ليس الأمر بالبساطة التي تحدثت بها يا صفائي ولا يمكن أن نأخذ من قصة خروج عائشة رضي الله عنها بقصد الإصلاح أنه يجوز للمرأة أن تمارس العمل السياسي
لأن عائشة رضي الله عنها ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ وكانت كلما ذكرت ذلك بكت حتى تبل خمارها وقد استفاض نقل ذلك في كتب التأريخ الموثوقة
جاء فتح الباري لابن حجر: قال عمار بن ياسر لعائشة لما فرغوا من الجمل ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليكم ـ يشير إلى قوله تعالى: وقرن في بيوتكن ـ فقالت: أبو اليقظان، قال: نعم، قالت: والله إنك ما علمت لقوال بالحق، قال: الحمد لله الذي قضى لي على لسانك.
فكان حقا عليك أخي أن تستشهد بتوبتها وندمها لا بخروجها فلو استقبلت من أمرك ما استدبرت ولاستشهدت بآخر موقفها
أضيف إلى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتمع بأصحابه في دار الأرقم حيث كانت تدور شؤون الدعوة كلها فهل كان معه نساء يستشيرهن في ذلك ؟ اللهم لا, إذ أن للمرأة مجالات أخرى غير هذا يقول الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ في كتابه: "من الأحكام الفقهية في الفتاوى النسائية" ص 62 : " المجال العمليّ للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل: أن تعمل في تعليم البنات سواء أكان ذلك عملاً إدارياً أو فنياً، وفي بيتها أعمال كثيرة ....، وأما العمل في مجالات تختص بالرجال فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث إنه يستلزم الاختلاط بالرجال وهي فتنة عظيمة يجب الحذر منها" .
أما أن بعض الناس يريد خلط الأوراق بإخراجك عن الموضوع فأنت بدأت به أولا بادعائك أن الجمع من كبار الصحابة قد خرجوا مع عائشة رضي الله عنها والجمع معناه الجماعة أو الجيش كما في المعجم الوسيط يعني وأنت تتكلم عن خروج جيش معها , وسياق كلامك هذا يشعر بأنه خرج معها كثير من الصحابة وهذا لا يثبت وأنت سميت اثنين فقط وقد كان عدد الصحابة وقتئذ عشرة آلاف صحابي نزر يسير منهم شارك فيها و9970 اعتزلوها وبعضهم أنكر على من خرج ...
وقد روي أن الزبير رضي الله عنه اعتزل ولم يشارك في الاقتتال يوم الجمل بعدما ذكره الإمام علي رضي الله عنه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له "تقاتلني وأنت لي ظالم "
فلو سرنا على طريقة استدلالك لجعلنا خروج بعض الصحابيات لقضاء حوائجهن أو لمداواة الجرحى في بعض المعارك أو لأمر بمعروف ونهي عن منكر من باب العمل السياسي وهذا خلط للأمور ببعضها فأنصحك بأن تجتنب المغالطة والتأويل الفاسد واللعب بالألفاظ وأنصحك بتجنب تلقط الحوادث وجعلها قواعد شرعية كما أنصح نفسي وإياك بعدم الخوض فيما جرى بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم أجمعين إلا بعلم وإلا فالصمت أسلم وأتمنى أن نطبق منهج أهل السنة في ما شجر بين الصحابة ،
وأن نلزم قول "عمر بن عبدالعزيز رحمهما الله "(تلك فتنة سلم الله منها-أيدينا - سيوفنا- فأرجوا أن يسلم الله منها ألسنتنا )
وكما لا يخفى على جميعنا أنه قد سمح للمرأة بممارسة العمل السياسي في بلدان عربية وإسلامية، فماذا قدَّمت لبلادهم؟ وماذا جنت البلاد غير الهزائم والذل والهوان؟ ولم يكن ذلك منا إلا تقليدا لهم ولم تأخذ أمتنا من الحضارة إلا زخرفاً كاذباً، لم يهب القوَّة لها ولا العزّة والمنعة، ولا القدرة على حماية الأرض والنفس والعرض.