صود بالأهلية القانونية : ـ
الأهلية لغة تعني الصلاحية فالقول بأن الشخص أهل لعمل ما يعني صلاحيته لهذا العمل ، والأهلية في مجال القانون تعني المعنى ذاته فهي تعني المعنى ذاته فهي صلاحية يعترف بها القانون للشخص ، هذه الصلاحية قد يقصد بها مجرد صلاحية اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات وعندئذ نواجه ما يسمى بأهلية الوجوب ، أي وجوب الحقوق وتحمل الالتزامات ، وإنما القدرة على إنشاء الحقوق والالتزامات عن طريق مباشرة التصرفات القانونية المختلفة ، وعندئذ نواجه ما يسمى بأهلية الأداء ، وهكذا تنقسم الأهلية القانونية إلى نوعين وهما أهلية الوجوب وأهلية الأداء وسنستعرض كل منهما في فصل مستقل .
الأهلية القانونية :
تنقسم الأهلية القانونية إلى قسمين :ـ
الفصل الأول: أهلية الوجوب.
الفصل الثاني: أهلية الأداء.
الفصل الأول
.. أهلية الوجوب..
عرف فقهاء القانون أهلية الوجوب بعدة تعريفات نذكر أهمها، فقد عرفها جانب من الفقهاء فقال: هي صلاحية الشخص لان يكتسب الحقوق ويتحمل الالتزامات ( ) .
بينما عرفها جانب آخر فقال: هي صلاحية لوجوب الحقوق المشروعة له أو عليه ( )، ويراها بعض الفقهاء علي أنها : قابلية الشخص لأن يكتسب حقاً أو يتحمل التزاماًُ ( ) ، بينما هي في نظر البعض : قدرة الشخص علي أن يكون أهلاً لثبوت بعض الحقوق له دون البعض كأن يكون أهلاً للميراث والوصية وإلحاق نسبه بوالديه دون أن يكون أهلاً للحق عليه فلا تلزمه أي التزام لأن الالتزام يثبت علي الشخص بفعله أو بعبارته وهو لا يتصور منه ذلك ( ).
وعلي ذلك ... فأهلية الوجوب : هي صلاحية الشخص ، من الوجهة القانونية ، لتلقي الحقوق وتحمل الالتزامات أي صلاحيته لوجوب الحقوق له والالتزامات عليه ، وهي تمثل الأهلية القانونية في وجهها السلبي الذي يقتصر على تلقي الحقوق وتحمل الالتزامات دون تدخل إرادي من الشخص ولكنها لا تشمل وجهها الإيجابي المتمثل في المساهمة إيجابياً في إنشاء هذه الحقوق والالتزامات .
المبحث الأول
مناط أهلية الوجوب... أهلية تثبت لكل إنسان لمجرد انه إنسان وبمجرد ولادته حياً ، فمناط أهلية الوجوب هو الحياة أي ولادة الشخص حياً على الوجه الذي سبق أن عرضناه بالنسبة للشخصية القانونية ، وأهلية الوجوب مكفولة للجميع بصرف النظر عن السن أو الإدراك أو التمييز ، وإذا كان مناط أهلية الوجوب هو الحياة ، أي ولادة الشخص حياً ، فذلك يمثل الأصل العام، فقد تثبت أهلية الوجوب للشخص استثناء قبل ميلاده ، أي وهو جنين في بطن أمه .
وأهلية الوجوب ترتبط بمجرد ولادة الإنسان حياً فلا تتطلب شروطاً أخرى، وبصفة خاصة لا تتطلب في الإنسان بلوغ سن معينة، ولا تتطلب العقل أو الإدراك والتمييز، لذلك يتمتع الصغير غير المميز والمجنون وبصفة عامة عديم الإرادة بأهلية الوجوب.
لأن مناط أهلية الوجوب هو الحياة فإنها تنتهي وتزول من الشخص بوفاته .
وأهلية الوجوب تثبت للشخص كاملة بحسب الأصل غير أن ذلك لا يحول دون إمكان تقييدها بقيود معينة ، وعندئذ تكون أهلية الوجوب لدى الشخص غير كاملة وإنما مقيدة .
وإذا كان الأصل أن أهلية الوجوب تكتسب بتمام الولادة حياً، فإن المشرع منح الجنين وهو مازال في بطن أمه أهلية وجوب على سبيل الاستثناء وقصرها على حقوق والتزامات معينة، في هذه الحالة نواجه أهلية وجوب استثنائية وناقصة أو محدودة.
نتكلم إذن عن أهلية الوجوب الكاملة ثم تقييد هذه الأهلية، أي أهلية الوجوب المقيدة، وتنتهي بأهلية الوجوب الاستثنائية الناقصة أو المحدودة.
المطلب الأول ..
[1]أهلية الوجوب الكاملة:
المقصود بها ... صلاحية الشخص لاكتساب كل الحقوق ، فلا تكون أهليته منقوصة ولا مقيدة ، والأصل في أهلية الوجوب الكمال ، بمعنى أن الإنسان بمجرد ولادته حياً يكتسب أهلية الوجوب كاملة ويكون بمقتضاها أهلاً لاكتساب جميع الحقوق سواء تلك التي لا يحتاج سببها إلى قبول كالوصية ، أو التي يحتاج سببها إلى قبول ، فإن لم تتوافر لديه إرادة القبول ، كأن كان صغيراً ، قبل وليه نيابة عنه ، فيكتسب هو الحق وليس وليه .
كما يكون الشخص أهلاً لتحمل الالتزامات التي لا يكون مصدرها الإرادة كالالتزام بالتعويض عن الضرر الناجم للغير نتيجة فعلة غير المشروع ، أو الالتزامات التي تتوقف نشأتها على الإرادة ، أي التي تترتب نتيجة التصرفات القانونية فلا تنشأ إلا إذا توافرت لدى الشخص أهلية أداء هذه التصرفات ، أو ابرمها وليه نيابة عنه ، وفي هذه الحالة الأخيرة تنصرف هذه الالتزامات إليه فيتحملها الصغير وليس الولي.
المطلب الثاني ..
[2]أهلية الوجوب المقيدة:
أوضحنا أن الشخص يكتسب بمجرد ميلاده حياً أهلية وجوب ، والأصل أن هذه الأهلية تكون كاملة ، غير أن المشرع يتدخل بالنسبة لحقوق معينة ، كالحقوق السياسية ، ويستبعد الأجانب غير المواطنين من التمتع بها ، كما أن بعض الحقوق تتطلب لاكتسابها شروطاً خاصة ، كحقوق الأسرة وواجباتها فهي مقصورة على أفرادها ، في مثل هذه الحالات نكون أمام تقييد جزئي لأهلية الوجوب ، فالأصل أن الشخص يكون ، بمجرد ولادته حياً قد اكتسب أهلية الوجوب ، ولكنها لا تمتد لتشمل حقوقاً معينة لاعتبارات خاصة تختلف باختلاف هذه الحقوق .
ومن تطبيقات أهلية الوجوب المقيدة ...
• تقييد الأجنبي في التمتع بالحقوق السياسية .
• تقييد أهلية الأجنبي في اكتساب ملكية العقارات ، والمقصود هنا صلاحية الأجنبي لأن تؤول له ملكية العقارات دون تصرف قانوني منه ، كأن يتلقى العقار عن إرث أو وصية ، أما اكتسابه للعقار عن طريق التصرفات القانونية فيتعلق بأهلية الأداء ، ومن البديهي إذا كان الأجنبي لا يتمتع بأهلية وجوب في هذا المجال فلا يمكنه هو أو نائبة إبرام التصرفات القانونية المتعلقة بها ( ) .
• تقيد أهلية الأجانب في العمل بالتجارة ( ).
• تقييد أهلية النساء في التمتع بالحقوق السياسية في الكويت وذلك قبل صدور المرسوم بقانون رقم[9] لسنة 1999 بتعديل المادة [1] من القانون رقم [35] لسنة 1962 في شان انتخابات أعضاء مجلس الأمة ، والذي سمح للمرأة الكويتية بممارسة حقوقها السياسية في الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية بعد استكمال إجراءات القيد في جداول الانتخابات ، مع ملاحظة أن المرسوم المذكور يتعين لصحته ونفاذه إقراره من مجلس الأمة ، وهو معروض عليه الآن للموافقة عليه .
المطلب الثالث ..
[3] أهلية الوجوب الاستثنائية:
أهلية الوجوب الاستثنائية هي تلك التي منحها المشرع الكويتي بنص المادة [10] مدني للحمل المستكن الذي مازال جنيناً في بطن أمه، حماية ورعاية لمصالحه التي ستكون له بعد ولادته.
وقد سبق لنا أن تعرضنا لهذه الأهلية وعرفنا أن المشرع منح الحمل المستكن أهلية وجوب ناقصة محدودة تقتصر على صلاحيته لاكتساب الحقوق التي لا يحتاج سببها إلى قبول ، كالحق في الإرث والحق في الوصية ، كما أجاز له الهبة الخالصة من القيود والتكاليف ، كما تقتصر هذه الأهلية الاستثنائية للحمل المستكن على تحمله الالتزامات التي تقتضيها إدارة أمواله .
والخلاصة ... هي أهلية تثبت للإنسان من وقت ولادته حياً وتبقى معه إلى حين وفاته بغض النظر عن كونه عاقلاً أم غير عاقل صغيراً كان أم كبيراً ، وأن القول بتوافر أهلية الوجوب كاملة لدى الشخص معناه أن القانون يمنحه القدرة علي أن تظهر في ذمته كل أنواع الالتزامات والحقوق ، وهذا ما يسمى بالشخصية القانونية وبذلك فإن أعدم القانون أهلية الشخص أو أنقص منها ، فهو يمنع كل الحقوق أو حق منها مقابل الأهلية أو نقصها ، أي إن انعدمت الأهلية تنعدم معها صلاحية الشخص لكسب الحقوق ، وإن نقصت الأهلية تنقص معها صلاحية الشخص لكسب الحقوق ، وإن وجدت الأهلية كاملة فإن صلاحية الشخص تكون كاملة ( ) .
الفصل الثاني
.. أهلية الأداء..
المبحث الأول
طبيعة أهلية الأداء ..
تناول فقهاء القانون أهلية الأداء بالدراسة والتحليل وعرفوها بعدة تعريفات نذكر أهمها من حيث الشمولية فقد عرفها جانب من الفقهاء: فقال هي صلاحية الشخص لاستعمال الحق عن طريق التصرفات القانونية ( ).
بينما عرفها جانب آخر فقال: هي صلاحية الشخص لأن يباشر التصرفات القانونية التي تكسبه حقاً أو تحمله التزاماً ( ).
بينما نظر البعض علي أنها: صلاحية الشخص للالتزام بمقتضى تصرفاته الإرادية، أو صلاحيته لاستعمال الحقوق وأداء الالتزامات ( ).
بينما نظر البعض الآخر إليها علي أنها: عبارة عن صلاحية الشخص لإتيان التصرفات القانونية الصحيحة ( ).
وبمقارنة كل هذه التعريفات نجد أنها واحدة في الجوهر والمضمون فأهلية الأداء هي صلاحية الشخص للإلزام والالتزام قانوناً.
المبحث الثاني
مناط أهلية الأداء ..
يرى الفقهاء: أن مناط أهلية الأداء هو التمييز " العقل " ( ).
وقد تثبت للصبي إذا كان يملك قدراً من التمييز بأن يعرف ماهية أفعاله ويقدرها ، ويتم له ذلك إذا أصاب قدراً من التمييز وبذلك يكون مناطها استواء العقل بنضجه وعدم اختلاله بأي مؤثر يؤثر فيه كالجنون والمرض مثلاً .( ) ، بينما يري بعض الفقهاء أن مناط أهلية الأداء ليس التمييز بذاته ، بل التمييز وسائر القوي الإنسانية الأخرى كالإدراك والاختيار والإرادة ونمو القوي البدنية ( ) فهي كاملة باكتمال العقل والبدن وقاصرة بقصورهما ( ).
ونحن نرجح هذا الرأي لقوة الحجج التي استند إليها فأهلية الأداء تكون كاملة باكتمال العقل والبدن وقاصرة بقصورهما حيث يكون مناطها التمييز وسائر القوي الإنسانية الأخرى كالإدراك والاختيار مثلاً .