خيركم من تعلم القرآن وعلمه - الصفحة 5 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

خيركم من تعلم القرآن وعلمه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-12-31, 18:06   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل في القرآن ما يدل على أن الإنجيل لم يحرف ؟

السؤال

سؤالي بخصوص الآيتين رقم 47 و 68 من سورة المائدة ، بعض المسيحيين يستخدم هاتين الآيتين ليستدل بهما على أن الإنجيل لم يُحرّف

لأن الله أمر باتباعه، فكيف نجلّي لهم الرؤية ونرفع هذه الشبهة ؟ جزاكم الله خيراً


الجواب

الحمد لله

تحدث القرآن الكريم في العديد من المواضع عن التوراة والإنجيل ، فهما من وحي الله عز وجل لاثنين من أولي العزم من الرسل ، وكانا كتاب نور وهداية للبشرية في زمانهما

والقرآن الكريم نفسه جاء مصدقا لهما ، ومؤمنا بهما ، ومهيمنا عليهما

كما قال سبحانه : ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ .

مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ) آل عمران/3-4. وقال عز وجل : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) المائدة/48

ويبقى التساؤل عن موقف القرآن الكريم من النسخ التي بين يدي اليهود والنصارى في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، إن كانت هي النسخ الحقيقية المشتملة على كلام الله عز وجل ، أم إنها تغيرت وتبدلت .

وللجواب على هذا السؤال يمكننا تقسيم حديث القرآن الكريم عن هذين الكتابين المقدسين – من حيث مصداقية ما فيهما – إلى الأنواع الآتية :

النوع الأول :

آيات تثبت وقوع التحريف مطلقا لهذه الكتب ، ولا تقيد التحريف بشيء من أنواعه وصوره ، كما لا تذكر مقداره ونسبته ، وإنما تثبت الوقوع في هذا العمل المذموم .

ومن ذلك : قول الله سبحانه وتعالى : ( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) البقرة/75.

وقول الله عز وجل : ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) المائدة/13.

النوع الثاني :

آيات صريحة في وقوع أحبار اليهود بكتمان بعض ما عندهم من الكتب المنزلة ، وإخفائها ، ومحاولة دفنها وطمس حقائقها .

ومن ذلك : قوله عز وجل : ( قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ) الأنعام/91.

وقول الله تعالى : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) البقرة/146.

قال الإمام ابن حزم رحمه الله :

" كيف يستحل مسلم إنكار تحريف التوراة والإنجيل وهو يسمع كلام الله عز وجل ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ

فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) الفتح/29.

وليس شيء من هذا فيما بأيدي اليهود والنصارى ، مما يدعون أنه التوراة والإنجيل "

انتهى من " الفصل في الملل " (1/160)

النوع الثالث :

آيات صريحة في الإخبار عن دخول قدر من الزيادة في كل هذه الكتب ، وأنه اختلط بها بعض ما ليس منها .

ومن ذلك : قول الله عز وجل : ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران/78.

وقوله سبحانه : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) البقرة/79.

قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ ، وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الكِتَابَ ، فَقَالُوا : هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ) رواه البخاري في " صحيحه " (2685)

النوع الرابع :

آيات تقرر بقاء بعض الحق في هذه الكتب التي بأيديهم في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، وجعل مثل هذا القدر من الحق الباقي في أيديهم

حجة عليهم، ودليلا على بطلان ما هم عليه. ومثل هذه الآيات هي المقصودة للسائل ، وهي التي اشتبه أمرها على من قال ما قال ، أو ظنها حجة على صحة كتبهم بجملتها ، حتى في زماننا

وهذا كله لا دلالة عليه في هذه الآيات وأمثالها .

ومن ذلك قول الله عز وجل : ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) المائدة/43، فأخبر عنها بأن فيها حكم الله .

وفي قوله سبحانه : ( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ) المائدة/47 : أمر لأهل الإنجيل بالعمل بما فيه ، والحكم بما أنزل الله فيه .

ومثله أيضا قول الله جل وعلا : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) المائدة/68.

وحكى القرآن أن نسخ الكتب التي كانت في أيدي أحبار اليهود والنصارى اشتملت على ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم

وذلك في قول الله جل وعلا : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ) الأعراف/157.

وهكذا أيضا جاء في القرآن وفي السنة الصحيحة تصديق بعض ما ورد في تلك الكتب ، قال سبحانه : ( قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) آل عمران/93.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ . فَقَالُوا : نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ : كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ . فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا ، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ

فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ : ارْفَعْ يَدَكَ ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ . فَقَالُوا : صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ

فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ . فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى المَرْأَةِ يَقِيهَا الحِجَارَةَ ) رواه البخاري (3635) ومسلم (1699)

وقد وكل الله تعالى حفظ التوراة والإنجيل إلى علمائهم ورهبانهم

بدليل قوله : ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء ) المائدة/44

ولم يتكفل سبحانه وتعالى بحفظه كما تكفل بحفظ القرآن ، وفي ذلك بعض الحكم

يمكن مراجعة الفتوى القادمه في السؤال القادم








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-12-31, 18:07   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ومن مجموع ما سبق : نخلص بالآتي :

1. تشتمل نسخ التوراة والإنجيل على شيء من الحق ، الذي وصفته الآيات الكريمة بأنه ( حكم الله )، ودعا القرآن الكريم اليهود والنصارى إلى إقامة هذا الحق واتباعه ، وجعله حجة عليهم في باطلهم.

2. في هذين الكتابين كلام من كلام البشر ، نُسب إلى الله كذبا وزورا .

3. وقع في هذين الكتابين نقص ظاهر عن الكتب المنزلة على الأنبياء عليهم السلام ، وذلك بسبب كتمان بعض الأحبار والرهبان شيئا مما استحفظهم الله عليه .

04 تضمن تحريف الكتب السابقة أمرين : التحريف اللفظي ، بزيادة أو نقصان عما كان فيه ، والتحريف المعنوي ، بصرف الحق الباقي في هذه الكتب بلفظه ، إلى معاني باطلة ، تناقض ما أراده الله لعباده ، ومنهم .

وبناء على ذلك كله :

فإذا احتج محتج بأن في القرآن آيات تدل على صحة ما في التوراة والإنجيل

فإننا لا نحتاج إلى الرد على كذبه وزعمه إلى أن نقول : إن كل كلمة في هذين الكتابين

: هي باطلة في نفسها ، لم ينزل الله بها سلطانا ؛ بل كل ما نحتاج إليه أن ندله على باقي الآيات التي تكتمل بها الصورة

فمتى تمسكت وصدقت بالآيات التي تقرر وجود الحق فيها ، فاضمم إليها الآيات الأخرى التي تذكر تحريفهم لكتبهم ، وكتمانهم لما فيها من الحق ، وزيادتهم أشياء فيها ، كتبوها بأيديهم ، ثم نسبوها إلى الله كذبا ، وزورا .

فأما المؤمن : فهو مؤمن بكل ما قال الله في كتابه .

وأما المبطل : فمتى كذب بشيء منه ، لم يحق له أن يحتج بغيره ، ولهذا أنبهم الله على مثل ذلك

فقال : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة/85

وإلا فليأتونا بآية واحدة : تمدح وتزكي ( كل ) ما بقي في أيدي الناس من هذه الكتب ، وتنفي عنه التحريف والكتمان .
ولن نطالبهم بعد ذلك بدليل على أن هذه الكتب لم يدخل فيها تغيير

عما كان عليه الحال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن من ادعى أن القرآن زكاها ، قد يقول له قائل : إنما زكى ما كان منها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم

فأين الدليل على أنها باقية على ما كان عليه الحال في ذلك العهد ، وهذا ما لا يمكنهم أن يقيموا دليلا عليه ، بل كثير من الدارسات النقدية للكتاب المقدس عندهم في الغرب ، تثبت عكس ذلك تماما .

يقول ابن حزم رحمه الله :

" إن كفار بني إسرائيل بدلوا التوراة والزبور فزادوا ونقصوا ، وأبقى الله تعالى بعضها حجة عليهم كما شاء ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) ( لا معقب لحكمه )، وبدل كفار النصارى الإنجيل كذلك فزادوا ونقصوا

وأبقى الله تعالى بعضها حجة عليهم كما شاء ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) ... وقد قلنا آنفا إن الله تعالى أطلعهم على تبديل ما شاء رفعه من ذينك الكتابين

كما أطلق أيديهم على قتل من أراد كرامته بذلك من الأنبياء الذين قتلوهم بأنواع المثل

وكف أيديهم عما شاء إبقاءه من ذينك الكتابين حجة عليهم ، كما كف أيديهم الله تعالى عمن أراد أيضا كرامته بالنصر من أنبيائه الذين حال بين الناس وبين أذاهم "

انتهى باختصار من " الفصل في الملل والأهواء والنحل " (1/ 157)

ويقول رحمه الله أيضا :

" وأما قوله تعالى ( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ) المائدة/47 فحق على ظاهره ؛ لأن الله تعالى أنزل فيه الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ،

واتباع دينه ، ولا يكونون أبدا حاكمين بما أنزل الله تعالى فيه إلا باتباعهم دين محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنما أمرهم الله تعالى بالحكم بما أنزل في الإنجيل الذي ينتمون إليه

فهم أهله ، ولم يأمرهم قط تعالى بما يسمى إنجيلا وليس بإنجيل ، ولا أنزله الله تعالى كما هو قط ، والآية موافقة لقولنا ، وليس فيها أن الإنجيل لم يبدل ، لا بنص ولا بدليل

إنما فيه إلزام النصارى الذين يتسمون بأهل الإنجيل أن يحكموا بما أنزل الله فيه ، وهم على خلاف ذلك "

ينظر " الفصل " (1/ 159)

وقد عقد شيخ الإسلام ابن تيمية فصلا كاملا مطولا ، جعله المحققون بعنوان :

" فصل الرد عليهم في زعمهم أن الإسلام عظم إنجيلهم الذي بين أيديهم "، أطال فيه النفس جدا بالجواب عن هذه الشبهة

وبيان تواتر ما في القرآن والسنة من إثبات كفر اليهود والنصارى ومناقضتهم دين الأنبياء ، واشتمال كتبهم على كثير من الكفر والباطل .

فكان مما قاله رحمه الله :

" تصديق القرآن للتوراة والإنجيل مذكور في مواضع من القرآن ، وقد قال : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) [المائدة: 48] . فبين أنه أنزل هذا القرآن مهيمنا على ما بين يديه من الكتب

والمهيمن الشاهد المؤتمن الحاكم ، يشهد بما فيها من الحق ، وينفي ما حرف فيها ، ويحكم بإقرار ما أقره الله من أحكامها ، وينسخ ما نسخه الله منها ، وهو مؤتمن في ذلك عليها .

وأما قوله في سورة المائدة : ( وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ) [المائدة: 46 - 47] فهذا ثناء منه على المسيح والإنجيل ، وأمر للنصارى بالحكم بما أنزل فيه ; كما أثنى على موسى والتوراة بأعظم مما عظم به المسيح والإنجيل .

..فإذا كان ما ذكره من مدح موسى والتوراة ، لم يوجب ذلك مدح اليهود الذين كذبوا المسيح ومحمدا صلى الله عليه وسلم ، وليس فيه ثناء على دين اليهود المبدل المنسوخ باتفاق المسلمين والنصارى

فكذلك أيضا ما ذكره من مدح المسيح والإنجيل : ليس فيه مدح النصارى الذين كذبوا محمدا ، وبدلوا أحكام التوراة والإنجيل ، واتبعوا المبدل المنسوخ .

ويقال : إن قولكم بتصديق [ القرآن للإنجيل ]:

إن أردتم أنه صدق التوراة والإنجيل والزبور التي أنزلها الله على أنبيائه ، فهذا لا ريب فيه .

وإن أرادوا بتصديقه كتبهم : أنه صدق ما هم عليه من العقائد والشرائع التي ابتدعوها بغير إذن من الله ، وخالفوا بها ما تقدمه من شرائع المسلمين

أو خالفوا بها الشرع الذي بعث به ، مثل القول بالتثليث والأقانيم ، والقول بالحلول والاتحاد بين اللاهوت والناسوت ، وقولهم : إن المسيح هو الله ، وابن الله

وما هم عليه من إنكار ما يجب الإيمان به من الإيمان بالله واليوم الآخر ، ومن تحليل ما حرمه الله ورسله كالخنزير وغيره : فقد كذبوا على محمد صلى الله عليه وسلم كذبا ظاهرا معلوما بالاضطرار من دينه .

وإنما صدق ما جاءت به الأنبياء قبله ، وأما ما أحدثوه وابتدعوه فلم يصدقه ; كما أنه لم يشرع لهم أن يستمروا على ما هم عليه من الشرع الأول

بل دعاهم وجميع الإنس والجن إلى الإيمان به ، وبما جاء به ، واتباع ما بعث به من الكتاب والحكمة

وحكم بكفر كل من لم يتبع كتابه المنزل عليه ، وأوجب مع خلودهم في عذاب الآخرة جهادهم في الدنيا ، حتى يكون الدين كله لله ، وحتى تكون كلمة الله هي العليا .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-31, 18:07   رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



وقد دعا أهل الكتاب من اليهود والنصارى عموما ، ثم كلا من الطائفتين خصوصا في غير موضع ، مع دعائه الناس كلهم أهل الكتاب وغيرهم

كقوله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ

عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) [الأعراف157-158]

وقال تعالى يخاطب النصارى : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ

وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا . لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ

فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا . فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) [النساء: 171 - 173]

وقال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) [المائدة: 17]

. وقال تعالى : ( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) [المائدة: 14]

وقال تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ) [المائدة: 77]

وقال تعالى : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) [التوبة: 29]

وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم لقتالهم بنفسه عام تبوك ، واستنفر لقتالهم جميع المؤمنين ، ولم يأذن لأحد من القادرين على الغزو في التخلف .

وإن أرادوا بذلك أنه صدق ألفاظ الكتب التي بأيدينا أي التوراة والإنجيل ، فهذا مما يسلمه لهم بعض المسلمين ، وينازعهم فيه أكثر المسلمين ، وإن كان أكثر ذلك مما يسلمه أكثر المسلمين .

فأما تحريف معاني الكتب بالتفسير والتأويل وتبديل أحكامها :

فجميع المسلمين واليهود والنصارى يشهدون عليهم بتحريفها وتبديلها ; كما يشهدون هم والمسلمون على اليهود بتحريف كثير من معاني التوراة وتبديل أحكامها ، وإن كانوا هم واليهود يقولون إن التوراة لم تحرف ألفاظها .

وحينئذ فليس شهادة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته للمسيح عليه السلام ولما أنزل عليه من الإنجيل في تثبيت ما عند النصارى ، بأعظم من شهادة المسيح عليه السلام

والحواريين وسائر من اتبعه لموسى ولما أنزل عليه من التوراة ، في تثبيت ما عند اليهود...

فكيف تكون شهادة محمد وأمته للإنجيل بأنه منزل من عند الله ، وللمسيح بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : مانعة من كفر النصارى ، مع تبديلهم شرع الإنجيل

وتكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وشرع القرآن "

انتهى باختصار من " الجواب الصحيح " (2/268-386)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-31, 18:10   رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحكمة من وقوع التحريف في الإنجيل

السؤال

لم سمح الله سبحانه وتعالى بتحريف الإنجيل ، مع أنه سبحانه قادر على حفظه ؟

وما هي التعاليم التي اتبعها المسلمون قبل مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟


الجواب

الحمد لله :

أولا :

قد وكَّل الله تعالى حفظ التوراة والإنجيل إلى علمائهم ورهبانهم

بدليل قوله : ( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء ) المائدة/44 .

ولم يتكفل سبحانه وتعالى بحفظه كما تكفل بحفظ القرآن ، وفي ذلك بعض الحِكَم :

1. أراد سبحانه وتعالى أن يبقى القرآن الكريم هو الكتاب الخالد ،

والشريعة الباقية إلى يوم القيامة ، قال تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) المائدة/48

فلم تكن ثمة حاجة لحفظ الكتب السابقة وتخليدها ، وخاصة أن عهد القرآن قريب من عهد الإنجيل ، فليس بينهما سوى ستمائة عام .

2. وليكون ذلك فتنة واختباراً للذين أوتوا الكتاب هل يقومون بدورهم في حفظ الكتاب ؟

وهل يؤمنون بما جاء فيه ؟

وهل يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، أم يصروا على عنادهم ، فيقوموا بالتحريف والكتمان والتزوير ؟!

3. وفي ذلك بلاء أيضا لكل أتباع الديانة النصرانية إلى يوم القيامة ، وهم يرون كتابهم الذي يؤمنون به لم يسلم من يد التحريف أو التشكيك أو الضياع

ويرون كتاب خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم محفوظا متواتراً لا يشك أحد في صحته ، فيكون ذلك داعيا لهم إلى الإيمان بالكتاب المبين - القرآن الكريم - .

ثانيا :

كان الناس في الجاهلية قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم على الشرك والوثنية ، ولم يكن لأغلبهم دين متبع ، ولا شريعة محترمة ، اللهم إلا بعض من اتبعوا شريعة المسيح عليه السلام

مثل ورقة بن نوفل ، وبعض من كان حنيفا على دين إبراهيم ، يجتنب الشرك والأوثان والخمر والفواحش ويسجد لله الواحد رب العالمين ، مثل زيد بن عمرو بن نفيل الذي صح في البخاري ( 3614 )

أنه قال : ( إِنِّي لَا آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ وَلَا آكُلُ إِلَّا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) وكان يقول أيضا : ( يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ ! وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي . وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ

يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ : لَا تَقْتُلْهَا ، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا ، فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا : إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا ) رواه البخاري ( 3616 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-31, 19:06   رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا سميت المجموعة من الآيات القرآنية باسم " السورة " ؟

السؤال

ما هو السبب في تسمية مجموعة آيات القرآن سورة ؟

ومن أين أتت كلمة سورة ؟


الجواب

الحمد لله

تنوعت عبارات العلماء في معنى كلمة " سُورة " ، ومم اشتُقت ؟

فقال القرطبي رحمه الله في "تفسيره" (1/ 65-66) :

" مَعْنَى السُّورَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : الْإِبَانَةُ لَهَا مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى ، وَانْفِصَالِهَا عَنْهَا، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأنه يرتفع فيها من مَنْزِلَةٍ إلى مَنْزِلَةٍ . قَالَ النَّابِغَةُ :

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً ** تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ

أي : منزلة شرف ، ارتفعت إليها عن منزل الملوك .

وقيل : سميت لِشَرَفِهَا وَارْتِفَاعِهَا ، كَمَا يُقَالُ لِمَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ سُورٌ.

وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَارِئَهَا يشرف على ما لم يكن عنده ، كسور البناء بغير همزة .

وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ، لِأَنَّهَا قُطِعَتْ مِنَ الْقُرْآنِ على حد ، من قول العرب للبقية : سؤر، وجاء : أَسَآرِ النَّاسِ ، أَيْ : بَقَايَاهُمْ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَصْلُ : سُؤْرَةً ، بِالْهَمْزَةِ ، ثُمَّ خُفِّفَتْ ، فَأُبْدِلَتْ وَاوًا لانضمام مَا قَبْلَهَا.

وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَمَامِهَا وَكَمَالِهَا ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لِلنَّاقَةِ التَّامَّةِ : سُورَةٌ .

وَجَمْعُ سُورَةٍ سُوَرٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ عَلَى سُورَاتٍ وَسُوَرَاتٍ " انتهى .

وذكره نحوه ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (1/ 16) .

وانظر :

" النكت في القرآن الكريم "(ص 354) - لأبي الحسن القيرواني .

" أحكام القرآن "(3/ 331) - لابن العربي .

" لسان العرب " (4/ 386) - لابن منظور .

" تهذيب اللغة "(13/ 36)- للأزهري .

" الصحاح " (2/ 690)- للجوهري .

فمؤدى المعنى المجموع من كلام العلماء المتقدم : أن السورة من القرآن هي مجموعة من الآيات الكريمة ، منفصلة عن غيرها من آيات القرآن ، محفوظة مصونة من الزيادة أو النقصان أو التبديل أو التحريف

وقارئ سور القرآن ينزل بتلاوته منازل الشرف والكرامة ، وينتقل بتلاوته سور القرآن من منزلة إلى منزلة

ويقال له يوم القيامة : ( اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) رواه أبو داود (1464) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

والواقع أن أمر الاختلاف في الاشتقاق قريب ، وهي مسألة علمية يعرفها أهل اللغة

لكن بعد أن يستقر في علم المكلف من ذلك كله : أن تسمية مجموعة محددة من آيات القرآن : سورة ؛ تسمية شرعية توقيفية ، ثبتت في القرآن نفسه .

قال العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ، رحمه الله
:
" وَتَسْمِيَةُ الْقِطْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ عِدَّةِ آيَاتِ الْقُرْآنِ سُورَةٌ مِنْ مُصْطَلَحَاتِ الْقُرْآنِ ، وَشَاعَتْ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ حَتَّى الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ ، فَالتَّحَدِّي لِلْعَرَبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ ) [هود: 13]

وَقَوْلِهِ : ( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) [الْبَقَرَة: 23] ، لَا يَكُونُ إِلَّا تَحَدِّيًا بِاسْمٍ مَعْلُوم المسمّى والمدار عِنْدَهُمْ وَقْتَ التَّحَدِّي ، فَإِنَّ آيَاتِ التَّحَدِّي نَزَلَتْ بَعْدَ السُّوَرِ الْأُوَلِ .

وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَةُ سُورَةِ النُّورِ بِاسْمِ : سُورَةٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النُّور:1] أَيْ هَذِهِ سُورَةٌ . وَقَدْ زَادَتْهُ السُّنَّةُ بَيَانًا.

وَلَمْ تَكُنْ أَجْزَاءُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ مُسَمَّاةً سُوَرًا عِنْدَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَلَا فِي الْإِسْلَامِ..".

وذكر الخلاف في اشتقاق السورة ، بنحو ما تقدم ، ثم قال :

" وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ حِينَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ أَنَّهُمْ تَرَدَّدُوا وَلَا اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ سُوَرِهِ ، وَأَنَّهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةً

رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَزَلَتِ الْآيَةُ يَقُولُ : ضَعُوهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا .

وَكَانَتِ السُّوَرُ مَعْلُومَةَ الْمَقَادِيرِ مُنْذُ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَحْفُوظَةً عَنْهُ فِي قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ ، وَفِي عَرْضِ الْقُرْآنِ ..."

انتهى من "التحرير والتنوير" (1/84-86) .

راجع للفائدة جواب السؤال القادم

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-31, 19:09   رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل أسماء سور القرآن الكريم توقيفية؟

السؤال

متى وضعت أسماء سور القرآن في زمن نزول الوحي ، هل النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو من قام بتسمية تلك السور في حياته

أم الصحابة من بعده عند جمعهم للقرآن في المصحف خلال فترة حكم عمر وعثمان رضي الله عنهم ؟


الجواب

الحمد لله

ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سَمَّى بعض سور القرآن ، كالفاتحة ، والبقرة ، وآل عمران ، والكهف .

واختلف العلماء ، هل أسماء سور القرآن الكريم كلها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أم أن بعضها ثبت اجتهاداً عن الصحابة رضي الله عنهم؟

فذهب أكثر العلماء إلى أن أسماء سور القرآن كلها توقيفية عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله :

"لِسوَر القرآن أسماءٌ سمّاها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم" انتهى .

"جامع البيان" (1/100) .

وقال الزركشي رحمه الله :

"ينبغي البحث عن تعداد الأسامي : هل هو توقيفي ، أو بما يظهر من المناسبات ؟

فإن كان الثاني فلن يعدم الفَطِنُ أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسمائها، وهو بعيد" انتهى .

"البرهان في علوم القرآن" (1/270) .

وقال السيوطي رحمه الله :

"وقد ثبتت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار ، ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك" انتهى .

"الإتقان" (1/148) .

وقال الشيخ سليمان البجيرمي رحمه الله :

"أسماء السور بتوقيف من النبيّ صلى الله عليه وسلم

لأن أسماء السور وترتيبها وترتيب الآيات كل من هذه الثلاثة بتوقيف من النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أخبره جبريل عليه السلام بأنها هكذا في اللوح المحفوظ" انتهى باختصار .

"تحفة الحبيب على شرح الخطيب" (2/163) .

وقال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

"وأما أسماء السور فقد جُعلت لها من عهد نزول الوحي ، والمقصود من تسميتها تيسير المراجعة والمذاكرة" انتهى .

"التحرير والتنوير" (1/88) .

وهذا ما اختاره بعض المعاصرين الذين كتبوا في علوم القرآن ، مثل الدكتور فهد الرومي في "دراسات في علوم القرآن" (ص/118) ، والدكتور إبراهيم الهويمل في بحث "المختصر في أسماء السور" في "مجلة جامعة الإمام" (ع30، ص135) .

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأن بعض أسماء سور القرآن الكريم كان بتسمية النبي صلى الله عليه وسلم لها ، وبعضها كان باجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم .

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/16) :

"لا نعلم نصا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على تسمية السور جميعها

ولكن ورد في بعض الأحاديث الصحيحة تسمية بعضها من النبي صلى الله عليه وسلم ، كالبقرة ، وآل عمران ، أما بقية السور فالأظهر أن تسميتها وقعت من الصحابة رضي الله عنهم" انتهى .

وهو الذي رجحته الدكتور منيرة الدوسري في رسالتها : "أسماء سور القرآن الكريم وفضائلها".

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-04, 17:56   رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



الجواب على استشكال قول زيد بن ثابت فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف


السؤال

هناك من يشككون في القرآن الكريم بدعوى أن جمع أبي بكر الصديق رضي الله عنه لم يكن كاملا ، ويستدلون بـ : " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ : فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ

حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا ، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ : ( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ

" فكيف فاتتهم هذه الآية من قبل جمع أبي بكر , أثق بأن هذا القرآن الذي بين يدينا كامل ، فهم خير حفظةٍ للقرآن , ولكني لست على علم بملابسات هذا الموقف . أرجو الإفادة ، جزاك الله خيرا .

الجواب

الحمد لله


الرواية المذكورة في السؤال رواها الإمام البخاري رحمه الله في " صحيحه "، كتاب " فضائل القرآن "، باب " جمع القرآن "، حديث رقم: (4988)، قال:

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ : فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا

فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ : ( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ )

وقد استشكل بعض الناس – سواء من المسلمين أم من الطاعنين على القرآن –

أن آية من كتاب الله لا يعرفها سوى صحابي واحد ، والفرض أن القرآن الكريم منقول إلينا بالتواتر ، كما أن فقد الآية يبعث على الشك فيما سواها .

والجواب على ذلك أمر سهل ميسور بحمد الله تعالى ، وذلك من وجوه عدة :

أولا :

لو تأملنا في كلام زيد بن ثابت رضي الله عنه لتبين لنا مراده ومقصده ، فهو رضي الله عنه حين يقول : " فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ

قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا " يدل على أنه رضي الله عنه يعرف الآية ويحفظها

وإلا فكيف يفتقد شيئا لا يعرفه أصلا ، أو كيف يفتقد شيئا غفل عنه ونسيه ولم يخطر على باله ، وأكد على معرفته بالآية حين قال : ( قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا )

ثانيا :

معلوم أن زيد بن ثابت رضي الله عنه من كبار الحفاظ المتقنين الذين جمعوا القرآن حفظا في صدورهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومثله أبي بن كعب

ومعاذ بن جبل ، وعبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبو الدرداء ، وأبو زيد الأنصاري ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد وردت فيهم الأحاديث والروايات الصحيحة التي تدل على أنهم من كبار الحفاظ

وغيرهم أيضا من عشرات القراء الذين ورد أنهم قتلوا في حرب المرتدين ، مما يدل على توافر حفاظ آخرين كثيرين ، ينظر : " المقدمات الأساسية في علوم القرآن " (ص/91-93).

فمن غير المعقول ، ومن المتعذر عادة أن آية من كتاب الله فاتت جميع القراء والحفاظ الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عنهم ، ولا يعرفها سوى صحابي آخر لم يشتهر أنه من حفظة كتاب الله تعالى .

ثالثا :

إذن فما الذي يريده زيد بن ثابت رضي الله عنه في قوله

: " فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ "؟

يريد أنه وجدها مكتوبة عند خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

فقد كان شرط زيد بن ثابت في جمعه للقرآن أنه لا يثبت آية في المصحف حتى يتثبت أنها مكتوبة مدونة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة الشهود الثقات ، ولا يعتمد على الحفظ فقط .

فبين زيد بن ثابت رضي الله عنه هنا أنه لم يقف على آية الأحزاب مكتوبة سوى عند صحابي واحد وهو خزيمة بن ثابت رضي الله عنه .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قوله : ( لم أجدها مع أحد غيره ) أي : مكتوبة ، لِما تقدم من أنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة ، ولا يلزم من عدم وجدانه إياها حينئذ أن لا تكون تواترت عند من لم يتلقها من النبي صلى الله عليه وسلم

وإنما كان زيد يطلب التثبت عمن تلقاها بغير واسطة ، ولعلهم لما وجدها زيد عند أبي خزيمة تذكروها كما تذكرها زيد ، وفائدة التتبع المبالغة في الاستظهار والوقوف عند ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم "

انتهى من " فتح الباري " (9/15)

وقال ابن حزم رحمه الله :

" أما افتقاد زيد بن ثابت الآية فليس ذلك على ما ظنه أهل الجهل ، وإنما معناه أنه لم يجدها مكتوبة إلا عند ذلك الرجل... بيان ما قلناه منصوص في هذا الحديث نفسه

وذلك أن زيدا حكى أنه سمع هذه الآية من النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كانت عند زيد أيضا "

انتهى باختصار من " الإحكام في أصول الأحكام " (6/265)

ويقول بدر الدين العيني رحمه الله
:
" كيف ألحقها بالمصحف وشرط القرآن التواتر ؟

أجيب : بأنها كانت مسموعة عندهم من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسورتها وموضعها معلومة لهم ، ففقدوا كتابتها .

قيل : لمَّا كان القرآن متواترا ، فما هذا التتبع والنظر في العسب ؟

وأجيب : للاستظهار ، وقد كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليعلم هل فيها قراءة لغير قراءته من وجوهها أم لا .

قيل : شرط القرآن كونه متواترا ، فكيف أثبت فيه ما لم يجده مع أحد غيره ؟

وأجيب : بأن معناه لم يجده مكتوبا عند غيره ، وأيضا لا يلزم من عدم وجدانه أن لا يكون متواترا ، وأن لا يجد غيره ، أو الحفاظ نسوها ثم تذكروها "

انتهى من " عمدة القاري " (20/19)









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-04, 17:57   رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



رابعا :

مما يدل على شرط زيد بن ثابت في جمعه للقرآن أنه لا يثبت آية في المصحف حتى يتثبت أنها مكتوبة مدونة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة الشهود الثقات

قوله رضي الله عنه : " فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ "

وعن عروة بن الزبير رحمه الله قال

: " لَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ يَوْمَئِذٍ فَرَقَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْقُرْآنِ أَنْ يَضِيعَ ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : اقْعُدُوا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَمَنْ جَاءَكُمَا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَاكْتُبَاهُ "

رواه ابن أبي داود في " المصاحف " (51) قال : حدثنا عبد الله ، حدثنا أبو الطاهر ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه .

عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ :

( أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَجْمَعَ الْقُرْآنَ فَقَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ : مَنْ كَانَ تَلَقَّى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ فَلْيَأْتِنَا بِهِ ، وَكَانُوا كَتَبُوا ذَلِكَ فِي الصُّحُفِ وَالْأَلْوَاحِ وَالْعُسُبِ

وَكَانَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا حَتَّى يَشْهَدَ شَهِيدَانِ )

رواه ابن أبي داود في " المصاحف " (62)

يقول علم الدين السخاوي رحمه الله :

" معنى هذا الحديث : من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله الذي كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلا فقد كان زيد جامعاً للقرآن "

انتهى من " جمال القراء وكمال الإقراء " (ص/161)

ويقول أبو شامة المقدسي رحمه الله :

" إنما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولم يكتبوا من حفظهم ؛ لأن قراءتهم كانت مختلفة ، لِما أبيح لهم من قراءة القرآن على سبعة أحرف "

انتهى من " المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز " (1/57)

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وهذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا ، مع كون زيد كان يحفظه ، وكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط .

وعند ابن أبي داود أيضا من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه .

ورجاله ثقات مع انقطاعه .

وكأن المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب .

أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن
.
وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، لا من مجرد الحفظ .

قوله : ( وصدور الرجال ) أي : حيث لا أجد ذلك مكتوبا ، أو الواو بمعنى مع ، أي : أكتبه من المكتوب الموافق للمحفوظ في الصدر "

انتهى من " فتح الباري " (9/14)

يقول الدكتور محمد حسن جبل :

" تصرح العبارة بشرط بالغ الأهمية ، وبالغ الاحتياط لكتاب الله ، حيث صارت عند التطبيق أحد الشروط المهمة ، أن يشهد شاهدان على ما يأتي به من عنده قرآن محفوظ في صدره ، أو في عريضة مكتوبة .

ومن الطبيعي أن تكون الشهادة على أن هذا الذي أتى به فلان هو من القرآن ، ولكن كيف يتأتى ذلك للشاهدين ؟
الإجابة : بأن يكون الشاهدان أنفسهما يحفظان من القرآن في صدريهما هذا الذي جاء به فلان مكتوبا ،

أو محفوظا وله نسخة من المكتوب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبلغ من هذا أن يكون الشاهدان قد حضرا تنزيل هذا المجيء به ، وتسجيله بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ويتلخص من هذا أن عناصر التوثيق كانت ثلاثة معا :

أ‌- أن يكون النص مكتوبا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

ب‌-أن يكون النص محفوظا متلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أو عمن تلقي عنه مباشرة .

ت‌-أن يشهد شاهدان على الأمرين السابقين "

انتهى من " وثاقة نقل النص القرآني " (ص/179)

ويقول الزرقاني رحمه الله :

" وانتهج زيد في القرآن طريقة دقيقة محكمة ، وضعها له أبو بكر وعمر فيها ضمان لحياطة كتاب الله بما يليق به من تثبت بالغ وحذر دقيق وتحريات شاملة فلم يكتف بما حفظ في قلبه ولا بما كتب بيده ولا بما سمع بأذنه.

بل جعل يتتبع ويستقصي آخذا على نفسه أن يعتمد في جمعه على مصدرين اثنين :

أحدهما : ما كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والثاني : ما كان محفوظا في صدور الرجال ، وبلغ من مبالغته في الحيطة والحذر أنه لم يقبل شيئا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم "

انتهى من " مناهل العرفان في علوم القرآن " (1/252)





.









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-04, 17:58   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


خامسا :

ثم على فرض ثبوت أن آية الأحزاب لم يكن أحد يحفظها سوى خزيمة بن ثابت

فقبول الصحابة لروايته لها ، وإجماعهم على قرآنيتها ، وإدخالها في المصحف المتفق عليه : دليل شرعي كاف على أنها من القرآن الكريم بدون شك ولا تردد ، فقد كان غرض أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان

رضي الله عنهما من جمع القرآن إثبات اليقين من كتاب الله ، ودرء الاختلاف والنزاع في آياته ، فقبولهم هذه الآية من خزيمة بن ثابت دليل على اطمئنانهم لقرآنيتها ، وذلك كاف في اطمئناننا نحن أيضا إلى ذلك .

سادسا :

ننبه أخيرا إلى أن فقد آية الأحزاب ثم الوقوف عليها عند خزيمة بن ثابت إنما حصل في جمع القرآن ونسخه زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وليس في عهد عثمان رضي الله عنه ، يدل على ذلك ثلاثة أدلة :

1- نص الإمام الدارقطني رحمه الله على أن الإسناد الذي رويت به هذه القصة من رواية ابن شهاب الزهري قال : أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت ، أنه سمع زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول فقدت آية من الأحزاب....الخ.

وهذا الإسناد من الأسانيد التي رويت بها قصة جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

وأما رواية الزهري لقصة نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه فقد رواها الزهري عن أنس بن مالك مباشرة ، وليس عن زيد بن ثابت .

سئل الإمام الدارقطني عن حديث زيد بن ثابت ، عن أبي بكر الصديق في جمع القرآن ، فقال : هو حديث في جمع القرآن .

رواه الزهري ، عن عبيد بن السباق ، عن زيد بن ثابت .

حدث به عن الزهري كذلك جماعة – وذكر جماعة منهم - اتفقوا على قول واحد .

ورواه عمارة بن غزية عن الزهري ، فجعل مكان ابن السباق خارجةَ بنَ زيد بن ثابت ، وجعل الحديث كله عنه .
وإنما روى الزهري

عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، من هذا الحديث ألفاظا يسيرة ، وهي قوله : ( فقدت من سورة الأحزاب آية قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت ) .

ضبطه عن الزهري كذلك إبراهيم بن سعد ، وشعيب بن أبي حمزة ، وعبيد الله بن أبي زياد...فأما رواية الزهري ، عن أنس من هذا فهو أن حذيفة قدم على عثمان فقال أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا

كذلك قاله الحفاظ عن الزهري ، وكذلك قاله ابن وهب والليث عن يونس "

انتهى باختصار من " العلل الواردة في الأحاديث النبوية " (1/186-189)

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" الصحيح عن الزهري :

أن قصة زيد بن ثابت مع أبي بكر وعمر : عن عبيد بن السباق ، عن زيد بن ثابت .\

وقصة حذيفة مع عثمان : عن أنس بن مالك .

وقصة فقد زيد بن ثابت الآية من سورة الأحزاب في رواية عبيد بن السباق : عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه "

انتهى باختصار من " فتح الباري " (9/11)

2- وذِكرُ الإمام البخاري رحمه الله كلام زيد بن ثابت عن فقد آية الأحزاب عقب قصة نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه ليس لأنه يرى أن فقد الآية وقع في عهد عثمان

وإنما لأن الراوي عن الزهري - وهو إبراهيم بن سعد - هو الذي روى كلتا الروايتين ، فأوردهما على وجه التعاقب في الذكر فقط ، وليس على وجه تقرير كونهما في سياق واحد ، وذلك في باب " جمع القرآن "، حديث رقم: (4988)

يدل على ذلك أن البخاري رحمه الله روى حديث فقد آية الأحزاب عن رواة آخرين عن الزهري في موضعين آخرين في الصحيح ، وليس فيهما أي حديث عن قصة نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه ، وذلك في باب "

غزوة أحد "، حديث رقم : (4049)، وفي باب : ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر )، حديث رقم: (4784).

3- أن جميع العلماء الذين شرحوا هذا الحديث واستدلوا به إنما تكلموا عليه من جهة توضيح منهج زيد بن ثابت رضي الله عنه في جمع القرآن زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه

وكيف أنه كان يشترط كون الآية مكتوبة بشهادة الشهود إلى جانب الحفظ والضبط ، وهذا إجماع منهم على أن سياق الحديث إنما كان في عهد الصديق رضي الله عنه .

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" وأما ما رواه الزُّهريُّ عن خارجة عن أبيه في شأن آية الأحزاب ، وإلحاقهم إياها في سورتها

فذكره لهذا بعد جمع عثمان فيه نظر ، وإنما هذا كان حال جمع الصديق الصحف ، كما جاء مصرحًا به في غير هذه الرواية عن الزهري , عن عبيد بن السباق , عن زيد بن ثابت .

والدليل على ذلك أنه قال : فألحقناها في سورتها من المصحف , وليست هذه الآية ملحقة في الحاشية في المصاحف العثمانية "

انتهى من " فضائل القرآن " لابن كثير (ص86)

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-04, 18:00   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل " طه ويس " من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال

أريد أن اعرف هل ( طه ويس ) من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وجزاكم الله خير

الجواب

الحمد لله


"طه" و "يس" ليسا من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هما من الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض سور القرآن الكريم ، إشارةً إلى إعجاز القرآن الكريم

وأنه من نفس الحروف التي يتكلم بها العرب ، ومع هذا فقد عجزوا عن الإتيان بمثله ، مما يدل على أنه منزل من عند الله تعالى .

قال محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان" (4/3)

" في تفسير سورة (طه) : "

أظهر الأقوال فيه عندي أنه من الحروف المقطعة في أوائل السور

ويدل لذلك أن "الطاء" و "الهاء" المذكورتين في فاتحة هذه السورة ، جاءتا في مواضع أخر لا نزاع فيها في أنهما من الحروف المقطعة ، أما "الطاء" ففي فاتحة "الشعراء" "طسم" وفاتحة "النمل" طس "

. وفاتحة "القصص" وأما "الهاء" ففي فاتحة "مريم" في قوله تعالى : "كهيعص" " انتهى .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره (1/501)

"طه : من جملة الحروف المقطعة ، المفتتح بها كثير من السور ، وليست اسماً للنبي صلى الله عليه وسلم" انتهى .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:

" وليس طه وياسين من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في أصح قولي العلماء، بل هما من الحروف المقطعة في أوائل السور مثل ص وق ون ونحوها "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/54)

والله أعلم









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-01-04 في 18:01.
رد مع اقتباس
قديم 2019-01-04, 18:06   رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

أهمية تعلم الوقف والابتداء في تلاوة القرآن الكريم

السؤال

عندما أستمع إلى بعض القرّاء أجد أن طريقة وقوفهم على بعض الآيات مختلفة ، فقد يقف قارئ ما في مكان محدد من الآية

في حين أن القارئ الآخر لا يقف في هذا المكان ، فأريد أن أعرف ما هي الطريقة الصحيحة في الوقف بين الآيات ؟


الجواب

الحمد لله


الوقف والابتداء في تلاوة القرآن الكريم من أدق العلوم التي تنبئ عن فهم القارئ لكتاب الله تعالى ، وتكشف من أسرار معاني الآيات الكريمة ما لا يحصى عددا ولا ينقضي عجبا .

ويتفاوت القراء ما بين حريص على العناية بهذا العلم الدقيق ، ومَن يغلب عليه الحرص على التغني بالقرآن الكريم من غير عناية بالالتفات إلى أسرار الوقف والابتداء .

وقد نعى الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما على الصنف الثاني من القراء فقال :

( لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا وَأَحَدُنَا يُؤْتَى الإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ ، وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَتَعَلَّمُ حَلاَلَهَا ، وَحَرَامَهَا ، وَآمِرَهَا ، وَزَاجِرَهَا ، وَمَا يَنْبَغِى أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ مِنْهَا كَمَا تَعَلَّمُونَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ الْقُرْآنَ .

ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ رِجَالاً يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ الإِيمَانِ ، فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ مَا يَدْرِى مَا آمِرُهُ ، وَلاَ زَاجِرُهُ ، وَلاَ مَا يَنْبَغِى أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ مِنْهُ ، فَيَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ ) رواه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4/84)

والحاكم في "المستدرك" (1/91) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/120) جميعهم من طريق عبيد الله بن عمرو , عن زيد بن أبي أنيسة , عن القاسم بن عوف , قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول ... فذكره .

قال الحاكم رحمه الله :

" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولا أعرف له علة ، ولم يخرجاه " انتهى .

وقال الذهبي رحمه الله :

" على شرطهما ، ولا علة له " انتهى من " التلخيص " .

وصححه ابن منده في " الإيمان " (106) ، والهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/170)

ونضرب مثلا هنا على ضرورة مراعاة الوقف الحسن وتجنب الوقف القبيح الذي يقلب المعنى ويحرف الآية عن سياقها ، وذلك كالوقف على كلمة ( قالوا )

في قوله تعالى : ( لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ) آل عمران/181 ، فتأمل بشاعة البداية بـ ( إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ) .

وكذلك تأمل تغير المعنى إذا وقف القارئ على قوله تعالى : ( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ ) ، فالوقف هكذا يوهم أن الذين لم يستجيبوا لربهم لهم الحسنى أيضا

وهذا قلب تام للمعنى ، لذلك فالوقف الحسن أن يقرأ ( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى ) ويقف

ثم يبتدئ قوله عز وجل : ( وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) الرعد/18 .

وهكذا يوضح هذان المثالان أهمية تعلم الوقف والابتداء ، وأن هذا الفن يحتاج إلى فهم سليم لكتاب الله الحكيم ، ونظر دقيق في معاني الآيات الكريمة ، وقد لا يتيسر ذلك لعوام المسلمين

لذلك قام العلماء المشرفون على طباعة المصاحف الشريفة بوضع علامات الوقف الحسن الذي يفضل الوقوف عنده ، والوقف اللازم الذي يجب الالتزام به

والوقف الممنوع الذي يبين مواضع الآيات التي لا يجوز الوقوف عندها

وبهذا يتمكن جميع المسلمين الالتزام بها أثناء تلاوتهم في المصحف الشريف ، ويسهل عليهم معرفتها بدلا من التفتيش في بطون أمهات كتب علم " الوقف والابتداء "
.
يقول الشيخ عبد الفتاح المرصفي رحمه الله :

" ينبغي لكل مَعْنيٍّ بتلاوة القرآن الكريم ، مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها أن يُقبل عليها ويصرف همته إليها ، إذ لا يتحقق فهم كلام الله تعالى ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك

فربما يقف القارىء قبل تمام المعنى ، ولا يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده

وعندئذ لا يفهم هو ما يقول ، ولا يفهمه السامع ، بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير المعنى المراد ، وهذا فساد عظيم ، وخطر جسيم ، لا تصح به القراءة ، ولا توصف به التلاوة .

وقد أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارىء معرفة الوقف والابتداء لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين

فقد ثبت أن الإمام عليّاً رضي الله عنه لما سئل عن قوله تعالى : ( وَرَتِّلِ القرآن ) المزمل/4 ، فقال : الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف "

انتهى من "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" (1/365) .

ويقول الشيخ عبد الله الجديع :

" أذهب في حق عموم المسلمين اليوم إلى أن يأخذوا بما بين لهم في المصاحف من علامات الوقف ، وينبغي عليهم أن يلاحظوا ما ذكر من التعريف بتلك العلامات في أواخر المصاحف ، ويستعمولها على الصورة التي بينت لهم

فإن ذلك معين على تدبر القرآن وفهمه ، خاصة ما كان منه من الوقف اللازم

فعليهم التزام الوقف عنده ، وما كان من الممنوع فلا يوقف عنده إلا ما كان منه عند رؤوس الآي ، ويترك الوقف في موضع ليس فيه علامة وقف أصلا ، لا أستثني من هذا إلا من أوتي حظا من فهم القرآن

وعدة واقية من الخطإ في ضبط المعنى من أهل العلم والذكر ، فهؤلاء قد يستحسنون مواضع للوقف باجتهادهم في تدبر القرآن "

انتهى من "المقدمات الأساسية في علوم القرآن" (ص/452) .

ونصيحتنا هنا أن يحرص المتعلم على استماع تلاوة كبار القراء ، الذين يعتنون بالتلاوة والتجويد ، والذين سجلت تلاوتهم للقرآن الكريم بإشراف لجان من العلماء وكبار القراء

كالختمات الصوتية الصادرة عن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، ونحوها .

كما نوصي بالقراءة في الكتب المتخصصة في هذا الجانب ، والتي من أهمها " المكتفى في الوقف والابتدا " لأبي عمرو الداني ، و " معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتدا " محمود خليل الحصري .

وانظر : " هداية القاري إلى تجويد كلام الباري " عبد الفتاح المرصفي (1/365-415) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-04, 19:53   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
بـــيِسَة
مشرفة الخيمة
 
الصورة الرمزية بـــيِسَة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سلام

والله احسنت القول بارك الله فيك
تستحق كل التقدير اخي
جزاك الله خيرا على مجهوداتك التي تجعل من بعضنا
شخصية

تحياتي و كل احتراماتي










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-09, 15:36   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
winernet123
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

جميييييييييييل










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 14:37   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة _الجريئة_ مشاهدة المشاركة
سلام

والله احسنت القول بارك الله فيك
تستحق كل التقدير اخي
جزاك الله خيرا على مجهوداتك التي تجعل من بعضنا
شخصية

تحياتي و كل احتراماتي
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اختي الفاضلة

اسعدني حضورك المميز مثلك
اسعدك الله بكل ما تتمني

و في انتظار المزيد من مرورك العطر

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-14, 14:38   رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة winernet123 مشاهدة المشاركة
جميييييييييييل

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعه القرآن وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc