♥موسوعة السور القرانية♥ متجدد♥ - الصفحة 5 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

♥موسوعة السور القرانية♥ متجدد♥

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-02-22, 17:09   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إن السورة تتحدث عن القوانين التي يعتمد عليها النصر، وهذا مناسب لجو السورة وسبب نزولها. فبعد أن انتصر المسلمون في بدر نزلت السورة لترسخ للمسلمين الأسباب الكونية للنصر، فهو لا يأتي من قبيل الصدفة ولا العبث، وإنما للنصر قوانين مادية وقوانين ربانية.

وهذا يعني أن للنصر سببين هامين:

1. اليقين بأن النصر من عند الله عز وجل ]وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله[ (101).

2. الأخذ بالأسباب والسعي الجدي لتقريب موازين القوى مع الأعداء، بل والتفوق عليها إن كان ذلك ممكناً، ووضع الخطط والدراسات وكل ما له تأثير مادي على النصر.
فهذه السورة تحقق مفهوم التوكل على الله، بأن نوقن بأن الله هو الناصر، وأن نبذل كل جهد ممكن لتحقيق هذا النصر من طاقة مادية. ولذلك فإن السورة قد تضمنت قول الله تعالى: ]ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱلله لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ[ (53). فالآية تشير إلى أن الفعل في التأثير ليس إلا لله الواحد، ولكن بشرط أن تأخذ بالأسباب ما أمكن. فيجب أن ندرك أن النصر بين أمرين: جهد البشر وعمل القدر - تدبير الله تعالى -.

بعض الناس يظنون أن النصر معجزة ربانية فقط، فتراهم يدعون الله لينصرهم وبعد ذلك يتساءلون عن سبب تأخير النصر. فهم حقيقة لم يفهموا أن هناك أسباباً مادية ينبغي الأخذ بها من تخطيط وجهد وبذل. فلا يكفي الدعاء واللجوء إلى الله مع ترك الأخذ بالأسباب، لأننا بذلك نكون مقصرين في فهمنا لطبيعة ديننا ولسنن الله في هذه الأرض.

وبالمقابل، هناك نوع آخر من الناس يأخذون بالأسباب كلها من وضع الخطط والدراسات وجهد بالليل والنهار وبعد ذلك حين يريدون المقابلة والمقارنة مع قوة الكفار يجدون أنفسهم ضعفاء للغاية، فيظنون أنهم عاجزون عن فعل أي شيء والسبب في ذلك أنهم اعتمدوا على الأسباب المادية فقط ونسوا أن النصر من عند الله.

فالسورة ترشدنا إلى التوازن بين هذين النقيضين: أن نؤمن بتدبير الله أولاً، وأن نبحث عن الشروط المادية لتحقيق النصر.

النصر من عند الله







تبدأ السورة بسؤال:]يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلانفَالِ[ (1)، أي يسألون عن كيفية تقسيم الغنائم.

]يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلانفَالِ قُلِ ٱلانفَالُ لله وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱلله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱلله وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[ (1).
وتنتقل الآيات بعد ذلك إلى سرد صفات المؤمنين: ]إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱلله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ...[ (2). واللطيف أن الجواب على سؤالهم عن تقسيم الغنائم لم يأت بعد السؤال مباشرةً، إنما جاء الجواب في الآية الواحدة والأربعين أي بعد أربعين آية من السؤال: ]وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ...[.
وسبب تأخير الإجابة أنهم حين سألوا السؤال كانوا يريدون المكافأة الدنيوية على النصر، والله علمهم أن النصر أولاً وآخراً هو بتقديره ومن عنده سبحانه وتعالى.
فكان الجواب المبدئي على سؤالهم: ]قُلِ ٱلانفَالُ لله وَٱلرَّسُولِ[ (1)، وليس لكم منها شيء، وذلك من لطف القرآن في التربية في صرف أنظارهم عن الأنفال لترسيخ قوانين النصر أولاً، ثم بعد ذلك تمّ شرح كيفية توزيع الغنائم إلى أن قال لهم في آخر السورة ]فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَـٰلاً طَيّباً[ (69). فالله تعالى رسّخ ما هو أهم وبيّن أن مسألة تقسيم الأنفال هي مسألة فرعية لأنها من المسائل الدنيوية.








 


رد مع اقتباس
قديم 2013-02-22, 17:18   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


إن السورة تنقسم إلى نصفين: النصف الأول يركّز بشدة على أن منزّل النصر هو الله تعالى. والنصف الثاني يتحدث عن الأسباب المادية التي ينبغي الأخذ بها حتى ينزل النصر علينا.

القسم الأول







وهو يظهر منة الله تعالى وفضله على المؤمنين بالنصر، وذلك من خلال:

1. ترتيب المعركة

قال تعالى: ]كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقّ وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَـِّرِهُونَ[ (5).
فالكثير من المؤمنين لم يكونوا يريدون القتال، لكن الله تعالى دبّر ذلك ليحقّ الحق:
]وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱلله إِحْدَى ٱلطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱلله أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَـٰفِرِينَ & لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَـٰطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ[ (7-8).
إن هذه الآيات لهي غايةٌ في الوضوح، فترتيب المعركة ابتداءً كان بتقدير الله عز وجل.

2. الإعداد النفسي للمعركة

يقول الله تعالى: ]إِذْ يُغَشّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مّنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن ٱلسَّمَاء مَاء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَـٰنِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبّتَ بِهِ ٱلاْقْدَامَ[ (11).
فأنامهم قبل المعركة وبعد أن استيقظوا من نومهم أنزل عليهم من السماء رذاذاً من المطر لكي يغتسلوا ويتوضأوا ويتنشطوا للقتال. فحتى الإعداد النفسي كان بتقدير من الله عز وجل.
أحد الصحابة يصف هذا الموقف فيقول بأنه حين كان يحرس المسلمين غلب عليه النعاس فنظر فإذا جميع الصحابة يغطون في النوم على الرغم من الخوف الشديد والرهبة التي كانت تحف الموقف، وذلك كله بتقدير من الله تعالى.

3. التجهيز المعنوي للجيش

وليس الإعداد النفسي وترتيب المعركة كانا من الله وحسب، بل إن الحالة النفسية - والتي ينفق الجيوش عليها مبالغ طائلة - كانت أيضاً بتدبيره سبحانه.
إن التجهيز المعنوي الرباني للمسلمين في غزوة بدر يتجلى في قوله تعالى: ]إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱلله فِى مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَـٰزَعْتُمْ فِى ٱلاْمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱلله سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ[ (43) ]وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِى أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلّلُكُمْ فِى أَعْيُنِهِمْ...[ (44).
فكان المسلمون يرون الكفار قليلاً فلا يخافون وكان المشركون يرون المسلمون قليلاً فيستهترون. نفس الرؤية ونفس المنظر كانا لهما في وقع كل طرف أثر مختلف. فسبحان من يخرج النصر ويهيّء له ويعين عليه.

4. نزول الملائكة

وهذا واضح في قوله تعالى: ]إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ مُرْدِفِينَ[ (9).
وكذلك قوله: ]إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلَـئِكَةِ أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُواْ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلاعْنَـٰقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ[ (12).


فمن الذي فعل كل هذا، من هو المالك للأرض الذي يفعل ما يشاء؟ وكيف لا يثق الإنسان بربه وأن النصر من عنده تعالى؟ وكيف يثق المرء بغير الله؟ وكيف يعتمد على غيره؟

5. مكان المعركة وزمانها

تنتقل الآيات إلى ما هو أبعد من العوامل النفسية، فحتى مكان المعركة كان بترتيب من الله فالآية 42 تقول: ]إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَـٰدِ[(42).
فالعدوة الدنيا - حيث كان المسلمون - تتمتع بنوعية خاصة من التراب حيث أن المطر كان عند نزوله يثبّت الرمال تحت أقدام المسلمين مما يسهل حركتهم، وأما في العدوة القصوى فكان المطر يسبب سيولاً عند نزوله مما يعيق حركة جنود الكفار وفرسانهم. إنها قدرة الله تعالى مقدّر النصر وناصر المؤمنين.

6. (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱلله قَتَلَهُمْ)

وتتتابع الآيات ونصل إلى قوله تعالى: ]فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱلله قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱلله رَمَىٰ[ (17). هذه الآية توضح نتيجة المعركة وخط سيرها حتى عند رمي النبي للتراب في وجوههم وقوله "شاهت الوجوه".
لذلك تؤكد الآيات على ضرورة طلب النصر من الله ]وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله[ (10)، ولهذا كان النبي r يوم غزوة بدر يدعو ويدعو حتى ظهر بياض إبطيه ووقع الرداء عن ظهره r، فكان أبو بكر رضي الله عنه يقول له هوّن عليك يا رسول الله.
لأن النصر من عند الله فلا بد أن نستجيب لنداء الله تعالى:]يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ[ (24).











رد مع اقتباس
قديم 2013-02-23, 16:46   رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
redamilevien
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا اخي وبارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-23, 17:28   رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القسم الثاني



1. أهمية الأخذ بالأسباب وأثر ذلك على النصر:


يقول الله تعالى: ]وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُم مّن قُوَّةٍ[ (60). إن هذه الآية واضحة جداً في بيان هذا المعنى، فنفس السورة التي تؤكد أن النصر هو من عند الله تعالى وحده، تؤكد أيضاً ضرورة الأخذ بالأسباب. فالتخطيط إلى جانب اللجوء إلى الله هما السببان الرئيسيان في النصر، وهذه السورة تتحدث عن موازين القوى، وتشير إلى أن المعارك لا يجدي بها أن يقوم فرد ليقاتل منفرداً وينتصر على الجيوش الجرارة بحجة أن الله تعالى يقول: ]وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله[ (10). إن هذا فهم خاطئ وناقص لدين الله تعالى وسننه التي يدير بها الكون.
والملاحظ أن الإرهاب الذي ذكر في الآية يهدف إلى منع القتال لا إلى سفك الدماء. فالمطلوب هو أن تكون للمسلمين قوة رادعة ترهب أعداءهم فتكون النتيجة وقف القتال. حتى في الحرب نرى الإسلام يدعو إلى السلم (عكس ما يعتقد الكثيرون عن هذا الدين). فالآية تقول بعد ذلك: ]وَءاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱلله يَعْلَمُهُمْ[ (60)، فهي تشمل إظهار قوة المسلمين أمام كل أعدائهم لردعهم عن القتال. لذلك تأتي الآية التي بعدها مباشرة لتقول:
]وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلله...[ (61).






2. موازين القوى المادية:




صحيح أن الله يؤيد بنصره من يشاء لكن لا بد من مراعاة موازين القوة والأخذ بالأسباب المادية حتى لا يقول بعض الناس: هناك تأييد رباني بالملائكة فلم الإعداد؟ يقول تعالى:
]يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَرّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مّنكُمْ مّاْئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ[ (65) ]ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱلله عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مّنكُمْ مّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱلله وَٱلله مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ[(66).


فقوله: ]بِإِذْنِ ٱلله[ فيه إشارة إلى أن الله تعالى هو الناصر وهو الذي يؤيد بنصره من يشاء، وقوله تعالى: ]وَٱلله مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ[إشارة إلى أنه لا بد من الصبر لتحقيق النصر. فسبحان من جمع بين السببين في سورة واحدة.










3. فقه قوانين الحرب:

وتشير الآيات بعد ذلك إلى سبب من أسباب هزيمة المشركين في المعركة، فإضافة إلى كونهم كفار فهم لم يأخذوا بالأسباب المادية التي تجعل النصر حليفهم، وقد أشارت إلى ذلك الآية (65): ]... وَإِن يَكُنْ مّنكُمْ مّاْئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ[ أي لا يفقهون الأسباب التي تجعل النصر حليفهم ولا يملكون الحنكة والتخطيط الحربي. يا مسلمون، تعلموا من سورة الأنفال سنن الله تعالى وقوانينه وافقهوا الأسباب المادية للنصر.










4. طاعة الله والأخوة في الله:






وتبيّن الآيات بعد ذلك أن هناك سبباً دنيوياً ينبغي تحقيقه ليتحقق النصر، وتوضح ذلك الآية (46): ]وَأَطِيعُواْ ٱلله وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱلله مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ[.
فالتكاتف وترك التنازع من أهم قوانين وأسباب النصر.

ويقول تعالى: ]وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱلله هُوَ ٱلَّذِى أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ & وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلاْرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱلله أَلَّفَ بَيْنَهُمْ[ (62-63). فالأخوة هي من الأسباب الرئيسية حتى يحصل هذا النصر للمؤمنين.










5. ترك الرياء والعجب

وذلك واضح في قوله تعالى: ]وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَـٰرِهِم بَطَراً وَرِئَاء ٱلنَّاسِ...[ (47) فهذا عامل مادي آخر إضافي أدى لهزيمة المشركين عندما نحروا الإبل وسكروا وأقاموا الاحتفالات قبل موعد المعركة زهواً ليخيفوا كل العرب، فكان عجبهم بنفسهم سبباً في استخفافهم بعدوهم.









6. صفات المؤمنين إيجابية وعملية:




ونجد آيات كثيرة في هذه السورة توفِّق بين مفهوم التوكّل ومفهوم الأخذ بالأسباب، ولذلك نلاحظ معلومة هامة للغاية، فبداية السورة تذكر صفات المؤمنين وبعد ذكر هذه الصفات يقول تعالى: ]أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً[ وفي آخر السورة أيضاً يذكر تعالى صفات المؤمنين في الآية (74) ويعقب عليها بقوله سبحانه وتعالى: ]أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً[. نفس الكلمات جاءت في أول السورة وفي آخرها مع أنه يوجد فارق في تصنيف هذه الصفات وحقيقتها.
فالصفات التي ذكرت في أول السورة كلها صفات إيمانية، وهي تناسب قوله تعالى: ]وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله[. فيقول تعالى: ]إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱلله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[ (2). فهي صفات إيمانية رقيقة، لأن هذا الجزء من السورة يختص بالجانب الإيماني من أسباب النصر.

وفي آخر السورة - وهو الجزء الثاني والمادي من أسباب النصر والمختص بالأخذ بالأسباب - جاءت صفات المؤمنين بأنهم: ]... ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱلله وَٱلَّذِينَ ءاوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً[ (74) فالمؤمنون حقاً هم الذين يجمعون بين الصفات الواردة في أول السورة وآخرها، فهم خاشعون لله عباداً له ومجاهدون في سبيله وناصرون لدينه يعيشون لأجل الإسلام ويأخذون بالأسباب المادية. ولذلك كانت الآية المحورية في السورة هي قوله تعالى: ]يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱلله كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ (45) فأسباب النصر جاءت مجموعة في هذه الآية، فالأمر بالثبات في قوله: ]فَٱثْبُتُواْ[ هو من الأخذ بالأسباب، والأمر بالذكر في قوله: ]وَٱذْكُرُواْ ٱلله كَثِيراً[ هو من اللجوء إلى الله صانع النصر، وختام الآية: ]لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ فالفلاح يكون نزول النصر. وهذه القوانين ثابتة على مر العصور، وهذا واضح في تكرار قوله تعالى: ]كَدَأْبِ ءالِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ[ (52) مرتين للتأكيد على هذا المعنى. فالآية توضِّح أن سبب الهلاك كان كفرهم بالله (السبب الرباني) بينما الآية (54) توضِّح السبب المادي لهلاكهم: الظلم ]وَكُلٌّ كَانُواْ ظَـٰلِمِينَ[.










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-23, 17:38   رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا سميت السورة بالأنفال









إن الأنفال وهي الغنائم هي إشارة للدنيا، والواقع أن المسلمين بعد غزوة بدر اختلفوا ودبت بينهم الشحناء وكادت الأخوة أن تضيع بسبب الدنيا. فالله تعالى من خلال هذه السورة يحذِّر المؤمنين من التنافس على الدنيا فتكون بذلك سبباً للفرقة وضياع الأخوة بين المؤمنين، مما يضيع اكتمال الأسباب المادية والربانية ويسبِّب الهزيمة. لذلك الآيات أمرتهم بإهمال الأنفال تماماً ]قُلِ ٱلانفَالُ لله وَٱلرَّسُولِ[ حتى ترسخ أسباب النصر عندهم. فلما رسخ المعنى قسمها في الآية (41) إلى أن نصل إلى الآية (69) لتوضح أن مسألة الأنفال فرعية وتحل لهم ما أخذوا: ]فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَـٰلاً طَيّباً...[.
وأسباب النصر كما ذكرنا هي لجوء إلى الله واخذٌ بالأسباب، ومن الأخذ بالأسباب الأخوة الشديدة ووحدة الصف، فلو ضاعت الأخوة وحلّت الفرقة فإن الهزيمة قادمة لا محالة. فسميت السورة بالأنفال حتى تذكرنا بما يسبب الهزيمة.





نسخ أحكام الميراث









وأخيراً ختمت السورة بنسخ حكم الميراث الذي كان متعاملاً به بين الصحابة وهو أن الأخ يرث أخاه في الله. فجاءت الآية في ختام السورة لتقول: ]وَأُوْلُواْ ٱلارْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَـٰبِ ٱلله[ (75) فالتوارث بين المتآخين كان مرحلة مؤقتة قبل غزوة بدر لتعميق معاني الأخوة بين المؤمنين، فلما جاء النصر وكانت الأخوة من أسبابه تحقق انصهار المجتمع لأن النصر يصلح مشاكل نفسية كثيرة في المجتمعات.
هذه سورة الأنفال. فلنحرص جميعاً على فهم قوانين النصر حتى يؤيد الله تعالى هذه الأمة. فلنلجأ إلى الله ولنثق بأنه صانع النصر: ]وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱلله[، ولنأخذ بالأسباب المادية من طلبٍ للعلم وتفوق في حياتنا الاجتماعية والعملة مع الحذر من التعلق بالدنيا وزينتها "الأنفال" حتى يستجيب الله دعاءنا ويعيد العز لهذه الأمة.










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-23, 17:53   رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي





تلك عشره كاملة

أرأيت كيف تتكامل هذه السور في رسائلها لتكون سلسلة واحدة متماسكة في موضوعاتها؟

لذلك بعد أن وضحت معالم المنهج، تأتي الأجزاء العشرة التالية لتقدّم لنا عوامل مساعدة على تحقيق المنهج، ومنها:

- التوبة. فى سوره التوبه
- استشعار نعم الله تعالى (سورة النحل)، والتي من أهمها نعمة الإيمان (سورة إبراهيم).
- الاعتدال والوسطية في الدعوة إلى المنهج (سورة هود).
- الصبر والأمل بنصر الله (سورة يوسف).
بعد أن فهمنا أين نحن من تدبّر آيات ربنا، تعالوا إلى الأجزاء العشرة التالية من القرآن، وإلى المزيد من روائع القرآن وإعجازه.












رد مع اقتباس
قديم 2013-02-25, 18:16   رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


المعادلة الأولى :




ورباط الخيل أيضا ليس إلا جزءا متميزا من الإعداد، والهدف من الإعداد هو تحقيق القوة الرادعة لأي هجوم محتمل لا القوة البادئة بالهجوم.

المعادلة الثانية :



فالهدف من الإرهاب هو وجوب اقتران مخافة الله بالقوة الرادعة لتحقيق العدالة والرحمة بين الناس كافة بالضرب على أيدي الظالمين المعتدين على أنفسهم إذا ما تعدوا حدود الله. وإن لم يكن ذلك كذلك فكيف نفسر أمره سبحانه في قوله : "وإياي فارهبون". وإذا كان الله يرهب عباده، فهل هو "إرهابي" بالمفهوم الأمريكي ، يجب إعلان الحرب عليه وعلى رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟!

المعادلة الثالثة :




الناس ليسوا سواسية في تقدير الحق واحترامه، وليسوا ملائكة معصومين. إنما هم بشر يصيبون قليلا ويخطئون كثيرا ، ونوازع الشر فيهم أقوى من نوازع الخير. ولو طبق المسيحيون أنفسهم قول نبي الله عيسى عليه السلام : "إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فسلم له خدك الأيسر. وإن أخذ منك القميص فزده المعطف" لأكل بعضهم بعضا. لذلك كان من رحمة الله الواسعة بعباده أن يسخر للحق جنودا أقوياء يردون الناس إلى جادة الصواب لتجنيبهم عواقب انحرافاتهم الوخيمة، وبنى تحقيق السلام على أركان الرحمة الخمسة :

1 ـ البيان والتبليغ: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )[44 النحل]

2 ـ التخيير : لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويومن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم.([256 البقرة]

3 ـ الردع : تلك حدود الله فلا تعتدوها، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه .([1 الطلاق].([229 البقرة]
4ـ الجهاد:وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا. إن الله لا يحب المعتدين.([190 البقرة]


5 ـ المهادنة أو التوبة والصلح: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله. إنه هو السميع العليم.( [61 الأنفال]


وفيما يلي إضاءة حول الحدود القرآنية لمفهوم مصطلحلإرهاب" : يقول الله ـ عز وجل- في "آية الإرهاب" من سورة الأنفال : )وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم. وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم ؛ وأنتم لا تظلمون([60 الأنفال].

فالعناصر التي تتكون منها هذه الآية تسعة وهي على التوالي كما وردت في القرآن الكريم
























[IMG]https://www.sheekh-3arb.info/islam/Library/img/3ater/WebPage*******/item33.gif[/IMG]









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-25, 19:01   رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



25 فيفري 2012 الموافق ل14 ربيع ثاني 1434



سورة التَّوبَة






سبب التسمية :

سميت ‏هذه ‏السورة ‏‏" ‏سورة ‏التوبة " ‏ِلمَا ‏فيها ‏من ‏توبة ‏الله ‏على ‏النبي ‏ والمهاجرين ‏والأنصار ‏الذين ‏اتبعوه ‏في ‏ساعة ‏العسرة ‏من ‏بعد ‏ما ‏كاد ‏يزيغ ‏قلوب ‏فريق ‏منهم ‏وعلى ‏الثلاثة ‏الذين ‏خُلفوا ‏في ‏غزوة ‏تبوك‎.‎‏







التعريف بالسورة :

1) مدنية ما عدا الآيتان 128 ، 129 فمكيتان .

2) هي من سور المئين وهي الوحيدة في السور المدنية.

3) عدد آياتها 129 آية .

4) السورة التاسعة في ترتيب المصحف .

5) نزلت بعد سورة " المائدة " .

6) السورة لم تبدأ بالبسم الله و يطلق عليها سورة براءة وقد نزلت عام 9هـ ونزلت بعد غزوة تبوك .

7) الجزء " 11 " ، الحزب " 19،20،21 " الربع " 1،2،3 " .








محور مواضيع السورة :


هذه السورة الكريمة من السور المدنية التي تعني بجانب التشريع وهي من أواخر ما نزل على رسول الله فقد روى البخاري عن البراء بن عازب : أن آخر سورة نزلت سورة براءة وروى الحافظ ابن كثير أن أول هذه السورة نزلت على رسول الله عند مَرْجِعِهِ من غزوة تبوك وبعث أبا بكر الصديق أميرا على الحج تلك السنة ليقيم للناس مناسكهم فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مُبَلِّغَا عن رسول الله ما فيها من الأحكام نزلت في السنة التاسعة من الهجرة وهي السنة التي خرج فيها رسول الله لغزو الروم واشتهرت بين الغزوات النبوية بـ " غزوة تبوك " وكانت في حر شديد وسفر بعيد حين طابت الثمار وأخلد الناس إلى نعيم الحياة فكانت ابتلاء لإيمان المؤمنين وامتحانا لصدقهم وإخلاصهم لدين الله وتمييزا بينهم وبين المنافقين ولهذه السورة الكريمة هدفان أساسيان إلى جانب الأحكام الأخرى هما أولا : بيان القانون الإسلامي في معاملة المشركين وأهل الكتاب . ثانيا : إظهار ما كانت عليه النفوس حينما استنفرهم الرسول لغزو الروم .









[IMG]https://www.sheekh-3arb.info/islam/Library/img/3ater/WebPage*******/item33.gif[/IMG]









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-26, 23:23   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
ويناروز
عضو برونزي
 
الأوسمة
مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك نمارق جعلها الله في ميزان حسناتك










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-27, 07:32   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نيروز مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك نمارق جعلها الله في ميزان حسناتك
آمين بوركت نيروز و جزاك الله خير الجزاء .









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-27, 07:34   رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










M001








تميز السورة باسميها الشهيرين (التوبة و براءة ) ، ولها أسماء أخرى تقارب الخمسة عشر اسما تعتبر علامات مميزه للسورة، فقد نزلت لتضع حداً فاصلاً بين عهد النبوة بشقيه المكي والمدني، وما بعده، لينبثق من خلال آياتها؛ كيفية تعلم المسلمين في العهد المكي الصبر الجميل، وكيف ترسخ لديهم مفهوم الثبات على العقيدة، ومن ثم كيفية تحمل مشاق الدعوة في العهد المدني الحافل بمؤامرات ودسائس وعداوة اليهود، إضافة إلى أعباء الجهاد، فكان لا بد من أن تتبلور الصورة لمواجهة كل ذلك حباً في الله، وطلباً لمرضاته، وخاصة مع ظهور فئة المنافقين الحاقدة، الذين كانوا أشد الحلقات خطورة وصعوبة على المسلمين، فكانت سورة التوبة جامعة للدروس التي تبين كيفية التعامل مع الفئات الثلاث الحاقدة، وخاصة المنافقين. لتفضح سريرتهم، وتقشقشهم، وتدمدم عليهم، وتحفر على أساساتهم، وتشدد علي قلوبهم وتشردهم، وتنقر على رؤوسهم، لتظهر صورتهم الحقيقية وتبين كيفية درء مخاطرهم.







إن للسورة أسماء عديدة، ذكر ها ابن الجوزي في زاد المسير فقال: (ولها تسعة أسماء أحدها سورة التوبة) والثاني: براءة؛ وهذان مشهوران بين الناس والثالث : سورة العذاب؛ قاله حذيفة والرابع: المقشقشة، قاله ابن عمر والخامس: سورة البحوث، لأنها بحثت في سرائر المنافقين، قاله المقداد ابن الأسود والسادس: الفاضحة، لأنها فضحت المنافقين، قاله ابن عباس . والسابع: المبعثرة، لأنها بعثرت أخبار الناس، وكشفت عن سرائرهم، قاله الحارث بن يزيد والثامن: المثيرة، لأنها أثارت مخازي المنافقين ومثالبهم، قاله قتادة والتاسع : الحافرة، لأنها حفرت عن قلوب المنافقين ) وزاد السيوطي في الإتقان فقال :
والمَنقِّرة نقرت في قلوب المشركين ، فأرعبتهم . وقال فيه : هي إلى العذاب أقرب ما كادت تقلع عن الناس، حتى ما كادت تبقي منهم أحدا إضافة إلى أسماء أخرى متعددة صاحبت السورة .



سبب تسميتها بسورة التوبة









حيث رغب الله عز وجل فيها الى التوبة لعباده جميعاً بكل أشكالهم في قوله تعالى
(فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ).
وقالها للذين تبرأ منهم وهم المشركون والمنافقون فى قوله عز وجل ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فما بالكم بمن هم دونهم من العصاة وأهل الذنوب، حيث ختمت السورة بقصة الثلاثة الذين ُ خلُِّفوا، ليظهر فضل الله تعالى في توبته عليهم ويظهر اسم الله التواب في آخر السورة ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (118)






أما براءة







هي العنوان السياسي للسورة، سميت بهذا الاسم العظيم، لأن الله جل في علاه بدأ السورة بإعلان سياسي شديد اللهجة، أمر فيه بقطع العلاقات مع المشركين، ليضفي مهابة على افتتاحية السورة، فقال جل في علاه ( بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ التوبة)) ١ ( فشدة القسوة من شدة العبارة واللهجة، ليستشعر المخاطب بخطورة الإعلان، فالله تعالى لم يبدأ بنفسه، وهو المتبرئ، بل قدم الفعل، ليستبعد السامع أي نوع من الرأفة والرحمة، ولِت ْ ظهِر قسوة البراءة منهم









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-27, 07:36   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


جو السورة العام







لقد كان استعداد المسلمون فى وضوح النهار لغزو الروم وسط اراجيف المنافقين لوضع حد لبقايا الوثنيه فى نفوس البعض ولقوله صلى الله عليه وسلم ( اخرجوا المشركين من جزيرة العرب) لذا كان افتتاح السورة بإعلان يبث روح القوة في نفوس المؤمنين ويقذف الرعب والوهن والخوف فى قلوب المشركين والمنافقين ولتيم تحديد العلاقة معهم مع اعطائهم فرصه الأمان ..قال الله تعالى: ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَ‌ٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ)





في إعلان البراءة ورد عهود الغادرين وقتالهم مع أخذ الحيطة والحذر منهم وبيان حقيقة نجس المشركين.

/IMG]




فإنه يتضمن تحديد العلاقة مع أهل الكتاب وبيان سبب خطورة اعتقادهم التاريخي والواقعي ومدى انحرافهم عن دينهم ومحاولين بشتى الوسائل طمس دين الله الذى ارتضاه للناس وبيان خطورة التشبه بأهل الكتاب كما فى قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).






الذى يتمحور حول الجهاد وفضله وبيان خطورة المتثاقلين وقعودهم الذي لا يضر إلا بهم لأن نصر الله ورسوله ودينه ليس مرتبط بنصر الناس له وإنما هو ابتلاء من الله وتمحيص فعن أبى هريرة قال :قال صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمن كمثل الزرع ، لاتزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجره الارز لا تهتز حتى تستحصد ) صحيح مسلم وفى حديث اخر عن ابى هريره رضى الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبه من النفاق ) صحيح مسلم




if[/IMG]





يبين حقيقة الصفقة وأهمية البيعة مع الله، قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ۚ وَذَ‌ٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.. } (التوبة: ١١١ )،


يقول سيد قطب: (يكشف عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين بالّله، وعن حقيقة البيع، فمن بايع ووفَّى بما بايع فهو المؤمن الحق الذي تتمثل فيه حقيقة الإيمان) انتهى كلامه ، وخاصة عندما رسخ لعقيدة الولاء والبراء،بالنهي عن الاستغفار للمشركين، وأن استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه ، كان بعلم الله تعالى، فلما تبين لإبراهيم كفر أبيه تبرأ منه. ليكون جو السورة العام بين البراءة والتحذير والوعيد والإمهال والقتل والقتال والجهاد، يتخلل ذلك جو من الرحمة والتودد والسكينة والأمان والذين آمنوا لإتمام فضله وبيان سروالطمأنينة الناتجة عن توبة الله تعالى على النبي رحمته، وعلى الثلاثة الذين ُ خلِّفو ا، بل إن توبته جل في علاه سبقت توبتهم، قال الله تعالى ( وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-27, 07:44   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قد أنزلت هذه السورة في وقت كان المجتمع الإسلامي يستعد للخروج برسالة الإسلام من الجزيرة العربية إلى شعوب الأرض كلها.





أنزلت هذه السورة بعد آخر غزوة للنبي، غزوة تبوك، وكان عدد المسلمين فيها ثلاثين ألفاً. واللطيف أنها جاءت في ترتيب المصحف مباشرة بعد الأنفال التي تحدثت عن غزوة بدر (أولى غزوات النبي) حيث عدد المسلمين فيها 313 شخصاً فقط.




ولعل الحكمة هي أن يلاحظ قارئ القرآن الفرق بين ظروف الغزوتين وأحكامهما وطريقة القرآن في التعقيب عليهما. غزوة تبوك كانت من أكثر الغزوات التي ظهر فيها أثر النفاق إذ كان مع الجيش منافقون كثر، وتخلف عنها منافقون كثر كما تخلّف عنها بعض المؤمنين بسبب الكسل. كانت نتيجة الغزوة انتصاراً للمسلمين، وأنزلت هذه السورة للتعليق على كل هذه المواقف.





[IMG]https://www.sheekh-3arb.info/islam/Library/img/3ater/glitter6/WebPage*******/item14.gif[/IMG]


إن سورة التوبة هي السورة الوحيدة التي لم تبدأ بالبسملة كما هو الحال في كل
سور القرآن. والمسلم عندما يقرأ القرآن ويبتدئ بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) يشعر من بداية حرف الباء أنه يعبر خطاً فاصلاً بين وضع سابق ووضع جديد، يشعر أنه داخل على عالم جديد ليترك الدنيا وما فيها ويتوجّه بقلبه لسماع كلام ربه والعيش مع أسماء ربه الحسنى (الرحمن الرحيم).






وسبب غياب البسملة عن أول سورة التوبة - على قول أغلب العلماء - هو أنها أكثر سورة تكلمت عن الكفار والمنافقين، فحرموا من البسملة ومن معاني الرحمة الموجودة فيها، من أولى كلماتها ]بَرَاءةٌ مّنَ ٱلله وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ[ (1).




ولسورة التوبة أسماء أخرى، فقد سميت بالفاضحة لأنها فضحت المشركين، ففيها خمس وخمسين صفة من صفات المنافقين التي كانوا يمارسونها مع النبي صلى الله عليه وسلم. وسميت بالكاشفة لأنها كشفت عيوب الكفار والمتخاذلين عن نصرة الإسلام، وسميت بسورة السيف لكونها أكثر سور القرآن دعوة للجهاد وتحريضاً على القتال وتحذيراً من القعود والتخاذل. فهي سورة شديدة إذاً، وهنا قد يقول قائل: لماذا سميت بسورة التوبة؟






إن التوبة بالنسبة لنا هي غاية في رقة العلاقة مع الله، فهي تعني العودة إلى الله تعالى واللجوء إليه والإقلاع عن الذنوب والمعاصي. فما علاقة التوبة بصفات المنافقين والمشركين والحثّ على الجهاد؟
إن هذه السورة هي البلاغ الأخير للبشرية، وقد أنزلت قبل ختام القرآن ووداع النبي صلى الله عليه وسلم،





وبالرغم من أن السورة قد تضمنت التهديد الشديد للكفار والمنافقين والدعوة الشديدة للمؤمنين إلى الدفاع عن دينهم، لكنها حرصت على إبقاء باب التوبة مفتوحاً لجميع الناس قبل الوداع. فرغم كون السورة تتكلم عن المنافقين والكفار إلا أنها تدعوهم إلى التوبة في مرات عديدة، فنلاحظ تكرار قوله تعالى ]فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ[.






وإذا بحثنا ورود لفظة (التوبة) ومشتقاتها في هذه السورة وفي القرآن كله، نجد أنها تكررت في هذه السورة سبع عشرة مرة وهي أكثر سور القرآن إيراداً لكلمة (التوبة).
بينما ذكرت في سورة البقرة مثلاً 13 مرة مع أنها أطول سورة في القرآن. وذكرت في سورة آل عمران 3 مرات وفي سورة النساء 12 مرة وفي المائدة 5 مرات وفي هود ستة مرات وفي الأنعام مرة واحدة.








إذاً أكثر سورة وردت فيها كلمة التوبة هي السورة التي بين أيدينا. والملفت أنها لم تذكر نوعاً من طوائف المجتمع إلا وذكرته بالتوبة: الكفار والمشركين والمرتدين والمترددين والمنافقين والعصاة والمؤمنين الصالحين، حتى النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة. فكلما تحدثت السورة عن فئة منهم نراها تذكرهم بالتوبة أو تخبرهم بأن الله تعالى قد تاب عليهم ]لَقَدْ تَابَ الله... فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ...[ (117-118).





فبالرغم من أن السورة قد فضحت المنافقين إلا أنها توصل لهم رسالة وهي أن كل حيلهم قد كشفت وأصبح المؤمنون يعرفونها فلا سبيل لهم للنجاة إلا بالتوبة. لقد فضحتهم لتلجأهم إلى التوبة.. كمن يبتليه الله ببلاء ليكون سبباً في عودته. فسورة التوبة تشعر المنافقين بأنهم محاصرون ولم يعد لهم من حجة بعد بيان الدين وتوضيحه، فلا منفذ لهم إلا بالتوبة. حتى دعوة المؤمنين إلى القتال، تهدف إلى تسلل اليأس إلى الكفار من القتال والحرب ويتوبوا إلى الله...









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-27, 07:48   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


علاقتها بالسور التي قبلها


عند تقسيم القرآن إلى ثلاثة أقسام نجد أن القسم الأول يشتمل على السور السبع الطوال ويختتم بسورة التوبة. وكأنها جاءت بعد بيان المنهج ووسائل القيام بالمهمة لتفتح باب التوبة والرحمة لمن بدّل أو غيّر أو قصّر في حق الله. ومن اللطيف أنها من أواخر ما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، حتى يكون ختام الوحي وختام نزول القرآن بفتح باب التوبة.. هل استشعرت هذا المعنى؟




بعض الناس حين يقرأ هذه السورة يشعر بشدتها على الكفار والمنافقين، والبعض الآخر يقرأها فيشعر برحمة الله الواسعة والتي تتجلى في قبوله التوبة من جميع البشر، وهؤلاء أقرب إلى فهم معاني السورة لأن ما فيها من شدة وتهديد ووعيد إنما هو لحمل الكفار والمنافقين على التوبة.. فحتى فضح المنافقين كان لحملهم على التوبة، وحتى دعوة المؤمنين للقتال جاء لحمل الكفار على التوبة بعد أن يئسوا من القتال..







إن السورة تبدأ بداية شديدة وملفتة، فإضافة إلى كونها لا تبدأ بالبسملة كبقية السور، فإنها تبدأ بكلمة "براءة".. ]بَرَاءةٌ مّنَ ٱلله وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِى ٱلاْرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَٱعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱلله[ (1-2) بداية شديدة ومهلة محددة. ثم أذان من الله ورسوله يقرع الآذان: ]وَأَذَانٌ مّنَ ٱلله وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجّ ٱلاْكْبَرِ أَنَّ ٱلله بَرِىء مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ[ (3).

لماذا كل هذه الشدة؟ ]فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى ٱلله[ (3)، فالتهديد إذاً كان من أجل التوبة لا من أجل الانتقام والوعيد، كأن "براءة" و"أذان" هما النداء الأخير للتوبة.


توبة المشركين المحاربين


وتصل بنا الآيات إلى الآية الخامسة ]فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلاشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ... كُلَّ مَرْصَدٍ[ ومع ذلك ]فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ[ فبعد كل هذا الأمر بالقتال جاء التذكير بالتوبة لحثّ الكفار عليها.. فبقدر ما السورة حادة في مواجهتهم بقدر ما هي حريصة على توبتهم وإنابتهم إلى الله..


وبعد ذلك تخبرنا بأنه لا بد أن تقام الحجة على الكفار وذلك بدعوتهم وبيان الدين لهم قبل قتالهم ]وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱلله ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ...[ (6).




وتتابع الآيات على نفس الوتيرة: تهديد، وفي نهاية كل تهديد ووعيد وتذكير بالتوبة. فمثلاً في الآية العاشرة يقول تعالى ]لاَ يَرْقُبُونَ فِى مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُعْتَدُونَ[ ثم تقول الآية التي بعدها ]فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدّينِ[. فلم تعفِ عنهم الآيات فحسب بل أوجبت على المؤمنين محبتهم بعد توبتهم لأنهم قد أصبحوا إخواناً لنا.






ثم عودة للتهديد في حال إصرار المشركين على القتال في الآيات (12) و(14): ]وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَـٰنَهُم مّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِى دِينِكُمْ فَقَـٰتِلُواْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَـٰنَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ[ و]قَـٰتِلُوهُمْ يُعَذّبْهُمُ ٱلله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ...[. ثم عودة للتوبة مباشرة في الآية (15): ]... وَيَتُوبُ ٱلله عَلَىٰ مَن يَشَاء...[. إنها قمة في توازن ووسطية الإسلام بين الرحمة والرفق من جهة، وبين الواقعية والشدة من جهة أخرى.




فإن كان الأمر كذلك بالنسبة للكفار والمنافقين، فما الحكم في المؤمنين الذين قد عصوا ربهم... أيتوب تعالى عليهم أم لا... فإن كان تعالى يقول عن الكفار ]فَإِن تَابُواْ... فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدّينِ[ (11) فما بالك بمن ارتكب بعض المعاصي من المؤمنين؟





إن سورة التوبة هي من أكثر السور التي تزيد أمل المؤمن ورجاءه برحمة الله تعالى... فإن كان رب العزة بلطفه وإحسانه تعالى قد حثّ الكفار والمنافقين على التوبة وكرّر ذكر كلمة التوبة (17) مرة في السورة، فكيف لا يغفر لمن تاب من المؤمنين العصاة!؟










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-01, 23:08   رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
نمارق الجنة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نمارق الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

توبة المؤمنين المتخاذلين عن نصرة الدين




نصل إلى الآية (24) التي تخاطب المؤمنين وتحثهم على نصرة دين الله تعالى، فالآية لا تتحدث عن الجهاد بمعنى الحرب فقط بل أن تنصر الدين ويكون أغلى من كل أمور حياتك الدنيوية.

يقول تعالى: ]قُلْ إِن كَانَ ءابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوٰنُكُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ... ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ[ (24).

لقد ذكرت الآية ثمانية أمور وكلها مباحة، لكنها حذرت من أن تكون سبباَ في البعد عن الله تعالى وترك الجهاد، وهذا يعني أن يكون أمر الله تعالى أولوية في حياتك وفوق كل رغباتك، وإلا فانتظر عقاب الله والعياذ بالله.


وتنتقل السورة للحديث عن نوع جديد من التوبة، غير التوبة من الذنوب والمعاصي التي نعرفها والتي يقع فيها الناس دائماً (كالنظر إلى الحرام أو تأخير الصلاة). إن السورة تدعو للتوبة من التخاذل عن نصرة الإسلام، وكأنها تشير بأن هذا الفعل الشنيع يحتاج إلى توبة شديدة. فتأتي الآية (38): ]يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱلله ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلاْرْضِ... قَلِيلٌ[ عتاب رقيق تعقبه لهجة قوية في الآية التي بعدها: ]إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ...[ (39) فحذار حذار من الاستبدال، لأن الله تعالى ينصر دينه وليس بحاجة إلى أحد ]إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱلله...[ (40) إلى أن تأتي الآية بالأمر الشامل الكامل الذي لا يستثني أحداً: ]ٱنْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَـٰهِدُواْ بِأَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱلله[ (41) فلكي يرتدع الكفار ويلجأوا إلى التوبة لا بد من جهادهم، فكأن جهادك أيها المسلم عون لهم على الرجوع والتوبة، وكأن تخاذل المسلم سبب لتمادي أهل الكفر في غيهم وضلالتهم. فهيا نعمل لديننا ونطرق أبواب الخير لنساعد أنفسنا فننجو ونساعد غيرنا فيتوب.





التوبة من عدم التوكل على الله





وخلال الآيات السابقة تتحدث الآيات عن غزوة حنين وكيف أعجب المؤمنون بكثرتهم فلم تغن عنهم شيئاً، فوقع المسلمون في خطأ الاعتماد على العدد وحده ونسيان أن النصر من عند الله وحده.


]لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱلله فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ... وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ...[ (25).
وهذا الخطأ لا بد له أيضاً من توبة، فتأتي الآية (27) لتشير إلى ذلك: ]ثُمَّ يَتُوبُ ٱلله مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَاء وَٱلله غَفُورٌ رَّحِيمٌ[.











رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
♥موسوعة, متجدد♥, الصور, القرانية♥


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc