لكل من يبحث عن مرجع سأساعده - الصفحة 69 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لكل من يبحث عن مرجع سأساعده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-25, 16:02   رقم المشاركة : 1021
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة belkacemb مشاهدة المشاركة
الرجااااااااااااااااااااااااااااااء انا في حاجة ماااااااااااااااااااااسة وعاااااااااااااااااااااجلة لبحث بعنوان:

état denergie de mionum
انا لست على دراية كافية باللغة الفرنسية وجدت مرجع ارجو ان يفيدك


https://www.bureauveritas.fr/wps/wcm/...resentation_v2

https://fr.wikipedia.org/wiki/Niveau_d%27%C3%A9nergie








 


رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:09   رقم المشاركة : 1022
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على كيفك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ممكن معلومات او بحث عن موضوع
الاقرار في قانون الاثبات
واكون ممنون الك
ارجو توضيح في اي دولة تريدين









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:10   رقم المشاركة : 1023
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على كيفك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ممكن معلومات او بحث عن موضوع
الاقرار في قانون الاثبات
واكون ممنون الك
الاقـــــرار فى الاثبات
الاقـــــرار فى الاثبات
أولا : تعريف الإقرار:-
أ – لغة / أفعال من أقر ّ يقرّ إقرارً بمعنى وضع الشيء في قراره ، أو اثبت ما كان متزلزلاَ أو مترددَ بين الثبوت و الجحود .
و الاسم : الإقرار وهو لازم ، و يعدا بالتضعيف فيقال : قرره في المكان أو على العمل ثبته فيه . وقرره على الحق : جعله مذعنا له . كما يعدا بالهمزة فيقال في المحسوسات : أقررت الشيء في مقره : أي وضعته في موضعه .
وفي القوليات : أقررت بالحق ، أذعنت واعترفت به .
واستعمل بمعنى الموافقة فيقال : أقرك على هذا الأمر , أي أوافقك , وأستعمل بمعنى التثبت ونحوه ما ورد على لسان أهل الحديث من لفظ التقرير فيما كان يعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أفعال الصحابة رضي الله عنهم فيقرهم عليها أي لا ينكرها عليهم فهو بمعنى التثبت .
ب- تعريفه في اصطلاح الشرع :-عرف جمهور الفقهاء بأنه ( إخبار الإنسان عن ثبوت الحق للغير على نفسه ) و عرفه جماعة من الحنابلة بأنه ( إظهار مكلف مختار ما عليه لفظا
أو كتابةَ أو إشارة أخرس أو على موكله أو مورثه بما يمكن صدقه وليس بإنشاء ) .
وعرفه الأستاذ على قراعة بأنه ( إخبار بثبوت حق للغير على نفس المقر ولو في المستقبل باللفظ أو ما في حكمه سواء كان الحق إيجابيا أو سلبيا) .
وعرفه علي حيدر في شرحه (( إخبار الإنسان ممن حق عليه لأخر وواجب التسليم للمقربة ).
وعرفه صاحب التنوير وصاحب البحر بأنه (( إخبار بحق عليه من وجه , إنشاء من وجه )) وفي الفقه الإسلامي الإقرار كاشف لا منشئ .
جاء في الفتاوى الهندية ((الإقرار إخبار عن ثبوت الحق للغير على نفسه )) كذا في الكافي وكذا في محيط السر خسي .
وفي الدار المختار : الإقرار إخبار من وجه وإنشاء من وجه . وقد جاء فيه ما يأتي (( فالوجه الأول وهو الإخبار , والوجه الثاني وهو الإنشاء )) .
وجاء في طرق القضاء :- (( أما الإقرار فأن الحق يثبت به بدون حكم , وإنما يأمره القاضي بدفع ما لزمه بإقراره , وليس لزوم الحق بالقضاء , فجعل الإقرار من طرق القضاء إنما هو بحسب الظاهر , وألا فالحق يثبت به لا بالقضاء ) .
و الإقرار من الطرق المعفية من الإثبات , فهي تصلح للإعفاء من إثبات أي واقعه ماديه أو تصرف قانوني مهما بلغت قيمته , ولذلك لان الأصل وجوب إقامة الدليل على كل واقعة إذا نوزعت أو أنكرت ولما كان الإقرار اعترافاَ بواقعه قانونية فهذه الواقعة لا تجب بعد ذلك إثباتها لأنها ليست متنازعة أو مجحودة بل هي مسلمة معترف بها . و بهذه المناسبة يدرج الإقرار بين طرق الإثبات بوصفه طريقا غير عادي يلجا إليه من تجرد من كل دليل .
* و يعرف الإقرار قانوناَ :-
هو اعتراف شخص بحق عليه لآخر , سوء قصد ترتيب هذا الحق في ذمته أو لم يقصد .
وقد عرف المستشار أحمد نشأت الإقرار :-
[ بأنه هو اعتراف خصم لخصمه بالحق الذي يدعيه مقدراَ نتيجتة قاصداَ إلزام نفسه بمقتضاه] وهو سيد الأدلة في المسائل المدينة لأنه يعتبر حجه قاطعة على اشتغال ذمة صاحبه بما أقربه .
ويجب إلا خذ به في جميع الأحوال إلا إذا كان إقراراًَ بأمر مخالف للنظام العام أو فيه عيب يبطله ويصح القول بأن الإقرار ليس دليلا وإنما هو يغنى عن الأدلة لأنه يعفي مدعى الحق من الإثبات .
كما عرفه الدكتور سليمان مرقص :-
[ بأن الإقرار هو اعتراف شخص بأمر مدعى عليه به لأخر بقصد اعتبار هذا الأمر ثابتا في ذمته وإعفاء الأخر من إثباته سواء كان هذا الأمر حقا مبنيا أو واقعه قانونيه يترتب عليها نشوء حق أو انقضاؤه أو تعديله أو انتقاله ] ولان الإقرار يجعل المدعى به غير متنازع ولأنه ملزم بذاته لا بحكم القاضي فإنه لا يعتبر من طرق القضاء .
ثانياَ : صور الإقرار وشكله :-
ليس للإقرار شكل خاص بل أن له صور متعددة فهو قد يكون صريحا أو ضمنياَ , و الصريح قد يكون مكتوبا َأو شفوياَ وفي جميع الأحوال يكون الإقرار قضائيا. والغالب أن يكون الإقرار صريحاَ , فيكون تقريراَ يصدر من المقر بوقائع يعترف بصحتها وقد يكون هذا التقرير مكتوبا ولا يشترط شكل خاص في هذه الكتابة .
فيصح أن يكون الإقرار في صحيفة الدعوى أو في مذكرة يقدمها الخصم المقر للمحكمة , أو في طلبات مكتوبة يوجهها المقر للخصم الآخر , كذلك قد يكون الإقرار شفوياَ فإذا كان صدرا خارج مجلس القضاء كان يمكن الاستشهاد على حصوله بشهود فيما يمكن سماع الشهادة فيه.
وإن كان إقراراَ في مجلس القضاء صح أن يكون مثلا أثناء التحقيق أو الاستجواب أو في جلسة المحكمة ذاتها . وفي جميع الأحوال يجب أن يدون الإقرار في محضر الجلسة أو التحقيق أو الاستجواب مع توقيع المقر على ذلك أو الاستشهاد على إقراره إن تم في جلسة تحقيق .
ويندر أن يكون الإقرار ضمنياَ أو مستخلصا من السكون لأن لا ينسب لساكت قول لأن الإقرار عمل مادي منظوماَ على تصرف قانوني من جانب واحد وهو المقر .
والإقرار في جميع الصور المتقدمة قد يكون خارج القضاء ويسمي إقراراَ غير قضائي وإما أن يكون أمام القضاء ويسمي إقرارا قضائيا.

(أ) الإقرار غير القضائي :-
فالإقرار غير القضائي يصدر خارج القضاء أو أمامه ولكن في غير إجراءات الدعوى التي رفعت بالواقعة المقر بها .
والإقرار غير القضائي ليس حجة قاطعه , ولا هو غير قابل للتجزئة ولا غيرقابل للرجوع فيه حتى دون إثبات غلط وقع فيه المقر .
بل هو موكل إلى القاضي يقدره وفقا لظروف الدعوى و ملابستها قوته في الإثبات فله أن يجعله حجه قاطعة أو أن يجرده من هذه الحجية , وله أن يرفض تجزئته أو أن يجزئه وله ألا يقبل الرجوع فيه أو أن يجيز فيه الرجوع .
فالإقرار غير القضائي إما أن يصدر من المقر شفويا أو في ورقه مكتوبة .
فإن صدر شفويا و أنكره من نسب إليه وجب على من يحتج به أن يثبت صدوره من خصمه في ذلك للقواعد العامة في الإثبات . ويصح كذلك أن يعترف المقر بما أقر به شفوياَ خارج مجلس القضاء أمام مجلس القضاء فيصبح بذلك إقراراَ قضائيا بعدما كان إقراراَ غير قضائياَ ويكون هنا إقراراً بما أقربه خارج مجلس القضاء , وبالتالي يقدر القاضي قوة هذا الإقرار في الإثبات .
وإما إن كان هذا الإقرار في ورقة مكتوبة مقدمه من المقر كان هذا الإقرار هو طريق إثبات الدعوى بعد إثبات توقيع المقر على الورقة المقدمة منه .
وبالتالي فإن الإقرار غير القضائي الصادر من المقر في ورقه رسميه له حجية الورقة الرسمية وله حجية على المقر وللمقر إثبات عكس ما جاء في إقراره ويكون إثبات ذلك عن طريق الكتابة لإثبات عكس ما جاء بالكتابة طبقا للقاعدة لا يجوز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة .
ومن حيث الأثر القانوني للإقرار غير القضائي يخضع للقواعد العامة إذا لم يرد فيه نص خاص فهو حجه على المقر ما لم يثبت عدم صحته .
وهو كذلك قابل للتجزئة وكذلك قابل للرجوع فيه في الحدود التي تسمح بها القواعد العامة .
وللقاضي سلطه واسعة في تقدير قوته في الإثبات .
وإذا كان إقرار المقر في ورقه عرفيه كانت له حجية هذه الورقة .
وذكر الدكتور عبد الرازق السنهوري أن لا فرق بين الورقة العرفية والرسمية في شأن الإقرار ولها نفس الحجية .
(ب) الإقرار القضائي :-
والإقرار هنا هو اعتراف الخصم أو من ينوب عنه نيابة خاصة بوكالة تحدد فيها الموافقة والسماح بالإقرار بواقعة قانونية مدعى بها عليه ويكون صدوره أمام القضاء وأثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذا الواقعة وفي أي مرحلة من مراحل المحاكمة وفي جلستها .
• مكانة الإقرار :-
الإقرار سيد الأدلة وأقواها لإثبات الدعوى وأبلغ البيانات , ويدخل في جميع أبواب العلم من العبادات والمعاملات والناكحات والجنايات وغيرها , حتى أنه يدخل في الإيمان وهو التصديق فلا يتحقق إلا مع الإقرار , حتى قال بعض العلماء من المتكلمين : (( إن الإقرار ركن من الإيمان )) وقال بعضهــــــــــــم : (( شرط في الإيمان )) .
وأيضا/ هو حجة شرعية لإثبات الحدود كالسرقة وشرب الخمر وحد القذف .
• حكم الإقرار :-
حكم الإقرار الوجوب , فالحكم به واجب لقوله صلى الله عليه وسلم (( اغد يا أنيس إلى امرأة فلان فإن اعترفت فارجمها )) , ولأنه رجم ألغامديه وماعز بإقرار هما .
•محاسن الإقرار :-
للإقرار محاسن كثيرة , منها :-
(1) إسقاط واجب الناس عن ذمته وقطع ألسنه الناس عن ذمته .
(2) إيصال الحق إلى أصحابه وانتفاعهم به .
(3)إرضاء الخالق عز وجل .
vأركان الإقرار :-
الركن الأول :- اعتراف الخصم :-
والمراد بذلك أن الإقرار اعتراف يصدر من المقر . وهو تقرير لواقعة معنية على اعتبار أنها حصلت . فهو بذلك عمل مادي أي واقعة قانونية . وهو أيضا قانوني ينطوي على نزول المقر عن حقه في مطالبة خصمه في إثبات ما يدعيه .
ولما كان الإقرار عمل مادي ينطوي على تصرف قانوني كان لكل من هاتين الحالتين نتائج قانونية :-
منها أن الإقرار من كونه واقعة مادية فلا حاجة فيها لقبول المقر له ، وسواء صدر الإقرار أثناء الاستجواب أو في الجلسة أو ضمن مذكرات وأوراق القضية فإن مجرد صدوره من المقر يجعله قائما لا يتوقف في قيامه على قبول الخصم الآخر ، إذا كان المقر يطلب إثبات الإقرار في محضر الجلسة فذلك ليتسنى الرجوع إليه دون أن يقع اختلاف في مضمونه ، وبذلك يصبح الإقرار مجرد صدوره حجه على المقر لا يجوز له الرجوع فيه وهو نافذ دون الحاجة إلى قبول المقر له بذلك الإقرار .
ومن حيث كون الإقرار تصرف قانوني فهو يحتاج لصحته نفس الشروط المطلوبة و الواجب توافرها لصحة التصرف القانوني .
فيجب أن يكون المقر أهلا للالتزام بهذه الواقعة وأن تكون إرادته غير مشوبة بعيب من عيوب الإرادة : غلط أو تدليس أو إكراه وهو من يحمل إثبات وقوع الإكراه إذا ادعاه ، فإن اثبت ذلك كان إقراره باطلا وكان له الرجوع فيه . وفي الفقه الإسلامي يبطل الإقرار بعد وجوده بتكذيب المقر له للمقر في حقوق العباد , وبرجوع المقر عن الإقرار في حقوق الله تعالى .
جاء في البدائع (( الإقرار بعد وجوده يبطل بشيئين , أحدهما تكذيب المقر له في أحدى نوعي الإقرار وهو الإقرار بحقوق العباد , لأن إقرار المقر دليل لزوم المقر به وتكذيب المقر له دليل عدم اللزوم , واللزوم لم يعرف ثبوته فلا يثبت مع الشك , والثاني رجوع المقر عن إقراره فيما يحتمل الرجوع في أحدى الإقرار بحقوق الله تبارك وتعالى خالصاً كحد الزنا , لأنه يحتمل أن يكون صادقا في الإنكار فيكون كاذبا في الإقرار ضرورة , فيورث شبة في وجوب الحد .
وبما أن الإقرار عمل مادي ينطوي على تصرف قانوني فإن الإقرار يكون في حطم عمل من أعمال التصرف , ويجب للتوكيل فيه أن تصدر وكالة خاصة فلا تكفي الوكالة العامة .
ومن ثم يصح الإقرار من وكيل عام ولا يصح الإقرار من محام , ما لم يكن التوكيل الصادر إلى المحامي منصوصا فيه على تفويضه على الإقرار .
أما الولي والوصي والقيم فيصبح إقرارهم عن الأصيل في الحدود التي يجوز لهم فيها القيام بأعمال التصرف .
أما الإقرار بواقعة قانونية فحجته مقصورة عليهم , إلا إذا كانت الواقعة عملا من أعمال الإدارة المخولة لهم قانونا .
وأخيراً مادام الإقرار ينطوي على تصرف قانوني , فإنه يرد عليه ما يرد على التصرفات القانونية من احتمال الصورية والتواطؤ .
والإقرار الصادر في مرض الموت يعتبر في حكم الوصية فلا ينفذ الإ من ثلث التركة .
على أن الإقرار يصح ولو كان خالياً من ذكر سببه السابق عليه لأنه مظهر للحق .
الركن الثاني :- واقعة قانونية مدعى بها :-
والمقصود بهذا الركن أن الإقرار لا يكون إلا على واقعة مدعى بها على المقر ولا يلزم أن تكون هذه الواقعة تصرفا, بل يصح أن تكون واقعة مادية ولا يلزم أن تكون الواقعة مصدرا لحق من الحقوق بل أية واقعة يمكن الادعاء بها فيجوز فيها الإقرار .
ويلزم كذلك أن يكون محل الإقرار معيناً تعيينا كافيا مانعا من الجهالة . وأن لا يكذب الإقرار ظاهر الحال و إلا كان إقراراً لا قيمة له وكذلك يجب أن يكون محل الإقرار مما يجوز التعامل فيه فالإقرار بشيء مخالفاً للقانون أو النظام العام أو الآداب غير صحيح , ويترتب على ذلك أن الإقرار على الاتفاق على ارتكاب جريمة لا يصح وأنما لا يمنع ذلك من تحمل المسئولية الجنائية على ذلك الإقرار وما ترتب عنه .
الركن الثالث :- أن يتم هذا الإقرار أمام القضاء :-
وهنا في هذا الركن يتضح الفرق بين الإقرار القضائي والإقرار غير القضائي . فالإقرار الذي يتم في غير مجلس القضاء لا يعد إقراراً قضائياًً ، ويعتبر إقراراً قضائياً الذي يتم أمام أي جهة من الجهات التي نظمها القانون من جهات القضاء فأعطها صفة القضاء ، ويجوز كذلك الإقرار أمام المحكمين في قضية منظورة أمامهم ولهم فيها ولاية . ويترتب على هذا الركن أن الإقرار الصادر أمام النيابة العامة أو الخبير أو المحقق لا يعد إقراراً قضائياً لأن هذه الجهات لم يعطها القانون صفة جهة قضائية وبالتالي الإقرار الصادر أمام هذه الجهات يجوز العدول عنه على أن يثبت المقر عكس ذلك أو أن ما صدر منه كان بسبب أرغمه على ذلك .
الركن الربع :- أن يصدر الإقرار أثناء السير في الدعوى :-
والمقصود في هذا الركن أن يصدر خلال إجراءات الدعوى وفي أي مرحلة من مراحلها حتى يكون الإقرار فيها دليل من أدلة الإثبات .
فيصح بذلك أن يصدر الإقرار في صحيفة الدعوى ذاتها أو في المذكرات التالية أو في المذكرات التي يرد بها على الدعوى ويلزم في ذلك أن تكون هذه المذكرات أو صحيفة الدعوى موقعة من المقر نفسه أو حصلت أمام المحكمة في وجودة و أقر على صحتها . وأيضاً يصح أن يصدر الإقرار في أي جلسة من جلسات المحكمة ولو أثناء المرافعة أو أثناء الطلبات الختامية ويلزم ذلك أن لا يصدر الإقرار بعد حجز القضية للحكم إلا أنه يمكن تقديم الإقرار في مذكرات أثناء قفل باب المرافعة .
والإقرار الصادر في إحدى الدعاوى ويكون فيها إقرار قضائيا لا يكون في دعوى أخرى ولو بين نفس الواقعة إقرارا قضائيًا فقرة الإقرار القضائي تكون في الدعوى التي صدر فيها .
فإن تمسك بها الإقرار في دعوى أخرى فإنه يكون فيها إقرار غير قضائياً .

حجية الإقرار :-
[ 1] الإقرار حجه قاطعه على المقر وقاصرة عليه :
فإذا توافر للإقرار أركانه وأصبح بذلك إقرارا قضائيا كان حجة قاطعه على المقر ومعنى ذلك أن الواقعة التي أقر بها الخصم تصبح في غير حاجة إلى الإثبات ويأخذ بها القاضي واقعه ثابتة بالنسبة إلى الخصم الذي أقر بها .
ولا يكون الإقرار حجة إلا على المقر , والحجية هنا قاطعه لا يجوز إثبات عكسها و لا يمنع من ذلك أن يثبت المقر بالطرق القانونية الجائزة بطلاق هذا الإقرار لصدوره مثلا بأنه صدر تواطأ عليه مع الخصم الأخر أو وقع نتيجة غلط أو تدليس أو إكراه أو أنه صدر منه وهو ناقص الأهلية
أما إذا صدر صحيح فلا يجوز الرجوع فيع ولا يجوز إثبات عكسه فهو حجه قاطعه على المقر.
[2] الإقرار حجه على المقر ومتعديه إلى الخلف العام ولا يتعدى إلى غيراهما :-
فلما كان الإقرار إعفاء من الإثبات فهو بهذه الحالة يقتصر أثره على المقر ولأن تصرف قانوني فهو يتعدى المقر إلى ورثه المقر بصفتهم خلفا عاماً و دائنيه و لا يتعداهم إلى المتعاقدين الآخرين ولا يتعدى إلى دائنيه لا في الحدود التي يعتبرون فيها خلفً له .
فلا يتعدى إلى الدائن أو الشريك أو الورثة فيما بينهم , فلو أقر أحد الشركاء في الشيوع بتصرف الشركاء في الملك الشائع كان إقراره حجه عليه وحده , ولو أقر أحد الورثة بحق على التركة فإن إقراره يكون حجه عليه دون سائر الورثة .
الإقرار بإكراه :-
فالإكراه لغة :- حمل الإنسان على شيء يكرهه .
وشرعاً :- أن يصير الرجل في يدي من لا يقدر على الامتناع منه من سلطان أو لص أو متغلب , ويكون المكره يخاف خوفا عليه أنه إن امتنع من قول ما أمره به يبلغ به الضرب المؤلم أو إتلاف نفسه , فإذا خاف هذا سقط عنه حكم ما أكراهة عليه .
وأما إقرار المكره فإقراره بغير حق باطل ولا يجب به شيء في مذهب الجمهور :-
لقوله تعالى [ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ] النحل : 106 .
فجعل الإكراه مسقطاً لحكم الكفر فمن باب أولى أن يكون مسقطاً لحكم ما عداه , ولأن الأعظم إذا سقط عن الناس سقط ما هو أصغر منه .
وجاء في القوانين أن الاعتراف الصادر بالإكراه بالتهديد أو إساءة المعاملة يكون باطلا في حق المعترف
https://www.justice-lawhome.com/vb//s...ad.php?t=26335









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:13   رقم المشاركة : 1024
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على كيفك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ممكن معلومات او بحث عن موضوع
الاقرار في قانون الاثبات
واكون ممنون الك
مفهوم الإقرار القضائي وغير القضائي وصوره


قسمت اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية السعودي لعام 1421هـ الإقرار إلى إقرار قضائي وإقرار غير قضائي وذلك وفقاً للتالي :


النص القانوني : نصت المادة 104 على أن ( إقرار الخصم عند الاستجواب أو دون استجوابه حجة قاصرة عليه ، ويجب أن يكون الإقرار حاصلاً أمام القضاء أثناء السير في الدعوى المتعلقة بالواقعة المقر بها ) 104 / 1 ( المقصود بالإقرار هنا هو الإقرار القضائي . وهو ما يحصل أمام ناظر الدعوى ، أثناء السير فيها ، متعلقا بالواقعة المقر بها ) .


104/2 ( الإقرار غير القضائي هو : الذي أختل فيه قيد من القيود المذكورة في هذه المادة). 104/3 الإقرار غير القضائي تجري عليه أحكام الإثبات الشرعية .


الإقرار القضائي : وفقاً للمادة 104 من نظام المرافعات السعودي فإن الإقرار القضائي هو الإقرار في مجلس القضاء بواقعة متعلقة بالدعوى أثناء سيرها أمام القاضي المختص بنظر الدعوى . ومن هذا التعريف يمكن الاستنتاج بأن الإقرار متى ما تم خارج مجلس القضاء أو في وقت لا تنظر فيها الدعوى لا تعد إقرارا قضائياً ويجري لإثباته أحكام الإثبات الشرعية .


وفي القانون السوداني عرف الإقرار القضائي بموجب المادة 16 / 1 بأنه " الإقرار بواقعة ، عند نظر الدعوى المتعلقة بها أمام المحكمة ، أو أثناء إجراء متعلق بالدعوى أمام القاضي أو أمام أي جهة شبه قضائية " . ومن ثم أوضحت المادة 16/2 بأن الإقرار أمام الجهات شبه القضائية في المسائل الجنائية لا تُعد أقراراً قضائياً . ولم أجد تعريفاً للجهات شبه القضائية المقصودة في هذا القانون فهل هي النيابة والشرطة ؟ أم اللجان الإدارية ؟ أم المحكمين والموفقين ؟ والفئتان الأخيرتان يمكن استبعادهما حيث أن نصوص هذا القانون لا يسري في المنازعات المنظورة أمامهم ما لم يتفق الأطراف على ذلك وفقاً لنص المادة 3 الفقرة (4) منه ، كما أن في اعتبار الاعتراف أمام الجهات شبه القضائية اعترافاً قضائي فيه من الخطورة ما لا يخفى على أحد ، وكان الأجدر أن يعد الاعتراف أمامهم اعترافا غير قضائياً سواء كان في مسألة مدنية أو جنائية وأن لا يختصر ذلك على المسائل الجناية فقط ، كما هو الحال في النظام السعودي طالما أن هذا الاعتراف يمكن إثباته بكافة طرق إثبات البينة المشروعة .


الإقرار غير القضائي : وفقاً لما جاء في نظام المرافعات السعودي ، فإن الإقرار غير القضائي هو الإقرار الذي يختل فيه قيد من القيود المطلوبة في الإقرار القضائي . وحسب ضوابط النص فإن القيود المطلوبة في الإقرار القضائي هو أن يكون الإقرار حاصلاً أمام القضاء وأثناء سير الدعوى وان تكون الواقعة المقر بها متعلقة بالدعوى، والمشرع السوداني لم يورد تعريفاً للاعتراف غير القضائي ، ولكن يمكن استخلاص ذات التعريف الوارد في النظام السعودي حيث نصت المادة (16) على أن الإقرار غير القضائي تتبع في إثباته القواعد العامة في البينة مما يكون معه أن اختلال أي شرط في الإقرار القضائي يخرج الإقرار من مفهوم الإقرار القضائي الذي يكون حجة على المقر به.


صـــور الإقــرار


الأصل في الإقرار أن يكون صراحة وباللفظ الدال عليه ، ولكن استثناءا من الأصل فقد أجاز العلماء صوراً أخرى للإقرار تسهيلاً للمعاملات واستقرارها . الملاحظ أن النظام السعودي قد سكت عن صور الإقرار هل يشترط أن يكون الإقرار صراحة فقط أم يجوز بالدلالة أيضا ، وهل يكون باللفظ فقط أم يجوز فيه الكتابة للأخرس الذي لا يعرف الكتابة وما حجية الإشارة المعهودة للأخرس، عكس المشرع السوداني الذي نص صراحة في قانون الإثبات ، على الصور التي يمكن أن يكون عليها الإقرار وذلك بموجب المادة 18 حيث نص على أن " يكون الإقرار صراحة أو دلالة ، ويكون باللفظ أو الكتابة ، ويكون بالإشارة المعهودة من الأخرس الذي لا يعرف الكتابة " :


الإقرار دلالةً أو الإقرار الضمني : الأصل في الإقرار أن يكون صراحة وباللفظ الدال على المعنى دون غموض أو إبهام ، ولكن استثناءاً من هذا الأصل يجوز أن يكون الإقرار دلالة أو ضمناً يفهم من سياق الكلام أو المعنى العام بوجود ما يدل عليه دون شك . والإقرار الضمني لا يؤخذ به إلا في نطاق ضيق جداً في الدعاوى المدنية ومثالاً لذلك أورد السنهوري" في الحقوق التي تتقادم بسنة واحدة ، كحقوق التجار والصناع والعمال والخدم يقوم التقادم على افتراض الوفاء ، ومن ثم يجب على المدين أن يتمسك بالتقادم وأن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً ، فالامتناع عن التمسك بالتقادم يكون بمثابة إقرار ضمني بعدم الوفاء ، كذلك دفع دعوى الدائن بأن الدين قد انقضى لسبب غير الوفاء ، كالمقاصة أو الإبراء يكون بمثابة إقرار ضمني بأن الدين لم يوف ، ومن ثم إذا تبين أن الدفع بالمقاصة أو الإبراء غير صحيح لم يجز للمدين أن يلجأ بعد ذلك إلى الدفع بالوفاء(1) " والاعتراف الضمني لا يمكن تصوره في المسائل الجنائية والذي يتطلب الاعتراف الصريح دون لبس أو غموض.


الإقرار بالإشارة :


تحدث الفقهاء كثيرا عن إشارة الأخرس وحجيتها في المعاملات ويكاد يكون الإجماع منعقداً في قبول إشارات الأخرس في معاملاته مثل الطلاق والزواج والبيع وغيره من المعاملات ، واستبعد الحدود واللعان حيث أن الحدود تدرأ بالشبهات . ولقبول إشارة الأخرس يشترط أن تكون مفهومة ومعهودة ، وأعتبر الفقهاء الإشارة بالنسبة إلى الأخرس أداة تفهيم ولذا اعتبروا أنها تقوم مقام اللفظ في المعاملات . وأشترط بعض الفقهاء إلا يكون عارفاً الكتابة ولا قادرا عليها ، فإذا كان عارفاً بالكتابة وقادرا عليها فلا تكفي الإشارة لأن الكتابة أدل على المقصود فلا يعدل عنها إلا لضرورة العجز عنها(2). وعلى ذلك أعتبر العلماء أن إقرار الأخرس يكون بإشارته المعهودة ولا يعتبر إقراره بالإشارة إذا كان يمكنه الإقرار بالكتابة ويقول الشافعي في إشارة المريض يقبل إقراره إذا كان عاجزا عن الكلام لان إقراره بالإشارة من عاجز عن الكلام فأشبه إقرار الأخرس .


وعموماً فإن إشارة الأخرس بتكرار إشاراته صارت عند من يعاشره كاليقين ومماثلة النطق ، بل صارت عندهم بمنزلة الكلام وأصبح مفهوماً لهم ، وعلى القاضي في حالة عدم فهمه لمقصود إشاراته استدعاء من يترجمه له من أسرته والمقربين إليه مع وجود التهمة في ذلك لوزن ترجمتهم ، كما يجوز استدعاء الخبراء في ذلك لا سيما أن الإشارات للبكم والصم أصبحت علماً يدرس في معاهد متخصصة .


ويستدل الفقهاء بجواز إقرار الأخرس وقبول إقراره بقوله تعالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً } (2) وفهم منها القوم مقصودها وغرضها(3) . وقـــــوله تعـــالى فأوحى إليهم قيل فيه إنه أشار إليهـم وأومأ بيده فقــامت الإشــارة في هذا الموضع مقام القـول لأنــها أفادت ما يفيده القول وهذا يدل على أن إشارة الأخرس معول عليها قائمة فيما يلزمه مقام القول ولم يختلف الفقهاء أن إشارة الصحيح لا تقوم مقام قوله ، وإنما كان في الأخرس ، كذلك لأنه بالعادة والمران والضرورة الداعية إليها قد علم بها ما لا يعلم بالقول(4) .


الإقرار بالكتابة والإقرار المكتوب :


لقد اختلف الفقهاء في هذا النوع من الإقرار بين مجيز ومانع له ، بحجة أن الخطوط تتشابه وإمكان محاكاتها وتزويرها ومن هذه العلة يتضح أن الإقرار المكتوب هو الذي عليه الخلاف أما الإقرار الكتابي والذي يقوم المقر بكتابته أمام القاضي ككتابة الأخرس ومعتقل اللسان فلا أرى أن العلة التي أحتج بها المانعون تنطبق عليه ، أما الإقرار المكتوب والذي يقدم في غيبة المقر فذاك الذي وقع فيه الخلاف . وهذا النوع قد أصطلح على تسميته بالبينات الكتابية أو المستندية . والكتاب الذي يقر فيه المقر إما أن يكون لدى جهة رسمية تقوم بتدوينه وهو ما يعرف بالمستندات الرسمية أو أمام جهة غير رسمية أو يقوم بكتابته بينه وبين نفسه أو أمام شهود ويعرف بالمستندات العادية أو العرفية . ومن مانعي الأخذ بالإقرار الكتابي الإمام مالك والمشهور عن الشافعي أنه لا يعتمد على الخط المجرد(5) .


وعموما يصح الإقرار المكتوب إذا لم تعتريه شبهة التزوير ، ولا يشترط في الإقرار المكتوب شكلاً خاصاً بل يكفي أن يكون واضحا لا غموض فيه ، ويجوز أن يكون الإقرار وارداً ضمن مذكرة الرد على صحيفة الدعوى ، أو في ورقة مستقلة يصدرها المقر بعد نشوء الحق المقر به ، بمعني ألا تكون الورقة هي السند المنشئ للحق.






(1) السنهوري ـ الوسيط ج 1 ص 475


(2) سيد سابق ـ فقه السنة ـ دار الكتاب العربي بيروت ـ الطبعة الثالثة 1977ـ م 2 ص 257


(2) سورة مريم الآية 29


(3) محمد بن أبي بكر بن فرج القرطبي أبو عبدالله ـ تفسير القرطبي ـ تحقيق أحمد عبدالعليم البردوني ـ دار الشعب الطبعة الثانية 1372 ـ ج11 ص 104


(4) الأحكام للجصاص ـ ج 5 ص 46


(5) د. محمد سلام مدكور ـ ـ ص 80





عمرو البنان عدد المشاركات >> 6 التاريخ >> 18/5/2006



الإقرار فى قانون الإثبات المصرى :

مادة 103 :

الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة .

مادة 104 :

الإقرار حجة قاطعة على المقر ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجوده فى الوقائع الأخرى

https://www.mohamoon.com/montada/defa...D=42947&Type=3









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:16   رقم المشاركة : 1025
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على كيفك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ممكن معلومات او بحث عن موضوع
الاقرار في قانون الاثبات
واكون ممنون الك
قانون الإثبـات

في المواد المدنية والتجارية


وفقاً لآخر تعديلاته -*/)


فهرس البحث في قانون الإثبات سيكون بالترتيب التالى حتى يسهل البحث عن أى قاعده قانونية يريدها أحد أعضاء المطاريد الكرام :

الباب الأول : أحكام عامة


الباب الثاني : الأدلة الكتابية.
الباب الثالث : شهادة الشهود
الباب الرابع : القرائن وحجية الأمر المقضي.
الباب الخامس : الإقرار واستجواب الخصوم.
الباب السادس : اليمين
الباب السابع : المعاينة
الباب الثامن : الخبرة




قانون الإصدار



القانون رقم 25 لسنة 1968


بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ( 1 )

المعدل بالقانون 23 لسنة 1992 والقانون رقم 18 لسنة 1999

باسم الأمة
قرر مجلس الأمة القانون الآتي نصه ، وقد أصدرناه :

مادة 1
يلغـى الباب السادس من الكتاب الأول من القسم الأول من القانون المدني ، والباب السابع من الكتاب الأول من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 ، ويستعاض عن النصوص الملغاة بنصوص القانون المرافق ، كما يلغى كل نص آخر يخالف أحكامه .

مادة 2
ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويعمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره .
يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وينفذ كقانون من قوانينها .



الباب الأول إ1

أحكام عامة

مادة 1
على الدائن إثبـات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه .

مادة 2
يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وجائزاً قبولها .

مادة 3
إذا ندبت المحكمة أحد قضائها لمباشرة إجراء من إجراءات الإثبات وجب عليها أن تحدد أجلا لا يجاوز ثلاثة أسابيع لمباشرة هذا الإجراء .
ويعين رئيس الدائرة عند الاقتضاء من يخلف القاضي المنتدب .

مادة 4
إذا كان المكان الواجب إجراء الإثبات فيه بعيداً عن مقر المحكمة جاز لها أن تندب لإجرائه قاضى محكمة المواد الجزئية الذي يقع هذا المكان فى دائرتها ، وذلك مع مراعاة الميعاد المنصوص عليه فى المادة السابقة .


مادة 5
الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا يلزم تسبيبها ما لم تتضمن قضاء قطعياً .
ويجب إعلان الأوامر الصادرة بتعيين تاريخ إجراء الإثبات وإلا كان العمل باطلاً ( 1 )ويكون الإعلان بناء على طلب قلم الكتاب بميعاد يومين

مادة 6
كلما استلزم إتمام الإجراء أكثر من جلسة ، أو أكثر من يوم ، ذكـر فى المحضر اليوم والساعة اللذان يحصل التأجيل إليهما ، ولا محل لإخبار من يكون غائباً بهذا التأجيل .

مادة 7
تقدم المسائل العارضة المتعلقة بإجراءات الإثبات للقاضى المنتدب وما لم يقدم له منها لا يجوز عرضه على المحكمة .
وما يصدر القاضى المنتدب من القرارات فى هذه المسائل يكون واجب النفاذ وللخصوم الحق فى إعادة عرضها على المحكمة عند نظر القضية ما لم ينص القانون على غير ذلك .



مادة 8
على القاضي المنتدب إذا أحال القضية على المحكمة لأى سبب أن يعين لها أقرب جلسة مع إعلان الغائب من الخصوم بتاريخ الجلسة بوساطة قلم الكتاب .
مادة 9
للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك فى حكمها .



الباب الثاني إ2



الأدلة الكتابية



الفصل الأول


المحررات الرسمية

مادة 10
المحررات الرسمية هى التى يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوى الشأن ، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفى حدود سلطته واختصاصه .
فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة رسمية ، فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوى الشأن قد وقعودها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم .

مادة 11
المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها فى حدود مهمته أو وقعت من ذوى الشأن فى حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا .

مادة 12
إذا كان أصل المحرر الرسمي موجوداً فإن صورته الرسمية خطية كانت أو فوتوغرافية تكون حجة بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل .
وتعتبر الصورة مطابقة للأصل ما لم ينازع فى ذلك أحد الطرفين ، وفى هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل .

مادة 13
إذا لم يوجد أصل المحرر الرسمي كانت الصورة حجة على الوجه الأتي :
( أ ) يكون للصورة الرسمية الأصلية تنفيذية كانت أو غير تنفيذية حجية الأصل متى كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك فى مطابقتها للأصل .
( ب ) ويكون للصورة الرسمية المأخوذة من الصورة الأصلية الحجية ذاتها ولكن يجوز فى هذه الحالة لكل من الطرفين أن يطلب مراجعتها على الصورة الأصلية التى أخذت منها .
( ج ) أما ما يؤخذ من صور رسمية للصور المأخوذة من الصورة الأصلية فلا يعتد به إلا لمجرد الاستئناس تبعاً للظروف .




الفصل الثاني



المحررات العرفية

مادة 14
يعتبر المحرر العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط وإمضاء أو ختم أو بصمة .
أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ، ويكفى أن يحلف يمينا بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هى لمن تلقى عنه الحق .
ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه ، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع .

مادة 15
لا يكون المحرر العرفي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت .
ويكون للمحرر تاريخ ثابت .
( أ ) من يوم أن يقيد بالسجل المعد لذلك
( ب ) من يوم أن يثبت مضمونة فى ورقة أخرى ثابتة التاريخ
( ج ) من يوم أن يؤشر عليه موظف عام مختص
( د ) من يوم وفاة أحد ممن لهم على المحرر أثر معترف به من خط أو إمضاء أو بصمة أو من يوم أن يصبح مستحيلاً على أحد من هؤلاء ، أن يكتب أو يبصم لعلة فى جسمه
( هـ ) من يوم وقوع أى حادث آخر يكون قاطعاً في أن الورقة قد صدرت قبل وقوعه ، ومع ذلك يجوز للقاضى تبعاً للظروف ألا يطبق حكم هذه المادة على المخالصات

مادة 16
تكون للرسائل الموقع عليها قيمة المحرر العرفي من حيث الإثبات وتكون للبرقيات هذه القيمة أيضاً إذا كان أصلها المودع في مكتب التصدير موقعاً عليه من مرسلها ، وتعتبر البرقية مطابقة لأصلها حتى يقوم الدليل على عكس ذلك .
وإذا أعدم أصل البرقية ، فلا يعتد بالبرقية إلا لمجرد الاستئناف .

مادة 17
دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار ، غير أن البيانات المثبتة فيها عما ورده التجار تصلح أساسا يجيز للقاضى أن يوجه اليمين المتممة إلى أى من الطرفين وذلك فيما يجوز إثباته بالبينة .

وتكون دفاتر التجار حجة على هؤلاء التجار ، ولكن إذا كانت هذه الدفاتر منتظمة فلا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلا لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها ويستبعد منه ما كان مناقضا لدعواه .

مادة 18
لا تكون الدفاتر والأوراق المنزلية حجة على من صدرت منه إلا في الحالتين الآتيتين :
إذا ذكر فيها صراحة أنه استوفى دينا
إذا ذكر صراحة أنه قصد بما دونه فى هذه الأوراق أن تقوم مقام السند لمن أثبت حقا لمصلحته

مادة 19
التأشير على سند بما يستفاد منه براءة ذمة المدين حجة على الدائن إلى أن يثبت العكس ، ولو لم يكن التأشير موقعا منه مادام السند لم يخرج قط من حيازته .
وكذلك يكون الحكم إذا أثبت الدائن بخطه دون توقيع ما يستفاد منه براءة ذمة المدين فى نسخة أصلية أخرى للسند أو في مخالصة ، وكانت النسخة أو المخالصة فى يد المدين .




الفصل الثالث



طلب إلزام الخصم


بتقديم المحررات الموجودة تحت يده


مادة 20
يجوز للخصم فى الحالات الآتية أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أى محرر منتج فى الدعوى يكون تحت يده .
( أ ) إذا كان القانون يجيز مطالبته بتقديمه أو تسليمه
( ب ) إذا كان مشتركاً بينه وبين خصمه ، ويعتبر المحرر مشتركا على الأخص إذا كان المحرر لمصلحة الخصمين أو كان مثبتاً لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة .
( ج ) إذا استند إليه خصمه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى .

مادة 21
يجب أن يبين فى هذا الطلب :
( أ ) أوصاف المحرر الذي يعينه.
( ب ) فحوى المحرر بقدر ما يمكن من التفصيل .
( ج ) الواقعة التي يستدل به عليها .
( د ) الدلائل والظروف التى تؤيد أنه تحت يد الخصم .
( هـ ) وجه إلزام الخصم بتقديمه .

مادة 22
لا يقبل الطلب إذا لم تراع فيه أحكام المادتين السابقتين .

مادة 23
إذا أثبت الطالب طلبه وأقر الخصم بأن المحرر فى حيازته أو سكت أمرت المحكمة بتقديم المحرر فى الحال أو فى أقرب موعد تحدده .
وإذا أنكر الخصم ولم يقدم الطالب إثباتا كافياً لصحة الطلب وجب أن يحلف المنكر يميناً " بأن المحرر لا وجود له أو أنه لا يعلم وجوده ولا مكانه وأنه لم يخفه أو لم يهمل البحث عنه ليحرم خصمه من الاستدلال بها "

مادة 24
إذا لم يقم الخصم بتقديم المحرر في الموعد الذي حددته المحكمة أو أمتنع عن حلف اليمين المذكورة اعتبرت صورة المحرر التي قدمها خصمه صحيحة مطابقة لأصلها ، فإن لم يكن خصمه قد قدم صورة من المحرر جاز الأخذ بقوله فيما يتعلق بشكله وموضوعه .

مادة 25
إذا قدم الخصم محرر للاستدلال به فى الدعوى فلا يجوز له سحبه بغير رضاء خصمه إلا بإذن كتابي من القاضي أو رئيس الدائرة بعد أن تحفظ منه صورة في ملف الدعوى يؤشر عليها قلم الكتاب بمطابقتها للأصل .

مادة 26
يجوز للمحكمة أثناء سير الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف أن تأذن فى إدخال الغير لإلزامه بتقديم محرر تحت يده وذلك فى الأحوال ومع مراعاة الأحكام والأوضاع المنصوص عليها فى المواد السابقة .

مادة 27
كل من حاز شيئا أو أحرزه يلتزم بعرضه على من يدعى حقا متعلقا به متى وكان فحص الشيء ضروريا للبت فى الحق المدعى به من حيث وجوده ومداه ، فإذا كان الأمر متعلقا بسندات أو أوراق أخرى ، فللقاضى أن يأمر بعرضها على ذى الشأن وبتقديمها عند الحاجة إلى القضاء ، ولو كان ذلك لمصلحـة شخص لا يريد إلا أن يستند إليها فى إثبات حق له .
على أنه يجوز للقاضى أن يرفض إصدار الأمر بعرض الشيء إذا كان لمن أحرزه مصلحة مشروعة فى الامتناع عن عرضه .
ويكون عرض الشيء فى المكان الذي يوجد فيه وقت طلب العرض ما لم يعين القاضي مكانا آخر ، وعلى طالب العرض أن يقوم بدفع نفقاته مقدماً ، وللقاضى أن يعلق عرض الشيء على تقديم كفالة تضمن لمن أحرز الشيء تعويض ما قد يحدث له من ضرر بسبب العرض .





الفصل الرابع


فى إثبات صحة المحررات


مادة 28
للمحكمة أن تقدر ما يترتب على الكشط والمحو والتحشير وغير ذلك من العيوب المادية فى المحرر من إسقاط قيمته فى الإثبات أو أنقاضها وإذا كانت صحة المحرر محل شك فى نظر المحكمة جاز لها من تلقاء نفسها أن تدعو الموظف الذى صدر عنه أو الشخص الذى حرره ليبدى ما يوضح حقيقة الأمر فيه .

مادة 29
إنكار الخط أو الختم أو الإمضاء أو بصمة الإصبع يرد على المحررات غير الرسمية ، أما إدعاء التزوير فيرد على جميع المحررات الرسمية وغير الرسمية .


الفرع الأول



إنكار الخط والإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع


وتحقيق الخطوط

مادة 30
إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة إصبعه أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه وكان المحرر منتجا فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة إصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما .

مادة 31
يحرر محضر تبين به حالة المحرر وأوصافه بياناً كافياً ويوقعه رئيس الجلسة وكاتب المحكمة والخصوم ويجب توقيع المحرر ذاته من رئيس الجلسة والكاتب .

مادة 32
يشتمل منطوق الحكم الصادر بالتحقيقات على :
( أ ) ندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة التحقيق
( ب ) تعيين خبير أو ثلاثة خبراء
( ج ) تحديد اليوم والساعة اللذين يكون فيهما التحقيق
( د ) الأمر بإيداع المحرر المقتضى تحقيقه قلم الكتاب بعد بيان حالته على الوجه المبين بالمادة السابقة

مادة 33
يكلف قلم الكتاب الخبير الحضور أمام القاضى فى اليوم والساعة المعينين لمباشرة التحقيق .


مادة 34
على الخصوم أن يحضروا فى الموعد المذكور لتقديم ما لديهم من أوراق المضاهاة والاتفاق على ما يصلح منها لذلك فإن تخلف الخصم المكلف بالإثبات بغير عذر جاز الحكم بسقوط حقه في الإثبات ، وإذا تخلف خصمه جاز الحكم بسقوط حقه فى الإثبات ، وإذا تخلف خصمه جاز اعتبار الأوراق المقدمة للمضاهاة صالحة لها .


مادة 35
على الخصم الذي ينازع فى صحة المحرر أن يحضر بنفسه للاستكتاب فى الموعد الذي يعينه القاضي لذلك ، فإن امتنع عن الحضور بغير عذر مقبول جاز الحكم بصحة المحرر .

مادة 36
تكون مضاهاة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع الذى حصل إنكاره على ما هو ثابت لمن يشهد عليه المحرر من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة إصبع .

مادة 37
لا يقبل للمضاهاة فى حالة عدم اتفاق الخصوم إلا :
( أ ) الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع الموضوع على محررات رسمية
( ب ) الجزء الذى يعترف الخصم بصحته من المحرر المقتضى تحقيقه
( ج ) خطه أو إمضاؤه الذى يكتبه أمام القاضي أو البصمة التي يطبعها أمامه

مادة 38
يجوز للقاضى أن يأمر بإحضار المحررات الرسمية المطلوبة للمضاهاة عليها من الجهة التى تكون بها أو ينتقل مع الخبير إلى محلها للإطلاع عليها بغير نقلها .

مادة 39
فى حالة تسليم المحررات الرسمية لقلم الكتاب تقوم الصورة التي تنسخ منها مقام الأصل متى كانت ممضاة من القاضي المنتدب والكاتب والموظف الذي سلم الأصل ومتى أعيد الأصل إلى محله ، رد الصور المأخوذة منه إلى قلم الكتاب ويصير إلغاؤها .

مادة 40
يوقع الخبير والخصوم والقاضى والكاتب على أوراق المضاهاة قبل الشروع فى التحقيق ويذكر ذلك فى المحضر .

مادة 41
تراعى فيما يتعلق بأولى الخبرة القواعد المقررة في الفصل المتعلق بالخبرة .


مادة 42
لا تسمع شهادة الشهود إلا فيما يتعلق بإثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على المحرر المقتضى تحقيقه ممن نسبت إليه .
وتراعى فى هذه الحالة القواعد المقررة فى الفصل الخاص بشهادة الشهود .

مادة 43 ( 1 )
إذا حكم بصحة كل المحرر فيحكم على من أنكره بغرامة لا تقل على مائتي جنيه ولا تجاوز ألف جنيه .

مادة 44
إذا قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق فى إثبات صحته أخذت فى نظر موضوع الدعوى فى الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة



مادة 45
يجوز لمن بيده محرر غير رسمي أن يختصم من يشهد عليه ذلك المحرر ليقر بأنه بخطه أو بإمضائه أو بختمه أو ببصمة إصبعه ولو كان الالتزام الوارد به غير مستحق الأداء ويكون ذلك بدعوى أصلية بالإجراءات المعتادة .

مادة 46
إذا حضر المدعى عليه وأقر ، أثبتت المحكمة إقراره ، وتكون جميع المصروفات على المدعى ويعتبر المحرر معترفا به إذا سكت المدعى عليه أو لم ينكره أو لم ينسبه إلى سواه .

مادة 47
إذا لم يحضر المدعى عليه حكمت المحكمة فى غيبته بصحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع ، ويجوز استئناف هذا الحكم في جميع الأحوال

مادة 48
إذا أنكر المدعى عليه الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع فيجرى تحقيق طبقا للقواعد المتقدمة



الفرع الثانى


الادعاء بالتزوير

مادة 49
يكون الادعاء بالتزوير فى أية حالة تكون عليها الدعوى بتقرير فى قلم الكتاب ، وتبين فى هذا التقرير كل مواضع التزوير المدعى بها وإلا كان باطلا .

ويجب أن يعلن مدعى التزوير خصمه فى الثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التى يطلب إثباته بها ، وإلا جاز الحكم بسقوط ادعائه .

مادة 50
على مدعى التزوير أن يسلم قلم الكتاب المحرر المطعون فيه إن كان تحت يده ، أو صورته المعلنة إليه ، فإن كان المحرر تحت يد المحكمة أو الكاتب وجب إيداعه قلم الكتاب .

مادة 51
إذا كان المحرر تحت يد الخصم جاز لرئيس الجلسة بعد إطلاعه على التقرير أن يكلف فوراً أحد المحضرين بتسليم ذلك المحرر أو بضبطه وإيداعه قلم الكتاب .
فإذا امتنع الخصم عن تسليم المحرر وتعذر ضبطه اعتبر غير موجود ولا يمنع هذا من ضبطه فيما بعد إن أمكن .
مادة 52
إذا كان الإدعاء بالتزوير منتجا في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لاقتناع المحكمة بصحة المحرر أو بتزويره ورأت أن إجراء التحقيق الذي طلبه الطاعن في مذكرته منتج وجائز أمرت بالتحقيق .

مادة 53
يشتمل الحكم الصادر بالتحقيق على بيان الوقائع التي قبلت المحكمة تحقيقها والإجراءات التى رأت إثباتها بها وعلى سائر البيانات المذكورة فى المادة 32 .

مادة 54
يجرى التحقيق بالمضاهاة طبقاً للأحكام المنصوص عليها فى الفرع السابق .
ويجرى التحقيق بشهادة الشهود وفقاً للقواعد المقررة لذلك

مادة 55
الحكم بالتحقيق عملاً بالمادة 52 يقف صلاحية المحرر للتنفيذ دون إخلال بالإجراءات التحفظية .



مادة 56
إذا حكم بسقوط حق مدعى التزوير فى ادعائه أو برفضه حكم عليه بغرامة لا تقل عـن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألفى جنية ( 1 ) ولا يحكم عليه بشيء إذا ثبت بعض ما ادعاه .

مادة 57
للمدعى عليه بالتزوير إنهاء إجراءات الإدعاء فى أية حالة كانت عليها بنزوله عن التمسك بالمحرر المطعون فيه .
وللمحكمة فى هذه الحالة أن تأمر بضبط المحرر أو بحفظه إذا طلب مدعى التزوير ذلك لمصلحة مشروعه .

مادة 58
يجوز للمحكمة - ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المتقدمة - أن تحكم برد أى محرر وبطلانه إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور .
ويجب عليها في هذه الحالة أن تبين فى حكمها الظروف والقرائن التي تبينت منها ذلك .

مادة 59
يجوز لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيد منه لسماع الحكم بتزويره ويكون ذلك بدعوى أصلية ترفع بالأوضاع المعتادة .
وتراعى المحكمة فى تحقيق هذه الدعوى والحكم فيها القواعد المنصوص عليها فى هذا الفرع والفرع السابق عليه .



الباب الثالث إ 3


شهادة الشهود


مادة 60 ( 1 )
فى غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنيه أو كان غير محدد القيمة ، فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .
ويقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف ، ويجوز الإثبات بشهادة الشهود إذا كانت زيادة الالتزام على خمسمائة جنيه لم تأت إلا من ضم الفوائد والملحقات إلى الأصل .
وإذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز الإثبات بشهادة الشهود فى كل طلب لا تزيد قيمته على خمسمائة جنيه ولو كانت هذه الطلبات فى مجموعها تزيد على هذه القيمة ولو كان منشؤها علاقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات من طبيعة واحدة .


وتكون العبرة فى الوفاء إذا كان جزئيا بقيمة الالتزام الأصلي


مادة 61 ( 1 )
لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود ولو لم تزد القيمة على خمسمائة جنيه
( أ ) فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي.
( ب ) إذا كان المطلوب هو الباقى أو هو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة
( ج ) إذا طالب أحد الخصوم فى الدعوى بما تزيد قيمته على خمسمائة جنيه ثم عدل عن طلبه إلى ما لا يزيد على هذه القيمة

مادة 62
يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت الكتابة .
وكل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة .

مادة 63
يجوز كذلك الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي .
( أ ) إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي
( ب ) إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه .
مادة 64
لا يكون أهلا للشهادة من لم تبلغ سنه خمسة عشرة سنة ، على أنه يجوز أن تسمع أقوال من لم يبلغ هذه السن بغير يمين على سبيل الاستدلال .

مادة 65
الموظفون والمكلفون بخدمة عامة لا يشهدون ولو بعد تركهم العمل عما يكون قد وصل إلى علمهم فى أثناء قيامهم به من معلومات لم تنشر بالطريق القانونى ولم تأذن السلطة المختصة فى إذاعتها ومع ذلك فلهذه السلطـة أن تأذن لهم فى الشهادة بناء على طلب المحكمة أو أحد الخصوم .

مادة 66
لا يجوز لمن علم من المحامين أو الوكلاء أو الأطباء أو غيرهم عن طريق مهنته أو صنعته بواقعة أو بمعلومات أن يفشيها ولو بعد انتهاء خدمته أو زوال صفته ما لم يكن ذكرها له مقصودا به ارتكاب جناية أو جنحة .
ومع ذلك يجب على الأشخاص المذكورين أن يؤدوا الشهادة على تلك الواقعة أو المعلومات متى طلب منهم ذلك من أسرها إليهم على ألا يخل ذلك بأحكام القوانين الخاصة بهم .


مادة 67
لا يجوز لأحد الزوجين أن يفشى بغير رضاء الآخر ما أبلغه إليه أثناء الزوجية ولو بعد انفصالهما إلا فى حالة رفع دعوى من أحدهما على الآخر أو إقامة دعوى على أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر .

مادة 68
على الخصم الذى يطلب الإثبات بشهادة الشهود أن يبين الوقائع الذى يريد إثباتها كتابة أو شفاهه فى الجلسة .

مادة 69
الإذن لأحد الخصوم بإثبات الواقعة بشهادة الشهود يقتضي دائما أن يكون للخصم الآخر الحق فى نفيهـا بهذا الطريق .
مادة 70
للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بالإثبات بشهادة الشهود فى الأحوال التى يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت فى ذلك فائدة للحقيقة
كما يكون لها في جميع الأحوال ، كلما أمرت بالإثبات بشهادة الشهود أن تستدعى للشهادة من ترى لزوما لسماع شهادته إظهارا للحقيقة .



مادة 71
يجب أن يبين فى منطوق الحكم الذي يأمر بالإثبات شهادة الشهود كل واقعة من الوقائع المأمور بإثباتها وإلا كان باطلا ، ويبين كذلك فى الحكم اليوم الذى يبدأ فيه التحقيق والميعاد الذي يجب أن يتم فيه .

مادة 72
يكون التحقيق أمام المحكمة ويجوز لها – عند الاقتضاء – أن تندب أحد قضاتها لإجرائه .

مادة 73
يستمر التحقيق إلى أن يتم سماع جميع شهود الإثبات والنفى فى الميعاد ويجرى سماع شهود النفى فى الجلسة ذاتها التى سمع فيها شهود الإثبات إلا إذا حال دون ذلك مانع .
وإذا أجل التحقيق لجلسة أخرى كان النطق بالتأجيل بمثابة تكليف لمن يكون حاضراً من الشهود بالحضور فى تلك الجلسة إلا إذا أعفتهم المحكمة أو القاضي صراحة من الحضور .

مادة 74
إذا طلب أحد الخصوم خلال الميعاد المحدد للتحقيق مد الميعاد حكمت المحكمة أو القاضي المنتدب على الفور فى الطلب بقرار يثبت فى محضر الجلسة .
وإذا رفض القاضي مد الميعاد جاز التظلم إلى المحكمة بناء على طلب شفوى يثبت فى محضر التحقيق وتحكم فيه المحكمة على وجه السرعة ، ولا يجوز الطعن بأى طريق فى قرار المحكمة ، ولا يجوز للمحكمة ولا للقاضى المنتدب مد الميعاد لأكثر من مرة واحدة .

مادة 75
لا يجوز بعد انقضاء ميعاد التحقيق سما شهود بناء عللا طلب الخصوم

مادة 76
إذا لم يحضر الخصم شاهده أو لم يكلفه الحضور فى الجلسة المحددة قررت المحكمة أو القاضى المنتدب إلزامه بإحضاره أو بتكليفه الحضور لجلسة أخرى مادام الميعاد المحدد لإتمام التحقيق لـم ينقض فإذا لم يفعل سقط الحق فى الاستشهاد به ، ولا يخل هذا بأى جزاء آخر يرتبه القانون على هذا التأخير .

مادة 77
إذا رفض الشهود الحضور إجابة لدعوة الخصم أو المحكمة وجب على الخصم أو قلم الكتاب حسب الأحوال تكليفهم الحضور لأداء الشهادة قبل التاريخ المعين لسماعهم بأربع وعشرين ساعة على الأقل عدا مواعيد المسافة .
ويجوز فى أحوال الاستعجال نقص هذا الميعاد وتكليف الشاهد الحضور ببرقية من قلم الكتاب بأمر من المحكمة أو القاضي المنتدب .
مادة 78
إذا كلف الشاهد الحضور تكليفاً صحيحاً ولم يحضر ، حكمت عليه المحكمة أو القاضي المنتدب بغرامة مقدارها أربعين جنيه ويثبت الحكم فى المحضر ولا يكون قابلا للطعن ، وفى أحوال الاستعجال الشديد يجوز أن تصدر المحكمة أو القاضى أمراً بإحضار الشاهد ( 1 ) .
وفى غير هذه الأحوال يؤمر بإعادة تكليف الشاهد الحضور إذ كان لذلك مقتض وتكون عليه مصروفات ذلك التكليف ، فإذا تخلف حكم عليه بضعف الغرامة المذكورة ويجوز للمحكمة أو القاضي إصدار أمر بإحضاره .

مادة 79
يجوز للمحكمة أو القاضي المنتدب إقالة الشاهد من الغرامة إذا حضر وأبدى عذراً مقبولاً .

مادة 80 ( 1 )
إذا حضر الشاهد وامتنع بغير مبرر قانونى من أداء اليمين أو من الإجابة حكم عليه طبقاً للأوضاع المتقدمة بغرامة لا تجاوز مائتى جنيه .

مادة 81
إذا كان للشاهد عذر يمنعه من الحضور جاز أن ينتقل إليه القاضى المنتدب لسماع أقواله فإن كان التحقيق أمام المحكمة جاز لها أن تندب أحد قضاتها لذلك ويدعى الخصوم لحضور تأدية هذه الشهادة ويحرر محضر بها يوقعه القاضي المنتدب والكاتب .

مادة 82
لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأى سبب آخر .

مادة 83
من لا قدرة له على الكلام يؤدى الشهادة إذا أمكن أن يبين مراده بالكتابة أو بالإشارة .



مادة 84
يؤدى كل شاهد شهادته على انفراد بغير حضور باقي الشهود الذين لم تسمع شهادتهم .

مادة 85
على الشاهد أن يذكر اسمه ولقبه ومهنته وسنه وموطنه وأن يبين قرابته أو مصاهرته ودرجتها إن كان قريبا أو صهرا لأحد الخصوم ، ويبين كذلك أن كل يعمل عند أحدهم .

مادة 86
على الشاهد أن يحلف يميناً بأن يقول الحق وألا يقول إلا الحق وإلا كانت شهادته باطلة ، ويكون الحلف على حسب الأوضاع الخاصة بديانته إن طلب ذلك .

مادة 87
يكون توجيه الأسئلة إلى الشاهد من المحكمة أو القاضى المنتدب ويجيب الشاهد أولا عن أسئلة الخصم الذى استشهد به ثم عن أسئلة الخصم الآخر دون أن يقطع أحد الخصوم كلام الآخر أو كلام الشاهد وقت أداء الشهادة .



مادة 88
إذا انتهى الخصم من استجواب الشاهد فلا يجوز له إبداء أسئلة جديدة إلا بإذن المحكمة أو القاضي .

مادة 89
لرئيس الجلسة أو لأي من أعضائها أن يوجه للشاهد مباشرة ما يراه من الأسئلة مفيدا في كشف الحقيقة .

مادة 90
تؤدى الشهادة شفاهه ولا يجوز الاستعانة بمفكرات مكتوبة آلا بإذن المحكمة أو القاضي المنتدب وحيث تسوغ ذلك طبيعة الدعوى .

مادة 91
تثبت إجابات الشهود فى المحضر ثم تتلى على الشاهد ويوقعها بعد تصحيح ما يرى لزوم تصحيحه منها وإذا امتنع عن التوقيع ذكر ذلك وسببه فى المحضر .

مادة 92
تقدر مصروفات الشهود ومقابل تعطيلهم بناء على طلبهم ويعطى الشاهد صورة من أمر التقدير تكون نافذة على الخصم الذى استدعاه .


مادة 93
يشتمل محضر التحقيق على البيانات الآتية :
( أ ) يوم التحقيق ومكان وساعة بدئه وانتهائه مع بيان الجلسات التى استغرقها
( ب ) أسماء الخصوم وألقابهم وذكر حضورهم أو غيابهم وطلباتهم
( ج ) أسماء الشهود وألقابهم وصناعاتهم وموطن كل منهم وذكر حضورهم أو غيابهم وما صدر بشأنهم من الأوامر
( د ) ما يبديه الشهود وذكر تحليفهم اليمين
( هـ ) الأسئلة الموجهة إليهم ومن تولى توجيهها وما نشأ عن ذلك من المسائل العارضة ونص إجابة الشاهد عن كل سؤال
( و ) توقيع الشاهد على إجابته بعد إثبات تلاوتها وملاحظاته عليها
( ز ) قرار تقدير مصروفات الشاهد إذا كان قد طلب ذلك
( ح ) توقيع رئيس الدائرة أو القاضي المنتدب والكاتب

مادة 94
إذا لم يحصل التحقيق أمام المحكمة أو حصل أمامها ولم تكن المرافعة قد تمت فى نفس الجلسة التى سمع فيها الشهود ، كان للخصوم الحق في الإطلاع على محضر التحقيق .



مادة 95
بمجرد انتهاء التحقيق أو انقضاء الميعاد المحدد لإتمامه يعين القاضى المنتـدب أقرب جلسة لنظر الدعوى ويقوم قلم الكتاب بإخبار الخصم الغائب .

مادة 96
يجوز لمن يخشى فوات فرصة الاستشهاد بشاهد على موضوع لم يعرض بعد أمام القضاء ويحتمل عرضه عليه أن يطلب فى مواجهة ذوى الشأن سماع ذلك الشاهد .
ويقدم هذا الطلب بالطرق المعتادة إلى قاضى الأمور المستعجلة وتكون مصروفاته كلها على من طلبه وعند تحقيق الضرورة يحكم القاضي بسماع الشاهد متى كانت الواقعة مما يجوز إثباته بشهادة الشهود .

مادة 97
لا يجوز فى هذه الحالة تسليم صورة من محضر التحقيق ولا تقديمه إلى القضاء إلا إذا رأت محكمة الموضوع عند نظره جواز إثبات الواقعة بشهادة الشهود ، ويكون للخصم الاعتراض أمامها على قبول هذا الدليل ، كما يكون له طلب سماع شهود نفى لمصلحته .

مادة 98
تتبع فى هذا التحقيق القواعد المتقدمة عدا ما نص عليه فى المواد 69 ، 72 ، 73 ، 74 ، 94



الباب الرابع إ 4


القرائن وحجية الأمر المقضي



الفصل الأول


القــــرائـــن

مادة 99
القرينة القانونية تغنى من قررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات ، على أنه بجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضى بغير ذلك .

مادة 100


يترك لتقدير القاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون ، ولا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا فى الأحوال التى يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود .



الفصل الثاني


حجية الأمر المقضي


مادة 101
الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه مـن الحقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً .

وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها .

مادة 102
لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا فى الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً .



الباب الخامس إ5


الإقرار واستجواب الخصوم



الفصل الأول


الإقــــرار

مادة 103
الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة .

مادة 104
الإقرار حجة قاطعة على المقر .
ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجوده فى الوقائع الأخرى .



الفصل الثاني



استجواب الخصوم

مادة 105
للمحكمة أن تستجوب من يكون حاضرا من الخصوم ولكل منهم أن يطلب استجواب خصمه الحاضر

مادة 106
للمحكمة كذلك أن تأمر بحضور الخصم لاستجوابه سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب خصمه ، وعلى من تقرر استجوابه أن يحضر بنفسه الجلسة التى حددها القرار .

مادة 107
إذا كان الخصم عديم الأهلية أو ناقصها جاز استجواب من ينوب عنه ، وجاز للمحكمة مناقشته هو إن كان مميزاً فى الأمور المأذون فيها .
ويجوز بالنسبة إلى الأشخاص الاعتبارية توجيه الاستجواب إلى من يمثلها قانونا ، ويشترط فى جميع الأحوال أن يكون المراد استجوابه أهلا للتصرف فى الحق المتنازع فيه .

مادة 108
إذا رأت المحكمة أن الدعوى ليست فى حاجة إلى استجواب رفضت طلب الاستجواب .

مادة 109
يوجه الرئيس الأسئلة التى يراها إلى الخصم ، ويوجه إليه كذلك ما يطلب الخصم الآخر توجيهه منها وتكون الإجابة فى الجلسة ذاتها إلا إذا رأت المحكمة إعطـاء ميعاد للإجابة .

مادة 110
تكون الإجابة فى مواجهة من طلب الاستجواب ، ولكن لا يتوقف الاستجواب على حضوره .

مادة 111
تدون الأسئلة والأجوبة بالتفصيل والدقة بمحضر الجلسة ، وبعد تلاوتها يوقع عليها الرئيس والكاتب والمستجوب وإذا امتنع المستجوب من الإجابة أو من التوقيع ذكر فى المحضر امتناعه وسببه .

مادة 112
إذا كان للخصم عذر يمنعه عن الحضور للاستجواب جاز للمحكمة أن تندب أحد قضاتها لاستجوابه على نحو ما ذكر .

مادة 113
إذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع من الإجابة بغير مبرر قانوني جاز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن فى الأحوال التى ما كان يجوز فيها ذلك .



الباب السادس إ6



اليمين


مادة 114
يجوز لكل من الخصمين أو يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر ، على أنه يجوز للقاضى أن يمنع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفاً فى توجيهها
ولمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه ، على أنه لا يجوز الرد إذا انصب اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان ، بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين .

مادة 115
لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام .
ويجب أن تكون الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه فإن كانت غير شخصية له انصبت على مجرد علمه بها .
ويجوز للوصى أو القيم أو وكيل الغائب أو يوجه اليمين الحاسمة فيما يجوز له التصرف فيه .
ويجوز أن توجـه اليمين الحاسمة فى أية حالة كانت عليها الدعوى .


مادة 116
لا يجوز لمن يوجه اليمين أو ردها أن يرجع فى ذلك متى قبل خصمه أن يحلف .

مادة 117
لا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذى وجهت إليه أو ردت عليه ، على أنه إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائى ، فإن للخصم الذى أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض دون إخلال بما قد تكون له من حق فى الطعن على الحكم الذى صدر ضده .

مادة 118
كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون أن يردها على خصمه ، وكل مـن ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه .

مادة 119
للقاضى أن يوجه اليمين المتممة من تلقاء نفسه إلى أى من الخصمين ليبنى على ذلك حكمه فى موضوع الدعوى أو فى قيمة ما يحكم به .
ويشترط فى توجيه هذه اليمين ألا يكون فى الدعوى دليل كامل وألا تكون الدعوى خالية من أى دليل .



مادة 120
لا يجوز للخصم الذى وجه إليه القاضى اليمين المتممة أن يردها على الخصم الآخر .

مادة 121
لا يجوز للقاضى أن يوجه إلى المدعى اليمين المتممة لتحديد قيمة المدعى به إلا إذا استحال تحديد هذه القيمة بطريقة أخرى .
ويحدد القاضي حتى فى هذه الحالة حداً أقصى للقيمة التى يصدق فيها المدعى بيمينه .

مادة 122
يجب على من يوجه إلى خصمه اليمين أن يبين بالدقة الوقائع التى يريد استخلافه عليها ويذكر صيغة اليمين بعبارة واضحة .

مادة 123
للمحكمة أن تعدل صيغة اليمين التى يعرضها الخصم بحيث توجه بوضوح ودقة على الواقعة المطلوب الحلف عليها .

مادة 124
إذا لم ينازع من وجهت إليه اليمين لا فى جوازها ولا فى تعلقها بالدعوى وجب عليه إن كان حاضراً بنفسه أن يحلفها فوراً أو يردها على خصمه وإلا اعتبر ناكلا ، ويجوز للمحكمة أن تعطيه ميعادا للحلف إذا رأت لذلك وجها ، فإن لم يكن حاضرا وجب تكليفه على يد محضر للحضور لحلفها بالصيغة التى أقرتها المحكمة ، وفى اليوم الذى حددته فإن حضر وامتنع دون أن ينازع أو تخلف بغير عذر اعتبر ناكلا كذلك .

مادة 125
إذا نازع من وجهت إليه اليمين فى جوازها أو فى تعلقها بالدعوى ورفضت المحكمة منازعته وحكمت بتحليفه بينت فى منطوق حكمها صيغة اليمين ، ويعلن هذا المنطوق إن لم يكن حاضرا بنفسه ويتبع ما نص عليه فى المادة السابقة .

مادة 126
إذا كان لمن وجهت إليه اليمين عذر يمنعه من الحضور انتقلت المحكمة أو ندبت أحد قضاتها لتحليفه .

مادة 127
تكون تأدية اليمين بأن يقول الحالف " أحلف " ويذكر الصيغة التى أقرتها المحكمة .

مادة 128
لمن يكلف حلف اليمين أن يؤديها وفقا للأوضاع المقررة فى ديانته إذا طلب ذلك .

مادة 129
يعتبر في حلف الأخـرس ونكوله إشارته المعهودة إن كان لا يعرف الكتابة ، فإن كان يعرفها فحلفه ونكوله بها .

مادة 130
يحرر محضر بحلف اليمين يوقعه الحالف ورئيس المحكمة أو القاضى المنتدب والكاتب .




الباب السابع إ7


المعاينة


مادة 131
للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم أن تقرر الانتقال لمعاينة المتنازع فيه أو تندب أحد قضاتها لذلك .
وتحرر المحكمة أو القاضي محضرا تبين فيه جميع الأعمال المتعلقة بالمعاينة وإلا كان العمل باطلا .

مادة 132
للمحكمة أو لمن تندبه من قضاتها حال الانتقال تعيين خبير للاستعانة به فى المعاينة ، ولها وللقاضى المنتدب سماع من يرى سماعه من الشهود وتكون دعوة هؤلاء للحضور بطلب ولو شفوياً من كاتب المحكمة .

مادة 133
يجوز لمن يخشى ضياع معالم واقعة يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء أن يطلب فى مواجهة ذوى الشأن وبالطرق المعتادة من قاضى الأمور المستعجلة الانتقال للمعاينة وتراعى فى هذه الحالة الأحكام المبينة فى المواد السابقة .


مادة 134
يجوز للقاضى فى الحالة المبينة في المادة السابقة ، أن يندب أحد الخبراء للانتقال والمعاينة وسماع الشهود بغير يمين ، وعندئذ يكون عليـه أن يعين جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير وأعماله .
وتتبـع القواعد المنصوص عليها فى الباب الخاص بالخبرة .




الباب الثامن إ8



الخبرة


مادة 135
للمحكمة عند الاقتضاء أن تحكم بندب خبير واحد أو ثلاثة ويجب أن تذكر فى منطوق حكمها :
( أ ) بيانا دقيقاً لمأمورية الخبير والتدابير العاجلة التي يؤذن له في اتخاذها .
( ب ) الأمانة التى يجب إيداعها خزانة المحكمة لحساب مصروفات الخبير وأتعابه والخصم الذي يكلف إيداع هذه الأمانة والأجل الذي يجب فيه الإيداع والمبلغ الذي يجوز للخبير سحبه لمصروفاته .
( ج ) الأجل المضروب لإيداع تقرير الخبير
( د ) تاريخ الجلسة التي تؤجل إليها القضية للمرافعة في حالة إيداع الأمانة وجلسة أخرى أقرب منها لنظر القضية فى حالة عدم إيداعها
( هـ ) وفى حالة دفع الأمانة لا تشطب الدعوى قبل إخبار الخصوم بإيداع الخبير تقريره طبقا للإجراءات المبينة في المادة 151 .

مادة 136
إذا اتفق الخصوم على اختيار خبير ، أو ثلاثة خبراء أقرت المحكمة اتفاقهم .
وفيما عدا هذه الحالة تختار المحكمة الخبراء من بين المقبولين أمامها إلا إذا قضت بغير ذلك ظروف خاصة ، وعليها حينئذ أن تبين هذه الظروف فى الحكم .

وإذا كان الندب لمكتب الخبراء ، أو قسم الطب الشرعى ، أو أحد الخبراء الموظفين وجب على الجهة الإدارية فور إخطارها بإيداع الأمانة تعيين شخص الخبير الذى عهد إليه بالمأمورية وإبلاغ المحكمة بهذا التعيين ويجرى فى حقه حكم المادة 140 .

مادة 137
إذا لم تودع الأمانة من الخصم المكلف إيداعها ولا من غيره من الخصوم كان الخبير غير ملزم بأداء المأمورية وتقرر المحكمة سقوط حق الخصم الذي لم يقم بدفع الأمانة فى التمسك بالحكم الصادر بتعيين الخبير إذا وجدت أن الأعذار التي أبداها لذلك غير مقبول .

مادة 138
فى اليومين التاليين لإيداع الأمانة يدعو قلم الكتاب الخبير بكتاب مسجل – ليطلع على الأوراق المودعة ملف الدعوى بغير أن يتسلمها ما لم تأذن له المحكمة أو الخصوم فى ذلك وتسلم إليه صورة من الحكم .



مادة 139
إذا كان الخبير غير مقيد اسمه فى الجدول وجب أن يحلف أمام قاضى الأمور الوقتية – وبغير ضرورة لحضور الخصوم – يمينا أن يؤدى عمله بالصدق والأمانة وإلا كان العمل باطلاً .

مادة 140
للخبير خلال الخمسة الأيام التالية لتاريخ تسلمه صورة الحكم من قلم الكتاب أن يطلب إعفاءه من أداء مأمور يته ولرئيس الدائرة التي عينته أو القاضى الذى عينه أن يعفيه منها إذا رأى أن الأسباب التي أبداها لذلك مقبولة .
ويجوز فى الدعاوى المستعجلة أن تقرر المحكمة فى حكمها نقض هذا الميعاد فإذا لم يؤد الخبير مأمور يته ولم يكن قد أعفى من أدائها جاز للمحكمة التي ندبته أن تحكم عليه بكل المصروفات التى تسبب فى إنفاقها بلا فائدة وبالتعويضات إن كان لها محل وذلك بغير إخلال بالجزاءات التأديبية .
مادة 141
يجوز رد الخبير .
( أ ) إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة أو كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم فى الدعوى أو مع زوجته ما لم تكن هذه الخصومة قد أقيمت من الخصم أو زوجته بعد تعيين الخبير بقصد رده
( ب ) إذا كان وكيلاً لأحد فى أعماله الخاصة أو وصياً عليه أو قيماً أو مظنونة وراثته له بعد موته أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة يوصى أحد الخصوم أو بالقيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصة أو بأحد مديريها وكان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية فى الدعوى
( ج ) إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلاً عنه أو وصياً أو قيماً عليه مصلحة فى الدعوى القائمة
( د ) إذا كان يعمل عند أحد الخصوم أو كان قد اعتاد موكله أحدهم أو مساكنته أو كان قد تلقى منه هدية ، أو كانت بينهما عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعة أداء مأمور يته بغير تحيز

مادة 142
يحصل طلب الرد بتكليف الخبير الحضور أمام المحكمة أو القاضى الذى عينه وذلك فى الثلاثة الأيام التالية لتاريخ الحكم بتعيينه إذا كان هذا الحكم قد صدر بحضور طالب الرد وإلا ففى الثلاثة الأيام التالية لإعلان منطوق الحكم إليه .

مادة 143
لا يسقط الحق فى طلب الرد إذا كانت أسبابه قد طرأت بعد الميعاد أو إذا قدم الخصم الدليل على أنه لم يعلم بها إلا بعد انقضائه .

مادة 144
لا يقبل من أحد الخصوم طلب رد الخبير المعين بناء على اختيارهم إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد تعيينه .

مادة 145 ( 1 )
يحكم فى طلب الرد على وجه السرعة ولا يجوز الطعن فى الحكم الصادر فيه بأى طريق وإذا رفض طلب الرد حكم على طالبه بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على أربعمائة جنيه .

مادة 146
على الخبير أن يحدد لبدء عمله تاريخاً لا يجاوز الخمسة عشر يوماً التالية للتكليف المذكور فى المادة 138 وعليه أن يدعو الخصوم بكتب مسجلة ترسل قبل ذلك التاريخ بسبعة أيام على الأقل يخبرهم فيها بمكان أول اجتماع ويومه وساعته .

وفى حالات الاستعجال يجوز أن ينص فى الحكم على مباشرة العمل في الثلاثة الأيام التالية لتاريخ التكليف المذكور على الأكثر وعندئذ يدعى الخصوم بإشارة برقية ترسل قبل الاجتماع الأول بأربع وعشرين ساعة على الأقل وفى حالات الاستعجال القصوى يجوز أن ينص فى الحكم على مباشرة المـأمورية فورا ودعوة الخصوم بإشارة برقية للحضور فى الحال .
ويترتب على عدم دعوة الخصوم بطلان عمل الخبير .

مادة 147
يجب على الخبير أن يباشر أعماله ولو فى غيبة الخصوم متى كانوا قد دعوا على الوجه الصحيح .

مادة 148 ( 1 )
يسمع الخبير أقوال الخصوم وملاحظاتهم ، فإذا تخلف أحدهم عن الحضور أمامه أو عن تقديم مستنداته أو عن تنفيذ أى إجراء من إجراءات الخبرة فى المواعيد المحددة بما يتعذر معه على الخبير مباشرة أعماله أو يؤدى إلى التأخير فى مباشرتها ، جاز له أن يطلب إلى المحكمة أن تحكم على الخصم بأحد الجزاءات المقررة فى المادة 99 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 ويسرى على هذا الحكم الأحكام المبينة فى المادة المذكورة .
كما يسمع الخبير – بغير يمين – أقوال من يحضرهم الخصوم أو من يرى هو سماع أقوالهم إذا كان الحكم قد أذن له فى ذلك .
وإذا تخلف بغير عذر مقبول أحد ممن ذكروا فى الفقرة السابقة عن الحضور رغم تكليفه ذلك جاز للمحكمة بناء على طلب الخبير أن تحكم على المتخلف بغرامة مقدارها أربعيـن جنيها ، وللمحكمة إقالته من الغرامة إذا حضر وأبدى عـذراً مقبولاً .

مادة 148 مكرر ( 1 )
لا يجوز لأية وزارة أو مصلحة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة أو وحدة من الوحدات الاقتصادية التابعة لهما أو أية جمعية تعاونية أو شركة أو منشأة فردية ، أن تمتنع بغير مبرر قانونى عن إطلاع الخبير على ما يلزم الإطلاع عليه مما يكون لديها من دفاتر أو سجلات أو مستندات أو أوراق تنفيذاً للحكم الصادر بندب الخبير .

مادة 149
يجب أن يشتمل محضر أعمال الخبير على بيان حضور الخصوم وأقوالهم وملاحظاتهم موقعة منهم ما لم يكن لديهم مانع من ذلك فيذكر فى المحضر كما يجب أن يشتمل على بيان أعمال الخبير بالتفصيل وأقوال الأشخاص الذين سمعهم من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم وتوقيعاتهم .

مادة 150
على الخبير أن يقدم تقريراً موقعاً منه بنتيجة أعماله ورأيه والأوجه التى استند إليها بإيجاز ودقة .
فإذا كان الخبراء ثلاثة فلكل منهم أن يقدم تقريراً مستقلاً برأيه ما لم يتفقوا على أن يقدموا تقريراً واحداً يذكر فيه رأى كل منهم وأسبابه .

مادة 151
يودع الخبير تقريره ومحاضر أعماله قلم الكتاب ويودع كذلك جميع الأوراق التى سلمت إليه فإذا كان مقر المحكمة المنظورة أمامها الدعوى بعيداً عن موطن الخبير جاز له إيداع تقريره وملحقاته قلم كتاب أقرب محكمة له ، وعلى هذه المحكمة إرسال الأوراق المودعة إلى المحكمة التي تنظر الدعوى .

وعلى الخبير أن يخبر الخصوم بهذا الإيداع فى الأربع والعشرين ساعة التالية لحصوله وذلك بكتاب مسجل .



المادة 152 ( 1 )
إذا لم يودع الخبير تقريره فى الأجل المحدد فى الحكم الصادر بتعيينه وجب عليه أن يودع قلم الكتاب قبل انقضاء ذلك الأجل مذكرة يبين فيها ما قام به من الأعمال والأسباب التى حالت دون إتمام مأموريته .

وفى الجلسة المحددة لنظر الدعوى إذا وجدت المحكمة فى مذكرة الخبير ما يبرر تأخيره منحته أجلا لا نجاز مأموريته وإيداع تقريره .

فإن لم يكن ثمة مبرر لتأخره حكمت عليه المحكمة بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه ومنحته أجلا آخر لا نجاز مأموريته وإيداع تقريره أو استبدلت به غيره وألزمته برد ما يكون قد قبضه من الأمانة إلى قلم الكتاب وذلك بغير إخلال بالجزاءات التأديبية والتعويضات إن كان لها وجه .

ولا يقبل الطعن فى الحكم الصادر بإبدال الخبير وإلزامه برد ما قبضه من الأمانة .

وإذا كان التأخير ناشئا عن خطأ الخصم حكم عليه بغرامة لا تقل عن عشرين جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه ، ويجوز الحكم بسقوط حقه فى التمسك بالحكم الصادر بتعيين الخبير ( 1 )

مادة 153
للمحكمة أن تأمر باستدعاء الخبير فى جلسة تحددها لمناقشته فى تقريره إن رأت حاجة لذلك ، ويبدى الخبير رأيه مؤيداً بأسبابه وتوجه إليه المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصم ما تراه من الأسئلة مفيداً فى الدعوى .

مادة 154
للمحكمة أن تعيد المأمورية إلى الخبير ليتدارك ما تبين له من وجوه الخطأ أو النقض فى عمله أو بحثه ولها أن تعهد بذلك إلى خبير آخر أو إلى ثلاثة خبراء آخرين ولهؤلاء أن يستعينوا بمعلومات الخبير السابق .

مادة 155
للمحكمة أن تعين خبيراً لإبداء رأيه مشافهة بالجلسة بدون تقديم تقرير ويثبت رأيه فى المحضر .

مادة 156
رأى الخبير لا يقيد المحكمة .

مادة 157
تقدر أتعاب الخبير ومصروفاته بأمر يصدر على عريضة من رئيس الدائرة التى عينته أو قاضى محكمة المواد الجزئية الذى عينه بمجرد صدور الحكم فى موضوع الدعوى .
فإذا لم يصدر هذا الحكم فى الثلاثة الأشهر التالية لإيداع التقرير لأسباب لا دخل للخبير فيها قدرت أتعابه ومصروفاته بغير انتظار الحكم فى موضوع الدعوى .
مادة 158
يستوفى الخبير ما قدر له من الأمانة ويكون أمر التقدير فيما زاد عليها واجب التنفيذ على من طلب تعيينه من الخصوم ، وكذلك على الخصم الذي قضى بإلزامه المصروفات .

مادة 159
للخبير ولكل خصم فى الدعوى أن يتظلم من أمر التقدير وذلك خلال الثمانية الأيام التالية لإعلانه .
مادة 160
لا يقبل التظلم من الخصم الذي يجوز تنفيذ أمر التقدير عليه إلا إذا سبقه إيداع الباقي من المبلغ المقدر خزانة المحكمة مع تخصيصه لأداء ما يستحقه الخبير .
مادة 161
يحصل التظلم بتقرير فى قلم الكتاب ويترتب على رفعه وقف تنفيذ الأمر وينظر في غرفة المشورة بعد تكليف الخبير والخصوم الحضور بناء على طلب قلم الكتاب بميعاد ثلاثة أيام على أنه إذا كان قد حكم نهائياً فى شأن الإلزام بمصروفات الدعوى فلا يختصم في التظلم من لم يطلب تعيين الخبير ولم يحكم عليه بالمصروفات .
مادة 162
إذا حكم في التظلم بتخفيض ما قدر للخبير جاز الخصم أن يحتج بهذا الحكم على خصمه الذي يكون قد أدى للخبير ما يستحقه على أساس أمر التقدير دون إخلال بحق هذا الخصم فى الرجوع على الخبير .

( 1 ) الجريدة الرسمية العدد 22 الصادر فى 30 مايو سنة 1968

( 1 ) معدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992

( 1 ) سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992 .
عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 – الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17 مايو سنة 1999 وذلك بزيادة مقدار الغرامة بالمثل .

( 1) سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992 .
عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 – الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17 مايو سنة 1999 وذلك بزيادة مقدار الغرامة بالمثل .


( 1 ) سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1999 ، عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17/5/1992 وذلك باستبدال عبارة ( خمسمائة جنيه ) بعبارة ( مائة جنيه )

( 1 ) سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1999 ، عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17ماية سنة 1992 وذلك باستبدال عبارة ( خمسمائة جنيه ) بعبارة ( مائة جنيه )


( 1) سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992 .
عدلت بالقانون رقــم 18 لسنـة 1999 – الجريـــدة الرسمية العـدد 19 مكرر ( أ ) فى 17 مايو سنة 1999 وذلك بزيادة مقدار الغرامة بالمثل .


( 1) سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992 .
عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 – الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17 مايو سنة 1999 وذلك بزيادة مقدار الغرامة بالمثل .


( 1 ) سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992 .
عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 – الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17 مايو سنة 1999 وذلك بزيادة مقدار الغرامة بالمثل .

( 1 ) المادة 148 مستبدلة بالقانون رقم 54 لسنة 1974
سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992 .
عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 – الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17 مايو سنة 1999 وذلك بزيادة مقدار الغرامة بالمثل .

( 1 ) المادة 148 مكررا مضافة بالقانون رقم 54 لسنة 1974

( 1) الفقرة الثالثة من المادة 152 سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992 .عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 – الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17 مايو سنة 1999 وذلك بزيادة مقدار الغرامة بالمثل .



( 1 ) الفقرة الخامسة من المادة 152 سبق تعديل المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 – الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر الصادر فى 1/6/1992 ، ثم عدلت بالقانون رقم 18 لسنة 1999 – الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ( أ ) فى 17 مايو سنة 1999 وذلك بزيادة مقدار الغرامة بالمثل .




تم بحمد الله
مع خالص تحيات
المستشار القانونى




المصدر: منتديات المطاريد ... لقراءة المزيد إضغط على الرابط : https://www.almatareed.org/vb/showthr...#ixzz1t488sfQS

https://www.almatareed.org/vb/showthread.php?p=72858









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:18   رقم المشاركة : 1026
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على كيفك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ممكن معلومات او بحث عن موضوع
الاقرار في قانون الاثبات
واكون ممنون الك
https://ar.jurispedia.org/index.php/%...8%A7%D8%AA_(sd)









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:22   رقم المشاركة : 1027
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على كيفك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ممكن معلومات او بحث عن موضوع
الاقرار في قانون الاثبات
واكون ممنون الك
بحث الاقرار طريق من طرق الاثبات

مقدمة:
قد يحصل في كثير من الأحيان وأثناء سير الدعوى القضائية أن تنتفي الدلائل أو أن يعجز الطرف المدعي بالحق أو بالواقعة عن إثبات ما يدعي به فيفشل في إقناع القاضي، ووفقا للمبدأ القانوني المتعارف عليه " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ". فلا يكون أمامه إلا الحصول على أدلة وبراهين دامغة للتوصل إلى إقناعه وإلا يكون معرضا لخسارة الدعوى وبالتالي ضياع حقه لكن في خضم هذا يمكن أن يقوم الخصم ولأغراض مختلفة بتصرف يعفيه من البحث عن الأدلة و يقوم بالإعتراف بالواقعة المتنازع فيها، فتحسم القضية لصالح المدعي لهذا نطرح الإشكالية التالية:
هل يمكن للشخص أن يتخذ دليلا ضد نفسه في مجال الإقرار؟


المبحث الأول:مفهوم الإقرار.
المطلب الأول:تعريف الإقرار و خصائصه.
الفرع الأول:تعريف الإقرار.
أولا:لغة.
ثانيا:اصطلاحا.
ثالثا:شرعا.
رابعا:قانونا.
الفرع الثاني:خصائص الإقرار.
أولا:الإقرارعمل قانوني.
ثانيا:الإقرارعمل إخبار.
ثالثا:الإقرارعمل قانوني من جانب واحد.
رابعا:الإقرار إعفاء من الإثبات.
المطلب الثاني:أنواع الإقرار.
الفرع الأول:الإقرار القضائي.
الفرع الثاني:الإقرار غير القضائي.
المبحث الثاني:شروط الإقرار وحجيته في الإثبات.
المطلب الأول:الشروط الواجب توفرها في الإقرار والجزاءات المترتبة عن تخلفها.
الفرع الأول:الشروط الواجب توفرها في الإقرار
أولا:صدور الإقرار من الخصم.
ثانيا:صدور الإقرار أمام القضاء.
ثالثا:صدور الإقرار أثناء سير الدعوى.
الفرع الثاني:الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار.

أولا:الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار بالنسبة للخصم.
ثانيا:الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار بالنسبة لموضوع الإقرار.
المطلب الثاني:حجية الإقرار.
الفرع الأول: حجية الإقرار القضائي.
أولا: الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقر.
ثانيا: عدم جواز العدول عن الإقرار القضائي.
ثالثا: عدم تجزئة الإقرار القضائي.
الفرع الثاني:حجية الإقرار غير القضائي.
أولا: السلطة التقديرية للقاضي في القرار غير القضائي.
ثانيا:الآثار التي تنجر عن السلطة التقديرية للقاضي.
الخاتمة.

المبحث الأول:مفهوم الإقرار:
الإقرار هو اعتراف الخصم بواقعة مدعاة يستفيد منها خصمه الآخر وتعفيه من عبئ الإثبات ليكون بذلك تنازلا من الخصم المقرعن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه ولما كان كذلك فهو أحد طرق الإثبات تجاوزا يقبل في أثبات الوقائع المادية و التصرفات القانونية على حد سواء ورسم له المشرع طريقا تمهيديا للوصول إليه وهو استجواب الخصم بإحضاره شخصيا أمام القاضي،والإقرار بهذا المعنى ليس طريقا عاديا إنما هو وسيلة معفية من عبئ الإثبات وسنتناول هذا الموضوع من خلال مطلبين الأول لتعريف الإقرار وبيان خصائصه أما الثاني فنخصصه لأنواع الإقرار.

المطلب الأول: تعريف الإقرار وخصائصه:
للإحاطة بالمفهوم القانوني للإقرار لابد أولا من تعريفه وتبيان خصائصه التي يتميز بها وهو ما سنتناوله في النقاط الآتية:
الفرع الأول: تعريف الإقرار:
لتعريف الإقرار عدة اتجاهات فهناك تعريف لغوي وثاني شرعي وثالث اصطلاحي أما الأخير فهو قانوني.
أولا: الإقرار لغة:
الإقرار هو الإذعان للحق و الاعتراف به(1)


والإقرار مأخوذ من قر،يقر،قرارا وإذا ثبت وأقر بالشئ فالمعنى أعترف به.
ثانيا: الإقرار شرعا:
قد جاء في القرآن الكريم ما يدل على الإقرار وذلك في قوله تعالى:"أأقررتم وأخذتم على ذلكم أصرى قالوا أقررنا".وجه الدلالة أن الله سبحانه و تعالى طلب منهم الإقرار و لو لم يكن حجة لما طلبه منهم.
وقال تعالى أيضا "وآخرون اعترفوا بذنوبهم "
أما في السنة النبوية فجاء ما روي أن ماعزا أقر بالزنا فرجمه الرسول - صلى الله عليه وسلم – وكذلك حديث الغامدية في صحيح مسلم وفي قضيته العسيف قوله:"....يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فرجمها" فقد أثبت الرسول - ص – الحد بالاعتراف أما في الإجماع أجمعت الأمة على صحة الإقرار وكونه حجة من رسول الله - ص – إلى يومنا هذا.(2)
ثالثا: الإقرار اصطلاحا:
الإقرار هو اعتراف شخصي بواقعة من شأنها أن تنتج آثار قانونية ضده مع قصده أن تعتبر هذه الواقعة ثابتة في حقه كأن يقر شخص (أ) ويعترف أن الشخص (ب) عليه مبلغ من المال وأن يقر أنه ارتكب فعلا يترتب عليه عقوبة بدنية أو مالية كما هو لو اعترف أنه قد أتلف له مالا وقد أجمعت الأمة على حجيته بل اعتبرته "سيد الأدلة" لأن لدى الإنسان وازعا طبيعيا يمنعه من ظلم نفسه.(3)

(1):د.محمد حسن قاسم، أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية، دون طبعة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2005،ص 227. (2):د.محمدحسن القاسم، المرجع السابق ص 227. (3):أ.مرجي دليلة، طرق الإثبات في القانون المدني الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية، فرع قانون عقاري، جامعة التكوين المتواصل بالبويرة 1999-2000،ص93.

رابعا: الإقرار قانونا:
عرفته المادة 341 ق.م.ج. بمايلي:"الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه و ذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بها الواقعة."
فالإقرار حسب هذا التعريف لا يتضمن إنشاء لحق جديد في ذمة المقر، وإنما هو عبارة عن نزول الحق في المطالبة بإثبات الواقعة من طرف الخصم الذي يدعيها، ومن ثم قيل أن الإقرار هو من الأدلة المعفية من الإثبات وليس من الضروري أن يكون الإقرار تعبيرا مطابقا للحقيقة والواقع لأنه تعبير صادر من الخصم، فقد يكون واقع لأجل إخفاء الحقيقة ذاتها أو للإضرار بالغير أو للتحايل على القانون وعليه فأن من الطبيعي أن يفترض وجود خلاف بين معطيات الإقرار وبين الحقيقة المجردة ،ولكن لامناص من أن يفترض وجود خلاف بين معطيات الإقرار بالحقيقة ذاتها لأن المرء غالبا لا يتصرف تصرفا مضرا بنفسه ويعرف الأستاذ السنهوري الإقرار بأنه :"اعتراف شخص بادعاء يوجهه إليه شخص آخر".(4)
الفرع الثاني:خصائص الإقرار:
على ضوء التعريف السابق للإقرار تتحدد خصائصه في النقاط الآتية:
أولا: الإقرار عمل قانوني:
يعتبر الإقرار عمل قانوني لأنه تعبير عن اتجاه إرادة المقر نحو إحداث أثر قانوني معين هو ثبوت الحق في ذمته وإعفاء المقر له من عبئ إثبات هذا الحق ومن هنا يشترط في الإقرار ما يشترط في سائر الأعمال القانونية الأخرى، من ضرورة تمتع المقر بإرادة معبرة ويترتب على اعتبار الإقرار عملا قانونيا أنه ملزم بذاته وليس بحاجة إلى قضاء القاضي(5).
ثانيا: الإقرار عمل إخبار:
الإقرار لاينشئ حقا جديدا وإنما هو إخبار بحدوث واقعة معينة في وقت مضى أو ثبوت حق معين قبل تاريخه ولأن إنشاء الحق غير الاعتراف به فقد يشترط القانون شكلا معينا لتصرف قانوني ما كالكتابة مثلا فهذه تكون دليل إثبات لا إقرار، إما ما يكتبه المدين أو ما يصرح به على نفسه بالحق ذاته فهو إخبار بوجوده بعد إنشائه.
ولما كان المقر به خبرا فإنه قبل الإقرار به يتساوى فيه احتمال الصدق واحتمال الكذب ولكن بمجرد صدوره يصبح احتمال صدقه أقوى من احتمال كذبه، فيعتبر الإقرار بذلك قرينة قانونية على حقيقة المقر به وهذه القرينة غير قاطعة إذ يجوز لمن تكون له مصلحة في هدمها أن يثبت كذب الإقرار.
ولأن الإقرار عمل قانوني إخباري فهو مقرر لوجود الحق المقر به وليس منشأ له(6).

(4):د.يحي بكوش، أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1981، ص 263-264.
(5):د.محمد صبري السعدي، الواضح في شرح القانون المدني، الطبعة الأولى، دار هومه للنشر والتوزيع، الجزائر 2008،ص 216.
(6):د.يحي بكوش، المرجع السابق،ص 265.


ثالثا:الإقرار عمل قانوني من جانب واحد:
يقع الإقرار بإرادة المقر المنفردة وينتج أثره دون حاجة بقبول المقر له وبمجرد صدور الإقرار التزم المقر به ولا يستطيع الرجوع فيه حتى لو لم يقبله المقر له.
ويستوي في ذلك أن يكون الإقرار قد صدر من المقر أثناء استجوابه أو من تلقاء نفسه كما يستوي أن يكون الإقرار شفويا أو مكتوبا ويحسن في حالة الإقرار الشفوي أن يطلب المقر له تدوين هذا الإقرار إذا أراد أن يتمسك به حتى لايكون محل نزاع في المستقبل، وإذا ورد في الإقرار ما يضر بمصلحة المقر له فانه يستطيع أن يتجاهل الإقرار ويثبت دعواه من طريق آخر كما يستطيع إقامة الدليل على عدم صحة الجزء الذي جاء في الإقرار ضارا به (7).
رابعا:الإقرار إعفاء من الإثبات:
يعتقد العلامة "بارتان" أن الإقرار هو تحويل لموضوع الإثبات وأنه عبارة عن قرينة قانونية، لان المشرع يستنتج من واقعة الإقرار المعروفة واقعة أخرى مجهولة هي وجود الحق أو الواقعة المعترف به.
ويرى بعض الفقهاء أن الإقرار هو قلب لعبئ الإثبات،لأن الأصل في الإثبات أن المدعى ملزم بتقديم البينة فإذا أقر المدعى عليه بالحق فان ذلك إعفاء للمدعي من تقديم البينة إلا أن بعضهم يرون في الإقرار قرينة قانونية لكون المشرع الفرنسي صنف الإقرار في باب القرائن، فتلك في نضرهم حالة من حالات تحويل موضوع الإثبات أقرها المشرع، وبذلك يرجعون إلى نضرية "بارتان" التقليدية.(
(7):د.محمد صبري سعدي، المرجع السابق، ص 218.
(:د.يحي بكوش، المرجع السابق، ص 226- 227.

المطلب الثاني: أنواع الإقرار:
الإقرار قد يأخذ إحدى الصورتين، فإما أن يكون أمام القضاء، فيمس بإقرار قضائي،أو أن يكون خارج القضاء فيمس بإقرار غير قضائي وسندرس كلا النوعين في الفروع التالية:
الفرع الأول: الإقرار القضائي:
الإقرار القضائي هو الذي يقع أثناء الخصومة ويتوقف عليه حل النزاع حلا جزئيا أو كليا، فالإقرار القضائي هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء سير الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة طبق نص المادة 341 ق.م.ج وإذا كان الأصل في الإقرار بوجه عام أنه اعتراف الشخص بواقعة من شأنها أن تنتج آثار قانونية حيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات ويكون هذا الاعتراف خلال السير في الدعوى أمام محكمة قضائية سواء كانت مدنية أو تجارية أو سواء كانت تابعة لجهة القضاء المدني أو الإداري ويشترط أن تكون المحكمة أو الهيئة القضائية التي يصدر الإقرار في مجلسها مختصة،إلا إذا كان عدم اختصاصها ليس متعلقا بالنظام العام ولم يثره أحد الأطراف وبناءا عليه فان الإقرار الذي يقع أمام جهة إدارية كمجلس التأديب لا يعتبر أقرارا قضائيا.
و الإقرار القضائي يملكه الخصم نفسه أو نائبه فإذا كان الإقرار حاصلا بمعرفة الخصم نفسه فلا يكون ملزما له إلا إذا كان يملك التصرف في الحق المتنازع فيه، فالقاصر والمحجور عليه لا يلتزمون بإقرارهما، ولا يعد إقرارا بالمعنى القانوني الإقرار الحاصل من محامي الخصم في المرافعات أو المذكرات دون أن يكون موكلا بصفة خاصة في الإقرار.(9)
(9):د.محمد صبري السعدي، المرجع السابق،ص 227.

الفرع الثاني:الإقرار غير القضائي:
إن الإقرار غير القضائي هو الذي يصدر خارج مجلس القضاء أو يصدر أمام القضاء ولكن في دعوى أخرى لا تتعلق بموضوعه، وهو عمل قانوني ويتم بإرادة منفردة ويعتبره بعض الفقهاء من أعمال التصرف، ومن ثم يجب أن تتوافر فيه شروط التصرف القانوني ومن أمثلة الإقرار غير القضائي الإقرار الذي يصدر في دعوى أخرى بين نفس الخصوم أو الذي يصدر أثناء تحقيق تجريه النيابة العامة أو تحقيق إداري وقد يكون الإقرار شفاهة كما قد يكون كتابة ترد في رسالة أو في أي ورقة أخرى غير معدة لإثبات الواقعة محل النزاع، والإقرار غير القضائي إذا حدده المقر بالحدود التي كانت له تماما أمام القضاء وفي أثناء السير في الدعوى المتعلقة بموضوعه فان صفته الأولى تزيله ويصبح إقرارا قضائيا.
ويخضع إثبات الإقرار غير القضائي عند الإنكار للقواعد العامة في الإثبات فإذا كان الحق المطالب به لا تزيد قيمته على مائة ألف دينار جزائري جاز إثبات صدور الإقرار بشهادة الشهود وبالقرائن وان جاوزت قيمة الحق هذا القدر وجب إثبات الإقرار بالكتابة أو مايقوم مقامها في الحالات التي تجوز فيها شهادة الشهود استثناء.(10)

(10):د.يحي بكوش، المرجع السابق، ص227

المبحث الثاني: شروط الإقرار وحجيته في الإثبات


الإقرار باعتباره طريق يعطي المقر له من إثبات إدعاءاته يقوم على شروط ومتى ترتب عليه آثار وهي الحجية التي يتمتع بها وهو ما سنتطرق إليه في النقاط التالية :
المطلب الأول: الشروط الواجب توافرها في الإقرار،والجزاءات المترتبة عن تخلفها:
سنتناول في المطلب الأول شروط الإقرار، أما في الفرع الثاني فسنخصصه إلى تبيان الجزاءات المترتبة عن تخلف أحد هذه الشروط.
الفرع الأول: الشروط الواجب توافرها في الإقرار:
عرفت المادة 341 ق.م.ج الإقرار القضائي فقالت "الإقرار القضائي هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه، وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بها الواقعة " ومن هذا يتبين أنه يجب أن يتوافر في الإقرار القضائي وهو الإقرار المقصود في الإثبات ثلاثة شروط وهي11)
أولا:صدور القرار من الخصم:
لكي يكون الإقرار قضائيا فيجب صدوره من الخصم في الدعوى، وهذا واضح من نص المادة 341 ق.م.ج،وهذا شرط بديهي لأن الخصم في الدعوى هو الذي يملك الإعتراف بالواقعة محل النزاع، ويستوي صدور الإقرار من الخصم شخصيا، أو من نائب عنه يكون له حق الإقرار، ويجب أن تتوافر في المقر به وأن يكون رضاه خاليا من العيوب فلا يرتب الإقرار أثره إذا صدر من عديم الأهلية أو ناقصها،وإذا صدر من النائب القانوني فيجب أن يكون بإذن من المحكمة في الحدود التي يجوز إعطاء هذا الإذن فيها، ولا يجوز للوكيل أن يقر عن موكله إلا إذا كان مفوضا في ذلك بموجب عقد الوكالة والمحامي لا يملك الإقرار على موكله إلا بمقتضى توكيل خاص.(12)
(11):د.صبري السعدي، المرجع السابق،ص 221.
(12):د صبري السعدي، المرجع نفسه، ص221-222.

ثانيا:صدور الإقرار أمام القضاء:
وهذا الركن يميز الإقرار القضائي عن الإقرار غير القضائي،فالإقرار الذي لا يصدر أمام القضاء لا يعد إقرارا قضائيا، ويعتبر قضاء كل جهة نظمها القانون من جهات القضاء فلا يقتصر ذلك على القضاء المدني وحده ويعتد بالإقرار الصادر أمام القضاء التجاري والإداري وقضاء الأحوال الشخصية وكذلك يعتد بالإقرار الصادر في دعوى مسؤولية مدنية مرفوعة أمام القضاء الجزائي،كذلك أمام القاضي المنتدب للتحقيق أو الاستجواب أما الإقرار أمام النيابة والتحقيق والخبراء فلا يعتبر إقرارا قضائيا لأن هذه الجهات ليست جهات قضاء والاعتراف في خطاب أرسل إلى الخصم ولو أثناء سير الدعوى بل يجب أن يكون في مجلس القضاء سواء كان شفهيا أو تحريريا في مذكرة تقدم للمحكمة.(13)
ثالثا:صدور الإقرار أثناء سير الدعوى:
ومقتضى هذا الركن أن الإقرار يصدر في خلال إجراءات الدعوى التي يكون فيها الإقرار دليل الإثبات، فيصح أن يكون في صحيفة الدعوى ذاتها أو في المذكرات التي يرد بها على الدعوى أو طلبات معلنة للخصم أو أثناء المرافعة أو خلال استجواب تجريه المحكمة أما الإقرار الذي يصدر في دعوى أخرى سابقة ولو بين الخصمين والإقرار الوارد في صحيفة الدعوى غير دعوى النزاع والأقوال الصادرة من أحد الخصوم أمام الخبير المنتدب في دعوى غير الدعوى المنظورة فلا يعتد به إلا باعتباره إقرارا غير قضائي.(14)

(13):د.عبد الرزاق أحمد السنهوري،قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية دون طبعة منشورات حلبي الحقوقية،مصر1998،ص 492-493.
(14):د.صبري السعدي، المرجع السابق، ص222-223.

الفرع الثاني: الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار:
أولا: الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار بالنسبة للخصم:
إذا كان المقر بالغا سن صح إقراره بلا خلاف إذا توفرت شروط صحة الإقرار فان لم يكن المقر بالغا سن الرشد فان الحكم في إقراره يختلف ما إذا كان غير مميز باختلاف ما إذا كان ما أقر به يوجب عقوبة بدنية أو كان يوجب حقا ماليا.
أما إذا كان المقر مجنونا لا يؤخذ بإقراره وإذا كان هازلا في إقراره فان هذا القرار باطلا، وإذا علم من الإقرار كذب المقر كان باطلا.(15)
ثانيا: الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار بالنسبة لموضوع الإقرار:
إذا لم يقر المقر أمام القضاء وأثناء السير في الدعوى ففي هذه الحالة أيضا بطل إقراره،بحيث لا يعد إقراره في هذه الحالة أقرارا قضائيا، وهذا بمفهوم المخالفة لنص المادة 341 ق.م.ج. (16)

(15):د.محمد حسن القاسم، المرجع السابق، ص 229-230.
(16):د.صبري السعدي، المرجع السابق،ص222.



المطلب الثاني: حجية الإقرار
مما لاشك فيه فان الإقرار يعد طريق من طرق الإثبات، لكن كيف يتعامل معه القاضي. فالأمر يختلف بالنسبة للفرق القائم بين الإقرار القضائي والإقرار غير القضائي.
وعليه فان الإقرار القضائي هو حجة قاطعة على المقر وأما الإقرار غير القضائي هو موكول للسلطة التقديرية للقاضي.(17)
ف1: حجية الإقرار القضائي:
الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقر ولا يجوز إثبات عكسها ولا يمكن لمن أصدره الرجوع عنه ولا يجوز تجزئته وقد نص المشرع الجزائري على حكمين فقط في المادة 342 منه فذكر أن الإقرار حجة قاطعة على المقر كما نص على حكم عدم التجزئة، ولدراسة حجية الإقرار القضائي نتناول أحكامه الثلاثة الآتية: (18)
أولا: الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقر:
بينت هذه الحجة المادة 342 ق.م.ج. بقولها:"الإقرار حجة قاطعة على المقر ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا قام على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى."
ويقصد بما جاء في الفقرة الأولى من المادة 342 ق.م.ج أن الإقرار القضائي إذا صدر فانه يكون بذاته حجة على المقر فلا يكون الخصم الأخر مطالبا بتقديم دليل آخر ويتعين على القاضي الحكم بمقتضى هذا الإقرار من تلقاء نفسه." والإقرار لا يكون حجة إلا على المقر وخلفائه و يتأثر به الدائنون بطريق غير مباشر وهذا وذاك طبقا للتفصيل الذي تقدم بيانه".

(17):د.الغوثي بن ملحة، قواعد وطرق الإثبات ومباشرتها في النظام القانوني الجزائري، الطبعة الأولى،دار الجامعة للنشر والتوزيع، الجزائر 1981.
(18):د.صبري السعدي، المرجع السابق،ص 224

ولكن كون الإقرار ملزما بذاته للمقر لا يمنع من أن يطعن المقر في إقراره بأنه صوري تواطأ عليه مع خصمه أو أنه وقع نتيجة غلط أو تدليس أو إكراه أو أنه صدر منه وهو ناقص أهلية فإذا ما أثبت ذلك بالطرق الجائزة قانونا بطل الإقرار، أما الإقرار الصحيح فلا يجوز الرجوع فيه و لا يمكن إثبات عكسه، فهو إذن حجة قاطعة على المقر (19)
ثانيا:عدم جواز العدول عن الإقرار:
القاعدة هي أن الإقرار لا يقبل الرجوع عنه، بعدما صدر من المقر، وهل هذه القاعدة هي مقيدة بظرف الزمن بحيث يعتد بالإقرار من اليوم الذي صدر فيه، و لا يجوز أصلا الرجوع عنه أو لا يمكن للمقر الرجوع عن إقراره إذا تمت موافقة الخصم بالأخذ به ؟
فالمسألة كانت محل اختلاف في الإجتهاد القضائي ويجوز الرجوع عن الإقرار في حالة الخطأ المادي.(20)

(19):د.صبري السعدي ، المرجع نفسه، ص 224-225.
(20):د.يحي بكوش، المرجع السابق، ص 279.

ثالثا: عدم جواز تجزئة الإقرار:
نصت الفقرة الثانية من المادة 342 م.ج على هذه القاعدة فقالت:"و لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلى إذا قام على وقائع متعددة و كان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى."
فمقتضى هذه القاعدة لا تجوز تجزئة الإقرار، فالمقر له إما أن يأخذ بالإقرار كله أو يتركه كله، و لكن لا يستطيع أن يأخذ من الإقرار ما يفيده ويترك منه ما يضره و لكن هذه القاعدة لا تنطبق على كل صور الإقرار فالمهم ألا تحول دون إفادة المقر له في الدعوى بالإقرار فيستطيع الإفادة من الإقرار بوصف آخر لا يتقيد بعدم التجزئة وعليه نجد أن للإقرار الصور الآتية(21):
أ- الإقرار البسيط:
وهو إعتراف كامل بكل ما يدعيه الخصم دون إضافة أو تعديل و مثاله أن يدعي الدائن أنه أقرض المدعى عليه مبلغا معينا فأقر المدعى عليه فإنه إقترض من المدعي هذا المبلغ المعين ولم يزد على ذلك شيئا كان هذا الإقرار بسيطا وفي هذه الحالة لا يكون محلا للبحث في التجزئة لأن الإقرار كله يتمخض لصالح الدائن فيأخذ به كما هو كاملا.
ب- الإقرار الموصوف:
وهو الذي ينصب على واقعة مدعى بها، لكنها مقترنة بشرط غير من جوهرها أو طبيعتها، مثل الإقرار الصادر من المشتري الذي يعترف بوجود عقد بيع، لكنه يدعي بأن الثمن ليس هو المطلوب من البائع فهذا الإقرار لا يقبل التجزئة.
ج- الإقرار المركب:
كما الذي يعترف فيه الخصم بالواقعة المدعى بها، لكنه يضيف فيها أو يربطها بواقعة أخرى والتي قد تنقص من قوة الإقرار المتصل بالواقعة الأصلية مثل المدين الذي يعترف بالدين لكنه يدعي بتبرئة ذمته من كل دين بسبب الوفاء والأصل في الإٌقرار المركب أنه لا يتجزأ على صاحبه" المقر" فإذا أقر المدين أنه إقترض من الدائن"المدعي" و لكنه وفاه فلا يجوز للدائن إلا أن يأخذ الإقرار كله أو يطرحه كله فحكم الإقرار المركب لا يتجزأ كلما قام بين واقعتين ارتباط وثيق تكون الواقعة المضافة نتيجة للواقعة الأصلية.وهذا ما عبرت عنه المادة 342 ق.م.ج/2 "ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا قام على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى." فارتباط الواقعتين على النحو الذي ذكرناه يعني أن المقر له لم يقصد أن يلزم نفسه بشيء وبذلك لا يجوز للمقر له "الدائن" أن يفصل بين الواقعتين ليستفيد من الواقعة الأصلية و يترك الواقعة المرتبطة بها.(22)
(21):د.صبري السعدي،المرجع السابق،ص 227.
(22):د.محمد صبري السعدي،المرجع نفسه،ص228-229.

ف2:حجية الإقرار غير القضائي:
إن الإقرار غير القضائي هو موكول إلى السلطة التقديرية للقاضي وتترتب عليه آثار:
أولا: السلطة التقديرية للقاضي في الإقرار غير القضائي:
من المعلوم أن م341 ق.م.ج نصت فقط على الإقرار القضائي وأكدت م 342 ق.م.ج أن له حجة قاطعة على المقر وبالتالي فإن القانون المدني لم يتحدث عن الإقرار غير القضائي وفي غياب نص يتكلم عن الإقرار غير القضائي ومدى حجيته فيكون للقاضي حرية التصرف في التعامل معه حسب إقتناعه الشخصي دون أن يخضع لرقابة المحكمة العليا (23)
ثانيا: الآثار التي تنجر عن السلطة التقديرية للقاضي:
هناك صورتان:
(أ): الإقرار غير القضائي هو قابل للتجزئة على أن القاضي يركز إقتناعه على التصريح الأصلي دون الإعتماد على التصريح الإضافي مثاله كأن يعترف شخص في رسالة بأنه مدين و في تصريح آخر له يضيف أنه سدد ما عليه، ففي هذه الحالة لا يجوز أن يتمسك بمبدأ عدم التجزئة وعلى القاضي أن يأخذ بالإعتراف الوارد في الرسالة فقط.
(ب): يجوز للقاضي أن يأخذ بعين الإعتبار الرجوع عن الإقرار غير القضائي فيما هو متفق عليه فقها وقضاء (24)

(23): د.محمد حسين منصور، الإثبات التقليدي والإلكتروني، دون طبعة، دار الفكر الجامعي، مصر 2006، ص 220-221.
(24): د.محمد حسين منصور، المرجع نفسه ص 220-221.

قائمة المراجع:
أولا:
القرآن الكريم.
ثانيا:
الكتب:
د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري، قواعد الإثبات في المواد المدنية و التجارية، دون طبعة، منشورات حلبي الحقوقية، مصر 1998.
د/ الغوثي بن ملحة، قواعد وطرق الإثبات و مباشرتها في النظام القانوني الجزائري، الطبعة الأولى، دار الجامعة للنشر و التوزيع، الجزائر 1981.
د/محمد حسن القاسم، أصول الإثبات في المواد المدنية و التجارية، دون طبعة، منشورات حلبي
د/ محمد صبري السعدي، الواضح في شرح القانون المدني، الطبعة الأولى، دار هومة للنشر، الجزائر 2008.
د/ محمد حسين منصور، الإثبات التقليدي و الإلكتروني، دون طبعة، دار الفكر الجامعي،مصر 2006.
د/يحي بكوش،أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي،دون طبعة،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،الجزائر1981.
ثالثا:
المذكرات:
مرجي دليلة، طرق الإثبات في القانون المدني الجزائري،مذكرة تخرج لنيل شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية، فرع قانون عقاري، جامعة التكوين المتواصل بالبويرة 1999-2000.
رابعا:
النصوص القانونية:
الأمر رقم75-58 المؤرخ في 20 رمضان1395 الموافق ل 26 سبتمبر 1975 يتضمن القانون المدني ( الجريدة الرسمية العدد 78 المؤرخة في 30/09/1975). المعدل والمتمم لقانون رقم 07-05 المؤرخ في 13 مايو 2007.

خاتمة:

ومن خلال ما تقدم تظهر لنا الأهمية البالغة التي يكتسبها موضوع الإقرار فهو يعتبر كنقطة تحول فاصلة في الدعوى، فهو ينشئ حقا للمقر له، ويسقط حقا للمقر، فيضع حدا للنزاع القائم والقاضي ملزم بالأخذ به لهذا سمي سيد

https://www.ingdz.com/vb/showthread.php?t=59417









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:24   رقم المشاركة : 1028
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على كيفك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ممكن معلومات او بحث عن موضوع
الاقرار في قانون الاثبات
واكون ممنون الك



مقدمة:
قد يحصل في كثير من الأحيان وأثناء سير الدعوى القضائية أن تنتفي الدلائل أو أن يعجز الطرف المدعي بالحق أو بالواقعة عن إثبات ما يدعي به فيفشل في إقناع القاضي، ووفقا للمبدأ القانوني المتعارف عليه " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ". فلا يكون أمامه إلا الحصول على أدلة وبراهين دامغة للتوصل إلى إقناعه وإلا يكون معرضا لخسارة الدعوى وبالتالي ضياع حقه لكن في خضم هذا يمكن أن يقوم الخصم ولأغراض مختلفة بتصرف يعفيه من البحث عن الأدلة و يقوم بالإعتراف بالواقعة المتنازع فيها، فتحسم القضية لصالح المدعي لهذا نطرح الإشكالية التالية:
هل يمكن للشخص أن يتخذ دليلا ضد نفسه في مجال الإقرار؟


المبحث الأول:مفهوم الإقرار.
المطلب الأول:تعريف الإقرار و خصائصه.
الفرع الأول:تعريف الإقرار.
أولا:لغة.
ثانيا:اصطلاحا.
ثالثا:شرعا.
رابعا:قانونا.
الفرع الثاني:خصائص الإقرار.
أولا:الإقرارعمل قانوني.
ثانيا:الإقرارعمل إخبار.
ثالثا:الإقرارعمل قانوني من جانب واحد.
رابعا:الإقرار إعفاء من الإثبات.
المطلب الثاني:أنواع الإقرار.
الفرع الأول:الإقرار القضائي.
الفرع الثاني:الإقرار غير القضائي.
المبحث الثاني:شروط الإقرار وحجيته في الإثبات.
المطلب الأول:الشروط الواجب توفرها في الإقرار والجزاءات المترتبة عن تخلفها.
الفرع الأول:الشروط الواجب توفرها في الإقرار
أولا:صدور الإقرار من الخصم.
ثانيا:صدور الإقرار أمام القضاء.
ثالثا:صدور الإقرار أثناء سير الدعوى.
الفرع الثاني:الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار.

أولا:الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار بالنسبة للخصم.
ثانيا:الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار بالنسبة لموضوع الإقرار.
المطلب الثاني:حجية الإقرار.
الفرع الأول: حجية الإقرار القضائي.
أولا: الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقر.
ثانيا: عدم جواز العدول عن الإقرار القضائي.
ثالثا: عدم تجزئة الإقرار القضائي.
الفرع الثاني:حجية الإقرار غير القضائي.
أولا: السلطة التقديرية للقاضي في القرار غير القضائي.
ثانيا:الآثار التي تنجر عن السلطة التقديرية للقاضي.
الخاتمة.

المبحث الأول:مفهوم الإقرار:
الإقرار هو اعتراف الخصم بواقعة مدعاة يستفيد منها خصمه الآخر وتعفيه من عبئ الإثبات ليكون بذلك تنازلا من الخصم المقرعن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه ولما كان كذلك فهو أحد طرق الإثبات تجاوزا يقبل في أثبات الوقائع المادية و التصرفات القانونية على حد سواء ورسم له المشرع طريقا تمهيديا للوصول إليه وهو استجواب الخصم بإحضاره شخصيا أمام القاضي،والإقرار بهذا المعنى ليس طريقا عاديا إنما هو وسيلة معفية من عبئ الإثبات وسنتناول هذا الموضوع من خلال مطلبين الأول لتعريف الإقرار وبيان خصائصه أما الثاني فنخصصه لأنواع الإقرار.

المطلب الأول: تعريف الإقرار وخصائصه:
للإحاطة بالمفهوم القانوني للإقرار لابد أولا من تعريفه وتبيان خصائصه التي يتميز بها وهو ما سنتناوله في النقاط الآتية:
الفرع الأول: تعريف الإقرار:
لتعريف الإقرار عدة اتجاهات فهناك تعريف لغوي وثاني شرعي وثالث اصطلاحي أما الأخير فهو قانوني.
أولا: الإقرار لغة:
الإقرار هو الإذعان للحق و الاعتراف به(1)


والإقرار مأخوذ من قر،يقر،قرارا وإذا ثبت وأقر بالشئ فالمعنى أعترف به.
ثانيا: الإقرار شرعا:
قد جاء في القرآن الكريم ما يدل على الإقرار وذلك في قوله تعالى:"أأقررتم وأخذتم على ذلكم أصرى قالوا أقررنا".وجه الدلالة أن الله سبحانه و تعالى طلب منهم الإقرار و لو لم يكن حجة لما طلبه منهم.
وقال تعالى أيضا "وآخرون اعترفوا بذنوبهم "
أما في السنة النبوية فجاء ما روي أن ماعزا أقر بالزنا فرجمه الرسول - صلى الله عليه وسلم – وكذلك حديث الغامدية في صحيح مسلم وفي قضيته العسيف قوله:"....يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فرجمها" فقد أثبت الرسول - ص – الحد بالاعتراف أما في الإجماع أجمعت الأمة على صحة الإقرار وكونه حجة من رسول الله - ص – إلى يومنا هذا.(2)
ثالثا: الإقرار اصطلاحا:
الإقرار هو اعتراف شخصي بواقعة من شأنها أن تنتج آثار قانونية ضده مع قصده أن تعتبر هذه الواقعة ثابتة في حقه كأن يقر شخص (أ) ويعترف أن الشخص (ب) عليه مبلغ من المال وأن يقر أنه ارتكب فعلا يترتب عليه عقوبة بدنية أو مالية كما هو لو اعترف أنه قد أتلف له مالا وقد أجمعت الأمة على حجيته بل اعتبرته "سيد الأدلة" لأن لدى الإنسان وازعا طبيعيا يمنعه من ظلم نفسه.(3)

(1):د.محمد حسن قاسم، أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية، دون طبعة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2005،ص 227. (2):د.محمدحسن القاسم، المرجع السابق ص 227. (3):أ.مرجي دليلة، طرق الإثبات في القانون المدني الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية، فرع قانون عقاري، جامعة التكوين المتواصل بالبويرة 1999-2000،ص93.

رابعا: الإقرار قانونا:
عرفته المادة 341 ق.م.ج. بمايلي:"الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه و ذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بها الواقعة."
فالإقرار حسب هذا التعريف لا يتضمن إنشاء لحق جديد في ذمة المقر، وإنما هو عبارة عن نزول الحق في المطالبة بإثبات الواقعة من طرف الخصم الذي يدعيها، ومن ثم قيل أن الإقرار هو من الأدلة المعفية من الإثبات وليس من الضروري أن يكون الإقرار تعبيرا مطابقا للحقيقة والواقع لأنه تعبير صادر من الخصم، فقد يكون واقع لأجل إخفاء الحقيقة ذاتها أو للإضرار بالغير أو للتحايل على القانون وعليه فأن من الطبيعي أن يفترض وجود خلاف بين معطيات الإقرار وبين الحقيقة المجردة ،ولكن لامناص من أن يفترض وجود خلاف بين معطيات الإقرار بالحقيقة ذاتها لأن المرء غالبا لا يتصرف تصرفا مضرا بنفسه ويعرف الأستاذ السنهوري الإقرار بأنه :"اعتراف شخص بادعاء يوجهه إليه شخص آخر".(4)
الفرع الثاني:خصائص الإقرار:
على ضوء التعريف السابق للإقرار تتحدد خصائصه في النقاط الآتية:
أولا: الإقرار عمل قانوني:
يعتبر الإقرار عمل قانوني لأنه تعبير عن اتجاه إرادة المقر نحو إحداث أثر قانوني معين هو ثبوت الحق في ذمته وإعفاء المقر له من عبئ إثبات هذا الحق ومن هنا يشترط في الإقرار ما يشترط في سائر الأعمال القانونية الأخرى، من ضرورة تمتع المقر بإرادة معبرة ويترتب على اعتبار الإقرار عملا قانونيا أنه ملزم بذاته وليس بحاجة إلى قضاء القاضي(5).
ثانيا: الإقرار عمل إخبار:
الإقرار لاينشئ حقا جديدا وإنما هو إخبار بحدوث واقعة معينة في وقت مضى أو ثبوت حق معين قبل تاريخه ولأن إنشاء الحق غير الاعتراف به فقد يشترط القانون شكلا معينا لتصرف قانوني ما كالكتابة مثلا فهذه تكون دليل إثبات لا إقرار، إما ما يكتبه المدين أو ما يصرح به على نفسه بالحق ذاته فهو إخبار بوجوده بعد إنشائه.
ولما كان المقر به خبرا فإنه قبل الإقرار به يتساوى فيه احتمال الصدق واحتمال الكذب ولكن بمجرد صدوره يصبح احتمال صدقه أقوى من احتمال كذبه، فيعتبر الإقرار بذلك قرينة قانونية على حقيقة المقر به وهذه القرينة غير قاطعة إذ يجوز لمن تكون له مصلحة في هدمها أن يثبت كذب الإقرار.
ولأن الإقرار عمل قانوني إخباري فهو مقرر لوجود الحق المقر به وليس منشأ له(6).

(4):د.يحي بكوش، أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1981، ص 263-264.
(5):د.محمد صبري السعدي، الواضح في شرح القانون المدني، الطبعة الأولى، دار هومه للنشر والتوزيع، الجزائر 2008،ص 216.
(6):د.يحي بكوش، المرجع السابق،ص 265.


ثالثا:الإقرار عمل قانوني من جانب واحد:
يقع الإقرار بإرادة المقر المنفردة وينتج أثره دون حاجة بقبول المقر له وبمجرد صدور الإقرار التزم المقر به ولا يستطيع الرجوع فيه حتى لو لم يقبله المقر له.
ويستوي في ذلك أن يكون الإقرار قد صدر من المقر أثناء استجوابه أو من تلقاء نفسه كما يستوي أن يكون الإقرار شفويا أو مكتوبا ويحسن في حالة الإقرار الشفوي أن يطلب المقر له تدوين هذا الإقرار إذا أراد أن يتمسك به حتى لايكون محل نزاع في المستقبل، وإذا ورد في الإقرار ما يضر بمصلحة المقر له فانه يستطيع أن يتجاهل الإقرار ويثبت دعواه من طريق آخر كما يستطيع إقامة الدليل على عدم صحة الجزء الذي جاء في الإقرار ضارا به (7).
رابعا:الإقرار إعفاء من الإثبات:
يعتقد العلامة "بارتان" أن الإقرار هو تحويل لموضوع الإثبات وأنه عبارة عن قرينة قانونية، لان المشرع يستنتج من واقعة الإقرار المعروفة واقعة أخرى مجهولة هي وجود الحق أو الواقعة المعترف به.
ويرى بعض الفقهاء أن الإقرار هو قلب لعبئ الإثبات،لأن الأصل في الإثبات أن المدعى ملزم بتقديم البينة فإذا أقر المدعى عليه بالحق فان ذلك إعفاء للمدعي من تقديم البينة إلا أن بعضهم يرون في الإقرار قرينة قانونية لكون المشرع الفرنسي صنف الإقرار في باب القرائن، فتلك في نضرهم حالة من حالات تحويل موضوع الإثبات أقرها المشرع، وبذلك يرجعون إلى نضرية "بارتان" التقليدية.(
(7):د.محمد صبري سعدي، المرجع السابق، ص 218.
(:د.يحي بكوش، المرجع السابق، ص 226- 227.

المطلب الثاني: أنواع الإقرار:
الإقرار قد يأخذ إحدى الصورتين، فإما أن يكون أمام القضاء، فيمس بإقرار قضائي،أو أن يكون خارج القضاء فيمس بإقرار غير قضائي وسندرس كلا النوعين في الفروع التالية:
الفرع الأول: الإقرار القضائي:
الإقرار القضائي هو الذي يقع أثناء الخصومة ويتوقف عليه حل النزاع حلا جزئيا أو كليا، فالإقرار القضائي هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء سير الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة طبق نص المادة 341 ق.م.ج وإذا كان الأصل في الإقرار بوجه عام أنه اعتراف الشخص بواقعة من شأنها أن تنتج آثار قانونية حيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات ويكون هذا الاعتراف خلال السير في الدعوى أمام محكمة قضائية سواء كانت مدنية أو تجارية أو سواء كانت تابعة لجهة القضاء المدني أو الإداري ويشترط أن تكون المحكمة أو الهيئة القضائية التي يصدر الإقرار في مجلسها مختصة،إلا إذا كان عدم اختصاصها ليس متعلقا بالنظام العام ولم يثره أحد الأطراف وبناءا عليه فان الإقرار الذي يقع أمام جهة إدارية كمجلس التأديب لا يعتبر أقرارا قضائيا.
و الإقرار القضائي يملكه الخصم نفسه أو نائبه فإذا كان الإقرار حاصلا بمعرفة الخصم نفسه فلا يكون ملزما له إلا إذا كان يملك التصرف في الحق المتنازع فيه، فالقاصر والمحجور عليه لا يلتزمون بإقرارهما، ولا يعد إقرارا بالمعنى القانوني الإقرار الحاصل من محامي الخصم في المرافعات أو المذكرات دون أن يكون موكلا بصفة خاصة في الإقرار.(9)
(9):د.محمد صبري السعدي، المرجع السابق،ص 227.

الفرع الثاني:الإقرار غير القضائي:
إن الإقرار غير القضائي هو الذي يصدر خارج مجلس القضاء أو يصدر أمام القضاء ولكن في دعوى أخرى لا تتعلق بموضوعه، وهو عمل قانوني ويتم بإرادة منفردة ويعتبره بعض الفقهاء من أعمال التصرف، ومن ثم يجب أن تتوافر فيه شروط التصرف القانوني ومن أمثلة الإقرار غير القضائي الإقرار الذي يصدر في دعوى أخرى بين نفس الخصوم أو الذي يصدر أثناء تحقيق تجريه النيابة العامة أو تحقيق إداري وقد يكون الإقرار شفاهة كما قد يكون كتابة ترد في رسالة أو في أي ورقة أخرى غير معدة لإثبات الواقعة محل النزاع، والإقرار غير القضائي إذا حدده المقر بالحدود التي كانت له تماما أمام القضاء وفي أثناء السير في الدعوى المتعلقة بموضوعه فان صفته الأولى تزيله ويصبح إقرارا قضائيا.
ويخضع إثبات الإقرار غير القضائي عند الإنكار للقواعد العامة في الإثبات فإذا كان الحق المطالب به لا تزيد قيمته على مائة ألف دينار جزائري جاز إثبات صدور الإقرار بشهادة الشهود وبالقرائن وان جاوزت قيمة الحق هذا القدر وجب إثبات الإقرار بالكتابة أو مايقوم مقامها في الحالات التي تجوز فيها شهادة الشهود استثناء.(10)

(10):د.يحي بكوش، المرجع السابق، ص227.
المبحث الثاني: شروط الإقرار وحجيته في الإثبات


الإقرار باعتباره طريق يعطي المقر له من إثبات إدعاءاته يقوم على شروط ومتى ترتب عليه آثار وهي الحجية التي يتمتع بها وهو ما سنتطرق إليه في النقاط التالية :
المطلب الأول: الشروط الواجب توافرها في الإقرار،والجزاءات المترتبة عن تخلفها:
سنتناول في المطلب الأول شروط الإقرار، أما في الفرع الثاني فسنخصصه إلى تبيان الجزاءات المترتبة عن تخلف أحد هذه الشروط.
الفرع الأول: الشروط الواجب توافرها في الإقرار:
عرفت المادة 341 ق.م.ج الإقرار القضائي فقالت "الإقرار القضائي هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه، وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بها الواقعة " ومن هذا يتبين أنه يجب أن يتوافر في الإقرار القضائي وهو الإقرار المقصود في الإثبات ثلاثة شروط وهي11)
أولا:صدور القرار من الخصم:
لكي يكون الإقرار قضائيا فيجب صدوره من الخصم في الدعوى، وهذا واضح من نص المادة 341 ق.م.ج،وهذا شرط بديهي لأن الخصم في الدعوى هو الذي يملك الإعتراف بالواقعة محل النزاع، ويستوي صدور الإقرار من الخصم شخصيا، أو من نائب عنه يكون له حق الإقرار، ويجب أن تتوافر في المقر به وأن يكون رضاه خاليا من العيوب فلا يرتب الإقرار أثره إذا صدر من عديم الأهلية أو ناقصها،وإذا صدر من النائب القانوني فيجب أن يكون بإذن من المحكمة في الحدود التي يجوز إعطاء هذا الإذن فيها، ولا يجوز للوكيل أن يقر عن موكله إلا إذا كان مفوضا في ذلك بموجب عقد الوكالة والمحامي لا يملك الإقرار على موكله إلا بمقتضى توكيل خاص.(12)
(11):د.صبري السعدي، المرجع السابق،ص 221.
(12):د صبري السعدي، المرجع نفسه، ص221-222.

ثانيا:صدور الإقرار أمام القضاء:
وهذا الركن يميز الإقرار القضائي عن الإقرار غير القضائي،فالإقرار الذي لا يصدر أمام القضاء لا يعد إقرارا قضائيا، ويعتبر قضاء كل جهة نظمها القانون من جهات القضاء فلا يقتصر ذلك على القضاء المدني وحده ويعتد بالإقرار الصادر أمام القضاء التجاري والإداري وقضاء الأحوال الشخصية وكذلك يعتد بالإقرار الصادر في دعوى مسؤولية مدنية مرفوعة أمام القضاء الجزائي،كذلك أمام القاضي المنتدب للتحقيق أو الاستجواب أما الإقرار أمام النيابة والتحقيق والخبراء فلا يعتبر إقرارا قضائيا لأن هذه الجهات ليست جهات قضاء والاعتراف في خطاب أرسل إلى الخصم ولو أثناء سير الدعوى بل يجب أن يكون في مجلس القضاء سواء كان شفهيا أو تحريريا في مذكرة تقدم للمحكمة.(13)
ثالثا:صدور الإقرار أثناء سير الدعوى:
ومقتضى هذا الركن أن الإقرار يصدر في خلال إجراءات الدعوى التي يكون فيها الإقرار دليل الإثبات، فيصح أن يكون في صحيفة الدعوى ذاتها أو في المذكرات التي يرد بها على الدعوى أو طلبات معلنة للخصم أو أثناء المرافعة أو خلال استجواب تجريه المحكمة أما الإقرار الذي يصدر في دعوى أخرى سابقة ولو بين الخصمين والإقرار الوارد في صحيفة الدعوى غير دعوى النزاع والأقوال الصادرة من أحد الخصوم أمام الخبير المنتدب في دعوى غير الدعوى المنظورة فلا يعتد به إلا باعتباره إقرارا غير قضائي.(14)

(13):د.عبد الرزاق أحمد السنهوري،قواعد الإثبات في المواد المدنية والتجارية دون طبعة منشورات حلبي الحقوقية،مصر1998،ص 492-493.
(14):د.صبري السعدي، المرجع السابق، ص222-223.

الفرع الثاني: الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار:
أولا: الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار بالنسبة للخصم:
إذا كان المقر بالغا سن صح إقراره بلا خلاف إذا توفرت شروط صحة الإقرار فان لم يكن المقر بالغا سن الرشد فان الحكم في إقراره يختلف ما إذا كان غير مميز باختلاف ما إذا كان ما أقر به يوجب عقوبة بدنية أو كان يوجب حقا ماليا.
أما إذا كان المقر مجنونا لا يؤخذ بإقراره وإذا كان هازلا في إقراره فان هذا القرار باطلا، وإذا علم من الإقرار كذب المقر كان باطلا.(15)
ثانيا: الجزاءات المترتبة عن تخلف شروط الإقرار بالنسبة لموضوع الإقرار:
إذا لم يقر المقر أمام القضاء وأثناء السير في الدعوى ففي هذه الحالة أيضا بطل إقراره،بحيث لا يعد إقراره في هذه الحالة أقرارا قضائيا، وهذا بمفهوم المخالفة لنص المادة 341 ق.م.ج. (16)

(15):د.محمد حسن القاسم، المرجع السابق، ص 229-230.
(16):د.صبري السعدي، المرجع السابق،ص222.


المطلب الثاني: حجية الإقرار
مما لاشك فيه فان الإقرار يعد طريق من طرق الإثبات، لكن كيف يتعامل معه القاضي. فالأمر يختلف بالنسبة للفرق القائم بين الإقرار القضائي والإقرار غير القضائي.
وعليه فان الإقرار القضائي هو حجة قاطعة على المقر وأما الإقرار غير القضائي هو موكول للسلطة التقديرية للقاضي.(17)
ف1: حجية الإقرار القضائي:
الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقر ولا يجوز إثبات عكسها ولا يمكن لمن أصدره الرجوع عنه ولا يجوز تجزئته وقد نص المشرع الجزائري على حكمين فقط في المادة 342 منه فذكر أن الإقرار حجة قاطعة على المقر كما نص على حكم عدم التجزئة، ولدراسة حجية الإقرار القضائي نتناول أحكامه الثلاثة الآتية: (18)
أولا: الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقر:
بينت هذه الحجة المادة 342 ق.م.ج. بقولها:"الإقرار حجة قاطعة على المقر ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا قام على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى."
ويقصد بما جاء في الفقرة الأولى من المادة 342 ق.م.ج أن الإقرار القضائي إذا صدر فانه يكون بذاته حجة على المقر فلا يكون الخصم الأخر مطالبا بتقديم دليل آخر ويتعين على القاضي الحكم بمقتضى هذا الإقرار من تلقاء نفسه." والإقرار لا يكون حجة إلا على المقر وخلفائه و يتأثر به الدائنون بطريق غير مباشر وهذا وذاك طبقا للتفصيل الذي تقدم بيانه".

(17):د.الغوثي بن ملحة، قواعد وطرق الإثبات ومباشرتها في النظام القانوني الجزائري، الطبعة الأولى،دار الجامعة للنشر والتوزيع، الجزائر 1981.
(18):د.صبري السعدي، المرجع السابق،ص 224

ولكن كون الإقرار ملزما بذاته للمقر لا يمنع من أن يطعن المقر في إقراره بأنه صوري تواطأ عليه مع خصمه أو أنه وقع نتيجة غلط أو تدليس أو إكراه أو أنه صدر منه وهو ناقص أهلية فإذا ما أثبت ذلك بالطرق الجائزة قانونا بطل الإقرار، أما الإقرار الصحيح فلا يجوز الرجوع فيه و لا يمكن إثبات عكسه، فهو إذن حجة قاطعة على المقر (19)
ثانيا:عدم جواز العدول عن الإقرار:
القاعدة هي أن الإقرار لا يقبل الرجوع عنه، بعدما صدر من المقر، وهل هذه القاعدة هي مقيدة بظرف الزمن بحيث يعتد بالإقرار من اليوم الذي صدر فيه، و لا يجوز أصلا الرجوع عنه أو لا يمكن للمقر الرجوع عن إقراره إذا تمت موافقة الخصم بالأخذ به ؟
فالمسألة كانت محل اختلاف في الإجتهاد القضائي ويجوز الرجوع عن الإقرار في حالة الخطأ المادي.(20)

(19):د.صبري السعدي ، المرجع نفسه، ص 224-225.
(20):د.يحي بكوش، المرجع السابق، ص 279.

ثالثا: عدم جواز تجزئة الإقرار:
نصت الفقرة الثانية من المادة 342 م.ج على هذه القاعدة فقالت:"و لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلى إذا قام على وقائع متعددة و كان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى."
فمقتضى هذه القاعدة لا تجوز تجزئة الإقرار، فالمقر له إما أن يأخذ بالإقرار كله أو يتركه كله، و لكن لا يستطيع أن يأخذ من الإقرار ما يفيده ويترك منه ما يضره و لكن هذه القاعدة لا تنطبق على كل صور الإقرار فالمهم ألا تحول دون إفادة المقر له في الدعوى بالإقرار فيستطيع الإفادة من الإقرار بوصف آخر لا يتقيد بعدم التجزئة وعليه نجد أن للإقرار الصور الآتية(21):
أ- الإقرار البسيط:
وهو إعتراف كامل بكل ما يدعيه الخصم دون إضافة أو تعديل و مثاله أن يدعي الدائن أنه أقرض المدعى عليه مبلغا معينا فأقر المدعى عليه فإنه إقترض من المدعي هذا المبلغ المعين ولم يزد على ذلك شيئا كان هذا الإقرار بسيطا وفي هذه الحالة لا يكون محلا للبحث في التجزئة لأن الإقرار كله يتمخض لصالح الدائن فيأخذ به كما هو كاملا.
ب- الإقرار الموصوف:
وهو الذي ينصب على واقعة مدعى بها، لكنها مقترنة بشرط غير من جوهرها أو طبيعتها، مثل الإقرار الصادر من المشتري الذي يعترف بوجود عقد بيع، لكنه يدعي بأن الثمن ليس هو المطلوب من البائع فهذا الإقرار لا يقبل التجزئة.
ج- الإقرار المركب:
كما الذي يعترف فيه الخصم بالواقعة المدعى بها، لكنه يضيف فيها أو يربطها بواقعة أخرى والتي قد تنقص من قوة الإقرار المتصل بالواقعة الأصلية مثل المدين الذي يعترف بالدين لكنه يدعي بتبرئة ذمته من كل دين بسبب الوفاء والأصل في الإٌقرار المركب أنه لا يتجزأ على صاحبه" المقر" فإذا أقر المدين أنه إقترض من الدائن"المدعي" و لكنه وفاه فلا يجوز للدائن إلا أن يأخذ الإقرار كله أو يطرحه كله فحكم الإقرار المركب لا يتجزأ كلما قام بين واقعتين ارتباط وثيق تكون الواقعة المضافة نتيجة للواقعة الأصلية.وهذا ما عبرت عنه المادة 342 ق.م.ج/2 "ولا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا قام على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى." فارتباط الواقعتين على النحو الذي ذكرناه يعني أن المقر له لم يقصد أن يلزم نفسه بشيء وبذلك لا يجوز للمقر له "الدائن" أن يفصل بين الواقعتين ليستفيد من الواقعة الأصلية و يترك الواقعة المرتبطة بها.(22)
(21):د.صبري السعدي،المرجع السابق،ص 227.
(22):د.محمد صبري السعدي،المرجع نفسه،ص228-229.

ف2:حجية الإقرار غير القضائي:
إن الإقرار غير القضائي هو موكول إلى السلطة التقديرية للقاضي وتترتب عليه آثار:
أولا: السلطة التقديرية للقاضي في الإقرار غير القضائي:
من المعلوم أن م341 ق.م.ج نصت فقط على الإقرار القضائي وأكدت م 342 ق.م.ج أن له حجة قاطعة على المقر وبالتالي فإن القانون المدني لم يتحدث عن الإقرار غير القضائي وفي غياب نص يتكلم عن الإقرار غير القضائي ومدى حجيته فيكون للقاضي حرية التصرف في التعامل معه حسب إقتناعه الشخصي دون أن يخضع لرقابة المحكمة العليا (23)
ثانيا: الآثار التي تنجر عن السلطة التقديرية للقاضي:
هناك صورتان:
(أ): الإقرار غير القضائي هو قابل للتجزئة على أن القاضي يركز إقتناعه على التصريح الأصلي دون الإعتماد على التصريح الإضافي مثاله كأن يعترف شخص في رسالة بأنه مدين و في تصريح آخر له يضيف أنه سدد ما عليه، ففي هذه الحالة لا يجوز أن يتمسك بمبدأ عدم التجزئة وعلى القاضي أن يأخذ بالإعتراف الوارد في الرسالة فقط.
(ب): يجوز للقاضي أن يأخذ بعين الإعتبار الرجوع عن الإقرار غير القضائي فيما هو متفق عليه فقها وقضاء (24)

(23): د.محمد حسين منصور، الإثبات التقليدي والإلكتروني، دون طبعة، دار الفكر الجامعي، مصر 2006، ص 220-221.
(24): د.محمد حسين منصور، المرجع نفسه ص 220-221.

قائمة المراجع:
أولا:
القرآن الكريم.
ثانيا:
الكتب:
د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري، قواعد الإثبات في المواد المدنية و التجارية، دون طبعة، منشورات حلبي الحقوقية، مصر 1998.
د/ الغوثي بن ملحة، قواعد وطرق الإثبات و مباشرتها في النظام القانوني الجزائري، الطبعة الأولى، دار الجامعة للنشر و التوزيع، الجزائر 1981.
د/محمد حسن القاسم، أصول الإثبات في المواد المدنية و التجارية، دون طبعة، منشورات حلبي
د/ محمد صبري السعدي، الواضح في شرح القانون المدني، الطبعة الأولى، دار هومة للنشر، الجزائر 2008.
د/ محمد حسين منصور، الإثبات التقليدي و الإلكتروني، دون طبعة، دار الفكر الجامعي،مصر 2006.
د/يحي بكوش،أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي،دون طبعة،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،الجزائر1981.
ثالثا:
المذكرات:
مرجي دليلة، طرق الإثبات في القانون المدني الجزائري،مذكرة تخرج لنيل شهادة الدراسات الجامعية التطبيقية، فرع قانون عقاري، جامعة التكوين المتواصل بالبويرة 1999-2000.
رابعا:
النصوص القانونية:
الأمر رقم75-58 المؤرخ في 20 رمضان1395 الموافق ل 26 سبتمبر 1975 يتضمن القانون المدني ( الجريدة الرسمية العدد 78 المؤرخة في 30/09/1975). المعدل والمتمم لقانون رقم 07-05 المؤرخ في 13 مايو 2007.

خاتمة:

ومن خلال ما تقدم تظهر لنا الأهمية البالغة التي يكتسبها موضوع الإقرار فهو يعتبر كنقطة تحول فاصلة في الدعوى، فهو ينشئ حقا للمقر له، ويسقط حقا للمقر، فيضع حدا للنزاع القائم والقاضي ملزم بالأخذ به لهذا سمي سيد الأدلة.


https://droit.alafdal.net/t716-topic









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:26   رقم المشاركة : 1029
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على كيفك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ممكن معلومات او بحث عن موضوع
الاقرار في قانون الاثبات
واكون ممنون الك
https://www.legalsyria.com/en/news/14...06-04-11-47-01









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:31   رقم المشاركة : 1030
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة taranim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله .انا عندي بحث في مقياس التيارات الفكرية بعنوان ’ الفكر العربي الاسلامي المعاصر ’ اريد المساعدة و بعض المراجع التي تناولت هدا الموضوع. ولك أخي جزيل الشكر
أصول الفقه في الفكر الإسلامي المعاصر
الإدارة | سبتمبر 04، 2011 | التعليقات: 3



د. جيلالي بوبكر

تمثل إشكالية تجديد علم أصول الفقه موضوعًا هامّا وحسّاسا في الفكر الإسلامي منذ القدم وإلى عصرنا هذا. إذ يرتبط بالتراث العربي الإسلامي وبمناهج قراءته ونقده. فالخطاب العربي الإسلامي منذ القديم وفي مجتمعاتنا التاريخية التراثية ارتبط بالوحي أما العلوم التي انبثقت عنه فنقلية صرفة وعقلية بحتة.

وعلم أصول الفقه واحد من العلوم النقلية العقلية بدأت مع نزول الوحي، وجاءت قواعده ومناهجه متناثرة بين اجتهادات النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة الفقهاء والعلماء بعد ذلك، حتى تأسس كعلمٍ قائمٍ بذاته في “الرسالة” للشافعي وتطوّر في “الموافقات” للشاطبي. الذي لم يعرف التطور من عصر هذا الأخير، حتّى بداية القرن الرابع عشر الهجري ويعرف حركةً وانتعاشًا عند علماء الأصول الشيعة ومنهم “محمد باقر الصدر”، لتتوالى نداءات تجديد علم أصول الفقه لمواكبة مستجدات الواقع العربي والإسلامي المعاصر كحسن الترابي، ومحمد الطاهر بن عاشور، وعلال الفاسي وحسن حنفي وجمال الدين عطية وغيره.

وموضوع تجديد الفقه وأصوله ضرورة ملحّة تقتضيها ظروف العصر الحالي وتغيراته في كافة ميادين الحياة، وهناك من طرح الموضوع على مستوى أوسع من كونه خاصا بعلم أصول الفقه ليمتد على مستوى التراث العربي الإسلامي القديم قراءةً وتحليلًا ونقدًا، وهذا هو المطلوب لتجديد التراث ككل.

وعلم أصول الفقه جزء منه، وهو ما يتضمنه مشروع “التراث والتجديد” عند “حسن حنفي”. إذ تمثل محاولة إعادة بناء علم أصول الفقه في كتاب “من النص إلى الواقع” المحاولة الثالثة بعد المحاولة الأولى إعادة بناء علم الكلام في “من العقيدة إلى الثورة”، والمحاولة الثانية إعادة بناء علوم الحكمة “الفلسفة” في “من النقل إلى الإبداع”، وتأتي المحاولة الرابعة فيما بعد لإعادة بناء علوم التصوف في “من الفناء إلى البقاء”. كمحاولة لإعادة بناء أصول الفقه بدحض شبهة أن الشريعة الإسلامية لا تعرف إلا تطبيق الحدود والقتل والرجم وقطع الأيدي والأرجل والتعليق على جذوع النخل. وكذا شبهة الفهم والتطبيق الحرفيين للنص الديني، واعتبار ذلك البديل الإسلامي دون أدنى اعتبار لتجدد الواقع وللمرحلية والتدرج في التغيّر. والهدف من “من النص إلى الواقع” هو: تحويل علم أصول الفقه من علم فقهي استدلالي منطقي استنباطي بحت إلى علم فلسفي إنساني سلوكي يهتم بمشكلات الإنسان الفردية والاجتماعية ويتعاطى مع التحديات الراهنة للأمة ويساهم في ضبط السلوك الفردي والجماعي، وفي إصلاح أوضاع الأمة وفي نهضتها الحضارية.

ولما كانت الإشكالية في البحث تدور حول تجديد علم أصول الفقه في عصرنا، توزعت مواقف المشتغلين بالتراث وبالعلوم التراثية وبعلم أصول الفقه على ثلاثة اتجاهات من منطلق أن “الفقه في حالة تجدّد مستمر لتعرضه بالضرورة لشؤون الحياة ومشكلاتها المختلفة”. وإن كان تجديد الفقه ضرورة وحاجة ملحة فتجديد أصول الفقه أمر متنازع عليه بين مواقف ثلاثة هي:

الموقف الأول (التأييد): وهو موقف يؤيد تجديد علم أصول الفقه في البناء والمادة، في الشكل والمضمون، في الصورة والمحتوى، فلا مانع من تجديد الفقه وتجديد أصوله طبقا لروح العصر. لأن الفقه القديم وأصوله لم يعد يفي بأغراض وحاجات الواقع المعاصر، لتغير البيئتين. فالحديث الآن صار عن العولمة واقتصاد السوق، والمعلوماتية وتقنية الاتصال، والأمة والحضارة، والعدالة الاجتماعية، والاحتلال، والتحرر من الاستعمار ومن الظلم والاستبداد، والأقليات المسلمة وغير المسلمة، وحقوق الإنسان وحرية المرأة، والمجتمع المدني، وغيرها من القضايا والمسائل.

أما الموقف الثاني فيُفند الدعوة إلى تجديد علم أصول الفقه، ويبطل أية محاولة في هذا الاتجاه، ويرى فيها طعنا في الدين عقيدة وشريعة، ويرمي أصحابها بتهمة العمل على تمييع الشريعة، والاستهتار بتعاليم الإسلام وأحكامه وقيّمه. وأحيانا بالزندقة والكفر. لأن أصول الفقه أصول ثابتة منذ نزول الوحي. فمصادر التشريع الإسلامي ومناهج الاستدلال وكذا الأحكام الشرعيّة والمقاصد والمصالح ثابتة معلومة لا تتبدّل ولا تتحوّل. وتأسيس القدماء لذا العلم ليس على سبيل التجديد أو الإبداع بل على سبيل الحصر والتحديد والتنظيم.

أما الموقف الثالث فهو موقف يحاول أن يوفّق بين الموقفين السابقين المتعارضين. فهو لا يقول بتجديد أصول الفقه ككل في الصورة والمحتوى، ولا يرفض تجديد أصول الفقه رفضا قاطعا، بل يرى أن هناك ثوابت لا تقبل التغيير وهناك متغيرات في الدين وفي علومه، والأمر هنا لا يعني أصول الفقه فحسب بل يعني الفقه، لأن أصول الفقه تمثل فلسفة الفقه ومنطقه وإطاره النظري. أما الفقه فيشمل ما هو متغيّر يقبل التجديد والتطوير، ويشمل ما هو ثابت لا يقبل التغيير.والإسلام يتسع لكل تجديد في أي زمان أو مكان في السلوك والأهداف ورعاية المصالح والحاجات. وعلى الرغم من ذلك ومن ثراء البيئة المعاصرة بالمادة الأصولية والفقهية الجديدة لممارسة التجديد إلا أن الشريعة الإسلامية ومصدرها الوحي الإلهي قد تضمنت ما هو ثابت لا يتغير وما هو متغير لا يقبل الثبات. فأحكام الدين ثابتة مثل أصول الشريعة ومبادئها كالحرية والعدل وأحكام العبادات. وتتغير المعاملات بتغير ظروف الزمان والمكان ومنه تغيّر الاجتهاد. والمعلوم من الدين بالضرورة لا يقبل التجديد أما الاجتهاد ففيما لا نص فيه.

أمام هذه المواقف الثلاثة المتباينة، التي ينعت كل منها الآخر بقصور الرؤية وضعف النظر، بين تأييد وتفنيد وتأييد آخر في مواطن وإبطاله في أخرى، وأمام محاولة “حسن حنفي” لإعادة بناء علم أصول الفقه وتجديده التي تمثل موقفا آخر أمام هذا التعدد والتباين في المواقف تُطرح التساؤلات التالية:

هل يمكن تجديد علم أصول الفقه؟
إذا كان تجديد علم أصول الفقه أمراً ممكناً، فهل التجديد يمس العلم في مادته أم في هيكله وبنائه أم فيهما معاً؟
إذا كان تجديد علم أصول الفقه أمرا متعذراً، فكيف يتعامل علم أصول الفقه القديم مع بيئة معاصرة جديدة تماما عليه؟
إذا كانت محاولة “حسن حنفي” لإعادة بناء علم أصول الفقه في كتابه “من النص إلى الواقع”، في “تكوين النص” وفي “بنية النص” تصب في اتجاه تجديد العلم، فماذا قدمت هذه المحاولة؟. هل هي مجرد دعوة إلى تجديد العلم أم هي تجديد القديم أم أنها إبداع الجديد؟
كيف كان حال علم أصول الفقه قبل محاولة “حسن حنفي” في العصر القديم والعصر الحديث وفي عصرنا؟
بماذا تميّزت فلسفة “حسن حنفي” وبماذا تميّز مشروعه “التراث والتجديد” ومحاولة إعادة بناء أصول الفقه جزء من المشروع؟
هل تضمّن فعلاً “من النص إلى الواقع” داخل مشروع “التراث والتجديد” محاولة فعلية وجادّة لإعادة بناء علم أصول الفقه.؟
ما مكانة هذه المحاولة بين المحاولات الأخرى المعاصرة؟. وهل هي جادّة وذات جدّة؟
هذه التساؤلات المترتبة عن قضية علم أصول الفقه بين القديم والجديد أو بين التجديد والترديد تجد إجاباتها في ثنايا هذا البحث الذي يتكون من فصلين ويمثل الفصل الأول السياق التاريخي والمفاهيمي للإشكالية، تناول المبحث الأول علم أصول الفقه من الشافعي إلى الشاطبي، فيه تمّ تعريف علم أصول الفقه وتحديد موضوعه واستمداده والغاية منه، كما تناول الفقه قبل الشافعي ولدى الشافعي وعند الشاطبي وعند المدارس الأصولية الكلامية والفقهية وعند المدرسة الجامعة بين المدرسة الكلامية والمدرسة الفقهية. أما المبحث الثاني فتناول محاولات تجديد علم أصول الفقه في العصرين الحديث والمعاصر. أما في العصر الحديث فانصب الفكر الإسلامي على الدعوة إلى التحرر والإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي وعلى التجديد في الفكر الإسلامي عامة وكانت نماذج ذلك محمد بن عبد الوهاب وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد إقبال. أما في العصر الحاضر فظهرت محاولات جادّة وجريئة لتجديد علم أصول الفقه، وكانت نماذج ذلك محمد باقر الصدر وعلال الفاسي وحسن الترابي وجمال الدين عطية. وعنوان الفصل الأول هو علم أصول الفقه، التأسيس ومحاولات التجديد في العصرين الحديث والحاضر.

وبما أن موضوع البحث هو إشكالية تجديد علم أصول الفقه عند “حسن حنفي” ومحاولة إعادة بنائه وفق منظور معاصر ومحاولته مُتضمنة في كتابه “من النص إلى الواقع” في جزأين “تكوين النص” و“بنية النص”، وما دامت هذه المحاولة هي موضوع البحث والدراسة تقع في مشروع “التراث والتجديد” وتنتمي إلى فلسفته، انصب الفصل الثاني على مواطن الإبداع ومكامن التجديد في المحاولة في مقابل تكوين النص الأصولي الكلاسيكي وبنيته وعنوان هذا الفصل محاولة إعادة بناء علم أصول الفقه بين تجديد القديم وإبداع الجديد. انصب المبحث الأول فيه على عرض مواطن الإبداع في مناهج الاستدلال من خلال المصنف الأصولي “من النص إلى الواقع” بين القديم والجديد، والتجديد في المصطلح والمادة العلمية والأمثلة الفقهية، والأولوية للعمل على النظر وللواقع على النص، والأولوية للزمان والمكان، والأولوية للاستدلال الحر، بمختلف أشكاله. ومن خلال تطوير مقاصد المكلف والنية والفعل وإبراز أهمية ودور المباح. أما المبحث الثاني فانصب على نقد وتقويم محاولة إعادة بناء أصول الفقه وشعار ذلك محاولة “حسن حنفي” لإعادة بناء أصول الفقه في الميزان، تناول المبحث استمداد المحاولة ومكانتها بين المحاولات الأخرى لتجديد علم أصول الفقه في العصر الحاضر، وبين كون المحاولة مجرد دعوة إلى التجديد أو تجديد القديم أو إبداع الجديد.

لقد استخدم البحث في معالجة إشكالية علم أصول الفقه عند “حسن حنفي” وعند غيره ممّن سبقوه أو عاصروه أكثر من منهج من أجل التكامل لا التصنيف، إذ استعان بالمنهج التاريخي الوصفي لنشأة وتكوين وتطوير علم أصول الفقه وكذا بالمنهج التحليلي النقدي لفكر دعاة تجديد أصول الفقه المحدثين والمعاصرين والمنهج البنيوي والتفكيكي وغيرها. ومنهج آخر قادر على إزالة الغموض والإبهام والشمول الذي يكشف أحيانا أفكار ومواقف المفكرين والفلاسفة، وذلك لما يستعين به من العمق في التحليل والدقة في الوصف، وما يحتاجه من صحة ودقة وعمق وكفاية وهو منهج “تحليل المضمون” الذي اعتمد عليه البحث في دراسته للمتن الأصولي في “من النص إلى الواقع” في “تكوين النص” وفي “بنية النص”، في قراءة تحليلية وصفية لتكوين أكثر من مائة نص أصولي، ولأول مرّة في تاريخ علم أصول الفقه يحدث عمل كهذا.

إن الغاية من هذا البحث ليس الوصول إلى إجابات نهائية على التساؤلات التي طُرحت من قبل، وإنما هو خطوة على طريق البحث في إشكالية تجديد علم أصول الفقه عند أحد المفكرين والأصوليين المعاصرين هو “حسن حنفي” من الذين يتصدّرون الواجهة في عصرنا على الساحة الفكرية والفلسفية والثقافية في العالم العربي والإسلامي، وصاحب مشروع “التراث والتجديد” وهو مشروع ذي قيمة وجادّ وجريء. ومن البحث في إشكالية تجديد علم أصول الفقه عند “حسن حنفي” كخطوة أولى، تكون الخطوة الثانية في مسار تجديد علم أصول الفقه عبر التاريخ وفي عصرنا الحاضر، وهو موضوع يتطلب الولع بالبحث العلمي والفلسفي والتمسك بممارسته. لأن “البحث هو شعار الحياة في الإسلام، الحياة المتجددة، العاملة، الهادفة، البانية، الحياة التي تصنع الحضارة والرفاهية والأمن والسلم للإنسانية جمعاء [1]
مما لاشك فيه أنّ حرص الفكر العربي الإسلامي المعاصر على تجديد الفكر الأصولي الفقهي يعبر عن الحاجة إلى عقل أصولي ذي خصائص ومميّزات جديدة تجمع بين الوافد والتراث، خاصة فيما يتعلق بمناهج التجديد وميادينه من منطلق إعادة النظر في العلوم التراثية، وإعادة صياغتها من منظور معاصر يأخذ في الاعتبار تحديات وتحولات العصر من علمنة وأتمتة وحداثة وما بعد الحداثة وعولمة وغيرها، وهو الأمر الذي طلبه الفكر العربي الإسلامي الحديث لكنّه لم يحصل بسبب اشتغاله بالإصلاح الديني والفكري والتربوي، وبالتحرر السياسي وبالاستعمار، ويحرص المفكرون المعاصرون في العالم العربي والإسلامي على تجديد علم أصول الفقه من خلال محاولاتهم ودعواتهم المتكررة كمحمد الطاهر بن عاشور، علال الفاسي، محمد باقر الصدر، وكذا حسن حنفي.

وتمثل محاولة “حسن حنفي” لإعادة بناء علم أصول الفقه في إطار إعادة بناء التراث القديم داخل مشروع “التراث والتجديد” قراءة جديدة لدلالات ومضامين علم أصول الفقه القديم نشأة وتكوينا، مفاهيم ودلالات من أجل دراسة جزء من التراث العلمي القديم من منظور معاصر. ففشل القراءات السابقة للتراث تمثل في تنافيه وروح العصر.

محاولة لإعادة بناء أصول الفقه في سياقها الفكري النظري الإبتسيمي الفلسفي، كما تقوم على أسس ومقومات. فسياقها هو الفكر الإسلامي المعاصر الذي يهتم بقراءة وتحليل ونقد وتطوير التراث القديم للوصول إلى ثقافة متطورة تنطلق من ماضي الأمة وتعالج مشكلاتها في الحاضر وتهتم بمستقبلها. فهو فضاء فكري تجتمع فيه أبعاد الزمان الحاضر والماضي والمستقبل كما تجتمع فيه أبعاد الفكر اللفظ والشيء والمعنى، كما تجتمع فيه المواقف الحضارية في موقف حضاري واحد، وتلك هي غاية “التراث والتجديد”، الموقف من التراث القديم والموقف من التراث الغربي والموقف من الواقع، في موقف واحد هو “موقفنا الحضاري”. أما الأسس التي تنبني عليها المحاولة فهي أسس فلسفية قديمة وحديثة ومعاصرة. مثل مذهب المعتزلة في اعتبار العقل أصل من أصول الشريعة، ومثل الفلسفات الحديثة، فلسفة كانط، هيجل، ماركس، نيشته، سبينوزا، هوسرل، وجون بول ساتر وغيرهم كثير. فالنقدية الكانطية والجدلية الهيجلية والجدلية الماركسية والمادية التاريخية وفلسفة المقاومة عند نيتشه، والظواهرية والوجودية وغيرها تركت آثارها وبصماتها على فلسفة “حسن حنفي” عموما وحاضرة في مشروعه “التراث والتجديد” وفي محاولاته إعادة بناء التراث ومنها محاولة إعادة بناء أصول الفقه.

وتقوم المحاولة على أسس منهجية تتمثل في المنهج الفينومينولوجي في إطار مناهج التجديد التي تمثّلت في المستوى الجديد للتحليل وهو المستوى الشعوري والأسلوب الظاهراني ومنطق التجديد اللغوي وتغيير المحيط الثقافي. وعرف البحث إلى جانب المنهج الظاهراتي مناهج عديدة مثل المنهج الوصفي، والبنيوي والتاريخي ومنهج تحليل المضمون وما يلزمه من إجراءات وأدوات مفاهيمية وخطوات، واستُخدمت هذه المناهج في الجزء الأول “تكوين النص” فتم الوقوف على الأساس في علم أصول الفقه من خلال مسح كشفي لعدد معتبر من المصنفات الأصولية القديمة والمعاصرة. كما قدّمت المناهج المتبعة في المحاولة في الجزء الثاني “بنية النص” بناء علم أصول الفقه وهيكله بصياغة معاصرة جديدة فلسفيا ومنهجيا ولغويا، وحتى من ناحية صلة العلم بالواقع والعصر والإنسان والمجتمع والأمة. بحيث أصبح مسار التراث القديم وأصول الفقه بصفة خاصة يتجه نحو الواقع ونحو الإنسان ونحو المجتمع ونحو الأمة بهدف الإصلاح والنهضة، وتحقيق مصالح الجميع. على أساس أولوية الواقع على النص، والمصلحة على الحرف، والعمل على النظر، والتاريخ على الوحي. على عكس ما كان عليه الأمر في علم أصول الفقه القديم. الأمر الذي جعل ذي المحاولة ذات طابع عملي مصلحي واقعي بحت ليصيّر من أصول الفقه علما من العلوم الإنسانيّة والوحي واحدا منها باعتبار أن علم أصول الفقه علم عقلي تجتمع فيه ثنائيّة دور العقل ودور الوحي في الفهم والتفسير والاستنباط . لتكون محاولة جريئة جديّة في تصنيفها الأصوليّ ومناهجها المعاصرة وشواهدها الجديدة في إبراز أساس علم أصول الفقه بين القديم والجديد على مستويين الوعي النظري والعملي.

وللإجابة على التساؤل التالي: هل محاولة إعادة بناء أصول الفقه هي مجرد دعوة إلى تجديد أصول الفقه أم هي تجديد للقديم أم هي إبداع الجديد؟ ومن خلال قراءتنا لدلالات هذه المحاولة في “من النص إلى الواقع” وفي كتب أخرى نجدها دعوة قوية لتجديد علم أصول الفقه. وإذا كان الإبداع لابد أن ينطلق من القديم لأنه إنتاج يتكون من عناصر قديمة فتجديد القديم في المحاولة إبداع، إبداع في القراءة وفي الصياغة وفي اللغة وفي المادة العلمية وفي الثقافة الأصولية والأمثلة الفقهية، إذ عرضت المحاولة العديد من الدلالات والإيحاءات الجديدة المتناثرة بين السطورالتي لم تمس هيكل العلم وبنائه من الثوابت أما المتغيرات فهي مواطن التجديد ومجالات الإبداع.

وإن تعرضت ولا زالت ذي المحاولة للعديد من الانتقادات نجد الكاتب يقدم نقدًا ذاتيا في كلّ مرحلة وفي كل محاولة سابقة متجاوزا حيّز التصنيف ودوائر التيارات والانتماءات والفلسفات والأنظمة فأعمال حسن حنفي تُحسب على العلمانيين لكنها ليست علمانية وتُحسب على السلفيين لكنها ليست سلفية ما لا يزيل التباين السائد في الثقافة المعاصرة. ما يجعل هذا التفرد وهذه الخصوصية هما أكثر ما يميّز فكر “حسن حنفي” وفلسفته وسائر أعماله عن غيرها. إذ تبقى تتصدر الواجهة على الساحة الفكرية. وإن كانت محاولتُه تجديد علم أصول الفقه عملا فيه الدعوة إلى تجاوز القديم وفيه الكثير من التجديد والإبداع وكذا الكثير من التناقضات والعيوب. إلا أنه اجتهاد ردّ الفقه وأصوله إلى الواقع لمعالجته ولحفظ مصالح الفرد والمجتمع والأمة، وهذا هو مبتغى الإسلام ومقصده. ودور المسلم ومسؤوليته هو التمكين لأحكام الإسلام وقيّمه على أرض الله.

ــــــــــــــــــــــــــ

(*) أستاذ الفلسفة بجامعة حسيبة بن بوعلي الشلف، الجزائر.

[1] – عبد المنعم خفاجي: البحوث الأدبية مناهجها ومصادرها، دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، سنة 1980، ص5.
https://feker.net/ar/2011/09/04/324-10/









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:32   رقم المشاركة : 1031
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة taranim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله .انا عندي بحث في مقياس التيارات الفكرية بعنوان ’ الفكر العربي الاسلامي المعاصر ’ اريد المساعدة و بعض المراجع التي تناولت هدا الموضوع. ولك أخي جزيل الشكر
التحديث والتجديد في الفكر العربي الإسلامي المعاصر
(وقفة تأمل ومراجعة)



الدكتور سعيد بنسعيد العلوي
كلية الآداب ـ الرباط

"التحديث" ، "التجديد"، "الفكر العربي الإسلامي المعاصر": مفاهيم ثلاثة تستلزم جملة تدقيقات أو توضيحات نرى أنها ضرورية للتوطئة لعرضنا هذا.
1 ـ "التحديث"، من جهة الوصف العام له وليس من جهة التعريف الدقيق لموضوعه وأهدافه، مفهوم يتصل بالوجود الاجتماعي وما يرتبط به من أنماط الوجود السياسي والقانوني والاقتصادي والفكري، مثلما يتعلق بما يحصل من الوعي في مختلف تلك الأنماط من الوجود في صلتها بالأحداث المستجدة والظاهـرة في مستويـات السياسـة والاقتصـاد والاجتماع والأقل ظهوراً ـ في المعتاد وفي الأغلب الأعم ـ في مستوى الفكر. يعني هذا القولَ إن التحديث يعني وجوب مراجعة كافة أنماط الوجود المختلفة مراجعة شاملة من حيث إنها تستهدف استصلاح وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها، كما يعني ذلك القول إن المراجعة تكون، حيناً آخر، في معنى إزاحة تلك الأنماط من الوجود واستبدالها بأخرى مكانها حتى يتخذ التحديث معناه الكامل: فلا تحديث إلا باعتبار الموجود متجاوزاً وحائلاً دون التطور، وبالتالي عجزاً عن إدراك مغزى التحول والتبدل الملازمين لكل عملية تغير اجتماعي وتحول اقتصادي وتطور سياسي ونقلة نوعية في مستوى الفكر.

يمكن القول، إجمالاً، إن التحديث عملية تتعلق بالمجتمع من جهة أولى، وتتصل بالتاريخ من جهة ثانية، وترجع إلى الإيديولوجيا من جهة ثالثة. فالتحديث إذن سيرورة ثلاثية الحدود والأبعاد. التحديث من وجهة نظر مؤرخ الفكر السياسي والاجتماعي، هو مجموع الكيفيات التي يسلكها الفكر والمجتمع في النظر إلى التحول الاجتماعي الحادث وفي التغير السياسي، الضمني أو الصريح، المواكب لذلك التحول أو الناتج عنه. والتحديث، في تعبير آخر، هو مجموع الحلول المقترحة في الرد على الإشكالات الحاصلة؛ فهو إذن حصيلة الإجابات النوعية، الدقيقة أو المضطربة، على الأسئلة الحرجة التي تمثل في صورة تحد يبتغي العصف بالبناء الاجتماعي القائم ويتوخى الإطاحة بالأنسجة الفكرية والاقتصادية والسياسية القائمة، أي تلك التي بها قوام ذلك البناء الاجتماعي ومنها يكون وجوده.
2 ـ أما "التجديد"، على النحو الذي نقصده في حديثنا هذا، فهو اصطلاح محدد له مرجعيته المعرفية التي يستمد منها: إنه التجديد في المعنى الذي يتحدث عنه الدين الإسلامي والحديث النبوي على وجه التدقيق. ففي الإسلام يكون التجديد أمراً لازماً لوجود الجماعة الإسلامية وضرورياً لاتصالها واستمرارها على حال الجماعة والاجتماع، ولذلك فهو مطلوب شرعاً وعند المسلم إيمان كامل بأن الله هو ضامن ذلك التجديد بموجب الحديث النبوي الصحيح: ”إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها“. وعند فقهاء الإسلام أن الطريق إلى ذلك التجديد يكون في ممارسة الاجتهاد على الحقيقة، والاجتهاد هو الأصل الرابع من أصول أدلة الأحكام الذي يأتي بعد الكتاب والسنة والإجماع. يقول الجويني في هذا الصدد: "نصوص الكتاب والسنة محصورة مقصورة، ومواقع الإجماع معدودة مأثورة (...) ونحن نعلم قطعاً أن الوقائع التي يتوقع وقوعها لا نهاية لها". وما دام الأمر كذلك، فإن الفقيه العالم مطالب بالبحث عن الأجوبة الشرعية المناسبة لما يستجد من الحوادث في الوجود الإسلامي. ومتى نظرنا إلى عمل الفقيه المجتهد، فنحن نجده، من زاوية نظر البحث الإبستمولوجي، إعمالاً للعقل الفقهي قصد الحصول على الحكم الشرعي في "النازلة" التي تحل بالجماعة الإسلامية في حياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وإعمال العقل الفقهي متى توسل بالأدوات التي يتيحها أصول الفقه، يكون بذلاً للجهد واستفراغاً للطاقة وتكلفاً للمشقة في توخي الحكم الشرعي واستخلاصه حيث لا يكون ذلك الحكم صريحاً وواضحاً. إنه نقل له من عالم التضمين والإمكان إلى مجال التصريح والوجود العيني.
واضح، فيما نأمل، أن التجديد في الدين ينتمي إلى مجال معرفي وحقل دلالي مخالف للمجال المعرفي وللحقل الدلالي الذي رأينا، أعلاه، أن التحديث ينتمي إليه. هل يعني هذا أن التحديث والاجتهاد يتعارضان؟ هل في الإمكان تحصيل التحديث في الاقتصاد والمجتمع والسياسة عن طريق التجديد في الدين؟ تلك قضية أخرى وسؤال آخر نرجئ القول فيهما الآن.
3 ـ لماذا الحديث عن "الفكر العربي الإسلامي المعاصر" وليس أحدهما فقط؟ أليس في الحديث عن الفكر العربي المعاصر تضمينٌ للفكر الإسلامي المعاصر واقتضاء ضروريٌّ له؟ فالمفكرون المعاصرون العرب يصدرون عن القضايا والمشكلات التي يتناولها الفكر الإسلامي المعاصر، والحضارة الإسلامية مجال طبيعي يتنفس فيه المفكرون العرب من غير أهل ملة الإسلام (= العرب الأقباط في مصر، والمسيحيون العرب في الشام والعراق وفلسطين ولبنان). ثم هل يعني إلحاحنا على هذا التركيب المزجي (الفكر العربي الإسلامي) أن في الحديث عن الفكر الإسلامي المعاصر إقصاءً حتمياً لجوانب من الفكر العربي المعاصر؟
لا يخفى أن الفكر الإسلامي المعاصر نتاج نظري عام يشمل المفكرين العرب وغير العرب أيضاً. ولا يخفى، بالتالي، أنه ليس للوقوف عند الفكر العربي المعاصر (عصر النهضة، فكر النهضة، اليقظة العربية… وما شابه من النعوت والأوصاف) أن يصرفنا عن استحضار جملة من المفكرين المسلمين المعاصرين في كل من تركيا وباكستان والهند وإيران ممن كتبوا بغير اللغة العربية وكانت القضايا والإشكالات التي تطرحها كتاباتهم ترجع إلى شؤون المسلمين في البلاد المذكورة، وخاصة ما اتصل بأحوال المسلمين في الهند قبل ظهور دولة الباكستان بعيد منتصف الأربعينيّات. نعم، لقد تم نقل العديد من كتابات أولئك المسلمين إلى اللغة العربية، بل وكان لبعضها صدى وأثر قويان في فكر المفكرين العرب المسلمين، ولكن سمة الإسلام خارج بلاد العرب ظلت ملازمة لتلك الكتابات.
ولا يغرب عن البال كذلك أن جانباً من الإنتاج العربي المعاصر يتقلص فيه حضور الإسلام بحسبانه شريعة وسلوكاً، وكذلك هو الشأن في كتابات المفكرين المسيحيين من رجال اليقظة العربية أمثال فرح أنطون، وشبلي الشميل، وأديب إسحق، وسلامة موسى وغيرهم. صحيح أن الإسلام يحضر في تلك الكتابات بحسبانه مجمل الحضارة التي يرى هؤلاء المفكرون أنهم ينتمون إليها ويتنفسون في مناخها. بيد أن مسألة "التجديد الديني" تغيب في كتابات أولئك المفكرين كلية. وإن هذا الغياب هو ما حدا ببعض الدارسين إلى أن يروا في المفكرين المسيحيين العرب رواداً للفكر الليبرالي في الفكر العربي المعاصر مثلما أنهم يرون في كتابات العرب المسلمين المعاصر تعبيراً عن التيار السلفي وبالتالي فإن الفارق بين الفكرين الليبرالي والسلفي يكون في حضور الفكر الديني عند هؤلاء في غيابه عند أولئك. غير أن هذه القسمة الثنائية (التي يأخذ بها العدد من دارسي الفكر العربي المعاصر) يقوم في وجهها اعتراضان اثنان:
ـ أول الاعتراضين هو أن في الفكر العربي العاصر تيارات قومية تضيق عن الانحصار في أحد التيارين المتصارعين (السلفي/ الليبرالي). وقد نذكر من تلك التيارات الفكر الوطني، فنجد من زعمائه مسلمين أمثال عبد الله النديم، ومصطفى كامل، وعلال الفاسي؛ كما نجد مسيحيين مثل أديب إسحق والخوري. ونذكر التيار القومي العربي (أو العروبي)، فنجد فيه مسيحيين أمثال نجيب عازوري وميشيل عفلق ومسلمين أمثال ساطع وعزت دروزة، وبالتالي فهناك قوميون عرب مسيحيون وقوميون عرب مسلمون، مثلما أن للوطنية دعامة من المسلمين والمسيحيين على السواء.
ـ الاعتراض الثاني هو أن في الوطن العربي مفكرين يأخذون من الفكر السلفي، باعتبارهم متضامنين مع الإشكاليات التي يصدر عنها ذلك، ويتلاقون في العديد من تحليلاتهم مع دعاوى الليبرالية، وهم في الحالتين معاً منتسبون للفكر الوطني ـ فهم من زعمائه ومن كبار دعاته. وكل ذلك في سهولة ويسر لا يصيب المنظومة الكلية التي يعملون فيها خلل ولا اضطراب. وأنت لو تأملت كتابات علال الفاسي، لوجدت فيها التعبير الأفضل عن اجتماع هذه المكونات جميعها؛ ولو رَجعت إلى مجمل كتابات الإصلاحيين المغاربة في العقود الأربعة الأولى من القرن العشرين، لألفيت فيها ما يربك كل محاولات التصنيف المعتادة (السلفية، الليبرالية، القومية، الدعوة الإسلامية، إلخ.). ولكنني لا أحسب أن في الأمر سمة خاصة تميز الإنتاج النظري المعاصر في المغرب، وإن كنت لا أنفي القول بوجود تلوينات محلية تكسب الفكر العربي في المغرب بعض التباين عنه في المشرق العربي ـ تلوينات ترجع إلى الجغرافية حيناً (القرب من أوروبا، مع الاتصال المباشر بإفريقيا السوداء)، وإلى التاريخ حيناً ثانياً (عدم الخضوع للحكم العثماني...)، وإلى السياسة حيناً ثالثاً (اتصال الدولة واستقرارها مدة تربو على أحد عشر قرناً، وإن كان الحكم ينتقل من ائتلاف قبلي إلى آخر، أو من أسرة إلى أخرى). وبالتالي فلست أجد عندي اطمئناناً إلى الأخذ بالقسمة الثنائية (سلفية/ ليبرالية) التي ظل الدارسون العرب يأخذون بها زمناً غير يسير.
هذان الاعتراضان حملاني على الأخذ بهذا التركيب المزجي (الفكر العربي الإسلامي)، حلاًّ للعديد من الصعوبات المنهجية التي يثيرها القول بالفكر العربي المعاصر من جانب أول والقول بالفكر الإسلامي من جانب ثانٍ([1]).
ننفذ الآن إلى ما نرى أنه لب المشكل (حضور مفهومي التجديد والتحديث في الفكر العربي الإسلامي المعاصر) فنقول: إذا كان مفهوم التجديد (في الحمولة الدينية الإصلاحية التي رأينا أنها له) وكان مفهوم التحديث (في الحمولة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية التي تعين مرجعيته وتحكمها) ـ إذا كان الأمر على هذا النحو، أفلا يمكن الحديث عن التقاء ممكن بين برنامج "التجديد" وبرنامج "التحديث" أم إن ذلك متعذر؟ وبعبارة أخرى، ما الصلة التي تقوم بين مجال عمل كل من المفهومين المذكورين: أهي صلة خصومة وتناحر (بموجب الاختلاف والتنافر في الرؤية بين الحقلين الدلالين اللذين ينتسبان إليها)، أم إنها صلة وئام وانسجام (يعللها الالتقاء عند إرادة مجاوزة التأخر والتخلف عن ركب الإنسانية المتقدمة)؟
الحق أننا إذ نتساءل على هذا النحو، فنحن نكون بصدد اقتراح كيفية مغايرة في النظر في الفكر العربي الإسلامي المعاصر، ونحن نأمل توخي سبيل الاختلاف عن الكيفية التي درج عليها عدد من دارسي ذلك الفكر. ومن أجل مزيد بيان، نقول إن هنالك، بصفة عامة، كيفيتين اثنتين سار الدارسون على هدى إحداهما. الكيفية الأولى هي المنحى التأريخي الذي يقوم على افتراض ضمني لحركية باطنية من التطور، تطور هو إقدام حيناً وإحجام حيناً آخر، وهو حيناً ثالثاً اضطراب بينهما. والكيفية الثانية هي الأخذ (بعيداً عن التفسير التاريخي والمنحى التطوري) بمبدإ النمذجة (typologie) أو التصنيف في تيارات ومدارس يجتهد الباحث في استخلاص السمات والملامح العامة التي تميز كل تيار أو مدرسة عن غيره من المذاهب دون أن يكون للتاريخ تأثير أو دخل في ذلك التصنيف. وحيث يكون الهم الأول للكيفية الأولى من النظر هو الوقوع على جملة الأسباب التاريخية والشروط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي جعلت ظهور فكر أو نظرية ما أمراً ممكناً، نجد أن الهدف الأسمى عند دعاة الكيفية الثانية يغدو هو استخلاص الثوابت والعوامل المشتركة التي توجد بين القائلين بفكرة معينة أو مذهب معلوم وإن كان التباعد التاريخي الهائل يقوم بينهم، وإن كانت الشروط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وما إليها بين أشخاص ينتمون للمذهب الواحد أو الفكرة الواحدة ـ وإن كانت تلك الشروط متباينة، لا بل متناقضة. وفي أحاديثنا اليوم اعتدنا أن نطلق على الكيفية الأولى من النظر نعت المنهج الدياكروني أو المسيرة الدياكرونية، في حين أننا نصف المنهج الذي تأخذ به الكيفية الثانية من النظر بالمنهج السانكروني.
الحق أن للمقاربة السانكرونية مزايا جلية وليست المنهجية العلمية المعاصرة سوى إبراز وتدليل على أهمية تلك المقاربة وبرهنة على ما تكتسيه من صفة الإقناع والملاءمة (pertinence) معاً. غير أن التوسل بالمنهج السانكروني لا يكون مفيداً وناجعاً في تسليط الأضواء الكاشفة والضرورية للفهم في كل أنواع الإنتاج الفكري؛ وأحسب أن الدارس، في حال الأخذ بذلك المنهج مفرداً، يظل في حال من القصور عن إدراك بنية الفكر العربي الإسلامي المعاصر. والحال أن إقصاء العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإيديولوجية يجعل الفهم مشوشاً مضطرباً والرؤية الواضحة متعذرة.
يبدو لي أن سبيل الفهم القويم يكمن في الأخذ بمنهجية تجتهد في الجمع بين المسيرتين الدياكرونية والسانكرونية في التحليل والفهم. نوع من التركيب أو المنهج الوسط بين الأخذ بمقتضيات القراءة التاريخية المحض (الاجتهاد في ربط الإنتاج النظري بجملة الشروط الاجتماعية والسياسية والأيديولوجية... التي جعلت ميلاد فكر ما ميلاداً ممكناً). فهي تشرح كيف النشأة وتلقي الأضواء على شروط العمل والتطور)، والإفادة من تقنيات تحليل الخطاب بغية استخلاص الثوابت والمكونات القارة، أو الانتهاء إلى رسم المعالم الواضحة لنماذج ذهنية تجتمع فيها جملة من الخصائص القابلة للملاحظة والتسجيل.

لنحاول الآن النظر في الفكر العربي الإسلامي المعاصر في مجمله، في ضوء هذه المنهجية المقترحة، آخذين بعين الاعتبار قضية "التحديث" من جانب أول، ومسألة "التجديد" من جانب ثانٍ. لنحاول ذلك ونحن نأخذ في القراءة بمصفوفتين (Matrices) أو بشبكتين. نجدنا، إذ نحاول ذلك، أمام قسمة ثلاثية وأمام أطوار ثلاثة حاسمة من مراحل تطور الفكر العربي الإسلامي المعاصر. وقد يَجْمُلُ بنا تقديم مزيد بيان بصدد الشبكتين أو المصفوفتين المذكورتين فنضيف أننا قد توسلنا في القراءة بجملة من المؤشرات (Paramètres) في تلك القراءة هي جملة القضايا التي يبدو لنا أنها كانت الأكثر فعلاً في مسيرة الفكر العربي الإسلامي المعاصر مع اختلاف في كيفية تنظيمها وتباين في مستوى أهميتها بالنسبة للمرجعية التي يحيل إليها مفهوم التحديث من جهة ومفهوم التجديد من جهة أخرى. تلك القضايا هي: الإصلاح، العدل، الديمقراطية، المرأة، المجتمع، الوطن، الترقي، التقدم، المدنية أو التمدن، الحرية ([2]).
1 ـ الطور الأول من الأطوار الثلاثة الحاسمة في سيرورة الفكر العربي الإسلامي المعاصر هو ذلك الذي تواضع الباحثون على نعته بعصر النهضة، أو اليقظة العربية أو الصدمة الناتجة عن إعادة اكتشاف الذات من خلال اكتشاف "الآخر" أو إعادة اكتشافه بالأحرى. إنه مرحلة وعي الانحطاط أو التأخر عن ركب الإنسانية المتقدمة، وهو الذي نعته مفكرو النهضة أو "دعاة الإصلاح" بالتأخر المزدوج: تأخر المسلمين عموماً، والعرب خصوصاً، عما كانوا عليه في العصر الذهبي الإسلامي. وتأخر عما بلغته الإنسانية المتقدمة في الغرب الأوروبي. هذه المرحلة أو الطور من النظر امتد، عملياً، من أربعينيّات القرن التاسع عشر إلى السنوات القليلة التي سبقت الحرب العالمية الثانية (منتصف الثلاثينيّات من القرن العشرين). في هذا الطور كانت المفاهيم الأكثر بروزاً هي مفاهيم العدل/ الظلم، الشورى (الحرية)/ الاستبداد، التقدم/ التأخر، المدنية/ الانحطاط. وكان الجدل الفكري بين دعاة الإصلاح أو "النهضة" ـ على اختلاف مشاربهم ـ جدلاً حول أسباب "تأخر المسلمين وتقدم غيرهم"، وجدلاً حول جدوى أو عدم جدوى أن نَقْتَبِسَ من أوروبا ما هو كفيل بإفادتنا في مجاوزة واقع التأخر والانحطاط، وجدلاً حول المرأة والصورة التي يلزم أن تكون عليها في الواقع العربي الإسلامي، وجدلاً حول موافقة الإسلام أو عدم موافقته للمدنية والتقدم، وجدلاً في معنى الاجتهاد الحق في الإسلام، ودعوة عند "زعماء الإصلاح" إلى العودة، بالإحياء والدرس، إلى نصوص عبد الرحمن ابن خلدون، والشاطبي، والماوردي، وابن مسكويه، ودعاة العقل جميعهم. وإذا كان من الضروري، في هذه العجالة، أن أؤشر على بعض الكتابات والنصوص، فإنني أذكر ما كان منها الأكثر فعلاً وأثراً فأعد: مجمل كتابات محمد عبده وجداله مع فرح أنطون من جهة أولى، ومع هانوتو من جهة ثانية ("الإسلام والمدنية"، "الإسلام والرد على منتقديه"). وأنبه إلى قيمة مقدمة كتاب الشاطبي "الموافقات" ـ في نشرة الشيخ دراز. وأعد عبد الرحمن الكواكبي في "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" خاصة، كما أعد الكاتب المصري قاسم أمين في كتاب "المرأة الجديدة"، والتونسي الطاهر الحداد في كتابه "امرأتنا بين الشريعة والمجتمع"، والمغربي محمد الحجوي في بحثه "تعليم الفتيات لا سفور المرأة"([3]). وأعد، إلى جانب هذه النصوص، كتابات الرحالين العرب رفاعة رافع الطهطاوي ("تخليص الإبريز في تلخيص باريز")، أحمد فارس الشدياق ("الساق على الساق"، "الواسطة في أخبار مالطة")، محمد الحجوي ("الرحلة الأوروبية") ([4]). وأذكر هذه النصوص على سبيل الاستشهاد لا الحصر.
2 ـ الطور الثاني من أطوار الفكر العربي الإسلامي المعاصر يمتد من مطلع الثلاثينيّات (بل ونهاية العشرينيّات في بعض الأحيان) إلى السنوات الأخيرة من العقد السادس من القرن العشرين ـ وهذا الطور أغنى الأطوار الثلاثة من حيث وفرة التيارات الفكرية والاختلافات المذهبية، واحتدام الصراع بينها. إنه طور سمته الغزارة في الإنتاج واتساع الإنتاج النظري ليشمل مختلف أقطار الوطن العربي على وجه التقريب بعد أن ظل، في الطور الأول، إنتاجاً أغلب وطنه مصر والشام إلا ما كان من أصوات قليلة، متفرقة، في منطقة المغرب العربي. كما أن هذا الطور يواكب مرحلة تاريخية حاسمة في التاريخ المعاصر للوطن العربي: إذا كان الاستعمار الغربي (بأشكاله المختلفة من احتلال مباشر وحماية وانتداب) قد امتد ليشمل مختلف ربوع العالم العربي في النصف الأول من القرن التاسع عشر والعقدين الأولين من القرن العشرين، فإن هذا الطور قد شهد بداية التحرر الوطني واسترجاع الاستقلال... وحركة استعادة الحرية المغتصبة، في الوطن العربي، ملأت العقود الثلاثة التي أعقبت نهاية العقد الثاني من القرن العشرين. ومن الطبيعي أن هذا الزخم في الأحداث، من جهة أولى، وظهور أشكال جديدة من تمثل الفكر الغربي بمختلف تياراته السياسية والفلسفية والإيديولوجية، من جهة ثانية، وما عرفته الإنسانية من رجة في صفوفها بسبب الحرب العالمية الثانية وما سبقها وما مهد لها ثم ما أعقبها من نتائج، وكذلك تنامي المد الشيوعي في أوروبا الوسطى من جهة ثالثة، كل هذا كان له فعله في انبثاق أشكال من الوعي الإيديولوجي وظهور تيارات فكرية ـ سياسية كان عنها حدوث تغيير في الخارطة الثقافية في الوطن العربي. وقد يجوز لنا، في معرض الإجمال والإشارات الكلية هذه، أن نقول إن أهم تلك التيارات في الوطن العربي (في هذا الطور الثاني الذي ينحصر بين الثلاثينيّات والستينيّات) هي في زعمنا تيارات أربعة أساسية نوجز الإشارة إليها على النحو التالي:

أ ـ تيار وطني ـ فكري، هو صدى وبلورة طبيعية لحركات التحرر الوطني في العالم العربي... إنه تيار له تجليات فكرية متنوعة، في هذه البلاد أو تلك من الوطن العربي. بيد أن ثوابته ومكوناته الأساسية تظل واحدة؛ فهي محكومة بالمنطق نفسه ، وخاضعة لأثر العناصر الواحدة المكونة([5]).
ب ـ تيار قومي عربي أو عروبي: يضطرب بين التوجه الإسلامي الواضح والمنحى العلماني والتوجه الاشتراكي الطوباوي؛ كما أن في الإمكان أن نميز في داخله بين ما نقول عنه إنه الموقف القومي العربي التقليدي، وما نرى فيه تياراً عروبياً جديداً أو متطلعاً إلى التجديد ومجاوزة الطرح التقليدي القائل بالوحدة العربية الاندماجية وإدانة "الدولة القطرية" والأخذ بنظرية "الإقليم ـ القاعدة"، إلخ.
ج ـ تيار ليبرالي خجول متردد ومضطرب أمام خصوم من السلفية حيناً، ومن النزعات العروبية (بصوره المختلفة) حيناً ثانياً، ومن تيار الاشتراكية الطوباوية حيناً ثالثاً، ومن الآخذين بوجهة نظر المدرسة السوفياتية حيناً رابعاً... تيار ضاع صوته في محاولات عنيدة، فردية في الأغلب الأعم، في الوقوف في وجه مختلف هذه التيارات وامتزج صوته، في بعض المرات كذلك، بصوت الدعوةالوطنية التحررية.
د ـ تيار رابع هو ما يصح منا أن ننعته بالمنحى السلفي في دعوته إلى الانفتاح على الغرب الأوربي وإلى الأخذ بما كان عنده صالحاً مفيداً في تنظيم الحياة السياسية. ذاك ما يمثله عندنا القائلون بأهمية المسألة الدستورية في الحياة الإسلامية ـ العربية المعاصرة، والداعون إلى سلوك طريق الحياة البرلمانية. والرأي عندي أن هذا التيار يجد ممثلاً له في المشرق العربي هو الشيخ حسن البنا، وفي المغرب العربي هو الأستاذ علال الفاسي. وكل يعكس من ذلك التيار مظهراً ويبين عن اتجاه كان له أثره في الحياة السياسية والفكرية. وقد يكون من الملائم، لموضوعنا، أن نقف عند هذه النقطة وقفة قصيرة.
أقتبس من مؤسس جماعة الإخوان المسلمين هذه الفقرة، آخذها من إحدى رسائله فأقرأ له:

الواقع أيها الإخوان [= الإخوان المسلمون]، إن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها، وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة، وعلى مسؤولية الحكام أمام الشعب ومحاسبتهم على ما يعملون من أعمال وبيان حدود كل سلطة من السلطات، هذه الأصول يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم. ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاماً آخر ([6]).

قد يعترض علينا معترض فيقول إننا نقرأ للشيخ البنا في مكان آخر ”إن الإسلام لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا يعتبر الفوارق الجنسية الدموية، ويعتبر المسلمين جميعاً أمة واحدة ويعتبر الوطن الإسلامي وطناً واحداً مهما تباعدت أقطاره وتباعدت حدوده“([7]). وللمعترض أن يعقب ملاحظاً أن هذا الرأي يتنافى، جزءاً إن لم يكن كلاًّ، مع المسلمات الكبرى للفقه الدستوري المعاصر. ولكن ردنا على الاعتراض هو أن زعيم "الإخوان المسلمين" يظل، في العمق، متضامناً مع مقررات الفكر السياسي الحديث المعاصر القائم على تصور دقيق للدولة وللحياة النيابية في عالمنا اليوم؛ فهو يتنفس في مناخ ذلك الفكر، وبالتالي فهو مؤمن بالتنظيم السياسي المعاصر القائم على الحزبية والحياة النيابية التمثيلية، وعلى الإيمان بالمبدإ الذي يقضي بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع في التقرير لوجوب تداول السلطة وانتقالها من جهة إلى أخرى وفقاً لما تحكم به صناديق الاقتراع ويحكم به حال الأغلبية.
أما عند علال الفاسي، فإن الإيمان بالأسس التي تقوم عليها الحياة السياسية في العالم المعاصر أبين وأوضح. ولعل الفكرة تغدو أكثر وضوحاً لدى مؤرخ الفكر متى أمعن النظر في الكيفية التي يحلل بها علال الفاسي طبيعة الصلة التي يراها بين الرابطة الوطنية والرابطة الدينية، ويعرض بها، محللاً، لما انتشر في بداية الأربعينيّات خاصة من الدعوة إلى الجامعة الإسلامية. ولعل من الأنسب لموضوعنا أن نقتبس من كتاب "الحركات الاستقلالية في المغرب العربي" هذه الفقرة الدالة عن معالجة علال الفاسي للقضية:

هذه الأشياء [= دعاوى أصحاب الجامعة الإسلامية، حيث تختفي فوارق اللغة والثقافة والحضارة وبالتالي مقومات الهوية] لا يمكن أن تتحقق في الحكومة المسلمة إلا إذا خضع هذا الاجتهاد الجديد في التشريع لنواب أكفاء ضمن مجلس تختاره الأمة ويصبحون فيها مكان أهل العقد والحل الأولين. ومعنى هذا أنه لابد من اتباع النظام الدستوري المبني على حكم الشعب بواسطة من يختاره من نوابه الأكفاء. غير أن الوصول لهذه الوسيلة لا يتحقق إلا إذا تحررت البلدان الإسلامية من سيطرة الأجنبي المادية والمعنوية. ولذلك فالعمل على الاستقلال شرط أساسي لاكتساب الحرية التي لابد منها لتحمل المسؤولية ([8]).

أمر آخر يعكس، عندي، الصورة الإيجابية في المنحى السلفي في هذا التيار الرابع: ذلك هو الدعوة إلى الأخذ بما تقضي به "مقاصد الشريعة الإسلامية" والرجوع إلى الفكر المقاصدي بهدف إحيائه وتفعيله في الحياة العاصرة للمسلمين في عالم اليوم. وإذا كنت أجد أن المجال لا يتسع لي، في هذه العجالة، للتوسع في هذه النقطة مع أهميتها وخطورتها في الفكر العربي الإسلامي المعاصر، فإنني أود أن ألمح إلى اجتماع سمات قوية لمدرسة فكرية قوية، وجدت في منطقة المغرب العربي مناخاً ملائماً وتربة صالحة لنموها وتطورها، هي المدرسة التي أسميها بالمدرسة الشاطبية المعاصرة والتي يتصدرها،
دون مدافع، كل من الشيخ ابن عاشور في تونس والمفكر المغربي علال الفاسي في المغرب... والتي تستدعي طبيعتها وخطورتها إفرادها بدراسة توضيحية مفصلة([9]).
3 ـ أما الطور الثالث من أطوار الفكر العربي الإسلامي المعاصر، فإنني أجد له، إسوة بجمهرة دارسي الفكر العربي المعاصر، بداية رمزية في التاريخ الذي أعقب هزيمة يونيو 1967. ذلك بأن تلك الهزيمة لم تكن إضاعة لمناطق شاسعة من الوطن العربي بقدر ما كانت إدانة لاختيارات سياسية وتوجهات إيديولوجية وسمت الوجود السياسي والفكري في منطقة من أشد مناطق العالم مدعاة إلى الصراع الإيديولوجي وإلى التسابق من أجل بسط الهيمنة على مقدرات عظيمة من ثروات الإنسان العربي والفرد المسلم في العالم. وحيث إن لتاريخ الفكر منطقه الذاتي الخاص به والذي يقضي باتخاذ بعض النصوص قيمة "رمزية" هائلة ويجعلها مؤشراً على إحداث نقلات أو الإيذان بإحداث تحولات في مستوى الفكر والإدراك، حيث كان الأمر كذلك، فإن الفكر العربي الإسلامي ـ المعاصر خاصة ـ لا يشذ عن هذه القاعدة ولا يبتعد عن هذا المنطق. وبكيفية مباشرة، أزعم لنفسي (ولعل آخرين كثيرين يشاطرونني ذلك) أن كتيباً صغيراً قد استطاع أن يستوعب كل العناصر الدالة على حدوث النقلة، أو الإشارة إليها، في مستوى التصور والإدراك: "معالم في الطريق" لمؤلفه الشيخ سيد قطب. لغة نارية ونظر قطعي صارم في الحكم على وجود المسلمين في عالم اليوم:

نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم. كل ما حولنا جاهلية: تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم [...] حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيراً إسلامياً... هو كذلك من صنع هذه الجاهلية.


كل مظاهر هذه "الجاهلية" وتجلياتها تقوم، حسب سيد قطب، على أساس واحد: ”الاعتداء على سلطان الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية... وهي الحاكمية“. مصدر "الجاهلية" التي تعيش فيها المجتمعات البشرية، بما في ذلك المجتمعات الإسلامية بطبيعة الحال، هو هذا الخلط في الأذهان الذي يعمل على إلحاق خاصية إلهية بالإنسان. هو كذلك خلط إذ يجعل للبشر الحق في الحاكمية ”فتجعل بعضهم لبعض أرباباً، لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى، ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم والقوانين والشرائع والأنظمة والأوضاع بمعزل عن منهج الله وفيما لم يأذن به الله“([10]).
لا أمل في الابتعاد عن هذه السقطة، ولا سبيل إلى الخروج من هذه الحال الغريبة عن الإسلام وما يليق بأهله إلا بإعلان القطيعة مع الغرب كلية: نظمه السياسية والاجتماعية والفكرية. وحيث كانت قضية السلطة وتنظيمها وتداولها مسألة محورية في الفكر السياسي الحديث والمعاصر، وكانت مسألة "الديمقراطية" والدعوة إليها والارتكان إليها والتعلق بالأسباب الموصلة إليها والدالة عليها هي الواجهة في العمل السياسي...، فقد كانت لمن سار من مفكري الإسلام المعاصر العرب في إثر دعوة صاحب "معالم الطريق" آراء وأفكار تتأرجح وتضطرب في التقريب بين الديمقراطية (عنوان الفكر الحقوقي الغربي المعاصر) وبين الشورى (ما به قوام الوجود السياسي في الإسلام المرجعي). ومن أجل تبين صورة تقربنا من هذا الفكر الإسلامي العربي الذي أعقب دعوة الشيخ سيد قطب، أقترح أن نفسح المجال للإنصات إلى أصوات ثلاثة من الدعاة البارزين في هذا التيار. نختار هذه الأصوات الثلاثة من جهة التنوع الجغرافي الذي يمثلون به مناطق مختلفة من الوطن العربي، ومن جهة التركيز على مظهر من مظاهر التناقض والتعارض بين الفكرين الإسلامي والأوروبي.



1 ـ الداعية المصري:
يرى القرضاوي أن في "الليبرالية الديمقراطية" (وهو شديد الحرص على الجمع بين المفهومين) جانباً إيجابياً، بل لعل أفضل جوانب الليبرالية الديمقراطية (…) هو جانبها السياسي الذي يتمثل في إقامة حياة نيابية يتمكن فيها الشعب من اختيار ممثليه الذين تتكون منهم "السلطة التشريعية" في البرلمان وفي المجلس الواحد أو المجلسين. وهي كذلك، لأنها، من حيث النظر، "طيبة ومقبولة من الوجهة الإسلامية". ولكنها لا تكون كذلك من حيث العمل لأنها تغفل تقييداً ضرورياً أولاً هو أن "الأمة مصدر السلطات في حدود شريعة الإسلام"؛ كما تهمل أمراً ضرورياً ثانياً هو "أن يكون في المجالس التشريعية هيئة من الفقهاء القادرين على الاستنباط والاجتهاد". ولكن ما يحدث في بلاد الإسلام، تلك التي تقول بالديمقراطية، هو ”أن النظام الديمقراطي لم يشترط شيئاً من ذلك، رغم النص في الدستور على أن دين الدولة هو الإسلام“.
يستنتج الشيخ من ذلك أن "الليبرالية الديمقراطية" لا يمكن أن تصادف شيئاً آخر غير الفشل والخيبة في بلاد الإسلام. و”السبب الأول (…) هو أننا، نحن المسلمين، لا نؤمن بها ولا بشرعيتها ولا نمنحها من رضا ولائنا واحترامنا، بل نؤمن أعمق الإيمان أن الليبرالية الديمقراطية نظام قاصر ككل الأنظمة التي يضعها البشر لأنفسهم بعيداً عن هدى الله ونوره“. وهي تفشل ثانياً لأنها ”مذهب مستورد من أرض غير أرضنا وقوم غير قومنا لهم عقيدة غير عقيدتنا، وقيم غير قيمنا“. قد تكون "الليبرالية الديمقراطية" حسنة في ذاتها (وهي عند القرضاوي أفضل من غيرها من المذاهب الغربية، والماركسية خاصة، بالرغم من العيوب التي تشوبها)، ولكنها تظل، في حالة المسلمين وبلاد الإسلام، قبيحة وبعيدة عن الوفاء بالقصد الذي يبلغه "الحل الإسلامي" ـ لكن الحق أن العيب يكمن فينا في خاتمة المطاف: ذلك بأن في هذه الديمقراطية جانباً مضيئاً لم نستطع أن نطوره بما يلائم ظروفنا وأوضاعنا، ولم نضع له من الضمانات التي تحقق مجتمع "الشورى" الحقيقية التي جعلها الله صفات المؤمنين في كتابه وجعلها عنوان سورة من القرآن: {وأمرهم شورى بينهم}… وأمر بها رسوله وكل من يقوم بأمر الأمة من بعده {وشاورهم في الأمر} ([11]).

2 ـ الداعية السوداني:
يقرر حسن الترابي أن الحديث عن "الشورى والديمقراطية" يطرح، أول ما يطرح، قضية اللغة من حيث هي أداة تملك أن تيسر الاتصال والتفاهم بين الناس كما قد تكون مدعاة للتنافر وسوء التفاهم. فالحديث في المسألة يثير بالتالي "إشكالات المصطلح والمفهوم" (وذاك عنوان فرعي لمحاضرة عنوانها "الشورى الديمقراطية". والرأي عنده أن للكلمة (متى كانت مفهوماً دالاً) أبعاداً اجتماعية وحمولة عاطفية أخلاقية لا تنفصل عنها: ”فكلمة الديمقراطية مثلاً تصاحبها في خاطر السامع جملة من المعاني تتصل بالصورة والقيم التي لازمتها عبر الأطوار التاريخية (…). فالمتحدث عن الديمقراطية لا يجردها لتقتصر على معناها في معجم اللغة، بل يصطحب كل هذه المعاني أو ما شاء منها“. والحكم ذاته يصدق على الكلمات التي نشأت في بيئة إسلامية. ومن الناحية المبدئية، وفي سياق الكلام عن نظام الحكم الإسلامي، يمكن أن نتناول الكلمة المقابلة وهي ”الشورى “. لكن الأمر يستدعي احتياطاً منهجياً يلزم الأخذ به منذ البداية كذلك: ذلك هو أن "الأدب الإسلامي السياسي الحديث" أضفى على كلمة "الشورى" مضامين جديدة لم تكن لها في كتب الفقه القديمة. وأما تفسير ذلك عند الترابي، فهو أن ”الممارسة السياسية الشورية لم تكن واسعة ولا ذات خطر في التاريخ الإسلامي“. فهل تجيز لنا هذه الملاحظة أن نقول إن ما نقصده بالحديث عن "الشورى" في منطوقها الإسلامي وفي معناها الحديث الذي لم يكن لها في السابق هو ما تفيده كلمة "الديمقراطية" في دلالتها السياسية المعاصرة؟
يسلم الترابي، من حيث دلالات "المعاني والمقاصد"، بإمكان المقابلة الاصطلاحية بين "الشورى" و"الديمقراطية". يجيز هذه المقابلة لسبب يرجع إلى حال الإسلام اليوم، حال تجاوز ”مرحلة غربة الإسلام وغلبة المفاهيم الغربية بكل مضامينها وظلالها“ ـ فالمسلمون اليوم في حال التلقي الإيجابي الفاعل. ”فلا بأس من الاستعانة بكل كلمة رائجة تعبر عن معنى وإدراجها في سياق الدعوة للإسلام ولفها بأطر التصورات الإسلامية“. ولكن التسليم يظل، مع ذلك، مقيداً بشرط أساسي: شرط الدين أو التدين وما يقتضيه من الحضور الدائم للمسؤولية الفردية ”لكل فرد خاطب على قدر وسعه بتكاليف الدين (…) ثم يأتي يوم القيامة ربه فرداً (…) فهو لا يسأل مع أسرته ولا مع حزبه (…) ولا مجال لأن نذوب الأفراد في فرد حاكم (…) ولا حتى أن نضم الناس كتلة واحدة صماء ونسميهم الشعب وتمارس المسؤوليات السياسية باسمهم الإجمالي“.
ألا يعني التقييد المتقدم إعلان القطيعة والفراق بين "الشورى" من جهة و"الديمقراطية" من جهة أخرى؟ أليس يترتب على موقف الشيخ الترابي رجوع إلى المواقع الأصلية ونبذ تام ومطلق لمفهوم الديمقراطية وتشبث بكلمة الشورى دون غيرها في الحديث عن "الجماعة" وعن "المشاركة"؟
الحق أن في كتابة الترابي ما يجعل الجزم السهل أمراً صعباً. فموقفه من هذه الناحية متميز عن موقف القرضاوي كما عرضنا له سابقاً، كما أننا سنتبين اختلافه عن موقف الشيخ عبد السلام ياسين كما سنراه في الفقرة المقبلة. ذلك بأن الزعيم السوداني يميز بين ”الديمقراطية الغربية وبين الشورى والديمقراطية في السياق الإسلامي“، كما يميز بين "ديمقراطية الشورى" و"ديمقراطية الغرب" ـ فهو بالتالي لا يتحفظ مطلقاً في استعمال مصطلح "الديمقراطي" كما يفعل الآخران.
يبقى مع ذلك أن الزعيم السوداني الإسلامي يعدد جملة فروق بين النظامين أو بين "الديمقراطيتين". أولها ”أن الديمقراطية في المفهوم العربي يمارس غالباً في سياق حكم لا ديني (…) ولا مجال بالطبع في الإسلام لحكم شعبي منقطع عن معاني الإيمان“؛ وثانيها ”أن الشورى في الإسلام ليست ممارسة سياسية معزولة، وإنما هي نظام حياة: فهي في الشعائر وفي الأسرة وفي الجوار وفي المجتمع وفي المعاملات الاقتصادية وفي العلم وفي السياسة“؛ وثالثها ”أن السيادة في الديمقراطية الغربية تسند في النظرية الدستورية إلى الشعب (…) ومفهوم السيادة الشعبية هو ذات المعنى الذي ننسبه في الاعتقاد السياسي الديني إلى الله من حيث صفة الإطلاق“؛ ورابعها ”أن ديمقراطية الشورى أدعى لضمان وحدة المؤمنين من ديمقراطية الغرب: فالنهج الليبرالي في الديمقراطية أحال إرادة الشعب إلى إرادة الأغلبية ولم يترك للأقلية إلا أن تتربص في المعارضة وتصبر (…) ولكن المنهج الإسلامي يقوم على روح الإجماع لا المغالبة“([12]).

3 ـ الداعية المغربي:
يستنكر الشيخ المغربي عبد السلام ياسين (زعيم حركة "العدل والإحسان")، كل قول يحاول الجمع بين الديمقراطية والإسلام في مقام واحد ”أي تناقض هذا: "ديمقراطية إسلامية" أو "إسلام ديمقراطي" ! رِجْلٌ هنا ورِجْلٌ هناك؟ “!. إنهما لا يجتمعان، لأن العلاقة الوحيدة الممكن قيامها بينها هي علاقة التنافر والإقصاء المتبادل. لذلك يخطئ من يساوي الديمقراطية بالشورى: ”من المسلمين من يقول: الديمقراطية غنيمة ومكسب للإنسان، هي المخرج لا غيره وهي أخت الشورى الإسلامية ورديفتها وجنسها ـ وقد تكون الشورى مكملة للديمقراطية“. مثلما يخطئ من يقول برأي يدفع فيه بالديمقراطية ويبعدها عن الإسلام إلى درجة يوحدها مع الكفر أو يقربها منه: ”ومن الإسلاميين من يصرح أن الديمقراطية كفر، وفي ساحة الجدل يصرخ بذلك ويصر عليه ويغضب له. وقد يتنازل فيقبل "أن الديمقراطية إن لم تكن كفراً فهي أخت للكفر" (…) ليست الديمقراطية نقيض الكفر، إنما هي نقيض الاستبداد. نقيضُ الكفر الإيمانُ“. يخطئ الأول، لأنه يطلب القياس في مجالين لا جامع بينهما: فللشورى وللإسلام مرجعيتهما، مثلما أن للديمقراطية مرجعيتها. ويخطئ الثاني، لأنه يخلط بين حالين هما الكفر والاستبداد من جهة أولى، ولأن قسمته هذه قد تحمله على قبول المستبد، إذ يعلن إسلامه، ورفض العادل إن كان غير ذلك: ”فإن وقف عملنا عند معادلة ديمقراطية = كفر، فيكون بجانبها إيمان = استبداد. وإذن فنحن مع كل مستبد يقول أنا مسلم ضد كل حر يقول أنا ديمقراطي“. وهذا من جهة ثانية. فما الرأي الصواب؟
يجيبنا الشيخ ياسين بأنه لا جدال في معنى الديمقراطية في معناها الحرفي ودلالتها المباشرة (حكم الشعب نفسه بنفسه)، فلا خوف من ذلك؛ بل على العكس من ذلك ”هذا ما ندعو إليه ولا نرضى بغيره، على يقين نحن من أن الشعب المسلم العميق الإسلام لن يختار إلا الحكم بما أنزل الله، وهو الحكم الإسلامي ـ وهو برنامجنا العام وأفق مشروعنا للتغيير“. فإذا تساءلنا: فما وجه الإشكال إذن في قبول الديمقراطية وتقييدها بنعت الإسلام أو الإسلامية. أليس يكفي ذلك التقييد، مقدمة، لبسط أوجه افتراق الشورى عن الديمقراطية (على نحو ما فعل حسن الترابي مثلاً)؟ والجواب عند الشيخ ياسين نفي جازم. وتعليل ذلك يكمن في معرفة أمرين اثنين: أ) الفروق الواضحة بين "الديمقـراطـيين في بــلاد الديمـقـراطـيـة" و"الـديمقـراطيـين في بـلاد الإسـلام"؛
ب) الأسباب العميقة التي تمنع قيام الديمقراطية في بلد دين أهله الإسلام. فلنقف برهة عند حديث ياسين في كل من النقطتين على حدة.
أ ـ صورة الديمقراطية في "بلاد الديمقراطية":

تعايش بين الأحزاب وتهارش ونقد متبادل ومعارضة ترصد أغلبية في الحكم وفريق متحالف ينتظر ساعته ليسقط الحكومة وتداول على السلطة وحرية للصحافة مضمونة (…) ودستور قعدته الأيام بتجاربها المرة الطويلة (…) إنه نظام استقرار على علاته (…) لها من المرونة، رغم شيخوختها، ما يقويها على تجاوز الأزمات السياسية (…) وهي آخر الأمر هناك أهون الشر وقوام المجتمع.

أما الديمقراطية في بلاد الإسلام، فالشأن فيها مغاير:
يحيلها بكل زينة وفضيلة أنصارها والدعاة المتعطشون إليها المستجيرون بها من الاستبداد التقليدي العتيق أو الانقلابي الطارئ (…) كما يهفو قلب المؤمن إلى الجنة ويتركز طموحه على نعيمها كذلك تهفو أفئدة السياسيين، المحترفين منهم والمناضلين اللاييكيين، إلى الديمقراطية بما هي حرية وحقوق إنسان وتداول على السلطة وباب مفتوح على الرئاسة. وينحشر مع الجوقة الديمقراطية المرتزقة الانتهازيون الطفيليون الذين يجدون في أنظمة الصنائع المناخ المناسب. ـ

فهي، في كلمة واحدة، تجمع ذوي الأغراض المختلفة وغالباً ما ينتفي فيها الشرط الأخلاقي فهي لذلك تظل هشة عرضة للإحاطة بها تبعاً لهوى الحكم. وهذا ما يكرر ذكره الشيخ وهو يستعيد، بتعابير مختلفة، ما وقع في التجربة الانتخابية التعددية الأولى في الجزائر: ”ما فعله أدعياء الديمقراطية وربائبها في الجزائر بالإسلاميين حين استعدوا عليهم الدبابات وهاجموهم في الشوارع (…) بعد أن توجتهم الديمقراطية وصوت عليهم الشعب وأعلنت عن نجاحهم صناديق الاقتراع الشفافة“. ثم إن هنالك أمراً ثانياً يميز "الديمقراطية في بلاد الإسلام" عند الشيخ ياسين: فحيث تفيد في "بلاد الديمقراطية" معنى واحداً تؤول إليه، فهي إتاحة لحرية التعبير وهي احترام لما يكون عن تلك الحرية والتزام بما تقرره إرادة الشعب فإنها تصبح في "بلاد المسلمين" أصنافاً وألواناً. ”فديمقراطية موجهة، وأخرى مقننة، والثالثة مطبوخة وغيرها مراقبة ـ أضافوا في الجزائر إلى الأصناف المجيدة ديمقراطية مشروطة، شرط صحتها أن لا تفرز اختياراً غير لاييكي عصري قومي وطني. ويل لها إن عصت وأخلت بالشرط“ !. وأخيراً، فإن هنالك أمراً ثالثاً يرجع إلى حسن الأخلاق والصراحة في الاعتقاد والقول في "بلاد الديمقراطية"، في مقابل انعدام ذلك كله في "بلاد الإسلام". وتلك نقيصة تتعلق بالطبقة المثقفة أو النخبة: ”تختار النخبة طريق الديمقراطية عن وعي وسابق نظر، ثم تدلس هذه البضاعة المستوردة“. هي تدلس، كما يفعل التاجر الغشاش لأنها لا تقول للناس ”إن الديمقراطية جسم روحه اللاييكية، أي الانفصال عن الدين وعزل الدنيا عن الساحة العامة“. ودعاة الديمقراطية يدلسون، لأنهم لا يبينون للناس أن شرط الديمقراطية أن ”لا نحكم بشرع الإسلام في برلماننا وسائر مؤسساتنا إلا كما تتمتم تعويذات في بدء المناقشة وختامها، تعمية وعادة ونفاقاً، والجد هو ما يقال ويقرر بقطع النظر عن الإسلام“.
ب ـ هذا "التدليس" من قبل نخبة أو السكوت عن حقيقة أن ”اللاييكية هي إجمالاً فصل الدين عن الدولة (…) واللاييكية لصيقة الديمقراطية وضجيعتها ووجهها وقفاها ولازمتها“ ـ كما يقول زعيم "جماعة العدل والإحسان" ـ هو السبب الأصلي العميق في استحالة قيام "الديمقراطية الحرة النزيهة اللاييكية" في بلاد الإسلام. ذلك بأن معنى هذه الديمقراطية ”يعني في آخر المطاف الحكم بما تهواه النفوس البشرية وتتوحد بالإجماع أو بنصفه وثلثه وأقله عليه“. وهذا الحكم هو النقيض المطلق عند من ينشد قيام "دولة القرآن".
يتعذر قيام "الديمقراطية" (في معناها الحقيقي، لا المتوهم) في بلاد الإسلام لسبب ثان يتفرع عن السبب الأول المتقدم وينتج عنه بصورة طبيعية: ذلك هو قبول الاختلاف والتعددية من جهة أولى، والقول بأن أساس الاجتماع (أو المجتمع) هو توافق المصالح وائتلافها من جهة ثانية. وفي كلمة واحدة، يتعذر (لا، بل يستحيل) قيام "الديمقراطية الحرة النزيهة اللاييكية"، لأنها تستدعي أمراً ضرورياً، هو قاعدتها. إنه المجتمع المدني:
المجتمع المدني لا يسأل عن مبادئه الخلقية ولا عن عقيدته ودينه ولا عن المروءة والفضيلة. يسأل فقط ويجيب عن مصالح الفئات التي يتكون منها وعن المطالب السياسية والاجتماعية والنفعية التي تشد صفوفه (…) المجتمع المدني عبارة عن أحزاب ونقابات ومنظمات ومؤسسات وجمعيات سياسية، مهنية، طلابية، نسوية، جهوية، قروية، بيئية، طبية، رياضية، خيرية، شبابية، قدماء كذا وكذا (…) والباب مفتوح، فتحته عندهم الحرية بلا حدود، وبالتالي فتحه عندنا دعاة الحرية والمساواة والديمقراطية. الباب مفتوح لمؤسسات ومنظمات ونواد للعراة والشواذ وهواة كل ما يخطر على البال، بل المتحررين من كل دين وأخلاق ومروءة.

إذا تبينا الفروق الجلية بين الديمقراطية "في بلاد الديمقراطية"، وبين الديمقراطية "في بلاد الإسلام"، ثم أدركنا الأسباب العميقة التي تحول دون وقوعها في أرض الإسلام، فنحن نقف على جوهر الاختلاف بين "الديمقراطية" من جهة و"الشورى" من جهة أخرى. إنه الاختلاف القائم بين منظومتين متمايزتين، لكل منهما مرجعيتها ومفاهيمها وحقلها الدلالي. فأما مرجعية الديمقراطية، فهي اللاييكية، والمفهومان الكبيران الفاعلان فيها هما: المجتمع المدني (ولربما المجتمع إطلاقاً)، ثم المعارضة. وليس للمعارضة معنى آخر سوى الاعتراض البشري على حكم أكثرية لها برنامج معلوم ورغبات بشرية تسعى إلى إشباعها ومنجزات ترسم لتحقيقها ـ والاعتراض معناه التربص وتحين الفرصة الملائمة لإزاحة السلطة الحاكمة من أجل الحلول محلها على نحو ما يقضيه معنى التداول. وأما مرجعية الشورى، فهي الإسلام؛ فهي لا تنفك عنه، ”والشورى عبادة قبل كل شيء وأمر إلهي وصفة إيمانية تتوج صفات أخرى تتكامل وتتضايف وتتساند. متى انخرمت صفة من تلك الصفات الواردة في سياق الآيات الأربع الكريمة، فسم نظامك ما شئت غير الشورى“. والمفهومان الكبيران الفاعلان في منظومة الشورى هما مفهوم الجماعة، "جماعة المسلمين" من جهة أولى، ومفهوم "النهي عن المنكر" من جهة ثانية. لا تقوم بين مفهوم "المجتمع المدني" ومفهوم "جماعة المسلمين" سوى علاقة اختلاف ونفي متبادلين: في ”المجتمع المدني (…) تقنن قوانينها وتعالج شؤوننا على اعتبار المواطنة في المدينة والتعايش لا غير (…) رابطة تلك المصالح الدنيوية“. وفي "جماعة المسلمين" ”رابطة هذا التراحم في الله، والتواصل في الله، والتعامل في الله“. قاعدة بناء ”ومناط تجمعه السياسي (...) من فارقها مات ميتة جاهلية“([13]). والمماثلة نفسها تظل، في العمق، صحيحة حين المقابلة بين "المعارضة" (وغايتها إقرار حكم بشري في مقابل حكم بشري آخر) و"النهي عن المنكر" (وغايته إقرار حكم الله وحده وعدم الرضا بحكم غيره).






([1]) اجتهدنا في توضيح وجهة نظرنا في دراسات شتى، فردية وجماعية، نذكر من بينها:
أ ـ سعيد بنسعيد العلوي، الإيديولوجيا والحداثة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء؛
ب ـ سعيد بنسعيد العلوي، الاجتهاد والتحديث، مركز دراسات العالم الإسلامي، مالطة، 1992؛
ج ـ سعيد بنسعيد العلوي، أوروبا في مرآة الرحلة، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1995.
([2]) سعيد بنسعيد العلوي، "مفهوما الأمة والوطن في التداول العربي المعاصر"، ضمن المؤلف الجماعي الأمة والدولة والاندماج في الوطن العربي، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية ومعهد الشؤون الدولية، 1989، بيروت، الجزء الأول، ص. 139 وما بعدها.
([3]) سعيد بنسعيد العلوي، الاجتهاد والتحديث... (سبقت الإشارة إليه)، ملاحق النصوص المرفقة بالكتاب.
([4]) محمد الحجوي، الرحلة الأوروبية، نص ملحق بكتابنا "أوروبا في مرآة الرحلة"... (سبقت الإشارة إليه)، ص. 103 وما بعدها.
([5]) "مفهوما الأمة والوطن"، سبقت الإشارة إليه.
([6]) سعيد بنسعيد العلوي، "المفاهيم السياسية في التداول العربي المعاصر (ملاحظات منهجية)"، مؤلف جماعي، إشكاليات المنهج في الفكر العربي والعلوم الإنسانية، منشورات توبقال، 1987، ص. 19 وما بعدها.
([7]) المرجع السابق.
([8]) علال الفاسي، الحركات الاستقلالية في المغرب العربي.
([9]) حاولت البعض وعملت على توجيه بعض الباحثين في هذا الاتجاه: بادو، الحسني، الصولبي، بلقزيز…
([10]) سيد قطب، معالم في الطريق، دار الشروق، د. ت.
([11]) يوسف القرضاوي، الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا، مكتبة وهبة، الطبعة الرابعة، 1988، القاهرة، ص ص. 68 ـ 69.
([12]) حسن الترابي، "الشورى والديمقراطية، إشكالات المصطلح والمفهوم"، ضمن كتابه نظرات في الفقه السياسي، الشركة العالمية لخدمات الإعلام، الخرطوم، د. ت.
([13]) عبد السلام ياسين، حوار مع الفضلاء الديمقراطيين، مطبوعات الأفق، الطبعة الأولى، 1994، الدار البيضاء، ص. 21 وما بعدها.
https://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad14partie5.htm









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:33   رقم المشاركة : 1032
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة taranim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله .انا عندي بحث في مقياس التيارات الفكرية بعنوان ’ الفكر العربي الاسلامي المعاصر ’ اريد المساعدة و بعض المراجع التي تناولت هدا الموضوع. ولك أخي جزيل الشكر



الدكتور عبد الملك منصور حسن المصعبي
إذا أردنا أن نقرأ الفكر العربي المعاصر قراءة نقدية معرفية خلاقة بما يحقق تجاوز هذا الفكر لأزماته وعوائقه الداخلية ويحقق له كسب الرهانات التي تجعله عاملا من عوامل التقدم ودافعا إلى الإصلاح، ودعامة الشخصية الثقافية والهوية الحضارية في زمن العولمة والتحولات الكونية المتسارعة والمتضادة أحيانا، -إذ أردنا ذلك- من أين يمكن أن نبدأ؟ وما هي أدواتنا النظرية والمعرفية، وما هو مجال عملنا من جهة الحقبة الزمنية والمدونة النصية؟، هل نفترض تساوقا مع بعض أطروحات القراءة التاريخية أن الفكر العربي المعاصر كانت انطلاقته الأولى مع "صدمة الحداثة" وبدايات حملات الاستيطان والاستعمار أي أواسط القرن التاسع عشر وصولا إلى سقوط الخلافة العثمانية 1924، لتوقد شعلة هذا الفكر مجددا إبان هزيمة حيزران 1967 وصولا إلى المرحلة الراهنة(1).

ثم هل كان الفكر العربي المعاصر كما تحيل على ذلك العناوين الكثيرة والمتكرّرة المتعلّقة باستخدام هذا المفهوم المركّب من اصطلاحات ثلاثة: "فكر" "عربي" "معاصر" متجانسا ومتناغما في أطروحاته وفي استخدامه للمفاهيم؟ أو لنكن أكثر وضوحا ودقة في الاستدلال على ما يجب الاستدلال عليه هل كانت رؤى المفكرين العرب المعاصرين متجانسة أو متوافقة نظريا حول مقولة الإصلاح ذاتها وحول "الدولة" و"السياسة" و"الدين" و"المجتمع" و"التشريع" و"الحرية" و"الثقافة" و"التاريخ" و"الآخر" وحول "الأنا" ذاتها؟ طبعا قد يبدو من البديهي أن التجانس لم يكن موجودا مطلقا إذا الاختلاف والتّضاد حاصل وثابت، وهذا بديهي. لكن هل كسب هذا الفكر رهاناته الكبرى وحقق تطلعاته وتجاوز عوائق التقدّم والتحرر والبناء الحضاري. إن الإجابة عن هذا السؤال تصعب وتعسر، وتبدو معقدة للغاية(2)، سيما إذا استدعينا الطرف الثاني في بحث هذه المعادلة وهو السلطة السياسية، أو السياسة الحاكمة، إذ أنه من المحال أن نقرّ بتأثير للثقافة والفكر في الواقع بمعزل عن سلطة السياسي(3).

تبعا لما تقدم فإنّه يجدر أن نحدّد مكونات اصطلاحات هذا المفهوم : "الفكر العربي المعاصر" فالفكر يتعلق بالإنتاج النظري المتصل ببناء المفاهيم والنظريات والتصورات ذات العلاقة بالواقع والوجود الاجتماعي والحضاري والثقافي للأمة والمجتمع، ويتمركز عمل الفكر بما هو وعي نقدي أو نظر عقلي أو تحليل معرفي على دراسة المسائل الحضارية والثقافية والدينية والعقلية المتعلّقة بإشكالات التنمية والتقدّم والتحرّر والثقافة وتطوير قطاعاتها، (4)، والفكر بما هو خطاب نظري وفعل نقدي ومجمل تصورات ذهنية يستفيد من منجز المعرفة في العلوم النظرية والعلوم الإنسانية : التاريخ والاجتماع وعلم النفس والأنتروبولوجيا ومن الفلسفة ومن الخبرات الجماعية التي راكمتها الأمّة عبر تاريخها الثقافي والحضاري والروحي. أمّا عندما نتحدث عن الفكر العربي حيث يتخذ الفكر صفة له فإننا نخصص أمر الفكر مطلقا بالعالم العربي أو بالمجال الجغرافي الاجتماعي العام لوجود العرب، ولقضاياهم، وللإشكاليات التي تطرح عليهم، فصفة "العربي" هنا تحيل علي المجال. ونعني المجال الجغرافي المصطلح عليه بالعالم العربي: مجال وجود الأقطار والدول العربية من المحيط إلى الخليج.

أما في خصوص صفة "المعاصر" وهي نعت مركب بالعطف البياني لأن أصل الكلام لغة : الفكر العربي والمعاصر، فإنها تحيل على المجال الزمني الذي هو التاريخ المعاصر للعرب وللعالم العربي والذي يبتدئ من أواخر القرن التاسع عشر ويتواصل إلى حدود زمننا هذا كما يجمع على ذلك المؤرخون.

وهذا يعني أن الفكر العربي المعاصر عرف ثلاثة أطوار كبرى استقطبت كل منها جملة من المسائل والقضايا الشائكة وتتمركز كل منها حول إشكالية رئيسية.

الإشكالية المحورية الأولى تمركزت حول سؤال النهضة والتمدّن وهو المشغل الأساسي للفكر العربي المعاصر بما هو فكر إصلاحي، أو بما هو خطاب في الإصلاح، وقد استمر طرح هذا الإشكال داخل دوائر الفكر العربي المعاصر بموجب امتداد تأثير فكر عصر النهضة الذي نشأ وتبلور بصفة رئيسية إبّان حملة بونابرت على مصر، 1798م وانفتاح العالم العربي والإسلامي على نظيره الغربي المتقدم واكتشافه لتأخره وركوده وجمود عمل العقل فيه، ومن هنا ظهر ذاك السؤال المثير للجدل لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟(5) وهو سؤال دفع إلى التفكير في الدّين من جهة علاقته بالعلم والسياسة من ناحية وبالحرية والتقدم من ناحية أخرى على السواء، كما دفع ذلك إلى دراسة أسباب نكوص الحضارة العربية وخفوت عبقرية العرب بعد ان بلغوا أوج التقدم العلمي والحضاري.

الإشكالية المحورية الثانية وترتبط بالطور الثاني تمركزت مباحثها حول دراسة أسباب الهزيمة: هزيمة حيزران 1967 وهزيمة الدولة الوطنية ببعض الأقطار العربية في إنجاز أسباب التقدّم والتنمية وتحرير الإنسان وعقلنة الفكر، والارتقاء بالثقافة لتكون مرآة ينعكس عليها المنجز الحضاري والمعرفي والحقوقي والتقني، وتمهد له في الآن ذاته، وقد نجم عن ذلك تفكير نقدي في "التراث" هذا المفهوم الإشكالي الذي اخترق بقوة الخطاب العربي منذ أواخر الستينات وإلى حدود زمننا هذا (6). و"التراث" كما هو معلوم مفهوم واسع الدلالة متعدد التعريفات يمتد ليشمل كل الموروث الثقافي والعلمي والأدبي، والديني- في منظور بعض الأطروحات-، ويشمل كذلك مجمل التجارب السياسية والتحولات التاريخية والمعالم الحضارية والعمرانية على السواء، وهكذا شاع استخدام "التراث" مقابلا لـ"الحداثة" في الخطاب العربي المعاصر، وتم النظر في الإمكان الذي يكون به "التراث" مجملا، أو في جوانب منه مشتملا على بذور "الحداثة" هذا المفهوم الإشكالي بدوره والمعقّد في الخطاب العربي المعاصر، فظهر الحديث عن المفاهيم العقلانية والقيم الفكرية العلمية والتاريخية النقدية أو الإنسانية الخلقية التي تضمنتها مؤلفات المفكرين، والأدباء، والفلاسفة، والعلماء العرب، أو ارتبطت بسيرهم، وفي هذا السياق برزت المشاريع الفكرية النظرية المتعلّقة بقراءة التراث العربي والبحث في إمكانات جديدة تكون بمثابة مداخل نظرية ناجعة وتاريخية معرفية للحداثة وبالتالي للتقدّم والتحرر، وظهرت تبعا لذلك تلك الثـنائيات التي تم تداولها كثيرا حتى رأى بعضهم أن الفكر العربي المعاصر محكوم بالنظر في الثنائيات ومنها: التراث/الحداثة. الأصالة/المعاصرة. السلفية/التقدمية. العقلانية/الدغمائية (أو اللاعقلانية). العقل/الخيال العلم/الأسطورة. الحداثة/القدامة. التسامح/التطرّف. قصيدة النثر/ القصيدة العمودية....

أما الإشكالية المحورية الثالثة والأخيرة فقد ارتبطت بالطور الثالث، ومداراتها كثيرة ومترامية الأطراف غير أن هذه المرامي تتوحد جميعا حول همّ أساسي وكلّي هو كيف يمكن أن يحيا العرب في هذا الزمن؟ زمن العولمة أو زمن الكونية، زمن القطب الواحد، زمن الأنترنيت(الشبكة العالمية للمعلومات) والثورة الرقمية وتقنيات المعلوماتية السيارة إنه ذاك الزمن الذي بدأت تتحدد ملامحه ابتداء من سقوط المعسكر الاشتراكي إلى انهيار جدار برلين مع فجر التسعينات (ق 20) إلى بروز وضع "العولمة" وما رافقها من مقولات مثل : "الإنسان الأخير ونهاية التاريخ". "صراع الحضارات". "حوار الحضارات". "حوار الثقافات". "حوار الأديان" كونية القيم" "حقوق الإنسان وإنهاء الدكتوريات والأنظمة المستبدة" و"إحلال بدلا منها الديمقراطيات والأنظمة القائمة على التعددية الفكرية والسياسية والدينية...(7).

ولعله كان لأحداث 11 سبتمبر 2001 وللحرب على النظام العرافي سنة 2003 -ولتأزم أوضاع القضيّة الفلسطينية ولتصاعد عمليات العنف والإرهاب والاستشهاد في شتى أنحاء العالم تعبيرا عن حقوق ضائعة، واحتجاجا عن أوضاع قائمة- الأثر البارز في مسارات الفكر العربي المعاصر من جهة طبع أطروحاته واهتزاز مواقفه وتحولها إلى حد بدا معه أنه يحيا وضعا قلقا، وإشكاليا تجاه الوعي بالذات والموقف من الآخر أو ضبط أطر التواصل وآليات العمل وما يرافق ذلك من بناء للتصورات والرؤى وتحديد آفاق القول والعمل. أي بمعنى انه علينا أن نعرف كيف نفكر وفي ما نفكر وبأي أدوات ومفاهيم نفكر، وكيف نتواصل مع الآخر المختلف، وعلى أي وجه يمكن أن نحيا وإياه سويّا في عالم يسوده السلم والأمان ويحتكم إلى المبادئ والقوانين والقيم، وأداة الوصل فيه "الحوار".

من هذا المنطلق بالذات تجئ مساهمتنا هذه، إذ سنحاول على نحو من التدقيق والتحقيق العلمي والتاريخي فحص مقولة "الحوار" مع بيان استراتيجيتها في النظر والعمل بالنسبة إلى الخطاب والواقع حيث إن الحوار مفهوم معرفي نظري يستخدم باعتباره مصطلحا علميّا داخل مجالات إنتاج المعرفة النظرية والعلمية بالظواهر والحقائق والأفكار إذ، الحوار يعني "التناظر" أو "المناظرة" و"الجدل" و"المناقشة" و"المبارزة بالقول"، و"الحجاج"، وراهنا أعيد لمصطلح الحوار مركزيته في الفلسفة والعلم على السواء وأكدت المقاربات الإبستمولوجية ضرورة الاحتكام إلى الحوار والنقد المعرفي لتقدّم المعرفة العلمية، ولمعرفة حدود القوانين العلمية والأحكام العقلية من جهة إحاطتها بحقيقة الموضوع أو مجال الدراسة، إلى حد غدا معه أمر إدراك الحقيقة مشروطا مثلا لدى الفيلسوف الألماني هانزجورج غادمير H.G.Gadmer. بالاحتكام إلى منطق التفهم والحوار باعتباره طريقا إلى الحقيقة، فالمختلف والمضاد يمكن أن يكون على قدر كبير من "الوجاهة" وفيه حضور لجوانب من حقيقة الإنسان والوجود (8).

هذا في خصوص مجال المعرفة والعلم. أمّا في ما تعلق بمجال الواقع والوجود الاجتماعي والسياسي للأمم والمجتمعات فقد طفا للسطح مصطلح "الحوار" من جهة كونه الأفق النظري والأخلاقي السياسي "الإتيقي" الذي يستوعب كل الأقوال والمواقف المتعارضة والمتقابلة والمتنافرة أحيانا ويمنحنها شرعية التعبير والوجود، لكن هذا الأفق النظري الأخلاقي يحتكم بدوره عبر الحوار إلى منطق "الوجاهة" وإلى منطق "القــانون" أو الشرعية القانونية، حيث يحصل قول أو طرح ما على شرعية الوجود والفعل انطلاقا من مبدإ الانتخاب أو الاستفتاء أو الشورى أو قاعدة المداولة.

وهذا يحتم علينا أن نفحص مقولة "الحوار" وفكرته من زاويتين نظريتين، ووفق مرجعيتين زمانيتين ثقافيتين تتصل الأولى بوضع "الحوار" من جهة أشكاله وتمظهراته المختلفة في الثقافة العربية الكلاسيكية أي التراث المعرفي والفكري العربي وترتبط الثانية بمحاولة تجديد مظاهر حضور مقولة "الحوار" في الخطاب العربي المعاصر، وأشكال تعاطي الفكر المؤسس لهذا الخطاب مع مقولة الحوار وأطر تلقيه لها سواء في المستوى المعرفي النظري أو الإجرائي العملي المتصل بالممارسة السياسية والعملية لوجود العرب والمسلمين في العالم العربي الإسلامي وفي سائر أنحاء الكون، على أن نسعى استتباعا لذلك إلى أن نتبيّن جدوى فكرة "الحوار" ومدى نجاعتها في ما يتصل باستراتيجية التصدي للمشكلات والقضايا المطروحة على العرب والمسلمين سواء في مستوى الواقع الداخلي، وما يرتبط بذلك من تعايش بين المختلف داخل الوجود العربي والإسلامي، أو في خصوص ما يرتبط بالعلاقة بالآخر المختلف الغربي أو الأقصى شرقي (9) وسنقتصر في ما يتعلق بتحديد مظاهر حضور مقولة "الحوار" وفكرته في المدوّنة الثقافية الكلاسيكية على أبي الريحان البيروني (ت440هـ/1048م) المتكلم والفيلسوف والمؤرخ الذي ارتقت لديه مقولة "الحوار" بما هي مناظرة عقلية ومجادلة علمية تعتمد الحجّة والدليل إلى "انتروبولوجيا للحوار"، وهذا طبعا لا ينفي حضور مقولة "الحوار" أو "التواصل" مع الدخيل والوافد في المعارف والعلوم والفنون، وكذلك مناظرة المختلف والمباين واقتباس ما بدا أنه حق ويقين أو رأيا ذا وجاهة لدى مفكرين وفلاسفة ومتكلمين وصوفية عرب ومسلمين، إننا نلمس مظاهر لذلك لدى "الجاحظ (ت 255هـ) في رسائله" وكتبه الأخرى حيث بين أوجه التعاضد بين علوم العجم وحكمهم وآداب العرب وفضائلهم في بناء الحضارة واستمرار الثقافة وتبعه في ذلك أبو حيان التوحيدي (ت411هـ ) والفارابي (ت 339هـ) الذي اكد ضرورة اعتماد "الملّة" على حكمة اليونان وفلسفتهم لتوسيع دائرة النظـر و"العقل" وفهم أبعاد الرسـالات السماوية وأسرار فضائلها، وكذلك فعل ابن رشد (ت 595هـ)الذي بنى نسقه في ضوء نظرة جدلية تقوم على التوليف بين المنطق الأرسطي وعلوم البرهان لدى اليونان وحقائق الشريعة السماوية، وإنّا لنجد لدى مفكرين مؤرخين أمثال الشهرستاني والمبشر بن فاتك، وشمس الدين الشهرزوري - في اهتمامهم بالتاريخ التأريخ لعلوم الأقدمين وأديانهم ومنها حكم اليونان وبلاد فارس والهند-، نزعة الميل إلى التنصيص على ما بدا وجيها ومعقولا وذلك وفق منظوريتهم وهو ما يؤكد الحضور الفاعل والمؤثر لمقولة "الحوار" في التراث العربي.

من مظاهر الحوار في الثقافة العربية المرجعية :

إن المتأمّل في كتاب البيروني : "في تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة فـي العقل أو مرذولة"(*) يجده اعتمد في بناء فصول هذا الكتاب ومسائله على تدرّج منهجي برهاني يجمع الحجة العقلية إلى الوثيقة المرجعية أو الواقعة التاريخية في التعرف إلى ثقافة الهند ودراسة عقائدها وتقصّى مضّان ذلك.

إن البيروني يشدّد على أهميّة نقل الخبر الصحيح وتوخي منهج الكتابة الموضوعية عن العقائد المخالفة للإسلام باعتبار أن ذلك يمثل شرط تحصيل المعرفة الصادقة بالآخر، ويظهر هذا من خطبة الكتاب إذ نجده يقول : "والكتابة نوع من أنواع الخبر يكاد أن يكون أشرف من غيره، فمن أين لنا العلم بأخبار الأمم لولا خوالد آثار القلم، ثم إن الخبر عن الشيء الممكن الوجود في العادة الجارية يقابل الصدق والكذب على صورة واحدة، وكلاهما لاحقان به من جهة المخبرين لتفاوت الهمم، وغلبة الهراش والنزاع على الأمم، فمن مخبر عن أمر كذب يقصد نفسه فيعظم به جنسه...ومعلوم أن ذلك من دواعي الشهوة والغضب المذمومين، ومن مخبر عن كذب في طبقة يحبهم لشكر أو يبغضهم لنكر... ومن مخبر عنه متقربا إلى خير بدناءة، ومن مخبر عنه جهلا، وهو المقلّد للمخبرين" (10) .

نـلاحظ أن البيــروني يصنف الأخبار ونقـلة العلم والرواة بحســب هواجسهم العـلمية أو دوافعهم الذاتية، أي من ناحية مصالح يرغبون تحقيقها، وهــو يــرى أن التحصيل العلمي من شأنه أن يصدّ عن الوقـوع في المـزالق والأغاليط، وهذا يصطلح عليه وفق منظور ابستمولوجي (معرفي علمي) حــديث بـ"الرّوح العــلمي" "Esprit Scientifique" (11)، ويظهر ذلك من كلامه "الذي لا يناشد إلا الحقيقة التي يصطلح عليها في لغة المناطقة بـ،"الماصدق"، ويشبهه بـ"العدل" يقول "وكما أن العدل في الطباع مرضي محبوب لذاته مرغوب في حسنه كذلك الصدق إلا عند من لم يذق حلاوته، أو عرفه أو تعاماه كالمسؤول من المعروفين بالكذب(12)، ولهذا يؤكد البيروني على أهمية معرفة الآخر كما هو في ذاته قائلا : "فمن لم يعرف حقيقة الحال فيها (معرفة الآخر) اغترف منها ما لا يفيده (13)، ويفسّر البيروني سبب اهتمامه بعقائد الهند ومذاهبهم الدينية والفكرية ليبين ما قد يكون لحقها من التشويه والتحريف فيقول : "وكان وقع المثال في فحوى الكلام على أديان الهند ومذاهبهم، فأشرب إلى أن أكثرها مسطور في الكتب وهو منحول، وبعضها عن بعض منقول ومخلوط غير مهذّب على رأيهم ولا مشذّب" هكذا إذن يبيّن البيروني حدوث التغيير والخلط في هذه العقائد بالنظر إلى أديان أهل الهند أنفسهم وليس بالاحتكام إلى دين آخر أي أنه يعارض حقيقة هذا الدين كما ظهرت بأصوله كما كانت في الأوّل !، وهذا منطوق قوله "غير مهذّب على رأيهم"، فالبيروني يطلب دراسة عقائد الهند وأديانهم وفق منطقها الداخلي وذلك بعيدا عن خطاب السّجال الجدّالي الذي وسم كتابات بعض المتكلمين واللاّهوتي ودعاة العقائد ويبسط في ذلك منهجه، ويحدّد غرضه فيقول : " وليس الكتاب كتاب حجاج وجدل حتى اشتغل فيه بإيراد حجج الخصوم، ومناقضة الزائغ منها عن الحق، وإنما هو كلام حكاية فأورد كلام الهند على وجهه، وأضيف إليه ما لليونانيين من مثله لتعريف المقارنة بينهم، فإن فلاسفتهم، وإن تحرّوا التحقيق فإنهم لم يخرجوا في ما اتصل بعوامهم عن رموز نحلتهم ومواضعات ناموسهم"(14).

ونجد البيروني يجتهد في وضع شروط موضوعية للدراسة العلمية لعقائد الهند، وغيرها من عقائد سائر الأمم، ومذاهبها، فبيّن أن من أوّل شروط ذلك المعرفة باللغة، وإدراك مزالق الترجمة، مؤكدا أنه على المترجم في مثل هذه المواضيع أن يكون عارفا بمضمون الغرض الذي فيه يترجم، ولا تتوقف معرفته على اللغة فحسب، "فعبر اللغة تتباين الأمم ومتى رامها (لغة الهند) أحد لإزالة المباينة لم يسهل ذلك لأنها في ذاتها طويلة عريضة، تشابه العربية، يتسمى الشيء الواحد فيها بعدة أسام مقتضبة ومشتقة" (15). فلغة أهل الهند في نظر البيروني "مركّبة من حروف لا يطابق بعضها حروف العربية أو الفارسية، ولا تشابهها بل لا تكاد ألسنتنا تنقاد إلى إخراجها على حقيقة مخارجها، ولا آذاننا تسمح بتمييز نظائرها وأشباهها ولا أيدينا في الكتابة لحكايتها"(16).

كما ينبه إلى أنه هناك اختلافات جوهرية أخرى بين الهنود والمسلمين لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار مثل : "أنهم يباينوننا بالديانة مباينة كليّة، لا يقع منا شيء من الإقرار بما عندهم ولا منهم شيء ممّا عندنا... ومنها أنهم يباينوننا في الرسوم والعادات"(17).

ولهذه الاعتبارات بدت مهمة دراسة عقائد الهند ومذاهبها لدى البيروني شاقة إلى أبعد حدّ، ولذلك ألفيناه يقول : "ولقد أعيتني المداخل فيه مع حرصي الذي تفردت به في أيامي، وبذلي الممكن غير شحيح عليه في جمع كتبهم من المظّان، واستحضار ما يهتدي لها من المكامن(18) وهذا من مطالب العلماء الجهابذة الذين يلقّبون سابقا بـ"الخاصة" أو "الخواص"، وفي ذلك قال البيروني "لأن قصارى الخواص إتّباع البحث والنظر"(19).

وفي خطاب صريح الدلالة يكشف البيروني عن غرضه العلمي الخالص من وراء دراسة ثقافة الهند وعقائدها على هذه الهيئة، حيث يقول، "وأنا في أكثر ما سأورده من جهتهم حاك غير منتقد إلا عن ضرورة ظاهرة، وذاكر من الأسماء والمواضعات في لغتهم ما لا بدّ من ذكره" (20).

إنه يمكن أن نعتبر أن مثل هذه الصرامة العلمية وما تبعا من دقة منهجية قد حددت مسالك عمل البيروني في التأريخ لعقائد الهند ومذاهبها، ومثلت بالفعل أساس قاعدة فكرية علمية انتروبولوجية تكوّنت في حضارة الإسلام المبكّر، وأصلّت للاعتراف بالآخر المختلف وبمعتقده وشرّعت مسالك التعرّف إليه علميّا، وهو ما دفع بالمستشرق الفرنسي كاردايفو (Carrade vaux) إلى القول : إن البيروني بمقاييسه هذه ينتسب إلى القرن التاسع عشر لا إلى القرن العشرين' (21) ومن ثم أمكن لنا أن نشاطر الرأي بعض الدارسين المعاصرين في خصوص اعتبارهم أن "لنا في البيروني أسوة حسنة لما يمكن أن يكون عليه "علم الثقافة" حتى لا يفقد الفكر أريحيته الإنسانية، ولا يضحى بضرورات الموضوعية العلمية، فيحاول الوقوف على ما عند الآخر من المناقب والمآثر والرؤى والسلوكات على ما هي عليه "حكاية" ويسعى من خلال ذلك إلى النفاذ إلى "معانيها" عند أهلها ثم إلى "تفسير" هذه المعاني أو "تأويلها" بحسب ما يتاح للعقل السببية فيها، في غير استيحاء مما بدا له أنه الحقّ، وفقا لما يوجبه العقل في سياق نظرة شمولية سمّاها البيروني : تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة "(22)، وعليه إنه من الممكن القول إن الخطاب الانتربولوجي نشأ مع البيروني في كتابه هذا الذي هو أثر علمي الرّوح والمنهج، فضلا عن أريحية تدفع في تلقائية إلى فهم الآخر، وإجلاء مقاصده، وإظهار تناسق رؤاه، حتى حين ينكرها العقل العلمي الصارم ذلك.

الحاجة إلى الحوار راهنا:

يمكننا الانطلاق في معالجة علاقة الفكر العربي المعاصر الحوار وبمدى الحاجة إليه انطلاقا من تأكيد حقيقة بديهية أولية وهي أن الحوار منهج لا غاية هو بمثل بامتياز شرط إمكان قيام فكر عربي خلاق (23)، ويمثل في حد ذاته استراتيجية فهم ونظر من شأنها أن تساعد على إيجاد حلول للمشكلات والقضايا والمسائل المطروحة على الوجود العربي اليوم سواء ما تعلق منها بالسياسة أو ما تعلق بالمذاهب والتيارات الفكرية المتمركزة أدبياتها حول قراءة الدين والباحثة عن إيجاد تفسير للواقع والتاريخ في ضوء النص الديني، وانطلاقا من فقه النص الديني حيث يحلّ التواصل والجدل العلمي بدل التصادم الذي ينتهي أحيانا إلى نوع من الإقصاء والتفكير، أو التصفية الدموية، ولعله من المؤسف له، ومن علامات الحياد عن المعقولية قوة الحجة أن يلتجئ المسلم باسم مذهب ما أو قراءة معينة للإسلام تقدم خطابها على أنه مطابق لمنطوق النص : ليرفض رفضا قطعيا لكل الرؤى والمثابرات والتصورات الناقضة له حتى المختلفة عنه اختلافا جزئيا لا غير.

إنه علينا أن نعلم على نحو من الدّقة اليوم أن الأنظمة النظرية للمذاهب الدينية في الإسلام مثل ما هو الأمر في أي دين توحيدي آخر مع بعض الفوارق قامت دائما على فكرة الإطلاقية، وهي بالتالي ترفض الفعل أو الفكر خارج الأطر الصارمة المكونة للنظام النظري للمذاهب سواء في ما يتعلق بالأخلاق والسلوك الفردي والجماعي أو ما كان على ذا صلة بالتفكير الحر؟ النقدي. إنك إذا كانت مسلما أو إذ كنت مسيحيا أو يهوديا يجب أن تنتمي إلى فرقة كلامية عقدية (لاهوتية) ما و إلى مذهب في الشريعة يقنن لك ما تعمل في العبادة والمعاملات، يعني أنه لا يوجد تدين خارج المذهب –غالبا- وهذا ما ساهم في بروز ما اصطلح عليه بعض المفكرين المعاصرين بـ"الإسلام الموازي" (23) حيث يعتقد الناس في الإسلام ويعملون به من خلال منظومة اجتهادية فقهية كلامية وضعها جمع من العلماء/ الفقهاء والمتكلمون وفقا لشروط مجتمعية وتاريخية ورهانات حضارية وكم معرفي معيّن.

وهكذا استقرت أغلب نزعات الفكر الدين في الإسلام المعاصر إلى نوع التعصب والإطلاقية، وإيثار ثقافة الشعارات والتدين التقليدي النابع غالبا من رؤون حشوية وسطحية لرسالة الإسلام ومعانيها السامية، ولعمق الحكمة التي انطوى عليها "القرآن" وكذلك نصوص الحديث النبوي – ما صح منها- ألم ترد الدعوة بارزة واضحة الدلالة في القرآن إلى التّعرف إلى الآخر مهما كان دينه أو عرقه أو ثقافة أولوية والتعاون وإياه بما من شأنه أن يحصل أمن الإنسانية وسعادتها. ولنا في قوله تعالى : "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلنا كم شعوبا وقبـائل لتعـــارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".

أسوة حسنة وأليس الحوار اليوم بالذات صار ضرورة تؤصر للتواصل بيننا وبين الآخر، وهو يتنزل بمنزلة قناة للتفاوض من أجل إثبات الذات أن الحوار، شكل من أشكال التعارف، ذلك أنه لكي أتحاور يجب أن أعرف ذاتي وأعرف الآخر، فالحوار معرفة وطريق إلى معرفة، وعبر المعرفة يكون التعيير في التصور الذهني وفي الموقف... بهذا يتأكد لنا أنه ثمة علاقة وطيدة بين حوار الأديان وحوار الثقافات "فخورا الأديان في عصرنا هذا شكل خاص من أشكال الحوار بين الثقافات أن للفكر العربي المعاصر بعدان أساسين : بعد الثقافة مطلقا وما اتصل بها من آداب وفنون ومعارف وأفكار، وبعد المسألة الدينية وما ترتبط به من تفكير في الدين واجتهاد في نصوصه، ونقد للفكر الديني التقليدي، ومن هنا فإن "الحوار بين الأديان يكون ضدا للصدمات سواء أكانت لفظية أو اتخذت أي شكل من أشكال العدائية الفعلية"(24).

إنه علينا أن ندرك جيدا أنه عبر الحوار يمكن أن نتلمس طريق الحقيقة أو نساهم في رسمه، أو ندرك حضورها أو حضور وجه منها في قول الطرف الآخر سواء كان داخل "الملّة" أو خارجها، ولنا في قول الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم" : الحكمة ضالة المؤمن أني وجدها طلبها دعامة تشرع لهذا النهج، ومن قبل أسس الكندي 255هـ دفاعه عن الاقتباس من الفلسفة اليونانية استنادا هذا الحديث.

يبدو أنه ومن هذا المنطلق بالذات يصبح مطلب الحوار بين الأديان، بمثابة الدافع إلى تفكير علمي يكون من بواعث تجديد الفكر الديني في الإسلام، بل لنقل إن الحوار سواء ما كان منه على صعيد داخلي بين الفرق والجماعات والهيئات الناطقة باسم الإسلام في أشكاله المختلفة، أو ما كان منه على صعيد خارجي مع الآخر المختلف في العقيدة والثقافة... يتنزل بمنزلة الشرط اللازم لتطوير الفكر الديني وعقلنة خطابه، وجعل منفتحا أكثر على معارف عصره ومتفاعلا باستمرار مع التاريخ وتحولات الواقع.

وفي هذا الإطار بالذات يقرأ معنى الوحي في القرآن أو القرآن بما هو وحي من الله، إنه خلال الوحي ندرك حقيقة المعاني الإلهية السامية من الموجهة لتاريخ الشعوب، ولصيرورة الكون لأن المعاني والمدلولات كلها تجتمع فيه، فبالوحي يتجلى المعنى العظيم الذي به يعود الإنسان إلى أسمى علله، وإلى أبهى أسباب وجود"(26)، إن قراءة الوحي نظر عميق متجدد بتجدد الوجود و"إن كانت جلالة الخالق، لا حدّ لها وعظمة الإنسان لا تجف، فذلك لأن الرسالة لا تنحصر في تجربة دينية محدودة ذلك ليس في الحقيقة تساؤل عن كنه الله، بقدر ما هو تساؤل عن كنه الإنسان وعن معناه ككائن يتقبل الوحي، ويجد له معنى" (27).

إن مطلب حوار الأديان بما هو حوار بين الثقافات والحضارات تقره الديانات التوحيدية وفي مقدمتها الإسلام الذي أوصى بوجوب مجادلة أهل الكتاب "بالتي هي أحسن"( ) وأوجب التعارف والتعاون واحترام الرأي الآخر، فإنه كذلك ضرورة استوجبها وضعنا الإقليمي والدولي اليوم ذلك أن القرن العشرين كان أحد أكثر القرون عنفا ودموية في تاريخ الإنسانية حيث إن الكليانيات، الحمراء، الشيوعية أو النازية، وكذلك الحروب الاستعمارية الطويلة، والكفاح من اجل التحرر الوطني جعلت البشرية تنظر اليوم إلى الحوار بين الثقافات وبين الحصارات على أنه ضرورة ملحة. ويبدو أن العالم يريد أن يجعل من القرن الجديد (ق21م) قرن التحدي الأعظم المتمثل في بناء التعددية الثقافية، وإرساء حوار هادئ بين كل المكونات الثقافية للكون، خاصة وأننا نحسّ إحساسا مبهما بالحاجة إلى أنسنة هذه الآلة العظيمة التي تمثلها العولمة والانفتاح الاقتصادي والمالي والتجاري الشامل، وإلجامها والحيلولة بينها وبين سحق القيم والفضائل والمثل التي كانت حصاد تراكم الحضارات والفلسفات والديانات، وثمار جهود الإنسان الخيّرة.

إن التحولات العميقة التي أفرزتها العولمة لم تعزز روح التضامن والتآزر بين البشر، ولم تقدم لهم تلك الروح الإضافية التي كان عالمنا اليوم بحاجة إليها، فلا تحرير المبادلات ولا التدفق الحر لرؤوس الأموال، ولا فتح الحدود، ولا نهاية التاريخ التي تم التنبوؤ بها باسم هيمنة النموذج الأوحد للتنمية والتقدم استطاعت على ما يبدو توفير الحلول والطمأنينة للبشرية، سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات. فالإنسان الذي هو غاية كل تحول وكل تنمية، يبدو اليوم وكأنه أعزل، دونما طول أو حول، مسلوب القدرة إزاء إعادة الصياغة المتسارعة للعالم مثلما لاحظ ذلك عديد المختصين. ومع الأزمة المتعاظمة للهويات المفجرة نجد الإنسان ينشد كافة السبل التي تمكنه من الاقتراب من أخيه الإنسان، وكأنه يبحث عن مواجهة أفضل، مواجهة هادئة، من اجل إيجاد الأجوبة المناسبة لتبديد حيرته إزاء العولمة الشرسة (28).

لقد تأكد اليوم ومثلما توصلت إلى ذلك عديد الدراسات السوسيولوجية أن مسألة حوار الثقافات مسألة جوهرية وأكيدة في حياة الإنسانية، فالأفراد والجماعات والمجتمعات لا تستطيع إطلاقا أن نعيش دون حوار مع الآخر قصد تبادل للمصالح المشتركة(29) وتبادل الفكر والخبرات العلمية، وعبر الحوار تتم عملية تصحيح الصورة التي يحملها الآخر عنا، فعناصر ثقافة الحوار تمكن إذن في إيجابية النظر إلى الغير باعتباره صديقا ممكنا، ومناصرا مشاركا، وأن الجدال (الحوار) معه بالحسنى هو الذي ينحت مواقف إيجابية (و) بهذه المواقف (يمكن أن) ننقل "الغيرية" من حيز الكراهية والعداوة إلى حيز الحميمية" (30)، وهذا عين ما أوصانا به القرآن الكريم "ادفع بالتي هي أحسن فإذا للذي بينك وبينه عدواة كأنه ولي حميم" ( ) وبهذا يمكن لنا عبر الحوار أن نخرج من دوامة العنف والإقصاء، فالحوار يضع حد للنزعات الفيزيولوجية والدوافع النفسية التي من الممكن أن تتحول إلى ردود فعل عنيفة. إن الحوار بما هو كلام ومحاولة تفهم طريق إلى الحقيقة ورياضة عقلية للفكر، وأرضية تؤلف بينك وبين من أنت بصدد التحاور معه.

وتجدر الإشارة إلى ان مبدا "الحوار" قد يظل فكرة طوباوية وقيمة مثالية مندرجة ضمن الآمال الخيّرة ليس إلا. وهذا يدعونا إلى البحث بكل جدية عن منطلقات نظرية وعملية أخلاقية وسياسية ترتبط بدورها بمرتكزات تتصل بالتربية والثقافة والإعلام، هذه القنوات الحيوية جدا في عملية الحوار والتي من شأنها أن تعطي جدية ونجاعة لمبدإ "الحوار" وفي طليعة ذلك ضرورة قناعة الأطراف المتحاورة بالنديّة في التعامل وقبول الآخر بكل خصوصياته وقناعاته مع رفض الأحكام المسبقة والقراءات السطحية المتماثلة لثقافة الآخر ومعتقدة.

وفي هذا الإطار يبدو أنه للمنظومات التربوية دورا أساسيا في نشر مبادئ الحوار بين الحضارات ودعم منطلقاته، مما يستوجب تضمين معاني الحوار الديني والثقافي واللغوي في البرامج والمناهج التربوية لتعريف النشء بأهمية الإسهامات الإبداعية لمختلف الشعوب والأمم، فضلا عن أهمية تلقين الشباب مبادئ التعاون والتضامن والتكامل ودفعه إلى تنويع رصيده المعرفي حول ثقافات الشعوب ولغاتها وأدبياتها وخصوصياتها.

وهذا يعني ضرورة الإقدام على إصلاح تربوي جذري تكون من مرتكزاته تربية الناشئة على التعرف إلى محيطها البشري الواسع وتقبّل الآخر والاستعداد للعيش معه رغم الاختلاف، وفي إطار احترام خصوصياته.وهذا يعني كذلك مراجعة الكتب المدرسية لاستبعاد ما فيها من أفكار مسبقة حول الثقافات الأخرى أو من إشارات الاستعلاء الثقافي واستنقاص الآخر، وإدراج مادة الدراسات الدينية المقارنة وإعطاء حيّز أكبر لتدريس الحضارات في صلب برنامج التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية، وغير ذلك مما ورد في تقرير جاك ديلور حول التعايش ومعرفة الآخر بشأن الأركان الأربعة التي ينبغي أن يقام عليها أي نظام تربوي.

فالتربية تـظل عنصر وقاية ضد انحرافات التعصب بكل أشكاله ونوعا من التطعيم الذي يكون له مفعول على المدى البعيد ضد مخاطر السقوط في التطرف والإرهاب (30).

ويبدو المجال الثقافي وعلى الأخص مجال اللغة العربية مجالا خصبا دوره ذا اهمية في ما يتعلق بإرساء قيم الحوار وتقاليده إنه من المهم أن يكون ثمة حوار خلاق بين أهل الفكر والرأي والإبداع مع تبادل للأفكار والتصور أن وتنجز شروحات وقراءات نقدية تدفع بمستوى الإبداع والفكر وتعطي معنى عميقا لدورهما في المجتمع والتاريخ.

إننا في الحقيقة نفتقر إلى قراءات جادة وعميقة لما يكتب راهنا في الوطن العربي، وليس -هناك بما الكفاية- مواكبة نقدية وقراءات شاملة ذات منطلقات معرفية لما تراكم في حقل الفكر العربي المعاصر، إن هذا الفكر يفتقر لما هو لازم لتطوّره ونعني الحوار إذ يحقق الحوار أواصر التواصل الخلاق بين أشكال الفكر والنظر، مثلما هو يمنح للفكر التحاما بواقعه التاريخي والاجتماعي، وهذا مطلب من مطالب الفكر، وعامل يساعده في تحقيق مهمة أساسية من مهامه وهي مهمة التقدم والحرية.

لننظر -مثلا في الدور الذي منحه الباحث المغربي في تاريخ الفلسفة والأفكار- وهو الأستاذ محمد وقيدي للحوار ودوره في يقظة الفكر الفلسفي في العالم العربي واضطلاعه بدوره الريادي في المشروع الحضاري العربي، فهو يرى أن التساءل عن مدى حضور الفلسفة في بيئة ثقافية ما يتطلب أن نتساءل عن مدى محاوره فلاسفتها لتاريخ الفلسفة ومذاهبه، من جهة وللتطورات العلمية وما تدفع إليه من توجهات فكرية جديدة من جهة أخرى، ثم محاورة كل نسق فكري للأنساق المعاصرة له ومع تلاقح الأسئلة التي يلقيها كل نسق في إطار معرفي شامل يمثل مرحلة تاريخية لبيئة ثقافية محددة مثل العالم العربي بشكل عام أو مثل المغرب بصفة خاصة. وهكذا، فإن الحوار المقصود يكون هنا عاما وخاصا في الوقت ذاته: مع تاريخ الفلسفة وتاريخ العلوم والأنماط الأخرى من التفكير حين يكون بينها وبين الفلسفة تقاطع، ثم مع وجهات النظر الفلسفية الأخرى داخل نفس البيئة الثقافية، إن النظر إلى الحوار في هذه الحالة بوصفه منهجا يكون شرطا لتطور الفكر الفلسفي، الذي يصبح من خصائص هذا النمط من التفكير، وهذا يذكى الحوار في المجتمع حول قضاياه الأساسية، فتلعب الفلسفة بذلك دورا إيجابيا يجعلها تتصف بصفة الحياة (32).

ونجده يرسم الحدود الفاصلة بين نمطين في الحوار من خلال معاينة مباشرة أجراها لواقع الفكر الفلسفي العربي حيث لاحظ "ضعف الحواريين". المؤلفات التي يتشكل منها نتاجه، علما بأني أدعو إلى التمييز في هذا المستوى بين الحوار الهادف إلى دحض آراء الغير وبين الحوار بمعناه الحق وهو ما يعني التفكير بالمعية، أي بالاعتماد على قول الغير ومعه. نحن، في هذه الحالة، أمام حالة شبيهة (دون تطابق طبعا) بتلك التي وصفها هوسرل عندما رأى أن وجها من اوجه عجز الفلسفات في زمنه عن أن تكون فلسفات حية يرجع إلى ضعف الحوار بينها. وهـذا ما يعني عجز الفلسفات التي تكون متزامنة عن الإنتاج ضمن ما سماه هوسرل "المحل الروحي المشترك" الذي نتبادل فيه الحوار . فهذا الرجوع إلى ما هو مشترك والدخول في حوار ينطلق يكون منه الشرط الذاتي لإخصاب الفكر مطلقا والفكر الفلسفي في كل بيئة ثقافية (33).

وبناء عليه يمكن أن يكون الحوار فعلا خلاّفا للمعرفة بما هو "تفكير بالمعية" مدخلا حقيقيا إلى المعرفة والتقدم ومعالجةالإنسان مطلقا وضدّا للصدامات والتعارضات والصور الخاطئة عن الذات والآخر، إنه عبر الحوار المعرفي الخلاق نتخلص من النظرة السلبية التي من الممكن أن يكون الآخر يرانا بها، ذلك أن الآخر ليس عدوا، وضدّا سلبيا دائما(34)، مثلما أنه عبر الحوار المعرفي الخلاق يمكن أن نؤسس لثقة بالذات، ولمعنى لوجودنا ونتجاوز السلبيان والمصادمة، وهو ما من شأنه أن يمنحنا مكانة في التاريخ أو في صنع التاريخ الكلّي للبشرية مثلما ساهم أجدادنا من أعلام العرب والمسلمين بقدر كبير في صنع الحضارة الإنسانية على امتداد قرون ثمانية.


الهوامش

1) لقد استقرت عديد الأبحاث على اعتبار صدمة الحداثة لحظة الظهور الحقيقي للفكر العربي المعاصر المهتم بإشكالات التقدّم والحداثة والتحرّر والوعي بالتاريخ، انظر، البرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة، بيروت لبنان 1997، (نص المقدمة) عبد الله العروي، ثقافتنا في ضوء التاريخ المركز الثقافي، 1992.

2) إلى الآن لم يحسم الخطاب العربي المعاصر أمر قراءة فكر عصر النهضة، وتقويمه، إذ أنه رغم تثمين ما جاء في مقالات مفكري الإصلاح والنهضة من تشبث بالحريات وفكرة الحق والمواطنة والدعوة إلى العلم وإعمال العقل فإنه يطرح القول حول النهضة العربية وانجاز ما ظهرت لأجله أطروحات النخبة الإصلاحية، نحيل في هذا مثلا على كتاب مسعود ظاهر، النهضة العربية والنهضة اليابانية" : (تشابه المقدمات واختلاف النتائج)، ضمن سلسلة "عالم المعرفة" التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 252 ديسمبر 1999.

3) منذ أواخر الستينات وإلى عهد قريب تمركزت كتابات طليعية كثيرة حول بحث إشكاليات هذا الزوج: "المثقف والسلطة" مثال ذلك ما اشتملت عليه دوريات مثل "دارسات عربية" منشورات دار الطليعة بيروت ومجلة ""المستقبل العربي" مجلة "الوحدة"، مركز دراسات الوحدة العربية...

4) قليلة هي الدراسات التي اهتمت بتحديد مدلول مصطلح الفكر العربي المعاصر، واكتفى بالإشارة إلى مرجع خاض بما فيه الكفاية في ذلك وهو عمر الإمام، أحمد أمين والفكر الإصلاحي الحديث، دار محمد علي الحامي، تونس 2001، ص 12 وما بعدها.

5) كما هو معلوم مثّل هذا السؤال عنوان كتاب للمصلح شكيب أرسلان طبع بالقاهرة 1939.

6) لقد انشغل الخطاب العربي ومن خلال جهود عدد هام من المفكرين والباحثين العرب بسؤال "التراث" وقراءته، وتأويل التاريخ حتى عدت هناك مشاريع فكرية كبرى تختص فحسب بهذا العمل. انظر العروي في العرب والفكر التاريخي، المركز الثقافي العربي 1992. والجابري في نقد العقل العربي بأجزائه الأربعة، المركز الثقافي العربي، 1986-2004، وطيب تيزيني في "مشروع رؤية جديدة للفكر العربي"، ط، 5 دار دمشق، 1981 . محمد أركون في تاريخية الفكر العربي الإسلامي ترجمة هاشم صالح، مركز الإنماء القومي بيروت، 1985. والفكر الإسلامي قراء علمية، ترجمة هاشم صالح، مركز الإنماء القومي، بيروت 1989 وأدونيس، الثابت والمتحول، 3 أجزاء ط، 5 دار الفكر لبنان، 1985.

7) ظهر مفهوم التعددية الدينية في الأول كمفهوم حقوقي سياسي فرضته أدبيات حقوق الإنسان ومواثيق الحريات العامة لكن سرعان ما تبنته بعض المرجعيات الفكرية الدينية، انظر مثلا مجلة المنطلق الجديد، لبنان، العدد الثالث، 2001 حيث قدمت أشغال ندوة موضوعها التعددية الدينية.

8) انظر حول هذا المعنى للحوار الفيلسوف الألماني هان جورج غادمير H.G.Gadmer كتابه Verité et Méthode, Seuil - Paris 1976

9) ينقد المفكر العربي هشام جعيط بشدة آحادية النظرة إلى الآخر التي انحصر في دائرتها الفكر العربي المعاصر حيث ظل يعتبر أن الآخر هو فقط الغرب الأوروبي والأمريكي لكنه ينسى الشرق الآسيوي ممثلا في بلدان مثل اليابان والصين والهند وكوريا وما يعنيه ذلك من تقدم كبير في التكنولوجيا والعلم وثقل اقتصادي، انظر كتابه أزمة الثقافة الإسلامية، دار الطليعة بيروت، 2000، (انظر الفصل الأول)

(*)البيروني، تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل او مرذولة، ط، حيدر آباد 1957

10) البيروني المصدر السابق، نص المقدمة.

11) كما هو معلوم اكتمل هذا المفهوم الابستمولوجي في العلم الحديث مع الفيلسوف والعالم الفرنسي قاستون باشلار، انظر كتابه :

Le Nouvel esprit Scientifique, édition, P.U.F, Neuvième édition paris (1966)

12) البيروني، المصدر السابق، ص 3.

13) البيروني، م.ن،ص 5.

14) البيروني، م.ن.7

15) المصدر السابق، ص 13.

16) المصدر السابق، ص.ن.

17) المصدر السابق، ص 14، 15.

18) م.ن، 18.

19) م.ن.ص،ن

20) م.ن.ص.19.

21) Carrade Vaux, la Penseur de l’Islam, Paris, 1921, p75.

22) انظر حمادي بن جاء بالله، "في مبادئ الحوار وضابطه"، مجلة "المسار" (اتحاد الكتاب التونسيين) العدد 58، أوت 2002، ص 85.

23) حول هذه الفكرة انظر محمد وقيدي، حوار فلسفي قراءة نقدية في الفلسفة العربية المعاصرة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1985، حيث يبين على امتداد فصول هذا الكتاب دور الحوار الجدي المعرفي في الإعداد لقيام فكر عربي وفلسفة عربية تعبر عن وجودنا.

24) ساهم بدرجة أساسية في بلورة هذا المفهوم محمد أركون، انظر كتابيه: تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ترجمة والفكر الإسلامي قراءة علمية، سبق ذكرهما.

25) انظر عبد المجيد الشرفي، حوار الأديان (ترجمته عن الفرنسية حسناء سلامة) منشور ضمن، تونس البيان حوار ثقافي: مؤلف جماعي، بيت الحكمة قرطاج تونس، 2002، ص 34.

26) عبد الوهاب بوحديبة ، كلام الله وحضوره المستمر في التاريخ، ضمن مؤلف جماعي، الملتقي الإسلامي المسيحي الثاني سلسلة الدراسات الإسلامية(6)، مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، تونس 1980، صص 17،18.

27) م.ن، ص 18، وانظر لنفس المؤلف، ثقافية القرآن (نص المقدمة) بيت الحكمة، 2004.

28) انظر حول هذه الأفكار والمعاني د.المنجي بوسنينة، رؤى ومواقف،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس 2002، ص 8 وما بعدها.

29) الأخضر النصيري، حوار الثقافات مسألة حاسمة في مجتمعاتنا الحديثة، مجلة الحياة الثقافية العدد 166 جوان 2005 تونس، ص 75.

30) م.ن، ص 77.

31) المنجي بوسنية، رؤى ومواقف، سبق ذكره، صص 12-13.

32) محمد وقيدي، الفلسفة انطلاقا من الحوار، مجلة "المناهل" تصدرها وزارة الثقافة المغربية، العدد 71-72، السنة 2004 صص،243-244 .

33) م.ن، ص 245.

34) في خصوص هذه الفكرة يمكن النظر مثلا في "إصدار معاصر وهو "الإسلام شريكا" (دراسات عن الإسلام والمسلمين) تأليف فريتس شتيبات العميد السابق لمعهد الدراسات الإسلامية بجامعة برلين الحرّة، والأمين العام لجمعية المستشرقين الألمان. وقد ترجم هذا الأثر من الألمانية إلى العربية عبد الغفار مكّاوي، وصدر ضمن سلسلة "عالم المعرفة"، العدد 302 المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أبريل 2004.

المصدر: https://www.mansourdialogue.org/Arabic/lecs%20(39).htm

https://www.atida.org/makal.php?id=33









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:34   رقم المشاركة : 1033
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة taranim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله .انا عندي بحث في مقياس التيارات الفكرية بعنوان ’ الفكر العربي الاسلامي المعاصر ’ اريد المساعدة و بعض المراجع التي تناولت هدا الموضوع. ولك أخي جزيل الشكر
https://www.islamweb.net/media/index....lang=A&id=2623


https://www.dorar.net/art/463









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:35   رقم المشاركة : 1034
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة taranim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله .انا عندي بحث في مقياس التيارات الفكرية بعنوان ’ الفكر العربي الاسلامي المعاصر ’ اريد المساعدة و بعض المراجع التي تناولت هدا الموضوع. ولك أخي جزيل الشكر
الفكر العربي المعاصر: المدلول والمصادر
الدكتور جيلالي بوبكر
الفكر العربي المعاصر: المدلول والمصادر
* يمثل الفكر في حياة الإنسان الثقافية والحضارية والتاريخية العامل المحرّك الذي يشكل الإنسانية بكل أبعادها في الفرد ويبني المجتمع والدولة والأمة ويحرك التاريخ ويصنع الحضارة، من دون الفكر يبقى الإنسان رهينة لبهيميته لا تشغله إلاّ شهوته وحبيس حاضره في مستوى الحيوانية لا تهمه إلاّ لحظته الراهنة، لكنّه مخلوق مُكرّم بالعقل وقوى أخرى لا تحصى، بها صار على ما هو عليه الآن من رفعة وسؤدد وسيطرة وتحكّم.

* الفكر يصنع الإبداع بشقّيه الكشفي والاختراعي والإبداع قوّة لم تُؤت لغير الإنسان ترتبط بالفكر، تُطوّره وتُجدده باستمرار، والتقدم الذي أحرزه الإنسان في جميع ميادين الحياة عبر العصور وانتهى إلى ما يسمى بالثقافة والحضارة هو نتيجة للتقدم الفكري والعلمي والتقني الناتج عن قدرة الإنسان على الوصول إلى الجديد في النظر والعمل، وذلك هو عين الإبداع وجوهره، ولولا الإبداع ومن وراءه الفكر لبقيت الإنسانية على حالتها البدائية الأولى ولم تعرف الرقي والازدهار الحضاري.

* للفكر كيان فعّال ومنفعل، يتعاطى مع الواقع سلباً وإيجاباً ويعكسه ويندمج فيه أو يقاطعه ويعاديه، كما يتعاطى معه بعمق أو بدون عمق، باندفاع أو بتبصر، بجدّية أو بدون جدّية، يهتم بشكله وصورته أو بمحتواه ومضمونه أو بهما معاً، يعامله بصدق وصراحة أو بنفاق وخداع، يبقى دوره أساسيا في تغيير ظروف الحياة في مختلف جوانبها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، والجانب الفعّال والمنفعل في الفكر هو وراء كل التغيّرات التي تشهدها حياة الإنسان الفردية والجماعية سواء أكانت إيجابية أو سلبية.

* إنّ الفكر ميزة بشرية وجهد إنساني كرّم الله به الإنسان وفضّله على كثير من مخلوقاته، فصار وراء كل ما صنعه الإنسان، سواء في ميدان النظر أو في مجال العمل، والفكر مرتبط بعوامل عديدة، خارجة عن الإنسان وموضوعية وأخرى مرتبطة بذاته، والفكر له كيانه ووجوده المستقل المتعدد والمتنوع في مجالاته و نتاجاته وهو معطى طبيعي بشري يقوم على الحرية والإبداع، فالتعدد والتنوع والتطور في الفكر أمور طبيعية لا تسمح لنا بإخضاع الفكر لمنهج واحد ونمط واحد وفي مجال واحد ووفق إيديولوجية واحدة، فالفكر أوسع عن أن يكون يسارياً فقط أو يمينياً فحسب.

* الفكر يتعدد ويتنوع، يتنوع بتنوع بيئات الشعوب والأقوام والأمم والمجتمعات الجغرافية والسياسية وغيرها، وتنوع الثقافات والحضارات والفلسفات والديانات في هذه البيئات، ويتعدد بتعدد مجالات الحياة التي تتميز بالتنوع والتداخل داخل المجتمع الواحد والبيئة الواحدة والحضارة الواحدة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ودينيا وفلسفيا وعلميا، يتنوع بتنوع الوعي التاريخي والظروف التاريخية التي تعرفها الإنسانية عبر الحقب التاريخية المختلفة التي تمرّ بها جماعاتها، الأمر الذي جعل بحوزة الإنسان أنواعا وأنماطا وأشكالا شتى من التفكير ذات معايير شتى في تصنيفها، يعجز الإنسان عن الإلمام بها جميعا في وقت واحد.

* الفكر العربي الإسلامي نوع من أنواع الفكر التي عرفها تاريخ الإنسانية، له منظوماته وخصوصياته، ارتبط بالوجود العربي وبالوجود الإسلامي وتطوّر عبر العصور متأثرا بسائر التحوّلات التي عرفها الإنسان في حياته، يتحدد بالتراث الإسلامي المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية - المنظومة التأسيسية - وما انبثق عنهما من منظومات فكرية وعلمية وفلسفية منذ القديم حتى الآن، كما يتحدد بالتراث العربي متمثلا في ديوان العرب قبل الإسلام، وفي سائر عناصر الثقافة العربية الفكرية والدينية والأخلاقية والسلوكية، التي جاءت وتطوّرت بعد الإسلام إلى يومنا هذا، ويتحدد كذلك بما أفرزه امتزاج التراث العربي بالتراث الإسلامي بالفكر الإنساني القديم والحديث والمعاصر وبمشكلات وتحدّيات العصر الحاضر وتحوّلاته.

* الفكر العربي الإسلامي المعاصر جزء من الفكر العربي الإسلامي ككل بجميع منظوماته التأسيسية والتجديدية وبما فيه من عناصر ذاتية محلية وأخرى عالمية شمولية عامة، ثوابت أو متغيرات، هو جزء من الفكر الإنساني العالمي العام، يعكس حياة الإنسان بجميع جوانبها في العالم العربي والإسلامي المعاصر، ويصور المشكلات والهموم والتحوّلات والتحدّيات، كما يعرض الجهود المبذولة والمحاولات القائمة والمواقف والاتجاهات والتوجهات في جميع مستويات الحياة، فلا سبيل للاطلاع على أي مرحلة تاريخية إلاّ بالفكر ومن خلاله.

* نحتاج في هذا البحث إلى التعرض لمدلول الفكر العربي الإسلامي المعاصر، من حيث كونه عربيا ومن حيث كونه إسلاميا ومن حيث هو منظومة فكرية عربية إسلامية فيها العناصر الذاتية المحلية وفيها الكثير من الجوانب الإنسانية المشرقة وغيرها ذات الطابع العالمي الشمولي العام، ونتعرض لتياراته الكبرى التي انبثقت من التواصل بين الموروث والوافد وتأثرت من دون شك بما يجري في العصر من مستجدّات ومتغيّرات في كل مستويات الحياة، ونتعرض لمدارسه الفلسفية المختلفة التي ارتبطت هي الأخرى في نشأتها واستمدادها بالتيارات الفكرية وبالموروث والوافد، ونتعرض للتحدّيات التي تواجهه وتحوّلات العصر، وللآثار والتداعيات والانعكاسات التي خلّفتها تحوّلات العصر وتوجّهاته، ونشير بصفة عامة ومن وجهة بعض المفكرين في العالم العربي والإسلامي إلى السبل الكفيلة بحل المشكلات وتجاوز الصعوبات وتمنع انعكاسات تحوّلات العصر الخطيرة، وتضمن معادلة متوازنة تجمع الحداثة والتحديث والتراث وتسمح للفكر العربي الإسلامي بالتطور والازدهار والإسهام في بناء حضارة عصره دون أن يتخلّى عن خصوصياته.
* تتكون التسمية من أربعة مفاهيم هي الفكر والعربي والإسلامي والمعاصر، أما الفكر فهو قدرة الإنسان على النظر العقلي في الموضوعات وتعقيلها أو تعقّلها، وإنتاج المعرفة وتداولها والاعتماد على العقل في الإصلاح ورسم التقدم وفي تنظيم حياة الفرد وتوجيه حياة المجتمع في جميع مجالاتها، والفكر هو قدرة الإنسان على التأمل والتدبر والتفكّر والتبصر والتعقّل والتنظير وإعمال العقل باستخدام كل فعّاليات الذهن ونشاطاته في الوجود الفردي الذاتي الباطني وفي الوجود الاجتماعي الموضوعي الخارجي وفي الوجود الإنساني العام وفي الوجود الطبيعي الموضوعي وفي الوجود الغيبي الميتافيزيقي، والفكر يختلف من فرد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر من حيث الأسلوب والاهتمامات والغايات والمبادئ والمنطلقات ودرجة الصحة ومعاييرها ودرجة العمق وشروطه ودرجة الوفرة والكفاية ومجالها ومدى الدقة وحدودها، الأمر الذي يدل على أنّ الفكر تتحكّم فيه عدة عوامل متداخلة بعضها ذاتي في الإنسان وبعضها موضوعي، بعضها داخلي وبعضها خارجي اجتماعي وطبيعي وغيره، بعضها قديم وبعضها حديث وآخر معاصر.
* نظرا لاختلاف الأفراد والجماعات والأزمنة في التفكير ونظرا لتعدد موضوعات ومجالات التفكير ونظرا لاتساع المجال الواحد بحيث لا يمكن للتفكير أن يتصدّى له كاملا دراسة وبحثا، وكلما ازداد التفكير تعمقا في تفاصيل وجزئيات مجال ما كلما ازداد المجال المدروس في آفاقه توسعا وتبحرا، الأمر الذي جعل الفكر الإنساني في تطوّره ينتقل من العصور القديمة إلى العصر الحديث والعصر الحاضر من التوجّه الفكري النمطي الموسوعي إلى التوجّه الفكري التخصصي اللاّنمطي، ويعرف كل تخصص من التخصصات اتساعا وعمقا كلما ازداد تقدما في البحث والدراسة، لهذا عرف الإنسان أنواعا شتى من التفكير تتعدد وتختلف باختلاف مصادرها ومحدداتها وموجهاتها، ومن هذه المصادر والمحددات والموجهات تكون جغرافية ولغوية وبيئية ودينية، وهي مصادر ومحددات وموجهات الفكر الذي ارتبط بالجغرافيا العربية وباللغة العربية وبالثقافة العربية وبالسلوكيات والممارسات العربية المختلفة وبديوان العرب وبالديانة الإسلامية والبيئة العربية الإسلامية عامة وتطوّر بالاحتكاك والتواصل والانفعال والتفاعل مع أنماط التفكير الأخرى، ومرّ بظروف ومراحل تاريخية أسهم فيها وأسهمت فيه، حتى وصل إلى العصر الحديث والمعاصر بالصورة التي هو عليها، وفيه التقت عدة أفكار وعدة ثقافات وعدة ديانات وعدة فلسفات، خاصة بالنسبة للجانب الإنساني العالمي فيه، وله من العناصر الذاتية والمحلية ما يتميز به عن غيره، هذه المكونات بقسميها الخاصة والعامة تدل بجلاء على وجود نوع من الفكر هو جزء من رصيد الفكر العالمي الإنساني العام هو الفكر العربي الإسلامي له كيانه وخصوصياته.
* أما الفكر العربي وكونه عربيا فالفكر هنا مرتبط في أساسه باللّغة العربية وبالثقافة العربية وبالعنصر العربي بالدرجة الأولى أي بالعروبة عنصرا ولغة وثقافة وجغرافيا وبكل ما يخص العرب وحياتهم في العصور القديمة وفي العصر الحديث وعصرنا الحاضر، ويشمل الفكر العربي إسهامات العديد من المفكرين الأعاجم التي جاءت باللغة العربية، على أساس أنها لغة القرآن والسنّة أسست لحضارة عربية إسلامية مزدهرة وقوية، وارتبطت قبل ذلك بثقافة عربية قوية تمثلت مظاهرها في فنون أدبية نثرية وشعرية وفي ألوان أخرى من الفكر والثقافة والديانات بعضها عربي صرف وبعضها دخيل بفعل احتكاك العرب بغيرهم من شعوب العالم، عن طريق الأسفار والتجارة والغزوات والحروب وغيرها، ويشمل المعطى الثقافي والفكري والديني والأدبي لدى العرب قبل الإسلام عدة اتجاهات أهمها الديانة اليهودية والديانة المسيحي ومذهب الصابئة ومعطى الثقافة العربية المتمثل في ديوان العرب بالإضافة إلى اللغة العربية والتاريخ والكثير من المعتقدات والأفكار التي استوعبها الإسلام وهذبها وأصبحت من جوهره وروحه.
* فالفكر العربي في جانبه العربي يشمل كل ما هو عربي صرف عربي، عربي يهودي، عربي مسيحي عربي صابئي، عربي بمعتقدات وأفكار ومعارف أخرى، ويظم كل ما هو عربي ممزوج بغيره استوعبته الثقافة العربية والبيئة العربية في توافق وانسجام قبل الإسلام، كما يشمل كل ما هو عربي تطوّر وامتزج بالإسلام وتطوّر بعد امتزاجه بالإسلام، وبعد امتزاجه بثقافات وديانات وفلسفات أخرى، بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية واحتكاك العرب والمسلمين واللغة العربية والثقافة العربية بشعوب وأمم غير عربية في مشارق الأرض ومغاربها، عن طريق الفتوحات الإسلامية والتجارة والأسفار العلمية وغيرها، ولعبت حركة الترجمة دورا كبيرا في نقل التراث الفكري والفلسفي والأدبي وغيره إلى العرب والمسلمين، فانكبوا عليه دراسة وفحصا ونقدا وتحصيلا، كما يشمل ما هو عربي تطوّر عبر العصور الإسلامية والعصور الوسطى، خاصة ذلك الذي ارتبط بالبيئة العربية ويحمل خصوصيات عربية، ولما دخل عليه العصر الحديث تفاعل معه في توافق ووئام وانسجام في حين وفي تنافر وتباين واصطدام في حين آخر، حتى جاء العصر الحاضر الذي أصبح فيه الفكر العربي يطلق على أي إنتاج فكري وثقافي للعرب وللغة العربية وللبيئة الثقافية العربية نصيب فيه، في العصور القديمة وفي العصر الحديث وفي عصرنا الحاضر، سواء أكان الإنتاج الفكري والثقافي العربي صرفا في عروبته أو ممزوجا بغيره، والفكر العربي الإسلامي من إنتاج امتزاج الفكر العربي بالإسلام وبالفكر الإسلامي منذ ظهور الإسلام إلى اليوم.
* أما الفكر الإسلامي وكونه إسلاميا لارتباطه بالإسلام عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، ولاتصاله بالثقافة الإسلامية وبحياة المسلمين، وبسائر التطورات التي عرفتها هذه الحياة منذ مجيء الإسلام إلى اليوم، خاصة وأنّ قوّة الإسلام ومناعته وفي المقابل هشاشة المعتقدات والديانات والثقافات الأخرى جعل الإسلام ينتشر بسرعة ويُقبل عليه الناس مجتهدين في تكييف معتقداتهم وثقافتهم وفلسفاتهم مع المعتقدات والتعاليم الإسلامية أو متخلين عنها مندمجين تماما في الحياة الإسلامية، وارتبط الإسلام والفكر الإسلامي باللغة العربية لكونها لغة القرآن الكريم ولغة الديانة الإسلامية ولغة التعبد في هذه الديانة، فاحتضن الإسلام الثقافة العربية التي سبقته بما في ذلك ديوان العرب وقام بإصلاحها بتهذيبها، فأصبحت الثقافة آنذاك مركبة مما هو عربي ومما هو إسلامي، والأمر نفسه ينطبق على الفكر في تلك الحقبة، الفكر الذي ازداد اتساعا وازدادت معه الثقافة غنى وثراء.

* مادام الإسلام يدعو إلى التأمل والتدبر والتفلسف في الوجود والكون والحياة عامة، ويدعو إلى إنتاج الفكر والمعرفة والاجتهاد في ذلك باستمرار، فإنّ هذه الدعوة فتحت كل الآفاق على البحث والدراسة والاطلاع، من طرف المسلمين العرب وغير العرب، الأمر الذي جعل الساحة الفكرية والعلمية والفلسفية والثقافية عامة في العالم العربي والإسلامي تشهد ازدهارا هائلا، خاصة بعد اتصال الثقافة العربية والإسلامية بالثقافات الشرقية القديمة، الثقافة المصرية القديمة والثقافة الفارسية والثقافة الهندية والثقافة الصينية، واتصالها بالفلسفة اليونانية وبالعلم اليوناني، هذه الفلسفة وهذا العلم اللذان يمثلان قمّة التطور الذي عرفه اليونان القديم بعد حكمة الشرق القديم، هذا التطور سنح لبعض المفكرين والفلاسفة في الغرب الأوربي الحديث والمعاصر برفع شعار "الحضارة حكر على الغرب" قديما وحديثا ومعاصرا، وهو موقف يجانب الحقيقة في كافة أوجهها، لأنّ الحضارة لا عنوان لها والتقدم العامي لا وطن له والحكمة ليست حكرا على أحد فالحضارة عرفتها الشعوب الشرقية القديمة، والحكمة الفلسفية والعلمية اضطلع بها اليونان القديم والتقدم العلمي أنتجه المسلمون في حضاراتهم، كما نجد الحضارة في العصر الحديث والعاصر تحوّلت إلى أوربا لما توفرت شروطها، وحصا الأخذ والعطاء بين الحضارات في التاريخ.
* يبقى التواصل العربي الإسلامي بالفكر الإنساني الذي سبقه والذي عاصره على مدى مختلف الحقب التاريخية هو الذي كان وراء ظهور الكثير من الاتجاهات الفكرية والفلسفية والعلوم والفنون والآداب وغيرها، وتبلورت تلك الاتجاهات في شكل أنساق علمية، فظهرت علوم الحكمة أو العلوم العقلية وتمثلت في الفلسفة وعلم الكلام وفرقه وفي علوم التصوف، كما ازدهرت العلوم الطبيعية والتجريبية وتطورت معها الفنون العملية والصناعات المختلفة، وظهر العديد من العلوم الدينية، مثل علوم التفسير وعلم الفقه وعلم أصول الفقه وعلوم الحديث وعلم السيرة النبوية وغيره، وفي خضم هذا التقدم العلمي الذي تميّز به الفكر العربي الإسلامي وتميّزت به الحضارة العربية الإسلامية تطورت علوم اللغة العربية تطورا هائلا لاحتوائها ثقافات متنوعة وتعبيرها عن حضارة الإسلام والمسلمين، هذا التطور الذي أسهم في فيه المسلمون من عرب وعجم انتهى باكتمال ظهور فكر جديد تولّد عن امتزاج اللغة العربية والثقافة العربية بالإسلام وبثقافات وديانات وفلسفات أخرى شرقية وغربية، وكانت المعايير في هذا الفكر الجديد هو ما جاء به الإسلام من معتقد وشرعة ونظام، كل منها مُثبّت في القرآن الكرم والسنة النبوية الشريفة، باعتبارها تمثل أصول العقيدة ومصادر التشريع الإسلامي.
* أما الفكر العربي الإسلامي المعاصر وكونه معاصرا فهذا يدل دلالة واضحة على أنّ الفكر متغير ومتطور تاريخيا وباستمرار عبر العصور، فهو مرتبط بالعصر الذي يتواجد فيه وبظروفه، ويتغير بتغير انشغالات واهتمامات ومشكلات العصر، ولما كانت الغاية القصوى في صدر الإسلام التمكين للإسلام على أرض الله ونشر عقائده وتعاليمه والدفاع عنها وشرحها وتوصيلها إلى الناس خاصة لأصحاب الديانات والثقافات والفلسفات الأخرى، كالفرس والروم والإفرنج واليونان وغيرهم كثير، جاء الفكر بطابع عقلي جدالي يقوم على الحوار والمحاجة والجدل ويستخدم الاستدلال العقلي المنطقي في إثبات عقائد الإسلام ودفع الشبهات عنها، وفي الردّ على الخصوم والمعارضين الذين هم من داخل العالم الإسلامي أو من خارجه، الطابع العقلي الاستدلالي المنطقي الفلسفي للتفكير في هذه الحقبة التاريخية عكسته الفرق الكلامية والاتجاهات الفلسفية.
* بعد مرحلة استخدام الاستدلال العقلي المنطقي للذود عن الدين وفي ظل أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وظروف فكرية وثقافية مغايرة للتي سبقتها ازدهرت حركة التصوف والمتصوفة، وازدهرت حركة العلم والعلماء والبحث العلمي ومناهجه، وانتهت إلى نتائج علمية متطورة جدّا بالقياس إلى الحركات العلمية السابقة وما تميّزت به في الشرق القديم أو في الحضارة اليونانية، تمثلت هذه النتائج في ظهور عدد من العلوم المزدهرة، فلسفية ودينية مثل علم الكلام وعلوم التصوف وعلم أصول الفقه وعلم الفقه وعلوم القرآن وعلوم الحديث وغيرها، وطبيعية تجريبية مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضة والفلك وغيره، وإنسانية واجتماعية من التاريخ والعمران البشري وعلم الاجتماع وغيره، بهذا ارتبط الفكر العربي الإسلامي بأوضاع وظروف ومشكلات الإنسان في المجتمع الإسلامي منذ ظهور الإسلام حتى الآن، كما ارتبط بحضارة عربية إسلامية مزدهرة قائمة بذاتها انبثقت من مبادئ وقيّم ومفاهيم الإسلام عقيدة وشريعة في تفاعلها وتواصلها مع الديانات والثقافات والفلسفات والحضارات السابقة.
* لما كان الفكر نشاطا إنسانيا مرتبطا بالظروف التاريخية وحركة بشرية تمليها الأوضاع التي يعيشها الفرد وتعيشها الجماعة ثقافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا في عصر من العصور، فإنّ الظروف التاريخية والاهتمامات والانشغالات والمشكلات والتحديات والتحولات التي عاشها ويعيشها الإنسان في العالم العربي والإسلامي في العصر الحديث والمعاصر تختلف تماما عن تلك التي عرفها المجتمع الإسلامي القديم، وهي كثيرة منها الاستعمار، الاستقلال، الإصلاح، النهضة، التخلف، التحرر، الحداثة، ما بعد الحداثة، التجديد، التنوير، القومية، الليبرالية، الاشتراكية، الديمقراطية، حقوق الإنسان، المجتمع المدني، العلمنة، العلمانية، الأتمتة، والعولمة وغيرها، فالفكر العربي الإسلامي المعاصر يشمل كل البحوث والدراسات والمشاريع الفكرية والفلسفية التي تشتغل ببحث المشكلات والقضايا والانشغالات في العام العربي الإسلامي المعاصر، وهي اهتمامات المجتمع المعاصر بصفة عامة واهتمامات الشعوب المتخلفة ومنها الشعوب العربية الإسلامية، ولكونها شعوبا تراثية فإنّ الفكر لديها مرتبط بالتراث العربي الإسلامي من جهة وبالوافد من جهة أخرى، فهو يخضع لمحددات ثلاثة الموروث والوافد والواقع المعيش، ويتصدى لهذا الفكر عدد من المفكرين والباحثين منتشرين عبر أقطار البلاد العربية والإسلامية، كما يمثله عدد من الاتجاهات الفكرية والدينية، ويستجيب لاهتماماته عدد من المشاريع الفكرية تمثل الموقف الحضاري فيه.
* إنّ أهمّ ما تميّز به الفكر العربي الإسلامي عامة، والفكر العربي المعاصر خاصة ظاهرة التعدد والتتنوع والتركيب، ففيه الموروث المحلي والدخيل، وفيه المعاصر الوافد وغير الوافد، وبين الوافد والموروث يوجد تعدد كبير وتنوع هائل في عناصر ومكونات المنظومة الفكرية في العالم العربي والإسلامي، هذه المنظومة التي تتفاعل بداخلها سائر عناصر المظاهر الثقافية والفكرية والمعرفية فيما بينها من جهة ومع تحولات العصر وتحدياته من جهة أخرى، والتفاعل الداخلي بين عناصر المركب للمنظومة يتم في توافق وانسجام على مرّ العصور واختلاف ظروفها التاريخية وتجدد الأبنية المعرفية والثقافية باستمرار مع تجدد أوضاع الحياة، والذي يدل على مدى التفاعل داخل شبكة المنظومة الفكرية العربية والإسلامية عامة هو ارتباط الفكر في هذه الشبكة بالحياة الثقافية والفكرية والفلسفية والعلمية وغيرها، وبكل ما هو عربي فكرا وممارسة وتاريخا وغيره وبكل ما هو إسلامي عقيدة وشريعة وفكرا وممارسة وتاريخا وغيره، وبكل التحولات والتحديات المعاصرة في العالم بصفة عامة وفي العالم العربي والإسلامي بصفة خاصة، وباستجابات هذا الفكر لهذه التحديات وبآفاقه وتطلعاته، وبحكم تركيبه فهو ينطوي على ما هو ثابت وعلى ما هو متغير، فلكونه إسلاميا ففي الدين ما هو هدي إلهي أزلي خالد لا مكان للتجديد فيه، والفكر الإسلامي نتيجة للتفاعل بين المسلمين وأحكام الدين الخالدة، هذا التفاعل الذي يستمر مع أجيال المسلمين التي تضطلع بالتفكير في الإسلام يتأثر ويتكيف وينفعل بالظروف القائمة التي تحيط به، وبمطالب وحاجات الناس وبالوسائل والإمكانيات المتاحة، مما يدل على احتواء الفكر الإسلامي للمتغيرات واستيعابه للجديد وممارسته التجديد في ظل الهدي الأزلي الخالد الذي يتضمنه الوحي وبيّنته السنة النبوية الشريفة، هذه الثنائية ثنائية الثبات والتغير في الفكر الديني الإسلامي سنة كونية وحكمة إلهية قامت عليها الحياة، والأمر نفسه مع الفكر العربي الذي يتضمن قيّما ثابتة قد تكون مشتركة بينه بين الفكر العالمي العام وقد تكون خاصة به، عرفها ومازالت تحدده ويتحدد بها، وهكذا مع كل أنواع الفكر سواء أكان الفكر مشتركا بين بني الإنسان ولهم عامة أو كان خاصا ببعضهم فهو متعدد المكونات متنوع الروافد فيه الثوابت والمتغيرات، يتّجه نحو الأوضاع التي تميّز عصره يشهد لها أو عليها، يكرسها ويبررها أو يثور في وجهها، يسكّن الواقع أو يحركه، يتميّز بالفعّالية والتأثير أو بالسكون والجمود، يُسهم في تغيير الواقع وتطوير الحياة أو يكتفي بالإتباع والنقل من موروثه أو مما يعاصره.

* ففي حقل التفكير الفلسفي وهو نوع من أنواع التفكير الذي عرف أحوالا متباينة عبر تاريخه الطويل تراوحت بين القوّة والضعف وبين العمق والسطحية وبين الدقة والعفوية وبين الكفاية والقلّة وغيرها، ارتبط هذا النوع في كل مرحلة من مراحل تاريخ الطويل بالظروف التاريخية وبأوضاع الناس المختلفة، ارتبط بعقلية الإنسان وبلغته وبمعتقداته وبنمط عيشه وبثقافته وبالجغرافيا التي يعيش فيها وبكل ما يعانيه وما يعنيه ككائن حي وكإنسان، بالمشترك الوجودي والمشترك الإنساني، بما هو عام في المشترك الإنساني وبما هو خاص داخل المشترك الإنساني، لذا تعددت الفلسفات وتباينت، ومنها الفلسفة التي ارتبطت بالبيئة العربية الإسلامية، وتمثل الفكر الذي انبثق وتشكّل من التوحيد بين ما هو فكري فلسفي وبين ما هو عربي وبين ما هو إسلامي، وتمّ واكتمل نموذجا من نماذج التفكير الفلسفي يطلق عليه التفكير الفلسفي العربي الإسلامي، واستمر هذا الفكر عبر التاريخ يتفاعل وينفعل في داخله وذاتيا كما يتواصل بالتحدي والاستجابة مع الظروف التاريخية التي تمرّ عليه بالتفوّق أو بالإخفاق حتى العصر الحاضر، ففي عصرنا تلتقي الفلسفة بالثقافة العربية وما شهادته من تطورات وبالثقافة الإسلامية وما عرفته من تجديد، وذلك في الجامعات وخارجها، ففلسفة الحركة الإصلاحية الحديثة والمعاصرة روادها لم يكونوا من ذوي الاختصاص في الفلسفة الإسلامية أو العربية أو ما يُسمى بالفلسفة العربية الإسلامية، فجمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده ومحمد رشيد رضا الذي هو تلميذ محمد عبده وهم الرواد الأوائل للفكر الإصلاحي الديني والسياسي والتربوي والاجتماعي عامة قدّموا اجتهادات في الفلسفة الإسلامية لم ترق إلى مستوى الأنساق الفلسفية التي عرفها الفكر الفلسفي في الغرب الحديث، ولكنّها استطاعت أن تضع بذور تفكير تميّز ببعده الفلسفي في قراءته للواقع وفي تحليله ونقده له وفي تصوره لمناهج حل المشكلات و التعامل مع الأزمات ومعالجتها، كما أثرت هذه الاجتهادات الفلسفية في الجيل الذي جاء فيما بعد ومن أفراد هذا الجيل مصطفى عبد الرازق الذي يُردّ إليه تأسيس الدراسات الفلسفية المعاصرة في العالم العربي، وكذلك أحمد لطفي السيد الذي يعتبره الكثير فيلسوف الجيل الأول بعد جيل الحركة الإصلاحية بدون مُنازع، وكان لهذا التداخل بين الفلسفة والفكر العربي والفكر الإسلامي أثره البالغ الكبير في الفكر الفلسفي السياسي المعاصر، كما وقع تداخل الفكر الفلسفي والعلمي المرتبط بالتقدم العلمي والتكنولوجي الحديث والمعاصر مع الفكر العربي والعلماني، وأبرز رواد الفكر العلمي العلماني شبلي شميل وفرح أنطوان وسلامة موسى وغيرهم، ولم يكن هؤلاء من داخل الجامعات، التقى فكرهم مع الفكر الفلسفي العلمي من داخل الجامعة، وأبرز رواد الفكر الفلسفي العلمي من داخل الجامعة زكي نجيب محمود وفؤاد زكريا، اتسع مجال الاهتمام بالفلسفة وبقضاياها ومشكلاتها العامة والخاصة بالعصر والمجتمع العربي الإسلامي المعاصر، فلم يعد الاهتمام بالفلسفة يقتصر على المتخصصين في الفلسفة أو في الفروع التي تقاربها وتوازيها بل ساهم في الاهتمام بها أئمة وعلماء وقضاة شرعيون ومصلحون دينيون ومفكرون سياسيون وأدباء وصحفيون وكتاب وأصحاب أقلام، واتسع مجال الفكر الفلسفي ليشمل مجالات واسعة من الفكر الفلسفي العام الذي يظم الفكر الديني والعلمي والسياسي داخل الجامعات وخارجها، واتسع أكثر ليشمل كذلك العلوم الإنسانية والاجتماعية، مثل علوم اللغة واللسانيات وعلم النفس وعلوم التربية والجغرافيا والتاريخ و السياسة والأدب والقانون وغيره، فالفكر العربي الإسلامي المعاصر بهذه الاهتمامات اندمج في العصر وشكّل ساحة فكرية بانت فيها روافده ومصادره وتوجهاته التراثية القومية والإسلامية، والمعاصرة المادية الاشتراكية والليبرالية الغربية.
* إذا ما أردنا تصنيف الأبنية والأنساق الفكرية والثقافية والمعرفية التي تتشكل منها منظومة الفكر العربي الإسلامي منذ القديم إلى يومنا هذا ومن باب الوصف العام، لأن التدقيق والتفصيل في الموضوع يتطلب جهدا معتبرا ودراسة مطولة وبحثا عميقا، لكن هذا لا يمنع من تحديد ووصف هذه الأبنية والأنساق، هذه المنظومة كانت عربية قبل أن تكون إسلامية، تكوّن الفكر فيها بداية وتمهيديا من الثقافة العربية التي هي بحوزة العرب قبل مجيء الإسلام، هذه الثقافة التي تضمّنت أربعة اتجاهات أساسية هي الديانة اليهودية والديانة المسيحية والصابئة ومجمل ما احتواه ديوان العرب من شعر ونثر وحكم وأمثال وأخلاق وغيرها، هذه الثقافة السابقة على الإسلام تحتاج الآن إلى دراسة وتحليل ونقد، لما جاء الإسلام شكّل مجالا واسعا للتفاعل مع البيئة الثقافية والفكرية القائمة، وهو يمثل المنظومة التأسيسية التي تشمل مصادر وأصول الحكمة الإسلامية متمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والعقل والإجماع وبعد ذلك جاءت أعمال واجتهادات الصحابة والتابعين وتابعي التابعين والعلماء، وأصبحت المنظومة التأسيسية مهيمنة على الساحة الفكرية والثقافية، مُعدلة ومطوّرة للأبنية والأنساق الثقافية السابقة وذات تأثير بالغ على الأبنية والأنساق الفكرية التي جاءت بعدها، وارتبطت هذه المنظومة بالعرب تاريخا ولغة وثقافة كما ارتبط العرب بالإسلام اعتقادا وشرعا وديانة وفكرا فحصل الاندماج بين الجانبين في توافق وانسجام، المركب مما هو عربي ومما هو إسلامي دخل في تفاعل وانفعال مع نفسه ومع الثقافات الديانات والفلسفات الأخرى الغربية والشرقية القديمة والمعاصرة له، ارتبطت المنظومة التأسيسية بالعروبة لغة وتاريخا ثقافة وبالديانة اليهودية والديانة المسيحية، وبالثقافات الشرقية القديمة والفلسفة اليونانية وبالفلسفة الرومانية وبغيرها، وعلى الرغم من أنّ قوام المنظومة التأسيسية ثابت يتمثل في القرآن الكريم إلاّ أنّ ممارسة التدين في الإسلام تتطلب التكيّف مع المتغيرات والمستجدات والتحوّلات التي تعرفها ظروف الحياة، الأمر الذي يقتضي فهم هذه المنظومة فهما عصريا في ضوء التطور الحاصل في الحياة المعاصرة، بالإضافة إلى المنظومة السابقة على الإسلام والمنظومة الإسلامية الخالصة التأسيسية وبعد التفاعل الإسلامي الديني والفكري مع التعدد والتنوع الديني والثقافي والفلسفي والعلمي القديم والذي عاصره وتمّ بأساليب ووسائل عديدة أهمها الفتوحات الإسلامية وحركة الترجمة، نتج فكر تحصيلي تخصيبي يشمل المعرف المزدهرة والعلوم المتطورة وكل ما أنتجه المسلمون وارتبط بالحضارة العربية والإسلامية وساهم فيه كل المسلمين من عرب وعجم وساهمت فيه كل الثقافات والحضارات التي احتك بها أهل الإسلام، وتمثل الإنتاج الفكري في هذه المنظومة كل العلوم الدينية والشرعية وفي العلوم الطبيعية والتجريبية وفي علوم الحكمة، علم الكلام وعلوم التصوف والفلسفة وفي العلوم الإنسانية والاجتماعية ، التاريخ وعلم العمران وغيره، هذا الإنتاج الذي يحتاج إلى دور نهوضي وعمل يعيد قراءته والاستفادة منه، خاصة بالنسبة للإنتاج الفكري الذي يحتوي على الجوانب الخاصة والذاتية في الثقافة العربية والإسلامية، أما ما هو مشترك وإنساني عام يمكن قراءته في ضوء التحولات الفكرية الجارية في العالم المعاصر ككل، إلى جنب الفكر التحصيلي الفلسفي والشرعي والعلمي يوجد نظام آخر من الفكر داخل المنظومة العامة، هو الفكر التأصيلي ويشمل جميع الرؤى ذات الأبعاد الدينية الشرعية والقواعد والأصول التي يتم الاعتماد عليها في فهم واستيعاب المنظومة التأسيسية، ومن ذلك فهو يتضمن التفكير المنطقي والمنهجي بكل أشكاله، ويمثل الفكر العقلاني الشامل في الفكر العربي الإسلامي، ويحتاج هذا الفكر إلى إعادة قراءة ونظم واستشراف في ضوء انتقاد كل عمليات المراجعة والتحديث المتتالية والمتعاقبة، هو الأمر الذي حدث ومازال يحدث من خلال جهود المراجعة والتحديث الأولى وكذلك مسار جهود النهضة واليقظة والدعوة إلى الاستعادة وبعد ذلك مجهود التيارات والتوجهات الفكرية المعاصرة، وفي المقابل مازالت جهود النهضة واليقظة بالدعوة إلى الاستعارة قائمة وهي جهود التيارات القومية الليبرالية، خاصة بعد التطور الهائل الذي حققه العالم المتقدم في مجال العلم والتكنولوجيا وفي إدارة المجتمع ونظام الحكم وتنظيم الاقتصاد، كما توجد جهود أخرى تبني فكرها في المراجعة والتحديث لا على الاستعادة وحدها ولا على الاستعارة وحدها بل على الاستفادة من التراث ومن العصر معا، وهي الجهود التي تشغل الحيز الأكبر في حقل الفكر العربي الإسلامي المعاصر، هذا الأخير الذي يعوّل أساسا على المراجعة والتحديث من خلال إعادة قراءة وصياغة التراث العربي الإسلامي وفق ما يجري في العصر، وتوجد العديد من المحاولات في هذا التوجه تحتاج إلى المتابعة للوصول بها إلى درجة أرقى من خلال الاستفادة من الماضي ومن التجربة الإنسانية المشتركة، والإسلام لا يجد صعوبة في التعاطي مع روح العصر، فهو دين الفطرة والعقل والعلم والحضارة، يتجاوز سائر المفاهيم الملفقة والمعيقة لعملية المراجعة والتحديث، أخلاقه تقوم على الحوار والتسامح ومنهجه مبني على التحليل النقد للتركم الفكري والمعرفي التاريخي وللتجربة الإنسانية القديمة والحديثة والمعاصرة، كما يقوم على التحديد الدقيق للمشكلات القائمة والقادمة، ومن منظور إسلامي معاصر تتحقق الاستعادة والاستفادة معا بتحقق الوعي بالذات وممارستها لدورها الإيجابي.
* على الرغم من الاندماج بين الفكر العربي والفكر الإسلامي واشتمال كل منهما على الآخر وتعبير كل منهما عن الآخر وتطوير وازدهار كل منهما للآخر منذ القديم إلى اليوم، فإنّ صعوبة الجمع بين الفكر الإسلامي والفكر العربي وكون الفكر عربيا وإسلاميا في الوقت نفسه تطرح إشكالية لدى الكثير من المشتغلين بالفكر والثقافة في العالم العربي الإسلامي وخارجه، من منطلق وجود فرق ملحوظ بين ما هو عربي صرف وما هو إسلامي بحت، ومن منطلق وجود منظومة فكرية وثقافية سابقة على الإسلام لها كيانها المستقل وتتمتع بخصوصياتها، وتميّزت بالتنوع الفكري والثقافي والديني، والإسلام ومنظومته الدينية يختلف في عقائده وفي تعاليمه عما سبقه في البيئة العربية وفي غيرها، فالفكر العربي ينطوي على ما هو عربي غير إسلامي مثل الفكر العربي المسيحي واليهودي والصابئي وغيره، والفكر العربي القومي الليبرالي أو الاشتراكي حينما يعالج قضايا ومفاهيم عديدة في سياق عربي قومي بحت بعيدا عن أي سياق ديني فهو بذلك يكون منفصلا ومستقلا عن الفكر الإسلامي، والفكر الإسلامي ينطوي على ما هو إسلامي بحت وليس عربيا تماما، ويتمثل في الأفكار الإسلامية التي عولجت من غير العرب أو أفكار سادت في بلدان إسلامية غير عربية، كما توجد أفكار غير عربية وغير إسلامية دخلت حقل الفكر العربي الإسلامي وامتزجت به، وارتباط هذه الأفكار والمفاهيم الأعجمية بالفكر العربي الإسلامي ومعالجته لها قديما وحديثا ومعاصرا لا يكفي بأن توصف بأنّها عربية إسلامية مثل الحداثة، الديمقراطية، اللبرالية، الاشتراكية، العلمانية، العلماوية، العولمة وغيرها كثير في عصرنا الحاضر، هذه الاعتراضات على التوحيد والجمع بين الفكر العربي والإسلامي لابد من معالجتها، وإن كانت لا تؤثر بشكل ملحوظ في واقع المحاولات الفكرية في العالم العربي الإسلامي الذي احتضن العروبة والإسلام في كل واحد موحد لا يقبل التجزئة والانقسام، واستمد ذلك من روح العروبة الإسلامية ومن روح الإسلام العربية، وأي ثقافة أو لغة تقوم بالدور نفسه الذي قامت به الثقافة العربية واللغة العربية تكون جديرة باحتضان الإسلام وحري به أن يحتضنها، هذا فضلا عن كون ظهور الإسلام في البيئة العربية وباللغة العربية من الحكمة الإلهية، وبغض النظر عن صعوبة الجمع بين ما هو عربي وما هو إسلامي في الفكر حسب الاعتراضات السابقة الذكر، فإنّ الفكر العربي الإسلامي سار في الريادة والاستكشاف والتفتح والازدهار والتنظير والتأصيل والتأسيس، وأنتج أفكارا ومعارف وفنونا وعلوما كثيرة في وقت قصير، وورث منتجات الحضارات التي سبقته، بما في ذلك ما جاءت به الأديان والفلسفات، وسقطت مقولة الدين سكون وتحجر وكتب المفكرون عن شمس العرب والمسلمين وهي تسطع على الغرب وعن الإسلام وهو ينتشر، وجعلوا نبي الإسلام أعظم عظماء البشرية قاطبة من قبل ومن بعد، استطاع الفكر العربي الإسلامي أن يحاور مختلف الديانات والثقافات والحضارات التاريخية، وأن يناقش مختلف القضايا والمسائل والدعاوى والاعتراضات ومعالجة سائر المشكلات التي تواجهه، فجاء فكرا جامعا شموليا وموسوعيا يغطي كل ما أنتجه من خلال فعّالياته المتواصلة.
* للتأكيد على الطابع العربي والطابع الإسلامي للفكر في العالم العربي والإسلامي ينبغي التأكيد على منظوماته الفكرية التاريخية، بالنسبة لمنظومة النسق الفكري قبل الإسلام أشاد القرآن الكريم وأشادت السنة النبوية الشريفة بالكثير ما كان للعرب فيها من أفكار وأخلاق وسجايا ومعتقدات دينية و بعض العادات والتقاليد وبعض الأفكار المنسوبة للعقل، يضاف إلى ذلك كل ما تُرجم إلى اللغة العربية من ثقافات أخرى، وجد قبولا كبيرا لدى المسلمين واستحسنه الفكر الإسلامي واستساغه على سبيل الاشتمال والتضمن لا على سبيل الإنتاج والإصدار، أي على أساس تفاعلي، وصارت الأفكار الناتجة عن التفاعل الإسلامي مع الحضارات والديانات والفلسفات وسائر الثقافات السابقة على العربية هي من صميم وروح الحضارة العربية الإسلامية، مما يؤكد أنّ جميع الحضارات اللاحقة والحديثة تلقت معارفها بشكل أساسي مما هو حضاري وثقافي وفكري قبل الإسلام وغير إسلامي، فضلا عن الثقافة العربية الإسلامية وبواسطة المنتج الفكري للحضارة العربية الإسلامية، هذا المنتج الذي نهض بمهمة الحفاظ على الفكر الإنساني بشكل عام وتهيئته مجددا على نحو راق جدّا، إنّ تفاعل الفكر العربي الإسلامي ومفكروه مع توجهات الحضارات اللاّحقة الحديثة والمعاصرة ممثلة في الفكر الغربي تحديدا بتوجهه الليبرالي العلماني وبتوجهه المادي الاشتراكي وما ينطوي عليه كل توجه من التوجهين من أفكار وقيّم تتعارض مع توجهات الفكر العربي الإسلامي،هذا التفاعل الذي تمّ بالترجمة والدراسة والمحاورة والنقد ومحاولة الاستفادة منه أو تبنّيه ومحاولة استعارته من طرف بعض الجهات الفكرية والسياسية، على العموم أحدث هذا الاحتكاك العديد من التوجهات والتيارات التي نادى بها مفكرون عرب ومسلمون محدثون ومعاصرون بصرف النظر عن مدى تطابق الفكر الغربي الحديث والمعاصر مع العروبة والإسلام أو من أية جهة صدر، كان في أغلبه موضع دراسة وتحليل ونقد ومعالجة من منظور عربي إسلامي.
* الفكر العربي الإسلامي تاريخيا لا يغطي ما هو عربي سابق على الإسلام وما هو إسلامي تأسيسي ديني شرعي وما مصدره التفاعل العربي الإسلامي مع ما هو ديني وثقافي وفلسفي وحضاري وتمّ بالمحاورة والنقد وعلى سبيل الاشتمال والاحتواء لا على سبيل الإنتاج وما كان مصدره التفتح والازدهار والتنظير والتأصيل والتأسيس والريادة والاستكشاف لدى العرب والمسلمين عموما، بل يشتمل كذلك على ما جاء من مصادر أخرى حديثة ومعاصرة تمّ استيعاب البعض منه ومازال يبحث ويناقش البعض الآخر، ونتيجة التفاعل الفكري العربي الإسلامي التاريخي والمعاصر صار الفكر في العالم العربي والإسلامي المعاصر ممثلا في مجمل التيارات الفكرية المعاصرة ، يهتم بمشكلات وأوضاع العالم المعاصر بصفة عامة وبهموم العالم العربي والإسلامي المتخلف بصفة خاصة وبمشكلة التخلف فيه، كما يعتني أيّما اعتناء بالمنظومة التأسيسية لتكون في مكان الصدارة من حيث الاهتمام في خضم التحديات القائمة والتحولات المتسارعة ولأنّها تمثل زاد الأمة الفكري والروحي وهويتها التاريخية والحضارية، ويعتني كذلك بالدرجة الثانية بالفكر الليبرالي الذي صار الفكر الأبرز بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والشيوعية، صار الإسلام بتوجهه الإنساني العالمي الشمولي والفكر العربي الإسلامي في العالم المعاصر هو اللاعب الأساسي إلى جانب اجتهادات ومبادرات التيارات الليبرالية ذات الاتجاه العولمي، وتعود العناية في الفكر الإسلامي المعاصر بالإسلام لما فيه من قوّة ويقين وقدسية وصلاحية وإنسانية، وبالليبرالية لالتقائها في كثير من الجوانب مع الإسلام، ولنجاحها في إنتاج مجتمعات حديثة ومتطورة، الأمر الذي دعا العديد من الدول إلى انتهاج الليبرالية سبيلا للتقدم، والفكر العربي الإسلامي مدعو الآن إلى ممارسة تجديد منتجه الفكري وتحديث محتوياته ومعالجة الفكر الليبرالي بطابعه العولمي مع العمل بمقتضى منهج نقدي ملائم للتجديد والتحديث والتعاطي مع تحولات العصر وتحدياته بإيجابية من منظور الثوابت في المنظومة التأسيسية.
* إنّ إطلاق عبارة الفكر العربي الإسلامي هكذا من غير تقييد تاريخي دلالي أو زمني تغطي كل ما هو عربي وكل ما هو إسلامي وكل ما ارتبط بالعروبة والإسلام بالاحتكاك والتواصل، ويبدأ من قبل الإسلام إلى اليوم ، كما لا نجد البتة انفصالا بين الفكر العربي والفكر الإسلامي ولم يسجل التاريخ ذلك رغم وجود اعتراضات ذُكرت بعضها من قبل، واستمر هذا التداخل والتزاوج بين الاثنين حتى الآن، فرائد الفكر الإسلامي الحديث ومؤسس الإصلاح الديني جمال الدين الأفغاني لم يكن عربيا وقبله وبعده كثير، ومحمد إقبال وأحمد خان من الهند، وسعيد النورسي من تركيا وعلي شريعتي وطالقاني والإمام الخميني من إيران، أما أبناء الجيل الحالي فمنهم الكثير، فريد إسحق وعبد الله الطيب وإبراهيم موسى من جنوب إفريقيا، وأغلب التيارات في الفكر العربي المعاصر لها امتداداتها خارجة في العالم الإسلامي، لأنّ العروبة قلب الإسلام ومهبط وحيه ومصدر فكره ولغته وثقافته.
* يُطلق اسم الفكر العربي الإسلامي المعاصر في العالم العربي والإسلامي على ما يلي: مفاهيم وتصورات ومقولات بعضها تراثي وبعضها حداثي وبعضها معاصر عن الإنسان والحياة والوجود والكون والطبيعة وما بعد الطبيعة وغيرها؛ دراسات وبحوث لقضايا ومسائل ومشكلات مطروحة في البيئة الفكرية والثقافية والدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للعالم العربي والإسلامي المعاصر، وهي قضايا قديمة وحديثة ومعاصرة؛ مناهج بحث وأساليب دراسة متبعة في البحوث العلمية والفكرية والفلسفية والدينية بعضها تراثي وبعضها حداثي ومعاصر؛ تيارات ومدارس ونزعات دينية وثقافية وفكرية وفلسفية وعلمية تستمد عناصرها مما هو تراثي ومما هو معاصر؛ إيديولوجيات ونماذج ومناهج دينية وفكرية وسياسية وغيرها مقترحة لتجاوز الأزمات وحل المشكلات المختلفة خاصة أزمة النهضة ومعضلة التخلف.
رد مع اقتباس

https://www.wata.cc/forums/showthread...A7%D8%AF%D8%B1









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-25, 16:39   رقم المشاركة : 1035
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة taranim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله .انا عندي بحث في مقياس التيارات الفكرية بعنوان ’ الفكر العربي الاسلامي المعاصر ’ اريد المساعدة و بعض المراجع التي تناولت هدا الموضوع. ولك أخي جزيل الشكر
https://www.islamnoon.com/Derasat/fik...ikr-islamy.doc









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مرجع, يبدة, ساساعده


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:22

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc