء بين الأشخاص أو الجماعات، بمعنى أنها غير ثابتة بفعل دخول أعضاء جدد في المجتمع عبر الولادة أو الهجرة إلى المجتمع، والهجرة من المجتمع، والوفيات. تشمل البنية الاجتماعية الواقعية أيضاً جميع العلاقات الاجتماعية الجزئية المتغيرة بين أعضاء أي مجتمع من المجتمعات البشرية.

2- الصورة البنيوية التي تتميز بالثبات النسبي لفترة زمنية تطول أو تقصر وفق متغيرات معينة. وتتعرض الصورة البنيوية للتغير في حالات بصورة فجائية أو تدريجية … فالثورة أو الغزو الخارجي قد يؤديان إلى حدوث تغير فجائي عارم.

3- لا يمكن رؤية البنية الاجتماعية بصورة مباشرة، لكن يمكن للباحث ملاحظة البنية في صورة علاقات اجتماعية محسوسة بين أفراد وجماعات مجتمع من المجتمعات …. ثم أن دراسة البنية الاجتماعية شئ ودراسة العلاقات الاجتماعية شئ آخر. يستخدم بعض الأنثروبولوجيين مصطلح البنية الاجتماعية للإشارة إلى الجماعات الاجتماعية الثابتة فقط مثل الأمم، والقبائل، والعشائر…إلخ التى تحتفظ باستمراريتها وكياناتها بالرغم من التغيرات التى تتعرض لها عضويتها زيادة أو نقصاناً.

5- يدرس الباحث الأنثروبولوجي البنية الاجتماعية بهدف الوصول إلى نتائج موضوعية مستخدماً منهجاً شمولياً، أي دراسة تشمل جميع أجزاء البنية الاجتماعية وكافة مظاهرها ذلك أن عناصر البنية وأجزاءها تتفاعل ككل وعلى الباحث أن يكشف عن العلاقات المباشرة وغير المباشرة التي تربط تلك العناصر والأجزاء. بمعنى آخر عليه أن يحدد عملية التأثيرات المتبادلة بين وحدات البنية الاجتماعية.

6- استمرار البنية الاجتماعية وبقائها فترة طويلة من الزمن، وهى خاصة تميز البنية وتؤهلها للقيام بوظيفتها الاجتماعية الأساسية المتمثلة في الحفاظ على تماسك المجتمع وبقائه، ويكون بقاء البنية بقاءً متجدداً لا جامداً، بمعنى أنه متغير وليس ساكن.



لقد أصبحت البنيوية الوظيفية دراسة لا لنمط الحياة بل لنمط وجود فعلى متخطية نزعة المركزة الاثنية التى ميزت الأنثروبولوجيا في النصف الأول للقرن التاسع عشر والتي لم تر في المجتمعات الأخرى إلا أنواعاً من الحياة التى تخطاها التطور.



وتعد البنيوية الوظيفية أن كل مجتمع، بحسبانه نظام مؤسسات وممارسات لها دلالتها، قادر على الاستمرار في حركته وتحولاته والقيام بوظيفته رغم التغيرات الظاهرة داخلياً وخارجياً على المستوى "الشخصي"، وقادر على الممارسات غير الهامة. فالمجتمع ليس مجرد ركام لا عضوي كما تصور أنثروبولوجيو النصف الأول من القرن التاسع عشر، بل هو "نظام" وظيفي من مؤسسات تلبى حاجات إنسانية أساسية. فالوظيفة الإنسانية والاجتماعية لهذه المؤسسات هي التى تعطيها شبه شرعيتها وديمومتها. وقد عبرت عالمة الأنثروبولوجيا البريطانية لوسى ماير عن ذلك بقولها: "أن تفسير الثقافة الإنسانية بحسبانها آلية تضامن تهدف لتحقيق الحاجات الاجتماعية بحيث يرتبط كل عنصر فيها بالباقي ويظل مشروطاً به، يفرض ضرورة الاهتمام بجدية أكثر بالمؤسسات غير المعقدة للشعوب غير المتحضرة أكثر مما تم في الماضي، وطالما أننا نؤكد أن القبائل مازالت تعيش شروط البربرية غير المنتظمة،و هى شروط تعترف بقسوتها حتى القبائل، يصبح يسيراً علينا أن نتطلع إلى انتصار المدنية مع ما يلحق بها من حسنات، وأن تعد كل مقاومة حيوية مؤقتة سترتفع حين يتبنى السكان الأصليون مفهوماًُ أكثر عقلانية".









رد مع اقتباس
قديم 2011-05-14, 22:20   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

لأنثروبولوجيا الاجتماعية :

إن اصطلاح الانثروبولوجيا هو اصطلاح شامل وواسع حيث أنه يشمل دراسة التطور البيولوجي والحضاري للإنسان، العلاقات البيولوجية والمبادئ التي تحكم علاقات الشعوب بعضها ببعض. تتكون الانثروبولوجيا من كلمتين لاتينيتين هما َ (Anthropos وتعني الإنسان ، logos وتعني العلم)
أي أن رالانثروبولوجيا تعني علم الإنسان، وهي كعلم تنقسم إلى قسمين :
الانثروبولوجيا الفيزيقية أو البيولوجية.
الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية.
تهتم الانثروبولوجيا الفيزيقية بدراسة تطور الانسان وسلوكه وكذلك الخصائص البيولوجية التي يتباين فيها البشر القدامى والمحدثين، أما الانثروبولوجيا الاجتماعية فتنقسم إلى ثلاثة اقسام هي :
علم اللغويات : يبحث في تحليل اللغات وتصنيفها.
علم الآثار Archéologie: يدرس الفترات التاريخية في حياة المجتمعات والثقافات بالاعتماد علة وثائق قديمة والشواهد من المواقع الثرية كالمدن القديمة والبنايات، والمتوجات المادية بها وإعادة رسم صورة ثقافات ما قبل التاريخ.
الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية: تهتم بدراسة المجتمعات والثقافات الكثيرة المتنوعة التي تسير عليها المجتمعات، وقد اختصت وعرف عليها أنها تهتم بدراسة المجتمعات البدائية.
فالانثروبولوجيا عامة تجتمع في علم واحد وتحت اسم واحد بين نظرتي كل من العلوم البيولوجية والعلوم الاجتماعية، فتركز مشكلاتها من ناحية على الإنسان ككائن بيولوجي وعلى سلوك الإنسان ككائن اجتماعي.
أول من استعمل كلمة الانثروبولوجيا الاجتماعية فو فريزر سنة 1908 في محاضرة تحت عنوان : مجال الانثروبولوجيا الاجتماعية، وعرفها بأنها "محاولة الكشف عن تسمية القوانين العامة التي تحكم الظاهرات وتفسر ماضي مجتمعات الإنسان حتى نتمكن بفضلها من أن نتنبأ بمستقبل البشرية استنادا إلى تلك القوانين السوسيو العامة التي تنظم تاريخ الإنسان" أما رادكليف براون فيقول " يمكننا أن نعرف الانثروبولوجيا الاجتماعية بأنها دراسة طبيعة المجتمع الإنساني دراسة منهجية منظمة تعتمد على مقارنة الأشكال المختلفة للمجتمعات الإنسانية بالتركيز على الأشكال الأولية للمجتمع البدائي"
والانثروبولوجيا كعلم تتميز بدراستها للإنسان والمجتمعات البشرية استنادا إلى بعض المفاهيم التي أصبح لها بعد عنصري واستعماري (الفوارق العرقية من خلال حجم الجمجمة ولون الجلد، المركزية الثقافية، لبدائية...)
وأيضا أجريت الكثير من الأبحاث الانثروبولوجية بهدف استنباط طرق ووسائل لتنفيذ سياسات الإدارة الاستعمارية فهي اختصت بدراسة الأشكال الأولى للمجتمعات البشرية والمتمثلة في الوقت الحاضر في المجتمعات البدائية المتخلفة، المجتمعات التي لا تعرف الكتابة، المجتمعات ذات الثقافة الشفوية، المجتمعات غير الغربية، أي تهتم بدراسة الآخر المتوحش.
الانثروبولوجيا بهذا الاسم مزدهرة أكثر في بريطانيا فقد عرفت تطورا كبيرا على حساب علم الاجتماع في حين تعرف في الولايات المتحدة الأمريكية باسم الانثروبولوجيا الثقافية لأنها تهتم بدراسة ثقافة الشعوب على شاكلة المدرسة الثقافية، في حين تعرف في فرنسا باسم الاثنولوجيا وهي كلها أسماء تشير إلى الانثروبولوجيا الاجتماعية التي تتميز بدراساتها وأبحاثها الميدانية المتعلقة بالمجتمع.

الانثروبولوجيا وعلاقتها بالعلوم الأخرى
الانثروبولوجيا هي دراسة الإنسان بشكل عام تقسم إلى انثروبولوجيا طبيعية (دراسة الإنسان في مظهره البيولوجي) وانثروبولوجيا اجتماعية وثقافية (تعنى بالطريقة التي تطورت بها النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية والألسنية (اللسانيات)) ويدخل هذا العلم في إطار العلوم الاجتماعية كما يدخل في العلوم الطبيعية لذا نجده يحتل مكانة متميزة بين العلوم، واهتمامنا ينصب على القسم الاجتماعي من الانثروبولوجيا أي الانثروبولوجيا الاجتماعية وسوف نحاول عرض علاقته بالعلوم الاجتماعية والإنسانية الأخرى.
الانثروبولوجيا والفلسفة: الفلسفة سابقة للأنثروبولوجيا وهي أهم العلوم ولكن أي معرفة إذا أصبحت ممكنة في ميدان ما حتى تخرج عن مسمى الفلسفة ووتخذ لنفسها موضوعا وإطارا مستقلين. والانثروبولوجيا كانت ضمن التراث الفلسفي تأسست كعلم قائم بنفسه في القرن 19 لينفتح مجال للمجابهة لأن أساس البحث الانثروبولوجي العمل الحقلي الميداني مقابل الفرضيات المجردة للفلسفة، حتى أن مارسيل موس عبر عن أمله في أن الانثروبولوجيا الكاملة قد تحل محل الفلسفة لكونها تتوصل بالتحديد إلى فهم تاريخ الفكر البشري التي تفترض الفلسفة وجوده ". ولكن الواقع يشير إلى أن التجربة الانثروبولوجية تنطوي على بعد فلسفي واضح لأنه موجود داخل إطار من الأفكار والمبادئ الأساسية والبديهيات الأولية المنتمية للفلسفة، فليس هناك من نظرية انثروبولوجية متحررة بالكامل من فلسفة الظل حسب ميشال فوكو إضافة إلى كون عين الملاحظ عضو في تراث فكري، فهل يمكننا حقا بناء علم مستقل عن الفلسفة؟
الانثروبولوجيا والتاريخ : يدرسان الإنسان والمجتمع ولكن يختلفان في كيفية الاقتراب، فالتاريخ يدرس ماضي الشعوب في حين أن الانثروبولوجيا تدرس المجتمعات البدائية الباقية هذه المجتمعات لم تدخل التاريخ حسب الطرح الغربي وبالتالي حرمت الانثروبولوجيا من التاريخ حتى فيما يخص مجتمعات لها نسق تاريخي مغاير للنسق التاريخي الغربي كالمجتمعات العربية والتركية والصينية. بعد تجدد الانثروبولوجيا أصبحت تتجنب المقابلة القديمة بين المجتمعات البدائية الجامدة (الباردة أي بدون تاريخ) والمجتمعات المعقدة الحيوية (ذات تاريخ) وهذا باكتشاف البعد التاريخي للمجتمعات المدروسة في الحين (التغير الاجتماعي، التغير الإثني والتغيات الحاصلة في المجتمات الريفية) إضافة إلى أنها تحولت إلى دراسة المجتمعات القريبة وبالتالي أصبحت ملزمة بالنظر في التاريخ والذاكرة المكتوبة لمعرفة الحاضر.
من جانب آخر تجدد علم التاريخ بتوسعه لدراسة الواقع العميق للجماهير والظواهر الاجتماعية ، كما أدخل المدة الطويلة في تحاليله بحيث أصبح المؤرخ يستشف البنى الخفية والحركات التي تفعل المجتمع، فالتاريخ لم يعد صدفة أو حدثا فجائيا ولكن يصبح بعدا داخليا للمجتمع، كما توسع التاريخ في مجال كان مهمشا من قبل كالأساطير والممارسات الشعبية التي أصبحت ذات معنى عند المؤرخ..
الانثروبولوجيا وعلم الاقتصاد :علم الاقتصاد هو وصف ميكانيزمات إنتاج وتوزيع ثروات المجتمعات الحديثة (من أين تأتي ثروات الأمم وكيف يتم توزيعها على مختلف الفئات الاجتماعية). وهو يفترض أن الانسان الاقتصادي هو فاعل يتصرف بعقلانية ويختزل المجتمع في السوق والمجال الذي تتم فيه عملية العرض والطلب، كما يقر عالم الاقتصاد عالمية الممارسات والسلوكات الاقتصادية العقلانية المبنية على العلاقة العامة بين بين الامكانات والغايات وعلى مضاعفة الرغبات المرادة.
الجانب الاقتصادي في المجتمع موجود في الانثروبولوجيا ولكن يتسم ببعده الاجتماعي والثقافي، فالانثوبولوجيا لا تربط الحاجة والندرة بالجانب البيولوجي النفعي العالمي وإنما هما حسبها أمران نسبيان يختلفان من ثقافة لأخرى، وكمثال على ذلك النظام الغذائي للمجتمع لا يرتبط باقتصاده أي الثمن والعرض والطلب وإنما بإطار ثقافي أكبر.
الانثروبولوجي ساهلين SAHLIN أثبت أن المجتمعات البسيطة مكتفية اقتصاديا أو تعيش الوفرة لأنها تنتج ما تحتاج إليه فهي تمارس الوفرة بتحديد منتوجاتها وهذا ما لا ينطبق على المجتمعات الرأسمالية لأن نظامها الاقتصادي للإنتاج التجاري يخلق اصطناعيا حاجات إما من أجل إعادة بعث الإنتاج أو لتوظيفها على أعلى ريتم، وميكانزمات هذا النظام تتم مثلا بالطرح المستمر لمنتوجات جديدة تستجيب لنفس الحاجة، خلق حاجات متسلسلة، استعمال منتوج يفرض استعمالا آخر.
فالانثروبولوجيا عكس الاقتصاد تنظر إلى الممارسات الاقتصادية (العرض، الطلب، الإنتاج، التبادل والاستهلاك)في إطار ثقافي اجتماعي بعيدا عن فكرة الإنسان الاقتصادي المنفعة الاقتصادية وعالمية الممارسة الاقتصادية العقلانية.
الانثروبولوجيا وعلم النفس : مرت كل من الانثروبولوجيا وعلم النفس بمسار مشابه انطلق تحت تأثير العلوم الطبيعية وكلاهما يدرس السلوك الإنساني. فعلم النفس بأنواعه (علم النفس، التحليل النفسي، علم النفس الاجتماعي) يدرس السلوك الفردي، الشعور، الشخصية، واللاوعي في مستوى الفرد مهملا بذلك المستوى الاجتماعي (ما عدا علم النفس الاجتماعي) ولكن تطوره جعل علماء النفس يهتمون أكثر بالبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الأفراد والخبرات المشتركة بين الناس ليقتربوا أكثر من علماء الاجتماع والانثروبولوجيين.
نتائج علم النفس حول معايير الشخصية لا يمكن أن تعمم لأنها اعتمدت على دراسة أفراد نشؤوا في ظل الحضارة الحديثة، فلجأوا إلى الانثروبولوجيين ليمدوهم بنتائج أخرى بينت نسبية ما توصلوا إليه ما جعل علم النفس يصل إلى فهم أفضل للمبادئ التي يقوم عليها تشكيل الشخصية على المدى الواسع من الأشكال التي تتخذها شخصيات البدائيين والأفراد العاديين، كما اكتشفوا النسق الحضاري من خلال تحليل بعض الأمراض النفسية المرتبطة بالجذور الاجتماعية، فتفسير فرويد الأحلام قاد العلماء إلى تاريخ المجتمعات الإنسانية (دراسة الأحلام،الرموز و المرض...)كما أرجع قانون الهلوسة والمرض إلى عوامل اجتماعية لا نفسية كالاحتلال والظلم.
أما الانثروبولوجيا فأصبحت تنظر للفرد كناقل للثقافة وليس كعنصر سلبي وهذا بفضل علم النفس الذي جعلها تهتم بالفروق بين الأنماط الأساسية للشخصية في المجتمعات المختلفة وهذا ما ساعدها على حل مشكلة الأسباب التي تجعل مجتمعات معينة تطور محاور اهتمام خاصة بها، فتقبل وترفض تجديدات معينة، وهي أيضا قدمت خدمة كبرى لعلم النفس الاجتماعي بطرحها في شكل نفسي دراسات حول الاندماج الثقافي (غياب التوترات النفسية لمرحلة المراهقة) جعلها تستخدم مفاهيم نفس اجتماعي، ثم قدمت بعد ذلك أمثلة وتغيرات لعلماء النفس الاجتماعي الذين يعتبرون فرضياتهم في إطار ضيق (المجتمعات الحديثة) مما جعلهم يقيسونها بما هو موجود في أطر أخرى لمعرفة قيمة نتائجه.
علاقة الانثروبولوجيا بعلم الاجتماع: كلاهما يبحث في المجتمعات الإنسانية، كيف تعمل؟ وكيف ولماذا تتغير الثقافات؟ فما هي نقاط التقارب والاختلاف بينهما؟
نقاط الاختلاف :
في مستوى التفكير : علم الاجتماع أقدم وأشد نزوعا إلى الاتجاه الفلسفي ويرتبط دائما بالنظريات الفلسفية العامة وهو أكثر تطورا وتفوقا في نوع المفاهيم والنظريات.
أما الانثروبولوجيا الاجتماعية فأفضل ما يهمها في البحث هو الوفرة والثراء في المعطيات الميدانية التي يجمعها الباحث في بحثه الحقلي، كما أنها تتميز بارتباطها الدائم بخلفيتها الطبيعية لذلك نجدها تجعل من الوصف ضرورة علمية ملحة في حين أن عل الاجتماع لا يلتزم بذلك.
على مستوى الموضوع : الانثروبولوجيا تدرس المجتمعات البدائية على مستوى الميكرو سوسيولوجي ، في حين يدرس علم الاجتماع المجتمعات الحديثة على مستوى الماكرو سوسيولوجي (الماكرو = العام).
الانثروبولوجيا تكون تجانسا في موضوعها ومنهجها عكس علم الاجتماع الذي يدرس موضوعا أكثر تعقيدا نظرا للتعقيد الشديد في مشاكل المجتمعات الحالية وبالتالي يصعب عليه استخراج إجابات من خلال منهج مقارنة نسقية كما هو الحال في المجتمعات البسيطة المغلقة.
الانثروبولوجيا تدرس ثقافة غريبة أي تستكشف سلم المعايير وتلاحظ إطار الممارسات وتلجأ إلى الشرح المعمق لكل المظاهر الثقافية حتى اليومية منها، ففي ميدان مجهول العادي (التافه) يصبح ذا قيمة وأهمية في حين أن علم الاجتماع يهمل الجوانب اليومية (العادية، الجزئية) المعروفة حسب اعتقاد العلماء.
على مستوى المنهج : الانثروبولوجيا تقرر تجانس المجتمع بتقطيع طبيعي أو اصطناعي كما تتميز بمنهج فريد يستند على الحميمية والاقتراب المعمق الذي يجمل بعدا كيفيا وهذا ما انعكس على أدوات وتقنيات البحث المستعملة حيث يميل الانثروبولوجي إلى استخدام الملاحظة بالمشاركة، الإقامة الطويلة، المقابلة المعمقة، قصة الحياة، ويصبح الباحث أيضا فاعلا وملاحظا في آن واحد.
أما علم الاجتماع فيميل أكثر إلى المناهج الكمية كما لا يقصي أي فئة بل يعتمد على مبدأ العينة ولكي يصل إلى مستوى التعميم يعتمد أكثر على الاستمارة لأنها تمس أكبر قدر ممكن من المبحوثين.
نقاط التشابه :
كلاهما يدرس المجتمع في كليته ويكملان بعضهما البعض بحيث يقدم علم الاجتماع للانثروبولوجيا مستقبل المجتمعات البدائية في حين يقدم الثاني للأول أصل نشوء وماضي المؤسسات والبنى الاجتماعية والأديان والقيم والعادات.
هناك الكثير من المفاهيم والنظريات المشتركة انتقلت من الانثروبولوجيا إلى علم الاجتماع والعكس (الوظيفية، لبنيوية، التطورية...) وأيضا هناك الكثير من المواضيع المشتركة (الأساطير، الخيال، الثقافة...)
هناك تشابه كبير بين علم الاجتماع البدوي والانثروبولوجيا الاجتماعية.
التغيرات الاجتماعية الحديثة ساهمت كثيرا في التقارب بين العلمين ما أنتج مفهوم علم الاجتماع الانثروبولوجي, وعلى العمم هناك تقارب وتداخل كبيرين بين العلمين ما جعل أنثروبولوجيا كبيرا بحجم رادكليف براون يقول "أن الانثروبولوجيا الاجتماعية هي علم الاجتماع المقارن".

الانثروبولوجيا والعالم المعاصر
استهل كل من فيليب لابورت تولرا و جون بيار فاريني كتابهما "الاثنولوجيا، الانثروبولوجيا" بسؤال مفاده : هل ستختفي الاثنولوجيا مع أواخر البدائيين، الذين حددت لنفسها مهمة دراستهم؟.
فراح الانثروبولوجيون في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين يبحثون عن إثنيات قد تكون في منأى عن هجمات الحضارة، في تلك الفترة كان المتوحش وعالم الاثنولوجيا الطفيلي الذي يتغذى من تقاليده مسجلين على لائحة الأجناس المرشحة للانقراض.
حقيقة أصبح الميدان المفضل للانثروبولوجيين يندر شيئا فشيئا ولكن هذا الأمر وعوامل أخرى جعلتهم ينفتحون أكثر فاكثر على العالم المعاصر أو العوالم المعاصرة كما يحلو لانثروبولوجيي اليوم تسميته، كانوا يتخيلون أنهم مسافرون في الزمان، فيما هم يسافرون في المكان (مارك أوجيه وكولاين) لأن المعاصرة هو فعل العيش في الفترة نفسها وتقاسم المعايير المشتركة.
هناك معايير يتقاسمها البشر اليوم وهذا رغم وجود معالم محلية، فالانثروبولوجيا تعترف بتعددية الثقافات كما تعترف بمعاييرها المشتركة (تشترك في ثقافة عالمية تستند إلى معايير أخرى) وبالاختلافات الداخلية في ثقافة محلية بعينها.
وقوة التحليل الانثروبولوجي تكمن في الوصف الدقيق للتصرفات الإنسانية في مساقها التاريخي والثقافي من جهة، والمقارنة بأشكال أخرى في الزمان والمكان من جهة أخرى.
لقد تغيرت الانثروبولوجيا لأن العالم (الواقع الاجتماعي) تغير، فالمجتمعات لتقليدية احتكت بالحضارة ومسها الغزو الثقافي، فلم يعد هناك وجود لثقافات مستقلة خارج السياق العالمي وهذا ما جعل الانثروبولوجيا تنتقل من دراسة الشعوب إلى دراسة المواضيع واستخدام ميادين جديدة.
تغير العالم حتى أصبح كل البشر حتى البدائيين منهم يرون شروط حياتهم وقد تحددت بقرارات تنتج بعيدا عنهم وهم يخضعون لسيطرة اقتصادية وسياسية وثقافية تمارس من قبل سلطات وقوى خارجية (الأزمة الاقتصادية، العولمة، التكنولوجيا...) وهذا ما يقارب بين المجتمعات البدائية والتقليدية والحديثة ضحايا القوى نفسها، فهي تعيش نفس المظاهر والمشاكل وهذا ينطبق على حقول الانثروبولوجيا الجديدة ذاتها سواء القاسية منها (ضواحي المدن، اللاجئين، الهجرات السرية، المخدرات، الدعارة...) أو الهانئة (سياسة، موسيقى عالمية، حركات ثقافية وفنية...) لذا تدرس الانثروبولوجيا العلاقات التذاوتية بين المعاصرين سواء كانوا بدائيين أو من سكان المدن، سواء كانوا قراء أو أغنياء، أميين أو مثقفين، علاقات الغيرية والهوية التي تنتج في سيرورة متواصلة ضمن عمل مستمر يعبر عن عمل لا ينقطع داخل كل مجتمع من أجل تحديد الذات والآخر.
انثروبولوجيا اليوم تدرس المجتمعات التقليدية لأنها تخترع تقاليد لكي تبرر التحديث كما تدرس المجتمعات الحديثة (لعصرية) التي تلجأ للتحديث لكي تبرر ممارسات قديمة وهذا ما جعل برونو لاثور يعنون كتابه "نحن لم نكن عصريين أبدا".
انتقلت الانثروبولوجيا من دراسة الآخر وأصبحت اليوم تهتم بالأنا والإنسان عامة، ومن الشعوب إلى المواضيع، ومن المحلي إلى المحلي في سياق عالمي، ومن العالم البدائي إلى عوالم معاصرة.

ميادين الانثروبولوجيا
إذا قلنا أن علم الإنسان يختص بدراسة المجتمعات البدائية التقليدية البسيطة، المجتمعات المنعزلة اجتماعيا، فيتبادر إلى اذهاننا أن هذا العلم ليس عمليا ولا يفيد عمليا، ولكنه على العكس من ذلك هو علم ما بعد حداثي فتح الكثير من الآفاق للعلوم الأخرى، لأن مجرد دراسة سلسلة من القبائل البدائية مع ما يتبع ذلك من مقارنات وتحليلات قد يزودنا بمعلومات ثرية وقيمة عن العناصر الحقيقية التي تدوم طويلا، ولكن لظروف وأسباب علمية وعملية تفتحت على ميادين ومواضيع جديدة عليها، لتواصل بذلك في سيرورة تطورها وتطويرها للفكر الإنساني.
تنوع المواضيع المعالجة في انثروبولوجيا اليوم يؤكد أنها تخصص متصاعد، وحسب مارك أوجيه و كولاين هذه المواضيع ليست مجالات خاصة وإنما هي مجالات مترابطة لذا الخلفية الانثروبولوجية المتمثلة في اعتبار الإنسانية كحقل تحتم أبعادها بكاملها(فكرة رؤية انثروبولوجيا موحدة)ومن بين المواضيع الهامة نذك ما يلي :
انثروبولوجيا الأدب : ظهر الأدب كموضوع بحث للانثروبولوجيا منذ بداياتها، فالمجتمعات البدائية ذات التراث الصغير، ذات الثقافة الشفوية : كلام، خطاب، غناء، فكتابات الأثر منبعها التناقل الشفوي، ثم انتقل البحث الانثروبولوجي للمجتمعات الحديثة ليدرس الخطاب المتجسد في الكتابة عن طريق تجميع النصوص وتحليل القراءات التي أجريت عليها، أو بإنتاج النصوص ونتائج الكتابة في تكون الأشكال الثقافية.
انثروبولوجيا السياسة : الاهتمام بالجانب السياسي في الانثروبولوجيا بدأ مع مورغان الذي اكتشف خصائص سياسية مجهولة عن المجتمعات البدائية، محورها أن صلات القرابة تشكل البنية الأساسية لكل الشأن الاجتماعي وبالتالي السياسي (التميز بين المجتمعات القرابية أو العرقية ومجتمعات الدولة) ثم أصبحت الانثروبولوجيا السياسية تهتم بالعمل أكثر من البنى كما جاء في تعريفها (سوارتز، تورنر، تادن) هي دراسة عمليات فرضتها الخيارات وتحقيق الأهداف العامة والاستعمال التفضيلي للسلطة من قبل أفراد المجموعة المعنيين بهذه الأهداف. لقد تم التركيز في العمل السياسي على التفاعل الفردي والجماعي في توازنات السلطة فالسياسة كلعبة لها نوعان من القواعد : القواعد المعيارية والعملية (العنف، الإضراب عن الطعام، المسيرات...)
انثروبولوجيا الاقتصاد :الانثروبولوجيا أعطت في بدايتها أهمية كبيرة للوسائل التقنية، أدوات العمل وأنماط التصرف، لكن هذا الاهتمام ذو البعد الطبيعي والذي ينظر إلى هذه الأدوات كأحد أهداف تحسين العلاقة مع الطبيعة، وإنما تدخل في الميكانيزمات الاجتماعية والسياسية والطقوسية، فأصبحت تحلل المظاهر القديمة للاقتصاد بهدف تأسيس نظرية عامة بين الاقتصاد والمجتمع أو الثقافة (الشكلانيين) أو تعتبر الأنظمة الاقتصادية هي في حالة تقطع متواصلة لانتظامها عبر إجراءات غير اقتصادية.
لقد اهتمت الانثروبولوجيا الاقتصادية بالجانب المادي للمجتمع بكل أشكاله: الإنتاج، التقنيات، الهبة، الاستهلاك، الندرة، إعادة التوزيع، البيئوية الثقافية. كما أعطت أهمية مميزة لعملية التبادل الموجود في كل زمان ومكان (الاقتصاد السياسي، علاقات القرابة)
انثروبولوجيا المعرفة : تبرز مقولات العقل المدركة قبل تدجينها عبر فكرة عالمة، فهي تحاول الإجابة على السؤال الرامي إلى معرفة كيفية تكون العالم لطبيعي محليا.



منهجية البحث في الأنثروبولوجيا
البحث في الأنثروبولوجيا ما هو إلا حالة خاصة من البحث في العلوم الاجتماعية، فهو يخضع لنفس النموذج والذي يحتوي على أربعة مراحل :
1. مشروع البحث :
قبل الانطلاقة الفكرية لأي بحث أنثروبولوجي يحدد الباحث الأهداف الحقيقية التي تتبعها الدراسة سواء كانت أهداف علمية كاختبار نظرية، تجربة أساليب مستحدثة أو أهداف عملية العلاقات العرقية والتحضر، يجب عليه تحديد الموضوع الذي يريد دراسته ويتجه فيما بعد إلى الميدان لاختيار الجماعة الأولى أو المجال الذي يقيم عليه الدراسة.
2. تقنيات ومناهج البحث :
في هذه المرحلة يضطر الباحث إلى اختيار منهج بحث معين يتماشى وطبيعة الموضوع المراد دراسته ومع القناعات المنهجية للباحث، ثم يختار من بين الأدوات المنهجية (تقدير البحث) أساليب جمع البيانات التي يراها مناسبة وفعالة في هذا الموضوع بالذات ومن أهم هذه الأساليب المتوفرة في الأنثروبولوجيا ما يلي :
‌أ- الملاحظة بالمشاركة: يعتمد الباحث في هذا الأسلوب على ملاحظة حياة المجتمع المبحوث عن طريق الاندماج فيه وبالتالي يصبح عنصرا كباقي العناصر التي تكون هذا المجتمع فيعيش وينام ويأكل بنفس الطريقة التي يعيشها أفراد هذا المجتمع. وقد جاءت هذه التقنية مع مالينوفسكي الذي رفض قطعيا وبدل أن يأتي بالمبحوث إلى مقر سكناه توجه هو إلى ميدان المبحوث وعاش حياته بطريقة عادية حتى أن بعض الباحثين استعملوا حيلا وإغراءات من أجل الحصول على قدر كبير من البيانات كإخفاء أدوات التسجيل وشراء المعلومات وسرقة بعض الأدوات، ويظهر من خلال هذه التقنية أن الباحث بقوم بوظيفتين مختلفتين، تتمثل الأولى في المشاركة والثانية في الملاحظة.
‌ب- المقابلة: يعتبر الحوار والاستجواب م النقاط الضرورية في البحث الأنثروبولوجي، وتميل هذه المقابلة لأن مقابلة غير موجهة لأنها تشتمل على الحديث الهادئ وتوجيه أسئلة ذات نهايات مفتوحة تعطي فرصة للمبحوث لإبداء رأيه في مختلف المواضيع المطروحة وتتميز المقابلة في البحث الأنثروبولوجي بأنها أكثر مرونة بحيث يتغاضى الباحث على جهل المبحوث الذي يخرج عن الموضوع، ولا يفوتنا أن نشير إلى أن النقطة الرئيسية في المقابلة هي تولد الثقة بين الباحث والمبحوث.
‌ج- تاريخ الحياة: تعالج الأنثروبولوجيا عملية نمو الفرد في إطار الثقافة أو المجتمع من جانبين، يركز الجانب الأول على دورة الحياة وعلى تاريخ الحياة، ففي دورة الحياة يعالج الباحث أسلوب المجتمع في تنشئته وتهيئته للصغار ليصبحوا أعضاء منتمين إليه من خلال التنشئة الاجتماعية. أما تاريخ الحياة فيعتمد على رواية أحد الإخباريين لقصة حياته من فترة الطفولة ومرحلة النضج، ويسرد الإخباري ذكرياته والأحداث المؤثرة في حياته الفعلية ويسجل الباحث كل التفاصيل الجزئية التي يقوم بتحليلها للكشف عن الروابط الوثيقة بين الشخصية والثقافة.
‌د- الطريقة الجينيالوجية: وضع هذه الطريقة ريفرز وهو يعمل ضمن بعثة جامعة كمبردج عام 1898 وهي تقوم على أساس تتبع العلاقات بين الإخباري وسائر المرتبطين به قرابيا وتسجيل ما يراه مناسبا من بيانات تشمل الأسماء والأنواع وتواريخ الميلاد والزواج والطلاق والوفاة والإقامة والعمل وغير ذلك من البيانات التي تفيد موضوع الدراسة وهي توضع في صورة تخطيط هندسي يأتي على الشكل التالي:
‌ه- استخدام الآلات الحديثة: أدخلت في الدراسات الحقلية الأنثروبولوجية بعض الآلات والتجهيزات الحديثة كاستخدام آلات التصوير في كل مراحل البحث وأسلوب الأفلام السينمائية في عرض التجارب الإثنوغرافية وآلات التسجيل الصوتي.
3. تحديد البيانات:
تبدأ بوادر التحليل في مرحلة مشروع البحث لأن الباحث يضع في بداية الدراسة اختيارات خاصة بالموضوع، الموقع الجغرافي والنظرية التي تؤدي إلى تعريف وتحديد الميدان. أما في مرحلة ما بعد البحث الميداني ينتقل الباحث إلى تحليل البيانات الكيفية والكمية التي تختبر الفروض أو التساؤلات التي طرحها الباحث في الدراسة وتنتشر في الأنثروبولوجيا التحاليل الكيفية التي تفيء إجابات المقابلات المفتوحة ومعطيات الطريقة الجينيالوجية.
4. عرض النتائج (تقرير الدراسة):
تشمل هذه المرحلة الأخيرة على حوصلة شاملة لمختلف مراحل الدراسة حيث يبدأ الباحث تقريره بمرحلة بناء الموضوع، أهداف الدراسة، الإشكالية، الفرضيات إن وجدت النظرية، ثم يعرف المناهج وأساليب جمع المعطيات التي اختارها ليخلص إلى تحليل البيانات وتبيين النتائج التي وصل إليها من خلال هذه الدراسة.

الاتجاه التطوري
أخذ التطوريون على عاتقهم مهمة أساسية هي تفسير وفهم المؤسسات الاجتماعية من حيث نشأتها وتطورها في الزمان، ويرى التطوريون أن المجتمعات الإنسانية قد طورت أنساقا ثقافية واجتماعية معقدة من بدايات بسيطة وهذا من خلال فكرة اعتبار أن الإنسان قادر على الاختراع وتحقيق الابتكارات في أي مكان إذا ما هيأت له الطبيعة الظروف المواتية وتنوع هذه الأخيرة هو ما يؤدي إلى تفاوت المستويات الاقتصادية والثقافية.
مبادئ التطورية :
1. وجود قوانين ودية تحكم الثقافة الإنسانية التي تمر بمراحل تطورية حتمية متمايزة.
2. التغير الثقافي حتمي يرجع إلى اختلاف المراحل التطورية.
3. العقل البشري قادر على اكتساب السمات الثقافية.
4. إمكانية الاستعارة من السمات الثقافية لثقافات أخرى.
مراحل التطور الثقافي حسب مورغان:
هناك ثلاث مراحل أساسية تمر بها المجتمعات الإنسانية وهي مراحل حتمية لا مفر منها:
1. المرحلة الهمجية: تبدأ من فترة ما قبل اكتشاف النار واختراع اللغة إلى مرحلة استخدام الأقواس والسهام.
2. المرحلة البربرية: تبدأ من فترة صنع الفخار إلى بداية استخدام الحديد.
3. مرحلة الحضارة: تبدأ من بداية الحضارة الأوربية والأمريكية وبداية استخدام الطباعة والكتابة.
نقد التطورية:
• يقول أوجيه: «أصبح كل من مورغان وتيلور مؤرخين للحضارات فهما يريان في المجتمعات الإنسانية مراحل على طريق تطور أحادي الخط، كما لو أن الإنسانية قد توافقت على غاية واحدة هي خلق المجتمع الغربي».
• تطورية القرن 19 والقرن 20 بفكرتها المركزية للتاريخ، أعطت غطاء علميا لخطاب إيديولوجي يهدف إلى تقنين (ضرورة) أو (عقلانية) الاستعمار.
• خطأ تفسير ما هو مختلف انطلاقا من تجربة تاريخية خاصة وتقييم الآخرين بمقياس خاص وهذا ما أنتج ثنائية المجتمع: البسيط والبدائي من جهة، والمعقد والمتطور من جهة أخرى.
• الاعتماد على مصادر غير دقيقة وغياب الدراسات الميدانية.
• التركيز على مفهوم المركزية الإثنية الذي يقول بأفضلية المجتمع الغربي خاصة المجتمعين البريطاني والأمريكي.
• يرى مالينوفسكي أن التطوريين اختاروا بعض السمات الثقافية وانتزعوها من سياقها الاجتماعي الكلي وقاموا بالمقارنة بينها بشكل غير علمي لإثبات فروق مسبقة تتعلق بالتطور الاجتماعي.



المدرسة الانتشارية
ظهرت المدرسة الانتشارية في النصف الثاني من القرن 19 في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا، وهي تنطلق من فكرة مشتركة مفادها أن نمو المجتمعات يتم أكثر ما يتم عن طريق التقليد والاستعارة وذلك بفعل الاحتكاكات الثقافية بين الشعوب (الهجرات والحروب). ويعتقد الانتشاريون بالمساواة بين البشر والتفاوت بين الثقافات، وهذا التفاوت يتحدد بدرجة الاحتكاك والقدرة على الاستعارة ضاربين عرض الحائط عبقرية الإنسان وقدرته على التقدم الدائم عن طريق الاختراعات.
تتجسد فكرة الانتشار في وجود مركز حضاري أو ثقافي تنتقل من خلاله السمات الثقافية إلى مجتمعات أخرى (الهلال الخصيب في العصر الحجري، مصر في العهود القديمة، والغرب في العصر الحديث) وهذا ما يعني طمس وإنكار جميع الحضارات اللاعقلانية ما قبل العلمية وتحويلها تابعا للنمط الغربي المصنع، فكانت جهود الانتشاريين منصبة حول البحث عن صيغ الانتشار من ثقافة أخرى بنظرة تاريخية تتناول كيفية حصول التغير عبر الزمن لتصبح فيما بعد نظرة جغرافبة فلم يعد السؤال مقتصرا على أسباب تنوع الثقافات بل صار بشكل آخ كيف كان لهذا التنوع أن يحصل؟ وأهم ما جاء في هذا الاتجاه هو التأكيد على أهمية الاتصال الثقافي وكون النظم والبنى الاجتماعية والسمات الثقافية كثيرا ما تستعار وتنتقل وهذا من خلال ملاحظة التشابهات السطحية لتأكيد التقارب الثقافي بتوزيع الدوائر الثقافية (هي دوائر جغرافية تتسم بتماسك الصفات الثقافية).
عرفت المدرسة الانتشارية ثلاث مدارس واتجاهات :
1. المدرسة البريطانية: يرى أصحابها (إليوت سميت، بيري، ريفرز) أن هناك مركزا رئيسيا للحضارات هو مصر القديمة والتي كانت أساسا للانتشار الثقافي.
2. المدرسة الألمانية والنمساوية: (راتزل، غرونبر، فروبينيوس) هناك دوائر ثقافية تمثل مراكز حضارية تشترك في سمات ثقافية واحدة وتزداد درجتها كلما اقتربنا أكثر من المركز.
3. المدرسة الأمريكية: (ويسلر، غروبنر، كلاكهون) هم تلامذة بواس صاحب المدرسة الأمريكية، يرى أصحاب هذا الاتجاه أن السمات المميزة لثقافة ما قد وجدت أولا في مركز جغرافي ثقافي محدد ثم انتقلت إلى مناطق أخرى لكنهم في نفس الوقت لم ينفوا إمكانية التطور الموازي المستقل كون البشر مبتكرين بطبعهم.
نقد الأفكار الانتشارية:
• يرى بوارييه أن المسلمات الانتشارية مبالغ فيها إذ يقول أن المسافة الجغرافية لا أهمية لها بالنسبة للانتشار مهما كانت كبيرة.
• نوهت المدرسة الانتشارية بالثوابت لثقافية واختزلت جهود الإنسان في التقليد والاتباع وجعل تاريخ البشرية مجرد سلسلة من الاستعارات الثقافية دون الاعتراف بالإبداع البشري وقدرته على الابتكار.
• انطلق إليوت سميث وبيري من فكرة وجود مركز حضاري (مصر الفرعونية) انتشرت من خلاله المؤسسات والتقنيات والأفكار وهذا ما ينفي وجود نمو قائم بذاته، لكن الاكتشافات الفنية والأثرية بينت أم هناك بؤر حضارية أخرى في العالم عرفت نموا مستقلا وهذا ما يلاحظ مثلا في الفنون الإفريقية بالبنين والتي تختلف كليا عن تلك المعروفة في مصر.

المدرسة الوظيفية
ظهرت المدرسة الوظيفية في العلوم الاجتماعية مع منتسكيو وتجلت أكثر مع مماثلة سبنسر
الوظيفية بالمعنى البيولوجي وهو المعنى الذي أكد عليه سبنسر، هي الدور الذي يقوم به عضو من الأعضاء ضمن النشاط العام الذي يزاوله جسم من الأجسام وقد حملت فيما بعد ثلاث دلالات مختلفة :
‌أ- الحد الأدنى، ويقتصر على مجرد السعي لإقامة الصلة بين ظواهر معينة ودراسة فعلها المتبادل بينها.
‌ب- الوظيفة لا تقتصر على إبراز العلاقة بل تصبح وسيلة متكيفة مع خدمة ظاهرة معينة أي هي المساهمة التي يقدمها نشاط جزئي للنشاط الكلي الذي يندرج ضمنه باعتباره جزءا منه.
‌ج- إضافة إلى الشروط السابقة يضيف مالينوفسكي شرط الاستجابة لحاجات المجتمع بما فيها حاجاته الأولية البيولوجية.
الوظيفية هي تشكيل نظري ومنهجي يستنبط من واقع وجود علاقات اتصال وظيفية بين الوقائع الاجتماعية تقوم بتحليل متزامن لهذه الوقائع دون النظر في تاريخ نشأتها أو الاستعانة بأي نهج تاريخي وهي تستند إلى عدة فرضيات:
1. الإنسان في المجتمع يمكن أن يكون موضوع علم وضعي على شاكلة علوم الطبيعة الحتمية.
2. تلجأ إلى التماثل العضوي لتفسير الواقع الاجتماعي استنادا على مبدأ وحدة المادة بين المجتمع و العضو الحي.
3. ترتبط بمفهوم موحد للعالم الاجتماعي أي أن كل المجتمعات تخضع لقوانين عمل متشابهة.
4. تعطي أولوية للكل على الجزء.
5. تتبنى موقفا مناهضا للتاريخ (لأن التاريخ مشكوك فيه نظرا لعدم توفر الشواهد التاريخية).
الوظيفية المطلقة:
يرى مالينوفسكي أن كل مجتمع يختلف تماما عن المجتمعات الأخرى بثقافته الأصلية المتميزة، والشيء الذي يمنح الثقافة هو الترتيب المحدد لأجزائها والمكان الذي يشغله كل عنصر والأسلوب الذي ترتبط من خلاله هذه العناصر بعضها ببعض، وقد شكلت هذه الفكرة ثلاث قضايا هامة :
1. جوانب الثقافة لا تدرس منفصلة بل يجب أن تفهم في سياقها الداخلي أي لا يمكن عزل جوانبها بعضها عن بعض.
2. عدم الاعتماد على الوصف الذي يدلي به الإخباري فالناس تفعل ما لا تقول.
3. سياق الثقافة يكشف عن عقلية متميزة للبدائي.
وقد أدت دراسات مالينوفسكي وأبحاثه إلى بناء ثلاث مسلمات أساسية:
1. الوحدة الوظيفية: كل عنصر من المجتمع يؤدي حتما وظيفة إيجابية للنظام الاجتماعي بمجمله.
2. الوظيفة الكلية: كل عنصر له وظيفة داخل المجتمع.
3. الوظيفة الضرورية: كل عنصر من المجتمع هو جزء أساسي منه ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه أو عن وظيفته.
الوظيفية البنائية:
راد كليف براون أول من نظر للبنية وقرنها بالمفهوم الوظيفي، لذا انصرف علماء الأناسة البريطانية إلى دراسة التنظيمات بدل الثقافات. فهو توجه سوسيولوجي يتقاسمه مع دوركايم إذ يعتبر استحالة بناء علم للثقافة ويقترح علما خاصا بالأنساق المجتمعية. رفض راد كليف براون على غرار مالينوفسكي نظريات التطوريين والانتشاريين، ووقف مثله ضد المقاربة التاريخية، لكنهما لم يفهما مفهوم الوظيفة فهما واحدا لأن راد كليف براون كان يرى أن الثقافة مفهوم فضفاض غير واضح المعالم بحيث يتعذر التقرب إليه بصورة علمية، لذا قام بدراسة البنية الاجتماعية معتقدا بأن العلوم المجتمعية قادرة على إنتاج قوانين ذات صفة جامعة.
الوظيفة عند راد كليف براون هي مساهمة العضو الاجتماعي الواحد في عمل الأعضاء الاجتماعية الأخرى والمساهمة في الحفاظ على حياة الجسم الاجتماعي بمعنى أن كل مؤسسة أو نسق يساهم في الحفاظ على استمرارية المجتمع لكن الوظيفة عنده لا تفهم إلا مع مقولة البنية لأن الأولى تضمن استمرارية الثانية والبنية عنده تظهر من المعاينة المباشرة التي تبين أن الكائنات البشرية تتوحد ضمن شبكة معقدة من العلاقات المجتمعية وعبارة البنية المجتمعية إنما تدل على هذه الشبكة من العلاقات القائمة بالفعل، فبالبنية المجتمعية :
• تحدد بعلاقات مجتمعية متصلة بالأفراد أو بالجماعات.
• العلاقات محكومة بالتمايز المجتمعي، أي تمايز الأفراد والطبقات من حيث الأدوار المجتمعية التي يقومون بها.
• هذه العلاقات تتصف بضرب من الاستمرارية من حيث المكان والزمان فهي ليست ظرفية طارئة أو عابرة.
نقد النظرية الوظيفية :
تعرضت النظرية الوظيفية لكثير من الانتقادات من طرف المعارضين والأتباع وهذه أهم الانتقادات :
1. المماثلة: يرى إيفانز بريتشارد أن المجتمعات هي أنظمة معنوية وليست طبيعية ودراستها تنتمي إلى النوع التأويلي أكثر من التفسيري، وهذا ما أكده ساهلينز أنها البعد والرمزي في المجتمع مكتفية بوصف خصائص التنظيم الاجتماعي.
2. الحتمية الوظيفية: يقول ليفي ستروس «إن القول بأن المجتمع يعمل هو أمر بديهي ولكن القول بأن كل شيء في المجتمع يعمل هذا أمر عبثي». كما أكد ليش على «أن الاستخدام الوظيفي للوظيفية يقوم على التباس منطقي يغطي فئتين مختلفتين وقائع مرئية وغايات محتملة». وبين لويس مير أيضا أن «مفهوم الوظيفة اتخذ دلالات شديدة الاختلافات حالت دون تمتعه بفعالية إجرائية كافية».
3. التوازن: هناك نظرة تفاؤلية مفرطة فيما يخص التأكيد على التوازن ونكران الخلافات والتوترات، لذا ركز الماركسيون في انتقاداتهم على عجز الوظيفية في تفسير وتبيان التوترات والتناقضات والتغير الاجتماعي كما أكد على ذلك الوظيفيون الجدد من أمثال غلوكمان لذي أكد على أهمية الخلافات والتناقضات من خلال وجود دينامية داخلية وهذا ما ذهب إليه سبرتشا من خلال وجود التضاد والتكامل في مجتمع "النوير بالسودان".
4. اللاتاريخانية: أكد باحثون ماركسيون ووظيفيون من أمثال غلوكمان على أهمية التاريخ في دراسة المجتمعات الإنسانية وأدانوا الخيار الوظيفي المناهض للتاريخ.
5. نقد المسلمات الوظيفية روبرت ميرتون:
‌أ- هناك عناصر يمكن أن تكون وظيفية بالنسبة لجماعات وغير وظيفية بالنسبة لجماعات أخرى كالدين الذي يؤدي وظيفة اندماج اجتماعي كما يمكن أيضا أن يكون مصدرا للصراع.
‌ب- يمكن أن يكون هناك عنصر لا وظيفي.
‌ج- هناك بدائل وظيفية تسمح بتوقع تحولات في الوضعيات الاجتماعية (مثل تربية الأبناء، دور الحضانة، المربيات...)

الاستاد قرار كريم جامعة المسيلة استاد الانتربولوجيا










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-14, 22:21   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

لأنثروبولوجيا الاجتماعية :

إن اصطلاح الانثروبولوجيا هو اصطلاح شامل وواسع حيث أنه يشمل دراسة التطور البيولوجي والحضاري للإنسان، العلاقات البيولوجية والمبادئ التي تحكم علاقات الشعوب بعضها ببعض. تتكون الانثروبولوجيا من كلمتين لاتينيتين هما َ (Anthropos وتعني الإنسان ، logos وتعني العلم)
أي أن رالانثروبولوجيا تعني علم الإنسان، وهي كعلم تنقسم إلى قسمين :
الانثروبولوجيا الفيزيقية أو البيولوجية.
الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية.
تهتم الانثروبولوجيا الفيزيقية بدراسة تطور الانسان وسلوكه وكذلك الخصائص البيولوجية التي يتباين فيها البشر القدامى والمحدثين، أما الانثروبولوجيا الاجتماعية فتنقسم إلى ثلاثة اقسام هي :
علم اللغويات : يبحث في تحليل اللغات وتصنيفها.
علم الآثار Archéologie: يدرس الفترات التاريخية في حياة المجتمعات والثقافات بالاعتماد علة وثائق قديمة والشواهد من المواقع الثرية كالمدن القديمة والبنايات، والمتوجات المادية بها وإعادة رسم صورة ثقافات ما قبل التاريخ.
الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية: تهتم بدراسة المجتمعات والثقافات الكثيرة المتنوعة التي تسير عليها المجتمعات، وقد اختصت وعرف عليها أنها تهتم بدراسة المجتمعات البدائية.
فالانثروبولوجيا عامة تجتمع في علم واحد وتحت اسم واحد بين نظرتي كل من العلوم البيولوجية والعلوم الاجتماعية، فتركز مشكلاتها من ناحية على الإنسان ككائن بيولوجي وعلى سلوك الإنسان ككائن اجتماعي.
أول من استعمل كلمة الانثروبولوجيا الاجتماعية فو فريزر سنة 1908 في محاضرة تحت عنوان : مجال الانثروبولوجيا الاجتماعية، وعرفها بأنها "محاولة الكشف عن تسمية القوانين العامة التي تحكم الظاهرات وتفسر ماضي مجتمعات الإنسان حتى نتمكن بفضلها من أن نتنبأ بمستقبل البشرية استنادا إلى تلك القوانين السوسيو العامة التي تنظم تاريخ الإنسان" أما رادكليف براون فيقول " يمكننا أن نعرف الانثروبولوجيا الاجتماعية بأنها دراسة طبيعة المجتمع الإنساني دراسة منهجية منظمة تعتمد على مقارنة الأشكال المختلفة للمجتمعات الإنسانية بالتركيز على الأشكال الأولية للمجتمع البدائي"
والانثروبولوجيا كعلم تتميز بدراستها للإنسان والمجتمعات البشرية استنادا إلى بعض المفاهيم التي أصبح لها بعد عنصري واستعماري (الفوارق العرقية من خلال حجم الجمجمة ولون الجلد، المركزية الثقافية، لبدائية...)
وأيضا أجريت الكثير من الأبحاث الانثروبولوجية بهدف استنباط طرق ووسائل لتنفيذ سياسات الإدارة الاستعمارية فهي اختصت بدراسة الأشكال الأولى للمجتمعات البشرية والمتمثلة في الوقت الحاضر في المجتمعات البدائية المتخلفة، المجتمعات التي لا تعرف الكتابة، المجتمعات ذات الثقافة الشفوية، المجتمعات غير الغربية، أي تهتم بدراسة الآخر المتوحش.
الانثروبولوجيا بهذا الاسم مزدهرة أكثر في بريطانيا فقد عرفت تطورا كبيرا على حساب علم الاجتماع في حين تعرف في الولايات المتحدة الأمريكية باسم الانثروبولوجيا الثقافية لأنها تهتم بدراسة ثقافة الشعوب على شاكلة المدرسة الثقافية، في حين تعرف في فرنسا باسم الاثنولوجيا وهي كلها أسماء تشير إلى الانثروبولوجيا الاجتماعية التي تتميز بدراساتها وأبحاثها الميدانية المتعلقة بالمجتمع.

الانثروبولوجيا وعلاقتها بالعلوم الأخرى
الانثروبولوجيا هي دراسة الإنسان بشكل عام تقسم إلى انثروبولوجيا طبيعية (دراسة الإنسان في مظهره البيولوجي) وانثروبولوجيا اجتماعية وثقافية (تعنى بالطريقة التي تطورت بها النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية والألسنية (اللسانيات)) ويدخل هذا العلم في إطار العلوم الاجتماعية كما يدخل في العلوم الطبيعية لذا نجده يحتل مكانة متميزة بين العلوم، واهتمامنا ينصب على القسم الاجتماعي من الانثروبولوجيا أي الانثروبولوجيا الاجتماعية وسوف نحاول عرض علاقته بالعلوم الاجتماعية والإنسانية الأخرى.
الانثروبولوجيا والفلسفة: الفلسفة سابقة للأنثروبولوجيا وهي أهم العلوم ولكن أي معرفة إذا أصبحت ممكنة في ميدان ما حتى تخرج عن مسمى الفلسفة ووتخذ لنفسها موضوعا وإطارا مستقلين. والانثروبولوجيا كانت ضمن التراث الفلسفي تأسست كعلم قائم بنفسه في القرن 19 لينفتح مجال للمجابهة لأن أساس البحث الانثروبولوجي العمل الحقلي الميداني مقابل الفرضيات المجردة للفلسفة، حتى أن مارسيل موس عبر عن أمله في أن الانثروبولوجيا الكاملة قد تحل محل الفلسفة لكونها تتوصل بالتحديد إلى فهم تاريخ الفكر البشري التي تفترض الفلسفة وجوده ". ولكن الواقع يشير إلى أن التجربة الانثروبولوجية تنطوي على بعد فلسفي واضح لأنه موجود داخل إطار من الأفكار والمبادئ الأساسية والبديهيات الأولية المنتمية للفلسفة، فليس هناك من نظرية انثروبولوجية متحررة بالكامل من فلسفة الظل حسب ميشال فوكو إضافة إلى كون عين الملاحظ عضو في تراث فكري، فهل يمكننا حقا بناء علم مستقل عن الفلسفة؟
الانثروبولوجيا والتاريخ : يدرسان الإنسان والمجتمع ولكن يختلفان في كيفية الاقتراب، فالتاريخ يدرس ماضي الشعوب في حين أن الانثروبولوجيا تدرس المجتمعات البدائية الباقية هذه المجتمعات لم تدخل التاريخ حسب الطرح الغربي وبالتالي حرمت الانثروبولوجيا من التاريخ حتى فيما يخص مجتمعات لها نسق تاريخي مغاير للنسق التاريخي الغربي كالمجتمعات العربية والتركية والصينية. بعد تجدد الانثروبولوجيا أصبحت تتجنب المقابلة القديمة بين المجتمعات البدائية الجامدة (الباردة أي بدون تاريخ) والمجتمعات المعقدة الحيوية (ذات تاريخ) وهذا باكتشاف البعد التاريخي للمجتمعات المدروسة في الحين (التغير الاجتماعي، التغير الإثني والتغيات الحاصلة في المجتمات الريفية) إضافة إلى أنها تحولت إلى دراسة المجتمعات القريبة وبالتالي أصبحت ملزمة بالنظر في التاريخ والذاكرة المكتوبة لمعرفة الحاضر.
من جانب آخر تجدد علم التاريخ بتوسعه لدراسة الواقع العميق للجماهير والظواهر الاجتماعية ، كما أدخل المدة الطويلة في تحاليله بحيث أصبح المؤرخ يستشف البنى الخفية والحركات التي تفعل المجتمع، فالتاريخ لم يعد صدفة أو حدثا فجائيا ولكن يصبح بعدا داخليا للمجتمع، كما توسع التاريخ في مجال كان مهمشا من قبل كالأساطير والممارسات الشعبية التي أصبحت ذات معنى عند المؤرخ..
الانثروبولوجيا وعلم الاقتصاد :علم الاقتصاد هو وصف ميكانيزمات إنتاج وتوزيع ثروات المجتمعات الحديثة (من أين تأتي ثروات الأمم وكيف يتم توزيعها على مختلف الفئات الاجتماعية). وهو يفترض أن الانسان الاقتصادي هو فاعل يتصرف بعقلانية ويختزل المجتمع في السوق والمجال الذي تتم فيه عملية العرض والطلب، كما يقر عالم الاقتصاد عالمية الممارسات والسلوكات الاقتصادية العقلانية المبنية على العلاقة العامة بين بين الامكانات والغايات وعلى مضاعفة الرغبات المرادة.
الجانب الاقتصادي في المجتمع موجود في الانثروبولوجيا ولكن يتسم ببعده الاجتماعي والثقافي، فالانثوبولوجيا لا تربط الحاجة والندرة بالجانب البيولوجي النفعي العالمي وإنما هما حسبها أمران نسبيان يختلفان من ثقافة لأخرى، وكمثال على ذلك النظام الغذائي للمجتمع لا يرتبط باقتصاده أي الثمن والعرض والطلب وإنما بإطار ثقافي أكبر.
الانثروبولوجي ساهلين SAHLIN أثبت أن المجتمعات البسيطة مكتفية اقتصاديا أو تعيش الوفرة لأنها تنتج ما تحتاج إليه فهي تمارس الوفرة بتحديد منتوجاتها وهذا ما لا ينطبق على المجتمعات الرأسمالية لأن نظامها الاقتصادي للإنتاج التجاري يخلق اصطناعيا حاجات إما من أجل إعادة بعث الإنتاج أو لتوظيفها على أعلى ريتم، وميكانزمات هذا النظام تتم مثلا بالطرح المستمر لمنتوجات جديدة تستجيب لنفس الحاجة، خلق حاجات متسلسلة، استعمال منتوج يفرض استعمالا آخر.
فالانثروبولوجيا عكس الاقتصاد تنظر إلى الممارسات الاقتصادية (العرض، الطلب، الإنتاج، التبادل والاستهلاك)في إطار ثقافي اجتماعي بعيدا عن فكرة الإنسان الاقتصادي المنفعة الاقتصادية وعالمية الممارسة الاقتصادية العقلانية.
الانثروبولوجيا وعلم النفس : مرت كل من الانثروبولوجيا وعلم النفس بمسار مشابه انطلق تحت تأثير العلوم الطبيعية وكلاهما يدرس السلوك الإنساني. فعلم النفس بأنواعه (علم النفس، التحليل النفسي، علم النفس الاجتماعي) يدرس السلوك الفردي، الشعور، الشخصية، واللاوعي في مستوى الفرد مهملا بذلك المستوى الاجتماعي (ما عدا علم النفس الاجتماعي) ولكن تطوره جعل علماء النفس يهتمون أكثر بالبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الأفراد والخبرات المشتركة بين الناس ليقتربوا أكثر من علماء الاجتماع والانثروبولوجيين.
نتائج علم النفس حول معايير الشخصية لا يمكن أن تعمم لأنها اعتمدت على دراسة أفراد نشؤوا في ظل الحضارة الحديثة، فلجأوا إلى الانثروبولوجيين ليمدوهم بنتائج أخرى بينت نسبية ما توصلوا إليه ما جعل علم النفس يصل إلى فهم أفضل للمبادئ التي يقوم عليها تشكيل الشخصية على المدى الواسع من الأشكال التي تتخذها شخصيات البدائيين والأفراد العاديين، كما اكتشفوا النسق الحضاري من خلال تحليل بعض الأمراض النفسية المرتبطة بالجذور الاجتماعية، فتفسير فرويد الأحلام قاد العلماء إلى تاريخ المجتمعات الإنسانية (دراسة الأحلام،الرموز و المرض...)كما أرجع قانون الهلوسة والمرض إلى عوامل اجتماعية لا نفسية كالاحتلال والظلم.
أما الانثروبولوجيا فأصبحت تنظر للفرد كناقل للثقافة وليس كعنصر سلبي وهذا بفضل علم النفس الذي جعلها تهتم بالفروق بين الأنماط الأساسية للشخصية في المجتمعات المختلفة وهذا ما ساعدها على حل مشكلة الأسباب التي تجعل مجتمعات معينة تطور محاور اهتمام خاصة بها، فتقبل وترفض تجديدات معينة، وهي أيضا قدمت خدمة كبرى لعلم النفس الاجتماعي بطرحها في شكل نفسي دراسات حول الاندماج الثقافي (غياب التوترات النفسية لمرحلة المراهقة) جعلها تستخدم مفاهيم نفس اجتماعي، ثم قدمت بعد ذلك أمثلة وتغيرات لعلماء النفس الاجتماعي الذين يعتبرون فرضياتهم في إطار ضيق (المجتمعات الحديثة) مما جعلهم يقيسونها بما هو موجود في أطر أخرى لمعرفة قيمة نتائجه.
علاقة الانثروبولوجيا بعلم الاجتماع: كلاهما يبحث في المجتمعات الإنسانية، كيف تعمل؟ وكيف ولماذا تتغير الثقافات؟ فما هي نقاط التقارب والاختلاف بينهما؟
نقاط الاختلاف :
في مستوى التفكير : علم الاجتماع أقدم وأشد نزوعا إلى الاتجاه الفلسفي ويرتبط دائما بالنظريات الفلسفية العامة وهو أكثر تطورا وتفوقا في نوع المفاهيم والنظريات.
أما الانثروبولوجيا الاجتماعية فأفضل ما يهمها في البحث هو الوفرة والثراء في المعطيات الميدانية التي يجمعها الباحث في بحثه الحقلي، كما أنها تتميز بارتباطها الدائم بخلفيتها الطبيعية لذلك نجدها تجعل من الوصف ضرورة علمية ملحة في حين أن عل الاجتماع لا يلتزم بذلك.
على مستوى الموضوع : الانثروبولوجيا تدرس المجتمعات البدائية على مستوى الميكرو سوسيولوجي ، في حين يدرس علم الاجتماع المجتمعات الحديثة على مستوى الماكرو سوسيولوجي (الماكرو = العام).
الانثروبولوجيا تكون تجانسا في موضوعها ومنهجها عكس علم الاجتماع الذي يدرس موضوعا أكثر تعقيدا نظرا للتعقيد الشديد في مشاكل المجتمعات الحالية وبالتالي يصعب عليه استخراج إجابات من خلال منهج مقارنة نسقية كما هو الحال في المجتمعات البسيطة المغلقة.
الانثروبولوجيا تدرس ثقافة غريبة أي تستكشف سلم المعايير وتلاحظ إطار الممارسات وتلجأ إلى الشرح المعمق لكل المظاهر الثقافية حتى اليومية منها، ففي ميدان مجهول العادي (التافه) يصبح ذا قيمة وأهمية في حين أن علم الاجتماع يهمل الجوانب اليومية (العادية، الجزئية) المعروفة حسب اعتقاد العلماء.
على مستوى المنهج : الانثروبولوجيا تقرر تجانس المجتمع بتقطيع طبيعي أو اصطناعي كما تتميز بمنهج فريد يستند على الحميمية والاقتراب المعمق الذي يجمل بعدا كيفيا وهذا ما انعكس على أدوات وتقنيات البحث المستعملة حيث يميل الانثروبولوجي إلى استخدام الملاحظة بالمشاركة، الإقامة الطويلة، المقابلة المعمقة، قصة الحياة، ويصبح الباحث أيضا فاعلا وملاحظا في آن واحد.
أما علم الاجتماع فيميل أكثر إلى المناهج الكمية كما لا يقصي أي فئة بل يعتمد على مبدأ العينة ولكي يصل إلى مستوى التعميم يعتمد أكثر على الاستمارة لأنها تمس أكبر قدر ممكن من المبحوثين.
نقاط التشابه :
كلاهما يدرس المجتمع في كليته ويكملان بعضهما البعض بحيث يقدم علم الاجتماع للانثروبولوجيا مستقبل المجتمعات البدائية في حين يقدم الثاني للأول أصل نشوء وماضي المؤسسات والبنى الاجتماعية والأديان والقيم والعادات.
هناك الكثير من المفاهيم والنظريات المشتركة انتقلت من الانثروبولوجيا إلى علم الاجتماع والعكس (الوظيفية، لبنيوية، التطورية...) وأيضا هناك الكثير من المواضيع المشتركة (الأساطير، الخيال، الثقافة...)
هناك تشابه كبير بين علم الاجتماع البدوي والانثروبولوجيا الاجتماعية.
التغيرات الاجتماعية الحديثة ساهمت كثيرا في التقارب بين العلمين ما أنتج مفهوم علم الاجتماع الانثروبولوجي, وعلى العمم هناك تقارب وتداخل كبيرين بين العلمين ما جعل أنثروبولوجيا كبيرا بحجم رادكليف براون يقول "أن الانثروبولوجيا الاجتماعية هي علم الاجتماع المقارن".

الانثروبولوجيا والعالم المعاصر
استهل كل من فيليب لابورت تولرا و جون بيار فاريني كتابهما "الاثنولوجيا، الانثروبولوجيا" بسؤال مفاده : هل ستختفي الاثنولوجيا مع أواخر البدائيين، الذين حددت لنفسها مهمة دراستهم؟.
فراح الانثروبولوجيون في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين يبحثون عن إثنيات قد تكون في منأى عن هجمات الحضارة، في تلك الفترة كان المتوحش وعالم الاثنولوجيا الطفيلي الذي يتغذى من تقاليده مسجلين على لائحة الأجناس المرشحة للانقراض.
حقيقة أصبح الميدان المفضل للانثروبولوجيين يندر شيئا فشيئا ولكن هذا الأمر وعوامل أخرى جعلتهم ينفتحون أكثر فاكثر على العالم المعاصر أو العوالم المعاصرة كما يحلو لانثروبولوجيي اليوم تسميته، كانوا يتخيلون أنهم مسافرون في الزمان، فيما هم يسافرون في المكان (مارك أوجيه وكولاين) لأن المعاصرة هو فعل العيش في الفترة نفسها وتقاسم المعايير المشتركة.
هناك معايير يتقاسمها البشر اليوم وهذا رغم وجود معالم محلية، فالانثروبولوجيا تعترف بتعددية الثقافات كما تعترف بمعاييرها المشتركة (تشترك في ثقافة عالمية تستند إلى معايير أخرى) وبالاختلافات الداخلية في ثقافة محلية بعينها.
وقوة التحليل الانثروبولوجي تكمن في الوصف الدقيق للتصرفات الإنسانية في مساقها التاريخي والثقافي من جهة، والمقارنة بأشكال أخرى في الزمان والمكان من جهة أخرى.
لقد تغيرت الانثروبولوجيا لأن العالم (الواقع الاجتماعي) تغير، فالمجتمعات لتقليدية احتكت بالحضارة ومسها الغزو الثقافي، فلم يعد هناك وجود لثقافات مستقلة خارج السياق العالمي وهذا ما جعل الانثروبولوجيا تنتقل من دراسة الشعوب إلى دراسة المواضيع واستخدام ميادين جديدة.
تغير العالم حتى أصبح كل البشر حتى البدائيين منهم يرون شروط حياتهم وقد تحددت بقرارات تنتج بعيدا عنهم وهم يخضعون لسيطرة اقتصادية وسياسية وثقافية تمارس من قبل سلطات وقوى خارجية (الأزمة الاقتصادية، العولمة، التكنولوجيا...) وهذا ما يقارب بين المجتمعات البدائية والتقليدية والحديثة ضحايا القوى نفسها، فهي تعيش نفس المظاهر والمشاكل وهذا ينطبق على حقول الانثروبولوجيا الجديدة ذاتها سواء القاسية منها (ضواحي المدن، اللاجئين، الهجرات السرية، المخدرات، الدعارة...) أو الهانئة (سياسة، موسيقى عالمية، حركات ثقافية وفنية...) لذا تدرس الانثروبولوجيا العلاقات التذاوتية بين المعاصرين سواء كانوا بدائيين أو من سكان المدن، سواء كانوا قراء أو أغنياء، أميين أو مثقفين، علاقات الغيرية والهوية التي تنتج في سيرورة متواصلة ضمن عمل مستمر يعبر عن عمل لا ينقطع داخل كل مجتمع من أجل تحديد الذات والآخر.
انثروبولوجيا اليوم تدرس المجتمعات التقليدية لأنها تخترع تقاليد لكي تبرر التحديث كما تدرس المجتمعات الحديثة (لعصرية) التي تلجأ للتحديث لكي تبرر ممارسات قديمة وهذا ما جعل برونو لاثور يعنون كتابه "نحن لم نكن عصريين أبدا".
انتقلت الانثروبولوجيا من دراسة الآخر وأصبحت اليوم تهتم بالأنا والإنسان عامة، ومن الشعوب إلى المواضيع، ومن المحلي إلى المحلي في سياق عالمي، ومن العالم البدائي إلى عوالم معاصرة.

ميادين الانثروبولوجيا
إذا قلنا أن علم الإنسان يختص بدراسة المجتمعات البدائية التقليدية البسيطة، المجتمعات المنعزلة اجتماعيا، فيتبادر إلى اذهاننا أن هذا العلم ليس عمليا ولا يفيد عمليا، ولكنه على العكس من ذلك هو علم ما بعد حداثي فتح الكثير من الآفاق للعلوم الأخرى، لأن مجرد دراسة سلسلة من القبائل البدائية مع ما يتبع ذلك من مقارنات وتحليلات قد يزودنا بمعلومات ثرية وقيمة عن العناصر الحقيقية التي تدوم طويلا، ولكن لظروف وأسباب علمية وعملية تفتحت على ميادين ومواضيع جديدة عليها، لتواصل بذلك في سيرورة تطورها وتطويرها للفكر الإنساني.
تنوع المواضيع المعالجة في انثروبولوجيا اليوم يؤكد أنها تخصص متصاعد، وحسب مارك أوجيه و كولاين هذه المواضيع ليست مجالات خاصة وإنما هي مجالات مترابطة لذا الخلفية الانثروبولوجية المتمثلة في اعتبار الإنسانية كحقل تحتم أبعادها بكاملها(فكرة رؤية انثروبولوجيا موحدة)ومن بين المواضيع الهامة نذك ما يلي :
انثروبولوجيا الأدب : ظهر الأدب كموضوع بحث للانثروبولوجيا منذ بداياتها، فالمجتمعات البدائية ذات التراث الصغير، ذات الثقافة الشفوية : كلام، خطاب، غناء، فكتابات الأثر منبعها التناقل الشفوي، ثم انتقل البحث الانثروبولوجي للمجتمعات الحديثة ليدرس الخطاب المتجسد في الكتابة عن طريق تجميع النصوص وتحليل القراءات التي أجريت عليها، أو بإنتاج النصوص ونتائج الكتابة في تكون الأشكال الثقافية.
انثروبولوجيا السياسة : الاهتمام بالجانب السياسي في الانثروبولوجيا بدأ مع مورغان الذي اكتشف خصائص سياسية مجهولة عن المجتمعات البدائية، محورها أن صلات القرابة تشكل البنية الأساسية لكل الشأن الاجتماعي وبالتالي السياسي (التميز بين المجتمعات القرابية أو العرقية ومجتمعات الدولة) ثم أصبحت الانثروبولوجيا السياسية تهتم بالعمل أكثر من البنى كما جاء في تعريفها (سوارتز، تورنر، تادن) هي دراسة عمليات فرضتها الخيارات وتحقيق الأهداف العامة والاستعمال التفضيلي للسلطة من قبل أفراد المجموعة المعنيين بهذه الأهداف. لقد تم التركيز في العمل السياسي على التفاعل الفردي والجماعي في توازنات السلطة فالسياسة كلعبة لها نوعان من القواعد : القواعد المعيارية والعملية (العنف، الإضراب عن الطعام، المسيرات...)
انثروبولوجيا الاقتصاد :الانثروبولوجيا أعطت في بدايتها أهمية كبيرة للوسائل التقنية، أدوات العمل وأنماط التصرف، لكن هذا الاهتمام ذو البعد الطبيعي والذي ينظر إلى هذه الأدوات كأحد أهداف تحسين العلاقة مع الطبيعة، وإنما تدخل في الميكانيزمات الاجتماعية والسياسية والطقوسية، فأصبحت تحلل المظاهر القديمة للاقتصاد بهدف تأسيس نظرية عامة بين الاقتصاد والمجتمع أو الثقافة (الشكلانيين) أو تعتبر الأنظمة الاقتصادية هي في حالة تقطع متواصلة لانتظامها عبر إجراءات غير اقتصادية.
لقد اهتمت الانثروبولوجيا الاقتصادية بالجانب المادي للمجتمع بكل أشكاله: الإنتاج، التقنيات، الهبة، الاستهلاك، الندرة، إعادة التوزيع، البيئوية الثقافية. كما أعطت أهمية مميزة لعملية التبادل الموجود في كل زمان ومكان (الاقتصاد السياسي، علاقات القرابة)
انثروبولوجيا المعرفة : تبرز مقولات العقل المدركة قبل تدجينها عبر فكرة عالمة، فهي تحاول الإجابة على السؤال الرامي إلى معرفة كيفية تكون العالم لطبيعي محليا.



منهجية البحث في الأنثروبولوجيا
البحث في الأنثروبولوجيا ما هو إلا حالة خاصة من البحث في العلوم الاجتماعية، فهو يخضع لنفس النموذج والذي يحتوي على أربعة مراحل :
1. مشروع البحث :
قبل الانطلاقة الفكرية لأي بحث أنثروبولوجي يحدد الباحث الأهداف الحقيقية التي تتبعها الدراسة سواء كانت أهداف علمية كاختبار نظرية، تجربة أساليب مستحدثة أو أهداف عملية العلاقات العرقية والتحضر، يجب عليه تحديد الموضوع الذي يريد دراسته ويتجه فيما بعد إلى الميدان لاختيار الجماعة الأولى أو المجال الذي يقيم عليه الدراسة.
2. تقنيات ومناهج البحث :
في هذه المرحلة يضطر الباحث إلى اختيار منهج بحث معين يتماشى وطبيعة الموضوع المراد دراسته ومع القناعات المنهجية للباحث، ثم يختار من بين الأدوات المنهجية (تقدير البحث) أساليب جمع البيانات التي يراها مناسبة وفعالة في هذا الموضوع بالذات ومن أهم هذه الأساليب المتوفرة في الأنثروبولوجيا ما يلي :
‌أ- الملاحظة بالمشاركة: يعتمد الباحث في هذا الأسلوب على ملاحظة حياة المجتمع المبحوث عن طريق الاندماج فيه وبالتالي يصبح عنصرا كباقي العناصر التي تكون هذا المجتمع فيعيش وينام ويأكل بنفس الطريقة التي يعيشها أفراد هذا المجتمع. وقد جاءت هذه التقنية مع مالينوفسكي الذي رفض قطعيا وبدل أن يأتي بالمبحوث إلى مقر سكناه توجه هو إلى ميدان المبحوث وعاش حياته بطريقة عادية حتى أن بعض الباحثين استعملوا حيلا وإغراءات من أجل الحصول على قدر كبير من البيانات كإخفاء أدوات التسجيل وشراء المعلومات وسرقة بعض الأدوات، ويظهر من خلال هذه التقنية أن الباحث بقوم بوظيفتين مختلفتين، تتمثل الأولى في المشاركة والثانية في الملاحظة.
‌ب- المقابلة: يعتبر الحوار والاستجواب م النقاط الضرورية في البحث الأنثروبولوجي، وتميل هذه المقابلة لأن مقابلة غير موجهة لأنها تشتمل على الحديث الهادئ وتوجيه أسئلة ذات نهايات مفتوحة تعطي فرصة للمبحوث لإبداء رأيه في مختلف المواضيع المطروحة وتتميز المقابلة في البحث الأنثروبولوجي بأنها أكثر مرونة بحيث يتغاضى الباحث على جهل المبحوث الذي يخرج عن الموضوع، ولا يفوتنا أن نشير إلى أن النقطة الرئيسية في المقابلة هي تولد الثقة بين الباحث والمبحوث.
‌ج- تاريخ الحياة: تعالج الأنثروبولوجيا عملية نمو الفرد في إطار الثقافة أو المجتمع من جانبين، يركز الجانب الأول على دورة الحياة وعلى تاريخ الحياة، ففي دورة الحياة يعالج الباحث أسلوب المجتمع في تنشئته وتهيئته للصغار ليصبحوا أعضاء منتمين إليه من خلال التنشئة الاجتماعية. أما تاريخ الحياة فيعتمد على رواية أحد الإخباريين لقصة حياته من فترة الطفولة ومرحلة النضج، ويسرد الإخباري ذكرياته والأحداث المؤثرة في حياته الفعلية ويسجل الباحث كل التفاصيل الجزئية التي يقوم بتحليلها للكشف عن الروابط الوثيقة بين الشخصية والثقافة.
‌د- الطريقة الجينيالوجية: وضع هذه الطريقة ريفرز وهو يعمل ضمن بعثة جامعة كمبردج عام 1898 وهي تقوم على أساس تتبع العلاقات بين الإخباري وسائر المرتبطين به قرابيا وتسجيل ما يراه مناسبا من بيانات تشمل الأسماء والأنواع وتواريخ الميلاد والزواج والطلاق والوفاة والإقامة والعمل وغير ذلك من البيانات التي تفيد موضوع الدراسة وهي توضع في صورة تخطيط هندسي يأتي على الشكل التالي:
‌ه- استخدام الآلات الحديثة: أدخلت في الدراسات الحقلية الأنثروبولوجية بعض الآلات والتجهيزات الحديثة كاستخدام آلات التصوير في كل مراحل البحث وأسلوب الأفلام السينمائية في عرض التجارب الإثنوغرافية وآلات التسجيل الصوتي.
3. تحديد البيانات:
تبدأ بوادر التحليل في مرحلة مشروع البحث لأن الباحث يضع في بداية الدراسة اختيارات خاصة بالموضوع، الموقع الجغرافي والنظرية التي تؤدي إلى تعريف وتحديد الميدان. أما في مرحلة ما بعد البحث الميداني ينتقل الباحث إلى تحليل البيانات الكيفية والكمية التي تختبر الفروض أو التساؤلات التي طرحها الباحث في الدراسة وتنتشر في الأنثروبولوجيا التحاليل الكيفية التي تفيء إجابات المقابلات المفتوحة ومعطيات الطريقة الجينيالوجية.
4. عرض النتائج (تقرير الدراسة):
تشمل هذه المرحلة الأخيرة على حوصلة شاملة لمختلف مراحل الدراسة حيث يبدأ الباحث تقريره بمرحلة بناء الموضوع، أهداف الدراسة، الإشكالية، الفرضيات إن وجدت النظرية، ثم يعرف المناهج وأساليب جمع المعطيات التي اختارها ليخلص إلى تحليل البيانات وتبيين النتائج التي وصل إليها من خلال هذه الدراسة.

الاتجاه التطوري
أخذ التطوريون على عاتقهم مهمة أساسية هي تفسير وفهم المؤسسات الاجتماعية من حيث نشأتها وتطورها في الزمان، ويرى التطوريون أن المجتمعات الإنسانية قد طورت أنساقا ثقافية واجتماعية معقدة من بدايات بسيطة وهذا من خلال فكرة اعتبار أن الإنسان قادر على الاختراع وتحقيق الابتكارات في أي مكان إذا ما هيأت له الطبيعة الظروف المواتية وتنوع هذه الأخيرة هو ما يؤدي إلى تفاوت المستويات الاقتصادية والثقافية.
مبادئ التطورية :
1. وجود قوانين ودية تحكم الثقافة الإنسانية التي تمر بمراحل تطورية حتمية متمايزة.
2. التغير الثقافي حتمي يرجع إلى اختلاف المراحل التطورية.
3. العقل البشري قادر على اكتساب السمات الثقافية.
4. إمكانية الاستعارة من السمات الثقافية لثقافات أخرى.
مراحل التطور الثقافي حسب مورغان:
هناك ثلاث مراحل أساسية تمر بها المجتمعات الإنسانية وهي مراحل حتمية لا مفر منها:
1. المرحلة الهمجية: تبدأ من فترة ما قبل اكتشاف النار واختراع اللغة إلى مرحلة استخدام الأقواس والسهام.
2. المرحلة البربرية: تبدأ من فترة صنع الفخار إلى بداية استخدام الحديد.
3. مرحلة الحضارة: تبدأ من بداية الحضارة الأوربية والأمريكية وبداية استخدام الطباعة والكتابة.
نقد التطورية:
• يقول أوجيه: «أصبح كل من مورغان وتيلور مؤرخين للحضارات فهما يريان في المجتمعات الإنسانية مراحل على طريق تطور أحادي الخط، كما لو أن الإنسانية قد توافقت على غاية واحدة هي خلق المجتمع الغربي».
• تطورية القرن 19 والقرن 20 بفكرتها المركزية للتاريخ، أعطت غطاء علميا لخطاب إيديولوجي يهدف إلى تقنين (ضرورة) أو (عقلانية) الاستعمار.
• خطأ تفسير ما هو مختلف انطلاقا من تجربة تاريخية خاصة وتقييم الآخرين بمقياس خاص وهذا ما أنتج ثنائية المجتمع: البسيط والبدائي من جهة، والمعقد والمتطور من جهة أخرى.
• الاعتماد على مصادر غير دقيقة وغياب الدراسات الميدانية.
• التركيز على مفهوم المركزية الإثنية الذي يقول بأفضلية المجتمع الغربي خاصة المجتمعين البريطاني والأمريكي.
• يرى مالينوفسكي أن التطوريين اختاروا بعض السمات الثقافية وانتزعوها من سياقها الاجتماعي الكلي وقاموا بالمقارنة بينها بشكل غير علمي لإثبات فروق مسبقة تتعلق بالتطور الاجتماعي.



المدرسة الانتشارية
ظهرت المدرسة الانتشارية في النصف الثاني من القرن 19 في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا، وهي تنطلق من فكرة مشتركة مفادها أن نمو المجتمعات يتم أكثر ما يتم عن طريق التقليد والاستعارة وذلك بفعل الاحتكاكات الثقافية بين الشعوب (الهجرات والحروب). ويعتقد الانتشاريون بالمساواة بين البشر والتفاوت بين الثقافات، وهذا التفاوت يتحدد بدرجة الاحتكاك والقدرة على الاستعارة ضاربين عرض الحائط عبقرية الإنسان وقدرته على التقدم الدائم عن طريق الاختراعات.
تتجسد فكرة الانتشار في وجود مركز حضاري أو ثقافي تنتقل من خلاله السمات الثقافية إلى مجتمعات أخرى (الهلال الخصيب في العصر الحجري، مصر في العهود القديمة، والغرب في العصر الحديث) وهذا ما يعني طمس وإنكار جميع الحضارات اللاعقلانية ما قبل العلمية وتحويلها تابعا للنمط الغربي المصنع، فكانت جهود الانتشاريين منصبة حول البحث عن صيغ الانتشار من ثقافة أخرى بنظرة تاريخية تتناول كيفية حصول التغير عبر الزمن لتصبح فيما بعد نظرة جغرافبة فلم يعد السؤال مقتصرا على أسباب تنوع الثقافات بل صار بشكل آخ كيف كان لهذا التنوع أن يحصل؟ وأهم ما جاء في هذا الاتجاه هو التأكيد على أهمية الاتصال الثقافي وكون النظم والبنى الاجتماعية والسمات الثقافية كثيرا ما تستعار وتنتقل وهذا من خلال ملاحظة التشابهات السطحية لتأكيد التقارب الثقافي بتوزيع الدوائر الثقافية (هي دوائر جغرافية تتسم بتماسك الصفات الثقافية).
عرفت المدرسة الانتشارية ثلاث مدارس واتجاهات :
1. المدرسة البريطانية: يرى أصحابها (إليوت سميت، بيري، ريفرز) أن هناك مركزا رئيسيا للحضارات هو مصر القديمة والتي كانت أساسا للانتشار الثقافي.
2. المدرسة الألمانية والنمساوية: (راتزل، غرونبر، فروبينيوس) هناك دوائر ثقافية تمثل مراكز حضارية تشترك في سمات ثقافية واحدة وتزداد درجتها كلما اقتربنا أكثر من المركز.
3. المدرسة الأمريكية: (ويسلر، غروبنر، كلاكهون) هم تلامذة بواس صاحب المدرسة الأمريكية، يرى أصحاب هذا الاتجاه أن السمات المميزة لثقافة ما قد وجدت أولا في مركز جغرافي ثقافي محدد ثم انتقلت إلى مناطق أخرى لكنهم في نفس الوقت لم ينفوا إمكانية التطور الموازي المستقل كون البشر مبتكرين بطبعهم.
نقد الأفكار الانتشارية:
• يرى بوارييه أن المسلمات الانتشارية مبالغ فيها إذ يقول أن المسافة الجغرافية لا أهمية لها بالنسبة للانتشار مهما كانت كبيرة.
• نوهت المدرسة الانتشارية بالثوابت لثقافية واختزلت جهود الإنسان في التقليد والاتباع وجعل تاريخ البشرية مجرد سلسلة من الاستعارات الثقافية دون الاعتراف بالإبداع البشري وقدرته على الابتكار.
• انطلق إليوت سميث وبيري من فكرة وجود مركز حضاري (مصر الفرعونية) انتشرت من خلاله المؤسسات والتقنيات والأفكار وهذا ما ينفي وجود نمو قائم بذاته، لكن الاكتشافات الفنية والأثرية بينت أم هناك بؤر حضارية أخرى في العالم عرفت نموا مستقلا وهذا ما يلاحظ مثلا في الفنون الإفريقية بالبنين والتي تختلف كليا عن تلك المعروفة في مصر.

المدرسة الوظيفية
ظهرت المدرسة الوظيفية في العلوم الاجتماعية مع منتسكيو وتجلت أكثر مع مماثلة سبنسر
الوظيفية بالمعنى البيولوجي وهو المعنى الذي أكد عليه سبنسر، هي الدور الذي يقوم به عضو من الأعضاء ضمن النشاط العام الذي يزاوله جسم من الأجسام وقد حملت فيما بعد ثلاث دلالات مختلفة :
‌أ- الحد الأدنى، ويقتصر على مجرد السعي لإقامة الصلة بين ظواهر معينة ودراسة فعلها المتبادل بينها.
‌ب- الوظيفة لا تقتصر على إبراز العلاقة بل تصبح وسيلة متكيفة مع خدمة ظاهرة معينة أي هي المساهمة التي يقدمها نشاط جزئي للنشاط الكلي الذي يندرج ضمنه باعتباره جزءا منه.
‌ج- إضافة إلى الشروط السابقة يضيف مالينوفسكي شرط الاستجابة لحاجات المجتمع بما فيها حاجاته الأولية البيولوجية.
الوظيفية هي تشكيل نظري ومنهجي يستنبط من واقع وجود علاقات اتصال وظيفية بين الوقائع الاجتماعية تقوم بتحليل متزامن لهذه الوقائع دون النظر في تاريخ نشأتها أو الاستعانة بأي نهج تاريخي وهي تستند إلى عدة فرضيات:
1. الإنسان في المجتمع يمكن أن يكون موضوع علم وضعي على شاكلة علوم الطبيعة الحتمية.
2. تلجأ إلى التماثل العضوي لتفسير الواقع الاجتماعي استنادا على مبدأ وحدة المادة بين المجتمع و العضو الحي.
3. ترتبط بمفهوم موحد للعالم الاجتماعي أي أن كل المجتمعات تخضع لقوانين عمل متشابهة.
4. تعطي أولوية للكل على الجزء.
5. تتبنى موقفا مناهضا للتاريخ (لأن التاريخ مشكوك فيه نظرا لعدم توفر الشواهد التاريخية).
الوظيفية المطلقة:
يرى مالينوفسكي أن كل مجتمع يختلف تماما عن المجتمعات الأخرى بثقافته الأصلية المتميزة، والشيء الذي يمنح الثقافة هو الترتيب المحدد لأجزائها والمكان الذي يشغله كل عنصر والأسلوب الذي ترتبط من خلاله هذه العناصر بعضها ببعض، وقد شكلت هذه الفكرة ثلاث قضايا هامة :
1. جوانب الثقافة لا تدرس منفصلة بل يجب أن تفهم في سياقها الداخلي أي لا يمكن عزل جوانبها بعضها عن بعض.
2. عدم الاعتماد على الوصف الذي يدلي به الإخباري فالناس تفعل ما لا تقول.
3. سياق الثقافة يكشف عن عقلية متميزة للبدائي.
وقد أدت دراسات مالينوفسكي وأبحاثه إلى بناء ثلاث مسلمات أساسية:
1. الوحدة الوظيفية: كل عنصر من المجتمع يؤدي حتما وظيفة إيجابية للنظام الاجتماعي بمجمله.
2. الوظيفة الكلية: كل عنصر له وظيفة داخل المجتمع.
3. الوظيفة الضرورية: كل عنصر من المجتمع هو جزء أساسي منه ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه أو عن وظيفته.
الوظيفية البنائية:
راد كليف براون أول من نظر للبنية وقرنها بالمفهوم الوظيفي، لذا انصرف علماء الأناسة البريطانية إلى دراسة التنظيمات بدل الثقافات. فهو توجه سوسيولوجي يتقاسمه مع دوركايم إذ يعتبر استحالة بناء علم للثقافة ويقترح علما خاصا بالأنساق المجتمعية. رفض راد كليف براون على غرار مالينوفسكي نظريات التطوريين والانتشاريين، ووقف مثله ضد المقاربة التاريخية، لكنهما لم يفهما مفهوم الوظيفة فهما واحدا لأن راد كليف براون كان يرى أن الثقافة مفهوم فضفاض غير واضح المعالم بحيث يتعذر التقرب إليه بصورة علمية، لذا قام بدراسة البنية الاجتماعية معتقدا بأن العلوم المجتمعية قادرة على إنتاج قوانين ذات صفة جامعة.
الوظيفة عند راد كليف براون هي مساهمة العضو الاجتماعي الواحد في عمل الأعضاء الاجتماعية الأخرى والمساهمة في الحفاظ على حياة الجسم الاجتماعي بمعنى أن كل مؤسسة أو نسق يساهم في الحفاظ على استمرارية المجتمع لكن الوظيفة عنده لا تفهم إلا مع مقولة البنية لأن الأولى تضمن استمرارية الثانية والبنية عنده تظهر من المعاينة المباشرة التي تبين أن الكائنات البشرية تتوحد ضمن شبكة معقدة من العلاقات المجتمعية وعبارة البنية المجتمعية إنما تدل على هذه الشبكة من العلاقات القائمة بالفعل، فبالبنية المجتمعية :
• تحدد بعلاقات مجتمعية متصلة بالأفراد أو بالجماعات.
• العلاقات محكومة بالتمايز المجتمعي، أي تمايز الأفراد والطبقات من حيث الأدوار المجتمعية التي يقومون بها.
• هذه العلاقات تتصف بضرب من الاستمرارية من حيث المكان والزمان فهي ليست ظرفية طارئة أو عابرة.
نقد النظرية الوظيفية :
تعرضت النظرية الوظيفية لكثير من الانتقادات من طرف المعارضين والأتباع وهذه أهم الانتقادات :
1. المماثلة: يرى إيفانز بريتشارد أن المجتمعات هي أنظمة معنوية وليست طبيعية ودراستها تنتمي إلى النوع التأويلي أكثر من التفسيري، وهذا ما أكده ساهلينز أنها البعد والرمزي في المجتمع مكتفية بوصف خصائص التنظيم الاجتماعي.
2. الحتمية الوظيفية: يقول ليفي ستروس «إن القول بأن المجتمع يعمل هو أمر بديهي ولكن القول بأن كل شيء في المجتمع يعمل هذا أمر عبثي». كما أكد ليش على «أن الاستخدام الوظيفي للوظيفية يقوم على التباس منطقي يغطي فئتين مختلفتين وقائع مرئية وغايات محتملة». وبين لويس مير أيضا أن «مفهوم الوظيفة اتخذ دلالات شديدة الاختلافات حالت دون تمتعه بفعالية إجرائية كافية».
3. التوازن: هناك نظرة تفاؤلية مفرطة فيما يخص التأكيد على التوازن ونكران الخلافات والتوترات، لذا ركز الماركسيون في انتقاداتهم على عجز الوظيفية في تفسير وتبيان التوترات والتناقضات والتغير الاجتماعي كما أكد على ذلك الوظيفيون الجدد من أمثال غلوكمان لذي أكد على أهمية الخلافات والتناقضات من خلال وجود دينامية داخلية وهذا ما ذهب إليه سبرتشا من خلال وجود التضاد والتكامل في مجتمع "النوير بالسودان".
4. اللاتاريخانية: أكد باحثون ماركسيون ووظيفيون من أمثال غلوكمان على أهمية التاريخ في دراسة المجتمعات الإنسانية وأدانوا الخيار الوظيفي المناهض للتاريخ.
5. نقد المسلمات الوظيفية روبرت ميرتون:
‌أ- هناك عناصر يمكن أن تكون وظيفية بالنسبة لجماعات وغير وظيفية بالنسبة لجماعات أخرى كالدين الذي يؤدي وظيفة اندماج اجتماعي كما يمكن أيضا أن يكون مصدرا للصراع.
‌ب- يمكن أن يكون هناك عنصر لا وظيفي.
‌ج- هناك بدائل وظيفية تسمح بتوقع تحولات في الوضعيات الاجتماعية (مثل تربية الأبناء، دور الحضانة، المربيات...)

الاستاد قرار كريم جامعة المسيلة استاد الانتربولوجيا










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-15, 18:02   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
sérine-s
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sérine-s
 

 

 
إحصائية العضو










B8

من فضلكم أريد مقالة استقصاء بالوضع حول :
ان الاخر ليس شرطا لوجود ي فقط، بل هو أيضا شرط للمعرفة التي أكونها عن نفسي.
أريدها غدا وشكرا










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-15, 18:09   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
sérine-s
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sérine-s
 

 

 
إحصائية العضو










B8

من فضلكم أريد مقالة جدلية حول:الفلسفة اليونانية.
هل أصل الكون يعود الى المحسوسات أم العقل؟
من فضلكم أريد هذه المقالة غدا










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-15, 19:42   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
djamel74
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

قائمة الوسائل التعليمية في المواد العلمية بحث اذا امكن غدا ان شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-16, 17:24   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة djamel74 مشاهدة المشاركة
قائمة الوسائل التعليمية في المواد العلمية بحث اذا امكن غدا ان شاء الله

الوسائل التعليمية

نوع الملف: Microsoft Powerpoint - عرض سريع
مما سبق: اللوحات التعليمية والدمى والمجسمات والنماذج هي أمثلة على: مواد خام أم مواد علمية أم مواد تعليمية أم وسائل تعليمية ؟ و. تصنف الوسائل التعليمية






الوسائل التعليمية

نوع الملف: Microsoft Powerpoint - عرض سريع
إعــداد قائمــة بالوسائــل التعليميـة المناسبــــــة. - تحديد المعوقات العلمية التي تؤثر في استخدام ... تأثر المادة العلمية بالحرارة عند إطالة في العرض. جهاز عرض الأفلام الثابتة ... إمكانيـــة إنتـــاج مـواد تعليمية بأقــل تكلفـة









رد مع اقتباس
قديم 2011-05-15, 21:05   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
nadir31
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اسم العضو :.نادر.............................

الطلب :.......بحث حول العولمة واثارها على المؤسسة..............................


أجل التسليم :...بعد 3 أيام ..........
شكراااااااا لك أخي ...............










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-16, 17:40   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nadir31 مشاهدة المشاركة
اسم العضو :.نادر.............................

الطلب :.......بحث حول العولمة واثارها على المؤسسة..............................


أجل التسليم :...بعد 3 أيام ..........
شكراااااااا لك أخي ...............



العولمة وأثارها الاقتصادية على المصارف

نوع الملف: Microsoft Word - عرض سريع
العولمة وأثارها الاقتصادية على المصارف – نظرة شمولية د. ..... 1- تشجيع سياسات الدمج الطوعي في حالة المؤسسات السليمة, والقسري في حالات البنوك المتعثرة وتصفية









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المستطاع, اوامر, تريدونه, تقدر, طلباتكم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc