خيركم من تعلم القرآن وعلمه - الصفحة 6 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

خيركم من تعلم القرآن وعلمه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-14, 14:43   رقم المشاركة : 76
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سورة الإسراء تسمى أيضا سورة بني إسرائيل

السؤال

هل صحيح أن سورة " الإسراء " يطلق عليها أيضًا سورة " بني إسرائيل "، ولماذا ؟

الجواب

الحمد لله

وردت تسمية سورة " الإسراء " بسورة " بني إسرائيل " في حديثين صحيحين موقوفين من كلام الصحابة رضوان الله عليهم :

الحديث الأول : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال في بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالْأَنْبِيَاءُ : ( هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي )

رواه البخاري (4994)

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" ( مِنَ العِتَاقِ ) جمع عتيق وهو القديم ، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة ، وبالثاني جزم جماعة في هذا الحديث .
وقوله : ( هُنَّ مِن تِلَادِي ) أي : مما حفظ قديما ، والتلاد قديم الملك ، وهو بخلاف الطارف

ومراد ابن مسعود أنهن من أول ما تعلم من القرآن ، وأن لهن فضلا لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم "

انتهى من " فتح الباري " (8/388)

الحديث الثاني : عن عائشة رضي اللّه عنها قالت :

( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقرَأَ بَنِي إِسرَائِيلَ وَالزُّمَر ) رواه الترمذي (3402) وقال : حديث حسن . وحسّنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/65)، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

بل قال أهل العلم إن تسمية السورة بسورة " بني إسرائيل " كانت هي الأشهر في عهد الصحابة والتابعين ، وذلك لأن سورة الإسراء افتتحت في أول آية منها بالحديث عن الإسراء إلى المسجد الأقصى

ثم في الآية الثانية مباشرة شرعت في ذكر مرحلة مهمة من مراحل قصة بني إسرائيل والإخبار عن إفسادهم في الأرض مما لم يذكر في سواها من قصص بني إسرائيل في القرآن الكريم

وذلك في قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

. وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا . ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا . وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ) الإسراء/1-3.

قال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" سميت في كثير من المصاحف سورة الإسراء ، وصرح الألوسي بأنها سميت بذلك ، إذ قد ذكر في أولها الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، واختصت بذكره ، وتسمى في عهد الصحابة سورة بني إسرائيل..

.ووجه ذلك أنها ذكر فيها من أحوال بني إسرائيل ما لم يذكر في غيرها ، وهو استيلاء قوم أولي بأس - الآشوريين - عليهم ، ثم استيلاء قوم آخرين وهم الروم عليهم ، وتسمى أيضا سورة سبحان ؛ لأنها افتتحت بهذه الكلمة "

انتهى من " التحرير والتنوير " (15/5)

وانظر جواب سال سابق بعنوان

هل أسماء سور القرآن الكريم توقيفية؟

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 14:47   رقم المشاركة : 77
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يثاب من يستمع إلى القرآن دون أن يفهمه ؟

السؤال

هل يثاب المرء (المؤمن) إذا استمع للقرآن دون أن يفهم ما يستمع إليه مع علمه بأنه من القرآن ؟

أم إنه لا يثاب إلا من يعي ما يسمع ؟

أرجو أن تقدموا دليلا من القرآن والحديث الصحيح .


الجواب

الحمد لله


أولا :

أمر الله تعالى المؤمنين بالاستماع إلى القرآن ، والإنصات له ، أمرا عاما ، فقال سبحانه : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأعراف/204

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب الله يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات، أن الإنصات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.

وأما الاستماع له، فهو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب الله، فإنه ينال خيرا كثيرا وعلما غزيرا، وإيمانا مستمرا متجددا،

وهدى متزايدا، وبصيرة في دينه، ولهذا رتب الله حصول الرحمة عليهما، فدل ذلك على أن من تُلِيَ عليه الكتاب، فلم يستمع له وينصت، أنه محروم الحظ من الرحمة، قد فاته خير كثير.

ومن أوكد ما يؤمر به مستمع القرآن، أن يستمع له وينصت في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامه، فإنه مأمور بالإنصات، حتى إن أكثر العلماء يقولون: إن اشتغاله بالإنصات، أولى من قراءته الفاتحة، وغيرها "

انتهى من " تفسير السعدي" (314) .

والمقصود الأعظم من الاستماع والإنصات : أن يتدبره السامع ، ليفهم معانيه ، ويعمل بما فيه. قال الإمام الطبري رحمه الله :

" يقول تعالى ذكره للمؤمنين به ، المصدقين بكتابه ، الذين القرآنُ لهم هدى ورحمة : ( إذا قرئ ) ، عليكم، أيها المؤمنون، (القرآن فاستمعوا له)

يقول: أصغوا له سمعكم، لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه = (وأنصتوا) ،إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه = (لعلكم ترحمون)

يقول: ليرحمكم ربكم باتعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بينه لكم ربكم من فرائضه في آيه "

انتهى من "تفسير الطبري" (13/244) .

فإذا تحقق في هذا المقام : استماع العبد وإنصاته ، وتدبره لما يتلى عليه وتفهمه لمعانيه ، حصل بذلك خير الدنيا والآخرة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَبِهَذَا السَّمَاعِ هَدَى اللَّهُ الْعِبَادَ وَأَصْلَحَ لَهُمْ أَمْرَ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَبِهِ بُعِثَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ

. وَعَلَيْهِ كَانَ يَجْتَمِعُ السَّلَفُ كَمَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ اجْتَمَعُوا أَمَرُوا رَجُلًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْرَأَ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ لِأَبِي مُوسَى: ذَكِّرْنَا رَبَّنَا فَيَقْرَأُ أَبُو مُوسَى وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (11/626) .

ثانيا :

إذا كان السماع الكامل هو ما تحقق معه الفهم والتدبر ، فلا شك أن من أتى بما يقدر عليه من ذلك ، فهو محمود بما أتى به ، معذور بما عجز عنه ، ولا ينبغي أن يكون ما عجز عنه عذرا في ترك ما يقدر عليه من الخير

فإن الميسور لا يسقط بالمعسور ؛ يعني : أن ما يمكن العبد الإتيان به ، من واجب أو مستحب ، لا يسقط عنه لأجل ما عجز عنه ؛ لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

هل يثاب الإنسان الذي يقرأ القرآن ، ولو لم يفهم معانيه ؟

فأجاب :

" القرآن الكريم مبارك كما قال الله تعالى ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ، فالإنسان مأجور على قراءته ، سواء فهم معناه أم لم يفهم

ولكن لا ينبغي للمؤمن أن يقرأ قرآناً مكلفاً بالعمل به بدون أن يفهم معناه ؛ فالإنسان لو أراد أن يتعلم الطب مثلاً ، ودرس كتب الطب ، فإنه لا يمكن أن يستفيد منها حتى يعرف معناها ، وتشرح له

بل هو يحرص كل الحرص على أن يفهم معناها من أجل أن يطبقها ، فما بالك بكتاب الله سبحانه وتعالى الذي هو شفاء لما في الصدور وموعظة للناس أن يقرأه الإنسان بدون تدبر وبدون فهم لمعناه

ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل ، فتعلموا القرآن والعلم والعمل جميعاً .

فالإنسان مثاب ومأجور على قراءة القرآن سواء فهم معناه أم لم يفهم ، ولكن ينبغي له أن يحرص كل الحرص على فهم معناه ، وأن يتلقى هذا المعنى من العلماء الموثوقين في علمهم وأماناتهم

فإن لم يتيسر له عالم يفهمه المعنى فليرجع إلى كتب التفسير الموثوقة مثل تفسير ابن جرير وتفسير ابن كثير وغيرهما من التفاسير التي تعتني بالتفسير الأثري المروي عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم "

انتهى من"فتاوى نور على الدرب" شريط (85) وجه ( أ )

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 15:01   رقم المشاركة : 78
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

روايات مكذوبة تنسب إلى القرآن الكريم بعض الأخطاء اللغوية

السؤال

لقد وقعت على هذه الروايات في جمع المصحف العثماني : روي أن عثمان بعد مراجعة أول نسخة من القرآن قال : إنني أرى أخطاء لغوية فيه ، وإن العرب سوف يقرؤونه بالطريقة الصحيحة لأنه نزل على لسانهم

. ثم قيل بعد ذلك ، إن ابن الخطيب الذي ذكر لنا الرواية السابقة في كتابه " الفرقان " ذكر رواية أخرى عن عائشة ، أن واحدة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم قالت :

إن هناك ثلاثة أخطأ لغوية في القرآن ، في مثل قوله تعالى : ( قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضهما.....

.) وقوله تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم والآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) وفي قوله تعالى :

لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما ) وقد قرأت دحض هذه الشبهات في كتاب

قراءات القرآن " لأحمد علي الإمام ، ولكنني رأيت أن هذه القراءات قد وضعت من قبل المبشرين بالمسيحية ، وإنني أريد منكم أن تلقوا بعض الضوء في تأكيد هذه الروايات . جزاكم الله خيرا.


الجواب

الحمد لله

لا يسعنا في الجواب على هذا السؤال أن نخفي عجبنا البالغ من استمراء هذه الشبهة على كثير من الباحثين والمثقفين ، بل ولا أن نخفي عجبنا من طروء

هذه الشبهة أصلا ، ليس من باب التسليم لعصمة القرآن الكريم بحفظ الله له فحسب ، وإنما لما نراه من وهاء هذه الشبهة وسقوطها في مقاييس العقل والحكمة والمنطق السليم .

ونحن نوجز بيان ذلك بالنقاط الآتية :

أولا :

إذا عرفنا أن القواعد الإعرابية والقضايا النحوية إنما هي مبنية تبعا لأساليب الكلام التي تنقل إلينا من عصور الاحتجاج ، ولا يختلف اللغويون في أن عصر الرسالة هو من عصور الاحتجاج

فكل كلمة تنقل إلينا نقلا صحيحا هي حجة لغوية صحيحة ، بل وقاعدة من قواعد النحو العربي .

ثانيا :

لتوضيح ذلك أيضا نقول : هل يجوز لباحث أن يأتي إلى بعض أبيات امرئ القيس التي تناقلها العلماء بالتسليم ، فيرى فيها خطأ نحويا أو لغويا في نظره ، فيحكم على امرئ القيس باللحن والخطأ ؟!!

ألا يكون في ذلك مصادرة لقواعد أصول النحو التي بني عليها ، وهدم لأسس هذا العلم نفسه ؟!!

فكيف إذا حكم أحد الجاهلين بخطأ القرآن الكريم لغويا أو نحويا وقد تناقله الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان في زمن الاحتجاج والكلام العربي الفصيح

بل وتناقله العلماء والنحاة وأهل الفصاحة والبيان من غير نكير بينهم ، اللهم إلا في بعض الوجوه والقراءات التي لم تنقل لبعض النحاة على وجه التواتر .

ألا يكون هذا الجاهل أولى بالنكير والتخطئة ممن يحكم بخطأ العرب الأقحاح الذين تستنبط قواعد اللغة من كلامهم وبيانهم ؟!!

ثالثا :

وإذا تأمل الناظر في الآيات التي ينسب إليها الخطأ جزم أنها تجري على قواعد النحو المشهورة ، وأنَّ توهُّمَ الخطأ فيها بعيد كل البعد :

يقول السيوطي رحمه الله :

" وقد تكلم أهل العربية على هذه الأحرف ووجهوها على أحسن توجيه :

أما قوله : ( إنَّ هذان لساحران ) ففيه أوجه :

أحدها : أنه جار على لغة من يجري المثنى بالألف في أحواله الثلاثة ، وهي لغة مشهورة لكنانة ، وقيل لبني الحارث .

الثاني : أن اسم ( إنَّ ) ضمير الشأن محذوفا ، والجملة ـ مبتدأ وخبر ـ خبر إن .

الثالث : كذلك ، إلا أن ساحران خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير لهما ساحران .

الرابع : أن ( إنَّ ) هنا بمعنى نعم .

الخامس : أن ( ها ) ضمير القصة اسم ( إنَّ ) وذان لساحران مبتدأ وخبر ، وتقدم رد هذا الوجه بانفصال ( إن ) ، واتصال ( ها ) في الرسم .

قلت – هو السيوطي - : وظهر لي وجه آخر ، وهو أن الإتيان بالألف لمناسبة ساحران يريدان ، كما نون سلاسلا لمناسبة وأغلالا ، و ( من سبإ ) لمناسبة بنبإ.

وأما قوله : ( والمقيمين الصلاة ) ففيه أيضا أوجه :

أحدها : أنه مقطوع إلى المدح ، بتقدير أمدح ؛ لأنه أبلغ .

الثاني : أنه معطوف على المجرور في ( يؤمنون بما أنزل إليك ) أي : ويؤمنون بالمقيمين الصلاة ، وهم الأنبياء ، وقيل الملائكة ، وقيل التقدير يؤمنون بدين المقيمين ، فيكون المراد بهم المسلمين ، وقيل بإجابة المقيمين .

الثالث : أنه معطوف على ( قبل ) ، أي : ومن قبل المقيمين ، فحذفت ( قبل ) وأقيم المضاف إليه مقامه .

الرابع : أنه معطوف على الكاف في ( قبلك ) .

الخامس : أنه معطوف على الكاف في ( إليك ).

السادس : أنه معطوف على الضمير في ( منهم )

حكى هذه الأوجه أبو البقاء .

وأما قوله : ( والصابئون ) ففيه أيضا أوجه :

أحدها : أنه مبتدأ حذف خبره ، أي : والصابئون كذلك .

الثاني : أنه معطوف على محل إن مع اسمها ، فإن محلهما رفع بالابتداء .

الثالث : أنه معطوف على الفاعل في ( هادوا ) .

الرابع : أن ( إن ) بمعنى نعم ، فالذين آمنوا وما بعده في موضع رفع ( والصابئون )، عطف عليه .

الخامس : أنه على إجراء صيغة الجمع مجرى المفرد ، والنون حرف الإعراب .

حكى هذه الأوجه أبو البقاء "

انتهى من" الإتقان في علوم القرآن " (1247-1249) تحقيق مركز الدراسات القرآنية .

ونحن نعلم أن شرح هذه الأوجه الإعرابية يطول ، وقد لا يفهمها كثير من القراء لدقتها

ولكننا نقلناها ههنا كي يعلم الجاهلون الطاعنون في القرآن الكريم مدى جهلهم بعلوم النحو واللغة ، فيقفوا عند حدودهم ، ولا يتجاوزوا منطق العقل السليم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 15:02   رقم المشاركة : 79
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعا :

أما الروايات الواردة عن بعض الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم في هذا الموضوع فهي كثيرة ، جمعها الحافظ السيوطي في كتابه " الإتقان في علوم القرآن " (ص/1236-1257) وتكلم عليها كلاما مفصلا

ونحن نقتصر ههنا على تخريج ما ورد السؤال عنه ، وهو ما جاء عن عائشة وعثمان بن عفان رضي الله عنهما في هذا الشأن :

الأثر الأول : عن عائشة رضي الله عنها.

يرويه هشام بن عروة عن أبيه قال :

سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون ) المائدة/69، ( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ) النساء/162

و ( إنَّ هذان لساحران ) طه/63، فقالت : يا ابن أختي ! هذا عمل الكُتَّاب ، أخطؤوا في الكِتاب .

وقد رواه عن هشام بن عروة اثنان من الرواة الكوفيين :

1- أبو معاوية الضرير : رواه سعيد بن منصور في " السنن " (4/1507، رقم/769) وهذا لفظه

وأبو عبيد في " فضائل القرآن " (ص/229، رقم/556)، ومن طريقه أبو عمرو الداني في " المقنع " (ص/119)، وأخرجه ابن جرير الطبري في " جامع البيان " (9/395)، وابن أبي داود في " المصاحف " (ص/43).

2- علي بن مسهر الكوفي : كما جاء عند عمر بن شبة بسنده في " تاريخ المدينة " (3/1013-1014)

وهذا إسناد لا يقبل أن يروى بمثله هذا الأثر ، وعلته كلام النقاد في حديث هشام بن عروة نفسه في العراق ، فهو وإن كان إماما ثقة ، الأصل في حديثه الصحة والقبول

إلا أنه وقعت له بعض الأخطاء اليسيرة التي يتنبه لها العلماء من خلال التأمل في المتن ، والبحث عن المتابعات

والشواهد ، ولما كان في متن هذا الأثر نكارة ظاهرة ، ولم يرد من طريق أخرى متابعة له : أمكننا القول بوقوع الخطأ فيه .

يقول الإمام الذهبي رحمه الله :

" ولما قدم – يعني هشام بن عروة - العراقَ في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم ، في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها ، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات "

انتهى من" ميزان الاعتدال " (4/301)

وانظر تحقيق " سنن سعيد بن منصور " للدكتور سعد الحميد (2/659)

وينظر أيضا : تعليق الدكتور سعد الحميد ، حفظه الله ، على هذا الأثر ، في تخريجه لسنن سعيد بن منصور (4/507-514) .

فإن قال قائل : فكيف يروي البخاري رحمه الله ، وكذلك مسلم في صحيحيهما أحاديث هشام بن عروة من رواية العراقيين

بل من رواية أبي معاوية أيضا ، وأنتم ههنا تردونها ، وقد صحح السيوطي هذه الرواية في " الإتقان " (ص/1236) وقال : على شرط الشيخين ؟

فالجواب عن ذلك أننا نردها ههنا لما في المتن من نكارة ظاهرة ، إذ من المستبعد ألا تكون عائشة رضي الله عنها قد سمعت هذه الآيات بهذا الإعراب من في رسول الله صلى الله عليه وسلم

وتظن أن الخطأ وقع فيها من نساخ القرآن الكريم .

والنقاد إذا وجدوا نكارة مقطوعا بها في المتن بحثوا في السند عن العلة الخفية التي وقع بسببها هذا الضعف ، وهي هنا حديث هشام بن عروة في العراق .

الأثر الثاني : عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

رواه عنه جماعة من الرواة :

1-عكرمة مولى ابن عباس قال : ( لما كتبت المصاحف عُرضت على عثمان ، فوجد فيها حروفا من اللحن ، فقال : لا تغيروها ؛ فإن العرب ستغيرها - أو قال ستعربها بألسنتها

- لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف ) رواه أبو عبيد في " فضائل القرآن " (2/103، رقم/562)، وابن أبي داود في " المصاحف " (1/235، رقم/110)،

وعزاه السيوطي في " الإتقان " (ص/1239) لابن الأنباري في كتاب : " الرد على من خالف مصحف عثمان "، ولابن أشتة في كتاب : " المصاحف "، وهما كتابان مفقودان

. وهي رواية ضعيفة

لأن رواية عكرمة عن عثمان بن عفان مرسلة ، كما هي عن أبي بكر وعلي بن أبي طالب وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، انظر " جامع التحصيل " (ص/239)، وقد صرح أبو عمرو الداني في " المقنع " (ص/115

) بالانقطاع بين عكرمة وعثمان ، هذا وقد سمي عكرمة عند ابن أبي داود في " المصاحف " بالطائي ، وليس مولى ابن عباس ، ولم نقف له على ترجمة .

2-يحيى بن يعمر : قال : رواه ابن أبي داود في " المصاحف " (1/233)، وابن أشتة في " المصاحف " كما ذكر ذلك السيوطي في " الإتقان " (ص/1240) وهي رواية مرسلة أيضا

إذ لا يبدو من ترجمة يحيى بن يعمر أنه أدرك عثمان بن عفان رضي الله عنه، انظر ترجمته في " تهذيب التهذيب " (11/305)، وقد حكم البخاري عليه بالانقطاع

كما في " التاريخ الكبير " (5/170) ثم إن في السند اضطرابا ، فمرة يروى عن يحيى بن يعمر عن عبد الله بن فطيمة أو ابن أبي فطيمة ، وتارة بالعكس

فيروى عن ابن فطيمة عن يحيى بن يعمر ، كما في " تاريخ المدينة " (3/1013)، وقتادة يروي مرة عن نصر بن عاصم عن يحيى ، وتارة يروي عن يحيى مباشرة ولا يذكر نصرا

وقد يكون بينه وبين يحيى راويان كما في الموضع السابق من تاريخ المدينة

وقد نبه على هذا الاختلاف الباقلاني في " الانتصار للقرآن " (2/136-137).

3-عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر : رواه ابن الأنباري في " الرد على من خالف مصحف عثمان

" كما ذكر ذلك السيوطي في " الإتقان " (ص/1240) وعبد الأعلى ترجمته في " تهذيب التهذيب " (6/87) وليس فيها توثيق له من أحد من أهل العلم .

4-قتادة : رواه ابن أبي داود في " المصاحف " ولفظه : ( أن عثمان رضي الله عنه لما رفع إليه المصحف قال : إن فيه لحنا ، وستقيمه العرب بألسنتها ) وفي السند إليه إبهام بقول أحد الرواة : حدثنا أصحابنا .

فيتحصل مما سبق أنه لا تصح أسانيد هذه الآثار ، وضعف أسانيدها يشكك في دقة متونها ، وعن مصدر هذه المتون
.









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 15:02   رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خامسا :

وقد أجاب العلماء عن هذه الآثار بأجوبة أخرى ، نسردها ههنا موجزة ، ثم نتبعها بالنقول المطولة عن أهل العلم لمن أراد الفائدة :

1-اتفاق مصاحف الصحابة جميعهم على هذه الآيات ، واتفاق المسلمين على القراءة بها خلفا عن سلف ، دليل على عدم وقوع اللحن من الكاتب ، بل هكذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم .

2-توافر همم الصحابة والتابعين على نقل القرآن الكريم ، بل ونقل تفاصيل السنة النبوية، وخدمة هذا الدين بالمهج والأرواح والأموال

يقضي بتعذر وقوع أخطاء من كتاب القرآن الكريم ، ثم لا يصلحها أحد بعدهم إلى يومنا هذا .

3-غير ممكن أن يتولى عثمان رضي الله عنه نسخ القرآن ونشره في الآفاق ليرفع الخلاف بين القراء ، ثم يترك في هذه المصاحف خطأ سببه الكتاب ، ولا يأمر بإصلاحه ، التصديق بذلك مخالف لمقتضيات العقل السليم
.
4-يمكن فهم كلام عثمان على أنه أراد باللحن : اللحن في التلاوة بسبب اشتباه الرسم على الناس في بعض الأحيان ، فطمأن أن سلامة ألسنة العرب ستصحح تلاوة من يخطئ في قراءة كلمات القرآن

. هذا تفسير أبي عمرو الداني للأثر .

5-كما يمكن فهم كلام عائشة على أنها ترى أن لو اختيرت القراءات الأخرى الموافقة للمشهور

من قواعد اللغة العربية بين العامة لكان أفضل ، فتخطئتها للكتاب بمعنى مخالفة القراءة المشهورة ، والوجه الفاشي في العرب من أعاريبها .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله :

" في قراءة أبيّ بن كعب : ( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ ) ، وكذلك هو في مصحفه فيما ذكروا ، فلو كان ذلك خطأ من الكاتب لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف

غير مصحفنا الذي كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه ، بخلاف ما هو في مصحفنا ، وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أبيّ في ذلك ما يدل على أنّ الذي في مصحفنا من ذلك صواب غير خطأ

مع أن ذلك لو كان خطأ من جهة الخطِّ لم يكن الذين أخذ عنهم القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمون من علَّموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن

ولأصلحوه بألسنتهم ، ولقَّنوه الأمة تعليمًا على وجه الصواب
.
وفي نقل المسلمين جميعًا ذلك قراءةً على ما هو به في الخط مرسومًا أدلُّ الدليل على صحة ذلك وصوابه ، وأن لا صنع في ذلك للكاتب "

انتهى من" جامع البيان " (9/397) .

وينظر أيضا : " الكشاف " ، للزمخشري (1/590) .

ويقول أبو عمرو الداني رحمه الله :

" فإن قال قائل : فما تقول في الخبر الذي رويتموه عن يحيى بن يعمر وعكرمة مولى ابن عباس عن عثمان رضي الله عنه : إن المصاحف لما نّسخت عُرضت عليه فوجد فيها حروفا من اللحن فقال

اتركوها فإن العرب ستقيمها أو ستعربها بلسانها . إذ يدل على خطأ في الرسم ؟

قلت : هذا الخبر عندنا لا يقوم بمثله حجة ، ولا يصح به دليل ، من جهتين :

أحدهما : أنه مع تخليط في إسناده ، واضطراب في ألفاظه : مرسل ؛ لأن ابن يعمر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئا ، ولا رأياه .

وأيضا : فإن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان رضي الله عنه ، لما فيه من الطعن عليه

مع محلّه من الدين ، ومكانه من الإسلام ، وشدّة اجتهاده في بذل النصيحة ، واهتباله بما فيه الصلاح للأمة ، فغير ممكن أن يتولى لهم جمع المصحف مع سائر الصحابة الأتقياء

الأبرار نظرا لهم ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم ، ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ممن لا شك أنه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته

ولا غاية من شاهده ، هذا ما لا يجوز لقائل أن يقوله ، ولا يحل لأحد أن يعتقده .

فإن قال :

فما وجه ذلك عندك لو صحّ عن عثمان رضي الله عنه ؟

قلت : وجهه أن يكون عثمان رضي الله عنه أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم

إذ كان كثير منه لو تُلي على رسمه لانقلب بذلك معنى التلاوة ، وتغيرت ألفاظها ، ألا ترى قوله ( أو لاأذبحنّه ) و ( لاأوضعوا ) و ( من نبأي المرسلين ) و ( سأوريكم ) و ( الربوا ) وشبهه مما زيدت الألف والياء والواو في رسمه

لو تلاه تالٍ لا معرفة له بحقيقة الرسم على صورته في الخط... ولزاد في اللفظ ما ليس فيه ولا من أصله ، فأتى من اللحن بما لا خفاء به على من سمعه ، مع كون رسم ذلك كذلك جائزا مستعملا

فأعلم عثمان رضي الله عنه إذ وقف على ذلك أن من فاته تمييز ذلك ، وعزبت معرفته عنه ممن يأتي بعده

سيأخذ ذلك عن العرب ، إذ هم الذين نزل القرآن بلغتهم ، فيعرِّفونه بحقيقة تلاوته ، ويدلّونه على صواب رسمه ، فهذا وجهه عندي . والله أعلم .

فإن قيل : فما معنى قول عثمان رضي الله عنه في آخر هذا الخبر : ( لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد هذه الحروف ) ؟

قلت : معناه : أي توجد فيه مرسومة بتلك الصور المبنية على المعاني دون الألفاظ المخالفة لذلك ، إذ كانت قريش ومَن ولي نَسْخ المصاحف مِن غيرها قد استعملوا ذلك في كثير من الكتابة

وسلكوا فيها تلك الطريقة ، ولم تكن ثقيف وهذيل مع فصاحتهما يستعملان ذلك ، فلو أنهما وليتا من أمر المصاحف ما وليه من تقدم من المهاجرين

والأنصار لَرَسَمَتا جميع تلك الحروف على حال استقرارها في اللفظ ووجدها في المنطق دون المعاني والوجوه

إذ ذلك هو المعهود عندهما ، والذي جرى عليه استعمالها ، هذا تأويل قول عثمان عندي لو ثبت وجاء مجيء الحجّة وبالله التوفيق .

فإن قيل : فما تأويل الخبر الذي رويتموه أيضا عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن

عن قوله : ( إن هذين لسحران )، وعن : ( والمقيمين الصلوة والمؤتون الزكوة )، وعن ( إن الذين ءامنوا والذين هادوا.. والصبئون ) فقالت : يا ابن أختي ! هذا عمل الكتّاب ، أخطئوا في الكتابة .

قلت : تأويله ظاهر ، وذلك أن عروة لم يسأل عائشة فيه عن حروف الرسم تزاد فيها لمعنى وتنقص منها لآخر ، تأكيدا للبيان ، وطلبا للخفة ، وإنما سألها فيه عن حروف من القراءة المختلفة الألفاظ

المحتملة الوجوه على اختلاف اللغات التي أذن الله عز وجل لنبيه عليه السلام ولأمته في القراءة بها ، واللزوم على ما شاءت منها ، تيسيرا لها ، وتوسعة عليها

وما هذا سبيله وتلك حاله ، فعن اللحن والخطأ والوهم والزلل بمعزل ، لفشوه في اللغة ، ووضحه في قياس العربية ، وإذا كان الأمر في ذلك كذلك ، فليس ما قصدته فيه بداخل في معنى المرسوم

ولا هو من سببه في شيء ، وإنما سمى عروة ذلك لحنا ، وأطلقت عائشة على مرسومه كذلك الخطأ ، على جهة الاتساع في الأخبار ، وطريق المجاز في العبارة

إذ كان ذلك مخالفا لمذهبهما ، وخارجا عن اختيارهما ، وكان الأوجه والأولى عندهما ، والأكثر والأفشى لديهما ، لا على وجه الحقيقة والتحصيل والقطع ، لما بيناه قبل من جواز ذلك ، وفشوه في اللغة ،

واستعمال مثله في قياس العربية ، مع انعقاد الإجماع على تلاوته كذلك دون ما ذهبا إليه

إلا ما كان من شذوذ أبي عمرو بن العلاء في ( إن هذين ) خاصة ، هذا الذي يحمل عليه هذا الخبر ويتأول فيه

دون أن يقطع به على أن أم المؤمنين رضي الله عنها مع عظم محلها وجليل قدرها واتساع علمها ومعرفتها بلغة قومها لحَّنت الصحابة

وخطَّأت الكتبة، وموضعها من الفصاحة والعلم باللغة موضعهم الذي لا يجهل ولا ينكر ، هذا ما لا يسوغ ولا يجوز .

وقد تأول بعض علمائنا قول أم المؤمنين : ( أخطأوا في الكتاب )، أي : أخطأوا في اختيار الأولى من الأحرف السبعة بجمع الناس عليه ، لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز ، لأن ما لا يجوز مردود بإجماع ،

وإن طالت مدة وقوعه ، وعظم قدر موقعه ، وتأول اللحن أنه القراءة واللغة ، كقول عمر رضي الله عنه : ( أُبَيٌّ أقرؤنا ، وإنا لندع بعض لحنه ) أي قراءته ولغته ، وهذا بيِّنٌ ، والله الموفق "

انتهى من" المقنع " (118-119) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 15:03   رقم المشاركة : 81
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ويقول السيوطي رحمه الله :

" هذه الآثار مشكلة جدا :

وكيف يظن بالصحابة أولا أنهم يلحنون في الكلام فضلا عن القرآن وهم الفصحاء اللد !

ثم كيف يظن بهم ثانيا في القرآن الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم كما أنزل ، وحفظوه ، وضبطوه ، وأتقنوه !
ثم كيف يظن بهم ثالثا اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته !

ثم كيف يظن بهم رابعا عدم تنبههم ورجوعهم عنه !

ثم كيف يظن بعثمان أنه ينهى عن تغييره !

ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضي ذلك الخطأ ، وهو مروي بالتواتر خلفا عن سلف !!

هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة .

وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة :

أحدها : أن ذلك لا يصح عن عثمان ، فإن إسناده ضعيف مضطرب منقطع

ولأن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك ، وهم الخيار ، فكيف يقيمه غيرهم !!

وأيضا فإنه لم يكتب مصحفا واحدا بل كتب عدة مصاحف ، فإن قيل : إن اللحن وقع في جميعها فبعيد اتفاقها على ذلك ، أو في بعضها :

فهو اعتراف بصحة البعض ، ولم يذكر أحد من الناس أن اللحن كان في مصحف دون مصحف ، ولم تأت المصاحف قط مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءة ، وليس ذلك بلحن .

الوجه الثاني : على تقدير صحة الرواية إن ذلك محمول على الرمز ، والإشارة ، ومواضع الحذف ، نحو : الكتب ، والصبرين ، وما أشبه ذلك .

الثالث : أنه مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها ، كما كتبوا ( ولاأوضعوا )، و ( لاأذبحنه ) بألف بعد لا ، و ( جزاؤا الظالمين ) بواو وألف ، و ( بأييد ) بيائين ، فلو قرئ بظاهر الخط لكان لحنا .

وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشته في كتاب المصاحف .

وقال ابن الأنباري في كتاب " الرد على من خالف مصحف عثمان " في الأحاديث المروية عن عثمان في ذلك : لا تقوم بها حجة ؛ لأنها منقطعة غير متصلة ، وما يشهد عقل بأن عثمان -

وهو إمام الأمة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم - يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام ، فيتبين فيه خللا ، ويشاهد في خطه زللا فلا يصلحه ، كلا والله ما يتوهم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز

ولا يعتقد أنه أخر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده ، وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه ، والوقوف عند حكمه ، ومن زعم أن عثمان أراد بقوله أرى فيه لحنا

أرى في خطه لحنا إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسد ولا محرف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب فقد أبطل ولم يصب ؛ لأن الخط منبئ عن النطق ، فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه

ولم يكن عثمان ليؤخر فسادا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ، ومعلوم أنه كان مواصلا لدرس القرآن ، متقنا لألفاظه ، موافقا على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي

ثم أيد ذلك بما أخرجه أبو عبيد قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن عبد الله بن مبارك ، حدثنا أبو وائل شيخ من أهل اليمن ، عن هانئ البربري ، مولى عثمان قال : كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف

فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها : ( لم يتسن )، وفيها : ( لا تبديل للخلق )

وفيها : ( فأمهل الكافرين )، قال : فدعا بالدواة فمحا أحد اللامين فكتب لخلق الله ، ومحى فأمهل ، وكتب فمهل ، وكتب لم يتسنه ، ألحق فيها الهاء .

قال ابن الأنباري : فكيف يدعى عليه أنه رأى فسادا فأمضاه وهو يوقف على ما كتب ويرفع الخلاف إليه الواقع من الناسخين ليحكم بالحق ويلزمهم إثبات الصواب وتخليده انتهى.

قلت ويؤيد هذا أيضا ما أخرجه ابن أشته في المصاحف قال : حدثنا الحسن بن عثمان ، أنبأنا الربيع بن بدر ، عن سوار بن شبيب قال : سألت ابن الزبير عن المصاحف

فقال : قام رجل إلى عمر فقال : يا أمير المؤمنين ! إن الناس قد اختلفوا في القرآن ! فكان عمر قد هم أن يجمع القرآن على قراءة واحدة ، فطعن طعنته التي مات بها ، فلما كان في خلافة عثمان قام ذلك الرجل فذكر له

فجمع عثمان المصاحف ، ثم بعثني إلى عائشة ، فجئت بالصحف فعرضناها عليها حتى قومناها ، ثم أمر بسائرها فشققت .

فهذا يدل على أنهم ضبطوها وأتقنوها ولم يتركوا فيها ما يحتاج إلى إصلاح ولا تقويم.

ثم قال ابن اشته : أنبأنا محمد بن يعقوب ، أنبأنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، أنبأنا أحمد بن مسعدة ، أنبأنا إسماعيل ، أخبرني الحارث بن عبد الرحمن

عن عبد الأعلى ابن عبد الله بن عامر قال : لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال : أحسنتم وأجملتم أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا .

فهذا الأثر لا إشكال فيه ، وبه يتضح معنى ما تقدم ، فكأنه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته ، فرأى فيه شيئا كتب على غير لسان قريش كما وقع لهم في

: التابوة والتابوت فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش ، ثم وفى بذلك عند العرض والتقويم ، ولم يترك فيه شيئا

ولعل من روى تلك الآثار السابقة عنه حرفها ، ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان ، فلزم منه ما لزم من الإشكال ، فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك ، ولله الحمد.

وبعد فهذه الأجوبة لا يصلح منها شيء عن حديث عائشة :

أما الجواب بالتضعيف فلأن إسناده صحيح كما ترى .

وأما الجواب بالرمز وما بعده فلأن سؤال عروة عن الأحرف المذكور لا يطابقه .

فقد أجاب عنه ابن أشته وتبعه ابن جبارة في " شرح الرائية " بأن معنى قولها : ( أخطئوا ) أي : في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه

لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز . قال : والدليل على ذلك أن ما لا يجوز مردود بإجماع وإن طالت مدة وقوعه .

قال : وأما قول سعيد بن جبير لحن من الكاتب ، فيعني باللحن القراءة واللغة ، يعني أنها لغة الذي كتبها وقراءته ، وفيها قراءة أخرى.

ثم أخرج عن إبراهيم النخعي أنه قال : ( إن هذان لساحران )، و ( إن هذين لساحران ) سواء لعلهم كتبوا الألف مكان الياء ، والواو في قوله : ( والصابئون ) مكان الياء .

قال ابن أشته : يعني أنه من إبدال حرف في الكتاب بحرف ، مثل : الصلوة ، والزكوة ، والحيوة.

وأقول : هذا الجواب إنما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأما القراءة على مقتضى الرسم فلا "

انتهى من" الإتقان في علوم القرآن " (ص/1241-1247) .

وينظر أيضا : " مجموع الفتاوى "

لشيخ الإسلام ابن تيمية (15/252-255) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 15:13   رقم المشاركة : 82
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حقائق القرآن ليست كأساطير الحضارات السابقة

السؤال

قال تعالى : ( إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) القلم . وقال تعالى : ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً ) الفرقان .

وقال تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين ) الأنفال .

فعلى ما يبدو من سياق هذه الآيات أن أصحاب مكة كانوا قد سمعوا بهذه الآيات من قبل ، وإلا لماذا كانوا يردون بهذا الرد ، بل إن هناك بعض المؤرخين من يقول إن حكايات وأساطير خلق الكون كانت حكايات ذائعة الصيت

وأن وصف القرآن لهذه الآيات والحقائق لا يختلف كثيراً عما ترويه الأساطير البابلية والسومرية .

وقد ذُكر في تفسير الجلالين عند تفسير قوله : ( قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ) أن هذه العبارة قالها النضر بن الحارث ؛ لأنه كان تاجراً يسافر في الأمصار

وأنه اشترى كتباً تحتوي على الحكايات الفارسية ، وأنه كان يقص هذه القصص على أصحابه من أهل مكة ، وكان يقول : إن هذا القرآن ليس سوى قصص وخرافات وأكاذيب الأولين .

السؤال : كيف نستطيع أن ندحض ونفند هذه الادعاءات على ضوء الحقائق التاريخية ؟ أرجو تزويدي بشرح علمي يتوافق مع المنطق . وجزاكم الله خيراً .


الجواب

الحمد لله

ينبغي أن نعلم أولا ، حتى يكون بحثنا بحثا علميا جادا ، أن كلام كفار قريش لم يكن نقاشا جادا

ولم تكن رغبة صادقة في المعرفة والوصول إلى الحقيقة ، إنما كان مجرد محاولات للتكذيب

وصرف القلوب والأسماع عن القرآن ، كان محاولة لإغماض العيون عن ذلك النور الجديد الذي جاء ، كما قال الله عنهم : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) فصلت/26

والآيات في هذا كثيرة جدا ، وأحداث السيرة ترجمان واقعي لذلك ، لمن شاء أن يراجعها ويعلم ما فيها .

ومن هذا الباب كان اتهام الكفار القرآن الكريم بأنه من أساطير الأولين ، كما حكى الله عز وجل ذلك عنهم في آيات كثيرة

فقال سبحانه : ( حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) الأنعام/25

وقال عز وجل : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) الأنفال/3

وقال عزَّ مِن قائل : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) النحل/24، ونحو ذلك من الآيات .

وإذا كان هذا القائل ، أو غيره ، قد زعم أن القرآن أساطير الأولين ، وهو جاد في تهمته ، وعنده من العلم ما يمكنه من المطابقة بين الأمرين ، ليثبت أن القرآن مأخوذ من هذه الأساطير

فيقال له : القرآن قد تحداك ، وتحدى البشر جميعا أن تأتوا بشيء من مثله ؛ فهلا أخذتم من أساطير الأولين كما أخذ ، وأتيتم بقرآن مثله ، إن كنتم صادقين ؟!! ولا أدل على كذب كفار قريش من قولهم "

لو نشاء لقلنا مثل هذا " فما الذي أقعدهم عن الإتيان بسورة من مثل سور القرآن ، كما تحداهم الله بقوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) سورة البقرة/23.


وهلا أتى النضر بن الحارث ، وهو صاحب الحكايات والأساطير الذي جاء بها ، هلا أتى بقرآن مثل الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم

- أو بعشر سور ، أو بسورة مثل القرآن - ليثبت للناس انتصاره في تحدي القرآن ، وأن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد كذب في دعواه إنه من عند الله ؟!!

فاعتبروا يا أولي الأبصار ، وتذكروا يا أولي الألباب !!

يقول العلامة الشيخ الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله :

" وهنا يقال بالبديهة لمن يزعم في هذا المصدر أو ذاك ، أنه الأساس الذي بنى عليه القرآن أخباره

يقال : " إذا كان هذا المصدر صالحا بالفعل للأخذ عنه ، ألم يكن طبيعيا ، وفي متناول معارضيه أن يلجأوا إليه ، ويحطموا به طموح محمد ... ؟!!" .

انتهى من"مدخل إلى القرآن الكريم"

د. محمد عبد الله دراز (135)
.
ثانياً :

إن مجرد هذا القول من قريش هي دعوى خصم في مواجهة خصمه ، وما لم يقم الدليل البيِّن عليها : لن يكون لها أية قيمة في ميزان النقاش العلمي الصحيح

وفي القرآن الكريم ما يدل على تصديق ما سبق ، وأن كفار قريش لم يكونوا على علم بقصص القرآن الكريم ، وإنما أرادوا التهمة المجردة بالتكذيب .

تجد ذلك في قول الله تعالى : ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود/49.

وقوله عز وجل : ( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ . مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ) ص/6-7.

وقوله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) النمل/76.

يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" إبطال لقول الذين كفروا : ( إن هذا إلا أساطير الأولين ) فإن القرآن وحي من عند الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فكل ما فيه فهو من آثار علم الله تعالى

فإذا أراد الله تعليم المسلمين شيئا مما يشتمل عليه القرآن فهو العلم الحق

ومن ذلك ما اشتمل عليه القرآن من تحقيق أمور الشرائع الماضية والأمم الغابرة مما خبطت فيه كتب بني إسرائيل خبطا من جراء ما طرأ على كتبهم من التشتت

والتلاشي وسوء النقل من لغة إلى لغة في عصور انحطاط الأمة الإسرائيلية " انتهى باختصار.

" التحرير والتنوير " (20/30)









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 15:14   رقم المشاركة : 83
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا :

ليس يكفي لمن يريد أن يثبت دعواه ضد القرآن الكريم أن يأتي بحقيقة في القرآن ليقول إن هذه الحقيقة كانت معروفة قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أن هذا الحدث التاريخي موجود عند أهل الكتاب

أو عند غيرهم من أهل الأخبار ؛ فلا يقول عاقل إن على القرآن أن يخالف حقائق العلم والعقل المعروفة في زمانه حتى يثبت للناس أنه قد أتى بكل جديد ، وليس مطلوبا منه أن يخترع تاريخا جديدا للخلق والناس

حتى يصدقوا أنه لم يتأثر بمعارف أهل التواريخ ؛ فهذا لا يقوله عاقل يعرف ما يقول .

يقول الأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعني رحمه الله في مناقشة مثل هذه الشبهة :

" الاقتباس عملية فكرية لها ثلاثة أركان:

الأول: الشخص المُقتَبَس منه.

الثانى: الشخص المُقتَبِس (اسم فاعل).

الثالث: المادة المُقتَبَسَة نفسها (اسم مفعول).

والشخص المقُتَبَس منه سابق إلى الفكرة ، التى هى موضوع الاقتباس

أما المادة المقُتَبَسَة فلها طريقتان عند الشخص المُقِتَبس ، إحداهما: أن يأخذ المقتبس الفكرة بلفظها ومعناها كلها أو بعضها. والثانية: أن يأخذها بمعناها كلها أو بعضها كذلك ويعبر عنها بكلام من عنده.

والمقتبس فى عملية الاقتباس أسير المقتبس منه قطعاً ودائر فى فلكه ؛ إذ لا طريق له إلى معرفة ما اقتبس إلا ما ذكره المقتبس منه. فهو أصل ، والمقتبس فرع لا محالة.

وعلى هذا فإن المقتبس لابد له وهو يزاول عملية الاقتباس من موقفين لا ثالث لهما:

أحدهما: أن يأخذ الفكرة كلها بلفظها ومعناها ، أو بمعناها فقط.

وثانيهما: أن يأخذ جزءً من الفكرة باللفظ والمعنى ، أو بالمعنى فقط.

ويمتنع على المقتبس أن يزيد فى الفكرة المقتبسة أية زيادة غير موجودة فى الأصل

لأننا قلنا: إن المقتبس لا طريق له لمعرفة ما اقتبس إلا ما ورد عند المقتبس منه ، فكيف يزيد على الفكرة والحال أنه لا صلة له بمصادرها الأولى إلا عن طريق المقتبس منه.

إذا جرى الاقتباس على هذا النهج صدقت دعوى من يقول إن فلاناً اقتبس منى كذا.

أما إذا تشابه ما كتبه اثنان ، أحدهما سابق والثانى لاحق ، واختلف ما كتبه الثانى عما كتبه الأول مثل:

1- أن تكون الفكرة عند الثانى أبسط وأحكم ، ووجدنا فيها مالم نجده عند الأول.

2- أو أن يصحح الثانى أخطاء وردت عند الأول ، أو يعرض الوقائع عرضاً يختلف عن سابقه.

فى هذه الحال لا تصدق دعوى من يقول إن فلانا قد اقتبس منى كذا.

ورَدُّ هذه الدعوى مقبول من المدعى عليه ، لأن المقتبِس (اتهامًا) لما لم يدُر فى فلك المقتبَس منه (فرضاً) ؛ بل زاد عليه وخالفه فيما ذكر من وقائع ، فإن معنى ذلك أن الثانى تخطى ما كتبه الأول

حتى وصل إلى مصدر الوقائع نفسها ، واستقى منها ما استقى . فهو إذن ليس مقتبِساً ، وإنما مؤسس حقائق تلقاها من مصدرها الأصيل ، ولم ينقلها عن ناقل أو وسيط.

وسوف نطبق هذه الأسس التى تحكم عملية الاقتباس على ما ادعاه القوم هنا وننظر:

هل القرآن عندما اقتبس ، كما يدعون من التوراة ، كان خاضعاً لشرطى عملية الاقتباس وهما: نقل الفكرة كلها ، أو الاقتصار على نقل جزء منها

فيكون بذلك دائراً فى فلك التوراة ، وتصدق حينئذ دعوى القوم بأن القرآن (معظمه) مقتبس من التوراة ؟

أم إن القرآن لم يقف عند حدود ما ذكرته التوراة فى مواضع التشابه بينهما ؟ بل:

1 عرض الوقائع عرضاً يختلف عن عرض التوراة لها.

2 أضاف جديداً لم تعرفه التوراة فى المواضع المشتركة بينهما.

3 صحح أخطاء " خطيرة " وردت فى التوراة فى مواضع متعددة.

4 انفرد بذكر " مادة " خاصة به ليس لها مصدر سواه.

5 فى حالة اختلافه مع التوراة حول واقعة يكون الصحيح هو ما ذكره القرآن . والباطل ما جاء فى التوراة بشهادة العقل والعلم .

إذا كان الاحتمال الأول هو الواقع فالقرآن مقتبس من التوراة..

أما إذا كان الواقع هو الاحتمال الثانى فدعوى الاقتباس باطلة ويكون للقرآن فى هذه الحالة سلطانه الخاص به فى استقاء الحقائق وعرضها ، فلا اقتباس ، لا من توراة ولا من إنجيل ولا من غيرهما.

لا أظن أن القارئ يختلف معنا فى هذه الأسس التى قدمناها لصحة الاتهام بالاقتباس عموماً.

وما علينا بعد ذلك إلا أن نستعرض بعض صور التشابه بين التوراة والقرآن ، ونطبق عليها تلك الأسس المتقدمة

تاركين الحرية التامة للقارئ سواء كان مسلماً أو غير مسلم فى الحكم على ما سوف تسفر عنه المقارنة ؛ أنحن على صواب فى نفى الاقتباس عن القرآن ؟.

والمسألة بعد ذلك ليست مسألة اختلاف فى الرأى يصبح فيها كل فريق موصوفاً بالسلامة ، وأنه على الحق أو شعبة من حق.

وإنما المسألة مسألة مصير أبدى من ورائه عقيدة صحيحة توجب النجاة لصاحبها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أو عقيدة فاسدة تحل قومها دار البوار ، يوم يقدم الله إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباءً منثوراً" انتهى.
ثم طبق رحمه الله هذه القاعدة على بعض النماذج التي يتبين بها بطلان الدعوى .

فليراجع بحثه مطولا ، والذي نشر في كتاب "حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين" ص (139)

وما بعدها ، والذي نشرته وزارة الأوقاف المصرية . [ والكتاب يوجد على الموسوعة الشاملة بعنوان "شبهات المشككين" .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 15:15   رقم المشاركة : 84
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ويقول الدكتور عبد المحسن المطيري – في معرض الرد على من زعم أن القرآن نقل من غيره -
:
" 1- لقد تكفل الله تعالى بالرد على هذه الشبهة : وبالسبر والتقسيم نقول : إن القرآن يمكن أن يأتي إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن أربع طرق : من عند نفسه ، من عند شخص

من كتاب ، من الله تعالى , أما من عند نفسه فقد تقدم معنا الرد على هذه الشبهة بأكثر من عشرة أوجه . أما من عند شخص ؛ فمن هو هذا الشخص ؟ أكثر الطاعنين على أنهم نصارى أو يهود ،

فرد الله تعالى عليهم أن لسان أولئك القوم ولغتهم أعجمية ، ولكن لغة هذا القرآن عربي مبين ، فكيف للأعجمي أن يأتي بأعلى الفصاحة وذروة البلاغة في اللغة العربية

: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) النحل/103.

أما من كتاب ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب : ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) العنكبوت/48. فلم يبق إلا أنه من الله تعالى .

2- العهد القديم لم يكن مترجما إلى اللغة العربية قبل الإسلام ، وقد نص على ذلك المستشرقون أنفسهم

فهذا (جوتين) يقول عن صحائف اليهود : إن تلك الصحائف مكتوبة بلغة أجنبية . وقد أشارت الموسوعة البريطانية إلى عدم وجود ترجمة عربية لأسفار اليهود قبل الإسلام

وأن أول ترجمة كانت في أوائل العصر العباسي , وكانت بأحرف عبرية
.
كيف إذن أخذ النبي صلى الله عليه وسلم منها، لابد على المستشرقين أن يفتروا كذبة جديدة , وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم درس لغة التوراة فكان يترجمها للقرآن ؟!!.

3- ومن لطائف الاستدلال على أنه لم ينقل من غيره ما يذكره العلماء في فوائد أسباب النزول ؛ إذ يذكرون أن من فوائد أسباب النزول أن دلالته على إعجاز القرآن , وأنه من الله تعالى من ناحية الارتجال

فنزوله بعد الحادثة مباشرة يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين ، أو من كتب السابقين

فلو كان ينقل كتابه من كتب غيره , لكان إذا سأله سائل يتريث حتى يراجع الكتب التي عنده , وينظر ماذا تقول في هذه المسألة ثم يجيب ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ,

بل يسأله الرجل فيعطيه الجواب الموافق للصواب ، الذي لم يكن قرأه ولا عرفه إلا في هذه اللحظة التي نزل عليه فيها , وقد ذكرت في مبحث أدلة صدق النبي وقائع كثيرة تدل على هذا المعنى
.
4- من أوضح الأدلة على رد دعوى النقل من غيره : التحدي أن يأتي بمثله ، كما تقدم تفصيل هذا في الردود العامة .
5- لو كان القرآن مأخوذا من التوراة والإنجيل والكتب السابقة ,

لما استطاع محمد صلى الله عليه وسلم أن يتحدى الناس ويقدم على هذا الخطأ الفادح

لأن هذه الأصول المنقول عنها موجودة في متناول أيدي الجميع ، فلماذا يتحدى الناس بشيء موجود ، ألا يخشى أن يقوم بعض الناس بالرجوع إلى مراجعه والعمل مثل عمله فينكشف !

6- ثم هذه الأساطير والمراجع ليست خاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم , بل هي كتب متداولة بيد الجميع , فلماذا لا تحضرون لنا هذه الكتب التي نقل منها ؟!

7- افتراض تعلم النبي صلى الله عليه وسلم من نصارى الشام ويهود المدينة وغيرهم لا يتفق مع الحقيقة التاريخية التي تحدثنا عن الحيرة والتردد في موقف المشركين من رسول الله في محاولتهم لتفسير ظاهرة الرسالة ؛

لأن مثل هذه العلاقة مع النصارى أو اليهود لا يمكن التستر عليها أمام أعداء الدعوة من المشركين وغيرهم الذين عاصروه وعرفوا أخباره وخبروا حياته العامة بما فيها من سفرات ورحلات .

8- وجود بعض الشرائع في القرآن التي تتفق مع ما في التوراة والإنجيل أو حتى ما عند العرب ليس في هذا دليل على أنه مأخوذ منها ، فالقرآن لم يأت لهدم كل شيء , بل لتصحيح الخطأ وإقرار الحق

فالصدق والشجاعة والكرم والحلم والرحمة والعزة كل هذه المعاني موجودة عند كفار مكة ومع هذا جاء الإسلام ولم يغير منها شيئا

بل باركها وحث عليها ، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ ) ولم يقل : لأنشئها .

إذن ليس من الضروري لكتاب هداية من هذا القبيل ، أن يشجب كل الوضع الذي كانت الإنسانية عليه قبله حتى يثبت صحة نفسه ، فمن الطبيعي أن يقر القرآن بعض الشرائع ، سواء في الكتب السابقة السماوية ,

أو في عادات الناس وأعرافهم ، وأما الخطأ فإنه لا يقره ، وقد نص القرآن على هذا المعنى في مثل

قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) يونس/37.

9- كيف يمكن اعتبار التوراة والإنجيل من أهم مصادر القرآن مع أن القرآن خالفها في كثير من الأشياء ؛ ففي بعض الأحداث التاريخية نجد القرآن يذكرها بدقة متناهية , ويتمسك بها بإصرار

في الوقت الذي كان بإمكانه أن يتجاهل بعضها ، على الأقل تفاديا للاصطدام بالتوراة والإنجيل ، ففي قصة موسى يشير القرآن إلى أن التي كفلت موسى هي امرأة فرعون ، مع أن سفر الخروج يؤكد أنها كانت ابنته

كما أن القرآن يذكر غرق فرعون بشكل دقيق , لا يتجاهل حتى مسألة نجاة بدن فرعون من الغرق مع موته وهلاكه ، في الوقت الذي نجد التوراة تشير إلى غرق فرعون بشكل مبهم

ويتكرر نفس الموقف في قضية العجل ؛ حيث تذكر التوراة أن الذي صنعه هو هارون ، وفي قصة ولادة مريم للمسيح - عليهما السلام - وغيرها من القضايا .

10 - من المعلوم أن في القرآن ما لا وجود له في كتب اليهود والنصارى ، مثل : قصة هود وصالح وشعيب ، فكيف أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!

11- وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من النصارى الذين خالطهم ؛ من أمثال سلمان وصهيب وورقة

فلِمَ لم يفضحوه عندما سب النصارى وكفرهم في كتابه في عدة آيات ، حتى إن سورة المائدة ، وهي من آخر السور نزولا , كانت من أكثر السور تكفيرا للنصارى .

12-من تناقضهم زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ القرآن من سلمان وصهيب النصرانيين وابن سلام اليهودي وغيرهم ممن أسلم من أهل الكتاب ، وحقيقة الأمر أن إسلام هؤلاء حجة عليهم

إذ لو كان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ القرآن والشريعة من أهل الكتاب ، فلماذا يتركون الأصل ويذهبون إلى الفرع ؟

13- لقد شهد المنصفون من المستشرقين بضد ذلك :

يقول المستشرق الإنجليزي لايتنر : بقدر ما أعرف من دِينَيِ اليهود والنصارى أقول بأن ما علمه محمد ليس اقتباساً , بل قد أوحى إليه ربه, ولا ريب بذلك .

ويقول هنري دي كاستري : ثبت إذن أن محمدا لم يقرأ كتابا مقدسا , ولم يسترشد في دينه بمذهب متقدم عليه "

انتهى من كتاب " الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري " (الباب الثاني/الفصل الثاني/المبحث الأول/المطلب الثاني) (ص/46 بترقيم الشاملة)

وانظر كتاب " شوائب التفسير في القرن الرابع عشر الهجري " (شوائب التفسير في القصص القرآني)

على أن أهم الكتب التي تعرضت لهذه المسألة ، ودرستها دراسة علمية ـ في اللغة العربية ـ هي : كتاب "مدخل إلى القرآن الكريم" للعلامة الشيخ محمد عبد الله دراز رحمه الله

وأيضا : كتاب "الظاهرة القرآنية" للمفكر الجزائري الكبير الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله .

ويستفاد أيضا من كتاب : "دفاع عن القرآن الكريم ضد منتقديه" للفيلسوف الكبير الدكتور عبد الرحمن بدوي ، وقد ألفه بالفرنسية ، ثم ترجم إلى العربية ، وإن كانت ترجمته سقيمة ، لكن ينتفع به .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-16, 15:58   رقم المشاركة : 85
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل تحسين القراءة في الصلاة من الرياء ؟

وهل يترك الإمامة من يخاف من ذلك ؟


السؤال

فقد منَّ الله عليَّ بصوت حسن وتلاوة طيبة لكتابه العزيز ، وقد اقترح عليَّ أهل المسجد أن أكون إماماً لهم في صلاة التراويح ، علماً بأني أحفظ أكثر من نصف القرآن

وأسأل الله أن يتم عليَّ نعمته بحفظ كتابه ، وقد ترددت في البداية خوفاً من الرياء لكنِّي استخرت الله عز وجل ، ثم قبلت ، والآن أنا أؤم القوم في المسجد ولكني أخاف من الرياء وأن يحبط عملي

ودائما أسأل الله الإخلاص ، وتراني أحاول إتقان التلاوة عندما أؤم الناس لكي يخشعوا أما أنا فأتأثر بالآيات إذا قرأتها وحدي ، وعندما أكون إماماً أحاول أن أتأثر بها وأن أتفكر في معانيها لكني قلَّ ما أفعل

, وإن فعلت فأحاول أن لا أظهر ذلك أمام الناس . فماذا يجب أن تكون نيتي وأنا أؤم الناس ؟ وكيف أحقق الإخلاص وأتغلب على وسواس الرياء ؟ . وجزاكم الله خيراً .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

اعلم أخانا الفاضل أن للشيطان مداخل على الصالحين ليتركوا طاعاتهم وعباداتهم ، فليس كل ما تشعر به أنه رياء هو كذلك ، وودَّ الشيطان لو ظفر بهذا من مثلك ليترك أحدكم طاعته وعبادته فيحقق للشيطان مقصوده

وإنما يبحث المسلم عن قلبه فيرى سلامته من عدمه ، وينزه أفعاله أن تُصرف لغير الله ، فيحافظ على عبادته أن لا يقوم بها ، ويحافظ عليها أن لا يضيع أجرها عند ربه .

ثانياً:

ومما ينبغي عليك معرفته أن تحسين الصوت وإتقان التلاوة في الصلاة ليسمعها الناس ليست من باب الرياء والسمعة من جهة ، وهي كذلك من جهة أخرى :

1. فإذا كنتَ تقصد بحسن قراءتك حصول الخشوع لقلبك والبكاء لعينك ، أو من أجل أن يتأثر الناس : فعملك مشروع ، بل هو مرغَّب فيه ، ومما يدل على ذلك :

أ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ) .

رواه البخاري ( 7089 ) .

قال النووي – رحمه الله -
:
وقوله ( يتغنى بالقرآن ) معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون : يحسِّن صوته به

." شرح مسلم " ( 6 / 78 ) .

والحديث رواه أبو داود ( 1471 ) وفيه زيادة :

قَالَ عبد الجبار بن الورد – أحد رجال الإسناد - : فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ ؟ قَالَ : " يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ " .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :

الذي يتحصل من الأدلة : أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب ، فإن لم يكن حسناً فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث ، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح .

" فتح الباري " ( 9 / 72 ) .

ب. عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ) .

رواه أبو داود ( 1468 ) والنسائي ( 1015 ) وابن ماجه ( 1342 ) .

قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :

عن صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : قلت له قول النبي صلى الله عليه وسلم ( زينوا القرآن بأصواتكم ) ما معناه ؟ قال : التزين : أن تحسِّنه .

" أخلاق أهل القرآن " ( ص 160 ) وصححه محققه عنه .

ومما يؤكِّد جواز التكلف من أجل تحسين القراءة وجمال الصوت :

ج. عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاَءَتَكَ الْبَارِحَةَ لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ ) فَقَالَ : لَوْ عُلِّمْتُ لحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيراً .

رواه البيهقي في " سننه " ( 3 / 12 ) وقال الألباني – في " صحيح أبي داود " ( 5 / 232 ) - : سنده جيد على شرط مسلم .

قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :

فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه ، وقد كان أبو موسى كما قال عليه السلام قد أعطي صوتاً حسناً ، مع خشية تامة ورقة أهل اليمن الموصوفة ، فدل على أن هذا من الأمور الشرعية .

" تفسير ابن كثير " ( 1 / 63 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

قال العلماء : وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسَّن صوتَه بالقرآن لأجل أن يتلذذ السامع ويسر به : فإن ذلك لا بأس به ، ولا يعدُّ من الرياء ، بل هذا مما يدعو إلى الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يسر الناس به .

" شرح رياض الصالحين " ( 4 / 662 ) .

2. وأما إن كنتَ تحسِّن صوتك في قراءتك للقرآن من أجل أن يمدحك الناس ، أو من أجل أن يقولوا : هذا قراءته جيدة : فيكون فعلك من باب الرياء والسمعة .

قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -
:
والرياء مأخوذ من الرؤية ، وذلك بأن يزيِّن العمل ويحسِّنه من أجل أن يراه الناس ويمدحوه ويثنوا عليه ، أو لغير ذلك من المقاصد ، فهذا يسمَّى رياء ؛ لأنه يقصد رؤية الناس له .

والفرق بين الرياء والسمعة : أن الرياء فيما يُرى من الأعمال التي ظاهرها لله وباطنها لغيره كالصلاة والصدقة ، أما السمعة : فهي لِمَا يُسْمَع من الأقوال التي ظاهرها لله والقصد منها لغير الله كالقراءة

والذكر والوعظ وغير ذلك من الأقوال ، وقصد المتكلِّم أن يَسمع النّاس كلامه فيثنوا عليه ، ويقولوا

: هو جيِّد في الكلام ، جيِّد في المحاورة ، جيِّد في الخُطْبة ، إنه حسن الصوت في القرآن إذا كان يحسِّن صوته بالقرآن لأجل ذلك ، فإذا كان يُلقي المحاضرات والندوات والدروس من أجل أن يمدحه النّاس : فهذا سُمعة .

" إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد " ( ص 646 )









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-01-16 في 16:01.
رد مع اقتباس
قديم 2019-01-16, 16:04   رقم المشاركة : 86
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثاً:

نختم معك سؤالك المهم بوصيتين جامعتين إحداهما لإمامٍ من السلف ، والأخرى لإمام معاصر ، ومع الوصية الثانية إجابة على مسائلك كلها ؛ حيث ورد لصاحبها سؤال مطابق لسؤالك .

أ. قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :

ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم ؛ فليعرف قدر ما خصه الله به ، وليقرأ لله ، لا للمخلوقين ، وليحذر من الميل إلى أن يستمع منه ليحظى به عند السامعين رغبة في الدنيا

والميل إلى حسن الثناء والجاه عند أبناء الدنيا ، والصلات بالملوك ، دون الصلات بعوام الناس

فمن مالت نفسه إلى ما نهيته عنه : خفت أن يكون حسن صوته فتنة عليه ، وإنما ينفعه حسن صوته إذا خشي الله عز وجل في السر والعلانية ، وكان مراده أن يستمع منه القرآن لينتبه أهل الغفلة عن غفلتهم

فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل ، وينتهوا عما نهاهم ؛ فمن كانت هذه صفته انتفع بحسن صوته ، وانتفع به الناس.

" أخلاق أهل القرآن " ( ص 161 ) .

ب. سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

ما هو السبيل في عدم الشعور بإتقان الصلاة والخشوع فيها ؛ حيث إنني أقوم إماماً لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد ، ولكن كل محاولتي لحفظ القرآن وتجويد القراءة أثناء كل صلاتي :

أشعر أني أرائي الناس فيها ، خاصة الصلوات الجهرية ، حيث إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة حتى يخيل إليَّ أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس أني أهل للإمامة ، ما حكم ذلك ؟ .

فأجاب
:
عليك - يا أخي - أن تستمر في عملك هذا ، مع سؤال الله التوفيق للإخلاص ، والحرص على التعوذ بالله من الرياء ، وأبشر بالخير ، ودع عنك الوساوس التي يمليها الشيطان بأنك تقصد الرياء وتحسين صوتك

لأجل مدح الناس أو ليقولوا : إنك أهل للإمامة ، دع عنك هذه الوساوس ، وأبشر بالخير ، وأنت مأمور بتحسين الصوت في القراءة حتى ينتفع بك المأمومون ، ولا عليك شيء مما يخطر من الوساوس بل حاربها

حاربها بالتعوذ بالله من الشيطان ، وسؤال الله التوفيق والهداية والإعانة على الخير ، وأنت على خير عظيم ، واستمر في الإمامة ، وأحسن إلى إخوانك

واجتهد في تحسين الصوت ، فقد جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن - يجهر به - ) يعني : يحسِّن صوته بالقراءة ، فتحسين الصوت بالقراءة من

أعظم الأسباب للتدبر والتعقل ، وفهم المعنى ، والتلذذ بسماع القرآن ، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ما أذِن الله لشيء ما أذن لنبيٍّ حسن الصوت بالقرآن يجهر به ) – رواه البخاري

يعني : ما استمع الله سبحانه لشيء كاستماعه لنبي ، وهو استماع يليق بالله لا يشابهه صفات المخلوقين ؛ فإن صفات الله سبحانه تليق به لا يشابهه أحد من خلقه جل وعلا

كما قال سبحانه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/ 11

، ولكن يدلنا هذا على أن الله سبحانه يحب تحسين الصوت بالقراءة ، ويحب أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من يستمع لقراءتهم ، وما يخطر ببالك من الرياء :

فهو من الشيطان ، فلا تلتفت إلى ذلك ، وحارب عدو الله بالاستعاذة بالله منه

والاستمرار بتحسين صوتك ، والإحسان في قراءتك ، مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة ، وأنت على خير إن شاء الله ، نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 30 / 129 – 131 ) .

فقد تبين أن تحسين صوتك في القراءة أمر مرغَّب به محمود ، وتجنب فعل ذلك من أجل مدح الناس لك

ولتكن نيتك الاستجابة لأمر النبي صلى اله عليه وسلم بالتغني بالقرآن ، وبتزيينه بالصوت الحسن ، ولتكن نيتك أن يتأثر الناس بكلام الله ويخشعون بسماعه

وجاهد نفسك لتكون واحداً منهم في تأثير القرآن عليك ، واصرف عنك وسوسة الشيطان بترك الإمامة ، بل ابق فيها مع حسن النية والقصد .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-16, 16:09   رقم المشاركة : 87
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مراحل جمع القرآن الكريم .

السؤال

أنا أسمع أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يقول إن يس قلب القران

كيف والقرآن لم يتم تجميعه فى عهد الرسول ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

حديث : ( يس قلب القرآن ) قد روي من عدة طرق ، كلها ضعيفة ، لا يصح منها شيء

وبعضها أضعف من بعض .

وَنَقَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ مَجْهُولُ الْمَتْنِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ .

"التلخيص الحبير" (2 /245)

وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي "علله" : حَدِيث لَا يَصح .

وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي "الْخُلَاصَة" : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَفِيه مَجْهُولَانِ .

"البدر المنير" (5 /194-195)

وراجع : "إرواء الغليل" (3/150-151)

"سلسلة الأحاديث الضعيفة" أرقام : (169) ، (5861) ، (5870) ، (6843)

ثانيا :

أما الاستشكال الوارد في السؤال – بغض النظر عن صحة هذا الحديث من ضعفه –

فيقال فيه : إن جمع القرآن يطلق ويقصد به حفظه في الصدور ؛ كما قال الله تعالى : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) القيامة/ 17 قال ابن عباس رضي الله عنهما : " جمعه لك في صدرك " رواه البخاري (5) ومسلم (448) .

وروى البخاري (3810) ومسلم (2465) عن أنس رضي الله عنه قال : " جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ : مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ " .

فحفظه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحفظه الصحابة رضي الله عنهم ، والمؤمنون من بعدهم

وهذا أمر لم يتوقف على وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لا يتأتى حفظ القرآن وجمعه من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا إذا كان كله محفوظا مجموعا في حياته صلى الله عليه وسلم .

- ويطلق جمع القرآن ويقصد به جمعه في المصحف ، على الترتيب المعهود ، وهذا هو الذي تأخر إلى خلافة الصديق رضي الله عنه ، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .

روى البخاري (4679) أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ قَالَ

: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ

الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ ، وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ ... الحديث ، وفيه : قال زيد :

" فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ ، وَكَانَتْ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ " .

وهناك جمع ثالث ثم في خلافة عثمان رضي الله عنه ، وهو جمع الناس على مصحف واحد ، وحرف واحد من الأحرف التي نزل بها القرآن ، واعتماد هذا المصحف العثماني الأم .

فإنه لما تنازع الناس في القرآن واختلفوا ، فهذا يقرأ بقراءة أبي بن كعب ، وهذا يقرأ بقراءة ابن مسعود ، استشار عثمان الصحابة رضي الله عنهم في جمع الناس على مصحف واحد .

فروى ابن أبي داود في "المصاحف" (1/77) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :

" يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلا خيرا في المصاحف وإحراق المصاحف ، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا جميعا ، فقال : ما تقولون في هذه القراءة ؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول

: إن قراءتي خير من قراءتك ، وهذا يكاد أن يكون كفرا ، قلنا : فما ترى ؟

قال : نرى أن نجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ، ولا يكون اختلاف ، قلنا : فنِعم ما رأيت قال :

فقيل : أي الناس أفصح ، وأي الناس أقرأ ؟ قالوا : أفصح الناس سعيد بن العاص ، وأقرؤهم زيد بن ثابت

فقال : ليكتب أحدهما ويمل الآخر ففعلا وجمع الناس على مصحف " قال علي : والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل .
وصححه الحافظ في "الفتح" (9/18)

فالجمع الذي حصل في عهد الصديق وفي عهد عثمان رضي الله عنهما هو جمع القرآن

في كتاب واحد ، وهو المصحف .

أما الجمع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حفظه في صدور المؤمنين ، كما قال الله تعالى : ( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) العنكبوت/ 49

قال ابن كثير رحمه الله :

" أي : هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق ، أمرًا ونهيًا وخبرًا ، يحفظه العلماء ، يَسَّره الله عليهم حفظًا وتلاوةً وتفسيرًا " انتهى
.
"تفسير ابن كثير" (6 /286)

فعلى فرض صحة الحديث يكون معناه أن سورة يس قلب القرآن الذي هو كلام الله المحفوظ في صدور الذين أوتوا العلم ، والذي جمع بعد ذلك في الصحف .

فالذي تأخر عن عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو جمع القرآن من الصحف والرقاع

وجعله كله في مصحف واحد ، كما هو المعهود الآن ، وليس أن شيئا منه كان ضائعا ، أو غير محفوظ

أو غير مجموع في الصدور ، حتى تم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن هذا أمر لا يمكن ؛ بل القرآن الذي جمعوه في المصحف ، هو نفسه القرآن المحفوظ في صدور الذين أوتوا العلم ، لا يزيد عنه ولا ينقص .

وقد روى مسلم (810) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ؟

قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟

قَالَ قُلْتُ ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ : ( وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ ) .

فقوله : ( أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ ) يقصد به القرآن المحفوظ المجموع في صدره .

ثالثا :

ليس المراد بالحديث المذكور ، على فرض صحته ، أنها قلب القرآن ، يعني : أنها وسطه من الناحية الكمية

فهذا غير مراد ، وهو خلاف الواقع أيضا ؛ وإنما المراد به أنه من السور التي جمعت خلاصة مقاصد القرآن الكريم ، ولباب معانيه ، فكأنها منه بمنزلة القلب من الجسد .

قال المباركفوري رحمه الله :

" قوله ( وقلب القرآن يس ) أي لبه وخالصه سورة يس . قال الغزالي : إن الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر ، وهو مقرر فيها بأبلغ وجه ؛ فكانت قلب القرآن لذلك . واستحسنه الفخر الرازي .

قال الطيبي :

لاحتوائها مع قصرها على البراهين الساطعة ، والايات القاطعة ، والعلوم المكنونة ، والمعاني الدقيقة ، والمواعيد الفائقة ، والزواجر البالغة "

انتهى من " تحفة الأحوذي" (8/159) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-16, 16:14   رقم المشاركة : 88
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجوز ختم القرآن كل يوم ؟

وكيف نفهم ما ثبت من ختم السلف في أقل من ثلاث ؟


السؤال

هل يمكن أن أقرأ القرآن كاملاً في يوم واحد ؟

وهل يجوز ذلك ؟

فقد سمعت أنه لا يجوز قراءته كاملاً في أقل من ثلاثة أيام .

الجواب

الحمد لله


أولاً:

قراءة كتاب الله تعالى من العبادات الجليلة في الإسلام ، وكيف لا تكون كذلك والمقروء هو كلام الله تعالى ؟!

ومع هذا الشرف الذي يحصل لقارئ القرآن فقد وعد الله تعالى القارئ بالثواب الجزيل في الدنيا والآخرة

ومن ذلك أنه يكون له هدى وشفاء ، وأن له بكل حرف عشر حسنات ، وأن القرآن يكون له شفيعاً يوم القيامة ، وغير ذلك من الثواب والأجور .

وانظر جواب السؤال القادم

ولهذا رأينا الصحابة الأجلاء والتابعين الفضلاء ومن تبعهم من سلف هذه الأمة يحرصون على قراءة كتاب ربهم تبارك تعالى ، ويجعلون لأنفسهم وِرداً منه كل يوم .

ومع حرصهم على قراءة كتاب ربهم فقد التزموا القدْر الذي لا يتجاوزون به الشرع ، ولا يقعون بسببه في مخالفة للهدي النبوي ، ولذا كان الأكثر على ختم القرآن كل سبعة أيام ، ومن وجد قوة فلا يختم في أقل من ثلاث

إلا في أحوال معينة يأتي ذِكرها .

وقد التزم أكثر السلف الختم على سبع اتباعاً لوصية النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص .

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ ) قُلْتُ : إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً ... حَتَّى قَالَ ( فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ) .

رواه البخاري ( 4767 ) ومسلم ( 1159 ) .

ولم يختموا في أقل من ثلاث لتنفير النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك
.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ ) .
رواه الترمذي ( 2949 ) وأبو داود ( 1390 ) وابن ماجه ( 1347 ) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .

وهو الذي فهمه الصحابة الأجلاء من الهدي النبوي ، وتبعهم على ذلك أئمة علم وهدى .

1. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " اقرؤوا القرآن في سبع ، ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث " .

رواه سعيد بن منصور في " سننه " بإسناد صحيح كما قاله الحافظ ابن حجر في "

فتح الباري " ( 9 / 78 ) .

2. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث .

رواه أبو عبَيد في " فضائل القرآن " ( ص 89 ) وصححه ابن كثير في " فضائل القرآن " له ( ص 254 ) .

3. قال ابن كثير – رحمه الله - :

وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في أقلِّ من ثلاثٍ ، كما هو مذهبُ أبي عبيد ، وإسحاق بن راهويه ، وغيرهما من الخلف أيضاً .

" فضائل القرآن " ( ص 254 ) .

ومع عدم فقه من قرأ في أقل من ثلاث فإنه لا يستفيد – كذلك – معاني سامية عالية يستفيدها من قرأ القرآن بتدبر وطمأنينة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

قراءة القرآن على الوجه المأمور به : تورث القلب الإيمان العظيم ، وتزيده يقينا وطمأنينة وشفاء .

" مجموع الفتاوى " ( 7 / 283 ) .

ثانياً:

ما يُذكر في بعض كتب أهل العلم من ختمة بعضهم للقرآن أربعاً في النهار وأربعاً في الليل :

ينظر في أمر ثبوته عمن روي عنه ، لبعد وقوع ذلك جدا ؛ إذ الوقت لا يستوعب هذا أصلاً . ومثله ما يُزعم من أن بعضهم ختم القرآن بين المغرب والعشاء ! وغير ذلك مما لا يمكن تصديقه حتى مع السرعة في القراءة .

وأما قراءة القرآن – كاملاً - في يوم واحد : فممكنة واقعاً ، بل قد فعلها بعض الأئمة – كما روي عنهم – في ركعة واحدة .

قال النووي – رحمه الله - :

وأما الذين ختموا القرآن في ركعة : فلا يُحصون ؛ لكثرتهم ، فمنهم : عثمان بن عفان ، وتميم الداري ، وسعيد بن جبير .
"
الأذكار " ( ص 102 ) .

ولكن هل من فعل ذلك يكون مهتدياً بسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم أو يكون فَعَل ما يجوز له شرعاً ؟!

والجواب : أما من جعل ذلك ديدناً له ومنهجاً في حياته : فلا شك أنه يقع في مخالفة للشرع

ولا يكون فعله ذلك إلا مع تفريط بواجبات شرعية عليه - كالصلاة وتربية أولاده وصلة رحِمه وعِشرة أهله بالمعروف – أو تفريط في عمل يرتزق به .

وأما من فعل ذلك أحياناً بقصد مراجعة حفظه ، أو استثماراً لزمان فاضل – كشهر رمضان - ، أو بسبب أنه معتكف في مسجد ، أو لأنه منقطع للعبادة في فترة محددة في مكة –

مثلاً - : فلا يكون بذلك مخالفاً للشرع ، وعلى هذه الأعذار يُحمل ما روي عن بعض الأئمة من ختمهم للقرآن مرتين في اليوم أو مرة في اليوم ، لا أن ذلك كان منهجاً لهم في حياتهم .

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله -
:
وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً ، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر كل ليلة ، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة ، وعن أبي حنيفة نحوه .
... .
وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك

فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر

أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً للزمان والمكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره .

" لطائف المعارف " ( ص 171 ) .

وانظر جواب السؤال بعد القادم

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-16, 16:17   رقم المشاركة : 89
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجب قراءة القرآن بالتسلسل لمن أراد الختمة ؟

السؤال


في رمضان إذا أراد المرء أن يختم القرآن هل يجب قراءة القرآن بالتسلسل ؟ .

الجواب


الحمد لله


أولاً :

يستحب الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان ، فهو شهر القرآن ، قال الله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) البقرة/185.

وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن . رواه البخاري (5) ومسلم (4268) .

وروى البخاري (4614) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن جبريل ( كان يعْرضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً ، فَعرضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ ) .

وهذا يدل على استحباب ختم القرآن ومدارسته في رمضان .

ولذلك كان السلف يكثرون من تلاوة القرآن في رمضان ، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم .

" فكان قتادة رحمه الله يختم القرآن في كل سبع ليال دائما ، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأخير منه في كل ليلة .

وكان إبراهيم النخعي رحمه الله يختم القرآن في رمضان في كل ثلاث ليال ، وفي العشر الأواخر في كل ليلتين .

وكان الأسود رحمه الله يقرأ القرآن كله في ليلتين في جميع الشهر " انتهى من مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص 65 .

ثانياً :

الأفضل قراءة القرآن على ترتيب السور الوارد في المصحف ، وهو الترتيب الذي عرض به جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته .

انظر : "التحبير في علم التفسير" للسيوطي ص 637 .

قال النووي رحمه الله في "التبيان" :

" قال العلماء رحمهم الله : الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف ، فيقرأ الفاتحة ، ثم البقرة ثم آل عمران ، ثم النساء إلى أن يختم بـ ( قُلْ أَعوذ بربِ النَّاس ) سواء قرأ في الصلاة أم خارجاً عنها

ويستحب أيضاً إذا قرأ سورة أن يقرأ بعدها السورة التي تليها ، ولو قرأ في الركعة الأولى : ( قُلْ أَعوذ بربِ النَّاس ) يقرأ في الثانية من البقرة .

ودليل هذا : أن ترتيب المصحف لحكمة ، فينبغي أن يحافظ عليها إلا فيما ورد الشرع باستثنائه كصلاة الصبح يوم الجمعة ، يقرأ في الركعة الأولى :

( ألم تَنزيل ) وفي الثانية : ( هَلْ أتَى ) وصلاة العيدين (قاف) و (اقتربت) .

ولو خالف الترتيب فقرأ سورة ثم قرأ التي قبلها ، أو خالف الموالاة فقرأ قبلها ما لا يليها جاز وكان تاركاً للأفضل ، وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فمتفقٌ على منعه وذمِّه

؛ فإنه يُذهب بعض أنواع الإعجاز ، ويزيل حِكمة الترتيب " انتهى كلام النووي .

وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على عدم وجوب قراءة القرآن مرتباً .

روى البخاري (4993) عن يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ قَالَ : إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ فَقَالَ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرِينِي مُصْحَفَكِ . قَالَتْ : لِمَ ؟ قَالَ : لَعَلِّي أُوَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ

فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ . قَالَتْ : وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ ؟ إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلامِ نَزَلَ الْحَلالُ وَالْحَرَامُ

وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ : لا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ . لَقَالُوا : لا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا ! وَلَوْ نَزَلَ : لا تَزْنُوا . لَقَالُوا

: لا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا ! لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ : ( بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ) وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلا وَأَنَا عِنْدَهُ .

قال الحافظ :

" اَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ هَذَا الْعِرَاقِيّ كَانَ مِمَّنْ يَأْخُذ بِقِرَاءَةِ اِبْن مَسْعُود ,

وَكَانَ اِبْن مَسْعُود لَمَّا حَضَرَ مُصْحَف عُثْمَان إِلَى الْكُوفَة لَمْ يُوَافِق عَلَى الرُّجُوع عَنْ قِرَاءَته وَلا عَلَى إِعْدَام مُصْحَفه . . . فَكَانَ تَأْلِيف مُصْحَفه مُغَايِرًا لِتَأْلِيفِ مُصْحَف عُثْمَان

. ( تأليف المصحف هو جمع سوره مرتبة) وَلا شَكّ أَنَّ تَأْلِيف الْمُصْحَف الْعُثْمَانِيّ أَكْثَر مُنَاسَبَة مِنْ غَيْره , فَلِهَذَا أَطْلَقَ الْعِرَاقِيّ أَنَّهُ غَيْر مُؤَلَّف . . .

قَالَ اِبْن بَطَّال : لا نَعْلَم أَحَدًا قَالَ بِوُجُوبِ تَرْتِيب السُّوَر فِي الْقِرَاءَة لا دَاخِل الصَّلاة وَلا خَارِجهَا

, بَلْ يَجُوز أَنْ يَقْرَأ الْكَهْف قَبْل الْبَقَرَة وَالْحَجّ قَبْل الْكَهْف مَثَلا , وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنْ السَّلَف مِنْ النَّهْي عَنْ قِرَاءَة الْقُرْآن مَنْكُوسًا فَالْمُرَاد بِهِ أَنْ يَقْرَأ مِنْ آخِر السُّورَة إِلَى أَوَّلهَا ,

وَكَانَ جَمَاعَة يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فِي الْقَصِيدَة مِنْ الشِّعْر مُبَالَغَة فِي حِفْظهَا وَتَذْلِيلا لِلِسَانِهِ فِي سَرْدهَا , فَمَنَعَ السَّلَف ذَلِكَ فِي الْقُرْآن فَهُوَ حَرَام فِيهِ . وَقَالَ الْقَاضِي

عِيَاض : وَتَرْتِيب السُّوَر لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي التِّلاوَة وَلا فِي الصَّلاة وَلا فِي الدَّرْس وَلا فِي التَّعْلِيم فَلِذَلِكَ اِخْتَلَفَتْ الْمَصَاحِف , فَلَمَّا كُتِبَ مُصْحَف عُثْمَان رَتَّبُوهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الآن ,

فَلِذَلِكَ اِخْتَلَفَ تَرْتِيب مَصَاحِف الصَّحَابَة ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو كَلام اِبْن بَطَّال "

انتهى من فتح الباري ملخصا .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-16, 16:19   رقم المشاركة : 90
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الاجتهاد في أكثر من ختمة للقرآن الكريم

السؤال

هل يجوز أن أبدأ بأكثر من ختمة في وقت واحد دون الانتهاء من الختمة الأولى ، يعني أن أبدأ بالثانية والأولى معا ، وأختمهما معا ؟؟ وجزاكم الله ألف خير.


الجواب


الحمد لله


القرآن الكريم كلام الله عز وجل ، وتلاوته من أفضل العبادات وأحب القربات ، وكلما أكثر المسلم من تلاوته وقراءته ناله من الأجر العظيم ، والثواب الجزيل .

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ، وَلَامٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ )

رواه الترمذي (2910) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".

وهذا الأجر يحصل لمن قرأ أي سورة من القرآن ، سواء كان ذلك أثناء ختمة مرتبة ، أو في صلاته ، أو في قراءة عارضة له ، لم يراع فيها ختمة معينة .

غير أن الأفضل للتالي أن يتابع ختمته من أول القرآن إلى آخره ، وبترتيب السور في المصحف

وألا يبدأ في ختمة حتى ينتهي من التي شرع فيها قبل ذلك ، وهذا هو هدي السلف في ذلك ، وهو الذي جاء فيه التوقيت في ختم القرآن في شهر أو أقل من ذلك .

ولا ينبغي له أن يخالف ذلك فيشرع في ختمة أخرى إلا لسبب يدعو إلى ذلك ؛ كأن تكون له ختمة في صلاته وختمة أخرى خارج الصلاة ، أو تكون له ختمة نظرا من المصحف وأخرى عن ظهر قلب ،

أو تكون له ختمة حدرا ، يراعي فيها الإكثار من التلاوة ، وأخرى للتدبر والتفقه لا يبالي أن يكون ما قرأ فيها قليلا أو كثيرا ، أو نحو ذلك من الوجوه المعتبرة .

ولقد يُخشى على من يشرع في ختمة أخرى ، بلا مسوغ مقبول ، أن يكون ذلك من استعجاله ، وعدم صبره حتى يتم المحصف إلى نهايته ، إضافة لما فيه من المخالفة لما هو معروف من هدي السلف في ذلك .

ويراجع لمعرفة هدي السلف في ختم القرآن

: " التبيان في آداب حملة القرآن"

للإمام النووي رحمه الله (75-82) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعه القرآن وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc