بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عام مبارك.. وأعمال مقبولة .. وذنوب مغفورة..والبلاد مصونة
إن شاء الله..
بين أيديكم أحبتي مباركة أرسلتها لكم عبر أثير إذاعة القرآن الكريم..
حديث عبر إذاعة القرآن الكريم في الجزائر في 17/11/2010
بسم الله الرحمن الرحيم
أحيي هذه الإذاعة المباركة، إذاعة القرآن الكريم من الجزائر الحبيبة، والعاملين فيها، والإداريين، تحية الإسلام، تحية إلى أبناء وطني، وكل عام وأنتم بخير، وتحية إلى أعضاء ومنتديات الجلفة والقائمين عليها والمشتركين الكرام، وكل عام والخوة جميعاً بخير.
في هذا اليوم المبارك من عيد الأضحى والعام الجديد، ولكل جزائري أحب هذا الوطن العظيم وعمل على ازدهاره وبنائه والدفاع عنه أو ورث هذا الحب عن آبائه وأجداده الذين افتدوه بدمائهم، الذين كما وصفهم الله سبحانه وتعالى في سورة الغاشية (وجوه يومئذ ناعمة) أي عليها علامات النعيم يوم القيامة (لسيعيها راضية) اي سعيدة بما فعلته في الحياة الدنيا من عبادة الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوأ أحد، صدق الله العظيم، وجاهدت في سبيل الله، وإنقاذ بلادها من ظلم المحتلين وبراثن الغزاة المستكبرين. ولا أرى في كلمة الاستعمار ومستعميرن أي صحة، لأن هذه الكلمة فيها شيء من الإعمار، ولكن ما حدث في الحقيقة من الغزو هو ظلم، واستعباد، وإذلال، وألم، وحزن، وخراب.
فتحية في هذه الأيام المباركة وفي العام الجديد، تحية في هذه الأيام أيام النصر وذكراه في كل عام واجب وطني، فتحية في هذه الأيام المباركة غلى أرواح الشهداء الذين دفعوا حياتهم فداءً لهذا الوطن العربي الإسلامي الكبير، لكل علماء بلادنا وشعرائهم، وأخصّ بالتحية المجاهد مفدي زكريا شاعر الثورة والمقاومة، وجمعية علماء المسلمين، ورابطة المؤرخين التي أنتمي إليها، ويشرفني حمل بطاقة عضويتها، وثواب الفاتحة لكل أرواح شهدائنا منذ عام 1832، وقبلها وبعدها، والله أعلم بهم، إلى عام 1962. ومن الظلم والخطأ حصرها من عام 1954 إلى عام 1962. وكم كان شاعر المقاومة، رحمه الله، مفدي زكريا، واعياً وعادلاً حينما نظم قصيدته:
أيا عبد القادر كنت الحكيما0000 وكان النضال طويلاً عسيرا
ناديت بالجهاد فلباك شعبٌ0000 وناجيت رباً فكان النصيرا
عبّدت للشعب درب الفدا0000 وما يئست مذ خطفوك أسيرا
نظمت جيشاً وسست بلادا0000 فكنت الأمـــير الخبير الخطيرا
ثمانٍ وعشراً يخوض المنايا0000 وتجزي السرايا وتبني المصيرا
هذه القصيدة فاقت كل ما أنتجه فيكتور هوجو، الشاعر الفرنسي، في حياته ورائعته البؤساء، فاقته قصائد مفدي زكريا، فكراً وأدباً ونقداً، وتاريخاً، وسياسياً، والمعروف أن الأمم الراقية، العريقة تكرّم رموز أبطال بلاها، ففرنسا جعلت من فيكتور هوجو عملاقاً عبقرياً عظيماً، وضعت جثمانه تحت قوس النصر في باريس، وظلّ مسجّى يوماً كاملاً بحراسة عشرات الشعراء في زمانه، وكتب عنه عشرات الكتّاب المراثي، وخرج في جنازته مليون فرنسي، وأُطلق اسمه على أكثر من ألف شارع وحيّ. فهل نال شعراؤنا المجاهدون كالمناضل مفدي زكريا هذا التمجيد؟
ولماذا يحق لهم مالا يحق لنا الفخر بأبطال أمتنا ونحن أعرق منهم حضارة، وأقدم؟ أين كان أجدادهم الرومان حينما بنى سيدنا نوح سفينة؟
هل كان لهم وجود على هذه الأرض؟ تلك السفينة وما احتاجته من ثقنيات عالية، أين كان أجدادهم الرومان في عصور أجدادنا الكنعانيين والفنيقيين والأنباط الذين شيّدوا الروائع من الأبنية في الصخر الملوّن نراها إلى الآن في البتراء؟
أين كان الرومان في عهد تملا بن مازيغ بن كنعان بن نوح عليه السلام، وأبناء سيدنا إبراهيم وأولاده من أنبياء الله ورسله؟ أين كانوا حينما كان هؤلاء العرب يرتدون الخزّ أردية وكانوا هم يمشون في الطرقات عارين كما وصفهم كتّابهم ولكن بعد الثورة الصناعية في بلادهم بدأت حضارتهم، ولكنها حضارة مادية لا علاقة لها بالقيم الحضارية، وإن كانت قيم اجتماعية فهي لبلادهم فقط.
وما أقوله موثّق تاريخياً وأثرياً بالدليل والبرهان العلمي، وكتّابهم كتشارلز ديكنز وشارلوت برونتي في كتابها جين آير على سبيل المثال ومئات غيرهم أعطونا صور حقيقية عن مجتمعاتهم في ذلك الزمن.
لذلك نحن أحق بتمجيد عظماء بلادنا وعلمائها وشعرائها ورموز كفاحها، لنا الحق بتصحيح ما أرادوا ترسيخه في في عقول أطفال بلادنا من أن رمز كفاحهم الأمير عبد القادر استسلم لهم في النهاية وذهب إلى فرنسا. ألا يحق لنا تصحيح هذه الفريّة الكاذبة في الكتب المدرسة والقول كما ذكر المناضل الشاعر مفدي زكريا أنهم خطفوه غدراً وأخذوه إلى فرنسا. هل يجوز القبول بكل مايقدمونه لنا ولأطفال بلادنا لأن العلم في الصغر كالنقش على الحجر كما يُقال، والدليل حتى الآن لا نجد إلا القلة من أبناء وطننا لا يعتقد بأن الأمير، هذا الرجل الرمز، استسلم لأن هذا ما تعلمه في المدارس وما قدّم فيه الفحوص والمذاكرات وما رسخ في الأذهان، لم يجدوا من يقول لهم، أو لم يخطر لهم أن هذا الرجل الذي يقال (افتراءً وتعدياً على الحقيقة وكذباً) أنه استسلم أو اضطر إلى الاستسلام مع أنه رجل مسلم مؤمن شجاع أقام دولة إسلامية دستورها القرآن، والمسلم لا يستسلم، ممكن أن يؤسر في معركة أو ينسحب أو يستأمن لأنه لا يوجد في قوانين الحرب بالإسلام بنداً أو عملاً يُسمى ((الاستسلام))، وهنا أتكلم عن قوانين الحرب في الإسلام إذ الذي يوجد انسحاب، هدنة، صلح، استئمان زمني، معاهدات أو عهد، يعني اتفاقيات، وما قام به هذا الرجل المجاهد هو الانسحاب من قيادة المقاومة وإدارة الدولة لأنه حوصر من أبناء وطنه وكان المقصود شخصياً، انسحب وترك القيادة للمقاومة لخلفائه في البلاد لإتمام المسيرة مؤقتاً والعودة أكثر قوة.
ولا يمكنني الآن وقد قرب موعد رحيلي، والله أعلم، عن هذه الدنيا، لا يمكنني السكوت ما دمت حية وما يزال القلم بيدي ولا بد لي من طرح هذا السؤال الملّح: لماذا؟ لماذا التمسّك بهذه الجملة (اضطر إلى الاستسلام) في سياق الحديث أو الكتابة عن هذا الرجل الذي أقام دولة إسلامية حقق فيها العدل وحافظ على كرامة أبناء وطنه، وشهد له أعداءه قبل أنصاره بعبقريته الإدارية والسياسية وأيضاً العسكرية، وحبه لبلاده وإخلاصه لها، وحمل دمه على كفه يتقدم الصفوف من الجاهدين على ظهر جواده سبعة عشر عاماً يقود المقاومة والجيش الجزائري، وحقق انتصارات باهرة وقام بملاحم بطولية دفاعاً عن بلاده التي احتلها الغرباء الغزاة، وجعل سمعة جيوشهم في الحضيض باعتراف مؤرخيهم، ولإنقاذ سمعتهم عاد بيجو إلى الجزائر بعد إقالته فاستعان بالجوار لحصار الأمير وإغلاق الحدود المغربية في وجهه التي كانت بالنسبة للمقاومة الرئة التي تتنفس منها، وهي الحدود المغربية، لأن تونس وليبيا كانتا أبعد مسافة وقدرة على المساعدة الاقتصادية التي كانت قوات الأمير بحاجة ماسة إليها وبصورة خاصة الغذائية من أغنام وأنواع الماشية وغيرها.
بالتأكيد كان الحصار شديداً قاسياً، وهذه هي خطط بيجو الجديدة، وهي إقناع سلطان المغرب بخطر الأمير عبد القادر على عرشه، وربما لو كان في هذا المركز وقيادة المقاومة غير شخصية عبد القادر بن محيي الدين لاختلف الأمر ولما خشي السلطان على عرشه لأن عبد القادر من سلالة الأدارسة الذين حكموا المغرب عدة قرون إلى أن تغلّب عليهم المروانيون وسلبوهم الملك، ثم جاء المرابطون، وهكذا كان النظام السائد في تلك القرون في المغرب.
هذه الخلفية التاريخية لعبد القادر أفزعت السلطان وجعلته يخشى عبد القادر أكثر من خشيته من فرنسا لذلك فضّل التعاون معها والانحياز إليها وبصورة خاصة بعد خسارة قواته في معركة أسيلي، والأمير السياسي المحنّك لم تغب عن ذهنه هذه الأمور لذلك بعد أن فتحت المغرب جبهة عسكرية جعلت فيها الأخ يقاتل أخيه وبعد أن هاجمته قوات السلطان بخمسين ألف مقاتل مسلم تأكد من أنه هو المقصود والخوف منه هو شخصياً، لذلك قرر الهجرة وعدم متابعة القتال في هذه الجبهة الجديدة ونهر ملوية الذي دارت آخر معركة على ضفافه وانتصر فيها الأمير على قوات السلطان الخمسين ألف، لم يكن في الأراضي المغربية بل على الحدود، ولم يكن هذا النهر حداً دولياً وإنما الحدود كانت متداخلة والقبائل كذلك، بعض منها جزائري وآخر مغربي ومن نفس القبيلة جزائري ومغربي كبني سناسن مثلاً حيث في الأزمان السابقة كانت هذه البلاد وحدة جغرافية ولكن الاحتلالات الأجنبية قسمتها، والأدارسة حكموا المغرب والجزائر قرون عديدة، وإدريس الأكبر هو من شيّد مدينة فاس ومساجدها ومدن عديدة في المغرب والجزائر.
والإمام إدريس شيّد مدينة الأندلسيين ومسجد القرويين الذي ما زال حتى الآن قائماً بتمويل من السيدة الفهرية، وقام بنهضة عمرانية حضارية وثقافية من بناء مساجد وسدود وجرّ المياه للمدن.
فالذي بايع الأمير عبد القادر الشعب الجزائري بجميع قبائله حاكماً وقائداً لمقاومتهم لا يستسلم لعدوه ولا يجعل عدوه صديقاً له وبلاده ما زالت محتلة، ولا يمتدحه، كما جاء في المذكرات التي نسبوها إليه ظلماً وعدواناً وافتراءاً. الواقع لم يكتفوا بما كتبوه في الكتب المدرسية وإنما عمدوا إلى اختلاق مذكرات نسبوها إليه، فبركوها لمدح حضارتهم وحكومتهم على لسانه وكتابة كل ما يريدون قوله، ولكن على لسانه؟ فهل هناك مكائد وخطط شيطانية عدوانية أكبر من ذلك؟ فاستغلّ الجنرال بيجو هذا التاريخ وهذه الخلفية لعبد القادر بن محيي الدين وجعل السلطان في قلق وخوف ورعب من عبد القادر والدليل الذ قدمه أيضاً الجنرال للسلطان هو محبة الشعب المغربي لعبد القادر والمظاهرات الحاشدة التي قامت بها الجماهير تنادي باسمه عام 1844 على أثر اتفاقية طنجه.
وفي الختام كل عام وأنتم بخير يا أبناء وطني وبلادي الحبيبة.
حفيدة الأمير عبد القادر
الأميرة بديعة الحسني الجزائري
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2010-12-26, 14:10
خقضى
الأميرة بديعة الحسني
الأميرة بديعة الحسني
جزاك الله خيرا
العرض العادي
