النيابة العامة
________________________________________
مقدمة:
لقد أدى تطور النظام ألاتهامي إلى تخويل أي مواطن حق تحريك الدعوى العمومية باسم المجتمع وهو ما عرف بالاتهام الشعبي , ثم اسند إلى موظف عام استعمال الدعوى العمومية , كما اسند إلى بعض الأشخاص مهمة تمثيل الملك و النبلاء أمام المحاكم و الدفاع عن مصالحهم . وكانت الغرامات و الصادرات المقضي بها تذهب إليهم, مما أضفى على مهمة هؤلاء النواب و المحامين طابعا ماليا.
وبظهور نظام التحري و التنقيب و ازدياد سلطة الدولة تطورت وظيفة ممثلي الملك و النبلاء فأصبحوا يمثلون الاتهام وحدهم , وهكذا انقرض الاتهام الفردي وحل محله الاتهام العام , ونشا في فرنسا جهاز النيابة العامة الذي يمثل جميع مصالح الملك , و يتولى الاتهام وحده واعتنقه قانون تحقيق الجنايات الفرنسي منذ أوائل القرن التاسع عشر ولكن ضل للمضرور حق تحريك الدعوى العمومية , وذلك برفع دعواه بالتعويض عن الضرر الذي لحقه من الجريمة أمام القضاء الجزائي دون أن يعني ذلك اعتباره طرفا في الدعوى العمومية , فبعد تحريكه لها يقتصر الاتهام على النيابة العامة وحدها .
المبحث الأول : مفهوم وتشكيل النيابة العامة .
المطلب الأول: مفهوم النيابة العامة.
لقد اختلف الفقه والقضاء حول تعريف النيابة العامة وطبيعتها القانونية؛ فهناك رأي اعتبرها هيئة تابعة للسلطة التنفيذية باعتبارها سلطة اتهام؛ والاتهام يقصد بها تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها، وأنها تابعة لوزير العدل الذي يمثل السلطة التنفيذية..
ورأي ثاني يعتبرها هيئة قضائية لأنها تشرف على أعمال ذات صبغة قضائية مثل الضبط القضائي والتصرف في محاضر جمع الاستدلالات والقيام ببعض إجراءات التحقيق في حالة التلبس والتي هي لأصلا من اختصاص قاضي التحقيق ، كما أنها هيئة تدخل في تشكيل المحكمة..
أما الرأي الثالث هيأة قضائية تنفيذية وهذه هي الطبيعة القانونية للنيابة العامة في التشريع الجزائري..
ومنه يمكن تعريف النيابة العامة على أنها " جهاز في القضاء الجنائي أسندت إليها وظيفة الاتهام.
المطلب الثاني: تشكيل النيابة العامة واختصاصات أعضائها.
اعتبر المشرع الجزائري أعضاء النيابة العامة من سلك القضاء وهذا ما تقرر في مواضيع كثيرة منها المادة الأولى من القانون الأساسي للقضاء و المادة33/2 من الإجراءات الجزائية و يختلف اختصاص أعضاء النيابة العامة تبعا لدرجتهم على النحو التالي :
ا – النائب العام لدى المجلس الأعلى :
هو ممثل النيابة العامة أمام المجلس المذكور أعلاه و الذي يمثل اكبر هيئة قضائية في الدولة ويسانده بعض أعضاء النيابة العامة من مختلف الدرجات إلا أن الملاحظ هنا أن النيابة العامة لدى المجلس الأعلى تختلف عن النيابة العامة لدى المجالس القضائية فهي تعتبر طرف منظم في الطعون مقامة من النيابة العامة آو الأفراد و لا يحق للنائب العام لدى المجلس الأعلى ممارسة الطعن في الأحكام الجزائية إلا في حالة الطعن لصالح القانون طبقا لنص المادة 530 و التماس إعادة النظر المادة 531 .
ب – النائب العام :
هو ممثل النيابة العامة لدى المجلس القضائي و مجموعة المحاكم المادة 32.فهو صاحب الحق في استعمال الدعوى العمومية و مباشرتها تحت إشرافه أو إشراف أعضاء النيابة العامة و الذين يعتبرون وكلاء عنه في هذا المجال و هذه الوكالة مصدرها القانون وللنائب العام فضلا عن ذلك كله اختصاصات ذاتية بصدد الدعوى العمومية خوله القانون إياه لتمكينه من الإشراف على أعضاء النيابة ولا يجوز لأعضاء النيابة أن يباشروا أيا من هذه الاختصاصات استنادا إلى تمثيلهم للنائب العام ما لم يوكلهم بذلك توكيل خاص ومن بين هذه الاختصاصات :
1/حق استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق خلال 20 يوم بعد صدور الأمر المادة 171 بينما يتعين على وكيل الدولة إذا أراد الاستئناف أن يقوم به خلال 3 أيام فقط المادة 170 .
2/حق الاستئناف في الأحكام الصادرة للجنح و المخالفات في خلال شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم المادة 419 بينما يفعل ذلك أعضاء النيابة العامة وسائل الخصوم خلال ال10ايام المادة 418 .
3/تهيئة الجنايات و تقديمها مع طلباته فيها إلى غرفة الاتهام لتحال إلى محكمة الجنايات المادة 179 .
4/إعادة تقديم الجنايات المحكوم فيها من غرفة الاتهام لعدم وجود وجه للمتابعة إلى الغرفة متى ظهرت أدلة جديدة و يطلب من رئيس الغرفة أن يصدر أمر بالقبض على المتهم أو إيداعه السجن المادة 181 .
5/ أن يطلب من غرفة الاتهام إجراء تحقيقات تكميلية المادة 186.
6/ له الحق إلى ما قبل افتتاح المرافعة أن يسحب الدعاوى المنظورة أمام المحاكم في ماعدا محاكم الجنايات المادة 180 .
ج – النائب العام المساعد الأول :
في كل مجلس قضائي يوجد نائب عام مساعد أول يعاون النائب العام في أداء مهامه ووظيفته و القاعدة آن النائب العام المساعد الأول ليس له اختصاصات ينفرد بها و إنما يقوم بمساندة النائب العام في أداء اختصاصاته ما لم يسمح له النائب العام ويحل محله حال غيابه المادة 34 . ولا يملك النائب العام تعديل ما يتخذه من إجراءات في هذه الحالة .
د – النواب العامون المساعدون :
مهامهم معاونة النائب العام في أداء مهام وظيفتهم فيمثلون النيابة العامة أمام المجلس القضائي وهم بدورهم ليس لهم اختصاصات مستقلة إنما يحددها النائب العام.
ذ – وكيل الجمهورية :
وهو يمثل النائب العام لدى المحكمة التي بها مقر عمله و يباشر الدعوى العمومية بدائرة المحكمة نيابة عنه ومن ثم يجب عليه أن يمثل لتوجيهاته وإلا كان تصرفه المخالف باطلا و هذا ما بينته المادة 36 .
ر – المساعد:
في كل محكمة من المحاكم الواقعة بدائرة المجلس القضائي عضو نيابة أو أكثر بدرجة مساعد يعاون وكيل الجمهورية في أداء مهامه .
المبحث الثاني : اختصاصات و خصائص النيابة العامة .
المطلب الاول : اختصاصات النيابة العامة .
للنيابة العامة بعض الاختصاصات بالنسبة للدعوى العمومية كما تمارس اختصاصات أخرى خارجة عن تلك الدعوى .
°اختصاصات النيابة العامة بالنسبة للدعوى العمومية :
1 – الاتهام : النيابة العامة هي سلطة الاتهام الأصلية في التشريع الجزائري فهي تحرك الدعوى العمومية ثم تباشرها وتتابع السير فيها أمام المحاكم المختلفة نيابة عن المجتمع حتى ولو حركت من جهة أخرى المادة 29 , وذلك بهدف الكشف عن الحقيقة و إقرار سلطة الدولة في العقاب.
2 – النيابة العامة عنصر في تشكيل المحاكم الجزائية : ونقصد بها المحاكم المختصة بالفصل في الدعوى العمومية سواء كانت عن جناية أو جنحة أو مخالفة على اختلاف أنواعها ودرجاتها المادة 29 , وليست مجرد طرف في الدعوى العمومية ولذلك يبطل الحكم الذي يصدر في جلسة لم يحضرها ممثل النيابة .
3 – خول المشرع الجزائري النيابة العامة سلطة القيام ببعض الإجراءات التي يختص بها أصلا قاضي التحقيق دون أن تعتبر حينئذ من أعمال التحقيق الابتدائي ,كاستجواب المتهم في الجنح التي في حالة تلبس , و الأمر بإحضار المتهم بجناية في حالة تلبس.
°اما اختصاصات النيابة العامة بخلاف الدعوة العمومية فهي كالتالي :
1 – تتولى النيابة العامة تنفيذ أحكام القضاء ولها في سبيل ممارسة وظيفتها أن تلجا الى القوة العمومية و الاستعانة بمأموري و أعوان الضبط القضائي , المادة 29 .
2 – يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي و يشرف النائب العام على ذلك الضبط المادة 12 . كما لوكيل الجمهورية أن يباشر بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات المادة 36/1 , المادة 56 .
3 – للنيابة العامة حق إبداء الرأي في بعض القضايا كتلك المتعلقة بعديمي الأهلية و الغائبين ورد القضاة و القضايا الماسة بالنظام العام المادة 141 إجراءات مدنية . وهو ما يجعلها طرفا منظما في هذه القضايا و ليست طرفا أصليا في الدعوى فهي تتولى بحث القضية و مجرد إبداء الرأي فيها .
المطلب الثاني: خصائص النيابة العامة.
للنيابة العامة خصائص معينة تحدد كيفية أدائها لوظيفتها و تنظم علاقة أعضائها ببعضهم و بغيرهم من سلطات الدولة و هي"
1 – مبدا التبعية التدريجية : يحكم أعضاء النيابة مبدأ التبعية التدريجية و ذلك خلافا لقضاة الحكم الذين لا يخضعون في أداء وظائفهم لغير ضمائرهم و مقتضيات القانون فمثلا و زير العدل بالرغم انه ليس من أعضاء النيابة العامة فهو الرئيس الأعلى لها المادة 6 من القانون الأساسي للقضاء
و يملك تكليف النائب العام للمجلس القضائي بان يباشر أو يعهد بمباشرة متابعات أو يخطر الجهات القضائية المختصة بما يراه ملائما من طلبات كتابية المادة 30 .
ومن ذلك تحريك الدعوى العمومية عن جريمة أو إبداء طلبات معينة في دعوى قضائية منظورة أو الطعن في حكم صادر فيها لو طلب إجراء تحقيق بشان واقعة ما .
ولكن ليس للنائب العام لدى المجلس الأعلى آية سلطة على باقي النواب العاميين للمجالس القضائية ليس لأي منهم سلطة على إقرانها و النائب العام هو رأس جهاز النيابة للمجلس يمتثل لتعليماته جميع أعضاء النيابة بالمجلس أو بالمحاكم التابعة له ,وكذلك يخطر النائب العام وزير العدل بالقضايا الهامة و يتلقى تعليماته و نفس الشيء يفعله وكيل الجمهورية بالنسبة للنائب العام فضلا عن التقارير الدورية التي يرسلها إليه بشان أعمال النيابة العامة و كشوف الأحكام الصادرة من المحكمة و مخالفة عضو النيابة العامة لتعليمات أي من رؤسائه يستتبع مسألته تأديبيا وجواز لفت نظره أو تنزيل درجته أو نقله لوظيفة أخرى آو عزله و في ذلك يختلف أعضاء النيابة عن قضاة الحكم الغير قابلين للعزم على أن هذه التبعية لا تخول وزير العدل سلطة اتخاذ الإجراءات التي يختص بها النائب العام أو يؤثر في سلامتها إذا باشرها النائب العام خلافا لتعليمات وزير العدل و إن جاز أن يستتبع ذلك المسالة الإدارية كما ينتهي خضوع أعضاء النيابة لأوامر رؤسائهم في مباشرة الاتهام إذا ما رفعت الدعوى إلى القضاء فيكون لهم أن يترافعوا و يبدوا بكل حرية ملاحظاتهم الشفوية التي يرونها لازمة لصالح العدالة المادة 31/2 , كطلب الحكم بالبراءة ا وان يفوضوا الرأي للمحكمة إذا انهارت الأدلة بالجلسة و هو ما يعبر عنهم بأنه إذا كان القلم مقيدا فاللسان طليق و مؤداه انه إذا كان القلم في يد ممثل الاتهام أسيرا لأوامر النائب العام وبوجه عام لتوجيهات الرؤساء ففمه في الجلسة حر يقول ما يشاء كما انه للنيابة العامة ان تطعن في القرارات أو الأحكام ولو جاءت مطابقة لطلباتها بالجلسة .
2- عدم تجزئة النيابة العامة : أعضاء النيابة العامة وكلاء للنائب العام ممثل النيابة العامة صاحبه الدعوى العمومية فكل ما يؤذونه من أعمال و وظيفتهم منسوب إلى النيابة العامة بأسرها ويتجه إلى هدف واحد هو إقرار سلطة الدولة في العقاب و لذلك جاز لكل منهم أن يكمل ما بدآه زميله في حدود كل محكمة و مجلس قضائي على الأقل فيحرك احدهم الدعوى العمومية ويحضر أخر الجلسة و يبدي ثالث طلبات النيابة في الدعوى و بهذا الصدد يختلف أعضاء النيابة عن قضاة الحكم حيث يتعين صدور الحكم من قاضي أو قضاة المحكمة الذين حضروا جميع جلسات نظر الدعوى وإلا كان الحكم باطلا المادة 341 نقض فرنسي . بيد انه حلول عضو النيابة العامة مكان محل زميله في أداء دور النيابة العامة على أن يكون مختص بالاجراءات التي يباشرها فعدم التجزئة لا يجوز آن يهدر قواعد الاختصاص النوعي أو الإقليمي فلا يملك احد أعضاء النيابة العامة آن يباشر اختصاصا ذاتيا للنائب العام ولا يملك المساعد تمثيل النيابة لدى المجلس القضائي و ذلك لعدم اختصاصه نوعيا ولا يملك وكيل الجمهورية بمحكمة معينة أن يمارس اختصاص وكيل جمهورية بمحكمة أخرى و مثله بالنسبة للنائب العام ,ويتحدد الاختصاص المحلي لأعضاء النيابة العامة بالمكان الذي وقعت فيها الجريمة أو يقيم به احد المشتبه في مساهمتهم فيها أو قبض عليه فيه المادة 37 , على انه يلاحظ أن للنائب العام أن ينيب احد أعضاء النيابة العامة ممن يعملون في إحدى النيابات لاتخاذ أي إجراء لا يدخل في اختصاص هذا العضو فالنائب العام هو صاحب الدعوى وله أن يحدد لوكيله حدود وكالته على النحو الذي يراه ملائما .
3 – استقلال النيابة العامة : أسلفنا أن المشرع الجزائري يعتبر إن أعضاء النيابة العامة قضاة و يكفل ذلك استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية و هو استقلال ضروري يمليه طبيعة دورها في الخصومة الجنائية و سعيها لمعرفة الحقيقة فضلا على أنها تختص في التشريع الجزائري ببعض إجراءات التحقيق الابتدائي و هو عمل قضائي محض يختص به أصلا قاضي التحقيق , وقد أيد المؤتمر الدولي 9 لقانون العقوبات لسنة 1946 مبدأ استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية غير انه مما يتعارض مع هذا الاستقلال ما يخوله التشريع الجزائري لوزير العدل من سلطة فعالة على أعضاء النيابة العامة لا تقتصر على الإشراف على حسن أدائهم لأعمالهم بوصفهم موظفين عموميين بوزارة العدل و إنما تمتد إلى سلطته تكليف النائب العام بمباشرة الدعوى العمومية أو اتخاذ أي إجراء فيها أما استقلال النيابة العامة عن قضاة الحكم فهو أكثر رسوخا فرغم اعتبار أعضاء النيابة العامة من رجال القضاء و رغم أن النيابة العامة عنصر أساسي في كل محكمة جنائية و رغم أنها تتولى تنفيذ قرارات القضاء ,إن كل منهما مستقل عن الأخر بغض النظر إلى أن النيابة العامة سلطة اتهام و القضاء سلطة الحكم أو الفصل في هذا الاتهام ومما يترتب على هذا الاستقلال عدة نتائج منها :
ا- للنيابة العامة حرية بسط أرائها لدى المحاكم في الدعوى العمومية في حدود ما يقضي به النظام و حقوق الدفاع .
ب- لا يجوز للمحكمة أن تأمر النيابة بتصرف معين كاتهام شخص معين أو التنازل عن اتهامه فالاتهام وظيفة النيابة و المحاكمة من عمل المحكمة التي رفع الأمر إليها بل انه عندما تحرك المحكمة الدعوى العمومية فان النيابة العامة لا تلتزم بطلب معاقبة المتهم و إنما تبدي رأيها وفقا لما يمليه عليها ضميرها و لو كان في صالح المتهم .
ج- لا يجوز للقضاء أن يلوم النيابة أو يعيب عليها تصرف أو رأي فذلك انتقاد غير جائز ومن ذلك لوم النيابة على طول الوقت الذي استغرقته مرافعتها أو إعلانها شهودا ما كان يجب إعلانهم أو أن النيابة تنظيفا بمحل الواقعة فغيرت معالمها و استحال على الخبير ان يؤدي مهمتها و تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية بحذف عبارة من حكم لمحكمة الجنايات تشير إلى أن النيابة أصرفت في الاتهام و في حشد التهم و كيلها للمتهمين و لكن للقضاء أن يطرح الأدلة التي تستند إليها النيابة العامة لعدم اطمئنانه إليها .
وأخير فان أعضاء النيابة في ممارستهم لسلطة الاتهام لا يتأثرون كقاعدة عامة بتنازل المجني عليه عن شكواه ولا عن ادعائه المدني أو لصالحه مع المتهم.
د – عدم مسؤولية النيابة العامة : يقصد بذلك أن أعضاء النيابة العامة لا يسالون مدنيا ولا جنائيا عما يتخذونه من إجراءات ماسة بحرية المتهم أو بشرفه و اعتباره أو بحرمة مسكنه كالقبض أو الحبس الاحتياطي أو توجيه الاتهام أو تفتيش مسكن كما إنهم لا يسالون عما تتضمنه مرافعاتهم من سب أو قذف في حق المتهم و للنيابة آن تطعن في الحكم و لو صدر بناءا على طلبها ما دامت أنها اكتشفت انه غير متفق مع القانون غير أن عدم مسؤولية أعضاء النيابة ليست قاعدة مطلقة فهم كالقضاة مسئولون عن أخطائهم العمدية كالغش أو التدليس أو الغدر وذلك بطريق المخاصمة على نحو ما قررته المادة 214 قانون الإجراءات المدنية وحينئذ تلتزم الدولة بالتعويض عن هذه الأخطاء و لها حق الرجوع على عضو النيابة بها .
و الواقع أن عدم مسؤولية أعضاء النيابة هو تطبيق لاستعمال السلطة المادة 39 /1 عقوبات , أو وللغلط في الإباحة الذي ينفي الخطأ غير ألعمدي أيضا .
و – عدم جواز رد أعضاء النيابة : بعد إن نصت المادة 554 على جواز رد قضاة الحكم قررت المادة 555 انه لا يجوز رد رجال القضاء أعضاء النيابة العامة و يعلل ذلك بان النيابة خصم في الدعوى العمومية و لا يرد الخصم خصمه فضلا على إن ما تجريه النيابة في تلك الدعوى خاضع للسلطة التقديرية للقاضي و لكن النيابة العامة ليست خصما عاديا يسعى جاهدا لتحقيق مصلحة شخصية أيا كانت مدى سلامتها قانونا وإنما هي طرف آو خصم يمثل المجتمع و يسعى لإقرار سلطة الدولة في العقاب وتأكيد سياسة القانون الآمر الذي يستوجب إجازة ردها ضمانا لحيادها ونزاهة أعضائها مهما قيل أن ما تبديه من أراء يخضع لتقدير القضاء .
الخاتمة:
ونستخلص في مما سبق ذكره سالفا بان النيابة العامة هي جهة أصلية في تحريك الدعوى وتمثل الحق العام ولا تخضع إلا للضمير والقانون والواجب التطبيق إذ بها تتم مواصلة التحقيق من خلال إجراءاتها بتكميل التحقيق أو تتوقف بعد قيامها بحفظ الملف