|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الإمام محمد بن عبد الوهاب...ليس وهابيا
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2012-08-31, 18:10 | رقم المشاركة : 76 | |||||
|
اقتباس:
من طرف ناس استغلو الدين والدعوة من اجل طموح سياسي والسلطلة لا اكثر ولا اقل وهناك دماء كثيرة واعراض مسلمين موحدين انتهكت فوجب توضيح التاريخ والصورة الحقيقية لااكثر ولا اقل
|
|||||
2012-08-31, 18:12 | رقم المشاركة : 77 | |||
|
بعد ان رأينا حقيقة الخلاف بين الاخوين ولعب الجانب السياسي دوره الكبير وطموح السلطة في الخلاف الذي حصل بينهم |
|||
2012-08-31, 18:12 | رقم المشاركة : 78 | |||
|
(الإخوان) وابن سعود من الكويت إلى الرياض أمضى عبد الرحمن بن فيصل آل سعود مع إبنه عبد العزيز، البالغ من العمر ـ حينذاك ـ أحد عشر عاماً، في الكويت عقداً من الزمن، في ظل تحوّلات جيوبوليتيكية إقليمية ودولية، حيث حصل إبن الرشيد على ضوء أخضر من الآستانة لجهة مدّ رقعة دولته لتشمل مناطق واسعة بما في ذلك الكويت، فيما كانت تتشكّل تحالفات سياسية على قاعدة مصالح متبادلة، فوقف العثمانيون إلى جانب إبن الرشيد، ووقف الإنجليز مع آل الصباح، ثم دخول عنصرين دوليين وهما الألمان والروس، يختفيان خلف جبهة الخليج والنزاع العثماني ـ الإنجليزي الدائر في المنطقة. وكان الصراع محتدماً بين الإنجليز والألمان بشأن خط سكة الحديد بين برلين وبغداد، الذي كان ينظر إليه على أنه محاولة لفتح خط سياسي ونفوذ في المنطقة، وكذلك الحال بالنسبة للروس الذين خاضوا حروباً طويلة مع العثمانيين في القرن التاسع عشر وهدّدوا قلب الدولة العثمانية، فكانوا يسعون الى إحداث إختراق في المنطقة، في وقت كان الإنجليز يجهدون من أجل الإنفراد بالسيطرة على إمارات الخليج. في ظل التجاذبات الحادّة بين القوى الدولية، كان ثمة عامل حاسم مشدود إلى نمط التحالفات السياسية القائمة، وأن وجود قوة إقليمية مرتبطة بقوة دولية كفيل بإحداث خلخلة في بنية التحالفات القائمة، بالنظر الى المتغيّرات المحلية والدولية. وكانت علاقة عبد العزيز، مؤسس الدولة السعودية الثالثة، وثيقة بأمير الكويت الشيخ مبارك الصباح الذي كان بدوره يحتفظ بعلاقات وثيقة بالإنجليز، ما اعتبر مفتاحاً لعلاقة إستراتيجية مستقبلية بين إبن سعود والإنجليز، رسّخه وجود عدو مشترك يتمثل في العثمانيين وإبن الرشيد الذي أقام على ماء الحفر في أطراف الكويت بهدف ضمها الى إمارة الرشيد، فاتفق عبد العزيز ومبارك على تصفية جيوب نجد من أسرة آل الرشيد، وطلب الشيخ مبارك من عبد العزيز بالتوجّه نحو الرياض (وقد كان إبن سعود أشد منه رغبة في ذلك وأعظم ميلاً لتحقيق تلك الأمنية)1. وخرج إبن سعود ضمن جيش يقوده مبارك الصباح لمحاربة إبن الرشيد، ثم أصبح على رأس ألف مقاتل، وتظاهر بغزو أطراف بادية الجنوب، وأقام هناك بانتظار نتائج المعارك الدائرة بين قوات إبن الرشيد ومبارك الصباح. وبعد أيام قلائل تحرّك عبد العزيز نحو الرياض، والتقى جيش ابن الرشيد في موقعة الصريف في مارس 1901، فتكبّد إبن سعود هزيمة ساحقة إضطرته للإنسحاب الفوري والفرار إلى الكويت، فتعقّبته قوات ابن الرشيد، ولولا تدخّل المدافع الإنجليزية الموجّهة لقوات ابن الرشيد لوقعت الكويت وأميرها تحت سيطرة إبن الرشيد، وقد يكون إبن سعود في عداد القتلى. في العام التالي 1902، قرر عبد العزيز خوض معركة جديدة ضد إبن الرشيد بهدف إحتلال الرياض، وتكفّل مبارك الصباح بتجهيز قوات إبن سعود، رغم خشيته من طوحات الأخير في بلاده، وهو ما كشف عنه أحد أتباع أمير الكويت وهو يشرح ما يبيّته إبن سعود (كان ـ الشيخ مبارك ـ يعلم أن ابن سعود إذا ما تمّ له ما يريد في نجد أنه سيشرع بتوسيع نفوذه وسلطانه واستئصال شأفة من يقف في وجهه ولو كان مباركاً صديقه وحميمه. كان يعلم هذا منه لأن طبيعة الملك تقتضيه وأطماع الملوك الكبار لا تخرج عن دائرته، ومبارك يعلم أن صاحبه واحد من أولئك..)2. هواجس أسرة آل الصباح تعزّزت بعد احتلال الأحساء عام 1913، حيث فتحت إنتصاراته شهية منفلتة يعزّزها الجيش العقائدي الذي كان يسير وفق تصوّرات عقدية تقوم على تكفير سكان المناطق المجاورة تمهيداً لغزوها واحتلالها. وكان شعار (الملك لله ثم لعبد العزيز) قد أثار مخاوف مبارك الصباح، الذي وقع تحت تهديد مزدوج فاختار مواصلة دعمه لابن سعود من أجل درء خطر داهم ومباشر يمثّله إبن الرشيد، فكان مبارك سخيّاً مع ابن سعود في حربه ضد ابن الرشيد. وذكر عبد العزيز الرشيد (أما مبارك آل الصباح، فكان في تلك الوقائع بين الأميرين ـ إبن سعود وإبن الرشيد ـ هو ركن إبن سعود الأعظم الذي عليه يعتمد، فتراه يبعث إليه الإمدادات بسخاء وكرم ويخرج إليه الحملات الواحدة تلو الثانية والقافلة إثر أختها تحمل الأطعمة تارة والذخيرة أخرى، وفوق ذلك فإن مباركاً كان يرسم الخطط الحربية له، وهو في مدينته، فانتصار إبن سعود إذاً على إبن الرشيد هو انتصار لمبارك على خصمه وتنفيذ لخططه التي رسمها..)3. وسار إبن سعود الى الرياض على رأس سريّة، وهبط فيها ثم تسلّق هو وأتباعه البالغ عددهم 64 رجلاً في ليلة الخامس من يناير سنة 1902، بيت إمرأة من أقاربه وكان مجاوراً لقصر ابن عجلان، أمير الرياض من قبل إبن الرشيد، ففزعت النساء لطرق الباب ليلاً. سألت إحدى النساء من خلف الباب عن هوية الطارق، فتظاهر ابن سعود بأنه يريد من زوجها، جويسر، شراء بقر للأمير في صباح الغد، فرفضت فتح الباب، وقالت له: لا يطرق باب النساء في الليل إلاّ فاسد، فهدّدها إبن سعود بابن عجلان وأنه سينتقم من زوجها إن لم تفتح له الباب، فاضطّرت لفتحه مرغمة، فهجم إبن سعود وأتباعه، وتعالت صيحات النساء، وهدّد إبن سعود صاحب البيت، جويسر، بالقتل إن لم يلتزم الصمت، وتسلل إبن سعود وأتباعه الى غرفة نوم إبن عجلان، فاقتحمها، ووجد زوجته لؤلؤة بنت إبن حماد وأختها نائمتين، ففرّتا من الفراش، فيما بادر عبد العزيز إلى السؤال عن إبن عجلان، فأجابت زوجته أنه في القصر ومحاط بالحرس. فانتظر إبن سعود حتى الصباح، وعند طلوع الشمس خرج الأمير ابن عجلان، قاصداً بيته فلحقه إبن سعود، ولكن ابن عجلان ولّى هارباً، فرمقه رجال ابن سعود ولحقوا به فوقع في قبضة إبن سعود، فرماه وأراده قتيلاً، وتمكّن من احتلال الرياض في عيد الفطر سنة 1319هـ. بدأ عبد العزيز في تعزيز سيطرته على الرياض، استعداداً لشن سلسلة من الغزوات على المناطق الخاضعة تحت سيطرة إبن الرشد، فخاض حرباً ضد الأخير في موقعة البكيرية والشنانة سنة 1904، ونجح في فرض سيطرته الكاملة على منطقة نجد، ما دفع الأتراك للدخول معه في مفاوضات والتي نصّت على أن يعترف الأتراك بسلطان عبد العزيز على نجد، في مقابل إبقاء مستشارين أتراك فيها، إلا أن عبد العزيز وبعد موافقته على شروط المفاوضات أقدم على خرقها، وشنّ حملة عسكرية على مدينتي عنيزة وبريدة وفرض سيطرته عليهما. وكان إندلاع تمرد في اليمن قد ساعد إبن سعود على مواصلة عملياته العسكرية وتعزيز وجوده في القصيم، ما أدى الى استعانة الأتراك بقوّاتهم المرابطة في القصيم بهدف قمع التمرد في اليمن، وتثبيت سلطانهم، وأدى ذلك الى تجدّد المواجهات العسكرية بين ابن سعود وابن الرشيد، وانتهى بموقعة (روضة المهنا) سنة 1906، قتل فيها إبن الرشيد عبد العزيز بن متعب، وتمكن بذلك من فرض هيمنته على نجد والقصيم4. أشعل إنتصار إبن سعود في مركز سلطته تطلّعاً مختمراً منذ سنوات، حيث قرر احتلال الأحساء بوصفها إمتداداً جيواستراتيجياً لمنطقة نجد. وكما في الدورين الأول والثاني من التاريخ السياسي السعودي، فإن سقوط نجد تحت سلطة حاكم نجد، يفضي بالضرورة إلى تمهيد الطريق نحو سقوط الأحساء بالقوة، فقد تحوّلت الأخيرة إلى عمق إستراتيجي لا غنى عنه بالنسبة لحكّام نجد. وجاءت الظروف السياسية الإقليمية لصالح إبن سعود كيما يحقّق طموحه العسكري في احتلال الأحساء، بعد أن اندلعت شرارة الحرب بين الأتراك والطليان في طرابلس بليبيا سنة 1913، واضطرت الدولة العثمانية أن تكرّس جهودها لمواجهة الإحتلال الإيطالي، وأفسح ذلك في المجال أمام إبن سعود لاستثمار هذه الفرصة التاريخية بصورة فورية. وفي مطلع عام 1913، هجم عبد العزيز وجنوده على الأحساء بعد أن أطلع الضابط الإنجليزي ليتشمان على خطته لترتيب أوضاع المنطقة بين الطرفين بعد السيطرة عليها، فدخل إبن سعود الأحساء وثبّت أقدامه فيها، ثم فرض تدابير إدارية لضبط السيطرة على المنطقة. كتب إ.فاسيلييف (عيّن عبد العزيز عبد الله بن جلوي حاكماً للأحساء وأخذ هذا ينكّل بنشطاء الشيعة دون رحمة وخصوصاً في القطيف)5. فيما فرض إبن سعود الضرائب الباهظة على الأهالي، واستخدام الأحساء كمورد منظم للدولة بواسطة الرسوم الجمركية6. الأخوان.. وظيفة مزدوجة نشأت حركة الإخوان بعد تأسيس أولى المستوطنات في شهر ديسمبر 1912 في الأرطاوية التابعة لقبيلة مطير، بقيادة الشيخ عبد الكريم المغربي. يقول عنه ديكسون (كان المعلم الأكبر لفالح باشا السعدون شيخ المنتفك..وأصبح بعد ذلك معلّماً لمزعل باشا السعدون والد إبراهيم بيك السعدون، وعندما ترك عبد الكريم خدمة مزعل باشا غادر العراق إلى نجد حيث أظهر نفسه كمعلّم ومصلح ديني في مدينة الأرطاوية التي كانت وكراً صغيرة للوهابية..)7. ونشطت حركة الإخوان في الأرطاوية، وتحوّلت الى حركة عسكرية تحت قيادة المغربي، ثم تسلّمها فيصل الدويش، زعيم قبيلة مطير، وشنّت غارات متلاحقة على المناطق المجاورة، ورفضت الخضوع لأية سلطة مركزية. تنبّه إبن سعود لحركة الإخوان كقوة عسكرية وأنها قد تتحوّل إلى مصدر تهديد لسلطته في نجد، وتأكّد بعد إستيلائه على الأحساء أن الإخوان باتوا قوة ضاربة ليس من السهل الإصطدام بها، حيث أبدوا تفانياً في المعارك، فكان حيال هذه الحركة المتصاعدة أمام خيارين: إما القضاء عليها، وهذا ينطوي على كلفة باهظة فضلاً عن إحتمالات فشل الخيار، أو إحتوائها والإفادة منها وتوظيفها في مشروعه العسكري المتمدد، وهذا يتطلب تبني أيديولوجية دينية، ورفع الشعارات السلفية التي يعتنقها الإخوان. بدأ ابن سعود يتظاهر بالإلتزام بالتعاليم الوهابية، وقرر إرتداء لباس الإمامة وخلع لباس السلطنة، ريثما يحقق أغراضه من القوة العسكرية الناشئة والفتّاكة. وفي عام 1916، وجّه إبن سعود نداءً الى قبائل نجد للإنخراط في صفوف الحركة الجديدة، ودفع الزكاة له بصفته إمامهم الشرعي8. أطلع إبن سعود قادة (الإخوان) على خططه السياسية التي أسبغ عليها طابعاً دينياً بهدف إقناعهم بها، وعرض عليهم فكرة الإشراف على هجر قبائل نجد التي كان ينوي عبد العزيز إقامتها، ورغم إعلان (الإخوان) الرفض المتكرر لعروض إبن سعود، غير أنه تمكّن بدهاء من إقناعهم، بنفس الطريقة التي إنتزع فيها إعترافاً بإمامته عليهم. من جهة ثانية، عمد إبن سعود الى تذويب كيان الأخوان وتفتيته عبر النداء الذي أطلقه للقبائل لجهة الإنضمام الى الإخوان، حينما بدأ في خطة إقامة الهجر على غرار هجرة الإرطاوية، سعياً وراء إضعاف الروابط القبلية، حيث بلغ عدد الهجر نحو 220 توزّعت على مناطق نجد والحجاز وشملت المناطق الشمالية المحاذية للأردن. كان ابن سعود ينظر إلى قبيلة العجمان كقوة منافسة ومصدر تهديد لحكمه، ولذلك (كان ينوي نقل قبيلة العجمان من منطقة الأحساء الساحلية ـ موطنها الأصلي ـ إلى نجد حيث يقسّمها إلى أقسامها العشرين التي تتألف منها ويضع كل قسم في حاضرة من حواضر الإخوان وذلك لكي يشتت شملها)9. وبالفعل، نجح إبن سعود في إخضاع العجمان سنة 1919، وتوزيعهم على الحواضر واعترفوا به إماماً عليهم، وعادوا الى مقاطعات نجد، وهناك تلاشت قوتهم وذابوا في كيان الإخوان. طلب عبد العزيز من القبائل الإنتقال من منطقة إلى أخرى لجهة الإشتغال بالزراعة والفلاحة، بهدف تفتيت القبائل وإبعادها عن بعضها، وخلطها في حواضر قبائل أخرى لتذوب ويتشتت شلمها، ومن هنا جاءت فكرة الهجرة. كتب عسّه (أقام عبد العزيز في حياته ما ينوف عن مائة وإثنين وعشرين 'هجرةب، وكانت كل هجرة منها لفخذ من قبيلة، وكان سكّان هذه 'الهجرب يدعون الإخوان ويميّزون أنفسهم بعصابة يلفّونها على رؤوسهم بدل العقال التقليدي)10. وهي ذات العصابة التي يرتديها زعيم القاعدة إبن لادن وأفراد الشبكة في المناطق التي تعمل فيها، حتى باتت إحدى العلامات الفارقة لهذا التنظيم. وقد اختلف الباحثون في التاريخ السعودي في تحديد غرض إبن سعود من الهجر. يرى جلال كشك بأن الهجر كانت تعني (الهجرة من دار الشرك، من التعلق بالمجتمع المشرك من كل ارتباط وكل القيود التي تربط المهاجر بالمجتمع المرفوض، فيحمل إيمانه وينطلق خفيفاً فرحاً مؤمناً متحرراً إلى الله ورسوله..إلى 'يثربب الجديدة إلى أرض الإيمان..إلى دار الهجرة..إلى الأرض المحررة إلى الجهاد..إلى 'الهجرب..ومنها ينطلق إلى تحرير العالم ونشر تصوّره للمجتمع المثالي الذي يحقق خير الدنيا والآخرة)11. أما العطار فيعتقد بأن (الهجرة هنا أرض يخططها الحاكم للبدو، ويقطعهم إياها للسكنى والعمارة، حتى تكون كالقرى والمدن الثابتة. ومعنى الهجرة الإنتقال من أرض إلى أرض، أما في الإسلام فالإنتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، ويجوز هنا حمل المعنى على الإصطلاح اللغوي، فقد نقل هؤلاء البدو إلى أرض يستوطنونها، بأسرهم تكون لهم بمثابة المدن للمتحضّرين)12. أما محمد المانع (المترجم في ديوان إبن سعود) فكتب ما نصه (في سنة 1912م ـ 1330هـ وكجزء من محاولة حل مشاكله قام إبن سعود بإحياء مبادىء التطهّر التي في الحركة الدينية التي بدأها عبد الوهاب في القرن الثامن عشر. وهدف الحركة هو توحيد القبائل في خدمة الله. وكانت فكرة الأمير العظيمة هي تشجيعهم على إنشاء مستوطنات دائمة، ومن هذا الإحياء لتعاليم الوهابية، وانبثقت الحركة الدينية المعروفة بالإخوان..)13. ما يجمع عليه الباحثون أن إبن سعود لم يرفع الشعار الديني إلا في سنة 1915، وبصورة محددة بعد بروز الإخوان كقوة عسكرية في معركة جيراب سنة 1914، وهي المعركة التي أعلت من صيت الإخوان، وراعت إنتباه إبن سعود، وأن نداءه للقبائل عام 1916 كان لجهة إحتواء هذه الحركة وإخضاعها لمشروعه السياسي، بعد زجّها في الهجر. وكان إلتزام الإخوان بالتعاليم الوهابية فرض على إبن سعود إعتناق أيديولوجية وهابية من أجل شرعنة سلطته واستقطاب زخم شعبي لمشروع سياسي ليس قابلاً للنجاح دون توفير مسوّغات دينية تعلو فوق الإنتماءات التقليدية القبلية. أما عن التعاليم الدينية التي تربى عليها الإخوان، فيصف أمين الريحاني غلو الأخوان قائلاً (وهم في غلوهم يعتقدون أن من كان خارجاً عن مذهبهم فليس بمسلم، فيشيرون إلى ذلك في سلامهم بعضهم على البعض..السلام عليكم يالإخوان، حيا الله المسلمين، وإذا سلّم عليهم سني أو شيعي فلا يردّون السلام)14. وكان يستحوّذ عليهم شعور مغالى فيه، فيما كان كثير من مفاهيمهم الدينية بدائية وتقارب الغلو. وبلغت درجة التعصب الديني لدى الإخوان أنهم وضعوا (في كل مسجد بالرياض جريدة بأسماء الذين يصلّون فيه يقرأها الشيخ كل يوم صباح مساء، فإذا كان أحد غائباً يزوره وفد من الإخوان في بيته..إما إذا تغيّب عن الصلاة ثانية بلا سبب فيعظونه ويوبخونه، وإذا كرر فعلته فيبسطونه لا محالة ويعملون في ظهره النخل والخيرزان)15. وقد وصف الشاعر بولس سلامة (الإخوان) في أبيات من الشعر جاء فيها: حسبوا الحقد والتعصّب دينا أيُ دينٍ يبقى مع البغضاءِ يا غلاةَ الإخوان ضيقتم الدين وزغتم عن منهج الحنفاء ما رأيتم منه سوى الكبت والحقد وإبداء نقمة وازدراء وانتقاصاً من الشوارب والثوب وميلاً بغزوةٍ وعداءِ قد عرفناكم جنود مليك فمتى صرتم جنود السماء شهداء للجهل كم من غبيِ مات من أجل فكرة جوفاءِ عبثاً تطلب الشراب طهوراً أن يك الخبث من كيان ومازاد في درجة التزمّت لدى الإخوان قيام عبد العزيز بإنشاء مدارس دينية إلى جانب الهجر بهدف إستيعاب الإخوان، وكلّف آل الشيخ إبن عبد الوهاب بمهمة إدارة المدارس وترسيخ التعاليم الوهابية بما ينسجم وطموحات عبد العزيز. كتب الشيخ حافظ وهبة (لقد تشرّب هؤلاء كثيراً من المبادىء والتعاليم واعتقدوا أنها هي الدين وما سواها ضلالة كما أساءوا الظن بغيرهم من حضر نجد.. وكان كثير منهم يعتقد أن لا إسلام لمن لم يسكن الهجر مهما كانوا عليه من الإسلام، وترك شرور البادية وعوائدها. فلا يبدأون غيرهم من هؤلاء بسلام ولا يردون عليهم السلام ولا يأكلون ذبائحهم، وذنب هؤلاء عدم الهجرة..وكانوا يعتقدون أن الحضر ضالون وأن غزو المجاورين واجب وأنه ألقي عليهم هذا الواجب من قبل الله فلا يسمعون كلام أحد في منع الغزو..)16. أفاد إبن سعود من عقيدة الإخوان في تحقيق أهدافه السياسية، فقد أصبحوا، تحت تأثير المحرّضات الأيديولوجية على تكفير ومن ثم غزو الآخر، جيشاً عقائدياً يقوده إبن سعود. كان الإخوان في توق عارم من أجل شن الحروب على من يصنّفونهم في خانة الكفار، وهو وصف يصدق، في نظرهم، على كل من ليس منضوياً في مجتمع (الإخوان)، وبذلك أصبحوا سلاحاً في يد إبن سعود يستطيع أن يشهره في وجوه أعدائه17. ونجح إبن سعود في صوغ ذهنية الإخوان بما جعلهم أداة فعّالة في تنفيذ مآربه السياسية، وتحولوا إلى شوكة إبن سعود أيام الحروب18. ولعب التصويّر الديني لحروب إبن سعود في شحن حماسة الإخوان لخوضها بشراسة، حتى وصفهم أهل الحجاز والعراق بالذئاب (يذبحون ويحمدون الله. يسلبون وينهبون ويكفّرون من لا يقتدي بهم. يشنّعون بالقتلى في الحرب ويرتكبون الفظائع ما تقشعّر منه الأبدان)19. وساهمت التعبئة المذهبية في تأجيج غريزة القتال، واقتراف مجازر دموية في سبيل توسعة رقعة سيطرة إبن سعود، فكانت تتزايد الوقعات ويتزايد عديد القتلى كلما توسّعت سيادة إبن سعود20. وقد اشتهرت شعارات كان يتغنى بها الإخوان في مسيرهم للقتال منها (أنا خيال التوحيد أخو من طاع الله)، و(هبّت هبوب الجنة وين إنت يا باغيها)، وقيل أنهم رفعوا شعار (من عادى آل سعود يعادي الله، فخذ عدو الله بعهد الله واغدر به). فيصل الدويش.. الحليف المنافس نقل ديكسون في كتابه (عرب الصحراء) توصيفاً لشخصية فيصل الدويش، من وحي العلاقة الشخصية التي ربطته به، وكان يرى فيه (ملكاً حقيقياً بين البدو)، على أساس شخصيته الكاريزمية وسط قبائل مطير، وأيضاً دوره الفريد في مساعدة إبن سعود للوصول الى السلطة والشهرة، وهو الذي إحتل المدينة المنوّرة وسلّمها لابن سعود، وقد تنبّه إبن سعود في مرحلة مبكرة لخطورة الدويش، الذي اعتبره المنافس الأكبر لحكمه، حتى قال عنه أنه لو لم أكن أنا الملك، فإنك ستكون مكاني. كان الدويش صانع الإستراتيجيات والإنتصارات العسكرية لابن سعود، وكان رجال مطير يعتبرونه بطلاً عظيماً وقائداً. سحر الدويش كان طاغياً على رجال الإخوان وحتى على قوات إبن سعود الى حد أنه حين جيء به إلى معسكر إبن سعود خلال معركة السبلة، كان كل شخص في معسكر الملك حريصاً على إلقاء نظرة عليه، ويقول مترجم الملك: فرغم أن الدويش كان عدوّنا إلا أنه كان له سحره الخاص، الذي لا يفوقه إلا سحر الملك شخصياً. وقد وصفه إبن عثيمين في قصيدة حول فتح حائل سنة 1921 بأنه: وزير إمام المسلمين الذي له مشاهد فيها معطس الفسق يرغم وكتب ديكسون بأن رجال عشيرته يحبونه حباً يشبه العبادة، ويقول بأنه التقى به في الحادي والثلاثين من أغسطس 1929، خلال تمرّد الإخوان على إبن سعود، إثر قيام الدويش باجتيار الحدود مع جميع القوات المتمرّدة من قبائل مطير والعجمان وخيّموا حول آبار الصبيحية في الأراضي الكويتية. وبلغ عدد الخيام التي نصبوها نحو 3 آلاف خيمة، فيما بلغ عدد الإبل المرافقة نحو مائة ألف. وفور وصول أنباء دخول الدويش وقواته حدود الكويت، أرسل ممثل التاج البريطاني في الكويت تحذيراً عبر ديكسون لفيصل الدويش يطالبه بالإنسحاب من حدود الكويت خلال ثمان وأربعين ساعة، وإلا فإن قوات الطيران الملكية البريطانية المرابطة في الشعيبة (البصرة) ستمطره هو ورجاله بالقنابل. ويروي ديكسون قصة لقائه بالدويش بما نصه: فركبت سيارتي واتجهت إلى (ملح) حيث طلبت من فيصل الدويش أن يقابلني وكان أمير الكويت قد حذرني بشدة من الذهاب للقائه خشية أن يغدر بي، وفي اللحظة الأخيرة تبعني شيخ الكويت مع أربعة من عبيده، حتى إن أصابني شر، كما قال يصيبه ما يصيبني، وصل فيصل الدويش إلى المكان الذي تواعدنا فيه على اللقاء بمصاحبة كبار رجال الإخوان وهم فئة من الرجال المتعصبين الأشداء الذين كان فيصل يسيطر عليهم سيطرة تامة، وبعد أن أطلعته على الإنذار الذي أحمله أضفت بأنني قد أقنعت قائد القوات الجوية البريطانية أن يتوقف عن الضرب لمدة يومين خوفاً على حياة النساء والأطفال الذين كانوا يرافقونهم، ورجوت فيصل الدويش أن يعطيني كلمة شرف بأن ينسحب عبر الحدود خلال المدة المحددة حرصاً على سلامة النساء والأطفال. ظل فيصل الدويش متردداً ساعة كاملة، محتجاً بأنه لا يوجد أي خلاف بينه وبين الحكومة البريطانية وأنه هو وقومه كانوا من رعايا دولة الكويت السابقين. وبعد أن حان وقت صلاة المغرب، أمّ قومه وبعد إنتهاء الصلاة استدار وهو لا يزال على ركبتيه وقال لديكسون: أعد بشرفي أن أفعل ما طلبته مني، إذهب بسلام. يقول ديكسون (شعرت عندها أنني كنت في حضرة زعيم حقيقي للصحراء ولم أعد أرى فيصل الدويش ثانية إلى حين استسلامه في الجهراء بعد خمسة أشهر، أي في الثامن من يناير 1930م، عندما شققت طريقي من خلال قنابل القوات الجوية البريطانية التي كانت تنفجر من حول مخيمه ورجوته أن يستسلم خلال ساعتين للقوات الجوية الملكية البريطانية وأن لا يحاول اختراق طوق الحصار كما كان ينوي أن يفعل ويحاول التفاهم مع القوات السعودية التي كانت تربض في انتظاره على الحدود الجنوبية للكويت، وكان موقفه يائساً فقد كانت طائرات السلاح الجوي البريطاني والقوات البرية تطارده لعبوره حدود الكويت مخالفاً بذلك أوامر ممثل صاحب الجلالة ملك بريطانيا، وكان أمله بالنجاة ضئيلاً، أطاع فيصل نصيحتي مع أن أحداً غيري وغيره لم يكن يعرف الدور الذي لعبته في الموضوع وانطلق بعد وداع مؤثر إلى معسكر قائد السلاح الجوي الملكي البريطاني وقائد القوات المرابطة في العراق نائب مارشال سلاح الجو الملكي البريطاني السير س.س. بيرنت الذي كان يدير العمليات وسلّمه سيفه، وقبل نقل فيصل إلى البصرة بالطائرة كسجين في آخر النهار عهد بزوجته وأخواته الثلاث وطفليه الصغيرين وسبعة وعشرين من قريباته الإناث، ونزل الجميع ضيوفاً علي في الكويت ما يزيد عن شهر كامل إلى أن أرسل الملك عبدالعزيز آل سعود الشاحنات والخدم لنقلهم إلى عاصمته، وقد قدّر لي الملك صنيعي وأرسل يشكرني بحرارة على ما فعلته. وقد وجه لفيصل الدويش الكثير من النقد الجارح وأحيانا عبارات الذم المريرة وبخاصة من الناس الذين قاسوا على يديه من سكان العراق. يقول ديكسون بأن خلافاً وقع بين الدويش وإبن سعود، لأن الأخير كان يحمل أفكاراً جادة ولم يستطع أن يرى الأمور من وجهة النظر السياسية، وكان يلعب لعبة خطرة ومزدوجة بإقامة علاقات ودية مع الإنجليز الكفرة ، ولم يستطع التوفيق بين سياسة ملكه وبين العقيدة الوهابية الصارمة كما يفهمها ويدعو إليها الإخوان21. لم يكن بإمكان عبد العزيز بن سعود القضاء على فيصل الدويش دون مساعدة بريطانيا والكويت والعراق وقبائل سعودية مثل قحطان وعتيبه، الذين انقلبوا عليه بفعل قلة خبرته السياسية واعتماده القوة العسكرية خياراً وحيداً في الصراع، وهو ما كان يميّز إبن سعود الذي وظّف كل خصوم الدويش بمن فيهم الإنجليز لتصفية التمرد بقيادة الدويش22. معركة السبله بدت الخلافات بين الملك عبد العزيز والإخوان منذ توقّف مشروع الغزو وإقامة الدولة وفق المعادلات الدولية. وبدأ مسار القطيعة بين الإخوان وإبن سعود، حيث أثار قادة الإخوان ملاحظات نقدية منها: إرسال إبن سعود إبنيه سعود وفيصل الى كل من مصر وبريطانيا على التوالي، باعتبارهما بلاد كفر، فيما كان عبد العزيز يدشّن لعلاقات خارجية دولية، واستخدامه للتلغراف واللاسلكي، بوصفها بدعاً، والسماح للقبائل العربية في العراق بالرعي في منطقتي نجد والحجاز، وعدم إرغام سكان الإحساء على إعتناق الوهابية، وعدم تولية كل من فيصل الدويش إمارة المدينة المنورة، وسلطان بن بجاد مكة المكرمة. ورغم محاولات عبد العزيز لجهة إمتصاص نقمة الإخوان بوساطة العلماء الذين كتبوا إليهم موضّحين ومحذّرين من مغبة الخروج على ولاية أمر إبن سعود، ومن ثم إنعقاد مؤتمر الرياض في 5 نوفمبر 1928 من أجل التوصّل إلى توافق مع قادة الإخوان، ولكن الدويش لم يقنع بجديّة بنود البيان الصادر عن المؤتمر، فقرر العودة الى التمرّد، فأمر عبد العزيز بتعبئة عسكرية مستعيناً بالدعم الإنجليزي. وقبل يوم من بدء المعركة، حاول عبد العزيز إعتماد الخيار الدبلوماسي والتفاوضي من أجل احتواء الإخوان بقيادة الدويش، وربما كان إبن سعود ينتظر وصول الإمدادات العسكرية الانجليزية ما دفعه لتمرير وقت كافٍ قبل بدء المعركة. حضر الدويش الى معسكر الملك عبد العزيز، كتبت جريدة (أم القرى): وآخر الأمر قدم إلى جلالته فيصل الدّويش، ليفاوض جلالته بالعفو والصفح عن المجرمين. فأعطاه جلالته أماناً على رقابهم وأموالهم، وأن يحكم الشريعة في أعمالهم، فسار الدّويش على أن يرسل الجواب من ليلته فلم يرسل. فشلت المحادثات بين الطرفين، وفي صبيحة الخامس من مارس 1929 إلتقى الجيشان في السبله، وكان جيش عبد العزيز متفوّقاً من ناحية التجهيز العسكري، فكان يمتلك رشاشات جديدة من البريطانيين بعكس جند الدويش وبن بجاد، وكان ذلك مؤشراً على نتائج المعركة التي انتهت بهزيمة جيش الإخوان، وأصيب الدويش في المعركة ونقل عن أرض المعركة إلى الأرطاوية، فيما كان عناصر جيش الدويش يتساقطون بين قتيل وجريح وأسير. أما هجرة الغطغط التي هرب إليها سلطان بن بجاد، فأرسل إبن سعود كتاباً إليه يطلب فيه تسليم نفسه وجميع من معه، وحين رفض أمر عبد العزيز بتدمير الغطغط بالكامل، فاستسلم بن بجاد في شقراء وأمر بسجنه بالرياض، ثم نقل الى سجن بالإحساء وبقى فيه حتى موته سنة 1934م 23. 1 عبد العزيز الرشيد، تاريخ الكويت، ص 173 2 المصدر السابق ص 209 3 المصدر السابق ص 175 4 د.مديحة درويش، تاريخ الدولة السعودية، ص 81 5 إليكسي فاسيلييف، تاريخ العربية السعودية، ص 275 6 مديحة درويش، تاريخ الدولة السعودية، ص 82 7 ديكسون، الكويت وجاراتها، ص 253 8 جمال زكريا قاسم، الخليج العربي دارسة لتاريخ الإمارات العربية 1840 ـ 1914، ص 90 9 ديكسون، الكويت وجاراتها، ص 254 10 أحمد عسّه، معجزة فوق الرمال، ص 64 11 جلال كشك، السعوديون والحل الإسلامي، ص 556 12 عبد الغفور العطار، صقر الجزيرة، ص 13 13 محمد المانع، الجزيرة تتوحّد، ص 559 14 أمين الريحاني، ملوك العرب، ص ص 569 ـ 570 15 المصدر السابق ص 564 16 حافظ وهبة، جزيرة العرب في القرن العشرين، ص 312 17 محمد المانع، توحيد المملكة العربية السعودية، ص 112 18 أمين الريحاني، ملوك العرب، ص 571 19 الريحاني، ملوك العرب، ص 511 20 أمين الريحاني، تاريخ نجد الحديث، ص 64 21 أنظر: ديكسون، عرب الصحراء، ترجمة سعود الجمران، الطبعة الأولى ، عام 1997م، ص 476 ـ 477 22 أنظر: محمد جلال كشك، السعوديون والحل الإسلامي، تكساس، 1982 23 أنظر: خير الدين الزركلي، شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز، بيروت 1970، أمين الريحاني، تاريخ نجد وملحقاتها، بيروت 1981، عبد الله العثيمين، تاريخ المملكة العربية السعودية، ج2، ط3 1997 |
|||
2012-08-31, 18:20 | رقم المشاركة : 79 | |||
|
الانجليز عرفوا ان هذه الحركة متطرفة متشددة تضرب يمينا وشمالا لا تفرق بين المسلم وغيره |
|||
2012-08-31, 18:21 | رقم المشاركة : 80 | |||
|
سهل جدا ان تنثرو ا كلاما وافتراءا هكذا ... |
|||
2012-08-31, 18:30 | رقم المشاركة : 81 | |||
|
يبدو انك نسيت انك في قسم اسلامي فأنزع الصور وكفاك استهتار بشرع الله |
|||
2012-08-31, 18:51 | رقم المشاركة : 82 | |||
|
[QUOTE=mazour;11406566](الإخوان) وابن سعود |
|||
2012-08-31, 19:53 | رقم المشاركة : 83 | |||
|
إشكالية المرجعية بين الأمة والدولة وبالرغم من أن التحالف كفل للأميرمحمد بن سعود وأبنائه حقوقاً سياسية، فيما ضمن للشيخ محمد بن عبد الوهاب وسلالته سلطة دينية، فإن العلماء الوهابيين مارسوا دوراً فاعلاً في الشؤون العامة. فقد حظي الشيخ إبن عبد الوهاب، على سبيل المثال، بسلطة مطلقة لإعلان الحرب والسلام، فيما كانت القرارات الصادرة عن محمد بن سعود وخليفته عبد العزيز بأمر منه. واستمرت هذه الحالة حتى بعد فتح الرياض سنة 1773، حين نقل الشيخ إبن عبد الوهاب جزءً من السلطة الى الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود، إلا أنه كان يعمل بموجب توجيهات الشيخ وتعليماته. في مواجهة ذلك، فإن التعاليم الوهابية تشدد على أن طاعة الحكّام فريضة دينية وأن من يخرجون عليهم هم عصاة. وقد حشد علماء الوهابية الزخم الشعبي لترسيخ الحكم السعودي، حيث أملوا على العامة واجب دفع الزكاة لمؤسسة خاصة. وكانت الأخيرة توفد فرقة من جامعي الزكاة مصحوبة بحرّاس مسلّحين الذين يجوبون المناطق بصورة منتظمة لجمع الزكاة. كما وأمر الشيخ إبن عبد الوهاب بتطبيق صارم للشريعة، وخصوصاً في مجال الحدود. من نافلة القول، يختزن هذا الجزء من الشريعة دلالات سياسية واضحة، بمعنى أنه ساهم في إخضاع المجتمع بوصفه ـ أي قسم الحدود والتعزيرات ـ يمثّل خطوة جوهرية من أجل تأمين هيمنة الدولة. في الدولة السعودية الأولى، أوفد الشيخ ابن عبد الوهاب ثلاثين عالماً الى مكة في عهد الشريف مسعود بن سعيد (1733 ـ 1752) للتبشير بالدعوة الوهابية. وحين علم إبن عبد الوهاب بأن الوفد تعرّض للإهانة والإعتقال، أصدر أمراً عاجلاً بإعلان الحرب ضد الحجاز. وبناء على حكم ديني، فإن سكّان الحجاز منحرفون عن الإسلام، الأمر الذي دفع بالقوات الوهابية ـ السعودية لغزو الحجاز سنة 1746. وقد أنكر الشيخ إبن عبد الوهاب شكل الإسلام السائد في الحجاز كونه مطبّقاً من قبل الحكم العثماني، والذي اعتبره غير شرعي. في الإدارك الوهابي، لقد حان الوقت لاستعمال القوة لتحقيق ما فشل الإقناع السلمي في تحقيقه. هذه التجربة تلفت إلى أفق تيولوجي أوسع، حيث تدرج كل المسلمين تقريباً سواء ضمن تخوم الجزيرة العربية أو خارجها ضمن نطاق الاستهداف العقدي والعسكري. وهذه الرؤية الأيديولوجية مثّلت أداة التعبئة عبر التاريخ السياسي السعودي، حيث خضع كثير من المناطق بصورة سلمية للغزاة الوهابيين هرباً من الموت، كما جرى في مناطق من الجزيرة العربية. وعموماً، يمكن المجادلة بسهولة بأن توحيد نجد مدين للعقيدة الوهابية التي نجحت في صوغ رابطة علوية تستوعب، وفي الوقت نفسه، تتجاوز خطوط الإنتماء التقليدية في نجد. فقد أمدّت الوهابية الروابط القبلية النجدية بإحساس متجاوز بالفخر، يحوي بداخله كل الروابط، ويخلق نظام معنى مستمد من التراث المشترك، الديني. وكان تعزيز دور الدين في نجد قد نجح في تحقيق إنجاز تاريخي لافت، والذي فشلت القوى الإجتماعية الأخرى في تحقيقه. فقد أنتجت العقيدة الوهابية رسالة جديدة، وتطلعاً مشتركاً، ورؤية كونية جماعية، تلهم القبائل النجدية قاطبة. وفي الدولة السعودية الثانية، كتب الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رسالة الى المير فيصل بن تركي، جاء فيها: إعلم إن الله أنعم علينا وعليكم وعلى كافة أهل نجد بدين الإسلام، الذي رضيه لعباده ديناً، وعرفنا ذلك بأدلته وبراهينه، دون الكثير من هذه الأمة، الذي خفى عليهم ما خلقوا له، من توحيد ربهم، الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه.. وقد وقع أكثر من أنعم الله عليهم بهذه النعمة، في التفريط في شكرها، بالغفلة عنها، والتهاون بها، وعدم الرغبة فيها، والإشتغال بما يشغل عنها، من الرغبة في الدنيا..وبسبب الغفلة عن هذه الأمور الواجبة، وقع كثير من الناس في أشياء مما لا يحبه الله ولا يرضاه، كما لا يخفى على من نظر بنور الله..). وفي رسالة أخرى، لفت الشيخ إنتباه الأمير الى أن (أهل الإسلام ما صالوا على من عاداهم، إلا بسيف النبوة، وسلطانها، خصوصاً دولتكم، فإنها ما قامت إلا بهذا الدين، وهذا أمر يعرفه كل عالم). وفي أعقاب غزو مكة في أبريل 1803، كتب الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رسالة الى سعود الكبير وصف فيها أهل دعوته بالقول (أما بعد، فنحن معاشر غزو الموحّدين). وصوّر غزو مكة بالقول (أنعم الله علينا بغزو مكة يوم السبت الثامن من محرم سنة 1218هـ (= 29 أبريل 1803)، بعد مناشدة وجهاء وعلماء مكة وكافة أهلها من أمير الغزو بالعفو والأمان). ويبدو لافتاً إسقاط تجربة النبي محمد صلى الله عليه وسلم خلال فتح مكة في السنة التاسعة للهجرة على تجربة غزو مكة من قبل الجيوش الوهابية السعودية، حيث يقول الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد إبن عبد الوهاب (عفا الأمير عن من كانوا بالمسجد الحرام، ثم دخلنا وكان شعارنا التلبية، مؤمّنين، وملحّقين رؤوسنا أو مقصّرين، لا نخشى أحداً من الخلائق، إلا من رب يوم الدين. وبعد إداء شعيرة العمرة، جمعنا الناس ضحى، وطلب الأمير من العلماء بالتسليم لما طلبنا الناس به وقاتلناهم لأجله، وهو التسليم الخالص لله..الخ). ومنذ أسبغ الشيخ محمد بن عبد الوهاب معنى دينياً على الغزوات، بات أنصاره مجهّزين بسلاح حيوي، من أجل تعزيز النزعة التوسّعية للسلطة السعودية. وبحسب المؤرخ الوهابي إبن بشر، فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رفع راية الجهاد بعد أن كانت حروباً وغزوات. ولذلك، فإن القبائل النجدية تعهّدت للشيخ إبن عبد الوهاب وعبد العزيز بن محمد بأنها ستقوم بالجهاد ضد المشركين، ودفع الزكاة للدولة، ما يوحي بأن الدولة السعودية ـ الوهابية اكتسبت دلالات دينية، وحتى الجنود الذين إلتحقوا بمعسكرات التدريب كانوا على قناعة بأنهم باتوا جيش الفتح، وعليه، التزموا بواجب ديني وليس خدمة عسكرية محض. يرجع التقويم الوهابي فشل الدولة السعودية في المرحلتين الأولى والثانية الى الفصل بين الملك والدين، الأمر الذي دفع أحفاد الشيخ إبن عبد الوهاب للعمل على إحياء مشروع الإمارة الإسلامية، بيد أن الصراع على السلطة داخل الطبقة الحاكمة، وغياب قيادة كاريزمية أجهضت محاولات العلماء. الثنائية الوهابية تتطلب الرؤية الكونية الوهابية قسمة العالم الى معسكرين: الأول يشمل المسلمين المطّلعين على تعاليم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والثاني يضم الكافرين من المسيحيين واليهود وغيرهم، والمشرّكين (من المسلمين غير الوهابيين)، والذين يعيشون حالة (الجاهلية). وتملي هذه القسمة الأيديولوجية شكل إستقالة أو بصورة محددة عزلة عن المجتمع الجاهلي، كمرحلة أولى من تمرد سلمي على الواقع السائد، على أمل تشكيل مجتمع جديدة مشبّع بالعقائد الوهابية. وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد طوّر مفهوم (الخروج)، كما وضع لبناته الأولى الشيخ إبن تيمية، بما يحمل في طياته بعداً سياسياً طموحاً. على النقيض من ذلك، فإن مدّ نطاق التكفير بحيث يشمل المجتمع قاطبة تطلب تعطيل معادلة راسخة في تراث الفقه السياسي الإسلام والقائمة على اساس أن وحدة المجتمع قائمة على وحدة السلطة، كون أن كلا الوحدتين فاسدتان، في التفسير الوهابي. ونتيجة ذلك، أن تغييراً شاملاً بات ضروراً، حيث لا أساس لخطر تفكك وحدة المجتمع، إذ أن مفهوم الجماعة ليس قائماً على توحيد الله، وعليه فإن الطاعة والجماعة غير قابلتين للتطبيق في هذا الصدد. ينقلنا ذلك الى تاريخ نكبة الأمة الإسلامية في التقويم الديني الوهابي. بينما تعتبر غالبية المسلمين 24 مارس 1924، أي يوم سقوط الخلافة الإسلامية، ويعدّ القوميون العرب 5 يونيو 1967، يوم النكبة التي أصابت العرب في مقابل الدولة العبرية، يحدد الوهابيون يوم 10 فبراير 1258 يوماً لنكبة المسلمين بسقوط بغداد تحت الإحتلال المغولي. وبوحي من التصويرات الدوغمائية لدى الشيخ إبن تيمية، فإن سقوط الخلافة العباسية يمثّل نهاية الدولة الإسلامية المثالية، والتي تتطلب إعادة بناء الأمة على قاعدة تطبيق الشريعة، بحسب التفسير الحنبلي ـ الوهابي. ويلمح هذا التفاوت الى الرؤية الأيديولوجية الوهابية للوقائع السياسية السائدة. بكلمات أخرى، فإن مشروعية الحكومات في العالم الإسلامي عقب سقوط الخلافة العباسية باتت الى حد كبير غير مؤكّدة. وهذا الموقف عكسه بوضوح سلوك الوهابيين إزاء الدول القطرية في العالم الإسلامي. ثمة عنصر تيولوجي مندغم في المفهوم المركزي للسلطة الشرعية. ويلزم إلفات الإنتباه هنا إلى أن هذا المفهوم نشأ عقب سقوط الخلافة العباسية، ما يدلل على أن المشروعية الدينية والتاريخية قد تعطّلت مع سقوط بغداد. ولذلك، فإن الشيخ إبن تيمية شجّع تشكيل دول صغيرة دخل الدولة، الأمر الذي يوفّر فرصة العصيان ضد الدولة، على أساس عدم التطابق مع معايير الشريعة. وقد يكون ذلك ما جلب إهتمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب لاستحضار ميراث الإمارات الإسلامية خلال العصر العباسي، حيث يختفي المثال (الخلافة) أمام الواقع (الإمارة). ويصوغ الشيخ إبن عبد الوهاب هذه المعادلة من منظور عقدي بأن الأئمة من كل المذاهب متّحدون على أن من غلب على أرض، فإنه يتمتع بامتيازات الإمام في كل الشؤون. لأن حتى قبل عهد الإمام أحمد بن حنبل وإلى يومنا، فإن الناس لم تتفق على إمام واحد. وبالرغم من أن الشيخ إبن عبد الوهاب، أسبغ نظرياً أهمية إضافية على موقع الإمام/الحاكم، فإنه فشل في تجسيد هذا المفهوم على إمارة الدرعية. فقد فوّض لنفسه دوراً فريداً كإمام وحاكم. وهذا ما يتذكّره الناشطون السلفيون في الوقت الراهن، من بينهم الشيخ ناصر العمر الذي شدّد على سلطة سياديّة للعلماء على الحكّام/الأمراء. قدّر لحلم الإمارة الإسلامية أن يرواد الأخوان الجدد بقيادة جهيمان العتيبي في نوفمبر 1979، والذي نجح في إستقطاب أتباع له من طلبة الشريعة والدعاة. وبوحي من حوافز دينية، فإن الأخوان الجدد أبدلوا دورهم كأعضاء في (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، لجهة الإنخراط في مشروع ديني ـ سياسي طموح، موجّه نحو تطبيق الشريعة وإقامة دولة ـ الأمة الإسلامية (=الخلافة)، كما رسم خطوطها النظرية العامة جهيمان العتيبي. ففي نشرة بعنوان (الإمارة والطاعة والبيعة) يحدّد جهيمان شروط طاعة الإمام، من بينها: القيام بأمر الجهاد، فإذا ما عطّله فلا طاعة له. وما يثير الدهشة، أن زعيم القاعدة في العراق، أبو أيوب الأنصاري يسأل بحماسة لافتة الشعب العراقي: هل يضيركم عباد الله أن نحكمكم بالإسلام؟. جدير بالإلتفات إلى أن هذه المجموعة المسلّحة، والتي تقف في مواجهة المجتمع والدولة على السواء لجهة تأسيس (إمارة إسلامية) في ديالى العراق، تستلهم من مفهوم الخروج على الإمام، في حال عدم إلتزامه بمحددات الشريعة وأحكامها. إبن سعود والأخوان: صدام مشروعين نبّهت طبيعة ومتطلبات العلاقة بين العلماء والأمراء في التاريخ السعودي الملك عبد العزيز، مؤسس الدولة السعودية الحديثة. وكان ظهور عبد العزيز في مطلع القرن العشرين قد أحيا تطلّعات علماء المذهب الوهابي عقب إحتلال الرياض سنة 1902. في هذا السياق، بدأ مفهوم (الإمارة الإسلامية) بالتبلوّر تدريجياً بعد تأسيس أول هجرة في ديسمبر 1912 في الأرطاوية، شمال نجد، والتي وصفها المعتمد البريطاني في البحرين هـ. ديكسون (وكر صغير للوهابية). وكانت الهجرة مصممة لاستيعاب المقاتلين الجدد، الذين تم إخضاعهم لدورة تنشئة عقائدية على تعاليم الشيخ عبد الكريم المغربي. وبدأت حركة الإخوان بقيادة المغربي وفيصل الدويش، زعيم قبيلة مطير، بالتحوّل الى قوة عسكرية. وقد أثارت الحركة هواجس عبد العزيز، الذي أدهشته البنية التنظيمية المتماسكة، والتصميم الحازم، والإلتزام الصارم لدى الأخوان، إضافة، بطبيعة الحال، إلى التهديد الكامن الذي يشكّله هؤلاء لمشروعه السياسي. بالنسبة للإخوان، فإن ثمة واجباً دينياً يملي عليهم شنّ الغارات على كل أرض يقطنها كفّار ومشركون، ومرتدّون، من وجهة نظرهم. وقد تحدّدت العلاقة بين الإخوان وعبد العزيز بنجاح الأخير في إعادة توجيه مسار الإخوان عبر إحتوائهم في ما يربو عن 120 هجرة، لجهة إعادة تأهيلهم، وصولاً إلى تفكيك البنى القبلية. وبدأت الخطة بتغيير مكان الإقامة، وبالتالي الوضع الإجتماعي (من البداوة الى التحضّر)، والحرفة (من الرعي الى الزراعة)، وأخيراً الأجندة السياسية (من قضية ذات أبعاد كونية الى مهمة ودور مقيّدين بالمشروع السياسي السعودي). ولكن إلى أي حد نجح إبن سعود يعتبر قضية أخرى، حيث أن التطوّرات اللاحقة تفيد بأن قادة الإخوان عارضوا بشراسة التحوّل المفاجىء في السلوك السياسي لابن سعود بعد إحتلال الحجاز. وفي هذا المقطع، فإن ثمة حاجة لتسليط الضوء على التبدّلات التي شهدها الأداء السياسي لابن سعود في الفترة ما بين 1902 ـ 1932، والتي تلمح الى صدام بين أهداف زمنية ودينية. ويمكن المجادلة بأنه في غضون الفترة الزمنية من إحتلال الرياض سنة 1902 وحتى إحتلال الأحساء سنة 1913، كان عبد العزيز مجرد حاكم زمني يسعي لتحقيق أهداف دنيوية محض. ولكن دهشته المحفوفة بخطر قوة الإخوان كجيش عقائدي دفعته إلى إضفاء صبغة دينية على أغراضه السياسية، فخلع على نفسه لقب إمام. وفي سنة 1916، ناشد عبد العزيز النجديين للإنضمام الى جيش الإخوان والإلتزام الحرفي بالفرائض الدينية، ودفع الزكاة. ويتّفق مؤرخو السعودية على أن إبن سعود أضاف عنصراً دينياً لمشروعه السياسي سنة 1915، وخصوصاً عقب معركة جراب سنة 1914، والتي أثبت فيها الإخوان بأنهم جيش قوي ومصدر تهديد لحكم إبن سعود ما لم يقدم على إحتوائهم ضمن مشروعه السياسي ـ العسكري. وقد استعان عبد العزيز بأحد علماء الدين من آل الشيخ لتحقيق هذا الهدف الكبير، حيث مهّد السبيل إلى إدماج الإخوان كرأسمال واعد في مشروع سياسي طموح. وتواصل إلتزام إبن سعود بالرؤية الكونية الوهابية الى عام 1926، أي حتى احتلال الحجاز. في المقابل، تعهّد الجيش الوهابي بتقديم فروض الولاء لقائده السعودي طالما بقي وفيّاً للعقائد الأصلية للإسلام الوهابي، وتحديداً الجهاد. بعد الحملة العسكرية على الحجاز، كتب الشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق الى الملك عبد العزيز في فبراير 1924:..لا يخفى ما منّ الله به من فتح الحرم الشريف، وما حصل به من إعلاء كلمة الإسلام، وخذلان أهل الشرك والطغيان والآثام، وهدم ما أحدثه أهل الضلال، من القباب، والمقامات، والبنايات التي على القبور، هو من أكبر النعم عليكم، وعلى المسلمين (=أهل نجد). اللافت أن عبد العزيز عبّر بلهجة دغمائية عن رأي مماثل بخصوص سكّان مكة، والذين اعتبرهم مشركين، وخاطب جون فيلبي قائلاً: لماذا، حين تعرّض أنت الإنجليزي واحدة من بناتك كزوجة أقبلها، بشرط وحيد هو أن الأبناء الذين يأتون عن طريق الزواج يجب أن يكونوا مسلمين، ولكن لن أقبل بنات شريف أو أهالي مكة أو المسلمين الآخرين الذين نعتبرهم مشركين. وسوف أأكل اللحم المذبوح من قبل المسيحيين بدون تردد. ولكن مصدر كرهنا هو المشرك، الذي يعبد الله بإشراك غيره في عبادته (مثل موضوعات أو مخلوقات من دون الله). فبالنسبة للنصارى واليهود فإنهم من أهل الكتاب). ويزعم أيضاً بأن: (الصلاة قبل الكعبة أو الأنبياء أو الأولياء، البغاء، الربا، وأشكال مختلفة من الظلم والجهل للسنة كلها بدع ضد القرآن وهي موجودة في بلاد الشرك. وحتى الشخص الأقل ذكاءً يعلم بأن هذه البلاد (أي مكة المكرمة) مدانة بكونها ديار الكفر والشرك، خصوصاً إذا ما أبدى أهلها عداوة لأهل التوحيد، ويعملون ما في وسعهم من أجل إبعادهم عن ديار الإسلام. فهذا الشرك لا يأتي من أهل المدن. وقيل بأنها تأتي من الفخر والجهل..فالشرك باق بسبب عمر بن لحي). وفي 5 يونيو 1924، جمع عبد العزيز قادة الإخوان، والعلماء، والوجهاء، وزعماء القبائل في مؤتمر بالرياض. وكان الهدف هو تعبئة المجتمع الوهابي وإقناع العلماء بإصدار فتوى دينية لشرعنة الحرب على الحجاز. وفي أعقاب إحتلال جدة سنة 1926، إنشق التحالف بين عبد العزيز وقادة الإخوان عن إنقسام عميق تعيده إلى تناقض رؤيتين سياسية/زمنية/محلية وعقدية/عابرة للزمان والمكان/أممية، تتجابهان عند نقطة الإشتباك المباشرة الممثلة في عقيدة الجهاد. فاق الإخوان على حقيقة مثيرة للفزع، حين اكتشفوا بأن إمامهم لم يكن سوى مجرد (طالب ملك)، وليس إمام هجرة وجهاد. ويرجع هـ. ديكسون الخلاف بين قائد الإخوان فيصل الدويش وإبن سعود الى الأفكار الجديدة التي ناصرها إبن سعود وعمل على تحقيقها بعد إستكمال مرحلة إحتلال الحجاز. تمظهرت هذه الإزدواجية في العلاقة الوديّة التي تشكّلت مع الإنجليز، المصنّفين في الرؤية العقدية للإخوان في خانة الكفّار، والإخفاق في الإلتزام الصارم بالتعاليم الوهابية. وكانت إنتقادات الإخوان ضد إبن سعود تدور حول شؤون دنيوية مثل: إيفاد إبنه فيصل الى مصر وانجلترا، كونهما بلاد الكفار، واستعمال البدع الحديثة (التلغراف، واللاسلكي..)، والسماح للقبائل العراقية بالرعي في أراضي نجد والحجاز، والفشل في إرغام سكّان الأحساء على اعتناق الوهابية، ومنع فيصل الدويش وسلطان بن بجاد من تولي الحكم في المدينة ومكة على التوالي. وفي رد فعل، قام إبن سعود بمحاولات جادّة لجهة إرضاء الإخوان عبر العلماء، الذين كتبوا رسائل للدويش وإبن بجاد يحذّرونهم فيها من أي إنشقاق أو عصيان ضد حكم إبن سعود. وفي 5 نوفمبر 1928، عقد مؤتمر في الرياض من أجل تقديم إجابات على إتهامات الإخوان ضد إبن سعود، ولكن المؤتمر فشل في إقناع الدويش الذي قرر على الفور إعلان التعبئة العامة في صفوف مناصريه للبدء بحملة عسكرية ضد إبن سعود. وفي سنة 1929، إندلعت مواجهات شرسة في منطقة السبله إنتهت بمقتل الدويش فيما تم إلقاء القبض على إبن بجاد، وإيداعه السجن حيث توفي بعد ذلك، الأمر الذي أدى إلى انفراط جيش الإخوان. |
|||
2012-08-31, 19:54 | رقم المشاركة : 84 | |||
|
إشكالية المرجعية بين الأمة والدولة وبالرغم من أن العلماء الوهابيين بدا وكأنهم تكيّفوا مع شروط بناء الدولة، فإن أيديولوجية الغزو بقيت متماسكة. ولذلك من الصعوبة بمكان أن نعثر على إعادة تقويم للتراث الوهابي بما يتناسب ومتطلبات الدولة الوطنية، بالرغم من المسعى المتواصل من قبل الملوك السعوديين لجهة إبقاء الوهابية ضمن الحدود القابلة للسيطرة والتوجيه، وبما لا يعطيها قدرة التعطيل أو التمرّد على الدولة السعودية، لا بما هي دولة وطنية وإنما بما هي سلطة مركزية سيادية تهبها هيمنة مطلقة على المجال الجيوبوليتيكي للفضاء الذي تمارس عليه سلطانها. لم يكن حرّاس العقيدة الوهابية على استعداد للتنازل عن المبادىء الأصلية الخاصة برؤيتهم الكونية واستراتيجية التغيير. الدولة، بما هي إبتكاراً حديثاً نسبياً، لم تحظَ باعتراف غير مشروط ونهائي من قبل العلماء الوهابيين، ما لم تكن، أي الدولة، مصمّمة لخدمة هدف علوي، أي إعادة إحياء مفهوم الأمة الإسلامية. ولذلك، يزدري علماء الوهابية مفهوم (الوطن)، الذي يتم تخفيضه بطريقة تهكمية الى (وثن) يعبد من دون الله، ما يستعيد تجربة الجيل الأول من الصحابة في إزالة الأوثان. يضاف الى ماسبق، أن السلوك العقدي لرجال الدين الوهابيين بصورة عامة إزاء المسلمين لم يتبدّل حتى بعد إنتهاء الغزوات الممهّدة لقيام الدولة. ففي تصنيف دقيق، يميّز العالم الوهابي البارز الشيخ محمد بن صالح العثميمين بين نوعين من التوحيد: توحيد الربوبية، وتوحيد العبودية، وهما، حسب إبن عثيمين، ما يجحدهما غالبية البشر، ولذلك بعث الله الرسول بالكتب. أما مسلمو هذا العصر، حسب إبن عثيمين، فقد وقعوا في التصنيف نفسه، حيث أنهم لم ينكروا وجود الله، ولكن وقع معظم المسلمين في ما وصفه (شرك العبادة). وعليه، أوصى بالتركيز على هذا النوع من التوحيد وتقديمه الى هؤلاء الذين يصفوا أنفسهم بالمسلمين، ولكنهم في واقع الأمر مشركون، حسب قوله. وتنسحب هذه النظرة العقدية على مذاهب المسلمين قاطبة باستثناء، بطبيعة الحال، أهل دعوته. ويرى إبن عثيمين بأن المسلمين السنة لم يلتزموا بمعايير (أهل السنة والجماعة)، حيث أنهم لم يلتزموا لا بالسنة ولا بالجماعة، كما أنهم ليسوا متوحّدين في نظراتهم، فكتبهم متناقضة، ومتعارضة، ومضطربة بل إن بعضها، حسب رأيه، مضلّة ومتناقضة في ذاتها. (أنظر: القول المفيد على كتاب التوحيد، ص 5 ـ6). يبدو هذا الرأي أشد فصاحة في تعبيرات الشيخ صالح عبد الله الفوزان، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء والدعوة والإرشاد. وينطلق الفوزان من رؤية كونية تقوم على اعتبار أن (الجهل في القرون المتأخرة قد فشا وغشى الأديان الأخرى، وقد تسلل الشرك الى قطاع كبير من الأمة). وعلى الضد من رؤية سيد قطب في موضوعة الجاهلية، التي تتسم، حسب الفوزان، بالعمومية، فإنه يتبنى جاهلية المجتمع ولكن وفق رؤية دوغمائية تخرج الوهابية من نطاقها. ولذلك، يلحّ الفوزان على تطبيق محدد لحكم الجاهلية، ويرى بأنه ينطبق على بعض الناس في هذا القرن أو غالبية أهل هذا القرن، حسب قوله. وحيثما نسهب في قراءة كتابه (التوحيد)، نجد من حاصل محتوياته وتلميحاته أن المجتمع السلفي الوهابي في نجد يمثل الإستثناء الوحيد في عالم الجاهلية. الرؤية الكونية بما تمثّله من عنصر مندغم في العقيدة الوهابية، تصوّر العالم بأسره على أنه حبيس انحرافه الكبير. هذه الرؤية تمّت صياغتها بصورة واضحة في عقيدة (الولاء والبراء)، والتي تشكّل حجر الزاوية في المدرسة الفكرية السلفية. يجادل محمد سعيد القحطاني، المحاضر في قسم العقيدة في جامعة أم القرى بمكة المكرمة بأن الجهاد في سبيل الله من أهم متطلبات الولاء والبراء، حيث أنها الخط المائز بين الحق والباطل، وبين حزب الرحمن وحزب الشيطان. وإن العداوة بين المعسكرين، حسب القحطاني، ستبقى حتى نهاية الزمان، على أساس تباين المناهج، التي لن تلتقي أبداً، حيث أن حزب الله يعمل على تطبيق كلمة الله في الأرض، وسيادة الشريعة الإسلامية. وفق رؤيته، فإن عقيدة الجهاد هي الواجب الأشد إلحاحاً عبادة الله عز وجل. وينقل عن الشيخ إبن تيمية بأن الجهاد عقيدة شاملة، والتي تحوي كل جوانب العبادة الباطنية والظاهرية، فهي تشمل حب الله، والإخلاص له، والإعتماد عليه، وتقيدم الروح والمال، والصبر والزهد وقول الله، وغير ذلك. ونتيجة ذلك، فإن الجهاد هو الوسيلة التي يمكن بواسطتها تطبيق الإسلام. إذاً، فثمة علاقة بين نشر عقيدة التوحيد والإستعداد للموت في سبيل سوق الإنسانية لاعتناقها، وهو ما يشرحه القحطاني بقوله أن هذا الدين يدعو البشرية لاعتناق عقيدة التوحيد، فإذا فعلوا ذلك فإن الغاية من إرسال الرسل والوحي قد تحقق، ولكن في حال رفضوا فإن من الواجب محاربتهم. تلخيص ذلك، أن لا خيار أمام البشرية سوى التسليم بالله وحده من أجل ضمان بقائها على قيد الحياة. وبحسب التفسير الوهابي للجهاد في الإسلام، ثمة أهداف يلزم تحقيقها كما يلي: ـ محاربة الكفار لجهة تحقيق حرية العقيدة. ـ الجهاد من أجل تحقيق حرية الدعوة الإسلامية. ـ الجهاد من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية في الأرض. وليس ثمة حاجة للقول بتناقض هذه الأهداف في ذاتها، ولكن التناقض يرتفع حين يوضع في سياق عقدي، خصوصاً حين نقترب من العقلية الدغمائية التي تملك شروحات خاصة لمفاهيم مجرّدة مثل حرية الإعتقاد، فأهل الدعوة يدركون الحرية لا بوصفها حقاً مشاعاً للبشر بل متلبسّة ببعد تيولوجي، بما يلفت الى المقولة اليسارية الدراجة (لا حرية لأعداء الحرية)، ولكن من منظور مختلف تماماً، حيث تصبح الحرية مصمّمة لغايتين مندمجتين هما: الإعتقاد وفرض الإعتقاد على الآخر. فالحرية هنا تبدو متواشجة مع القهر، الذي لا يرى فيه الدوغمائي السلفي مايدعو للدخول في مماحكة عقدية عقيمة، من وجهة نظره. ولكن في حقيقة الأمر، أن هذه الرؤية ترسم خطوطاً رئيسية لإستراتيجية فرض الدعوة باللجوء الى القوة المجرّدة. تجدر الإشارة هنا الى أن هذا التفسير للجهاد لا يحظى بقبول غالبية علماء المسلمين. في فبراير 2006، قدّم نحو 156 شخصية سلفية بارزة، من بينهم فقهاء، وقضاة، ومحاضرون، عريضة الى الملك عبد الله، عبّروا عن اعتراضهم على تعديل المناهج. وحدّد الموقّعون على العريضة نقطة مركزية تدور حولها العقيدة الوهابية، وهي عقيدة الولاء والبراء، والتي تمثّل حسب الموقّعين، الأساس الذي قامت عليه الدولة. إن الدلالة المباشرة للرؤى السابقة هي أن نشأة الدولة السعودية فشلت في إلغاء صلاحية الجهاد، من جهة كونه متعلّقاً بتكفير المجتمعات المستهدفة. ولذلك، يمكن مد أفق المجادلة لتستوعب حركة جهيمان وتنظيم القاعدة بوصفهما تجسيدين أصيلين لعقيدة الفتح. إنتقد قادة الإخوان الملك عبد العزيز حين عطّل فريضة الجهاد، وهو انتقاد أعاد طرحه جهيمان العتيبي، قائد إنتفاضة الحركة في نوفمبر 1979. في يناير 1992، نشرت مجموعة من الناشطين السلفيين كتاباً للسلفي الأردني أبو محمد المقدسي، ولكن باسم مستعار، بعنوان (الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية)، طبع في بشاور، شمالي باكستان. يسلّط الكتاب الضوء بصورة أساسية على القوانين الأجنبية التي تسللت الى النظام القضائي السعودي، ويلقي شكوكاً على العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأجنبية، والتي يصفها المؤلف بالكافرة والمشركة، وكذلك تورّط الحكم السعودي في نشاطات المؤسسات الدولية. بيد أن الجانب الأشد أهمية الذي حظي بحصة كبيرة من النقد يتّصل بعقيدة الجهاد، ويشدّد الكتاب على الحاجة الى إعادة مبدأ الجهاد لإطاحة الحكم السعودي، من أجل تطبيق حكم الله ومفهوم التوحيد. (أنظر: مرشد النجدي، الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية، طبعة لندن 1994، ص 196) خطوة أخرى لافتة قام بها مئات من الناشطين السلفيين في سبتمبر 1992، حيث وقّعوا على عريضة أسموها (مذكرة النصيحة)، موجّهة الى الملك فهد. وبنظرة فاحصة تبدو الرسالة واضحة في المذكرة، فهي تنزع بصورة ضمنية المشروعية عن الدولة السعودية لمخالفتها الأحكام الإسلامية، وتعطيل العقائد الأصلية للإسلام الوهابي، مثل عقيدة الولاء والبراء. وتكشف مقترحات الموقّعين على المذكرة بإعادة أسلمة كل حقول عمل الدولة تقريباً، الى أن ثمة تصدّعات عميقة وخطيرة أصابت الأساس الأيديولوجي للدولة والعقيدة المشرعنة لوجودها واستمرارها. في العام 2002، كتب الشيخ عبد العزيز بن صالح آل جربوع، وهو شخصية سلفية بارزة: (التأصيل لمشروعية ما أصاب أمريكا من دمار). وقد لقي الكتاب حماسة خاصة من قبل رجل الدين المتشدد البارز الشيخ حمود العقلا، والشيخ علي الخضير. ويصوّر الشيخ آل جربوع المتورّطين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بأنهم أبطال. ويجادل بأن تلك الضربة جلبت السرور للمسلمين، وأدخلت الفرح عليهم، وندعو الله بالمزيد من الضربات. وفي ردّه على الخطباء المسلمين الذي أنكروا العلاقة بين الإسلام والإنتحاريين، قال آل جربوع بأن من الواجب علينا أن نعلن إنكارنا لهم ـ أي الأميركان ـ، وكراهيتهم، والجحود بما يعبدون من دون الله، ومن الواجب علينا التحريض عليهم، وفضحهم، وكشف مؤامراتهم. ومن الواجب علينا تقسيمهم، والتآمر عليهم، وجلب الفضيع لهم على يد الله أو على أيدينا. ويشدد في سياق هجومه، على أن (الأصل مع الكفار هو الحرب وليس السلم). ويشير آل جربوع الى شكل من المواجهة بين الدولة والدين، ويرى بأن سيادة الدولة ليست نهائية او غير مشروطة، وإنما تخضع للمسائلة الدائمة بما يفتح المجال لتدخّّل سيادة أخرى أعلى منها، أي سيادة الشريعة والعلماء، كونهم خلفاء الله في عباده. علاوة على ذلك، يشدّد على الشروط القبلية لتعيين الإمام بالمعنى التاريخي والتيولوجي السياسي، ليس من بينها ما ينطبق على حكام المسلمين الحاليين، بمن فيهم الملوك السعوديين. وينقل عن الملك عبد العزيز قوله لقادة الأخوان بأنني لست بإمام لكل المسلمين. وإنما أنا حاكم لهذه الجزيرة. وإن ما سألتم عنه بشأن واجب الجهاد ضد الدول الكافرة هو واجب الأمام الأعظم، وأنا لست كذلك. وكما الحال بالنسبة لزعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، يقسّم آل جربوع العالم الى معسكرين: دار الحرب ودار الإيمان. ويعرّف دار الحرب بأنها (الأرض التي تكون فيها قوانين الكفّار سائدة، وليس بينها وبين المؤمنين عهد..). ويشدّد على أن العهد بين الكفّار والإمام لن يغيّر من واقع الحال شيئاً، كونها دار حرب. زد على ذلك، إذا عاش المسلمون في أرض لا تلتزم بأحكام الشرع فإنها تعتبر دار حرب. ولذلك، فإن كل بقاع العالم تقريباً قابلة لأن تكون دار حرب، لكونها غير ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية. في السياق نفسه، ثمة من يرى من المتشدّدين السلفيين بأن السعودية أصبحت دار حرب، بسبب انحرافها عن خط الشريعة الإسلامية. إن استحواذ أيديولوجية طهرانية وفي الوقت نفسه تحريضية كالوهابية مصمّمة لشرعنة الحروب ضد من تعتبرهم كفّاراً، يضع الدولة أمام تحديات دائمة تتصل ليس بسياق العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بل في أصل وجود الدولة كإطار سيادي ينظّم مصالح المحكومين، ويمارس وظائف محددة ذات طبيعة دنيوية محض. لاشك أن العلاقة الجدلية بين الوهابية والدولة السعودية تتغذى على تطوّرات راديكالية بالغة الخطورة، وتشعل المناظرة العويصة مع اشتعال أعمال العنف عبر العالم، كالتي شهدنا أحد جوانبها الشرسة في الفترة ما بين 2003 ـ 2005، حيث أفاق المواطنون والأجانب على أيديولوجية تملي على اتباعها شن حروب مقدّسة ضد كل العالم. لاشك أن الحرب على العراق في مارس 2003، قد أحيت حلم إستعادة الامارة الإسلامية، بعد سقوط إمارة طالبان في أفغانستان سنة 2002. فقد وجد مقاتلو القاعدة في العراق ملجأً، ودار هجرة وجهاد بديلة، وفوق ذلك أرضاً يتطلعون إلى إقامة (دولة العراق الإسلامية) على ترابها، بحسب بيان صادر عن القاعدة في مارس 2007. ومنذ بداية دوامة العنف في العراق، ناضلت قيادة القاعدة لتحويل العراق الى إمارة إسلامية. وفي يونيو 2007، كانت هناك محاولات أخرى لتحقيق حلم الإمارة الإسلامية في طرابلس، شمالي لبنان، والذي قدّّر له الفشل لاحقاً. وكانت منظمة (فتح الإسلام) على وشك البدء بتنفيذ خطة رقم (755) لتدشين أساس (الإمارة الإسلامية في طرابلس)، وبدأ عناصر المنظمة بتطبيق بعض الحدود والتعزيرات كجزء أساسي واستعلاني لتجسيد مشروع الإمارة الإسلامية. بذور (الإمارة الإسلامية) زرعت في مناطق أخرى من الشرق الأوسط بعد الغزو الأميركي للعراق من بينها: الرقه بسوريا، القبائل بالجزائر، ونابلس بفلسطين، إلى جانب ديالى بالعراق، وطرابلس بلبنان. ومن الواضح، فإن المشاريع الطوباوية كانت تستلهم من التجربة الناجحة التي قام بها مؤسس الوهابية الشيخ محمد بن عبد الوهاب. خلاصة الوهابية، في جوهرها، حركة موجّهة للمجتمع وليس الحكومة، وتستهدف القيام بعملية إعادة أسلمة المجتمع وصولاً الى إعادة إحياء مفهوم الأمة الإسلامية. على أية حال، بعد إقامة الدولة بدأت الوهابية في نقل جزء أساسي من اهتمامها واشتغالاتها لتغيير التركيبة المؤسسية للدولة، على قاعدة انحرافها عن المعتقدات الإسلامية (الوهابية). ولكن حين واجه الناشطون الوهابيون تحدّيات داخل حدود الوطن، نقلوا أحلامهم الى بقاع أخرى مثل أفغانستان، والشيشان، وباكستان، والبوسنة، ودول عربية مثل اليمن، وسوريا، ولبنان، والعراق، وأفغانستان، والجزائر إضافة بطبيعة الحال الى دول مجلس التعاون الخليجي. ويمكن تلخيص الرؤية الكونية للوهابية في مكّونات ثلاثة: ـ التكفير ـ الهجرة ـ الجهاد ويمكن وضع هذه المكوّنات في العناوين التالية: ـ الرؤية الكونية: حيث أن العالم بأسره واقع في الظلال والإنحراف والجاهلية (التكفير). ـ الأيديولوجيا: يملي الواجب الديني على المؤمنين عزل أنفسهم نفسياً وجسدياً عن المجتمع الذين يعيشون فيه (الهجرة). ـ الإستراتيجية: الجهاد هو الوسيلة الوحيد لإعادة الإسلام الى الحياة وإحياء نموذج الإسلام في القرن الأول الهجري/أو القرن السابع الميلادي. وفي الأخير، يجدر وضع بعض الحقائق والأرقام التي تنطوي على دلالات بالغة الأهمية: ـ في الفترة مابين 2003 ـ 2008، شكّل السعوديون أكثر من 60 بالمئة من المقاتلين الأجانب. ويدلل ذلك على المدى الذي بلغته حملة التعبئة من تأثير بالغ، الأمر الذي يدفع شباباً للإنخراط في عمليات إنتحارية في العراق. ـ بحسب تصنيف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والأرشاد، تم تصنيف 15 عقيدة إسلامية في خانة الفرق الضالة. ـ 4 من أصل 6 طلاّب مرحلة الدكتوراه في السعودية في تخصص الدراسات الإسلامية. ـ 70 بالمئة من المتعاطفات مع تنظيم القاعدة في السعودية حائزات على شهادات في التعليم العالي. |
|||
2012-08-31, 20:02 | رقم المشاركة : 85 | |||
|
المهندس المدني لكي يعرف متانة وصلابة البناء اوالعمارة بغية معرفة صحة اساستها |
|||
2012-08-31, 23:58 | رقم المشاركة : 86 | |||
|
و كلمة حركة لا أساس لها في اللغة بل دعوة الى التوحيد ومحاربة الشرك والقبوريين دعوتنا سلفية لا وهابية وإن كانت في حقيقتها هي الدعوة التي نصرها وأيدها ودعا إليها العلامة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ لأن الدعوة السلفية هي دعوة الله ـ تعالى ـ وهو ـ سبحانه وتعالى ـ الوهَّاب، وهي دعوة مباركة باركها الله تعالى من فوق سبع سماوات ووهبها لمن أحبه، كما قال إبراهيم ـ عليه السلام ـ ﴿رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين﴾. ولما كان أهل البدع والأهواء يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعجبهم أن يكون الناس على الجادة، لذا فإنهم يصفون أهل الحق أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم بنعوت شتى منها قولهم لمن انتسب للحق والسنة: (الوهابية)، ظانين أنهم بهذا الوصف يشنعون الدعوة ويجعلون من هذا الوصف عند الجهال أداةً مانعةً تحول بينهم وبين وصولهم لمعرفة الحق واتباع السنة، ولكن هيهات هيهات لقد انقلب السحر على الساحر، وأيد الله ـ تعالى ـ أتباع هذه الدعوة وجعل لهم شأناً عظيماً، ولم لا وهي دعوته ـ سبحانه وتعالى ـ، وأتباعها هم أولياؤه؟!. ويقول الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب عن حقيقة دعوته في رسالته التي أرسل بها إلى عبد الرحمن بن عبد الله السويدي أحد علماء العراق: "أخبرك أني ـ ولله الحمد ـ متبعٌ، ولست بمبتدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكني بينت للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء والأموات من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يُعبد الله به، من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق لله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة". من يجمع شمل العرب فهو انسان يجب احترامه ومن يوليه العرب عليهم حاكما و يبايعونه و يلتفون حوله فهو شخص يجب احترامه اما من يحاول خلق فتنة بين العرب فله السيف يطيح برأسه مثل رأس الثعبان السام رافضي |
|||
2012-09-01, 00:11 | رقم المشاركة : 87 | |||
|
(وهّابي) ... (الوهّابيّه) .... |
|||
2012-09-01, 00:55 | رقم المشاركة : 88 | ||||
|
اقتباس:
|
||||
2012-09-01, 02:01 | رقم المشاركة : 89 | |||
|
بسم الله الرحمن الرحيم |
|||
2012-09-01, 02:11 | رقم المشاركة : 90 | |||
|
الخصم تجرا بكل وقاحة على على الكذب بقوله : ” وفي إحتلال مكة وقتلهم فيها الأطفال والنساء وحتى الحيوانات |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
أحمد, الإمام, الوهاب...ليس, وهابيا |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc