الحديث وعلومه - الصفحة 6 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-22, 18:23   رقم المشاركة : 76
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




حول الدعاء الوارد عن الصحابة في قنوت الوتر بعد النصف من رمضان في خلافة عمر بن الخطاب


السؤال :

ما هو الدعاء الذي اعتاد الصحابة على قراءته في النصف من رمضان في ذلك الوقت ، عندما كان عمر بن الخطاب خليفة؟


الجواب
:

الحمد لله

أولا :

ورد في دعاء القنوت في الوتر عدة أحاديث

أشهرها ما أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1718)

وأبو داود في سننه (1425)

والترمذي في "سننه" (464)

والنسائي في "سننه" (1745)

وابن ماجه في "سننه" (1178)

، من حديث الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ:

" اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ ".

والحديث صحيح ، صححه النووي في "خلاصة الأحكام" (1/455)

وابن حجر كما في "موافقة الخبر الخبر" (1/333)

وابن الملقن كما في "البدر المنير" (3/630)

والشيخ الألباني كما في "صحيح سنن أبي داود" (1281) .

ثانيا :

أما الدعاء الذي اعتاد الصحابة على الدعاء به في قنوت الوتر في أثناء خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1100) من طريق عروة بن الزبير أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ - وَكَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ -

أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ فَخَرَجَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ فَطَافَ بِالْمَسْجِدِ ، وَأَهْلُ الْمَسْجِدِ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَظُنُّ لَوْ جَمَعْنَا هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ .

ثُمَّ عَزَمَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ ، وَأَمَرَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَنْ يَقُومَ لَهُمْ فِي رَمَضَانَ.

فَخَرَجَ عُمَرُ عَلَيْهِمْ ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ ، فَقَالَ عُمَرُ:

نِعْمَ الْبِدْعَةُ هِيَ ، وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي تَقُومُونَ -يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ- .

فَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ ، وَكَانُوا يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي النِّصْفِ :

اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِوَعْدِكَ ، وَخَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ ، وَأَلْقِ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، وَأَلْقِ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ ، إِلَهَ الْحَقِّ ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَدْعُو لِلْمُسْلِمِينَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ خَيْرٍ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ .

قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ لَعْنَةِ الْكَفَرَةِ وَصَلَاتِهِ عَلَى النَّبِيِّ ، وَاسْتِغْفَارِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَمَسْأَلَتِهِ:

اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُد ُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ، وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ رَبَّنَا ، وَنَخَافُ عَذَابَكَ الْجِدَّ ، إِنَّ عَذَابَكَ لِمَنْ عَادَيْتَ مُلْحِقٌ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَهْوِي سَاجِدًا ".

وإسناده صحيح ، صححه الشيخ الألباني رحمه الله في "قيام رمضان" (ص31) .

وورد نحوه أيضا عن مُعَاذِ بْن الْحَارِثِ أَبُو حَلِيمَةَ الأَنْصَارِيُّ المشهور بمعاذ القارئ ، وهو من الصحابة القراء ، حيث كان قارئ الأنصار وإمامهم ، وقتل في وقعة الحرة سنة ثلاث وستين

قال ابن حجر في "الإصابة" (6/110)

:" وهو الّذي أقامه عمر يصلّي التراويح في شهر رمضان ". انتهى .

وقد ثبت عنه أنه كان يدعو في صلاة القيام في رمضان بنحو من هذا الدعاء

أخرجه عنه أبو داود في "مسائل الإمام أحمد" (ص96) ،

من طريق محمد بن سيرين قال : كَانَ مِنْ دُعَاءِ مُعَاذٍ الْقَارِيِّ فِي ذَلِكَ الْقِيَامِ، يَعْنِي: فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ:

" اللَّهُمَّ عَذِّبِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ ، اللَّهُمَّ أَلْقِ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، وَخَالِفْ بَيْنَ كَلِمِهِمْ ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ ، وَزِدْهُمْ رُعْبًا عَلَى رُعْبِهِمْ ، اللَّهُمَّ قَاتِلْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ ، وَاللَّهُمَّ أَلْقِ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ

وَاللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمِهِمْ ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ ، وَزِدْهُمْ رُعْبًا عَلَى رُعْبِهِمْ ، اللَّهمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ، وَاجْعَلْ قُلُوبَهُمْ عَلَى قُلُوبِ أَخْيَارِهِمْ

وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يَشْكُرُوا نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذِي عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ ، إِلَهَ الْحَقِّ ".

وقد ورد عن عمر نفسه أنه كان يقول في دعاء القنوت فيقول :

" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ ، اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ ، وَيُكُذِّبُونَ رُسُلَكَ

وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمَ ، وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ ، وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِى لاَ تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ؛ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُثْنِى عَلَيْكَ وَلاَ نَكْفُرُكَ ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ، وَلَكَ نُصَلِّى وَنَسْجُدُ ، وَلَكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ، نَخْشَى عَذَابَكَ الْجَدَّ ، وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ ".

وهذا الدعاء أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (4969)

وابن أبي شيبة في مصنفه (7027)

والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/210)

والأثر صححه البيهقي بعد روايته له

وكذا صححه ابن الملقن في "البدر المنير" (4/371) .

ولو جمع المصلي بين هذا الذي ورد جميعا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الوتر ، وما ورد عن أصحابه ، رضوان الله عليهم : فهو أمر حسن طيب ، وليس في مثل هذا الجمع : تطويل ، ولا إشقاق على الناس .

ولو راوح بين هذه الأدعية ، هذا تارة ، وهذا تارة : فهو حسن أيضا . وفي كل خير ، إن شاء الله .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 18:27   رقم المشاركة : 77
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

دعاء القنوت في الوتر

السؤال :


أرجو منكم ذكر دعاء القنوت الذي نقرأ به في صلاة الوتر .

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

دعاء القنوت يكون في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر بعد الركوع ، وإذا جعله قبل الركوع فلا بأس ، إلا أنه بعد الركوع أفضل .

قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (23/100) :

وَأَمَّا الْقُنُوتُ : فَالنَّاسُ فِيهِ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ : مِنْهُمْ مَنْ لا يَرَى الْقُنُوتَ إلا قَبْلَ الرُّكُوعِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لا يَرَاهُ إلا بَعْدَهُ . وَأَمَّا فُقَهَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَيُجَوِّزُونَ كِلا الأَمْرَيْنِ لِمَجِيءِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ بِهِمَا . وَإِنْ اخْتَارُوا الْقُنُوتَ بَعْدَهُ ; لأَنَّهُ أَكْثَرُ وَأَقْيَسُ اهـ .

ويرفع يديه وقد صح عن عمر رضي الله عنه كما أخرجه البيهقي وصححه (2/210) .

ويرفع يديه إلى صدره ولا يرفعها كثيراً ، لأن هذا الدعاء ليس دعاء ابتهال يبالغ فيه الإنسان بالرفع ، بل دعاء رغبة ، ويبسط يديه وبطونهما إلى السماء ...

وظاهر كلام أهل العلم أنه يضم اليدين بعضهما إلى بعض كحال المستجدي الذي يطلب من غيره أن يعطيه شيئاً .

والأحسن أن لا تداوم على قنوت الوتر ، بل تفعله أحياناً ، لأن ذلك لم يثبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولكنه علّم الحسن بن علي رضي الله عنه دعاء يدعو به في قنوت الوتر ، كما سيأتي .

ثانياً :

وأما دعاء القنوت فقد روى أبو داود (1425)

والترمذي (464) والنسائي (1746)

عن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال :

عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ : ( اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، فإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ ، ولا منجا منك إلا إليك ) . والجملة الأخيرة "لا منجا منك إلا إليك" رواها ابن منده في "التوحيد" وحسنها الألباني .

وانظر : إرواء الغليل" حديث رقم (426) ، (429) .

ثم يصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

انظر الشرح الممتع لابن عثيمين (4/14-52)

ثالثاً : يُستحب أن يقول بعدما يُسلّم ( سبحان الملك القدوس )

ثلاث مرات يمدّ بها صوته في الثالثة ويرفع

كما أخرجه النسائي (1699)

وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي .

زاد الدارقطني ( رب الملائكة والروح )

وإسنادها صحيح .

انظر زاد المعاد لابن القيم (1/337).









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 18:35   رقم المشاركة : 78
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مقدار دعاء القنوت وترتيله

السؤال
:

ما حكم ترتيل دعاء القنوت وتطويله لأكثر من 20 دقيقة ، مع ما يتخلله من دعاء أشبه ما يكون بالكلام ؟

الجواب :


الحمد لله

أولا :

القنوت في صلاة الوتر سنة مستحبة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد جاءت بعض الأحاديث في بيان صيغة دعاء القنوت .

عن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال :

عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ :

( اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، فإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ ) .

رواه أبو داود (1425)

والترمذي (464)

وحسنه ، وصححه ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/285)

والنووي في "الأذكار" (86) .

وفي صحيح ابن خزيمة (1100)

أن الناس ـ على عهد عمر ـ : ( كانوا يلعنون الكفرة في النصف ـ يعني : من رمضان ـ : " اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك ، وخالف بين كلمتهم ، وألق في قلوبهم الرعب ، وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق . "

ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين قال : وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته :

" اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ربنا ونخاف عذابك الجد إن عذابك لمن عاديت ملحق ثم يكبر ويهوى ساجدا "

قال الألباني : " إسناده صحيح " .

ثانيا :

مراعاة الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أصحابه من بعده ، أولى وأفضل وأعظم بركة من اختراع الأدعية المسجوعة ، والأوراد المتكلفة ، والتي لا يؤمن أن يكون فيها خطأ في المعنى ، أو مخالفة لمقتضى الأدب مع الله تعالى في دعائه ، وأسلم لصاحبها من الرياء والسمعة .

قال القاضي عياض رحمه الله :

" أذن الله تعالى في دعائه ، وعلم الدعاء في كتابه لخليقته ، وعلم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الدعاء لأمته

واجتمعت فيه ثلاثة أشياء : العلم بالتوحيد ، والعلم باللغة ، والنصيحة للأمة ؛ فلا ينبغي لأحد أن يعدل عن دعائه صلى الله عليه وسلم . "

وقال الماوردي رحمه الله في " الحاوي الكبير " [2/200] :

" والمروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من غيره ، وأي شيء قنت من الدعاء المأثور وغيره أجزأه عن قنوته "

[ نقل النصين الشيخ محمد إسماعيل المقدم في رسالته : عودوا إلى خير الهدى ، ص (45-46) ]

وقد أشار ابن عقيل الحنبلي رحمه الله أن الدعاء المأثور ينبغي أن يكون هو الهدي والورد الراتب ، وأن الزيادة عليه هي من باب الرخصة ، قال : " والمستحب عندنا : ما رواه الحسن بن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اهدني ـ الحديث مشهور

قال : فإن ضم إليه ما روي عن عمر رضي الله عنه : اللهم إنا نستعينك ، إلخ ، فلا بأس . " اهـ

نقله ابن مفلح في نكته على المحرر (1/89) .

بل إن بعض أهل العلم شدد في أمر الزيادة على الدعاء المأثور ، حتى قال العز ابن عبد السلام رحمه الله

كما في فتاواه (87) ـ

" ولا ينبغي أن يزاد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت شيء ولا ينقص " [

نقلا عن : عودوا إلى خير الهدى ، ص (45ـ هـ 2)]

ثالثا :

لا بأس بالزيادة على اللفظ المأثور في القنوت بما يناسب الحال ، فإن المقام مقام دعاء ، والدعاء أمره واسع ، والزيادة فيه مشروعة ، وفي الدعاء المأثور في عهد عمر : " ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين .. "
يقول النووي رحمه الله "المجموع" (3/477-478) :

" قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح : قول من قال يتعين ( أي الدعاء الوارد ) شاذ مردود ، مخالف لجمهور الأصحاب ، بل مخالف لجماهير العلماء ، فقد حكى القاضي عياض اتفاقهم على أنه لا يتعين في القنوت دعاء ... وقال صاحب الحاوي : يحصل بالدعاء المأثور وغير المأثور " انتهى .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (34/63) :

" وله أن يزيد ما شاء مما يجوز به الدعاء في الصلاة " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "الشرح الممتع" (4/52) :

" ولو زاد على ذلك فلا بأس لأن المقام مقام دعاء " انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 18:35   رقم المشاركة : 79
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


رابعا :

ينبغي الانتباه إلى أن الزيادة على الدعاء المأثور ، وإن كانت سائغة عند جمهور العلماء ، فلا يجوز أن تتخذ هديا لازما ووردا ثابتا ، تهجر لأجله السنة المأثورة

وتفوت لأجله بركة اتباع الهدي ، بل ولا ينبغي أن يجمع بينهما دائما ويجعلا بمنزلة واحدة ؛ بل يفعل المصلي ذلك أحيانا ويتركه أحيانا ، بحسب مقتضى الحال .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والإتباع لا على الهوى والابتداع ؛ فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء

وسالكها على سبيل أمان وسلامة والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان ولا يحيط به إنسان وما سواها من الأذكار قد يكون محرما وقد يكون مكروها وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس وهي جملة يطول تفصيلها !!

وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ; بل هذا ابتداعُ دينٍ لم يأذن الله به

; بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة ؛ فهذا إذا لم يُعْلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه ; لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به . وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت فهذا وأمثاله قريب . وأما اتخاذ ورد غير شرعي واستنان ذكر غير شرعي :

فهذا مما ينهى عنه ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ونهاية المقاصد العلية ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد ."

مجموع الفتاوى (22/511) .

خامسا :

ما هو مقدار القنوت ؟ وهل يشرع التطويل فيه أم لا ؟

إذا تأملنا في حديث الحسن بن علي السابق ، نجد أن الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم له دعاء مختصر موجز ، لا يكاد يستغرق الدقائق المعدودات ، مما يدل على أن الأَوْلَى في دعاء القنوت هو الاختصار ، والاقتصار على جوامع الدعاء .

جاء في مغني المحتاج (1/369) :

" قال في المجموع عن البغوي : وتكره إطالة القنوت كالتشهد الأول ، وقال القاضي حسين : ولو طَوَّلَ القنوت زائدًا على العادة كُره " انتهى .

بل أشار النووي رحمه الله تعالى إلى أن الجمع بين دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعاء عمر رضي الله عنه ، في القنوت ، هو من التطويل الذي ينبغي مراعاة أحوال الناس فيه ، والعلم برضاهم به .

قال : " قال أصحابنا : يستحب الجمع بين قنوت عمر رضي الله عنه وبين ما سبق فإن جمع بينهما فالأصح تأخير قنوت عمر , وفي وجه يستحب تقديمه وإن اقتصر فليقتصر على الأول , وإنما يستحب الجمع بينهما إذا كان منفردا أو إمام محصورين يرضون بالتطويل والله أعلم"

المجموع (3/478) .

وإذا كان الجمع بين الدعاءين المذكورين ، على قصرهما ، نوعا من التطويل ، فكيف بما يبلغ ما ذكرت في سؤالك (20) دقيقة ، أو نحوها ، فكيف بمن يدعو ضعف ذلك أو يزيد ، مما ابتلي به كثير من الأئمة الذين لا هم لهم إلا التغني بالناس ، والعياذ بالله ، وقد رأى الناس من ذلك في زماننا عجبا !!

والأحسن في هذا كله والله أعلم هو الاعتدال ، فإن خير الأمور الوسط ، وقد نهت الشريعة أن نشق على الناس ، خاصة إذا اعتاد ذلك في كل ليلة .

سئل الشيخ ابن عثيمين السؤال التالي "فتاوى علماء البلد الحرام" (152) :

" بعض أئمة المساجد في رمضان يطيلون الدعاء ، وبعضهم يُقَصّر ، فما هو الصحيح ؟

فأجاب رحمه الله :

" الصحيح ألا يكون غلو ولا تقصير ، فالإطالة التي تشق على الناس منهي عنها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا بلغه أن معاذ بن جبل أطال الصلاة في قومه ، غضب عليه غضبا لم يغضب في موعظة مثله قط ، وقال لمعاذ بن جبل ( يَا مُعَاذُ ! أَفَتَّانٌ أَنتَ ؟ )

رواه البخاري (6106) ومسلم (465)

فالذي ينبغي أن يقتصر على الكلمات الواردة ، أو يزيد .

ولا شك في أن الإطالة شاقة على الناس وترهقهم ، ولا سيما الضعفاء منهم ، ومِن الناس مَن يكون وراءه أعمال ، ولا يُحِبُّ أن ينصرف قبل الإمام ، ويشق عليه أن يبقى مع الإمام ، فنصيحتي لإخواني الأئمة أن يكونوا بَيْنَ بَيْنَ ، كذلك ينبغي أن يترك الدعاء أحيانا ، حتى لا يظن العامة أن الدعاء واجب " انتهى .

سادسا :

أما ما سألت عنه من حكم ترتيل دعاء القنوت ، وتحسين الصوت به ، فإن بالغ في ذلك واشتغل به وجعله أكبر همه ، واتخذه وسيلة لصرف وجوه الناس إليه

أو خرج به عن حد الدعاء إلى الموعظة أو كلام الناس ، كما هو الحال المشار إليه في سؤالك ، وكما يفعله كثير من الأئمة الذين يتلاعبون بعبادة الناس وعواطفهم ، إذا كان الحال ما ذكر ؛ فهو منكر يستهجنه كل من علم هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ويأباه كل ذي طبع سليم .

قال الكمال بن الهمام الحنفي رحمه الله في كلامه عن المؤذنين الذين يبلغون خلف الإمام ـ في زمانه ـ :

" أَمَّا خُصُوصُ هَذَا الَّذِي تَعَارَفُوهُ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مُفْسِدٌ ؛ فَإِنَّهُ غَالِبًا يَشْتَمِلُ عَلَى مَدِّ هَمْزَةِ اللَّهُ أَوْ أَكْبَرُ أَوْ بَائِهِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَمِلْ فَلِأَنَّهُمْ يُبَالِغُونَ فِي الصِّيَاحِ زِيَادَةً عَلَى حَالَةِ الْإِبْلَاغِ ، وَالِاشْتِغَالِ بِتَحْرِيرَاتِ النَّغَمِ إظْهَارًا لِلصِّنَاعَةِ النَّغَمِيَّةِ لَا إقَامَةً لِلْعِبَادَةِ ، ...

وَهُنَا مَعْلُومٌ أَنَّ قَصْدَهُ إعْجَابُ النَّاسِ بِهِ ، وَلَوْ قَالَ : اعْجَبُوا مِنْ حُسْنِ صَوْتِي وَتَحْرِيرِي فِيهِ : أَفْسَدَ ، وَحُصُولُ الْحُرُوفِ لَازِمٌ مِنْ التَّلْحِينِ ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ يَصْدُرُ مِمَّنْ فَهِمَ مَعْنَى الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ !!

وإذا كان هذا قوله في أحوال المؤذنين ؛ فكيف بالإئمة الذين يفعلون ذلك داخل الصلاة ؟!! فلا جرم استطرد بعدها ، فقال :

" كَمَا أرى تَحْرِيرَ النَّغَمِ فِي الدُّعَاءِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْقُرَّاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَصْدُرُ مِمَّنْ فَهِمَ مَعْنَى الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ وَمَا ذَلِكَ إلَّا نَوْعُ لَعِبٍ ، فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ فِي الشَّاهِدِ سَائِلَ حَاجَةٍ مِنْ مَلِكٍ أَدَّى سُؤَالُهُ وَطَلَبُهُ تَحْرِيرَ النَّغَمِ فِيهِ مِنْ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالتَّغْرِيبِ وَالرُّجُوعُ كَالتَّغَنِّي نُسِبَ أَلْبَتَّةَ إلَى قَصْدِ السُّخْرِيَةِ وَاللَّعِبِ ، إذْ مَقَامُ طَلَبِ الْحَاجَةِ التَّضَرُّعُ لَا التَّغَنِّي !! " انتهى .

فتح القدير ، للكمال ابن الهمام ، من فقهاء الحنفية (2/225-226) .

وأما مراعاة حسن الصوت ، من غير غلو ، أو إخراج للكلام عن جهته في النطق العربي الفصيح ، فالظاهر أنه ليس من هذا التغني المذموم الذي أشرنا إليه .

وقد سئل عنه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فأجاب جوابا مفصلا .

سئل رحمه الله كما في "فتاوى البلد الحرام" (153) ما يلي :

بعض أئمة المساجد يحاول ترقيق قلوب الناس ، والتأثير فيهم ، بتغيير نبرة صوته أحيانا ، في أثناء صلاة التراويح ، وفي دعاء القنوت ، وقد سمعت بعض الناس يُنكر ذلك ، فما قولكم حفظكم الله في هذا ؟

فكان جوابه :

" الذي أرى أنَّه إذا كان هذا العمل في الحدود الشرعية ، بدون غلو ، فإنه لا بأس به ، ولا حرج فيه ، ولهذا قال أبو موسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلم :

( لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّكَ تَستَمِعُ إِلَى قِرَاءَتِي لَحَبَّرتُهُ لَكَ تَحبِيرًا ) أي : حسَّنتُها وزينتها .

فإذا أحسن بعض الناس صوتَه ، أو أتى به على صفة ترقِّقُ القلوب

فلا أرى في ذلك بأسا ، لكنَّ الغلو في هذا ، لكونه لا يتعدى كلمةً في القرآن إلا فعل مثل هذا الفعل الذي ذكر في السؤال ، أرى أنَّ هذا من باب الغلو ، ولا ينبغي فعله ، والعلم عند الله " انتهى.

والله أعلم .

وانطر : رسالة : دعاء القنوت ، للعلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ، ورسالة عودوا إلى خير الهدى ، للشيخ محمد إسماعيل المقدم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 18:44   رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول صحة حديث سلمان في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء حجته وهو ممسك بحلق الكعبة

السؤال :

ماصحة هذا الحديث ؟

أخبرنا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ ، فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاثِ مِائَةٍ إِمْلاءً مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ

قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْخَوَاتِيمِيُّ

قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدٍ ، عَنْ سُلَيْمٍ الْخَشَّابِ مَوْلًى لِبَنِي شَيْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " لَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ أَخَذَ بِحَلْقَتَيْ بَابِ الْكَعْبَةِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : ( يَأَيُّهَا النَّاسُ )

فَقَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَتْكَ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَلا انْتِحَابُهُ ، فَقَالَ : ( يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ ، إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ إِمَاتَةَ الصَّلَوَاتِ ، وَاتِّبَاعَ الشَّهَوَاتِ

وَالْمَيْلَ مَعَ الْهَوَى ، وَتَعْظِيمَ رَبِّ الْمَالِ ) ، قَالَ : فَوَثَبَ سَلْمَانُ , فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟

قَالَ : ( إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَذُوبُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ مِمَّا يَرَى ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَ ) ، قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ( إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَمْشِي بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ بِالْمَخَافَةِ ) ، قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : (

إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَكُونُ الْمَطَرُ قَيْظًا وَالْوَلَدُ غَيْظًا ، وَتَفِيضُ اللِّئَامُ فَيْضًا ، وَيَغِيضُ الْكِرَامُ غَيْضًا )

قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ( إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَلْمُؤْمِنُ يَوْمَئِذٍ أَذَلُّ مِنَ الأَمَةِ ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا ، وَالْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا ، وَيُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ الأَمِينُ ، وَيُصَدَّقُ الْكَذَّابُ ، وَيُكَذَّبُ ... ) .


الجواب :


الحمد لله


الحديث المذكور : موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم

وقد أخرجه أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريري النهرواني في "الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي" (ص444)

فقال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعَ عشرَة وثلاثمائة إِمْلاءً مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيْسَرَةَ

قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أبي شُعَيْبٍ الْخَوَاتِيمِيُّ ، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمٍ الْخَشَّابِ مَوْلًى لِبَنِي شَيْبَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حَجَّ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ أَخَذَ بِحَلْقَتَيْ بَابِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاسُ فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَتْكَ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا

ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَلا انْتِحَابُهُ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاسُ إِنِّي أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ ، إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ إِمَاتَةَ الصَّلَوَاتِ وَاتِّبَاعَ الشَّهَوَاتِ وَالْمَيْلَ مَعَ الْهَوَى وَتَعْظِيمَ رَبِّ الْمَالِ ، قَالَ فَوَثَبَ سَلْمَانُ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ مِمَّا يَرَى ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَ

قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ ليمشي بَينهم يؤمئذٍ بِالْمَخَافَةِ ، قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ

عِنْدَهَا يَكُونُ الْمَطَرُ قَيْظًا وَالْوَلَدُ غَيْظًا ، تفيض اللئام فيضاً ، يغيض الْكِرَامُ غَيْضًا ، قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَلْمُؤْمِنُ يومئذٍ أَذَلُّ مِنَ الأَمَةِ ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا وَالْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا وَيُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ الأَمِينُ ، وَيُصَدَّقُ الْكَذَّابُ ، وَيُكَذَّبُ الصَّادِقُ

قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَكُونُ أُمَرَاءُ جَوَرَةً ، وَوُزَرَاءُ فَسَقَةً ، وَأُمَنَاءُ خَوَنَةً ، وَإِمَارَةُ النِّسَاءِ وَمُشَاوَرَةُ الإِمَاءِ ، وَصُعُودُ الصِّبْيَانِ الْمَنَابِرَ ، قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟

قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ ، عِنْدَهَا يليهم أَقْوَامٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قَتَلُوهُمْ وَإِنْ سكتوا استباحوهم ، ويستأثرون بفيئهم يطأون حَرِيمَهُمْ وَيُجَارُ فِي حُكْمِهِمْ يَلِيهِمْ أَقوام جثاهم جثا النّاس

قَالَ القَاضِي أَبُو الفَرَج: هُوَ هَكَذَا فِي الْكِتَابِ، وَالصَّوَابُ جثثهم جُثَثُ النَّاسِ وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ لَا يُوَقِّرُونَ كَبِيرًا وَلا يَرْحَمُونَ صَغِيرًا قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، يَا سلمان ، عِنْدَهَا تُزَخْرَفُ الْمَسَاجِدُ كَمَا تُزَخْرَفُ الْكَنَائِسُ وَالْبِيَعُ ، وَتُحَلَّى الْمَصَاحِفُ

وَيُطِيلُونَ الْمَنَابِرَ ، وَتَكْثُرُ الصُّفُوفُ ، قُلُوبُهُمْ مُتَبَاغِضَةٌ وأهواؤهم جَمَّةٌ وَأَلْسِنَتُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ ، قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَأْتِي سَبْيٌ مِنَ الْمَشْرِقِ يَلُونَ أُمَّتِي فَوَيْلٌ لِلضُّعَفَاءِ مِنْهُمْ ، وَوَيْلٌ لَهْمُ مِنَ اللَّهِ ، قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟

قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَكُونُ الْكَذِبُ ظُرْفًا وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا ، وَتَظْهَرُ الرُّشَا ، وَيَكْثُرُ الرِّبَا ، وَيَتَعَامَلُونَ بِالْعِينَةِ ، وَيَتَّخِذُونَ الْمَسَاجِدَ طُرُقًا ، قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟

قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ ، عِنْدَهَا تُتَّخَذُ جُلُودُ النُّمُورِ صِفَاقًا ، وَتَتَحَلَّى ذُكُورُ أُمَّتِي بِالذَّهَبِ وَيَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ ، وَيَتَهَاوَنُونَ بِالدِّمَاءِ ، وَتَظْهَرُ الْخُمُورُ وَالْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ ، وَتُشَارِكُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي التِّجَارَةِ ، قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ

عِنْدَهَا يَطْلُعُ كَوْكَبُ الذَّنَبِ وَتَكْثُرُ السِّيجَانُ وَيَتَكَلَّمُ الرُّوَيْبِضَةُ ، قَالَ سَلْمَانُ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ يَتَكَلَّمُ فِي الْعَامَّةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ ، وَيَحْتَضِنُ الرَّجُلُ للسُّمْنَةِ ، وَيُتَغَنَّى بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُتَّخَذُ الْقُرْآنُ مَزَامِيرَ ، وَتُبَاعُ الْحكمُ وَتَكْثُرُ الشُّرَطُ ؛ قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ

عِنْدَهَا يَحُجُّ أُمَرَاءُ النَّاسِ لَهْوًا وَتَنَزُّهًا ، وَأَوْسَاطُ النَّاسِ لِلتِّجَارَةِ ، وَفُقَرَاءُ النَّاسِ لِلْمَسْأَلَةِ ، وَقُرَّاءُ النَّاسِ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ ؛ قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يُغَارُ عَلَى الْغُلامِ كَمَا يُغَارُ عَلَى الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ ، وَيُخْطَبُ الْغُلامُ كَمَا تُخْطَبُ الْمَرْأَةُ ، وَيُهَيَّأُ كَمَا تُهَيَّأُ الْمَرْأَةُ

وَتَتَشَبَّهُ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَتَتَشَبَّهُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ ، وَيَكْتَفِي الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ ، وَتَرْكَبُ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ فَعَلَيْهِنِّ مِنْ أُمَّتِي لَعْنَةُ اللَّهِ ، قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟

قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَظْهَرُ قُرَّاءٌ عِبَادَتُهُمُ التَّلاوُمُ بَيْنَهُمْ ، أُولَئِكَ يُسَمَّوْنَ فِي ملكوت السَّمَاء الأنجاس والأرجاس ؛ قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟

قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، تَتَشَبَّبُ الْمَشْيَخَةُ ، قَالَ : قُلْتُ: وَمَا تَشَبُّبُ الْمَشْيَخَةِ؟ قَالَ: أَحْسبهُ ذهب من كِتَابِي إِنَّ الْحُمْرَةَ هَذَا الْحَرْفُ وَحْدَهُ خِضَابُ الإِسْلامِ وَالصُّفْرَةُ خِضَابُ الإِيمَانِ وَالسَّوَادُ خِضَابُ الشَّيْطَانِ قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ

عِنْدَهَا يُوضَعُ الدِّينُ وَتُرْفَعُ الدُّنْيَا وَيُشَيَّدُ الْبِنَاءُ وَتُعَطَّلُ الْحُدُودُ وَيُمِيتُونَ سُنَّتِي ، فَعِنْدَهَا يَا سَلْمَانُ لَا تَرَى إِلا ذَامًّا وَلا يَنْصُرُهُمُ اللَّهُ ، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَهُمْ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمُونَ كَيفَ لَا ينْصرُونَ؟ قَالَ: يَا سَلْمَانُ إِنَّ نُصْرَةَ اللَّهِ الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ النكر ، وَإِنَّ أَقْوَامًا يَذُمُّونَ اللَّهَ تَعَالَى وَمَذَمَّتُهُمْ إِيَّاهُ أَنْ يَشْكُوهُ وَذَلِكَ عِنْدَ تَقَارُبِ الأَسْوَاقِ

قَالَ: وَمَا تَقَارُبُ الأَسْوَاقِ؟ قَالَ عِنْدَ كَسَادِهَا كُلٌّ يَقُولُ: مَا أَبِيعُ وَلا أَشْتَرِي وَلا أَرْبَحُ ، وَلا رَازِقَ إِلا اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ

عِنْدَهَا يَعُقُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ وَيَجْفُو صَدِيقَهُ ، وَيَتَحَالَفُونَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَيَحْلِفُ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَحْلَفَ وَيَتَحَالَفُونَ بِالطَّلاقِ ، يَا سَلْمَانُ لَا يَحْلِفُ بِهَا إِلا فَاسِقٌ ، وَيَفْشُو الْمَوْتُ مَوْتُ الْفُجَاءَةَ وَيُحَدِّثُ الرَّجُلَ سَوْطُهُ

قَالَ سَلْمَانُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا تَخْرُجُ الدَّابَّةُ ، وَتَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ وَرِيحٌ حَمْرَاءُ ، وَيَكُونُ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهَدْمُ الْكَعْبَةِ ، وَتَمُورُ الأَرْضُ ، وَإِذَا ذُكِرَ الرَّجُلُ رُؤِيَ ".

والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (7/474)

إلى ابن مردويه ، وتفسيره مفقود كما هو معلوم .

والحديث موضوع مكذوب ، فيه سليم الخشاب ،

قال أحمد بن حنبل " ليس يسوى حديثه شيئا "

وقال أبو حاتم :" ضعيف الحديث منكر " .

كذا في "الجرح والتعديل" (4/315)

وقال ابن معين : كذاب .

كذا في "تاريخ ابن معين رواية ابن محرز" (1/58)

وقال النسائي :" متروك الحديث " .

كذا في "الضعفاء والمتروكون" (244)

وقال ابن حبان في "المجروحين" (463)

:" يَرْوِي عَن الثِّقَات الموضوعات الَّتي يتخايل إِلَى المستمع لَهَا ، وَإِن لَمْ يكن الْحَدِيث صناعته : أَنَّهَا مَوْضُوعَة ".

وله طريق آخر مكذوب أيضا

أخرجه الصابوني في "المائتين" كما في "تخريج أحاديث إحيا

علوم الدين" للعراقي والزبيدي وابن السبكي (2/670) .

وساق فيه إسناده عن الصابوني أنه قال : أخبرنا أبو سور الرستمي أنبأنا أبو نصر المطري حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى الخالدي حدثنا أبو الليث نصر بن خلف بن سيار حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الهيثم الضرير المعلم حدثنا أبو زكريا يحيى بن نصر حدثنا علي بن إبراهيم عن ميسرة

بن عبد الله الشتري عن موسى بن جابان عن أنس قال لما حج النبي - صلّى الله عليه وسلم - حجة الوداع أخذ بحلقة باب الكعبة ثم قال يا أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا فإني مخبركم باقتراب الساعة ، ألا من اقتراب الساعة إقامة الصلاة .. فساق الحديث .

وهو طريق تالف مكذوب أيضا ، فيه متروك وكذاب ، أما المتروك فهو موسى بن جابان

ذكره ابن حجر في "لسان الميزان" (1726)

وقال :" قال الأزدي: متروك الحديث ".

وأما الكذاب فهو ميسرة بن عبد الله

أو بن عبد ربه : كذاب

قال أبو داود :" ميسرة بن عبد ربه أقر بوضع الحديث "

وقال البخاري :" يرمى بالكذب "

وقال النسائي :" متروك الحديث "

. كذا في "تاريخ بغداد" (15/297)

وقال أبو حاتم :" مَيسَرَةُ بْنُ عَبْدِ ربِّه كَانَ يَفتَعِلُ الحديثَ ".

كذا في "العلل" لابن أبي حاتم (766) .

وفي الأحاديث الكثيرة الصحيحة الواردة في أشراط الساعة وأحوال آخر الزمان : ما يغني عن مثل هذه الموضوعات والواهيات .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 18:52   رقم المشاركة : 81
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول معنى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأمير الذي أمر أصحابه بدخول النار :" لو دخلوها ما خرجوا منها"

السؤال :


عن علي رضي الله عنه قال : " بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية ، فاستعمل رجلا من الأنصار ، وأمرهم أن يطيعوه فغضب ، فقال : أليس أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني ؟

قالوا : بلى ، قال : فاجمعوا لي حطبا ، فجمعوا ، فقال : أوقدوا نارا ، فأوقدوها ، فقال : ادخلوها ، فهموا ، وجعل بعضهم يمسك بعضا ، ويقولون : فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار ، فما زالوا حتى خمدت النار

فسكن غضبه ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة ، الطاعة في المعروف )" صحيح البخاري (٧١٤٥ ). ما معنى :( لو دخلوها ما خرجوا منها )؟

هل ذلك يعني أن الطاعة في المعصية شرك أصغر ، وأن الشرك الأصغر لا يُغفر ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

أهل السنة وسط بين أهل الفرق كما أن أهل الإسلام وسط بين الأمم ، ومن وسطية أهل السنة أنهم لا يكفرون أصحاب الكبائر ، ولا يحكمون عليهم بالخلود في النار

بل يقولون أن من لقي الله بكل ذنب ، خلا الشرك : فأمره إلى الله إن شاء عذبه ثم أخرجه من النار إلى الجنة ، وإن شاء غفر له .

وهذا بخلاف قول الوعيدية من الخوارج والمعتزلة ممن يحكمون على صاحب الكبيرة بالخلود في النار .

وقد وردت الأدلة المتواترة من القرآن والسنة مع إجماع أهل السنة على ذلك ، ومن ذلك قوله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ". النساء/48 .

وحديث عُبَادَةَ بْن الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ:" بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلاَ تَسْرِقُوا

وَلاَ تَزْنُوا ، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ ، وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ ".

أخرجه البخاري (18) ، ومسلم (1709) .

قال النووي في "شرح مسلم" (2/41)

:" حديث أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ :" مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ " ، وَحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُمْ بَايَعُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا يَسْرِقُوا وَلَا يَزْنُوا وَلَا يَعْصُوا إِلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَتُهُ وَمَنْ فَعَلَ وَلَمْ يُعَاقَبْ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ " : فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ

مع نظائرهما في الصحيح ، مع قوله اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لمن يشاء " ، مَعَ إِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ الزَّانِيَ وَالسَّارِقَ وَالْقَاتِلَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ غَيْرِ الشِّرْكِ لَا يَكْفُرُونَ بِذَلِكَ

بَلْ هُمْ مُؤْمِنُونَ نَاقِصُوا الْإِيمَانِ ، إِنْ تَابُوا سَقَطَتْ عُقُوبَتُهُمْ ، وَإِنْ مَاتُوا مُصِرِّينَ عَلَى الْكَبَائِرِ : كَانُوا فِي الْمَشِيئَةِ؛ فإن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَفَا عَنْهُمْ وَأَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ أَوَّلًا، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ ثُمَّ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ ". انتهى

ثانيا :

هناك بعض النصوص التي قد يُفهم منها البعض أنها تدل على خلود أصحاب الكبائر في النار ، وهذا فهم خاطئ ، نشأ عن عدم جمع النصوص الواردة في المسألة ، وعدم فهم لسان العرب الذي به فهم نصوص الشرع .

ومن هذه النصوص التي قد تُشكل : ما أورده السائل الكريم ، وهو حديث :

علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ ، فَغَضِبَ ، فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي؟

قَالُوا: بَلَى ، قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا ، فَجَمَعُوا ، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا ، فَأَوْقَدُوهَا ، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا ، فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا ، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّارِ

فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ:

« لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ ».

أخرجه البخاري (4340) ، ومسلم (1840)

وفي لفظ عند البخاري (7145)

لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ » .

وجواب هذا الإشكال كما يلي :

أن الحديث ورد بلفظين أحدهما مفسر للآخر ، فلفظ " لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا" يفسره اللفظ الثاني وهو " لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ "

فاللفظ الثاني بيَّن أن نهاية مكثهم في النار إلى يوم القيامة ، فإذا قامت القيامة فقد انتهى مكثهم في النار .

قال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (6/245) :

" وقوله: " ما خرجوا منها إلى يوم القيامة ": تفسير احتمال قوله في غير هذه الرواية: " ما خرجوا منها " ، وزيادةِ: " أبداً " في بعضها ؛ إذ لا يخلد أحد بذنب على مذهب جماعة أهل السنة ".

انتهى . وينظر : العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم" لابن الوزير (9/68) .

ويوضحه : أن يحمل المراد بالنار في الحديث ،

على النار التي أوقدوها ، وليسن نار الآخرة .

قال ابن حجر في "الفتح" (13/123)

:" وَقَوْلُهُ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا قَالَ الدَّاوُدِيُّ : يُرِيدُ : تِلْكَ النَّارَ ؛ لِأَنَّهُمْ يَمُوتُونَ بِتَحْرِيقِهَا ، فَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا أَحْيَاءً . قَالَ : وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّارِ نَارَ جَهَنَّمَ ، وَلَا أَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ فِيهَا ، لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ : (يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ) . قَالَ : وَهَذَا مِنَ الْمَعَارِيضِ الَّتِي فِيهَا مَنْدُوحَةٌ

يُرِيدُ أَنَّهُ سِيقَ مَسَاقَ الزَّجْرِ وَالتَّخْوِيفِ ، لِيَفْهَمَ السَّامِعُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ خُلِّدَ فِي النَّارِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الزَّجْرُ وَالتَّخْوِيفُ ". انتهى وقريب من ذلك : قول من حمل المراد بلفظة " أبدا " ،

على "أبد الدنيا" ، وطول عذابهم بهذه النار التي أوقدوها ، على حد قولهم : " أبَّد الله بقائك " أي أطاله . قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (1/34) :" أبد : الْهَمْزَةُ وَالْبَاءُ وَالدَّالُ يَدُلُّ بِنَاؤُهَا عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ " . انتهى .

وعلى ذلك يكون المقصود هنا طول فترة العذاب لا الخلود في جهنم أبدا، من غير خروج منها

. قال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (8/216) قال المهلب: وقوله في حديث على: ( لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا )

: فالأبد هاهنا يراد به أبد الدنيا ؛ لقوله تعالى:" إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " النساء/48 ، ومعلوم أن الذين هموا بدخول النار لم يكفروا بذلك فيجبَ عليهم التخليد أبد الآخرة

ألا ترى قولهم:" إنما اتبعنا النبي صلى الله عليه وسلم فرارًا من النار " فدل هذا أنه أراد صلى الله عليه وسلم : لو دخلوها لماتوا فيها ولم يخرجوا منها مدة الدنيا ، والله أعلم ". انتهى .

وقال ابن القيم في "حاشيته على سنن أبي داود" (7/208)

:" وَقَوْله (أَبَدًا) : لَا يُعْطِي خُلُودهمْ فِي نَار جَهَنَّم ، فَإِنَّ الْإِخْبَار إِنَّمَا هُوَ عَنْ نَار الدُّنْيَا ، وَالْأَبَد كَثِيرًا مَا يُرَاد بِهِ أَبَد الدُّنْيَا ، قَالَ تَعَالَى فِي حَقّ الْيَهُود {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ الْكُفَّار أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ الْمَوْت فِي النَّار وَيَسْأَلُونَ رَبّهمْ أَنْ يَقْضِي عَلَيْهِمْ بِالْمَوْتِ ". انتهى

أن يكون معنى خلودهم في النار إذا فعلوا ذلك على وجه الاستحلال

قال العيني في "عمدة القاري" (17/315)

:" وَالْمرَاد بقوله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة : التَّأْبِيد ؛ يَعْنِي : لَو دخلوها ، مستحلين لَهُ ، لما خَرجُوا مِنْهَا أبدا ". انتهى

ثالثا :

وأما سؤال السائل الكريم عن الطاعة في المعصية ، فإن الطاعة لا تكون إلا في المعروف ، ومن أطاع أحدا في تحريم الحلال أو تحليل الحرام؛ فأحل ما حرم الله بإحلال البشر ، أو حرم ما أحل الله بتحريم البشر، وهو يعلم فرض الله في ذلك ، فتركه : فهذا من قبيل الشرك الأكبر .

وأما من أطاع غيره في المعصية لهوى في نفسه ، غير مستحل لذلك ، بل في نفسه أنها معصية ، وحمله على ذلك ضعف إيمانه فهذه معصية يجب عليه التوبة إلى الله منها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (1/97)

:" فَإِنَّ الْإِشْرَاكَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ، دَعْ جَلِيلَهُ .

وَهُوَ شِرْكٌ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّأَلُّهِ .

وَشِرْكٌ فِي الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ .

وَشِرْكٌ فِي الْإِيمَانِ وَالْقَبُولِ.

فَالْغَالِيَةُ مِنْ النَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ وَضُلَّالِ الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْعَامَّةِ : يُشْرِكُونَ بِدُعَاءِ غَيْرِ اللَّهِ تَارَةً ، وَبِنَوْعِ مِنْ عِبَادَتِهِ أُخْرَى ، وَبِهِمَا جَمِيعًا تَارَةً . وَمَنْ أَشْرَكَ هَذَا الشِّرْكَ أَشْرَكَ فِي الطَّاعَةِ .

وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ وَأَجْنَادِ الْمُلُوكِ وَأَتْبَاعِ الْقُضَاةِ وَالْعَامَّةِ الْمُتَّبِعَةِ لِهَؤُلَاءِ : يُشْرِكُونَ شِرْكَ الطَّاعَةِ ، وَقَدْ {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ لَمَّا قَرَأَ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}

فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَبَدُوهُمْ فَقَالَ مَا عَبَدُوهُمْ وَلَكِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ الْحَرَامَ فَأَطَاعُوهُمْ وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ الْحَلَالَ فَأَطَاعُوهُمْ}". انتهى .

وقال أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (2/275) :" إنَّمَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ ، بِطَاعَةِ الْمُشْرِكِ مُشْرِكًا: إذَا أَطَاعَهُ فِي اعْتِقَادِهِ ، الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ ؛ فَإِذَا أَطَاعَهُ فِي الْفِعْلِ

وَعَقْدُهُ سَلِيمٌ مُسْتَمِرٌّ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّصْدِيقِ : فَهُوَ عَاصٍ ، فَافْهَمُوا ذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ". انتهى

رابعا :

وأما الشرك الأصغر فصاحبه لا يخلد في النار باتفاق أهل السنة والجماعة ، وإن كان بينهم خلاف هل صاحبه داخل تحت المشيئة أم لابد أن يعذب عليه إلا أن يتوب منه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الرد على البكري" (1/301)

:" والشرك له شعب تُكَبِّره و تُنمِّيه ، كما أن الإيمان له شعب تكبره و تنميه .

وإذا كان كذلك ، فإذا تقابلت الدعوتان : فمن قيل إنه مشرك ، أولى بالوعيد ممن قيل فيه : إنه ينتقص الرسول .

فإن هذا إن كان مشركا الشرك الأكبر : كان مخلدا في النار ، وكان شرا من اليهود و النصارى .

وإن كان مشركا الشرك الأصغر : فهو أيضا مذموم ممقوت ، مستحق للذم و العقاب .

وقد يقال الشرك لا يغفر منه شيء ، لا أكبر ولا أصغر ، على مقتضى عموم القرآن ؛ وإن كان صاحب الشرك الأصغر يموت مسلما ، لكن شركه لا يغفر له ، بل يعاقب عليه ، وإن دخل بعد ذلك الجنة ". انتهى

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 18:56   رقم المشاركة : 82
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

متى تكون طاعة المخلوق شركاً أكبر

السؤال :


متى تكون طاعة المخلوق شركاً أكبر ؟


الجواب:

الحمد لله

تكون طاعة المخلوق شركاً في حالات ومنها إذا أطاعه في أمر يحلّ به حراماً ، أو يحرم حلالاً

أو أنّ المخلوق شرع نظاماً ، أوسن قانوناً ، يخالف شرع الله

واعتقد المتّبع أن هذا التشريع أكمل من شرع الله وأصلح ، أو أنه مثل شرع الله أو أنّ شرع الله أفضل ولكن يجوز العمل بهذا الشّرع البشري

والدليل على ذلك : قول الله تعالى : ( اتخذوا أحبـارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله )

قال عدي بن حاتم : يا رسول الله لسنا نعبدهم .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أليس يحلون لكم ما حرّم الله فتحلونه ، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه ؟ ) قال : بلى . قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فتلك عبادتهم )

فصارت طاعة النصارى لأحبارهم في المعصية واعتقاد التحليل والتحريم لأجل كلامهم عبادة لغير الله

وهو من الشرك الأكبر المنافي للتوحيد

وأما بالنسبة لسؤالك فإن كان المطيع لوالديه في المعصية يعتقد أنها معصية وإنما يفعل ما يفعل لهوى نفسه أو خوفا من عقاب والديه ولم يصل إلى درجة الإكراه فهو عاص آثم مخالف

لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . " رواه الإمام أحمد 1041

وهو حديث صحيح ، ولكنه لا يكون مشركا شركا أكبر وأما إذا كان الولد يعتقد أنّ كلام والديه يحلّ ما حرّم الله ويحرّم ما أحلّ الله فإنه يكون مشركا شركا أكبر

وينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه ليكون هواه موافقا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن يقدّم طاعة الله ورسوله على طاعة كلّ أحد

وأن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . "

رواه البخاري 63

والله الهادي إلى سواء السبيل .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 19:02   رقم المشاركة : 83
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشرك الأصغر هل يدخل تحت المشيئة

السؤال :


لي زميل في العمل وأثناء الحديث معه أخبرنا بأن لديه حجابا أخذه من ناس يقولون إنهم شيوخ معالجون من نفس المنطقة يقول مكتوب به آية الكرسي ووضعه في جلد ويربطه على وسطه فدار بيننا حوار أنا وهو ومجوعة من الزملا

وناصحناه بحرق الكتاب أو أن يأتي به لأحد الأشخاص الموثوقين لفكه والنفث عليه فرفض بحجة أنهم شيوخ وأن هذا الشيء ما يقدر يطلع عليه أحد وأنه مفيد فما كان مني إلا أن قلت له من باب تخويفه بالله

( والله لو مت وهو معك لتدخل النار ) وبصراحة بعدما قلتها ندمت وخفت أن الله يحبط عملي مثل الرجل الذي قال لأحد العصاة والله لا يغفر الله لك فقال الله تعالى ( من ذا الذي يتألى علي فقد غفرت له وأحبطت عملك )

وأنا الآن خائف من هذا الشيء أرجو إفادتي بماذا يجب علي فعله جزاكم الله خيرا .


الجواب:

الحمد لله


أولا :

لا يجوز تعليق التمائم ولو كانت من القرآن الكريم ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ ) رواه أحمد (17440) و حسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ) والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع .

والتمائم إذا كانت من القرآن ، فهي مما اختلف فيه العلماء ، والراجح المنع ، لعموم الأدلة ، وسدا للذريعة ، ولما في ذلك من الامتهان غالبا ، إذا هذه التميمة ينام بها صاحبها ، ويدخل بها الخلاء ، ونحو ذلك .

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/212)

: " اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن ، واختلفوا إذا كانت من القرآن ، فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها ، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسدِّ الذريعة " انتهى .

وهذا كله إذا سلمنا أن الحجاب المسئول عنه ليس فيه إلا آية الكرسي أو نحوها من كلام الله عز وجل ، وإلا فقد يكون فيه سحر وكفر ، والعجيب أن السحرة يضعون كلام الله تعالى مع كفرهم وباطلهم ، حتى يروج إفكهم ، وينخدع الناس بهم .

وربما يظهر من حرص زميلك على ألا يطلع على الحجاب أحد ، وما رد عليكم حينما طلبتم الحجاب للاطلاع على ما فيه ، أو القراءة عليه ، ربما يظهر من ذلك أن صاحبك إما جاهل بما في الحجاب حقيقة ، أو أنه يعلم أنه الحجاب ليس خالصا لكلام الله عز وجل .

وعليه فالواجب نصح زميلك هذا ، وتحذيره من تعليق ما لا يعلم بداخله ، بل من تعليق التمائم كلها .

وقوله : إنه ما يقدر أحد أن يطلع عليه ، ليس صحيحا ، بل هذا من دجل السحرة والمشعوذين وتخويهم للناس حتى لا يطلع على ما في تمائمهم من أسماء الشياطين ، أو الكتابة التي لا معنى لها
.
ثانيا :

وأما قولك : ( والله لو مت وهو معك لتدخل النار ) فإن كان مرادك أن من فعل ذلك فهو مستحق للنار ، بحسب ما بلغك من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك

ووعيده لمن فعله بالنار ، مع علمك بأننا لا نقطع لأحد ـ على وجه التعيين ـ بجنة ولا نار ، إلا بنص من الوحي ، وأن عصاة الموحدين في مشيئة الله تعالى

إن شاء عذبهم ، وإن شاء عفا عنهم ؛ إن كان هذا مرادك ، فلا حرج عليك فيه إن شاء الله .

وهكذا إن كنت تريد أن تهدده بعاقبة من يتهاون في مثل ذلك ، ويصر على فعله

فلا حرج عليك فيه إن شاء الله .

وفي مسند الإمام أحمد (19498)

عَنِ الْحَسَنِ قَالَ أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ عَلَى عَضُدِ رَجُلٍ حَلْقَةً أُرَاهُ قَالَ مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ : ( وَيْحَكَ مَا هَذِهِ قَالَ مِنْ الْوَاهِنَةِ قَالَ أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا انْبِذْهَا عَنْكَ فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا )

[ ضعفه الألباني في الضعيفة 1029 ] .

وفي سنن أبي داود (4669)

عَنْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ : ( أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَهُ مِنْ قَلْبِي قَالَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ أَنْفَقْتَ

مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ )

صححه الألباني في صحيح الجامع (5244) .

قال القاري في قوله : ( .. لدخلت النار ) : يحتمل الوعيد ويحتمل التهديد !!

انتهى من تحفة الأحوذي .

وأما إن كان مرادك القطع على هذا الشخص المعين بأنه من أهل النار لأجل فعله هذا ، فهذا خطأ منك ؛ فنحن لا نشهد لمعين بجنة ولا نار ، إلا من شهد له النص بذلك .

تنبيه : تعليق التميمة قد يكون شركا أصغر ، وقد يكون أكبر بحسب حال مستعملها ، فإن اعتقد أنها تنتفع وتضر بذاتها ، فهذا شرك أكبر ، وإن اعتقد أنها سبب ، فهذا شرك أصغر ؛ لأنه جعل ما ليس سببا سببا ، والشرك الأصغر إن مات عليه صاحبه دون توبة ، فهل يدخل تحت المشيئة ، أم لا يغفر كالأكبر ، قولان لأهل العلم .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" هل قوله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) يشمل الشرك الأصغر ؟

فأجاب قائلا : اختلف في ذلك أهل العلم : فمنهم من قال : يشمل كل شرك ولو كان أصغر كالحلف بغير الله فإن الله لا يغفره ، وأما بالنسبة لكبائر الذنوب كالخمر والزنى فإنها تحت المشيئة إن شاء الله غفرها وإن شاء أخذ بها .

وشيخ الإسلام اختلف كلامه

فمرة قال : الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر ، ومرة قال : الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر .

وعلى كل حال يجب الحذر من الشرك مطلقا ؛ لأن العموم يحتمل أن يكون داخلا فيه الأصغر لأن قوله : ( أَن يُشْرَكَ بِهِ ) أن وما بعدها في تأويل مصدر تقديره " إشراكا به " فهو نكرة في سياق النفي فتفيد العموم "

انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله" (2/203) .

وأما ما يلزمك فهو التوبة إلى الله تعالى من تساهلك في مثل هذه الإطلاقات ، وعدم العودة إلى ذلك مستقبلا .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 19:08   رقم المشاركة : 84
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أحكام التمائم وتعليقها وهل تدفع التميمة العين والحسد

السؤال :


أريد أن أعرف إن كان يجوز وضع التمائم. لقد قرأت كتاب التوحيد وبعض الكتب الأخرى بقلم بلال فيليبس ، إلا أني وجدت بعض الأحاديث في الموطأ تجيز بعض أنواع التمائم.

كما أن كتاب التوحيد ذكر أن بعض السلف سمحوا بها . وهذه الأحاديث موجودة في الجزء 50 من الموطأ

وقد وردت تحت أرقام : 4 و11 و14. الرجاء الرد ، وإعلامي بصحة هذه الأحاديث وإعطائي المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع . وشكرا لك .


الجواب:

الحمد لله


أولاً :

لم نهتد إلى الأحاديث التي أراد السائل بيان صحتها ؛ وذلك لعدم معرفتنا بعين تلك الأحاديث وقد ذكر لنا أنها في الجزء ( 50 ) من الموطأ ! والموطأ جزء واحد .

لذا سنذكر ما تيسر من الأحاديث الواردة في الموضوع ونبين - إن شاء الله - حكم العلماء عليها ، ولعل بعضها أن يكون مما أراده السائل :

1. عن عبد الله بن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال : الصفرة - يعني : الخلوق - وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب والضرب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير محلها والرقى إلا بالمعوذات وتعليق التمائم وعزل الماء عن محله وإفساد الصبي ، غير محرِّمه .

رواه النسائي ( 50880) وأبو داود ( 4222 ) .

الخَلوق : نوع من الطيب أصفر اللون .

عزل الماء عن محله : أي : عزل المني عن فرج المرأة .

إفساد الصبي : وطء المرأة المرضع ، فإنها إذا حملت فسد لبنها . والمعنى أي كره ولم يُحرِّمه والمقصود وطء المرضع .

والحديث : ضعَّفه الشيخ الألباني في " ضعيف النسائي " ( 3075 ) .

2. عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتوَلة شرك ، قالت : قلت لم تقول هذا ؟ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني فإذا رقاني سكنت

فقال عبد الله : إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقاها كف عنها إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً .

رواه أبو داود ( 3883 ) وابن ماجه ( 3530 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 331 ) و ( 2972 ) .

3. عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " .

رواه أحمد ( 16951 ) .

والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف الجامع " ( 5703 ) .

4. عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا : يا رسول الله بايعتَ تسعة وتركت هذا ، قال : إن عليه تميمة ، فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال : من علق تميمة فقد أشرك .

رواه أحمد ( 16969 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 492 ) .

ثانياً :

التمائم : جمع تميمة وهي ما يعلق بأعناق الصبيان أو الكبار أو يوضع على البيوت أو السيارات من خرزات وعظام لدفع الشر - وخاصة العين - ، أو لجلب النفع .

وهذه أقوال العلماء في أنواع التمائم وحكم كل واحدة منها ، وفيها تنبيهات وفوائد :

1. قال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب :

اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته :

فقالت طائفة : يجوز ذلك وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ، وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية ، وحملوا الحديث على التمائم الشركية ، أمَّا التي فيها القرآن وأسماء الله وصفاته فكالرقية بذلك .

قلت : وهو ظاهر اختيار ابن القيم .

وقالت طائفة : لا يجوز ذلك ، وبه قال ابن مسعود وابن عباس ، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنه ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه

وجزم بها المتأخرون ، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه فإن ظاهره العموم لم يفرق بين التي في القرآن وغيرها بخلاف الرقى فقد فرق فيها ، ويؤيد ذلك أن الصحابة الذين رووا الحديث فهموا العموم كما تقدم عن ابن مسعود .

وروى أبو داود عن عيسى بن حمزة قال : دخلت على عبد الله بن عكيم وبه حمرة فقلت : ألا تعلق تميمة ؟ فقال : نعوذ بالله من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن تعلق شيئاً وكل إليه " …

هذا اختلاف العلماء في تعليق القرآن وأسماء الله وصفاته فما ظنك بما حدث بعدهم من الرقى بأسماء الشياطين وغيرهم وتعليقها بل والتعلق عليهم والاستعاذة بهم والذبح لهم وسؤالهم كشف الضر وجلب الخير مما هو شرك محض وهو غالب على كثير من الناس إلا من سلم الله ؟

فتأمل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والتابعون وما ذكره العلماء بعدهم في هذا الباب وغيره من أبواب الكتاب ثم انظر إلى ما حدث في الخلوف المتأخرة يتبين لك دين الرسول صلى الله عليه وسلم وغربته الآن في كل شيء ، فالله المستعان .

" تيسير العزيز الحميد " ( ص 136 - 138 ) .

2. وقال الشيخ حافظ حكمي :

إن تك هي - أي : التمائم - آيات قرآنية مبينات ، وكذلك إن كانت من السنن الصحيحة الواضحات فالاختلاف في جوازها واقع بين السلف من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم :

فبعضهم - أي : بعض السلف - أجازها ، يروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف .

والبعض منهم كفَّ - أي : منع - ذلك وكرهه ولم يره جائزاً ، منهم عبد الله بن عكيم وعبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر وعبد الله بن مسعود وأصحابه كالأسود وعلقمة ومن بعدهم كإبراهيم النخعي وغيرهم رحمهم الله تعالى .

ولا شك أن منع ذلك أسد لذريعة الاعتقاد المحظور لا سيما في زماننا هذا ؛ فإنه إذا كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة والإيمان في قلوبهم أكبر من الجبال فلأن يكره في وقتنا هذا

- وقت الفتن والمحن - أولى وأجدر بذلك ، كيف وهم قد توصلوا بهذه الرخص إلى محض المحرمات وجعلوها حيلة ووسيلة إليها ؟ فمن ذلك أنهم يكتبون في التعاويذ آية أو سورة أو بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطلاسم الشيطانية ما لا يعرفه إلا من اطلع على كتبهم

ومنها أنهم يصرفون قلوب العامة عن التوكل على الله عز وجل إلى أن تتعلق قلوبهم بما كتبوه ، بل أكثرهم يرجفون بهم ولم يكن قد أصابهم شيء فيأتي أحدهم إلى من أراد أن يحتال على أخذ ماله مع علمه أنه قد أولع به فيقول له : إنه سيصيبك في أهلك أو في مالك أو في نفسك كذا وكذا

أو يقول له : إن معك قريناً من الجن أو نحو ذلك ويصف له أشياء ومقدمات من الوسوسة الشيطانية موهماً أنه صادق الفراسة فيه شديد الشفقة عليه حريص على جلب النفع إليه فإذا امتلأ قلب الغبي الجاهل خوفاً مما وصف له حينئذ أعرض عن ربه وأقبل ذلك الدجال بقلبه وقالبه والتجأ إليه وعول عليه دون الله عز وجل وقال له : فما المخرج مما وصفت ؟

وما الحيلة في دفعه ؟ كأنما بيده الضر والنفع ، فعند ذلك يتحقق فيه أمله ويعظم طمعه فيما عسى أن يبذله له فيقول له إنك إن أعطيتني كذا وكذا كتبت لك من ذلك حجابا طوله كذا وعرضه كذا ويصف له ويزخرف له في القول وهذا الحجاب علقه من كذا وكذا من الأمراض

أترى هذا مع هذا الاعتقاد من الشرك الأصغر ؟

لا بل هو تأله لغير الله وتوكل على غيره والتجاء إلى سواه وركون إلى أفعال المخلوقين وسلب لهم من دينهم ، فهل قدر الشيطان على مثل هذه الحيل إلا بوساطة أخيه من شياطين الإنس { قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون } [ الأنبياء / 42 ]

ثم إنَّه يكتب فيه مع طلاسمه الشيطانية شيئاً من القرآن ويعلقه على غير طهارة ، ويحدث الحدث الأصغر والأكبر ، وهو معه أبداً لا يقدسه عن شيء من الأشياء ، تالله ما استهان بكتاب الله أحدٌ من أعدائه استهانة هؤلا

الزنادقة المدَّعين الإسلام به ، والله ما نزل القرآن إلا لتلاوته والعمل به وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق خبره والوقوف عند حدوده والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بقصصه والإيمان به { كلٌّ من عند ربنا }

وهؤلاء قد عطلوا ذلك كله ونبذوه وراء ظهورهم ولم يحفظوا إلا رسمه كي يتأكلوا به ويكتسبوا كسائر الأسباب التي يتوصلون بها إلى الحرام لا الحلال ولو أن ملكا أو أميرا كتب كتابا إلى من هو تحت ولايته أن افعل كذا واترك كذا وأمر من في جهتك بكذا وانههم عن كذا

ونحو ذلك فأخذ ذلك الكتاب ولم يقرأه ولم يتدبر أمره ونهيه ولم يبلغه إلى غيره ممن أمر بتبليغه إليه بل أخذه وعلقه في عنقه أو عضده ولم يلتفت إلى شيء مما فيه البتة لعاقبه الملك على ذلك أشد العقوبة ولسامه سوء العذاب فكيف بتنزيل جبار السموات والأرض الذي له المثل الأعلى في السموات والأرض وله الحمد في الأولى والآخرة

وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه هو حسبي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وإن تكن مما سوى الوحيين فإنها شرك بغير مين ، بل إنها قسيمة الأزلام في البعد عن سيما أولي الإسلام .

وإن تكن - أي : التمائم - مما سوى الوحيين بل من طلاسم اليهود وعباد الهياكل والنجوم والملائكة ومستخدمي الجن ونحوهم أو من الخرز أو الأوتار أو الحلق من الحديد وغيره فإنها شرك

- أي : تعليقها شرك - بدون ميْن - أي : شك - إذ ليست من الأسباب المباحة والأدوية المعروفة بل اعتقدوا فيها اعتقادا محضا أنها تدفع كذا وكذا من الآلام لذاتها لخصوصية

زعموا فيها كاعتقاد أهل الأوثان في أوثانهم بل إنها قسيمة أي شبيهة الأزلام التي كان يستصحبها أهل الجاهلية في جاهليتهم ويستقسمون بها إذا أرادوا أمرا وهي ثلاثة قداح مكتوب على إحداها افعل ، والثاني لا تفعل

والثالث غفل ، فإن خرج في يده الذي فيه افعل مضى لأمره ، أو الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ، أو الغفل أعاد استقسامه ، وقد أبدلنا الله تعالى - وله الحمد - خيراً من ذلك صلاة الاستخارة ودعاءها .

والمقصود :

أن هذه التمائم التي من غير القرآن والسنة شريكة للأزلام وشبيهة بها من حيث الاعتقاد الفاسد والمخالفة للشرع في البعد عن سيما أولي الإسلام - أي : عن زي أهل الإسلام - فإن أهل التوحيد الخالص من أبعد ما يكون عن هذا

والإيمان في قلوبهم أعظم من أن يدخل عليه مثل هذا ، وهم أجل شأناً وأقوى يقيناً من أن يتوكلوا على غير الله أو يثقوا بغيره ، وبالله التوفيق . "

معارج القبول " ( 2 / 510 - 512 ) .

والقول بالمنع حتى ولو كانت التمائم من القرآن هو الذي عليه مشايخنا :

3. وقال علماء اللجنة الدائمة :

اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن ، واختلفوا إذا كانت من القرآن ، فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها ، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسدِّ الذريعة .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 212 ) .

4. وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاَّحين وبعض المدنيين ، ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة ، وبعضهم يعلق نعلاً عتيقة في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها ، وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان ، كل ذلك لدفع العين زعموا

وغير ذلك مما عمَّ وطمَّ بسبب الجهل بالتوحيد ، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل ولا أنزلت الكتب إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها ، فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم ، وبعدهم عن الدين .

" سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1 / 890 ) ( 492 ) .

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 19:12   رقم المشاركة : 85
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر؟

السؤال
:

ما الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث التعريف والأحكام؟

الجواب:

الحمد لله

"الشرك الأكبر: أن يجعل الإنسان لله ندا؛ إما في أسمائه وصفاته، فيسميه بأسماء الله ويصفه بصفاته، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأعراف/180 ، ومن الإلحاد في أسمائه : تسمية غيره باسمه المختص به أو وصفه بصفته كذلك.

وإما أن يجعل له ندا في العبادة بأن يضرع إلى غيره تعالى ، من شمس أو قمر أو نبي أو ملك أو ولي مثلا بقربة من القرب ، صلاة أو استغاثة به في شدة أو مكروه

، أو استعانة به في جلب مصلحة ، أو دعاء ميت أو غائب لتفريج كربة ، أو تحقيق مطلوب ، أو نحو ذلك مما هو من اختصاص الله سبحانه - فكل هذا وأمثاله عبادة لغير الله ، واتخاذ لشريك مع الله

قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف/110 .

وأمثالها من آيات توحيد العبادة كثير.

وإما أن يجعل لله ندا في التشريع، بأن يتخذ مشرعا له سوى الله ، أو شريكا لله في التشريع

يرتضي حكمه ويدين به في التحليل والتحريم؛ عبادة وتقربا وقضاء وفصلا في الخصومات، أو يستحله وإن لم يره دينا، وفي هذا يقول تعالى في اليهود والنصارى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) التوبة/31

وأمثال هذا من الآيات والأحاديث التي جاءت في الرضا بحكم سوى حكم الله ، أو الإعراض عن التحاكم إلى حكم الله والعدول عنه إلى التحاكم إلى قوانين وضعية، أو عادات قبلية، أو نحو ذلك .

فهذه الأنواع الثلاثة هي الشرك الأكبر الذي يرتد به فاعله أو معتقده عن ملة الإسلام، فلا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث عنه ماله، بل يكون لبيت مال المسلمين، ولا تؤكل ذبيحته ويحكم بوجوب قتله

ويتولى ذلك ولي أمر المسلمين إلا أنه يستتاب قبل قتله، فإن تاب قبلت توبته ولم يقتل وعومل معاملة المسلمين.

أما الشرك الأصغر: فكل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه، وجاء في النصوص تسميته شركا

كالحلف بغير الله، فإنه مظنة للانحدار إلى الشرك الأكبر؛ ولهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم

ومن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) بل سماه: مشركا، روى ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك) رواه أحمد والترمذي والحاكم بإسناد جيد

لأن الحلف بغير الله فيه غلو في تعظيم غير الله، وقد ينتهي ذلك التعظيم بمن حلف بغير الله إلى الشرك الأكبر.

ومن أمثلة الشرك الأصغر أيضا: ما يجري على ألسنة كثير من المسلمين من قولهم: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، ونحو ذلك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك،

وأرشد من قاله إلى أن يقول: (ما شاء الله وحده) أو (ما شاء الله ثم شئت)؛ سدا لذريعة الشرك الأكبر من اعتقاد شريك لله في إرادة حدوث الكونيات ووقوعها، وفي معنى ذلك قولهم: توكلت على الله وعليك، وقولهم: لولا صياح الديك أو البط لسرق المتاع .

ومن أمثلة ذلك: الرياء اليسير في أفعال العبادات وأقوالها، كأن يطيل في الصلاة أحيانا ليراه الناس، أو يرفع صوته بالقراءة أو الذكر أحيانا ليسمعه الناس فيحمدوه، روى الإمام أحمد بإسناد حسن عن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء)

أما إذا كان لا يأتي بأصل العبادة إلا رياء ولولا ذلك ما صلى ولا صام ولا ذكر الله ولا قرأ القرآن فهو مشرك شركا أكبر، وهو من المنافقين الذين قال الله فيهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ... الآية)

إلى أن قال: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء/142-146

. وصدق فيهم قوله تعالى في الحديث القدسي : (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) رواه مسلم في صحيحه.

والشرك الأصغر لا يخرج من ارتكس فيه من ملة الإسلام ، ولكنه أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر؛ ولذا قال عبد الله بن مسعود : (لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا) .

وعلى هذا ؛ فمن أحكامه : أن يعامل معاملة المسلمين فيرثه أهله، ويرثهم حسب ما ورد بيانه في الشرع، ويصلى عليه إذا مات ، ويدفن في مقابر المسلمين ، وتؤكل ذبيحته

إلى أمثال ذلك من أحكام الإسلام، ولا يخلد في النار إن أدخلها كسائر مرتكبي الكبائر عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/172-176) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 19:23   رقم المشاركة : 86
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

متى يكون اتباع الهوى شركا أكبر ومتى يكون معصية

لسؤال

هل يصح ان نطلق على من يتبع هواه ويحب لأجله ويبغض لأجله ويحكم به ويخاف منه بأنه كافر خارج من الملة ؟

مستدلين بقوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية/23 ؛

فعلى سبيل المثال : لو أن رجلاً يحب الزنا حباً شديداً ويترك الصلاة من أجله، وإذا

عي للجهاد في سبيل الله تقاعس وأخلد إلى الأرض لأنه يخاف أن تفوته لذة الزنا، وإذا قيل له صم شهر رمضان رفض ، لأنه لا يريد أن ينقطع عن الزنا، وإذا قيل له حج بيت الله رفض لأنه لا يريد أن يطهّر نفسه من الزنا ... وليس نادماً على ذلك كله ، ويرفض أن يتوب ؛ فهل يمكن ان يصنف مثل هذا الشخص بأنه كافر؟


الجواب :

الحمد لله

ذم الله اتباع الهوى في مواضع كثيرة من كتابه

منها قوله تعالى : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ) الفرقان/43

وقوله : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) الجاثية/23

وقوله : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص/50 .

واتباع الهوى ليس على منزلة واحدة ، فمنه ما يكون كفرا أو شركا أكبر ، ومنه ما يكون كبيرة ، ومنه ما يكون صغيرة من الصغائر .

فإن اتبع هواه حتى قاده إلى تكذيب الرسول ، أو الاستهزاء به ، أو الإعراض عنه - كما هو واضح من سياق آيتي الفرقان والجاثية - فهذا مشرك شركا أكبر

وهكذا كل من قاده الهوى إلى ارتكاب ما دلت الأدلة على أنه شرك أكبر أو كفر أكبر ، كدعاء الأموات ، أو جحد المعلوم بالضرورة ، أو ترك الصلاة ، أو استحلال الزنا أو الخمر .

وإن اتبع هواه فحلف بغير الله تعالى ، أو راءى بعمله ، فهو مشرك شركا أصغر .

وإن اتبع هواه ففعل بدعة غير مكفّرة فهو مبتدع .

وإن اتبع هواه ففعل كبيرة كالزنا أو شرب الخمر من غير استحلال ، فهو فاسق .

وإن اتبع هواه ففعل صغيرة ، فهو عاص غير فاسق .

وبهذا تعلم أن اتباع الهوى يقود إلى أمور متفاوتة ، فلا يصح أن يقال : إن من اتبع هواه فهو كافر بإطلاق .

ولفظ ( من اتخذ إلهه هواه ) تنطبق على من أتى الشرك الأكبر والأصغر ، فكل من تعلق بغير الله ، ففيه عبودية وتأله لهذا الغير ، وهذا قد يكون كفرا أكبر أو أصغر

ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن جميع المعاصي تدخل في الشرك بمفهومه العام لأن كل من عصى الله تعالى فهو متبع لهواه ، وعابد لهواه ، كما دل عليه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ )

رواه البخاري (2887).

لكن الحكم على كون الفعل - الذي قاد الهوى إليه - كفرا أكبر أو أصغر يُرجع فيه إلى قواعد الشريعة وأدلتها التفصيلة الأخرى .

وإليك بعض كلام أهل العلم في ذلك .

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي

رحمه الله في تفسيره "أضواء البيان" : " قوله تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ).

قال ابن كثير رحمه الله

في تفسير هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : مهما استحسن من شيء ، ورآه حسنا في هوى نفسه : كان دينه ومذهبه . إلى أن قال : قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول . انتهى منه .

وذكر صاحب «الدر المنثور» : أن ابن أبي حاتم وابن مردويه أخرجا عن ابن عباس أن عبادة الكافر للحجر الثاني مكان الأول هي سبب نزول هذه الآية ، ثم قال صاحب «الدر المنثور»

: وأخرج ابن مردويه عن أبي رجاء العطاردي

قال : كانوا في الجاهلية يأكلون الدم بالعلهز ويعبدون الحجر ، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه ، رموا به وعبدوا الآخر ، فإذا فقدوا الآخر أمروا مناديا فنادى : أيها الناس إن إلهكم قد ضل فالتمسوه ، فأنزل الله هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه )

قال : ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان .

وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه )

قال : لا يهوى شيئا إلا تبعه .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ، قال : كلما هوى شيئا ركبه ، وكلما اشتهى شيئا أتاه ، لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ، أنه قيل له : أفي أهل القبلة شرك ؟ قال : نعم ، المنافق مشرك ، إن المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله ، وإن المنافق عبد هواه ، ثم تلا هذه الآية : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) .

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع ) ، انتهى محل الغرض من كلام صاحب «الدر المنثور» .

وإيضاح أقوال العلماء المذكورة في هذه الآية أن الواجب الذي يلزم العمل به ، هو أن يكون جميع أفعال المكلف مطابقة لما أمره به معبوده جل وعلا ، فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه

فقد صرف جميع ما يستحقه عليه خالقه من العبادة والطاعة إلى هواه ، وإذن فكونه اتخذ إلهه هواه في غاية الوضوح "

انتهى من "أضواء البيان".

فأنت ترى فيما ذكره ابن عباس وأبي رجاء العطاردي والحسن وقتادة أن هذا المتخذ إلهه هواه ، عبد الحجر ، أو نافق ، أو ما هوى شيئا إلا ركبه وأتاه ، وهذا الأخير يتضمن فعل الشرك والكفر ، فمن كانت جميع أفعاله راجعة للهوى ، فلابد أن يكون فاعلا للشرك والكفر تاركا لجميع الأعمال من صلاة وغيرها

فلا إشكال في كون هذا مشركا شركا أكبر ، ويكون تأليهه للهوى تأليها يخرجه عن الملة ، بخلاف من لم يصل به هواه إلى عبادة الحجر ، أو نحوه من صور الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر .

وحديث : ( ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون ...) حديث موضوع ، كما ذكر الألباني في السلسلة الضعيفة (14/ 90) ، وفي " ظلال الجنة " رقم (3) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

في تفسير قوله تعالى : ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ . مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ . الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) ق/24- 26 :

" ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) : ما أوسع هذه الكلمة ، وإذا كانت هذه الكلمة وصفاً للكفَّار العنيد ، فالمعنى أنه يعبد مع الله غيره ، وكلنا يعلم أن المشركين كانوا يعبدون مع الله غيره ، فيعبدون اللات

ويعبدون العزى ، ويعبدون مناة ، ويعبدون هبل ، وكل قوم لهم طاغية يعبدونها كما يعبدون الله ، يركعون لها ، ويسجدون لها ، ويحبونها كما يحبون الله ، ويخافون منها كما يخافون من الله - نسأل الله العافية - هذا إذا جعلنا قوله تعالى : ( مع الله إلهاً آخر ) وصف لهذا الكفَّار العنيد.

أما إذا جعلناه أشمل من ذلك ، فإنها تعم كل إنسان تعبد لغير الله ، وتذلل لغير الله ، حتى التاجر الذي ليس له هم إلا تجارته وتنميتها ، فإنه عابد لها ، حتى صاحب الإبل الذي ليس له هم إلا إبله هو عابد لها

والدليل على أن من انشغل بشيء عن طاعة الله فهو عابد له ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة ) . عبد الدينار هذا تاجر الذهب ، وعبد الدرهم تاجر الفضة ، وعبد الخميصة تاجر الثياب ؛ لأن الخميصة هي الثوب الجميل المنقوش

وعبد الخميلة تاجر الفرش ، أو ليس بتاجر ، يعني لا يتجر بهذه الأشياء لكن مشغول بها عن طاعة الله ، إن أُعطي رضي ، وإن لم يعط سخط، ، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم من اشتغل بهذه الأشياء الأربعة عبداً لها ، وفي القرآن الكريم ما يدل على أن العبادة أوسع من هذا

قال الله تعالى : ( أرءيت من اتخذ إلهه هواه ) فدل ذلك على أن كل من قدم هوى نفسه على هُدى ربه ، فهو قد اتخذ إلهاً غيره . ولهذا يمكننا أن نقول : إن جميع المعاصي داخلة في الشرك في هذا المعنى ؛ لأنه قدمها على مرضاة الله تعالى وطاعته ، فجعل هذا شريكاً لله - عز وجل - في تعبده له ، واتباعه إياه

فالشرك أمره عظيم ، وخطره جسيم ، حتى الرجل إذا تصدق بدرهم وهو يلاحظ لعل الناس ، يرونه ليمدحوه ، ويقولون : إنه رجل كريم ، يعتبر مشركاً مرائياً ، والرياء شرك ، وأخوف ما خاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته الشرك الخفي ، وهو الرياء . فعلى هذا نقول: ( الذي جعل مع الله إلهاً ءاخر ) إن كانت وصفاً خاصًّا بالكفَّار العنيد

فإنها تختص بمن يعبد الصنم والوثن ، وإن كانت للعموم فهي تشمل كل من اشتغل بغير الله عن طاعته ، وتقدم ذكر الأمثلة والأدلة على ما ذكرنا " .

انتهى من "تفسير القرآن" لابن عثيمين (8/ 23) وهو في "لقاء الباب المفتوح" (136/ 4) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ما هو الضابط في الشرك الأكبر وما هو الضابط في الشرك الأصغر؟ وهل تعتبر المعاصي من الشرك ، علماً بأنه يغلب عليه حب الشهوة وحب المعصية على حب الله ؟

فأجاب : الضابط في الشرك الأكبر أنه ما أخرج من الملة ، وهذا يرجع على أنك إذا وجدت حديثاً ما أن هذا شرك ، انظر إلى قواعد الشريعة بالنصوص الأخرى ، فإن كان مثله يخرج من الملة فهو شركٌ أكبر ، وإن كان لا يخرج فهو شركٌ أصغر.

إذاً لا بد إذا جاءت النصوص بأن هذا شرك أن نعيد هذا النص إلى القواعد العامة للشريعة ؛ إذا وردت النصوص بالشرك ، ولكنه بمقتضى القواعد العامة للشريعة لا يخرج من الإسلام ، فهو شركٌ أصغر، مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) .

أما بالنسبة لجعل المعاصي كلها شركاً : فهذا نعم ، بالمعنى العام ؛ لأن المعاصي إنما تصدر عن هوى ، وقد سمى الله تعالى من اتبع هواه متخذاً له إلهاً ، فقال : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ) [الجاثية:23] .

إذاً عندنا ثلاثة أشياء:

الإطار العام : وهو أن كل معصية فهي نوعٌ من الشرك ؛ لأنها صادرة عن الهوى ، وقد جعل الله تعالى من اتخذ هواه إلهاً جعله متخذاً له إلهاً.

الثاني : الشرك إذا أطلق ، فهل نحمله على الشرك الأكبر أم الشرك الأصغر؟

نقول : ننظر إلى القواعد العامة في الشريعة ؛ إن اقتضى أن يكون خارجاً عن الإسلام فهو أكبر ، وإلا فلا"

انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (192/ 13) .

والحاصل :

أن اتخاذ الهوى إلها يكون باتباعه والانقياد إليه ، وهذا قد يقود صاحبه إلى اقتراف الشرك الأكبر أو الأصغر أو البدعة أو الكبيرة أو الصغيرة .

وفي المثال المذكور ، نقول : لو كان يحب الزنا ، لكنه لم يستحله ، ولم يقترف معه كفرا أكبر كترك الصلاة ، فهو فاسق ، فاجر .. ، لكنه مع ذلك ما زال باقيا في دائرة الإسلام .

وإن قاده حب الزنا استحلاله ، وزواله استقباحه من قلبه ، أو عدم الرضى بتحريم الشرع له ، وعدم الانقياد للنصوص التي تنهى عنه وتحرمه ، أو الضيق بها ، ومحبة زوالها

أو ترك الصلاة ، كان كافرا بذلك كله ، لا لأجل أن الزنا ـ في حد ذاته ـ كفر أكبر ، بل لأجل استحلال الزنا كفر أكبر بحد ذاته ، حتى ولو لم يزن ، وهكذا عدم الرضا بشيء من شرائع الله

مهما كان صغيرا أو كبيرا ، أو عدم الانقياد والإذعان لحكم الله ، أو الضيق بما شرع الله ، وعدم شرح الصدر به .

قال الله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء/65 .

وهكذا لو قاده حب الزنا إلى ترك الصلاة ؛ فإن ترك الصلاة كفر في نفسه ، سواء زنى ، أو لم يزن ، فإذا تركها لأجل الزنى ، كان أقبح له

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-22, 19:30   رقم المشاركة : 87
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

أيها أشد خطرًا : الشرك الأصغر أم الكبائر أم البدع ؟

السؤال:


أرجو ترتيب هذه المحرمات الخمس مبتدأ بأخطرها : ( شرك أصغر ، الكبائر، البدع ، شرك أكبر ، الصغائر ). أعلم أن أخطرها الشرك الأكبر وأن أقلها خطرا الصغائر ، لكن لا أدري ما بين هذا وهذا كيف يكون الترتيب .


الجواب :

الحمد لله

لا شك أن الأمر كما قال السائل ، من أن : أخطر المحرمات على الإطلاق هو الوقوع في الشرك الأكبر ، فهو الذنب الذي يحبط جميع الأعمال ولا يغفره الله تعالى إلا بالتوبة منه ، ويغفر ما دونه لمن يشاء

قال الله عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء/48 .

وقال الله سبحانه : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الزمر/65 .
وإن كان الشرك الأكبر هو أخطر المحرمات والذنوب لكنه داخل في الكبائر ، وإن كان أعظمها وأكبرها على الإطلاق .
فعن عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال :" قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ) " .

أخرجه البخاري (4477) ، ومسلم (86) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ) ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ ، قَالَ : ( الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ) .

أخرجه البخاري (6857) ، ومسلم (89) .

أما البدع فليست كلها على خطر واحد ، فالبدعة تنقسم باعتبار حكمها وما يترتب عليها إلى : بدعة مكفرة ، وبدعة غير مكفرة .

قال الشيخ حافظ حكمي في " معارج القبول "(3/1026) :

" ثم البدع بحسب إخلالها بالدين قسمان : مكفرة لمنتحلها ، وغير مكفرة .

فضابط البدعة المكفرة : من أنكر أمرًا مجمعًا عليه متواترًا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة من جحود مفروض ، أو فرض ما لم يفرض ، أو إحلال محرم ، أو تحريم حلال

أو اعتقاد ما ينزه الله ورسوله وكتابه عنه ، من نفي أو إثبات ؛ لأن ذلك تكذيب بالكتاب وبما أرسل الله به رسوله صلى الله عليهم وسلم ، كبدعة الجهمية في إنكار صفات الله والقول بخلق القرآن

أو خلق أي صفة من صفات الله ، وإنكار أن يكون الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلاً ، وكلم موسى تكليمًا ، وغير ذلك ، وكبدعة القدرية في إنكار علم الله عز وجل وأفعاله ، وقضائه وقدره ، وكبدعة المجسمة الذين يشبهون الله تعالى بخلقه ، وغير ذلك من الأهواء .

ولكن هؤلاء منهم من علم أن عين قصده هدم قواعد الدين ، وتشكيك أهله فيه ، فهذا مقطوع بكفره ، بل هو أجنبي عن الدين من أعدى عدو له .

وآخرون مغرورون ملبس عليهم، فهؤلاء إنما يحكم بكفرهم بعد إقامة الحجة عليهم وإلزامهم بها.

والقسم الثاني : البدع التي ليست بمكفرة ، وهي ما لم يلزم منه تكذيب بالكتاب ولا بشيء مما أرسل الله به رسله ، كبدع المروانية التي أنكرها عليهم فضلاء الصحابة ، ولم يقروهم عليها

ولم يكفروهم بشيء منها ، ولم ينزعوا يدًا من بيعتهم لأجلها ، كتأخيرهم بعض الصلوات إلى أواخر أوقاتها ، وتقديمهم الخطبة قبل صلاة العيد ، وجلوسهم في نفس الخطبة في الجمعة وغيرها

وسبهم كبار الصحابة على المنابر ، ونحو ذلك مما لم يكن منهم على اعتقاد شرعيته ، بل بنوع تأويل وشهوات نفسانية وأغراض دنيوية " انتهى .

والبدع كذلك منها ما يكون من الكبائر ومنها ما يكون من الصغائر ، والضابط في التفريق بينها هو مدى إخلال البدعة بأصل من ضروريات الدين المعتبرة .

قال الشاطبي في " الاعتصام " (2/540) :

" الكبائر منحصرة في الإخلال بالضروريات المعتبرة في كل ملة وهي : الدين والنفس والنسل والعقل والمال

وكل ما نص عليه راجع إليها ، وما لم ينص عليه جرت في الاعتبار والنظر مجراها ، وهو الذي يجمع أشتات ما ذكره العلماء وما لم يذكروه مما هو في معناه .

فكذلك نقول في كبائر البدع : ما أخل منها بأصل من هذه الضروريات فهو كبيرة ، وما لا ، فهو صغيرة " انتهى .

أما الشرك الأصغر فإنه وإن كان داخلاً في الكبائر إجمالاً ، لكنه يعد من حيث جنسه - لا آحاده العارضة - أكبر من الكبائر العملية التي لا يصاحبها اعتقاد .

وقد نقل عن جماعة من السلف أنهم قالوا إن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر ؛ محتجين بقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ؟

قَالَ : الرِّيَاءُ ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً ) .

أخرجه أحمد (27742) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (1555) .

وكذلك بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أحلف بغيره وأنا صادق ) .

أخرجه المنذري في " الترهيب والترغيب "(4/58)

وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (2562) .

فهذا قد يستدل به على ترجيح هذا النوع بخصوصه من الشرك الأصغر : الحلف بغير الله ، على خصوص الذنب المذكور معه : الحلف كاذبا ، لا أن ذلك يدل على أن كل ما قيل إنه من الشرك الأصغر

شر من كل ما قيل إنه من الكبائر ؛ بل هذا كما قلنا من حيث الجنس والعموم ، لا من حيث الآحاد ؛ فمن الكبائر العظيمة ، ما هو أشنع من سواه من الشرك الأصغر .

سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :

" هل الشرك الأصغر أعظم من الكبائر ، وهل هذا القول على إطلاقه ؟ "
.
فأجاب :

" الحمد لله ، دلت النصوص على أن الشرك فيه أكبر وأصغر :

فالأكبر مناف لأصل الإيمان والتوحيد ، وموجب للردة عن الإسلام ، والخلود في النار ، ومحبط لجميع الأعمال ، والصحيح أنه هو الذي لا يُغفر كما قال تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ) .

وأما الشرك الأصغر : فهو بخلاف ذلك ؛ فهو ذنب من الذنوب التي دون الشرك الأكبر ، فيدخل في عموم قوله تعالى : ( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ) .

وهو أنواع :

شرك يكون بالقلب كيسير الرياء ، وهو المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ) " فسئل عنه فقال: ( الرياء) .

ومنه ما هو من قبيل الألفاظ ، كالحلف بغير الله ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) .
ومنه قول الرجل : لولا الله وأنت ، وهذا من الله ومنك

ولولا كليبة هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص ، كما جاء في الأثر المروي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى : ( فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) .

ومنه قول الرجل : ما شاء الله وشئت .

وقد ذكر بعض أهل العلم أن الشرك الأصغر عند السلف أكبر من الكبائر ، ويشهد له قول ابن مسعود رضي الله عنه : " لأنْ أحلف بالله كاذبا أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقا ".

ومعلوم أن الحلف بالله كذبا هي اليمين الغموس ، ومع ذلك رأى أنها أهون من الحلف بغير الله .

والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن الشرك الأصغر ليس على مرتبة واحدة ؛ بل بعضه أعظم إثما وتحريما من بعض .

فالحلف بغير الله أعظم من قول الرجل: ما شاء الله وشئت ، لأنه جاء في حديث الطفيل الذي رواه أحمد وغيره أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون: ما شاء الله وشاء محمد ، ولم ينههم صلى الله عليه وسلم عن ذلك في أول الأمر ، حتى رأى الطفيل الرؤيا وقصها على النبي صلى الله عليه وسلم :" فخطبهم النبي صلى الله عليه وسلم

ونهاهم عن ذلك ، وقال : ( إنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أنْ أنهاكم عنها لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ".

وفي رواية " قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد " وصححه محققو المسند برقم : (20694 ).

والظاهر أيضا

: أن قول السلف الشرك الأصغر أكبر من الكبائر يعني مما هو من جنسه ، كالحلفِ ، فالحلفُ بغير الله أكبر من الحلف بالله كذبا ، كما في أثر ابن مسعود ، وجنس الشرك أكبر من جنس الكبائر

ولا يلزم من ذلك أن يكون كلُّ ما قيل : إنه شرك أصغر ، يكون أكبر من كل الكبائر ، ففي الكبائر ما جاء فيه من التغليظ ، والوعيد الشديد ما لم يأت مثلُه في بعض أنواع الشرك الأصغر ، كما تقدم في قول الرجل: ما شاء الله وشئت. والله أعلم "

انتهى كلامه حفظه الله .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-27, 18:47   رقم المشاركة : 88
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



حول صحة حديث " إن الله نظيف يحب النظافة"

السؤال :

قال صلى الله عليه وسلّم: ( إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة) هل هذا حديث صحيح ؟

وإن لم يكن كذلك ، فهل توجد أحاديث تحثّ على النظافة ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

الحديث المذكور في السؤال : ضعيف جدا .

أخرجه الترمذي في "سننه" (2799)

وأبو يعلى في "مسنده" (791)

والبزار في "مسنده" (1114)

من طريق أبي عامر العقدي .

وأخرجه ابن قتيبة في "غريب الحديث" (1/297)

والبرجلاني في "الكرم" (12)

من طريق المعافى بن عمران .

وأخرجه الدورقي في "مسند سعد بن أبي وقاص" (31)

من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين .

وأخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (855)

من طريق المغيرة بن عبد الرحمن :

أربعتهم (أبو عامر العقدي – المعافى بن عمران – أبو نعيم – المغيرة) عن خالد بن إياس ، عن مهاجر بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه .

وخالفهم عبد الله بن نافع فرواه عن خالد بن إياس ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

أخرجه من طريقه أبو يعلى في "مسنده" (79)

وابن حبان في "المجروحين" (1/279)

وابن عدي في "الكامل" (3/414).

والحديث مداره على خالد بن إلياس ، أو إياس ، وهو متروك الحديث لا تحل الرواية عنه

قال البخاري :" ليس بشيء منكر الحديث "

وقال ابن معين :" ليس بشيء "

. كذا في "الضعفاء" للعقيلي (2/3) ،

وقال أحمد بن حنبل :" متروك الحديث "

وقال أبو نعيم :" لا يسوى حديثه فلسين "

وقال أبو حاتم :" ضعيف الحديث منكر الحديث "

انظر "الجرح والتعديل" (3/321)

وقال النسائي :" متروك الحديث " .

كذا في "الضعفاء والمتروكون" للنسائي (172)

وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/279)

:" يروي الموضوعات عَن الثِّقَات حَتَّى يسْبق إِلَى الْقلب أَنَّهُ الْوَاضِع لَهَا ، لَا يحل أَن يكْتب حَدِيثه إِلَّا عَلَى جِهَة التَّعَجُّب ". انتهى .

والحديث ضعفه ابن الجوزي كما في "العلل المتناهية" (1186)

وابن رجب كما في "جامع العلوم والحكم" (ص99)

وابن حجر كما في "المطالب العالية" (2260)

والبوصيري كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (1510)

والشيخ الألباني كما في "ضعيف سنن الترمذي" (74) .

وللحديث طريق آخر ، أخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء" (1203)

من طريق داود بن رشيد ، قال : حدثنا أبو الطيب هارون بن محمد

قال : حدثنا بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

وهو طريق تالف أيضا، فيه هارون بن محمد أبو الطيب

كذبه ابن معين كما في "الكامل" لابن عدي (8/441).

وله طريق ثالث ، أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/510)

من طريق أحمد بن بديل عن حسين بن علي الجعفي عن ابن أبي رواد عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به . تفرد به عبد العزيز بن أبي رواد ، ولذا عده ابن عدي من مناكيره ، وحكم الشيخ الألباني على هذه الرواية بأنها منكرة

كما في "السلسلة الضعيفة" (7086) .

وأما سؤال السائل الكريم عن الأحاديث التي تحث على النظافة فهي كثيرة جدا ، منها ما يلي :

1- أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الطهور شطر الإيمان ، حيث قال صلى الله عليه وسلم :" الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ ". أخرجه مسلم (211) ، والطهارة معنى كلي يشمل النظافة بلا شك .

2- الأحاديث الكثيرة التي فيها الحث على الاغتسال يوم الجمعة وفي العيدين

كما في البخاري (879) ومسلم (846) من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ" غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ " ، وكذلك أمره صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين كانوا يعملون فتخرج منهم بعض الرائحة فأمرهم بالغسل

ففي صحيح البخاري (903) ، ومسلم (847) عن عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إِلَى الجُمُعَةِ ، رَاحُوا فِي هَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ ".

3- حث النبي صلى الله عليه وسلم على تنظيف الفم واستعمال السواك ، حيث قال صلى الله عليه وسلم :" السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ " . أخرجه النسائي في "سننه" (5) ، وصححه الشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (66) .

4-حث النبي صلى الله عليه وسلم على غسل الثياب وتنظيفها

فعند أبي داود في سننه (4062) عن جابرِ بنِ عبدِ الله

قال: أتانا - رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فرأى رجُلاً شعِثاً قد تفرَّقَ شَعرُهُ ، فقال: "أما كان هذا يَجدُ ما يُسَكِّنُ به شَعْرَهَ؟ " ورأى رجُلاً آخر عليه ثيابٌ وسِخَة فقال: "أَما كان هذا يجدُ ما يَغسِلُ به ثوبَهُ؟ ".

والحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (493) .

5-ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم أمته ببناء المساجد في البيوت ، مع تنظيفها وتطييبها ، فعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ:" أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم ببنيان المساجد في الدور ، وأمر أن تنظف وتطيب ".

أخرجه أحمد في "المسند" (26386)

وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2724)

6-حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على تنظيف أفنية البيوت وتطهيرها ، حيث قال صلى الله عليه وسلم :" طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ ، فَإِنَّ الْيَهُودَ لَا تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا " .

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4057)

وحسنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (236) .

ولم يقف الأمر بالنظافة على مجرد النظافة الشخصية

ونظافة المساجد والبيوت

بل وصل الأمر إلى تنظيف الطرق

حتى أصبح ذلك عادة مطردة تعلمها الصحابة رضوان الله عليهم ونقلوها

حتى إن محمد بن سيرين يقول : لَمَّا قَدِمَ أبو موسى الْأَشْعَرِيُّ الْبَصْرَةَ، قَالَ لَهُمْ:" إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ لِأُعَلِّمَكُمْ سُنَّتَكُمْ ، وَإِنْظَافَكُمْ طُرُقَكُمْ " .

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (25923) بإسناد صحيح .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-27, 18:50   رقم المشاركة : 89
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول الصحابية رفيدة الأسلمية وكونها أول ممرضة في الإسلام

السؤال

: أريد أن أعرف حقيقة قصة الصحابية رفيدة الأسلمية في كونها أول ممرضة في الاسلام ، وأنها كانت تشارك في الغزوات مع النبي صل الله عليه وسلم

أتمنى أن تجيبوا على سؤالي ، فحقا أريد أن أعرف حقيقة ما يروى عن هذه الصحابية .


الجواب :

الحمد لله


الصحابية الجليلة التي سأل عنها السائل الكريم هي رُفيدة الأسلمية أو الأنصارية رضي الله عنها ، قال الخزرجي في الخلاصة (ص491) : " بفاء مصغرة " . انتهى .

وقد ثبت أنها كانت لها خيمة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تداوي فيه المرضى

فقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" (1129) وابن سعد في "الطبقات" (3/427)

من حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه قال : لَمَّا أُصِيبَ أَكْحُلُ سَعْدٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَثَقُلَ ، حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ: «كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟» ، وَإِذَا أَصْبَحَ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟» فَيُخْبِرُهُ ". انتهى

والحديث صحح إسناده ابن حجر في "الإصابة" (8/136) ، والشيخ الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (863) .

ورُفيدة الأسلمية ترجم لها ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3340)

وابن الأثير في "أسد الغابة" (6925)

وابن حجر في "الإصابة" (8/135)

وذكروا جميعا أنها كانت لها خيمة تداوي فيها الجرحى ، وقيل اسمها كُعَيْبَةُ بِنْتُ سَعْدٍ الْأَسْلَمِيَّةُ

كذا قال ابن سعد في الطبقات (8/291).

ولم تكن رُفيدة الأسلمية فقط هي من تداوي الجرحى ، بل كان هناك غيرها من نساء الصحابة ممن يذهبن للغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ويداوين الجرحى .

ومن هؤلاء : أم عطية ، والرُّبَيِّع بنت معوذ وأم سليم وغيرهن .

وقد ثبت في صحيح مسلم (1812) عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ، أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خَمْسِ خِلَالٍ ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ ، كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟

فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ "

وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ ، فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى ، وَيُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ ".

وعند البخاري (2882) عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ، قَالَتْ:" كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْقِي وَنُدَاوِي الجَرْحَى ، وَنَرُدُّ القَتْلَى إِلَى المَدِينَةِ " .

وفي صحيح مسلم (1812)

عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: " غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ ، أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ ، فَأَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى ، وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى " .

وفي صحيح مسلم أيضا (1810)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ ، وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا ، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ ، وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى» .

ومما ينبغي التنبيه عليه : أن الأصل في حكم مداواة المرأة للرجل : المنع إذ يلزم منه غالبا النظر والمس .

إلا أنه أبيح في الحرب للضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها .

ولذا قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (10/136)

:" تَجُوزُ مُدَاوَاةُ الْأَجَانِبِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، وَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّظَرِ وَالْجَسِّ بِالْيَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ". انتهى

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-27, 18:53   رقم المشاركة : 90
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا يجوز للرجال معالجة النساء ، ولا العكس ، إلا في حالة الضرورة

السؤال:

أنا عندي موعد مع طبيبة العينين ، والمشكل هو أن هده الطبيبة (متبرجة) ، والمشكل أيضا : أن هده الطبيبة تلمس المريض لإجراء عملية قياس النظر

وأنا خفت من أن أكون آثما ، كما في الحديث (لأن يضرب في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له). وكذلك أريد شرحا مفصلا لهذا الحديث

وما هي حدود لمس الرجل المرأة الأجنبية ؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

لا يجوز للمرأة أن تُعالج رجلاً إلا عند الضرورة ، فالواجب أن تكون الطبيبات مختصات للنساء ، والأطباء مختصين للرجال إلا عند الضرورة ، فهذا لا بأس به .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

"الواجب أن تكون الطبيبات مختصات للنساء ، والأطباء مختصين للرجال إلا عند الضرورة القصوى إذا وجد مرض في الرجال ليس له طبيب رجل ، فهذا لا بأس به

والله يقول : ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) الأنعام / 119".

انتهى من رسالة " فتاوى عاجلة لمنسوبي الصحة " ص 29 .

فلا يجوز للرجل أن يذهب للطبيبة للعلاج في وجود طبيب رجل ، يقوم بمثل ذلك ، والحاجة لا تدعو إلى ذلك عادة ، لتوافر الرجال من ذوي الاختصاصات المختلفة

وأما عكس ذلك : أن يعالج الرجل امرأة ، فهذا هو الذي قد تدعو الحاجة إليه ، إذا عز وجود امرأة تقوم بمثل ذلك.

ويتأكد المنع إذا كانت الطبيبة متبرجة ؛ لما يخشى في ذلك من الفساد والفتنة .

فعليك بالذهاب إلى طبيب مختص وعدم الذهاب إلى هذه الطبيبة ، خاصة وأن العادة أن الرجال أمهر في مهنة الطب من النساء ، وسوف تجد في مكانك وفرة من الرجال الذي يقومون بعملها على وجهه .

ثانيا :

روى الطبراني في " المعجم الكبير" (486) ، والروياني في "مسنده" (1283) عن مَعْقِل بْن يَسَارٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ ) .
وجوّد الشيخ الألباني رحمه الله إسناده في "الصحيحة" (226) .

وقد رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (17136) ، موقوفا على مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: «لَأَنْ يَعْمِدَ أَحَدُكُمْ إِلَى مِخْيَطٍ فَيَغْرِزُ بِهِ فِي رَأْسِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَغْسِلَ رَأْسِيَ امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنِّي ذَاتَ مَحْرَمٍ» .

وإسناد الموقوف : أصح من المرفوع .

ثالثا :

في هذا الحديث الترهيب الشديد من مس المرأة الأجنبية ، وأن الرجل لو طعن في رأسه بمخيط من حديد : فهو خير له وأهون عليه من أن يمس امرأة لا يحل له مسها ، والمخيط : ما خيط به ، كالإبرة ونحوها .

قال المناوي رحمه الله :

" ( خير لَهُ من أَن يمس امْرَأَة لَا تحل لَهُ ) : أَي لَا يحل لَهُ نِكَاحهَا ، وإذا كَانَ هَذَا فِي مُجَرّد الْمس ؛ فَمَا بالك بِمَا فَوْقه من نَحْو قبْلَة ومباشرة ؟ "

انتهى من "التيسير" (2/ 288) .

وقال الألباني رحمه الله :

" في الحديث : وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له " .

انتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 448) .

فورد الحديث مورد الزجر ، مع الإشارة إلى ما يستحقه مَن مس الأجنبية من النكال .

رابعا :

الأصل أن مس الرجل المرأة الأجنبية لا يجوز ؛ لأنه من أسباب الفتنة وثوران الشهوات والوقوع في الحرام .

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أعف الناس نفسا وأطهرهم قلبا ، لم تمس يده يد امرأة أجنبية قط ، لا في البيعة ولا غيرها .

فالواجب على المسلم ألا يمس امرأة أجنبية ، إلا عند الضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها ، فليس لمسّ الرجل المرأة الأجنبية حد محدود ، وقدر معلوم ، لا يتعداه ، وإنما يقال : لا يمس الرجل المرأة الأجنبية

كما لا تمس المرأة الرجل الأجنبي ، إلا في حالات الضرورة ، والحاجة التي لا بد منها ؛ كامرأة مريضة لا يوجد من يعالجها إلا طبيب من الرجال ، فيجوز أن يعالجها لمحل الضرورة

ولا يجوز له أن يمس منها إلا ما اقتضته ضرورة العلاج ، وأشباه ذلك مما تدعو إليه الحاجة الماسة ، لا يتعدى ذلك .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الحديث و علومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc