أسماء الله الحسنى وصفاته - الصفحة 7 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسماء الله الحسنى وصفاته

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2020-03-09, 16:25   رقم المشاركة : 91
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل يجوز أن يدعو المسلم ربه بقوله:

" اللهم كن للمسلمين حافظا وناصرا وأمينا " ؟


السؤال

عندما يدعو الإمام في صلاة الفجر يقول من جملة دعائه :

" اللهم كن للمسلمين حافظا وناصرا وأمينا "

وبعد الصلاة احتج أحد المصلين على كلمة أمينا

وقال كيف تطلب من الله أن يكون أمينا وهو الله رب العالمين

فهل في هذا الدعاء وهذه الكلمة شيء ؟

أرجو التوضيح

علما أن الإمام لم يعد يدع بهذا الدعاء حتى يتبين الحق من أهل العلم .


الجواب

الحمد لله


لا حرج في الدعاء بهذه العبارة ، والأمين ، وإن كان ليس من الأسماء الحسنى

إلا أنه يجوز إطلاقه على الله تعالى من باب الإخبار عنه ، لأن معناه صحيح .

قال الله تعالى : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ) الحشر/ 23

والأمين من معاني المهيمن .

قال البيهقي رحمه الله :

" الْمُهَيْمِنُ: هُوَ الشَّهِيدُ عَلَى خَلْقِهِ بِمَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْأَمِينُ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّقِيبُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْحَافِظُ لَهُ " .

انتهى من "الاعتقاد" (ص59) .

وقال ابن الجوزي رحمه الله :

" فأما "المهيمن" ففيه أربعة أقوال: أحدها: أنه الشهيد ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والكسائي. والثاني: الأمين، قاله الضّحّاك، قال الخطّابي: أصله: مؤيمن، فقلبت الهمزة هاء

لأنّ الهاء أخَفُّ عليهم من الهمزة. والثالث: المصدّق فيما أخبر، قاله ابن زيد. والرابع: أنه الرقيب على الشيء، والحافظ له، قاله الخليل " .

انتهى من "زاد المسير" (4/ 264) .

وقال ابن عطية رحمه الله :

" الْمُهَيْمِنُ معناه: الأمين والحفيظ ، قاله ابن عباس " .

انتهى من "تفسير ابن عطية" (5/ 292) .

وقال الزجاج رحمه الله :

" (الْمُهَيْمِنُ) : جاء في التفسير أنه الشهيد، وجاء في التفسير أنه الأمين "
.
انتهى من "معاني القرآن" (5/ 150) .

وقال الفيروزآبادي رحمه الله :

" المُهَيْمِنُ، وتُفْتَحُ الميمُ الثانِيَةُ: من أسماءِ اللهِ تعالى، في معنى المؤمِنِ، مَن آمَنَ غيرَهُ من الخوفِ، أو بمعنى الأَمينِ، أو المُؤْتَمنِ، أو الشاهِدِ " .

انتهى من "القاموس المحيط" (ص 1240) .

ومن معاني الأمين في اللغة : الحافظ . والحافظ من أسماء الله تعالى الحسنى .

انظر : "تاج العروس" (34/193) ، "لسان العرب" (13/21) .

ومن معاني الرقيب : الأمين ، والرقيب من أسماء الله الحسنى .

انظر : "المحيط في اللغة" (1/ 475) ، "الدلائل في غريب الحديث" (1/ 175)

وقد قدمنا في جواب السؤال القادم

أنه يجوز " الإخبار " عن الله تعالى بأسماء لها معانٍ حسنة دلَّت على معانيها أفعال وصفات له تعالى ثابتة بالكتاب والسنَّة .

فضابط الإخبار الجائز عن الله تعالى : أن يُخبر عنه بمعنى صحيح لم يُنفَ في الكتاب والسنَّة، وأن يكون قد ثبت جنسه فيهما .

والحاصل :

أن سؤال الله تعالى أن يكون للأمة حافظا وأمينا لا حرج فيه ، فإن الأمين في لغة العرب يكون بمعنى المهيمن ، والحافظ ، والرقيب

وكل ذلك يطلق على الرب تعالى ، ويتصف به . على أننا نرى أن الإمام قد وفق للصواب حينما توقف عن الدعاء بهذا

لما أثاره من حساسية واختلاف بين المصلين ؛ بل إننا نرى أن المشروع له : ألا يعود إلى هذا الدعاء ، حتى وإن كان معناه صحيحا ؛ فإن غاية ما يقال في مثل هذا الدعاء : إنه سائغ مباح

وليس هذا من الأدعية الشرعية المنقولة ، التي يشرع الحرص عليها

بل هو من أدعية الناس ، وفي الأدعية المنقولة المحفوظة ، أو فيما يجتهد الناس فيه من الأدعية السائغة : ما يغني عن دعاء يوقع لبسا ، أو يسبب قلقا وحرجا ، ولو لبعض المصلين .

والله تعالى أعلم .








 


قديم 2020-03-09, 16:32   رقم المشاركة : 92
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

هل يجوز تسمية الله تعالى

بـ " قاضي الحاجات "

و " شافي الأمراض " والدعاء بهما ؟


السؤال

بعض الناس في بلدنا يسمُّون الله بهذا الاسم ، ويدْعون قائلين " يا قاضي الحاجات "

" يا شافي الأمراض " ، " يا حلاَّل المشكلات " ، " يا رافع الدرجات "

من فضلكم هل هناك أي أحاديث تدل على هذه الأسماء التي يطلقونه على الله ؟


الجواب


الحمد لله


أولاً:

قاعدة أهل السنَّة والجماعة في أسماء الله تعالى من حيث إثباتها لله تعالى وتسميته بها أنهم لا يثبتون له – عز وجل – من الأسماء إلا ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في السنَّة الصحيحة

والاسم هو ما دلَّ على ذاته وعلى الصفة التي يحويها ، كاسمه تعالى العزيز

فقد دلَّ على ذاته وعلى صفة العزة ، وأسماؤه تعالى كلها حسنى ، وهي يُدعى بها بنص القرآن

كما قال تعالى ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) الأعراف/ 180 .

ولا يجوز في باب الإثبات اشتقاق أسماء لله تعالى من صفاته أو من أفعاله

فلا يقال " المحب " و " الغاضب " – مثلاً - .

وما ذكره الأخ السائل من أسماء فلم يثبت منها شيء في نصوص الوحي فلا تُثبت لله تعالى أسماءً له وإن كانت معانيها صحيحة ؛ فأسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للاجتهاد ولا للقياس فيها .

ثانياً:

وقاعدة أهل السنَّة أنه يجوز " الإخبار " عن الله تعالى بأسماء لها معاني حسنة دلَّت على معانيها أفعال وصفات له تعالى ثابتة بالكتاب والسنَّة

كـ " نَاصِر المُسْتَضْعَفين " و " مفرِّج الكربات " و " عَالَم الخَفيَّاتِ " وَ " بَاعِثَ الأَمْواتِ " وَ " مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ "

وهي أسماء دلَّت على معانيها نصوص من الوحي كثيرة ، فلا حرج في الإخبار عن الله تعالى بها .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

" الفعل أوسع من الاسم , ولهذا أَطلق الله على نفسه أفعالاً لم يتسمَّ منها بأسماء الفاعل

, كأراد وشاء وأحدث , ولم يُسمَّ بـ " المريد " و" الشائي " و" المُحدث " كما لم يسمِّ نفسه بـ " الصانع "

و" الفاعل " و" المتقن " وغير ذلك من الأسماء التي أطلق على نفسه ,

فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء .

وقد أخطأ خطأً كبيراً من اشتق له من كل فعل اسماً وبلغ بأسمائه زيادة على الألف فسمَّاه " الماكر , والمخادع , والفاتن , والكائد " ونحو ذلك .

وكذلك باب " الإخبار " عنه بالاسم أوسع من تسميته به فإنَّه يُخبر عنه بأنه " شيء وموجود ومذكور , ومعلوم , ومراد " ولا يسمَّى بذلك "

انتهى من " مدارج السالكين " ( 3 / 415 ) .

فضابط الإخبار الجائز عن الله تعالى : أن يُخبر عنه بمعنى صحيح لم يُنفَ في الكتاب والسنَّة وأن يكون قد ثبت جنسه فيهما .

فيكون ما ذكره الأخ السائل من أسماء صالحاً للإخبار عن الله تعالى مع توقف في اسم " حلاَّل المشكلات

" لعدم اختصاصها بالله تعالى عند الإطلاق ولخلو الثناء على الله تعالى من ألفاظها المشابهة للمستهلك من كلام الناس .

ثالثاً:

وهل يجوز دعاء الله تعالى بما يصح الإخبار عنه به من أسماء ؟ الذي يترجح لنا أنه لا حرج في دعاء الله تعالى بمثل تلك الأسماء

وهو الذي عليه علماء أهل السنَّة قديماً وحديثاً في أدعيتهم في مصنفاتهم وخطبهم ودروسهم

مع بيان أن الأكمل دعاء الله تعالى بما ثبت من أسمائه تعالى في الكتاب والسنَّة توسُّلاً بها لحصول مقصود الداعي .
فتبيَّن من هذا أنه وإن كان لا يجوز إثبات هذه الأسماء لله تعالى

لأنها لم ترد بعينها في الكتاب والسنَّة إلا أن ذلك لا يمنع من الدعاء بها ، ونعني بذلك الأسماء التي تدل على الله تعالى بإطلاقها فيختص بها أو التي يصح ذِكره بها والثناء عليه – سبحانه وتعالى - .

سئل الشيخ عبد الرحمن البراك – حفظه الله - :

ما حكم الدعاء بغير الأسماء الحسنى مما صح معناه مثل قولهم " يا سامع الصوت ويا سابق الفوت ويا كاسي العظام لحما بعد الموت " ، " يا دليل " ، " يا ساتر " ، ونحو ذلك ؟ .

فأجاب: " ... وما يُشتق من صفاته الفعلية إذا كان يظهر أنه مختص بالله : فيجوز الدعاء به

كـ : فارج الكربات " و " مغيث اللهفات " و " مصرف الرياح " و " مجري السحاب "

و " هازم الأحزاب " ، وأما إذا كان لا يظهر اختصاصه بالله فلا يجوز الدعاء به مثل " سامع الصوت "

و " سابق الفوت " ، وأما " كاسي العظام لحماً بعد الموت " : فهو من جنس ما سبق – أي : " فارج الكربات " و " مغيث اللهفات " .

كذلك لا يُدعى سبحانه وتعالى بالأسماء التي لا يصح ذكره بها والثناء عليه وإنما يجوز الإخبار بها عنه ، مثل " موجود " و " شيء " و " واجب الوجود " .

وأما " الدليل " و " الساتر " فلم يرد إطلاقهما على الله لكن إذا قُيدا بما يدل على ما يختص به سبحانه جاز الدعاء بهما ، مثل " يا دليل الحائرين "

و " يا ساتر العورات " ، فأما " دليل الحائرين "

فقد جاء عن الإمام أحمد أنه قال لرجل " قل يا دليل الحائرين " – "

مجموع الفتاوى " لشيخ الإسلام ( 22 / 483 ) -

وأما " ساتر العورات " فهو من جنس " مقيل العثرات " لا ينصرف إلا إلى الله تعالى " انتهى .

وسئل الشيخ خالد بن علي المشيقح – وفقه الله - :

عن جواز للإنسان أن يدعو قائلاً " يا مُسهِّل يا رب " ، مع أن المسهِّل ليس من أسماء الله الحسنى ؟
.
فأجاب : " فالأولى بالمسلم أن يدعو بأسماء الله الحسنى ؛ لأن الله عز وجل

قال : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف/ 180 ، وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة )

صحيح البخاري ( 2736 ) وصحيح مسلم ( 2677 )

ومن إحصاء هذه الأسماء دعاء الله عز وجل بها .

ومن آداب الدعاء التوسل إلى الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا

هذا هو الأولى بالمسلم ، فيختار من أسماء الله الحسنى ما يلائم دعوته ؛ إذا سأل الله الرزق قال " يا رزاق "

إذا سأل الله عز وجل الرحمة قال " يا رحمان يا رحيم " ، إذا سأل الله عز وجل العزة قال " يا عزيز "

إلى آخره .

وإن دعا بما يُخبَر به عن الله عز وجل فإن هذا لا بأس به ، فهو جائز ، مثل " يا مسهِّل "

ولو قال " يا مسهِّل سهِّل أموري " إلى آخره : فإن هذا من الخبر عن الله عز وجل ، وهذا من صفاته سبحانه فلا بأس بذلك إن شاء الله " انتهى

وعليه :

فيجوز الدعاء بـ " يا قاضي الحاجات " و " يا شافي الأمراض " و " يا رافع الدرجات " ، ولا ينبغي الدعاء بـ " يا حلاَّل المشكلات " لعدم اختصاصها بالله تعالى عند الإطلاق .

وانظر في التوسل المشروع ومنه التوسل بأسمائه تعالى جوابي السؤالين القادمين

والله أعلم









قديم 2020-03-09, 16:40   رقم المشاركة : 93
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل يجوز للداعي أن يقول :

" يا رحمن يا الله "

أو " يا تواب يا الله " ؟


السؤال

أثناء الدعاء بأسماء الله الحسنى هل تصح هذه الصيغة

" اللهم يا رحمن يا الله ، يا رحيم يا الله ، يا غفور يا الله ، يا تواب يا الله " تكرار لفظ الجلالة مع كل اسم من أسماء الله الحسنى ؟

هل يعتبر ذلك من الاعتداء ؟ .


الجواب

الحمد لله

التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى ، بين يدي الدعاء ، من صيغ التوسل المشروعة

ولا يظهر مانع من أن يتوسل بذكر أحد الأسماء الحسنى

ثم يعقبه بلفظ الجلالة " الله " ؛ فاسم الله تعالى " الله " يدل على جميع أسمائه تعالى ، فمن دعا الله أو توسل بأسمائه الحسنى

فذكر اسماً من أسمائه دون غيره

أو ذكر أكثر من واحد ، أو ذكرَ واحداً ثم أعقبه باسم الله تعالى الجامع لكل الأسماء وهو " الله " ، أو اكتفى باسم الله تعالى " الله " : فكل ذلك جائز

ولا يظهر ما يمنع منه ، ولا حرج في فعله ، وإن كان الأفضل أن يأتي بلفظ الجلالة (الله) أولا ، ثم يردفه بما يناسب المقام من الأسماء الحسنى ، فيُحسن اختيار الاسم المناسب لحاجته

فالرحمن ، والغفور ، والتواب : يُدعى بها في حال طلب المغفرة ، والعفو عن الزلات ، والقوي ، والقهار ، العزيز : يُدعى بها في حال طلب النصرة ، وهكذا .

قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - :

وهكذا استعمال " يا لطيف " ، أو " يا الله " ، أو نحو ذلك بعدد معلوم يَعتقد أنه سنَّة : لا أصل لذلك ، بل هو بدعة ، ولكن يُشرع الإكثار من الدعاء بلا عدد معين ، كقوله : " يا لطيف الطف بنا

أو اغفر لنا ، أو ارحمنا ، أو اهدنا " ، ونحو ذلك . وهكذا يا الله ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا غفور ، يا حكيم ، يا عزيز ، اعف عنا ، وانصرنا ، وأصلح قلوبنا وأعمالنا ، وما أشبه ذلك

لقول الله سبحانه : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) غافر/ 60

وقوله عز وجل : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) البقرة/ 186

ولكن بدون تحديد عدد لا يزيد عليه ولا ينقص . إلا ما ورد فيه تحديد عن النبي صلى الله عليه وسلم .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 26 / 176 ، 177 ) .

على أن ما يفعله بعض الأئمة من المبالغة في ذلك الباب

وتعمد الإتيان بالأسماء الحسنى جميعا ، أو بما يقدر عليه منها ، ويردد المأمون خلفه ما يقول

فأقل أحوال أنه خلاف السنة ، ونخشى أن يكون ذلك من الاعتداء في الدعاء

وفقدان التضرع فيه .

والله أعلم

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2020-03-09, 16:47   رقم المشاركة : 94
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

التوسل الشرعي والبدعي

السؤال

أريد أن أسأل عن التوسل فإنني أعرف أن من يطلب التوسل من القبور أو يسأل الميت دعاء لغير الله وغير صحيح.

لكن أحدهم يقول:

ما الخطأ في أن أطلب الدعاء من رجل صالح وهو حي؟

وما الخطأ في أن أطلب الدعاء منه وهو ميت؟

فكيف أرد على هذا الأخ؟

وما هو التوسل المباح؟

وما هو التوسل غير المباح؟.


الجواب

الحمد لله

التوسل لغة : هو التقرب ، ومنه قوله تعالى : ( يبتغون إلى ربهم الوسيلة )

أي : ما يقربهم إليه ، وينقسم إلى قسمين توسل مشروع وتوسل ممنوع :

فالتوسل المشروع :

هو التقرب إلى الله تعالى بما يحبه ويرضاه من العبادات الواجبة أو المستحبة سواء كانت أقوالاً أو أفعالاً أو اعتقادات وهذا أنواع :

الأول : التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته

قال تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )

فيقدّم العبد بين يدي دعاء الله تعالى الاسم المناسب لمطلوبه كتقدم اسم الرحمن حال طلب الرحمة ، والغفور حال طلب المغفرة ، ونحو ذلك .

الثاني : التوسل إلى الله تعالى بالإيمان والتوحيد

قال تعالى : ( ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ) .

الثالث : التوسل بالأعمال الصالحة بأن يسأل العبد ربه بأزكى أعماله عنده وأرجاها لديه كالصلاة والصيام وقراءة القرآن

والعفّة عن المحرّم ونحو ذلك ، ومن ذلك الحديث المتفق عليه في الصحيحين في قصة الثلاثة نفر الذين دخلوا الغار ، وانطبقت عليهم الصخرة

فسألوا الله بأرجى أعمالهم ، ومن ذلك أن يتوسّل العبد بفقره إلى الله كما قال الله تعالى عن نبيه أيوب عليه السلام : ( أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) أو بظلم العبد نفسه

وحاجته إلى الله كما قال تعالى عن نبيه يونس عليه السلام : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) .

وهذا التوسل المشروع يختلف حكمه من نوع إلى آخر ، فمنه ما هو واجب كالتوسل بالأسماء والصفات والتوحيد ، ومنه ما هو مستحب كالتوسل بسائر الأعمال الصالحة .

أما التوسل البدعي الممنوع :

فهو التقرب إلى الله تعالى بما لا يحبه ولا يرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات

ومن ذلك : التوسل إلى الله بدعاء الموتى أو الغائبين والاستغاثة بهم ونحو ذلك ، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة مناف للتوحيد

فدعاء الله تعالى سواء كان دعاء مسألة كطلب النفع أو دفع الضر ، أو دعاء عبادة كالذل والانكسار بين يديه سبحانه لا يجوز أن يُتوجه به لغير الله

وصرفه لغيره شرك في الدعاء

قال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )

فبيّن الله تعالى في هذه الآية جزاء من يستكبر عن دعاء الله إما بأن يدعوا غيره أو بأن يترك دعائه جملة وتفصيلاً ، كبْراً وعُجْباً وإن لم يدع غيره

وقال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ( فأمر الله العباد بدعائه دون غيره

والله يقول عن أهل النار : ( تالله إن كنا في ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين )

فكل ما اقتضى تسوية غير الله بالله في العبادة والطاعة فهو شرك به سبحانه

وقال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) .

وقال سبحانه : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون )

فجعل الله تعالى من دعا غيره معه متخذاً إلها من دونه

وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13)

إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ )

فبين الله تعالى في هذه الآية أنه هو المستحق للدعاء لأنه المالك المتصرف لا غيره

وأن تلك المعبودات لا تسمع الدعاء ، فضلاً عن إجابتها للداعي ، ولو قُدِّر أنها سمعت لما استجابت ، لأنها لا تملك نفعا ولا ضرا ، ولا تقدر على شيء من ذلك .

وإنما كفر مشركوا العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم لدعوتهم بسبب هذا الشرك في الدعاء

إذ كانوا يدعون الله تعالى مخلصين له الدين في حال الشدة

ثم يكفرون به في الرخاء والنعمة بدعوة غيره معه سبحانه

قال تعالى : ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون )

وقال : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم )

وقال جل وعلا : ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتهم ريح عاصف وجاءهم الموت من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين ) .

وشرك بعض الناس اليوم قد زاد على شرك السابقين

وذلك لأنهم يصرفون أنواعاً من العبادة لغير الله كالدعاء والاستغاثة حتى في وقت الشدة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، نسأل الله السلامة والعافية .

والخلاصة في الردّ على ما ذكره صاحبك : أنّ سؤال الميت شرك

وسؤال الحيّ ما لايقدر عليه إلا الله شرك أيضا والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


اخوة الاسلام


اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2020-03-09 في 16:48.
قديم 2020-03-09, 23:49   رقم المشاركة : 95
معلومات العضو
قرميط مجيد
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية قرميط مجيد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










قديم 2020-03-11, 15:59   رقم المشاركة : 96
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرميط مجيد مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
الحمد لله الذي بقدرته تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
و في انتظار المزيد من مرورك العطر

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









قديم 2020-03-11, 16:05   رقم المشاركة : 97
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

هل قول الرجل

: " صلاة فلان غير مقبولة "

من التألي على الله ؟


السؤال

هل قول :

صلاة شخص غير مقبولة من التألي على الله تعالى ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

ما عُلم بالشرع بطلانه لترك ركن من أركانه ، أو شرط من شروط صحته

أو فعل ما يبطله ، ونحو ذلك : يُقطع فيه بعدم القبول ، كمن صلى قبل الوقت

أو صلى ولم يقرأ بفاتحة الكتاب ، أو أكل وشرب في نهار رمضان عامدا :

فهذا ونحوه معلوم البطلان بالشرع ، فالقطع بعدم قبوله صحيح .

أما إذا استوفى المصلى شروط وأركان الصلاة ، ولم يأت بشيء ظاهر يبطلها فهنا لا يمكن لأحد القول بأن صلاته مقبولة أو غير مقبولة

لأن ذلك ينبني على ما قام بقلبه من الإخلاص والتعبد لله ، وذلك أمر لا يعلمه إلا الله تعالى .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" العلم بوقوع القبول وعدم وقوعه من الأمور الغيبية، التي لا يعلمها إلا الله " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/ 195) .

فقول القائل : صلاة فلان غير مقبولة :

- إن كان قال ذلك لأنه اطلع منه على ما يقتضي بطلان صلاته

كأن يكون علم أنه صلى وهو محدث ، أو ترك ركنا من أركان الصلاة أو فعل شيئا من مبطلاتها: فقوله صحيح ، ولا شيء عليه .

- وإن كان لم يطلع على ما يقتضي بطلان صلاته

ولكنه قال ذلك لأنه رآه يفعل منكرا أو كان فاحشا في القول ونحو ذلك

فقطع بأن صلاته غير مقبولة : فهذا محرم لا يجوز ، وهو من التقول على الله ؛ لأن قبول صلاته وعدم قبولها لا يعلمه إلا الله ، والتقول على الله من كبائر الذنوب .

ولكنه ليس من التألي على الله

لأن "التألي" معناه القسم

وهو لم يقسم على ذلك .

روى مسلم (2621)

عَنْ جُنْدَبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَ ( أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ ) .

قال النووي رحمه الله :

" مَعْنَى يَتَأَلَّى: يَحْلِفُ، وَالْأَلْيَةُ: الْيَمِينُ " .

انتهى من"شرح النووي على مسلم" (16/ 174) .

راجع جواب السؤال القادم

لمعرفة شروط قبول الأعمال عند الله عز وجل .

وينظر للفائدة جواب السؤال بعد القادم

والله تعالى أعلم .









قديم 2020-03-11, 16:09   رقم المشاركة : 98
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

شروط قبول الأعمال عند الله عز وجل

السؤال

ما هي الشروط التي تجعل العمل الذي يقوم به المسلم مقبولا

ومن ثَم يأجره الله عليه ؟

هل الجواب ببساطة هو أن ينوي المسلم اتباع القرآن والسنة

وذلك يؤهله للحصول على الأجر

مع أنه ربما يكون قد أخطأ في عمله ذاك ؟

أم أن عليه أن تكون عنده النية

وبالإضافة إلى ذلك فإن عليه أن يتبع السنة الصحيحة ؟.


الجواب

الحمد لله

يشترط في العبادات حتى تقبل عند الله عز وجل ويؤجر عليها العبد أن يتوفر فيها شرطان :

الشرط الأول :

الإخلاص لله عز وجل

قال تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) سورة البينة/5

ومعنى الإخلاص هو :

أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى

قال تعالى : ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) سورة الليل/19

وقال تعالى : ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ) الإنسان/9

وقال تعالى : ( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) سورة الشورى/20

وقال تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) سورة هود/15-16

وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

" إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ

رواه البخاري( بدء الوحي/1)

وجاء عند مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ "

رواه مسلم( الزهد والرقائق/5300)

الشرط الثاني : موافقة العمل للشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يُعبد إلا به وهو متابعة النبي صلى الله عليه وسلم

فيما جاء به من الشرائع فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "

رواه مسلم ( الأقضية/3243) ،

قال ابن رجب رحمه الله :

هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها

كما أن حديث " إنما الأعمال بالنيات " ميزان للأعمال في باطنها ، فكما أن كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى ، فليس لعامله فيه ثواب

فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله ، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله ، فليس من الدين في شيء .

جامع العلوم والحكم ج 1 ص 176 .

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وهديه ولزومهما قال عليه الصلاة والسلام :

" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ " وحذَّر من البدع

فقال : " وإياكم ومحدثات الأمور فإن كلَّ بدعة ضلالة "

رواه الترمذي ( العلم /2600)

وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم 2157

قال ابن القيم :

فإن الله جعل الإخلاص والمتابعة سببا لقبول الأعمال فإذا فقد لم تقبل الأعمال .

الروح 1/135

قال تعالى : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً )

قال الفُضَيْل : أحسن عملاً ، أخلصه وأصوبه .

والله الموفق .

: الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2020-03-11, 16:18   رقم المشاركة : 99
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

السيئات قد تُحبِطُ الحسنات

السؤال

ما هي الأعمال السيئة التي يفعلها العبد فتحبط أعماله الصالحة وتردها

وتُمحَى بسببها من صحيفة الأعمال ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

من الأصول المقررة عند أهل السنة والجماعة أن الأعمال لا تُقبل مع الكفر

ولا يبطلها كلَّها غيرُ الكفر .

دل عليه قوله تعالى : ( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ

وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ) التوبة/53-54

قال ابن تيمية رحمه الله :

" ولا يحبط الأعمال غير الكفر ؛ لأن من مات على الإيمان فإنه لا بد أن يدخل الجنة

ويخرج من النار إن دخلها ، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط ، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ، ولا ينافي الأعمال مطلقًا إلا الكفر ، وهذا معروف من أصول السنة "

انتهى . "الصارم المسلول" (ص/55)

وقد خالف أهل البدعة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة ، فغلا الخوارج والمعتزلة

وقالوا : إن الكبائر تمحو وتبطل جميع الحسنات والطاعات ، وعاكستهم المرجئة فقالوا : إن حسنة الإيمان تمحو جميع السيئات .

ثانيا :

لما تبين أنه لا يمكن أن يحبط الحسنات كلها إلا ما يناقض الإيمان مناقضة تامة وهو الكفر

فهل يمكن أن يحبط شيء من المعاصي بعض الحسنات ويمحوها ؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (10/638) :

" فإذا كانت السيئاتُ لا تحبط جميع الحسناتِ ، فهل تحبط بقدرها ، وهل يحبط بعض الحسنات بذنب دون الكفر ؟
فيه قولان للمنتسبين الى السنة ، منهم من ينكره ، ومنهم من يثبته " انتهى .

القول الأول :

أن السيئات لا تبطل الحسنات ، بل الحسنات هي التي تمحو السيئات ، وذلك بفضل الله سبحانه وكرمه وإحسانه
.
يقول القرطبي رحمه الله تعالى

"الجامع لأحكام القرآن" (3/295) :

" والعقيدة أن السيئاتِ لا تبطل الحسناتِ ولا تحبطها " انتهى .

القول الثاني :

أن المعاصي والبدع تحبط أجر ما يقابلها من الحسنات على سبيل الجزاء ، نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية لأكثر أهل السنة .

انظر "مجموع الفتاوى" (10/322)

وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم

وقال في مدارج السالكين (1/278) :

" وقد نص أحمد على هذا في رواية فقال : ينبغي للعبد أن يتزوج إذا خاف على نفسه ، فيستدين ويتزوج ؛ لا يقع في محظور فيحبط عمله " انتهى .

قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من صحيحه :

بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ؛ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ

وَيُذْكَرُ عَنْ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ ، وَمَا يُحْذَرُ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .

وترجم الإمام مسلم ـ أيضا ـ بَاب مَخَافَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ .

قال الإمام ابن رجب رحمه الله :

وتبويب البخاري لهذا الباب يناسب أن يذكر فيه حبوط الأعمال الصالحة ببعض الذنوب

كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) الحجرات2.

قال الإمام أحمد حدثنا الحسن بن موسى

قال : ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد ، عن الحسن قال : ما يرى هؤلاء أن أعمالا تحبط أعمالا

والله عز وجل يقول لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ إلى قوله أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ .

ومما يدل على هذا - أيضا - قول الله عز وجل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى الآية [ البقرة : 264 ]

وقال أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَاب الآية [ البقرة : 266] .

وفي صحيح البخاري " أن عمر سأل الناس عنها فقالوا : الله أعلم فقال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل

قال عمر : لأي عمل ؟

قال ابن عباس : لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم يبعث الله إليه الشيطان فيعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله .

وقال عطاء الخراساني : هو الرجل يختم له بشرك أو عمل كبيرة فيحبط عمله كله .

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من ترك صلاة العصر حبط عمله " [

رواه البخاري (553)] .

وفي " الصحيح " - أيضا - أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان

فقال الله : " من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان ، قد غفرت لفلان وأحبطت عملك " [

مسلم (2621)] .

وقالت عائشة رضي الله عنها : أبلغي زيدا أنه أحبط جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . [

رواه الدارقطني (3/52) والبيهقي (5/330) ] .

وهذا يدل على أن بعض السيئات تحبط بعض الحسنات ، ثم تعود بالتوبة منها . وخرج ابن أبي حاتم في " تفسيره " من رواية أبي جعفر

عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل صالح

فأنزل الله عز وجل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم [ محمد : 33 ]

فخافوا الكبائر بعد أن تحبط الأعمال .

وبإسناده ، عن الحسن في قوله وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم قال : بالمعاصي . وعن معمر ، عن الزهري في قوله تعالى وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم قال الكبائر .

وبإسناده ، عن قتادة في هذه الآية قال : من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سيء فليفعل ولا قوة إلا بالله ؛ فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال: خواتيمها ...

قال ابن رجب رحمه الله

: والآثار عن السلف في حبوط الأعمال بالكبيرة كثيرة جدا يطول استقصاؤها . حتى قال حذيفة قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة . ..

وعن عطاء قال : إن الرجل ليتكلم في غضبه بكلمة يهدم بها عمل ستين سنة أو سبعين سنة

. وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ، عنه : ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله .

وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة

فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك . نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان وخلدوا بها في النار . وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك .

[ شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري (206-210) باختصار ] .

قال ابن القيم رحمه الله :

ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه " [

الوابل الصيب (18) ] .

والله أعلم .









قديم 2020-03-11, 16:28   رقم المشاركة : 100
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

كلام الله عز وجل بحرف وصوت

السؤال

من هم علماء أهل السنة من المتقدمين

الذي قالوا :

إنّ كلام الله عز وجل هو عبارة عن صوت وحرف ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

دلت الآيات والأحاديث على أن كلام الله عز وجل بحرف وصوت

كما قال سبحانه لموسى عليه السلام : ( فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ) وكان يكلمه من وراء حجاب

لا ترجمان بينهما

واستماع البشر في الحقيقة لا يقع إلا للصوت .

وقال الله تعالى : ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى )

وقال تعالى : ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً )

وقال جل جلاله : ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) والنداء عند العرب لا يكون إلا بصوت

ولم يرد عن الله تعالى ولا عن رسوله عليه السلام أنه من الله بغير صوت .

وقال تعالى ( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقرَّبناه نجياً ) مريم/52

والنداء والمناجاة لا تكون إلا بصوت .

وعن عبد الله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم

أنه قال : (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً حُفَاةً بُهْمًا فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ بُعْدٍ كَمَا يَسْمَعُهُ مِنْ قُرْبٍ : أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ)

اخرجه أحمد

وصححه الألباني في " الصحيحة " ( 7/757 ) .

وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يَقُولُ اللَّهُ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ...)

أخرجه البخاري (4741) .

ثانيا :

يجب أن يُعلم أن الله تعالى إذا وصف نفسه بصفة معقولة عند العرب ، ولم يبين سبحانه أنها بخلاف ما يعقلونه ، ولا فسرها النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبر بها

بتفسير يخالف ظاهرها : فهي على ما يعقلونه ويعرفونه .

وهذ التقرير يقتضي أن يكون كلامه سبحانه وتعالى حرفاً وصوتاً ، بإقرار جميع الأئمة ، الذين سمعوا هذه الآيات والأحاديث ، ولم يحرفوا معناها أو يتأولوها على غير ظاهرها .

ومن زعم خلاف ذلك ، فهو المطالب بأن يثبت أن السلف تأولوها على غير ظاهرها.

قال الإمام أبو نصر السجزي رحمه الله :

" ينبغي أن ينظر في كتب من درج ، وأخبار السلف : هل قال أحد منهم : إن الحروف المتسقة التي يتأتى سماعها وفهمها ، ليست بكلام الله سبحانه على الحقيقة ؟

وأن الكلام غيرها ومخالف لها ، وأنه معنى لا يدرى ما هو ، غير محتمل شرحاً وتفسيراً ؟

فإن جاء ذلك عن أحد من الأوائل والسلف ، وأهل النحل قبل مخالفينا الكلابية والأشعرية عذروا في موافقتهم إياه
.
وإن لم يرد ذلك عمن سلف من القرون والأمم ، ولا نطق به كتاب منزل ، ولا فاه به نبي مرسل

ولا اقتضاه عقل عُلم جهل مخالفينا وإبداعهم ، ولن يقدر أحد في علمي على إيراد ذلك عن الأوائل ، ولا اتخاذه إياه دينا ، في أثر ولا عقل " .

انتهى من " رسالة السجزي إلى أهل زبيد " (ص215) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" هاتوا أخبرونا من قال قبلكم : إن هذا القرآن عبارة وحكاية

وأن حقيقة القرآن معنى قائم في النفس.. أخبرونا هل وجدتم هذه الضلالة ، وقبيح المقالة ، عند أحد من المتقدمين سوى قائدكم " [ يعني أبا الحسن الأشعري ] "

. انتهى من " رسالة في القرآن وكلام الله " (ص52) .

ثالثا :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وليس في الأئمة والسلف من قال : إن الله لا يتكلم بصوت ، بل قد ثبت عن غير واحد من السلف والأئمة : أن الله يتكلم بصوت ، وجاء ذلك في آثار مشهورة عن السلف والأئمة

وكان السلف والأئمة يذكرون الآثار التي فيها ذكر تكلم الله بالصوت ولا ينكرها منهم أحد

حتى قال عبد الله بن أحمد : قلت لأبي : إن قوما يقولون : إن الله لا يتكلم بصوت ؟

فقال : يا بني هؤلاء جهمية إنما يدورون على التعطيل . ثم ذكر بعض الآثار المروية في ذلك .

وكلام " البخاري " في " كتاب خلق الأفعال " صريح في أن الله يتكلم بصوت ، وفرّق بين صوت الله وأصوات العباد ، وذكر في ذلك عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم

وكذلك ترجم في كتاب الصحيح باب في قوله تعالى: ( حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ) وذكر ما دل على أن الله يتكلم بصوت "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (6/527) .

وقال السجزي رحمه الله :

" فقول خصومنا : إن أحداً لم يقل إن القرآن كلام الله حرف وصوت ؛ كذب وزور ، بل السلف كلهم كانوا قائلين بذلك ، وإذا أوردنا فيه المسند

وقول الصحابة من غير مخالفة وقعت بينهم في ذلك : صار كالإجماع .

ولم أجد أحداً يعتد به ، ولا يعرف ببدعة : من نفر من ذكر الصوت إلا البويطي ، إن صح عنه ذلك .

فإن عند أهل مصر رسالة يزعمون أنها عنه ، وفيها : لا أقول إن كلاَم الله حرف وصوت ، ولا أقول إنه ليس بحرف وصوت .

وهذا إن صح عنه فليس فيه أكثر من إعلامنا أنه لم يتبين هذه المسألة ، ولم يقف على الصواب فيها

وأما غيره ممن نفى الحرف والصوت : فمبتدع ظاهر البدعة ، أو مقروف بها مهجور على ما جرى منه. والله الموفق للصواب "

انتهى من " رسالته إلى أهل زبيد " (ص260) .

ومن أراد الاستزادة فليراجع هذه الرسالة ، فهي رسالة قيمة ، وقد خصصها أبو نصر رحمه الله

للرد على من أنكر الحرف والصوت

وكذلك رسالة " التسعينية " لشيخ الإسلام ابن تيمية

فقد رد فيها على الأشاعرة من تسعين وجها ، جعل منها ثمانية وسبعين وجها للرد على بدعتهم في كلام الله سبحانه وتعالى .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2020-03-11, 16:32   رقم المشاركة : 101
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل يجوز وصف شخص بأنه " مبدع " ؟

السؤال

إذا ما جاء الشخص بفكرة أصلية أو بعمل لم يقم به أحد من قبل فوصفناه بأنه شخص مبدع

او وصفناه بالإبداع فهل في هذا حرج ؟

وهل المبدع مقتصر على الله سبحانه وتعالى ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

من صفات الله تعالى أنه " بديع السماوات والأرض "

كما قال تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )البقرة/ 117.

قال الطبري رحمه الله :

" يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) : مُبْدِعُهَا.. ، وَمَعْنَى الْمُبْدِعِ: الْمُنْشِئُ وَالْمُحْدِثُ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى إِنْشَاءِ مِثْلِهِ وَإِحْدَاثِهِ أَحَدٌ؛ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمُبْتَدِعُ فِي الدِّينِ مُبْتَدِعًا ، لِإِحْدَاثِهِ فِيهِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ مُحْدِثٍ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فِيهِ مُتَقَدِّمٌ ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ مُبْتَدِعًا" .

انتهى من " تفسير الطبري" ط هجر (2/ 464) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي

" بديع السماوات والأرض ؛ أي: خالقهما ومبدعهما ، في غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع ، والنظام العجيب المحكم"

انتهى من "تفسير السعدي" (5/303) .

وليس من أسماء الله " البديع " ولا " المبدع "
.
جاء في " كتاب صفات الله عز وجل " للشيخ السَّقَّاف (ص: 79) :

" وعدَّ بعضُهم (البديع) من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ، وفي هذا نظر."

والإبداع في اللغة إحداث الشيء على نحو غير مسبوق

قال الجوهري:

"أبدعت الشيء : اخترعته لا عَلى مثالٍ"

انتهى من "الصحاح " (3/ 1183) .

ثانيا :

لا حرج في وصف شخص ما بأنه مبدع ، أو وصف عمله بالإبداع ؛ لأن هذا الوصف لا يختص بالله عز وجل

وإذا قُدِّر أنه مما يطلق على الله جل جلاله خبرا ، أو وصفا ، فإن إبداع كل أحد بحسبه

كما أن "الخلق" يطلق على الله جل جلاله ، وهو خالق الخلق ، ومالك الملك ، ثم لا يمنع ذلك أن يطلق على المخلوقين ، وخَلْقُ كلِّ أحدٍ ، وإبداعهُ بحسبه .

وقد سمى برهان الدين ابن مفلح الحنبلي شرحه على المقنع بـ " الْمُبْدِعِ فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ " ولايزال العلماء يتداولون هذا الاسم بغير نكير.

ولمزيد من الفائدة ينظر جواب السؤال :القادم

والله أعلم .









قديم 2020-03-11, 16:38   رقم المشاركة : 102
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل تسمية الناس بأسماء الله يعد شركا ؟

السؤال

بعض الناس يقولون إن مناداة الآخرين باسم الله هو شرك ، وهذا من الصعب اعتقاده

كون كل واحد يقول الإمام " مالك "

ومثل أنس بن " مالك " ، وحتى الله سمى خازن النار " مالك "

وأيضا الوهابيون اتبعوا " وهاب "

وهو اسم من أسماء الله . إذًا أليس هؤلاء الذين يقولون إن استخدام أسماء الله شرك هم أنفسهم مشركون ؟

أخبروني من فضلكم ما ينبغي علي فعله

لأنه من الصعب أن أضيف " عبد ال " مع كل اسم عندما أنادي أي شخص .


الجواب

الحمد لله

أسماء الله تعالى – من حيث اختصاصها به سبحانه – قسمان :

1- أسماء مختصة به عز وجل ، لا تطلق إلا عليه ، ولا تنصرف إلا إليه ، كاسم " الله "

و "الرب" ، و " الرحمن " ، و " الأحد " ، و " الصمد " ، و " المتكبر "

ونحوها . فهذه لا يجوز أن يتسمى بها البشر باتفاق أهل العلم .

2- أسماء لا تختص به سبحانه ، ويجوز إطلاقها على البشر ، وكذلك يجوز التسمي بها

مثل : سميع ، بصير ، علي ، حكيم ، رشيد ، وقد كان من مشاهير الصحابة من يتسمى بهذه الأسماء ، مثل علي بن أبي طالب ، وحكيم بن حزام رضي الله عنهم .

فالممنوع فقط هي الأسماء المختصة بالرب عز وجل ، مثل : الله ، الرحمن .

جاء في حاشية كتاب "أسنى المطالب شرح روض الطالب" (4/243) من كتب الشافعية :

" جواز التسمية بأسماء الله تعالى التي لا تختص به ، أما المختص به فيحرم

وبذلك صرح النووي في شرح مسلم " انتهى . وقرر بعض فقهاء الحنفية ذلك بقولهم :

" التسمية باسم الله يوجد في كتاب الله تعالى : كالعلي والكبير والرشيد والبديع جائز ؛ لأنه من الأسماء المشتركة ، ويراد به في حق العباد غير ما يراد به في حق الله تعالى " انتهى .

وانظر: "بريقة محمودية" (3/234) نقلا عن التتارخانية .

وهو المفهوم من كلام ابن القيم رحمه الله حيث يقول :

" ومما يُمنع تسمية الإنسان به : أسماء الرب تبارك وتعالى ، فلا يجوز التسمية بالأحد ، والصمد

ولا بالخالق ، ولا بالرازق ، وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى ، ولا تجوز تسمية الملوك بالقاهر ، والظاهر ، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار

والمتكبر ، والأول ، والآخر ، والباطن ، وعلام الغيوب " انتهى.

"تحفة المودود" (ص/125)

وبناء عليه ، فلا حرج من التسمي باسم " مالك " ونحوه ، ولا يجب إضافة التعبيد إليه كما يظن الأخ السائل
.
وكذلك لا حرج على من ينادي الشخص المسمى بـ " عبد الحكيم "، بـ " حكيم "

فهو من الأسماء التي يجوز أن يتسمى بها الناس ، ولا تختص بالله سبحانه ، وإن كان الأولى نداؤه بما يحب من اسمه الذي سماه به والده .

ولا نعلم أحدا من أهل العلم يتَّهِم من يتسمَّى بهذه الأسماء بالشرك والكفر ، والنصيحة للأخ السائل ألا يتسرَّعَ في اتهام المسلمين من غير تثبت ، وإلا وقع فيما يذمه وينتقده .

كما ننصح جميع إخواننا المسلمين ألا يعترضوا على الأحكام الشرعية قبل التَبَيُّن والتثبت .

وأما تسمية طائفة باسم " وهابيون " فلا نعلم أحدا يتسمى به

وإنما أطلق هذا الاسم : بعض أعداء دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب

وبعض الجهات الرسمية في فترة من الفترات لتحقيق مصالحها التي تعارضت مع انتشار دعوة التوحيد على يديه ، ثم تتابع كثير من الناس – عمدا أو خطأ – على هذه التسمية الخطأ .

وانظر في آداب تسمية الأبناء القادم

والله أعلم .


اخوة الاسلام


اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-12, 16:58   رقم المشاركة : 103
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

آداب تسمية الأبناء

السؤال

أريد تسمية ابني ، فما الآداب الشرعية في ذلك ؟ .

الجواب

الحمد لله

لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس

إذ الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى

وتنويه بالدين ، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين ، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته ، فهو عندهم كالثوب ، إن قَصُر شان ، وإن طال شان .

والأصل في الأسماء الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها :

- التعبيد لغير الله عز وجل ، سواء لنبي مرسل أو ملك مقرب ، فلا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل مطلقا

ومن الأسماء المعبدة لغير الله عبد الرسول ، عبد النبي ، عبد الأمير ،

وغيرها من الأسماء التي تفيد التعبيد أو الذلة لغير الله عز وجل

. وهذه الأسماء يجب تغييرها لمن تسمى بها أو سماه أهله بها ، قال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : كان اسمي عبد عمرو - وفي رواية عبد الكعبة -

فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . رواه الحاكم 3/306 ووافقه الذهبي .

- التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى ، التي اختص بها نفسه سبحانه

كأن يسمي الخالق أو الرازق أو الرب أو الرحمن ونحوها مما اختص بها الله عز وجل

أو باسم لا يصدق وصفه لغير الله عز وجل مثل ملك الملوك ، أو القاهر ونحوه ، وهذا النوع من الأسماء يحرم التسمي به ويجب تغييره . قال الله عز وجل : ( هل تعلم له سميا ) .

- التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم ، الدالة عليهم دون غيرهم ، مثل عبد المسيح وبطرس وجرجس ونحوها من الأسماء الدالة على ملة الكفر .

- التسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله ، كالتسمي بشيطان ونحوه .

وكل ما سبق من الأسماء لا يجوز التسمي به بل هو حرام ، وعلى من تسمى به أو سماه به غيره أن يغيره .

- يكره التسمي بما تنفر النفوس من معناه من الأسماء ، إما لما يحمله من معنى قبيح أو مثير للسخرية ، كما أن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتحسين الأسماء

ومثال ذلك اسم حرب ، ورشاش ، وهيام وهو اسم مرض يصيب الإبل ونحوها من الأسماء التي تحمل معان قبيحة وغير حسنة .

- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة أو شهوانية ، ويكثر هذا في تسمية الإناث ، مثل بعض الأسماء التي تحمل أوصافا جنسية أو شهوانية .

- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات ونحوهم ، فإن كانوا يحملون أسماء حسنة فيجوز التسمي بها لكن لأجل معانيها الحسنة وليس لأجل التشبه بهم أو تقليدهم .

- يكره التسمي بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية ، مثل سارق وظالم ، أو التسمي بأسماء الفراعنة والعصاة مثل فرعون وهامان وقارون .

- ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، مثل الحمار والكلب والقرد ونحوها .

- تكره التسمية بكل اسم مضاف إلى الدين والإسلام ، مثل نور الدين وشمس الدين وكذلك نور الإسلام وشمس الإسلام ، لما فيها من إعطاء المسمى فوق حقه

وقد كان علماء السلف يكرهون تلقيبهم بهذه الألقاب

فقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يكره تلقيبه بتقي الدين وكان يقول : لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر .

- وتكره الإضافة إلى اسم الله عز وجل غير عبد الله ، وذلك مثل حسب الله ، ورحمة الله ونحوه . وكذلك الإضافة إلى لفظ الرسول .

- ويكره التسمي بأسماء الملائكة ، وكذلك بأسماء سور القرآن مثل طه ويس ونحوها ، وهذه الأسماء هي من الحروف المقطعة وليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم .

انظر تحفة المودود لابن القيم رحمه الله تعالى ص109 .

وهذه الأسماء المكروهة ، إنما يكره التسمي بها ابتداء ، أما من سماه أهله بذلك وقد كبر ويصعب عليه تغييرها فلا يجب عليه التغيير .

ومراتب الأسماء أربعة :

المرتبة الأولى : اسميْ عبد الله وعبد الرحمن ، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

قال : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن )

رواه مسلم في صحيحه 1398 .

المرتبة الثانية : سائر الأسماء المعبدة لله عز وجل :

مثل عبد العزيز وعبد الرحيم وعبد الملك وعبد الإله وعبد السلام وغيرها من الأسماء المعبدة لله عز وجل .

المرتبة الثالثة : أسماء الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام

ولاشك أن خيرهم وأفضلهم وسيدهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه كذلك أحمد

ثم أولوا العزم من الرسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ثم سائر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه .

المرتبة الرابعة : أسماء عباد الله الصالحين ، وعلى رأسهم صحابة نبينا الكريم ، فيستحب التسمي بأسمائهم الحسنة اقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة .

المرتبة الخامسة : كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل .

ويحسن مراعاة بعض الأمور عند تسمية الأبناء منها :

1 - معرفة أن هذا الاسم سيكون ملازما له طوال حياته وقد يسبب له من الضيق والإحراج ما يجعله يضيق بوالده أو والدته أو من سماه بهذا الاسم .

2 - عند النظر في الأسماء لاختيار أحدها ، ينبغي تقليبه على وجوه عدة ، فينظر في الاسم في ذاته

وينظر إليه من حيث كونه طفلا صغيرا ثم شابا يافعا ثم شيخا كبيرا وأبا ، ومدى مناسبة الاسم إذا تكنى به ، ومدى ملاءمته لاسم أبيه وهكذا .

3 - التسمية حق مشروع للوالد لأنه هو الذي سينسب إليه ، لكن يستحب للوالد أن يشرك الأم في اختيار الاسم ويأخذ برأيها إن كان حسنا إرضاء لها .

4 - يجب نسبة الولد لأبيه ولو كان متوفيا أو مطلِّقا أو نحوه ، ولو لم يرْعَه ولم يره البتة

ويحرم مطلقا نسبة الولد لغير أبيه ، إلا في حالة واحدة ، هي أن يكون الولد أتى من سفاح والعياذ بالله ، فإنه ينسب حينئذ لأمه ولا تجوز نسبته لأبيه ..

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2020-03-12, 17:11   رقم المشاركة : 104
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل أوّل البخاري صفة الوجه بأنه الملك والضحك بأنه الرحمة ؟

السؤال

هل أوّل الإمام البخاري بعض صفات الله تعالى، كالضحك

قيل : إنه أوّله بالرحمة

والوجه أوّله بالمُلك؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

بالنسبة لصفة الضحك :

فلا يعرف نص ثابت للبخاري يؤول فيه هذه الصفة بأنها الرحمة .

لكن نسب هذا التأويل إلى صحيح البخاري :

1- الخطابي في " أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري " ( 3 / 1921 )

فقال
:
" قال أبو عبد الله : معنى الضحك الرحمة " انتهى .

2- نسبه أيضا البيهقي في " الأسماء والصفات " ( 2 / 72 )

فقال :

" فقد روى الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله أنه قال: معنى الضحك فيه الرحمة " انتهى .

والبيهقي لعله أخذه من الخطابي لأنه ينقل عنه عادة .

إلا أن هذه النسبة مشكوك فيها ، فهذا الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى رغم سعة اطلاعه على نسخ صحيح البخاري ينفي وجود هذا النص في النسخ التي اطلع عليها .

قال الحافط ابن حجر رحمه الله تعالى :

" قال – أي الخطابي - وقال أبو عبد الله : معنى الضحك هنا الرحمة قلت – أي ابن حجر - :

ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري "

انتهى من " فتح الباري " ( 8 / 632 ) .

فالحاصل ؛ هو أنه لا نستطيع الجزم بنسبة هذا التأويل للإمام البخاري رحمه الله تعالى

لأن نسخ صحيح البخاري التي وصلت إلينا والموثوق بها خالية من هذا التفسير ، والله أعلم .

ثانيا :

صفة الوجه :

قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى :

" ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) القصص ( 88 ) : إِلَّا مُلْكَهُ

وَيُقَالُ: إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ "

انتهى من " فتح الباري " ( 8 / 505 ) .

ويلاحظ ما يلي :

ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أن في رواية النسفي لصحيح البخاري

لفظة ( إِلَّا مُلْكَهُ ) منسوبة إلى أبي عبيدة معمر بن المثنى

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" قوله إلا وجهه إلا ملكه في رواية النسفي ، وقال معمر : فذكره

ومعمر هذا : هو أبو عبيدة ، ابن المثنى وهذا كلامه في كتابه مجاز القرآن ، لكن بلفظ : إلا هو "

انتهى . " فتح الباري " ( 8 / 505 ) .

وعلى هذا يحتمل أن يكون البخاري ذكر هذا التفسير كاختيار له ، ويحتمل أنه ذكره كتفسير من التفاسير من غير أن يكون قد اختاره ، وقدمه على غيره من الأقوال الواردة في تفسير الآية .

ثم إن التفسير ( إِلَّا مُلْكَهُ ) يستحيل أن يكون المقصود بملك الله أي : مخلوقات الله ، لأنه معلوم بطلان هذا المعنى لكل مسلم ؛ فالله تعالى قد نص أن مخلوقاته ستهلك .

فيبقى أن يقال أنّ المقصود بالملك إذا صفة الملك لله تعالى

إلا أنه يبقى هنا إشكال وهو : لماذا خصّ صفة الملك من بين باقي صفات الله تعالى ؟

وأقرب ما يمكن الجواب به أن يقال : إن شطرا كبيرا من سورة القصص : هو ذكر لقصة شخصين تجبرا وكفرا بسبب ملكهما ، وهما فرعون وقارون .

قال الله تعالى في بداية قصة فرعون :

( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) القصص ( 4 ) .


وقال الله تعالى في بداية قصة قارون
:
( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) القصص ( 76 ) .









قديم 2020-03-12, 17:12   رقم المشاركة : 105
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18



وذكر الله تعالى بين هاتين القصتين
:
( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ) القصص ( 58 )
.
فناسب أن يقال : إن كل مالك ، وما يملك : سيهلك ، وستزول صفة الملك عنه ، ولا يبقى إلا الله تعالى ، فهو المالك على الحقيقة ؛ ولهذا يقول الله تعالى :

( يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) غافر ( 16 ) .

فيكون هذا التفسير : لا يراد به نفي الوجه ، وإنما هو تفسير للقرآن بالقرآن

وهو تفسير للفظ ببعض ما يتعلق به من الصفات والمعاني ، مما يناسب سياق السورة ، لأن بقاء الوجه يلزم منه بقاء الله تعالى وصفاته ، ومنها صفة الملك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المفسر من الأسماء ، أو بعض أنواعه

ولا ينافي ذلك ثبوت بقية الصفات للمسمى ، بل قد يكونان متلازمين ... "

انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 6 / 390 ) .

والحاصل

أنه مادام هنا اشكال وابهام قائم هل هذا التفسير للبخاري أم لمعمر ؟

ولماذا اختار لفظة ( إِلَّا مُلْكَهُ ) ؟

فنرجع لإزالة هذا الإشكال إلى عادة البخاري ومذهبه مع نصوص الصفات

وننظر إلى تصرّف البخاري مع هذه الآية في مواضع أخرى

لأن كلام العالم المجمل والمشكل يفسر على وفق عادة هذا العالم ومذهبه
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فإنه يجب أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض ويؤخذ كلامه هاهنا وهاهنا

وتعرف ما عادته [ وما ] يعنيه ويريده بذلك اللفظ إذا تكلم به

وتعرف المعاني التي عرف أنه أرادها في موضع آخر ، فإذا عرف عرفه وعادته في معانيه وألفاظه ، كان هذا مما يستعان به على معرفة مراده .

وأما إذا استعمل لفظه في معنى لم تجر عادته باستعماله فيه

وترك استعماله في المعنى الذي جرت عادته باستعماله فيه ، وحمل كلامه على خلاف المعنى الذي قد عرف أنه يريده بذلك اللفظ بجعل كلامه متناقضا ، وترك حمله على ما يناسب سائر كلامه

كان ذلك تحريفا لكلامه عن موضعه ، وتبديلا لمقاصده وكذبا عليه "

انتهى من " الجواب الصحيح " ( 4 / 44 ) .

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" والكلمة الواحدة يقولها اثنان ، يريد بها أحدهما : أعظم الباطل

ويريد بها الآخر : محض الحق . والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه ، وما يدعو إليه ويناظر عليه "

انتهى من " مدارج السالكين " ( 5 / 3954 ) .

والبخاري معروف بأنه يثبت صفات الله تعالى ، ومنها صفة الوجه ، فإنه في كتاب التوحيد من صحيحه أجرى هذه الآية على ظاهرها ولم يؤولها .

قال رحمه الله تعالى :

" بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) القصص ( 88 ) .

7406 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : ( قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ) [ الأنعام: 65 ]

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ

فَقَالَ : ( أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) [ الأنعام: 65 ]

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ

قَالَ: ( أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا ) [ الأنعام: 65 ]

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا أَيْسَرُ ) "

انتهى من " فتح الباري " ( 13 / 388 ) .

قال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله تعالى :

" وأما قوله: " إلا ملكه " فهذا تأويل بعيد ، وهو مخالف لصنعه هنا ، حيث ذكر الآية ، ثم أتبعها بحديث جابر

وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بوجهك ) . فهذا ظاهر جداً في أنه أراد إثبات الوجه صفة لله تعالى "

انتهى من " شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري " ( 1 / 276 ) .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:35

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc