باتت تنافس العائلة في دورها التربوي
84 بالمائة من الأطفال في الجزائر يستخدمون الأنترنت بشكل يومي
دقت دراسة أكاديمية حملت عنوان "أثر استخدام الانترنيت على العملية التربوية للأسرة الجزائرية" ناقوس الخطر بخصوص دور الانترنيت في الجانب التربوي للطفل وصقل قيمه الأخلاقية والمعرفية على حساب الأسرة.
وأثبتت الدراسة التي جاءت في شكل أطروحة دكتوراه من قبل الباحث شفيق إيكوفان أن 84 بالمائة من الأطفال يستخدمون الأنترنت بشكل يومي، كما أن الاستخدام الساعي للشبكة بدا مرتفعا لدى الأطفال المعنيين بالدراسة، حيث تراوحت نسبة الاستخدام بين ثلاث ساعات يوميا فأكثر لدى 65.5 بالمائة، مقابل ضعف استخدام الأولياء لشبكة الأنترنت فمعظم الأولياء الذين شملتهم الدراسة عاجزون عن مواكبة هذا التطور الرقمي، وهو ما أكّده 58.5 بالمائة من الأولياء الذين لا يجيدون التحكم في الشبكة، مقابل 22.5 بالمائة ممن يتحكمون فيها نسبيا، في حين لا تزيد نسبة الأولياء الذين يتحكمون في شبكة الانترنت بشكل جيد 19 بالمائة.
ومن بين ما توصلت إليه الدراسة أيضا اعتماد الطفل على شبكة الانترنيت كمصدر لمعلوماته وأفكاره على حساب الأولياء ومؤسسات التنشئة الأخرى، حيث يعتمد 64 بالمائة من الأطفال على شبكة الانترنيت، مقابل 19.5 بالمائة ممن يعتمد على الأسرة، و 10.5 بالمائة يعتمدون على المدرسة في تكوين معارفهم ومعلوماتهم، في حين لا تتجاوز نسبة من يعتمد على الأصدقاء في هذه العملية 06 بالمائة.
هذا التوجه الذي أصبح عليه الطفل، أجّجه المستوى التعليمي المنخفض للأولياء، حيث أن أكثر من ربع عينة الأولياء أميّون بنسبة 30.5 بالمائة، مقابل 22 بالمائة منهم لا يتعدى مستواهم الدراسي الابتدائي.
وقد زاد عدم إبداء الأولياء لأيّ موقف من إدمان الطفل على شبكة الانترنيت: رغم أن معظم الأولياء انتبهوا للسلوكيات السلبية التي أصبح عليها أطفالهم نتيجة استخدامهم لشبكة الانترنيت، معتبرين إياها مصدرا منافسا أو مناقضا لدورهم التربوي، على أساس أنها تمكنت من السيطرة على الطفل، إلا أنهم لم يترجموا هذا الوعي بإجراءات من شأنها استعادة الطفل من عالم الانترنيت الذي سيطر عليه بشكل كبير.
وقد شملت الدراسة عينة متكونة من 400 وحدة نصفها من الأطفال المستخدمين لشبكة الانترنيت، ونصفها الآخر من أولياء هؤلاء الأطفال. حيث أماطت اللثام عن جملة من الحقائق التي باتت الأسرة الجزائرية تعيشها أهمها أن دور الأسرة بدأ يتقاعس شيئا فشيئا في ظلّ تنامي استخدام الطفل لشبكة الانترنيت، وما نجم عنه من سلوكيات وصفت بالخطيرة، تتعارض معظمها مع القيم التربوية التي تسعى الأسرة الجزائرية لغرسها في أطفالها.
بالإضافة إلى حدوث شرخ في التفكير بين الأطفال وأوليائهم، ما جعل هؤلاء الأطفال يعتمدون على شبكة الانترنيت في تكوين معارفهم وخبراتهم، إلى جانب ثقة الأطفال بمعارفهم عبر شبكة الانترنيت في البوح بأسرارهم والترويح عن مشاكلهم أكثر من ثقتهم بالأسرة.
كما سلّطت الدراسة الضوء على أهم ثلاثة مواقع يفضلها الطفل في إبحاره في شبكة الانترنيت، وقامت بتحليل مضمونها، وهي مواقع التواصل الاجتماعي، الألعاب الالكترونية، ومواقع الأفلام، الأغاني والصور.
وبيّن التحليل ما تحمله هذه المواقع من آثار خطيرة على تنشئة الطفل، أهمها التحرر في بناء العلاقات الشخصية دون إشراك الأسرة في تكوينها أو مراقبتها وزيادة الهوة بين الطفل وعائلته، وتلقين أساليب العنف المختلفة.
الشروق