السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اليوم سأشارك بهذا الدرس في مادة الفلسفة و الذي يدور موضوعه حول الإحساس و الإدراك :
المادة:فلسفة
النشاط: درس نظري
المشكلة: الإحساس و الإدراك
كنت أنت وصديقك المكي في طريقكما إلى المدرسة فوجدتما صبيان يلعبان النرد فبادرك المكي بالقول :
هل رأيت هذا النرد إنه يملك ستة أوجه فقلت له :وكيف عرفت أنه يملك ستة أوجه وأنت لم تلمسه أو تختبرهٌ ؟
المكي:وهل هذا لازم فأنا وعن طريق عقلي أدركت أن له ستة أوجه.
عبدالقادر:أما أنا فلا أستطيع أن أصدر حكماً دون الإحكتام إلى حسي و تجربتي.
تعليمة:ما رأيك؟
من أجل إبداء الرأي الشخصي حول المسألة ينبغي طرح الأسئلة التالية:
1ـماهو الإحساس؟
2ـما هو الإدراك؟
3ـما الفرق بين الإحساس و الإدراك؟
4ـما هي النظرية العقلية ؟
5ـما هي النظرية الحسية؟
6ـ
{عناصر الدرس :
1ـ:تعريف الإحساس:
هو الفعل الذي تؤديه إحدى الحواس ،وهو عبارة عن ظاهرة فيزيولوجية أولية تعبر عن تأثر إحدى الحواس بإحدى المؤثرات الخارجية ،والذي يهدف إلى التعرف إلى العالم الخارجي .
2ـ:الإحساس بين الخاصية والوظيفة :
ـالإحساس إنفعال أولي:
ـالإحساس هو ذو طبيعة خارجية .
ـحقيقة الإحساس تعبير عن إنفعال أعضاء الحس بإحدى المؤثرات الخارجية.
الإحساس إنفعال بسيط بين الذات والعالم الخارجي فمثلا:شم رائحة طيبة يترك إنفعالاً وتأثيرا على العضو الحسي[الأنف]وتترك فيه إنطباعا نفسيا إنفعاليا لدى الذات الحسية .
الإحساس عملية تكيف مع العالم الخارجي:
ـالإحساس عملية تمكن من التواصل مع المحيط الخارجي.
ـالإحساس أدات تربط الإنسان بالعالم المعاش.
ـالإحساس تجربة مباشرة إتجاه الأشياء.
مكونات الإحساس:
أ:ـالمؤثر:وهو مايعبر عنه بالمحيط الخارجي.
ب:ـالذات الحاسة:وهو ما يملكه الإنسان من أعضاء الحس.
ج:ـالإنطباع الحسي أو النفسي:وهو مايتركه المؤثر من أثر على الذات الحاسة.
ـــتعريف الإدراك:
أــلغة:أدرك أي لحق ويقال كذلك معناها عرف وعقل.
بــإصطلاحا:هو مجموعة من عمليات عقلية عليا مركبة معقدة تقتضي الكثير من الأفعال الذهنية .
كما عرفه {لالاند }في قاموسه بأنه الفعل الذي ينظم به الفرد إحساساته.
ــعوامل الإدراك وأخطاءه:
1\ـ عوامل الإدراك:
إن حدوث عملية الإدراك تتحدد بشروط وعوامل قد ترتبط بالذات المدركة أو النوع المدرك أو بالموقف الذي يشكلهما.
أ\ـ العوامل الذاتية (الداخلية):
و يقصد بها مجموعة الشروط المرتبطة بالذات المدركة ،ومن أهم هذه العوامل هي:
1\ــ عامل الخبرة أو الألفة:
فاللإنسان يدرك الأشياء التي سبق وأن إختبرها وتعرف عليها فمثلا:نحن نقرأ الأبيات التي سبق وأن حفظناها بطريقة أسهل من الجديدة علينا.
2/ـ عامل التوقع:
بمعنى أننا ندرك الأشياء بسهولة إذا كنا نتوقع حدوثها،وذلك راجع إلى أن الإدراك يتأثر بالتهيؤ والإستعداد العقلي.
3/ـ عامل الإنتباه:
حيث يساعد تركيز العقل وتهيؤه والإهتمام بالشيء على إدراكه.
4/ـ الحالة الجسمية والنفسية للذات المدركة:
حيث يتأثر إدراكنا بالأشياء لحالتنا النفسية و الجسمية وقت الإدراك.
5/ـ العوامل الثقافية والإجتماعية للذات المدركة:
فثقافة الشخص ومعتقداته تؤثر بما يدركه من موضوعات ،فالإدراك يتأثر بالإتجاهات والميول و النزعات الشخصية للذات المدركة.
ب/ــ العوامل الموضوعية (الخارجية):
ونقصد بها مجموعة الشروط المرتبطة بالأشياء الخارجية والموضوعات الإدراكية.
1/ــ عامل الشكل والأرضية:
حيث أننا ندرك الأشكال أولاً ثم الأرضية بعد ذلك مثل :الوردة والقماش الذي رسمت عليه.
2/ــ عامل التقارب:
فالأشياء المتقاربة في الزمان والمكان يسهل إدراكها كصيغ متكاملة مثل:
أسنان المشط.
3/ــ عامل التشابه:
فنحن ندرك الأشياء المتشابهة في الشكل أو الحجم أو اللون.
4/ــ عامل الإتصال:
فالأشياء أو الظواهر التي لها صلة ببعضها تدرك على أنها صيغ متكاملة.
5/ــ عامل الإغلاق:
فنحن خلال عملية الإدراك نميل إلى سد الثغرات أو النقائص أو التغاضي عنها مثل:شكل الدائرة عندما يكون غير مكتمل فالإنسان يميل غلى إكماله.
الإستنتاج:
[وعليه نستنتج أن عملية الإدراك تتأثر بعوامل متعددة منا ما هو داخلي مرتبط بخصائصها الذات المدركة وأحوالها ، ومنها ماهو خارجي متعلق بالمجال والموضوعات الإدراكية]
أخطاء الإدراك:
إذا كان الإدراك قدرة عقلية منطقية فكيف يمكن أن يقع في الأخطاء؟
أ/ــ الخداع البصري:
ويمكن الإستدلال على هذه الفكرة بأشكال الأشياء الخارجية ومدى تأثرها بالمسافة أو اللون أو الحركةفمثلا: شكل القلم عند إدخاله في فوهة فنجان يظهر أنه غير شكله العادي.
ب/ــ الخداع الحركي:
وهو عبارة عن إدراك الحركة في مكان لا توجد فيه مثلا: حركة بالونين إحداهما كبير (المسافة) والآخر صغير فحركتهما في الهواء تظهر على أن الكبير قريب المسافة والصغير بعيد المسافة.
1/ــ ماهو أساس المعرفة ؟هل الإحساس أم الإدراك؟:
البحث عن أساس المعرفة قديم إتسم بإحتدام الجدل والخلاف بين مؤيد للعقل وآخر للإحساس فما هو أساس المعرفة يا ترى؟
1/ــالنظرية الحسية:
يذهب أصحاب المذهب التجريبي إلى إعتبار أن الإحساس و التجربة الحسية مقياس المعرفة ومصدرها الأول وأن كل مل يحصل من معارف ومكتسبات يرد إلى العالم الحسي الخارجي .
ومن هنا ينكر التجريبيون بالقول بوجود مبادئ فطرية في العقل ،فالمعارف عندهم مكتسبة وبعدية تكتسب عن طريق التجربة الحسية ،وأنما يوجد في عقولنا ما هي إلا إنطباعات حسية والعقل إلا مرآة عاكسة لصور المحسوسات لهذا يقول جون لوك[لا يوجد شيء في العقل ما لم يكن موجودا قبل في الحس]
وقال دفيد هيوم [الحواس هي الوسائل الوحيدة للمعرفة]
ومن هنا نرى أن التجريبيون ينفون دور العقل في إكتساب المعارف ويسندون للتجربة مهمة إستقصاء المعرفة ومن ثمة فالتمييز بين الإحساس و الإدراك امر محتوم وأن الإحساس أعلى مرتبة من الإدراك.
النقد:
صحيح أن التجربة لها دور في إكتساب المعرفة غير أن الحسيين أهملوا دور العقل و جعلوا من وظيفته مجرد ربط بين الإحساسات .
2/ــ النظرية العقلية:
يرى العقليون أن العقل هو أساس المعرفة وأن مايوجد لدينا من معارف وخبرات مردها إلى العقل ،والإدراك هو أساس معرفة الأشياء والموضوعات ، ومصدر إدراك المعاني والصفات على الأشياء وتفسيرها وما الحواس إلا إرادة للربط بين الإنسان والعالم الخارجي وهي مرتبطة بالبدن وكثيرا ما تخدعنا وتوقعنا في الخطأ،كما أكد على ذلك ديكارت وآلانحيث يقول هذا الأخير:[الشيء يعقل ولا يحس به] وكذلك باركلي حيث يقول [وجود الشيء قائمعلى إدراكي أنا له ] ويقول أيضا ديكارت [إني أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أن أراه بعيني] ومن هنا يظهر أن الإحساس وحده لا يقدم معرفة وأنه أدنى قيمة من من الإدراك هذا الأخير هو الذي يمثل أساس المعرفة الحقة ويلزم التمييز بينهما.
النقد:
صحيح أن الإدراك له دور في جلب المعرفة غير أن العقليين إهتموا بالعقل وقللوا من شأن الإحساس لأنه في نظرهمأن الحواس لا تمدنا إلا بمعارف سطحية في حين أن هناك أشياء نحس بها ولا ندركها .
ـــ طبيعة العلاقة بين الإحساس والإدراك:
إن المواقف التقليدية التي تفرق بين الإحساس و الإدراك أدت إلى ظهور وجهات نظر جديدة ، تنظر إلى الإحساس والإدراك على أن لهما علاقة مباشرة، ومن ثمة وجب رفض التمييز بينهما ، ومن أشهر من دافع عن هذا التوجه .
أ/ــ المدرسة الجشطالية :
وهي مدرسة رفضت التمييز بين الإحساس والإدراك ، وكلمة جشطالت [تعني الشكل أو الصيغة] ، بمعنى أنه لا يمكن فهم الأجزاء أو إعطاء ها معنى إلا من خلال ربطها بالكل [الصيغة] فالصيغة التي تععطي للأجزاء معناها وشكلها في بناء عام ، فمثلا: الأنغام الموسيقية لا قيمة لها إلافي تواصلها ، وكذلك كلمة :[قدر] قد يختلف معناها بإختلاف الصيغة التي تنتمي إليها وتتواجد فيها مثل : إن فلان له قدر كبير من المال ، فهنا يختلف معناها عن قولنا : إن الله قدرمصائر العباد ، إذن فالإدراك عند الجشطاليين هو إدراك للكل أو المجموعات ذات صور وبينات ،وأن العناصر الجزئية تكون مختلفة تبعا للشكل أو الصيغة التي تنتمي إليها مثال : مثل الأرضية السوداء التي تكون عليها الأقراص الصفراء ليست متشابهة تماما مثل الأرضية البيضاء التي تكون عليها الأقراص الصفراء ، وعلى هذا تكون مدرسة الجشطالت لم تأخذ بالعوامل الحسية وحدها ولا بالعوامل العقلية بل أخذت بهما معا من خلال ربط الموقف بالبنية .
النقد :
نحن لا ننكر أن مدرسة الجشطالت قد ساهمت في تطوير نظرية المعرفة وخاصة في عدم تمييزها بين الإحساس و الإدراك إلا أنها مالت إلى التركيز على الشروط الذاتية وأعطت الأولوية للمجال الموضوعي .
ب/ــ المدرسة الظواهرية :
يذهب الظواهريون على رأسهم أدموند هوسرل إلى رفض التمييز بين الإحساس والإدراك ، لأن الإدراك عندهم ليس تأويل للإحساس بل هو الإمتلاك للمعنى الداخلي للمحسوسات ، فالعالم الموضوعي ليس هو ما نفكر فيه بل هو ما نحياه و نعايشه و نقصد إليه كتجربة مباشرة نعيشها و نشعر بها لهذا يقول مرلو بنتي :[إن الإحساس هو ذلك الإتصال الحيوي بالعالم الذي يجعله لنا حاضرا بصفته مكانا مألوفا في حياتنا ، ومنه يستمد الموضوع المدرك والذات المدركة سمكهما ،إنه نسيج قصدي يعمل لسعيه إلى المعرفة عل تفكيكه ] لهذا جعلت الظواهرية من الشعور القصدي المرتبط بالإحساس والإدراك المصدر الأول في المعرفة .
النقد :
لكن ما تذهب إليه الظواهرية في القول والقصد والتجربة الشعورية والمعايشة يؤدي إلى إختلاف الأحكام وهذا راجع إلى إختلاف التجارب ، كما أنها غلبت الشعور الذاتي بالإدراك على العالم الخارجي و عوامله الموضوعية .
ــ خاتمة :
نستنتج أن مناقشة طبيعة العلاقة بين الإحساس ة الإدراك ومحاولة التمييز بينهما عملية لا جدوى منها ، لأنهما عمليتان متكاكلتان ، فالإحساس وسيلة الغنسان للإتصال المباشر بالعالم الخارجي و العقل وسيلة الإنسان لترجمة ما يتلقاه من هذه الحواس .
الكاتب : بن لشهب سالم........................
الدرس : الإحساس و الإدراك . بالتوفيق للجميع .
إنتهى