فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 5 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-12, 15:53   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

تفسير قوله تعالى : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )

السؤال

سؤالي حول الآية " وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ" : هل معنى كلمة الزوجين يشمل ما كان من نفس النوع كالتفاح مثلاً ؟

وهل أتت الكلمة " الزوجين " في نفس السياق في جميع الآيات التي تتحدث عن خلق كل شيء أزواجاً ، فهل يمكنكم ذكر بعض الأمثلة على استخدامات الكلمة مع ذكر الدليل ؟


الجواب

الحمد لله

قال الله عز وجل : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) الذاريات/ 49 .

ومعنى الآية : أن الله تعالى خلق من جميع الكائنات زوجين ، أي : صنفين متقابلين .

كالذكر والأنثى ، والليل والنهار ، والحر والبرد ..إلخ . وذلك يدل على كمال قدرة الله تعالى الذي يخلق ما يشاء ، فيخلق الشيء ويخلق ما يخالفه في الصفات .

قال الطبري رحمه الله :

" واختلف في معنى (خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) فقال بعضهم : عنى به : ومن كلّ شيء خلقنا نوعين مختلفين كالشقاء والسعادة ، والهدى والضلالة ، ونحو ذلك .

قال مجاهد : الكفر والإيمان ، والشقاوة والسعادة ، والهدى والضلالة ، والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والإنس والجنّ .

وقال آخرون : عنى بالزوجين : الذكر والأنثى .

وأولى القولين في ذلك قول مجاهد ، وهو أن الله تبارك وتعالى ، خلق لكلِّ ما خَلَقَ من خلقه ثانياً له مخالفاً في معناه ، فكلّ واحد منهما زوج للآخر ، ولذلك قيل : خلقنا زوجين

. وإنما نبه جلّ ثناؤه بذلك على قُدرته على خلق ما يشاء خلقه من شيء ، وأنه ليس كالأشياء التي شأنها فعل نوع واحد دون خلافه ، إذ كلّ ما صفته فعل نوع واحد دون ما عداه كالنار التي شأنها التسخين ،

ولا تصلح للتبريد ، وكالثلج الذي شأنه التبريد ، ولا يصلح للتسخين ، فلا يجوز أن يوصف بالكمال ، وإنما كمال المدح للقادر على فعل كلّ ما شاء فعله من الأشياء المختلفة والمتفقة "

انتهى من " تفسير الطبري " (22/439-440) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) أَيْ : جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ أَزْوَاجٌ : سَمَاءٌ وَأَرْضٌ ، وَلَيْلٌ وَنَهَارٌ ، وَشَمْسٌ وَقَمَرٌ ، وَبَرٌّ وَبَحْرٌ ، وَضِيَاءٌ وَظَلَامٌ ، وَإِيمَانٌ وَكُفْرٌ ، وَمَوْتٌ وَحَيَاةٌ ، وَشَقَاءٌ وَسَعَادَةٌ ، وَجَنَّةٌ وَنَارٌ ، حَتَّى الْحَيَوَانَاتُ

جِنٌّ وَإِنْسٌ ، ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ ، وَالنَّبَاتَاتُ ، وَلِهَذَا قَالَ : ( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) أَيْ : لِتَعْلَمُوا أَنَّ الْخَالِقَ واحدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (7/ 424) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" قوله تَعَالَى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) : أَيْ صِنْفَيْنِ وَنَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ

: أَيْ ذَكَرًا وَأُنْثَى ، وَحُلْوًا وَحَامِضًا وَنَحْوَ ذَلِكَ. وقال مُجَاهِدٌ: يَعْنِي الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَالسَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالنُّورَ وَالظَّلَامَ، وَالسَّهْلَ وَالْجَبَلَ

وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَالْبُكْرَةَ وَالْعَشِيَّ، وَكَالْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ الألوان مِنَ الطُّعُومِ وَالْأَرَايِيحِ وَالْأَصْوَاتِ. أَيْ جَعَلْنَا هَذَا كَهَذَا دَلَالَةً عَلَى قُدْرَتِنَا، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى هَذَا فَلْيَقْدِرْ عَلَى الْإِعَادَةِ"

انتهى من " تفسير القرطبي " (17/53) .

وقال ابن جزي رحمه الله :

" أي نوعين مختلفين ، كالليل والنهار ، والسواد والبياض ، والصحة والمرض وغير ذلك "

انتهى من " تفسير ابن جزي " (2/310) .

وأما قوله تعالى : (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) الرعد/ 3 .

قال ابن كثير : " أَيْ : مِنْ كُلِّ شَكْلٍ صِنْفَانِ "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (4/431) .

وقال القرطبي :

" بِمَعْنَى صِنْفَيْنِ . قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الزَّوْجُ وَاحِدٌ، وَيَكُونُ اثْنَيْنِ.

وَقِيلَ: مَعْنَى" زَوْجَيْنِ" نَوْعَانِ ، كَالْحُلْوِ وَالْحَامِضِ ، وَالرَّطْبِ وَالْيَابِسِ ، وَالْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ ، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ "

انتهى من " تفسير القرطبي " (9/280) .

وقال ابن عطية رحمه الله :

" الزوج في هذه الآية : الصنف والنوع ... ومنه قوله تعالى : ( سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ) يس/ 36

ومثل هذه الآية : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) ق/ 7 .

وهذه الآية تقتضي أن كل ثمرة فموجود منها نوعان، فإن اتفق أن يوجد في ثمرة أكثر من نوعين فغير ضار في معنى الآية ... ويقال: إن في كل ثمرة ذكراً وأنثى "

انتهى من " تفسير ابن عطية " (3/293) .

وقال تعالى : ( وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) ق/ 7 .

قال ابن كثير :

" أَيْ : مِنْ جَمِيعِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالنَّبَاتِ وَالْأَنْوَاعِ "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (7/ 396) .

وقال السعدي رحمه الله
:
" أي : من كل صنف من أصناف النبات ، التي تسر ناظرها ، وتعجب مبصرها ، وتقر عين رامقها ، لأكل بني آدم ، وأكل بهائمهم ومنافعهم "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص/804) .

فالزوج : الصنف ، والزوجان الصنفان المتقابلان ، كالحلو والحامض ، والعذب والملح ، فالتفاح صنف ، والبرتقال صنف ، ولكل صنف طعم ولون .

ويمكن أن يكون الزوجان من الصنف الواحد ، كالبرتقال والتفاح والبلح والعنب ، ففيها الذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، والأنواع المختلفة اللون والطعم .

وأما قوله تعالى : (وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا) النبأ/ 8 ، فهو كقوله عز وجل

: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ) النحل/ 72 ، وقوله : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا ) فاطر/ 11 ، وقوله : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ) الشورى/11 .

فالخطاب هنا لبني آدم ، والمعنى : خلقناكم ذكورا وإناثا من جنس واحد ، ليسكن كل منهما إلى الآخر ، فتكون المودة والرحمة ، وتنشأ عنهما الذرية .

" تفسير ابن كثير " (8/302)

" تفسير السعدي " (ص/906) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين








 


آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-01-12 في 15:54.
قديم 2019-01-15, 15:29   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تفسير قوله تعالى: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات).

السؤال

جائتني رسالة على الواتس أب مجهولة المصدر هذه هي الرسالة : ‏( ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﻦْ ﺗَﺎﺏَ ﻭَﺁﻣَﻦَ ﻭَﻋَﻤِﻞَ ﻋَﻤَﻠًﺎ ﺻَﺎﻟِﺤًﺎ ﻓَﺄُﻭﻟَٰﺌِﻚَ ﻳُﺒَﺪِّﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺳَﻴِّﺌَﺎﺗِﻬِﻢْ ﺣَﺴَﻨَﺎﺕٍ ۗ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻏَﻔُﻮﺭًﺍ ﺭَﺣِﻴﻤًﺎ ‏) ‏[ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ : 70 ‏] ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﺣﺪ

ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺗﻨﻘﻠﺐ ﺣﺴﻨﺔ ﺑﺤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺇﻥ ﺃﺳﻠﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﺇﻥ ﺗﺎﺏ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﺗﻨﻘﻠﺐ ﺣﺴﻨﺎﺕ ﺑﻞ ﻳﻜﻔﺮ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺴﻔﻴﻪ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻟﻮ ﺃﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ

ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺆﺫﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻛﺎﻓﺮﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﺫﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺘﻤﺎﺩى ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺛﻢ ﺃﺳﻠﻤﺎ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﺫﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﺘﻤﺎﺩى ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻟﻪ ﺑﺈﺳﻼﻣﻪ ﺃﺟﺮ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ

ﺑﺈﺳﻼﻡ ﺫﺍﻙ ﺑﺰﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﺗﺒﺪﻝ ﺣﺴﻨﺎﺕ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﺰﻋﻢ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﻓﺎﺳﺪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻋﺘﻘﺪﻩ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﺮﺃ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﺨﻼﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ

ﺑﻘﻮﻝ ؛ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ. هل هذا الكلام صحيح وهل يكفر معتقد هذا الكلام.


الجواب

الحمد لله

أولًا:

الواجب على المسلم : أن يكون وقافا عند حدود الله ، معظما لأمر الله

وخبره ، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ممسكا عن الجرأة على الخوض فيما لا علم له به ، حافظا لسانه ، ضنينا بدينه أن يضيعه في حصائد الألسن ، بالسب تارة ، والتجهيل تارة ، والتكفير والتفسيق تارة ...

وما ذكر السائل عن هذه الرسالة ، وأن من اعتقد كذا : وجب عليه أن يتبرأ منه للخلاص من الكفر ؟

فأي كفر يعنيه هذا القائل هداه الله ، وهل قوله هذا : إلا من غاية الجهل ، والجرأة على رب العالمين ، ودينه : أن يتكلم فيه بغير علم ، ولا هدى ، وكتاب منير ؟!!

ثانيًا:

اختلف أهل العلم في تفسير قوله تعالى: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) [الفرقان: 70]، على أقوال:

1- أن الله يبدل الأعمال التي كانوا عليها حال شركهم، بأعمال صالحة .

فيبدل الشرك إيمانًا، والزنا إحصانًا وعفة، وهكذا سائر الأعمال، تنقلب حال الإيمان إلى أعمال صالحة يثيب الله تعالى عليها .

2- وقال بعض العلماء أن التبديل يقع في الآخرة، فيبدل الله السيئات التي وقعت في الدنيا حسنات يوم القيامة .

ورجح الطبري القول الأول فقال: " قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من تأوله: فأولئك يبدل الله سيئاتهم: أعمالهم في الشرك حسنات في الإسلام

بنقلهم عما يسخطه الله من الأعمال إلى ما يرضى. وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية ، لأن الأعمال السيئة قد كانت مضت على ما كانت عليه من القبح ، وغير جائز تحويل عين قد مضت بصفة إلى خلاف ما كانت عليه

إلا بتغييرها عما كانت عليه من صفتها في حال أخرى

فيجب إن فعل ذلك كذلك أن يصير شرك الكافر الذي كان شركا في الكفر بعينه إيمانا يوم القيامة بالإسلام ومعاصيه كلها بأعيانها طاعة ، وذلك ما لا يقوله ذو حجا "،

تفسير الطبري: (17/ 520).

انظر: تفسير الطبري: (17/ 516)

والمحرر الوجيز، لابن عطية: (4/ 221)

وزاد المسير: (3/ 330).

وقال الإمام ابن كثير: " في معنى قوله: (يبدل الله سيئاتهم حسنات) قولان:

أحدهما: أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات. قال علي بن أبي طلحة

عن ابن عباس في قوله: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) قال: هم المؤمنون، كانوا من قبل إيمانهم على السيئات، فرغب الله بهم عن ذلك فحولهم إلى الحسنات، فأبدلهم مكان السيئات الحسنات.

... وقال سعيد بن جبير: أبدلهم بعبادة الأوثان عبادة الله، وأبدلهم بقتال المسلمين قتالا مع المسلمين للمشركين، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات.

وقال الحسن البصري: أبدلهم الله بالعمل السيئ العمل الصالح، وأبدلهم بالشرك إخلاصا، وأبدلهم بالفجور إحصانا وبالكفر إسلاما.

وهذا قول أبي العالية، وقتادة، وجماعة آخرين.

والقول الثاني: أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات، وما ذاك إلا أنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار. فيوم القيامة

وإن وجده مكتوبا عليه لكنه لا يضره وينقلب حسنة في صحيفته، كما ثبتت السنة بذلك، وصحت به الآثار المروية عن السلف، رحمهم الله تعالى .

... وعن أبي ذر، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار، وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة: يؤتى برجل فيقول: نحوا كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها،

قال: فيقال له: عملت يوم كذا وكذا كذا، وعملت يوم كذا وكذا كذا؟ فيقول: نعم -لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا - فيقال: فإن لك بكل سيئة حسنة. فيقول: يا رب، عملت أشياء لا أراها هاهنا"

قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه "

تفسير ابن كثير: (6/ 127)، بتصرف.

وانظر للترجيح بين القولين، تفسير القاسمي: (7/ 439)

وأصله في طريق الهجرتين: (245).









قديم 2019-01-15, 15:30   رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



قال ابن القيم بعد أن ذكر حجج الطائفتين:

" فالصواب إن شاءَ الله في هذه المسألة أن يقال: لا ريب أن الذنب نفسه لا ينقلب حسنة، والحسنة إنما هي أمر وجودي يقتضى ثواباً، ولهذا كان تارك المنهيات إنما يثاب على كف نفسه وحبسها عن مواقعة المنهى

وذلك الكف والحبس أمر وجودي وهو متعلق الثواب.

وأما من لم يخطر بباله الذنب أصلاً ، ولم يحدث به نفسه، فهذا كيف يثاب على تركه، ولو أُثيب مثل

هذا على ترك هذا الذنب ، لكان مثاباً على ترك ذنوب العالم التي لا تخطر بباله، وذلك أضعاف حسناته بما لا يحصى، فإن التَرك مستصحب معه، والمتروك لا ينحصر ولا ينضبط، فهل يثاب على ذلك كله؟ هذا مما لا يتوهم.

وإذا كانت الحسنة لا بد أن تكون أمراً وجودياً ، فالتائب من الذنوب التي عملها : قد قارن كلَّ ذنب منها ندمٌ عليه، وكف نفسه عنه، وعزم على ترك معاودته. وهذه حسنات بلا ريب .

وقد محت التوبة أثر الذنب ، وخلفه هذا الندم والعزم، وهو حسنة قد بدلت تلك السيئة حسنة.

وهذا معنى قول بعض المفسرين: يجعل مكان السيئة التوبة، والحسنة مع التوبة.

فإذا كانت كل سيئة من سيئاته قد تاب منها ، فتوبته منها حسنة حلت مكانها، فهذا معنى التبديل، لا أن السيئة نفسها تنقلب حسنة.

وقال بعض المفسرين في هذه الآية: يعطيهم بالندم على كل سيئة أساؤوها حسنة، وعلى هذا فقد زال بحمد الله الإشكال، واتضح الصواب، وظهر أن كل واحدة من الطائفتين ما خرجت عن موجب العلم والحجة.

وأما حديث أبى ذر - وإن كان التبديل فيه في حق المصرّ الذى عذب على سيئاته - فهو يدل بطريق الأولى على حصول التبديل للتائب المقلع النادم على سيئاته، فإن الذنوب التي عذب عليها المصر

لما زال أثرها بالعقوبة ، بقيت كأن لم تكن، فأعطاه الله مكان كل سيئة منها حسنة

لأن ما حصل له يوم القيامة من الندم المفرط عليها ، مع العقوبة : اقتضى زوال أثرها وتبديلها حسنات، فإن الندم لم يكن في وقت ينفعه، فلما عوقب عليها ، وزال أثرها : بدلها الله له حسنات.

فزوال أثرها بالتوبة النصوح : أعظم من زوال أثرها بالعقوبة، فإذا بدلت بعد زوالها بالعقوبة حسنات ؛ فلأن تبدل بعد زوالها بالتوبة حسنات أولى وأحرى.

وتأثير التوبة في هذا المحو والتبديل : أقوى من تأْثير العقوبة ؛ لأن التوبة فعل اختياري أَتى به العبد طوعاً ، ومحبة لله ، وفرقاً منه.

وأما العقوبة : فالتكفير بها من جنس التكفير بالمصائب التي تصيبه بغير اختياره

بل بفعل الله، ولا ريب أن تأْثير الأفعال الاختيارية التي يحبها الله ويرضاها ، في محو الذنوب ، أعظم من تأْثير المصائب التي تناله بغير اختياره".

والخلاصة

أن في تفسير التبديل في الآية قولان:

أحدهما: أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات.

والقول الثاني: أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات، وما ذاك إلا أنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار.

وينظر للفائدة ، ما سبق حول هذه المسألة ، في جواب السؤال القادم

فالمسألة خلافية بين أهل العلم، ولكن نقول: لا يصح أن يكفر أحدٌ أحدًا في مثل هذه المسائل، بل المكفر يكون قد شابه الخوارج، وأثم إثمًا عظيمًا، بتجرؤه على القول بلا علم .

والله أعلم









قديم 2019-01-15, 15:34   رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شبهة حول تبديل سيئات الكافر حسنات إذا أسلم

السؤال


هل الكافر إذا كان يؤذي الناس ، ويتمادى في الفساد ، وكافر آخر لا يؤذي الناس ، فهل الكافر الذي يؤذي الناس ويتمادى في الفساد يكن عند إسلامه أعظم أجرا من الكافر الذي لا يؤذي الناس إذا أسلم هو أيضا

لأن الكافر الذي يؤذي الناس له سيئات كثيرة فتصبح عند إسلامه وتوبته كلها حسنات، يعني هل تبدل سيئاته التي عملها أثناء ارتداده إلى حسنات يعني إذا عنده ألف سيئة تصبح ألف حسنة ؟

والدليل ما أخرجه الطبراني من حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبي فروة شطب أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ، ولم يترك حاجة ولا داجة ، فهل له من توبة ؟

فقال : ( أسلمت ؟

) فقال : نعم ، قال : ( فافعل الخيرات ، واترك السيئات ، فيجعلها الله لك خيرات كلها ) ، قال : وغدراتي وفجراتي ؟

قال : ( نعم ) قال : فما زال يكبر حتى توارى .

وفي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،

فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا، فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ

أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا ) فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ .

وحديث آخر ليتمنين أقوما لو أكثروا من السيئات إلى نهاية الحديث ، فهل هذا الكلام صحيح ؟


الجواب

الحمد لله

دلت النصوص على أن الكافر إذا أسلم بدلت سيئاته حسنات

ومن ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً

إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68- 70.

ومن ذلك حديث أبي فروة الذي ذكرت، وهو حديث حسن صحيح

كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في المطالب العالية (2847).

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: " وقد وردت أحاديث صريحة في أن الكافر إذا أسلم ، وحسن إسلامه ، تبدلت سيئاته في الشرك حسنات ، فخرج الطبراني من حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير

عن أبي فروة شطب أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ، ولم يترك حاجة ولا داجة ، فهل له من توبة ؟ فقال : " أسلمت ؟ " فقال : نعم ، قال : " فافعل الخيرات

واترك السيئات ، فيجعلها الله لك خيرات كلها " قال : وغدراتي وفجراتي ؟

قال : " نعم " قال : فما زال يكبر حتى توارى"

انتهى من جامع العلوم والحكم (2/ 300).

وأما حديث: "ليتمنين أقوام..." فقد رواه الحاكم في المستدرك (7718) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -

: " ليتمنين أقوام لو أكثروا من السيئات " ، قالوا : بم يا رسول الله ؟ قال : ( الذين بدل الله سيئاتهم حسنات ) " وصححه الحاكم، والألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 209).

وهذا الحديث وحديث أبي ذر عند مسلم هو في شأن المسلم المذنب، فإنه تبدل سيئاته حسنات أيضا ، بالتوبة

فإن قيل: كيف ينال الكافر المؤذي للمسلمين أجرا أكثر من الكافر الذي كان لا يؤذيهم، أي إذا أسلم هذا وهذا؟

فالجواب من وجوه:

الأول: أن هذا الكافر الفاجر المؤذي لو أسلم كان ذلك عملا عظيما كبيرا؛ لما فيه من تخليه عن دينه، وشهواته وجرائمه، وكلما عظمت جرائمه ، كان تخليه عنها

أعظم من تخلي من قلت جرائمه وموبقاته، فلا عجب أن يكون أجره أعظم وأكبر حين تبدل سيئاته حسنات.

الثاني: أن الشأن كله في توفيق هذا الكافر الفاجر للإسلام، فلا يوفق لذلك كل أحد، والله أعلم

بمن يستحق الهداية والإكرام، ممن لا يستحق ذلك، كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) الأنعام/53

الثالث : أن هذا التبديل في الدنيا ، بمعنى أنَّ الله يُبَدِّلُ من أسلم وتاب إليه بَدَلَ ما كان عليه من الكفر والمعاصي : الإيمانَ والأعمالَ الصالحةَ . وحكى هذا القول إبراهيم الحربي في

" غريب الحديث " عن أكثر المفسرين ، وسمى منهم : ابنَ عباس ، وعطاء ، وقتادة ، والسُّدي ، وعِكرمة . وهو المشهورُ عن الحسن.

ينظر : "جامع العلوم والحكم" لابن رجب" (1/319) .

الرابع : وهو ما ارتضاه ابن رجب الحنبلي رحمه الله ، تقريرا ، في جواب من قال : " يَلْزَمُ من ذلك أنْ يكون مَنْ كَثُرَت سيئاتُه أحسنَ حالاً ممن قلَّتْ سيئاتُهُ " ؟

فيقال : إنَّما التبديلُ في حقِّ مَنْ نَدِمَ على سيئاته ، وجعلها نصبَ عينيه ، فكلما ذكرها ازداد خوفاً ووجلاً وحياء من الله ، ومسارعة إلى الأعمال الصالحة المكفرة

كما قال تعالى : ( إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً ) ، وما ذكرناه كله داخل في العمل الصالح ، ومن كانت هذه حاله فإنَّه يتجرَّعُ من مرارة الندم والأسف على ذنوبه أضعافَ ما ذاق من حلاوتها عندَ فعلها

ويصيرُ كلُّ ذنبٍ من ذنوبه سبباً لأعمال صالحةٍ ماحية له ، فلا يُستنكر بعد هذا تبديل هذه الذنوب حسنات."

انتهى، من "جامع العلوم والحكم" (1/322) .

والله أعلم
.









قديم 2019-01-15, 15:41   رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يعترض على مغفرة الله لسيئات الكافر إن هو أسلم ، ومحاسبة الله للمسلم العاصي!

السؤال

إنني قد ولدت مسلماً - والحمد لله - ، أريد أن أسأل سؤالاً أزعجني كثيراً في الآونة الأخيرة ، كنت أتناقش وزميل لي في العمل حول مغفرة الله للكافر إذا ما أسلم عند موته ، فقال زميلي

: بأن الله يغفر للكافر إذا ما نطق بالشهادة عند موته ، وقد قلت له : كيف يغفر الله له كل هذه الآثام ؟ وأقصد بقولي أنه قد جمع جميع الملذات أيام كفره ، فلا حصر لما مارسه من زنا ، مع نساء ، أو رجال

وقد كان يشرب الخمر ، ويقتل ، ثم إنه بعد ذلك يسلم عند موته ؟ فلماذا يغفر الله له ؟! فهذا ليس عدلاً في منظور أي فرد وخاصة المسلمين ، أليس كذلك ؟

وإنني أعني أنه لو قال كافر : " إنني سوف أشرب الخمر ، وأزني بالنساء دونما زواج ، وإذا ما قرُبت منيتي : أسلمت لله " ، أو إنه حتى لم يفكر في ذلك ، ولكنه أسلم في النهاية

على أية حال ( وكان إسلامه صادقاً ) ، فلماذا يغفر الله له ؟

كما أنني مسلم صادق ، وأعبد الله وحده ، وقد قال زميلي : إن الله سوف يغفر له لأنه لم يكن على معرفة بالإسلام ، ولكنني لم أصدق مثل هذا القول

ولا أرضى به ؛ لأنه لو غفر الله له فماذا عن سيئاتي أنا وهل يغفرها الله ؟

وإذا ما كان الله يغفر للكافر في آخر لحظات حياته : فإن هذا غير عادل تماماً بأن لا يحاسبه على جميع أعماله ، ولماذا أُسأل أنا ( المسلم ) عن سيئاتي بينما يغفر للكافر ؟ .

برجاء الإجابة على هذا السؤال ؛ حيث إنه أقضَّ مضجعي ، ليلاً ، ونهاراً ، ولا أريد أن تجيبني بأنه ليس لنا أن نحكم في هذا ، لأن هذه كانت ضمن الإجابات التي قيلت لي كثيراً

ولكنني أريد إجابة أفضل ، وأكثر إيضاحاً . جزاك الله خيراً .


الجواب

الحمد لله


أولاً :

قبل الإجابة لا بد من التنبيه على أمرٍ جلل ، وهو أنه يحرم الكلام في دين الله تعالى بغير علم وهدى .

قال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/ 33 .

كما أنه يحرم الاعتراض على شرع الله في أحكامه ، بل يجب التسليم ، ولا مانع من السؤال عما خفي حكمه ، أو حكمته ، لكن ليس أن يبدأ بالاعتراض والرد ، فيقول القائل : كيف هذا

وأنا لا أرضى به ؟! حتى لكأنه يتحكم في أمر من ملكه ، أو يحكم على صبي من بني جنسه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

قال تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء/ 65 .

فنحن وإن كنا فرحين بمراسلتك لنا ، واستفسارك عن المسألة ، لكن قد أحزننا ، بل أفزعنا ، ذلك الكلام ، وذلك الحوار بينك وبين صاحبك ، فهلا سألتما ـ قبل الاعتراض ، والرد والتكذيب ـ عما جهلتما ؛ فإنما شفاء العيّ السؤال ؟!

وهل علمتما خطر الرد والتكذيب بأمر ، لم تحيطا به علماً ؟!

قال الله تعالى : ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) يونس/39 .

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله :

" والذي حملهم على التكذيب بالقرآن المشتمل على الحق الذي لا حق فوقه ، أنهم لم يحيطوا به علمًا ؛ فلو أحاطوا به علمًا وفهموه حق فهمه ، لأذعنوا بالتصديق به ..

. وهذا التكذيب الصادر منهم، من جنس تكذيب من قبلهم ، ولهذا قال: كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ وهو الهلاك الذي لم يبق منهم أحدًا .

فليحذر هؤلاء أن يستمروا على تكذيبهم ، فيحل بهم ما أحل بالأمم المكذبين والقرون المهلكين.

وفي هذا دليل على التثبت في الأمور، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يبادر بقبول شيء أو رده، قبل أن يحيط به علمًا " .

ثانياً :

أيها الأخ السائل :

لنا مع كلامك الذي سطرته آنفاً وقفات ، نرجو تأملها ، والتفكر بها :

1. ما كان ينبغي لك الاعتراض على رحمة الله ، وفضله ، وكرمه ، وأنت أحوج ما تكون لذلك ؛ لأنه لا بدَّ أن يقع منك تقصير في حق الله ، ما تحتاج معه لرحمة ربك تعالى

واعلم أن ما تقدمه من أعمال لا يؤهلك لدخول الجنة به ، ولا يدخل أحدٌ الجنَّة – حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم – إلا برحمته عز وجل .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ . قَالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَلا أَنَا ، إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ) . رواه البخاري (6098) ومسلم (2816) .

2. اعلم أن مقارنتك المذكورة ليست أكثر من مغالطة ، أو وسوسة لفظية من وسوسات الشيطان ؛ فالله جل جلاله لا يغفر للكافر حين كفره

: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) النساء/48 . وإنما يغفر الله تعالى للكافر إذا أسلم وآمن ، يعني : أنه حين كفره قد صار مسلماً

تائباً من أعمال الجاهلية والكفر ، قد بدأ صفحة جديدة مع ربه ، وعفا الله له عما سلف ، لأجل إسلامه ؛ فأنت توازن في حقيقة الأمر بين مسلم تاب من ذنب سابق ، ومسلم آخر مقيم على ذنب في الحاضر!!

3. اعلم أن فضل الله تعالى على الناس عظيم ، فهو يغفر الذنب مهما عظم ، ويقبل التوب من التائب ، بل ويفرح بتوبة عبده - مع استغنائه عز وجل عن جميع خلقه -

ليس هذا فحسب ، بل ويبدل سيئاته حسنات ! ولا فرق في هذا بين كافر أسلم ، وبين عاصٍ تاب .

قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً

. إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/ 68 – 70 .

ومما لا شك فيه أن أمر التوبة من المعصية أهون من إسلام الكافر ، فأنت تتقلب في نعم الله تعالى ، والتوفيق للتوبة والاستغفار توجد له أسبابه الكثيرة وأنت في دائرة الإسلام

وأنَّى يكون مثل هذا لكافر يحتاج أولاً أن يتخلى عن دينه ، ثم يدخل في الإسلام ؟!

ولعظم أمر التخلي عن التدين بغير الإسلام ، وعظم التخلي عن المعصية

وعد الله تعالى جميع هؤلاء بمغفرة ذنوبهم ، وإبدالها حسنات إن هم فعلوا الصواب ، فأسلم الكافر ، وتاب العاصي ، وهذا من عظيم فضل الله تعالى ورحمته .

فاعتراضك على أن الله يسألك عن ذنوبك ، ولا يسأل الكافر إذا أسلم : في غير محله ؛ لأنه جاء بما يمحو ذنوبه كلها ، فبماذا جئت أنت ؟ وما هو مطلوب منك أنت أيسر مما هو مطلوب منه ، فمن يقال له

: دع دينك الذي أنت عليه : يُغفر لك ذنبك : أتساويه بمن يقال له من المسلمين : تب من معصيتك : يُغفر لك ذنبك ؟! فمن جاء بما يمحو به ذنبه من إسلام ، أو هجرة ، أو توبة ، أو حد يقام عليه

: غفر له ذنبه ، ومن لم يأت من ذلك بشيء فهو إلى الله إن شاء غفر له ، وإن شاء عذَّبه ، إلا أن يلقى الله تعالى بالكفر ، فمثله لا يغفر الله له .

قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ) النساء/ 48 .

وهذا وجه آخر في الرد على كلامك : وهو أن لقاء المسلم ربه بذنوبه لا يعني الجزم بتعذيبه عليها ، بل قد يغفرها الله له ، بخلاف الكافر فإنه محروم من المغفرة حرماناً أبدياً ، ومخلد في النار أبد الآبدين ، إذا لم يتب من شركه .

4. وهل تظن الأمر بهذه السهولة حتى تعترض عليه ؟! فهل كل من جاء بالكفر ، والمعاصي الكبيرة والصغيرة هل تظن مثل هؤلاء يوفق للإسلام قبل وفاته ، حتى تظن أنه سوف يقول : أنا أزني ، وأقتل ..

ثم أتوب قبل أن أموت ؟

وهل يعلم أحد متى تأتيه منيته ؟ وهل يجزم أحد بتوبته قبل لقاء ربه ؟

هذا أبو طالب مثال ، فقد كان مدافعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومقتنعاً بصدقه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو بنفسه الداعي له للدخول في الإسلام بكلمة واحدة ، فهل قالها ؟

هل وُفِّق لقولها ؟ وهل انتفع والد إبراهيم بدعوة ابنه عليه السلام ؟

وهل انتفعت امرأة نوح وولدها بدعوة نبي الله نوح عليه السلام ؟ ليس الأمر كما ظننته أخي السائل بهذه السهولة ، أن يكفر الكافر ثم يسلم وقتما شاء ، أو يعصي العاصي ثم يتوب وقتما شاء

إن المسألة متعلقة بتوفيق الله ، وهدايته ، وبما تكنه صدورهم من حب الخير لأنفسهم ، والبحث عن الحق ، فاجعل قلبك معلقا بربك أن يوفقك ، ويحسن ختامك ، ويصلح لك شأنك .









قديم 2019-01-15, 15:41   رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



5. وكما أن الله تعالى يقبل توبة العاصي ، وإسلام الكافر ، قبل موتهما – ما لم يغرغرا - : فإنه يُحبط عمل المسلم إذا ختم حياته بردة ، ولو قضى عمره كله في الطاعة ، فعاد الأمر إلى صدق الباطن وكذبه عند الطرفين

ولا علاقة لحياة الأول المليئة بالكفر والمعاصي ، ولا حياة الثاني المليئة بالطاعة ، بل العبرة بالخواتيم ، ولا تغتر بما يظهر لك من نفسك ، ومن الناس ، واحرص على صلاح الباطن

فالأمر بما يعلمه الله بما في بواطن الناس لا بما ظهر لنا منها .

عَنْ سَهْل بنِ سَعْد رَضِيَ الله عَنْه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) .

رواه البخاري ( 2742 ) ومسلم ( 112 ) .

وفي رواية للبخاري ( 6233 ) بزيادة في آخره : ( وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ) .

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :

وقوله ( فيما يبدو للناس ) إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك ، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد ، لا يطلع عليها الناس ، إما من جهة عمل سييء ، ونحو ذلك

فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت ، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير ، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره ، فتوجب له حسن الخاتمة .

" جامع العلوم والحِكََم " ( 1 / 57 ) .

فتأمل أخي السائل حكمة الرب الجليل من هذا التشريع ، فالطائع لا ينبغي له أن يغتر بعمله ، فإنه لا يدري بم يُختم له ، والعاصي لا يقنط من رحمة ربه ؛ فإنه لعله أن يوفق للتوبة .

قال النووي – رحمه الله – في فوائد الحديث الأخير - :

ففيه التحذير من الاغترار بالأعمال ، وأنه ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها ، ولا يركن إليها ؛ مخافة من انقلاب الحال للقدر السابق ، وكذا ينبغى للعاصي أن لا يَقنَط ، ولغيره أن لا يقنِّطه من رحمة الله تعالى .

" شرح مسلم " ( 2 / 126 ، 127 ) .

6. واعلم أخيراً : أن ما ذكرناه من قبول الله تعالى لإسلام الكافر ، وتوبة العاصي : إنما هو في حال أن يكون ذلك منهم قبل حضور الموت ، وقبل الغرغرة .

قال تعالى : ( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) النساء/ 18 .

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ.

رواه الترمذي ( 3537 ) وابن ماجه ( 4253 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

ومن رحمة الله تعالى بعباده أنه يقبل التوبة حتى ممن جُهزت الحجارة لرجمه ، وجهز السيف للقصاص منه ، وأصيب بمرضٍ أيس من شفائه

- كما بيناه في جواب سؤال سابق

- وكل ذلك لا يصدق عليه أنه في حال الغرغرة ، ولا حضره الموت ، وهذا من لطف الله تعالى ، ورحمته ، وعظيم فضله ، وبالغ كرمه ، وقد سبقت رحمته تعالى غضبه ، وادخر تعالى للخلق تسعاً وتسعين رحمة في الآخرة

فهذا الرب تعالى الذي آمنَّا به ، وعلمنا أسماءه وصفاته ، ونرجوه أن يغفر لنا زلاتنا ، ويستر علينا ذنوبنا ، ويتجاوز عنها ، ونرجوه عظيم فضله ، وواسع جنانه يوم نلقاه .

ولتعلم يا عبد الله أن أمر الله في عباده دائر بين العدل والفضل ؛ فالله حكم قسط ، لا يظلم الناس شيئاً

ولكن الناس أنفسهم يظلمون : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) النساء/40 ؛ فتأمل كيف أن الله جل جلاله وعد

وهو جل جلاله لا يخلف الميعاد ، ألا يظلم مثقال ذرة ، وهذا عدله سبحانه ، وأما فضله :

فيضاعف الحسنات : الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، إلى أضعاف كثيرة . فتعرض لنفحات ربك ، وتعرض لرحمته وفضله ، ودع عنك الوساوس ومغاليط الكلام .

والله أعلم









قديم 2019-01-15, 15:44   رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تصح التوبة ممن أصيب بمرض لا يرجى شفاؤه ؟

السؤال


رجل له ذنوب كثيرة ، أصيب بمرض خطير وحاول العلاج فلم يستفيد وقال له الأطباء إنه لا علاج لديهم لحالته ، وهو الآن نادم ويريد التوبة

فهل تصح توبته وهو مصاب بهذا المرض القاتل الذي لا يرجى شفاؤه ؟


الجواب


الحمد لله


نعم تصح التوبة من إنسان أيس من حياته ، إما بمرض لا يرجى شفاؤه كمرض السرطان مثلاً ، وإما بتقديمه للقتل كرجل قدم ليقتص منه ، حتى ولو كان السياف على رأسه

وإما من إنسان محصن زنى واستحق الرجم ، وحتى لو كانت الحجارة قد جمعت لرجمه ، فإنه تصح توبته ، لأن الله تعالى يقبل توبة الإنسان ما لم يغرغر بروحه ، لقوله تعالى : (

إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ) ومعنى قوله : يتوبون من قريب : أي يتوبون قبل الموت ، لقوله تعالى بعد هذه الآية

: ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ) ، ولكن التوبة لابد لها من شروط خمسة : الإخلاص ، والندم على ما فعل ، والإقلاع عنه في الحال

والعزم على أن لا يعود في المستقبل ، وأن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه ، أي بأن تكون قبل الموت أو قبل طلوع الشمس من مغربها .

لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين 53/73









قديم 2019-01-15, 15:47   رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ( النجم إذا هوى ) علامة ليلة القدر؟

السؤال


أود أن أسأل سماحتكم عن معنى قوله تعالى في الآية الكريمة (والنجم إذا هوى) التي اختلفت معانيها على يد علمائنا الأكابر يرحمهم الله. ففي ليلة الأربعاء 26 رمضان 1438

بعد صلاة التراويح، رأيت آية في السماء تجسد الآية الكريمة تماما كما وصفها الله سبحانه في القرآن الحكيم ب"الهوي" وكما فسرها بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة "والنجوم"

. وقال: ذهب إلى لفظ الواحد, وهو في المعنى الجميع. فوالله لقد رأيت بأم عيني نجوما كثيرة تهوي بنفس الوقت وبانتظام جليل، بينما كان البعض منها ثابتا لا يتحرك. فما تفسيركم لما رأيت؟

وهل يمكن أن نعتبرها كعلامة/إشارة -من الله تعالى- على الليلة المتحرى عنها "ليلة القدر المخفية"؟

بغض النظر عن قضية الاهتداء في الأسفار. فهل ما رأيته قد يعد تأويلا للآية الكريمة؟ وإن كان لا فما تفسير سماحتكم؟

أفتوني يرحمكم الله.


الجواب :

الحمد لله


أولًا:

اختلف العلماء في المراد بالنجم هنا على أقوال:

القول الأول: أن المراد به الثريا، والثريا مجموعة من نجوم السماء، واختار هذا القول الطبري وغيره .

والثاني: الرُّجوم من النُّجوم، يعني ما يرمى به الشياطين.

والثالث: أنه القرآن نزل نجوما متفرِّقة.

والرابع: نجوم السماء كُلِّها.

والخامس: أنها الزُّهَرةُ، النجم المعروف.

انظر هذه الأقوال في تفسير الطبري: (22/ 5 - 7)، وزاد المسير: (4/ 183).

فعلى قول من قال: النجم: الثريا، يكون هوى بمعنى غاب .

ومن قال: هو الرُّجوم، يكون هُوِيُّها في رمي الشياطين.

ومن قال: القرآن، يكون معنى هوى : نزل.

ومن قال: نجوم السماء كلِّها :

ففيه قولان: أحدهما: أن هُوِيَّها أن تغيب. والثاني: أن تنتثر يوم القيامة.

قال ابن كثير: " واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: والنجم إذا هوى فقال ابن أبي نجيح،

عن مجاهد: يعني بالنجم: الثريا إذا سقطت مع الفجر. وكذا روي عن ابن عباس، وسفيان الثوري. واختاره ابن جرير. وزعم السدي أنها الزهرة.

وقال الضحاك: والنجم إذا هوى إذا رمي به الشياطين. وهذا القول له اتجاه.

وروى الأعمش، عن مجاهد في قوله: والنجم إذا هوى يعني: القرآن إذا نزل. وهذه الآية

كقوله تعالى: فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون. تنزيل من رب العالمين [الواقعة: 75 -80].

وقوله: ما ضل صاحبكم وما غوى هذا هو المقسم عليه، وهو الشهادة للرسول، صلوات الله وسلامه

عليه، بأنه بار راشد تابع للحق، ليس بضال، وهو: الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم، والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه قصدا إلى غيره .

فنزه الله سبحانه وتعالى رسوله وشرعه عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود، وعن علم الشيء وكتمانه والعمل بخلافه، بل هو صلوات الله وسلامه عليه

وما بعثه الله به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد

ولهذا قال: وما ينطق عن الهوى أي: ما يقول قولا عن هوى وغرض، إن هو إلا وحي يوحى أي: إنما يقول ما أمر به، يبلغه إلى الناس كاملا موفرا من غير زيادة ولا نقصان"

التفسير: (7/ 442 - 443).

قال ابن تيمية:

" أهل العلم بالتفسير متفقون على أن النجم المقسم به: إما نجوم السماء، وإما نجوم القرآن، ونحو ذلك "

منهاج السنة: (7/ 67)، بتصرف .

ثانيًا:

لم نقف على أحد ربط بين هذه الآية، وبين ليلة القدر .

ثالثًا:

أما تفسير ما رأيت، فالله أعلم به، فقد تكون شهبًا، وقد يكون ذلك من الأمور الطبيعية ، وقد يكون أمرا توهمته ، لما وقر في نفسك ، أو اشتبه عليك : من علاقة ذلك بليلة القدر .

وبحسب المؤمن في مثل تلك الليالي : أن يسعى إلى اغتنامها ، وإحيائها بطاعة رب العالمين ، والإخلاص له ، وأن يفتقر إلى الرحمن الرحيم : أن يتقبل منه .

والخلاصة

لا علاقة بقوله تعالى: (والنجم إذا هوى) بليلة القدر .

والله أعلم









قديم 2019-01-15, 15:51   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ضرب المثل بأصحاب الجنة في سورة القلم، وعلاقته بما قبله من الآيات

السؤال


ضرب الله تعالى مثالا بأصحاب الجنة ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) ، فآمل منكم توضيح علاقة هذا المثل بالمعاني التي وردت في أول السورة .

الجواب

الحمد لله

أولًا:

قص الله تعالى علينا قصة "أصحاب الجنة" في سورة "القلم" ، وضربها ـ سبحانه

مثلا لكفار قريش ؛ فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة، وأعطاهم من النعم الجسيمة، وهو بعثه محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة؛

ولهذا قال: (إنا بلوناهم) أي: اختبرناهم، (كما بلونا أصحاب الجنة) وهي البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه (إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين) أي: حلفوا فيما بينهم أنهم سوف يقطعون ثمرها ليلا

لئلا يعلم بهم فقير ولا سائل، ليتوفر ثمرها عليهم ولا يتصدقوا منه بشيء.

وقد ذكر بعض السلف أن هؤلاء قوم كان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنة، وكانوا من أهل الكتاب

وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة، فكان ما خرج له من غلتها وثمرتها : يرد فيها ما يحتاج إليها ، ويدخر لعياله قوت سنتهم، ويتصدق بالفاضل.

فلما مات : ورثه بنوه، قالوا: لقد كان أبونا أحمق ؛ إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء، ولو أنا منعناهم ، لتوفر ذلك علينا.

فلما عزموا على ذلك : عوقبوا بنقيض قصدهم، فأذهب الله ما بأيديهم بالكلية، فلم يبق لهم شيء.

وهكذا عذاب من خالف أمر الله، وبخل بما آتاه الله ، وأنعم به عليه، ومنع حق المسكين والفقراء وذوي الحاجات، وبدل نعمة الله كفرا .

(ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون) أي: هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم، وعذاب الآخرة أشق.

انظر: تفسير ابن كثير: (8/ 197).

ويقول الشيخ السعدي: " إنا بلونا هؤلاء المكذبين، بالخير ، وأمهلناهم، وأمددناهم بما شئنا من مال وولد، وطول عمر، ونحو ذلك، مما يوافق أهواءهم، لا لكرامتهم علينا، بل ربما يكون استدراجًا لهم من حيث لا يشعرون !!

فاغترارهم بذلك : نظير اغترار أصحاب الجنة، الذين هم فيها شركاء، حين أينعت أشجارها، وزهت ثمارها

وآن وقت صرامها، وجزموا أنها في أيديهم، وطوع أمرهم، وأنه ليس ثم مانع يمنعهم منها

ولهذا أقسموا وحلفوا من غير استثناء، أنهم سيصرمونها أي: يَجُذُّونها مُصْبِحين، ولم يدروا أن الله بالمرصاد، وأن العذاب سيخلفهم عليها، ويبادرهم إليها.

(فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ) أي: عذاب نزل عليها ليلا ، (وَهُمْ نَائِمُونَ) ، فأبادها وأتلفها. (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) أي: كالليل المظلم، ذهبت الأشجار والثمار .

هذا ؛ وهم لا يشعرون بهذا الواقع الملم، ولهذا تنادوا فيما بينهم، لما أصبحوا ، يقول بعضهم لبعض: (أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا) : قاصدين له

(وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ) فيما بينهم، ولكن بمنع حق الله، ويقولون: (لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ)

أي: بكروا قبل انتشار الناس، وتواصوا مع ذلك، بمنع الفقراء والمساكين، ومن شدة حرصهم وبخلهم، أنهم يتخافتون بهذا الكلام مخافتة، خوفًا أن يسمعهم أحد، فيخبر الفقراء.

(وَغَدَوْا) في هذه الحالة الشنيعة، والقسوة، وعدم الرحمة (عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ) أي: على إمساك ومنع لحق الله، جازمين بقدرتهم عليها.

(فَلَمَّا رَأَوْهَا) على الوصف الذي ذكر الله ، كالصريم : (قَالُوا) ، من الحيرة والانزعاج : (إِنَّا لَضَالُّونَ) ؛ أي: تائهون عنها، لعلها غيرها!!

فلما تحققوها، ورجعت إليهم عقولهم ، قالوا: (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) منها، فعرفوا حينئذ أنه عقوبة، فـ (قَالَ أَوْسَطُهُمْ) أي: أعدلهم، وأحسنهم طريقة : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) أي: تنزهون الله عما لا يليق به

ومن ذلك : ظنكم أن قدرتكم مستقلة، فلولا استثنيتم فقلتم: ( إن شاء الله ) ، وجعلتم مشيئتكم تابعة لمشيئة الله، لما جرى عليكم ما جرى .

فقالوا (سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) أي: استدركوا بعد ذلك، ولكن بعد ما وقع العذاب على جنتهم، الذي لا يرفع

ولكن لعل تسبيحهم هذا، وإقرارهم على أنفسهم بالظلم، ينفعهم في تخفيف الإثم ، ويكون توبة، ولهذا ندموا ندامة عظيمة.

(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) : فيما أجروه وفعلوه . (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ) أي: متجاوزين للحد في حق الله، وحق عباده.

(عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) : فهم رجوا الله أن يبدلهم خيرًا منها، ووعدوا أنهم سيرغبون إلى الله، ويلحون عليه في الدنيا .

فإن كانوا كما قالوا، فالظاهر أن الله أبدلهم في الدنيا خيرًا منها ؛ لأن من دعا الله صادقًا، ورغب إليه ورجاه، أعطاه سؤله.

قال تعالى مبينا ما وقع: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ) أي: الدنيوي لمن أتى بأسباب العذاب : أن يسلب اللهُ العبدَ الشيءَ الذي طغى به ، وبغى، وآثر الحياة الدنيا، وأن يزيله عنه، أحوجَ ما يكون إليه.

( وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ) من عذاب الدنيا ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) فإن من علم ذلك، أوجب له الانزجار عن كل سبب يوجب العذاب ، ويُحِل العقاب"

تفسير السعدي: (880) .

ثانيًا:

أما علاقة هذه القصة بما قبلها من السياق ؛ فإن الله ذكر حال الكفار بالنبي صلى الله عليه

وذكر أن ما هم فيه : ابتلاء، وأن ما هم فيه من خير ونعمة، لا لكرامتهم ، وإنما استدراج لهم من حيث لا يشعرون ؛ فاغترارهم بذلك : نظير اغترار أصحاب الجنة.

يقول الرازي: " اعلم أنه تعالى لما قال: لأجل أن كان ذا مال وبنين، جحد وكفر وعصى وتمرد

وكان هذا استفهاما على سبيل الإنكار ؛ بيَّن في هذه الآية أنه تعالى إنما أعطاه المال والبنين على سبيل الابتلاء والامتحان، وليصرفه إلى طاعة الله، وليواظب على شكر نعم الله .

فإن لم يفعل ذلك : فإنه تعالى يقطع عنه تلك النعم، ويصب عليه أنواع البلاء والآفات

فقال: ( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة ) : أي : كلفنا هؤلاء أن يشكروا على النعم، كما كلفنا أصحاب الجنة ذات الثمار، أن يشكروا ويعطوا الفقراء حقوقهم "،

التفسير: (30/ 607).

ويقول الطاهر ابن عاشور: " والجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا ، دعت إليه مناسبة قوله: ( أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) [القلم: 14- 15] ؛ فإن الازدها

والغرور بسعة الرزق ، المفضيين إلى الاستخفاف بدعوة الحق ، وإهمال النظر في كنهها ودلائلها : قد أوقعا من قديم الزمان أصحابهما في بطر النعمة ، وإهمال الشكر، فجر ذلك عليهم شر العواقب !!

فضرب الله للمشركين مثلا بحال أصحاب هذه الجنة ، لعلهم يستفيقون من غفلتهم وغرورهم ، كما ضرب المثل بقريب منه في سورة الكهف، وضرب مثلا بقارون في سورة القصص "

التحرير والتنوير: (29/ 79).

والخلاصة :

أن الله ذكر حال الكفار بالنبي صلى الله عليه، وذكر أن ما هم فيه بلاء، وأن ما هم فيه من خير ونعمة

لا لكرامتهم وإنما استدراج لهم من حيث لا يشعرون ؛ فاغترارهم بذلك نظير اغترار أصحاب الجنة الذين حرمهم الله من ثمارها وخيرها ، جزاء طغيانهم وشحهم .

والله أعلم
.









قديم 2019-01-15, 15:55   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى قوله تعالى: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ...)

السؤال

قال إبليس : ـ متحديا رب العالمين ـ ( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) فلماذا ذكر أربع جهات ، مع أن المعلوم في السنة ست جهات ؟

فلدي وسواس أن الشيطان يحول بيني وبين الله في الاستشعار في الصلاة من فوق رأسي ، وأنا أعاني من وسواس قهري منذ سنوات ، حيث أخبرني شخص أن الشيطان يأتي الإنسان من فوق رأسه

استدلال بالحديث ( اللهم أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ، اللهم أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ... الخ ) أرجو الجواب بشكل مفصل .


الجواب

الحمد لله


أولا:

قال الله تعالى ، مخبرا عن عدو الله إبليس ، وما قاله لرب العزة والجلال :

(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) الأعراف/16، 17

وهذه الجهات المذكورة، للمفسرين فيها قولان:

الأول: حملها على الجهات المعروفة التي تحيط بالإنسان. قالوا: ولم يذكر إبليس جهة الفوق؛ لأن الله فوقهم، أو لأنها الجهة التي تتنزل منها الرحمة من الله.

ولم يذكر جهة التحت لأنها غير ممكنة.

قال السيوطي في الدر المنثور (3/ 427):

" وأخرج عبد بن حميد وابن جرير واللالكائي في السنة عن ابن عباس في الآية قال: لم يستطع أن يقول: من فوقهم. علم أن الله فوقهم.

وفي لفظ: لأن الرحمة تنزل من فوقهم.

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال: يأتيك يا ابن آدم من كل جهة ، غير أنه لا يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة الله ؛ إنما تأتيك الرحمة من فوقك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال: قال إبليس: لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن إيمانهم وعن شمائلهم. قال الله: أنزل عليهم الرحمة من فوقهم" انتهى.

وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (3/ 39):

" وقيل: "من كل جهة يمكن الاحتيال عليهم". ولم يقل من فوقهم، قال ابن عباس: لأن رحمة الله تنزل عليهم من فوقهم، ولم يقل من تحت أرجلهم لأن الإتيان منه ممتنع إذا أريد به الحقيقة" انتهى.

والقول الثاني: أن المراد بالجهات الأربعة: الدنيا والآخرة، والحسنات والسيئات.

وهذا مروي عن ابن عباس أيضا، وغيره.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/ 394):

" وقال علي بن طلحة -في رواية -والعوفي، كلاهما عن ابن عباس: أما من بين أيديهم فمن قبل دنياهم، وأما من خلفهم فأمر آخرتهم، وأما عن أيمانهم فمن قبل حسناتهم، وأما عن شمائلهم فمن قبل سيئاتهم" انتهى.

وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره (7/ 176): "ومن أحسن ما قيل في تأويل (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم) أي لأصدنهم عن الحق

وأرغبنهم في الدنيا، وأشككنهم في الآخرة. وهذا غاية في الضلالة. كما قال:" ولأضلنهم" حسب ما تقدم.

وروى سفيان عن منصور عن الحكم بن عتيبة:" من بين أيديهم" من دنياهم." ومن خلفهم" من آخرتهم." وعن أيمانهم" يعني حسناتهم." وعن شمائلهم" يعني سيئاتهم.

قال النحاس: وهذا قول حسن ، وشرحه: أن معنى" ثم لآتينهم من بين أيديهم": من دنياهم، حتى يكذبوا بما فيها من الآيات وأخبار الأمم السالفة. "ومن خلفهم" : من آخرتهم حتى يكذبوا بها.

"وعن أيمانهم" : من حسناتهم وأمور دينهم. ويدل على هذا قوله: "إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين". "وعن شمائلهم" : يعني سيئاتهم، أي يتبعون الشهوات؛ لأنه يزينها لهم" انتهى.

ثانيا:

على القول الأول، فإن الشيطان لا يأتي الإنسان من فوقه.

ولا يتعارض هذا مع ما في الحديث من الاستعاذة بما يأتي من جهة الفوق، فإن المراد به ما ينزل من البلاء والصواعق ونحو ذلك، لا الشيطان.

وكذلك الاستعاذة مما يجيء من أسفل ؛ فإن المراد به الخسف.

وقد روى أحمد (4785) وأبو داود (5074) والنسائي (5529) وابن ماجه (3871)

عن ابْنِ عُمَرَ، قال: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ، حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ

فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي، وَقَالَ عُثْمَانُ: عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي .

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي الْخَسْفَ. وصححه الألباني.

قال ابن الملك في شرح المصابيح (3/ 178): " "اللهم احفظْني"؛ أي: ادفع عني المؤذِيات والبلاء.

"من بين يديَّ ومِن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي": سأل - عليه الصلاة والسلام - حفظه من البليَّات من جميع الجهات؛ لأن البلايا والآفات إنما تلحق الإنسان، وتُقبِلُ إليه من إحدى هذه الجهات.

"وأعوذُ بعظمتك أن أُغْتَال"؛ أي: أَهْلِك "من تحتي"؛ هو باقي الجهات الست" انتهى.

ثالثا:

اعلم أن كيد الشيطان ضعيف، وأنه لا سلطان له إلا على من يتولاه، كما قال تعالى: (فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء/76، وقال: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

* إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل/98- 100

فأقبل على الله تعالى، واخشع في صلاتك، واعلم أن المصلي قائم بين يدي الله، وأن الله يحفظ عبده المؤمن، ويقبل عليه، فلا ينبغي أن تلتفت إلى الشيطان في هذا المقام، فإن وسوس لك ليحول بينك وبين صلاتك

فاستعذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثا، فقد روى مسلم (2203) عن عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ، أنه أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ،

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْهُ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا) قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنِّي.

والله أعلم.









قديم 2019-01-15, 16:02   رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

شخص يعتقد بأن الأولياء حماة لنا، ويستدل بآية من القرآن

السؤال


لدي صديق يؤمن بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس الأتقياء ـ الذين يسميهم أولياء

مثل عبد القادر الجيلاني ، هم أولياء وحماة ومساعدين لنا في هذا العالم ، بالإضافة لله سبحانه وتعالى

واستدل بقوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) آية/55 سورة المائدة لدعم اعتقاده. أرجو توضيح المعنى الحقيقي للآية .

الجواب

الحمد لله


أولا:

قال الله تعالى: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) المائدة /55.

والولي: معناه المحب والصديق والنصير؛ ويدل على هذا اللغة وسياق الآية.

فأما اللغة؛ فجاء في "القاموس المحيط" (ص 1344):

" الوَلْيُ: القُرْبُ، والدُّنُوُّ ...

والوَلِيُّ: الاسمُ منه، والمُحِبُّ، والصَّدِيقُ، والنَّصيرُ " انتهى.

وأما سياق الآية؛ فإن ما سبقها من الآيات ينهى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء؛ حيث قال الله تعالى:

( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ *

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ *

وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ) المائدة /51 - 53.

قال ابن عطية رحمه الله تعالى:

" الخطاب بقوله: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ) الآية ، للقوم الذين قيل لهم ( لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ) "

انتهى، من "المحرر الوجيز" (2 / 208).

والنهي عن اتخاذهم أولياء؛ أي النهي عن مناصرتهم وصداقتهم ومحبتهم؛ كما قال الله تعالى:

( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ

الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة (22).

ولا يستقيم المعنى إذا فسرت بمعنى النهي عن طلب مساعدتهم في جلب النفع ودفع الضر، فهذا لا يتصوره عاقل.

فالحاصل؛ أن سياق الآية يدل على أن الولاية هنا بمعنى المحبة والصداقة والنصرة، وعلى هذا نص أئمة التفسير.

قال الطبري رحمه الله تعالى:

" يعني تعالى ذكره بقوله: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ): ليس لكم أيها المؤمنون، ناصر إلا الله ورسوله، والمؤمنون الذين صفتهم ما ذكر تعالى ذكره، فأما اليهود والنصارى الذين أمركم الله أن تبرأوا من وَلايتهم،

ونهاكم أن تتخذوا منهم أولياء، فليسوا لكم أولياء ولا نُصرَاء، بل بعضهم أولياء بعض، ولا تتخذوا منهم وليًّا ولا نصيرًا "

انتهى، من "تفسير الطبري" (8 / 529).

ثانيا:

تخصيص هذا الشخص للولي في هذه الآية بأشخاص معينين اشتهروا بالصلاح كالشيخ عبد القادر الجيلاني

هو تخصيص للآية بلا دليل، وقول على الله بلا علم؛ لأن الآية نصت أن الولي من المؤمنين هو كل من آمن وأقام الصلاة وحافظ عليها وآتى الزكاة

حيث قال الله تعالى: ( وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ). المائدة/ 55.

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" والذين" عام في جميع المؤمنين؛ وقد سئل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عن معنى ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ): هل هو علي بن أبي طالب؟

فقال: علي من المؤمنين، يذهب إلى أن هذا لجميع المؤمنين. قال النحاس: وهذا قول بيِّن، لأن "الذين" لجماعة "

انتهى. "تفسير القرطبي" (8 / 54).

كما أن تفسير هذا الشخص هو تفسير شركي يبطله ما تقرر في نصوص الكتاب والسنة وما تقرر عند جميع المسلمين من عقيدة الإسلام، من أن الضر والنفع كله بيد الله تعالى، فلا يطلب نفع ولا دفع ضر إلا من الله تعالى وحده.

كما قال الله تعالى، مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم:

( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف /188.

قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله تعالى :

" وهذا منه عليه السلام إظهار للعبودية ، وانتفاء عما يختص بالربوبية ، من القدرة وعلم الغيب ، ومبالغة في الاستسلام ؛ فلا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضر، فكيف أملك علم الغيب؟ كما قال في سورة يونس

: ( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ) "

انتهى، من "البحر المحيط" (4 / 552).

وقال الله تعالى:

( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ، قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا

قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ، قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ، إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا ، قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا ، عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ

فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ، لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ) الجن /19 - 28.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" ( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا ) فإني عبد ؛ ليس لي من الأمر ولا من التصرف شيء.

( قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ ) أي: لا أحد أستجير به ينقذني من عذاب الله .

وإذا كان الرسول الذي هو أكمل الخلق، لا يملك ضرا ولا رشدا، ولا يمنع نفسه من الله شيئا إن أراده بسوء، فغيره من الخلق من باب أولى وأحرى "

انتهى. "تفسير السعدي" (891).

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-01-17, 11:30   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
Abdelhafid2
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية Abdelhafid2
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا .










قديم 2019-01-20, 14:44   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdelhafid2 مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا .
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
و في انتظار المزيد من مرورك العطر

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









قديم 2019-01-20, 14:48   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



التوفيق بين الآية ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) وبين صلاة داود عليه السلام


السؤال

ورد في السنة عن قيام الليل لداود عليه السلام ، وأنه كان وسط نومتين ، فهل يتنافى ذلك مع قوله تعالى : ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) ؟

الجواب

الحمد لله

قد صح أن نبي الله داود عليه السلام كان ينام نصف الليل الأول، ثم يصلي ثلث الليل، ثم ينام سدس الليل، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المقدار من الصلاة في الليل

ونص على أنه أحب الصلاة إلى الله تعالى.

روى البخاري (1131) ومسلم (1159) عن عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ( أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ،

وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا ).

وهذا قد يشكل على البعض عند مقارنته بقول الله تعالى: ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) الذاريات (17).

والهجوع هو النوم

كما في لسان العرب (6/4621) .

والجواب عن هذا الإشكال؛ أن يقال:

إن المفسرين اختلفوا في تفسير هذه الآية على أقوال، أشهرها قولان اقتصر عليهما ابن كثير رحمه الله تعالى؛ حيث قال:

" ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ )، اختلف المفسرون في ذلك على قولين:

أحدهما: أن "مَا" نافية، تقديره: كانوا قليلا من الليل لا يهجعونه. قال ابن عباس: لم تكن تمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ؛ ولو شيئا.

وقال قتادة، عن مطرف بن عبد الله: قل ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها لله، عز وجل، إما من أولها وإما من أوسطها.

وقال مجاهد: قل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون. وكذا قال قتادة...

والقول الثاني: أن "مَا" مصدرية، تقديره: كانوا قليلا من الليل هجوعهم ونومهم. واختاره ابن جرير "

انتهى. "تفسير ابن كثير" (7 / 416 - 417).

فالقول الأول: وهو أنه قل أن يتركوا قيام الليل، فلا تمضي عليهم ليلة إلا وقد صلوا فيها ما يسر الله لهم. فعلى هذا القول لا إشكال بين الآية والحديث.

وأما القول الثاني: وهو أن نومهم بالليل قليل ، بجنب قيامهم واستغفارهم ، وهذا رجحه الطبري رحمه الله تعالى؛ فقال:

" وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله: ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ).

قول من قال: كانوا قليلا من الليل هجوعهم، لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم، وثناء عليهم به، فوصفُهم بكثرة العمل، وسهر الليل، ومكابدته فيما يقربهم منه، ويرضيه عنهم :

أولى وأشبه من وصفهم بقلة العمل، وكثرة النوم .

مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنزيل "

انتهى. "تفسير الطبري" (21 / 509).

وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على أنه أصح الأقوال،

قال رحمه الله تعالى:

" وهذا على أصح الأقوال: معناه كانوا يهجعون قليلا ؛ فـ (قَلِيلًا) منصوب بـ (يَهْجَعُونَ) ، و (مَا) مؤكدة ... "

انتهى. "مجموع الفتاوى" (23 / 85).

والجمع بين الحديث وبين الآية على هذا القول؛ هو أن يقال: إن الليل من غروب الشمس شرعا وحسا، ويستمر حتى بعد طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس

لأن هذا الوقت ملحق بالليل بالنسبة للنوم ؛ فمن صلى صلاة داود عليه السلام فوقت نومه أقل من وقت استيقاظه وعبادته من الليل؛ لأن ثلث الليل الذي يصليه يضاف إليه الوقت من غروب الشمس إلى

وقت نومه بعد العشاء؛ ففي هذا الوقت صلاتا المغرب والعشاء وما يعقبهما من نوافل وذكر لله تعالى

وهذا وقت كثير، ويضاف إليه أيضا الوقت من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وما يتخلل هذا الوقت من صلاة وذكر وتسبيح.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وقيل (مَا) زائدة، وخبر "كان": (يَهْجَعُونَ)، و(قَلِيلًا) منصوب:

إما على المصدرية، أي: هجوعاً قليلاً.

وإما على الظرف، أي زمناً قليلا.

واستشكل هذا بأن نوم نصف الليل وقيام ثلثه، ثم نوم سدسه؛ أحب القيام إلى الله عزّ وجلّ، فيكون وقت الهجوع أكثر من وقت القيام، فكيف يثني عليهم بما الأفضل خلافه؟

وأجيب عن ذلك: بأن من قام هذا القيام فزمن هجوعه أقل من زمن يقظته قطعاً، فإنه مستيقظ من المغرب إلى العشاء، ومن الفجر إلى طلوع الشمس، فيبقى ما بين العشاء إلى طلوع الفجر

فيقومون نصف ذلك الوقت؛ فيكون زمن الهجوع أقل من زمن الاستيقاظ "

انتهى، من "التبيان" (1 / 443 – 444).

وقد روى البيهقي في "الصغرى" (821)

عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أنه قال في هذه الآية (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) ، قال : " كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون ما بينهما " .

والله أعلم .









قديم 2019-01-20, 14:52   رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ...) آل عمران:195

السؤال

هل يمكنك تقديم تفسير للآية رقم (195) من سورة آل عمران ؟

الجواب

الحمد لله

هذه الآية مرتبطة بما قبلها من الآيات التي أخبر الله عز وجل فيها عن أولي الألباب ، ووصفهم سبحانه وتعالى بقوله :

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ

* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (*) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (*)

رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (*) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) . آل عمران/190-194

ثم أخبر سبحانه وتعالى عن استجابته لدعائهم فقال :

(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا

وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) آل عمران : 95 .

قال الشيخ ابن سعدي :

" أي: أجاب الله دعاءهم، دعاء العبادة، ودعاء الطلب، وقال: إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى

فالجميع سيلقون ثواب أعمالهم كاملا موفرا، (بعضكم من بعض) أي: كلكم على حد سواء في الثواب والعقاب

(فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا) فجمعوا بين الإيمان والهجرة، ومفارقة المحبوبات من الأوطان والأموال، طلبا لمرضاة ربهم، وجاهدوا في سبيل الله.

)لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله) الذي يعطي عبده الثواب الجزيل على العمل القليل.

(والله عنده حسن الثواب) مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فمن أراد ذلك، فليطلبه من الله بطاعته والتقرب إليه، بما يقدر عليه العبد"

انتهى من "تفسير السعدي" ص(162) .

وهذه الآية من الأدلة على فضل الهجرة ، وما أعده الله للمهاجرين في سبيله .

والمتحصل من كلام أهل العلم أن الهجرة تجب على من عجز عن إظهار دينه ، واستطاع الهجرة .

وأما من قدر على إظهار دينه ، فلا تجب عليه الهجرة .

وكذلك من عجز عن إظهار دينه ، وعجز عن الهجرة أيضا : فهو معذور عند الله تعالى ، مأمور بأن يقيم ما استطاع من أمر دينه

وهو في بلد الكفر التي عجز عن الخروج منها إلى دار الإيمان ، إلى أن يجعل الله له فرجا ومخرجا ، فيحسن حاله في تلك الديار ، ويقدر على إظهار شعائر دينه ، أو ييسر له الهجرة إلى بلد يأمن فيه على نفسه ودينه .

والله أعلم .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc