صحيفة مسابقة القضاء 2012 - الصفحة 57 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية > قسم خاص بالقضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

صحيفة مسابقة القضاء 2012

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-02-29, 20:36   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عناصر الركن المادي في الجريمة.
________________________________________
المقدمـة :
- من المبادئ المسلم بها المسلم أنه لا سلطان للقانون على ما يدور في ضمائر الأفراد من أفكار أو ما يعتقدونه من عزائم ونيات، طالما أنها لم تبرز إلى العالم الخارجي بأفعال تترجم عنها. ولهذا كانت كل جريمة مستلزمة بالضرورة لقيامها ركنا ماديا يتمثل في فعل أي واقعة خارجية تدركها الحواس وتستند إلى الجاني من الناحية المادية . و نقصد بالجريمة أنها سلوك غير عادي يلحق ضررا بمصلحة يحميها القانون وهي بذلك تكون إما القيام بفعل يجرمه قانون العقوبات أو الامتناع عن أداء واجب يأمر به القانون . أما الركن المادي للجريمة هو الفعل أو الامتناع الذي بواسطته تتكشف الجريمة ويكتمل جسمها ، و من هنا يستلزم وجود ركن مادي لقيام الـجريمة يبــرره أن الأفعال المحسوسة هي وحدها التي يمكن أن تحقق عدوانا على الحقوق أو المصالح التي يحميها ويرعاها. أم الأفكار والنيات فلا ضرر منها طالما ظلت حبيسة النفس وليس للقانون أن يتدخل بالعقاب عليها كفالة لحرية الفكر . غير أنه لقيام الركن المادي للجريمة يجب توفر عناصر معينة ، و من تم نطرح التساؤل التالي : فيما تتمثل هذه العناصر ؟

المبحث الأول : الفعل الإجرامي :
- يقصد بالفعل الإجرامي ذلك السلوك المادي الصادر عن الإنسان والذي يتعارض مع القانون ، وبذلك يتكون الفعل من عنصرين هما : السلوك الجنائي من جهة والإرادة من جهة أخرى .

المطلب الأول : السلوك الجنائي :
- يتمثل السلوك الجنائي في الفعل المعبر عليه بحركة الجاني الصادرة عن إحدى أعضائه وهذا ما نقصد به بالفعل الإيجابي ، كما يشمل الامتناع عن القيام بعمل يستوجبه القانون وهذا ما يسمى بالفعل السلبي.
- فالفعل الإيجابي هو تلك الحركة العضوية الإرادية للجاني ، الذي يصدر عن الفاعل في شكل حركات غايتها إحداث أثار مادية معينة. فالجاني الذي يريد إحداث وفاة عدوه أو خصمه فيحضر الوسيلة لذلك فليكن السلاح ثم يوجه هذا السلاح لخصمه ويضغط على بحركة يديه على الزناد لإطلاق العيار الناري لإحداث النتيجة وهي الوفاة. وهذا الفعل يصدر عن الجاني في هذه الصورة في حركة عضوية من عضو أو عدة أعضاء من جسمه ، باليد أو بالرجل أو بهما معا مثل جريمة القتل أو السرقة . واللسان مثل جريمة السب أو الشتم ، و عندما يقترن الفعل المادي هذا بإرادة ارتكاب الجريمة تكتمل إذن في صورة السلوك الفعل الإيجابي. أما الفعل السلبي فيقصد به امتناع الفاعل عن القيام بعمل معين يأمر به القانون . فجريمة امتناع الأم عن إرضاع طفلها تتمثل في إحجامها عن القيام بفعل يفرضه القانون. وكذلك امتناع السائق عن الامتثال لإشارات وتعليمات المرور، وامتناع الرجل من دفع نفقة الحضانة وامتناع الشاهد عن الإدلاء بشهادته أمام القضاء ، يعتبر بذلك الفاعل أنه قد امتنع عن القيام بواجب يفرضه القانون . و هو لا يختلف عن السلوك الإيجابي في مسألة إدراك الجاني بالموقف الذي سيتخذه عن إحجامه القيام بعمل يستوجبه القانون .
المطلب الثاني : الإرادة :
- تتجسد الإرادة في إدراك الجاني لخطورة ما يصدر عنه من سلوك جنائي. وهو يكون في هذه الحالة مدفوعا بقوة نفسية تسيطر عليه من أجل تحقيق غاية معينة، ومن ثم فليس للفعل قيمة إذا لم يكن صادرا عن إرادة واعية. وللحركة الإرادية أهمية في الموضوع وذلك لاستبعاد كل حركة غير إرادية فمثلا الشخص الذي يغمى عليه فجأة أثناء قيادته للسيارة ويتسبب في قتل شخص مار بالطريق لا يعد سلوكا إراديا و لا يكيف الفعل على أساس القتل العمدي ، لأن الجاني لم يتسبب في إحداث النتيجة

بإرادته الذاتية بل هناك قوة خارجية دفعته لارتكاب الفعل. وهذا ما تنص عليه المادة 48 من قانون العقوبات : " لا عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة لا قبل له بدفعها ".

المبحث الثاني : النتيجة :
-يقصد بالنتيجة الأثر المادي المترتب على السلوك الإجرامي، وقد اختلف الفقهاء حول مفهوم النتيجة بين رأي يقول بالرأي المادي (الطبيعي) وآخر يقول بالمفهوم القانوني لها.

المطلب الأول : المفهوم المادي :
- يقصد بالجريمة حسب هذا المفهوم الأثر المادي الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر السلة الإجرامي، فالسلوك قد أحدث حسيا ملموسا في الواقع الخارجي ومثاله : إزهاق الروح في جريمة القتل، وانتقال الحيازة في جريمة القتل والحصول على الأموال في جريمة النصب. ومفهوم النتيجة كعنصر في الركن المادي للجريمة يقوم على أساس ما يأخذ به المشرع ويرتب عليه نتائج بغض النظر عما يمكن أن يحدثه السلوك الإجرامي من نتائج أخرى. فالنتيجة التي تهمنا هي النتيجة التي يتطلبها المشرع لاكتمال الركن المادي للجريمة دون البحث في النتائج الأخرى التي أحدثتها جريمة القتل كالخسارة المادية التي تصيب أسرة القتيل، أو الألم النفسي الذي ترتب على الجريمة بالنسبة لعائلة القتيل. وأخذا بهذا المفهوم يقسم الفقهاء الجرائم إلى نوعين : الجرائم المادية ذات النتيجة كجرائم القتل والسرقة ... الخ. والجرائم الشكلية والتي لا يتطلب ركنها قيام النتيجة كجرائم ترك الأطفال وشهادة الزور

المطلب الثاني : المفهوم القانوني :
- ويتمثل هذا المفهوم فيما يسببه سلوك الجاني من ضرر أو خطر يصيب أو يهدد مصلحة يحميها القانون. وعلى هذا الأساس تكون النتيجة في جريمة القتل مثلا هي العدوان على الحق في الحياة. والنتيجة في جرائم الضرب والجرح هي العدوان على الحق في سلامة الجسم. ويؤدي الأخذ بهذا المفهوم إلى القول بأن كل جريمة يجب أن يكون لها نتيجة حتى الجرائم الشكلية لها بحسب هذا المفهوم نتيجة ، لأنها لا تخلو من خطر يهدد مصلحة محمية قانونا. فجريمة حمل السلاح مثلا لها نتيجة قد تتمثل في تعريض مصلحة الناس في أمنهم واستقرارهم للخطر. وعلى هذا الأساس قسم الفقه الجرائم إلى نوعين : جرائم ضرر وجرائم خطر .

المبحث الثالث : علاقـة السببية :
- يقصد بعلاقة السببية تلك الصلة التي تربط بين الفعل المادي الذي يرتكبه الجاني والنتيجة التي تتحقق من ذلك الفعل
المطلب الأول : نظرية تعادل الأسباب :
- ترجع هذه النظرية النتيجة إلى جميع العوامل التي ساهمت في إحداثها. ومؤدى ذلك أن فعل الجاني باعتباره واحدا من العوامل التي ساهمت في إحداث النتيجة، يعد سببا لإحداث النتيجة ولو تفاعل مع عدة أسباب أخرى وساهمت جميعها في إحداث النتيجة. وسان بعد ذلك أكان فعل الجاني هو العامل الأهم أو العامل الأقل أهمية. فكل الأسباب تقف في – نظر هذه النظرية – على قدم المساواة في إحداث النتيجة عندما تساهم في إحداثها. فمن ضرب خصمه فجرحه يُسأل عن النتيجة التي حدثت للمجني عليه الذي ذهب إلى المستشفى للتداوي من الجرح فأخطأ الطبيب المعالج في العلاج ومات المجني عليه. كما يُسأل الجاني الذي ضرب رجلا مريضا إذا حدثت نتيجة للضرب والمرض. وحجة هذا الرأي تستند إلى القول بأن العوامل الأخرى المعاصرة أو اللاحقة ما كانت لتحدث النتيجة لولا فعل الجاني، ولدا فإن فعله هو السبب. فلو لم يضرب الجاني خصمه ويجرحه لما اضطر هذا الأخير إلى الذهاب إلى المستشفى ليحدث له ما حدث في مثالنا الأول، ولم لم يضرب الجاني الرجل المريض لما استطاع المرض أن يُحدث الوفاة للمريض في مثالنا الثاني. وعليه، فإن فعل الجاني هو السبب في حدوث النتيجة إذ لولا فعله لما وقعت الجريمة. ويعد الفعل سببا على العموم للنتيجة إذا كان يترتب على تخلفه انتفاؤها. أي انه يعد سببا كل عامل من العوامل التي ساهمت في إحداث النتيجة إن كان في تخلفه ما يجعل النتيجة بعيدة التحقيق. ولدا فإن كل عامل ساهم في إحداث النتيجة يعد ضروريا ولو كان أقل أهمية من العوامل الأخرى من حيث الواقع. ونظرا لضرورة لزوم كل عامل من العوامل التي ساهمت في إحداث النتيجة، فقد اعتبرت كلها متساوية أو متعادلة في إحداث النتيجة. ولدا سميت هذه النظرية بنظرية تعادل الأسباب.
- تقييم هذه النظرية : جاءت النظرية بمعيار سهل لاستخلاص وجود علاقة السببية بين الفعل والنتيجة، إذ يكفي أن يكون السلوك ضمن بقية العوامل التي أدت لتحقيق النتيجة حتى نقول بتوافر علاقة السببية. ولكن النظرية تعرضت لنقد شديد وأخذ عليها أنها تساوي بين العوامل المختلفة . إذ من غير المنطقي وضع الأسباب الضعيف منها والقوي على قدم المساواة. فإذا أمكن تطبيق أرائها في عالم الطبيعة المادي، فإنه لا يجوز تطبيعها في عالم القانون الوضعي. وزيادة على ذلك فقد حملت هذه النظرية الجاني تبعة العوامل الأخرى والتي لا شأن له بها أحيانا مما يجعلها براي المنتقدين لها تجافي روح العدالة .

المطلب الثاني : نظرية السبب المنتج :
- ومؤدى هذه النظرية أن الجاني لا يسأل عن النتيجة التي حدثت إلا إذا كانت متصلة مباشرا بفعله ويعني ذلك أن رابطة السببية تظل قائمة ولا تنقطع ما دام الجاني هو الأقوى أو السبب الأساسي في حدوث النتيجة بالمقارنة مع الأسباب الأخرى التي ساهمت معه في حدوث النتيجة بالمقارنة مع الأسباب الأخرى التي ساهمت معه بحيث يمكن القول بأنها حدثت بفعله دون غيره. ومعيار ذلك هو أن : إذا كان فعل الجاني قادر على تحقيق النتيجة باستبعاد العوامل الأخرى فهذا يعني أن رابطة السببية متوافرة ويُسأل الجاني عن النتيجة ، وتنقطع رابطة السببية ولا يُسأل الجاني إذا كان فعله غير قادر على تحقيق نتيجة. وعلى عكس نظرية تعادل الأسباب نجد على أن هذه النظرية تُغلب مصلحة المتهم على مصلحة الضحية، فالمتهم لا يُسأل إلا إذا كان فعله الأقوى من بين الأسباب التي أدت إلى حدوث النتيجة. ويعني ذلك أن المتهم قد يفلت من المسؤولية عن النتيجة التي حدثت فيما لو شاركه في حدوثها أسباب مساوية أو أشد من فعله. فلو اعتدى شخص على آخر وتوفي المُعتدى عليه، فقد لا يُسأل الجاني عن النتيجة لو ثبت أن الوفاة قد حدثت بسبب المجني عليه أو خطأ الطبيب المعالج أو انقلاب السيارة التي نقلته على الطريق، وذلك لانقطاع رابطة السبب بفعل العوامل المتدخلة الأخرى التي تُعد أهم وأقوى من فعل الجاني.
- تقييم هذه النظرية : يؤدي الأخذ بهذه النظرية على العموم إلى تسوئ مركز الضحية ومراعاة مصالح المتهم على حسابه. وقد تؤدي إفلات المتهم من المسؤولية إذا ما تداخلت إلى جانب أعماله عوامل أجنبية . ويؤخذ عليها أيضا القول بوجود سبب واحد للجريمة و هو قول تعوزه الدقة ، إذ يصعب أن ينفرد سبب واحد بإحداث النتيجة. وزيادة على ذلك فإنه لا يجوز استبعاد العوامل الأخرى لكونها أقل شدة. كما توجد صعوبة في إيجاد المعيار المناسب الذي يدل على السبب الأشد أو السبب المنتج أو الفعال من بين الأسباب الأخرى، ففي كثير من الحالات تدق التفرقة ويصبح أمر تعيين السبب الفعال أمرا صعبا .

المطلب الثالث : نظرية السببية الملائمة :
- مؤدى هذه النظرية أن الجاني يكون مسؤولا عن إحداث النتيجة إذا كان باستطاعته الفعل أي يؤدي بحسب المجرى العادي للأمور لإحداثها . فالنتيجة تنسب إلى الجاني إذا كان فعله ملائما لإحداثها ضمن الظروف والعوامل التي أحاطت بالفعل وتداخلت معه. وللتحقق من توافر رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة نتأكد من قدرة الفعل على إحداث النتيجة وهذا يدل على أن رابطة السببية موجودة، وإن كان العكس فهذا يعني أن رابطة السببية منقطعة. فالفاعل يتحمل بموجب هذه النظرية نتائج فعله أيضا مضافا إلى ذلك العوامل الأخرى المألوفة دون الشاذة.
- تقييم هذه النظرية : تتوسط هذه النظرية الاتجاهين السابقين، فهي لا تأخذ بجميع العوامل التي ساهمت في إحداث النتيجة على قدم المساواة كما فعلت نظرية تعادل الأسباب. كما أنها لم تستبعد جميع العوامل التي ساهمت إلى جانب فعل الجاني في إحداث النتيجة كما فعلت نظرية السبب المنتج. وهي بذلك نظرية معتدلة تحصر علاقة السببية في نطاق معقول فتحقق العدالة. ومن محاسنها أنها تميز بين العوامل التي ساهمت في إحداث النتيجة وتعتد بالعوامل المألوفة فحسب . و مع ذلك فقد انتقدت هذه النظرية و قيل بأنها نظرية تحكمية تستبعد بعض العوامل بدون منطق ، و هي عوامل ساهمت فعلا في إحداث النتيجة. وقيل بأنها نظرية تخلط يبن الركنين المادي والمعنوي للجريمة لأنها تعتمد على فكرة التوقع بحسب المجرى العادي للأمور. غير أن هذه الانتقادات غير حاسمة وتبق هذه النظرية هي السائدة على العموم في الفقه والقضاء .









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-02-29, 20:37   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

غرفة الاتهام
المقدمة

ان التحقيق الابتدائي يعد مرحلة اساسية في الدعاوى العمومية الامة خاصة انه يساهم في تحديد هوية الجريمة و تقديمها على صورتها الحقيقية الى المحكمة التي تمت في ذلك و الملاحظ ان هناك عدة اطراف يرتكز عليها التحقيق ومن بين هذه الاطراف غرفة الاتهام فما المقصود بغرفة الاتهام و ما دورها في التحقيق ؟
خطة البحث

المبحث الاول : تشكيل غرفة الاتهام و اجراءات انعقادها
المطلب الاول : تشكيل غرفة الاتهام
المطلب الثاني : اجراءات انعقاد غرفة الاتهام
المبحث الثاني : اختصاصات غرفة الاتهام
المطلب الاول : الاتهام قضاء التحقيق العالي
المطلب الثاني : غرفة الاتهام قضاء استئناف
المبحث الثالث : سلطات غرفة الاتهام و احكامها
المطلب الاول : سلطات غرفة الاتهام و رئيسها
المطلب الثاني : احكام غرفة الاتهام
الخاتمة


المبحث الاول :
تشكيلها
المطلب الاول : تتشكل غرفة الاتهام من ثلاث مستشارين احدهم رئيسا و يعينون لمدة 3 سنوات بقرار من وزير العدل م 176 تمثل النيابة أمامها النائب العام او احد مساعديه و يكلف احد الكتاب بالمجلس القضائي بالقيام بوظيفة كاتب الجلسة في الغرفة م 177
المطلب الثاني : إجراءات انعقاد غرفة الاتهام :
تنعقد غرفة الاتهام اما باستدعاء من رئيسها او اما بناء على طلب النيابة العامة كلما دعت الضرورة لذلك م 178 .
و قبل ان تنعقد غرفة الاتهام يقوم النائب العام بتهيئة القضية خلال خمسة ايام من تاريخ استلام أوراقها ، و ذلك بالتأكد من أن محتويات الملف الواردة من وكيل الجمهورية كاملة ثم يقدم القضية مع طلباته فيما الى غرفة الاتهام ، و يفصل المجلس في القضية في غرفة المشورة بعد تلاوة تقرير المستشار المنتدب و النظر في الطلبات الكتابية المودعة من النائب العام و يحرر محضر بما يدور من مناقشات و أثر انتهاء تلك المناقشات اذا امرت به الغرفة كما انه تجري مداولات غرفة الاتهام بغير حضور النائب العام و الخصوم و محاميهم و الكاتب المترجم .
اختصاصات غرفة الاتهام
- تقوم باستحضار الخصوم شخصيا و تقدم ادلة الاتهام ثم تعقد مداولاتها بدون حضور المحامين م 184
- تقوم باتخاذ جميع اجراءات التحقيق التكميلية اللازمة ثم تقوم باخراج المتهم بعد أخذ رأي النيابة العامة م 186
- يجوز لها أن تقوم باجراء بعض التحقيقات مع المتهمين المحالين اليها بشأن جميع الاتهامات في الجنايات او الجنح او المخالفات الاصلية او المرتبطة مع غيرها و تقوم بهذا الاجراء من تلقاء نفسها او بناءا على طلب النائب العام م187 و يجوز لها ان تسطر احكاما للمتابعة اذا كانت الاوراق لا تتضمن أي جريمة او كان المجرم مجهولا .
- تنظر غرفة الاتهام في مدى صحة الاجراءات المرفوعة اليها و تحكم ببطلانها اذا وجد سبب من اسباب البطلان ثم يحق لها ان تحيل الملف الى قاضي التحقيق نفسه او الى قاضي آخر غيره لاتمام اجراءات التحقيق م 191.
- تنظر غرفة الاتهام في مدى صحة الاجراءات المرفوعة اليها و تقوم بالافراج عن جميع المتهمين المحبوسين احتياطيا اذا لم توجد ادلة كافية تدين المتهم ثم تقوم برد الاشياء الاو تظل مختصة بهذا الفصل 194.
- في حالة ما اذا كانت الوقائع تكون مخالفة او جنحة فإن غرفة الاتهام تأمر بإحالة القضية الى المحكمة و يظل المتهم محبوسا احتياطيا مع مراعاة المادة 124 ق ا ج و إذا كانت الوقائع لا تكون سوى مخالفة و تخضع لعقوبة الحبس حتى هذه الحالة يخلى سبيل المتهم فورا م 196 .
- تقوم غرفة الاتهام ببيان الوقائع موضوع الاتهام و الا كان حكم الاحالة باطلا و تقوم أيضا باصدار امر بالقبض على المتهم مع بيان هويته بدقة و ينفذ هذا الامر فورا و يوضع على هذه الاحكام رئيس الغرفة و كاتب الضبط.
- تقوم غرفة الاتهام بمراقبة أعمال مأمور الضبط القضائي الصادر عنهم أثناء و ظائفهم و لها الحق أن يوقع على ماموري الضبط القضائي جزاءات كالتوقيف المؤقت عن مباشرة أعماله و تقوم بإبلاغ القرارات المتخذة هذه الى السلطات التي يتبعها بناءا على طلب من النائب العام م(206/209/216) ق ا ج .
الفرع الاول : غرفة الاتهام قضاء استئناف بالنسبة للتحقيق الابتدائي ومن اهم اهداف نظام غرفة الاتهام حق الاستئناف للخصوم و هناك شروط للاستئناف
- شروط موضوعية بالنسبة للنيابة العامة النائب العام ووكيل الجمهورية تملك حق استئناف جميع اوامر قاضي التحقيق و يستثني من ذلك الامر حالة القضية الى غرفة الاتهام 170 .
و للمتهم او لوكيله استئناف اوامر قاضي التحقيق المنصوص عليها في المواد (74/125/127) ويتعلق الامر بقبول الادعاء المدني و امتداد الحبس الاحتياطي و يرفض الافراج المؤقت كما يحق له استئناف الاوامر المتعلقة باختصاصه إما من تلقاء نفسه او بناء على دفع أحد الخصوم بعدم الاختصاص م 172 ق ا ج .
اخيرا فغن للمتهم أن يتظلم لدى غرفة الاتهام من قرار قاضي التحقيق بشأن الاشياء المضبوطة م86 و بالنسبة لأوامر إحالة المتهم أن يطعن فيه إذ يستطيع أن يدل ل براءته أمام المحكمة و ليس كذلك الطعن في الامر بالاوجه للمتابعة الصادر لمصلحته أو لمصلحة المتهمين معه .
ومن جهة أخرى ليس للمدعي المدني استئناف اوامر الافراج الموقت و ان كان القانون قد اوجب تبليغه بطلبات الافراج كما يتاح له ابداء ملاحظاته (م127) كما لا يجوز له استئناف اوامر الاحالة الى المحكمة الجزائية .
أما بالنسبة للشروط الشكلية فإن استئناف المتهم و المدعي يدفع عريضة لدى نائب المحكمة.
و إذا كان المتهم محبوسا يتلقى كاتب مؤسسة إعادة التربية عريضة استئناف و يقوم رئيس المؤسسة بتسليمها الى كاتب المحكمة و يتعين عليه ان يتم الاستئناف من 3 أيام من تبليغهم بالامر كما لوكيل الجمهورية الاستئناف بتقرير يودع لدى كاتب المحكمة.
مراقبة أعمال مأموري الضبط القضائي :
تقوم غرفة الاتهام بمهمة مراقبة أعمال ماموري الضبط القضائي فيما يتعلق باجراءات الضبط القضائي التي يقومون بها (م206) و لها في سبيل ذلك عدة اختصاصات على النحو التالي .
لغرفة الاتهام أن تأمر باجراء تحقيق ضد أي مأمور ضبط قضائي من الاخلالات المنسوبة اليه و يكون ذلك اما من تلقاء نفسها اذ نكشف لها ذلك الخلل عند نظر قضية معروفة عليها و اما بناء على طلب رئيسها و اما بناء على طلب من النائب العام م 207.
و يجوز لغرفة الاتهام ان توجه الى مأمور ضبط قضائي ملاحظات كما ان تقرر ايقافه مؤقتا عن مباشرة أعمال وظيفته كمأمورر ضبط قضائي و اخيرا لها ان تسقط تلك الصفة عنه نهائيا م 209،على ان تلك الاجراءات لا تضع من توقيع اية جزاءات تاديبية على مأمور الضبط من رؤسائه
أما اذا رأت غرفة الاتهام ان مأمور الضبط القضائي قد ارتكب جريمة من جرائم قانون العقوبات فلها ان تامر فضلا عما تقدم بارسال الملف الى النائب العام لاتخاذ اللازم في شأنه م 210 و بهذا تكون قد استعرضنا النيابة العامة و قضاة التحقيق و غرفة الاتهام و اختصاصاتهم في التحقيق الابتدائي .
سلطات الغرفة :
مراجعة إجراءات التحقيق
تقوم غرفة الاتهام في حالة طرحت عليها الدعوة العمومية بإحالتها الى محكمة الجنايات بناءا على قرار قاضي التحقيق او بناءا على طلب النائب العام او للعدول عن الامر بالأوجه للمتابعة الصادر من الغرفة بناءا على ظهور ادلة جديدة و ذلك بعد اصابتها اتباع الوصف القانوني الصحيح على الوقائع موضوع الاتهام و تحقق من صحة الاجراءات التحقيق لهذا الغرض لكن لا تجري التحقيق التكميلي بنفسها و لا يحول دون ممارسة الغرفة لسلطتها سوى عدم اخنصاصها كأن تكون اختصاص لمحكمة العسكرية .

و إذا تولى التحقيق التكميلي احد اعضاء الغرفة او احد قضاة التحقيق المنتدبين من الغرفة فإنه يجريه طبقا لأحكام التحقيق الابتدائي بواسطة قاضي التحقيق فيكون له سلطاته و عليه التزاماته و لغرفة الاتهام عن استكمال التحقيق بالنسبة للوقائع موضوع الاتهام ان توسع دائرة الاتهام ان توسع دائرة الاتهام فتأمر من تلقاء نفسها بناء على طلبات النائب العام بإجراء تحقيقات بالنسبة للمتهمين المحالين اليها شأن جميع التهامات في الجنايات و الجنح و المخالفات أصلية كانت او مرتبطة بغيرها الناتجة من ملف الدعوى و التي لا يكون قد تناول الاستشارة اليها امرا الاحالة الصادر من قاضي التحقيق م187
كما أن غرفة الاتهام يمكنها ان تأمر بتوجيه التهمة الى اشخاص لم يكونوا قد احيلوا اليها بشرط ان تكون الجرائم التي تنسب اليهم ناتجة من ملف الدعوى و لم يسبق التحقيق معهم بشأنها .
و يتم توجيه الاتهام من خلال تحقيق تكميلي بحرية احد اعضاء الغرفة او القاضي الذي تندبه لهذا الغرض م 189 و ذلك حتى نتمكن هؤلاء الاشخاص من ابداء دفاعهم اما سلطة هؤلاء الاشخاص قبل احالتهم الى المحكمة الجزائية و امر الغرفة بتوجيه الاتهام لا يجوز الطعن .
الفرع الثاني : مراقبة صحة اجراءات التحقيق
ان مخالفة ما فرضه القانون من احكام بشان سلامة و صحة الاجراءات في التحقيق الابتدائي يستلزم تقرير جزاء يكفل احترامها لذلك قانون الاجراءات الجزائية بطلان أي عمل او اجراء مخالف لأحكامه ، حيث خول المشرع لغرفة الاتهام الرقابة على صحة اجراءات التحقيق الابتدائي تحت اشراف المجلس الاعلى م 191 فتقضي ببطلان ما يكون مخالفا لأحكام القانون و هو ما يتجلى فيه عمل الغرفة كسلطة عليا بالنية لمرحلة التحقيق الابتدائي .
و لكي يكون البطلان مجزء فعال استوجب التوفيق بين مصلحتين مهمتين .
حماية حقوق الدفاع بتقدير البطلان جزاء كل مخالفة لنص يكفلها من ناحية و ضمان تقدير سلطة الدولة في العقاب في أسرع وقت و ذلك بالحيلولة دون اثارة البطلان لمجرد تأخير او عرقلة الفضل في الدعوى العمومية ، ولتحقيق ذلك وجب حصر حالات البطلان على مخالفة ما قرره المشرع من أحكام يترتب عليها إهدار حقوق الدفاع او الاخلال بمبادئ النظام العام التي تحمي المصلحة العامة من جهة و حصر آثار البطلان بقدر الامكان في الاجراء المخالف دون غيره من الاجراءات الصحيحة .



حالات البطلان :
لتحديد حالات البطلان وجدت نظريتان : نظرية البطلان القانوني و البطلان الذاتي .
بالنسبة للبطلان القانوني فإن المشرع يحدد بنفسه حالات البطلان بحيث لايجوز للقاضي أن يقدر البطلان في غيرها فلابطلان يعتبر نص بحيث أن الحلات تحدد سلفا قلا تتضارب الأحكام شأنها :الا أن الواقع أثبت أن الشرع لا يمكنه أخطاء كل الحلات التي تستوجب البطلان و بالتالي لا يوفر حماية كافية للقواعد الاجرائية الاساسية و لذلك كان لابد للمشرع من وجود طرف آخر يساعده لذلك ترك المشرع للقضاء تقرير مدى مخالفة نصوص قانون الاجراءات وجدارتها بالبطلان .
من يطلب الحكم بالبطلان :
يطلب الحكم بالبطلان كلا من أطراف الدعوى و قاضي التحقيق ووكيل الجمهورية و غرفة الاتهام فهي التي تختص بتقرير البطلان اولا أن المتهم او المدعى المدني لا يستطيعان طلب ذلك منها مباشرة و انما عن طريق قاضي التحقيق الذي يرفع الامر الى الغرفة طالبا الابطال .
آثار البطلان :
قد يقتصر البطلان على الاجراء المعين فيعتبر كأن لم يكن و يقطع تقادم الدعوى العمومية وقد يمتد الى الاجراءات التالية متى كانت نتيجة حتمية لذلك الاجراء الباطل .
نتائج البطلان :
تسحب من ملف التحقيق اوراق الاجراءات التي ابطلت و تودع لدى قلم الكتاب بالمجلس القضائي و يحضر الرجوع اليها لاستنباط عناصر او اتهامات ضد الخصوم في المرافعات و الا تعرضوا الجزاء تأديبي بالنسبة للقضاة و محاكمة تأديبية للمحامين المدافعين أمام مجلسهم التأديبي م 160
يراقب رئيس الغرفة و يشرف على مجرى اجراءات التحقيق المتبعة في جميع مكاتب التحقيق بدائرة المجلس كما أنه يبذل جهده في الا يطرأ على الاجراءات أي تأخير يغير مسبوغ وذلك عن طريق إعداد قائمة ببيان جميع القضايا المتداولة مع ذلك تاريخ ىخر اجراء من الاجراءا التحقيق ثم تنفيذه في كل قضية منها م 203 و هذا يكون كل ثلاثة أشهر تقدم الى رئيس الغرفة و النائب العام
كما أنه يحق لرئيس الغرفة ان يطلب من قاضي التحقيق جميع الايضاحات اللازمة و ان يدور كل مؤسسة عقابية في دائرة المجلس لكي يتحقق من حالة المحبوسين احتياطيا و إذا ما بدا له ان الحبس غير قانوني وجه الى قاضي التحقيق الملاحظات اللازمة و لرئيس الغرفة ان يعقد غرفة الاتهام كي يفصل في امر استمرار حبس المتهم احتياطا كما اسلفنا
أحكام غرفة الاتهام :
- تتنوع أحكام غرفة الاتهام تبعا لموضوع القضية المطروحة عليها
- فإن كانت تنظر استئناف مرفوعا عن امر صادر من قاضي التحقيق في موضوع حبس المتهم احتياطيا مثلا فإن الغرفة بعد دراستها اياه تصدر حكما بالغائه او بتأييده.
- و اذا كانت تنظر في طلب مطروح على الغرفة بشأن بطلان اجراءات التحقيق حينئذ تصدر حكمها ببطلانه و ان يمتد البطلان الى الاجراءات الاخرى بعضها او كلها او ترفض الطلب إذا لم يكن صحيحا .
- وقد يطرح على الغرفة ملف القضية بأكمله للنظر في احالته الى محكمة الجنايات و نجد نقصا فيه فتصدر قراره باستكماله بواسطة أحد اعضاء الغرفة او قاضي التحقيق تندبه لهذا الغرض و اذا رات انه كامل تصدر امر بلا وجه للمتابعة اذا قدرت ان الوقائع ليست جريمة .
- و قد تصدر حكما باحالة القضية الى محكمة الجنح و المخالفات اذا رأت أن الوقائع هي جنحة او مخالفة .
و في الاخير اذا وجدت الوقائع لها وصف الجريمة قانونا و استوفت كل الشروط القانونية فإنها تصدر حكما باحالتها الى محكمة الجنايات كما أنها تصدر امرا بالقبض على المتهم مع بيان هويته بدقة و هذا الامر جزء لا يتجزأ من حكم الاحالة فغذا أغفلته كان قرار الاحالة باطلا .


الخاتمة

في الاخير كخلاصة عامة يمكن القول بان غرفة الاتهام تعتبر فرعا هاما من المجلس ... فهي تبث في الاستئناف المرفوعة اليها ضد الاوامر الصادرة عن قضاة التحقيق التابعين للمجلس المنصبة في دائرة اختصاصه كما انها تنظر الزاما في جميع التحقيقات التي تباشر المواد الجناية قبل احالة المتهمين امام المحكمة الجنائية كما تراقب جميع التحقيقات المقامة في دائرة اختصاصها ، و تباشر أيضا سلطة تأديبية وتراقب نشاط ضباط الشرطة القضائية التابعين لدئرة اختصاصها
. قائمة المراجع
- د.أحمد شوقي الشلقاني . قانون الاجراءات الجزائية الجزائري
- د. إسحاق ابراهيم منصور . الوجيز في قانون الاجراءات الجزائية










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-29, 20:38   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مبدأ الشرعية الجزائية
________________________________________
مقدمة:

من المعلوم انه لا تقوم الجريمة إلا إذا اتخذت شكلا معينا يجسد ذلك المظهر الخارجي لسلوك الجاني الإجرامي الذي يكون محلا للعقاب وذلك ما يعبر عنه بالركن المادي للجريمة،لأن هذا الركن لا يكفي لإسناد المسؤولية للجاني إلا إذا توافرت النية الجرمية لدى الجاني وذلك ما يعرف بالركن المعنوي للجريمة، لكن بالمقابل هل كل الأفعال المادية الصادرة عن الإنسان والمتنوعة بتنوع نشاطاته المقترنة بنية الفعل هي بالضرورة أفعال ضارة وخطرة على سلامة المجتمع ، وكيف نفصل بين الفعل المرفوض اجتماعيا الذي يسبب ردود فعل اجتماعية فقط وبين الفعل المرفوض اجتماعيا الذي يسبب عقابا جزائيا؟ ثم ما الذي يحول سلوك الشخص من فعل مرفوض اجتماعيا إلى جريمة؟ الأكيد انه يوجد معيار فاصل وحاسم بين ما هو مباح وما هو غير مباح حتى يبقى الفرد حرا في تصرفاته شرط ألا يلحق ضررا بالغير، ذلك المعيار هو النص القانوني مصدر التجريم.
وتبعا لذلك المعيار فلا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير أمني بدون نص شرعي وهذا ما تعرف بمبدأ الشرعية الجزائية الذي سنحاول الإلمام به في هذا البحث، فما المقصود بمبدأ الشرعية الجزائية؟ وما مدى تطبيقه في قانون العقوبات الجزائري.؟
وهذا ما استدع إلى إتباع الخطة التالية:



خطة البحث:
مقدمة:
الإشكالية:
المبحث الأول:ماهية مبدأ الشرعية الجزائية.
o المطلب الأول: تاريخ النشأة و تعريف مبدأ الشرعية الجزائية.
 الفرع الأول: تاريخ نشأة مبدأ الشرعية الجزائية.
الفرع الثاني: تعريف مبدأ الشرعية الجزائية.
o المطلب الثاني: أهمية مبدأ الشرعية الجزائية.
الفرع الأول: حماية مصلحة الفرد
الفرع الثاني: حماية مصلحة المجتمع
المبحث الثاني: تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري وتقييمه.
o المطلب الأول: تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري
 الفرع الأول: تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم و العقوبات
الفرع الثاني: تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على تدابير الأمن
o المطلب الثاني: تقييم مبدأ الشرعية الجزائية.
الفرع الأول: نتائج مبدأ الشرعية الجزائية.
الفرع الثاني: نقد مبدأ الشرعية الجزائية
 الخاتمـــة:





















المبحث الأول:ماهية مبدأ الشرعية الجزائية

اتفق غالبية الفقهاء القانون على أن القانون ركن من أركان الجريمة وهو ضروري لقيامها، إذ لا جريمة بدون نص قانوني.
المطلب الأول: تاريخ النشأة و مفهوم مبدأ الشرعية الجزائية.
إن التزم معظم الدول الحديثة بالنص على مبدأ الشرعية بقوانينها لم يكن وليد العشوائية وان بلورته مجموع من الظروف التاريخية.
الفرع الأول: تاريخ نشأة مبدأ الشرعية الجزائية.
إذا كانت الشرائع القديمة عرفت تحديد الجرائم المسبقة لقانون "حمورابي"إلا أن ذالك لم يكن إلا مظهرا شكليا للشرعية لان مضمونه لم يكن يعبر عن رغبة الجماعة وإنما عن رغبة السلطة الحاكمة فقط.
فان الشريعة الإسلامية كانت أول شريعة مقررة لمبدأ الشرعية في الوقت الذي كانت فيه باقي الأمم تعاني من تعسف السلطة،فأحكام الشريعة الإسلامية قوامها العلم المسبق لتوقيع الجزاء، قال الله عزوجل في سورة السراء الآية 15 ''وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا'' .
وقد تضمن القرآن والسنة النبوية باعتبارهما مصدرين أساسيين للتشريع، تحديدا دقيقا للجرائم، وقد فرقت الشريعة بين الجرائم ذات الطابع ألدني كجرائم الحدود والقصاص المنصوص عليها في الكتاب والسنة والجرائم ذات الطابع الاجتماعي المضبوطة بمبادئ الشريعة الإسلامية فهي متروكة لولي الأمر وهو ما تعرف بالتعزيز
أما في أوربا فقد نشأ المبدأ في القرن(18)كرد فعل على تحكم القضاة قي تجريم الأفعال ((كان القضاة سلطة تحكمية في تجريم الأفعال والعقاب عليها بالرغم من انعدام النصوص التجريمية ،فالقضاة كانوا يعاقبون بناءا على رسائل الملك ووجهة نظرهم...))
و لمواجهة تعسف القضاة وجه الفلاسفة النقد للسلطة الحاكمة بصفة عامة و السلطة القضائية بصفة خاصة وكان الفيلسوف "مونتسكيو"أول من دعا إلى الشرعية في كتابه الشهير "روح القانون 1748" عندما دعا إلى الفصل بين السلطات لضمان حماية الأفراد ،ثم جاء المحامي الايطالي "بيكار يا " في كتابه"الجرائم والعقوبات1764"متأثرا فيه بالفيلسوف روسو في نظريته العقد الاجتماعي مؤكدا على خصوصية القانون في التجريم و العقاب1
و نتيجة لهذا التطور يمكن القول أن مبدأ الشرعية يستند إلى سندين أساسيين الأول سند منطقي يرجع فيه الفضل إلى "بيكار يا"والذي يرى ضرورة أن تكون القوانين واضحة ومحددة لا يكتنفها أي غموض حتى يحق لأي فرد أن يقوم بأي عمل أو يمتنع عنه لا تتضمنه قائمة الجرائم والعقوبات ، فالقاضي في رأيهم مجرد بوق ينزل على المتهم حكم القانون ، أما السند الثاني فهو سند سياسي نجده في نظرية العقد الاجتماعي "روسو" فان الأفراد لما يتنازلوا عن حريتهم لصالح المجتمع فان هذا المجتمع وحده وممثلا في المشرع من تحديد الانفعال التي يراها مخلة بنظامه و العقاب عليها و من جهة أخرى من حق الفرد على الجماعة أن تكون هذه المسائل مبينة له2
ولقد تأكد هذا المبدأ في إعلان حقوق الإنسان والمواطن 1789 ، كما أكدت عليه دساتير فرنسا بعد الثورة الفرنسية ، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 ومنذ ذلك الحين التزمت الدول الديمقراطية بالنص على المبدأ فغي دساتيرها ومنها الجزائر(دستور1989 ودستور1996)3


الفرع الثاني: مفهوم مبدأ الشرعية الجزائية.

"يقصد بمبدأ الشرعية في القانون الجزائي إن لهذا القانون مصدرا واحدا هو القانون المكتوب"4 أي"وجود نصوص قانونية صادرة عن سلطة لضبط سياسة التجريم والجزاء و المتابعة الجزائية بغية إقرار التوازن بين الفرد والجماعة"5 و عليه فأساس هذا أنه لا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير أمن إلا بنص وكذالك لما كان القانون الجزائي من أهم القوانين المنظمة للحياة الاجتماعية بالاعتماد على العقوبة فإن القانون الجزائي ينطوي على المساس بالحقوق والحريات الفردية مما لأوجب ضبط هذا التنظيم وذلك بإخضاعه لمبدأ الشرعية الجزائية.6

المطلب الثاني: أهمية مبدأ الشرعية الجزائية.
لقد أصبحت معظم الدول الحديثة تنص على المبدأ في دساتيرها نظرا لأهميته المتمثلة في إقامة التوازن بين الفرد و الجماعة وحمايتهما بالقدر الذي يغلب مصلحة عن أخرى.
الفرع الأول: حماية مصلحة الفرد
ـ يحمي مبدأ الشرعية الفرد وحقوقه من خلال السلطة من انتهاك حرية الفرد وحقوقه إذ لا يمكن أن يعاقب الفرد على سلوك لم يكن مجرما وقت إتيانه.
ـ لما كان هذا المبدأ يضع الحدود الفاصلة بين ما هو مباح وما هو غير مباح فانه يمكن للإفراد من معرفة الوجهة الاجتماعية المعقولة لممارسة نشاطاتهم في مأمن عن المسؤولية الجنائية .
الفرع الثاني: حماية مصلحة المجتمع.
ـ إن توقيع العقاب باسم المصلحة العامة يضفي على العقوبة أساسا قانونيا يجعلها مقبولة عند المجتمع لأن في توقيعها حماية له.
ـ إنه إسناد وظيفة التجريم والعقاب للمشرع وحده يضفي على الجزاء الجنائي صبغة التأكيد و بالتالي صفة الفعالية وفي هذا المعنى يقول "بيكاريا"((العقاب المؤكد ولو كان معتدلا هو أكثر تأثرا من خشية توقيع العقاب غير مؤكد ولو كان شديدا)



المبحث الثاني: تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري وتقييمه.
إن التطبيق الموجود على أرض الواقع هو الذي يحدد لنا ويبين أيضا التطبيقات الموجودة في القانون العقوبات الجزائري الذي سنرى إلى أي مدى يطبق هذا المبدأ الذي سنقومه بحيث نتطرق إلى النتائج التي تنتج على المبدأ و الانتقادات الموجهة له.
المطلب الأول: تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري
ينطبق مبدأ الشرعية على تعريف الجرائم والعقوبات وتدابير الأمن التي تطبق على شخص معين ، ويتعين على السلطات الثلاث مراعاة هذا المبدأ.
الفرع الأول: تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم و العقوبات
أولا : تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم
مهما كانت الأفعال خطيرة على كيانات المجتمع فليس كلها مخالفة للنظام العام ، تعرض مرتكبيها للعقوبة، بل لا تستوجب العقاب إلا الأفعال التي نص عليها المشرع بنص صريح ،إذ يجب أن تكون الجريمة محددة وان يكون التجريم واضح .
1 ـ يجب أن تكون الجريمة محددة : يقتضي مبدأ الشرعية أن يحدد القانون أركان الجريمة وهكذا فبمقتضى القانون وتحديدا قانون العقوبات تجرم الاعتداءات على الغير كما يجرم القانون ويعاقب كذلك على ملكية الغير ، ولا تشكل جريمة أعمالا غير منصوص عليها في القانون مثل(الكذب ما لم يشكل شهادة زور).
2 ـ يجب أن يكون التجريم دقيقا: يجب أن يكتفي المشرع بالنص على أن عملا ما معاقب عليه بل عليه أن يبن الظروف التي يكون فيها معرضا للعقاب ، وهكذا على سبيل المثال : فعل السرقة التي تنص عليها المادة 350 ق ع ج في اختلاس شيء مملوك للغير بصفة التملك ، ومن ثم لا تقوم السرقة إذا لم يحصل الاختلاس ، وإنما مجرد حيازة أو إذا تم ،لاختلاس بدون نية التملك الشيء المختلس


غير انه من الممكن أن ألا يكون التجريم دقيق كل الدقة فقد يكتفي المشرع بالتنصيص على أن عملا ما معاقب عليه دون بيان العناصر المكونة له ومن هذا القبيل:
ـ جرائم الخصاء المادة 274 قانون العقوبات الجزائري.
ـ جرائم المخلة بالحياء المادة 333 قانون العقوبات الجزائري.
ـ جرائم هنك العرض المادة336 قانون العقوبات الجزائري.
في هذه الحالة وأمام صمت المشرع يتولى القضاء استخلاص أركان الجريمة دون ان يكون في ذلك مساس للتجريم.
3 ـ التفسير الضيق للنص الجزائي: وضعت قاعدة التفسير الضيق للنص الجزائي لصالح المتهم، فالا يسوغ استعمالها ضده فإذا كان القاضي ملزما بالتفسير الضيق للنص الجزائي التي هي في غير صالح المتهم ، ومن هذا القبيل النصوص التي تحدد العقوبات ، فليس ثمة ما يمنع القاضي من تفسير القوانين الجزائية التي هي في صالح المتهم تفسيرا واسعا.
ـ ويدخل ضمن الأحكام الجزائية التي هي ف ي صالح المتهم النصوص القانونية التي تحدد أسباب الإباحة وموانع المسؤولية ، وكذلك النصوص المتعلقة بالشكل والإجراءات الذي جاء بها المشرع ضمانا لحريات الفرد وحقوق الدفاع ، ومن هذا القبيل ما تضمنه المواد من 100 إلى 105 ق إ ج من إجراءات يتعين على القاضي التحقيق احترامها.
ـ مدى تطبيق القاعدة: إذا كان النص واضحا فليس للقاضي تفسيره بل عليه تطبيقه عملا بمبدأ "لا اجتهاد مع صراحة النص ".
في أن التفسير الضيق( للنص الجزائي يمنع على القاضي التوسع في تطبيقه للنص على حالات لم يشير المشرع بمعنى آخر فان التفسير بطريقة القياس غير بائن في المواد الجزائية.
ـ إذا كان النص غامضا ويحتمل عدة تفسيرات يتعين على القاضي أن يعطي النص معناه الحقيقي متحريا قصد المشرع ومعتمدا في ذلك على المعطيات المنطقية واللغوية والإطار الوارد فيه النص.
ويمكن للقاضي في هذا الإطار الاستعانة بالأعمال التمهيدية للبرلمان بالرجوع إلى تقرير اللجنة المختصة والمناقشة التي دارت بالبرلمان.
فإذا لم يتمكن بلوغ قصد المشرع يتعين عليه تفسير النص باختيار المعنى الذي يؤدي إلى الإباحة وليس غالى التجريم وذلك انسجاما مع مبدأ لا جريمة إلا بقانون.
ثانيا:تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على العقوبات.
مثلما لا جريمة إلا بنص فلا عقوبة إلا بنص والقاعدتان مكملتان وملازمتان لبعضهما البعض ، إذ أنه من الضروري أن يكون المرء على دراية ليس فقط بالفعل المجرم بل يجب أيضا أن يعلم بالعقوبة التي يتعرض إليها لو أتى الفعل المجرم ، و بالتالي يتعين على المشرع أن يتولى بنفسه التخصيص على عقوبة معينة لكل تجريم.
ـ وإذا كان من الجائز أن يفوض المشرع السلطة التنفيذية رسم بعض التجريمات دون وضع العقوبات فهذا الأمر جائز في المخالفات فحسب أما في مواد الجنايات والجنح فإن المادة122/7 من الدستور تحظر ذلك حيث حصرت تحديد الجنايات و الجنح والعقوبات التي تطبق عليها في مجال اختصاص المشرع.
ـ ومن جهة آخرى لا يجوز للقاضي أن ينطق بغير ما نص عليه القانون بعقوبات في نطاق ممارسته القانون من حدود غير أنه مكن الجائز أن يقضي القاضي بعقوبة تفوق الحد الأقصى المقرر قانونا يحدث هذا عند توافر شروط العود المادة54ـ مكرر ، كما يجوز له أيضا أن ينزل عن الحد الأدنى المقرر قانونا إذا تحصل المتهم على ظروف التخفيف المادة53 ق ع ج .


الفرع الثاني: تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على تدابير الأمن.
يقضي مبدأ الشريعة الجزائية أن التدابير لا تطبق على من هم في وضع سليم وإنما على الذين هم في وضع خطير يقتضي تطبيقها عليهم لذلك يتعين على المشرع أن يتعرف على العناصر الأساسية لحالة الخطورة،وهكذا وتفاديا لأي تعسف يجب أن تتضمن حالة الخطورة ركنا ماديا بحيث يكون اعتقاد باحتمال ارتكاب الجريمة لاحقا مبنيا على وقائع مسبقة ومحددة بدقة و يمكن التأكد منها لكي يستطيع القاضي أن يؤسس حكمه وقد تستخلص خطورة الجريمة من أسباب ذاتية كالإدمان على الكحول والمخدرات والخلل العقلي وقد تتجلى في مظهر خارجي بأدلة يمكن معاينتها بصفة علمية.
ولم يخرج المشرع الجزائري عن القواعد المذكورة حيث لم ينص على تطبيق تدابير الأمن قبل ارتكاب الجريمة غير ما نص عليه الأمر72/03 المؤرخ في10/02/1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقين وهكذا أجازت المادة02 من الأمر رقم72/03 يسمح لقضاة الأحداث المختصين محليا الأمر بتطبيق تدابير الأمن الخاصة بالحماية والمساعدة التربوية على القصر الذين لم يصلوا سن الرشد 19 سنة كاملة قبل ارتكاب الجريمة ويتم ذلك بناءا على عريضة يرفعها والد القاصر أو والدته أو من أسندت إليه الحاضنة أو وكيل الجمهورية.
وبوجه عام عمل مجتمع الجزائري على تجريم الحالة الخطيرة وهكذا على سبيل المثال اشترطت المادة 22ق ع ج للحكم بالوضع في مؤسسة علاجية أن تكون الصفة الإجرامية للمدمن على الكحول أو المخدرات مرتبطة بهذا الإدمان اشترطت المادة24 ق ع ج للحكم سقوط السلطة الأبوية أن يكون سلوك المحكوم عليه يعرض أولاده القصر لخطر مادي أو معنوي كما يقضي بمبدأ الشرعية الجزائية من ناحية أخرى أن يكون الفرد على دراية مسبقة بنوع تدابير الأمن الذي يعرضه إليه تصرفه وأن يكون تدبير الأمن موقوف على معاينة مسبقة لحالة الخطورة أي احتمال قوي لارتكاب جريمة مسبقة ، كمالا يجوز للقاضي على سبيل المثال الحكم بالمنع من ممارسة مهنة معينة في غير الحالات التي يجيز فيها المشرع مثل هذ ا التعبير
المطلب الثاني: تقييم مبدأ الشرعية الجزائية.
إن الأخذ بمبدأ الشرعية أعط الكثير من النتائج التي بدورها كانت المرآة التي تعكس الصورة الإيجابية للمبدأ، إلا أن هذه النتائج لم تحد من أن توجد بعض الانتقادات التي وجهت للمبدأ .
الفرع الأول: نتائج مبدأ الشرعية الجزائية.
تتعدد النتائج التي تترتب على المبدأ والأخذ به فهناك نتائج تخص المصدر الذي أعتمد عليه قانون الجزائي في إتيان النصوص القانونية وهناك نتائج تخص التفسير الذي تخضع له النصوص الجزائية و سنورد هذه النتائج الآتي :
أولا : حصر مصادر التجريم والعقاب في النصوص التشريعية
خلاصة لما يمكن إن يستنتج من مبدأ قانونية الجرائم و العقوبات فإن القاعدة الجنائية تتميز عن غيرها من قواعد القوانين الأخرى على أن مصدرها الوحيد هو القانون المكتوب على غرار القوانين الأخرى كالقانون المدني له عدة مصادر
على عكس القانون الجنائي له مصدر وحيد مما يجعل من القاعدة القانونية أكثر دقة إذ لا يمكن لأي كان أن يؤتي بما يخالفها لذلك لا يوجد مكان للمصادر الأخرى فيما يخص تحديد العقاب أو تخفيفه ولكن يجوز أن توجد مصادر أخرى لتبيح فعل ما مثل الضرب في و الجرح في الألعاب الرياضية ومصدر الإباحة هنا هو العرف ولذلك يصبح للمصادر الأخرى دور ثانوي مثلا في تحديد أركان الجريمة مثل المادة 333 من ق.ع."يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من20.000 إلى 100.000 دح كل من ارتكب فعلا علانيا مخلا بالحياء" فهنا المصدر الذي يحدد لنا نوع الفعل هو العرف و قواعد الآداب هي التي تحدد الفعل مخلا بالحياء أم لا.

ثانيا: التزام التفسير الكاشف للنصوص: إن الالتزام بتفسير النصوص هو البحث عن إرادة المشرع في النص و عليه فان التفسير المسموح به للقاضي لا يجب أن يتعد الحدود كأن يصل إلى حد خلق الجرائم والعقوبات أي إن على القاضي ألا يتعد إرادة المشرع في النص المراد تفسيره
ثالثا: الحظر القياس:
إن القياس في مفهومه هو إلحاق مالا نص فيه بما فيه نص في الحكم المنصوص عليه لاشتراكهما في علة الحكم والقياس في استعماله هو الخروج على مبدأ الشرعية الجزائية وهو مالا يسمح به القانون.
إلا أن القياس المحظور هو القياس الخاص بالتجريم وهذا يعني إن القياس غير محظور في المسائل أو الأعمال التي تقرر سببا للإباحة طالما أن القياس في هذه المسائل لا يمس التجريم أو الشرعية الجزائية

هل يفسر الشك لمصلحة المدعى عليه :
إذا كان النص غامضاً فيجب على القاضي الجنائي أن يؤوله ويبحث عن معناه الحقيقي الذي قصده المشرع وله أن يستعين في ذلك بكل طرق التفسير المنطقية واللغوية . ولكن أحياناً يكون الوصول إلى قصد المشرع مستحيلاً في هذه الحالة " الشك يفسر لمصلحة المتهم " والمجال الرئيسي لتطبيق هذه القاعدة هو الإثبات فإذا تعادلت أدلة الإدانة مع أدلة البراءة فيجب على القاضي أن يحكم بالبراءة لأن البراءة هو الأصل والبراءة قائمة على اليقين والإدانة قائمة على الشك واليقين يتقدم على الشك .




الفرع الثاني: نقد مبدأ الشرعية الجزائية
سنتناول في هذا الفرع نقطتين أساسيتان الأول تخص النقد الموجه إلى المبدأ و الثانية تخص الرد الذي آت به الفقه.

أولا: النقد الموجه للمبدأ
لقد لقي المبدأ عدة انتقادات قامت في محاولة لتعديل مضمونه حيث أنتقد المبدأ بأنه مبدأ جامد لأنه لا يستطيع مواكبة التطورات والمستجدات التي تطرأ على المجتمع بحيث تظهر أفعال جديدة مخلة بأمن ونظام المجتمع ولم ينص القانون على تجريمه , و يزداد هذا الأمر صعوبة في العصر الحديث حيث خلفت الحضارة الإنسانية المتشعبة و الحياة الاجتماعية,أنه يفسح المجال أمام المجرمين للتهرب من المسؤولية الجزائية حيث أن المبدأ يجعلهم يستفيدون من الثغرات الموجودة في القانون فالمشرع لاستطيع أن يحدد سلفا كل الأفعال الخطرة الواجب حصرها وتجريمها وأنه مبدأ عاجز على مواكبة التقدم العلمي و الوسائل المستجدة والمستعملة في اقتراف الجرائم من قبل المجرمين
وأيضا تطبيقه الصارم يؤدي حتما إلى تغليب مصلحة الفرد المجرم على مصلحة الجماعة بحيث يستفيد من الفجوات القانونية التي تعترض التشريع القائم في حين يجب تغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد و ذلك باللجوء إلى القياس
ثانيا: الرد الموجه إلى المنتقدين
أن الفقه لا يسلم بهذه الانتقادات بل يسلم بالمبدأ لأنه:
1ـــ ضمان لحريات الأفراد وحقوقهم وهذا ما تؤكده المؤتمرات الدولية التي تقام للتعريف أكثر فأكثر بالمبدأ و هذا م يؤكده سعي القانون الحديث لتجاوز كل الانتقادات الموجهة للمبدأ مثل الجمود يمكن التخلص منه بمرونة يلجأ لها المشرع في عبارات يحقق بها التوازن بين مصلحة الجماعة وحقوق الفرد
2ـــ وكذلك إعطاء السلطة التقديرية للقاضي في التشريعات الحديثة التي تسمح له بفريد العقوبة و الملائمة بين العقوبة وشخصية الفاعل
و في الأخير لايسعنا إلا القول أنه لايعيب المبدأ وفي الأخير لا يسعنا إلا القول بأن كل تلك الانتقادات الموجهة لمبدأ الشرعية لا يزال صامداً إلى وقتنا الحالي ويجد تطبيقاً له في كثير من الدول بل اعتبره بعض الدول من المبادئ الدستورية ونص عليه في دساتيرها .
نظراً للأهمية العملية لهذا المبدأ سواء بالنسبة للأفراد أو للقضاء فأما بالنسبة للأفراد تمثل هذا المبدأ إنذار مسبق للعلم بالأفعال المجرمة والعقوبة المقررة لها وبالتالي ترك الحرية للأفراد بإتيان الأفعال الغير منصوص عليها. أما بالنسبة للقضاة فإنهم يجدون في مبدأ الشرعية الأساس القانوني لتجريم الأفعال وتحديد العقوبات. فضلاً على أنه أفضل حل لمنع تسلط القضاة في الأحكام.





الخاتمـــة:
وقد يختلف التجريم من بلد إلى آخر حسب السياسة الجزائية والتشريعية المتبعة في كل بلد وذلك اعتبارا لمؤثرات البيئية والمعتقدات والمبادئ الأخلاقية والنظم السياسية والاقتصادية السائدة بكل بلد إلا أن القاسم المش ترك بين تلك السياسات يكمن في الهدف من مبدأ الشرعية وهو إقامة التوازن في المجتمع بما يضمن حقوق الفرد وحقوق الجماعة ،إلا أن هذا المبدأ قد يصبح مجرد ضمانة شكلية لا تخدم سوى مصالح الدولة وأهدافها لذلك فإن مبدأ الشرعية في حد ذاته يحتاج إلى ضمانات من أجل حماية النظام الاجتماعي ، إذ لا بد أن تكون النصوص التجريمية معبرة فعلا عن إرادة الجماعة وأن يكون التجريم والعقاب محدد بالضرورة الاجتماعية المحلية وألا تتجاوز السلطة المشرعة الحد الضروري لتحقيق المصلحة الاجتماعية العادية وذلك كله يصب في تمكين الفرد من معرفة جيدة لدائرة التجريم والإباحة .



قائمـــة المراجــع

- الدكتور أحسن بوسقيعة
الوجيز في القانون الجزائي القسم العام ،دار هومة للطباعة والنشر و التوزيع ـالجزائر.الطبعة السادسة، 2006
- الدكتور: عادل قورة ،محاضرات في القانون العقوبات القسم العام الجريمة ،ديوان المطبوعات الجامعية الساحة المركزية بن عكنون الجزائر،الطبعة الأول،2001
- الدكتور علي عبد القادر القهواجي،
شرح قانون العقبات ،دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية
ـ قانون العقوبات ،مع أخر التعديلات،طبعة2007/2008
ـ الدستور الجزائري، دستور 1996
الدكتور:. محمد أحمد المشهدان، الوسيط في شرح قانون العقوبات، الوراق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2003
ـ الدكتور:بارش سليمان، مبدأ الشرعية في القانون العقوبات الجزائري، دار الهدى عين امليلة ،2006
ــ الأستاذ: عبد الله سليمان، شرح قانون العقوبات الجزائري القسم العام ،الجزء الأول، الجريمة ،الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية ،2006










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-29, 20:39   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مبدأ الشرعية الجزائية
________________________________________
مقدمة:

من المعلوم انه لا تقوم الجريمة إلا إذا اتخذت شكلا معينا يجسد ذلك المظهر الخارجي لسلوك الجاني الإجرامي الذي يكون محلا للعقاب وذلك ما يعبر عنه بالركن المادي للجريمة،لأن هذا الركن لا يكفي لإسناد المسؤولية للجاني إلا إذا توافرت النية الجرمية لدى الجاني وذلك ما يعرف بالركن المعنوي للجريمة، لكن بالمقابل هل كل الأفعال المادية الصادرة عن الإنسان والمتنوعة بتنوع نشاطاته المقترنة بنية الفعل هي بالضرورة أفعال ضارة وخطرة على سلامة المجتمع ، وكيف نفصل بين الفعل المرفوض اجتماعيا الذي يسبب ردود فعل اجتماعية فقط وبين الفعل المرفوض اجتماعيا الذي يسبب عقابا جزائيا؟ ثم ما الذي يحول سلوك الشخص من فعل مرفوض اجتماعيا إلى جريمة؟ الأكيد انه يوجد معيار فاصل وحاسم بين ما هو مباح وما هو غير مباح حتى يبقى الفرد حرا في تصرفاته شرط ألا يلحق ضررا بالغير، ذلك المعيار هو النص القانوني مصدر التجريم.
وتبعا لذلك المعيار فلا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير أمني بدون نص شرعي وهذا ما تعرف بمبدأ الشرعية الجزائية الذي سنحاول الإلمام به في هذا البحث، فما المقصود بمبدأ الشرعية الجزائية؟ وما مدى تطبيقه في قانون العقوبات الجزائري.؟
وهذا ما استدع إلى إتباع الخطة التالية:



خطة البحث:
مقدمة:
الإشكالية:
المبحث الأول:ماهية مبدأ الشرعية الجزائية.
o المطلب الأول: تاريخ النشأة و تعريف مبدأ الشرعية الجزائية.
 الفرع الأول: تاريخ نشأة مبدأ الشرعية الجزائية.
الفرع الثاني: تعريف مبدأ الشرعية الجزائية.
o المطلب الثاني: أهمية مبدأ الشرعية الجزائية.
الفرع الأول: حماية مصلحة الفرد
الفرع الثاني: حماية مصلحة المجتمع
المبحث الثاني: تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري وتقييمه.
o المطلب الأول: تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري
 الفرع الأول: تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم و العقوبات
الفرع الثاني: تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على تدابير الأمن
o المطلب الثاني: تقييم مبدأ الشرعية الجزائية.
الفرع الأول: نتائج مبدأ الشرعية الجزائية.
الفرع الثاني: نقد مبدأ الشرعية الجزائية
 الخاتمـــة:





















المبحث الأول:ماهية مبدأ الشرعية الجزائية

اتفق غالبية الفقهاء القانون على أن القانون ركن من أركان الجريمة وهو ضروري لقيامها، إذ لا جريمة بدون نص قانوني.
المطلب الأول: تاريخ النشأة و مفهوم مبدأ الشرعية الجزائية.
إن التزم معظم الدول الحديثة بالنص على مبدأ الشرعية بقوانينها لم يكن وليد العشوائية وان بلورته مجموع من الظروف التاريخية.
الفرع الأول: تاريخ نشأة مبدأ الشرعية الجزائية.
إذا كانت الشرائع القديمة عرفت تحديد الجرائم المسبقة لقانون "حمورابي"إلا أن ذالك لم يكن إلا مظهرا شكليا للشرعية لان مضمونه لم يكن يعبر عن رغبة الجماعة وإنما عن رغبة السلطة الحاكمة فقط.
فان الشريعة الإسلامية كانت أول شريعة مقررة لمبدأ الشرعية في الوقت الذي كانت فيه باقي الأمم تعاني من تعسف السلطة،فأحكام الشريعة الإسلامية قوامها العلم المسبق لتوقيع الجزاء، قال الله عزوجل في سورة السراء الآية 15 ''وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا'' .
وقد تضمن القرآن والسنة النبوية باعتبارهما مصدرين أساسيين للتشريع، تحديدا دقيقا للجرائم، وقد فرقت الشريعة بين الجرائم ذات الطابع ألدني كجرائم الحدود والقصاص المنصوص عليها في الكتاب والسنة والجرائم ذات الطابع الاجتماعي المضبوطة بمبادئ الشريعة الإسلامية فهي متروكة لولي الأمر وهو ما تعرف بالتعزيز
أما في أوربا فقد نشأ المبدأ في القرن(18)كرد فعل على تحكم القضاة قي تجريم الأفعال ((كان القضاة سلطة تحكمية في تجريم الأفعال والعقاب عليها بالرغم من انعدام النصوص التجريمية ،فالقضاة كانوا يعاقبون بناءا على رسائل الملك ووجهة نظرهم...))
و لمواجهة تعسف القضاة وجه الفلاسفة النقد للسلطة الحاكمة بصفة عامة و السلطة القضائية بصفة خاصة وكان الفيلسوف "مونتسكيو"أول من دعا إلى الشرعية في كتابه الشهير "روح القانون 1748" عندما دعا إلى الفصل بين السلطات لضمان حماية الأفراد ،ثم جاء المحامي الايطالي "بيكار يا " في كتابه"الجرائم والعقوبات1764"متأثرا فيه بالفيلسوف روسو في نظريته العقد الاجتماعي مؤكدا على خصوصية القانون في التجريم و العقاب1
و نتيجة لهذا التطور يمكن القول أن مبدأ الشرعية يستند إلى سندين أساسيين الأول سند منطقي يرجع فيه الفضل إلى "بيكار يا"والذي يرى ضرورة أن تكون القوانين واضحة ومحددة لا يكتنفها أي غموض حتى يحق لأي فرد أن يقوم بأي عمل أو يمتنع عنه لا تتضمنه قائمة الجرائم والعقوبات ، فالقاضي في رأيهم مجرد بوق ينزل على المتهم حكم القانون ، أما السند الثاني فهو سند سياسي نجده في نظرية العقد الاجتماعي "روسو" فان الأفراد لما يتنازلوا عن حريتهم لصالح المجتمع فان هذا المجتمع وحده وممثلا في المشرع من تحديد الانفعال التي يراها مخلة بنظامه و العقاب عليها و من جهة أخرى من حق الفرد على الجماعة أن تكون هذه المسائل مبينة له2
ولقد تأكد هذا المبدأ في إعلان حقوق الإنسان والمواطن 1789 ، كما أكدت عليه دساتير فرنسا بعد الثورة الفرنسية ، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 ومنذ ذلك الحين التزمت الدول الديمقراطية بالنص على المبدأ فغي دساتيرها ومنها الجزائر(دستور1989 ودستور1996)3


الفرع الثاني: مفهوم مبدأ الشرعية الجزائية.

"يقصد بمبدأ الشرعية في القانون الجزائي إن لهذا القانون مصدرا واحدا هو القانون المكتوب"4 أي"وجود نصوص قانونية صادرة عن سلطة لضبط سياسة التجريم والجزاء و المتابعة الجزائية بغية إقرار التوازن بين الفرد والجماعة"5 و عليه فأساس هذا أنه لا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير أمن إلا بنص وكذالك لما كان القانون الجزائي من أهم القوانين المنظمة للحياة الاجتماعية بالاعتماد على العقوبة فإن القانون الجزائي ينطوي على المساس بالحقوق والحريات الفردية مما لأوجب ضبط هذا التنظيم وذلك بإخضاعه لمبدأ الشرعية الجزائية.6

المطلب الثاني: أهمية مبدأ الشرعية الجزائية.
لقد أصبحت معظم الدول الحديثة تنص على المبدأ في دساتيرها نظرا لأهميته المتمثلة في إقامة التوازن بين الفرد و الجماعة وحمايتهما بالقدر الذي يغلب مصلحة عن أخرى.
الفرع الأول: حماية مصلحة الفرد
ـ يحمي مبدأ الشرعية الفرد وحقوقه من خلال السلطة من انتهاك حرية الفرد وحقوقه إذ لا يمكن أن يعاقب الفرد على سلوك لم يكن مجرما وقت إتيانه.
ـ لما كان هذا المبدأ يضع الحدود الفاصلة بين ما هو مباح وما هو غير مباح فانه يمكن للإفراد من معرفة الوجهة الاجتماعية المعقولة لممارسة نشاطاتهم في مأمن عن المسؤولية الجنائية .
الفرع الثاني: حماية مصلحة المجتمع.
ـ إن توقيع العقاب باسم المصلحة العامة يضفي على العقوبة أساسا قانونيا يجعلها مقبولة عند المجتمع لأن في توقيعها حماية له.
ـ إنه إسناد وظيفة التجريم والعقاب للمشرع وحده يضفي على الجزاء الجنائي صبغة التأكيد و بالتالي صفة الفعالية وفي هذا المعنى يقول "بيكاريا"((العقاب المؤكد ولو كان معتدلا هو أكثر تأثرا من خشية توقيع العقاب غير مؤكد ولو كان شديدا)



المبحث الثاني: تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري وتقييمه.
إن التطبيق الموجود على أرض الواقع هو الذي يحدد لنا ويبين أيضا التطبيقات الموجودة في القانون العقوبات الجزائري الذي سنرى إلى أي مدى يطبق هذا المبدأ الذي سنقومه بحيث نتطرق إلى النتائج التي تنتج على المبدأ و الانتقادات الموجهة له.
المطلب الأول: تطبيقات مبدأ الشرعية الجزائية في قانون العقوبات الجزائري
ينطبق مبدأ الشرعية على تعريف الجرائم والعقوبات وتدابير الأمن التي تطبق على شخص معين ، ويتعين على السلطات الثلاث مراعاة هذا المبدأ.
الفرع الأول: تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم و العقوبات
أولا : تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على الجرائم
مهما كانت الأفعال خطيرة على كيانات المجتمع فليس كلها مخالفة للنظام العام ، تعرض مرتكبيها للعقوبة، بل لا تستوجب العقاب إلا الأفعال التي نص عليها المشرع بنص صريح ،إذ يجب أن تكون الجريمة محددة وان يكون التجريم واضح .
1 ـ يجب أن تكون الجريمة محددة : يقتضي مبدأ الشرعية أن يحدد القانون أركان الجريمة وهكذا فبمقتضى القانون وتحديدا قانون العقوبات تجرم الاعتداءات على الغير كما يجرم القانون ويعاقب كذلك على ملكية الغير ، ولا تشكل جريمة أعمالا غير منصوص عليها في القانون مثل(الكذب ما لم يشكل شهادة زور).
2 ـ يجب أن يكون التجريم دقيقا: يجب أن يكتفي المشرع بالنص على أن عملا ما معاقب عليه بل عليه أن يبن الظروف التي يكون فيها معرضا للعقاب ، وهكذا على سبيل المثال : فعل السرقة التي تنص عليها المادة 350 ق ع ج في اختلاس شيء مملوك للغير بصفة التملك ، ومن ثم لا تقوم السرقة إذا لم يحصل الاختلاس ، وإنما مجرد حيازة أو إذا تم ،لاختلاس بدون نية التملك الشيء المختلس


غير انه من الممكن أن ألا يكون التجريم دقيق كل الدقة فقد يكتفي المشرع بالتنصيص على أن عملا ما معاقب عليه دون بيان العناصر المكونة له ومن هذا القبيل:
ـ جرائم الخصاء المادة 274 قانون العقوبات الجزائري.
ـ جرائم المخلة بالحياء المادة 333 قانون العقوبات الجزائري.
ـ جرائم هنك العرض المادة336 قانون العقوبات الجزائري.
في هذه الحالة وأمام صمت المشرع يتولى القضاء استخلاص أركان الجريمة دون ان يكون في ذلك مساس للتجريم.
3 ـ التفسير الضيق للنص الجزائي: وضعت قاعدة التفسير الضيق للنص الجزائي لصالح المتهم، فالا يسوغ استعمالها ضده فإذا كان القاضي ملزما بالتفسير الضيق للنص الجزائي التي هي في غير صالح المتهم ، ومن هذا القبيل النصوص التي تحدد العقوبات ، فليس ثمة ما يمنع القاضي من تفسير القوانين الجزائية التي هي في صالح المتهم تفسيرا واسعا.
ـ ويدخل ضمن الأحكام الجزائية التي هي ف ي صالح المتهم النصوص القانونية التي تحدد أسباب الإباحة وموانع المسؤولية ، وكذلك النصوص المتعلقة بالشكل والإجراءات الذي جاء بها المشرع ضمانا لحريات الفرد وحقوق الدفاع ، ومن هذا القبيل ما تضمنه المواد من 100 إلى 105 ق إ ج من إجراءات يتعين على القاضي التحقيق احترامها.
ـ مدى تطبيق القاعدة: إذا كان النص واضحا فليس للقاضي تفسيره بل عليه تطبيقه عملا بمبدأ "لا اجتهاد مع صراحة النص ".
في أن التفسير الضيق( للنص الجزائي يمنع على القاضي التوسع في تطبيقه للنص على حالات لم يشير المشرع بمعنى آخر فان التفسير بطريقة القياس غير بائن في المواد الجزائية.
ـ إذا كان النص غامضا ويحتمل عدة تفسيرات يتعين على القاضي أن يعطي النص معناه الحقيقي متحريا قصد المشرع ومعتمدا في ذلك على المعطيات المنطقية واللغوية والإطار الوارد فيه النص.
ويمكن للقاضي في هذا الإطار الاستعانة بالأعمال التمهيدية للبرلمان بالرجوع إلى تقرير اللجنة المختصة والمناقشة التي دارت بالبرلمان.
فإذا لم يتمكن بلوغ قصد المشرع يتعين عليه تفسير النص باختيار المعنى الذي يؤدي إلى الإباحة وليس غالى التجريم وذلك انسجاما مع مبدأ لا جريمة إلا بقانون.
ثانيا:تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على العقوبات.
مثلما لا جريمة إلا بنص فلا عقوبة إلا بنص والقاعدتان مكملتان وملازمتان لبعضهما البعض ، إذ أنه من الضروري أن يكون المرء على دراية ليس فقط بالفعل المجرم بل يجب أيضا أن يعلم بالعقوبة التي يتعرض إليها لو أتى الفعل المجرم ، و بالتالي يتعين على المشرع أن يتولى بنفسه التخصيص على عقوبة معينة لكل تجريم.
ـ وإذا كان من الجائز أن يفوض المشرع السلطة التنفيذية رسم بعض التجريمات دون وضع العقوبات فهذا الأمر جائز في المخالفات فحسب أما في مواد الجنايات والجنح فإن المادة122/7 من الدستور تحظر ذلك حيث حصرت تحديد الجنايات و الجنح والعقوبات التي تطبق عليها في مجال اختصاص المشرع.
ـ ومن جهة آخرى لا يجوز للقاضي أن ينطق بغير ما نص عليه القانون بعقوبات في نطاق ممارسته القانون من حدود غير أنه مكن الجائز أن يقضي القاضي بعقوبة تفوق الحد الأقصى المقرر قانونا يحدث هذا عند توافر شروط العود المادة54ـ مكرر ، كما يجوز له أيضا أن ينزل عن الحد الأدنى المقرر قانونا إذا تحصل المتهم على ظروف التخفيف المادة53 ق ع ج .


الفرع الثاني: تطبيق مبدأ الشرعية الجزائية على تدابير الأمن.
يقضي مبدأ الشريعة الجزائية أن التدابير لا تطبق على من هم في وضع سليم وإنما على الذين هم في وضع خطير يقتضي تطبيقها عليهم لذلك يتعين على المشرع أن يتعرف على العناصر الأساسية لحالة الخطورة،وهكذا وتفاديا لأي تعسف يجب أن تتضمن حالة الخطورة ركنا ماديا بحيث يكون اعتقاد باحتمال ارتكاب الجريمة لاحقا مبنيا على وقائع مسبقة ومحددة بدقة و يمكن التأكد منها لكي يستطيع القاضي أن يؤسس حكمه وقد تستخلص خطورة الجريمة من أسباب ذاتية كالإدمان على الكحول والمخدرات والخلل العقلي وقد تتجلى في مظهر خارجي بأدلة يمكن معاينتها بصفة علمية.
ولم يخرج المشرع الجزائري عن القواعد المذكورة حيث لم ينص على تطبيق تدابير الأمن قبل ارتكاب الجريمة غير ما نص عليه الأمر72/03 المؤرخ في10/02/1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقين وهكذا أجازت المادة02 من الأمر رقم72/03 يسمح لقضاة الأحداث المختصين محليا الأمر بتطبيق تدابير الأمن الخاصة بالحماية والمساعدة التربوية على القصر الذين لم يصلوا سن الرشد 19 سنة كاملة قبل ارتكاب الجريمة ويتم ذلك بناءا على عريضة يرفعها والد القاصر أو والدته أو من أسندت إليه الحاضنة أو وكيل الجمهورية.
وبوجه عام عمل مجتمع الجزائري على تجريم الحالة الخطيرة وهكذا على سبيل المثال اشترطت المادة 22ق ع ج للحكم بالوضع في مؤسسة علاجية أن تكون الصفة الإجرامية للمدمن على الكحول أو المخدرات مرتبطة بهذا الإدمان اشترطت المادة24 ق ع ج للحكم سقوط السلطة الأبوية أن يكون سلوك المحكوم عليه يعرض أولاده القصر لخطر مادي أو معنوي كما يقضي بمبدأ الشرعية الجزائية من ناحية أخرى أن يكون الفرد على دراية مسبقة بنوع تدابير الأمن الذي يعرضه إليه تصرفه وأن يكون تدبير الأمن موقوف على معاينة مسبقة لحالة الخطورة أي احتمال قوي لارتكاب جريمة مسبقة ، كمالا يجوز للقاضي على سبيل المثال الحكم بالمنع من ممارسة مهنة معينة في غير الحالات التي يجيز فيها المشرع مثل هذ ا التعبير
المطلب الثاني: تقييم مبدأ الشرعية الجزائية.
إن الأخذ بمبدأ الشرعية أعط الكثير من النتائج التي بدورها كانت المرآة التي تعكس الصورة الإيجابية للمبدأ، إلا أن هذه النتائج لم تحد من أن توجد بعض الانتقادات التي وجهت للمبدأ .
الفرع الأول: نتائج مبدأ الشرعية الجزائية.
تتعدد النتائج التي تترتب على المبدأ والأخذ به فهناك نتائج تخص المصدر الذي أعتمد عليه قانون الجزائي في إتيان النصوص القانونية وهناك نتائج تخص التفسير الذي تخضع له النصوص الجزائية و سنورد هذه النتائج الآتي :
أولا : حصر مصادر التجريم والعقاب في النصوص التشريعية
خلاصة لما يمكن إن يستنتج من مبدأ قانونية الجرائم و العقوبات فإن القاعدة الجنائية تتميز عن غيرها من قواعد القوانين الأخرى على أن مصدرها الوحيد هو القانون المكتوب على غرار القوانين الأخرى كالقانون المدني له عدة مصادر
على عكس القانون الجنائي له مصدر وحيد مما يجعل من القاعدة القانونية أكثر دقة إذ لا يمكن لأي كان أن يؤتي بما يخالفها لذلك لا يوجد مكان للمصادر الأخرى فيما يخص تحديد العقاب أو تخفيفه ولكن يجوز أن توجد مصادر أخرى لتبيح فعل ما مثل الضرب في و الجرح في الألعاب الرياضية ومصدر الإباحة هنا هو العرف ولذلك يصبح للمصادر الأخرى دور ثانوي مثلا في تحديد أركان الجريمة مثل المادة 333 من ق.ع."يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من20.000 إلى 100.000 دح كل من ارتكب فعلا علانيا مخلا بالحياء" فهنا المصدر الذي يحدد لنا نوع الفعل هو العرف و قواعد الآداب هي التي تحدد الفعل مخلا بالحياء أم لا.

ثانيا: التزام التفسير الكاشف للنصوص: إن الالتزام بتفسير النصوص هو البحث عن إرادة المشرع في النص و عليه فان التفسير المسموح به للقاضي لا يجب أن يتعد الحدود كأن يصل إلى حد خلق الجرائم والعقوبات أي إن على القاضي ألا يتعد إرادة المشرع في النص المراد تفسيره
ثالثا: الحظر القياس:
إن القياس في مفهومه هو إلحاق مالا نص فيه بما فيه نص في الحكم المنصوص عليه لاشتراكهما في علة الحكم والقياس في استعماله هو الخروج على مبدأ الشرعية الجزائية وهو مالا يسمح به القانون.
إلا أن القياس المحظور هو القياس الخاص بالتجريم وهذا يعني إن القياس غير محظور في المسائل أو الأعمال التي تقرر سببا للإباحة طالما أن القياس في هذه المسائل لا يمس التجريم أو الشرعية الجزائية

هل يفسر الشك لمصلحة المدعى عليه :
إذا كان النص غامضاً فيجب على القاضي الجنائي أن يؤوله ويبحث عن معناه الحقيقي الذي قصده المشرع وله أن يستعين في ذلك بكل طرق التفسير المنطقية واللغوية . ولكن أحياناً يكون الوصول إلى قصد المشرع مستحيلاً في هذه الحالة " الشك يفسر لمصلحة المتهم " والمجال الرئيسي لتطبيق هذه القاعدة هو الإثبات فإذا تعادلت أدلة الإدانة مع أدلة البراءة فيجب على القاضي أن يحكم بالبراءة لأن البراءة هو الأصل والبراءة قائمة على اليقين والإدانة قائمة على الشك واليقين يتقدم على الشك .




الفرع الثاني: نقد مبدأ الشرعية الجزائية
سنتناول في هذا الفرع نقطتين أساسيتان الأول تخص النقد الموجه إلى المبدأ و الثانية تخص الرد الذي آت به الفقه.

أولا: النقد الموجه للمبدأ
لقد لقي المبدأ عدة انتقادات قامت في محاولة لتعديل مضمونه حيث أنتقد المبدأ بأنه مبدأ جامد لأنه لا يستطيع مواكبة التطورات والمستجدات التي تطرأ على المجتمع بحيث تظهر أفعال جديدة مخلة بأمن ونظام المجتمع ولم ينص القانون على تجريمه , و يزداد هذا الأمر صعوبة في العصر الحديث حيث خلفت الحضارة الإنسانية المتشعبة و الحياة الاجتماعية,أنه يفسح المجال أمام المجرمين للتهرب من المسؤولية الجزائية حيث أن المبدأ يجعلهم يستفيدون من الثغرات الموجودة في القانون فالمشرع لاستطيع أن يحدد سلفا كل الأفعال الخطرة الواجب حصرها وتجريمها وأنه مبدأ عاجز على مواكبة التقدم العلمي و الوسائل المستجدة والمستعملة في اقتراف الجرائم من قبل المجرمين
وأيضا تطبيقه الصارم يؤدي حتما إلى تغليب مصلحة الفرد المجرم على مصلحة الجماعة بحيث يستفيد من الفجوات القانونية التي تعترض التشريع القائم في حين يجب تغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد و ذلك باللجوء إلى القياس
ثانيا: الرد الموجه إلى المنتقدين
أن الفقه لا يسلم بهذه الانتقادات بل يسلم بالمبدأ لأنه:
1ـــ ضمان لحريات الأفراد وحقوقهم وهذا ما تؤكده المؤتمرات الدولية التي تقام للتعريف أكثر فأكثر بالمبدأ و هذا م يؤكده سعي القانون الحديث لتجاوز كل الانتقادات الموجهة للمبدأ مثل الجمود يمكن التخلص منه بمرونة يلجأ لها المشرع في عبارات يحقق بها التوازن بين مصلحة الجماعة وحقوق الفرد
2ـــ وكذلك إعطاء السلطة التقديرية للقاضي في التشريعات الحديثة التي تسمح له بفريد العقوبة و الملائمة بين العقوبة وشخصية الفاعل
و في الأخير لايسعنا إلا القول أنه لايعيب المبدأ وفي الأخير لا يسعنا إلا القول بأن كل تلك الانتقادات الموجهة لمبدأ الشرعية لا يزال صامداً إلى وقتنا الحالي ويجد تطبيقاً له في كثير من الدول بل اعتبره بعض الدول من المبادئ الدستورية ونص عليه في دساتيرها .
نظراً للأهمية العملية لهذا المبدأ سواء بالنسبة للأفراد أو للقضاء فأما بالنسبة للأفراد تمثل هذا المبدأ إنذار مسبق للعلم بالأفعال المجرمة والعقوبة المقررة لها وبالتالي ترك الحرية للأفراد بإتيان الأفعال الغير منصوص عليها. أما بالنسبة للقضاة فإنهم يجدون في مبدأ الشرعية الأساس القانوني لتجريم الأفعال وتحديد العقوبات. فضلاً على أنه أفضل حل لمنع تسلط القضاة في الأحكام.





الخاتمـــة:
وقد يختلف التجريم من بلد إلى آخر حسب السياسة الجزائية والتشريعية المتبعة في كل بلد وذلك اعتبارا لمؤثرات البيئية والمعتقدات والمبادئ الأخلاقية والنظم السياسية والاقتصادية السائدة بكل بلد إلا أن القاسم المش ترك بين تلك السياسات يكمن في الهدف من مبدأ الشرعية وهو إقامة التوازن في المجتمع بما يضمن حقوق الفرد وحقوق الجماعة ،إلا أن هذا المبدأ قد يصبح مجرد ضمانة شكلية لا تخدم سوى مصالح الدولة وأهدافها لذلك فإن مبدأ الشرعية في حد ذاته يحتاج إلى ضمانات من أجل حماية النظام الاجتماعي ، إذ لا بد أن تكون النصوص التجريمية معبرة فعلا عن إرادة الجماعة وأن يكون التجريم والعقاب محدد بالضرورة الاجتماعية المحلية وألا تتجاوز السلطة المشرعة الحد الضروري لتحقيق المصلحة الاجتماعية العادية وذلك كله يصب في تمكين الفرد من معرفة جيدة لدائرة التجريم والإباحة .



قائمـــة المراجــع

- الدكتور أحسن بوسقيعة
الوجيز في القانون الجزائي القسم العام ،دار هومة للطباعة والنشر و التوزيع ـالجزائر.الطبعة السادسة، 2006
- الدكتور: عادل قورة ،محاضرات في القانون العقوبات القسم العام الجريمة ،ديوان المطبوعات الجامعية الساحة المركزية بن عكنون الجزائر،الطبعة الأول،2001
- الدكتور علي عبد القادر القهواجي،
شرح قانون العقبات ،دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية
ـ قانون العقوبات ،مع أخر التعديلات،طبعة2007/2008
ـ الدستور الجزائري، دستور 1996
الدكتور:. محمد أحمد المشهدان، الوسيط في شرح قانون العقوبات، الوراق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2003
ـ الدكتور:بارش سليمان، مبدأ الشرعية في القانون العقوبات الجزائري، دار الهدى عين امليلة ،2006
ــ الأستاذ: عبد الله سليمان، شرح قانون العقوبات الجزائري القسم العام ،الجزء الأول، الجريمة ،الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية ،2006










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-29, 20:40   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان

مقدمة
المبحث الأول: السريان الزمني للقاعدة القانونية.
المطلب الأول: إلغاء القوانين الجزائية.
الفرع الأول: الإلغاء الصريح.
الفرع الثاني: الإلغاء الضمني.
المطلب الثاني: مبدأ الأثر الفوري للقاعدة القانونية.
الفرع الأول: مفهوم مبدأ الأثر الفوري.
الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ الأثر الفوري.

المبحث الثاني: مبدأ عدم رجعية القوانين.
المطلب الأول: مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين.
الفرع الأول: من حيث توقيت العمل بالقانون الجديد.
الفرع الثاني: من حيث توقيت ارتكاب الجريمة.
المطلب الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين.
الفرع الأول: تطبيق القانون الأصلح للمتهم.
الفرع الثاني: حالة النصوص التفسيرية المرتبطة بقانون قديم.

الخاتمة.

*********************************

مقدمة:

ينصرف معنى القانون الجنائي إلى القواعد التي تحدد سياسة التجريم و العقاب، و تنظم السياسة الإجرامية التي تبين كيفية اقتضاء الدولة لحقها في العقاب بما يضمن التوازن بين حقوق المتهم و حقوق المجتمع. و يتضمن القانون الجنائي بهذا المعنى نوعين من القواعد، النوع الأول و هو عبارة عن قواعد موضوعية تبين ما يعد جريمة و كذا العقوبة المقررة لها، في إطار مبدأ الشرعية بألاّ جريمة و لا عقوبة و لا تدبير أمن إلاّ بنص من القانون، و يعبر عن هذه القواعد بقانون العقوبات و الذي يقسم إلى قسمين اثنين أولهما قسم عام يهتم بدراسة النظرية العامة للجريمة و ببيان الأحكام العامة التي تحكم كلا من الجريمة والعقوبة عن طريق تحديد الأركان الأساسية للجريمة، و أحكام المسؤولية الجنائية، و أنواع العقوبات وظروف تشديدها و ظروف تخفيفها، و القسم الثاني هو قسم خاص يهتم بتحديد وصف الأركان الخاصة بكل جريمة على حدة، و بيان الحد الأدنى و الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها.
أما النوع الثاني فهو عبارة عن قواعد شكلية تبين الإجراءات القانونية التي يتعين مراعاتها، و يجب إتباعها طوال مراحل الخصومة الجنائية من مرحلة التحري عن الجريمة، والتحقيق فيها إلى صدور الحكم الجنائي وتنفيذه. و يعبر عن هذه القواعد بقانون الإجراءات الجزائية.

لكن ما هو النطاق الزمني الذي يطبق فيه القانون الجنائي؟ و ما هي المبادئ التي تحكم هذا التطبيق؟

إذا كان قانون العقوبات جزء من التشريع العقابي بمعناه الواسع، و فرع له بمعناه الضيق، فإنّ دراستنا لموضوع نطاق تطبيق القانون الجنائي من حيث الزمان ترتكز أساسا على تطبيق القواعد الجنائية الموضوعية مدعمة ببعض الأمثلة، و قد تناولنا فيها مبحثين اثنين الأول يتعلق بالسريان الزمني للقاعدة القانونية قسمناه إلى مطلبين هما إلغاء القوانين الجزائية، و مبدأ الأثر الفوري للقاعدة القانونية أما المبحث الثاني فخصصناه لمبدأ عدم رجعية القوانين و قد قسمناه بدوره إلى مطلبين هما مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين و الاستثناءات الواردة على هذا المبدأ.

المبحث الأول: السريان الزمني للقاعدة القانونية.

كلنا يعلم بأن القانون هو مجموعة من القواعد التي تنظم سلوكات الأفراد داخل المجتمع، و من ضمن هذه القواعد تلك التي تحدد الأفعال التي تعتبر جرما و تبين العقوبات و التدابير المقررة لها بغية الحد من الجرائم باستعمال الردع المناسب سواء كانت هذه الأفعال إيجابية أم سلبية، و هي محددة في تقنين خاص، حينما تصدر تصبح نافذة و تطبق على جميع الأفعال الممنوعة التي ترتكب في ظله و هذا هو أساس مبدأ سيادة القانون أو مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات. ومن غير المنطقي أن يرتكب شخص فعلا مباحا ثم يسن قانون جديد بعد ارتكابه و يطبق عليه، لأن ذلك يكون خرقا و انتهاكا لمبدأ الشرعية، إذن لا قيمة و لا سلطان للنص القانوني قبل سريانه و بعد إلغائه.
و عند غياب أي مؤشر يحدد ميعاد سريان القاعدة القانونية فإنه يتوجب الرجوع إلى النص العام الذي جاء في القانون المدني لاسيما المادة 4 منه التي تنص على أنه تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية.
تكون نافذة المفعول بالجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها و في النواحي الأخرى في نطاق كل دائرة بعد مضي يوم كامل من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة ويشهد على ذلك تاريخ ختم الدائرة الموضوع على الجريدة.
الأصل العام في تطبيق القانون من حيث الزمان هو أن القانون يكون دائما واجب التطبيق من اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية أو من التاريخ الذي يحدده نفس القانون لسريان أحكامه، و هي قرينة قطعية على علم الكافة بها فلا يعذر أحد بجهل القانون (المادة 60 من الدستور)، وأن القانون لا تسري أحكامه إلا على الحالات التي تتم في ظله أي بعد إصداره، وأنه لا يسري على ما وقع من الحالات قبل صدوره. فالركن المادي للجريمة يعني كون الفعل المادي للجريمة يقع تحت نص يجرمه وقت ارتكاب الجريمة، أي أن السلوك الإجرامي للفاعل يكون عملاً غير مشروع يعاقب عليه القانون وقت ارتكابه بنص نافذ في القانون، فلا يمكن اعتبار الفعل مادياً في عمل مخالف لقانون سابق جرى أباحته أو إلغاء العقوبة المقررة على ارتكابه بقانون لاحق.
و قواعد قانون العقوبات كباقي القواعد القانونية ليست بالنصوص الأبدية بل تنشأ و تعدل و تلغى إن اقتضى الأمر ذلك وفق سريان زمني مضبوط تتحكم فيه ظاهرة تعاقب القوانين، و من آثار هذه الظاهرة إلغاء القانون اللاحق للقانون السابق.

المطلب الأول: إلغاء القوانين الجزائية.

يقصد بإلغاء قاعدة قانونية التوقف التام و النهائي عن العمل بها و بالتالي فإن إلغاء قاعدة قانونية هو قاعدة قانونية في حد ذاتها تنشأ بنفس الطريقة و تمر بالمراحل ذاتها التي أقرها القانون، و قد تتناول في طياتها البديل عن سابقتها و كيفية التطبيق موضحة في ذات الوقت مصير القاعدة الأولى و واضعة الحلول للآثار التي خلفتها و قد تسكت عن ذلك و بهذا نكون أمام صورتين هما: الإلغاء الصريح و الإلغاء الضمني.

الفرع الأول: الإلغاء الصريح.

يكون الإلغاء صريحا متى وجد النص، و صراحته تقتضي الإشارة إلى انتهاء العمل بالقانون السابق وانتفاء إلزاميته، عن طريق استعمال ألفاظ و عبارات واضحة بما لا يدع مجالا للشك أو التأويل، بحيث تكون لحظة انقضاء النص السابق هي ذاتها لحظة نفاذ النص الجديد إذا استبدله المشرع بآخر.
و هو ما أشارت له المادة 2 فقرة 2 من القانون المدني بقولها “… ولا يجوز إلغاء قانون إلا بقانون لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء ….”
و الأمثلة عديدة في هذا المجال منها ما جاء في قانون العقوبات الجزائري عندما ألغى نص المادة 10 من الأمر 66/156 المؤرخ 08 جوان 1966 المعدلة بموجب المادة 01 من القانون 82/04 المؤرخ في 13 فبراير 1982، و اللتان ألغيتا بموجب نص المادة 02 من القانون رقم 89-05 المؤرخ في 25 أفريل 1989. فقد كانت المادة 10 وفق الأمر 66/156 تنص على ما يلي: “الاعتقال هو حجز بعض العائدين للإجرام لمدة غير محدودة في إحدى مؤسسات التأهيل الاجتماعي”. ثم عدلت بموجب القانون 82/04 فأصبحت تنص على:”الاعتقال هو حجز بعض العائدين للإجرام المذكورين في المادة 60 مدة غير محدد ة في إحدى مؤسسات التأهيل الاجتماعي، غير أنه لا يمكن تطبيق الحجز على النساء مهما يكن سنهن و كذا على الأشخاص الذين يتجاوز عمرهم 60 سنة أو يقل عن 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة”. ثم ألغيت صراحة بموجب القانون89/05.

الفرع الثاني: الإلغاء الضمني.

يكون الإلغاء الضمني في حالة تعارض قانون جديد مع قانون قديم، أو في حالة صدور تشريع جديد يعيد تنظيم مسألة تولى تنظيمها تشريع سابق على نحو مغاير حيث يستنتج من هذا التعارض ضرورة تطبيق النصوص اللاحقة على حساب النصوص السابقة.
و هو ما أشارت له المادة 2 فقرة 3 من القانون المدني بقولها…” و قد يكون الإلغاء ضمنيا إذا تضمن القانون الجديد نصا يتعارض مع نص القانون القديم أو نظم من جديد موضوعا سبق أن قرر قواعده ذلك القانون القديم.”
و كمثال على الإلغاء الضمني بإعادة تنظيم مسألة تولى تنظيمها تشريع سابق على نحو مغاير، نص المادة 09 من الأمر 66/156 التي كانت تحصر العقوبات التكميلية في 7 أنواع بقولها:”العقوبات التكميلية هي:
1. الاعتقال، 2. تحديد الإقامة، 3. المنع من الإقامة، 4. الحرمان من مباشرة بعض الحقوق، 5. المصادرة الجزئية للأموال، 6. حل الشخص الاعتباري، 7.نشر الحكم”.
لكن القانون 89/05 في مادته الأولى أعاد تنظيم نفس مسألة بقوله:”العقوبات التكميلية هي: 1. تحديد الإقامة، 2. المنع من الإقامة، 3.الحرمان من مباشرة بعض الحقوق، 4.المصادرة الجزئية للأموال، 5. حل الشخص الاعتباري، 6.نشر الحكم.” حاذفا النوع الأول و هو الاعتقال.
و مثال على الإلغاء الضمني في حالة تعارض قانون جديد مع قانون قديم ما هو موجود في نص المادة 8 من القانون رقم 82-04 المؤرخ في 13 فيفري 1982: “الحرمان من الحقوق الوطنية ينحصر في : 1. عزل المحكوم عليه و طرده من جميع الوظائف و المناصب السامية في الحزب أو الدولة و كذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة. 2. الحرمان من حق الانتخابات و الترشيح و على العموم كل الحقوق الوطنية و السياسية، و من حمل…الخ”
فجملة “المناصب السياسية في الحزب” لم يعد لها معنى في ظل الدستور الجديد الذي سن التعددية الحزبية و بالتالي فلا يمكن للقاضي الحكم بهذا الحرمان لأنه يتعارض ضمنيا مع مبدأ دستوري.

لكن كيف يفسر هذا الإلغاء؟

من أجل الفهم الصحيح و التطبيق الصحيح لقواعد القانون لابد من إزالة التعارض الذي قد يوجد في الظاهر بين قواعد القانون المختلفة و نقول أن التعارض قد يوجد في الظاهر لأنه من غير المعقول أن يوجد تعارض حقيقي بين قواعد القانون بل لابد من إزالة هذا التعارض بحيث لا تبقى إلا قاعدة قانونية واحدة واجبة الإتباع و أهم قواعد إزالة التعارض هي أن القاعدة الأعلى تبطل القاعدة الأدنى المخالفة لها، فقواعد القانون الدستوري لا يتصور مخالفتها من قواعد القانون العادي أو قواعد القانون الفرعي، وكذلك فإن قواعد القانون العادي لا يتصور مخالفتها من قواعد القانون الفرعي و لا أهمية في ذلك لمصدر القاعدة فكل مصادر القانون قادرة على خلق قواعد من درجات مختلفة، فقواعد القانون الدستوري قد تنشأ عن التشريع أو عن العرف أو عن القضاء و يكفي بالنسبة للقضاء أن نذكر أن قاعدة رقابة القضاء الدستورية القوانين هي ذاتها قاعدة دستورية و هي من خلق القضاء ذاته.
و القاعدة الثانية أن القاعدة اللاحقة تلغي القاعدة السابقة المساوية لها أو الأدنى منها في القوة، و لا أهمية لمصدر القاعدة اللاحقة أو مصدر القاعدة السابقة، و تسري في هذا الشأن قواعد تنازع القوانين في الزمان من حيث إكمال الأثر المباشر لهذا القانون و انعدام الأثر الرجعي للقانون الجديد و هو ما سنوضحه لاحقا.
و القاعدة الثالثة أن القاعدة الخاصة تقيد القاعدة العامة المساوية أو الأدنى منها في القوة دون النظر إلى مصدر هتين القاعدتين و دون النظر إلى تاريخ العمل بأي منهما. أما إذا لم تكن إزالة هذا التعارض بأن كانت كل من القاعدتين مساوية للأخرى في الدرجة و معاصرة لها في النشأة و مطابقة لها في المعنى فلا يكون هناك بد من طرح هتين القاعدتين معا إذ لا يمكن تطبيقهما في نفس الوقت و هذا الافتراض ناذر للغاية، إلا ما نتج عن خطأ أو سهو.

المطلب الثاني: مبدأ الأثر الفوري للقاعدة القانونية.

تنص المادة 2 من القانون المدني على ما يلي: ” لا يسري القانون إلى على ما يقع في المستقبل ولا يكون له أثر رجعي”. و أيدته أيضا المادة 2 من قانون العقوبات بقولها: “لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدة”.

الفرع الأول: مفهوم مبدأ الأثر الفوري.

يعني مبدأ الأثر الفوري للقانون أن كل تشريع جديد يطبق فورا منذ تاريخ سريانه أي وقت نفاذه، فيحدث آثاره مباشرة على كل الوقائع والأشخاص المخاطبين به على الحالات التي وقعت عقب نفاذه بصفة فورية ومباشرة. فالقانون الجديد يصدر ويطبق على الحاضر و المستقبل، لا على الماضي، ويستخلص من ذلك أن القانون القديم يحكم الحالات التي تمت في ظله، فلا يطبق عليها القانون الجديد. فلو فرضنا أن قانونا جديدا صار نافذا اليوم ونص على تجريم فعل لم يكون مجرما من قبل، فمن البديهي أنه يسري ابتداء من اليوم على كل من يقوم بهذا الفعل المجرَّم، وبالتالي لا يمكن متابعة من قاموا بهذا الفعل في الماضي، و إن كان حتى بالأمس مثلا :لو فرضنا أن قانون المالية لسنة 1998 يفرض ضريبة على شراء السيارات، فيكون مشتري السيارة ملزم بأداء تلك الضريبة من أول يوم لسنة 1998، و إلا اتهم بجريمة التهرب الضريبي بعد هذا التاريخ و لكن لا يلزم بأداء هذه الضريبة كل الأشخاص الذين اشتروا سيارة في العام الماضي، وحتى في آخر يوم لسنة 1997.في خضم عدم وجود الضريبة فلا وجود لجرم التهرب الضريبي.
لابد من الإشارة إلى أن هذا المبدأ يخص بشكل أدق القواعد الشكلية أو ما يعرف بالقواعد الإجرائية ويرجع السبب في ذلك أن هدف الإجراءات الشكلية عموما هو إدراك الحقيقة بأسرع وقت دون مساس بالقواعد المتعلقة بالتجريم و العقاب و التي تقصدها الدساتير و القوانين في تقريرها عدم رجعية أحكامها على الماضي و بالتالي فإن المتهم لا يضار قط من سريان هذه القواعد مباشرة عليه، بل أنه على العكس قد يستفيد طالما أن كل تعديل لقاعدة إجرائية مقصود به أصلا محاولة إدراك الحقيقة القضائية في وقت أقصر و بشكل أكثر يقينا، كما أن هذا التعديل لن يكون له تأثير على موقفه القضائي و سلوكه الذي يتوجه إلى الجريمة و العقوبة وليس إلى الإجراءات الجنائية
فالعبرة هي بوقت مباشرة الإجراء و ليس بوقت وقوع الجريمة التي يتخذ الإجراء بمناسبتها، فالقواعد الإجرائية تسري من يوم نفاذها بأثر فوري على القضايا التي لم تكن قد تم الفصل فيها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
و يكاد الفقه يتفق على أن مضمون القاعدة أو موضوعها هو الفيصل في بيان طبيعتها القانونية فتكون القاعدة موضوعية إذا كان مضمونها أو موضوعها يتعلق بحق الدولة في العقاب سواء من حيث نشأته أو تعديله أو انقضائه بينما تكون القاعدة إجرائية إذا كان موضوعها أو مضمونها يتعلق بالأشكال ة الأساليب و الكيفيات التي ينبغي إتباعها في سبيل اقتضاء هذا الحق أمام السلطة القضائية، بصرف النظر عن موقع القاعدة أي عن ورودها في قانون العقوبات أم الإجراءات الجنائية، و بصرف النظر عن الغاية التي تستهدفها أي سواء كانت في مصلحة الفرد أم في مصلحة الجماعة.

الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ الأثر الفوري.

بالرغم من فرط بداهة هذا المبدأ فقد أورد عليه الشارع استثناءات منها ما يتعلق بالجريمة و منها ما يتعلق بالجزاء إذ أن فورية التطبيق لا تسمح للقانون القديم من تجاوز نطاقه الزمني في التطبيق.
و أهم استثناء لهذا المبدأ هو و جود النص الصريح على مخالفة التنفيذ الفوري للقاعدة القانونية إذ يجوز للمشرع أن ينص في تشريع خاص على تنفيذ القانون في وقت لاحق نظرا لوجود ظروف معينة تعيق تطبيقه مباشرة، هذا النص يجعل من القانون الصادر مجمدا إلى حين و هو دلالة على تطبيقه مستقبلا و ليس فوريا. كما يجوز النص الصريح أن يعطي استثناءا آخر يؤدي إلى رجعية بعض القوانين إلى الماضي لاسيما تلك التي تتعلق بالآجال و مواعيد التقادم التي يكون تمديدها أو تقليصها في صالح المتهم وذلك راجع إلى أن مبدأ عدم رجعية القوانين يقيد القاضي فقط ولكنه لا يقيد المشرع، بغرض تحقيق مصلحة اجتماعية عامة أو فيما يخص النظام العام.و هو ما سنتعرض له في الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين.
و كاستثناء آخر انتظار صدور تشريع لاحق يبين كيفية تطبيق القاعدة القانونية الصادرة، والأمر يتعلق في غالب الأحيان بقواعد شكلية تحتاج إلى تكملة بقواعد أخرى ضرورية لها في تبيان طريقة التطبيق أو تضيف إليها ملحقات ضرورية لسير القاعدة القانونية الصادرة و المثال على ذلك بسيط كإصدار قاعدة قانونية تتحدث عن نماذج معينة لم يتم إصدارها بعد، فيكون نصها كالآتي: “…يكون تحرير المحاضر الخاصة ب…..طبقا لنماذج محددة بموجب قانون لاحق”. ومن ثم لا يمكن تطبيق نص القانون مادام أن القانون المحدد لصفة النماذج لم يصدر بعد..

المبحث الثاني: مبدأ عدم رجعية القوانين.

من بين أبرز المبادئ و أهمها على الإطلاق مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية لكن ما المقصود بهذا المبدأ و ما هي الاستثناءات الواردة عليه؟

المطلب الأول: مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين.

يسري النص الجنائي من تاريخ نفاذه فلا تطبق أحكامه إلا على الأفعال التي ترتكب بعد تاريخ نفاذه، أما الأفعال التي ترتكب قبل تاريخ النفاذ فلا يشملها.
و هو ما سنوضحه في هذا المطلب بإبراز مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين من حيث توقيت العمل بالقانون الجديد و من حيث توقيت ارتكاب الجريمة.

الفرع الأول: من حيث توقيت العمل بالقانون الجديد.

نصت المادة الثانية من قانون العقوبات على أنه لا يسري قانون العقوبات على الماضي،كما تضمن الدستور الجديد أيضا النص على هذه القاعدة التي عرفت باسم عدم رجعية أحكام قانون العقوبات، و بمقتضى هذه القاعدة لا يجوز أن يحكم على شخص بعقوبة لفعل كان مباحا وقت ارتكاب.

كما لا يجوز أيضا أن يحكم على شخص بعقوبة أشد من التي كانت محددة لها وقت ارتكابها و تستند هذه القاعدة المقررة في الدستور و في المادة الثانية من قانون العقوبات على مبدأ الشرعية. فتوقيع عقوبة على فعل كان مباحا وقت ارتكابه معناه تجريم فعل بغير نص تشريعي، كما أن توقيع عقوبة اشد من تلك المحددة في النص الساري وقت ارتكاب الجريمة معناه تطبيق عقوبة بغير نص تشريعي، و هو ما يخالف مبدأ الشرعية. و على ذلك فقاعدة عدم رجعية نصوص قانون العقوبات هي نتيجة حتمية ومنطقية لمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات.
و قد نص الدستور المصري في مادته 188 على انه تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها و يعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذالك ميعادا آخر.كما قرر بالمادة 187 انه “لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها و لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها.
المبدأ إذن، أن أحكام القاعدة الجنائية لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، و منذ تلك اللحظة يفرض القانون الجديد سلطانه على كافة الجرائم التي تقع ابتداء من هدا التاريخ.
ومن جهة أخرى، فالدستور الأردني و قانون العقوبات حددا متى ينفذ القانون الجديد بعد نشره في الجريدة الرسمية و المدة هي ثلاثين يوما من تاريخ نشره و اليوم الأول لا يحتسب. و العبرة هي بوقت العمل بالقانون الجديد لا بتاريخ إصداره.
و ينص الفصل الرابع من القانون الجنائي المغربي على انه لا يؤاخذ أحد على فعل لم يكن يعتبر جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه.
و يشير الفصل الخامس إلى انه لا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لم يعد يعتبر جريمة بمقتضى قانون صدر بعد ارتكابه. فإن كان قد صدر حكم بالإدانة، فإن العقوبات المحكوم بها، أصلية كانت أو إضافية، يجعل حد لتنفيذها.
و تنص المادة الأولى من القانون الجنائي السودان على انه:يسمي هذا القانون ” القانون الجنائي لسنة 1991م ” ويعمل به بعد شهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية. و يطبق القانون الذي كان معمولاً به في وقت ارتكاب الجريمة (المادة الرابعة).

الفرع الثاني: من حيث توقيت ارتكاب الجريمة.

هناك بعض الجرائم التي لا يثير تحديد وقت ارتكابها أدنى صعوبة لأنها ترتكب و تتم في لحظة واحدة من الزمان. فمن يطلق النار على غريمه فيخر على الفور صريعا لا يتردد أحد في تحديد وقت ارتكاب الجريمة لأنها تبدأ و تتم في لحظة زمنية واحدة.
فتحديد وقت ارتكاب الجريمة خلال سريان النص الجنائي لا يثير صعوبة بالنسبة للجريمة الوقتية، فالفعل يبدأ و ينتهي خلال فترة زمنية وجيزة، فالصعوبة تظهر في تلك الجرائم التي يتراخى أمدها في التنفيذ، تلك الجرائم التي استقر العرف على تسميتها بالجرائم الزمنية لانطوائها على عنصر زمني يباعد بين الفعل و النتيجة في أغلب الأحوال و هي ما يغرف بالجرائم المستمرة كإخفاء الأشياء المسروقة، و الحبس بدون وجه حق ووضع جرعات من السم على فترات زمنية متباعدة، الهدف منها قتل الشخص أو المريض بعد مدة ما…الخ.
و هناك نوع آخر من الجرائم تسمى الجرائم الاعتيادية، كالتسول فينبغي أن يتكرر الفعل في ظل القانون الجديد حتى يمكن القول بان الجريمة وقعت بعد نفاذه.
و هناك ملاحظة هامة مؤداها أن الاتفاق الجنائي على الجرائم المستمرة أو المتتابعة يطبق عليه القانون الجديد و لو كان أشد على المتهم، طالما أن الجريمة المستمرة قد وقعت بعد العمل به.من جهة أخرى ظهرت ثلاث نظريات بخصوص تحديد وقت ارتكاب الجريمة :
* نظرية السلوك:طبقا لهده النظرية تكون العبرة في تحديد وقت الجريمة بوقت إتيان السلوك.
* نظرية النتيجة: طبقا لها تكون العبرة بوقت وقوع النتيجة، والجريمة تعتبر مرتكبة فقط في ذلك الحين.
*نظرية مختلطة: لا تعتد بالفعل أو النتيجة أيهما فقط، بل تعتد بهما معا، فتأخذ أحيانا بوقت ارتكاب الفعل و أحيانا أخرى بوقت وقوع النتيجة.

المطلب الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين.

هناك استثناءين على هذا المبدأ هما تطبيق القانون الأصلح للمتهم و حالة النصوص التفسيرية المرتبطة بقانون قديم.

الفرع الأول: تطبيق القانون الأصلح للمتهم.

المبدأ بالنسبة لقواعد القانون الجنائي هو عدم رجعية القوانين و هو يعد من النتائج المباشرة لمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات الذي يشكل ضمانة هامة لحماية الحرية الفردية للمواطن و الذي يقضي منطوقه بسريان القانون الذي يحكم الجرم وقت ارتكابه، لكنه بالنظر إلى أن هذه القاعدة قد تقررت فقط لمصلحة الفرد و صيانة لحريته فان المنطقي هو جواز سريان النص الجديد بأثر رجعي إذا كان هذا النص أصلح للمتهم .
بالنسبة للتشريع الجزائري بعد أن نصت المادة الثانية من قانون العقوبات على قاعدة عدم رجعية قوانين العقوبات، استثنت فيما بعد القوانين التي تكون أقل شدة بالمتهم بمعنى أن قانون العقوبات إذا كان أصلح للمتهم، فانه ينطبق على أفعال وقعت قبل نفاذه و يستبعد بالتالي القانون الذي كان ساريا وقت وقوع الفعل الجنائي.
و حسب نص المادة الرابعة من القانون الجنائي السوداني فإنه في حالة الجرائم التي لم يصدر فيها حكم نهائي تطبق أحكام هذا القانون إذا كان هو الأصلح للمتهم.
في التشريع المغربي و في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول، بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها، يتعين تطبيق القانون الأصلح للمتهم.
و بناءا على هذا، هناك شرطان يجب توافرهما لتطبيق القانون الأصلح للمتهم و هما:
1- التحقق من صلاحية القانون الجديد للمتهم:
إن مسالة تحديد القانون الأصلح للمتهم بين قانونين أو أكثر تعتبر مسالة قانونية بحتة يقررها القاضي باعتباره القائم على تطبيق القانون و ذلك دون أخذ رأي المتهم أو محاميه.
و تطبيقا لذلك فان القانون الذي يؤدي تطبيقه على متهم معين يتمتع مثلا بظروف مخففة أو يؤدي إلى عدم توقيع العقاب أو تخفيفه أو وقف تنفيذه يعتبر هدا القانون هو الأصلح للمتهم بصرف النظر عما إذا كان تطبيقه في حالات أخرى يؤدي إلى التشديد على متهمين آخرين-كل جريمة ومجرم على حدة- مثلا اعتبار القتل دفاعا عن المال دفاعا مشروعا بعد ما كان يعتبر جريمة.
أو مثلا حيازة سلاح بدون ترخيص يصبح عملا غير مجرم في ظل القانون الجديد في حين انه مجرما في ظل القانون القديم.
2- صدور القانون الجديد الأصلح للمتهم قبل صدور حكم نهائي:
حتى يستفيد المتهم من القانون الأصلح يجب أن يصدر هدا القانون قبل النطق بالحكم النهائي على المتهم، أما إذا صدر حكما نهائيا على المتهم فلا يستفيد من القانون الجديد، احتراما لحجية الأحكام النهائية و للمبادئ الأساسية للقانون، إلا إذا كان القانون الجديد قد رفع عن الفعل صفة التجريم نهائيا وأصبح الفعل لا يشكل جريمة هنا يضحى بحجية الحكم النهائي تحقيقا للعدالة و المنطق.
و تنص المادة الخامسة من القانون الجنائي المصري على انه إذا صدر قانون بعد حكم نهائي (يقصد حكم بات) يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم و تنتهي آثاره الجنائية. و يكون القانون الجديد قد ألغى الجرم إذا صار بعد القانون الجديد غير معاقب عليه كإلغاء نص التجريم، و يترتب على مثل هدا القانون عدم إمكان البدء في تنفيذ العقوبة التي كانت قد صدرت أو عدم الاستمرار في هذا التنفيذ إذا كان قد بدأ أو إزالة ما نفذ منها إذا أمكن، كرد مبلغ الغرامة مثلا.

الفرع الثاني: حالة النصوص التفسيرية المرتبطة بقانون قديم.

إذا صدر تشريعا لتفسير فقط بعض العبارات أو النصوص في القانون القديم فإن ذلك التشريع الجديد يسري بأثر رجعي يمتد لتاريخ صدور القانون القديم، وذلك لأن التشريع التفسيري ليس إلا موضحا للنصوص القديم فهو مكمل لها وكأنه جزء منهن، فالتفسير التشريعي هو التفسير الذي يصدر عن المشرع نفسه، حيث يتدخل لتفسير المقصود من قاعدة قانونية معينة سبق أن أصدرها. فالنص المفسر جزء لا يتجزأ من النص الذي تم تفسيره و يشكلان تكليفا واحدا.
لا يعتبر إصدار القوانين أو النصوص التفسيرية إصدارا لقانون جديد لأنها تتحد مع القانون الأصيل في نفس النطاق الزمني و بهذا ينسحب العمل بها إلى تاريخ ذاك القانون الأصيل الذي صدرت تفسيرا له. و هكذا لا يجب أن يعتبر تطبيق القانون التفسيري على وقائع سابقة خروجا على مبدأ – عدم الرجعية- طالما أن القانون التفسيري في انسحابه على الماضي لم يتجاوز وقت نفاذ القانون الأصيل الذي صدر تفسيرا له.
فالقاضي إذا وجد أن القانون التفسيري تضمن أحكاما جديدة لم يأت بها قانون سابق تعين عليه أن يخضعه لقاعدة عدم الرجعية.

الخاتمة:

إن تطبيق القانون الجنائي من حيث الزمان له دلالات تنم عن رغبة المشرع في إعطاء القواعد القانونية الصفة الفورية إضافة إلى قوتها الإلزامية و وجوب احترامها من قبل كل الأشخاص و لاسيما الذين يحاولون التملص من دائرة القانون تحت طائلة التعرض للعقوبات المناسبة.
و إلغاء القوانين الجزائية يهدف عموما إلى إضفاء الشرعية على ما كان من المفترض أن يشكل حماية لحقوق المواطن من كافة أنواع التعسف و الغبن، حتى و إن أصبح تعدد الجرائم شائعا مع تطور الزمن مما يستدعي قيام السلطات التشريعية بسن و تعديل أحكام عدة لكبح جماح الذين يتمردون على القانون.
و إذا كانت القاعدة القانونية تتمتع بعدم رجعيتها فانه يلاحظ في استثناءات هدا المبدأ بأنها عادلة إلى حد يسمح لفئات معينة من المحكوم عليهم بأحكام متفاوتة بالاستفادة من التدابير المخففة أو حمايتهم من أخرى هي أشد وطأة عليهم مقارنة بالأحكام التي صدرت بحقهم.
و على العموم و كرأي شخصي فانه يجب تفصيل الأحكام التي يستفيد من تدابيرها أشخاص معينون دون غيرهم من الذين اعتادوا على ارتكاب الجرائم ولا تثنيهم عنها مراسيم العفو الرئاسي أو تطبيق القانون الأصلح للمتهم.
كما ينبغي الفحص الدقيق و المراجعة المستمرة للقوانين العقابية لما لها من أثر كبير في إصلاح المجتمعات، فأي خطأ غير مقصود قد يكلف الآخرين ثمنا باهظا، و لابد من توخي الحيطة والحذر عند القيام بالتعديلات بما لا يمس بمصالح المجتمع و الأفراد منتهجين في ذلك سياسة ناجعة تنم عن الحكمة و بعد البصر وفق لقوانين نابعة من ثقافتنا نحن و مطبقة على الزمن الذي نعيش فيه، لا قوانين مستوردة من أزمنة غيرنا.

المراجع:

1. القوانين:

*- أمر رقم 66-156 مؤرخ في 18 صفر عام 1386الموافق 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم.

2. المراجع النصية:

*- د.جلال ثروت، قانون العقوبات – القسم العام، الدار الجامعية، بيروت، لبنان.
*- محمد صبحي نجم، قانون العقوبات- القسم العام (النظرية العامة للجريمة)، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن،2000.
*- د.عادل قورة، محاضرات في قانون العقوبات (القسم العام- الجريمة)، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1999.
*- محمد زكي أبو عامر، قانون العقوبات- القسم العام، مكتبة دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، مصر،1996.
*- د.سمير عالية، شرح قانون العقوبات (القسم العام) دراسة مقارنة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر و التوزيع، بيروت لبنان، 2002.










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-29, 20:42   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان

مقدمة
المبحث الأول: السريان الزمني للقاعدة القانونية.
المطلب الأول: إلغاء القوانين الجزائية.
الفرع الأول: الإلغاء الصريح.
الفرع الثاني: الإلغاء الضمني.
المطلب الثاني: مبدأ الأثر الفوري للقاعدة القانونية.
الفرع الأول: مفهوم مبدأ الأثر الفوري.
الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ الأثر الفوري.

المبحث الثاني: مبدأ عدم رجعية القوانين.
المطلب الأول: مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين.
الفرع الأول: من حيث توقيت العمل بالقانون الجديد.
الفرع الثاني: من حيث توقيت ارتكاب الجريمة.
المطلب الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين.
الفرع الأول: تطبيق القانون الأصلح للمتهم.
الفرع الثاني: حالة النصوص التفسيرية المرتبطة بقانون قديم.

الخاتمة.

*********************************

مقدمة:

ينصرف معنى القانون الجنائي إلى القواعد التي تحدد سياسة التجريم و العقاب، و تنظم السياسة الإجرامية التي تبين كيفية اقتضاء الدولة لحقها في العقاب بما يضمن التوازن بين حقوق المتهم و حقوق المجتمع. و يتضمن القانون الجنائي بهذا المعنى نوعين من القواعد، النوع الأول و هو عبارة عن قواعد موضوعية تبين ما يعد جريمة و كذا العقوبة المقررة لها، في إطار مبدأ الشرعية بألاّ جريمة و لا عقوبة و لا تدبير أمن إلاّ بنص من القانون، و يعبر عن هذه القواعد بقانون العقوبات و الذي يقسم إلى قسمين اثنين أولهما قسم عام يهتم بدراسة النظرية العامة للجريمة و ببيان الأحكام العامة التي تحكم كلا من الجريمة والعقوبة عن طريق تحديد الأركان الأساسية للجريمة، و أحكام المسؤولية الجنائية، و أنواع العقوبات وظروف تشديدها و ظروف تخفيفها، و القسم الثاني هو قسم خاص يهتم بتحديد وصف الأركان الخاصة بكل جريمة على حدة، و بيان الحد الأدنى و الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها.
أما النوع الثاني فهو عبارة عن قواعد شكلية تبين الإجراءات القانونية التي يتعين مراعاتها، و يجب إتباعها طوال مراحل الخصومة الجنائية من مرحلة التحري عن الجريمة، والتحقيق فيها إلى صدور الحكم الجنائي وتنفيذه. و يعبر عن هذه القواعد بقانون الإجراءات الجزائية.

لكن ما هو النطاق الزمني الذي يطبق فيه القانون الجنائي؟ و ما هي المبادئ التي تحكم هذا التطبيق؟

إذا كان قانون العقوبات جزء من التشريع العقابي بمعناه الواسع، و فرع له بمعناه الضيق، فإنّ دراستنا لموضوع نطاق تطبيق القانون الجنائي من حيث الزمان ترتكز أساسا على تطبيق القواعد الجنائية الموضوعية مدعمة ببعض الأمثلة، و قد تناولنا فيها مبحثين اثنين الأول يتعلق بالسريان الزمني للقاعدة القانونية قسمناه إلى مطلبين هما إلغاء القوانين الجزائية، و مبدأ الأثر الفوري للقاعدة القانونية أما المبحث الثاني فخصصناه لمبدأ عدم رجعية القوانين و قد قسمناه بدوره إلى مطلبين هما مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين و الاستثناءات الواردة على هذا المبدأ.

المبحث الأول: السريان الزمني للقاعدة القانونية.

كلنا يعلم بأن القانون هو مجموعة من القواعد التي تنظم سلوكات الأفراد داخل المجتمع، و من ضمن هذه القواعد تلك التي تحدد الأفعال التي تعتبر جرما و تبين العقوبات و التدابير المقررة لها بغية الحد من الجرائم باستعمال الردع المناسب سواء كانت هذه الأفعال إيجابية أم سلبية، و هي محددة في تقنين خاص، حينما تصدر تصبح نافذة و تطبق على جميع الأفعال الممنوعة التي ترتكب في ظله و هذا هو أساس مبدأ سيادة القانون أو مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات. ومن غير المنطقي أن يرتكب شخص فعلا مباحا ثم يسن قانون جديد بعد ارتكابه و يطبق عليه، لأن ذلك يكون خرقا و انتهاكا لمبدأ الشرعية، إذن لا قيمة و لا سلطان للنص القانوني قبل سريانه و بعد إلغائه.
و عند غياب أي مؤشر يحدد ميعاد سريان القاعدة القانونية فإنه يتوجب الرجوع إلى النص العام الذي جاء في القانون المدني لاسيما المادة 4 منه التي تنص على أنه تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية.
تكون نافذة المفعول بالجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها و في النواحي الأخرى في نطاق كل دائرة بعد مضي يوم كامل من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة ويشهد على ذلك تاريخ ختم الدائرة الموضوع على الجريدة.
الأصل العام في تطبيق القانون من حيث الزمان هو أن القانون يكون دائما واجب التطبيق من اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية أو من التاريخ الذي يحدده نفس القانون لسريان أحكامه، و هي قرينة قطعية على علم الكافة بها فلا يعذر أحد بجهل القانون (المادة 60 من الدستور)، وأن القانون لا تسري أحكامه إلا على الحالات التي تتم في ظله أي بعد إصداره، وأنه لا يسري على ما وقع من الحالات قبل صدوره. فالركن المادي للجريمة يعني كون الفعل المادي للجريمة يقع تحت نص يجرمه وقت ارتكاب الجريمة، أي أن السلوك الإجرامي للفاعل يكون عملاً غير مشروع يعاقب عليه القانون وقت ارتكابه بنص نافذ في القانون، فلا يمكن اعتبار الفعل مادياً في عمل مخالف لقانون سابق جرى أباحته أو إلغاء العقوبة المقررة على ارتكابه بقانون لاحق.
و قواعد قانون العقوبات كباقي القواعد القانونية ليست بالنصوص الأبدية بل تنشأ و تعدل و تلغى إن اقتضى الأمر ذلك وفق سريان زمني مضبوط تتحكم فيه ظاهرة تعاقب القوانين، و من آثار هذه الظاهرة إلغاء القانون اللاحق للقانون السابق.

المطلب الأول: إلغاء القوانين الجزائية.

يقصد بإلغاء قاعدة قانونية التوقف التام و النهائي عن العمل بها و بالتالي فإن إلغاء قاعدة قانونية هو قاعدة قانونية في حد ذاتها تنشأ بنفس الطريقة و تمر بالمراحل ذاتها التي أقرها القانون، و قد تتناول في طياتها البديل عن سابقتها و كيفية التطبيق موضحة في ذات الوقت مصير القاعدة الأولى و واضعة الحلول للآثار التي خلفتها و قد تسكت عن ذلك و بهذا نكون أمام صورتين هما: الإلغاء الصريح و الإلغاء الضمني.

الفرع الأول: الإلغاء الصريح.

يكون الإلغاء صريحا متى وجد النص، و صراحته تقتضي الإشارة إلى انتهاء العمل بالقانون السابق وانتفاء إلزاميته، عن طريق استعمال ألفاظ و عبارات واضحة بما لا يدع مجالا للشك أو التأويل، بحيث تكون لحظة انقضاء النص السابق هي ذاتها لحظة نفاذ النص الجديد إذا استبدله المشرع بآخر.
و هو ما أشارت له المادة 2 فقرة 2 من القانون المدني بقولها “… ولا يجوز إلغاء قانون إلا بقانون لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء ….”
و الأمثلة عديدة في هذا المجال منها ما جاء في قانون العقوبات الجزائري عندما ألغى نص المادة 10 من الأمر 66/156 المؤرخ 08 جوان 1966 المعدلة بموجب المادة 01 من القانون 82/04 المؤرخ في 13 فبراير 1982، و اللتان ألغيتا بموجب نص المادة 02 من القانون رقم 89-05 المؤرخ في 25 أفريل 1989. فقد كانت المادة 10 وفق الأمر 66/156 تنص على ما يلي: “الاعتقال هو حجز بعض العائدين للإجرام لمدة غير محدودة في إحدى مؤسسات التأهيل الاجتماعي”. ثم عدلت بموجب القانون 82/04 فأصبحت تنص على:”الاعتقال هو حجز بعض العائدين للإجرام المذكورين في المادة 60 مدة غير محدد ة في إحدى مؤسسات التأهيل الاجتماعي، غير أنه لا يمكن تطبيق الحجز على النساء مهما يكن سنهن و كذا على الأشخاص الذين يتجاوز عمرهم 60 سنة أو يقل عن 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة”. ثم ألغيت صراحة بموجب القانون89/05.

الفرع الثاني: الإلغاء الضمني.

يكون الإلغاء الضمني في حالة تعارض قانون جديد مع قانون قديم، أو في حالة صدور تشريع جديد يعيد تنظيم مسألة تولى تنظيمها تشريع سابق على نحو مغاير حيث يستنتج من هذا التعارض ضرورة تطبيق النصوص اللاحقة على حساب النصوص السابقة.
و هو ما أشارت له المادة 2 فقرة 3 من القانون المدني بقولها…” و قد يكون الإلغاء ضمنيا إذا تضمن القانون الجديد نصا يتعارض مع نص القانون القديم أو نظم من جديد موضوعا سبق أن قرر قواعده ذلك القانون القديم.”
و كمثال على الإلغاء الضمني بإعادة تنظيم مسألة تولى تنظيمها تشريع سابق على نحو مغاير، نص المادة 09 من الأمر 66/156 التي كانت تحصر العقوبات التكميلية في 7 أنواع بقولها:”العقوبات التكميلية هي:
1. الاعتقال، 2. تحديد الإقامة، 3. المنع من الإقامة، 4. الحرمان من مباشرة بعض الحقوق، 5. المصادرة الجزئية للأموال، 6. حل الشخص الاعتباري، 7.نشر الحكم”.
لكن القانون 89/05 في مادته الأولى أعاد تنظيم نفس مسألة بقوله:”العقوبات التكميلية هي: 1. تحديد الإقامة، 2. المنع من الإقامة، 3.الحرمان من مباشرة بعض الحقوق، 4.المصادرة الجزئية للأموال، 5. حل الشخص الاعتباري، 6.نشر الحكم.” حاذفا النوع الأول و هو الاعتقال.
و مثال على الإلغاء الضمني في حالة تعارض قانون جديد مع قانون قديم ما هو موجود في نص المادة 8 من القانون رقم 82-04 المؤرخ في 13 فيفري 1982: “الحرمان من الحقوق الوطنية ينحصر في : 1. عزل المحكوم عليه و طرده من جميع الوظائف و المناصب السامية في الحزب أو الدولة و كذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة. 2. الحرمان من حق الانتخابات و الترشيح و على العموم كل الحقوق الوطنية و السياسية، و من حمل…الخ”
فجملة “المناصب السياسية في الحزب” لم يعد لها معنى في ظل الدستور الجديد الذي سن التعددية الحزبية و بالتالي فلا يمكن للقاضي الحكم بهذا الحرمان لأنه يتعارض ضمنيا مع مبدأ دستوري.

لكن كيف يفسر هذا الإلغاء؟

من أجل الفهم الصحيح و التطبيق الصحيح لقواعد القانون لابد من إزالة التعارض الذي قد يوجد في الظاهر بين قواعد القانون المختلفة و نقول أن التعارض قد يوجد في الظاهر لأنه من غير المعقول أن يوجد تعارض حقيقي بين قواعد القانون بل لابد من إزالة هذا التعارض بحيث لا تبقى إلا قاعدة قانونية واحدة واجبة الإتباع و أهم قواعد إزالة التعارض هي أن القاعدة الأعلى تبطل القاعدة الأدنى المخالفة لها، فقواعد القانون الدستوري لا يتصور مخالفتها من قواعد القانون العادي أو قواعد القانون الفرعي، وكذلك فإن قواعد القانون العادي لا يتصور مخالفتها من قواعد القانون الفرعي و لا أهمية في ذلك لمصدر القاعدة فكل مصادر القانون قادرة على خلق قواعد من درجات مختلفة، فقواعد القانون الدستوري قد تنشأ عن التشريع أو عن العرف أو عن القضاء و يكفي بالنسبة للقضاء أن نذكر أن قاعدة رقابة القضاء الدستورية القوانين هي ذاتها قاعدة دستورية و هي من خلق القضاء ذاته.
و القاعدة الثانية أن القاعدة اللاحقة تلغي القاعدة السابقة المساوية لها أو الأدنى منها في القوة، و لا أهمية لمصدر القاعدة اللاحقة أو مصدر القاعدة السابقة، و تسري في هذا الشأن قواعد تنازع القوانين في الزمان من حيث إكمال الأثر المباشر لهذا القانون و انعدام الأثر الرجعي للقانون الجديد و هو ما سنوضحه لاحقا.
و القاعدة الثالثة أن القاعدة الخاصة تقيد القاعدة العامة المساوية أو الأدنى منها في القوة دون النظر إلى مصدر هتين القاعدتين و دون النظر إلى تاريخ العمل بأي منهما. أما إذا لم تكن إزالة هذا التعارض بأن كانت كل من القاعدتين مساوية للأخرى في الدرجة و معاصرة لها في النشأة و مطابقة لها في المعنى فلا يكون هناك بد من طرح هتين القاعدتين معا إذ لا يمكن تطبيقهما في نفس الوقت و هذا الافتراض ناذر للغاية، إلا ما نتج عن خطأ أو سهو.

المطلب الثاني: مبدأ الأثر الفوري للقاعدة القانونية.

تنص المادة 2 من القانون المدني على ما يلي: ” لا يسري القانون إلى على ما يقع في المستقبل ولا يكون له أثر رجعي”. و أيدته أيضا المادة 2 من قانون العقوبات بقولها: “لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدة”.

الفرع الأول: مفهوم مبدأ الأثر الفوري.

يعني مبدأ الأثر الفوري للقانون أن كل تشريع جديد يطبق فورا منذ تاريخ سريانه أي وقت نفاذه، فيحدث آثاره مباشرة على كل الوقائع والأشخاص المخاطبين به على الحالات التي وقعت عقب نفاذه بصفة فورية ومباشرة. فالقانون الجديد يصدر ويطبق على الحاضر و المستقبل، لا على الماضي، ويستخلص من ذلك أن القانون القديم يحكم الحالات التي تمت في ظله، فلا يطبق عليها القانون الجديد. فلو فرضنا أن قانونا جديدا صار نافذا اليوم ونص على تجريم فعل لم يكون مجرما من قبل، فمن البديهي أنه يسري ابتداء من اليوم على كل من يقوم بهذا الفعل المجرَّم، وبالتالي لا يمكن متابعة من قاموا بهذا الفعل في الماضي، و إن كان حتى بالأمس مثلا :لو فرضنا أن قانون المالية لسنة 1998 يفرض ضريبة على شراء السيارات، فيكون مشتري السيارة ملزم بأداء تلك الضريبة من أول يوم لسنة 1998، و إلا اتهم بجريمة التهرب الضريبي بعد هذا التاريخ و لكن لا يلزم بأداء هذه الضريبة كل الأشخاص الذين اشتروا سيارة في العام الماضي، وحتى في آخر يوم لسنة 1997.في خضم عدم وجود الضريبة فلا وجود لجرم التهرب الضريبي.
لابد من الإشارة إلى أن هذا المبدأ يخص بشكل أدق القواعد الشكلية أو ما يعرف بالقواعد الإجرائية ويرجع السبب في ذلك أن هدف الإجراءات الشكلية عموما هو إدراك الحقيقة بأسرع وقت دون مساس بالقواعد المتعلقة بالتجريم و العقاب و التي تقصدها الدساتير و القوانين في تقريرها عدم رجعية أحكامها على الماضي و بالتالي فإن المتهم لا يضار قط من سريان هذه القواعد مباشرة عليه، بل أنه على العكس قد يستفيد طالما أن كل تعديل لقاعدة إجرائية مقصود به أصلا محاولة إدراك الحقيقة القضائية في وقت أقصر و بشكل أكثر يقينا، كما أن هذا التعديل لن يكون له تأثير على موقفه القضائي و سلوكه الذي يتوجه إلى الجريمة و العقوبة وليس إلى الإجراءات الجنائية
فالعبرة هي بوقت مباشرة الإجراء و ليس بوقت وقوع الجريمة التي يتخذ الإجراء بمناسبتها، فالقواعد الإجرائية تسري من يوم نفاذها بأثر فوري على القضايا التي لم تكن قد تم الفصل فيها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
و يكاد الفقه يتفق على أن مضمون القاعدة أو موضوعها هو الفيصل في بيان طبيعتها القانونية فتكون القاعدة موضوعية إذا كان مضمونها أو موضوعها يتعلق بحق الدولة في العقاب سواء من حيث نشأته أو تعديله أو انقضائه بينما تكون القاعدة إجرائية إذا كان موضوعها أو مضمونها يتعلق بالأشكال ة الأساليب و الكيفيات التي ينبغي إتباعها في سبيل اقتضاء هذا الحق أمام السلطة القضائية، بصرف النظر عن موقع القاعدة أي عن ورودها في قانون العقوبات أم الإجراءات الجنائية، و بصرف النظر عن الغاية التي تستهدفها أي سواء كانت في مصلحة الفرد أم في مصلحة الجماعة.

الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ الأثر الفوري.

بالرغم من فرط بداهة هذا المبدأ فقد أورد عليه الشارع استثناءات منها ما يتعلق بالجريمة و منها ما يتعلق بالجزاء إذ أن فورية التطبيق لا تسمح للقانون القديم من تجاوز نطاقه الزمني في التطبيق.
و أهم استثناء لهذا المبدأ هو و جود النص الصريح على مخالفة التنفيذ الفوري للقاعدة القانونية إذ يجوز للمشرع أن ينص في تشريع خاص على تنفيذ القانون في وقت لاحق نظرا لوجود ظروف معينة تعيق تطبيقه مباشرة، هذا النص يجعل من القانون الصادر مجمدا إلى حين و هو دلالة على تطبيقه مستقبلا و ليس فوريا. كما يجوز النص الصريح أن يعطي استثناءا آخر يؤدي إلى رجعية بعض القوانين إلى الماضي لاسيما تلك التي تتعلق بالآجال و مواعيد التقادم التي يكون تمديدها أو تقليصها في صالح المتهم وذلك راجع إلى أن مبدأ عدم رجعية القوانين يقيد القاضي فقط ولكنه لا يقيد المشرع، بغرض تحقيق مصلحة اجتماعية عامة أو فيما يخص النظام العام.و هو ما سنتعرض له في الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين.
و كاستثناء آخر انتظار صدور تشريع لاحق يبين كيفية تطبيق القاعدة القانونية الصادرة، والأمر يتعلق في غالب الأحيان بقواعد شكلية تحتاج إلى تكملة بقواعد أخرى ضرورية لها في تبيان طريقة التطبيق أو تضيف إليها ملحقات ضرورية لسير القاعدة القانونية الصادرة و المثال على ذلك بسيط كإصدار قاعدة قانونية تتحدث عن نماذج معينة لم يتم إصدارها بعد، فيكون نصها كالآتي: “…يكون تحرير المحاضر الخاصة ب…..طبقا لنماذج محددة بموجب قانون لاحق”. ومن ثم لا يمكن تطبيق نص القانون مادام أن القانون المحدد لصفة النماذج لم يصدر بعد..

المبحث الثاني: مبدأ عدم رجعية القوانين.

من بين أبرز المبادئ و أهمها على الإطلاق مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية لكن ما المقصود بهذا المبدأ و ما هي الاستثناءات الواردة عليه؟

المطلب الأول: مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين.

يسري النص الجنائي من تاريخ نفاذه فلا تطبق أحكامه إلا على الأفعال التي ترتكب بعد تاريخ نفاذه، أما الأفعال التي ترتكب قبل تاريخ النفاذ فلا يشملها.
و هو ما سنوضحه في هذا المطلب بإبراز مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين من حيث توقيت العمل بالقانون الجديد و من حيث توقيت ارتكاب الجريمة.

الفرع الأول: من حيث توقيت العمل بالقانون الجديد.

نصت المادة الثانية من قانون العقوبات على أنه لا يسري قانون العقوبات على الماضي،كما تضمن الدستور الجديد أيضا النص على هذه القاعدة التي عرفت باسم عدم رجعية أحكام قانون العقوبات، و بمقتضى هذه القاعدة لا يجوز أن يحكم على شخص بعقوبة لفعل كان مباحا وقت ارتكاب.

كما لا يجوز أيضا أن يحكم على شخص بعقوبة أشد من التي كانت محددة لها وقت ارتكابها و تستند هذه القاعدة المقررة في الدستور و في المادة الثانية من قانون العقوبات على مبدأ الشرعية. فتوقيع عقوبة على فعل كان مباحا وقت ارتكابه معناه تجريم فعل بغير نص تشريعي، كما أن توقيع عقوبة اشد من تلك المحددة في النص الساري وقت ارتكاب الجريمة معناه تطبيق عقوبة بغير نص تشريعي، و هو ما يخالف مبدأ الشرعية. و على ذلك فقاعدة عدم رجعية نصوص قانون العقوبات هي نتيجة حتمية ومنطقية لمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات.
و قد نص الدستور المصري في مادته 188 على انه تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها و يعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذالك ميعادا آخر.كما قرر بالمادة 187 انه “لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها و لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها.
المبدأ إذن، أن أحكام القاعدة الجنائية لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، و منذ تلك اللحظة يفرض القانون الجديد سلطانه على كافة الجرائم التي تقع ابتداء من هدا التاريخ.
ومن جهة أخرى، فالدستور الأردني و قانون العقوبات حددا متى ينفذ القانون الجديد بعد نشره في الجريدة الرسمية و المدة هي ثلاثين يوما من تاريخ نشره و اليوم الأول لا يحتسب. و العبرة هي بوقت العمل بالقانون الجديد لا بتاريخ إصداره.
و ينص الفصل الرابع من القانون الجنائي المغربي على انه لا يؤاخذ أحد على فعل لم يكن يعتبر جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه.
و يشير الفصل الخامس إلى انه لا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لم يعد يعتبر جريمة بمقتضى قانون صدر بعد ارتكابه. فإن كان قد صدر حكم بالإدانة، فإن العقوبات المحكوم بها، أصلية كانت أو إضافية، يجعل حد لتنفيذها.
و تنص المادة الأولى من القانون الجنائي السودان على انه:يسمي هذا القانون ” القانون الجنائي لسنة 1991م ” ويعمل به بعد شهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية. و يطبق القانون الذي كان معمولاً به في وقت ارتكاب الجريمة (المادة الرابعة).

الفرع الثاني: من حيث توقيت ارتكاب الجريمة.

هناك بعض الجرائم التي لا يثير تحديد وقت ارتكابها أدنى صعوبة لأنها ترتكب و تتم في لحظة واحدة من الزمان. فمن يطلق النار على غريمه فيخر على الفور صريعا لا يتردد أحد في تحديد وقت ارتكاب الجريمة لأنها تبدأ و تتم في لحظة زمنية واحدة.
فتحديد وقت ارتكاب الجريمة خلال سريان النص الجنائي لا يثير صعوبة بالنسبة للجريمة الوقتية، فالفعل يبدأ و ينتهي خلال فترة زمنية وجيزة، فالصعوبة تظهر في تلك الجرائم التي يتراخى أمدها في التنفيذ، تلك الجرائم التي استقر العرف على تسميتها بالجرائم الزمنية لانطوائها على عنصر زمني يباعد بين الفعل و النتيجة في أغلب الأحوال و هي ما يغرف بالجرائم المستمرة كإخفاء الأشياء المسروقة، و الحبس بدون وجه حق ووضع جرعات من السم على فترات زمنية متباعدة، الهدف منها قتل الشخص أو المريض بعد مدة ما…الخ.
و هناك نوع آخر من الجرائم تسمى الجرائم الاعتيادية، كالتسول فينبغي أن يتكرر الفعل في ظل القانون الجديد حتى يمكن القول بان الجريمة وقعت بعد نفاذه.
و هناك ملاحظة هامة مؤداها أن الاتفاق الجنائي على الجرائم المستمرة أو المتتابعة يطبق عليه القانون الجديد و لو كان أشد على المتهم، طالما أن الجريمة المستمرة قد وقعت بعد العمل به.من جهة أخرى ظهرت ثلاث نظريات بخصوص تحديد وقت ارتكاب الجريمة :
* نظرية السلوك:طبقا لهده النظرية تكون العبرة في تحديد وقت الجريمة بوقت إتيان السلوك.
* نظرية النتيجة: طبقا لها تكون العبرة بوقت وقوع النتيجة، والجريمة تعتبر مرتكبة فقط في ذلك الحين.
*نظرية مختلطة: لا تعتد بالفعل أو النتيجة أيهما فقط، بل تعتد بهما معا، فتأخذ أحيانا بوقت ارتكاب الفعل و أحيانا أخرى بوقت وقوع النتيجة.

المطلب الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين.

هناك استثناءين على هذا المبدأ هما تطبيق القانون الأصلح للمتهم و حالة النصوص التفسيرية المرتبطة بقانون قديم.

الفرع الأول: تطبيق القانون الأصلح للمتهم.

المبدأ بالنسبة لقواعد القانون الجنائي هو عدم رجعية القوانين و هو يعد من النتائج المباشرة لمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات الذي يشكل ضمانة هامة لحماية الحرية الفردية للمواطن و الذي يقضي منطوقه بسريان القانون الذي يحكم الجرم وقت ارتكابه، لكنه بالنظر إلى أن هذه القاعدة قد تقررت فقط لمصلحة الفرد و صيانة لحريته فان المنطقي هو جواز سريان النص الجديد بأثر رجعي إذا كان هذا النص أصلح للمتهم .
بالنسبة للتشريع الجزائري بعد أن نصت المادة الثانية من قانون العقوبات على قاعدة عدم رجعية قوانين العقوبات، استثنت فيما بعد القوانين التي تكون أقل شدة بالمتهم بمعنى أن قانون العقوبات إذا كان أصلح للمتهم، فانه ينطبق على أفعال وقعت قبل نفاذه و يستبعد بالتالي القانون الذي كان ساريا وقت وقوع الفعل الجنائي.
و حسب نص المادة الرابعة من القانون الجنائي السوداني فإنه في حالة الجرائم التي لم يصدر فيها حكم نهائي تطبق أحكام هذا القانون إذا كان هو الأصلح للمتهم.
في التشريع المغربي و في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول، بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها، يتعين تطبيق القانون الأصلح للمتهم.
و بناءا على هذا، هناك شرطان يجب توافرهما لتطبيق القانون الأصلح للمتهم و هما:
1- التحقق من صلاحية القانون الجديد للمتهم:
إن مسالة تحديد القانون الأصلح للمتهم بين قانونين أو أكثر تعتبر مسالة قانونية بحتة يقررها القاضي باعتباره القائم على تطبيق القانون و ذلك دون أخذ رأي المتهم أو محاميه.
و تطبيقا لذلك فان القانون الذي يؤدي تطبيقه على متهم معين يتمتع مثلا بظروف مخففة أو يؤدي إلى عدم توقيع العقاب أو تخفيفه أو وقف تنفيذه يعتبر هدا القانون هو الأصلح للمتهم بصرف النظر عما إذا كان تطبيقه في حالات أخرى يؤدي إلى التشديد على متهمين آخرين-كل جريمة ومجرم على حدة- مثلا اعتبار القتل دفاعا عن المال دفاعا مشروعا بعد ما كان يعتبر جريمة.
أو مثلا حيازة سلاح بدون ترخيص يصبح عملا غير مجرم في ظل القانون الجديد في حين انه مجرما في ظل القانون القديم.
2- صدور القانون الجديد الأصلح للمتهم قبل صدور حكم نهائي:
حتى يستفيد المتهم من القانون الأصلح يجب أن يصدر هدا القانون قبل النطق بالحكم النهائي على المتهم، أما إذا صدر حكما نهائيا على المتهم فلا يستفيد من القانون الجديد، احتراما لحجية الأحكام النهائية و للمبادئ الأساسية للقانون، إلا إذا كان القانون الجديد قد رفع عن الفعل صفة التجريم نهائيا وأصبح الفعل لا يشكل جريمة هنا يضحى بحجية الحكم النهائي تحقيقا للعدالة و المنطق.
و تنص المادة الخامسة من القانون الجنائي المصري على انه إذا صدر قانون بعد حكم نهائي (يقصد حكم بات) يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم و تنتهي آثاره الجنائية. و يكون القانون الجديد قد ألغى الجرم إذا صار بعد القانون الجديد غير معاقب عليه كإلغاء نص التجريم، و يترتب على مثل هدا القانون عدم إمكان البدء في تنفيذ العقوبة التي كانت قد صدرت أو عدم الاستمرار في هذا التنفيذ إذا كان قد بدأ أو إزالة ما نفذ منها إذا أمكن، كرد مبلغ الغرامة مثلا.

الفرع الثاني: حالة النصوص التفسيرية المرتبطة بقانون قديم.

إذا صدر تشريعا لتفسير فقط بعض العبارات أو النصوص في القانون القديم فإن ذلك التشريع الجديد يسري بأثر رجعي يمتد لتاريخ صدور القانون القديم، وذلك لأن التشريع التفسيري ليس إلا موضحا للنصوص القديم فهو مكمل لها وكأنه جزء منهن، فالتفسير التشريعي هو التفسير الذي يصدر عن المشرع نفسه، حيث يتدخل لتفسير المقصود من قاعدة قانونية معينة سبق أن أصدرها. فالنص المفسر جزء لا يتجزأ من النص الذي تم تفسيره و يشكلان تكليفا واحدا.
لا يعتبر إصدار القوانين أو النصوص التفسيرية إصدارا لقانون جديد لأنها تتحد مع القانون الأصيل في نفس النطاق الزمني و بهذا ينسحب العمل بها إلى تاريخ ذاك القانون الأصيل الذي صدرت تفسيرا له. و هكذا لا يجب أن يعتبر تطبيق القانون التفسيري على وقائع سابقة خروجا على مبدأ – عدم الرجعية- طالما أن القانون التفسيري في انسحابه على الماضي لم يتجاوز وقت نفاذ القانون الأصيل الذي صدر تفسيرا له.
فالقاضي إذا وجد أن القانون التفسيري تضمن أحكاما جديدة لم يأت بها قانون سابق تعين عليه أن يخضعه لقاعدة عدم الرجعية.

الخاتمة:

إن تطبيق القانون الجنائي من حيث الزمان له دلالات تنم عن رغبة المشرع في إعطاء القواعد القانونية الصفة الفورية إضافة إلى قوتها الإلزامية و وجوب احترامها من قبل كل الأشخاص و لاسيما الذين يحاولون التملص من دائرة القانون تحت طائلة التعرض للعقوبات المناسبة.
و إلغاء القوانين الجزائية يهدف عموما إلى إضفاء الشرعية على ما كان من المفترض أن يشكل حماية لحقوق المواطن من كافة أنواع التعسف و الغبن، حتى و إن أصبح تعدد الجرائم شائعا مع تطور الزمن مما يستدعي قيام السلطات التشريعية بسن و تعديل أحكام عدة لكبح جماح الذين يتمردون على القانون.
و إذا كانت القاعدة القانونية تتمتع بعدم رجعيتها فانه يلاحظ في استثناءات هدا المبدأ بأنها عادلة إلى حد يسمح لفئات معينة من المحكوم عليهم بأحكام متفاوتة بالاستفادة من التدابير المخففة أو حمايتهم من أخرى هي أشد وطأة عليهم مقارنة بالأحكام التي صدرت بحقهم.
و على العموم و كرأي شخصي فانه يجب تفصيل الأحكام التي يستفيد من تدابيرها أشخاص معينون دون غيرهم من الذين اعتادوا على ارتكاب الجرائم ولا تثنيهم عنها مراسيم العفو الرئاسي أو تطبيق القانون الأصلح للمتهم.
كما ينبغي الفحص الدقيق و المراجعة المستمرة للقوانين العقابية لما لها من أثر كبير في إصلاح المجتمعات، فأي خطأ غير مقصود قد يكلف الآخرين ثمنا باهظا، و لابد من توخي الحيطة والحذر عند القيام بالتعديلات بما لا يمس بمصالح المجتمع و الأفراد منتهجين في ذلك سياسة ناجعة تنم عن الحكمة و بعد البصر وفق لقوانين نابعة من ثقافتنا نحن و مطبقة على الزمن الذي نعيش فيه، لا قوانين مستوردة من أزمنة غيرنا.

المراجع:

1. القوانين:

*- أمر رقم 66-156 مؤرخ في 18 صفر عام 1386الموافق 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم.

2. المراجع النصية:

*- د.جلال ثروت، قانون العقوبات – القسم العام، الدار الجامعية، بيروت، لبنان.
*- محمد صبحي نجم، قانون العقوبات- القسم العام (النظرية العامة للجريمة)، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن،2000.
*- د.عادل قورة، محاضرات في قانون العقوبات (القسم العام- الجريمة)، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1999.
*- محمد زكي أبو عامر، قانون العقوبات- القسم العام، مكتبة دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، مصر،1996.
*- د.سمير عالية، شرح قانون العقوبات (القسم العام) دراسة مقارنة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر و التوزيع، بيروت لبنان، 2002.










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-29, 20:43   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إجراءات الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق
________________________________________
إن الجريمة هي عبارة عن فعل غير مشروع يقرر له القانون عقابا وليس هذا الفعل مجرد جريمة يعاقب عليها القانون فحسب، ويسأل عنها الجاني فقط ،بل قد يكون فعلا ضارا بالغير ويستوجب لمرتكبه عقابا مدنيا أيضا أساسه التعويض.

وبالتالي يتولد عن الجريمة حقّـــان :

حق عام يتمثل في سلطة الدولة في عقاب المجرم.

وحق خاص يتمثل في حق الضحية في التعويض.

والأصل العام أن الدعوى الجزائية من اختصاص القضاء الجزائي، والدعوى المدنية من اختصاص القضاء المدني.

غير أن المشرع خوّل للمضرور إقامة دعواه المدنية أمام نفس القضاء الجزائي إذا كان هذا الأخير ينظر في دعوى جزائية تولدت عنها أضرار للغير وذلك لجملة من الأسباب منها :

مبدأ توحيد الأدلة والسرعة والفعالية للإجراءات،وكذلك كون القاضي الجزائي أكثر إطلاعا على ظروف الدعوى من الوجهتين الجزائية والتعويضية ،فيسهل عليه تقدير التعويض المدني بما يتناسب مع ما وقع للضحية من أضرار وما ارتكبه الجاني من أخطاء.

ولقد خوّل القانون للمضرور من الجريمة حق الإدعاء مدنيا والتدخل بصفته طرفا في الدعوى في أي مرحلة كانت عليها سواء أمام قاضي التحقيق أو جهات الحكم.

و لذلك فإن الإدعاء المدني يعتبر مبدأ عام متفق عليه في جميع الشرائع المعاصرة مع بعض الاختلافات في التطبيق من حيث الشمولية والتحديد.

أما بالنسبة للقانون الجزائري فقد أخذ المشرع الجزائري بقاعدة الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق كمبدأ عام وشامل يطبق في جميع أنواع الجرائم ، واستثناءا لذلك فقد أجازه أمام المحكمة بمقتضى المادة: 337 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية لكن بشروط محددة ومقيدة .

والإشكال المطروح هو ما المقصود بالإدعاء المدني ، و ما هي الإجراءات المتبعة لممارسته أمام قاضي التحقيق ؟

وهذا ما سنتطرق إليه من خلال مذكرتنا الموسومة بـ » إجراءات الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق « وفق الخطة المعتمدة:

المبحـــــث الأول: شـــــــروط الادعاء المدنــــــــــي وميادينه:

المطلب الأول : شروط الإِدّعاء المدني:

تعريــــــف :إن المقصود بالإدعاء المدني هو المبادرة الشخصية من طرف المدعي المدني في تقديم شكواه أمام قاضي التحقيق بغرض تحريك الدعوى العمومية من أجل القيام بالمتابعة الجزائية والحصول على التعويض لما ارتكبه الجاني من أضرار، وبالتالي فهو مبدأ عام يمكن لكل شخص استعماله دون قيد. غير أن ممارسته تستدعي توافر شروط شكلية وأخرى موضوعية.

الفرع الأول : الشروط الشكلية :

أولا: تقديم الشكوى:من حيث المبدأ أن الإدعاء المدني غير خاضع لأي صيغة أو شكلية معينة لكنه مع ذلك يشترط فيه وجود شكوى مقدمة من الشخص المتضرر أمام قاضي التحقيق تطبيقا لمقتضيات المادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية ،وتعتبر الشكوى الأساس في الادعاء المدني حيث يتقدم بها المشتكي مباشرة أمام قاضي التحقيق بصفته متضرر من الجريمة قصد تحريك الدعوى العمومية وتوجيه الاتهام للمشتكي منه بمقتضاها يقوم القاضي المختص بالتحقيق في الدعوى موضوع الشكوى بعد عرضها على السيد وكيل الجمهورية لإبداء رأيه طبقا للفقرة 01 من المادة 73 من ق.إ. ج والتي تنص على مايلي:"يأمر قاضي التحقيق بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية في أجل خمسة أيام وذلك لإبداء رأيه , ويجب على وكيل الجمهورية أن يبدى طلباته في أجل خمسة أيام من يوم التبليغ حيث تكون النيابة العامة تبعا لها بالانضمام لمسعى المدعي المدني في تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها رغم إرادتها وفي هذا النوع من المتابعات فإن المدعي المدني يكون مسؤولا شخصيا عن سوء إدعائه في حالة عدم ثبوت التهمة .

وعليه فإن القانون "لم يحدد شكل هذه الشكوى فيجوز تقديمها شفهيا أو كتابيا من طرف المتضرر من الجريمة ذاته أو من طرف محاميه أو وكيله الخاص"(1).

كما يشترط فيها أن تكون محتوية على الوقائع موضوع الاتهام ولا يشترط تحديد التهمة أو ذكر المواد القانونية المطبقة وذلك حتى يسهل لقاضي التحقيق معرفة إرادة المشتكي وتحديد التهمة المناسبة كما يمكن على أساسها للنيابة العامة تقديم طلباتها طبقا للقانون.

كما أن القانون لا يشترط في المشتكي منه أن يكون محددا بالذات بل يكفي إن يكون معروفا بصفاته كما يمكن أن يكون مجهولا وفي هذه الحالة يجوز للنيابة العامة توجيه طلباتها بالمتابعة ضد شخص معلوم أو مجهول تطبيقا للفقرة 02 المادة 73 من ق.إ.ج

كما يشترط فى الشكوى المصحوبة بالإدعاء المدني أن تكون صادرة من الشخص المتضرر من فعل يوصف بالجريمة معاقب عليها في قانون العقوبات و بالنسبة للقاصر وفاقد الأهلية والأشخاص الاعتبارية فان الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني ترفع من الولي أو الوصي أو الممثل القانوني.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)الأستاذ / بغدادي الجيلالي التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية .




ملاحــــظـة : (طريقة إيداع الشكوى لدى قاضي التحقيق) :

1-إذا كانت المحكمة تحتوي على قاضي واحد فهنا المسألة لا تطرح إي إشكال باعتبار أن الشكوى تقدم إلى قاضي التحقيق بالمحكمة بعد استفاء الشروط الشكلية والموضوعية.

2-إذا كانت المحكمة تحتوي على عدة قضاة للتحقيق ،وهنا تثار مسألة تحديد القاضي المختص،ففي هذه الحالة فإن الضرورة العملية تقتضي أن تقدم الشكوى بداية إلى عميد قضاة التحقيق وعادة هو القاضي الأقدم فيعمل على دراستها بعد استفاء الإجراءات القانونية المعتادة.

ثـــــانيا: إيداع الكفالة:

نصت عليها المادة 75 ق.إ.ج. وهو عبارة عن مبلغ يودع بكتابة ضبط المحكمة بعدما يحدده قاضي التحقيق المختص مقابل وصلا ،ويتم إيداعه بالخزينة العمومية في انتظار الفصل النهائي في الدعوى ،وهو مبلغا ضامنا للمصاريف القضائية التي تبقى محفوظة إلى حين الفصل في القضية بقرار نهائي فإذا انتهت القضية (الدعوى) بالإدانة،تحمل المصاريف القضائية على المتهم ويسترد المدعي المدني مبلغ الكفالة.أما إذا خسر دعواه من خلال قرار أن لا وجه المتابعة أو يحكم بالبراءة يلتزم بالمصاريف القضائية التي يغطيها مبلغ الكفالة الذي أودع على سبيل الضمان.وفي جميع الأحوال يجب على الجهة القضائية الناظرة في الدعوى أن تفصل في موضوع الكفالة سواء بالاسترداد أو المصادرة حسب الحالات،فإذ لم يفصل فيه يمكن للمدعي المدني طلب استردادها بمقتضى طلب يرفع إلى آخر جهة قضائية فصلت في الدعوى.

كما يجوز إعفاء المدعي المدني من مبلغ الكفالة عملا بنص المادة 75 من ق.إ.ج. إذا حصل على المساعدة القضائية والتي تمنح حسب الإجراءات المقررة في الأمر 71 -57 المؤرخ في:

سنة :1971 المعدل والمتمم بالقانون رقم:01-06 الصادر بتاريخ :22/05/2001 المتضمن المساعدة القضائية.

كما أن الإدارات العمومية معفية من دفع مبلغ الكفالة بقوة القانون ، ما عدا هذين الحالتين فإن الكفالة شرطا أساسيا بدونها يكون الإدعاء المدني غير مقبول شكلا.

أما بالنسبة لمقدار الكفالة فإن ق.ا.ج لم يتعرض إلى هذه المسألة تماما بل ترك ذلك لقاضي التحقيق حسب طبيعة القضية و ظروفها و الإجراءات التي تستلزمها.

- و لما كان النص القانوني يحدد الكفالة طبقا لسلطة التقديرية للقاضي أدى بصاحب الادعاء المدني إلى التخلي عن هذه الطريقة كإجراء من إجراءات التقاضي و رفع دعوى أمام القضاء و عليه كان من الواجب تدخل المشرع بتحديد قيمة الكفالة و جعلها تنحصر في حدود المصاريف القضائية التي يقررها قانون الرسم القضائي في إطار القوانين الجنائية .

المبحث الثاني : التحقيق في الإدعاء المدني وعوارضه :

المطلب الأول: التحقــــــــيق في الادعاء المدنـــي:

الفـــرع الأول: الاختصاص في الادعــــــــــــاء المدني:

طبقا لنص المادة 40 من ق إ ج والناصة على "يتحدد اختصا ص قاضي التحقيق محليا بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة احد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في اقترافها أو بمحل القبض على احد هؤلاء الأشخاص حتى ولو كان هذا القبض قد حصل لسبب آخر ويجوز تمديد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى عن طريق التنظيم في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبيض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف "(1)

يستخلص من هذا أن الاختصاص المحلي للادعاء المدني مرتبط باختصاص قاضي التحقيق وعليه فان أي شكوى مصحوبة بادعاء مدني يجب أن يتم حصول التحقيق فيها أمام قاضي التحقيق المختص وعليه فمتى عرضت عليه وقائع تدخل في اختصاصه فهو ملزم بالتحقيق فيها .

وعليه فتقديم الشكوى إلى الضبطية القضائية أو النيابة العامة يعد من قيبل التبليغات كما لا يقبل الادعاء المدني الذي يقع أمام محقق غير مختص قانونا بنظر الدعوى فلا يجوز الادعاء مدنيا أمام القاضي العسكري لأن القضاء العسكري لا يبت إلا في الدعوى العمومية ولأن تحريك هذه الدعوى خوله المشرع لوزير الدفاع الوطني من جهة أخرى وفقا لأحكام المادتين 24 و68 من قانون القضاء العسكري "(2) وإما إذا تبين له فيما بعد بأنه غير مختص جاز له إصدار أمر بعدم الاختصاص كما يمكنه إصدار أمر بالتخلي إذا كانت وقائع موضوع الشكوى يتم فيها التحقيق من طرف جهة أخرى مختصة حتى ولو كان هو المختص عملا بمبدأ الدعوى الجنائية .

وعند تلقي قاضي التحقيق الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني فإنها تعرض على السيد وكيل الجمهورية الذي من حقه إبداء طلباته في ظرف05 أيام من تاريخ عرض الشكوى التي يفترض حصول إحدى الحالات الثلاثة فيها:

- إذا اخذ قاضي التحقيق برأي وكيل الجمهورية حسب طلباته فان الأمر هنا لا يحتاج إلى تعليق لانعدام النزاع. إذا طلب وكيل الجمهورية عدم إجراء التحقيق لأسباب يراها تمس الدعوى العمومية أو لوجود مانع قانوني ولم يأخذ بها قاضي التحقيق كان على هذا الأخير تبعا لهذه الحالة استصدار أمر بمواصلة التحقيق في الشكوى فيبقى لوكيل الجمهورية المنازعة فيه عن طريق الاستئناف طبقا للمادة 170 ق إ ج .










ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ

المادة 40 قانون الإجراءات الجزائية .

الأستاذ جيلا لي بغدادي التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية.

- إذا طلب وكيل الجمهورية المتابعة و إجراء التحقيق في القضية غير أن قاضي التحقيق قرر عدم قبول الادعاء المدني أو رفض إجراء التحقيق ترتب على هذا القرار حق المنازعة لكل من المدعى المدني و النيابة العامة عن طريق الاستئناف. و في كل هذه الحالات يجب أن يكون أمر القاضي التحقيق مسببا تسبيبا كافيا و إلا كان مشوبا بعيب البطلان.

و لكن هل يجوز لقاضي التحقيق اتهام أشخاص خارج الشكوى دون طلبات جديدة من وكيل الجمهورية؟

طبقا للمبدأ العام في التحقيق بالنسبة لقضايا الادعاء المدني فإن قاضي التحقيق يخطر بالوقائع و ليس بالأشخاص و من ثمة فقد يجوز له اتهام كل شخص له علاقة بالوقائع المخطر بها في طار التحقيق فإذا لم يتوصل إلى اكتشاف أي احد من المتهمين اصدر قاضي التحقيق أمر بانتفاء وجه الدعوى في الحال . أما في حالة ما إذا ظهرت أدلة جديدة أثناء التحقيق و لم يشر إليها قي الشكوى أو طلبات النيابة العامة فهنا يتعين على قاضي التحقيق عرض ملف الدعوى من جديد على وكيل الجمهورية مع المستندات الجديدة ليتسنى له تقديم طلباته بشأنها و في هذه الحالة لا يسأل المدعي المدني و لا يتحمل مسؤولية تبعية الاتهامات التي جاءت بناءا على وقائع جديدة.

الـــــــــــفرع الثاني : الإدعـــاء المدني أثناء التحقيق:

القاعدة أنه يجوز لكل شخص متضرر من جريمة الإدعاء مدنيا أمام قاضي التحقيق طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادة :72 من: ق.إ.ج ،وإذا كانت الدعوى العمومية قد حركت من قبل النيابة العامة أو مدعي مدني آخر في كل وقت أثناء سير التحقيق ففي هذه الحالة يعتبر الطرف المتدخل أثناء سير التحقيق طرفا منضما في الدعوى التي أقامها المدعي الأول حيث ترتب آثارها بالنسبة لهما جميعا. غير أن المدعي المدني الجديد المتدخل أثناء سير التحقيق لا يكون في هذه الحالة معينا بالشروط والالتزامات التي تقررها قاعدة الإدعاء المدني خاصة منها ما يتعلق بدفع الكفالة أو تقديم الشكوى وعرضها على النيابة العامة متى كانت الوقائع محل الاتهام هي نفسها في كلا الإدعاءين وهذا تطبيقا لأحكام المادة :74 من :ق.إ.ج.التي تجيز الإدعاء مدنيا في أي وقت أثناء سير التحقيق دون أن يبلغ هذا الإدعاء إلى باقي أطراف الدعوى الآخرين.

ويستخلص من هذا أنه بإمكان كل شخص متضرر من جريمة سبق إخطار قاضي التحقيق بها في إطار شكوى مصحوبة بإدعاء مدني من طرف شخص آخر أن يتدخل أمام قاضي التحقيق بصفته مدعيا في حدود الدعوى المدنية التي ترتب حق التعويض شأنه في ذلك شأن المتدخل في الدعوى المقامة من قبل النيابة العامة حسب الحالات العادية دون دفع المصاريف.

إن الحكمة من إعطاء المدعي المدني حق التدخل أثناء سير التحقيق طبقا لأحكام المادة :74 من ق.إ.ج.هو تحقيق فائدتين أساسيتين أولهما إعطاء فرصة للمتضرر من نفس الوقائع ممارسة دعواه المدنية بصفته طرفا منضما في الدعوى العمومية بأخف الإجراءات ودون مصاريف. وثانيهما إعطاء فعالية وتدعيما للدعوى العمومية بما يأتيه المدعي الجديد من دلائل ضد المتهم والكشف عن الحقيقة.لكن إذا جاء المتدخل الجديد بوقائع جديدة لم يسبق عرضها على قاضي التحقيق أثناء الإدعاء الأول كان على هذا الأخير غير مختص بنظرها إلا إذا عرضت عليه في شكل إدعاء مدني أصلي بالشروط المنصوص عليها في المادتين :73- 74 من :ق.إ.ج.

وفي جميع الأحوال إن الإدعاء المدني المقدم أثناء سير التحقيق لا يتطلب تبليغه إلى أطراف الدعوى الآخرين، وهم المتهم والنيابة أو المدعي المدني الأصلي باعتبار الأمر هنا يخص نفس الوقائع لم يأت فيها المدعي المدني باتهام جديد.ومع ذلك فقد يجوز لكل طرف في الدعوى الاعتراض على الإدعاء المدني الجديد سواء من حيث الصفة والحق في الإدعاء أو الحق المدعى به أو من حيث الاختصاص،ويكون ذلك بموجب عريضة تودع لدى قاضي التحقيق الذي يبت فيها بقرار مسبب بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية، كما يمكن لقاضي التحقيق أن يقرر رفض الإدعاء المدني أو عدم اختصاصه إذا رأى سببا لذلك بنفس الأوضاع. (1)

أما بالنسبة لشكلية التدخل أثناء سير التحقيق فلم يحدد قانون الإجراءات الجزائية شكلية معينة للتدخل أثناء سير التحقيق في إطار أحكام المادة 74 من :ق.إ.ج. غير أن علة وجوده تفترض بساطة إجراءاته ،وهنا ينبغي التنبيه إلى أن التدخل في القضايا الجزائية يختلف عنه في القضايا المدنية. فمن الناحية القانونية ينبغي أن يكون التدخل أثناء سير الدعوى قبل غلق إجراءات التحقيق وإحالة الدعوى على جهة الحكم أو صدور أمر ينهي الدعوى العمومية.

ومن الناحية العملية فإن الإدعاء المدني أثناء سير التحقيق يجرى عن طريق شكوى تودع لدى القاضي المكلف بالتحقيق في القضية بشرط أم تكون متعلقة بنفس الوقائع التي سبق له أن أُخطر بها بغض النظر عن الأشخاص المتهمين.

المــــــطلب الثاني : عوارض الادعاء المدني :

إن الهدف النهائي من الإدعاء المدني هو الوصول إلى تحقيق نتيجة و ذلك بجبر الضرر عن طريق التعويض الذي يدخل في اختصاص جهة الحكم.

أما بالنسبة لدور التحقيق فهو البحث واكتشاف عناصر الجريمة وإيجاد الدليل لإقامة الدعوى العمومية التي يكون لها تأثيرا على الدعوى المدنية سواءا سلبيا أو إيجابيا وذلك بما يطرأ على الإدعاء المدني من عوارض سابقة وأخرى لاحقة

الــفرع الأول :العوارض السابقة على الادعاء المدني :

هي حالات قانونية تطرأ على الادعاء المدني قي شكله فتجعله منتهيا في مهده الأول دون الحاجة إلى التحقيق في الموضوع و منها حالة الأمر برفض إجراء التحقيق في الادعاء المدني و عدم قبوله أو عدم الاختصاص و كلها عوارض سابقة على الادعاء المدني يفصل قاضي التحقيق قبل التصدي للموضوع.










ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الأستاذ:علي جروه ،الموسوعة في الإجراءات الجزائية،[المجلد الثاني في التحقيق ص(69-70)].

أولا : قرار رفض التحقيق :

وهو أمر يصدره قاضي التحقيق يقرر بمقتضاه الامتناع عن القيام بإجراء التحقيق في الشكوى محل الادعاء المدني بعد إخطاره قانونا بالرغم من توافر الشروط الشكلية غير انه لأسباب قانونية تخص الدعوى نفسها مثل عدم توافر شرط من شروطها , حصول تقادم , صدور العفو الشامل , انعدام الوصف الجنائي للأفعال محل الادعاء. "انعدام الأهلية أو الصفة أو المصلحة لدى الشاكي ".

هذه الأسباب تجعل التحقيق فيها غير ممكن فيقرر القاضي الامتناع عن مباشرة التحقيق إما من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب النيابة العامة فيصدر إما أمر بانقضاء الدعوى العمومية أو أمرا

بالاّ وجه للمتابعة.

كما يمكن لقاضي التحقيق أن يقرر رفض إجراءات التحقيق على الحال وهذا عندما يكون المانع مؤقتا والحقيقة أن رفض الدعوى في الحال شبيه بالرفض الشكلي غير أنهما يختلفان من حيث الآثار وذلك أن الرفض في الشكل قد يكون له حجته في بعض الحالات التي يكون فيها الحكم منهيا للدعوى مثل حالة رفض الاستئناف شكلا لعدم قيام الطعن في الميعاد القانوني لكن في الحالات التي يكون ليس له اثر على الدعوى مثل حالة الرفض شكلا لعدم استفاء إجراء من إجراءات التي يتطلبها القانون كحالة عدم رفع الحصانة القضائية قبل تقديم الشكوى مثلا فان هذا يتطلب توقيف التحقيق مؤقتا لتصحيح الإجراءات ثم إعادة الدعوى في شكلها الصحيح . لذلك كان القضاء قد أوجد هذا الإجراء العملي الذي طبق في المسائل الجزائية والمدنية على حد سواء ومنهما حالة رفض إجراء التحقيق ورفض الدعوى على الحال أو انتفاء وجه الدعوى على الحال معناه توقيف مواصلة إجراء الدعوى إلى حين التوصل إلى اكتشاف الجاني مثلا . ومن الناحية القانونية فان قرار رفض التحقيق هو قرار قضائي كباقي القرارات القضائية الأخرى يتعين أن يكون مسببا تسبيبا كافيا وأن يبلغ إلى كل من النيابة العامة والمدعي المدني وهو قابل للطعن بطريق الاستئناف أمام غرفة الاتهام . "وفي حالة ما إذا فتح تحقيق ولم يتوصل قاضي التحقيق إلى أي نتيجة كما لو فتح التحقيق بناء على شكوى مع ادعاء مدني ضد شخص مسمى ولم يتمكن التحقيق من تحديد الهوية , فلقاضي التحقيق أن يصدر أمر بانتفاء وجه الدعوى وليس أمر برفض التحقيق (1).

ثانيا: أمر عدم قبول الادعاء المدني :

هو الأمر الذي يقرر بمقتضاه قاضي التحقيق رفض الادعاء المدني لأسباب شكلية إذا ما قدم الادعاء في شكل مخالف لقاعدة جوهرية في الإجراءات التي ينص عليها القانون أو لأسباب تمس الدعوى نفسها أو كان مخالف لقواعد الاختصاص المشتركة بين الدعوى المدنية والدعوى الجزائية كحالة كون الادعاء المدني جاء من شخص عديم الأهلية في غياب ممثله القانوني أو لكون الوقائع موضوع الادعاء المدني ليس لها صلة بالضرر المدعي به أو كون الفعل الجنائي لا يرتب حق التعويض .




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ

الدكتور أحسن بوسقيعة التحقيق القضائي ص124 (قرار المحكمة العليا الغرفة الجنائية المجلة القضائية العدد 3 مؤرخ في 26/10/1998 ملف رقم 204343).

ومن ابرز الحالات التي تستدعي فيها إصدار أمر بعدم قبول الادعاء المدني حالة انعدام المصلحة العامة وحالة عدم ارتباط الدعوى الجزائية بالدعوى المدنية وحالات سقوط الدعوى العمومية وانعدام الوصف الجنائي للفعل موضوع الشكوى وفي حالة عدم حضور المدعي المدني أمام قاضي التحقيق لسماعه باعتباره مشتكيا ومحركا لدعوى العمومية فان هذا التخلف يجعل من المدعي المدني متخليا عن ادعائه وهذا يؤدي حتما إلى رفض الادعاء المدني .

" ومن الجائز أيضا أن يصدر قاضي التحقيق أمر بعدم قبول الشكوى مع الادعاء المدني لعدم استيفائها الشروط الشكلية المطلوبة قانونا كما في حالة عدم إيداع المدعي المدني لدى كتابة الضبط المبلغ المقدر لزومه لمصاريف الدعوى المادة 75 ق.إ.ج "(1).

وعلى أية حال فان أمر عدم قبول الادعاء المدني يختلف حسب الحالات فمثلا إذا كان عدم قبول الادعاء المدني سببه عارض شكلي ظهر من البداية أي قبل عرض الشكوى على السيد وكيل الجمهورية لإبداء طلباته فان هذا العارض يجعل من قاضي التحقيق غير مؤهل للتحقيق في القضية مادام لا توجد متابعة أصلا وهذه الحالة تتطلب إصدار الأمر بعدم قبول الادعاء المدني . أما إذا ظهر السبب بعد تقديم النيابة العامة لطلباتها فيصبح بذلك قاضي التحقيق مختص بالتحقيق في الادعاء المدني وفي هذه الحالة قد يحدث النزاع لذا أوجب المشرع في المادة 74 على قاضى التحقيق حتى في حالة انعدام المنازعة من أحد الأطراف أن يقرر من تلقاء نفسه حالة النزاع ويفصل فيه بقرار مسبب برفض التحقيق.

ملاحظـــة : إجراءات ونماذج عن تسجيل هذا الأمر بواسطة التطبيقة القضائية(أنظر الملاحق).

ثـــالثا : أمر عدم الاختصاص:

لقد سبق القول انه لقبول الادعاء المدني يجب توافر شرط اختصاص قاضي التحقيق طبقا للمادة 72 من ق.إ.ج والاختصاص في هذه الحالة يعتبر من النظام العام يتعين علي القاضي إن يثيره من تلقاء نفسه لذا وجب على قاضي التحقيق أن يتحقق من توافر هذا الشرط عند تلقيه الشكوى وقبل الأمر بإيداع الكفالة .

كما يمكن لوكيل الجمهورية التأكد من توفر الاختصاص المحلي عندما تعرض عليه الشكوى من طرف قاضي التحقيق فإذا تبين له عدم الاختصاص قدم طلباته من البداية بعدم قبول الادعاء المدني قبل اتخاذ القرار بالمتابعة.

" أما في حالة عدم الاختصاص النوعي فإذا عرض على قاضي التحقيق العادي قضية تخص جريمتي التحريض على الفرار من الجيش و إخفاء الهارب التي هي من اختصاص القضاء العسكري تعين على قاضي التحقيق العادي إصدار أمر بعدم الاختصاص "(2) .







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

(1)الدكتور أحسن بوسقيعة التحقيق القضائي ص (125).

(2)الأستاذ جيلا لي بغدادي التحقيق دراسة مقارنو نظرية وتطبيقية الطبعة الأولى سنة 1999 ص (164).

لكن في حالة ما إذا ظهرت حالة عدم الاختصاص لاحقا فهذا يؤدي إلى التنازل عن القضية لفائدة قاضي التحقيق المختص وذلك بمقتضى أمر بالتخلي وذلك بعد اخذ رأي وكيل الجمهورية طبقا للمادة 77 من ق .إ.ج الناصة على " إذا لم يكن قاضي التحقيق مختصا طبقا لنص المادة 40اصدر بعد سماع طلبات النيابة العامة أمر بإحالة المدعي المدني إلى الجهة القضائية التي يراها مختصة بقبول الادعاء المدني "(1).

ويلاحظ في هذا الصدد أن أمر بالتخلي يعد أمرا ولائيا غير خاضع لأي طعن إداري أو قضائي باعتباره لا يمس أصل الدعوى ولا حقوق الأطراف وإنما يحيلهم إلى جهة أخرى مختصة وبذلك يكون هذا الأمر بمثابة أمر الإحالة على جهة الحكم للفصل في الدعوى.

الــفرع الثاني : العوارض اللاحقة على الادعاء المدني:

يقصد بها تلك الأسباب التي تطرأ على الادعاء المدني أثناء سير إجراءات التحقيق عند نهايته وينجر عنها رفض الادعاء المدني أوعدم قبوله إلا انه من الناحية العملية فان رفض التحقيق لا يكون إلا بسبب العوارض السابقة ومن الحالات التي يمكن أن تجسد هذه العوارض اللاحقة هي :

أولا : أسباب عدم الاختصاص المؤدية إلى رفض التحقيق :

إن أسباب عدم الاختصاص المؤدية إلى رفض التحقيق تكون حين يكتشف قاضي التحقيق عدم الاختصاص أثناء التحقيق كحالة كون الجريمة ارتكبت خارج دائرة الاختصاص مثلا فهذا يؤدي إلى إصدار أمر بالتخلي عن القضية لفائدة قاضي التحقيق المختص إقليميا .

ثـانيا : عدم قبول تدخل المدعي المدني أثناء التحقيق :

كذلك حالة المدعي المدني المتدخل أثناء سير التحقيق يعتبر عارض من عوارض الادعاء ففي حالة إذا كانت الوقائع مختلفة فهذا يؤدي إلى عدم قبول تدخله الأمر الذي يتطلب منه تقديم شكوى جديدة أصلية امام قاضي التحقيق

حجية قرارات قاضي التحقيق:

يصدر قاضي التحقيق العديد من الأوامر القضائية التي منها ما يكون فاصلا في الموضوع ومنها ما يكون فاصلا في الشكل .

فبالنسبة للأوامر الفاصلة في موضوع الحق فقد يكون لها حجيتها بعد تبليغها وصيرورتها نهائيا حيث تكتسب قوة الشيء المقضي فيه ومن ثمة لا يجوز الرجوع إلى ما فصل فيه بصفة نهائية ما عدا الحالة التي تقتضي أعادة التحقيق لظهور أدلة جديدة.

أما إذا كان الأمر قد فصل في مسألة شكلية دون التعرض للموضوع مثل حالة رفض إجراء التحقيق بسبب عارض إجرائي وقتي كحالة انعدام الشكوى أو عدم إيداع الكفالة أو عدم رفع الحصانة القضائية على الشخص الملاحق مثلا فان هذا الأمر ليس منهيا للدعوى حيث تنتهي آثاره بزوال العارض الإجرائي الذي يمكن تصحيحه في كل وقت وإعادة الدعوى من جديد .


الـمبحــث الثـــالـث: آثـار الادعاء المدني:

المطلب الأول : الحقوق المترتبة للمدعي المدني :

يكون للإدعاء المدني آثار فنية وأخرى قانونية يرتب لصاحبه امتيازات عدة حيث يخول له معالجة القضية بأسرع الطرق وأنجع الوسائل وتحريك الدعوى العمومية ومتابعة إجراءاتها كما يخول له إقامة الدعوى المدنية متزامنة مع الدعوى العمومية المؤدية إلى الحفاظ على مصالحه بصفته ضحية الحادثة . كما أن الإدعاء المدني يعطي لصاحبه امتيازا بمقتضاه يصبح طرفا مدنيا وفي نفس الوقت طرفا متابعا بصفته سلطة الاتهام لا بصفته شاهد وقائع كما هو الحال في المتابعات العادية. وبالتالي يصبح المدعي المدني في مركز ممتاز بالنسبة للدعوى وله الحق في مراقبة سير إجراءات التحقيق وحق الاعتراض والمنازعة عند الاقتضاء، وفي سبيل تحقيق ذلك فهو يتمتع بحق الإطلاع والإبلاغ و التدخل والاستئناف عند الاقتضاء .

الفــرع الأول : حق المدعي المدني في الاطلاع والإبلاغ :

بمقتضي أحكام المادة 105 ق.إ. ج . والتي تنص على ما يلي: "لا يجوز سماع المتهم أو المدعي المدني أو إجراء مواجهة بينهما إلا بحضور محاميه أو بعد دعوته قانونا ما لم يتنازل صراحة عن ذلك. يستدعى المحامي بكتاب موصي عليه يرسل إليه يومين على الأقل قبل استجواب المتهم أو سماع الطرف المدني حسب الحالة.

يمكن أيضا استدعاء محامي الأطراف شفاهة ويثبت ذلك بمحضر ويجب أن يوضع ملف الإجراءات تحت طلب محامي المتهم قبل كل استجواب بأربعة وعشرون ساعة على الأقل كما يجب أن يوضع تحت طلب محامي المدعي المدني قبل سماع أقواله بأربعة وعشرين ساعة على الأقل " يتبين لنا أن للمدعي المدني حق الاطلاع على سير الإجراءات الخاصة بالتحقيق عن طريق دفاعه وبذلك فهو غير خاضع لسرية التحقيق المنصوص عليها في المادة 11 من نفس القانون كما له حق إبلاغه بالأوامر الصادرة في قضيته وإحاطته علما بها في الآجال المحددة قانونا طبق لنص المادة 168 ق.إ.ج تحت طائلة البطلان . كما يكون للمدعي المدني حق أخطاره بأوامر التي يصدرها في طلبات الاسترداد وطلبات الإفراج كما يخطر بجلسات غرفة الاتهام وقراراتها مع حقه في الطعن فيها.

الفرع الثــــاني : الحق في التدخل أثناء سير التحقيق :

طبقا لأحكام المادة (71) ق.إ ج الناصة على "يجوز لوكيل الجمهورية أو المتهم أو الطرف المدني لحسن سير العدالة طلب تنحية الملف من قاضي التحقيق لفائدة قاضي آخر من قضاة التحقيق .

يرفع طلب التنحية بعريضة مسببة إلى رئيس غرفة الاتهام و يبلغ إلى القاضي المعني يجوز تقديم ملاحظاته الكتابية. يصدر رئيس غرفة الاتهام قراره في ظرف ثلاثين (30) يوما من تاريخ إيداع الطلب بعد استطلاع رأي النائب العام ويكون هذا القرار غير قابل لأي طعن ".(1).







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)المواد: (71.105) من قانون الإجراءات الجزائية .

ومن اجل المحافظة على مصير الدعوى العمومية و البحث فيها من أجل إظهار الحقيقة و في سبيل هذا المطلب فالمدعي المدني له حق طلب تنحية قاضي التحقيق و ذالك لحسن سير العدالة كما يجوز له طلب تنحية القاضي الذي يفصل في الدعوى العمومية طبقا لأحكام المادة 557 ق . إ . ج "يجوز طلب من جانب المتهم أو كل خصم في الدعوى " و كذا طلب إجراء تحقيق تكميلي عند الاقتضاء أمام غرفة الاتهام طبق لمقتضيات المادة 186 من ق . إ . ج "يجوز لغرفة الاتهام بناءا على طلب النائب العام أو احد الخصوم أو حتى من تلقاء نفسها أن تأمر باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التكميلية التي تراها لازمة كما يجوز لها أيضا بعد استطلاع رأي النيابة العامة أن تأمر بالإفراج عن المتهم ".

من جهة أخرى له الحق في طلب ندب الخبراء أثناء التحقيق أو المحاكمة و إبداء الملاحظات المكتوبة و الشفهية بشأن الخبرة طبقا لإحكام المادة 151من ق. إ .ج (كما يمكنه طلب إجراء الأبحاث و سماع الأشخاص أو الاستعانة بكل شخص قادر على إعطاء معلومات ذات طابع فني تطبيقا لأحكام المادة 152 من ق. إ . ج (يجوز لأطراف الخصومة أثناء إجراء أعمال الخبرة أن يطلبوا إلى الجهة القضائية التي أمرت بها أن تكلف الخبراء بإجراء أبحاث معنية أو سماع أي شخص معين باسمه قد يكون قادرا على مدهم المعلومات ذات الطابع الفني ).

الفرع الثـالث : حق المدعي المدني في الاستئناف و الطعن:

لقد خول القانون للمدعي المدني حقوقا يمكنه ممارستها بصدد الدعوى الناجمة عن ادعائه وهي حق الاعتراض واستئناف بعض الإجراءات المضرة بمصالحه منها على الخصوص أوامر قاضي التحقيق المؤثرة على حقوقه المدنية حتى ولو كانت لها صلة بالدعوى العمومية وفي سبيل تحقيق هذا الغرض ،أجاز قانون الإجراءات الجزائية في المادة 173) للمدعي المدني رفع الاستئناف ضد الأمر القاضي برفض إجراء التحقيق، أو رفض الإدعاء أو عدم قبوله ،وكذلك الحال بالنسبة للأمر القاضي بانتفاء وجه الدعوى وقرار عدم الاختصاص بنظرها في الجانب الموضوعي .

وبخصوص الطعن بالنقض فقد أجاز القانون للمدعي المدني الطعن أمام المحكمة العليا في جميع الأوامر السابقة الذكر ما عدا حالة أمر انتفاء وجه الدعوى الذي لا يجوز فيه الطعن إلا مع النيابة العامة تطبيقا لأحكام المادة: (497) من:ق.إ.ج.

يرفع استئناف المدعي المدني أمام غرفة الاتهام في ظرف ثلاثة أيام كاملة من يوم تبليغه الأمر في موطنه المختار وذلك بواسطة عريضة مكتوبة تودع لدى غرفة التحقيق أو كتابة الضبط بالمحكمة أين تسجل وتحول في الحال إلى قاضي التحقيق المختص تطبيقا للمادة : (173) من ق .إ.ج ، كما يمكنه تقديم مذكرة كتابية امام غرفة الاتهام تدعيما لاستئنافه يوضح فيها وجهة نظره حول القضية وتقديم الملاحظات الشفهية أثناء جلساتها عند الاقتضاء عملا بأحكام المادتين 18- 184) وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية .

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن تدخل المدعي المدني بخصوص الدعوى العمومية هو منحصر في حدود المحافظة على حقوقه المدنية وليس الإساءة لحالة المتهم ، لذلك كان قانون الإجراءات الجزائية قد استثنى حق المدعي المدني في استئناف أوامر الإفراج وتكييف الوقائع وإحالة الدعوى باعتبار هذه الإجراءات تبقى بقاء الدعوى العمومية تختص بها النيابة العامة وحدها .(1).










ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

الأستاذ :عي جروه ،{الموسوعة في قانون الإجراءات الجزائية ، المجلد الثاني في التحقيق ص (86-87)}.




المطلب الثاني: الآثار المترتبة على صفة المدعي المدني:

قد يكون لصفة المدعي المدني تأثيرا على الدعوى العمومية وقد يحصل العكس أحيانا من ذلك أن ارتباط تحريك الدعوى العمومية بالإدعاء المدني يجعل ممارسة الدعويين في وقت واحد وأمام جهة قضائية واحدة ، وهذا الارتباط له تأثير متبادل ، حيث لا يمكن للمدعي المدني الاستمرار في دعواه المدنية إذا توقفت الدعوى العمومية كما يترتب عن زوال انعدام هذه الصفة توقف المتابعة في حالة كون تحريك الدعوى العمومية متوقف على شرط الشكوى مثل جريمة الزنا حيث يترتب على انعدام صفة الزوج توقف المتابعة .

من جهة أخرى فإن تنازل المدعي عن الشكوى لا يؤثر من حيث المبدأ على سير الدعوى العمومية بعد إقامتها ، غير أنه يحدث عكس ذلك في حالة تخلي المدعي المدني عن متابعة الشكوى من البداية قبل عرضها على السيد وكيل الجمهورية كما يكون الحال كذلك إذا لم يدفع المدعي المدني مبلغ الكفالة حيث يؤدي ذلك إلى توقف الإدعاء المدني وعدم قبوله .

إن تقديم المدعي المدني طلبا بالتنازل عن ادعائه وعدم حضوره إجراءات التحقيق من البداية يجعله في المتخلي عن ادعائه وفي هذه الحالة تسري عليه أحكام الشهود من حيث الاستجواب والتزام الحضور ما لم تكن الجريمة محل المتابعة من الجرائم التي تتوقف على شرط الشكوى التي تنتهي فيها الدعوى العمومية بالمصالحة تطبيقا لمقتضيات المادة (06) من ق .إ.ج .

الـفـــــرع الأول: ضياع الحق في استرجاع مبلغ الكفالة:

المبدأ في الكفالة أنها تضمن مصاريف الدعوى التي أقامها المدعي المدني على غيره وبذلك فهي تمثل المصاريف القضائية المستحقة للدولة لكنه إذا نجم عن الادعاء المدني قيام التهمة وثبوت الإدانة في جانب المدعى عليه فانه يحكم عليه بالمصاريف القضائية وجوبا وفي هذه الحالة يكون من حق المدعي استرجاع مبلغ الكفالة الذي كان قد أودعه لدى كتابة الضبط بأمر من قاضي التحقيق أوجهة الحكم.

لكن إذا كان المدعي المدني إذا خسر الدعوى سواء كانت قد انتهت بأمر لا وجه للمتابعة أو حكم البراءة مثلا فانه وحده يتحمل مصاريف الدعوى وبذلك تحل الكفالة محل المصاريف القضائية حيث يحكم بمصادرتها قضائيا لصالح الخزينة العمومية.

كذلك في حالة تنازل المدعي المدني عن ادعائه حيث يلزم بالمصاريف وذلك تطبيقا لنص المادة 163 ق إ.ج التي توجب على قاضي التحقيق تصفية المصاريف القضائية وإلزام المدعي المدني بها إن وجد في القضية مدعي مدني, غير انه يجوز له إعفاء المدعي المدني حسن النية من المصاريف كلها أو جزء منها بقرار مسبب.

وعليه متى أصدر قاضي التحقيق أمر بالا وجه للمتابعة في موضوع الادعاء المدني وجب على قاضي التحقيق أن يقرر في نفس الأمر بإلزام المدعي المدني بالمصاريف القضائية بعد تحديد مقدارها والأمر بمصادرة مبلغ الكفالة لصالح الخزينة العامة , كما يمكنه أن يعفيه من هذه المصاريف جزئيا أو كليا إذا تبين له انه كان على حسن النية في ادعائه وبذلك يأمر برد مبلغ الكفالة كليا أو جزئيا حسب الحالة بقرار مسبب.

لكن ما هو مصير الكفالة في حالة توقف الادعاء المدني بسبب صدور أمر من قاضي التحقيق برفض الادعاء أو رفض إجراء التحقيق أو عدم الاختصاص ؟

فبخصوص هذا الأشكال وأمام سكوت المشرع الجزائري وانعدام المرجع القضائي يمكن اعتماد حل هذه المعضلة فإن المنطق القانوني يقتضي إتباع إحدى الحلين:

- حالة كون الرفض جاء بسبب خطأ من المدعي المدني كحالة التخلي عن الادعاء أو كون الوقائع المدعى بها ليس لها علاقة بالدعوى الجزائية أو وجود مانع قانوني يحول دون قيام الدعوى المدنية وفي هذه الحالة فان المدعي المدني بخطئه هذا يفقد حقه في استرجاع مبلغ الكفالة .

- حالة كون سبب الرفض راجع إلى خطأ من طرف قاضي التحقيق نفسه فهنا يقتضي تطبيق مبدأ العدالة الذي يقضي بإرجاع الكفالة إلى المدعي المدني و هذا ما استقر عليه القضاء الفرنسي حيث اعتبر الأمر بعدم الاختصاص الصادر من قاضي التحقيق بعد قبوله للادعاء المدني بعد خطأ منه ناجما عن تهاونه في مراقبة اختصاصه من البداية الأمر الذي يترتب عنه استرجاع مبلغ الكفالة لصاحبها.

الفرع الثاني : مسؤولية التعويض:

إذا آلت الدعوى التي يقيمها المدعي المدني إلى نتيجة سلبية وذلك بسبب عدم ثبوت الوقائع موضوع الإدعاء ، وصدور أمر بألاّ وجه للمتابعة أو حكم بالبراءة لصالح المتهم كان لهذا الأخير الحق في متابعة المدعي المدني جزائيا من أجل تهمة الوشاية الكاذبة طبقا لنص المادة 300) من قانون العقوبات .

كما له الحق أيضا في مطالبة التعويض سواء أمام المحكمة المدنية أو المحكمة الجزائية وذلك عن طريق دعوى التعويض طبقا لأحكام المادة 78) من : قانون الإجراءات الجزائية.


ثـــــالثا: اختيار الموطن:

و يقصد به ذلك العنوان الذي يختاره الشخص المشتكي بدائرة المحكمة التي يمارس بها قاضي التحقيق أعماله حتى يكون بمثابة وسيلة اتصال تربطه به و عن طريقها يتم الاتصال و استقبال المراسلات و الحصول على المعلومات و التوضيحات التي قد يحتاج إليها قاضي التحقيق و العكس صحيح بالنسبة للمدعي المدني و اختيار الموطن بالنسبة للمدعي المدني عملا بأحكام المادة 76 ق.إ.ج "على كل مدع مدني لا تكون إقامته بدائرة اختصاص المحكمة التي يجري فيها التحقيق أن يعين موطنا مختارا بموجب تصريح لدى قاضي التحقيق .

فإذا لم يعين موطنا فلا يجوز للمدعي المدني أن يعارض في عدم تبليغه الإجراءات الواجب تبليغه إياها بحسب نصوص القانون " قد يدون في العريضة كما يمكنه تحديد موطنا لا حق أثناء سير الدعوى بتصريح منه لدى قاضي التحقيق يختاره لدى محامية أو احد أقاربه أو أصدقائه كما يجوز له اختيار موطن لدى المحضر القضائي و العبرة من تحديد الموطن تتمثل في حق الاستئناف أو تقديم الملاحظات بشأن إجراء متخذ في القضية و عليه لا يمكن للمدعي المدني الاحتجاج بعدم التبليغ غير أن هذا لا يحول دون التبليغ المدعي المدني في موطنه المعتاد حسب الإجراءات العادية ذلك لتفادي المسؤولية التي قد تقع على قاضي التحقيق في حالة بعد المسافة أو صعوبة الاتصال .

الفـرع الــــــــثاني: الــــــشروط المـــــــــوضوعيــــــــة :

أولا : قيام الجريمة :

لما كان الغرض من الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني هو إقامة الدعوى المدنية التي تقوم على كاهل الدعوى العمومية فقد يشترط لقبول هذا الادعاء وجود جريمة قائمة بأركانها تكون مصدر الضرر مع وجود علاقة مباشرة بين الجريمة والضرر الذي أصاب المشتكي شخصيا ومباشرة.

ولما كانت الجريمة هي أساس الإدعاء المدني وشرطا لقبوله فإنه يترتب على انقضاء الدعوى العمومية أو توقف المتابعة جزاء عدم قبول الإدعاء أو رفضه حسب الأحوال بالرغم من وجود الضرر (1)

ثــانيا : وجود الضرر:

القاعدة في الضرر انه لا يجوز لأحد أن يدعي مدنيا ما لم يكن حائزا على صفة الشخص المتضرر من عمل مصدره الجريمة ، ويعرف الفقهاء الضرر بأنه الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه الشخصية أو المالية أو في مصلحة يحميها القانون ويشترط في الضرر أن يكون شخصيا ومباشرو حقيقا بالمفهوم الوارد في المادة 02 الفقرة الأولى مــن : ق.إ. ج والتي تنص على أنه" يتعلق الحق في الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض الضرر الناجم عن جناية أو جنحة أو مخالفة من كل

ما أصابهم شخصيا ضرر مباشر تسبب عن جريمة "و لا يكفي الاحتمال وقوع الضرر إنما يجب أن يكون حالا أو أن يكون تحققه في المستقبل مؤكدا كالجرح الذي يترتب عليه عجز يمنع صاحبه

للمزاولة عمله لمدة معينة وكفقد البصر نتيجة إصابته في إحدى العينين مثلا كما نص له قانون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

الأستاذ :عي جروه، [الموسوعة في الإجراءات الجزائية]المجلد الثاني في التحقيق ص (60-61).

الإجراءات الجزائية على أن الدعوى تكون مقبولة عن كافة أوجه الضرر سواء كانت مادية أو أدبية أو جثمانية ،ويقصد بالتضرر من الجريمة المجني عليه أي الشخص الذي وقعت عليه الجريمة.

أو ذوي الحقوق سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو أشخاص معنوية وينبغي أيضا أن لا يكون الضرر مبنيا على سبب غير مشروع أو مخالف للأخلاق فلا يحق للخليلة أن تطالب بالتعويض عما أصابها من ضرر ناتج عن وفاة خليلها في حادث كما لا يحق للمستفيد من الشيك الذي قبله مع علمه بأنه بدون رصيد أن يطالب بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء جريمة سحب الشيك دون مقابل (1).

ثـــــــــــالثا: عدم حصول متابعة قضائية سابقة :

لقبول الادعاء المدني يشترط عدم وجود متابعة قضائية سابقة من شانها أن تجعل الدعوى العمومية منتهية بقرار نهائي سواء أكان بالبراءة أو بالإدانة وفي هذه الحالة يصبح الادعاء المدني غير جائز ضد الأشخاص الذين شملهم القرار القضائي حتى ولو كانت الدعوى العمومية ضد مجهول . أما إذا كانت الدعوى العمومية مازالت مطروحة أمام القضاء فهناك حالتين :

-إذا كانت الدعوى منظورة أمام جهة التحقيق جاز للمدعي المدني التدخل بادعائه أمام قاضي التحقيق طبقا للمادة 72 من ق.إ.ج أما إذا كانت الدعوى قد أحيلت إلى جهة الحكم أمكن للمدعي المدني أن يتدخل بصفته طرفا مدنيا أمام المحكمة المختصة طبقا للمادة 240 من ق.إ.ج "يحصل الإدعاء المدني إما أمام قاضي التحقيق طبقا للمادة 72 من هذا القانون وإما بتقرير لدى قلم الكتاب قبل الجلسة إما أثناء الجلسة بتقرير يثبته الكاتب أو بإبدائه في مذكرات "(2). يلاحظ من هذا أن ترجمة النص الفرنسي للعربي فيه بعض الخلط في المصطلحات ذلك أن النص الفرنسي يقصد بالإدعاء المدني أمام المحكمة التأسيس كطرف مدني في حين النص العربي يقصد به الادعاء المدني أمام المحكمة .

-أما إذا كانت الدعوى قد انتهت بقرار لا وجه للمتابعة أو رفض الادعاء المدني وصار هذا القرار نهائي فهناك حالين:

- إذا كان الادعاء المدني مرفوض شكلا جاز للمدعي المدني تصحيح الإجراء الفاسد وإعادة الادعاء من جديد أمام قاضي التحقيق.

- أما إذا كان سبب القرار موضوعيا كحالة انقضاء الدعوى العمومية مثلا فان هذا الأمر حكمه حكم أمر انتفاء وجه الدعوى ومن ثمة لا يجوز للمدعى المدني إقامة ادعائه مرة أخرى حتى لو كان ذلك بناءا على ظهور أدلة جديدة حيث تبقى هذه الأخيرة حقا للنيابة العامة وحدها تطبيقا لأحكام المادة 175 من ق.إ.ج والمتعلقة بالتحقيق في حالة ظهور أدلة جديدة .(3).













ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

(1) الأستاذ جيلا لي بغدادي التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية الطبعة الأولى 1999.

(2) المادة 240 قانون الإجراءات الجزائية.

(3) المادة 175 من قانون الإجراءات الجزائية.

وهناك حالتين:

- حالة ما إذا مارس وكيل الجمهورية هذا الحق أمكن للمدعي المدني أن ..يتدخل كطرف مدني في أية مرحلة كانت عليها الدعوى حيث يكون تدخله هذا بصفته ضحية من اجل طلب التعويض وليس بصفته طرفا محركا للدعوى العمومية بمفهوم الادعاء المدني .

- حالة ما إذا رأت النيابة العامة عدم ملائمة المتابعة وقررت حفظ الإجراءات فإن القرار لا يمنع المدعي المدني من تحريك الدعوى العمومية بإرادته الخاصة أمام قاضى التحقيق وذلك بتقديم شكوى مصحوبة بالادعاء المدني .

المطلب الثاني : ميادين الإدعاء المدني :

من حيث المبدأ أن الإدعاء المدني هو حق مقرر لصاحبه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى وفي جميع القضايا الجزائية التي يوجد فيها شخص متضرر سواء كان ذلك الضرر ماديا أو معنويا.

وطبقا للمادة :72 من ق.إ.ج.فإن المدعي المدني هو الذي يقوم بتحريك الدعوى العمومية بصفته متضررا من الفعل الإجرامي الذي أصاب مصلحة شخصية تأثر بها المجتمع والمتضرر، وعلى العموم فإن قانون الإجراءات الجزائية حين أقر مبدأ الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق كان يقصد به الإدعاء أمام الجهة القضائية المختصة بالقانون العام دون الجهات القضائية الخاصة والمحاكم الاستثنائية التي تحكمها نصوص خاصة لا مجال فيها لتطبيق هذا المبدأ (1).

الـــفرع الأول : "الجرائم المرتكبة من طرف الجناة الأحداث والأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة القضائية أو القضايا التي تتبع فيها إجراءات خاصة" :

أولا : الجرائم المرتكبة من طرف الأحداث :

ففي هذه الحالة المبدأ يقتضي أن يكون الادعاء المدني أمام قاضي التحقيق المختص بالتحقيق في قضايا الأحداث وهذا تطبيقا لنص المادة 475 الفقرة 03 من ق.إ.ج " أما المدعي المدني الذي يقوم بدور المبادرة إلي تحريك الدعوى العمومية فلا يجوز له الادعاء مدنيا إلا أمام قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث بمقر قسم الأحداث التي يقيم بدائرتها الحدث " .

ثـــــانيا: الجرائم المرتكبة من طرف الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة القضائية والبرلمانية أو القضايا التي تتبع فيها إجراءات خاصة:

فبالنسبة للجرائم المرتكبة من طرف الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة القضائية و البرلمانية أو القضايا التي تتبع فيها إجراءات خاصة فإنه يمكن الادعاء مدنيا أمام قاضي التحقيق المختص بجرائم القانون العام غير انه لا يجوز البدء في إجراءات التحقيق إلى بعد اتخاذ التدابير اللازمة لرفع الحصانة القضائية أو البرلمانية حسب الإجراءات التي يقررها القانون .

و بناءا عليه فإن قدمت أمام قاضي التحقيق شكوى مصحوبة بالادعاء المدني في قضية ضد قاضي أو نائب أو عضو في الحكومة تستدعي إتباع إجراءات خاصة سواء من حيث المتابعة أو التحقيق وجب على قاضي المعني قبل البدء في التحقيق عرض الشكوى على وكيل الجمهورية ليتسنى له اتخاذ ما هو لازم من إجراءات و لا يشرع في التحقيق إلا بعد استنفاذ الإجراءات المقررة قانونا.













ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأستاذ :علي جروه الموسوعة في الإجراءات الجزائية،[المجلد الثاني في التحقيق ص (72-73)].

"تطبيقا لنص المادة 72 من ق. إ. ج التي تبيح للمضرور تحريك الدعوى العمومية سواء كان الضرر ناتج عن جناية أو جنحة فإن هذا لا يعني الحرية المطلقة للمضرور في إدعاء شكوى مصحوبة بالادعاء المدني.

الــفرع الثاني : الجرائم ذات الموانع القانونية:

هناك بعض الجرائم التي تحتوي على موانع قانونية مصرح بها بنص قانوني حيث تقسم هذه الموانع إلى عدة أقسام :

أولا : الموانع الناشئة عن كون الجناية أو الجنحة ارتكبت خارج الإقليم الجزائري حيث أن المشرع خول للنيابة العامة وحدها حق المتابعة طبقا لنص المادة 587 ق. إ. ج (تجرى المتابعة بناءا على طلب النيابة العامة لمحل إقامة المتهم أو مكان آخر محل إقامة معروف له أو مكان القبض عليه.)

ثــــانيا :الموانع الناشئة من أن الجريمة قد صدر فيها أمر أو قرار نهائي بأن لأوجه للمتابعة حيث أن القانون منح للنيابة العامة وحدها حق الملاحقة فيها بناءا على الأدلة الجديدة مادة: 175[ فقرة( 3)] من : ق . إ . ج .

ثــالـثا :الموانع الناشئة عن ضرورة وجود إذن من السلطة المختصة كما هو الحال بالنسبة للنواب و القضاة و الولاة و مأموري الضبط القضائي طبقا للمادة(573 و577 )ق.إ.ج و الموانع الناشئة عن صفة الفاعل كالسرقة بين الأزواج أو بين الأصول أو الفروع لأن المادة 368 من قانون العقوبات لا تعاقب عليها جزائيا و إنما تحول الحق في التعويض فقط (1).

رابـعا : الموانع الناشئة عن قيام سبب من أسباب الإباحة وفقا لأحكام مادة 39 و40 ق . إ . ج و لقد عبر المشروع عن هذه الموانع كلها و جمعها في المادة 73 فقرة 2 من ق . إ . ج بقوله ما لم تكن الوقائع لأسباب تمس الدعوى العمومية نفسها غير جائز قانونا متابعتها أو كانت الوقائع على فرض ثبوتها لا تقبل أي وصف جزائي" (2).



























.










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-29, 20:44   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بالتوفيق وارجو تفاعلكم










رد مع اقتباس
قديم 2012-03-01, 10:02   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نمودج في بحث حول التوقيف للنظر

حالات التوقيف للنظر في قانون الاجراءات الجزائية(الجزائر)
المبحث الاول الحالات التي يتم فيها التوقيف للنظر

لم يترك المشرع الجزائري لضباط الشرطة القضائية السلطة التقديرية و المطلقة لتقرير التوقيف للنظر بل قيدهم بحالات يجوز لهم فيها اتخاذ هذا الإجراء ,هذه الحالات تتمثل في :

الحالة الأولى : التلبس بجناية طبقا لنصوص المواد من 50الى 55 من قانون الإجراءات الجزائية .
الحالة الثانية : التحقيق الابتدائي طبقا لنص المادتين 65و65/1 من قانون الإجراءات الجزائية .
الحالة الثالثة : الإنابة القضائية طبقا لنص المادة 141 من قانون الإجراءات الجزائية .

- المطلب 01 حالة التلبس بجناية أو جنحة

ولقد نص عليه في المواد 50 إلى 55 من قانون الإجراءات
الجزائية ضمن الفصل الأول تحت عنوان في الجناية أو الجنحة المتلبس بها إذ
انه و لمقتضيات التحقيق إذا رأى ضابط الشرطة القضائية أن يوقف للنظر المشتبه في ارتكابه للجريمة المتلبس بها فله ذلك متى توفرت دلائل كافية و متماسكة على ارتكابه الفعل المجرم

ـ
إذا عندما ترتكب جريمة متلبس بها لجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس ,يحق
لضابط الشرطة القضائية اتخاذ عدة إجراءات من بينها الأمر بعدم المبارحة و
التحقق من هوية كل من اشتبه في أمره( الاستيقاف ) وكذا توقيفهم للنظر و لكن قبل التطرق لهذا يجب معرفة معنى حالة التلبس

التلبس :هو حالة من الحالات التي يؤسس عليه قانون الإجراءات
الجزائية السلطات الاستثنائية لمخولة لضابط الشرطة القضائية و يعرف بأنه
عبارة عن وصف عيني للجريمة و ليس بوصف شخصي ,فالجريمة هي التي تكون متلبس
بها و مشهودة و ليس فاعلها .
و عليه التلبس يعتبر وصف خاص بالجريمة يفيد معنى التقارب الزمني بين وقوع الجريمة و كشفها
ـ
وهناك من عرفه كذلك بأنه المعاصرة أو المقاربة بين لحظتي ارتكاب الجريمة و
اكتشافها أي تطابق أوتقارب اللحظتين زمنيا .و تكون الجريمة متلبس بها في
الحالات المنصوص عليها في المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية وهي:

1- مشاهدة الجريمة حال ارتكابها (المادة 41/04)من قانون الإجراءات الجزائية :
و
يعبر عنها بالتلبس الحقيقي وهنا يتم رؤية الجريمة أثناء ارتكابها ,و لفظ
المشاهدة ينصرف إلى جميع الحواس (الرؤيةـ السمع ـ الشم ـ التذوق ـ اللمس )
كما قد تكون المشاهدة من طرف ضابط الشرطة القضائية أو كان قد وصل إلى علمه و
يشترط هنا أن يقوم بنفسه بالانتقال إلى مكان الجريمة و مشاهدة آثارها و
هذا بعد إخطار وكيل الجمهورية بها على الفور( المادة 42 )

2- مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها (المادة 41/01) من قانون الإجراءات الجزائية :

هنا لا يتم مشاهدة الجريمة حال ارتكابها بل تكون المشاهدة بعد مدة زمنية قصيرة من ارتكابها.
ـ
و لم يقم المشرع الجزائري بتحديد تلك المدة الزمنية و اكتفى بأن عبر عليها
بعبارة *عقب ارتكابها *.و عليه نفهم هنا بان المدة الزمنية يجب أن تكون
قصيرة.

ـ في التشريعات المقارنة نجد أن
المشرع المصري نص على عبارة*عقب ارتكابها ببرهة يسيرة * ، في حين أن
المشرعان السوري و الأردني عبرا عليها ب* عند الانعقاد من ارتكابها
*.المشرعان التونسي و الموريتاني استعملا عبارة *قريبة من الحال *و هنا
مهما اختلفت التعبيرات إلا أنها تؤدي إلى معنى واحد و هو أن يتم اكتشاف
الجريمة بعد مدة قصيرة من ارتكابها .

3-متابعة العامة للمشتبه فيه بالصياح ( المادة 41/02) من قانون الإجراءات الجزائية :
هذه الحالة لا تعتمد على المشاهدة و إنما تعتمد على عنصر المتابعة المادية للمشتبه فيه من طرف العامة مرفوقة بالصياح .
و
يجب التفريق بين صياح العامة و الإشاعة العامة التي لا تتعدى أن تكون إلا
مجرد أقاويل متداولة بين الناس , في حين أن الصياح يكون بالصراخ قصد توقيف
الجاني و ذلك في وقت قريب جدا من وقوع الجريمة وقد تكون المتابعة من طرف
جماعة كبيرة من الناس أو قليلة و قد تكون من طرف المجني عليه ذاته
لم
يحدد المشرع الجزائري المدة الزمنية الفاصلة بين صياح العامة و مشاهدتهم
للفعل المجرم بل اكتفى بالنص على ذلك بعبارة في وقت قريب جدا من ارتكابها و
عليه يفهم هنا بأنه يجب أن تعقب الانعقاد من تنفيذ الركن المادي للجريمة
بوقت قصير.
و تبقى مسألة تحديد هذه المدة الزمنية للسلطة التقديرية لضابط الشرطة القضائية تحت مراقبة قاضي الموضوع.
و
لقد تعرضت محكمة النقض الفرنسية لهذا الأمر في حكمها الصادر بتاريخ 07
جانفي 1932 و ذهبت في تحديدها المدة الزمنية إلى استمرار هذه المدة حتى
اليوم التالي من وقوع الجريمة

4- ضبط أداة الجريمة بحوزة المشتبه فيه(المادة 41/02) من قانون الإجراءات الجزائية :
كأن يتم ضبط سلاح أو مسروقات بحوزته تدل على ارتكابه الفعل المجرم أو مشاركته فيه .

5- وجود آثار أو دلائل تدعو إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة(المادة 41/02) من قانون الإجراءات الجزائية :
كأن توجد على المشتبه فيه خدوش أو جروح أو أ ن يكون لباسه ملطخ بالدم وهذا عقب ارتكاب الجريمة بوقت قريب .

6- اكتشاف الجريمة في مسكن و التبليغ عنها في الحال (المادة 41/03) من قانون الإجراءات الجزائية :
اذ
قد ترتكب جريمة في منزل و يبلغ عنها بعد اكتشافها هنا تعتبر جريمة متلبس
بها, كما قد يحصل و أن يكتشف صاحب المسكن الجريمة عقب وقوعها فيبادر
باستدعاء ضابط الشرطة القضائية قصد إثباتها كحالة زنا الزوجة مثلا .

ـ
و سواء كان التلبس حقيقيا أو حكما فقد أعطى المشرع لضابط الشرطة القضائية
صلاحية اتخاذ مجموعة من الإجراء من بينها : الأمر بعدم مبارحة مكان الجريمة
و كذا استيقاف كل من أراد أ ن يتحقق من هويته كما له أن يوقف للنظر كل من وجدت في مواجهته دلائل قوية و متماسكة تدل على ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها.

-
إذا في حالة وقوع الجريمة المتلبس بها يجب على ضابط الشرطة القضائية أن
يخطر وكيل الجمهورية فورا بوقوعها و أن ينتقل بدون تمهل إلى مكان ارتكابها
قصد القيام بجميع التحريات اللازمة و المحافظة على الآثار و إبعاد
الفضوليين كي لا تختفي تلك الآثار .
و له أن يأمر بعدم مبارحة الحاضرين مكان الجريمة كي يسألهم عن الجريمة و يجمع القدر الكافي من المعلومات و الاستدلالات حولها .

و له أيضا أن يستوقف احد الحاضرين كي يتحقق من هويته إن كان قد أثار فيه نوع من الشبهة .
- ولقد نصت المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم بالقانون رقم 06/22 المؤرخ في 20/12/2006 على انه(إذا رأى ضابط الشرطة القضائية لمقتضيات التحقيق , أن يوقف للنظر شخصا أو أكثر ممن أشير إليهم في المادة50 , فعليه أن يطلع فورا وكيل الجمهورية بذلك و يقدم له تقريرا عن دواعي التوقيف للنظر ...)
يفهم من نص هذه المادة انه لضابط الشرطة القضائية أن يوقف للنظر من أمره بعدم المبارحة أو من استوقفه للتحقق من هويته متى توافرت دلائل قوية و متماسكة تدل على ارتكابه الجريمة أو مشاركته فيها .
وفي حالة عدم وجود دلائل قوية ومتماسكة تدل على ذلك فانه لا يجوز توقيفه إلا للمدة الضرورية لسماعه و اخذ أقواله .
و عليه نستخلص بأنه يكون التوقيف للنظر في
حالة التلبس بجناية أو جنحة معقب عليها بالحبس وبالتالي لا تكون في الجنح
إذا كانت عقوبتها غرامة مالية (01) كما لا تكون بالنسبة للمخالفات سواء
كانت عقوبتها حبسا أم غرامة أم هما معا .

– المطلب02 حالة التحقيق الابتدائي:

لضابط الشرطة القضائية إمكانية توقيف الشخص للنظر في إطار إجراء تحرياته خارج حالات التلبس و يكون ذلك في إطار التحقيق الأولي
المادة65 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم بالقانون 06/22 نصت على : (إذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي ضابط الشرطة القضائية إلى أن يوقف للنظر شخصا مدة تزيد عن 48 ساعة فانه يتعين عليه أن يقدم ذلك الشخص قبل انقضاء هذا الأجل إلى وكيل الجمهورية .)
إذا
في إطار التحريات الأولية خلال التحقيق الابتدائي إذا رأى ضابط الشرطة
القضائية بعد سماعه لشخص وجدت في مواجهته دلائل قوية و متماسكة على قيامه
بالفعل المجرم أو مشاركته فيه أن يوقفه للنظر لمدة لا تتجاوز 48 ساعة متى دعت مقتضيات التحقيق لذلك ثم يسوق إلى وكيل الجمهورية .
و يتم التوقيف هنا بعد سماع المعني الذي تم استدعاؤه لمركز الشرطة أو الدرك بخصوص الجريمة محل البحث .
و بعدما يكتشف ضابط الشرطة القضائية وجود أدلة حول تورطه في الجريمة له أن يقرر توقيفه للنظر لمدة 48 ساعة مع وجوب الإخطار الفوري لوكيل الجمهورية
ولكن يجب أن تتوافر دلائل قوية و متماسكة تجعل من ارتكابه أو مشاركته في الجريمة أمرا مرجحا .
-
وفي حالة عدم وجود دلائل تفيد ارتكابه الفعل أو مساهمته فيه فهنا لا يجوز
لضابط الشرطة القضائية أن يوقف الشخص إلا للمدة اللازمة لأخذ أقواله (
المادة 65/ 1الفقرة 2) .
ـ و في
حالة ما إذا التبس على ضابط الشرطة القضائية الأمر و لم يستطع أن يعرف ما
هو الاجراء الواجب اتخاذه فعليه هنا أن يتبع تعليمات وكيل الجمهورية فإذا
قرر وكيل الجمهورية توقيفه للنظر فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يلتزم بهذا القرار.

المطلب 03 حالة تنفيذ الإنابة القضائية :
ولقد
نص على إمكانية ضابط الشرطة القضائية في إطار تنفيذه الإنابة القضائية
توقيف الشخص المشتبه فيه للنظر،وهذا طبقا لنص المادة 141 من قانون الإجراءات الجزائية ( إذا
اقتضت الضرورة لتنفيذ الإنابة القضائية أن يلجأ ضابط الشرطة القضائية
لتوقيف شخص للنظر, فعليه حتما تقديمه خلال 48ساعة إلى قاضي التحقيق في
الدائرة التي يجري فيها تنفيذ الإنابة...)

تعرف
الإنابة القضائية بأنها تفويض قاضي التحقيق لقاض آخر أو لضابط من ضباط
الشرطة القضائية لاتخاذ إجراء من إجراءات بدلا منه و تكون الإنابة بموجب
تفويض خاص (المادة 139 من قانون الإجراءات الجزائية )
الأصل
ان يقوم قاضي التحقيق بجميع الإجراءات بنفسه إلا انه و لدواعي عملية قد
يفوض غيره من اجل القيام باتخاذ إجراء من إجراءات بدلا عنه.
و يشترط لصحة الإنابة القضائية :

1- أن تكون صادرة من قاضي تحقيق مختص .
2-
أن تكون الإنابة القضائية قد وجهت لضابط الشرطة القضائية المختص و ليس
لأحد أعوانه و معنى هذا انه لا يجوز ندب أعوان الشرطة القضائية (138).

3-
يجب أن ينصب الندب على عمل من أعمال التحقيق و ألا يكون يتعلق باستجواب
المتهم – مواجهته –سماع أقوال المدعي المدني طبقا لنص المادة 139/2 من قانون الإجراءات الجزائية .

4- يجب ألا يكون التفويض عاما بل خاصا يحدد فيه العمل المطلوب القيام به بدقــة على الا يخـرج عن إطــارها ضابط الشرطة القضائية .

و يتم على سبيل المثال توقيف الشخص للنظر في
إطار تنفيذ إنابة قضائية عندما يفوض قاضي التحقيق صلاحية سماع شاهد في
قضية ما إلى ضابط الشرطة القضائية,فاذا اكتشف هذا الاخير عند قيامه بسماعه
هذا الشاهد أنه قد ساهم فعلا في ارتكاب الجريمة ففي هذه الحالة سمح له القانون توقيفه للنظر على
ألا تتجاوز هذه المدة 48 ساعة ثم يقتاده بعد ذلك الى القاضي المنيب ,و علي
ضابط الشرطة القضائية أن يخطر قاضي التحقيق فورا بهذا الإجراء و بدواعي
التوقيف.

ـ و لقاضي التحقيق في هذه الحالة نفس الصلاحيات المخولة لوكيل الجمهورية اذ نصت المادة 141 فقرة 4 و 5 على انه ( تطبق الأحكام المنصوص عليها في المادتين 51 و 51 مكرر1 من هذا القانون على إجراءات التوقيف للنظر التي تتخذ في إطار هذا القسم .
يمارس قاضي التحقيق الصلاحيات المخولة لوكيل الجمهورية بمقتضى المادتين 51 و52 الفقرة الأخيرة من هذا القانون)
و من هنا نفهم بان لقاضي التحقيق نفس الصلاحيات المخولة لوكيل الجمهورية.
ـ
و لكن في كل الحالات السابقة إذا كان يتوقف لتحريك الدعوى العمومية ضد شخص
توفر شكوى أو إذن أو طلب فانه لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يوقفه للنظر في حالة عدم تقديمها ممن يملك حق تقديمها مثل جريمة السرقة بين الأقارب



: المبحث الثاني -واجبات ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس - -
يقع على عاتق ضابط الشرطة القضائية في حالات التلبس مجموعة من الواجبات ،و هي ذات طبيعة استدلالية و تتمثل هذه الواجبات في الأتي :
1 - يجب إخطار وكيل الجمهورية حالا و الانتقال دون تمهل إلى مكان الجريمة و الوقوف بنفسه على التلبس بالجريمة المادة 42 ف 1 ق إ ج .
2- على ضباط الشرطة القضائية فور وصولهم إلى مكان الجريمة القيام بالتحريات اللازمة و المحافظة على آثار الجريمة ،و أن يقوم بضبط كل ما من شأنه الكشف عن الحقيقة المادة 42 ف 2 ق إ ج .
3- يستمع ضابط الشرطة القضائية لأقوال الحاضرين و لكل من يفيد التحقيق و لا يتم تحليفهم اليمين أو إجبارهم على الكلام .
4- على ضابط الشرطة القضائية ضبط كل ما من شأنه كشف الحقيقة من أشياء أو أدوات و يعرضها على المشتبه فيه المادة 42 ف 4،3 ق إ ج .
5- إذا إقتضى الأمر إجراء معاينات في مكان إرتكاب الجريمة ،يمكن للضابط الإستعانة بأشخاص مؤهلين الملزمين بأداء اليمين المادة 49 ق إ ج

المطلب01 الإجراءات المخولة لضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس
يقرر قانون الإجراءات الجزائية مجموعة من الإجراءات يباشرها ضابط ش ق في حالة التلبس فبعض منها سوى إجراءات استدلالية تدخل في العمل العادي لجهاز الضبطية القضائية كإستيقاف المشتبه فيه و ضبطه و اقتياده إلى أقرب مركز للشرطة ،أو الدرك ،و الأمر بعدم مبارحة مكان الجريمة لتحقيق الهوية .
و إجراءات أخرى استثنائية لما لها من خطورة على الحقوق و الحريات ،كالتوقيف للنظر ،القبض،التفتيش -هي في الأصل من اختصاص قاضي التحقيق ،وكذلك مراقبة المراسلات و تسجيل المكالمات و التسرب.
1- الإستيقاف بغرض تحقيق الهوية :
الاستيقاف إجراء بولسي الهدف منه التأكد من هوية المستوقف ،ونقصد به إيقاف الشخص في الطريق العام لتوجيه الأسئلة إليه عن إسمه ،عنوانه،وجهته ،و الشرط هو أن يضع شخص نفسه موضع الشبهة .و قانون الإجراءات لم ينظم الاستيقاف و بالاعتماد على المادة 50 ق الجمارك ،كما يستخلص من نص المادتين50/2 ،61إج .
الاستيقاف يقوم به رجل السلطة العامة فمن باب أولى يقوم به ضباط الشرطة القضائية و أعوانهم .و نشير أن الاستيقاف لا يخول اقتياد المستوقف إلى مركز الشرطة أو الدرك إلا إذا عجز عن إثبات هويته أو امتنع .
2-ضبط المشتبه فيه و اقتياده إلى أقرب مركز :
إجراء قد يقوم به عامة الناس أو رجل السلطة العامة ،و يشترط فيه:
-أن يكون المشتبه فيه المراد ضبطه و اقتياده مساهما في جناية أو جنحة متلبس بها وفقا للمواد 41،55إ ج،و 5،27 ق ع ،و أن لا ينصرف الضبط أو الاقتياد لغيره من الأشخاص .
- الضبط و الاقتياد لا يخول القائم به تفتيش الشخص المقتاد تفتيش قانوني و لكن لا يمنع التفتيش الوقائي .
- تقديم الفاعل الذي ضبط لأقرب مركز للشرطة أو الدرك الوطني .
و يختلف ضبط المشتبه فيه عن الاستيقاف بغرض تحقيق الهوية الذي يكفي فيه أن يضع الشخص الموقوف نفسه موضع الشبهة و لا يشترط أن تقع جريمة متلبس بها ،عكس الضبط و الاقتياد الذي يكون بشأن شخص متلبس بالجريمة .هذا و يجوز لضابط ش ق في إطار سلطة الاستيقاف أن يقتادوا المشتبه فيه الذي يمتنع عن تقديم هويته أو يعجز عن ذلك .
3- الأمر بعدم المبارحة أو عدم المغادرة :المادة 50/1 إج
عدم المبارحة أمر يوجهه ضابط ش ق المتواجد في مكان ارتكاب الجريمة للمعاينة لشخص أو لعدة أشخاص يتواجدون بمكان الجريمة و الهدف من ذلك إتمام مهمته في مكان الجريمة بتحقيق الوقائع ،و هو بذلك صورة من الاستيقاف لأنه يستهدف تحقيق الهوية ،لكنه يختلف عنه أن الأمر بعدم المبارحة لا يصدر إلا من ضباط ش ق فقط .و يشترط في هذا الإجراء ما يلي:
=توفر حالة التلبس المنصوص عليها في المادتين :41،55 إج .
=يوجه الأمر للأشخاص المتواجدين بمكان الجريمة 61إ ج .
=الغرض من هذا الإجراء هو التعرف على هوية الشخص ،أ,و التحقيق من شخصيته ،أو السماح لضابط ش ق سماع أقوال من يكون قد حضر الجريمة ،و جمع المعلومات بشأن الجريمة المتلبس بها .
= أن لا يستعمل ضباط ش ق لإجبار المتواجدين بمكان الجريمة بعدم مغادرة مكان الجريمة ،غير أنه في حالة عدم الامتثال لأمر الضابط يقوم هذا الأخير بتحرير محضر بالمخالفة المرتكبة و تقديمه للسلطة المختصة لتوقيع الجزاء 50/3 إج.
-المطلب02التـوقيف للنـظر :
التوقيف للنظر هو إجراء بوليسي يقوم به ضابط الشرطة القضائية و ذلك بتوقيف شخص في مركز للشرطة أو الدرك الوطني لمدة 48 سا إذا دعت مقتضيات التحقيق ذلك .
القيود الواردة على سلطة الضابط في التوقيف للنظر:
ضابط الشرطة وحده هو الذي يقوم بهذا الإجراء إما ضد الأشخاص المأمورين بعدم المبارحة مكان الجريمة ،أو الأشخاص المراد التعرف على هويتهم ،أو الأشخاص الذين تقوم ضدهم دلائل على مساهمتهم في إرتكاب الجريمة .
= تحديد مدة التوقيف للنظر:مدة التوقيف للنظر هي 48سا (المادة 51/2 إج)،و يبدأ الحساب حسب أوضاع الأمر بالتوقيف .
=عدم تمديد مدة التوقيف للنظر كأصل:الأصل عدم جواز تمديد مدة التوقيف للنظر 51/5،2 إ ج في جرائم معينة بصفة حصرية ،و يتم ذلك بإذن مكتوب من وكيل الجمهورية و عليه:
• التمديد يكون مرة واحدة في جرائم الاعتداء على أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات.
• التمديد يكون مرتين في جرائم الاعتداء على أمن الدولة
• التمديد يكون ثلاث مرات إذا تعلق الأمر بجرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود ،جرائم تبييض الأموال ،جرائم الصرف .
• التمديد يكون 5 مرات في جرائم الموصوفة إرهابية ،تخريبية.
=احترام السلامة الجسدية للموقوف تحت النظر :
حماية للموقوف من تعسف ضابط الشرطة القضائية الذي قد يكون ،حرص المشرع على حماية السلامة الجسدية للموقوف بتنظيمه الأمور التالية :
أ) -تنظيم فترات سماع أقواله :و ضمن هذا الإجراء يجب :
-تحرير محضر التوقيف للنظر يحدد فيه أسباب التوقيف ،مدته ،ساعة بدايته و نهايته إما بإخلاء سبيل الموقوف أو تقديمه للجهة القضائية المختصة ( وكيل الجمهورية ،قاضي التحقيق )،كما يحدد في المحضر فترات سماع أقوال الموقوف ،و فترات الراحة التي استفاد منها ،على أن يوقع الموقوف على هامش المحضر و إذا رفض على ضابط الشرطة القضائية أن يؤشر على هذا الامتناع المادة 52/2،1 إ ج.
هذا و يجب أن يؤسس في كل مركز للشرطة أو الدرك سجل خاص ترقم صفحاته و تختم و يوقع عليه وكيل الجمهورية دوريا ،و يلتزم ضابط الشرطة القضائية بتقديمه للجهة المختصة بالرقابة إلا كان عرضة للمعاقبة 52/3إج .
ب) -المراقبة الطـبيـة: على ضابط الشرطة القضائية أن يخطر الموقوف في حقه في الفحص الطبي ،حيث يحق للموقوف أو محاميه أو عائلته طلب الفحص الطبي بعد انتهاء عملية التوقيف و يكون الغرض من ذلك الكشف ما إذا كانت هناك ممارسات غير مشروعة صدرت عن ضباط الشرطة القضائية في حق الموقوف كالإكراه و التعذيب المادة 51 مكرر1إج .و يجب أن يكون الطبيب محلف و مُمَارس في دائرة اختصاص المحكمة ،و قد يكون تعيين الطبيب تلقائيا . كما يجوز للنيابة العامة أن تنتدب طبيبا لفحص الموقوف في أي فترة من فترات التوقيف سواء من تلقاء نفسها ،أو بطلب من محامي الموقوف أو أحد أفراد أسرته المادة 52/6 إج ،و على ضباط الشرطة القضائية أن يلتزم بهذا الأمر حتى لا يكون عُرضة للعقوبة المادة 100 /2مكررق ع .
جزاء مخالفة ضوابط التوقيف للنظر:
رغم أن القانون لم ينص على بطلان إجراء التوقيف للنظر لكنه قرر قواعد المسؤولية الشخصية لضباط الشرطة القضائية في حالة انتهاكهم هذه القواعد :
أ)-قانون العقوبات بالتعديل رقم 04-15 المؤرخ 10/11/2004 دعم الحماية القانونية للسلامة الجسدية للموقوف تحت النظر بإضافة ثلاثة مواد :263 مكرر،263 مكرر1، 263 مكرر 2 إ ج التي تجرم تعذيب المشتبه فيه أو المتهم من أجل الحصول على اعتراف .
ب)-تجريم إنتهاك الآجال القانونية للتوقيف للنظر باعتباره حبسا تعسفيا المادة 51/الفقرة الأخيرة إ ج .
ج) -يقرر القانون بأنه في حالة عدم توفر دلائل على ارتكاب الجريمة ضد الشخص الموقوف تحت النظر أو الصادر في حقه أمر بعدم المبارحة المادة 51 إ ج .
5-القـبـض:
القبض على الأفراد هو إجراء يقوم به ضابط الشرطة القضائية بإمساك المشتبه فيه لفترة محددة تمهيدا لتقديمه لوكيل الجمهورية لاتخاذ ما يراه بشأنه من إجراءات ،أو حرمان المشتبه فيه من الحرية بإبقائه في مركز الشرطة أو الدرك تمهيدا لتسليمه للجهة المختصة -وكيل الجمهورية -،و قد أشار الدستور إلى القبض في المادة 47منه في حين أغفل قانون الإجراءات تنظيمه إلا في مرحلة التحقيق في المادة 120 إج،و لم ينظمه في مرحلة الضبطية القضائية (حالة التلبس) فما هو المصدر القانوني للقبض؟:
جانب من الفقه يرى أن مصدره هو المادة 61إج المتعلقة باقتياد المتلبس إلى أقرب مركز شرطة أو درك .
جانب 2 :يرى المصدر المادة 120 إج .
جانب 3:يرى أن المصدر المادتين 51، 61إج.
و يرى الأستاذ أوهابية في مؤلفه أن المصدر هو المادة 51/4 إج .و يعتمد لرفض مصادر القبض الأخرى في المادتين 120،61إ ج على الملاحظات التالية :
- المادة 61إج تتعلق بسلطة مقررة لعامة الناس و كذلك لرجل السلطة العامة في ضبط المشتبه إلى أقرب مركز للشرطة أو الدرك الوطني ،و هو ليس قبض لعدم توفر شروطه .
- المادة 120إج تخص المقبوض عليه بمقتضي أمر بالقبض صادر عن قاضي التحقيق و الذي يودع بموجبه في مؤسسة عقابية في حين القبض المخول لضباط الشرطة القضائية لا يسمح لهم سوى توقيف الشخص للنظر في مركز للشرطة أو الدرك لمدة لا تزيد عن 48 سا و اقتياده أمام وكيل الجمهورية قبل إنقضائها.
- لا يمكن تنظيم التوقيف للنظر بمادة واحدة مرتين و بطريقة تختلف من حيث الأحكام ،المادة 51/1 تنص على التوقيف للنظر و الفئات التي يجوز التحفظ عليها و هي المذكورة في المادة 50 إج ،بينما المادة 51/4 تخص القبض تتقيد بوجوب توافر دلائل قوية و متماسكة ،و وجوب الاقتياد أمام وكيل الجمهورية .
و عليه شروط القبض :
1- أن تكون هناك جريمة متلبس بها طبقا للمادتين 41، 55 إج جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس أو بعقوبة أشد .
2 - أن تقوم في حق المشتبه فيه دلائل قوية و متماسكة تؤكد على اتهامه .
3 -أن يقع القبض على المشتبه فيه بواسطة ضباط الشرطة القضائية .
4 -أن لا يوقف المشتبه فيه في مركز الشرطة أو الدرك أكثر من 48 سا و يجوز تمديدها وفقا للمادة 51/5،4 إج على أن يحال بعد ذلك إلى وكيل الجمهورية .

6- تفتيش المساكن :
المسكن هو كل مكان يتخذه المرء مسكنا لنفسه يأويه سواء على الدوام أو مؤقتا فيكون حرما لا يجوز للغير دخوله إلا بإذن و عُرف المسكن في المادة 355ق ع .
تعريف التفتيش : تفتيش المساكن هو البحث في مكنون سر الأفراد على دليل للجريمة ،و إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي الذي يخوله القانون لقاضي التحقيق أصلا و استثناءا لضباط الشرطة القضائية في الجرائم المتلبس بها ،و التفتيش ينصب على جريمة وقعت فعلا متلبس بها ،و يكون بإذن من وكيل الجمهورية .
دخول المساكن و تفتيشها :نظم قانون الإجراءات دخول المساكن في المادة 47إج و تفتيش المساكن في المادة 45إج .
الدخول هو تخطي حدود المسكن الخارجي و الولوج فيه بالظهور فيه دون أن يمتد إلى معاينة و فحص ما يوجد بداخله مثلا الدخول يكون لمساعدة شخص ،أو الدخول برضا صاحب المنزل ،أو الدخول تنفيذا لأمر القبض .
التفتيش فهو البحث و التنقيب عن دليل الجريمة في في مستودع سر الأفراد و هو ما يستدعي بالضرورة دخول المنزل و يخضع الدخول و التفتيش لنفس القواعد و الأحكام المواد 44 إلى 48 إج .
القيود الواردة على إجراء التفتيش :
بالإضافة إلى شرط أن تكون الجريمة جناية أو جنحة متلبس بها ،يجب التقيد بالشروط التالية :
شرط 1:أن يُجري التفتيش ضابط شرطة قضائية :
يجري التفتيش عضو من الضبطية القضائية له صفة ضابط الشرطة القضائية المادة 15إج ،أو يتم بحضوره و تحت إشرافه و إلا وقع التفتيش باطلا .
شرط 2:أن يحصل الضابط على إذن من السلطة القضائية :
إذا شاهد الضابط الجريمة المتلبس بها بنفسه أو أبلغ عنها ،لا يجوز له دخول المسكن و لا تفتيشه إلا بعد الحصول على إذن من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق المادة 44 إج ،و يجب أن يكون الإذن مكتوب و يتضمن البيانات التالية موضوع الجريمة ،عنوان الأماكن التي ستتم زيارتها و تفتيشها و إجراء الحجز فيها ،تاريخ إصداره و جهة إصداره ،توقيع و ختم من أصدره المادة 44إ ج .
شرط 3:التفتيش في الميقات المقرر قانونا :
لا يجوز التفتيش و معاينة المساكن بعد الساعة 8 ليلا و قبل الساعة 5 صباحا ،و إذا كانت ظروف الحال تستدعي تدخل ضابط الشرطة القضائية للحفاظ على الأدلة يتخذ التدابير بمحاصرة المسكن و مراقبة منافذه لحين حلول الميقات القانوني 122/2،1إج و له أن يستعين بالقوة العمومية ،و يجوز الاستمرارية فيه لما بعد الميقات القانوني إذا بدأ التفتيش في الوقت القانوني .
حالات الخروج على الميقات القانوني :
استثناءا يجوز الدخول و التفتيش في أي وقت ليلا أو نهارا دون التقيد بالميقات القانوني في الحالات التالية :
أ)- طلب صاحب المسكن :إذا طلب صاحب المسكن من الضابط دخول مسكنه و معاينته و تفتيشه يعفى من الالتجاء للقضاء للحصول على إذن المادة 47 إج .
ب)- حالة الضرورة :يجوز للضابط دخول المسكن وتفتيشه و معانته في أي وقت متى اضطر لذلك كحالة وجهت نداءات من الداخل ،و في الأحوال الاستثنائية المقررة قانونا كالحريق ... .
ج)- تفتيش الفنادق و المساكن المفروشة : يجوز التفتيش الفنادق و المساكن المفروشة و الأماكن المفتوحة للعامة ،و المحلات إذا تعلق الأمر بجرائم المخدرات و الدعارة الجرائم المعاقب عليها في المواد 342 إلى 348 ق ع .
د)- بمناسبة جرائم معينة موصوفة :وفقا للمادة 47/3 إج لا يقيد الضابط بأي قيد عدا الإذن الصادر من قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية المختصين .
إذا تعلق الأمر بجرائم الإرهاب ،جرائم المخدرات ،الجريمة المنظمة عبر الحدود ،الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات ،جرائم تبييض الأموال ،الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف .
هـ )- الدخول للمساكن بغرض تنفيذ العمليات المقررة في المادة 65مكرر5 إج :
يقرر القانون للضابط بناء على إذن وكيل الجمهورية في إطار تنفيذ عمليات الاعتراض للمراسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور الدخول للمساكن في أي ساعة ليلا أو نهارا لوضع لترتيبات التقنية بغرض تنفيذ عملية الاعتراض و التسجيل و التصوير و الغرض من دخول المنزل ليس التفتيش المادة 65مكرر5إج إلا أن هذا لا يمنع أن يتخذ الضابط الإجراءات المقررة قانونا في حالة ضبطه جريمة متلبس بها .
شرط 4:حضور صاحب المسكن عملية التفتيش :
وفقا للمادتين 44، 45 إج يشترط :
- حضور المشتبه في ارتكابه الجريمة تفتيش مسكنه أو من يعتقد أنه يحوز أوراقا أو أشياء تتعلق بالجريمة موضوع البحث في مسكنه .
- إذا تعذر حضور صاحب المسكن يجوز أن ينيب غيره لحضور عملية التفتيش .
- في حالة عدم حضور صاحب المسكن شخصيا و عدم تعيين نائب لحضوره التفتيش نيابة عنه ،لضابط الشرطة القضائية أن يعين شخصين ،يشهدان عملية التفتيش بشرط أن لا يكونا من الموظفين الخاضعين لسلطته .
الخروج عن قاعدة الحضور :لا يُلتزم بقواعد الحضور المقررة في المادة 45إج في حالتين :
الأولى : الخوف من أن يفر الموقوف تحت النظر أو المحبوس حين نقله لحضور التفتيش ،أو يؤدي فراره إلى ضياع الأدلة أو تعرض النظام العام لمخاطر جسيمة ،و عليه لا يحضر التفتيش و إنما يحضر ممثل عنه أو حضور شاهدين و بعد الموافقة المسبقة من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق طبقا للمادة 47مكرر إج .
الثانية : الحالة المتعلقة بالجريمة الإرهابية و جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية ،و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم تبييض الأموال ،و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف المادة 45/6 إج .بشرط الحفاظ على السر المهني و كذا جرد الأشياء و حجز المستندات المذكورة أعلاه .
يلاحظ أن المشرع يكاد يفرغ المسكن من الضمانات و يوسع من صلاحيات الشرطة القضائية و التضييق من الحقوق و الحريات مع الإبقاء على المحافظة على السر المهني المادة 46، 47/6 إج .
بطـلان التفتيش :
وفقا للمادة 48إج التي تحيل إلى المواد 45، 47إج و المادة 44إج أي إجراء يقوم يقوم به ضباط الشرطة القضائية متعلق بالتفتيش يكون مخالفا للقيود المتعلقة بالإذن و الحضور و الميقات القانوني من الجهاز شبه القضائي أو من السلطة القضائية المختصة يترتب عليه البطلان و لا يعتمد على الأدلة المتحصلة منه .
7- تفتيش المشتبه فيه :
لم ينظم قانون الإجراءات تفتيش الأشخاص فيهم أو المتهمين من الناحية الوقائية أو الأمنية أو باعتباره من إجراءات التحقيق لكن نظمته القوانين الخاصة كسلطة مخولة لفئة من الموظفين المكلفين ببعض مهام الضبط القضائي المادة 42 ق الجمارك ،و عليه يجوز تفتيش الأشخاص باعتباره إجراء قضائي في حالتين :
=1 = تفتيش الشخص حالة القبض عليه :إذا ألقى الضابط القبض على المشتبه في ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها أو محاولة ارتكابها تطبيقا للمادة 51/4إج ،أو قام به بناء على أمر قضائي المادة 120 إج ،أو تنفيذ لأمر القبض الصادر من قاضي التحقيق .
=2= تفتيش الشخص كإجراء مكمل لتفتيش المسكن:تفتيش الأشخاص مستقل عن تفتيش المساكن ،و لا يجوز تفتيش الأشخاص إلا إذا دعت مقتضيات إجرائه ،فإذا قامت دلائل على أنه يحوز أو يُخفي أوراق أو أشياء تتعلق بالجريمة جاز تفتيشه.
=تفتيش الأنثى:وفقا للمبادئ العامة يتم تفتيش الأنثى بواسطة أنثى مثلها و إذا قام ضابط الشرطة بتفتيش المرأة في موضع يعد عورة ،و إلا ترتب البطلان .
8-مراقبة المراسلات و تسجيل المكالمات و التسرب:
بموجب تعديل قانون الإجراءات بالقانون 06-22المؤرخ 20/12/2006 استحدث اختصاصين جديدين في المواد من 65مكرر إلى 65مكرر 18 إج ،و في هذا توسيع في مجال اختصاص الشرطة القضائية .
صورة 1:مراقبة المراسلات و تسجيل المكالمات :
تجيز المادة 65مكرر5 إج لوكيل الجمهورية في مرحلة البحث و التحري في الجرائم المتلبس بها و في جرائم محددة عند التحقيق الأولي أن يأذن لضابط الشرطة القضائية :
- اعتراض المراسلات التي تتم عن طريق وسائل الاتصال السلكية و اللاسلكية .
- وضع الترتيبات التقنية دون موافقة المعنيين من أجل التقاط و بث و تسجيل الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية في أماكن خاصة أو عمومية أو إلتقاط صور لشخص أو عدة أشخاص يتواجدون في مكان خاص .
يشترط للقيام بهذه الإجراءات الحصول على إذن ،و يشترط :
أ) أن يكون الإذن صادر عن وكيل الجمهورية مكتوب،لمدة أقصاها 4 أشهر ،قابلة للتجديد حسب مقتضيات البحث و التحري .
ب) أن يتضمن الإذن كل العناصر و التي تسمح للضباط بالتعرف على الاتصالات المطلوب التقاطها و الأماكن المقصودة سكنية أو غيرها.
ج) الجريمة المبررة لهذه الإجراءات .
د) تسخير الأعوان المؤهلة لدى المصالح أو الوحدات أو الهيئات العمومية أو الخاصة العاملة في مجال الموصلات السلكية و اللاسلكية للتكفل بالجوانب التقنية لعملية المراقبة و التسجيل و التصوير .
هـ) تحرير محضر بالعمليات التي تمت مادة 65 مكرر5إج،و أن يتضمن المحضر تاريخ و ساعة بداية و نهاية العمليات تلك .
و) يحرر محضرا يودع في ملف القضية يصف فيه ضابط الشرطة القضائية أو ينسخ المراسلات و الصور و المحادثات المسجلة و المفيدة في إظهار الحقيقة .
صورة2 :التسرب أو استعمال الحيلة :المادة 65مكرر 11 إج
التسرب هو قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم ،
و يشترط لصحة التسرب :
1-أن يكون الإذن صادر عن وكيل الجمهورية مكتوبا و مسببا لمدة أقصاها 4 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة لنفس الفترة حسب مقتضيات البحث و التحري ،و يجوز لوكيل الجمهورية في وقت يراه مناسبا وقف عملية التسرب .
و إذا كان الضابط أو العون لم يستطع تنفيذ عملية التسرب في المدة المقررة أو في حالة تقرير توقيفها و عدم تمديدها ،فإنه يجوز له مواصلة نشاطه في ظروف تضمن أمنه ، للوقت الضروري و الكافي لذلك على ألا يتجاوز4 أشهر ،و يخطر وكيل الجمهورية بذلك .
2- أن يتضمن الإذن الجريمة التي تبرر عملية التسرب و أن يذكر فيه هوية ضابط الشرطة القضائية التي تتم عملية التسرب تحت مسؤوليته أو عون الشرطة القضائية باعتباره مساعدا له.
3-يجوز للضابط و الأعوان الذين يعملون معه في عملية التسرب استعمال هوية مستعارة و لا يجوز إظهار الهوية الحقيقية لأي منهم في أي مرحلة من مراحل الإجراءات .
4 - أن يستعمل وسائل الحيلة و التستر بغرض ضبط الفاعلين و المساهمين معهم ،على أن لا ترقى لمرتبة التحريـض على ارتكاب الجريمة طبقا للمادة 65مكرر12/2 إج ، و من الوسائل المستعملة :
- اقتناء أو حيازة أو نقل أو تسليم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتجات أو وثائق أو معلومات متحصل عليها من ارتكاب الجرائم أو مستعملة في ارتكابها .
- استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي هذه الجرائم الوسائل ذات الطابع القانوني أو المالي و كذا وسائل النقل أو التخزين أو الإيواء أو الحفظ أو الاتصال.
-------
المرجع:د/أوهابية عبد الله ،شرح قانون الاجراءات الجزائية ،جامعة الجزائر










رد مع اقتباس
قديم 2012-03-02, 11:09   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=690307










رد مع اقتباس
قديم 2012-03-02, 22:41   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
mouniramo
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B1

بارك الله فيكم على الملخصات الرائعة الرجاء افادتنا بالاسئلة الخاصة بالدورات السابقة مع الاجوبة النمودجية خاصة ان المسابقة تعتمد على المنهجية بشكل كبير










رد مع اقتباس
قديم 2012-03-02, 15:24   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
nydjy
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية nydjy
 

 

 
إحصائية العضو










B1 تحضير الثقافة العامة لمسابقة القضاء

في إطار التحضير لمسابقة القضاء أقترح عليكم المشاركة هنا حتى نفيد و نستفيد و الفكرة كالتالي :
كل من يهمه الأمر يختار موضوعا " هو حر فيه " يكتب عنه فقرة ملخصة تحوي الخطوط العريضة للفكرة " و العبرة ليست بطول الموضوع إنما بعناصره و كيفية ترتيبها " و النقل الحرفي ممنوع لأن الهدف من هذا هو تحصيل معلومات و تخزينها ثم إعادة بثها بالأسلوب الشخصي و بهذا نكون قد ألممنا بمواضيع عدة بمقدار لا بأس به ، سأكون الأولى بحول الله سأكتب عن موضوع " مكافحة الهجرة الغير شرعية " أنتظر أجوبتكم على إقتراحي .










رد مع اقتباس
قديم 2012-03-02, 15:39   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صفحة خاصة لثقافة العامة للقضاء
نظرا لما تحتاله الثقافة العامة حصة الأسد في المعامل اتأيت وصع برنامج تسلسلس لمختلف الموضوعات المقتراحة فيها لمن يريد المشاركة يفدنا بأي موصوع ذي طابع ثقافي حتي تشمل هذه الصفحة اي موضوع يأتي في القضاء من خلال هذا الرابط https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=837316










رد مع اقتباس
قديم 2012-03-02, 15:46   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
nydjy
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية nydjy
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hadia369 مشاهدة المشاركة
صفحة خاصة لثقافة العامة للقضاء
نظرا لما تحتاله الثقافة العامة حصة الأسد في المعامل اتأيت وصع برنامج تسلسلس لمختلف الموضوعات المقتراحة فيها لمن يريد المشاركة يفدنا بأي موصوع ذي طابع ثقافي حتي تشمل هذه الصفحة اي موضوع يأتي في القضاء من خلال هذا الرابط https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=837316
شكرا على الرابط لقد سبق و اطلعت عليه ، لكن ما أريد الوصول إليه كما سبق و ذكرت هو تحصيل معلومات و تخزينها ثم إعادة بثها بالأسلوب الشخصي أي التحرير و الكتابة و بذل مجهود " هو نوع من التدريب "









رد مع اقتباس
قديم 2012-03-02, 18:18   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
nydjy
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية nydjy
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ألا أحد يهمه الموضوع ؟










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
2012, 2012فلنبدأ, 2013/2012, لمسابقة, للقضاء, مدرسة،عليا, مسابقة, المدرسة, المشاركة, الله, الامتحان, الاعلان, الاقصائية, التحضير, التسجيلات, التقافة, العليا, العامة, النقطة, القضا, القضاء, القضاء:, القضاة, الكتابي, تحضير, بركة, تسجيلات, تفاصيل, توجد, تنطلق, tفيما, فيكم, واحد, نصائح


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc