*«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»* - الصفحة 7 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم الآدب و اللغات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

*«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-10-31, 22:42   رقم المشاركة : 91
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

معجمية سنة 2 ادب عربي



اللغة خاصية إنسانية ينفرد بها الإنسان عن غيره من الكائنات وهي في أبسط وأوجز تعريفاتهاأصوات يعبر بها كلّ قوم عن أغراضهم).
وتعدّ الكلمة هي المادة الأساسية في المعجم اللغويّ ومن هنا عُرِّف المعجم اللغويّ بأنّه (كتاب يضم بين دفتيه أكبرعدد من مفردات اللغة مقرونة بشرحها، وتفسير معانيها،على أن تكون المواد مرتبة ترتيباً خاصاً، إما على حروف الهجاء أو الموضوع، والمعجم الكامل هو الذي يضم كل كلمة في اللغة مصحوبة بشرح معناها واشتقاقها وطريقة نطقها وشواهد تبيّن مواضع استعمالها).
لذا كان تدوين المعجم ضرورة لغويّة لكل مجتمع متقدم، ليتمكن أفراده من معرفة الكثيرمن المعلومات التي توضح ما يحيط بالمادة الأساسية فيه ألا وهي الكلمة.
أما المادة في عُرْف اللغويين فكل ما يكون مدداً لغيره ومادة الشيء أصوله وعناصره التي منها يتكون حسيّة كانت أو معنوية ومواد اللغة ألفاظها.
وعلى الرّغم من وضوح الكلمة ومفهومها في الذهن إلا أن الخلاف بين علماء اللغة – قدماء ومحدثين – كبير جدّا في تحديد ماهيتها حيث إن للكلمة جوانب متعددة يمكن النظر إليها، كالجوانب الصوتيّة أو الصرفيّة أو النحويّة أو الدلاليّة ومن ثمّ تعددت التعريفات، وواجه كلّ تعريف منها نقداً من علماء اللغة على اختلاف مدارسهم..
فالكلمة عند النحاة من علماء العربية هي: (اللفظة الدّالة على معنى مفرد بالوضع) ، وهي (لفظ وضع لمعنى مفرد) وهي (قول مفرد مستقل أو منوي معه). وقد حدد ابن يعيش الشروط الواجب توافرها في مفهوم الكلمة العربيّة وهي:الصوت والمعنى أو الوضع ثمّ الاستقلال بدلالة محددة.
ولكن هذه الحدود والتعريفات غير دقيقة - في نظر بعض المحدثين - لأسباب أهمها:
1-أنها لاتفرق بين الصوت والحرف.
2-أنها تخلط بين الوظيفة اللغويّة والمعاني المنطقيّة.
3-أنها لاتفرق بين وجود الكلمة وعدمها في التعريف.
أما الكلمة عند المحدثين فهي: (أصغر صيغة حرّة) ، وهيربط معنى ما بمجموعة من الأصوات صالحة لاستعمال جراماطيقي ما) ، وهي: (جزء من الحدث الكلاميّ له صلة بالواقع الخارج عن اللغة، ويمكن اعتبارها وحدة غير قابلة للتقسيم، ويتغيّر موضعها بالنسبة لبقية الحدث الكلاميّ).
وخلاصة القول أنّ ثمّة معايير ينطلق منها المحدثون في تصورهم لماهيّة الكلمة من أهمها:
1- معيار الدلالة وهوالذي قامت على أساسه المعاجم اللغويّة والكلمة بهذا المعيار هي التي تدل على معنى ما.
2- معيار الشكل والكلمة بهذا المعيارامتداد صوتي محدد يحافظ على شكله واستقراره حيثما وقع في الجملة ويشغل فيها وظيفة نحويّة.
3- معيار ثلاثي وفحواه أنّ الكلمة تشتمل على جوانب ثلاثة هي: الصوت، الدلالة، الوظيفة النحويّة.
غير أن كلّ معيار من هذه المعايير- قديمها وحديثها - لا يخلو من النقص والاضطراب عند التطبيق، ومن هنا آثر تمام حسّان تعريف الكلمة العربية بأنّها: (صيغة ذات وظيفة لغويّة معينة في تركيب الجملة، تقوم بدور وحدة من وحدات المعجم، وتصلح لأن تُفْرَدَ، أو تُحْذَفَ، أو تُحْشَى، أو يُغَيَّرَ موضعها، أويُسْتَبْدَل بها غيرها في السياق وترجع مادتها غالبا إلىأصول ثلاثة وقد تلحق بها زوائد).
ويرى أحد الباحثين أنّ علماء المعاجم ينطلقون من وجهة نظر تخالف غيرهم من العلماء، ولذلك لم يحاولوا البحث عن تعريف نظريّ للكلمة، وإنّما انصرفوا إلى تحديد ماهيتها من الناحية العملية؛ لأنّ مهمة المعجم اللغويّ هي بيان وشرح معاني الكلمات سواء من ناحية المبنى أم المعنى.


وهذا ما نلحظه في ضوء ترتيب المعاجم العربية القديمة؛ إذ يدل ذلك على إدراك المعجميين العرب لجانبين مهمين في طبيعة الكلمة، وهما جانب اللفظ، وجانب المعنى، وقد نتج عن ذلك ظهور نوعين من المعاجم اللغويّة هما:
أ- معاجم الألفاظ: وهي المعاجم التي تضم أكبر عدد من مفردات اللغة مقرونة بشرحها وتفسير معانيها ومرتبة ترتيبا خاصا، والمعجم الكامل هو الذي يضم كل كلمة في اللغة.
وأول هذه المعاجم معجم (العين) المنسوب إلى الخليل بن أحمد الفراهيديّ (ت170ه) رحمه الله، ثمّ توالت بعد ذلك معاجم الألفاظ كالجيم لأبى عمرو الشيباني (ت 206ه)، والجمهرة لابن در يد (ت321 ه)، والبارع للقالي (ت 356ه)، وتهذيب اللغة للأزهريّ(ت370ه)، والمحيط للصاحب ابن عباد (ت 385ه)، ومقاييس اللغة والمجمل لابن فارس (ت395 ه)، والصحاح للجوهريّ (ت 400 ه)، والمحكم لابن سيّده (ت458 ه)، وأساس البلاغة للزمخشريّ (ت 538 ه)، والعباب للصاغانيّ (ت 650ه)، ولسان العرب لابن منظور (ت 711 ه)، والقاموس المحيط للفيروزآ باديّ (ت817ه)، وتاج العروس للزَّبيديّ (ت1205ه)
ب- معاجم الموضوعات: وهي التي ترتب الألفاظ اللغويّة حسب الموضوع أو المجال اللغويّ، أي أنّ المعجميّ يجمع الألفاظ المتصلة بمجال معين كخلق الإنسان مثلا للأصمعيّ، والمطر لأبي زيد الأنصاريّ، والبئر لابن الأعرابيّ، والنخل لأبي حاتم السجستانيّ، ونحوها مما نظم تحت مجال واحد، وقد لقي هذا النوع من التأليف عناية كبيرة عند القدماء بدأ بما يسمى بالرسائل اللغويّة،وانتهى بالموسوعات الموضوعيّة كا لغريب المصنف لأبى عبيد (ت223ه)، والمنجد لكراع النمل (ت310ه) والمخصص لابن سيده (ت458ه). ويلاحظ مجال التنافس بين القدماء كان واضحا بالنسبة للنوع الأول (معاجم الألفاظ) حيث ظهرت عندهم عدّة طرق للترتيب المعجميّ - كما سنبينه في موضعه - بخلاف النوع الثاني (معاجم الموضوعات) حيث لم توجد عندهم إلا طريقة واحدة وهي الترتيب حسب الموضوع أو المجال.

طرق معالجة المادة المعجميّة
جمع المادة المعجميّة
لا يمكن الحديث عن جمع المادة المعجميّة بمعزل عن جمع المادة اللغويّة حيث كانت العناية الأولى بجمع المادة اللغويّة استجابة إلى ما توجبه المحافظة على القرآن الكريم وتفهم معانيه من حفظ مادته اللغويّة وما ترمي إليه من دقيق الدلالة والمغزى وصحيح المبنى والمعنى
وعلى ضوء ذلك شمّرالأوائل من أئمة اللغة فأخذوا يجمعون اللغة وكان هدفهم الأول جمع الكلمات الغريبة وتحديد معانيها، ويعدّ (المربد) بالبصرة أول محطة رأى فيها العلماء وطلاب العربية تحقيق ذلك الهدف حيث كان (المربد) من أسواق البصرة التي يقصدها الأعراب للمتاجرة ولتبادل المنفعة، وربما حضر بعضهم وليس عنده سلعة يبيعها ولا رغبة في شراء وإنّما جاء ليشبع رغبته في القول والإنشاد واستماع الشعر والأخبار كما هي عادة العرب في أسواقها. وكان أهل البصرة يخرجون إلى هذه السوق وبينهم فئة من رواة اللغة وطلابها جاءوا ليدونوا ما يسمعون عن هؤلاء الأعراب ، وكان من بين هؤلاء الفئة الأصمعيّ؛ إذ يقول:
(جئت إلى أبى عمرو بن العلاء فقال: من أين جئت يا أصمعي، قلت: من المربد. قال: هات ما معك، فقرأت عليه ما كتبت في ألواحي، ومرّت به ستة أحرف لم يعرفها فأخذ يعدو في الدّرجة قائلاً: شمّرت في الغريب ياأصمعيّ)
وعندما أحسّ الأعراب بالحاجة إليهم أخذوا يرحلون إلى الأمصار فرادى وجماعات يعرضون بضاعتهم من اللغة، ويتلقاهم العلماء للسماع عنهم ويتنافسون في الأخذ منهم حتى أصبحت اللغة سلعة غالية يبيعها الأعراب ويشتريها الرواة في (المربد) بالبصرة وفي (الكناسة) بالكوفة، بل إنّ منهم من اتّخذ التعليم مهنة له كأبي البيداء الرياحي الذي كان يعلم الصبيان بأجر. ومنهم من ألّف الكتب كأبي خيرة الأعرابيّ الذي ألف كتاباً في الحشرات وآخر في الصفات.
وكان أبو مهدي والمنتجع من أبرز الأعراب الذين يُتَحَاكَمُ إليهم، كلّ يمثل لهجة قومه؛ يقول الأصمعيّ:
(جاء عيسى بن عمر الثقفيّ ونحن عند أبي عمرو بن العلا ء فقال يا أباعمرو: ما شيء بلغني عنك تجيزه؟ قال: وما هو؟ قال بلغني أنك تجيز ليس الطيب إلا المسك (بالرفع) فقال أبوعمرو: نمت وأدلج الناس. ليس في الأرض حجازيّ إلا وهو ينصب، وليس في الأرض تميميّ إلا وهو يرفع. ثمّ قال أبو عمرو: قم يا يحي- يعني اليزيديّ - وأنت يا خلف- يعني خلف الأحمر- فاذهبا إلى أبي المهديّ فإنّه لا يرفع، واذهبا إلى المنتجع ولقناه النصب فإنه لا ينصب. قال: فذهبنا فأتينا أبا المهديّ…قال اليزيديّ: ليس ملاك الأمرإلا طاعةُ الله والعملُ الصالح فقال: ليس هذا لحني ولا لحن قومي؛ فكتبنا ما سمعنا منه، ثمّ أتينا المنتجع فأتينا رجلاً يعقل، فقال له خلف: ليس الطيب إلا المسكَ (بالنصب) فلقّنّاه النصب وجهدنا فيه فلم ينصب وأبى إلا الرفع).
ولما طال مكث الأعراب في الحضرلانت جلودهم وطاعت ألسنتهم بشوائب العجمة؛ يقول الجاحظكان بين يزيد بن كثوة يوم قدم علينا البصرة وبينه يوم مات بون بعيد على أنّه كان قد وضع منزله آخر موضع الفصاحة وأول موضع العجمة).
فلما ضعفت ثقة العلماء بالأعراب رحل العلماء والرواة إلى البادية بمدادهم وصحفهم ليسمعوا من أولئك الذين لم تتأثر ألسنتهم بمخالطة الأعاجم، قال أبو العباس ثعلب: (دخل أبو عمرو الشيبانيّ (إسحاق بن مرار) البادية ومعه دستيجانحبراً فما خرج حتى أفناهما بِكَتْبِ سماعه عن العرب).
وممن خرج إلى البادية الكسائيّ، ورجع وقد أنفد خمس عشرة قنينة حبراً في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ.
وكان أبوعمرو بن العلاء من أوائل الرواة الذين رحلوا إلىالبادية وأعجب بأهل السروات وعدّهم من أفصح العرب لساناً وأعذبهم لغة.
وهكذا ظل التواصل مستمراً بين الرواة والبادية وحرص العلماء على مشافهة الأعراب حتى وجدنا في أواخر القرن الرابع من يروي عن الأعراب كالأزهريّ، (ت370ه)، وابن جنيّ (ت392ه)، والجوهريّ (ت393ه) وابن فارس (ت395ه). ثمّ توقّف هذا التواصل مع نهاية هذا القرن حتى أصبحت الرواية عن الأعراب أنفسهم يشوبها شيء من الحذر، يقول ابن جنيّ: (أنا لا نكاد نرى بدوياً فصيحاً وإن نحن آنسنا منه فصاحة في كلامه لم نكد نعدم ما يفسد ذلك ويقدح فيه وينال ويغض منه).
ويرى أحد الباحثين أنّ الطبقة التي تلت الخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب كانت من أغزر العلماء إنتاجاً، ومنهم ثلاثة رواة يعتبرون عصب الرواية في البصرة وهم: أبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو زيد الأنصاري، وعبد الملك بن قريب الأصمعيّ.
وقد حدد اللغويون مادة جمعهم فيما صحّ عن العرب ضمن شروط ومعايير هي:
1- شرط المكان: وهو الفيصل الذي تم بمقتضاه تحديد مواطن الفصاحة في وسط الجزيرة العربية دون بقية أطرافها التي كانت على صلة بالأمم الأخرى، وفي بواديها دون الحواضرالتي كانت تعجّ بحركة الوافدين عليها من خارج الجزيرة أو من أطرافها بقصد التجارة ونحوها.
2- شرط الزمان: وهو الفيصل الذي تم بمقتضاه تحديد عصورالفصاحة عند منتصف القرن الثاني الهجري بالنسبة للاحتجاج باللغة الأدبية وخاصة لغة الشعر، ونهاية القرن الرابع الهجري بالنسبة للاحتجاج باللغة الشفوية المنقولة عن الأعراب.
3- شرط الفصاحة وهو الشرط الذي تم بمقتضاه الحكم على فصاحة اللفظ إذا ثبتت نسبته إلى عربيّ قحّ سواء بالمشافهة أو الرواية الصحيحة وذلك العربي القحّ هو من انطبق عليه شرط الزمان والمكان السابقين.
وعلى ضوء هذه المعاييرعُدّ كلّ ما خالف ذلك مولداً، فَقُسِّم الشعراء إلى طبقات، والقبائل إلى درجات، أعلاها قبيلة قريش؛ يقول ابن فارس: (أجمع علماؤنا بكلام العرب والرواة لأشعارهم والعلماء بلغاتهم وأيامهم ومحالّهم: أنّ قريشاً أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة…وكانت قريش – مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها-إذا أتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى نحائزهم وسلائقهم فصاروا بذلك أفصح العرب…ألا ترى أنّك لا تجد في كلامهم عنعنة تميم ولا عجرفيّة قيس ولا كشكشة أسد ولا كسكسة ربيعة…)
ويقول الفارابي: (كانت قريش أجود العرب انتقاداً للأفصح من الألفاظ وأسهلها على اللسان عند النطق وأحسنها مسموعاً وأبينها إبانة عمّا في النفس).
و يقول وهو يرتب درجة الفصاحة: (والذين عنهم نقلت اللغة العربية وبهم اُقْتُدِيَ وعنهم أُخِذَ اللسانُ العربي من بين قبائل العرب هم: قيس وتميم وأسد، فإن هؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه، وعليهم اتّكل في الغريب وفي الإعراب والتصريف، ثمّ هذيل وبعض كنانة وبعض الطّائيين، ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم، وبالجملة فإنّه لم يؤخذ عن حضري قط، ولا عن سكان البراري ممن كان يسكن أطراف بلادهم التي تجاور سائر الأمم الذين حولهم، فإنّه لم يؤخذ لا من لخم ولا من جذام فإنهم كانوا مجاورين أهل مصر والقبط، ولا من قضاعة ولا من غسان ولا من إياد فإنهم كانوا مجاورين أهلَ الشام، وأكثرهم نصارى يقرؤون بالعبرانية، ولا من تغلب ولا النمر فإنهم كانوا بالجزيرة مجاورين لليونان، ولا من بكر لأنهم كانوا مجاورين للنبط والفرس، ولا من عبد القيس لأنهم كانوا سكان البحرين مخالطين للهند والفرس، ولا من أزد عمان لمخالطتهم للهند والحبشة، ولا من أهل اليمن أصلاً لمخالطتهم للهند والحبشة ولولادة الحبشة فيهم؛ ولامن بني حنيفة وسكان اليمامة، ولا من ثقيف وسكان الطائف؛ لمخالطتهم تجار اليمن المقيمين عندهم، ولا من حاضرة الحجاز؛ لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدأوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم، وفسدت ألسنتهم …).
ولكنّ اللغة لم تجمع دفعة واحدة، بل اتّخذ جمعها أشكالاً مختلفة قسّمها بعضهم إلي ثلاث مراحل هي:
المرحلة الأولى: جمع الكلمات كيفما اتفق فالعالم يرحل إلي البادية فَيُدَون كلّ ما سمع من غير ترتيب ولا تنظيم فيجمع كلمة في المطر وكلمة في النبات وكلمة في الخيل ونحو ذلك.
المرحلة الثانية: جمع الكلمات المتعلقة بموضوع واحد في موضع واحد، وقد توجت هذه المرحلة بظهور الرسائل اللغويّة التي عرفت بأسماءٍ من نحو: المطر، البئر، الإبل ونحو ذلك.
ويعد موضوع الحشرات أقدم الموضوعات، وأول من نسب إليه كتاب في ذلك أبو خيرة الأعرابي ثم تلاه بعد ذلك بعض اللغويين فألفوا في الموضوع نفسه ككتاب النحلة للشيبانيّ والأصمعي والذباب لابن الأعرابي ونحو ذلك.
المرحلة الثالثة: وضع معجم يضم كلّ الكلمات على نمط خاص وترتيب معين، ويعد الخليل بن أحمد - رحمه الله - (ت170ه) أول من شمّر لهذه المهمة ففتح الله على يده أعظم عمل لغويّ حيث سنّ لمن جاء بعده منهج التأليف المعجميّ فظهرت المعاجم اللغوية،التي من أبرزها: الجمهرة لابن دريد(ت321ه)، والبارع للقالي (ت356ه)، وتهذيب اللغة للأزهريّ(ت370ه)، والمحيط للصاحب بن عباد (ت385ه)، ومقاييس اللغة والمجمل لابن فارس(ت395ه)، والصحاح للجوهريّ(ت400ه)، والمحكم لابن سيده(ت458ه)، وأساس البلاغة للزمخشريّ(ت538ه)، والعباب للصاغانيّ (ت650ه)، ولسان العرب لابن منظور(711ه)، والقاموس المحيط للفيروزاباديّ(ت817ه)، وتاج العروس للزَبيديّ (ت1205ه).
ونتطرق حاليا لمعجم للدكتور عبد المنعم سيد عبد العال بعنوان

معجم الألفاظ العامية ذات الحقيقة والأصول العربية
فيقع هذا المعجم في ثلاث وتسعين وستمائة صفحة من القطع المتوسط.
بعد مقدمة الطبعة الأولى ومقدمة الطبعة الثانية لهذا المعجم يجد القارئ حديثًا بعنوان : " أصول جديدة لحروفنا العربية " ويتكلم فيه المؤلف عن التطور الصوتي لبعض أصوات العربية ، وكيف يُمَثل هذا التطور من الناحية الكتابية .
يلي ذلك دراسة لبعض القضايا اللغوية تحت عنوان : " لغويات" من هذه القضايا : القلب، والإبدال ، والنحت ، والمخالفة ، والتصغير ، والتطور الدلالي ، وتخفيف الهمزة وغير ذلك .
ثم بعد ذلك تأتي أبواب المعجم الثمانية والعشرين والتي رتبت على أساس الترتيب المشرقي لرموز الكتابة العربية وبعد هذه الأبواب يضع المؤلف مسارد للشواهد القرآنية وشواهد الحديث الشريف وشواهد الشعر العربي الواردة في هذا المعجم .
يلي هذه المسارد دليل الألفاظ الواردة في المعجم وهو دليل مرتب ألفبائيًا غير مقرون بأرقام الصفحات التي وردت فيها هذه الألفاظ .
يلي ذلك مصادر المعجم ومراجعه وقد بلغت هذه المصادر والمراجع سبعة وخمسين مصدرًا ومرجعًا . وهو في شرحه للكلمات العامية يبدأ بذكر الكلمة في العامية ثم يؤصل هذه الكلمة من الفصحى . فمثلاً يقول :
"البهرجة " نقول في دارجتنا : إن المسلمين عامة لايحبون البهرجة : أي لا يحبون الخروج عن الحد المألوف الذي تعارف الناس عليه وارتضوه نظامًا في حياتهم … وفي القاموس : "البهرجة" أن يُعْدل بالشيء عن الجادة القاصدة إلى غيرها









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-10-31, 22:43   رقم المشاركة : 92
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

مادة ادب مغربي سنة 2 ادب عربي



هو الشاعر أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن عمر الحميري الحجري المعروف بابن خميس التلمساني، أصله من اليمن، ولد بتلمسان سنة 645هـ وقيل سنة 650هـ. نشأ بتلمسان ودرس على علمائها، وعرف عنه حبه للعزلة. التقى في تلمسان الرحالة المغاربي العبدري عام 688هـ فأخرجه من عزلته وولاه السلطان أبو سعيد يغمراسن ديوان الإنشاء وأمانة سره.
لم يبق طويلاً في هذا المنصب بسبب ما لقيه من سوء معاملة في البلاط، فذهب غاضباً إلى سبتة ومدح حاكمها وتفرغ للتدريس فيها. بعدها انتقل إلى غرناطة، وتصدر للإقراء، فقربه الوزير ابن الحكيم إلى مجلسه وكانت له فيه مدائح شعرية. يعتبر ابن خميس التلمساني شاعراً كبيراً، ملماً بالأدب واللغة وأصول الفقه والمذاهب والحكمة والمنطق والطب. اشتهر ابن خميس بشعره الذي يحتوي على دعابة ونزعة دينية تصوفية، قال عنه ابن الخطيب بأنه "كان نسيج وحده زهداً وانقباضاً وأدباً وهمة عارفاً بالمعارف القديمة مطلعاً بتفاريق النحل قائماً على العربية والأصليين...". قتل ابن خميس مع ابن الحكيم عندما هوجم قصر هذا الأخير عام 708هـ

ابن خميس التلمساني:هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد التلمساني.
من أهل تلمسان وإليها نسبته.
أديب, شاعر, عالم بعلوم الأوائل, له عناية بفنون العلم والأدب والتاريخ.
قتل ظلما يوم قتل ابن الحكيم الرندي وزير السلطان أبي عبد الله محمد (الثالث) ثالث ملوك غرناطة .
فقد خلع هذا السلطان وقتل وقتل معه وزيره ابن الحكم الرندي وكان ابن خميس حاضرا فقتل مع الاثنين.
كان كاتبا بليغا, وشاعرا مجيدا, حسن الخط, خطيبا فصيحا.
رحل إلى المشرق وقضى فريضة الحج وأخذ عمن لقي هناك من الشيوخ.
اشتهر بقصيدته الغزلية التي يقول فيها:
عجبا لها أيذوق طعم وصالها من ليس يأمل أن يمر ببالها وأنا الفقير إلى تعلة ساعة منها, وتمنعني زكاة جمالها يعتادني في النوم طيف خيالها فتصيبني ألحاظها بنبالها دعني أشم بالوهم أدنى لمعة من ثغرها وأشم مسكة خالها ما راد طرفي في حديقة خدها إلا لفتنته بحسن دلالها وانقل أحاديث الهوى واشرح غريب لغاتها واذكر ثقات رجالها وانصب لمغزلها حبالة قانص ودع الكرى شركا لصيد غزالها حلت مدامة وصلها وحلت لهم فإن انتشوا فبحلوها وحلالها أنا من بقية معشر عركتهم هذي النوى عرك الرحى بثقالها جاء في نفح الطيب أن هذه القصيدة انتشرت في البلاد وحصل عليها قاضي قضاة مصر تقي الدين بن دقيق العيد وجعلها في خزانة كانت تعلو موضع جلوسه للمطالعة, فكان يخرجها من تلك الخزانة ويكثر تأملها وحين يقرؤها يقوم إجلالا لها.



من أدباء الجزائر في المائة السابعة الهجرية:

هو أبو عبد الله محمد بن خميس التلمساني شاعر مجيد، من فحول الشعراء وأعلام البلغاء. ولد بتلمسان وتقلب في بلاد الأندلس إلى أن توفي عليه رحمة الله في حاضرة غرناطة.قال عنه لسان الدين بن الخطيب في "عائد الصلة": كان رحمه الله تعالى نسيج وحده زهدا وانقباضا وأدبا وهمة، حسن الشيبة، جميل الهيئة، سليم الصدر، قليل التصنع، بعيدا عن الرياء، قائما على العربية، طبقة الوقت في الشعر، وفحل الأوان في المطول، أقدر الناس على اجتلاب الغريب.


طريفة: يروى أن الشيخ أبا إسحاق التنسي التلمساني رحمه الله رحل إلى بلاد المشرق فاجتمع هناك بقاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد عليه رحمة الله، فقال له ابن دقيق: كيف حال الشيخ العالم أبي عبد الله بن خميس، وجعل يصفه بأحسن الأوصاف، ويطنب في ذكر فضله، فبقي الشيخ أبو إسحاق متعجبا، وقال: من يكون هذا الذي حليتموه بهذه الحلي؟ ولا أعرفه، فقال له ابن دقيق: هو القائل :
عجبًا لها أيذوقُ طعمَ وصالِها*** من ليس يأملُ أن يَمُرَّ ببالِها ؟
وأنا الفقيرُ إلى تَعِلَّةِ ساعـةٍ *** منها وتمنعني زكاةَ جمالِها
فقال الشيخ أبو إسحاق: إن هذا الرجل ليس عندنا بهذه الحالة التي وصفتم إنما هو عندنا شاعر فقط، فقال له ابن دقيق: إنكم لم تنصفوه، وإنه لحقيق بما وصفناه به. ثم قام ابن دقيق العيد إلى خزانة له وأخرج هذه القصيدة، وقد كان يكثر تأملها والنظر فيها.


من شعره:
أنبت ولكن بعد طـول عتاب *** وفرط لجـاج ضاع في شبابي
وما زلت والعلياء تعني غريمها*** أعلل نفسي دائما بمتـاب
وهيهات من بعد الشباب وشرخه** يلذ طعامي أو يسوغ شرابي
خدعت بهذا العيش قبل بلائه*** كما يخدع الصادي بلمع سراب
و له قصائد جياد، ولا أعلم إن كان له ديوان شعر مطبوع أم لا.
مصادر ترجمته وفيرة، وهذه الترجمة الموجزة من"تعريف الخلف برجال السلف للحفناوي"، ص 375، بتصرف.
يجمعون: ”ابن خميس التلمساني شاعر صادق وناقد واقعي”
تناول مختصون في الحقل الأدبي أول أمس خلال المداخلة الثانية للملتقى المتعلق ”بتاريخ تلمسان الأدبي”، شخصية أدبية تركت بصمتها جلية في سماء الأدب والشعر الجزائري، حيث عاد هؤلاء ضمن ستة محاور لإماطة اللثام عن الشاعر ابن خميس التلمساني مؤلف ”الحائية”.
المميزات الفكرية التي عرف بها العلامة طوال حياته، على غرار الميزة الأدبية لا سيما الشعرية والدينية على مستوى المعنى والمبنى، وصف الشوق والحنين عند عبد الله ابن خميس التلمساني، وهو ما تجلى في أبرز قصائده المكتوبة كقصيد الحائية، التي حملت الكثير من الدلالة والتعبير، كما قدم المتحدث رؤي ابن خميس الصوفية فيما يتعلق بالمولدات النبوية عند الدولة الزيانية، التي اعتبرها عادة انطلقت من تلمسان لتشمل ربوع الوطن كافة. وأضاف ظهر هذا عند أغلب علماء تلمسان أنذاك وفي مقدمتهم العالم أبي حمو موسى، ويحيى ابن خلدون ابن خميس لعب دورا هاما في الحفاظ على التركيبة الاجتماعية للشعب، وساهم في إنقاذ الدولة الموحدية من تفشي الإنحلال الخلقي بها المستورد من الغرب، وفي ذات السياق نوه إلى الشمولية التي يتميز بها تياره الشعري الذي يخدم جملة من المجالات وبالأخص السياسية والسوسيوثقافية، نتيجة تأثير عديد العوامل النفسية والدينية.
وصف ابن خميس بالرجل المخلص والمحب لوطنه، من خلال جملة من الإشارات والمعالم التي حملتها نصوصه الشعرية معبرا فيها عن حبه لموطنه تلمسان، وكذا كثير القصائد الشعرية الدالة عن هذا العشق الوطني، بالمقابل أثارت الأديبة التونسية نقطة حساسة تتعلق بلفظ ”الغريب” عند الشاعر ابن خميس التلمساني رغم تحضره وتمدنه، حيث قالت بأنه ”يوظف الغريب في مواقع معينة وليس خارج عن المالوف كما يعتقد الغير”، مبرزة الهدف من استعماله لمثل هذه المصطلحات التي تدعو إلى الدهشة والغرابة، أنها تدل على فاعليته وشاعريته في استعراض اللغة، أما الدافع النقدي فيرمز إلى الفصاحة والبلاغة، مشيرة في نفس الوقت إلى أنً ”الغريب” اختيار منه أراد به تقوية اللغة والتعبير.
من جانبه قدم الشاعر المغربي احمد الطايع قراءة تحليلية لنصوص الشاعر ابن خميس، عالجت أشكال التناص وكذا طريقة الكتابة بمنطق تاريخي واجتماعي وتاريخي، وعلى حد قوله فإن كتاباته لا تحمل على الظن والشك، بل تدفع إلى اليقين بالواقع انطلاقا من رثائه الصادق لنفسه، كما عادت هي الأخرى أستاذة الأدب عفيفة بحري إلى واقع الكتابة الأدبية في الجزائر التي قالت عنها أنها في تغير مستمر، حيث تمتد إلى زمن طويل عرف نبوغ جملة من المفكرين من رجال الأدب الشعر والصوفية.










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-31, 22:45   رقم المشاركة : 93
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

مادة معجمية سنة 2


معجم أسماء الأشياء المسمى اللطائف في اللغة
أحمد بن مصطفى الدمشقي


عدد الأجزاء / 1
موضوع الكتاب
الترادف - أسماء الأشياء
________________________________________
معجم أسماء الأشياء المسمى اللطائف في اللغة
موضوع الكتاب
الترادف - أسماء الأشياء
الترادف أصله اللغوي المادى ركوب أحد خلف الآخر فيقال ردف الرجل وأردفه أى ركب خلفه وارتدفه خلفه على الدابة
فالردف هو ما تبع الشى ء وكل شى ء تبع شيئا فهو ردفه وإذا تتابع شى ء خلف شى ء فهو الترادف
ومن هذا قولهم مرادفة الجراد أى ركوب الذكر على الأنثى
ويقال لليل والنهار ردفان لأن كل واحد منهما ردف صاحبة أى يتبعه
وقد فسر قوله تعالى ) بألف من الملائكة مردفين ( ( 1 ) بمعنى يأتون فرقة بعد فرقة على رأى الزجاج وقال الفراء مردفين متتابعين
الترادف في اللغة
الترادف ألفاظ متحددة المعنى وقابلة للتبادل فيما بينها في أى سياق أى تعدد الألفاظ لمعنى واحد أى عبارة عن وجود أكثر من كلمة لها دلالة واحدة أو هو الألفاظ المفردة الدالة على شى ء واحد باعتباره واحدا وقد تنشأ ظروف في اللغة تؤدى إلى تعدد الألفاظ لمعنى واحد أو تعدد المعانى للفظ واحد ومن الترادف ما هو لهجات لقبائل مختلفة أو تناسى الفروق الدقيقة بين الكلمات
يقول سيبويه وأعلم أن من كلامهم يقصد العرب اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين واختلاف اللفظين والمعنى واحد واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين
ويقول قطرب الكلام في ألفاظ بلغة العرب على ثلاثة أوجه فوجه منها وهو الأعم الأكثر اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين وذلك قولك الرجل والمرأة وقام وقعد وهذا لا سبيل إلى جمعه وحصره لأن أكثر الكلام عليه والوجه الثانى اختلاف اللفظين والمعنى واحد وذلك مثل عير وحمار وذئب وسيد وجلس وقعد إلخ والوجه الثالث أن يتفق اللفظ ويختلف المعنى فيكون اللفظ الواحد على معنيين فصاعدا مثل الأمة الرجل وحده يوتم به والأمة القامة قامة الرجل والأمة من الأمم ومن هذا اللفظ الواحد الذى يجى ء على معنيين فصاعدا ما يكون متضادا في الشى ء وضده
________________________________________
كثرة مترادفات اللغة العربية مما تمتاز به لغتنا العربية كثرة مترادفاتها مما لا يوجد له نظير في أية لغة من اللغات السامية أو غيرها من الأمثلة على ذلك ما سنجده في هذا الكتاب مما جمع من الأسماء للأسد أو السيف وغيرهما بل نجد الفيروزآبادي صاحب القاموس يضع كتابا في أسماء العسل فذكر له أكثر من ثمانين اسما وقرر مع ذلك أنه لم يستوعبها كلها
وإن العربية الفصحى تختلف في ذلك اختلافا كبيرا عن اللهجات العامية الحديثة المتشعبة عنها فمتون هذه اللهجات ضيقة وتكاد تكون مجردة من المترادفات
موقف اللغويين القدماء من الترادف
جمع اللغة من مصادرها
منذ بدأ الرعيل الأول من اللغويين في جمع اللغة في القرن ا لثاني والثالث الهجريين من القرآن الكريم والحديث الشريف وكلام العرب من شعر وخطب ورسائل بل ومن أفواه فصحاء العرب بدءوا في تدوين مادتهم اللغوية التي جمعوها
وسلكوا سبلا شتى في تنظيمها فبعضهم آثر ان يجمع الكلمات التي تدل على معنى واحد في تأليف واحده سموه المترادف أو ما اختلفت ألفاظه واتفقت معانية وقد وصل الأمر في جمع المترادف إلى أن ظهر به التحدى بين العلماء من ذلك
تفاخر العلماء بكثرة حفظ المترادفات ما رواه ابن فارس أن هارون الرشيد سأل الأصمعي عن شعر لابن حزام العكلى ففسره فقال يا أصمعى إن الغريب عندك لغير غريب قال يا أمير المؤمنين ألا أكون كذلك وقد حفظت للحجر سعبين اسما
ووجدنا السيوطى ينظم لمنظومة أحصى فيها أسماء الكلب قدم لها قائلا دخل يوما أبو العلاء المعرى على الشريف المرتضى فعثر برجل فقال الرجل من هذا الكلب فقال أبو العلاء الكلب من لا يعرف للكلب سبعين أسما قلت وقد تتبعت كتب اللغة فحصلتها ونظمتها في أرجوزة وسميتها التبرى من معرة المعرى
وعاد السيوطى بعمله هذا ألا يكون كلبا عند أبى العلاء ولا يناله شى ء من تغييره
________________________________________
وقد بلغ السيوطى في عد أسماء الكلب سبعين فصاعدا إذ اعتبر في العد لغات القصر والمد وتغير البنية
وفي تلك الأسماء ما كان صفة فغلبت عليه الاسمية مثل الوازع وكسيب لأنه يزع الذئب عن الأغنام ويكسب لأهله وكالأعقد لانعقاد ذنبه وكالبصير لحدة بصره والمنذر لأنه ينذر باللصوص
ومنها ما هو ألقاب جعلت على الكلب لأن معانيها فيه كداعى الكرم لأنه يدل العابرين على أهل بنباحه فيتضيفونهم وفي معناه داعى الضمير أى مناديه والضمير هنا من أضمرته البلاد بموت أو سفر ويوجد فيها ما هو كنية كأبى خالد ومن بينها ما هو خاص بأسنان الكلاب كالدرص والجرو لصغارها
ويدخل فيها ما يتعلق بالفصائل مثل العسبور لولد الكلب من الذئبة وكالديسم لولد الكلبة من الثعلب أو من الذئب افتتح السيوطى التبرى بقوله
لله حمد دائم الولى
ثم صلاته على النبى
قد نقل الثقات عن أبى العلا
لما أتى للمرتضى ودخلا
قال له شخص به قد عثرا
من ذلك الكلب الذى ما أبصرا
فقال في جوابه قولا جلى
معيرا لذلك المجهل
الكلب من لم يدر من أسمائه
سبعين موميا إلى علائه
وقد تتبعت دواوين اللغة
لعلنى أجمع من ذا مبلغه
فجئت منها عددا كثيرا
وأرتجى فيما بقى تيسيره
وقد نظمت ذاك في هذا الرجز
ليستفدها الذى عنها عجز
فسمه هديت بالتبرى
يا صاح من معرة المعرى
ثم شرع يسميه فقال
من ذلك الباقع ثم الوزاع
والكلب والأبقع ثم الزارع والخيطل السخام ثم الأسد
والعربج العجوز ثم الأعقد والأعنق الدرباس والعملس
والقرطب الفرنى ثم الفلس
ومنها
وعد من أسمائه البصير وفيه لغز قاله خبير وهكذا سموه داعى الكرم مشيد الذكر متمم النعم والمستطير هائج الكلاب
كذا رواه صاحب العباب والدرص والجرو مثلث ألفا
لولد الكلب أسام تلفى والسمع فيما قاله الصولى
وهو أبو خالد الكنى وولد الكلبة من ذئب سمى
أو ثعلب فما رووا بالديسم كذلك كلب الماء يدعى القندسا
فيما له ابن دحية قد ائتسى وكلبة الماء هي القضاعة
جميع ذاك أثبتوا سماعه
________________________________________
ثم ختمها بقوله
هذا الذى من كتب جمعته وما بدا من بعد ذا الحقته والحمد لله هنا تمام
ثم على نبيه السلام
وهي تنظم في سبعة وثلاثين بيتا وهي ما بين وأوعده السوطى في كتابة ديوان الحيوان الذى لخص فيه حياة الحيوان للكمال الدميرى والذي توجد منه مخطوطة بدار الكتب المصرية والتبرى يوجد أيضا مفردا مستقلا في مخطوطتين محفوظتين بدار الكتب المصرية ضمن مجموعتين وقد صدر مطبوعا ضمن المجموع المسمى بتعريف
القدماء بأبى العلاء سنة 1944 م وطبع بتحقيق محمود نصار بدار الجيل ببيروت سنة 1992 م
ويروى ابن فارس أن ابن خالوية قال جمعت للأسد خمسمائة اسم وللحية مائتين
وغير ذلك من الروابا التي تؤكد الترادف في العربية
ومن القصص والآثار التي تؤكد وجود الترداف في اللغة العربية ما روى أن رجلا كأبى هريرة لا يعرف كلمة السكين لأنه من قبيلة أزد فقد سقطت من يد النبى {صلى الله عليه وسلم} فقال بعد أن كرر الرسول {صلى الله عليه وسلم} له القول ثانية وثالثة آلمدية تردي فقال الرسول {صلى الله عليه وسلم} نعم ( 2 )
ويقول النبى {صلى الله عليه وسلم} لأبى تميمة إياك والمخيلة فقال يا رسول الله نحن عرب فما المخيلة فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} سبل الإزار فوضحها لهم
بل إن أبا الصديق رضى الله عنه ) وكان الله على كل شيء مقيتا ( وعمر بن الخطاب يسمع قوله تعالى ) وفاكهة وأبا ( ( 6 ) فيقول هذه الفاكهة فما الأب ونجده يسأل في كلمة التخوف من قوله تعالى ) أو يأخذهم على تخوف (
وقد انقسم علماء العربية تجاه الترادف إلى فريقين 1 - مثبت للترادف 2 - منكر للترادف
________________________________________
ويبدو أن مثبتى الترادف من علماء العربية كانوا فريقين فالفريق الأول وسع مفهومه ولم يقيد حدوثه بأى حدود ويذكر ابن فارس ( ت 295 ه ) هذا الخلاف بقوله ويسمى الشى ء الواحد بالأسماء المختلفة نحو السيف والمهند والحسام والذى نقوله في هذا ان الاسم واحد وهو السيف وما بعده من الألقاب صفات ومذهبنا أن كل صفة منها ومعنا غير معنى الأخرى وقد خالف في ذلك قوم فزعموا أنها ون اختلف الأفاظها فإنها ترج إلى معنى واحد وذلك قولنا سيف وعضب وحسام
وقال آخرون ليس منها اسم ولا صفة إلا ومعناه غير معنى الآخر وكذلك الأفعال نحو مضى وذهب وانطلق وقعد وجلس وركض ونام وهجع وهو مذهب شيخنا العباس أحمد بن يحيى ثعلب
والفريق الثانى قيد حدوث الترادف ووضع شروطا تحد من كثرة وقوعه ومن أثبت الترادف ووضع له قيودا ليحد من كثرة وقوعه
فخر الدين الرازى الذى كان يرى قصر الترادف على ما يتطابق فيه المعنيان بدون أدنى تفاوت فليس من الترادف عنده السيف والصارم لأن في ا لثانية زيادة في المعنى
ومنهم الأصفهانى الذى كان يرى أن الترادف الحقيقى هو ما يوجد في اللهجة الواحدة أما ما كان من لهجتين فليس من الترادف
ومن علماء العربية من نفى وجود الترادف في اللغة وعلى رأس هذه الطائفة ثعلب وأبو على الفارسى وابن فارس وأبو هلال العسكرى
________________________________________
قال أبو على الفارسى كنت بمجلس سيف الدولة بحلب وبالحضرة جماعة من أهل اللغة وفيهم ابن خالويه فقال أبن خالويه فقال ابن خالويه أحفظ للسيف خمسين أسما فتبسم أبو على وقال ما أحفظ إلا اسما واحدا وهو السيف قال ابن خالويه فأين المهند والصارم وكذا وكذا فقال أبو على هذه صفات وكأن الشيخ لا يفرق بين الاسم والصفة وقال التاج السبكى في شرح المنهاج وذهب بعض الناس إلى إنكار الترادف في اللغة العربية و وزعم أن كل ما يظن من المتردفات فهو من المتباينات التي تتباين بالصفات كما في الإنسان والبشر فإن الأول موضوع له باعتبار النسيان أو باعتبار أنه يؤنس
والثاني باعتباره أنه بادى البشرة وكذا الخندريس والعقار فإن الأول باعتبار العتق والثاني باعتبار عقر الدن لشدتها
وتكلف لأكثر المترادفات بمثل هذا المقال العجيب
ووجدنا أبا هلال العسكرى وهو كما يقول عند الدكتور إبراهيم أنيس أديب ناقد يستشف من الكلمات أمورا سحرية ويتخيل في معانيها أشياء ينقب وراء المدلولات سابح في عالم الخيال ويصور دقائق المعنى وظلاله وقد ألف أبو هلال كتاب الفروق اللغوية نادى فيه بأن كل اسمين يدريان على المعانى وعين الأعيان في لغة واحدة فإن كل واحد منهما يقتضى خلاف ما يقتضيه الآخر وإلا لكان الثاني فضلا لا يحتاج إليه
وإذا أردنا زيادة إيضاح رأية نرجع إلى كتاب الفروق اللغوية لنرى أمثلة منه
________________________________________
الفرق بين التقريظ والمدح يكون للحى والميت والتقريظ لا يكون إلا للحى وخلافه التأبين لا يكون إلا للميت وأصل التقريظ من القرظ وهو شى ء يدبغ به الأديم وإذا أدبغ به حسن وصلح وزادت قيمة فشبه مدحك للإنسان الحى بذلك كأنك تزيد من قيمته بمدحك إياه ولا يصح هذا المعنى في الميت ولهذا يقال مدح الله ولا يقال قرظه وم اجتهاد أبى هلال في هذا الكتاب لإظهار الفرق بين الكلمات إلا ان له كتابين آخرين يترف فيهما بالترادف وهما 1 - التلخيص في معرفة أسماء الأشياء 2 - المعجم في بقية الأشياء
فموقف أبى هلال أنه لا يوسع من دائرة الترادف التام أما الترادف الجزئى فلا يمنعه بحال
يقول الدكتور رمضان عبد التواب فرغم ما يوجد بين لفظة مترادفة وأخرى من فروق أحيانا فإننا لا يصح أن ننكر الترادف مع من أنكره جملة فإن إحساس الناطقين باللغة كان يعامل هذه الألفاظ معاملة المترادف فنراهم يفسرون اللفظة منها بالأخرى كما روى عن أبى زيد الأنصارى أه قال قلت لأعرابي ما المحبنطى ء قال المتكأكى ء قال قلت ما لمتكأكى ء قال المتأزف قال قلت ما المتأزف قال أنت أحمق ( 4 )
الترادف عند المحدثين
نجد بين المحدثين نفس الخلاف الذى وجدناه بين القدماء ولكن نجد أن النظرة تختلف فألمحدثون الدين أثبتوا الترادف قد عرفوه وقسموه ووضحوه وقد ربطوها بتحديد المعنى
يفرقون بين اتفاق الكلمتين اتفاقا تاما أو اتفاقا جزئيا فقسموا الترادف الى ترادف تام أو كامل
ترادف جزئى أو شبه ترادف
الترادف التام ويعنى الاتفاق في المعنى بين الكلمتين اتفاقا تاما على أن يكون في ذهن الكثرة الغالبة من أفراد البيئة الواحدة فمثلا إذا تبين بدليل قوى أن العربى حقا يفهم من كلمة جلس شيئا لا يستفيده من كلمة قعد قالوا إنه ليس ترادفا تاما فالترادف التام ما يكمن تبادل الكلمات بدل بعضها في أى جملة دون تغيير القيمة الحقيقة
________________________________________
( ب ) البيئة اللغوية الواحدة أ تنتمى الكلمات إلى لهجة واحدة أو مجموعة منسجمة من اللهجات العرب المتباينة حين عدوا الجزيرة العربية كلها بيئة واحدة
( ج ) العصر الواحد فإن مرور الزمن قد يخلق فروقا بين الألفاظ أو تتناسى هذه الفروق مثل المشرفى والمهود واليمانى فيستعمل الثلاثة بمعنى السيف ولكن صنع في دمشق والمهند صنع في الهند واليمانى صنع في اليمن ولكل منهم صفاته
( د ) ألا يكون أحد اللفظين نتيجة تطور صوتى للآخر فلفظه أز و هز تطور صوتى فلا يعتبران ترادفا عندهم وكذا أصر هصر وكذا الجثل والجفل بمعنى النمل
وعلى هذا نرى أن الترادف الكامل قليل جدا في اللغة العربية لهذه الشروط التيى وضعوها
فإذا نظرنا إلى أى لفظين داخل بل لهجة واحدة من هذه اللغة إذا تعددت لهجلاتها وفي مستوى لغوي واحد وخلال فترة زمنية واحدة وبين أبناء الجماعة اللغوية الواحدة فالترادف التام صعب الوجود بل غير موجود على الإطلاق
فعلى رأى المحدثين في الترادف التام تخرج كل هذه النماذج التيى أذكرها فلا ترادف تام بينها
( أ ) حامل وحبلى فالأولى راقية مؤدبة والثانية مبتذلة لآحظ القرآن الكريم استعمل الأولى فقط
( ب ) كنيف ومرحاض ودورة مياه والتواليت والحمام فلكل منها بيئة الخاصة إلى جانب تفاوتها في درجة التلطف واللامساس
( ج ) عقيلته وحرمه وزوجته ومراته فالأولى رسمية لا تستخدم إلا مع الشخصيات والثانية أقل رسمية والثالثة عربية فصيحة والرابعة عامية بالإضافة إلى ما يحمله كل لفظ من دلالات اجتماعية وثقافية بالنسبة للمتكلم وتوجد بعض الفروق بين الألفاظ التى يدعى ترادفها 1 - أن يكون احد اللفظين أكثر عمومية أو شمولا من الآخر مثل بكى - انتحب
________________________________________
2 - أن يكون أحد اللفظين أكثر حدة من الآخر مثل أنهك أتعب 3 - أن يكون أحد اللفظين مرتبطأ بالانفعال أو الإثارة من الآخر مثل أتون موقد 4 - أن يكون أحد اللفظين متميزا باستحسان أدبى أو استهجان في حين يكون الآخر محايدا مثل تواليت مرحاض دورة مياة 5 - أن يكون أحد اللفظين أكر تخصصية من الآخر مثل حكم ذاتى استقلال 6 - أن يكون أحد اللفظين مرتبطا باللغة المكتوبة أو أدبيا أكثر من الآخر مثل تلو - بعد 7 - أن يكون أحد اللفظين منتميا إلى لغة الأطفال أو من يتحدث إلى الأطفال بخلاف الآخر مثل مم كل وللحق فلقد وجدنا مثل هذا عند بعض اللغويين القدماء وإن كانوا قد أشاروا إليها إجمال حين فرقوا بين المترادف والمتكافى ء أو بالترادف التام وشبه الترادف
شبه ا لترادف أما شبه الترادف أو الترادف غير التام فبعض المحدثين لا يرونه ترادفا حقيقيا
وشبه الترادف أو الترادف غير التام هو الذى تؤلف فيه معجمات الترادف فقد يأتون بالترادف في المفردات أوبين الجمل والعبارات وقد يكون تواردا وتجانسا في المعانى وقد يكون تطورا صوتيا للألفاظ وقد يكون من الألفاظ المتقاربة في المعنى جدا بحيث يصعب على المرء تحديد الفروق بينها
وقد تكون باشتراك الألفاظ في مجموع الصفات التمييزية الأساسية لأن ما عدا مكونات المعنى الأساسى لا تعد من الصفات التمييزية الأساسية فالمكونات الاساسية لكلمة أب هي نفسها والد وداد إلخ
أسباب كثرة المترادفات في اللغة العربية شبه المترادفة
كثرة اللهجات فقد يكون للشى الواحد كل لهجة اسما وعند احتكال اللهجات بعضها ببعض ونشأة اللغة العربية المشتركة والمدية وقد فطن إلى هذا الأصفهانى بقول ينبغى أن يحمل كلام منع الترادف على منعه في لغة واحدة أما في لغتين فلا يمنعه عاقل
________________________________________
كما يقول الأصوليون إن من أسباب الترادف أن تضع إحدى القبيلتين أحد الاسمين والأخرى الأسم الآخر للمسمى الواحد من غير ان تشعر إحداهما بالأخرى ثم يشتهر الوضعان ويخفى الواضعان أو يلتبس وضع أحدهما بوضع الآخر أن يكون للشى ء الواحد اسم واحد ثم يوصف بصفات مختلفة باختلاف خصائص ذلك الشى ء
وقد ينسى الوصف أو يتناساه المتحدث باللغة ومن أمثلة ذلك السيف وأسماؤه وغير ذلك فمن صفات السيف المختلفة الهندوانى لأنه صنع في الهند والصارم والباتر والصقيل والقاضب لحدته في القطع وغير ذلك
الطور اللغوى للفظة الواحد فقد تتطور بعض الأصوات للكلمة الواحدة فتشأ للكلمة عدة مترادفات لاختلاف النطق بها أكثر من شكل كتابى فيعدها اللغويون ترادفا مثل هطلت السماء وهتلت وهنت وأصلهم واحد وتمتلى ء كتب الأبدال بمثل هذه الكلمات
الاستعارة من اللغات الأجنبية مثل الألفاظ المستعارة من الفارسية والرومية وغيرها مثل كلمة دستفشار من أسماء العسل قال ابن منظور كلمة فارسية معناها ما عصرته الأيدى وغيرى ذلك
وبهذه الأسباب الأربعة وجدنا كثرة مترادفات اللغة العربية ووجدنا هذا التراث الضخم من الأسماء للمسمى الواحد وليس ترادفا تاما بل شبه ترادف إذ قد توجد فروق دقيقة في المعنى ببين الكلمات بعضها وبعض ويكفى أن أضرب مثلا بكلمات أسماء الدهر وأسماء السنة وأسماء السماء وأسماء النور في هذا الكتاب فقد ذكرت في هامش الصفحات معانى كل كلمة من الكلمات لتظهر لنا الفروق الدقيقة التى وضعتها بعض المعاجم اللغوية لهذه الكلمات التي تعبر مجازا مترادفات أو قد تطلق مجازا بعضها مكان بعض ولكن في الحقيقة لكل لفظة معنى محدد له
________________________________________
ولذا نفى العلماء وجود الترادف التام في القرآن لأنه قمة الفصاحة والبيان فكل لفظة توضع مكانها فمثلا كلمة جلس تذكر في مكانها ولكمة قعد في مكانها مع أن بعض اللغويين قد يذكرها في باب الترادف وكذلك كلمتى أتى جاء وكذلك كلمتى السغب الجوع وغير ذلك مما يطول بنا الحديث عند ذكره وإن وجدنا كثرة من اللغويين والبلاغيين تنبهوا لمثل هذا وقد ذكرنا ملخصا لآرائهم في نفى الترادف
ولكننا نقصد بأسماء في هذا المعجم ما أظن أن المؤلف رحمه
الله قد قصده وهو شبه الترادف إذ تقترب الألفاظ بعضها من بعض إما في اللهجات أو صفات أو تطور لغوى أو استعارة من لغات أجنبية وبالله وحده التوفيق وهو المستعان في كل حال كتبه راجى عفو ربه أحمد عبد التواب عوض
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المصنف
الحمد لله الذى جعل اللغة العربية أوسع اللغات نطاقا وأبلغها مقالا وأفسحها مجالا وعلمنا البيان وألهمنا التبيان المقدس في ذاته عن سمات النقص في صفاته فقد أودع في كل من المخلوقات من بديع صفته ولطيف آياته ومن الحكم والعبر مالا يدركه البصر الذى شهدت الكائنات بوجوده وشمل الموجودات عميم كرمه وجوده ونطقت الجمادات بقدرته وأعربت العجماوات عن حكمته وتخاطبت الحيوانات بلطيف صنعته وتنازت الأطباء بتوحيده وتلاغت وحوش القفار بتغريده كل من نام وجاهد يشهد أنه إله واحد منزه عن الشريك والمعاند مقدس عن الزوجة والولد والوالد
وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له رب أودع أسرار ربوبيته في بريته وأظهر أنوار صمديته فبعض يعرب بلسان حاله وبعض يعرب بلسان مقاله وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله من صدقة تم سوله أفضل من بعث بالرسالة وسلمت عليه الغزالة وكلمة الحجر وآمن به المدر وانشق له القمر {صلى الله عليه وسلم} صلاة تنطق بالإخلاص وتسعى لقائلها بالخلاص وعلى آله أسود المعارك وأصحابه شموس المسالك وسلم تسليما وزاده شرفا وتعظيما
أما بعد
________________________________________
فيقول العبد الفقير أحمد بن مصطفى اللبابيدى الدمشقى إنه لما وجدت بضاعة العلوم رائجة في زمن سلطاننا الأعظم وخاقاننا الأفخم السلطان الغازى عبد الحميد خان بن السلطان الغازى عبد ا لمجيد خان سلطان الإسلام والمسلمين محيى سيرة الخلفاء الراشدين معدن الفضل والأمان المتمثل قوله تعالى ) إن الله يأمر بالعدل والإحسان ( ولا زال لواء عدله المنشور إلى يوم النشور ولا زالت سلطنته مسلسلة إلى انتهاء الزمان رافلا في حلل السعادة والرضا والرضوان ورايت كثيرا من أهل العلم والأدب يرغبون كتابا حاويا على غريب اللغات وتحققت أن صاحب الدولة والسماحة شيخ الإسلام جمال الدين افندى المعظم فريد الفخر في نحر هذا العصر وإكليل المعالى فوق رأس الأيام والليالى بدر المغرب الذى استضاء به الشرق وفرع دوحة السلالة الذين لهم في المعالى فضل سبق الرافل في مطارف المجد الأبدى والعز السرمدى رغبته لمثل هكذا تأليفات لاستجلاب الدعوات الخيرية لسيدنا وولى نعمتنا أمير المؤمنين أيده الله تعالى بالملائكة المقربين وكانت الكتب المؤلفة بها وإن كانت محتوية على فوائد إلا أن المتناسب منها غير مجموع في مكان واحد فكان تعليقه بالأذهان يحتاج إلى طول من الزمان ولا يتيسر ذلك لكل إنسان فجمعت ما تناسب منها تسهيلا للمرام وهو ما يشفى القلوب ويطفى الأوام لكونها ألفاظا منسوجة على منوال عجيب وآثاراء اسديت لحمتها في صنع بديع غريب فينبغى أن تتلقاها القلوب بالقبول والصدور بالانشراح والبصائر بالاستبصار
وذكرت مفردات لطيفة المعانى دقيقة المبانى يظهر فضلها وحلاوتها في التراكيب عند وضعها في المناسبات ولكل الأساليب إذ كل مؤلف منها كان لطيفا وعاليا منيفا على نسق ترتيب المقامة عند ذوى الفهم والإقامة وإن كنت كررت بعض الألفاظ في مواضع فقصدت ترتيبا على نسق غريب كما لا يخفى على ذى فهم أريب وقد احتوى على ثلاث جهات
________________________________________
الأولى جهة الأسماء المترادفة المقبولة عند ذوى العقول العارفة
الثانية محتوية على عدة فصول هي مقبولة عند ذوى العقول
الثالثة مشتملة على ما كان عجيبا وبديعا من اللغات والمقدمة المركبة من المفردات
وكان جل مأخذه من القاموس الذى هو لكل ذى أدب ناموس وما أخذت من غيره إلا ما ندر وقل ودق وجل كفقه اللغة وفصيح ثعلب ومزهر السيوطى والأشباه والنظائر التى هي معتبرة عند أولى البصائر
وسميته لطائف اللغة باعتبار ما اشتملت الجهة الأخيرة من المقامة فنسأل الله تعالى أن ينفع به عموم المسلمين بحق سورة عم وسورة يوم القيامة وكان ختامه في سنة ألف وثلاثمائة وإحدى عشر في أول أشهرها شهر محرم جعله الله خالصا لوجهه الكريم آمين
أسماء الدهر
السمر
السمير
السبات
الحرس
الحقب


الحقب
السبت
الزمن
المسند
العتك
العصر
العصر
العصر
العصر
الأشجع
الأبد
المنون
القرن
الهدملة
السنبة
السنب
أسماء السنة
الحقبة
الحقب
الخريف
الجهر
العجوز
العام
الحجة
الحول
ذكر بعض أنواع السنين
الشصاصاء
السنة الشديدة
الجلبة
السنة الشديدة
الحسوس










رد مع اقتباس
قديم 2012-11-01, 14:04   رقم المشاركة : 94
معلومات العضو
دروب المحبة
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية دروب المحبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكِ










رد مع اقتباس
قديم 2012-11-02, 18:56   رقم المشاركة : 95
معلومات العضو
ابتسام123
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية ابتسام123
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من فضلكم مقاييس السنة الثانية ادب عربي lmd
وان امكن محاضرات لبعض المقاييس










رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 00:12   رقم المشاركة : 96
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

محاضرات اللسانيات العامة

مبادئ في اللسانيات العامة ، الجزء الأول . الأستاذ عبد الكريم خليل


مبادئ في اللسانيات العامة
الجزء الأول
أ: ع. ك. خليل
المركز الجامعي، ميلة
تمهيد ـ في تعريف اللسانيات:
اللسانيات مصطلح يعنى العلم الخاص بالدراسة الموضوعية للغة البشرية من خلال الألسنة الخاصة بكل قوم ، وهو مشتق من لسن بمعنى فصح واللسان في اللغة يحمل عدة معاني منها: أداه بلع للطعام / عضو (آلة) للنطق/ أداة للتعبير/ للاتصال. ولقد ظهر المصطلح لأول مرة في سنة 1816م مع جهود النحاة المقارنين ، إلاّ أنه تبلور واتضحت حدوده مع اللساني الفرنسي فرديناند دي سوسير (f.de Saussure) من خلال محاضراته المشهورة سنة 1916م.
"اللسانيات هي العلم الذي يدرس اللغة الإنسانية دراسة علمية تقوم على الوصف ومعاينة الوقائع بعيدا عن النزعة التعليمية والأحكام المعيارية "1. والمقصود بالدراسة العلمية التوفر على قدر معين من المنهجية والشمولية التي تتيح الإحاطة الموضوعية بكل مفاصل المادة اللغوية . لكن ألم يكن النحو القديم دراسة لغوية ؟
الاختلاف بين الدراسة اللسانية وعلم اللغة:
يحدد جون ليونز عناصر الاختلاف بين الدراسة اللسانية وعلم اللغة كما كان متعارف عليه قبل القرن التاسع عشر في الخصائص التالية :
1ـ اللسانيات تتصف بالاستقلالية وهذا أهم مظاهر استقلاليتها . في حين أن النحو التقليدي كان يتصل بالفلسفة والمنطق بل كان خاضعا لهما في بعض الأحيان .
2ـ تهتم اللسانيات باللغة المنطوقة قبل المكتوبة ، أما النحو التقليدي فاهتمامه انصب على النص المكتوب
3ـ عدم تفضيل الفصحى على غيرها من اللهجات . فاللهجات على اختلافها وتعددها لا تقل أهمية عن سواها من مستويات الاستخدام اللغوية
4ـ اللسانيات دراسة عامة تقوم على بناء نظرية لسانية يمكن تطبيقها على جميع اللغات الإنسانية .
5ـ لا تهتم اللسانيات بين اللغات البدائية والمتحضرة لأنها كلها جديرة بالدرس والبحث العلميين
6ـ تدرس اللسانيات اللغة ككل وعلى صعيد واحد في تسلسل متدرج من الأصوات إلى الدلالة مرورا بالجوانب الصرفية والنحوية .
مهام اللسانيات:
ويحدد سوسير مهام اللسانيات في ثلاثة هي:
1 ـ البحث عن القوى الموجودة في اللغات كافة وبطريقة شمولية متواصلة ، ثم استخلاص القوانين العامة التي يمكن أن ترد إليها كل ظواهر التاريخ الخاصة .
2 ـ تقديم وصف وتاريخ مجموع اللغات وهذا يعني سرد تاريخ الأسر اللغوية وإعادة بناء اللغات الأم في كل منها .
3 ـ تحديد نفسها والاعتراف بنفسها .
يقول سوسير : "يتكون موضوع اللسان أولا من جميع مظاهر اللغة الإنسانية وتعبيراتها سواء منها لغة الشعوب البدائية أو الشعوب المتحضرة ، وسواء تعلق الأمر بالعصور المغرقة في القدم ، نقصد العصور الكلاسيكية أو عصور عهد الانحطاط آخذين بعين الاعتبار بالنسبة لكل مرحلة لا اللغة السليمة واللغة الممتازة فقط بل جميع أصناف التعبير وأشكاله . وهذا وحده لا يكفي إذ لما كانت اللغة كثيرا ما يذهل الناس عن ملاحظتها ، تعين على عالم اللسان أن يعتبر النصوص المكتوبة مادامت قادرة وحدها على أن تجعله يعرف أصناف التراكيب الخاصة القديمة منها والعتيقة " 4 . وقد حدد سوسير المراحل المؤرخة لعلم اللسان في ثلاثة هي التي تحكمت في رؤية مؤرخي النشأة:
الأولى ـ علم النحو عند القدماء الذي عرف استمرارا مع بورويال وأهم ما يميزها انبناؤها على المنطق والتفسير العقلي والمعيارية " وكانت غاية هذه الدراسة تنحصر على وجه التحديد في إيجاد قواعد من شأنها أن تميز الصيغ الإعرابية الصحيحة من الصيغ الخاطئة . فهي إذن دراسة معيارية بعيدة كل البعد عن الملاحظة الخالصة وهي بالضرورة وجهة نظر ضيقة من هذه الناحية "5.
الثانية ـ مرحلة فقه اللغة الذي اهتم بالنصوص وتأويلها وتحليلها ولم يتخصص في الدراسة اللغوية "فإن أراد أن يتناول المسائل اللسانية فإنما يفعل ذلك خاصة من أجل أن يقارن بين نصوص مختلفة وأن يحدد اللغة الخاصة لكل مؤلف كاتب كما يحاول أن يهتدي إلى ما كتب في لغة قديمة أو غامضة وأن يفسر تلك الكتابة"6 . ومشكلة فقه اللغة أنه ارتبط باللغة المكتوبة دون المنطوقة
الثالثة ـ مرحلة النحو المقارن أو الفقه المقارن . وتقييم سوسير لهذا النحو بقوله : " إن الخطأ الأول الذي تولدت عنه سائر الأخطاء الأخرى كون النحو المقارن لم يتساءل في أبحاثه قط وهي أبحاث محصورة مع ذلك باللغات الهندأوربية عما إذا كانت مقارناته ومقارباته التي يقوم بها لها ما يقابلها في الواقع وعلى أي شيء تدل هذه العلاقات التي يكتشفها "7.
1 ـ النحو العام :
مدرسة بورويال الفرنسية : نحو بورويال (1960) لأنطوان أرنولد (1612 ـ 1694) وكلود لانسلو (1915ـ 1695) هو أول محاولة معاصرة للنمذجة نظرية حول اللغة. لقد انطلقت من وجود رابط بين اللغة والمنطق واللغة هي تعبير عن الفكر. ومختلف مقولات الكلمات موافقة للمقولات المنطقية والاختلافات بين اللغات هي محللة على أنها اختلافات في السطح . وقد كان من بين كتاب بورويال كتاب للمنطق مما جعل تأثيره عليهم هو الأقوى . حيث كانوا يعرضون نظرية عامة للقواعد من خلال لغات مثل اللاتينية أو الفرنسية فجعلوا من ديكارت هو الأساس لمذهبهم متجاهلين اللغات الأخرى، ولكنهم حاولوا أن يكشفوا عن وحدة القواعد التي ترتكز عليها القواعد المستقلة للغات المختلفة في دورها في التفكير الاتصالي الذي يشتمل هو نفسه على الإدراك والحكم والتعليل.
وقد قسم علماء بورويال على ضوء هذه القواعد العامة الكلمات الكلاسيكية المعروفة في النحو القديم: الاسم والأداة والضمير وحرف الجر والظرف والفعل والرابطة والتعجب وأعادوا تقسيمها على أساس دلالي . فالأقسام الخمسة الأولى ترتبط بمقاصد التفكير والأخيرة بشكل أو طريقة التفكير . وقد اعتمد تراث القواعد اللاتينية ليكون أساس كل اللغات وبأساليب متنوعة . يقول روبنز : " لقد قام قواعديو بورت رويال بمحاولة أصيلة لكتابة قواعد عامة ومستشهدين بأمثلة من الىتينية واليونانية والعبرية واللغات الأوربية الحديثة أرادوا أن يرجعوا هذه القواعد العامة إلى الخصائص العمومية المزعومة للغة ، وهي الخصائص التي ترتكز عليها تلك الأمثلة "8.
وقد نشر مركز الدراسات النحوية في بورويال كتابه الشهير النحو العام والعقلاني "grammaire générale et raisonnée » الذي عبر عن القاعدة الأساسية لعلماء بورويال والقائل بأن النماذج النحوية ينبغي لها أن تتطابق مع متطلبات المنطق. ولما كان المنطق منطقا واحدا ومشتركا أمكن بناء نظرية واحدة لكل اللغات العالمية . ومن الآثار المبدئية لهذا النحو في ق 18 م لوضع نظريات نحوية فلسفية مثل كتاب اللغوي الإنجليزي جيمس هاريس في " بحث فلسفي في اللغة والنحو العام" .
يقول شومسكي عن هذه الأنحاء في كتابه: "القضايا الراهنة في النظرية اللسانية"1964. وذلك قوله:"ليس بعيدا عن الصواب أن ننظر إلى النموذج التحويلي على أنه صياغة شكلية منضبطة للخصائص الموجودة بشكل ضمني في الأنحاء التقليدية، وأن ننظر إلى تلك الأنحاء على أنها أنحاء توليدية تحويلية ضمنيا. ذلك أن هدف الأنحاء التقليدية أن توفر لمستعملها القدرة على فهم أي جملة من جمل اللغة، وأن يصوغها ويستعملها بشكل ملائم في المقام الملائم. ولهذا فإن هدفها(في الأقل) يماثل في اتساعه وبعده أهداف النحو التوليدي، الذي وصفته آنفا. يضاف إلى ذلك أن الآليات الوصفية للنحو التقليدي تفوق بكثير الحدود التي تقيد النموذج النحوي التصنيفي [السابق لتشومسكي]، لكن هذه الآليات يمكن صياغتها بشكل كبير، أو ربما بشكل كامل في إطار النموذج التحويلي. ومع ذلك فإن من المهم أن نعي أنه حتى أدق الأنحاء التقليدية وأكملها إنما تعتمد بشكل أساسي على حدس مستعملها وذكائه، وهو الذي ينتظر منه أن يستنتج المقتضيات الصحيحة من الأمثلة والإيحاءات الكثيرة (والقوائم الواضحة للشواذ) التي يقدمها النحو. فإذا صيغ النحو صياغة جيدة فإنه يمكن لمستعمله عندئذ أن ينجح في استعماله، لكن الاطرادات العميقة للغة التي يمكن له اكتشافها تستعصي على الصياغة المنضبطة، كما أن طبيعة القدرات التي مكنته من استخدام النحو واكتشاف تلك الاطرادات ستظل أمرا محيرا. ويمكن أن نقدر مدى اتساع هذه الفجوات إذا ما حاولنا أن نصوغ قواعد واضحة لكامل الحقائق البنيوية المتاحة للمستعمل الناضج للغة"9.
2 ـ السنسكريتية مدخل للمقارنة:
تتفق جل الدراسات المؤرخة لظهور اللسانيات كعلم مختص في الدراسة العلمية للغة بأن المقدمات الممهدة لبروزه توجد في ما عرف في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تحت مسمى النحو التاريخي والمقارن. فإلى حدود القرن الثامن عشر كانت الدراسات اللغوية في أوروبا قليلة ومحدودة يعوزها التنظيم وتفتقر إلى المنهج العلمي المؤسس على الموضوعية والشمولية، كما اقتصرت على اللغتين المنقرضتين الإغريقية واللاتينية وبعض اللغات الأوروبية الحديثة، ولم يتجاوز الدرس اللغوي ذلك إلا في بعض دراسات قليلة تناول بها المستشرقون بعض اللغات السامية وبعض اللغات القديمة في جنوبي الهند.
وفي نهاية القرن الثامن عشر حدث تحول مهم في الدراسة اللغوية في أوروبا، فقد اكتشف السير وليم جونز وهو قاض انكليزي في البنغال، في عام 1786 اللغة السنسكريتية بل عدت هذه السنة علامة مفصلية في تاريخ البحث اللغوي حيث قدم السير جونز الذي كان قاضيا في المحكمة البريطانية بالهند ورقته في الجمعية الملكية الآسيوية في كلكتا مثبتا القرابة التاريخية للسنسكريتية ، اللغة الكلاسيكية للهند ، مع اللاتينية واليونانية والجرمانية . ويقول في هذا التقرير المشهور والذائع الصيت : " اللغة السنسكريتية مهما يكن قدمها لغة ذات تركيب عجيب وهي أكثر كمالا من اليونانية وأغزر إنتاجا من اللاتيتنية وأكثر منهما تهذيبا بشكل رائع ، وهي فوق ذلك على قرابة بكل منهما في جذور الأفعال وصور القواعد معا ، قرابة اقوى من أن تكون نتاجا للمصادفة ، وهي قرابة قوية في الواقع لدرجة أن أي عالم في الفللجيا لا يمكنه أن يفحص اللغات الثلاث جميعا دون هناك أن يعتقد أنها نشأت عن اصل معين مشترك ربما لم يكن موجودا ، كما أن هناك مسوغا مشابها رغم أنه ليس قويا تماما لافتراض أن كلامن القوطية والسلتية تشتركان في نفس الأصل مع السنسكريتية"10.
وعند ظهور هذا الاكتشاف، تحولت أنظار علماء اللغة الأوربيين الى اللغة السنسكريتية والى وجوه الصلة بينها وبين لغاتهم، فبدأ الدرس اللغوي الحقيقي الحديث في القرن التاسع عشر، ولكن هذا الدرس اتخذ الطابع التاريخي المقارن، حتى صار هذا القرن يسمى قرن التاريخ اللغوي المقارن. ولو أن الحديث عن السنسكريتية ليس جديدا كل الجدة ، إذ أورد روبنز في كتابه أن أول إشارة معروفة للسنسكريتية قد كانت في نهاية ق 16 " عندما كتب الإيطالي فيليبو ساستي إلى وطنه من الهند واصفا اللغة السنسكريتية بإعجاب ومشيرا على ىعدد من التشابهات بين كلمات سنسكريتية وكلمات إيطالية . وبعد ذلك جرت ملاحظة تشابه بين السنسكريتية وبعض اللغات الأوربية من قبل الألماني ب.شولز والفرنسي بيير كوردو "11. لكن حسب روبنز أهمية هذه الوثيقة لا تكمن فيما قدمته من جديد بل لآنها صادفت الاهتمام الأوربي بدراسات الشرق الأدنى والهندية على الخصوص، خاصة بعد الحملات النابولونية .
ومما ساعد علماء اللغة الاوروبيين على بحوثهم واتاح لهم معرفة المزيد من الحقائق عن الظاهرة اللغوية، ان القرن التاسع عشر شهد كذلك ترجمة الاعمال اللغوية الهندية التي اتصلت باللغة السنسكريتية الى اللغة الانكليزية حتى قال بلومفيلد مبينا اثر الدراسات الهندية في علم اللغة الحديث: (لقد كانت الهند صاحبة الفضل في اثارة معلومات ادت الى الافكار الاوروبية الحديثة في اللغة) وقال ايضا: (وقد وضع النحو الهندي امام اوروبا اول مرة وصفا كاملا دقيقا شاملا للغة مؤسسا على الملاحظة العملية، لا على الافتراضات النظرية) وقال لورد بعد ان بيّن جهود النحاة السنسكريتيين في تحليل الاصوات اللغوية وتنظيمها، وفي وضع النظام النحوي: (وبغير تأثير هذه الدراسات في علماء اللغة الاوروبيين الذين عاشوا في اوائل القرن التاسع عشر، ما كان يمكن ان يظهر علم اللغة المقارن او يولد). وقال روبنز : "كان لدراسة الأوربيين اللغوية للسنسكريتية أثر مزدوج ، فقد شكلت مقارنة السنسكريتية باللغات الأوربية المرحلة الأولى في التطور المنهجي لعلم اللغة المقارن وعلم اللغة التاريخي، وإضافة لذلك أصبح الأوربيون على اتصال في الكتابات السنسكريتية بتراث العلم اللغوية في الهند الذي تطور بشكل مستقل والذي تم الاعتراف بمزاياه في الوقت نفسه وكان تأثيره في كثير من فروع علم اللغة الأوربي عميقا وباقيا "12 . فقد عرفت الهند تراثا لغويا غنيا في كل المستويات اللغويات دفعت العديد من الباحثين إلى القول بأن الدراسات الوصفية الغربية قد استفادت إلى حد كبير منه دلالة ومعجما وتركيبا وخاصة في الجانب الصوتي .وأهم الكتب المعروفة تاريخيا هو "القواعد السنسكريتية " لبانيني المعروفة باسم الكتب الثمانية الراجعة إلى مابين 600 و300 ق. م.الذي روي أنه تلقى هذا العلم عن طريق الوحي والإلهام تعبيرا عن دقة دراسته اللغوية . وكان خير مصادر الاستفادة عند الوصفيين الغربيين خاصة أنه كان يستبعد البحث المنطقي من بحوثه.
3 ـ النحو المقارن : مبادئ وأسس :أتاحت السنسكريتية مجالا واسعا للمقارنة . فقد ركز علماء اللغة مع بداية القرن التاسع عشر على التحليل المقارن للغة، بدراسة النصوص المكتوبة، واكتشاف عناصر التشابه بين لغة وأخرى، وملاحظة التغيرات التي تطرأ على اللغة عبر الزمن، ومقارنة التغيرات التاريخية بين اللغات المتشابهة. وهو لم يكن أسلوبا خاصا باللغويين بل كان سائدا في الدراسات العلمية السائدة آنئذ خاصة علم التشريح والحياة. ويبرز ذلك في كتابات العالم الألماني شيلخل الذي قرر في كتاب له نشر في عام 1808 أن الوسيلة الوحيدة في إثبات الصلة بين أفراد مجموعة لغوية هو الشبه في نحوها وتراكيبها وليس في الألفاظ المشتركة بينها اعتمادا على الوسيلة التي توسل بها علم التشريح في تعريفه لظهور الكائن البشري . ويبرز ذلك على الخصوص في استمداد العلم اللغوي جهازه الاصطلاحي من العلوم الحية من نحو / حياة اللغة والجذور والجهاز العضوي..الخ13.
لقد اثبت شليجل (ت1829) صلات التشابه الكثيرة التي تربط اللغات الأوربية والهندية والآرية بعضها ببعض في كتابه " خلاصة النحو المقارن للغات الهندية الجرمانية" كما قدم العالم الالماني جريم المتوفى 1863، دراسة للتقابلات الصوتية بين اللغات الجرمانية وغيرها من اللغات الهند اوروبية، مستنبطا بذلك قوانين صوتية تتحكم في هذا التقابل، سميت قوانين جريم. لكن ابرز مؤسس للقواعد المقارنة هو بوب (ت1867) صاحب "في نظام تصريف اللغة السنسكريتية ومقارنته بالأنظمة الصرفية المعروفة في اللغات اليونانية واللاتينية والفارسية والجرمانية" . يقول سوسير : " فلم يستحق إذن بوب كل تقدير لكونه قد اكتشف بأن اللغة السنسكريتية ذات قرابة ببعض اللغات الأوربية والآسيوية بل لكونه قد فهم بأن العلاقات بين اللغات ذات الأصل الواحد يمكن أن تصبح موضوعا ومادة لعلم مستقل "14. من هنا أتت أهمية دراسة بوب التي استفاد منها العديد من الدارسين مثل ماكس مولر وجورج كوتيوس وأوغست شليشر .
ويتحدد منهج النحو المقارن بالتطبيق على المجموعات اللغوية المنتسبة إلى اصل واحد بعيد التي خضعت في تاريخها لتطورات متعددة . يقول السعران : " إن النحو المقارن يهيئ السبيل لتصنيف اللغات حسب خصائصها ولتجميعها في عائلات . فبمقارنة الأصوات والأشكال المستعملة في مجموعة من اللغات تظهر الأصوات والأشكال التي استحدثتها هذه اللغة أو تلك ، كما تتحدد الأصوات أو الأشكال القديمة التي احتفظت بها هذه أو تلك "15.
4ـ النحاة الجدد وظهور اللسانيات التاريخية :
لقد عرف القرن التاسع عشر مرحلتين أساسيتين في الدراسة اللغوية : حقبة المقارنة وحقبة اللسانيات التاريخية . وإن كان من الصعب وضع تصنيف مضبوط وعلمي للمرحلتين فقد اتفق على أن الأولى تميزت بسيطرة الأبحاث المنشغلة بالبحث في القرابة بين اللغات ثم انتقلت على البحث الجزئي في التطور اللغوي الذي سيكتمل مع النحاة الجدد ما بين 1876 ـ 1886 . أي أن البداية كانت مقارنة ثم غدت تاريخية . "وتتأتى أهمية إسهامات النحاة الجدد أن وصف اللسان الأم الذي يتمثل في الهندي الأوربي يرتكز على الوقائع الصوتية أكثر مما يرتكز على الوقائع الصرفية والتركيبية ، فقد وضعوا قوانين صارمة لبحث الصلات المشتركة بين الكلمات التي تنتمي إلى ألسن مختلفة بحثا مقارنا"16. فمن هم النحاة الجدد ؟ ولماذا ظهورهم في هذا القرن بالذات ؟
يعتبر القرن التاسع عشر هو قرن النزعة التطورية الداروينية . فقد أثرت نظرية داروين حول أصل الأنواع والتطور في مناهج العلوم والفلسفة مما انعكس على الدرس اللغوي . "فقد نظر اللغويون إلى اللغات واللهجات على انها كائنات يمكن تصنيفها حسب أنواعها ويتأتى حصر أعدادها وتتطور تطور النباتات والحيوانات "17 . وقد عرف البحث اللغوي مجموعة من المحاولات الجادة في المقاربة التاريخية انتهت بشكل علمي وأكثر جدية مع النحاة الجدد néo-grammairiens . يطلق اصطلاح النحاة الجدد على بعض طلبة جورج كورتيوس الذي عرف بتطبيقه المنهج المقارنة التاريخي ، ومن أشهرهم اثنان : بريكمان وأستوف وقد عبرا عن رأيهما في مقالة برنامجية اعتبرت منطلقهما المنهجي : "كل تغيرات الأصوات تحدث بوصفها عملية ميكانيكية حسب قوانين لا تسمح بأي استثناء داخل نفس اللهجة وفي إطار فترة معينة من الزمن ، ونفس الصوت في المحيط الواحد سوف يتطور دائما بطريقة واحدة ، ولكن التشكيل والابتداع القياسي لكلمات محددة بوصفها كيانات معجمية وقواعدية عبارة عن مكون عام للتغير اللغوي في كل فترات التاريخ وما قبل التاريخ"18. وبهذا قام علم اللغة التاريخي مع النحاة الجدد على مفهوم الاطراد الصوتي الذي يعني العلمية المنهجية مقارنة مع جهود علماء آخرين فقد " كان جريم ومعاصروه واقعين تحت تأثير الحركة الرومانسية ، وقد نظر شليشر إلى عمله في إطار البيولوجيا وفي إطار النظرية الداروينية فيما بعد ، وقد أراد القواعديون الجدد أن يجعلوا علم اللغة التاريخي علما منضبطا متوافقا مع تلك العلوم الطبيعية التي حققت تقدما مدهشا في القرن التاسع عشر وكان منها علم الجيولوجيا على وجه ملحوظ"19 .
لقد شكل النحاة الجدد تمهيدا للدرس اللساني بحيث نقلوا البحث اللغوي إلى مرحلة العلمية حين ابعدوا كل الممارسات الميثولوجية والعاطفية التي تقارب اللغة وفق رؤية انتمائية . كما اهتموا إلى حد كبير بدراسة اللهجات باعتبارها ممارسات لغوية كاملة بدل من تصورها انحرافات عن الأصل اللغوي كما قال النحو التقليدي المعياري وفق مبدأ الصواب والخطأ. لكنهم رأوا فيها ميدانا حيويا لما تظهره من التغير اللغوي ما دامت تمثل المرحلة ألأخيرة في تنوع الأسرة الهندأوربية .
كما تمت مراجعة القول بأن السنسكريتية هي أقدم اللغات كما تصور نحاة القرن التاسع عشر محاولين تقديم معالجة للإشكالات الصوتية التي اعترضت سبيل الباحثين ، معترضين على مثل هذه الفرضيات التي لا تسدي للبحث العلمي أية فائدة . والتأكيد على صرامة القوانين الصوتية وانعدام الاستثناء الأصواتي .

الهوامش والإحالات

1 ـ مبادئ اللسانيات : محمد قدور.ص11
2 ـ نظرية شومسكي اللغوية ص39
3 ـ محاضرات في الألسنية العامة : سوسير ص17
4 ـ ن.م :ص 14
5 ـ ن.م : ص8
6 ـ ن.م : ص8
7ـ ن.م : ص11
8 ـ موجز تاريخ علم اللغة في الغرب : ر.ه. روبنز ترجمة : أحمد عوض ـ ص 210
9 ـ القضايا الراهنة في النظرية اللسانية : شومسكي ص 16ـ17.
10 ـروبنز ص224
11 ـ ن.م : ص 225 .
12 ـن.م : ص227.
13 ـ ج.مونان : تاريخ علم اللغة منذ نشأتها حتى القرن العشرين ص 162
14 ـ روبنز :ص09
15 ـ (علم اللغة : محمود السعران ـ ص 246
16 ـ (النحاة الجدد وميلاد اللسانيات التاريخية : أحمد يوسف عالم الفكر 245 ـ عدد :2 ـ المجلد 34 .
17 ـ السعران : ص 335
18 ـ روبنزص297
19 ـ نفسه : ص 298-299 .

_________________










رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 17:40   رقم المشاركة : 97
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم على كل المجهودات
شكرا لك على الاظافة الاخت دلال
اختي ابتسام انا من طلاب الكلاسيكي وليس lmd
ممكن افادات قادمة من الزملاء في الموقع
شكرا










رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 20:02   رقم المشاركة : 98
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع: محاضرة في اللسانيات العامة الدكتور أحمد بلحوت






المحاضرة الأولى : اللسانيات : المفهوم و الموضوعو المنهج
إن اهتمام الإنسان بظاهرة اللغة البشرية تمتمنذ القدم ويتبين هذا الاهتمام فى نتائج الدراساتالانتروبولوجية اللغوية، و الآثار المكتوبة و المنقوشة منذآلاف السنين.

1-الدراسات اللسانية قبل ظهور اللسانيات :
يعود سبب اهتمام الإنسان بالظاهرة اللغوية إلى الرغبةفي حفظ الكلام و تخزينه لأن أحداث الأصوات تندثر في الهواءو لا يمكن للإنسان استرجاعها. فأبدع الانسان النقوش والترميز لتبليغ و إرسال محتويات لغوية إلى مناطق مختلفة عنموقعه، و في أزمان غير محددة و متباعدة .وكانت هذهالمبادرة مستهلا التفكير في رسم الكلام. و هذه الفكرةتعتبر اختراعا عظيما للبشرية فمحتوياتها و تقنياتها عمليةتكنولوجية. لأنها وسيلة لالتقاط الأصوات في شكلها التتابعيو سميت هذه العملية برسم الكلام. أو الكتابة*فكانتالكتابة الوسيلة الوحيدة لتخزين الكلام و حفظه.
و هذاالإنتباه الذكي لفكرة رسم الكلام في أشكال خطية, يبقىمدوناتها لآلاف السنين تعبر عن تفطن الإنسان للخواصاللسانية التالية.
1. خطية الدوال اللغوية
2. مقطعية الأصوات
3. مفهوم التتابع الصوتي
4. قطعنهاية الوحدات المعجمية عن بعضها
5. ابتداء مفهومالوحدة و نهايته
6. مراتب الكلمات
هذه الممارسةالعملية وظيفتها استرجاع المحفوظ في أي وقت أو مكان.
وأول تراث إنساني وصل إلينا. يقوم بعملية وصف اللغة بطريقةعلمية هي الدراسات اللغوية الهندية التي وصفت اللغةالسنسكريتية. و منذ تلك الحقبة بدأت الأعمال التي تهتمبدراسة اللغة تظهر في مجتمعات متعددة منها اللاتنين والرومان والعرب و قد اختصت كل أمه بدراسة موضوع علم اللغةبمنهج معين. حتى بداية القرن الثامن عشر.ومنذ مطلع هذاالقرن تميزت دراسة الظواهر اللغوية مميزتين:
1-الاهتمامبمنهج دراسة الظواهر اللغوية.
2-توجيه موضوع الدراسةاللغوية نحو أغراض سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية
و أهم المناهج التي ظهرت المنهج التاريخي وهو الدراسةالتطورية للوحدات المعجمية أوالفيلولوجيا المقارنة التيكانت الأساس الذي انطلقت منه الدراسات اللسانية في بدايةالقرن العشرين .وكانت الخلفية الأبستمولوجيا لهذه الدراساتهي المعيارية المنطقية التي لم تخرج على أساس العلاقاتالعامة في المنطق الصوري والملاحظ على مجال الدراساتاللغوية في هذه الفترة أنها لم تخرج عن التوجيه القرامطيقيللغة*.
و ليس ببعيد عن هذه الفترة بدأت تظهر بوادرالدراسات اللغوية بمفهومها الحديث في مناطق متعددة منالعالم كما ظهرت تطبيقات تجريبية على الظواهر اللغوية التيلها صلة بالفيزياء أوعلم التشريح أو المنطق.
2-البوادرالأولى لظهور المصطلح :إن مصطلح Luiguistique في الثقافةالغربية ظهر استعماله أول مرة عام 1833 و قد استعمل في 1816 من قبل فرنسوا رينيوار François Raynouard في كتابه des troubadour chois des poésie
واستخدمه سوسور بشكلملفت في محاضراته و المقصود باللسانيات هنا أو Linguistique هو العلم الذي موضوعه اللغة شرط إتباعالمناهج العلمية التجريبية أو المنطقية التجريبية في دراسةظواهره.أما مصطلح علم اللسان في الثقافة اللغوية الحديثةهوالدراسة العلمية للغة ويقصد بالعلمية هنا دراسة اللغةبواسطة وسائل الفحص و الملاحظة للظواهر اللغوية و إمكانيةمراقبتها لوسائل المنهج التجريبي في نظام وسائطي لنظريةعامة تحدد البنية اللغوية منطلقا لها.











رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 20:09   رقم المشاركة : 99
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

كتاب دي سوسير: محاضرات في اللسانيات العامة.

1/- دي سوسير : تعريف وتقديم.

2/- كتاب دي سوسير: محاضرات في اللسانيات العامة.

3/- مفاهيم (اللغةن البنية، النظام) عند دي سوسير.

4/- ثنائيات دي سوسير؛ دراسة تفصيلية.

5/- خاتمة.


1- دي سوسير: تعريفª وتقديم.

- تقديم: يتفق الدارسون المحدثون على أن دي سوسير هو الأب الحقيقي للسانيات الحديثة, لأنه أوضح اختصاصها ومناهجها وحدودها. وأثرى الدراسات اللسانيات بالكثير من الأفكار اللغوية الرائدة، حتى صارت اللسانيات باعثا لنهضة علمية, تولدت عنها علوم ومناهجُ جديدة.

ويُشار هنا إلى أن امتاز به دي سوسير من تنظير عميق سعى إلى وضع الأسسس المنهجية للتحليل اللغوي، مركزا على وصف اللغات الإنسانية للوصول إلى الكليات المشتركة بين اللغات, باحثا عن العوامل المؤثرة في النشاط اللغوي, نحو: العوامل النفسية والاجتماعية والجغرافية،… مقتصرا في ذلك على المناهج العلميّة في دراسة اللغة، ونبذ كل ما هو دخيل عليها.

2- محاضرات في اللسانيات العامة * : Cours de linguistique générale

يقع الكتاب في مقدمة وخمسة أجزاء فيما يقارب 300 صفحة من القطع المتوسط، تناول في المقدمة قضايا هامة تتعلق بتاريخ اللسانيات ومادّتها وعناصر اللغةن ومبادئ علم الأصوات, ومفهوم الفونيم.

وفي الجزء الأول يتناول طبيعة العلامة واللسانيات الآنية واللسانيات التطورية. وفي الجزء الثاني يبحث اللسانيات التزامنية. ويخصص الجزء الثالث لدراسة اللسانيات التزامنية, والتغيرات الصوتية والتأثيل. وفي الجزء الرابع اللسانيات الجغرافية والتنوع اللغوي وبواعثه. وفي الجزء الخامس والأخير يتناول مسائل في اللسانيات الاستعادية وقضايا اللغة الأكثر قدمان وشهادة اللغة على الأنتربولوجيا وما قبل التاريخ.

3- مفاهيم: (اللغة، النظام، البنية) عند دي سوسير:

* اللغة : تساءل دي سوسير عن اللغة قائلا: “ولكن ما اللغة ؟ ففي نظرنا لا بد من التمييز وعدم الخلط بينها وبين اللسان. وصحيح أن اللغة ليست سوى جزء جوهري محدَّد منه، وهي في وقت واحد نتاج اجتماعيّ لملكة اللسان، وتواضعات ملحّة ولازمة يتبناها الجسم الاجتماعيّ لتسهيل ممارسة هذه الملكة لدى الأفراد”. (ص21).

ويمكن أن نسجّل من النصّ الملاحظات التالية:

- ليست اللغة هي اللسان؛ إذِ اللسان ملكة بشرية، أما هي فتواضع.

- اللغة مؤسسة اجتماعية، وهي نظام قائم بذاته، وأداة للتواصل.

فهي من خلال النصّ ظاهرة اجتماعية أخصّ من اللسان§ (ظاهرة إنسانية)، ولها أشكال كثيرة تنتج من الملكة اللسانية. وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا.

* البنية: يؤكد دي سوسير قبل أن يتساءل عن مفهوم اللغة, منهج دراسته، فيقول: “يجب أن يكون الانطلاق للوهلة الأولى من اللغة واتخاذُها معيارا للظواهر اللغوية الأخرى كافّـة”. ص20.

وبذلك يكون قد رفض كثيرا من تصورات سابقيه القائمة على اتخاذ معايير خارجة عن اللسانيات ذاتها (نحو المسوّغات النظرية، أو المبادئ التفسيرية). وبهذا الرفض أسّس ما يُعرف باللسانيات الداخلية أو بنية اللغة: وهي مجموع المظاهر الصوتية، الصرفية، النحوية والدلالية.

ويعرّفها بقوله: “داخلي هو كل ما يفكر المنظومة مهما تكن درجة هذا التغّير”.

* النظام: يذهب دي سوسير إلى أن اللغة منظومة لا تُعرَّف, ولا تعترف إلا بترتيبها الخاص, فيقول:”إن اللغة منظومة لا قيمة لمكوناتها؛ أي لعلاقاتها اللغوية، إلا بالعلاقات القائمة فيما بينها, وبالتالي لا يمكن للألسنيّ اعتبار مفردات لغة ما كيانات مستقلة, بل عليه وصف العلاقات التي تربط هذه المفردات.”، ويتحدّد مفهوم النظام من هذا النصّ في مجموع القوانين التي تقوم عليها هذه المنظومة، ومختلف العلاقات القائمة بين المفردات والتراكيب. وعلى الذي ينظر في اللغة
أن يعتدّ بهذه العلاقات، وتكامل الوحدات اللغوية فيما بينها.

4- ثنائيات دي سوسير؛ دراسة تفصيلية:

تتمثل الأفكار الجديدة لدي سوسير في مجموعة من المسائل الثنائية المتعارضة، وهي مبثوثة في ثنايا محاضراته، وفيما يلي أهمها:

أ- ثنائية (لسان ،كلام): فرق دي سوسير في هذا الشأن بين ثلاثة مصطلحات:

* اللغة/ Langage: ظاهرة إنسانية لها أشكال متعددة تنتج من الملكة اللغوية.

* اللسان/ Langue : هو جزء معين، متحقق من اللغة بمعناها الإنسانيّ الواسع، وهو اجتماعي, عرفي, مكتسب. ويشكل نظاما متعارفا عليه داخل جماعة إنسانية محددة مثال ذلك : اللسان العربي، الفرنسي،…

* الكلام/ Parole : مفهوم فردي ينتمي إلى اللسان، ويشمل ما يعتري أداءَ الفرد للسان من ملامحَ فردية. ولأن اللسانيات منظومة اجتماعية، فإنه دعا إلى دراسة اللسان لأنه اجتماعي، ولم يجعل اللغة ولا الكلام ضمن موضوع اللسانيات.

ب – ثنائية / دال مدلول/ : يستخدم دي سوسير مصطلح علامة Signe للدلالة على الكلمة لفظا ومعنى، والرمز اللغوي له وجهان, لا ينفصل أحدهما عن الآخر، هما: الدال Signifiant وهو الصورة الصوتية, والمدلول Signfié وهو الصورة المفهومية التي تعبر عن التصور الذهني لذلك الدال. وتتم الدلالة signification باقتران الصورتين الصوتية والذهنية، وبحصولها يتم الفهم، يقول دي سوسير: “إن العلامة اللسانية لا تربط شيئا باسم , بل تصورا بصورة سمعية، وهذه الأخيرة ليست الصوت المادي الذي هو شيء فيزيائي صرف، بل هي الدفع النفسي لهذا الصوت …”. ويقول:

“ويمكن تشبيه اللغة بورقة يكون الفكر وجهها الأول والصوت وجهها الآخر، ولا نستطيع فصل أحد الوجهين من دون الآخر في آن. والأمر نفسه بالمقياس إلى اللغة، إذ لا يمكن عزل الصوت عن الفكر ولا الفكر عن الصوت, كما أننا لا نصل إلى ذلك إلا بتجريد يؤدي بنا إلى علم النفس الصرف, أو إلى علم التصويتية الصرف.

جـ- ثنائية: (تزامن, تزمّن): (السكونية, التطورية), (الآنية، التاريخية), (تواقت، تعاقب)، (Synchronique-Diachronique ): وتتعلق هذه الثنائية بالمناهج اللسانية في دراسة اللغة؛ حيث يجعلها في منهجين:

* الدراسة في زمن آني: التزامني, السكوني, الوصفي, التعارضي, التواقتي, ونحو ذلك. وموضوعها: “حالة توازن النظام في نقطة معينة من الزمان.

* الدراسة في مراحل زمنية متتالية: تعاقبي, تطوري, تاريخي, زماني, وتهتم بـ “التغيرات اللسانية “؛ يقول دي سوسير بشأن ذلك: “ستهتم الألسنة التزامنية بالعلاقات المنطقية والنفسية الرابطة عبارات متزامنة، مشكلة في ذلك منظومة كما يدركها الشعور الاجتماعي الواحد”، “وعلى نقيض ذلك فستدرس الألسنية التزمّنية العلاقات التي تربط العبارات المتعاقبة التي يعز على شعور اجتماعي واحد إدراكها، والتي يحل بعضها محل البعض الآخر، وذلك دون أن تشكل منظومة فيما بينها.”.

د – ثنائية (استبدال, توزيع) : المحور الاستبدالي، العمودي/ المحور التوزيعي، التركيبي، الترابطي: هذه الثنائية هي ملخص تفريق دي سوسير بين المجموعات اللغوية المتوافرة في الذاكرة والتي تشكل محورا شاقوليا, استبداليا Paradigmatique, وبين المجموعات اللغوية الحاضرة في الجملة والتي تشكل محورا أفقيا نظميا Syntagmatique, ولكي يتم معنى الجملة لا بد من النظر إلى المحورين معا. يقول دي سوسير: “إن عبارة ما, في تركيب ما، لا تكتسب قيمتها إلا بتقابلها مع ما يسبقها أو ما يليها, أو الاثنين معا”.

وهناك ثنائيات أخرى استخلصها الدارسون نحو:

- (الرمز اللغوي، الرمز العام) – (Symbole .Signe )، راجع ص 90 .

- (التعارض بين المؤسسات الاجتماعية والسيمياء)، راجع ص 27 .

- (التعارض بين الشكل والجوهر) في وحدات اللغة، راجع ص 27 .

5- خاتمة : وثمة أفكار أخرى وردت في كتابه، وكانت سببا في بعث علوم جديدة، نحو :

- إشارته إلى الصلة بين اللغة وأنماط الإشارة الأخرى / الأزياء، الآداب، السلوك …)، وتصوره وجود علم جديد: Sémiologie (وسيأتي بيانه لاحقا).

- وصفُه اللغة بأنها منظومة، وكان ذلك سببا لمفهوم البنية.

- ركز على العوامل الجغرافية في اللغة، وكان ذلك سببا في رقيّ اللسانيات الجغرافية.

- تُعدّ مدرسة براغ من مواريث دي سوسير، بالمفاهيم التي عرضتها في أعمالها.

ª هو أحد ثلاثة أثّروا في حركة الفكر الأوربي الحديث، إلى جانب فرويد ودوركايم؛ واعتقد كل منهم أن دراسة الأسباب التاريخية للأحداث الواقعة بعدّها أحداثا منفصلة ومستقلة، يمكن أن تُفقد الدراسة أهم مقوماتها، لذلك رأوا ضرورة دراسة الوظائف التي تقوم بها الأحداث الواقعة داخل الهيكل الاجتماعي العام.
ولد في جنيف عام 1857، بعد مولد فرويد بسنة وقبل مولد دوركايم بسنة كذلك. التحق عام 1876 بجامعة ليبنزج بألمانيا لدراسة اللغات الهندوأوربية، وكانت آنذاك مركزا للنحاة الشبان. ثم انتقل إلى باريس، أين حقق النجاح الكامل.

ودُعي إلى جنيف عام 1907 لتدريس علم اللغة، خلفا لأحد الأساتذة المتقاعدين، ليُتوفّى في 1913، وتُجمع محاضراته من بعده.

* هذا الكتاب لم يصغه سوسير بل جُمع بعد وفاته من المحاضرات التي ألقاها على الطلبة بين (1907 و1913) بحنيف.

§ اختلف الترجمة العربية لمصطلحي دي سوسير langage و langue؛ فترحمت الأولى إلى لغة ولسان، وترجمة الثانية إلى كليهما أيضا. ولإزالة أي غموض، أنصح للطلاب بأن يستخدموا langage / لغة للدلالة على الظاهرة الانسانية كما حددها دي سوسير، أما langue / لسان، فعلى الظاهرة الاجتماعية، وربما كان ذلك موافقا لدلالة كل منهما في المنظومة المعرفية العربية؛ حيث دلّ اللسان في معظم استخداماته على التنوع اللغوي، فهو الظاهرة الاجتماعية. والأفضل لنا أن نحتفظ بالتمييز بين مستويات اللغة الثلاثة مفهوميا، لئلا نتيه في تعدّد المصطلحات.









رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 20:13   رقم المشاركة : 100
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

مدخل إلى القرآن الكريم . الأستاذ إبراهيم لقان

المحاضرة الأولى: مدخل عام

في بيان أهمية القرآن في الأدب العربي والعلم الإسلامية عمومًا
لعل البعض يتساءل عن الحاجة إلى دراسة القرآن الكريم في الأدب العربي، والعلوم اللغوية العربية والحياة عموما ، وقد يحسب أن في ذلك خلطاً بين الآداب والإسلاميات.والجواب: أن لهذا الكتاب العظيم أهمية بالغة من جوانب مختلفة متعددة..
فإن له جانباً تشريعيا هاماً, لا ينفك عن الحاجة إلى دراسته كل متطلع إلى دراسة الفقه والتشريع. وإن له مع ذلك جانبا متعلقا بالعقيدة والفلسفة والأخلاقيات, لا ينفك عن الحاجة إلى دراسة كل مقبل إلى دراسة العقائد أو الفلسفة أو الأخلاق,كما أن له مع ذلك جانبا أدبيا أصيلا بعيد الجذور في تاريخ الأدب العربي, عظيم الأثر في توجيهه وتطويره وتقويمه, فمن أجل ذلك كان لابد لمن أراد دراسة العربية وآدابها من أن يبدأ بدراسة القرآن وعلومه, وكلما ابتغى مزيدًا من التوسع في العلوم العربية وثقافتها, احتاج إلى مزيد من التوسع في دراساته القرآنية المختلفة.

وإليك ملخصا من وجوه هذه الحاجة وأسبابها:

السبب الأول: أن هذا الكتاب العربي المبين, هو أول كتاب ظهر في تاريخ اللغة العربية( ) و إنما نشأت حركات التدوين والتأليف بعد ذلك, على ضوئه وسارت بإشرافه, وتأثرت بوحيه وأسلوبه. ومن أجل ذلك, كان مظهرًا هاما للحياة العقلية والفكرية والأدبية التي عاشها العرب فيما بعد. فكيف يتأتى أن يكون هذا الكتاب مع ذلك بمعزل عن العربية وعلومها وآدابها؟!

السبب الثاني:
أن اللغة العربية إنما استقام أمرها على منهج سليم موحد. بسرِّ هذا الكتاب وتأثيره, وهي إنما ضمن لها البقاء والحفظ بسبب ذلك وحده. فقد كانت اللغة العربية من قبل عصر القرآن أمشاجا من اللهجات المختلفة المتباعدة, وكان كلّما امتد الزمن, ازدادت هذه اللهجات نكارة وبعداً عن بعضها.
وحسبك أن تعلم أن: المعينية والسبئية والقتبانية، واللحيانية والثمودية والصفوية والحضرمية، كلها كانت أسماء للهجات عربية مختلفة, ولم يكن اختلاف الواحدة منها عن الأخرى محصوراً في طريقة النطق بالكلمة, من ترقيق أو تفخيم أو إمالة أو نحو ذلك, بل ازداد التخالف واشتد إلى أن انتهى إلى الاختلاف في تركيب الكلمة ذاتها وفي الحروف المركبة منها, وفي الإبدال والإعلال والبناء والإعراب.
فقضاعة مثلا كانت تقلب الياء جيما إذا كانت ياء مشددة أو جاءت بعد العين, وكانت العرب تسمى ذلك: عجعجة قضاعة.
و حمير كانت تنطق ﺑ " أم " بدلا من " أل" المعرفة في صدر الكلمة, وكانت العرب تسمي ذلك طمطمانية حمير, ومن ذلك قول أحدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله:
أمن أمبر أمصيامٌ في أمسفر؟ يريد أن يقول: هل من البر الصيام في السفر؟
و هذيل كانت تقلب الحاء في كثير من الكلمات عيناً, فكانوا يقولون أعلَّ الله العلال بدلاً من أحل الله الحلال..
فلما نزل القرآن, وتسامعت به العرب, وائتلفت عليه قلوبهم, أخذت هذه اللهجات بالتقارب, وبدأ مظاهر ما بينها من خلاف تضمحل وتذوب, حتى تلاقت تلك اللهجات كلها في لهجة عربية واحدة, هي اللهجة القرشية التي نزل بها القرآن وأخذت ألسنة العرب على اختلافهم وتباعد قبائلهم تنطبع بطابع هذه اللغة القرآنية الجديدة.

السبب الثالث:
أن البلاغة والبيان وجمال الكلمة والتعبير ـ كل ذلك كان قبل عصر القرآن ـ أسماء لا تكاد تنحط على معنى واضح متفق عليه.
و إنما بلاغة كل جماعة أو قبيلة ما تستسيغه وتتذوقه, ولذلك كانت المنافسات البلاغية تقوم فيما بينهم وتشتد ثم تهدأ وتتبدد, دون أن تنتهي بهم إلى نتيجة, إذ لم يكن أمامهم مثل أعلى يطمحون إليه ولا صراط واحد يجتمعون عليه, ولم يكن للبلاغة العربية معنى إلا هذا الذي يصدرون هم عنه من كلام في الشعر والنثر, وهم إنما يذهبون في ذلك طرائق قدداً , ويتفرقون منه في أودية متباعدة يهيمون فيها.
و هيهات, لو استمر الأمر على ذلك, أن توجد للبلاغة والبيان العربي حقيقة تدرك أو قواعد تدرس, أو قوالب أدبية تهذب العربية وتحافظ عليها.
فلما تنزل القرآن, والتفتوا إليه فدهشوا لبيانه, وسجدوا لبلاغته وسمو تعبيره, وأجمعوا على اختلاف أذواقهم ومسالكهم ولهجاتهم أن هذا هو البيان الذي لا يجارى ولا يرقى إليه النقد.

السبب الرابع:
أن متن هذه اللغة, كان مليئا قبل عصر القرآن بالكلمات الحوشية الثقيلة على السمع المتجافية عن الطبع. ولو ذهبت تتأمل فيما وصل إلينا من قطع النثر أو الشعر الجاهلي, لرأيت الكثير منها محشواً بهذه الكلمات التي وصفت, وإن كنت لا تجد ذلك إلا نادرا في لغة قريش.
فلما تنزل القرآن, وأقبلت إليه الآذان, أخذت هذه الكلمات الجافية تختفي عن ألسنة العرب رويدا رويدا, وأصبح متن اللغة العربية كله مطبوعا بالطابع القرآني ونما ذوق عربي في نفوس العرب أنبته لديهم طابع القرآن وأسلوبه.
و مردُّ ذلك إلى أن كلمات هذا الكتاب المبين, رغم أنها كلمات عربية لم تتجاوز حدود هذه اللغة وقاموسها, تمتاز في صياغتها وموقع كل منها مما قبلها وبعدها بجرس مطرب في الآذان لم يكن للعرب عهد به من قبل, هذا إلى أن كثيراً من الاشتقاقات والصيغ الواردة فيه, تكاد تكون جديدة في النطق العربي, وهي مع ذلك توحي بمعناها إلى الفطرة والطبع, قبل أن يهتدي السمع إليها بالمعرفة والدَّرس. وسنوضح ذلك إن شاء الله في الحديث عن إعجاز القرآن.
فكان من أثر ذلك أن انصرفت الأذواق إلى الاستفادة من كلماته والجديد من صياغته, وهجرت تدريجيا ما اسـتثقل وغلظ من الألفاظ والتراكيب.
فهذه خلاصة عن وجوه أهمية دراسة هذا الكتاب العظيم وأثرها في دراسة الأدب العربي.

و إذا كنت تؤمن اليوم بهذا الذي ذكرناه من الناحية النظرية والعقلية المجردة, فلسوف تؤمن بذلك على أساس من البرهان التجريبي والتطبيقي عندما تمارس هذا الكتاب الإلهي تلاوة مستمرة ودراسة دقيقة وتأملا هادئاً.

أهمية دراسة القرآن الكريم في حياة الأمة:
القرآن الكريم هو كتاب الله-عز وجل- المنزل على خاتم أنبيائه(صلى الله عليه وسلم)بلفظه ومعناه،المنقول بالتواتر،المفيد للقطع واليقين،المكتوب في المصاحف.
أحكمَه الله فأتقن إحكامه،وفصّله فأحسن تفصيله،وصدق الله العظيم إذ يقول:
"كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير".هود:01.
لا يتطرق إلى ساحته نقص ولا إبطال، وصدق الله العظيم حيث يقول:
" وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد"فصلت:41-42.
وهو المعجزة العظمى والحجة البالغة الباقية أبد الدهر لرسول البشرية محمد (ص) ،تحدى به الناس كافة،والإنس والجن أن يأتوا بمثله،أو ببعضه فعجزوا وانبهروا. و قد وقع التحدي بالقرآن مرات متعددة كي تقوم عليهم الحجة تلو الحجة وتنقطع المعذرة.
أ- تحداهم أولا أن يأتوا بمثله فعجزوا وما استطاعوا، قال عز من قائل:" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" الإسراء88.
ب- ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله، فما قدروا ،قال تعالى: "أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين، فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله،وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون" هود:13-14.
وهو استفهام غرضه البلاغي الأمر.أي: أسلموا ،وهو طلب فيه رفق ولين ،وهو من ألوان أدب الخطاب في القرآن الكريم.
ج- ثم تحداهم مرة ثالثة بأن يأتوا بسورة واحدة منه أي ّسورة مهما قصرت كسورة الكوثر مثلا،فما رفعوا بذلك رأسا ،قال تعالى: "أم يقولون افتراه،قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين، بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين".يونس:38-39.
ثم كرر هذا التحدي في سورة البقرة المدنية في الآيتين:23-24 حيث قال تعالى: "وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين".
فألقموا حجرة ولم ينبسوا في المعارضة بكلمة بعد هذا التحدي المطلق. وبذلك ثبت إعجاز القرآن على أبلغ وجه،وإذا ثبت عجز العرب فرسان البلاغة وأمراء البيان ،فغيرهم بالعجز أحرى وأولى.

القرآن كتاب الهداية الكبرى:
القرآن هو هداية الخالق لإصلاح الخلق، وشريعة السماء لأهل الأرض،وهو التشريع العام الخالد الذي تكفل بجميع ما يحتاج إليه البشر في أمور دينهم ودنياهم :في العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات المدنية والجزائية،وفي الاقتصاد والسياسة ،والسلم والحرب،والمعاهدات والعلاقات الدولية ،وهو في كل ذلك حكيم كل الحكمة لا يعتريه خلل ولا اختلاف،وصدق الله العظيم إذ يقول: "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".النساء83.
وهو أصيل غاية الأصالة عدل غاية العدل،رحيم غاية الرحمة،صادق غاية الصدق وصدق الله القائل: "وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم." الأنعام115.
فلا عجب أن كانت السعادة الحقة لاتنال إلا بالاهتداء بهديه ،والتزام ما جاء به،وأن كان الشفاءَ لأمراض النفوس وأدواء المجتمع ، فاهتدت به القلوب بعد ضلال ،وأبصرت به العيون بعد عمى،واستنارت به العقول بعد جهالة،وصدق الله: "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم،ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا،وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما."الإسراء9-10.
" وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا" الإسراء82.
" قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات على النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم"المائدة 15-16.
وهو الكتاب الذي حارب التقليد ودعا إلى النظر والتأمل في الكون ،وهو الذي فك العقول من عقالها ،والنفوس من أسارها." وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لايعقلون شيئا ولا يهتدون".البقرة170.
"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا او لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون"المائدة104.
وهو الكتاب الذي وجه الأنظار إلى النظر في الأنفس وما فيها من عجائب و أسرار." وفي أنفسكم أفلا تبصرون"الذرايات21.
وإلى النظر في الآفاق والآيات الكونية علويها وسفليها وخفيها وما تنطوي عليه من حِكم وما أودع فيها من أسرار وخواص وأفاض في ذلك في غير ما سورة وآية وغن شئت اليقين في ذلك فاقرأ قوله تعالى:" إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيى به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة و تصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء و الأرض لآيات لقوم يعقلون".البقرة194.
والقرآن حين دعا إلى النظر في الآيات الكونية لم يقف بنا عند حد الاعتبار والاتعاظ بالظواهر الأشكال والصور فحسب ،وإنما أراد استكشاف المستور،واستكناه الأسرار عن طريق الملاحظة حينا،والتجارب أحيانا أخرى.وبذلك يكون قد فتح أبواب العلوم التجريبية منذ أربعة قرنا من الزمان .ولو أن المسلمين استفادوا بما فيه من توجيهات وإرشادات لكان شأنهم كما كان أسلافهم الأولون أسبق الأمم إلى الكشوف والاختراع،ولكنهم جمدوا،فهم كما نرى..
والقرآن هو الذي حارب الجاهلية،وقضى على التفرقة العنصرية،ووضع أساس المساواة بين كافة الناس:"كلكم لآدم وآدم من تراب،لافضل لعربي على عجمي،ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود،ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى". " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير".الحجرات13
والقرآن هو الذي صلحت به الدنيا، وغير مجرى التاريخ،وأقام أمـة كانت مضرب الأمثال في الإيمان والإخاء والعدل والوفاء والوفاق والوئام،وأظل العالم بظلال الأمن والسلام حقبا من الزمان ،وصير من رعاة الإبل والشاء علماء حكماء رحماء، وسادة قادة في الحكم والسيادة والحرب،وعقمت الدنيا عن أن تجود بمثلهم في هذا الزمان.
وهو الكتاب الذي لا تفنى ذخائره،ولا تنقضي عجائبه،ولا يخلق على كثرة الرد،ولا يزداد على التكرار إلا حلاوة،وطلاوة،وصدق القائل:

تزداد منه على ترداده مقة** وكل قول على الترداد مملول
وقال عنه صلى الله عليه وسلم:" كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم،وحكم ما بينكم،وهو الفصل ليس بالهزل،من تركه من جبار قصمه الله،ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله،وهو حبل الله المتين،وهو الذكر الحكيم،وهو الصراط المستقيم،هو الذي لا تزيغ به
الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ،ولا يشبع منه العلماء ،و لا يخلق على كثرة الرد،ولا تنقضي عجائبه،هو الذي لم ينتهي الجن إذ سمعه حتى قالوا:إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا ،من قال به صدق ،ومن عمل به أُجر،ومن حكم به عدل،ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم".*
إن كتابا هـذا شأنه لجدير أن يضعه الإنسان بين عينيه،ويجعله أنيسه في وخلوته،ورفيقه في سفره وصديقه الصدوق في يسره وعسره، ومستشاره الأمين في أمور دينه ودنياه،وحجته البالغة في حياته وأخراه.
فلا عجب أن عنيت به الأمة الإسلامية عناية فائقة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا،فحفظوا لفظه وفهموا معناه، واستقاموا على العمل به،وأفنوا أعمارهم في البحث فيه،والكشف عن أسراره،ولم يدعوا ناحية من نواحيه إلا قتلوها بحثا،وألفوا في ذلك المؤلفات القيمة، فمنهم من ألف في تفسيره،ومنهم من ألف في رسمه وقراءته، ومنهم من ألف في استنباط أحكامه،ومنهم من ألف في ناسخه ومنسوخه،ومنهم من ألف في أسباب نزوله،ومنهم من ألف في إعجازه،ومنهم من ألف في أمثاله،ومنهم من ألف في أقسامه،ومنهم من ألف في غريبه،ومنهم من ألف في إعرابه،ومنهم من ألف في قصصه،ومنهم من ألف في تناسب آياته وسوره،إلى غير ذلك من العلوم.

تزيغ به الأهواء: أي تميل عن الحق بإتباعه.لا تلتبس به الألسنة: لاتنحسر ولو كانوا من غير العرب ،قال تعالى( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر). لايشبع: كلما اطّلعوا على شيء فيه تاقوا واشتاقوا إلى المزيد.
*هذا الحديث قال فيه الترمذي: حديث غريب ،وإسناده مجهول.ذكره السيوطي في (الإتقان).وقال أخرجه الترمذي،والداري وغيرهما،وسكت عنه.وذكره ابن كثير في(فضائل القرآن) .والمتأمل فيه يجده قبسا من نور النبوة وحكما من ينابيع الوحي مما يجعل القلب يطمئن إليه.



_________________









رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 20:15   رقم المشاركة : 101
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي
















رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 20:21   رقم المشاركة : 102
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي















رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 20:24   رقم المشاركة : 103
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي
















رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 20:31   رقم المشاركة : 104
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي














رد مع اقتباس
قديم 2012-11-20, 20:34   رقم المشاركة : 105
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي















رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
*«•¨*•.¸¸.»منتدى, اللغة, العربية, «•¨*•.¸¸.»*, طلبة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:15

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc