تدخلات ايران الطائفية
عادة ما تكون مهمة الجيوش في الدول الحديثة الحفاظ على حدود الدولة من أي اعتداء خارجي, والدفاع عن أمنها واستقرارها, أما الجيش الإيراني فقد بات تدخله في شؤون الدول المجاورة الإقليمية سافرا وفاضحا, وهو ما يؤكد وجود اتفاق ضمني مع الدول الكبرى على هذا التدخل, وضوء أخضر ممنوح له لمحاربة أهل السنة في المنطقة, والذين تحاول أمريكا والغرب وصفهم دائما "بالإرهاب".
لقد انحرف الجيش الإيراني عن مهامه الرئيسية أيما انحراف, وتجاوز جميع الأعراف الدولية التي تمنع تدخل جيش أجنبي بشؤون دولة ذات سيادة, بل انحرف عن المسمى الذي يتسمى به وهو منه براء "الحرس الثوري", فأي جيش ثوري هذا الذي يناصر المستبدين ضد المضطهدين, ويقف مع الظلم ضد المظلوم والمقهور؟!!
لقد تدخل الجيش الإيراني ومليشياته المزروعة في كل دول المنطقة في الحرب الدائرة في سورية, وكان لتدخله أثر كبير في تأخير انتصار الثوار على بشار, وإطالة أمد المعركة هناك, وما يستتبع ذلك من دمار وخراب وقتل وتهجير للشعب السوري.
وها هو اليوم يتدخل في العراق مع المالكي ضد الشعب العراقي الثائر, ويحاول من خلال تدخله السافر منع سقوط المالكي بعد أن انهار جيشه أمام ضربات الثوار الموجعة, تماما كما فعلت مع بشار بعد أن انهار جيشه الطائفي.
لقد كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير نشرته اليوم أن إيران أرسلت 2000 جنديا إلى العراق خلال اليومين الماضيين للمساعدة في وقف تقدم الثوار، وفقا لما صرح به مسؤول عراقي رفيع للصحيفة.
وقال المسؤول العراقي إن 1500 من قوات الباسيج عبروا الحدود إلى بلدة خانقين في محافظة ديالى، في وسط العراق يوم الجمعة، في حين أن 500 آخرين قد دخلوا منطقة بدرة جصان في محافظة واسط.
وقد تأكد لصحيفة الغارديان يوم الجمعة أن الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني، قد وصل الى بغداد للإشراف على معركة الدفاع عن العاصمة بغداد.
ويقول التقرير: إن هناك أدلة متزايدة في بغداد على أن الميليشيات الشيعية تعيد تنظيم صفوفها، في حين اتجه بعضهم نحو وسط مدينة سامراء،70 ميلا إلى الشمال من العاصمة، للدفاع عن اثنين من المزارات الشيعية "المقدسة".
إنها نفس الحجة المهترئة التي تحاول طهران من خلالها تهييج مشاعر أتباعها ضد أهل السنة, بينما الحقيقة أن هذه المزارات ظلت محفوظة طوال السنوات السابقة ولم يتعرض لها أحد من أهل السنة بسوء.
كما كشفت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية عن أن المدعو "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس الإيراني - الذي وصل إلى بغداد خلال الأسبوع الماضي مع (67) من كبار مستشاريه ـ هو المسؤول عن نشر القوات الحكومية والأسلحة والتخطيط للمعارك، وذلك في محاولة من جانب طهران لمواجهة الثوار الذين استولوا على مساحات كبيرة من العراق .. مشيرة الى أن الرئيس الإيراني (حسن روحاني) عرض التعاون مع الولايات المتحدة لمواجهة الثورة الشعبية التي يشهدها العراق.
من جهته أكد الكاتب البريطاني "باتريك كوكبيرن" أن الجيش الحكومي شهد خلال الأسبوع الماضي انهيارا غير مسبوق أمام ثوار العشائر.
وأكد "كوكبيرن" أن جذور الأزمة الراهنة التي يشهدها العراق تعود إلى السياسة الطائفية التي تنتهجها حكومة المالكي وأجهزته إزاء العرب السُنة، حيث يتصرف جيشه كقوة احتلال في هذا البلد.
وأشار الكاتب البريطاني، في ختام مقاله إلى إن طهران تعد القوة المؤثرة في العراق أكثر من واشنطن، وأن العراق يعد الآن أكثر أهمية لإيران من سوريا، ولهذا تحرك الحرس الثوري الإيراني بسرعة كبيرة إلى العاصمة بغداد.
إن جميع دول العالم باتت تعلم أن سبب الأزمة في العراق هو سلوك المالكي الطائفي, وأن المالكي ما هو إلا رجل إيران المنفذ لسياستها الطائفية البغيضة في المنطقة, ومع ذلك فإن تدخلات إيران في كل من العراق وسورية لم تلقى الرد المناسب من تلك الدول, مما يشير إلى وجود اتفاق دولي على القضاء على أهل السنة بأيدي الرافضة الشيعة, ليس في العراق وسورية فحسب, بل في المنطقة ككل.
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث