![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 61 | ||||
|
![]() باب احترام أسماء الله وتغيير الاسم لأجل ذلك
عن أبي شُرَيح – رضي الله عنه- أنه كان يُكنى أبا الحكم، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله هو الحَكَم، وإليه الحُكْم" فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أَتَوني فحكمْتُ بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال: "ما أحسن هذا! فمالك من الولد؟" قلت: شُريح، ومسلم، وعبد الله. قال: "فمن أكبرُهم؟" قلت: شريح. قال: "فأنت أبو شريح""1". رواه أبو داود وغيره. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم من أجل ذلك من تحقيق التوحيد. التراجم: أبو شُريح اسمه: هانئ بن يزيد الكِنديّ، صحابيٌّ نزل الكوفة وتوفي بالمدينة سنة 68هـ رضي الله عنه. احترام أسماء الله: أي: تعظيمها، واحترمَه: رعى حرمته وهابه. تغيير الاسم: أي: تحويله وتبديله وجعل غيره مكانه. من أجل ذلك أي: لأجل احترام أسماء الله. يُكنى: الكنية ما صُدِّر بأبٍ أو أمّ. الحكَم: من أسماء الله تعالى ومعناه: الحاكم الذي إذا حكم لا يُرد حكمه. وإليه الحكم: أي: الفصل بين العباد في الدنيا والآخرة. إن قومي... إلخ: أي: أنا لم أُكَنِّ نفسي بهذه الكنية وإنما كنَّاني بها قومي. ما أحسن هذا: أي: الإصلاح بين الناس والحكم بينهم بالإنصاف وتحرِّي العدل. فأنت أبو شُريح: كنَّاه بالأكبر رعايةً؛ لأنه أولى بذلك. المعنى الإجمالي للحديث: استنكر النبي –صلى الله عليه وسلم- على هذا الصحابي تكنِّيه بأبي الحكم؛ لأن الحكم من أسماء الله، وأسماء الله يجب احترامها؛ فبين له الصحابي سبب هذه التكنية، وأنه كان يصلح بين قومه ويحل مشاكلهم بما يُرضي المتنازعين، فاستحسن النبي –صلى الله عليه وسلم- هذا العمل دون التكنية، ولذلك غيَّرها فكنَّاه بأكبر أولاده. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على المنع من إهانة أسماء الله بالتسمي بأسمائه تعالى المختصة به والتكني بذلك. ما يستفاد من الحديث: 1- فيه تحريم امتهان أسماء الله تعالى والمنع مما يوهم عدم احترامها كالتكني بأبي الحكم ونحوه. 2- أن الحكم من أسماء الله تعالى. 3- جواز الصلح والتحاكم إلى من يصلح للقضاء وإن لم يكن قاضياً وأنه يلزم حكمه. 4- أنه يُكنى الرجل بأكبر بنيه. 5- مشروعية تقديم الكبير. 6- مشروعية تغيير الاسم غير المناسب إلى اسم مناسب. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أبو داود برقم "4955"، والبيهقي "10/145" والحاكم في المستدرك "4/279". يتبع باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 62 | |||
|
![]() باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول وقول الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ} [التوبة: 65]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: بيان حكم من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأنه كفرٌ منافٍ للتوحيد. باب من هزل... إلخ: أي: باب بيان حكم من فعل ذلك. هَزَل: الهزل: المزاح ضدّ الجد. ولئن: اللام لام القسم. سألتهم: الخطاب للنبي –صلى الله عليه وسلم-: أي سألت هؤلاء المنافقين عن استهزائهم بك وبالقرآن. ليقولُن: معتذرين. نخوض ونلعب: ولم نقصد الاستهزاء والتكذيب، وإنما قصدنا الخوض في الحديث واللعب. قل أبالله وآياته ورسوله: أي: قل لهم –توبيخاً لهم على استهزائهم والخطاب للنبي –صلى الله عليه وسلم- إن عذركم هذا لن يُغني عنكم من الله شيئاً. المعنى الإجمالي للآية: يقول الله تعالى لنبيه – صلى الله عليه وسلم-: ولئن سألت هؤلاء المنافقين الذين تكلّموا بكلمة الكفر استهزاءً، فإنهم سيعتذرون بأنهم لم يقصدوا الاستهزاء والتكذيب، وإنما قصدوا الخوضَ في الحديث، فأخبرَهم أن عذرهم هذا لا يُغني عنهم من الله شيئاً. مناسبة الآية للباب: أنها تدل مع ما بعدها على كفر من هزل بشيء فيه ذكر الله أو الرسول –صلى الله عليه وسلم- أو القرآن. ما يستفاد من الآية: 1- أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفرٌ ينافي التوحيد. 2- أن من فعل الكفر وادعى أنه لم يعلم أنه كفرٌ لا يعذر بذلك. 3- وجوب تعظيم ذكر الله وكتابه ورسوله –صلى الله عليه وسلم-. 4- أن من تلفّظ بكلام الكفر، كفر ولو لم يعتقد ما قال بقلبه. عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة، دخل حديث بعضهم في بعض: "أنه قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القرّاء- فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق؛ لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فذهب عوفٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الرَّكْب نقطع به عنا الطريق". فقال ابن عمر: "كأني أنظر إليه متعلِّقاً بنسْعَة ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وإن الحجارة تَنْكُب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: {أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}. التوبة: 65-66]. وما يتلفت إليه، وما يزيده عليه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: 1- ابن عمر هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. 2- محمد بن كعب هو: محمد بن كعب بن سُليم القرَظيّ المدني وهو ثقة عالم، مات سنة 120هـ. 3- زيد بن أسلم هو: مولى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- وهو ثقة مشهورٌ مات سنة 136هـ رحمه الله. 4- قتادة هو: قتادة بن دعامة السدوسي مفسِّر حافظ مات سنة 117هـ تقريباً –رحمه الله-. 5- عوف بن مالك: هو عوف بن مالك الأشجعيّ أول مشاهده خيبر، وروى عنه جماعةٌ من التابعين توفي سنة 73هـ رضي الله عنه. دخل حديث بعضهم في بعض: أي: أن الحديث مجموعٌ من رواياتهم. قرّائنا: القراء: جمع قارئ، وهم عند السلف: الذين يقرؤون القرآن ويعرفون معانيه. أرغب بطوناً: أي: أوسع بطوناً يصفونهم بسعة البطون وكثرة الأكل. عند اللقاء: يعني: لقاء العدو. فوجد القرآن قد سبقه: أي: جاء الوحي من الله بما قالوه قبل وصوله إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. إنما كنا نخوض... إلخ: أي: نتبادل الحديث ولم نقصد حقيقة الاستهزاء. نسعة: النسعة: سيرٌ مضفورٌ عريضٌ تُشد به الرحال. المعنى الإجمالي للأثر: يصف هؤلاء الرواة ما حصل من المنافقين من الوقيعة برسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والسخرية بهم؛ وذلك لما تنطوي عليه قلوب هؤلاء المنافقين من الكفر والحقد، وقد أظهر الله ذلك على ألسنتهم فقالوا ما قالوا، فأنكر عليهم من حضرهم من المؤمنين الصادقين؛ غيرةً لله ولدينه، ثم ذهب ليرفع أمرهم إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم-، ولكنّ الله الذي يعلم السر وأخفى قد سمع مقالتهم وأخبر بها رسولَه قبل وصول ذلك المؤمن، وحكم عليهم سبحانه بالكفر وعدم قبول اعتذارهم، ثم جاء أحد هؤلاء المنافقين معتذراً إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم- فرفض النبي –صلى الله عليه وسلم- قبول اعتذاره؛ لأمر الله له بذلك. فلم يزِد في ردّه عليه على ما قاله الله سبحانه وتعالى في حقّهم من التوبيخ والتقريع. مناسبة الأثر للباب: أن فيه بياناً وتفسيراً للآية الكريمة. ما يستفاد من الأثر: 1- بيان ما تنطوي عليه نفوس المنافقين من العداوة لله ورسوله والمؤمنين. 2- أن من استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافرٌ وإن كان مازحاً. 3- أن ذكر أفعال الفسّاق لولاة الأمور؛ ليردعوهم ليس من الغيبة والنميمة، بل هو من النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. 4- الغِلظة على أعداء الله ورسوله. 5- أن من الأعذار ما لا ينبغي قبوله. 6- الخوف من النفاق؛ فإن الله سبحانه أثبت لهؤلاء إيماناً قبل أن يقولوا ما قالوه. 7- أن الاستهزاء بالله أو بالرسول أو بالقرآن ناقضٌ من نواقض الإسلام ولو لم يعتقد ذلك بقلبه. يتبع باب قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} [فصِّلت: 50]. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 63 | |||
|
![]() باب قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} [فصِّلت: 50].
قال مجاهد: "هذا بعملي وأنا محقوق به". وقال ابن عباس: "يريد من عندي". وقوله: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص: 78]. قال قتادة: "على علم مني بوجوه المكاسب". وقال آخرون: "على علم من الله أني له أهل". وهذا معنى قول مجاهد: "أوتيته على شرف". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [فصلت: 50]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: بيان أن زعْم الإنسان استحقاقَه ما حصل له من النعم بعد الضراء منافٍ لكمال التوحيد. ولئن: اللام: لام قسمٍ. أذقناه: آتيناه. رحمة: غنىً وصحة. ضراء: شدةً وبلاءً. قائمة: أي: تقوم. ولئن رُجِعت إلى ربي: أي: ولئن قامت الساعة –على سبيل الافتراض- ورجعت إلى ربي. إن لي عنده للحسنى: أي يكون لي عند الله في الآخرة الحالة الحسنى من الكرامة؛ وذلك لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا فهو لاستحقاقه إياه وليس لله فيه فضلٌ. فلننبئنَّ الذين كفروا: فلنخبرنَّهم. بما عملوا: أي: بحقيقة أعمالهم، عكس ما اعتقدوه من حسن منقلَبهم. غليظ: أي: شديد. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى أن الإنسان في حال الضُّر يضر إلى الله، وينيب إليه ويدعوه، وأنه في حال اليسر والسعة يتغير حالُه، فينكر نعمة الله عليه، ويُعرض عن شكرها؛ لزعمه أنه إنما حصلت له هذه النعمة بكدّه وكسبه وحوله وقوته، وأعظم من ذلك أنه ينفي قيام الساعة وزوال الدنيا، ويقول: إن قدِّر قيام الساعة فستستمر لي هذه الحالة الحسنة، لأنني أستحقها. ثم يعقب سبحانه على ذلك بأنه لا بد أن يوقَف هذا وأمثاله من الكافرين على حقيقة أعمالهم الشنيعة ويجازيهم عليها بأشد العقوبة. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب شكر نعمة الله والاعتراف بأنها منه وحده. 2- تحريم العُجب والاغترار بالحول والقوة. 3- وجوب الإيمان بقيام الساعة. 4- وجوب الخوف من عذاب الله في الآخرة. 5- وعيد من كفر بنعمة الله. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم: فبعث إليهم ملَكاً: فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذِرَني الناس به. قال: فمسحه، فذهب عنه قذَرُه، فأُعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل أو البقر -شك إسحاق- فأعطي ناقةً عُشَرَاء، وقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع، فقال: أيُّ شيء أحبُّ إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني الذي قد قذِرني الناس به، فمسحه، فذهب عنه، وأُعطي شعراً حسناً، فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: البقر أو الإبل، فأعطي بقرة حاملاً، قال: بارك الله لك فيها. فأتى الأعمى، فقال: أيُّ شيء أحبُّ إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأُبْصر به الناس. فمسحه، فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والداً، فأَنتج هذان ووَلَّد هذا، فكان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا وادٍ من الغنم. قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيراً أتبلَّغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفُك، ألم تكن أبرصَ يقذرُك الناس، فقيراً فأعطاك الله عز وجل المال؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر. فقال: إن كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ عليه هذا، فقال: إن كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي ردّ عليك بصرَك شاةً أتبلَّغ بها في سفري. فقال: كنت أعمى فردّ الله إليَّ بصري، فخذ ما شئت، ودَعْ ما شئت؛ فوالله لا أَجْهَدُك بشيء أخذتَه لله. فقال: أمسك مالك فإنما ابتُلِيْتُم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك""1" أخرجاه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أخرجاه: أي: البخاري ومسلم. أبرص: الأبرص: من به داءُ البرص وهو: بياضٌ يظهر في ظاهر البدن لفساد المزاج. وأقرع: هو: من به قرَع وهو: داءٌ يصيب الصبيان في رؤوسهم ثم ينتهي بزوال الشعر أو بعضه ويطلق القرع على الصلع. وأعمى: هو: من فقد بصره. أن يبتليهم: أي: يختبرهم بنعمته. قذِرني الناس: بكسر: الذّال أي: كرِهوا مخالطَتي وعدُّوني مستقذراً من أجله. شك إسحاق: هو ابن عبد الله بن أبي طلحة راوي الحديث. عُشَراء: بضم العين، وفتح الشين والمد وهي: الناقة الحامل التي أتى على حملها عشرة أشهر أو ثمانية. والداً: أي: ذات ولد أو التي عُرف منها كثرة الولد والنتاج. أنتج: أي: تولى صاحبُ الناقة وصاحب البقرة نتاجهما. وولّد: بتشديد اللام أي: تولّى ولادها. وكان لهذا... إلخ: أي: كان لكلّ واحد منهم ما يملأ الوادي من الإبل والبقر والغنم. انقطعت بي الحبال: أي: أسباب المعيشة. أتبلَّغ به: أي: أتوصَّل به إلى البلد الذي أريده. كابراً عن كابر: أي: ورثت هذا المال عن كبيرٍ ورِثَه عن كبيرٍ آخر في الشرف. صيَّرك الله إلى ما كنت: أي: ردّك إلى حالك الأولى برجوع العاهة إليك. لا أَجْهَدُك: أي: لا أشقّ عليك برد شيء تأخذُه من مالي. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- عن هؤلاء الثلاثة الذين أُصيب كل منهم بعاهة في الجسم وفقر من المال، ثم إن الله سبحانه أراد أن يختبرهم، فأزال ما أصابهم من العاهات وأدرَّ عليهم من الأموال، ثم أرسل إلى كل واحد منهم الملك بهيئته الأولى من: المرض والقرَع والعمى والفقر يستجديه شيئاً يسيراً، وهنا تكشّفت سرائرهم وتجلّت حقائقُهم، فالأعمى اعترف بنعمة الله عليه ونسبَها إلى من أنعم عليه بها، فأدّى حق الله فيها، فاستحق الرضا من الله، وكفر الآخران بنعمة الله عليهما وجحدا فضله فاستحقا السخَط بذلك. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيان حال من كفر النعم ومن شكرَها. ما يستفاد من الحديث: 1- وجوب شكر نعمة الله في المال وأداء حق الله فيه. 2- تحريم كفر النعمة ومنع حق الله في المال. 3- جواز ذكر حال من مضى من الأمم؛ ليتعظ به من سمِعه. 4- أن الله يختبر عباده بالنعم. 5- مشروعية قول: بالله ثم بك، فيكون العطف بثُمَّ لا بالواو في مثل هذا التعبير. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "3464"، ومسلم برقم "2964". يتبع باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190]. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 64 | |||
|
![]() باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190]. قال ابن حزم: "اتفقوا على تحريم كل اسم معبَّد لغير الله؛ كعبدِ عمْروٍ، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب. وعن ابن عباس في الآية، قال: "لمَّا تغشاها آدم حملت، فآتاهما إبليس، فقال: إني صاحبكما الذي أخرَجَتْكُما من الجنة، لتطيعُنَّني أو لأجعلن له قرْنَي أَيِّل، فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلنَّ، ولأفعلنَّ؛ -يُخَوِّفُهما- سَمِّياه عبد الحارث؛ فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتاً. ثم حَمَلت فأتاهما أيضاً فقال مثل قوله: فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميِّتاً. ثم حملت فأتاهما فذكر لهما فأدرَكَهُما حبُّ الولد، فسمَّياه عبد الحارث؛ فذلك قوله: {جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا}"1". رواه ابن أبي حاتم. وله بسند صحيح عن قتادة قال: "شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته". وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} قال: "أشفقا ألا يكون إنساناً". وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: ابن حزم هو: عالِم الأندلس أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم القرطبيّ الظاهريّ توفي سنة 456هـ رحمه الله. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: بيان أنَّ تعبيد الأولاد وغيرهم لغير الله في التسمية شركٌ في الطاعة وكفرٌ بالنعمة. آتاهما: أي: أعطى آدم وحواء ما طلباه من الولد الصالح. صالحاً: أي: ولداً سوياً. جعلا له شركاء: أي: جعلا لله شريكاً في الطاعة. فيما آتاهما: أي: ما رزقهما من الولد بأن سمَّياه عبد الحارث ولا ينبغي أن يكون عبداً إلا لله. فتعالى الله: أي: تنزَّه. عمَّا يشركون: أي: عمَّا يفعله أهل مكة من الشرك بالله، فهو انتقال من ذكر الشخص إلى ذكر الجنس. اتفقوا: لعل مرادَه حكاية الإجماع. على تحريم كل اسم معبَّد لغير الله: لأنه شركٌ في الربوبية والإلهية؛ لأن الخلق كلهم ملكٌ لله وعبيدٌ له. حاشا عبد المطلب: أي: فلم يتفقوا على تحريم التسمية به؛ لأن أصلَه من عبودية الرقِّ، أو لأنه من باب الإخبار بالاسم الذي عُرف به المسمَّى لا من باب إنشاء التسمية. تغشَّاها: التغَشِّي: كنايةٌ عن الجماع. أَيِّل: بفتح الهمزة وكسر الياء مشددةً: ذَكرُ الأوعال. سمِّياه عبد الحارث: وكان الحارث اسم إبليس فأراد أن يسمِّياه بذلك؛ لتحصل صورة الإشراك به. أدركَهما حب الولد: أي: حب سلامة الولد وهذا من الامتحان. أشفقا: أي: خافا. أن لا يكون إنساناً: أي: بأن يكون بهيمة. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى عن آدم وحواءَ أنه لما أجاب دعاءهما ورزَقهما ولداً سويَّاً على الصفة التي طلَبا، لم يقُوما بشكر تلك النعمة على الوجه المرضيّ كما وعَدا بذلك، بل سمِّياه عبد الحارث؛ فعبَّداه لغير الله، ومن تمام الشكر أن لا يُعبَّد الاسم إلا لله، فحصل منهما بذلك شركٌ في التسمية لا في العبادة. ثم نزَّه نفسه عن الشرك عموماً في التسمية وفي العبادة. ما يستفاد من الآية: 1- تحريم التسمية بكل اسمٍ معبّد لغير الله، كعبد الحسين، وعبد الرسول، وعبد الكعبة. 2- أن الشرك يقع في مجرد التسمية ولو لم تُقصد حقيقتها. 3- أن هبة الله للرجل الولد السويّ من النعم التي تستحق الشكر. 4- أن من شكر إنعام الله بالولد تعبيده لله. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه الترمذي برقم "3077" والحاكم "2/545" وصححه. يتبع باب قول الله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}"1" الآية. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 65 | |||
|
![]() بارك الله فيك ......... |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 66 | |||
|
![]() باب قول الله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}"1" الآية.
ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس: {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}: "يشركون". وعنه: سمَّوا اللات من الإله والعزَّى من العزيز" وعن الأعمش: "يُدخِلون فيها ما ليس منها". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أراد المصنف رحمه الله بهذا الباب الرد على من يتوسل إلى الله بالأموات، وأن المشروع التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا. التراجم: الأعمش هو: سليمان بن مهران الكوفي الفقيه ثقةٌ حافظٌ ورِعٌ مات سنة 147هـ رحمه الله. الأسماء الحُسنى: التي بلغت الغاية في الحُسن فليس في الأسماء أحسن منها وأكمل ولا يقوم غيرُها مقامَها. فادعوه بها: أي: اسألوه وتوسَّلوا إليه بها. وذروا الذين: أي: اترُكوهم وأعرِضوا عن مجادَلتِهم. يُلحِدون: الإلحاد: الميل، أي: يميلون بها عن الصواب إما بجَحدِها أو جحدِ معانيها أو جعلها أسماءَ لبعض المخلوقات. يُلحدون في أسمائه: أي: يشركون غيرَه في أسمائه كتسميتهم الصنم إلهاً. سيُجزون ما كانوا يعملون: وعيدٌ شديدٌ وتهديدٌ بنزول العقوبة بهم. وعنه: أي: عن ابن عباس. سمَّوا اللات... إلخ: بيانٌ لمعنى الإلحاد في أسمائه: أنهم اشتقُّوا منها أسماءً لأصنامهم. يدخِلون فيها ما ليس منها: أي: يدخلون في أسماء الله ما لم يُسَمِّ به نفسَه ولم يسمِّه به رسولُه. المعنى الإجمالي للآية: أخبر تعالى عن نفسه أن له أسماءً قد بلغت الغاية في الحُسن والكمال؛ وأمر عباده أن يسألوه ويتوسلوا إليه بها، وأن يتركوا الذين يميلون بهذه الأسماء الجليلة إلى غير الوجهة السليمة، وينحرفون بها عن الحق بشتى الانحرافات الضالة، وأن هؤلاء سيلقون جزاءَهم الرادع. ما يستفاد من الآية: 1- إثبات الأسماء والصفات لله عز وجل على ما يليق بجلاله. 2- أن أسماء الله حسنى. 3- الأمر بدعاء الله والتوسل إليه بأسمائه. 4- تحريم الإلحاد في أسماء الله بنفيِها أو تأويلِها أو إطلاقِها على بعضالمخلوقات. 5- الأمر بالإعراض عن الجاهلين والملحدين وإسقاطهم من الاعتبار. 6- الوعيد الشديد لمن ألحد في أسماء الله وصفاتهم. "1" فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر" أخرجه البخاري برقم "6410" ومسلم برقم "2677". يتبع باب لا يقال: السلام على الله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 67 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 68 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 69 | |||
|
![]() باب لا يقول: عبدي وأمتي
في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يقُل أحدُكم: أطعم ربك، وضِّىء ربك، ولْيقُل: سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، ولْيَقُل: فتاي وفتات، وغلامي""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن التلفُّظ بهذه الألفاظ المذكورة يوهم المشاركة في الربوبية، فنُهي عنه تأدُّباً مع الربوبية، وحمايةً للتوحيد بسدِّ الذرائع المفضية إلى الشرك. في الصحيح: أي: الصحيحين. لا يقُل أحدكم: لا: ناهيةٌ، والفعل بعدها مجزومٌ بها، أي: لا يقُل ذلك لمملوكه. أطعم ربّك: بفتح الهمزة أمرٌ من الإطعام. وضِّئ ربك: أمر من التوضئة، والنهي عن الموضعين لمنع المضاهاة لله سبحانه لأنه هو الرب. وهذا المنع يختص في منع الربوبية للإنسان، بخلاف غيرِه فيقالُ رب الدار والدابة. وليقُل سيِّدي: لأن السيادة معناها الرئاسة على ما تحت يدِه. وأيضاً هناك فرقٌ بين الرب والسيِّد: فإن الرب من أسماء الله بالاتفاق بخلاف السيد فقد اختُلف في كونه من أسماء الله. وعلى القول بأنه منها فليس له من الشُّهرة وكثرة الاستعمال مثل ما للرب. ومولاي: المولى يُطلق على معانٍ كثيرة منها: المالكُ وهو المراد هنا. ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي: لأن الذي يستحق العبودية هو الله سبحانه؛ ولأن في ذلك تعظيماً لا يستحقه المخلوق. وليقل فتاي وفتاتي وغلامي: لأن هذه الألفاظ لا تدل على العبودية كدلالة عبدي وأمتي، وفيها تجنُّب للإيهام والتعاظم. المعنى الإجمالي للحديث: ينهى –صلى الله عليه وسلم- عن التلفظ بالألفاظ التي توهِم الشرك، وفيها إساءة أدب مع الله كإطلاق ربوبية إنسان لإنسان أو عبودية إنسان لإنسان؛ لأن الله هو الرب المعبود وحده. ثم أرشد –صلى الله عليه وسلم- إلى اللفظ السليم الذي لا إيهام فيه؛ ليكون بديلاً من اللفظ الموهِم، وهذا منه –صلى الله عليه وسلم- حمايةً للتوحيد وحفاظاً على العقيدة. مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن قول: عبدي وأمَتي. ما يستفاد من الحديث: 1- النهيُ عن استعمال الألفاظ التي توهِم الشرك. 2- سدُّ الطرق الموصلة إلى الشرك. 3- ذكرُ البديل الذي لا محذور فيه؛ ليُستعملَ مكان ما فيه محذورٌ من الألفاظ. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه البخاري برقم "2552" ومسلم برقم "2249". يتبع باب لا يرد من سأل بالله |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 70 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 71 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 72 | |||
|
![]() باب ما جاء في الّلو وقول الله تعالى: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا...} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن من كمال التوحيد الاستسلام للقضاء والقدر؛ وأن قول "لو" لا يُجدي شيئاً، وهو يشعر بعدم الرضا بالقدر وهذا مخلٌّ بالتوحيد. ما جاء في اللو: أي: من الوعيد والنهي عنه. يقولون: أي: يقول بعض المنافقين يوم أحد معارضةً للقدر. لو كان لنا من الأمر شيءٌ: أي: لو كان الاختيار إلينا. ما قُتلنا هاهنا: أي: لما غُلبنا ولما قُتل من قُتل منا في هذه المعركة. لو كنتم في بيوتكم: أي: وفيكم من كتب الله عليه القتل. لبرز: أي خرج. الذين كُتب: أي قُضي. عليهم القتل: أي: منكم. إلى مضاجعهم: أي: مصارعهم ولم يُنجِّهم قعودُهم؛ لأن قضاء الله كائن لا محالة. وليبتلي الله: أي: يختبر. ما في صدوركم: أي: قلوبكم من الإخلاص والنفاق. وليمحِّص ما في قلوبكم: أي: يميِّز ما تنطوي عليه من النيات. بذات الصدور: بما في القلوب فهو غنيٌّ عن الابتلاء وإنما يفعله ليظهر للناس وليترتب عليه الثواب والعقاب. المعنى الإجمالي للآية: يخبر الله –سبحانه- عما كان يكنه المنافقون يوم وقعة أحد من الاعتراض على القدر والتسخط لما وقع عليهم من الله، وأنهم يقولون: لو كان الاختيار والمشورة إلينا ما خرجنا؛ ولنجونا مما حصل من الهزيمة والقتل، فرد الله عليهم بأن ما حصل قدرٌ مقدَّر لا ينجي منه البقاء في البيوت؛ فالتلهّف وقول: "لو" لا يجدي شيئاً. مناسبة الآية للباب: أن قول: "لو" في المقدرة لا يجوز؛ وهو من كلام المنافقين. ما يستفاد من الآية: 1- النهي عن قول: "لو" في الأمور المقدرة؛ لأنها تدل على التسخط على القدر وتجدد الأحزان في النفوس، أما قول: "لو" تندُّماً على فوات الطاعة فلا بأس به؛ لأنه يدل على الرغبة في الخير. 2- مشروعية الاستسلام للقضاء والقدر وعدم تسخّطِه. 3- أن الحذر لا يُنجي من القدر. 4- أن من كُتب عليه الموت في محلّ فلا بد أن يذهب إليه، ولو حاول الامتناع عنه. وقوله: {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168]. قالوا لإخوانهم: أي: قالوا للمسلمين المجاهدين، سُمّوا إخوانهم؛ لموافقتهم في الظاهر، وقيل: إخوانهم في النسب. وقعدوا: أي: عن الجهاد. لو أطاعونا: أي: في القعود. ما قتلوا: أي: كما لم نُقتل. قل: أي: لهؤلاء. فادرءوا عن أنفسكم الموت: أي: ادفعوه عنها. إن كنتم صادقين: أي: في أن القعود ينجّي منه. المعنى الإجمالي للآية: ينكر تعالى على المنافقين الذين يعارضون القدر بقولهم لمن خرج مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم أحد: لو سمعوا مشورتنا عليهم بالقعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قُتل، ويرد عليهم بأنهم إن كانوا يقدرون على دفع القتل عمن كُتب عليه فليدفعوا الموت عن أنفسهم، فهي أولى بالدفع عنها، فإذا لم يقدروا على الدفع عنها فغيرُها من باب أولى. مناسبة الآية للباب: أن قول: "لو" في الأمور المقدّرة من سمات المنافقين. ما يستفاد من الآية: 1- التحذير من قول: "لو" على وجه المعارضة للقدر والتأسّف على المصائب. 2- أن مقتضى الإيمان الاستسلام للقضاء والقدر؛ وأن عدم الاستسلام له من صفات المنافقين. 3- مشروعية مجادلة المنافقين وغيرهم من أهل الباطل؛ لإبطال شبَهِهم ودحض أباطيلهم. في الصحيح عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزَنَّ، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا؛ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان""1". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في الصحيح: أي: في صحيح مسلم. احرص: الحرص هو: بذل الجهد واستفراغ الوُسع. على ما ينفعك: يعني: في معاشك ومعادك. واستعن بالله: أي: الإعانة في جميع أمورك من الله لا من غيرِه. ولا تعجزنَّ: بكسر الجيم وفتحها: أي: لا تفرّط في طلب ما ينفعك متّكلاً على القدر، ومستسلماً للعجز والكسل. وإن أصابك شيءٌ: أي: وإن غلبك أمر ولم يحصل المقصود بعد بذل الجهد والاستطاعة. فلا تقل: لو أني فعلت كذا: أي: فإن هذا القول لا يُجدي عليك شيئاً. ولكن قل: قدَر الله: أي: لأن ما قدره لا بد أن يكون والواجب التسليم للمقدور. فإن لو تفتح عمل الشيطان: أي: لما فيها من التأسف على ما فات والتحسر والحزن ولوم القدر. المعنى الإجمالي للحديث: يأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بالحرص على النافع من الأعمال، والاستعانة بالله في القيام بها، وترقّب ثمراتها، وينهى عن العجز؛ لأنه ينافي الحرص على ما ينفع، ولما كان الإنسان معرضاً للمصائب في هذه الدنيا أمر بالصبر والتحمّل وعدم التلوّم بقول: لو أنني فعلت، لو أنني تركت؛ لأن ذلك لا يجدي شيئاً مع أنه يفتح على الإنسان ثغرةً لعدوِّه الشيطان يدخل عليه منها فيُحزنُه. مناسبة ذكر الحديث في الباب: أن فيه النهي عن قول: "لو" عند نزول المصائب، وبيان ما يترتب على قولها من المفسدة. ما يستفاد من الحديث: 1- الحث على الاجتهاد في طلب النفع العاجل والآجل ببذل أسبابه. 2- وجوب الاستعانة بالله في القيام بالأعمال النافعة والنهيُ عن الاعتماد على الحول والقوة. 3- النهي عن العجز والبطالة وتعطيل الأسباب. 4- إثبات القضاء والقدر وأنه لا ينافي بذل الأسباب والسعي في طلب الخيرات. 5- وجوب الصبر عند نزول المصائب. 6- النهي عن قول: "لو" على وجه التسخط عند نزول المصائب وبيانه مفسدتها. 7- التحذير من كيد الشيطان. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه مسلم برقم "2664" وأحمد "2/366، 370". يتبع باب النهي عن سب الريح |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 73 | |||
|
![]() باب النهي عن سب الريح عن أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تسبّوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به""1" صححه الترمذي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن سبّ الريح سبٌّ لمدبّرها وهو الله تعالى؛ لأنها تجري بأمره، فسبُّها مخلٌّ بالتوحيد. التراجم: أبيّ هو: أبي بن كعب بن قيس الأنصاري سيّد القرّاء شهد العقبة وبدراً والمشاهد كلّها، قيل: مات في خلافة عمر، وقيل: في خلافة عثمان سنة 30هـ رضي الله عنه. لا تسبّوا الريح: أي: لا تشتموها ولا تلعنوها للحوق ضررٍ بسببها. فإذا رأيتم ما تكرهون: أي: من الريح إما شدة حرِّها أو بردها أو قوتها. فقولوا اللهم... إلخ: رجوعٌ إلى خالقها ومدبرها بسؤاله خيرها ودفع شرها. المعنى الإجمالي للحديث: ينهى –صلى الله عليه وسلم- عن سب الريح؛ لأنها مخلوقة مأمورة من الله، فسبّها سبٌّ لله وتسخط لقضائه، ثم أرشد –صلى الله عليه وسلم- إلى الرجوع إلى خالقها بسؤاله من خيرها والاستعاذة به من شرّها؛ لما في ذلك من العبودية لله –تعالى- وذلك هو حال أهل التوحيد. مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن سب الريح. ما يُستفاد من الحديث: 1- النهي عن سب الريح؛ لأنها خلقٌ مدبّر فيرجع السبّ إلى خالقها ومدبّرها. 2- الرجوع إلى الله والاستعاذة به من شر ما خلق. 3- أن الريح تكون مأمورة بالخير وتكون مأمورة بالشر. 4- الإرشاد إلى الكلام النافع إذا رأى الإنسان ما يكره للسلامة من شرّه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه الترمذي برقم "2253"، وأحمد "5/123". يتبع باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} الآية. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 74 | |||
|
![]() باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: التنبيه على أن حسن الظن بالله من واجبات التوحيد، وأن سوء الظن بالله ينافي التوحيد. يظنون: أي: المنافقون، والظن في الأصل –خلاف اليقين. غير الحق: أي: غير الظن الحق. ظن الجاهلية: بدلٌ من "غير الحق" أي: الظن المنسوب إلى أهل الجهل حيث اعتقدوا أن الله لا ينصر رسوله والمراد بالجاهلية ما قبل الإسلام. يقولون: بدلٌ من "يظنون". هل لنا من الأمر شيء: استفهامٌ بمعنى النفي أي: ما لنا من النصر والظفر نصيبٌ قطّ. أو قد مُنعنا من تدبير أنفسنا فلم يبق لنا من الأمر شيءٌ. قل إن الأمر كله لله: أي: ليس لكم ولا لغيركم من الأمر شيء بل الأمر كله لله فهو الذي لا رادّ لما شاءه وأراده. يخفون في أنفسهم: أي: من الإنكار والتكذيب. ما لا يبدون لك: أي: غير الذي يُظهرون لك من الإيمان وطلب الاسترشاد. وبقية المفردات تقدم شرحها في باب ما جاء في اللو. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى عما حصل من المنافقين يوم أحد أنهم ظنوا بالله الظن الباطل، وأنه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وأن الأمر لو كان إليهم وكان الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه تبعاً لهم يسمعون منهم؛ لما أصابهم القتل، ولكان النصر والظفر لهم؛ فأكذبهم الله عز وجل في هذا الظن، وبين أنه لا يكون ولا يحدث إلا ما سبق به قضاؤه وقدره وجرى به كتابه السابق وأنه لا راد لقضائه. ما يستفاد من الآية: 1- أن من ظن أن الله يديل الباطل على الحق إدالة مستمرة يضمحل معها الحق اضمحلالاً لا يقوم بعده فقد ظن بالله غير الحق ظن الجاهلية. 2- إثبات الحكمة فيما يُجريه الله من ظهور الباطل أحياناً. 3- بيان خبث طويّة المنافقين، وأنهم عند الشدائد يظهر ما عندهم من النفاق. 4- إثبات القضاء والقدر. 5- وجوب تنزيه الله عما لا يليق به سبحانه. 6- وجوب حسن الظن بالله تعالى. وقوله: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} الآية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تمام الآية: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [الفتح: 6]. الظانين: أي: المسيئين الظن بالله من المنافقين والمنافقات. ظن السوء: بفتح السين وضمها، أي: ظن الأمر السوء وهو: أن لا ينصر رسوله والمؤمنين. عليهم دائرة السوء: أي: دائرة العذاب والذل لازمة لهم لا تتخطاهم. وغضب الله عليهم ولعنهم: أي: سخط عليهم وأبعدهم من رحمته. وأعدّ لهم: أي: هيّأ لهم في الآخرة. جهنم: أي: النار الشديدة العذاب. وساءت مصيراً: أي: منزلاً يصيرون إليه يوم القيامة. \ المعنى الإجمالي للآية: يقول تعالى: على الذين يتّهمون الله في حكمه، ويظنون أنه لا ينصر رسوله –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأتباعه، -على أعدائهم- دائرة العذاب وأبعدهم الله من رحمته، وهيأ لهم في الآخرة ناراً يصيرون إليها هي شر ما يُصار إليه. مناسبة الآية للباب: أن فيها أن من ظنّ أن الله لا ينصر حزبه على أعدائه فقد ظن به ظن السوء. ما يستفاد من الآية: 1- التحذير من سوء الظن بالله ووجوب حسن الظن به. 2- أن من ظن أن الله لا ينصر رسوله ودينه فقد ظن به ظن السوء. 3- وصف الله بأنه يغضب على أعدائه ويلعنهم. 4- بيان عاقبة الكفار والمنافقين. قال ابن القيم –رحمه الله- في الآية الأولى: "فُسِّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحِلّ، وأن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففُسِّر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله وأن يظهره الله على الدين كله. وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح، وإنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق. فمن ظن أنه يُديل الباطل على الحق إدالة مستقرّة يضمحلّ معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدَّرَه بحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فـ {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [سورة ص: 27]. وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته ومُوجب حكمته وحمده ووعده الصادق. فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله ويستغفره من ظنه بربه ظن السوء. ولو فتَّشت من فتشت لرأيت عنده تعنتاً على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقلٌّ ومستكثر، وفتِّش نفسك هل أنت سالم؟ فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا إخالك ناجياً ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال ابن القيم: أي: في زاد المعاد في الكلام على ما تضمنته وقعةُ أحُد، ومناسبة ذكر كلامه هنا توضيح معنى الآية الكريمة. فُسر هذا الظن: أي المذكور في قوله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} [آل عمران: 154]. سيضمحلّ: أي: يذهب ويتلاشى حتى لا يبقى له أثر. والاضمحلال: ذهاب الشيء. ففُسِّر: أي: فسر هذا الظن بثلاثة تفاسير. بإنكار الحكمة: أي: أن ما أجراه في وقعة أحد لم يكن لحكمة بالغة وهي التي أشار إليها بقوله تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154]. وإنكار القدر: أي: أنهم لو أطاعونا ولم يخرجوا ما قتلوا. وإنكار أن يتم أمر رسولِه: حيث ظنوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفاصلة وأن الإسلام قد باد أهلُه. في سورة الفتح: أي: الظن الذي ذكره الله عن المنافقين والمشركين في سورة الفتح في قوله تعالى: {... الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ...} [الفتح: 6]. يُديل الباطل: أي: يجعل له الدولة والغلبة. تعنتاً على القدر: أي: اعتراضاً وافتراضاً عليه. فمستقلّ ومستكثر: أي: من هذا الاعتراض على القدر. فإن تنج منها: أي: من هذه الخِصلة. تنج من ذي عظيمة: أي: من أمرٍ ذي مصيبة عظيمة. إخالك: بكسر الهمزة أي أظنك. ناجياً: من الاعتراض على القدر. يتبع باب ما جاء في منكري القدر |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 75 | |||
|
![]() باب ما جاء في منكري القدر وقال ابن عمر: "والذي نفس ابن عمر بيده؛ لو كان لأحدهم مثل أحد ذهباً، ثم أنفقه في سبيل الله: ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر". ثم استدل بقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره""1". رواه مسلم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه لما كان توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر، والإيمان به ذكر المصنف ما جاء في الوعيد في إنكاره؛ تنبيهاً على وجوب الإيمان به. ما جاء في منكري القدر: أي: من الوعيد الشديد. والقدَر: بفتح القاف والدال: ما يقدِّره الله من القضاء وما يجري في الكون. أحُد: بضمَّتين جبلٌ بقرب مدينة النبي –صلى الله عليه وسلم- من جهة الشام. ثم استدلّ بقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: أي: لما سأله جبريل عن الإيمان. ووجه الاستدلال: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- عدّ الإيمان بالقدر من أركان الإيمان فمن أنكره لم يكن مؤمناً متقياً والله لا يقبل إلا من المتقين. المعنى الإجمالي للأثر: أن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- لما بلغه أن قوماً ينكرون القدر، بين أنهم بهذا الاعتقاد الفاسد قد خرجوا من الدين؛ حيث أنكروا أصلاً من أصوله، واستدل على ذلك بحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- الذي ورد فيه أن الإيمان بالقدر أَحد أركان الإيمان الستة التي يجب الإيمان بها جميعاً؛ فمن جحد بعضَها فهو كافرٌ بالجميع. مناسبة الأثر للباب: بيان حكم منكري القدر. ما يستفاد من الأثر: 1- أن إنكار القدر كفرٌ. 2- أن الأعمال الصالحة لا تُقبل إلا من المؤمن. 3- الاستدلال على الأحكام من الكتاب والسنة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه مسلم برقم "8" وأبو داود برقم "4695"، والترمذي برقم "2613"، وابن ماجه برقم "63". وعن عبادة بن الصامت: أنه قال لابنه: يا بُنَيَّ إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: أكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة". يا بنيّ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من مات على غير هذا فليس مني". وفي رواية لأحمد: "إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة". وفي رواية لابن وهب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ أحرقه الله بالنار". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: 1- قال لابنه: هو: الوليد بن عُبادة، وُلد في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو من كبار التابعين، ومات بعد السبعين رحمه الله. 2- ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم المصري الثقة الفقيه صحاب مالكٍ وُلد سنة 125هـ توفي سنة 197هـ رحمه الله. طعم الإيمان: أي: حلاوته؛ فإن له حلاوة وطعماً من ذاقَهما تسلّى عن الدنيا وما عليها. ما أصابك لم يكن ليخطئك... إلخ: أي: أن ما قُدِّر عليك من الخير والشر فلن يتجاوزك وما لم يقدَّر عليك فلن يصيبك. سمعت رسول الله... إلخ: هذا استدلالٌ من عبادة على ما سبق. إن أول ما خلق الله القلم: أي: هو أول شيء خلقه الله قبل خلق السماوات والأرض، وليس هو أول المخلوقات مطلقاً. من مات على غير هذا: أي: على غير الإيمان بالقدر. فليس مني: أي: أنا بريءٌ منه؛ لأنه منكِر لعلم الله القديم بأفعال العباد ومن كان كذلك فهو كافر. من لم يؤمن بالقدر: أي: بما قدره الله وقضاه في خلقه. أحرقه الله بالنار: لكفره وبدعته؛ لأنه جحد قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه لكل شيء وكذّب بكتبه ورسله. المعنى الإجمالي للأثر: أن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- يوصي ابنه الوليد بالإيمان بالقدر خيره وشره، ويبين له ما يترتب على الإيمان به من الثمرات الطيبة والنتائج الحسنة في الدنيا والآخرة، وما يترتب على إنكار القدر من الشرور والمحاذير في الدنيا والآخرة، ويستدلّ على ما يقول بسنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- التي تثبت أن الله قدّر المقادير وأمر القلم بكتابتها قبل وجود هذه المخلوقات، فلا يقع في الكون شيءٌ إلى قيام الساعة إلا بقضاءٍ وقدر. مناسبة الأثر للباب: أن فيه وجوب الإيمان بالقدر، والتحذير من إنكاره والكفر به، وبيان الوعيد المترتب على ذلك. ما يستفاد من الأثر: 1- وجوب الإيمان بالقدر. 2- الوعيد الشديد المترتب على إنكار القدر. 3- إثبات القلم وكتابة المقادير الماضية والمستقبلة به إلى قيام الساعة. وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب، فقلت: في نفسي شيء من القدر؛ فحدثني بشيء، لعل الله يذهبه من قلبي. فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهباً؛ ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا؛ لكنت من أهل النار. قال: فأتيت عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت؛ فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-""1" حديث صحيح رواه الحاكم في صحيحه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التراجم: ابن الديلمي هو: عبد الله بن فيروز الديلمي ثقة من كبار التابعين. وأبوه فيروز قاتل الأسود العنسي الكذاب. وفي المسند والسنن: أي: في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه. في نفسي شيء من القدر: أي: شكٌّ واضطراب يؤدّي إلى جحد. لو أنفقت... إلخ: هذا تمثيلٌ لا تحديد. حتى تؤمن بالقدر: أي: بأن جميع الأمور كائنةٌ بقضاء الله وقدره. ولو مت على غير هذا: أي: على غير الإيمان بالقدر. لكنت من أهل النار: أي: لأنك جحدت ركناً من أركان الإيمان، ومن جحد واحداً منها فقد جحد جميعها. المعنى الإجمالي للأثر: يخبر عبد الله بن فيروز الديلمي أنه حدَث في نفسه إشكال في أمر القدر، فخشي أن يُفضي به ذلك إلى جحوده، فذهب يسأل أهل العلم من صحابة رسول الله؛ لحل هذا الإشكال –وهكذا ينبغي للمؤمن أن يسأل العلماء عما أُشكل عليه عملاً بقول الله تعالى: {..فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ..} [سورة النحل: 43] فأفتاه هؤلاء العلماء كلهم بأنه لا بد من الإيمان بالقضاء والقدر. وأن من مات وهو لا يؤمن به كان من أهل النار. مناسبة ذكر الأثر في الباب: بيان أن الإيمان بالقدر أمرٌ حتمٌ، وأنه هو الذي رواه الصحابة عن نبيهم –صلى الله عليه وسلم-. ما يستفاد من الأثر: 1- الوعيد الشديد على من لم يؤمن بالقدر. 2- سؤال العلماء عما أشكل من أمور الاعتقاد وغيره. 3- أن من وظيفة العلماء كشفَ الشبهات ونشر العلم بين الناس. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "1" أخرجه أبو داود برقم "4699"، وابن ماجه برقم "77"، وأحمد في المسند "5/182، 183، 185، 189"، وابن حبان في موارد الظمآن برقم "1817". يتبع باب ما جاء في المصورين |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
�۞Җ۞Җ�ماذا, التوحيد, تعرف, ؟؟�Җ۞Җ۞� |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc