السلام عليكم ..
على انفردا كنت مع مدير مؤسسة تربوية ..لاشيء بذي أهمية نتناوله بالحديث ..كان بما يشبه قتل الوقت بعد الظهيرة ..
دق الباب ..دخلت امرأة في الثلاثين من عمرها ..سلام عليكم ...عليكم السلام ..
اريد مقابلة الأستاذ فلان ..يرد المدير ..لامشكلة ..ينادي على الحاجب ..أدع فلان رجاء ...كانت دردشة بيننا الثلاثة قصيرة ليدخل الأستاذ ..انسحبت أنا والمدير خارجا ..وقد أوصد الباب وراءه لم نبتعد كثيرا كان صوت المرأة يصلني ..فيه حدة ولهجة متشددة استغربت ولم اقل شيئا ..بعدها ينفتح الباب لتخرج تلك السيدة أولا ..ابتسمت وبكل برودة ...أشكركم ..واصرفت ...ليخرج الأستاذ يتصبب عرقا ..مالك ؟ مابك ؟ يسأله المدير ..
شوف يا سيادتك ..إما أن تغير ابنها لقسم آخر أو أنا ..من تقوم بتغييري ...
ضحك المدير ثم اصغينا سوية لقصة انزعاجه ..المشكلة ..وهي أن ذلك الأستاذ اعترف لنا أنه نادى بكلمة حاشاكم ( حمار ) على ابن تلك السيدة ..لم أقصد ذلك إنما شد اعصابي ..المهم ..السيدة قلبت عليه الدنيا ..لأجل ذلك ..
سألت المدير من تكون ؟ من باب الفضول ..فأجابني ..هي زوجة فلان ..غنك تعرفه ...أمسكت رأسي بكلتي يدي ..مستحيل ..كيف ..أليس يفترض أنه هو من يعالج الأمر ..؟
كتمت الأمر في نفسي وأقسمت أنني سوف أغسله وأعصره وأنشره في أول مناسبة التقيه فيها ...
ولم يطل انتظاري فلقيته خارجا يوما من عمله مساء ..تعمدت أن أكون رفيقه خلال طريق العودة ..سألته مباشرة / هل حُل اشكال ابنك في المدرسة ..؟ فأجاب ..أي اشكال ؟ حاولت انعاش ذاكرته بالتقسيط لكنه واصل انكار معرفته بالأمر ..فاضطررت الى سرد الحكاية بأكملها ..ابتسم ثم قال / المسكينة ..وسكت ..فتعجبت .أية مسكينة ..؟ فاجاب : زوجتي ..كم هي تتحمل كل هذه الأعباء ..فقاطعته أية اعباء أليس من واجبك أن تواجه ذلك الأستاذ ؟
استدار نحوي وقال ..شوف الوقت يداهم وورائي حصة تدريبية في قاعة الرياضة ..سأحدثك في مُتسع من الوقت ..
وانتظرت ذلك المثتسع ...وكان أوانه قد حل ..ولم أضيع الوقت وفتحت معه الموضوع ابتداء من آخر نقطة وصلنا اليها ..ليستطرد فيقول ..
أنظر معي ..دفتر شيكاتي عند زوجتي .هل أزيدك ؟
قلت نعم ..اضاف ..حينما آستلم مرتبي ..اقتطع منه جزءا لحاجياتي والباقي كله أضعه بين يديها ..هل أزيدك ؟ قلت ..نعم ..قال .. حينما يحدث خلل في أحد المآخذ الكهربائية في البيت فهي من تصلحه وحينما تنسد البالوعة تقوم بتسريحها ..لاأقف عند الجزار يوما ولا الخضار ولا عند الطبيب ...هي من تدفع الفواتير ..هي من تتصل بالمدرسة ..هي من ترتب اتصالات الأسرة الخارجية من مناسبات ومن زيارات هل اكتفيت ؟
قلت له اكتفيت ..فسألته بعدها ..وأنت ماذا تفعل ؟
أجابني بضحكة ساخرة ..ههه أذهب الى العمل أعود منه ..آكل أنام أتفرج على التلفاز ألاعب صغاري .لدي برنامج مقدس ...رياضة يومية وكذلك لقاء مع الأصدقاء في قاعة الشاي ...وهل سيكفي من الوقت لغير كل ذلك الذي أقوم به ؟؟
كان الوقت قد داهمنا فتركته ..وانا في طريق العودة كان سؤال يتكرر في ذهني ولم يفارقني ؟
هل هو رجل حقا ؟؟؟
هل تجدونه رجلا حقا ؟؟؟؟