السّلامُ عليكم؛
شكراً لك أخي حردِّين على الموضوع؛ وكذالك للأخوة الأعزّاء؛ سأذهب مذهباً لستُ فيه مُنتقصٌ للنّساء؛ وستدركون في آخر مقالتي أنّ للهَ كرّمَ المرأة كما كرّم الرّجُل؛ وإن إختلفت مواطنُ التّكريمِ.
ليس الذّكرُ كالأنثى؛ وليس الأصلُ كالفرع؛ فالثّاني تابِعٌ للأول؛ وهذا مَنشأ الثّاني؛ فالرّجلُ أصلُ المرأةِ وقد خُلقت منهُ؛ لذا كان لزاماً أن يتباينا في أمورٍ ويختلفا في أخرى؛ فأمّا في مسألةِ الذّكاء؛ فقد توافقا؛ ولكم في الدِّراسةِ مثالاً واضحاً.
أمّا في جوهر العقل؛ وهو غيرُ الذّكاء؛ فقد تمايزا؛ فالرّجُلُ أوتيَ زيادةً منهُ؛ و جوهر العقل عندي هو فقهُ الواقع؛ وهو مانسميه أحيانا الحكمةََ؛ العلمُ والعملُ بهِ وفقَ مُتغيِّرات الحياة؛ أمّا المرأة، فقد مُنحت قوّةً في الفؤاد؛ وقد أُنقصت من جوهر العقل؛ وهكذا حدث التّوازن لديها.
فانظرو إلى مريم؛ عليها السّلام؛ وسارةَ؛ زوجةُ إبراهيمَ؛ عليه السّلام؛ حينما جاءَ الملَكُ؛ عليه السّلام؛ مُبشِّراً بالولد؛
قال تعالى؛ " وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) "
إنّهُ جوابُ عامّةِ النّساء؛ فضحِكت وعجِبت من أمرِ للهِ؛ أمّا جوابُ مريمَ؛ عليها السّلام؛
قال تعالى؛ "إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ{45} وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ{46} قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ{47} وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ{48}"
لم تضحك ولم تتعجّب؛ وإنّما أجابت ""بالمنطق "؛ جواباً غيرَ مشوبٍ بالعاطِفة؛ وهو نِتاجُ جوهر العقل؛ إذ لا أثرَ للفؤاد على عملِهِ؛
انظرو إلى جواب زكرِيّا؛ عليهِ السّلام؛ لمّا جاءَهُ الملَكُ؛ عليه السّلام؛ مُبشِّراً بيحي؛ عليه السّلام؛
قال تعالى : " ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (9) قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً (11) "
فلم يتعجّب وطلب من للهِ آيةً وقد علم بوقوع الأمر.
فهذا هو عقل الرّجال وهم فيه مُتفاوتون؛ والنّساءُ كذالك؛ لذا قيل كمُل من النّساءِ أربَعٌ؛ من بينهنّ؛ مريم؛ عليها السّلام؛ وقد وُهبن على غيرهنّ زيادةً في جوهر العقل؛ وماذُكرَ أعلاهُ قد أتى بالبيان.
وإن لم يكن الذّكرُ كالأنثى؛ فجلّت عظمةُ للهِ أن يعدلَ بين الخلق؛ فوضع الميزان؛ فما أنقص عبداً شيئاً إلاّ أخلَفَهُ آخرَ؛ فزاد على غيرِهِ فيهِ؛ فكما زاد للهُ الرجالَ من العقل؛ أنقصَهم من قوّةِ الفؤادِ؛ وأعطى النّساء ما أنقصوا؛ وكذالك الشّأن في قوّةِ الجسد والنّفس.
وإذاكان الرّجُل الأصلَ والمرأةُ الفرعَ؛ فشاءت قُدرَتُهُ سبحانَهُ؛ أن يعدلَ بينهما؛ فصار الفرعُ أصلاً للأصل؛ والمرأةُ منشأُ البشريّةِ من بعدِ آدم؛ عليهِ السّلام.
وللهُ أعلمُ.
السّلامُ عليكم.
