تعالوا لا تتأخروا لنتدارس البيقونية وشرحها للعثيمين - الصفحة 7 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تعالوا لا تتأخروا لنتدارس البيقونية وشرحها للعثيمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-02-25, 23:20   رقم المشاركة : 91
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم بإذن الله تعالى و بفضله لنا درس في قسمين جديدين من ـ أقسام الحديث الضعيف ـ وهُما ـ الشاذ ـ و ـ المقلوب ـ وسيتوضح في الشرح بإذن الله أن ـ الشذوذ ـ سيكون في ـ سند الحديث ومتنه ـ وأما ـ المقلوب أو القلب ـ سيكون في ـ سند الحديث ومتنه ـ وكِلهُما ضعفهُم ابن عثيمين و البيقوني رحمةُ اللهِ عليهِما وسنبدء بإذن الله في درس الحديث الشاذ ، و بعدها بإذن الله سيكون درس الحديث المقلوب ، وفي هذا الدرس الأخير سيكون لواقعة أهل بغداد مع أمير المؤمنين في الحديث البخاري رحمهُم اللهُ جميعاً ذكر و دليل على قوة الحفظ و الضبط عند أولئك الأعلام من العلماء ، ففيها عبرة و فائدة و تربية و تسلية للمؤمنين ، والحمد لله رب العالمين








 


رد مع اقتباس
قديم 2016-02-26, 00:04   رقم المشاركة : 92
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الشاذ، والمقلوب

اقتباس:
الشاذ، والمقلوب

قال المؤلف رحمه الله


اقتباس:

ومَا يَخالفْ ثقَةٌ فيه الَملأ ... فالشاذُّ والَمقْلُوبُ قسْمَان تَلا



وهذان هما الحادي والعشرون والثاني والعشرون من أقسام الحديث المذكورة في هذه المنظومة وهما: الشاذ، والمقلوب.
فالشاذ مأخوذ من الشذوذ، وهو الخروج عن القاعدة أو الخروج عن ما عليه الناس، وفي الحديث: "عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار" 1 يعني من خرج عنهم، فالشاذُّ هو الذي يخالف فيه الثقة الملأ "أي الجماعة"، ومعلوم أن الجماعة أقرب إلى الصواب من الواحد وأرجح، ولهذا يمكن أن نقول: إن المؤلف رحمه الله قال: "ما يخالف ثقة فيه الملأ" على سبيل المثال، وأن المراد بالقاعدة أن الشاذ هو: ما خالف فيه الثقة من هو أرجح منه عدداً، أو عدالة، أو ضبطاً.
والمؤلف ذكر القسم الأول وهو: العدد لأن الملأ جماعة، وقد يقال: إن الملأ هم أشراف القوم كما قال الله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} [الأعراف: 88] . ومعلوم أن الأشراف في علم الحديث هم الحفاظ العدول، فيكون كلامه شاملاً من هو أرجح عدداً، أو عدالة، أو حفظاً.
مثال العدد: روى جماعة عن شيخهم حديثاً، ثم انفرد أحدهم برواية تخالف الجماعة وهو ثقة.
فنقول: إن هذه الرواية شاذة، لأنه خالف من هو أرجح منه، باعتبار العدد.
ومثال الأرجح عدالة أو حفظاً معلوم.
نقول: الأول هو الراجح، والثاني هو الشاذ وهو حديث المرجوح.
ونُسمِّي الحديث الذي يقابل الشاذ بالمحفوظ.
ومثاله: حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلّم أنه توضأ، فأخذ لرأسه ماءً غير فضل يديه1، أي لما أراد أن يمسح رأسه، أخذ ماءً فمسحه بماء غير فضل يديه، هكذا جاء في صحيح مسلم، وفي رواية ابن ماجة "أنه مسح أذنيه بماء غير فضل رأسه"2 فاختلفت الروايتان، فرواية مسلم أنه أخذ ماء جديداً لمسح الرأس غير ماء اليدين.
والثانية: أنه أخذ ماء جديداً لمسح الأذنين، غير ما مسح الرأس، قال ابن حجر في بلوغ المرام عن الأول إنه المحفوظ3، يعني أن رواية مسلم هي المحفوظة، ورواية ابن ماجه تكون شاذة.
ولا يحكم بالمخالفة بمجرد ما ينقدح في ذهنه أنه مخالف، بل يجب أن يتأمل ويفكر وينظر ويحاول الجمع، لأنك إذا حكمت بالمخالفة، ثم قلت عن الثاني إنه شاذ فمعناه أنه غير مقبول، لأن من شرط الصحيح المقبول ألا يكون معللاً ولا شاذًّا، فإذا كان شاذًّا فإننا سنرده، فلا يجوز أن نرد الحديث المخالف بمجرد ما ينقدح في الذهن، فلابد من التأمل فإنه ربما يبدو مخالفاً، ولكن عند التأمل لا يكون مخالفاً فمثلاً: حديث "اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته" 4، "إنك لا تخلف الميعاد" 1 بعض الناس قال إن زيادة "إنك لا تخلف الميعاد" شاذة، لأن أكثر الرواة رووه بدون هذه الزيادة، فتكون رواية من انفرد بها شاذة، لأنها مخالفة للثقات، وإن كان الراوي ثقة.
لكنه يمكن أن نقول: لا مخالفة هنا، لأن هذه الزيادة لا تنافي ما سبق، بحيث أنها لا تكذبه ولا تخصصه، وإنما تطبعه بطابع هو من دعاء المؤمنين كما قال الله عنهم {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 194] . وهنا تقول: وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، نظير قول الله تعالى: {وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} فحينئذ يحتاج إلى أن نتثبت في مسألة الزيادة هل هي مخالفة أو غير مخالفة، أي أننا لا نتسرع بالقول بالمخالفة. لأن المخالفة تعني أنه لا يمكن الجمع، أما إذا أمكن الجمع فلا مخالفة.
وهل يشترط في الشذوذ أن يكون في حديث واحد بمعنى أن يكون هذا الحديث رواه جماعة على وجه، ورواه فرد على وجهٍ يخالف الجماعة أو لا يشترط.
نقول: لا يشترط، يمكن أن يكون في حديث، وفي حديثين، هذا هو الذي يظهر لنا من تصرفات العلماء.
مثال ذلك: ما أخرج أصحاب السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" 2 وهذا الحديث صححه بعض العلماء، وقال: إنه يُكره الصيام تطوعاً إذا انتصف شعبان، إلا من كانت له عادةٌ فلا كراهة، وقال الإمام أحمد: لا يكره؛ لأن هذا الحديث شاذ، لأنه يخالف حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في الصحيحين وهو قوله صلى الله عليه وسلّم: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه"1 وذلك لأن الحديث الثاني يدل على جواز الصيام قبل اليومين وهو أرجح من الأول.
إذاً نفهم من هذا أن الشذوذ ليس شرطاً أن يكون في حديث واحد.
مثال آخر: ما أخرجه أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" 2 فهذا الحديث يخالف الحديث الذي في الصحيحين وهو أن النبي صلى الله عليه وسلّم قالت له إحدى نسائه إنها صائمة هذا اليوم وكان يوم الجمعة، فقال لها: "أصمت أمسقالت: لا، قال: "أتصومين غداً؟ "، قالت: لا، قال: "فأفطري" 3 فقوله: "أتصومين غداً؟ " وهو يوم السبت، يدل على جواز صيام يوم السبت، لذلك اختلف العلماء في صحة حديث النهي عن صيام يوم السبت على أقوال:
1 - فمنهم من قال: إن الحديث منسوخ، وهذا القول ضعيف، لأن من شرط الحكم بالنسخ العلم بالتاريخ، وهنا لا نعلم التاريخ.
2 - ومنهم من قال: بل الحديث شاذ؛ لأنه يخالف الحديث الذي في الصحيحين الذي يدل على جواز صيام يوم السبت.
3 - ومنهم من حمله على وجه لا يخالف الحديث الذي في الصحيحين، وذلك بأن يُحمل النهي على إفراد يوم السبت بالصيام، وأما إذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده فلا بأس، وهذا الأخير جمع بين الحديثين، وإذا أمكن الجمع فلا شذوذ، لأن من شرط الشذوذ المخالفة وهنا لا مخالفة، فقالوا: حديث النهي عن صوم يوم السبت، محمولٌ على الإفراد، أما إذا جمع إليه ما قبله أو ما بعده فلا بأس حينئذ.
مثال ثالث: وردت أحاديث متعددة - لكن ليست في البخاري ومسلم - في النهي عن لبس الذهب المحلَّق مثل الخاتم والسوار ونحوه1، ووردت أحاديث أخرى في الصحيحين وغيرهما تدل على جواز لبس الذهب المحلق، مثل ما في حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر النساء أن يتصدقن، فجعلن يلقين خواتيمهن، وخروصهن في ثوب بلال - رضي الله عنه -2 ثم أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما رأى الرجل الذي عليه خاتم الذهب أخذه ورمى به، وقال: "يعمدُ أحدكم إلى جمرة من النار فيلقيها في يده" 3.
فمن العلماء من قال: إن النهي عن الذهب المحلق حجة يُعمل بها.
ومنهم من قال: إن النهي عن لبس الذهب المحلق شاذٌّ لا يعمل به، لأنه يخالف ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من جواز لبس الذهب المحلّق، وهذا هو الذي سلكه شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
ومنهم من قال: إن الأحاديث الواردة في النهي في أول الأمر حين كان الناس في ضيق وفي شدة ثم بعد ذلك رُخِّص فيه.
وإنما ضربت هذه الأمثلة الثلاثة للإشارة إلى أن الشذوذ لا يشترط أن يكون في حديث واحد، بل قد يكون في واحد، أو في اثنين، أو أكثر.
إذاً عرفنا ما هو الشاذ، وما هو الذي يقابله، وهناك مخالفة أخرى لم يذكرها المؤلف وهي: إذا كان المخالف غير ثقة فإن حديثه يسمى منكراً.
والمنكر هو: ما خالف فيه الضعيف الثقة، وهو أسوأ من الشاذ، لأن المنكر المخالفة مع الضعف، والشاذ المخالفة فيه مع الثقة.
ويقابل المنكر المعروف، إذاً فهي أربعة أقسام:
1 - المحفوظ.
2 - الشاذ.
3 - المنكر.
4 - المعروف.
فالشاذ هو: ما رواه الثقة مخالفاً لمن هو أرجح منه.
والمنكر هو: ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة.
والمحفوظ هو: ما رواه الأرجح مخالفاً لثقة دونه، وهو مقابل للشاذ.
والمعروف هو: ما رواه الثقة مخالفاً للضعيف.

وقوله: "والمقلوبُ قسمان تلا" هذا تكملة للبيت يعني تلا في الذكر الشاذُّ، لكن هي ليس لها معنى، وإنما هي تكملة للبيت فقط، والمقلوب ينقسم إلى قسمين ذكرها في البيت الذي بعده.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

1 أخرجه الحاكم في المستدرك جـ 1 ص 199.
1 رواه مسلم كتاب الطهارة باب صفة الوضوء برقم 19236.
2 لم أجده في أبواب الطهارة من سنن ابن ماجة وهو عند البيهقي 1/303 حديث رقم: 719.
3 بلوغ المرام حديث رقم 48 والمذكور فيه أخرجه البهقي.
4 رواه البخاري كتاب الأذان باب الدعاء عند النداء 614.
1 البيهقي جـ 1 ص 410 وصححها شيخنا – رحمه الله غفر له – في مجموع الفتاوى جـ 2 ص 199.
2 تقدم تخريجه ص 29.
1 تقدم تخريجه ص 29.
2 تقدم تخريجه ص 29.
3 تقدم تخريجه ص 30.
1 مسند الإمام أحمد جـ 1 ص 119 138 وسنن النسائي جـ 8 ص 545 كتاب الزينة باب خاتم الذهب.
2 أخرجه البخاري كتاب العيدين باب موعظة النساء يوم العيد برقم 978.
3 أخرجه مسلم كتاب اللباس باب تحريم خاتم الذهب على الرجال برقم 52 2090.









رد مع اقتباس
قديم 2016-02-27, 17:12   رقم المشاركة : 93
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحباً بالجميع في هذه الرحاب العلمية في مصطلح الحديث أو علم الحديث وإستكمالاً للدرس الماضي و الذي اختص ـ بالحديث الشاذ ـ فاليوم بإذن الله تعالى لنا درس في ـ الحديث المقلوب ـ وهُما و كما قال المؤلف ـ البيقوني ـ رحمه الله وكما قال الشارح ـ العُثيمين ـ رحمه الله بأنهُما من أقسام ـ الحديث الضعيف ـ وأذكر بالتسلية و الدلالة على قوة حفظ أمير المؤمنين في الحديث ـ البخاري ـ رحمه الله أثناء إمتحانه و اختباره ـ من أهل العلم في بغداد ـ والحمد لله رب العالمين









رد مع اقتباس
قديم 2016-02-27, 17:43   رقم المشاركة : 94
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي أقسام المقلوب

اقتباس:
أقسام المقلوب

قال المؤلف رحمه الله



اقتباس:
إبْدالُ رَاوٍ مَا بِرَاوٍ قسْمُ ... وقَلْبُ إسنَادٍ لمتنٍ قِسْمُ

قوله "إبدال راوٍ ما براوٍ".
ف-"ما" هنا نكرة واصفة.
ومعنى نكرة واصفة أي أنك تقدر ما ب-"أي" والتقدير إبدال راوٍ أي راوٍ، و"ما" تأتي نكرة واصفة، وتأتي نكرة موصوفة كما في قوله تعالى: {ِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} ومثال النكرة الواصفة قول المؤلف "إبدال راوٍ ما".
والمقلوب ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: وهو ما ذكره المؤلف بقوله "إبدال راوٍ ما براوٍ قسمُ" وهو ما يُسمَّى بقلب الإسناد.
مثلاً: إذا قال: حدثني يوسف عن يعقوب، فيقلبُ الإسناد ويقول: حدثني يعقوب عن يوسف، وهذا أكثر ما يقعُ خطأ، إما لنسيان أو غيره، لأنه لا توجد فائدة في تعمد ذلك.
فإذا قال قائل ما الذي أعلمنا أن الإسناد مقلوب فقد يكون على الوضع الصحيح؟
فنقول: نعلم أنه مقلوب، إذا جاء من طريق آخر أوثق على خلاف ما هو عليه، أو جاء من نفس الراوي الذي قَلَبَهُ في حال شبابه وحفظه، يكون قد ضبطه وحدَّث به على الوضع الصحيح، وفي حال كِبَره ونسيانه، يحدِّثُ بالحديث ويقلب إسناده، ففي هذه الحالة نعرف أن الأول هو الصحيح، والثاني هو المقلوب.
مثاله: إذا روى هذا الحديث بهذا الإسناد الصحيح رجلان، أحدهما أوثق من الآخر، فيأتي الذي ليس بأوثق من صاحبه ويقلب الإسناد، بأن يجعل التلميذ شيخاً والشيخ تلميذاً، فإننا نحكم في هذا الحديث بأنه مقلوب عليه لأنه قلب السند.
ومثال آخر: هذا الحديث حدَّث به هذا الرجل في حال شبابه وحفظه على وجه، وحدَّث به بعد شيخوخته ونسيانه على وجهٍ آخر، فإننا نحكم على الثاني أنه مقلوب، وربما نطَّلع أيضاً على هذا من طريق آخر بحيث أننا نعرف أن الذي جعله تلميذاً هو الشيخ، لأنه تقدم في عصره بمعرفة التاريخ.
والمقلوب من قسم الضعيف، لأنه يدل على عدم ضبط الراوي.
القسم الثاني: وهو ما ذكره المؤلف بقوله "وقلب إسناد لمتن قسم" ويعني أن يُقلب إسناد المتن لمتن آخر.
مثاله: رجل روى حديثاً: من طريق زيد، عن عمرو، عن خالد، وحديثاً آخر: من طريق بكر، عن سعد، عن حاتم، فجعل الإسناد الثاني للحديث الأول، وجعل الإسناد الأول للحديث الثاني، فهذا يُسمَّى قلب إسناد المتن، والغالب أنه يقعُ عمداً للاختبار، أي لأجل أن يُختبر المحدِّث.
اقتباس:
كما صنع أهل بغداد مع البخاري، وذلك لما علموا أنه قادم عليهم، اجتمعوا من العراق وما حوله وقالوا: نريد أن نختبر هذا الرجل، فوضعوا له مائة حديث ووضعوا لكل حديث إسناداً غير إسناده، وقلبوا الأسانيد ليختبروا البخاري - رحمه الله - وقالوا: كل واحد منكم عنده عشرة أحاديث يسأله عنها، ووضعوا عشرة رجال حفاظ أقوياء، فلما جاء البخاري - رحمه الله - واجتمع الناس، بدأوا يسوقون الأسانيد كلها حتى انتهوا منها، وكانوا كلما ساقوا إسناداً ومعه المتن قال البخاري: لا أعرفه، حتى أتموها كلها، فالعامة من الناس قالوا: هذا الرجل لا يعرف شيئاً، يُعرض عليه مائة حديث وهو يقول: لا أعرفه، يعني لا أعرف هذا السند لهذا الحديث، ثم قام - رحمه الله - بعد ذلك وساق كل حديث بإسناده الصحيح، حتى انتهى من المائة كلها، فعرفوا أن الرجل آية من آيات الله في الحفظ، فأقرُّوا وأذعنوا له.
فهذا نسميه قلب إسناد المتن يعني أن تركب إسناد متن على متن آخر، والغالب أنه لا يقع إلا للاختبار، وقد يقع غشًّا، بحيث يريد الرجل أن يُروِّج الحديث لكنْ يكون إسناده ساقطاً يعني كلهم ضعفاء مثلاً، فيأتي بإسناد حديث صحيح ويُركبه عليه، فهو نوع من التدليس، لكنه بطريق آخر.
وهناك قسم آخر وهو قلب المتن: وهذا الذي يعتني به الفقهاء، وأما قلب الإسناد فيعتني به المحدثون، لأنهم ينظرون إلى السند هل هو صحيح؟ وهل يصح به الحديث أم لا.
وأما الفقهاء فيعتنون بقلب المتن، لأنه هو الذي يتغيُّر به الحكم، حيث إن هؤلاء ينظرون إلى الدلالة.
وقلب المتن يحصل من بعض الرواة تنقلب عليهم المتون فيروون بعض الأحاديث على غير وجهها.
من ذلك مثلاً: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... " 1 الحديث وفيه "ورجل تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" فقلبه بعض الرواة فقال: "حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله" فهذا مقلوب، لأنه جعل اليمين شمالاً، والشمال يميناً.
ومن ذلك الحديث الذي ثبت في صحيح البخاري "أنه يبقى في النار فضلٌ عمن دخلها، فينشئ الله لها أقواماً يدخلهم النار" فهذا الحديث منقلبٌ على الراوي وصوابه "أنه يبقي في الجنة فضلٌ عمن دخلها من أهل الدنيا فينشئ الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة" 1 الحديث.
وذلك لأنه - أي إنشاء أقوام للنار - ينافي كمال عدل الله تعالى إذ كيف يمكن أن يُنشأ الله تعالى أقواماً للعذاب، ولأنه ينافي الحديث الصحيح "لا يزال يُلقى في النار وهي تقول هل من مزيد، حتى يضع الله تعالى عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط" 2.
ومثال آخر
: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه" 3 انقلب هذا الحديث على الراوي فقال: "وليضع يديه قبل ركبتيه" والصواب: "وليضع ركبتيه قبل يديه" وإنما قلنا ذلك لأن هذا التفريع يخالف أول الحديث، فأول الحديث "فلا يبرك كما يبرك البعير" فالنهي عن التشبه بالبعير في صفة السجود "فلا يبرك كما يبرك" ونحن إذا شاهدنا البعير نراه إذا برك، فإنه يقدم يديه قبل ركبتيه، حيث إنه أول ما يبرك ينزل مقدمه قبل مؤخره، وأنت إذا قدمت يديك نزل مقدمك قبل مؤخرك، فأشبهت بروك البعير.
فإذا قيل: "وليضع يديه قبل ركبتيه" صار لا يناسب أول الحديث، والذي يناسبه "وليضع ركبتيه قبل يديه"، وقد ظن بعض العلماء أن الحديث ليس فيه قلب، وقال: إن ركبة البعير في يديه، ونحن نُسلِّم أن ركبة البعير في يديه.
ولكن الحديث لم يقل فيه الرسول صلى الله عليه وسلّم: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، فإنه لو قال كذلك لقلنا: لا تبرك على الركبتين لأن البعير يبرك على ركبتيه، لكن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "فلا يبرك كما" والكاف هنا للتشبيه، وبين العبارتين فرق.
فإذا عرفنا أن مدلول قوله "فلا يبرك كما يبرك البعير" أي لا يقدِّم يديه فينزل مقدمه قبل مؤخره، ولأن النزول في السجود بالركبتين، هو الوضع الطبيعي.
ففي الوضع الطبيعي أول ما ينزل إلى الأرض هو ما يلي الأرض وهو الركبة ثم اليد ثم الجبهة والأنف1.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 رواه البخاري كتاب الزكاة باب باليمن 1423, 620 و 1334 و 5998 و 6308 ومسلم كتاب الزكاة باب فضل إخفاء الصدقة 911031, 1712.
1 تقدم تخريجه ص 30.
2 أخرجه البخاري كتاب التوحيد ومسلم كتاب الجنة باب قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 7384.
3 رواه الإمام أحمد جـ 2 ص 381 وأبو داود في الصلاة باب كيف يضع ركبته قبل يديه 840 والنسائي في الصلاة باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده 1092.
1 حقق شيخنا – رحمه الله وغفر له – هذه المسألة في مجموع الفتاوى جـ 13 ص 175179.









رد مع اقتباس
قديم 2016-02-28, 19:17   رقم المشاركة : 95
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بفضل الله وصلنا اليوم إلى قسم جديد من أقسام الحديث وهو ـ الفرد ـ وهذا القسم أي ـ الفرد ـ قد يكونُ صحيحاً أو حسن أو ضعيف ولكن يغلب على ـ الفرد ـ أنه ضعيف ومثال ـ الفرد ـ حديثُ عمر رضي الله عنه ـ إنما الأعمال بالنيات ...... ـ والذي رواه عمر رضي الله عنه لوحدهِ فقط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ـ فرد ـ ـ غريب ـ ـ صحيح ـ وقد مررنا على ذكره في قسم الحديث الغريب وهو مذكور في هذا القسم لنفس السبب وهو أن راويه واحد أو ـ فرد ـ وهو ثقة وكما نعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم كلهم عدول ثقة مشهود لهم بنص من القرأن و بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ، و ـ الفرد ـ لا يعني شخصاً فقط بل يتعداه إلى ـ جماعة ـ و ـ بلاد ـ وكل ذلك بإذن الله ستجدونه في هذا الدرس ورحم الله مؤلفها و شارحها و ناقلها و قارئها وأصحاب المنتدى
والحمد لله رب العالمين









رد مع اقتباس
قديم 2016-02-28, 19:31   رقم المشاركة : 96
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الفرد وأنواعه

اقتباس:
الفرد وأنواعه

قال المؤلفُ رحمه الله


اقتباس:
والفَردُ ما قَيَّدْتَهُ بثقَة ... أوْ جْمعٍ أوْ قَصٍر عَلَى رِوَايَةٍ

هذا هو الثالث والعشرون من أقسام الحديث المذكورة في هذه المنظومة، وهو الفرد، وذكر الناظم له ثلاثة أنواع.
1 - ما قُيد بثقة.
2 - ما قُيد بجمع.
3 - ما قُيد برواية.
فما هو الفرد؟
نقول: الفرد هو أن ينفرد الراوي بالحديث، يعني أن يروي الحديث رجلٌ فرد.
والغالب على الأفراد الضعف، لكن بعضها صحيح متلقى بالقبول، لكن الغالب على الأفراد أنها ضعيفة، لاسيما فيما بعد القرون الثلاثة، لأنه بعد القرون الثلاثة، كثر الرواة فتجد الشيخ الواحد عنده ستمائة راوي. فإذا انفرد عنه راوٍ واحد دون غيره فإن هذا يوجب الشك، فكيف يخفى هذا الحديث على هذا العدد الكثير، ولا يرويه إلا واحد فقط.
لكن في عهد الصحابة تكثر الفردية، وكذلك في عهد التابعين لكنها أقل من عهد الصحابة، لانتشار التابعين وكثرتهم، وفي عهد تابع التابعين تكثر الفردية لكنها أقل من عهد التابعين.
إذاً فالفردُ من قبيل الضعيف غالباً.
وأنواعه ثلاثة وهي:
1
- ما قُيِّدَ بثقة، أي ما انفرد به ثقة، ولم يروه غيره، لكنه لا يخالف غيره، مثل حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" 1 فقد حصل الإفراد فيه، في ثلاث طبقات من رواته، ومع ذلك فهو صحيح، لأنه انفرد به الثقة عن الثقة عن الثقة، فهذا يُسمى فرداً، ويسمى غريباً.
2 - ما قُيدَ بجمعٍ، ومراده بالجمع أهل البلد، أو أهل القرية، أو القبيلة أو ما أشبه ذلك، فإذا انفرد بهذا الحديث عن أهل هذا البلد شخص واحد، بمعنى أن يقال: تفرد فلان برواية هذا الحديث عن الشاميين، أو تفرد فلان برواية هذا الحديث عن الحجازيين، أو ما أشبه ذلك، فهنا فردٌ لكنه ليس فرداً مطلقاً، بل هو في بلد معين، وقد انفرد به من بين المحدثين من أهل هذا البلد.
فمثلاً إذا قدَّرنا أن المحدثين في الشام ألف محدث، فروى هذا الحديث منهم واحد، ولم يروه سواه.
فنقول: هذا فرد لكن هل هو فرد مطلقاً؟
بل فرد نسبي، نسبي أي: بالنسبة لأهل الشام.
وللفرد المقيد بالجمع معنى آخر وهو: أن ينفرد به أهل بلد ما، بروايته عن فلان، فيقال: تفرد به أهل الشام عن فلان.
3 - وقوله "أو قصر على رواية".
القصر على الرواية هي أن يقال مثلاً: لم يروِ هذا الحديث بهذا المعنى إلا فلان، يعني أن هذا الحديث بهذا المعنى لم يروه إلا شخص واحد عن فلان، فتجد أن القصر في الرواية فقط، وإلا فالحديث من طرق أخرى مشهور، وطرقه كثيرة.
وإنما قسَّم المؤلف الفرد إلى هذا التقسيم: ليبين أن الفرد قد يكون
فرداً نسبيًّا، وقد يكون فرداً مطلقاً، فإذا كان هذا الحديث لم يُروَ إلا من طريق واحد بالنسبة لأهل الشام، أو أي بلد فهو فردٌ نسبي.
وكذلك بالنسبة للشيخ فلو قال: تفرَّد به فلان عن هذا الشيخ فإنه يُسمى فرداً نسبيًّا، والفرد النسبي غرابته نسبية، والفرد المطلق غرابته مطلقة، والفرد النسبي أقرب إلى الصحة، لأنه قد يكون فرداً بالنسبة لهؤلاء، ولكنه بالنسبة إلى غيرهم مشهور أو عزيز، أي مروي بعدة طرق.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



1 تقدم تخريجه ص 69.









رد مع اقتباس
قديم 2016-02-29, 22:21   رقم المشاركة : 97
معلومات العضو
ككوثر
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-02, 23:15   رقم المشاركة : 98
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بفضل الله نحن نصل اليوم إلى ـ الحديث الُمعَلّ ـ وهو من العِلة والتي تُضعف الحديث راجياً أن تستفيدوا والحمد لله رب العالمين









رد مع اقتباس
قديم 2016-03-02, 23:29   رقم المشاركة : 99
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الحديث الُمعَلّ

اقتباس:
الحديث الُمعَلّ



قال المؤلف رحمه الله


اقتباس:
ومَا بعلَة غُموضٍ أوْ خَفَا ... مُعَلِّلٌ عِنْدَهُمُ قَدْ عُرِفَا



هذا هو القسم الرابع والعشرون من أقسام الحديث المذكورة في النظم وهو المعلول أو المعلل.
يقال: "الحديث المعلل"، ويُقال: "الحديث الُمعَلّ"، ويقال الحديث المعلول، كل هذه الاصطلاحات لعلماء الحديث ولا شك أن أقربها للصواب من حيث اللغة هو "الُمعَلُّ"، لأن وزن مُعَلّ الصرفي هو مُفْعَل، وذلك لأن اللام مشددة، فتكون عن حرفين أولهما ساكن، وإذا نظرنا إلى الاشتقاق وجدنا أن هذا هو الصواب، لأنه مأخوذ من أعلّهُ يُعلُّه فهو مُعَلّ مثل أقره يقره فهو مقرّ.
والذين قالوا إنه معلول أخذوه من علّة مثل شدَّهُ فهو مشدودٌ، فيسمونه معلولاً، لأنه مأخوذٌ من الفعل الثلاثي.
والذين يقولون "مُعَلَّل" أخذوه من علَّلَه، فهو معلل مثل قوّمه فهو مقوّم، والصواب: كما سبق "الُمعَلّ".
فنقول: المعلُّ هو الحديث الذي يكون ظاهره الصحة، ولكنه بعد البحث عنه يتبين أن فيه علة قادحة، لكنها خفية.
مثال ذلك: أن يُروى الحديث على أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم باتصال السند، ويكون هذا هو المعروف المتداول عند المحدثين، ثم يأتي أحدُ الحفاظ ويقول هذا الحديث فيه علة قادحة وهي أن الحفاظ رووه منقطعاً، فتكون فيه علة ضعف، وهي الانقطاع، بينما المعروف بين الناس أن الحديث متصلٌ.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في شرح النخبة: وهذا القسم من أغمض أنواع الحديث، لأنه لا يطَّلع عليه إلا أهل العلم النقاد الذين يبحثون الأحاديث بأسانيدها ومتونها.
وابن حجر يقول دائماً في بلوغ المرام: أُعلَّ بالإرسال، أو أُعلَّ بالوقف، وهكذا.
فإذا قال ذلك فارجع إلى السند وانظر فيه من رواه؟
ولهذا اشترطوا في الصحيح أن يكون سالماً من الشذوذ والعلة القادحة، والمعلُّ من أقسام علم المصطلح وهو مهمٌّ جداً لطالب علم الحديث حيث إن معرفته تفيده فائدة كبيرة؛ لأنه قد يقرأ حديثاً ظاهره الصحة، وهو غير صحيح.









رد مع اقتباس
قديم 2016-03-02, 23:30   رقم المشاركة : 100
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ككوثر مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
وجُزيتي خيراً أختاه









رد مع اقتباس
قديم 2016-03-13, 16:45   رقم المشاركة : 101
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم بإذن الله وصلنا ـ للحديث المضطرب ـ وهو أيضاً من أقسام ـ الحديث الضعيف ـ لأن علته أنهُ غير مضبوط سواءً إن كان الإضطراب في المتن أو في السند ، وقد أوفى العلامة ابن عثيمين رحمه الله شرح هذا القسم فتفضلوا والحمد لله رب العالمين









رد مع اقتباس
قديم 2016-03-13, 17:03   رقم المشاركة : 102
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي المضطرب وبيانه

اقتباس:
المضطرب وبيانه


قال المؤلف رحمه الله:


اقتباس:

وذُو اخْتلافِ سَنَدٍ أو مَتْنٍ ... مُضطَرِبٌ عِنْدَ أُهَيْلِ الفَنِّ

وهذا هو الخامس والعشرون من أقسام الحديث المذكورة في هذا النظم وهو المضطرب.
والاضطراب معناه في اللغة: الاختلاف.
والمضطرب في الاصطلاح: هو الذي اختلف الرواة في سنده، أو متنه، على وجه لا يمكن فيه الجمع ولا الترجيح.
فالاختلاف في السند مثل: أن يرويه بعضهم متصلاً، وبعضهم يرويه منقطعاً.
والاختلاف في المتن مثل: أن يرويه بعضهم على أنه مرفوع، وبعضهم على أنه موقوف، أو يرويه على وجه يخالف الاخر بدون ترجيح، ولا جمع.
فإن أمكن الجمع فلا اضطراب.
وإن أمكن الترجيح أخذنا بالراجح ولا اضطراب.
وإذا كان الاختلاف لا يعود لأصل المعنى فلا اضطراب أيضاً.
مثال الذي يمكن فيه الجمع: حديث حج النبي صلى الله عليه وسلّم، فإن حج النبي صلى الله عليه وسلّم، اختلف فيه الرواة على وجوه متعددة.
فمنهم من قال: إنه حجَّ قارناً.
ومنهم من قال: إنه حجَّ مفرداً.
ومنهم من قال: إنه حجَّ متمتعاً.
ففي حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم عام حجة الوداع فمنا من أهلَّ بحج، ومنَّا من أهل بعمرة، ومنَّا من أهلَّ بحج وعمرة، وأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالحج1.
وفي حديث ابن عمر وغيره - رضي الله عنهم - أنه حجَّ متمتعاً2، وفي بعض الأحاديث أنه حج قارناً3.
فهذا الاختلاف إذا نظرنا إليه قلنا في بادىء الأمر: إن الحديث مضطرب، وإذا حكمنا بالاضطراب، بقيت حجة النبي صلى الله عليه وسلّم مشكلة، فلا ندري هل حج مفرداً، أم متمتعاً، أم قارناً؟
وعند التأمل: نرى أن الجمع ممكن يندفع به الاضطراب.
وللجمع بين هذه الروايات وجهان:
1 - الوجه الأول: أن من روى أنه أهلَّ بالحج مفرداً، أراد إفراد الأعمال، يعني أنه لم يزد على عمل المفرد.
* وعمل المفرد هو: أنه إذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، ثم سعى للحج، وإذا كان يوم العيد طاف طواف الإفاضة فقط ولم يسع، وإذا أراد أن يخرج طاف طواف الوداع وخرج.
* ومن روى أنه متمتع: أراد أنه جمع بين العمرة والحج في سفر واحد، فتمتع بسقوط أحد السفرين.
* ومن روى أنه قرن بين الحج والعمرة فهذا هو الواقع.
قال الإمام أحمد: لا أشك أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان قارناً، والمتعة أحب إلّي.
2 - الوجه الثاني: أنه أحرم أولاً بالحج ثم أدخل العمرة عليه، فصار مفرداً باعتبار أول إحرامه، وقارناً باعتبار ثاني الحال، ولكن هذا لا يصح على أصول مذهب الإمام أحمد، لأن من أصوله أنه لا يصح إدخال العمرة على الحج، وإنما الذي يصح هو العكس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية مقرراً الوجه الأول: من روى أنه مفرد، فقد أراد أعمال الحج.
ومن قال إنه متمتع: فقد أراد أنه أتى بعمرة وحج في سفر واحد، فتمتع بسقوط أحد السفرين عنه، لأنه لولا أنه أتى بالعمرة والحج، لكان قد أتى بعمرة في سفر، وبالحج في سفر آخر، فيكون تمتعه بكونه أسقط أحد السفرين، لأنه سافر سفراً واحداً، وقرن بين العمرة والحج فتمتع بذلك.

وأما من قال: إنه كان قارناً فهذا هو الواقع، أي أنه كان قارناً، لأننا لا نشك أن الرسول صلى الله عليه وسلّم لم يحل من العمرة، بل بقي على إحرامه لكونه قد ساق الهدي. اه-.
ثم نرجع إلى الحج فنقول: الآنساك ثلاثة:
1 - الإفراد.
2 - التمتع.
3 - القِران.
1 - فالإفراد هو: أن يحرم الإنسان بالحج وحده من الميقات، ويقول: لبيك اللهم حجًّا، ثم إذا وصل إلى مكة فإنه يطوف طواف القدوم، ويسعى للحج، ويبقى على إحرامه إلى أن يتم الحج، وفي يوم العيد يطوف طواف الإفاضة، وعند السفر يطوف طواف الوداع.
2 - والقران هو: أن يحرم بالعمرة والحج معاً من الميقات، ويقول: لبيك اللهم عمرة وحجًّا، فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم وسعى للعمرة والحج، ثم يبقى على إحرامه، ويوم العيد يطوف طواف الإفاضة، وعند السفر يطوف طواف الوداع. ففعله كفعل المفرد لكن تختلف النية.
3
- أما التمتع فهو أن يحرم من الميقات بالعمرة، ثم إذا وصل إلى مكة، يطوف ويسعى ويقصِّر، لأنها عمرة، ثم يحل من إحرامه ويلبس ثيابه ويتحلَّل تحللاً كاملاً، ثم في اليوم الثامن من شهر ذي الحجة يحرم بالحج، وفي يوم العيد يطوف طواف الإفاضة ويسعى للحج، وعند السفر يطوف للوداع.
* وإذا لم يمكن الجمع بين الروايات، عملنا بالترجيح فنأخذ بالراجح، ويندفع الاضطراب.
مثاله: حديث بريرة - رضي الله عنها - حين أعتقتها عائشة رضي الله عنها، ثم خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلّم على أن تبقى مع زوجها، أو أن تفسخ نكاحها منه1.
ففي بعض روايات الحديث أن زوجها - وهو مغيث - كان حرًّا.
وفي بعض الروايات أنه كان عبداً.
إذاً في الحديث اختلاف والحديث واحد، والجمع غير ممكن فنعمل بالترجيح.
والراجح: أنه كان عبداً، فإذا كان هو الراجح، إذاً نلغي المرجوح، ونأخذ بالراجح، ويكون الراجح هذا سالماً من الاضطراب، لأنه راجح.
* وإذا لم يكن الاختلاف في أصل المعنى، فلا اضطراب، بأن يكون أمراً جانبيًّا.
مثل: اختلاف الرواة في ثمن جمل جابر - رضي الله عنه -1 واختلاف الرواة في حديث فضالة بن عبيد في ثمن القلادة التي فيها ذهب وخرز، هل اشتراها باثني عشر ديناراً، أو بأكثر من ذلك أو بأقل2.
فنقول: هذا الاختلاف لا يضر، لأنه لا يعود إلى أصل المعنى، وهو بيع الذهب بالذهب، لأنهم كلهم متفقون على أنها قلادة فيها ذهب وخرز، وكانت قد بيعت بدنانير، ولكن كم عدد هذه الدنانير؟
قد اختلف فيها الرواة، ولكن هذا الاختلاف لا يضر.
وكذلك حديث جابر - رضي الله عنه - فقد اتفق الرواة على أن الرسول صلى الله عليه وسلّم اشتراه، وأن جابراً اشترط أن يركبه إلى الميدنة، ولكن اختلفوا في مقدار الثمن، فنقول: إن هذا الاختلاف لا يضر، لأنه لا يعود إلى أصل المعنى الذي سيق من أجله الحديث.
وحكم الحديث المضطرب هو: الضعف، لأن اضطراب الرواة فيه على هذا الوجه يدل على أنهم لم يضبطوه، ومعلوم أن الحديث إذا لم يكن مضبوطاً، فهو من قسم الضعيف.
وقوله "مضطربٌ عند أُهيل الفن".
قد يقول قائل: لماذا صغر كلمة "أهل" وهل ينبغي أن يصغر أهل العلم؟ فنقول: إن المؤلف اضطرَّه النظم إلى التصغير، ولهذا يُعتبر التصغير من تمام البيت فقط، وإلا كان عليه أن يقول: عند أهل الفن.
فإذا قال قائل: الفنُّ عندنا غير محمودٍ عُرفاً؟
فنقول: إن المراد بالفن عند العلماء، هو الصنف.
قال الشاعر:
تمنيتَ أن تمسي فقيهاً مناظراً ... بغير عناء والجنون فنون
يعني أن الذي يتمنى أن يُمسي فقيهاً مناظراً بغير تعب فإنه مجنون، والجنون أصناف من جملتها أن يقول القائل: أريد أن أكون فقيهاً مناظراً، وأنا نائم على الفراش.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



1 رواه البخاري كتاب الحج باب التمتع والقران والإفراد 1562 ومسلم كتاب الحج باب وجوه الحج 118 1211.
2 البخاري كتاب الحج باب من ساق البدن معه 1691 ومسلم كتاب الحج باب وجوب الدم على المتمتع 1741227.
3 أخرجه البخاري كتاب الحج باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "العقيق واد مبارك" 1534 ومسلم كتاب الحج باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه 214 1251.
1 رواه البخاري كتاب العتق باب بيع الولاء ومسلم كتاب العتق باب النهي عن بيع الولاء.
1 تقدم تخريجه ص 33.
2 تقدم تخريجه ص 32.









رد مع اقتباس
قديم 2016-04-06, 01:39   رقم المشاركة : 103
معلومات العضو
الوحش مراد
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الله يبارك اخي واصل ربي يحفظك










رد مع اقتباس
قديم 2016-04-06, 23:03   رقم المشاركة : 104
معلومات العضو
كريم انس
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2016-04-08, 22:55   رقم المشاركة : 105
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوحش مراد مشاهدة المشاركة
الله يبارك اخي واصل ربي يحفظك
وحفظك الله أخي الفاضل مراد وأمرك
وبإذن الله سأُكمل الشرح
وفقنا وإياكم وسائر المسلمين لِما يُحِبُه ويرضاه









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للعثيمين, لنتدارس, البيقونية, تتأخروا, تعالوا, وشرحها


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:11

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc