الشهداء يكرّمون ذويهم في البيت الحرام
للعام التاسع على التوالي، يستعد 1000 من ذوي شهداء فلسطين للسفر إلى الديار الحجازية لأداء فريضة الحج، وذلك من خلال مكرمة تقدمت بها السعودية لذوي الشهداء.
وزير الشؤون الإسلامية، المشرف العام على برنامج خادم الحرمين للحج والعمرة، الشيخ صالح بن محمد آل الشيخ قال في تصريح سابق له، “إن هذه المكرمة تأتي من منطلق الشعور بالأخوة الإسلامية والعربية التي يحملها الملك لفلسطين ولشعبها، وهي جزء من الدعم السعودي المتواصل والسخي للشعب الفلسطيني في المجالات كافة”.
وأكد أن الشعب الفلسطيني يستحق كل التقدير والاحترام، لما له من تضحيات عظيمة للحفاظ على القدس الشريف وأرض فلسطين التي هي أرض عربية إسلامية، وتدعم السعوديو بأن يكون لها أثرٌ بارز تجاه الشعب الفلسطيني خاصة.
ومنذ عام 2009 أصدر خادم الحرمين الشريفين أمرا باستضافة 1000 من ذوي شهداء فلسطين لأداء فريضة الحج، ومنذ ذلك الحين أصبحت المكرمة تقدم سنويا لفلسطين، إذ تتولى وزارة الأوقاف وبالتعاون مع مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى مهمة الترتيب والتنسيق لسفر حجاج ذوي الشهداء.
مدير عام أوقاف رام الله والبيرة، وفيق علاوي، أوضح لـ “ قدس الإخبارية” أن وزارة الأوقاف يقع على عاتقها مهمة تعيين مرشدين لخدمة حجاج ذوي الشهداء، والترتيب والتنسيق مع السعوديين، إضافة إلى إرسال جوازات السفر إلى السفارة السعودية للتفييز لهم.
أما مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، فهي لها دور أساسي في الترتيب ومتابعة إجراءات سفر حجاج ذوي الشهداء، إذ تقوم بإرسال قائمة لوزارة الأوقاف بالأسماء التي ستخرج ضمن مكرمة السعودية، إذ أنها مهمة تقع على عاتقها.
مدير عام مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، خالد جبارين قال لـ “شبكة قدس” إن المؤسسة بدأت تتولى مهمة الترتيب لمكرمة السعودية منذ عام 2010، فهي تتولى مهمة الترتيب والتنسيق للإجراءات، اختيار الأسماء، النقل والمتابعة وكل ما يتعلق بسفرهم.
وأوضح أن المكرمة هذا العام تم تخصيصها مناصفةَ لمحافظات فلسطين الشمالية والجنوبية، إذ سيؤدي فريضة الحج 500 من ذوي الشهداء في الضفة الغربية و500 من قطاع غزة، كما أنها كانت تشمل في الأعوام السابقة ذوي شهداء فلسطينيين في الأردن ومصر ولبنان.
وحول الشروط التي طالبت السعودية توفرها، بيّن علاوي وجبارين أن يكون الحجاج من ذوي الشهداء من الدرجة الأولى، أن تكون أعمار المنتفعين من هذه المكرمة أقل من 70 عاما، أن لا يكونوا ممن يعانون من مشاكل صحية أو جسدية، وأن يكون ممن لم يؤد الحج مسبقا.
وأوضح جبارين إن آلية اختيار الحجاج قامة على نظام رسمي تعمل وفقه المؤسسة، إذ أن شهداء ما قبل انتفاضة الأقصى تكون لهم الأولوية، ويتم اختيارهم حسب عُمر ذويهم ويجب أن يكون أم، أب، زوجة، ليتمكنوا من الحج قبل أن يصبح عمرهم أكثر من 70 عامًا، ليتمكنوا من الإستفادة من المكرمة وفقًا لشروط السعودية، وهناك شهداء ما بعد انتفاضة الأقصى، وهؤلاء يتم اختيارهم حسب تاريخ الاستشهاد.
وأضاف لمراسلة “قدس الإخبارية“، أنه يمكن لأحد الوالدين أن يتنازل عن دوره في المكرمة لأحد أبنائه أو بناته، لكن بتنازل خطي من كلاهما وبحضورهما، أو أنه في حال لم تتوفر الشروط المذكورة سابقا في أحد الوالدين يمكن أن يتنازل لواحد من أولاده.
وأردف أن المكرمة لذوي الشهداء تغطي كل ما يتعلق بمصاريف الإقامة والسفر من وإلى مطاري الملكة علياء الدولي ومطار القاهرة الدولي.
وفيما يتعلق بالترتيبات الحالية، أوضح علاوي أن العمل يجري على قدم وساق، إذ أنه يتوقع أن تستلم وزارة الأوقاف خلال يومين جوازات سفر ذوي الشهداء، والتي بدورها ستقوم بإرسالها إلى مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى لتتولى مهمة توزيعها.
وأكد أن ترتيبات سفر حجاج ذوي الشهداء تختلف عن الحجاج الأخرين، إذ أن لها ترتيبات خاصة تشمل باصات مخصصة لذوي الشهداء يتم نقلهم من كافة المحافظات الشمالية والجنوبية حتى وصولهم إلى مطار الملكة عليا في الأردن، ومطار القاهرة الدولي.
وأشار في حديثه لـ “قدس الإخبارية“، إلى أنه في المطارين يستقبل السفير السعودي ذوي الشهداء كما جرى في الأعوام السابقة، ويتم توزيع ملابس الإحرام وتأمينهم في الطائرات، وعند وصولهم لمطار جدة يستقبلهم شخصيات ومسؤولون سعوديون، ويتم تزويدهم ببطاقات تعريف، ومن ثم في باصات خاصة ينطلقون إلى السكن الذي أُعد لهم، وبعد ذلك يتم التنسيق مع المرشدين المرافقين لهم لبدء مراسم العمرة والحج.
وفيما يتعلق بسفر ذوي شهداء قطاع غزة، أوضح علاوي أن وزير الأوقاف والشؤون الدينية يوسف ادعيس زار القاهرة قبل أسبوع للترتيب معهم وضمان تقديم التسهيلات للحجاج عبر معبر رفح.
وبيّن أن حجاج مكرمة السعودية سيغادرون الأراضي الفلسطينية صباح الأحد القادم، وفي نفس اليوم سيغادرون الأراضي الأردنية والمصرية، إذ ستنطلق في المساء طائرتان من الدولتين، وسيهبطون في مطار جدة.
وأفاد علاوي وجبارين أنه في السنوات السابقة سُجلت حالات لأعداد محدودة من ذوي الشهداء، منعتهم سلطات الاحتلال من السفر بحجة المنع الأمني، ولم يسمح لهم بتأدية فريضة الحج.
بدوره، قال محمد حميدة (42 عاما) من المزرعة الشرقية قضاء رام الله، وهو نجل الشهيد خضر حميدة الذي ارتقى عام 1988، إن مؤسسة رعاية أسر الشهداء تواصلت معهم وأبلغتهم أن والدته وأحد أبنائها جاءت أسماؤهم ضمن من جاء دوره لأداء فريضة الحج.
وأضاف حميدة لـ “قدس الإخبارية“، أنه قبل أربع سنوات جاء دوره ووالدته لأداء فريضة الحج ضمن مكرمة السعودية، إلا أن والدته لم تكن في البلاد، فتم تأجيل اسميهما حتى عادت هذا العام، وتم التواصل معهما للاستعداد للسفر.
وتابع أن ما يخشاه منعهم من السفر، إذ أنه ممنوع من السفر منذ أربع سنوات، فهو ابن شهيد، وأسير محرر اعتقل أربع مرات، وشقيق أسير أفرج عنه في صفقة وفاء الأحرار ومبعد لغزة.
أما الشهيد الطفل أحمد شراكة من مخيم الجلزون والذي ارتقى عام 2015، جاء اسم والديه ضمن مكرمة السعودية العام الماضي لأداء فريضة الحج، إلا أن ظروفا منعتهم من السفر، ليستعدا هذا العام لأداء الحج.
يقول عبد الله شراكة، “سنغادر أنا وزوجتي لأداء فريضة الحج، فما أن تطأ أقدامنا الديار الحجازية حينها ستثلج قلوبنا، فأحمد سيكون حاضرا معنا كما دائما”.
https://www.qudsn.co/article/125512