|
فقه المرأة المسلمة في ضوء الكتاب والسنّة |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
🕋☼◄[[ ملف خاص بفتاوى الحج ... ]]►☼ 🕋
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
2016-08-19, 22:06 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
لِلْحُجَّاجِ ولغَيرهِمْ "ذكرُ اللهِ باقٍ؛ لا ينقضِي ولا يُفرَغُ منهُ"!... بسمِ اللهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصّلاةُ والسّلامُ علىٰ خاتَـمِ الأنبياءِ والمرسلينَ.. وبعدُ: - قالَ ربُّنَا -تباركَ وتعالىٰ- في سورةِ "البقرة": {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}{أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}[الآيات: 200- 202] - قالَ الإمامُ ابنُ رجبَ -رحمهُ اللهُ- في "لطائفِ المعارفِ"*: "وفي الأمرِ بالذِّكْرِ عندَ (انقضاءِ النُّسُكِ) معنًى؛ وهوَ أنَّ: سائرَ العباداتِ تنقضِي ويُفْرَغُ منهَا، و(ذكرُ اللهِ باقٍ لا ينقضِي ولا يُفرَغُ منهُ)! بلْ هوَ مستمرٌّ للمؤمنينَ في الدُّنيا والآخرةِ! وقدْ أمرَ اللهُ -تعالىٰ- بذِكْرِهِ عندَ انقضاءِ الصلاةِ؛ قالَ اللهُ تعالىٰ: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}[النّساء: 103] وقالَ في صلاةِ الجمعةِ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً} [الجمعة: 10] وقالَ تعالىٰ: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرّح: 7- 8] رُويَ عنِ ابنِ مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- قالَ: "فإذَا فرغْتَ منَ الفرائضِ؛ فانصبْ". وعنهُ قولُهُ: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشّرح: 8]، قالَ: "في المسألةِ، وأنتَ جالسٌ". وقالَ الحسنُ: "أمَرَهُ إذا فرغَ من غزوةٍ؛ أنْ يجتهدَ في الدُّعَاءِ والعبادةِ". فالأعمالُ -كلُّها- يٌفرَغُ منهَا، وَ(الذِّكْرُ) لَا فراغَ لهُ ولَا انقضاءَ! والأعمالُ تنقطعُ بانقطاعِ الدُّنيا، ولا يبقىٰ منها شيءٌ في الآخرةِ! وَ(الذِّكْرُ) لَا ينقطعُ! المؤمنُ يعيشُ علىٰ الذِّكْرِ، ويموتُ عليهِ، وعليهِ يُبْعَثُ!". انتهىٰ. * من النّسخةِ المقروءةِ، طبعة دار ابن حزم، ص: (291). - قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -في وصفِهِ لأهلِ الجنّةِ-: ((إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا، وَيَشْرَبُونَ، ولَايَتْفُلُونَ، ولَايَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ))! قَالُوا: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟! قَالَ (جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ))! رواهُ مسلمٌ، كتاب الجنّة، بابٌ في صفاتِ الجنّةِ وأهلِهَا وتسبيحِهِمْ فيهَا بكرةً وعشيًّا! رقم (2834). نسألُ اللهَ الكريمَ من فضلِهِ! ~~~ الخميس: 12/ ذو الحِجَّةِ/ 1434هـ. مرسلة بواسطة حَسَّانَة بنت محمد ناصر الدين الألبانيّ
|
||||
2016-08-19, 22:11 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيم
حديثٌ آخرُ في: ثَوابِ رميِ الجمارِ.. حلقِ الرَأس.. وختامُ الحجِّ بطَوافِ الوداعِ! قالَ صلّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وَسلَّمَ: ((• وَأَمَّا (رَمْيُكَ الْجِمَارَ)؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {فَلَا تَعَلَّمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]. • وَأَمَّا (حَلْقُكَ رَأْسَكَ)؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَعْرِكَ شَعَرَةٌ تَقَعُ فِي الْأَرْضِ؛ إِلَّا كَانَتْ لَكَ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ! • وَأَمَّا (طَوَافُكَ بالْبَيْتُ إِذَا وَدَّعْتَ)؛ فَإِنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ))! جزءٌ من الحديث رقم (1113)، في "صحيح التّرغيب والتّرهيب". قالَ عنْهُ الوالدُ -رحمَهُ اللهُ تعالى-: "حسنٌ لغيرِهِ". ورواية أخرى هنا - - - السّبت 12 ذو الحجّة 1435هـ مرسلة بواسطة حَسَّانَة بنت محمد ناصر الدين الألبانيّ |
|||
2016-08-20, 10:26 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيم
ثَوابُ بعْضِ أعْمَالِ الحجِّ! قالَ صلّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وَسلَّمَ: ((• فَإِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ (تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ): لَا تَضَعُ نَاقَتُكَ خُفًّا وَلَا تَرْفَعُهُ؛ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَكَ بِهِ حَسَنَةً! وَمَحَا عَنْكَ خَطِيئَةً! • وَأَمَّا (رَكْعَتَاكَ بَعْدَ الطَّوَافِ)؛ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ! • وَأَمَّا (طَوَافُكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)؛ كَعِتْقِ سَبْعِينَ رَقَبَةٍ! • وَأَمَّا (وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ)؛ فَإِنَّ اللهَ يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ، يَقُولُ: «عِبَادِي جَاؤُونِي شُعْثًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ, يَرْجُونَ رَحْمَتِي, فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ, أَوْ كَقَطْرِ المَطَرِ, أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ؛ لَغَفَرْتُهَا! أَفِيضُوا عِبَادِي؛ مَغْفُورًا لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ»! • وَأَمَّا (رَمْيُكَ الْجِمَارَ)؛ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيتَهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنَ الْمُوبِقَاتِ! • وَأَمَّا (نَحْرُكَ)؛ فَمَدْخُورٌ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ! • وَأَمَّا (حِلَاقُكَ رَأْسَكَ)؛ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةً، وَتُـمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ))! • وَأَمَّا (طَوَافُكَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ), فَإِنَّكَ تَطُوفُ وَلَا ذَنْبَ لَكَ! يَأْتِي مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَ يَديهِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ فَيَقُولُ: اعْمَلْ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ؛ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى))! جزءٌ من الحديث رقم (1112)، في "صحيح التّرغيب والتّرهيب". قالَ عنْهُ الوالدُ -رحمَهُ اللهُ تعالى-: "حسنٌ لغيرِهِ". - - - 10ذو الحجَّة 1436هـ مرسلة بواسطة حَسَّانَة بنت محمد ناصر الدين الألبانيّ |
|||
2016-08-20, 10:35 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
العنوان : من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق.. . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه “. رواه البخاري ومسلم . وفي رواية “من حج ”
معــاني المفــردات : الرفث : الجماع ومقدماته. ولم يفسق: لم يعص ربه. التعليـــق على الحــديث : 1- ظاهر الحديث أن هذا الثواب يشمل من أتى البيت للحج أو العمرة. وقيل المراد الحج فقط للرواية الأخرى (من حج) وفضل الله واسع فلا يبعد أن يشمل هذا الوعد الحاج والمعتمر. 2- ينال هذا الوعد الكريم من وفى بالشرط المذكور فيه وهو اجتناب الرفث الذي يمنع منه المحرم وهو ما يتعلق باستمتاع الرجل بامرأته من الجماع ومقدماته حتى يتحلل من الإحرام، واجتناب الفسوق الذي هو جميع ما حرم الله من قول أو فعل سواء ما كان تحريمه بسبب الإحرام أو المحرمات الاصلية التي تحرم على المحرم وغيره. 3- تكفير السيئات بالحج أو العمرة قيل يعم جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، وقيل بل يختص بالصغائر وما لا تعلق له بحقوق الآدميين لدلالة النصوص الأخرى وهو الأقرب والله أعلم. https://www.haddady.com/ |
|||
2016-08-20, 10:43 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
العنوان : فضل الحج المبرور
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله ورسوله. قال ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله . قال ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور” رواه البخاري ومسلم التعليـــق : 1- الإيمان عند أهل السنة والجماعة تصديق بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . 2- الإيمان بالله : أي الإيمان بربويته وألوهيته بأن يفرد بالعبادة ، والإيمان بأسمائه وصفاته على حقيقتها دون تمثيل لله تعالى بشيء من خلقه . والإيمان برسوله : الإيمان بأنه عبدالله ورسوله وأنه مبعوث إلى الثقلين وأنه قد بلغ كل ما أمر بتبليغه ، والإيمان بما جاء وطاعته في ذلك والانقياد له صلى الله عليه وسلم . 3- فضل الجهاد في سبيل الله وهو عند الإطلاق قتال المشركين والكفار بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا ، بشروطه المعتبرة ومنها أن يكون تحت راية الإمام وأن يكون بإذن الوالدين إلا أن يتعين . ومن أفضل الجهاد في سبيل الله الجهاد بالمال ، والرد على أهل الأهواء والبدع ومقارعتهم بالحجج والبراهين . 4- عظم شأن الحج حيث ولي في هذا الحديث الجهاد في سبيل الله ، بل قد سماه النبي صلى الله عليه وسلم جهاداً لا قتال فيه وذلك لما فيه من المشقة العظيمة في السفر إليه ولا سيما على أهل الأقطار البعيدة ، ولما يقع على المحرم من المشقة بمنعه من الترفه كمنعه من لبس المخيط والطيب وتغطية رأسه وإتيان أهله حتى يتحلل من إحرامه، وما يقع عليه من العناء بالانتقال بين المشاعر ، مع ما يقع فيه من الزحام الشديد في الطواف والسعي ورمي الجمار والتي قد تذهب فيه بعض الأنفس، ولما يحتاج إليه من النفقة إلى غير ذلك من صور المشقة والنصب التي يكتب الله بها للحاج إذا أخلص واتقى وبر الأجر الكبير والثواب الجزيل وتكفير السئيات والزلات. 5- الحج المبرور: هو الحج الذي اشتمل على البر وخلا من الإثم ، وذلك بأن تكون نفقته من حلال طيب، واستكمل صاحبه أركانه وواجباته وحرص على فعل المستحبات والسنن المشروعة فيه قدر الطاقة ، واجتنب محظورات الإحرام والمحرمات الأصلية ، والمجادلة بغير الحق كما قال تعالى (الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) . https://www.haddady.com/ |
|||
2016-08-20, 10:52 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
°°((مواقف مبكية عند البيت الحرام))°° -وفي حج هذا العام في سعي الحج مر بجواري شيخ كبير وهو يردد بصوت مسموع (المدد يا رسول الله) فقلت له يا والد (اطلب المدد من الله) فالله يقول (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا) فغضب واحمر وجهه وقال بصوت عال غاضب هذا حبيب الله هذا القائد الأعلى للأمة فقلت نحبه صلى الله عليه وسلم ونوقره ونطيعه ولكن لا ندعوه لأنه لا يرضى بدعائنا إياه فهو الذي يأمرنا أن ندعو الله وحده وينهانا أن ندعو غيره فلم يأبه بما قلت وأصر على كلمته لكنه أخذ مرة يقول المدد يا الله ومرة يقول المدد يا رسول الله ومضى في حال سبيله .. -ورأيت عائلة من هذه البلاد قبل سنوات قريبا من الصفا رأوا رجلا يتمسح بأحجار الصفا ثم يمسح بها وجهه وصدره ففعلت العائلة مثله الأب والأبناء والنسوة فسلمت على الأب وقلت له : هل الرسول صلى الله عليه وسلم فعل مثلما فعلت الآن فقال والله يا ولدي أنا جاهل ما أعرف شيء لكن رايت رجل مسح فمسحت مثله فقلت له هذا ليس بعذر لك عند الله فأنت ما تأخذ الدواء الا بكلام الطبيب ولا تصلح السيارة الا بكلام المهندس فكذلك لا تأخذ دينك الا بسؤال اهل العلم الذين يعرفون الكتاب والسنة وقلت له مسؤوليتك كبيرة لأن زوجتك وأولادك وبناتك كلهم يقلدونك ..فدعا بخير وطلبت منه يبلغ أهله أن هذا لا يجوز ولا يحل لهم تكراره وأن من تمسح بها يرجو البركة منها فهذا شرك اكبر وإن اعتقد أنها سبب في البركة فهذا بدعة .. -إنها مظاهر وحوادث يتقطع لها القلب أسفا ويذوب لها كمدا ولم لا ونحن نرى هؤلاء على كبر السن واقتراب الأجل وهم يجهرون بكلمة الشرك ظانين أنهم يحسنون صنعا.. -إن هذه المظاهر توجب على الدعاة أن يبذلوا غاية الجهد في شرح حقيقة التوحيد وبيان ما يضاده بكل سبيل ممكن عن طريق الدرس والموعظة وخطبة الجمعة والكتابة والبرامج الإعلامية في وسائل الإعلام والاتصال باختلاف أنواعها. -فهذا المجال خير لهم وللأمة من الانغماس والاستغراق في العمل (السياسي الإسلامي) كما يقال ، وخير من استغراق الوقت في بيان فضائل الأعمال ومكارم الاخلاق مع غض الطرف تماما عن التوحيد والشرك في العبادة. -فيا أيها الدعاة انصحوا لأمتكم ولا تغشوهم وأي غش أعظم من ان يرى الداعية مظاهر الشرك الأكبر بين أهله وقومه فلا يحذرهم ولا ينهاهم اين هذا الصنف من الدعاة من محمد صلى الله عليه وسلم والنبيين من قبله الذين واجهوا أقوامهم بكل صراحة وشجاعة قائلين (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره). -إن منصب القيادة لا يغني عند الله إذا كانت عقيد القائد فاسدة وصاحب الخلق الحسن مع الناس لا ينفعه حسن خلقه عند الله إذا لقيه يدعو غيره (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. بل الله فاعبد وكن من الشاكرين). -فوجهوا عنايتكم وجل اهتمامكم إلى هذا الأصل الأصيل والقاعدة التي تبنى عليها سائر شعب الدين والإيمان كما هي طريقة الرسل الذين هم القدوة الكبرى للدعاة إلى الله (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء : 25]( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )[النحل : 36] فالسعيد الموفق من سلك سبيلهم والمخذول المحروم من اتخذ له سبيلا آخر فهو لا يرفع بالتوحيد رأسا ولا يلقي له بالا والعياذ بالله. الموقع الرسمي للشيخ علي الحدادي-حفظه الله-
|
|||
2016-08-20, 11:02 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
إرشاد الرفيق إلى الإجماع والآثار المنقولة على التكبير المقيد بعد الفريضة في يوم عرفة وعيد النحر وأيام التشريق الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد: فهذه وريقات عن التكبير المقيد في يوم عرفة وعيد النحر وأيام التشريق، عسى الله أن ينفع بها الكاتب والقارئ، إن ربي جواد كريم. وسوف يكون الكلام عن هذا التكبير في أربع وقفات: الوقفة الأولى / عن المراد بالتكبير المقيد. شُرع للنَّاس أن يكبِّروا في يوم عرفة ويوم عيد النحر وأيـَّام التشريق في موضعين: الأول: عقيب الانتهاء من أداء صلاة الفريضة. ويسمَّى هذا بـ(التَّكبير المقيَّد)، لأن فعله قُيـِّد بالانتهاء من الصلاة. الثاني: في سائر الأوقات من ليلٍ أو نهار. ويسمى هذا بـ(التَّكبير المطلق)، لأن فِعله لا يتقيَّد بوقت، بل يفعله المسلم في أيِّ وقت شاء من ليل أو نهار، وفي بيته أو مركبته أو سوقه، ويفعله وهو قائم أو جالس أو مضطجع أو وهو يمشي. وقال العلامة السعدي – رحمه الله – في كتابه “منهج السالكين وتوضيح الفقة في الدين”(ص: 91): وَالْمُقَيَّدُ: عقب المكتوبات من صلاة فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.اهـ الوقفة الثانية / عن الإجماع المنقول على مشروعية التكبير المقيد. أولاً: قال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “فتح الباري”(6/ 124): اتَّفق العلماء على أنـه يُشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيـام في الجملة، وليس فيه حديث مرفوع صحيح، بل إنـما فيه آثار عن الصحابة – رضي الله عنهم -، ومَن بعدهم، وعمل المسلمين، وهذا يدلُّ على أن بعض ما أجمعت الأمـة عليه لم يُنقل إلينا فيه نصّ صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يُكتفى بالعمل به.اهـ ثانياً: قال الإمام ابن تيمية – رحمه الله – كما في “مجموع الفتاوىٰ”(24/ 220): وأمـا التكبير في النحر فهو أوكد من جهة أنـه يُشرع أدبار الصلوات، وأنـه مُتفق عليه.اهـ ثالثاً: قال ابن رشد القرطبي المالكي ـ رحمه الله ـ في كتابه “بداية المجتهد”(1/ 513): واتفقوا أيضاً على التكبير في أدبار الصلوات أيام الحج.اهـ رابعاً: قال أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الشافعي – رحمه الله – في كتابه ” المجموع شرح المهذب”(5/ 32): وأما التكبير المقيد فيشرع في عيد الأضحى بلا خلاف، لإجماع الأمة.اهـ وقال أيضاً (5/ 31): السنة أن يكبر في هذه الايام خلف الفرائض، لنقل الخلف عن السلف.اهـ خامساً: قال شمس الدين الزركشي الحنبلي ـ رحمه الله ـ في شرحه على “مختصر الخرقي”(2/ 236): تضمن هذا الكلام مشروعية التكبير عقب الصلوات في عيد النحر، ولا نزاع في ذلك في الجملة.اهـ وقال أيضاً (2/ 238): وأما محله فعقب الصلوات المفروضات في جماعة بالإجماع الثابت بنقل الخلف عن السلف.اهـ ونقله عنه العلامة ابن قاسم – رحمه الله – في “حاشية الروض المربع”(2/ 517) ولم يتعقبه بشيء. ومن باب الزيادة: 1- قال ابن بطال المالكي ـ رحمه الله ـ في “شرح صحيح البخاري”(2/ 563): وأما تكبير محمد بن علي خلف النافلة فهو قول الشافعي، وسائر الفقها لا يرون التكبير إلا خلف الفريضة.اهـ 2- قال علاء الدين الكاساني الحنفي ـ رحمه الله ـ في كتابه” في “بدائع الصنائع”(1/ 197): ولنا ما رُوي عن علي وابن مسعود أنهما كانا لا يكبران عَقيب التطوعات، ولم يُرو عن غيرهما خلاف ذلك، فحل محل الإجماع.اهـ 3- قال الإمام ابن قدامة الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه “المغني”(3/ 291): ولنا قول ابن مسعود، وفعل ابن عمر، ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة، فكان إجماعاً، ولأنه ذكر مختص بوقت العيد، فاختص بالجماعة، ولا يلزم من مشروعيته للفرائض، مشروعيته للنوافل، كالأذان والإقامة.اهـ 4- قال الوزير ابن هبيرة الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “الإفصاح عن معاني الصحاح”(1/ 259 – المفرد في فقه الأئمة الأربعة): واتفقوا على أن هذا التكبير في حق المُحِل والمُحْرِم خلف الجماعات.اهـ وقال جمال الدين يوسف بن عبد الهادي الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “مغني ذوي الأفهام”(7/ 379 – مع شرحه: غاية المرام، للعبيكان): ويُكبِّر (و) عقب كل فريضة في جماعة.اهـ والواو (و) تعني: اتفاق المذاهب الأربعة على حكم المسألة. وقال المحلي الشافعي المصري في “مزيد النعمة لجمع أقوال الأئمة”(ص:158) ناقلاً اتفاق الأربعة: وأن التكبيرات سنة خلف الجماعة.اهـ وقال ابن حزم الظاهري – رحمه الله – في كتابه “المحلى”(3/ 306 – مسألة رقم: 551): مسألة: والتكبير إثر كل صلاة، في الأضحى، وفي أيام التشريق، ويوم عرفة، حسن كله.اهـ الوقفة الثالثة / عن وقت التكبير المقيَّد بأدبار الصلوات. يبدأ وقت التكبير المقيَّد بالنسبة لمن في الأمصار: من فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيـام التشريق، ثم يُقطع. قال الإمام ابن تيمية – رحمه الله – كما في “مجموع الفتاوى”(24/ 220): أصحُّ الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة – رضي الله عنهم – والأئمة: أن يُكبَّر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيـام التشريق عقِب كل صلاة .اهـ وقال أيضاً (24/ 224): ولأنه إجماع من أكابر الصحابة.اهـ وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “فتح الباري”(6/ 124): وقد حكى الإمام أحمد هذا القول إجماعاً من الصحابة – رضي الله عنهم -، حكاه عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس.اهـ وقال أيضاً (6/ 126): والإجماع الذي ذكره أحمد إنما هو في ابتداء التكبير يوم عرفة من صلاة الصبح، أما آخر وقته فقد اختلف فيه الصحابة الذين سماهم.اهـ وقال شمس الدين السَّرخسي الحنفي – رحمه الله – في كتابه “المبسوط”(2/ 42): اتفق المشايخ من الصحابة – رضي الله عنهم -: عمر وعلي وابن مسعود أنـه يُبدأ بالتكبير من صلاة الغداة من يوم عرفة.اهـ وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه “المغني”(3/ 288-289): ولأنه إجماع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، روي عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود … وقيل لأحمد: بأي حديث تذهب إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال: بالإجماع، عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ.اهـ الوقفة الرابعة / عن بعض الآثار الواردة عن الصحابة في التكبير خلف صلاة الفريضة. 1- قال الإمام البخاري – رحمه الله – في “صحيحه”(عند حديث رقم: 970) جازماً: (( وكان ابن عمر- رضي الله عنه – يكبِّر بمنًىٰ تلك الأيـَّام، وخلف الصَّلوات، وعلىٰ فراشه، و في فُسْطاطه ومجلسة وممشاه، تلك الأيـَّام جميعًا )). ووصله ابن المنذر في كتابه “الأوسط”(2199)، والفاكهي في “أخبار مكة”(4/ 228 – رقم: 2583). وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي – رحمه الله – في كتابه “فتح الباري”(2/ 462) بعد أثر ابن عمر هذا، وغيره من الآثار عن الصحابة: وقد اشتملت هذه الآثار على وجود التكبير في تلك الأيام عقب الصلوات، وغير ذلك من الأحوال.اهـ 2- أخرج الطبراني في “المعجم الكبير”(13074) عن عمر بن نافع عن أبيه: (( أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يُكَبِّرْ دُبُرَ الصَّلَاةِ )). وإسناده حسن أو صحيح. وأخرجه أيضاً ابن المنذر في “الأوسط”(2212). ومفهومه أنه – رضي الله عنه – كان يكبر خلف الفريضة إذا صلاها في جماعة. 3- نقل شقيق عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: (( أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ )). أخرجه ابن أبي شيبة (5631 ) واللفظ له، والحاكم (1113) وابن المنذر (2203). وصححه الحاكم، وابن حجر العسقلاني في “الدراية في تخريج أحاديث الهداية”(1 / 222)، والألباني في “الإرواء”(3/ 125 – عند رقم: 651). 4- نقل عكرمة عن ابن عباس – رضي الله عنهما -: (( أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لَا يُكَبِّرُ فِي الْمَغْرِبِ، يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَأَجَلُّ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ» )). أخرجه ابن أبي شيبة (5646) ومسدد في “مسنده”(757 – المطالب العالية) والحاكم (1114). وقال البوصيري في “إتحاف الخيرة المهرة”(2/327): إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (2 / 326) : ورجاله ثقات.اهـ وصححه الحاكم، والألباني في “الإرواء”(3/ 125 – عند رقم: 651). 5- قال إبراهيم النخعي – رحمه الله – وهو من التابعين: (( كَانُوا يُكَبِّرُونَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَأَحَدُهُمْ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: ” اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ” )). رواه ابن أبي شيبة (5650) بإسناده صحيح. 6- قال الإمام مالك – رحمه الله – في “الموطأ”(1406): (( الأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ التَّكْبِيرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خلف الصَّلَوَاتِ، وَأَوَّلُ ذلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ، وَالنَّاسُ مَعَهُ، دُبُرَ صَلاَةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَآخِرُ ذلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ، وَالنَّاسُ مَعَهُ، دُبُرَ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. ثُمَّ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ )). وقال الشاه ولي الله الدهلوي – رحمه الله – في كتابه “حجة الله البالغة”(2 / 126): وقد استفاض عن الصحابة والتابعين وأئمة المجتهدين تكبير يوم عرفة وأيام التشريق على وجوه، أقربها أن يُكَبر دبر كل صلاة، من فجر عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد”.اهـ وضعف الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في كتابه “زاد المعاد”(2/ 360) الحديث المرفوع في ذلك، ثم نقل عمل السلف بما جاء فيه، فقال: ويُذكر عنه: (( أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيَقُولُ: “اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ” )). وهذا وإن كان لا يصح إسناده، فالعمل عليه.اهـ وكتبه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد |
|||
2016-08-20, 11:09 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
تَبشِيرُ الإخوَة بثبُوتِ سُنِّية صَومِ أَيامِ عَشرِ ذِي الحِجَّة الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على عبده ورسوله محمَّدٍ الأمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.أما بعدُ، أيُّها الإخوة الفُضلاء النبلاء – أكرمكم الله بالإكثار من طاعته وأسعدكم بِرضوانه -: فهذا جزءٌ لطيفٌ في: «إثباتُ سُنِّية صومِ أيام العشر من شهر ذِي الحِجَّة المُحرَّم». وسببُ كتابة هذا الجزء وطرحه بين يدى القراء – سدَّدهم الله وأكرمهم بمرضاته – هو سماعي من بعض الناس في هذا الزمن عدم استحباب صيام هذه الأيام، أو كراهته، أو أنه بدعة. وأسأل الله الكريم أن ينفع به الكاتب والقارئ والناشر، إنه سميع الدعاء. وسوف يكون الكلام عن هذه المسألة في سبع وقفاتٍ، ليسهل ضبطها والإلمام بها، فدونكم هذه الوقفات: الوقفة الأولى / عن المراد بالأيام العشر من ذي الحجة التي يُسن صيامها. قال النووي – رحمه الله – في «شرح صحيح مسلم» (8/ 320 – عند رقم:1176): قال العلماء: والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يُتأول.اهـ وقال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه «لطائف المعارف»(ص: 279): وهذا كما يقال: صام عشر ذي الحجة، وإنما صام منه تسعة أيام، ولهذا كان ابن سيرين يكره أن يقال: صام عشر ذي الحجة، وقال: “إنما يقال: صام التسع”، ومن لم يكره وهم الجمهور، فقد يقولون: الصيام المضاف إلى العشر هو صيام ما يمكن منه، وهو ما عدا يوم النحر، ويطلق على ذلك العشر، لأنه أكثر العشر.اهـ الوقفة الثانية / عن مستند سُنِّية صيام أيام عشر ذي الحجة. يدلُّ على الترغيب في صيام أيام عشر ذي الحجة، وأنه سُنَّة محمودة يستحب للمسلم والمسلمة العمل بها، أمران: الأول: ما أخرجه البخاري في «صحيحه»(969) واللفظ له، وأحمد (3139و3228)، وأبو داود (2438)، وابن ماجه (1727)، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ )). وأخرجه الترمذي في «سننه»(757) بلفظ: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ)). وقال عقبه: حديث ابن عباس حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب.اهـ وأخرجه الدارمي في «سننه»(1815) بلفظ: (( مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ – وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى، قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ-عَزَّ وَجَلَّ-، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )). وإسناده حسن. وفي لفظ آخر(1814): (( مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ )). وإسناده صحيح. وممن صحَّح الحديث أيضًا: ابن خزيمة، وابن حبان، وأبو نعيم الأصفهاني، والبغوي، وابن قدامة المقدسي، والنووي، وابن قيم الجوزية، وابن كثير، وأبو زرعة العراقي، والشوكاني، والألباني. ووجه الاستدلال من هذا الحديث: أن العمل الصالح المذكور فيه عام، فيدخل فيه الصيام، لأنه من الأعمال الصالحة؛ بل من أفضلها وآكدها. الثاني: ما أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في «مصنفه»(4/ 257 – رقم:7715): عن الثوري، عن عثمان بن مُوهب قال: (( سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: إِنَّ عَلِيَّ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ، أَفَأَصُومُ الْعَشْرَ تَطَوُّعًا؟ قَالَ: لَا، وَلِمَ؟ ابْدَأْ بِحَقِّ اللَّهِ، ثُمَّ تَطَوَّعْ بَعْدَمَا شِئْتَ )). وإسناده صحيح. ووجه الاستدلال من هذا الأثر: أن أبا هريرة – رضي الله عنه -لم ينكر على الرجل التطوع بصيام العشر، بل أقرَّه على ذلك إذا قضى ما بقي عليه من شهر رمضان. وهذا يدلُّ على أن صيامها معروفٌ في عهد السلف الصالح، وعلى رأسهم الصحابة – رضي الله عنهم -. الوقفة الثالثة / عن تبويبات وأقوال وفهوم أهل العلم والفقه عند ذِكر حديث ابن عباس – رضي الله عنه -:(( مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ )). أولاً- بوَّب أبو داود السجستاني في «سننه» (2438) على هذا الحديث، وحديث آخر معه: «بابٌ في صومِ العَشر». ثانيًا- بوَّب ابن ماجه القزويني في «سننه» (1727) على هذا الحديث، وحديث عائشة – رضي الله عنها -: «بابُ صيامِ العَشر». ثالثًا- قال إسحاق بن منصور الكوسج – رحمه الله – في «مسائله عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه»(703): قلتُ: مَن قال: لا يُقضى رمضان في ذي الحجة؟. قال: أيُّ شيءٍ يَكره من ذلك؟. قال إسحاق: هو جائز، ومن كرهه أراد أن يصومه تطوعًا، لِمَا يُستحب العمل فيه، وهذه رخصة، لأنه حرَّضه على التطوع، ويؤخر قضاء الفرض.اهـ ومعنى كلام إسحاق بن راهويه – رحمه الله -: أن من كره من السلف الصالح قضاء ما بقي من أيام شهر رمضان في أيام عشر ذي الحجة إنما هو لأجل أن ذلك يُفوِّت التطوع بصيامها، لأنها أيام يستحب فيها الإكثار من الأعمال الصالحة. وقال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه «لطائف المعارف»(ص:372-373): وقد اختلف عمر وعلي – رضي الله عنهما – في قضاء رمضان في عشر ذي الحجة؛ فكان عمر يستحبه لفضل أيامه، فيكون قضاء رمضان فيه أفضل من غيره، وهذا يدلُّ على مضاعفة الفرض فيه على النفل، وكان عليٌّ ينهى عنه، وعن أحمد في ذلك روايتان، وقد عُلل قول عليٍّ: بأن القضاء فيه يفوت به فضل صيامه تطوعاً، وبهذا علله الإمام أحمد، وغيره.اهـ وقال ابن كثير – رحمه الله – في «مسند الفاروق»(1/ 281): أثرٌ في القضاء في عشر ذي الحجة: قال أبو عبيد: حدثني ابن مهدى، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن أبيه، عن عمر: (( أنه كان يستحب قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، وقال: وما من أيام أقضى فيها رمضان أحب إليَّ منها )). قال أبو عبيد: نرى أنه كان يستحبه لأنه كان لا يحب أن يفوت الرجل صيام العشر، ويستحبه نافلة، فإذا كان عليه شيء من رمضان كره أن ينتقل وعليه من الفريضة شيء، فيقول: يقضيها في العشر، فلا يكون يبدأ بغير الفريضة، فيجتمع له الأمران.اهـ رابعًا- قال أبو بكر الأثرم – رحمه الله – في كتابه «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص:153- بعد حديث رقم:327): فالأمرُ في هذا الباب على أن صوم يوم عرفة وسائر العشر قبل الأضحى حسنٌ، وأفضلها يوم عرفة.اهـ خامسًا- قال أبو جعفر الطحاوي الحنفي – رحمه الله – في كتابه «مشكل الآثار»(7/ 419 – عند حديث رقم:2973): وإن كان الصوم فيها له من الفضل ما له، مما قد ذُكر في هذه الآثار التي قد ذكرناها فيه، وليس ذلك بمانع أحدًا من الميل إلى الصوم فيها، لا سيما من قدر على جمع الصوم مع غيره من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله-عز وجل-سواه.اهـ سادسًا- قال ابن حزم الظاهري – رحمه الله – في كتابه «المحلى» (7/ 19 – مسألة رقم:794): ونستحب صيام أيام العشر من ذي الحجة قبل النحر، لما حدثناه …، عن ابن عباسٍ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ فِيهِمْ الْعَمَلُ – أَوْ أَفْضَلُ فِيهِنَّ الْعَمَلُ – مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )). قال أبو محمد: هو عشر ذي الحجة, والصوم عمل بِرٍّ، فصوم عرفة يدخل في هذا أيضًا.اهـ سابعًا- قال موفق الدين ابن قدامة المقدسي الحنبلي – رحمه الله – في كتابه «الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل»(1/ 362): ويستحب صيام عشر ذي الحجة، لِمَا روى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ…)).اهـ ثامنًا- قال أبو العباس القرطبي المالكي – رحمه الله – في كتابه «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم»(3/ 253-254 رقم:1046): وقول عائشة: (( مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ ))، تعني به: عشر ذي الحجة، ولا يفهم منه: أن صيامه مكروه، بل أعمال الطاعات فيه أفضل منها في غيره، بدليل ما رواه الترمذي من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ))، قال: هذا حديث حسن صحيح.اهـ تاسعًا- قال النووي الشافعي – رحمه الله – في «شرح صحيح مسلم»(8/ 320 – عند حديث رقم:1176): فليس في صوم هذه التسعة كراهة؛ بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا لا سيما التاسع منها، وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في «صحيح البخاري» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه))، يعنى: العشر الأوائل من ذي الحجة.اهـ وبوَّب على هذا الحديث في كتابه «رياض الصالحين»(رقم:1249)، فقال: «بابُ فضل الصوم وغيره في العشر الأُوَل من ذي الحجة».اهـ عاشرًا- بوَّب محب الدين الطبري – رحمه الله – في كتابه «غاية الإحكام في أحاديث الأحكام»(4/ 472 – رقم:8406) على حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – وأمثاله: «ذكر صوم عشر ذي الحجة». وقال أيضًا (4/ 473): وقد صحَّت أحاديث الترغيب في صومه.اهـ حادي عشر- قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه «فتح الباري»(6/ 115 – عند حديث رقم:969): وهذا الحديث نصٌّ في أن العمل المفضول يصير فاضلاً إذا وقع في زمان فاضل، حتى يصير أفضل من غيره من الأعمال الفاضلة، لفضل زمانه. وفي أن العمل في عشر ذي الحجة أفضل من جميع الأعمال الفاضلة في غيره، ولا يستثنى من ذلك سوى أفضل أنواع الجهاد، وهو أن يخرج الرجل بنفسه وماله، ثم لا يرجع منهما بشيء، فهذا الجهاد بخصوص يفضل على العمل في العشر، وأما سائر أنواع الجهاد مع سائر الأعمال، فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل منها.اهـ وقال أيضاً (6/ 119): وحينئذٍ فصيام عشر رمضان أفضل من صيام عشر ذي الحجة؛ لأن الفرض أفضل من النفل. وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره. وقد كان عمر يستحب قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، لفضل أيامه، وخالفه في ذلك عليٌّ، وعَلَّل قوله باستحباب تفريغ أيامه للتطوع، وبذلك علله أحمد وإسحاق.اهـ وقال في كتابه «لطائف المعارف»(ص: 365-366): وقد دلَّ هذا الحديث على أن العمل في أيامه أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها، وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده.اهـ وقال أيضًا (ص: 367): وقد دلَّ حديث ابن عباس على مضاعفة جميع الأعمال الصالحة في العشر من غير استثناء شيء منها.اهـ وقال أيضًا (ص:51): وهذا الحديث صريحٌ في أن أفضل ما تُطوع به من الصيام بعد رمضان صوم شهر الله المحرم، وقد يحتمل أن يراد أنه أفضل شهر تطوع بصيامه كاملاً بعد رمضان. فأما بعض التطوع ببعض شهر فقد يكون أفضل من بعض أيامه كصيام يوم عرفه أو عشر ذي الحجة أو ستة أيام من شوال، ونحو ذلك.اهـ وقال أيضًا (ص:361): وسيأتي في وظائف ذي الحجة ذكر فضل صيام عشر ذي الحجة-إن شاء الله تعالى-.اهـ ثاني عشر- قال ابن حجر العسقلاني الشافعي – رحمه الله – في كتابه «فتح الباري» (2 /534 رقم:969): واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة، لا اندراج الصوم في العمل، واستشكل بتحريم الصوم يوم العيد، وأجيب بأنه محمول على الغالب، …، والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره.اهـ ثالث عشر- قال محمد بن علي الشوكاني – رحمه الله – في كتابه «نيل الأوطار»(4/ 239): وقد تقدَّم في كتاب العيدين أحاديث تدلُّ على فضيلة العمل في عشر ذي الحجة على العموم، والصوم مندرجٌ تحتها.اهـ وقال أيضًا: على أنه قد ثبت من قوله ما يدلُّ على مشروعية صومها كما في حديث الباب.اهـ وقال في كتابه «قطر الولي على حديث الولي»(ص:373): ومن نوافل الصيام المؤكدة: صوم عشر ذي الحجة، فقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مَا من أَيَّام الْعَمَل الصَّالح فِيهَا أحب إِلَى الله عز وَجل من هَذِه الْأَيَّام …)).اهـ رابع عشر- قال عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله – كما في «مجموع فتاويه»(15/ 418-419) حين سُئل هذا السؤال: «ما رأي سماحتكم في رأي من يقول صيام عشر ذي الحجة بدعة؟»: ج: هذا جاهلٌ يُعلَّم؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم حضَّ على العمل الصالح فيها، والصيام من العمل الصالح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء )) رواه البخاري في الصحيح.اهـ وقال أيضًا (15/ 418): وقد دلَّ على فضل العمل الصالح في أيام العشر حديث ابن عباس المخرج في «صحيح البخاري»، وصومها من العمل الصالح، فيتضح من ذلك استحباب صومها.اهـ وقال أيضًا كما في «الدرر البهية من الفوائد البازية»(1/ 137- عند حديث رقم:754): ولكن حديث ابن عباس في الباب الذي بعده يدلُّ على مشروعية صيام هذه الأيام.اهـ وقال أيضًا (1/ 91 – عند حديث رقم:2438): وهذا الحديث يعم الصيام، والقراءة، والتكبير.اهـ خامس عشر- قال محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – كما في «اللقاء الشهري»(26/ 1): وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر – أي: عشر ذي الحجة – قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء )). وهذا الحديث يدلُّ على أنه ينبغي لنا أن نكثر من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة،… ونصوم أيام العشر، لأن الصيام من الأعمال الصالحة، وحتى لو لم يرد فيه حديث بخصوصه فهو داخل في العموم، لأنه عمل صالح، فنصوم هذه الأيام التسعة، لأن العاشر هو يوم العيد ولا يصام، ويتأكد الصوم يوم عرفة إلا للحجاج.اهـ وقال أيضًا كما في «شرح رياض الصالحين»(5/ 303): هذا الأبواب الثلاثة التي عقدها النووي في كتابه «رياض الصالحين» في بيان أيام يسنُّ صيامها، فمنها: مما يسن صيامه أيام العشر عشر ذي الحجة الأول، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ))، يعني: أيام العشر. وقوله: (( العمل الصالح )) يشمل: الصلاة، والصدقة، والصيام، والذِّكر، والتكبير، وقراءة القرآن، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الخلق، وحسن الجوار وغير ذلك…، ففي هذا دليلٌ على فضيلة العمل الصالح في أيام العشر الأول من شهر ذي الحجة، من صيام وغيره.اهـ سادس عشر- قال حافظ بن أحمد الحكمي – رحمه الله – في «السبل السوية لفقه السنن المروية»(3/ 202- مع الأفنان الندية): يُشْرَعُ صَومُ السِّتِّ مِنْ شَوَّالِ وَعَشْرِ ذِي الحِجَّةِ بِاسْتِكْمَالِ وقال زيد بن هادي المدخلي – رحمه الله- شارحًا (3/ 203-204) للشطر الثاني من هذا البيت: أي: من الأيام الفاضلة التي يستحب أن يكثر فيها المسلم من أعمال الخير، ومن جملتها الصوم تطوعًا: عشر ذي الحجة، فقد أتى الترغيب في العمل الصالح فيها عمومًا، وفي صيام يوم التاسع منها لمن لم يكن بعرفة، وما في ذلك من الأجر والثواب. فقد روى الجماعة إلا مسلمًا والنسائي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مَا من أَيَّام الْعَمَل الصَّالح فِيهَا أحب إِلَى الله عز وَجل من هَذِه الْأَيَّام …)). قلت: ومن جملة الأعمال الصالحة الصوم.اهـ سابع عشر- قال محمد علي آدم الإتيوبي – سلمه الله – في كتابه «البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج»(22/ 41 – عند حديث رقم:1176): والحاصل أن قول عائشة – رضي الله عنها – هذا، لا ينافي استحباب صوم تسع ذي الحجة، ولا سيما اليوم التاسع لغير الحاج، للأدلة الكثيرة على ذلك: ومنها: ما أخرجه البخاري من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – مرفوعًا: (( ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه …)).اهـ الوقفة الرابعة / عن أقوال المذاهب الفقهية المشهورة وغيرهم في استحباب صيام هذه الأيام. أولاً- المذهب الحنفي. 1- قال علاء الدين الكاساني – رحمه الله – في كتابه «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع»(2/ 108): ولا بأس بقضاء رمضان في عشر ذي الحجة، وهو مذهب عمر وعامة الصحابة – رضي الله عنهم -، إلا شيئًا حُكي عن علي – رضي الله عنه – أنه قال: يكره فيها، لِمَا رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قضاء رمضان في العشر، والصحيح قول العامة لقوله تعالى: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } مطلقاً من غير فصل، ولأنها وقت يستحب فيها الصوم، فكان القضاء فيها أولى من القضاء في غيرها، وما روي من الحديث غريب في حدِّ الأحاديث، فلا يجوز تقييد مطلق الكتاب، وتخصيصه بمثله، أو نحمله على الندب في حق من اعتاد التنفل بالصوم في هذه الأيام، فالأفضل في حقه أن يقضي في غيرها لئلا تفوته فضيلة صوم هذه الأيام، ويقضي صوم رمضان في وقت آخر، والله أعلم بالصواب.اهـ 2- وبنحوه في «المبسوط»(3/ 92) لشمس الدين السرخسي – رحمه الله -. 3- جاء في «الفتاوى الهندية»(1/ 201): ويستحب صوم تسعة أيام من أول ذي الحجة كذا في «السراج الوهاج».اهـ ثانيًا- المذهب المالكي. 1- قال ابن رشد القرطبي – رحمه الله – في «المقدمات الممهدات»(1/ 242): وصيام عشر ذي الحجة ومنى وعرفة مرغَّبٌ فيه.اهـ 2- جاء في «حاشية الصاوي على الشرح الصغير»(1/ 691): (و) ندب (صوم) يوم (عرفة لغير حاج) وكره لحاجٍ، أي لأن الفطر يقويه على الوقوف بها. (و) ندب صوم (الثمانية) الأيام (قبله) أي عرفة.اهـ 3- جاء في «شرح مختصر خليل» للخرشي (3/ 16-17): (ص) وصوم يوم عرفة إن لم يحج وعشر ذي الحجة. (ش): يريد أن صوم يوم عرفة مستحب في حق غير الحاج، وأما هو فيستحب فطره ليتقوى على الدعاء، وقد أفطر النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، وأن صيام عشر ذي الحجة مستحب.اهـ 4- جاء في «منح الجليل شرح مختصر خليل»(2/ 119): (و) ندب صوم باقي غالب (عشر ذي الحجة).اهـ ثالثًا- المذهب الشافعي. 1- قال النووي – رحمه الله – في كتابه «روضة الطالبين»(2/ 388): ومن المسنون، صوم عشر ذي الحجة، غير العيد.اهـ 2- قال أبو بكر الحصني – رحمه الله – في كتابه «كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار»(1/ 207): ويستحب صوم عشر ذي الحجة.اهـ 3- جاء في «غاية البيان شرح زبد ابن رسلان»(1/ 158): يسن صوم عشر ذي الحجة غير العيد، (وست شوال) بعد يوم العيد.اهـ رابعًا- المذهب الحنبلي. 1- قال المرداوي – رحمه الله – في كتابه «الإنصاف»(3/ 345): قوله: «ويستحب صوم عشر ذي الحجة» بلا نزاع، وأفضله يوم التاسع، وهو يوم عرفة، ثم يوم الثامن، وهو يوم التروية، وهذا المذهب وعليه الأصحاب.اهـ 2- قال مجد الدين أبو البركات ابن تيمية – رحمه الله – في كتابه «المحرر في الفقه»(1/ 231): ومن السنة إتباع رمضان بستٍّ من شوال، وإن أُفردت، وصوم عشر ذي الحجة، وآكده يوم التروية وعرفة.اهـ 3- قال ابن تيمية – رحمه الله – في «شرح العمدة»(2/553 – قسم الصيام): قال أصحابنا: «ويستحب صوم عشر ذي الحجة»، وفي الحقيقة المعني: صوم تسع ذي الحجة، وآكدها يوم التروية وعرفة.اهـ خامسًا- المذهب الظاهري. قال ابن حزم – رحمه الله – في كتابه «المحلى» (7/ 19 – مسألة رقم:794): ونستحب صيام أيام العشر من ذي الحجة.اهـ وأخيرًا: قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه «لطائف المعارف»(ص386: وممن كان يصوم العشر عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما -، وقد تقدَّم عن الحسن وابن سيرين وقتادة ذكر فضل صيامها، وهو قول أكثر العلماء أو كثير منهم.اهـ وقال في كتابه «فتح الباري»(6/ 119): وقد كان عمر يستحب قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، لفضل أيامه، وخالفه في ذلك عليٌّ، وعلل قوله باستحباب تفريغ أيامه للتطوع، وبذلك علله أحمد وإسحاق، وعن أحمد في ذلك روايتان.اهـ الوقفة الخامسة / عن الآثار الواردة عن السلف الصالح في مشروعية صيام هذه الأيام. ومن هذه الآثار: أولاً- ما نقل عن أبي هريرة – رضي الله عنه -. فقد قال عبد الرزاق في «مصنفه»(4/ 257 – رقم:7715): عن الثوري، عن عثمان بن موهب، قال: (( سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: إِنَّ عَلِيَّ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ، أَفَأَصُومُ الْعَشْرَ تَطَوُّعًا؟ قَالَ: لَا، وَلِمَ؟ ابْدَأْ بِحَقِّ اللَّهِ، ثُمَّ تَطَوَّعْ بَعْدَمَا شِئْتَ )). وإسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة (9517). ثانيًا- ما نقل عن عبد الله بن عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما -. فقد قال ابن الجعد في «مسنده»( 2247): أنا شَريك، عن الحُرِّ بن الصَّيَّاح، قال: (( جَاوَرْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَرَأَيْتُهُ يَصُومُ الْعَشْرَ )). وقال إسحاق بن هانئ النيسابوري – رحمه الله – في «مسائله عن الإمام أحمد»(ص:143 – رقم:670): سمعت أبا عبد الله يقول: حديث وكيع، عن شَريك، عن الحر بن صَيَّاح: (( رأيت ابن عمر يصوم عاشوراء، ورأيت ابن عمر يصوم العشر بمكة )). حديث الحر بن صيَّاح حديثٌ منكر، نافع أعلم بحديث ابن عمر منه.اهـ. ثالثًا- ما نقل عن إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير – رحمهما الله -. فقد قال عبد الرزاق في «مصنفه»(2/256 – رقم:7713): عن الثوري، عن حماد، قال: (( سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ أَيَتَطَوَّعُ فِي الْعَشْرِ؟ قَالَا: يَبْدَأُ بِالْفَرِيضَةِ )). وإسناده صحيح. رابعًا- ما نقل عن عطاء بن أبي رباح – رحمه الله -. فقد قال عبد الرزاق في «مصنفه»(2/256 – رقم:7713): عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: (( كُرِهَ أَنْ يَتَطَوَّعَ الرَّجُلُ بِصِيَامٍ فِي الْعَشْرِ، وَعَلَيْهِ صِيَامٌ وَاجِبٌ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ صُمِ الْعَشْرَ، وَاجْعَلْهَا قَضَاءً )). وإسناده صحيح. خامسًا- ما نقل عن محمد بن سيرين – رحمه الله -. فقد قال ابن أبي شيبة في «مصنفه»(9221): حدثنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون، قال: (( كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُومُ الْعَشْرَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ كُلِّهِ )). وإسناده صحيح. سادسًا- ما نقل عن الحسن البصري – رحمه الله -. فقد قال عبد الرزاق في «مصنفه»(8216): عن جعفر بن سليمان، عن هشام، عن الحسن، قال: (( صِيَامُ يَوْمٍ مِنَ الْعَشْرِ يَعْدِلُ شَهْرَيْنِ )). وإسناده حسنٌ – إن شاء الله -، ففي حديث هشام عن الحسن كلام. وقد أخرجه من طريقه أيضاَ: الطبراني في «فضل عشر ذي الحجة»(25). وقال ابن أبي شيبة (9287): حدثنا غُندَر، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن: ((َ أنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِصِيَامٍ وَعَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ إِلَّا الْعَشْرَ )). وإسناده صحيح. سابعًا- ما نقل عن مجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح – رحمهما الله -. فقد قال ابن أبي شيبة في «مصنفه»(9222): حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن ليث، قال: (( كَانَ مُجَاهِدٌ يَصُومُ الْعَشْرَ، قَالَ: وَكَانَ عَطَاءٌ يَتَكَلَّفُهَا )). وفي سنده: ليث، وهو ابن أبي سُليم. وقد قال عنه ابن حجر العسقلاني – رحمه الله – في كتابه «التقريب» (5685): صدوقٌ، اختلط جدًّا ولم يتميز حديثه؛ فتُرِك.اهـ ثامنًا- ما نقل عن سعيد بن المسيب – رحمه الله -. فقد قال البخاري في «صحيحه»( 1950) جازمًا: وقال سعيد بن المسيب في صوم العشر: (( لاَ يَصْلُحُ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَمَضَانَ )). وقال ابن حجر العسقلاني – رحمه الله- في كتابه «فتح الباري»(4/ 223 رقم:1950) عقبه: وظاهر قوله جواز التطوع بالصوم لمن عليه دَينٌ من رمضان، إلا أن الأولى له أن يصوم الدَّين أولاً، لقوله: (( لا يصلح )) فإنه ظاهرٌ في الإرشاد إلى البُداءة بالأهم والآكد.اهـ تاسعًا- ما نقل عن الزهري – رحمه الله -. فقد قال عبد الرزاق في «مصنفه»(7710): عن معمر، عن الزهري: (( كُرِهَ أَنْ يُقْضَى رَمَضَانُ فِي الْعَشْرِ )). قال معمر: وأخبرني مَن سمع الحسن يقوله.اهـ وإسناده صحيح. وقد تقدَّم عن الإمام أحمد بن حنبل، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه – رحمهم الله – وغيرهم أن كراهة من كره قضاء رمضان في العشر إنما هي لأجل أنه يفوت التطوع بصيامها، لأنه يستحب فيها الإكثار من العمل. عاشرًا- ما نقل عن هشام بن حسان – رحمه الله -. فقد قال عبد الرزاق في «مصنفه»(7711): عن هشام بن حسان أنه: (( كَرِهَ قَضَاءَ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ )). وإسناده صحيح. وهذه الآثار جميعها ظاهرةٌ في أن التطوع بصيام أيام العشر معروف ومشهور في عصر الصحابة والتابعين – رضي الله عنهم -. الوقفة السادسة / عن الإجابة على حديث عائشة – رضي الله عنها -: (( مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ )). وسوف يكون الكلام عن هذا الحديث من جهتين: الأولى: عن تخريجه ودرجته. هذا الحديث قد أخرجه مسلم في «صحيحه» (1176)، من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة – رضي الله عنها -. إلا أنه اختلف على إبراهيم النخعي في وصله وإرساله، فوصله عنه الأعمش، وأرسله منصور. وقد اختلف العلماء في أيهما أثبت في إبراهيم؟. ودونكم ما ذكره ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه «شرح علل الترمذي»(1/ 271)، إذ قال: ذكر علي بن المديني، عن يحيى بن سعيد قال: «ما أحد أثبت عن مجاهد وإبراهيم من منصور، قلت ليحيى: منصور أحسن حديثاً عن مجاهد من أبي نجيح؟ قال: نعم، وأثبت، وقال: منصور أثبت الناس». وقال أحمد حدثني يحيى قال: قال سفيان: «كنت إذا حدثت الأعمش عن بعض أصحاب إبراهيم؛ قال، فإذا قلت: منصور؛ سكت». وقال ابن المديني، عن يحيى، عن سفيان قال: «كنت لا أحدث الأعمش عن أحد إلا ردَّه، فإذا قلت: منصور؛ سكت». وذكر ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين قال: «لم يكن أحد أعلم بحديث منصور من سفيان الثوري». ورجحت طائفةٌ: الأعمش على منصور في حفظ إسناد حديث النخعي. قال وكيع: «الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور». وقد ذكره الترمذي في باب التشديد في البول من «كتاب الطهارة»، واستدل به على ترجيح قول الأعمش في حديث ابن عباس في القبرين: «سمعت مجاهدًا يحدث عن طاووس عن ابن عباس». وأما منصور فرواه عن مجاهد عن ابن عباس. وكذلك ذكره أيضًا في «كتاب الصيام» في باب صيام العشر، واستدل به على ترجيح رواية الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: (( مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ )) على قول منصور، فإنه أرسله. ورجحت طائفة الحكم، قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي: «من أثبت الناس في إبراهيم؟ قال: الحكم ثم منصور». وقال أيضًا: «قلت لأبي: أي أصحاب إبراهيم أحب إليك؟ قال: الحكم ثم منصور، ما أقربهما، ثم قال: كانوا يرون أن عامة حديث أبي معشر إنما هو عن حماد – يعني: ابن أبي سليمان». وقال حرب عن أحمد: «كان يحيى بن سعيد يقدم منصورًا والحكم على الأعمش». وقال ابن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: «أي أصحاب إبراهيم أحب إليك؟ قال : الحكم ومنصور، قلت: أيهما أحب إليك؟ قال: ما أقربهما».انتهى وقد ذكر الدارقطني – رحمه الله – هذا الحديث في «التتبع» (ص:529) وقال عقب سوقه عن الأعمش موصولاً: وخالفه منصور، رواه عن إبراهيم مرسلاً.اهـ وقال في «العلل»(15/ 74-75 – رقم:3847): يرويه إبراهيم النخعي، واختلف عنه، فرواه الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. ولم يختلف عن الأعمش فيه، حدث به عنه: أبو معاوية، وحفص بن غياث، ويعلى بن عبيد، وزائدة بن قدامة، و… بن سليمان والقاسم بن معن وأبو عوانة. واختلف عن الثوري، فرواه ابن مهدي عن الثوري عن الأعمش كذلك. وتابعه يزيد بن زريع، واختلف عنه، فرواه حميد المروزي عن يزيد بن زريع عن الثوري عن الأعمش، مثل قول عبد الرحمن بن مهدي. وحدث به شيخ من أهل أصبهان، يعرف بعبد الله بن محمد بن النعمان، عن محمد بن منهال الضرير، عن يزيد بن زريع، عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. وتابعه معمر بن سهل الأهوازي، عن أبي أحمد الزبيري، عن الثوري. والصحيح عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم قال: حُدِّثتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك رواه أصحاب منصور، عن منصور مرسلاً، منهم فضيل بن عياض، وجرير.اهـ وقال ابن أبي حاتم – رحمه الله – في كتابه «العلل»(781): وسألت أَبِي، وأبا زُرعة: عن حديثٍ رواه أبو عوانة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: (( ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَامَ العَشْرَ مِنْ ذِي الحجَّة قَطُّ )). ورواه أبو الأحوص، فقال: عن منصور، عن إبراهيم، عن عائشة؟. فقالا: هذا خطأٌ. ورواه الثوري، عن الأعمش، ومنصور، عن إبراهيم، قال حُدِّثتُ عن النبي صلى الله عليه وسلم.اهـ وقال الترمذي – رحمه الله – في «سننه»(756) عقبه: هكذا روى غير واحد: عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. وروى الثوري وغيره هذا الحديث، عن منصور، عن إبراهيم، أن النبي صلى الله عليه وسلم: (( لَمْ يُرَ صَائِمًا فِي العَشْرِ )). وروى أبو الأحوص، عن منصور، عن إبراهيم، عن عائشة، ولم يذكر فيه: عن الأسود. وقد اختلفوا علَى منصور في هذا الحديث. ورواية الأعمش أصحُّ وأوصل إسنادًا. وسمعت محمد بن أَبَان يقول: سمعت وكيعًا يقول: الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور.اهـ وقال ابن رجب – رحمه الله – في كتابه «لطائف المعارف»(ص:368): وقد اختلف جواب الإمام أحمد عن هذا الحديث فأجاب مرة بأنه قد رُوي خلافه، وذكر حديث حفصة، وأشار إلى أنه اختلف في إسناد حديث عائشة، فأسنده الأعمش، ورواه منصور عن إبراهيم مرسلاً.اهـ وصحَّح الموصول: مسلم، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والبغوي، والألباني، والوادعي، وربيع بن هادي. الجهة الثانية: عن الجواب عنه. وقد أجيب عن هذا الحديث بأجوبة: الأول: أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لصيام العشر قد يكون لعارضٍ من مرض، أو سفر، أو غيرهما. وقد أشار إلى هذا الجواب: أبو العباس القرطبي في «المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم»(3/ 253-254 – عند حديث رقم:1046)، والنووي في «شرح صحيح مسلم» (8/ 320 – عند حديث رقم:1176)، وابن باز كما في «مجموع فتاويه»(15/ 418) ، وغيرهم. الثاني: أنه يحتمل أن تكون عائشة – رضي الله عنها – لَم تعلم بصيامه صلى الله عليه وسلم فإنه كان يقسم لتسع نسوة فلعله لم يتفق صيامه في نوبتها. وقد أشار إلى هذا الجواب: أبو بكر الأثرم في «ناسخ الحديث ومنسوخه»(ص:151 – بعد حديث رقم:323)، والنووي في «شرح صحيح مسلم»(8/ 320- عند حديث رقم:1176)، و محب الدين الطبري في «غاية الإحكام في أحاديث الأحكام»(4/ 472 – رقم:8406)، وغيرهم. الثالث: أن تركه صلى الله عليه وسلم لصيام العشر قد يكون خشية أن تُفرض على أمته، كما نُقل عنه في مواضع أخرى. وقد أشار إلى هذا الجواب: أبو العباس القرطبي في «المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم»(3/ 254 – عند حديث رقم:1046)، وابن حجر العسقلاني في «فتح الباري»(2/ 534 – عند حديث رقم:969 ). وأشار إليه قبلهما ابن خزيمة – رحمه الله- في «صحيحه»(2103) ، فقد بوَّب فقال: «بابُ ذِكر إفطار النبي صلى الله عليه وسلم في عشر ذي الحجة». وذَكر تحته حديث عائشة – رضي الله عنها -، ثم أتبعه بهذا الباب: «بابُ ذِكر عِلَّةٍ قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يترك لها بعض أعمال التطوع، وإن كان يحث عليها، وهي خشية أن يفرض عليهم ذلك الفعل مع استحبابه صلى الله عليه وسلم ما خُفِّف على الناس من الفرائض». الرابع: أن تركه صلى الله عليه وسلم لصيام العشر قد يكون لأجل أنه إذا صام ضَعُف عن أن يعمل فيها بما هو أعظم منزلة من الصوم. وقد أجاب بهذا الجواب: الطحاوي في كتابه «شرح مشكل الآثار”»(7/ 418-419 – بعد حديث رقم:2973). الخامس: أن عائشة – رضي الله عنها – قد تكون أرادت أنه صلى الله عليه وسلم لَم يصم العشر كاملاً. وقد أجاب بهذا الجواب: الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله -كما في «لطائف المعارف»(ص:368). تنبيه: لم أجد خلال بحثي في هذه المسألة عن أحدٍ ممَّن تقدَّم من السلف الصالح أو ممَّن بعدهم من الفقهاء المشهورين وأصحابهم أنه قال: بعدم استحباب صيام هذه الأيام، أو كراهتها، أو أنها بدعة. وإنما وجدتُ إشارة من بعض مَن أجاب عن هذا الحديث كالطحاوي، وابن قيم الجوزية، وابن رجب الحنبلي – رحمهم الله – توحي بوجود اختلاف، لكن من دون ذِكرٍ لأحد بعينه، وأخشى أن يكون مرادهم من ذلك هو الاختلاف في صيام النبي صلى الله عليه وسلم، لا الاختلاف بين العلماء في مشروعية صيام العشر، وقد جاءت إشارتهم هذه عند الجمع بين الأحاديث الواردة في صيامه وعدمه. الوقفة السابعة والأخيرة / عن القول بعدم استحباب أو كراهية أو بدعية صيام عشر ذي الحجة. قد بحثت هذه المسألة في كتب كثيرة في الحديث وشروحه وتخريجاته، والفقه ومختصراته ومطولاته ومذاهبه، والتفسير وأحكام القرآن، والرسائل المتعلقة بأيام العشر وفضائلها وأحكامها وأحاديثها، وفتاوى العلماء المشهورين من مختلف العصور والمذاهب، وغيرها. وعاودت البحث والمراجعة مرات عديدة، ومع ذلك فلم أقف على أحد ممن تقدم من السلف الصالح أو ممن بعدهم من الفقهاء المشهورين وأصحابهم أنه قال: بعدم استحباب صيام هذه الأيام، أو كراهته، أو أنه بدعة، وإنما وجدت إشارة من بعض من أجاب عن حديث عائشة – رضي الله عنها – كالطحاوي وابن قيم الجوزية وابن رجب الحنبلي – رحمهم الله – قد توحي بوجود خلاف بين العلماء، لكن من دون ذكر لأحد بعينه، وأخشى أن يكون مرادهم من ذلك هو اختلافهم في صيام النبي صلى الله عليه وسلم للعشر لا الاختلاف في مشروعية صيام العشر، وقد جاءت إشارتهم هذه عند الجمع بين الأحاديث الواردة في صيام النبي صلى الله عليه وسلم للعشر وعدمه، والله تعالى أعلم. فجزى الله طالب علم نبيه وقف على ما لم أقف عليه فأرشدني وأفادني، إذ المرء يقوى بأخيه وينتفع ويُسدد. وقد سُئل عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله – كما في “مجموع فتاويه ومقالاته”(15/ 418) هذا السؤال: “ما رأي سماحتكم في رأي من يقول صيام عشر ذي الحجة بدعة؟”: فأجاب بقوله: هذا جاهل يعلم….اهـ وقد تقدم نقل كلامه – رحمه الله – كاملاً. وقال محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – كما في “اللقاء الشهري”(رقم:199): لذلك نحن نأسف لبعض الناس الذين شككوا المسلمين في هذه القضية، وقالوا: إن صيامها ليس بسنة. سبحان الله! أنا أخشى أن يعاقبهم الله عز وجل يوم القيامة، كيف يقول الرسول – عليه الصلاة والسلام -: (( ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر )) وندع العمل الصالح الذي قال الله تعالى: (( إنه لي وأنا أجزي به )) سبحان الله! لذلك يجب أن نرد هذه الدعوة على أعقابها فتنقلب خاسئة.اهـ وفي الختام أقول: ما حصل في هذا الجزء من إصابة فبفضل الله تعالى وتوفيقه، وما كان من خطأ فمن نفسي، وأستغفر الله منه، وحسبي أني لم أتقصده. وكتبه: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد. |
|||
2016-08-20, 11:27 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
جزء فيه ذكر من نص على ثبوت حديث (صيام يوم عرفة يكفر السَّنة التي قبله والسَّنة التي بعده)) الحمد لله الغفور الودود، الغني الحميد، والصلاة والسلام على الرسول القرشي محمد المؤيد بالحق والمسدد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه أهل العزة والسؤدد.أما بعد، يا طالب العلم والفضل – سددك الله وزاد في أجرك وأعلى من فهومك -: فهذا جزء حديثي فيه ذكر من نص من أهل العلم – رحمهم الله تعالى – على تصحيح وتثبيت حديث: (( صِيَام يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ )). وأسأل الله الكريم أن ينفع به الكاتب والقارئ فى الدنيا والآخرة، وأن يجعلهم من صوام يوم عرفة احتساباً، إنه سميع الدعاء، وأهل الرجاء. وسوف يكون الكلام عن هذا الحديث في أربع وقفات: الوقفة الأولى / عن نص الحديث وتخريجه. أخرج الإمام مسلم في “صحيحه”(1162) واللفظ له، وأحمد (22537 و 22621) وأبو داود (2425) والترمذي (749) والنسائي في “السنن الكبرى”(2809 و 2826) وابن ماجه (1730) وابن أبي شيبة (9714 ) وعبد الرزاق (7826 ) والطيالسي (635 و 636 ) وابن خزيمة (2087) وعبد بن حميد (194 ) وابن حبان (3631 و 3632) وأبو عوانة (2949) والطحاوي في “شرح معاني الآثار”( 3267 و 3268 و 3295 و 3297 ) وغيرهم عن أبي قتادة الأنصاري – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ )). الوقفة الثانية / عن ذكر من صححه أو أشار إلى ثبوته وتقويته من أهل العلم. ودونكم – سددكم الله وفقهكم – الأسماء مع النصوص والمراجع: 1- أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري – رحمه الله -. إذ أخرجه في “صحيحه”(1162). 2- أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي – رحمه الله -. إذ قال في “سننه”(754): حديث أبى قتادة حديث حسن، وقد اسْتَحَبَّ أهل العلم صيام يوم عرفة إلا بعرفة.اهـ 3- أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري – رحمه الله -. إذ قال في كتابه ” تهذيب الآثار وتفضيل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسم من الأخبار”(1/ 290 – مسند عمر) بعد أن خرجه من طريق غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة عن عمر: وهذا خبر عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته.اهـ 4- أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري- رحمه الله -. إذ أخرجه في “صحيحه”(2087). 5- أبو حاتم محمد بن حبان البُستي- رحمه الله -. إذ أخرجه في “صحيحه”(3632). 6- أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري – رحمه الله -. إذ قال كما في كتاب طبع بعنوان: “رسائل ابن حزم الأندلسي”(3/ 166): فقد صح عن النبي – عليه السلام – أن ذلك يعدل صيام الدهر، وأن صيام يوم عرفة وعاشوراء يكفر عامين وعاماً، وهذا أمر لا يزهد فيه إلا محروم.اهـ 7- أبو عمر يوسف بن عبد البر النَّمري القرطبي المالكي – رحمه الله -. إذ قال في كتابه “التمهيد”(21/ 162): ولكنه صحيح عن أبي قتادة من وجوه.اهـ وقال أيضاً عقب حديث أبي قتادة: وهذا إسناد حسن صحيح.اهـ 8- أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي – رحمه الله -. إذ قال في كتابه “شرح السنة”(6/ 344 – رقم: 1790): هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن قتيبة عن حماد بن زيد.اهـ 9- عبد الحق بن عبد الرحمن الأندلسي الإشبيلي المعروف بابن الخرَّاط – رحمه الله -. إذ ذكره في كتابه “الأحكام الشرعية الصغرى”(1/ 401-402). وقد قال في مقدمته (1/ 71): وتحريتها صحيحة الإسناد، معروفة عند النقاد، قد نقلها الأثبات، وتداولها الثقات، أخرجتها من كتب الأئمة، وهداة الأمة.اهـ 10- أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي- رحمه الله -. إذ قال في كتابه “المغني”(4/ 443): وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر سنتين.اهـ وقال في كتابه ” فضل يوم التروية وعرفة”(11): هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم.اهـ 11- زكي الدين أبو عبد الله عبد العظيم بن عبد القوي المنذري – رحمه الله -. إذ قال أبو الفيض محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الملقّب بمرتضى الزَّبيدي – رحمه الله – في “الأمالي”(ص:12- رقم:7): قال المنذري هذا الحديث صحيح، انفرد به مسلم، فرواه في “صحيحه” مطولاً عن يحيى بن بجير التميمي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد فوقع لنا بدلاً عالياً.اهـ 12- أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني – رحمه الله -. إذ قال كما في “مختصر الفتاوى المصرية”(ص:290) و “المستدرك على مجموع الفتاوى”(3/ 126): صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( صيام يوم عرفة يكفر سنتين، وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة )).اهـ 13- محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية – رحمه الله -: إذ قال في شرحه على “سنن أبي داود”(7/ 77 – عند حديث رقم:2438 – مع عون المعبود): فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفطر بعرفة، وصح عنه أن صيامه يكفر سنتين، فالصواب أن الأفضل لأهل الآفاق صومه، ولأهل عرفة فطره.اهـ وقال في كتابه ” زاد المعاد في هدي خير العباد”(2/ 73): وصح عنه أن صيامه يكفر السنة الماضية والباقية، ذكره مسلم.اهـ 14- أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي – رحمه الله -. إذ قال في كتابه ” تفسير القرآن العظيم”(5/ 415): وهذا العَشر مشتمل على يوم عرفة الذي ثبت في “صحيح مسلم عن أبي قتادة قال: (( سُئِلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: أَحْتَسِبْ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْآتِيَةَ )).اهـ وبنحوه في كتابه “البداية والنهاية”(4/ 15). 15- سراج الدين عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري المعروف بابن الملقن – رحمه الله -. إذ قال في كتابه ” البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير”(5/ 746): هذا الحديث صحيح، رواه مسلم منفرداً به من حديث أبي قتادة – رضي الله عنه -.اهـ وقال في كتابه “نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار”(8/ 385): وأخرج حديث أبي قتادة من طريقين صحيحين.اهـ 16- شمس الدين أبو عبد الله محمد بن ناصر الدين الدمشقي الشافعي – رحمه الله -. إذ قال في كتابه “فضل عشر ذي الحجة ويوم عرفة وإذا وافق يوم جمعة”(ص:33): صح من حديث أبي قتادة – رصي الله عنه -.اهـ 17- أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني – رحمه الله -. إذ قال في كتابه “معرفة الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة”(ص:52 رقم:28): وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة: (( أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة آتيه )).اهـ وقال في كتابه “فتح الباري”(4/ 279 – عند حديث رقم:1988): قوله: “باب صوم يوم عرفة” أي: ما حكمه؟ وكأنه لم تثبت الأحاديث الواردة في الترغيب في صومه على شرطه، وأصحها حديث أبي قتادة: (( أنه يكفر سنة آتية وسنة ماضية )) أخرجه مسلم وغيره.اهـ 18- عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي – رحمه الله -. إذ رمز لصحته في كتابه “الجامع الصغير”(5055 أو 5101 و 5118 أو 5038 ) فقال: صح.اهـ 19- زين الدين عبد الرؤوف المنَاوي – رحمه الله -. إذ قال في كتابه “فيض القدير”(4/ 230- رقم: 5118): حديث ثابت في مسلم.اهـ وقال في كتابه “التيسير بشرح الجامع الصغير”(2/ 102): ( ت ه حب عن أبي قتادة ) الأنصاري بإسناد صحيح.اهـ 20- أبو العباس ابن حجر الهيتمي السعدي الشافعي – رحمه الله -. إذ صححه في كتابه “المنهاج القويم”(ص:262) 21- محمد بن الطَّيب المغربي المدني – رحمه الله -. إذ قال أبو الفيض محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي – رحمه الله – في كتابه “العجالة في الأحاديث المسلسلة”(ص:33): قال ابن الطَّيب: هو حديث صحيح، انفرد به مسلم.اهـ 22- أبو الفيض محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الملقّب بمرتضى الزَّبيدي – رحمه الله -. إذ قال في “الأمالي”(ص:15): هذا حديث صحيح، تفرد به مسلم، فأخبره في “صحيحه” عن يحيى بن يحيى بن أبي بكر التميمي وقتيبة بن سعيد كلاهما عن حماد بن زيد. وأخبره به أبو داود والطيالسي عن هشام عن قتادة عن غيلان فوقع لنا بدلاً لهم عالياً.اهـ 23- محمد بن علي الشوكاني – رحمه الله -. إذ قال في كتابه ” الدراري المضية شرح الدرر البهية”(ص:198): وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية )).اهـ وصححه أيضاً في كتابه “السيل الجرار على حدائق الأزهار”(2/ 147). 24- محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله -. إذ قال في كتابه “إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل”(952): وهو حديث صحيح رجاله كلهم ثقات لا مغمز فيهم, لا سيما وله طريق أخرى عن أبى قتادة.اهـ وقال في كتابه “صحيح أبي داود – الأم”( 2096): إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه هو وابن خزيمة، وحسنه الترمذي.اهـ 25- عبد العزيز بن عبد الله بن باز- رحمه الله -. إذ قال كما في “فتاوى نور على الدرب”(16/ 454 – شريط رقم:294 – سؤال رقم:9): ثبت عن رسول الله – عليه الصلاة والسلام -: (( إن الله يكفر بصوم يوم عرفة السنة التي قبلها والسنة التي بدها )).اهـ 26- محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -. إذ قال كما في “مجموع فتاوى ورسائل فضيلته”(24/ 243): وأخص هذه الأيام باستحباب الصوم فيها: يوم عرفة، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر السنة الماضية والباقية.اهـ 27- زيد بن هادي المدخلي – سلمه الله -. إذ قال في كتابه ” الأفنان الندية شرح منظومة السبل السوية لفقه السنن المروية”(3/ 204): وثبت الترغيب في صيام يوم عرفة خاصة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، ولكن لغير الحاج، فعن أبي قتادة ـ رضي الله عنه – قال: …اهـ 28- محمد على آدم الإتيوبي – سلمه الله -. إذ قال في كتابه ” البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج”(21/ 504 رقم: 2746-1162): والحاصل أنه متصل صحيح على شرط المصنف، فليتنبه.اهـ ومن باب الزيادة والتقوية: 1- قال أبو عبد الرحمن النسائي – رحمه الله – في كتابه “السنن الكبرى”(2826) عقب حديث أبي قتادة: هذا أجود حديث عندي في هذا الباب.اهـ 2- احتج أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه بحديث أبي قتادة – رضي الله عنه – على صيام يوم عرفة. فقال إسحاق بن منصور الكوسج – رحمه الله – في “مسائله عن أحمد وإسحاق”(710): قلت – يعني: لأحمد -: صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء ورجب؟. قال: أما عاشوراء وعرفة أعجب إلي أن أصومهما لفضيلتهما في حديث أبي قتادة، وأما رجب فأحب إليّ أن أفطر منه. قال إسحاق: كما قال سواء.اهـ 3- أخرج الحاكم – رحمه الله – بعض ما ورد في هذا الحديث – لأنه الشاهد لما عقد من كتاب – من طريق قتادة عن غيلان بن جرير عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة. وقال عقبه: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إنما احتج مسلم بحديث شعبة عن قتادة بهذا الإسناد: (( صوم يوم عرفة يكفر السنة وما قبلها )).اهـ وقال الذهبي عقبه في “التلخيص”: على شرط البخاري ومسلم.اهـ 4- قال محمد بن إسماعيل الصنعاني – رحمه الله – في كتابه “التنوير شرح الجامع الصغير”(1/ 68 – رقم/5101): رمز المصنف لصحته، قال الشارح: ظاهره أنه لم يخرجه من الأربعة إلا هذان، وليس كذلك، بل خرجه الجماعة جميعاً إلا البخاري. وعجيب من المصنف كيف خفي عليه حديث ثابت في مسلم.اهـ 5- قد أُفْرِدَت كتب في الكلام على بعض الأحاديث الواردة في الصحيحين أو أحدهما. ومن هذه الكتب: أولاً: “التتبع” للدارقطني – رحمه الله -. ثانياً: “علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج” لأبي الفضل بن عمار الشهيد – رحمه الله -. ثالثاً: “الأجوبة للشيخ أبي مسعود عما أشكل الشيخ الدارقطني على صحيح مسلم بن الحجاج” لأبي مسعود الدمشقي – رحمه الله -. رابعاً: “بين الإمامين مسلم والدارقطني” لربيع بن هادي المدخلي – سلمه الله -. ولم يُذكر فيها حديث أبي قتادة – رضي الله عنه – في الترغيب في صيام يوم عرفة. 5- العزو إلى صحيح مسلم يغني عن التنصيص على ثبوت الحديث. أكثر العلماء – رحمهم الله – لا ينصون على صحة الحديث الذي يوردونه، وإنما ينسبونه إلى الإمام مسلم في “صحيحه”، لأن هذه النسبة تكفي في التعريف بأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم استدلوا على مسألتهم التي يقررونها بحديث صحيح ثابت. الوقفة الثالثة / عن المراد بيوم عرفة. قال أبو عبد الله محمد بن مفلح الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “الفروع”(3/ 108-109): ويستحب صوم عشر ذي الحجة، وآكده التاسع، وهو يوم عرفة إجماعاً. قيل: سمي بذلك للوقوف بعرفة فيه، وقيل: لأن جبريل حج بإبراهيم – عليه السلام – فلما أتى عرفة قال: (( قد عرفتَ؟ قال: قد عرفتُ ))، وقيل: لتعارف آدم وحواء بها.اهـ وأخرج أبو داود الطيالسي (2820) وأحمد (2707) والطبراني في “المعجم الكبير(10628) من طرق عن حماد بن سلمة عن أبي عاصم الغَنَوي عن أبي الطفيل عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال في شأن تعريف جبريل – عليه السلام – لإبراهيم الخليل – عليه السلام – مناسك الحج ومشاعره: (( ثُمَّ أَتَى بِهِ عَرَفَةَ فَقَالَ: هَذِهِ عَرَفَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَدْرِي لِمَ سِمِّيَتْ عَرَفَةَ؟، قَالَ: لَا، قَالَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: أَعَرَفْتَ؟. )). وفي إسناده أبو عاصم الغنوي. قال عنه أبو حاتم الرازي – رحمه الله -: لا أعلم روى عنه غير حماد بن سلمة، ولا أعرفه، ولا أعرف اسمه.اهـ وقال يحيى بن معين- رحمه الله -: ثقة.اهـ وقال أبو العباس البوصيري – رحمه الله – في “إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة”(2603): رواه أبو داود الطيالسي بسند رجاله ثقات.اهـ وقال الهيثمي في “مجمع الزوائد”(5583): رواه أحمد والطبراني في “الكبير” ورجاله ثقات.اهـ وقد توبع الغنوي عليه. فقد أخرج المحاملي في “أماليه”(32) من طريق عامر بن طِهْفَةَ عن أبي الطفيل عن ابن عباس، نحوه. وعامر هذا، قد وثقه العجلي وابن حبان. ونقل نحو هذا القول عن: علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – من طريقين، وثبت عن أبي مجلز وعطاء بن أبي رباح ونُعيم. وينظر لهذه الآثار: “المصنف”(9099) لعبد الرزاق، و “المصنف”(14130 و 14701 و 14131) لابن أبي شيبة و”أخبار مكة”(2724 و 2726 و 2725 و 11) للفاكهي، وفتح الباري (3/ 440 – قبل رقم: 1582) لابن رجب. الوقفة الرابعة / عن الفقه الذي استنبطه أهل العلم من هذا الحديث. استنبط أهل العلم والفقه – رحمهم الله تعالى – من هذا الحديث استحباب صيام يوم عرفة لغير الحاج. ودونكم النقل عنهم: 1- قال ابن أبي شيبة – رحمه الله – في “مصنفه”(9720): حدثنا يزيد بن هارون قال: أنا ابن عون عن إبراهيم قال: (( كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِصَوْمِ عَرَفَةَ بَأْسًا، إِلَّا أَنْ يَتَخَوَّفُوا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الذَّبْحِ )). وإسناده صحيح. وإبراهيم – رحمه لله – هو ابن يزيد النخعي أحد أئمة التابعين وتلاميذ الصحابة – رضي الله عنهم -. 2- قال أبو عيسى الترمذي – رحمه الله – في “سننه”(754): حديث أبى قتادة حديث حسن، وقد اسْتَحَبَّ أهل العلم صيام يوم عرفة إلا بعرفة.اهـ 3- قال أبو عمر يوسف بن عبد البر النَّمري القرطبي المالكي – رحمه الله – في كتابه “التمهيد”(21/ 164): وقد أجمع العلماء على أن يوم عرفة جائز صيامه للمتمتع إذا لم يجد هدياً، وأنه جائز صيامه بغير مكة، ومن كره صومه بعرفة فإنما كرهه من أجل الضعف عن الدعاء والعمل في ذلك الموقف والنصب لله فيه.اهـ 4- قال الوزير عون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “الإفصاح عن معاني الصحاح”(1/ 424): واتفقوا على أن صوم يوم عرفة مستحب لمن لم يكن بعرفة.اهـ ويعني بذلك: اتفاق الأئمة الأربعة، أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد. وقد أُخْرِجَ الحاجُ من هذا الاستحباب بأدلة عدة. ومن هذه الأدلة: أولاً: ما أخرجه البخاري (1989) واللفظ له، ومسلم (1124) عن ميمونة – رضي الله عنها -: (( أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلاَبٍ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي المَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ )). ثانياً: ما أخرجه أحمد (5080 و 5117 و 5420) واللفظ له، والترمذي (751) والنسائي في “السنن الكبرى”( 2840) وغيرهم، عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال: (( حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لَا أَصُومُهُ وَلَا آمُرُ بِهِ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ )). وقد صححه ابن حبان والألباني، وحسنه الترمذي والبغوي. وقال الترمذي – رحمه الله – عقبه (750): والعمل على هذا عند أكثر أهل العلمِ: يَسْتَحِبُّون الإفطار بعرفة لِيَتَقَوَّى به الرجل على الدعاء، وقد صام بعض أهل العلم يوم عرفة بعرفة.اهـ وكتبه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد |
|||
2016-08-20, 11:38 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
الأحكام الفقهية الخاصة بأيام عشر ذي الحجة الأولى الحمد لله منشئ الأيام والشهور، ومفني الأعوام والدهور، ومكور الليل على النهار، ومقلب الأجواء من حر إلى برد، ومن برد إلى حر، ويديل الأيام بين عباده، عبرة لذوي العقول والأبصار.وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ولا ند ولا نظير ولا ظهير. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، الشافع المشفَّع، الذي عَمر سنينه وشهوره وأيامه ولياليَه بطاعة ربه ومولاه، فغُفرت له جميع الذنوب والزلات، ونال المنازل العالية وجزيل المكرمات، فصلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آل بيته وأصحابه الدائبين في طاعته، ما تكررت الأعوام والساعات، وتعاقب الليل مع النهار. أما بعدُ، أيُّها الإخوة والأخوات – أكرمكم الله بالإكثار من طاعته وأسعدكم بِرضوانه -: يسعدني في هذه الليلة أن ألتقي بكم – سلمكم الله – في محاضرة بعنوان: “الأحكام الفقهية الخاصة بأيام عشر شهر ذي الحجة الأولى” وأسأل الله الكريم أن ينفعني وإياكم بها في الدنيا والآخرة، إنه سميع الدعاء. وسوف يكون الكلام عن هذه الأحكام في ثمان وقفات، ليسهل ضبطها والإلمام بها. فأقول مستعيناً بالله – جل وعلا -، وهو المعين وحده، وعليه المعتمد، ومنه المستمد: الوقفة الأولى / عن المراد بأيام العشر. المراد بأيام العشر: الأيام التسعة من أوَّل شهر ذي الحجة. فقد قال النووي – رحمه الله – في «شرح صحيح مسلم» (8/ 320 – رقم:1176) عند قول عائشة – رضي الله عنها -: (( مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ )): والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يُتأول.اهـ وقال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه «لطائف المعارف»(ص: 279): وهذا كما يقال: صام عشر ذي الحجة، وإنما صام منه تسعة أيام، ولهذا كان ابن سيرين يكره أن يقال: صام عشر ذي الحجة، وقال: (( إنما يقال: صام التسع ))، ومن لم يكره وهم الجمهور، فقد يقولون: الصيام المضاف إلى العشر هو صيام ما يمكن منه، وهو ما عدا يوم النحر، ويطلق على ذلك العشر، لأنه أكثر العشر.اهـ الوقفة الثانية / عن فضل أيام عشر ذي الحجة. إن أيام عشر ذي الحجة الأولى أيام فاضلة، وأيام معظمة، وأيام جليلة، وأيام مباركة، وأيام تضاعف فيها الحسنات، وتعظم فيه الخطايا والسيئات، بل هي أجَلّ أيام السنة وأعظمها وأفضلها، بل إن جمعاً من أهل العلم – رحمهم الله – قد نصوا على أنها أفضل من أيام العشر الأخيرة من شهر رمضان. وقد نوه الله ـ جل وعلا ـ في كتابه العزيز بشأن أيام العشر، فذكرها وأمر عباده أن يذكروه فيها، فقال سبحانه في سورة الحج: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ }. وقال الإمام البخاري – رحمه الله – في “صحيحه”(عند حديث رقم: 969): وقال ابن عباس: (( { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ }: أَيَّامُ العَشْرِ )). وقال – عز وجل – مقسماً بالعشر: { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }. وقال الإمام ابن جرير الطبري – رحمه الله – في “تفسيره”(24/ 397) عند هذه الآية: والصواب من القول في ذلك عندنا: أنها عشر الأضحى لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه.اهـ وصح عن مسروق – رحمه الله – أنه سئل عن قوله تعالى: { وَلَيَالٍ عَشْرٍ } فقال: (( هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ )). أخرجه عبد الرزاق في “مصنفه”(8120) وابن جرير الطبري في “تفسيره”(24/ 397). وأعلى النبي صلى الله عليه وسلم أمرها وأكبره وأظهره، فأخرج البخاري (969) والترمذي (757) واللفظ له، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )). وأخرجه الدارمي (1815) بلفظ: (( مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى، قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )). وإسناده حسن. الوقفة الثالثة / عن ظلم الإنسان لنفسه في العشر بفعل السيئات والقبائح. أيام العشر تقع في شهر ذي الحجة، وهو أحد الأشهر الأربعة الحرم، وشهر الحج، وشهر يوم عرفة، وشهر يوم النحر وعيد الأضحى، وشهر أيام التشريق، وقد قال الله ـ عز وجل ـ في إثبات حرمة هذا الشهر وبقية الأشهر الحرم: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }. وأخرج البخاري (3197) ومسلم (1679) عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ )). ألا فاحذروا أشد الحذر ـ سلمكم الله وسددكم ـ أن تظلموا أنفسكم في هذا الشهر، وفي بقية الأشهر الحُرم بالسيئات والخطايا، والذنوب والمعاصي، والبدع والضلالات، ، والفسق والفجور، والظلم والعدوان، والقتل والاقتتال، والغش والكذب، والغيبة والبهتان، والحسد والغِل والحقد، فإن الله ـ جل شأنه ـ قد زجركم ونهاكم عن ذلك فقال سبحانه: { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }. فإن السيئات من البدع والمعاصي تعظم وتشتد، وتكبر وتتغلظ في كل زمان أو مكان فاضل. وثبت في “تفسير الطبري”(16698) عن قتادة – رحمه الله – أنه قال: (( أَمَّا قَوْلُهُ: { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } فَإِنَّ الظُّلْمَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَظِّمُ مِنْ أَمَرِهِ مَا شَاءَ )). وقال ابن جرير الطبري – رحمه الله – في “تفسيره”(14/ 241) عن هذه الأشهر: ولكن الله عظَّم حرمة هؤلاء الأشهر وشرَّفهن على سائر شهور السنة، فخصّ الذنب فيهن بالتعظيم، كما خصّهن بالتشريف.اهـ الوقفة الرابعة / عن الاجتهاد في الطاعات في أيام العشر. إن مما يجدر بالمسلم – سدده الله – وينبغي له في هذه الأيام الفاضلة أيام العشر أن يحرص غاية الحرص على نفسه، وعلى أهل بيته، وعلى من حوله من أباء وأمهات، وأبناء وبنات، وإخوان وأخوات: أن يكونوا من المكثرين فيها من الأعمال الصالحة، والمسارعين. فيذكرهم بفضلها، ويرغبهم بالاجتهاد فيها، ويكون قدوة لهم في الجد والاجتهاد. ولنحذر أشد الحذر من أن يثبطنا الشيطان، فنكون من المتكاسلين، الذين لا يغتنمون الفرص، ولا يهتمون بالأيام الفاضلة، والمواسم المعظمة، فإن أيام العشر أيام قليلة، لكنها عظيمة الأجور، سريعة الرحيل، من حُرم خيرها وبركتها وما فيها من أجر ومضاعفة حسنات فقد حرم خيراً كثيراً. وقد أخرج الدارمي (1815) عن القاسم بن أبي أيوب – رحمه الله – أنه قال: (( وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ )). وإسناده حسن. وأعظم من ذلك وأبين للمؤمن وأشرح لصدره وأشحذ لهمته قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت: (( مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى، قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )). فما ذا نريد بعد هذا الفضل، وهذا الترغيب، وهذا الأجر الكبير؟. فاحرصوا – سددكم الله – على الإكثار فيها من العبادات، وزيدوا فيها من الطاعات، واعمروا ليلها ونهارها بالقربات، وزيدوا إيمانكم فيها ولا تنقصوه، وسارعوا فيها إلى الخيرات، حتى تنالوا الخير والسعادة والراحة في حياتكم الدنيا، وفي قبوركم، ويوم تعرضون على الله ربكم في الدار الآخرة. ألا وإن من جملة العبادات الفاضلة التي يجدر بنا العناية بها في هذه الأيام الفاضلة، والاستزادة منها، والمسارعة إليها: تلاوة القرآن العظيم. فأكثروا من قراءته، وشجعوا أهليكم على تلاوته، ومن قوي على ختمه كاملاً مرة فأكثر، فقد أسدى إلى نفسه خيراً كثيراً، وحصَّل أجراً عظيماً، فقد صح عن ابن مسعود- رضي الله عنه – أنه قال: (( تعلَّموا القرآن؛ فإنه يُكتب بكلِّ حرفٍ منه عشر حسنات، ويُكَفَّر به عشر سيئات، أما إنِّي لا أقول: الم حرف، ولكن أقول: ألِفٌ عشر، ولامٌ عشر، وميمٌ عشر)). فكيف إذا كانت القراءة في أيام تضاعف فيها الأجور، وتكون الأعمال فيها أحب إلى الله. وأكثروا فيها من الصدقات على الفقراء، والصدقات في سائر طرق البر والإحسان. وحافظوا فيها على صلوات الفريضة في أوقاتها، ومع الجماعة لمن كان من الرجال البالغين، وتمموا بالمحافظة على النوافل كالسنن الرواتب القبلية والبعدية، وصلاة الضحى، وسنة الوضوء، وقيام الليل، والوتر. وأكثروا فيها من ذكر الله تعالى واستغفاره ودعائه وتسبيحه وتحميده وتهليله في سائر الأوقات والأماكن، في بيوتكم، وفي مراكبكم، وفي أعمالكم، وفي طرقاتكم. وتوبوا إلى الله تعالى فيها توبة نصوحاً، وأقلعوا عن جميع الذنوب والخطايا، فإن الله يقبل توبة المسيئين، ويحب التوابين، ورحمته وسعت كل شيء. الوقفة الخامسة / عن صيام أيام عشر ذي الحجة. الصيام في أيام العشر له حالان: الحال الأول: صيام الأيام الثمانية الأول. وصيامها مستحب عند الأئمة الأربعة والظاهرية وغيرهم من أهل العلم، وقد كان هذا الصيام مشهوراً في عصر السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. ويدل عليه: ما أخرجه عبد الرزاق في “مصنفه”(4/ 257 – رقم:7715) عن عثمان بن مُوهب – رحمه الله – أنه قال: (( سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: إِنَّ عَلِيَّ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ، أَفَأَصُومُ الْعَشْرَ تَطَوُّعًا؟ قَالَ: لَا، وَلِمَ؟ ابْدَأْ بِحَقِّ اللَّهِ، ثُمَّ تَطَوَّعْ بَعْدَمَا شِئْتَ)). وإسناده صحيح. ووجه الاستدلال من هذا الأثر: أن أبا هريرة – رضي الله عنه – لم يُنكر على الرجل التطوع بصيام العشر، بل أقرَّه على ذلك إذا قضى ما بقي عليه من شهر رمضان. وهذا يدلُّ على أن صيامها معروفٌ في عهد السلف الصالح، وعلى رأسهم الصحابة – رضي الله عنه -. وأخرج ابن أبي شيبة في “مصنفه”(9221) بسند صحيح عن ابن عون أنه قال: (( كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُومُ الْعَشْرَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ كُلِّهِ )). ويقوي استحبابه أيضاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ)). ووجه الاستدلال من هذا الحديث: أن العمل الصالح المذكور فيه عام، فيدخل فيه الصيام، لأنه من الأعمال الصالحة؛ بل من أفضلها وآكدها. وقد بَوَّبَ جمع من المحدثين – رحمهم الله – على هذا الحديث: “بابٌ في صومِ العَشر”. واستنبط منه جماعات كثيرة من المحدثين والفقهاء استحباب صيام العشر. منهم: الأثرم والطحاوي وابن حزم وابن قدامة والنووي ومحب الدين الطبري وابن رجب وابن حجر العسقلاني والشوكاني وابن باز وابن عثيمين وحافظ حكمي وزيد بن محمد هادي ومحمد علي آدم الإتيوبي، وفقهاء كثر من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية. وأما قول عائشة – رضي الله عنها – الذي أخرجه مسلم في «صحيحه» (1176): (( مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ )). فلم أجد عن أحدٍ بعينه ممَّن تقدَّم من السلف الصالح أو ممَّن بعدهم من الفقهاء المشهورين وأصحابهم أنه استدل به على عدم استحباب صيام هذه الأيام، أو كراهتها، أو أنها بدعة. وقد أجاب أهل العلم عن هذا الحديث بأن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لصيامه قد يكون لعارضٍ من مرض، أو سفر، أو غيرهما. أو أن عائشة – رضي الله عنها – لَم تعلم بصيامه صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يقسم لتسع نسوة فلعله لم يتفق صيامه في نوبتها. أو أن تركه صلى الله عليه وسلم صيامها قد يكون خشية أن تفرض على أمته، فيشق عليها، وهو يحب التخفيف عنها. أو أن تركه صلى الله عليه وسلم لصيامها قد يكون لأجل أنه إذا صام ضَعُف عن أن يعمل فيها بما هو أعظم منزلة من الصوم. أو أن عائشة – رضي الله عنها – قد تكون أرادت أنه صلى الله عليه وسلم لَم يصم العشر كاملاً. الحال الثاني: صيام يوم عرفة. وهو اليوم التاسع من أيام شهر ذي الحجة، ويوم عرفة بإجماع أهل العلم، كما نقله العلامة أبو عبد الله بن مفلح – رحمه الله – في كتابه “الفروع”(3/ 108-109): ويدل على استحباب صيامه وتأكده ما أخرجه الإمام مسلم في “صحيحه”(1162) وغيره عن أبي قتادة الأنصاري – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ )). وهو حديث صحيح، وقد وقفت على تصحيح جمع كثير من أهل العلم له، وقد زادوا على الثلاثين. وقد قال الوزير عون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “الإفصاح عن معاني الصحاح”(1/ 424): واتفقوا على أن صوم يوم عرفة مستحب لمن لم يكن بعرفة.اهـ وقد أُخْرِجَ الحاجُ من هذا الاستحباب بأدلة عدة. ومن هذه الأدلة: أولاً: ما أخرجه البخاري (1989) واللفظ له، ومسلم (1124) عن ميمونة – رضي الله عنها -: (( أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلاَبٍ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي المَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ )). ثانياً: ما أخرجه أحمد (5080 و 5117 و 5420) واللفظ له، والترمذي (751) والنسائي في “السنن الكبرى”( 2840) وغيرهم، عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال: (( حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لَا أَصُومُهُ وَلَا آمُرُ بِهِ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ )). وقد صححه ابن حبان والألباني، وحسنه الترمذي والبغوي. وقال الترمذي – رحمه الله – عقبه (750): والعمل على هذا عند أكثر أهل العلمِ: يَسْتَحِبُّون الإفطار بعرفة لِيَتَقَوَّى به الرجل على الدعاء، وقد صام بعض أهل العلم يوم عرفة بعرفة.اهـ الوقفة السادسة / عن التكبير في أيام عشر ذي الحجة. وتحت هذه الوقفة عدة فروع: الفرع الأول: عن مشروعيَّـة التَّكبير في أيَّام عشر ذي الحجة الأُوَل. التَّكبير في أيَّام عشر ذي الحجة الأُوَل قد جرى عليه العمل في أيـَّام السَّلف الصَّالح مِن أهل القرون المفضَّلة، وعلى رأسهم أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. فقد قال الإمام البخاري – رحمه الله – في “صحيحه”(عند حديث رقم:969): (( وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا )). وزاد غيرُه: (( لا يخرجان إلَّا لذلك )). وقال البخاري أيضاً (عند حديث:907): (( وكان ابن عمر – رضي الله عنه – يكبِّر بمنًىٰ تلك الأيـَّام، وخلف الصَّلوات، وعلىٰ فراشه، و في فُسْطاطه ومجلسة وممشاه، تلك الأيـَّام جميعًا )). وقال ميمون بن مهران – رحمه الله – وهو من التابعين: (( أدركتُ النَّاس وإنـَّهم ليكبِّرون في العشر، حتى كنتُ أشبِّههُ بالأمواج من كثرتها )). وقال التابعي ثابت البناني ـ رحمه الله ـ: (( كَانَ النَّاسُ يُكَبِّرُونَ أَيَّامَ الْعَشْرِ حَتَّى نَهَاهُمُ الْحَجَّاجُ، وَالْأَمْرُ بِمَكَّةَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ، يُكَبِّرُ النَّاسُ فِي الْأَسْوَاقِ فِي الْعَشْرِ )) أخرجه الفاكهي في “أخبار مكة”(1706) بإسناده صحيح. وهذا التَّكبير عند أكثر أهل العلم مشروع في حقِّ سائر النَّاس ذكوراً وإناثاً، وفي سائر الأوقات وفي السَّفر والحضر. يقوله الإنسانُ وهو جالس أو قائم أو راكب أو مضطجع أو وهو يمشي. وفي البيت والعمل والسوق والمركبة والطرقات وغيرها من الأماكن. الفرع الثاني: عن وقت التَّكبير في أيَّام عشر ذي الحجة الأُولى. يستحب التكبير في أيام عشر ذي الحجة الأولى في سائر الأوقات من ليلٍ أو نهار. ويسمىٰ هذا التكبير عند العلماء بـ (التَّكبير المطلق)، وذلك لأنَّ فِعله لا يتقيَّد بوقت، يفعله المسلم في أيِّ وقت شاء من ليلٍ أو نهار، في بيته أو مركبته أو سوقه، ويفعله وهو قائم أو جالس أو مضطجع أو وهو يمشي. ويستمر هذا التكبير إلى آخر يوم من أيام التشريق ثم يقطع. إلَّا أنـَّه لا يُكبَّر في هذه الأيام بعد السلام من صلاة الفريضة، سواء صُلِّيَت في المسجد أو البيت أو العمل أو في أي مكان. ويبدأ وقت التَّكبير الذي يكون بعد الانتهاء من صلاة الفريضة، والذي يسميه العلماء “بالتكبير المقيَّد “بالنِّسبة لغير الحجاج: من فجر يوم عرفة إلىٰ صلاة العصر من آخر أيـَّام التَّشريق، ثمَّ يُقطع. وقد قال ابن تيمية – رحمه الله – كما في “مجموع الفتاوىٰ”(24/ 220): أصحُّ الأقوال في التَّكبير الَّذي عليه جمهور السَّلف والفقهاء من الصَّحابة – رضي الله عنهم – والأئمَّة: أن يُكبَّر من فجر يوم عرفة إلىٰ آخر أيـَّام التَّشريق عقِب كلِّ صلاة .اهـ وقال أيضاً (24/ 224): ولأنه إجماع من أكابر الصحابة.اهـ وقال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “فتح الباري”(6/ 124): وقد حكَىٰ الإمام أحمد هٰذا القول إجماعًا من الصَّحابة – رضي الله عنهم -، حكاه عن عُمر وعَلي وابن مسعود وابن عباس.اهـ وقال أيضاً (6/ 126): والإجماع الذي ذكره أحمد إنما هو في ابتداء التكبير يوم عرفة من صلاة الصبح، أما آخر وقته فقد اختلف فيه الصحابة الذين سماهم.اهـ وقال شمس الدين السَّرخسي الحنفي – رحمه الله – في كتابه “المبسوط”(2/ 42): اتَّفق المشايخ من الصَّحابة – رضي الله عنهم -: عُمر وعَليّ وابن مسعود أنـَّه يُبدأ بالتَّكبير من صلاة الغَداة من يوم عرفة.اهـ وقال ابن قدامة لحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه “المغني”(3/ 288-289): ولأنه إجماع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، روي عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود … وقيل لأحمد: بأي حديث تذهب إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال: بالإجماع، عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ.اهـ الفرع الثالث: عن مشروعيَّة الجهر بالتَّكبير في أيـَّام العشر. قال البخاري – رحمه الله – في “صحيحه”(عند حديث رقم: 969): (( وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلىٰ السُّوق في أيـَّام العشر، يكبِّران، ويكبِّر النَّاس بتكبيرهما )). وقال أيضًا (عند رقم:970): (( وكان عمر يكبِّر في قبَّته بمنًىٰ، فيسمع أهل المسجد فيكبِّرون، ويكبِّر أهل الأسواق حتَّىٰ ترتجَّ منيٰ تكبيرًا )). وأما النساء فقد قال الإمام ابن قدامة لحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه “المغني”(3/ 291): وينبغي لهن أن يخفضن أصواتهن حتى لا يسمعهن الرجال.اهـ الفرع الرابع: عن صِيغ هٰذا التَّكبير. جاءت في التَّكبير عِدَّة صِيغ عن الصَّحابة – رضي الله عنهم -: الأولىٰ: (( الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر وأجلُّ، الله أكبر ولله الحمد)). وثبتت عن ابن عباس- رضي الله عنهما – عند ابن أبي شيبة – رحمه الله – في “مصنَّفه”(1/ 489). الثَّانية: ما أخرج عبد الرزاق – رحمه الله – في “مصنفه”(20581) ومن طريقه البيهقي (3/ 316) عن أبي عثمان النَّهدي – رحمه الله أنه قال: (( كان سلمان يعلِّمنا التَّكبير يقول: كبِّروا الله، الله أكبر، الله أكبر- مرارًا – الَّلهم أنت أعلىٰ وأجلُّ من أن تكون لك صاحبة، أو يكون لك ولد، أو يكون لك شريك في الملك، أو يكون لك وليٌّ من الذُّلِّ، وكبِّره تكبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الَّلهم اغفر لنا، الَّلهم ارحمنا. ثمَّ قال: والله لتكتبنَّ هٰذه، ولا تترك هاتان، وليكوننَّ هٰذا شفعاء صدق لهاتين)). وفي لفظ البيهقي: (( كان سلمان – رضي الله عنه – يعلِّمنا التَّكبير يقول: كبِّروا: الله أكبر، الله أكبر كبيرًا – أو قال: تكبيرًا – اللهم أنت أعلىٰ وأجلُّ من أن تكون لك صاحبة, أو يكون لك ولد, أو يكون لك شريك في الملك, أو يكون لك وليٌّ من الذُّلِّ، وكبِّره تكبيرًا، الَّلهم اغفر لنا، الَّلهم ارحمنا. ثمَّ قال: والله لتكتبنَّ هٰذه، لا تترك هاتان، ولتكوننَّ شفعاً لهاتين )). وقال الحافظ ابن حجرالعسقلاني – رحمه الله – في كتابه “فتح الباري”(2/ 462)عن هٰذه الصِّيغة: أصحُّ ما ورد.اهـ ووافقته اللَّجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء بالمملكة برئاسة العلَّامة ابن باز ـ رحمه الله ـ. الثَّالثة: (( الله أكبر, الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر, الله أكبر، ولله الحمد )). وجاءت عن ابن مسعود – رضي الله عنه – عند ابن أبي شيبة – رحمه الله – في “مصنَّفه”(1/ 488-490). وصحَّحها العلَّامة الألباني – رحمه الله – في كتابه “إرواء الغليل”(3/ 125). وقال الإمام ابن تيمية – رحمه الله – كما في “مجموع الفتاوىٰ”(24/220) عن هذه الصيغة أنها: صفة التكبير المنقولة عن أكثر الصحابة.اهـ وقد ثبتت هٰذه الصِّيغة أيضًا عن جمعٍ كثير من التَّابعين – رحمهم الله – كما عند ابن أبي شيبة في “مصنَّفه” (1/ 488-490) والفريابي في “أحكام العيدين”(62) وغيرهما. الوقفة السابعة / عن أخذ المضحي من شعره وأظفاره وجلده في أيام العشر. إذا دخلت العشر الأول من شهر ذي الحجة فإن مريد الأضحية منهي عن الأخذ من شعره وأظفاره وجلده حتى يضحي، وذلك لحديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً )) رواه مسلم (1977). وفي لفظ آخر: (( من كان له ذِبْحٌ يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة، فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي )). وقال النووي ـ رحمه الله ـ في كتابيه “المجموع”(8/363) و”شرح صحيح مسلم”(13/ 147-148رقم:1977): والمراد بالنهي عن الحلق والقلم المنع من إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذ بنورة أو غير ذلك وسواء شعر العانة والإبط والشارب والرأس وغير ذلك من شعور بدنه.اهـ فإن أخذ من ذلك شيئاً فقد أساء، وخالف السنة. قال الأمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في كتابه “المغني”(13/ 362-363): فإن فعل استغفر الله تعالى، ولا فدية عليه إجماعاً، وسواء فعله عمداً أو نسياناً.اهـ ويبدأ وقت المنع من الأخذ من حين إهلال هلال شهر ذي الحجة حتى يذبح المضحي أضحية، سواء ذبحت في يوم العيد، أو في أول أوثاني يوم من أيام التشريق. وأما بالنسبة لأهل البيت من زوجة وأولاد وغيرهم الذين يُضَحي عنهم من يعولهم من أب أو زوج أو ابن فلأهل العلم في حكم أخذهم قولان: القول الأول: أنَّ حكمهم كحكم المُضَحِّي عنهم، فيُمسكون عن الأخذ كما يُمسك. وقُوِّي هذا القول بأمرين: الأول: أن هذا الإمساك مُفتَى به في عهد السلف الصالح – رحمهم الله -. فقد قال الإمام مُسدد – رحمه الله – في”مسنده” كما في “المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية”( 2287) و “المحلى”(6/ 28 – رقم: 976): حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي قال: سمعتُ أبي يقول: (( كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَعْرِهِ، حَتَّى يَكْرَهَ أَنْ يَحْلِقَ الصِّبْيَانُ فِي الْعَشْرِ )). وإسناده صحيح. الثاني: أن الشرع الحنيف قد جعل لهم نوع مشاركة في الأضحية مع المضحِّي، وهي المشاركة في الأجر والثواب، فيشتركون معه في حكم ترك الأخذ، لأن الجميع يعتبر في الشرع والعرف مُضحِّـياً. وهو قول أكثر أهل العلم، منهم: المالكية والحنابلة. القول الثاني: أنه لا يُكره لهم الأخذ. وهو المذكور في بعض كتب الشافعية، واختاره ابن باز والألباني وابن عثيمين – رحمهم الله -. وحجَّة هذا القول ظاهر حديث أم سلمة – رضي الله عنها – عند مسلم (1977) إذ جاء فيه: (( إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا )). ووجه الاستدلال منه: أن النهي عن الأخذ من الأظفار والشعر والبشرة وُجِّه إلى مُريد الأضحية. وأُجِيب عن هذا الاستدلال: بأن المضحَّى عنه يعتبر مضحّ شرعاً وعُرفًا، ويُطلق عليه ذلك، فكان كمريدها، ودخل في الحديث، وذكر المريد خرج مخرج الغالب، وما كان كذلك فلا مفهوم له، كما هو مذهب أكثر العلماء من أهل الفقه والأصول. ويدل على كونه مضحٍّ: ما أخرجه الترمذي (1505) وابن ماجه (3147) عن عطاء بن يسار – رحمه الله – أنه قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (( كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى )). وصححه: الترمذي وابن قدامة والألباني. ولما أضجع النبي صلى الله عليه وسلم أضحيته ليذبحها قال: (( بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ )) رواه مسلم (1967) من حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -. وأخرج البخاري في “صحيحه”(7210) عن أبي عقيل زُهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام – رضي الله عنه – أنه: (( كَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ )). الوقفة الثامنة / عن جماع المضحي وغيره في أيام العشر. قال ابن عبد البر – رحمه الله – في كتابه “التمهيد”(17/ 234): وقد أجمع العلماء على أن الجماع مباح في أيام العشر لمن أراد أن يضحي، فما دونه أحرى أن يكون مباحاً.اهـ محاضرة مفرغة: لعبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد. |
|||
2016-08-20, 11:41 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
تزويد المُضحِّي بحكم أخذ الـمُضحَّـى عنهم من أولاد ونساء من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم الحمد لله ربِّ كل شيء ومليكه، والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله إلى خلقه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه على سنته.أما بعد، أيها الإخوة الفضلاء – سدَّد الله أفعالكم وكثَّر أجورَكم وزادكم علماً- : فهذا جزءٌ صغير عن: “حكم أَخذ الـمُضَحَّى عنهم من أولادٍ ونساء من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم“. قصدتُ به مذاكرة إخواني طُلَّاب العلم، وتنشيط نفوسنا على البحث والمدارسة، وزيادة التأمل في المسائل والنظر، وأسأل الله الكريم أن ينفع به الجميع، إنه سميع مجيب. ثم أقول مستعينًا بالله القوي المتين: وجدتُ لأهل العلم – رحمهم الله تعالى – في هذه المسألة قولان: القول الأول: أنَّ حكمهم كحكم المُضَحِّي عنهم، فيُمسكون عن الأخذ كما يُمسك. وقُوِّي هذا القول بأمرين: الأول: أن هذا الإمساك مُفتَى به في عهد السلف الصالح – رحمهم الله -. فقد قال الإمام مُسدد – رحمه الله – في”مسنده” كما في “المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية”(رقم:2287) و “المحلى”(6/ 28 – رقم:976): حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي قال: سمعتُ أبي يقول: (( كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَعْرِهِ، حَتَّى يَكْرَهَ أَنْ يَحْلِقَ الصِّبْيَانُ فِي الْعَشْرِ )). وإسناده صحيح. وقال بعضهم: لا يعرف عن غيره من التابعين قول في المسألة. وقال الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في كتابه “إعلام الموقعين عن رب العالمين”(4/ 90): فصل: في جواز الفتوى بالآثار السلفية والفتاوي الصحابية، وأنها اولى بالأخذبها من آراء المتأخرين وفتاويهم، وأن قربها إلى الصواب بحسب قرب أهلها من عصر الرسول – صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله -، وأن فتاوي الصحابة أولى أن يؤخذ بها من فتاوي التابعين، وفتاوي التابعين أولى من فتاوي تابعي التابعين، وهلم جرا. وكلما كان العهد بالرسول أقرب كان الصواب أغلب، وهذا حكم بحسب الجنس لا بحسب كل فرد فرد من المسائل، كما أن عصر التابعين وإن كان أفضل من عصر تابعيهم فإنما هو بحسب الجنس لا بحسب كل شخص شخص، ولكن المفضلون في العصر المتقدم أكثر من المفضلين في العصر المتأخر، وهكذا الصواب في أقوالهم أكثر من الصواب في أقوال من بعدهم، فإن التفاوت بين علوم المتقدمين والمتأخرين كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والدين.اهـ الثاني: أن الشرع الحنيف قد جعل لهم نوع مشاركة في الأضحية مع المضحِّي، وهي المشاركة في الأجر والثواب، فيشتركون معه في حكم ترك الأخذ، لأن الجميع يعتبر في الشرع والعرف مُضحِّـياً، والقصد من الأضحية حصول الأجر والثواب. ودونكم ما وقفتُ عليه من كلام المذاهب المعروفة في تأييد هذا القول: أولاً: كلام المالكية – رحمهم الله -. 1- جاء في”حاشية الخرشي على مختصر خليل”(3/ 393): (ش) يعني: أنه إذا دخل عشر ذي الحجة فإنه يُندب لمن أراد الأضحية أن لا يقلم أظفاره، ولا يحلق شيئاً من شعره، ولا يقص من سائر جسده شيئاً، تشبيهاً بالمحرم، ويستمر على ذلك حتى يضحي، …، ويدخل فيه الـمُدْخَلُ في الضَّحية حيث يُندب له ما يُندب لمالكها.اهـ 2- جاء في كتاب”منح الجليل شرح مختصر خليل”(2/ 427): [ و ] نُدِب [ ترك حلق ] لشعر من جميع البدن وقصه أو إزالته بنورة كذلك [ و ] ترك [ قَلْمٍ ] لظفر [ لمضح ] أي: مريد تضحية حيث يُثاب عليها حقيقةً أو حكماً، فيشمل الـمُدْخَلَ في الضحية بالشروط، فيُندب له ما يُندب لمالكها من تركهما.اهـ 3- جاء في كتاب”الشرح الكبير”(2/ 121) للدرديري – رحمه الله -: [ و ] نُدِب [ ترك حلق ] لشعر من سائر بدنه [ و ] ترك [ قلم لمضحٍ ] أي لمريدها ولو حكماً بأن كان مُشْرَكًا بالفتح.اهـ ثانياً: كلام الحنابلة. 1- جاء في كتاب “الفروع”(3/ 555) لأبي عبد الله بن مفلح – رحمه الله -: ويحرم على من يُضَحِّي أو يُضَحَّى عنه في ظاهر كلام الأثرم وغيره أخذُ شيء من شعره وظفره وبشرته في العشر، وقال القاضي وغيره: يُكره، وأطلق أحمدُ النهي. اهـ 2- جاء في كتاب”الروض المربع شرح زاد المستنقع في اختصار المقنع”(ص:235) لمنصور البهوتي – رحمه الله -: [ويُحرم على من يُضَحِّي] أو يُضَحَّى عنه [ أن يأخذ في العشر ] الأُوَل من ذي الحجة [ من شعره ] أو ظفره [ أو بشرته شيئًا ]. اهـ 3- جاء في كتاب “المبدع في شرح المقنع”(3/ 299) لأبي إسحاق بن مفلح – رحمه الله -: ومن أراد أن يُضَحِّي أو يُضحَّى عنه ودخل العشر فلا يأخذ من شعره وبشرته وظفره شيئاً.اهـ 4- جاء في كتاب “دليل الطالب لنيل المآرب”(ص:99) لمرعي بن يوسف الكرمي – رحمه الله -: إذا دخل العشر حَرُمَ على من يضحِّي أو يضحَّى عنه أخذ شيء من شعره أو ظفره إلى الذبح. اهـ وبنحوه في”الإقناع”(1/ 408) للحجاوي، و”منار السبيل”(1/263) لابن ضويان – رحمهما الله -. 5- قال العلامة محمد بن سليمان الجراح الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “نيل المطالب بشرح دليل الطالب”(ص:311) معلقاً على قول مرعي الكرمي -رحمه الله- السابق: وإذا ضحيت عن أهل بيتك لازم يحرمون كلهم صغيراً وكبيراً.اهـ 6- قال العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في رسالة له بعنوان: “أحكام الأضحية والذكاة”(ص:87- مع مجموعة رسائل له): وذكر المتأخرون من أصحابنا أنه يشمل المضحَّى عنه، فلا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا بشرته.اهـ القول الثاني: أنه لا يُكره لهم الأخذ. ونقل عن بعض متأخري الشافعية. ودونكم قولهم: 1- جاء في “حاشية الجمل على المنهج”(5/ 251): وإن كان من أهل بيت يضحِّي أحدهم عن البقية، وهو كذلك كما اقتضاه كلامهم، واعتمده الإسنوي، وكذا الأذرعي حيث قال: وغير المضحي من العيال لا أحسب أحداً يكره له إزالة ذلك لأنه ليس بمضحٍّ حقيقة وإن أشركه المضحِّي في الثواب.اهـ 2- قال سعيد باعشن الدَّوعَني – رحمه الله – في “شرح المقدمة الحضرمية”(ص:704) أما من لم يرد التضحية فلا يكره له إزالة نحو شعر وإن سقط عنه الطلب بفعل غيره من أهل بيته.اهـ 3- قال التَّرمَسِي – رحمه الله – في “حاشيته”(6/ 655): قوله: « لمريد التضحية » خرج بمريدها من عداه من أهل بيته وإن وقعت عنه، ففي “الإيعاب”: قضيته: إن لم يردها لا يكره له إزالة ذلك، وإن كان من أهل بيت يضحي أحدهم عن البقية، وهو كذلك اقتضاه كلامهم، واعتمده الأسنوي، وكذا الأذرعي.اهـ واختار هذا القول: ابن باز والألباني وابن عثيمين – رحمهم الله -. وحجَّة هذا القول ظاهر حديث أم سلمة – رضي الله عنها – عند مسلم (1977) – رحمه الله – إذ جاء فيه: (( إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا )). ووجه الاستدلال منه: أن النهي عن الأخذ من الأظفار والشعر والبشرة وُجِّه إلى مُريد الأضحية وحده. وأُجِيب عن هذا الاستدلال: بأن المضحَّى عنهم يعتبرون مضحِّين شرعاً وعُرفًا، ويُطلق عليهم ذلك، فكانوا كمريدها، ودخلوا في الحديث. وقد أخرج الترمذي (1505) وابن ماجه (3147) – رحمهما الله – عن عطاء بن يسار – رحمه الله – أنه قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (( كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى )). وصححه: الترمذي وابن قدامة والألباني – رحمهم الله -. ولما أضجع النبي صلى الله عليه وسلم أضحيته ليذبحها قال: (( بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ )) رواه مسلم (1967) من حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -. وأخرج البخاري – رحمه الله – في “صحيحه”(7210) عن أبي عقيل زُهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام – رضي الله عنه – أنه: (( كَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ )). فائدة طيبة: قال أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي – رحمه الله – في كتابه “المحكم والمحيط الأعظم”(8/ 57): والبَشَرَة: ظاهر أعلى جِلْدَة الوجه والرأس والجَسد من الإنسان، وهي التي عليها الشَّعْر، وقيل: هي التي تَلِي اللَّحْم.اهـ وقال العلامة العثيمين – رحمه الله – في كتابه “الشرح الممتع على زاد المستقنع”(7/ 488): وقوله: «أو بشرته» أي: جلده، لا يأخذ منه شيئاً، وهل يمكن للإنسان أن يأخذ من جلده شيئاً؟. نقول: يمكن أن يأخذ كما يلي: أولاً: إذا كان لم يختتن، وأراد الختان في هذه الأيام نقول له: لا تختتن، لأنك ستأخذ من بشرتك شيئاً. ثانياً: بعض الناس يغفل فتجده يقطع من جلده من عقب الرجل، والإنسان الذي يعتاد هذا الشيء لا بد أن يصاب بتشقق العقب، فإن تركه سكن، وإن حركه فتن عليه، ولو كان فيه جلد ميت اتركه حتى لا يتشقق ويزيد.اهـ وكتبه: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد. |
|||
2016-08-20, 12:16 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
هل يجوز في أيام عشر ذي الحجة تقليم الأظافر وحلق الشعر بما في ذلك تخفيف اللحية أو حلقها؟
الجواب أما حلق اللحية فحرام دائما وأبدا، دائما لا في هذه الأيام، دائما وأبدا وتشتد الحرمة وتشتد في هذه الأيام لا شك، لأنكم حين كنتم في المدينة يقول رسول الله: "المدينة حرم من عير إلى ثور، من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"وهذا الحدث إما أن يكون بدعة أو معصية، وكلاهما يستوجب تنَزُّل اللعنات على هؤلاء المحدثين والعياذ بالله، فَنَزِّهوا أنفسكم أيها الإخوة عن الأحداث جميعها، صغيرها وكبيرها، سواء كانت معاصي أو بدع، لأن رسول الله لعن يا إخوتاه قال: "عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"، فحذار حذار أن ترتكب أي معصية في هذا البلد المحرم الذي حرمه الله على لسان رسوله ولعن من يحدث فيه سواء حدث بدعة وهي أشد أو معصية ومن ذلك حلق اللحى، وأما تقليم الأظفار في هذه الأيام وحلق شعر الرأس وغيره، فالرسول عليه الصلاة والسلام يعني نصح من يضحي أنه لا يحلق شعره ولا يقص أظفاره في عشر ذي الحجة، وهذا يستحب، يستحب استحبابا لأن هناك حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله كان يرسل هديه في ذي الحجة ولا يحرم عليه شيء كان حلالا"، يعني يقص أظفاره وكذا وكذا، فأخذنا من هذين النصين أنه يستحب للمسلم متى ينوي الأضحية ألا يقص أظفاره ولا يقص شعره، فإذا فعل شيئا من هذا يعني فلا إثم عليه، لأنه سنة فقط. [شريط بعنوان: إخلاص الدين لله ] https://www.rabee.net/ar/index.php |
|||
2016-08-20, 12:24 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
هذا سائل يقول زوجتي حاضت وهي تريد الحج ماذا تفعل؟ ويقول أنه سأل أحد الأئمة فقال له: لا مانع إذا جاءها النفاس أن تغتسل وتحرم وتهل بالحج أو بالعمرة، قال له: لا بأس به الجواب هذا هو الصحيح كما أفتاك هذا الرجل وحق، فإن عائشة رضي الله عنها حاضت وقد أحرمت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصنعي كل شيء"يعني الحيض لا يؤثر على نسكها ولا على إحرامها، "اصنعي كل شيء إلا الطواف"وأسماء بنت [عميس] ولدت محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم جميعا، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا تصنع؟ فقال: "استثفري واغتسلي وأهلّي وافعلي الذي كنت تريدين"المهم أمرها بالإحرام أن تغتسل وتحرم، فإذا حاضت المرأة المسلمة وهي تريد الحج فما عليها إلا أن تغتسل وتهل بالحج، لكنها إذا وصلت مكة لا تطوف بالبيت، فإن طهرت قبل أن تذهب إلى عرفات طافت بالبيت، وإن لم تطهر تمارس كل الأنساك وكل شعائر الحج إلا الطواف، يعني لها أن تقف في عرفة، وموقفها صحيح، وتبيت بمزدلفة ومبيتها صحيح، وترمي الجمار، وتنحر الهدي، وهكذا تؤدي كل شعائر الحج إلا الطواف، بارك الله فيكم. [شريط بعنوان: إخلاص الدين لله ] https://www.rabee.net/ar/index.php |
|||
2016-08-20, 12:37 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
هل يجوز أخذ الخادمة إلى الحج وليس لها محرم؟
الجواب: لا، "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر فوق ثلاث -وفي رواية: يوم وليلة- إلا مع ذي محرم"، لا يجوز، وهذه من المشاكل الآن، يستقدمون الخادمات بدون محارم، وتحصل من المشاكل ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، ومن ضمن هذه المشاكل [النظر واللمس] سواء الخادمة ومن يستخدمها، ويسافر بها [ويخرج معها] مع الأسف، هذا حتى عند أناس من المتدينين مع الأسف. [شريط بعنوان: هدم قواعد الملبسين] https://www.rabee.net/ar/index.php |
|||
2016-08-20, 12:44 | رقم المشاركة : 15 | |||
|
السؤال:ما حكم الصعود إلى جبل ثور وإلى جبل حراء (النور) لمجرد المشاهدة، ومعرفة الأماكن التي أتاها النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الجواب : إذا كان ذلك أيام زيارات الجهال وأهل الخرافة وأهل البدع فلا يجوز لطالب العلم أن يشاركهم في هذا الشر لأنهم يظنون أنه معهم، اللهم إلا إذا كان يذهب لقصد أن ينصحهم ويبين لهم أن زيارة هذه ليست من دين الله وليس أمراً مشروعاً.
والرسول عليه الصلاة والسلام ولد في هذه البطاح الطاهرة وهي بلده وكان يذهب إلى غار حراء يتعبد قبل البعثة حتى أنزل الله عليه الوحي وهو فيه، فانصرف عنه ولم يرجع إليه أبداً إلى أن هاجر، ولما رجع عليه الصلاة والسلام إلى مكة ودخلها في عمرة القضاء لم يذهب إليها ودخل في عام الفتح ولم يذهب إليها! وجاء بحجة الوداع ولم يذهب إليها! لا هو ولا أصحابه كلهم ما جاؤوا إلى هذه الأماكن. غار ثور نزل فيه مضطراً، ثم غادره ولم يأته أبداً فلماذا هذا التعلق ؟! هناك دعايات! هناك إعلام شرير، من أهل الباطل! تنسج فضائل وأشياء وأشياء لمثل هذه الأماكن، فإن كان طالب علم يذهب لينصح فلا بأس وأما أن يذهب ويكثّر سواد الناس ؛ سواد أهل الجهل والضلال ولا ينصح فهذا يأثم. إذا كان لا بد أن يعرف يدرس أولاً، وإذا كان لابد يعرف ففي خلوة. وهذه مصيبة ورثناها من الغرب ألا وهي العناية بالآثار – ومكيدة – من الغرب للمسلمين الاهتمام بالآثار ونبش الآثار والبحث عنها وعن الحفريات، وأخرجوا لنا جثة فرعون! وأخرجو لنا جثث البابليين . . . الخ . يريدون أن يعيدونا إلى الجاهلية الفرعونية والجاهلية البابلية وغيرها، هذا هدف اليهود والنصارى، ثم تمتد إلى مثل غار حراء وغار ثور وكذا، ويجيئون ويمكن أن يتمسحوا ويتبركوا ويعتقدون عقائد في هذه الأماكن! فطالب العلم لا يجوز له أن يذهب في مثل هذه المناسبات، وإذا كان لابد أن يذهب ففي خلوة بحيث لا يراه أهل السفه وأهل الجهل والضلال حتى لا يُظَن أن هذه الأماكن مشروع زيارتها. [التحذير من الشر] https://www.rabee.net/ar/index.php |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc