قصه الصحابي عبدالله ذو البجادين
صحابي جميل جدا وقصته فيها درسا للصبر
قال عنه الرسول الكريم
(( اللهم إني امسيت راضيا عنه فارض عنه )
يوجد على يمين السائر من المدينة الى مكة جبل أخضر ظليل يقال له
: ورقان .. وفى أحد شعابه ولد عبد العزى المزنى لأبوين فقرين قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم الا ان والده توفى ، فاجتمع عليه اليتم والفقر .
وكان لعبد العزى عم من الأغنياء
.. ليس له أبناء ، فتعلق قلبه به ، وأنزله منزلة الولد من نفسه .
ورغم أن عبد العزى قد بلغ مبلغ الرجال فانه لم يسمع بالدين الجديد الذى انتشرت دعوته وعم خبره المدينة وما حولها الى أن وصلت اليه .
أخذ الفتى يتلمس الأخبار ويجمع الآراء حول هذا الدين
وشرح الله –عز وجل- صدره للاسلام ودخل الاسلام قبل أن يلقى النبى صلى الله عليه وسلم ، وكان هو أول من أسلم من قومه فى جبل ورقان .
وأخفى الفتى اسلامه عن عمه وقومه ، وأخذ يتعبد بعيدا عن العيون مترقبا بلهفة تلك اللحظة التى يسلم فيها عمه ليتمكن من اسلامه
وطال صبره ومضى الوقت وهوبعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم ولايحضر مجالسه .. حينئذ أقبل الفتى على عمه قائلا لقد طال انتظارى لاسلامك ولم تسلم فان كنت ناويا أ، تسلم فهلم الى الاسلام ، والافأذن لى بأن أعلن اسلامى ..
وغضب عمه غضبا شديدا وأقسم باللات والعزى
: لئن أسلمت لأنزعن من يديك كل شىء أعطيتك اياه حتى ثوبيك ، ولأسلمنك للفقر والحاجة .
ولم يتأثر الفتى المؤمن بهذا التهديد ،
واستعان العم بقومه لارهابه من سوء عاقبته ان ظل على اسلامه ، فقال : افعلوا ماشئتم فانى متبع محمد صلى الله عليه وسلم ، وتارك عبادة الأصنام ، فماكان من عمه الا أن جرده من كل شىء ..
وانطلق عبد العزى مهاجرا بدينه الى الله ورسوله وترك وراءه كل شىء ..
وحين اقترب من المدينة شق بجاده
( البجاد : هو كساء غليظ)
فأصبح نصفين ، فجعل أحدهما ازارا يغطى النصف الأسفل والآخر رداءا يغطى النصف الأعلى من الجسد ، وآوى الى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم وبات فيه ليلته .
وأشرق الصبح وهو يقف قريبا من باب حجرة النبى صلى الله عليه وسلم مترقبا بشوق ولهفة بطلعة النبى صلى الله عليه وسلم كعادته وجود الحاضرين ليسأل عمن غاب وليتفقد أمور الناس ، فوقع بصره على هذا الفتى الغريب
، فقال :
ممن أنت يافتى ؟
فأجاب : من مزينة .
فقال : مااسمك؟
قال : عبد العزى
فقال النبى صلى الله عليه وسلم : بل عبد الله ،
ثم اقترب منه وقال :
انزل قريبا منا وكن فى جملة أضيافنا .. ومن يومها ناداه الناس ب : عبد الله ولقبوه ب ( ذى البجادين )
أخذ ذو البجادين يحضر مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم ويشهد غزواته
وفى غزوة تبوك التى حدثت فى العام التاسع من الهجرة طلب ذو البجادين من النبى صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بالشهادة ، فدعا له بأن يعصم دمه من سيوف الكفار .
فقال ذو البجادين : بأبى أنت وأمى يارسول الله ماهذا أردت ..
فقال له النبى صلى الله عليه وسلم
اذا خرجت غازيا فى سبيل الله فمرضت فأنت شهيد .
ومضى يوم وليلة وأصيب ذو البجادين بالحمى ووافته النية مهاجرا مجاهدا غازيا بعيدا عن أهله وعشيرته .
يقول ابن مسعود رضي الله عنه وهو يقص علينا هذا المشهد المهيب الذي جعله يتمنى ان يكون صاحب الحفرة (القبر).
قال ابن مسعود : قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك , قال : فرأيت شعلة نار في ناحية المعسكر قال: فاتبعتها أنظر اليها
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين المزنيّ قد مات , وإذا هم قد حفروا له ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه وهو يقول : أدنيا إلي أخاكما , فدلياه إليه , فلما هيأه لشقه قال: اللهم إني قد امسيت راضيا عنه فارض عنه .
قال: يقول ابن مسعود : رضي الله عنه : ياليتني كنت صاحب الحفرة....