- فلما رأوا أن الضعفاء والفقراء يؤمنون به .. ويلتفون حوله حينئذ دبروا له مكيدة ليقتلوه فحرضوا الرومان عليه .. وأوهموا الحاكم الروماني أن في دعوة عيسى زوالاً لملكه فأصدر أمره بالقبض على عيسى وصلبه .. فألقى الله شبه عيسى على الرجل المنافق الذي وشى به فقبض عليه الجنود يظنونه عيسى فصلبوه .. ونجى الله عيسى من الصلب والقتل كما حكى الله عن اليهود .. (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلاّ اتباع الظن وما قتلوه يقينا - بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً ) النساء/157 - 158
- فعيسى عليه السلام لم يمت بل رفعه الله إليه .. وسينزل قبل يوم القيامة ويتبع محمداً صلى الله عليه وسلم .. وسيكذب اليهود الذين زعموا قتل عيسى وصلبه .. والنصارى الذين غلوا فيه وقالوا هو الله .. أو ابن الله .. أو ثالث ثلاثة .قال النبي عليه الصلاة والسلام .. (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما ًمقسطاً فيكسر الصليب و يقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ) . متفق عليه أخرجه مسلم برقم 155.
- فإذا نزل عيسى قبل يوم القيامة آمن به أهل الكتاب كما قال تعالى .. ( و إن من أهل الكتاب إلاّ ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً ) النساء/159 .
- وعيسى ابن مريم عبد الله ورسوله .. أرسله الله لهداية بني إسرائيل والدعوة إلى عبادة الله وحده كما قال سبحانه لليهود والنصارى .. ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلاّ الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً ) النساء/ 171 .
- والقول بأن عيسى ابن الله قول عظيم ومنكر كبير .. ( وقالوا اتخذ الرحمن ولداً - لقد جئتم شيئاً إداً - تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً - أن دعوا للرحمن ولداً - وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداًً - إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/88- 93.
- وعيسى ابن مريم بشر وهو عبد الله ورسوله فمن اعتقد أن المسيح عيسى ابن مريم هو الله فقد كفر .. ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) المائدة/72.
- ومن قال إن المسيح ابن الله أو ثالث ثلاثة فقد كفر .. ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) المائدة /73.
- فالمسيح ابن مريم بشر .. ولد من أم .. يأكل ويشرب .. ويقوم وينام .. ويتألم ويبكي .. والإله منزه عن ذلك .. فكيف يكون إلهاً .. بل هو عبد الله ورسوله (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون ) المائدة/75.
- وقد أفسد اليهود والنصارى والصليبيون وأتباعهم دين المسيح وحرفوا فيه وبدلوا وقالوا لعنهم الله إن الله قدم ابنه المسيح للقتل والصلب فداءً للبشرية .. فلا حرج على أحد أن يعمل ما شاء فقد تحمل عنه عيسى كل الذنوب .. ونشروا ذلك بين طوائف النصارى حتى جعلوه جزءاً من عقيدتهم .. وهذا كله من الباطل والكذب على الله والقول عليه بغير علم .. بل كل نفس بما كسبت رهينة .. وحياة الناس لا تصلح ولا تستقيم إن لم يكن لهم منهج يسيرون عليه .. وحدود يقفون عندها .
- فانظر كيف يفترون على الله الكذب , ويقولون على الله غير الحق .. (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) البقرة/79.
- وقد أخذ الله على النصارى الأخذ على عيسى والعمل بما جاء به , فبدلوا وحرفوا فاختلفوا ثم أعرضوا .. فعاقبهم الله بالعداوة والبغضاء في الدنيا .. وبالعذاب في الآخرة كما قال تعالى : (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ) المائدة / 14.
- وسيقف عيسى عليه السلام يوم القيامة أمام رب العالمين فيسأله على رؤوس الأشهاد ماذا قال لبني إسرائيل كما قال سبحانه : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب - ما قلت لهم إلاّ ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد - إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) المائدة / 116 -118 .
- وقد جعل الله في أتباع عيسى والمؤمنين رأفة ورحمة .. وهم أقرب مودة لأتباع محمد من غيرهم كما قال تعالى : (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون ) المائدة/82 .
- وعيسى ابن مريم هو آخر أنبياء بني إسرائيل .. ثم بعث الله بعده محمداً صلى الله عليه وسلم من نسل إسماعيل إلى الناس كافة ، وهو آخر الأنبياء والمرسلين .
من كتاب أصول الدين الإسلامي :
تأليف فضيلة الشيخ
محمد بن إبراهيم التويجري.