[align=center]2 ـ علاقة المؤسس بالإرشاد الديني :
في عصر بني عبد الواد الجزائر عرفت بعض التوترات عندما كان أبو حمو الأول مضطر لمواجهة المرينيين في الغرب والحفصيين في الشرق، وبهذا السبب بدأت الجزائر العاصمة تتقهقر عندما أصبحت عاجزة عن فرض نفسها كمدينة مستقلة تحت سلطة الثعالبة التي كانت متمركزة في متيجة، كل هذه التوترات أدت إلى ظهور عبد الرحمن الثعالبي كمنقذ لها، وما ساعده في ذلك الخطاب الواقعي الذي كان يلقيه أمام الجماهير، وكانت الجزائر بالمقابل تستعد لتصبح عاصمة المغرب العربي للبحر الأبيض المتوسط بفضل التوسعات التي كانت تكتسبها عن طريق ربط علاقات مع الدول الأوروبية المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، حيث كان ميناء الجزائر يتمتع بمركز استراتيجي نظرا لمرور السفن الأوروبية فكانت تربط الجزائر علاقات اقتصادية مع الدول الأوروبية الأخرى(الايطالية والاسبانية)، فضلا عن إدخال ميناء الجزائر ضمن الخرائط البحرية عند الأوروبيين لأهميته الاقتصادية.
كما عرفت الجزائر في هذه الفترة إشعاعا علميا وثقافيا موازيا للدول الإسلامية والأخرى في الشرق الأوسط، والمغرب العربي بفضل العمل الكبير الذي قام به عبد الرحمن الثعالبي، فعرفت الجزائر العاصمة ظهور بعض المدارس والمراكز الثقافة التقليدية منها المدرسة الثعالبية التي تدرس فيها كل المواد العلمية والروحية والتدريس التقليدي (كعلم النجوم، التاريخ والجغرافيا، والقواعد) أصبحت هذه المدارس تثير اهتماما كبيرا من طرف الجماهير خاصة بعد اختصاصها في تدريس مادة أو مجموعة مواد، لهذا أصبح طلبة سيدي عبد الرحمان الثعالبي يمثلون فئة كبيرة من السكان، فأسس الجزائريون آنذاك ما سموه بـ (مجمع العلم والبحث والثقافة) حيث كان يقصده كل طالب علم ومحو الأمية، فلقد زاره أحد وزراء المغرب وهو أبو الحسان العالي، ابن محمد التمكروتي عندما كان متوجها إلى اسطمبول فقال عن ذلك المجمع "الجزائر مكتظة بالسكان كثر طالبي العلم إذ أصبح عددا هائلا من الطلاب مثقفين، كما كانت الجزائر موسوعة علمية لوجود عدد هائل من الكتب"(17).
ساهمت المدرسة الثعالبية في جمع عدد هائل من الطلبة، وبالتالي من السكان وكذلك المسجد الذي يسمى باسمه "مسجد سيدي عبد الرحمن الثعالبي" الذي أصبح مركزا عمرنيا بدأت البنايات حوله تكثر وتزداد يوما بعد يوم حتى شكل هذا النسيج العمراني الملتف حول المسجد مدينة، لذا قيل أن بناء المسجد في الإسلام أساس العمران في المدن الإسلامية، إذ لا يلبث العمران أن ينموا حول المسجد حتى صار المسجد نقطة التحول في الدراسة الطبوغرافية التاريخية للمدينة الإسلامية(1.
نستنتج من هذا أن لسيدي عبد الرحمن الثعالبي دورين هامين في مدينة الجزائر العاصمة تمثلا في التمركز السكاني والتمركز الثقافي.
ولهذا أصبحت مدينة الجزائر العاصمة مقترنة في اسمها بعبد الرحمن الثعالبي إلى اليوم" مدينة سيدي بعد الرحمن ـ أولاد سيدي عبد الرحمن".
لقد كثر هذا التعبير في الأغاني والأهازيج الشعبية إذ لا يكاد أحد من عامة الشعب أن يذكر الجزائر إلا مقترنة بعبارة "مدينة سيدي عبد الرحمن الثعالبي".
الهــــوامــــش
نور الدين (عبد القادر) صفحات في تاريخ مدينة الجزائر (من أقدم عصورها إلى إنتهاء (العهد التركي) مطبعة البحث، قسنطينة ط2 ، ص 1956 ص 171.
محمد (بن ميمون) التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ، ط2 ،1981، ص 348.
محمد بن ميمون مرجع سابق، ص : 351.
عبد الرزاق (قسوم) ، عبد الرحمن الثعالبي والتصوف، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر 1978 رقم النشر 701 ـ 78 ساند ص 13.
kamel Bouchama Algérie terre de foi et de la culture , Edition El Maarifa, bab el oued Alger p199, 2000.
عبد الرزاق (قسوم) مرجع سابق ، ص 16
kamel Bouchama Algérie terre de foi et de la culture , Edition El Maarifa, bab el oued Alger p199, 2000
علي محي الدين (القرة الداعي) ، للإمام أبي حامد الغزالي، الوسط في المذهب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لدولة قطر الجزء الأول ، 1993، ص : 201
علي محي الدين (القرة الداعي)، مرجع سابق ، ص : 202
علي محي الدين (القرة الداعي)، المرجع نفسه، ص : 202
علي محي الدين (القرة الداعي)، مرجع سابق ، ص : 201
محمد جلال (شرف) دراسات في التصوف الإسلامي (شخصيات ومذاهب)، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت ، 1984، ص : 154
عبد الرحمن (الجيلالي) تاريخ المدن الثلاث : الجزائر ومليانة والمدية ط2 ، 1972 ص : 273.
الحفناوي ، تعريف الخلف برجال السلف، غير موقع للنشر ج1، 1991، ص : 74 – 75
عبد الرزاق (قسوم) عبد الرحمن الثعالبي والتصوف ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، الجزائر ، 1978 ، ص : 42.
عبد الرزاق (قسوم) عبد الرحمن الثعالبي والتصوف ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر 1978، ص : 75.
kamel Bouchama Algérie terre de foi et de la culture , Edition El Maarifa, bab el oued Alger p199, 2000
عبد العزيز (سالم) تاريخ المسلمين وأثارهم في الأندلس ، من الفتح العربي حتى سقوط الخلافة بقرطبة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ص ت
مكتبة الأبحاث التاريخية والأثرية ، 1981 ، ص : 376
المصدر: رباط الفقراء[/align]