|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2012-02-24, 15:57 | رقم المشاركة : 691 | ||||
|
اريد بحث النظريات النقدية ومدرسة فرانكفورت
|
||||
2012-02-24, 19:55 | رقم المشاركة : 692 | ||||
|
اقتباس:
تقديم إن مساءلة الفكر النقدي انطلاقا من استحضار مختلف تطوراته النظرية في فضاء التفكير الفلسفي يكشف عن وجود تلوينات مختلفة لمناهج النقد الفلسفي من خلال تبلوره في تيارات واتجاهات فلسفية مختلفة بل ومتضاربة أحيانا، كما هو الشأن بالنسبة لمدرسة فرانكفورت النقدية التي تشكل انعطافة مهمة في مسيرة الفكر الأوروبي الحديث، بحيث كان لهذه المدرسة الآثار الكبير والفاعل في صياغة نظرية نقدية تتعامل مع: السوسيولوجيا، الفلسفة ، والسياسة والثقافة كأبعاد متداخلة ومتشابكة في عملية تكون ودراسة النظريات الاجتماعية والآفاق المعرفية والحضارية التي رافقت التطورات والتحولات التي شهدها المجتمع الأوروبي في ميادين الاقتصاد والسياسة ، وبروز النظام الرأسمالي كعامل حاسم ترك آثاره على الأدبيات الفلسفية والاجتماعية ـ فأين تأسست مدرسة فرانكفورت؟ ومتى كان هذا التأسيس؟ وما هي الخلفية الفكرية لهذه المدرسة وما هي أسسها الجوهرية؟ I-نشأة مدرسة فرانكفورت لقد حصلت مدرسة فرانكفورت على طابعها المؤسسي عبر تأسيس معهد الأبحاث الاجتماعية في عشرينات القرن الماضي، وقد وضعت الحلقة الدراسية الأولى للعمل الماركسي لبنات التفكير في أسباب أزمة الفكر الماركسي وإخفاق ثورة 1918 في ألمانيا، وقد جمعت الحلقة الدراسية ثلة من الباحثين من أبرزهم رجل الأعمال فليكس فايل والاقتصادي فريدريك بلوك والمفكر االماركسي جورج لوكاتش... الا أن المشروع لم يتكلل بالنجاح، غير أنه يعتبر بمثابة الانطلاقة التي دفعت بعض المشاركين في الحلقات في التفكير جديا في تأسيس معهد الأبحاث الاجتماعية. وقد تأسس معهد الأبحاث الاجتماعية رسميا في 3 فبراير 1923 في جامعة غوته بمدينة فرانكفورت بألمانيا ، وقد توخا المعهد في البداية احتضان الأبحاث النظرية الاشتراكية التي أقفلت الجامعة الألمانية الأبواب في وجهها، وكان المعهد يظم جملة من المثقفين اللذين لم يتبنوا أطروحات الاشتراكية، ورفضوا الانضمام الى الحزب الشيوعي الألماني بعد فشل ثورة 1918 يحدوهم العزم لبلورة فحص عميق لأسس النظرية النقدية . كان المعهد في البداية يتولى الإشراف عليه أستاذ القانون والعلوم السياسية في جامعة فيينا كارل غرونبر، وفي العام 1931 تم تنصيب هوركهيمر رئيسا للمعهد وتعيين تيودور أدورنو أستاذا مساعدا له، وبتعاون هوركهايمر وأدورنو أخذ اسم النظرية النقدية في اللمعان بحيث لم يعد الاهتمام منصب فقط على نقد الاقتصاد السياسي كأداة تحليل للمجتمع الرأسمالي كما كانت ترى الماركسية. اعتمدت مقاربة تركيبية تقوم على ربط الفلسفة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية . وبعد سيطرة النازية في ألمانيا وصعود هتلر إلى الحكم سنة 1933 اضطر هوركهايمر وزملاءه للهرب إلى سويسرا وفرنسا وبريطانيا ومن ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوقت الذي صدرت فيه الأوامر بإغلاق المعهد ومصادرة مكتبته القيمة أسس هوركهايمر وزملاءه فروعا أخرى للمعهد في كل من باريس ولندن ثم في جامعة كولومبيا، غير أن الوضع السياسي في أمريكا جعلهم يتجنبون استخدام المفاهيم الراديكالية بسبب فقدانهم الثقة في الطبقة العاملة في أوروبا وأمريكا ، وكذلك بالماركسيين اللذين أصبحوا تقليديين. وفي المنفى تطورت النظرية النقدية إلى فلسفة التاريخ والمجتمع مثل ما كان ذلك في عصر التنوير ، وفي هذه الفترة قدم الرواد الأوائل أهم أعمالهم حيث أصدر هوركهايمر عدد من الكتب المهمة من أهمها " السلطة والعائلة" ، و" كسوف العقل". وفي سنة 1950 بعد الحرب العالمية الثانية وسقوط النازية عاد بعض الرواد الى فرانكفورت وعلى رأسهم هوركهايمر من أجل إكمال العمل الذي بدؤوه قبل الهروب من ألمانيا لتنطلق بعد العودة من المنفى المرحلة الثانية في تاريخ المدرسة والتي يعتبر أهم ممثليها يورغن هابرماس'1929....' والذي اعتبر الوريث الشرعي لتركة مدرسة فرانكفورت. II-الأسس الجوهرية لفكر مدرسة فرانكفورت: لا يمكن فهم النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت إلا بالرجوع إلى الأسس الجوهرية لفكر هذه المدرسة، لكن ما يميز هذه المدرسة عن باقي المدارس الفلسفية والسوسيولوجية الأخرى هو عدم اقتصارها على المرجعية الفلسفية أو السوسيولوجية فقط، فقد تشربت هذه المدرسة من ينابيع جميع العلوم الانسانية ، من الفلسفة " كانط و هيغل..." ومن علم الاجتماع " كارل ماركس وماكس فيبر وهربرت ميد وأغوست كونت..." وعلم النفس " فرويد ، جان بياجي..." والعلوم اللغوية " أوستين ..." لكن نظرا لشساعة الموضوع لن نتكلم الا عن الأسس الفلسفية والسوسيولوجية. 1- الأسس الفلسفية. يبدو أن مدرسة فرانكفورت أو ما يعرف بالنظرية النقدية اتخذت من النقد أساسا لها، والنقد هو تقليد ألماني قديم وقد تبدى جليا خاصة مع كانط ومن بعده هيغل وأتباع هيغل من بعده"الهيغليين الشباب" ليصل هذا التقليد إلى مدرسة فرانكفورت ، بحيث تكونت النظرية النقدية انطلاقا من نقد مفكرين ونصوص فلسفية أخرى لأنه بدون استلهام للماضي ومحاورة الحاضر ليمكن اتخاذ أية مسافة نقدية كيفما كانت دلالتها ومقاصدها . ويرجع العديد من المهتمين بالنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت أن النقد الكانطي يعتبر مرجعا أساسيا اعتمد عليه أصحاب النظرية النقدية وخاصة في كتبه الرئيسية الثلاثة : نقد العقل الخالص(1781) ونقد العقل العملي(1788)وكتاب نقد ملكة الحكم(1790). وقد حاول بعض مفكري النظرية النقدية نحت منحى توفيقيا بين الفلسفة الكانطية والمادية الجدلية(لاسيما في بعديهما المتعالي كما يقول ماركيوز) . وانطلاقا من القيمة التي أسستها الكانطية في التاريخ الحديث للفلسفة الكلاسيكية الألمانية يسعى فلاسفة فرانكفورت الى تقديم النظرية التي يجتهدون في بنائها وتوضيحها كوريث شرعي للعقلانية الكلاسيكية من كانط . واذا كان هناك اختلاف بين الباحثين حول ما اذا كانت فلسفة تمثل احدى الخلفيات الفلسفية لمدرسة فرانكفورت، اذ هناك اجماع على أن فلسفة هيغل تمثل مرجعية أساسية لفكر مدرسة فرانكفورت وقد تبين ذلك بوضوح في كتابات هربرت ماركيوز وخاصة في كتابه "العقل والثورة". فإذا كان كانط قد أقام فلسفته النقدية لتمييز المعرفة العلمية الصحيحة عن المعرفة الميتافزيقية التي تؤدي الى وقوع العقل في التناقض، فان هيغل قد جعل من التناقض جوهرا لفلسفته ومنهجه الجدلي . وقد قام هيغل من خلال منطقه الجدلي، بإدخال العقل في الوعي وفي الطبيعة ثم تجلى في التاريخ، و أصبح هو جوهر التاريخ ومحركه، بل أصبحث العملية المعرفية نفسها تنمو في مراحل متعددة ، وقد قام هيغل أيضا بمهاجمة المعرفة العقلية الخالصة التي فصلت الفكر عن الوجود، كما هاجم هيغل الفلسفة التجريبية الخالصة التي أغفلت السمات العقلية للواقع . ويعتبر هيغل حسب منظري مدرسة فرانكفورت رائد الفلسفة الاجتماعية لأنه خلص الفلسفة من القيود الشخصية المفردة ، حين ألقى بالوعي في تجربة جماعية وكونية يخوضها الروح منذ اللحظة الأولى التي انفصل فيها عن الطبيعة، وتظهر هذه التجربة في الدين والفن والسياسة وتجد في الفلسفة تعبيراتها المفهومية. وقد انقسمت المدرسة الهيغيلية بعد وفاته الى جناح يميني وجناح يساري ، وقد تمسك الجناح اليميني بالاتجاه المحافظ في مذهب هيغل ووسعه، أما الجناح اليساري فقد طور الاتجاهات النقدية عند هيغل بادئا هذا التطوير بتفسير تاريخي للدين ، وقد دخلت هذه الجماعة الأخيرة في نزاع اجتماعي وسياسي متزايد الحدة مع عهد عودة الملكية، وانتهى أمرها اما الى الاشتراكية والفوضوية الكاملة واما الى الليبيراليىة التي تحمل طابع البرجوازية المصغرة . وقد تعارضت معايير هيغل النقدية وجدبه بوجه خاص، مع الواقع الاجتماعي السائد، ولهذا السبب كان من الممكن أن يسمي مذهبه بحق" فلسفة سلبية" وهو الاسم الذي أطلقه خصومه المعاصرون لها، وقد ظهرت في العقد التالي لموت هيغل فلسفة ايجابية أو وضعية ترمي الى ازالة تأثير اتجاهاته الهدامة وأخذت هذه الفلسفة على عاتقها أن تخضع العقل الى سلطة الواقع، وأن الصراع الذي حدث بعد ذلك بين الفلسفة السلبية والايجابية أو الوضعية، ليقدم مفاتيح متعددة تساعد على فهم نشأة النظرية الاجتماعية الحديثة في أروبا . 2- الأسس السوسيولوجية : أ- التأثير الماركسي: من المعروف أن منظري مدرسة فرانكفورت تأثروا بالماركسية حتى اعتبر البعض أن هذه المدرسة ليست إلا فرعا من فروع الماركسية ، لكن أصحاب النظرية النقدية وان تبنوا الماركسية كمبدأ أو كمنهج فإنهم لم يلتزموا بها كليا ولم يتشبثوا بمقولاتها المتمركزة حول نقد النظام الاقتصادي والرأسمالي وحول الايدولوجيا بصفة عامة، بل تركزت ماركسيتهم على نقد الاغتراب والأسباب الكامنة وراءه في المجتمعات الصناعية القائمة على الكليانية والمعقولية التقنية والبيروقراطية التي ادعت التقدمية وتباهت بالهيمنة على الطبيعة وعلى الإنسان في العالم الشيوعي والرأسمالي، ولم يكن المصدر الأساسي لهذا النقد هو النظرية النقدية برمتها ولا الارتباط بالطبقة العاملة بقدر ما كان التأثر بماركس الشاب خاصة في كتاباته الأولى وتحديدا في مخطوطات 1844، فقد وجدوا في أرائه تأكيدا لاغتراب الكانسان وعرفوا أن نقدهم لها لا ينبغي أن يقتصر على الإصلاح الاقتصادي والسياسي وعلى " وثنيتها السلعية"-حسب المفكر الماركسي جورج لوكاتش- وعقلانيتها المزعومة التي تقف حجر عثرة أمام كل حياة إنسانية أصيلة. وهذا ما حاول القيام به كل من أدورنو وهوركهايمر في كتابهما المشترك " جدل العقل"، وقد انطلق هابرماس(أحد رواد الجيل الثاني) من فكرة أن الماركسية فكر يحتوي على قدرة نقدية هائلة لكل ما هو عام وشامل، وقد طرح نفس في نفس الوقت مشروع إعادة " توجيه الماركسية" ، واذا كان ماركس قد قلب الجدل الهيغيلي على رأسه وجعله يسير على قدميه كما يقال فان هابرماس هو أيضا قد قلب الماركسية من على رأسها لتسير على قدميها وذلك استنادا على عقلانية ماكس فيبر.لكن رغم المكانة التي تحضى بها الماركسية في مدرسة فرانكفورت فانها لم تسلم من النقد خاصة في شقها التقليدي والستاليني الدوغمائي اذ اعتبر رواد المدرسة أن الماركسية لم تعد تواكب التغيرات التي تحدث في العالم الرأسمالي ، وأن الرهان على الطبقة العاملة في القيام بالثورات أصبح شبه مستحيل في مجتمع استطاع احتواء هذه الشريحة الواسعة ، ليراهنوا على فئات أخرى من قبيل الطلاب والأقليات العرقية كطليعة استراتيجية للتغيير، وهذا ما تبين جليا ف ي أحداث 1968في فرنسا وفي أمريكا حين رفض الطلاب الأمريكيين الحرب على الفيتنام. ب- التأثير الفيبيري: تعتبر كتابات ماكس فيبر حول العقلانية من إحدى المرجعيات الأساسية لمدرسة فرانكفورت، و قد ظهرت بوضوح في كتابات ماركيوز وخاصة كتابه الانسان ذو البعد الواحد ، وخاصة في حديثه عن منطق الهيمنة وهو المفهوم الأساسي الذي أضحى مبدأ جوهريا مميزا لمدرسة فرانكفورت في أوج ازدهارها ويعني أن السيطرة على الطبيعة من خلال العلم والتكنولوجيا تنشئ عنه بالضرورة شكلا جديدا من التسلط على الإنسان ويمكن أن ندرج وجهين رئيسيين للتشابه بين مدرسة فرا نكفورت وكتابات ماكس فيبر: -الوجه الأول: هو أن العقلانية التقنية أو الترشيد قد تم تصورهما كقوى مجردة تشكل مجتمعا يقع خارج نطاق التحكم البشري، حيث أن المنطق الداخلي للنظام الذي خلقه العلم والادارة العقلانية يقوم بهذا العمل على نحو ما من وراء ظهر الأفراد أو الجماعات الاجتماعية المعينة وأنه يقوم بهذا أيا العمل أيا كان الشكل الظاهري للمجتمع، أي بصرف انظر عما اذا كان المجتمع رأسماليا أو اشتراكيا شموليا أو ديمقراطيا، وبهذا المعنى يتم إحلال مفهوم " المجتمع الصناعي" محل " المجتمع الرأسمالي" . وقد برهن ماركيوز على مقولات فيبر بقوله: (...ليس تطبيق التكنولوجيا فحسب، بل التكنولوجيا نفسها ، هي التي تمثل تسلطا على الطبيعة والإنسان بطريقة منهجية علمية ومحسوبة وماكرة ، وأن الأهداف والمصالح المحددة لهذا التسلط لا يتم دسها على التكنولوجيا فيما بعد ومن الخارج، وإنما هذا يدخل في تصميم بناء الجهاز التقني) . - أما الوجه الثاني : يمكن العثور على وجه التشابه في النزعة التشاؤمية الكئيبة التي تنشأ من تفسيرهما للمجتمع الصناعي الحديث، فإذا كان فيبر ليبرالي يائس- على حد تعبير توم بوتومور- فان مفكري مدرسة فرانكفورت وخاصة( هربرت ماركيوز ) يمكن وصفهم بأنهم " رديكاليون يائسون "- حسب بوتومور- اذ ينظر ماكس فيبر ومعه رواد مدرسة فرانكفورت الى أن التوسع الأكثر أو الأقل قسوة للترشيد والعقلنة يعني أن المجتمع سيصبح عرضة للتسلط من جانب علاقات اجتماعية ذرائعية محضة، وسيصبح " قفصا حديديا" ودولة " للتحجر الآلي" تختنق فيه الإبداعية الفردية والقيم الشخصية . إن تشاؤمية ماركيوز وهوركهايمر فيما يخص مصير الفرد هي من نفس تشاؤمية فيبر، فالعقلانية التقنية، أي العقل الذرائعي هو الذي يسود الحياة الاجتماعية وان بقيت قوى قليلة تعارضها، وهذا ما يخلص إليه ماركيوز في كتابه : "الإنسان ذو البعد الواحد". وإذا كان الرواد الأوائل لمدرسة فرانكفورت قد اعتمدوا على كتابات ماكس فيبر وكارل ماكس....فان هابرماس كأحد رواد الجيل الثاني من المدرسة لم يكتفي بكتابات ماكس وماركس بل انفتح على كتابات سوسيولوجيين اخرين من قبيل هربرت ميد وايمل دوركهايم ، حيث يؤكد هابرماس أن مفهوم التواصل بوصفه نظرية علمية قد بدأ مع السوسيولوجي هربرت ميد في نظريته المرتبطة بالتفاعل الرمزي، اذ دافع –هابرماس- عن فكرة أن التواصل هو المبدأ المؤسس للمجتمع، أما فيما يخص دوركايم فيتجلى فكره بوضوح في كتابات هابرماس حول كيفية دمج الفرد في مجتمع طغت فيه القيم الفردانية، ويظهر ذلك في حديث هابرماس عن الفضاء العمومي وكيفية تحقيق الديمقراطية، ففي كتابه "نظرية الفعل التواصلي" يخصص فصلا مطولا للحديث عن دوركايم وميد، يقول هابرماس(...ان تحول البراديغم الذي انتقل من الفعل الغائي الى الفعل التواصلي بدأ مع ميد ودوركايم، فماكس فيبر واميل دوركايم وهربرت ميد ينتمون الى جيل المؤسسين للسوسيولوجيا الحديثة) . III-مشروع النظرية النقدية ومنطلقاتها الفكرية: 1-نقد النزعة الوضعية الحديث والتجريبية. وجه الرعيل الأول لمدرسة فرانكفورت انتقاداته الحادة إلى النزعة العلمية المفرطة وأنساقها التي تحولت إلى إيديولوجيات تستند إلى يقين معرفي ومعتقدات ايمانية فكلها في نظرهم قد غدت أنظمة معرفية مغلقة تعتمد أشكالا تنظيمية جد مقننة للحياة الاجتماعية، من خلال إسقاط اليات فهم الظواهر الطبيعية على الظواهر الاجتماعية بمعنى أنها أصبحت ايديولوجيات شمولية تنظم علاقات الانسان بالانسان والانسان بالأشياء، مما حدا برواد مدرسة فرانكفورت إلى رصد تحول العقلانية كايديولوجية ، ومحاولة الكشف عن مكامن التسلط فيها ومحاربة نزعتها الوثوقية . واعتمادا على ارث النظرية النقدية واستكمالا لمشروعها واستنادا الى التطورات الاقتصادية التي عرفها المجتمع الغربي الحديث، وجه هابرماس انتقاداته أيضا لكل من النزعتين " الوضعية والتجريبية " انطلاقا من كون المهمة الفلسفية تقتضي ذلك من أجل كشف الوهم الإيديولوجي الكامن من وراء النزعتين معا، لأنهما يمثلان وجهين لعملة واحدة . إن المعرفة العلمية التي سخرت لفهم الطبيعة والتحكم فيها تم استخدامها أيضا للتحكم في الإنسان، بمعنى أن منطق النظم الذي تصوره الإنسان للسيطرة على الطبيعة، ثم نقله بالكامل للتحكم في الأفراد والجماعة، وهذا ما يبادر إلى أذهاننا عند فحص مختلف التنظيمات القانونية والإدارية، وأشكال الترشيد والضبط والتقنين والعقلنة لمختلف جوانب الحياة في العالم المعاصر، فكل هذه الاليات تعمل وفق نظمها ومنطقها الداخلي وتكرارها إنتاج مجتمع طبقا لمقاسات ومواصفات معينة، لكن مدرسة فرانكفورت ترفض أي تناظر أو تماثل تجريبي قد يعقد بين الظواهر الطبيعة والاجتماعية، يمكن صياغته في قواعد وقوانين محددة، على اعتبار أن السلوك الإنساني لا يمت بأي صلة للقواعد التي تتحكم في ظواهر الطبيعة. الأمر الذي جعل رواد مدرسة فرانكفورت يقفون في مواجهة معارضة للنزعة الوضعية التجريبية والتقنو علموية* الجامحة في حدود عواقبهما، ولعل ما يميز هذا النقد العنيف هو محاولة الكشف عن العقلانية بوصفها " اليات للتسلط والهيمنة"، التي طورت العقل التقني تحت ستار العلم ومن أجل العلم وبدعوى الحياد والموضوعية العلمية . ويمكن أن نجمل النقد العنيف الذي قام به رواد فرانكفورت في العناصر التالية: - لا تحفل النزعة الوضعية الحديثة الا بالتجربة الخالصة والمحضة، ووحده التجريب الذي تقوم به العلوم الحقة يستحق لقب " المعرفة " وما عداه يلقى به في قمامة التاريخ. - تنظر النزعة الوضعية للحاضر كحدث تم انجازه، وتتنصل كليا من تغييره. - تعلن السوسيولوجيا التجريبية( أن كل ما يمكن ملاحظته لا يعدوا أن يكون في نظرها أشياء، ومحض أشياء) . 2- نقد المجتمع الاستهلاكي لقد كان الاستهلاك في الماضي هو وسيلة لغاية ما، وهي تحقيق سعادة الإنسان، أما اليوم فقد أصبح الاستهلاك غاية في حد ذاته، فالإنسان اليوم مفتون بإمكانية شراء المزيد من الأشياء الجديدة والأفضل اذ أصبح فعل الشراء والاستهلاك هدفا لا عقلانيا لأنه غاية في ذاته، فشراء أخر موديلات " السيارات، الملابس،الآلات..." هو هدف كل إنسان، وتكون اللذة الحقيقية لاستخدام هذه الأشياء ثانوية بالنسبة للحصول عليها عليها. لقد حقق المجتمع الصناعي الصناعي وفرة في الانتاج ومن أجل تصريف هذه الوفرة يجب أن توازيها وفرة في الاستهلاك، وبالتالي ومن أجل ترسيخ قيم الاستهلاك تعمل الشركات الكبرى من خلال آليات الإشهار على توحييد الأذواق، فوفرة الإنتاج والاستهلاك- حسب رواد مدرسة فرانكفورت- تخدر المجتمع وتجعله يكتسب مناعة ضد أي تغيير نوعي، فالفرد في هذا المجتمع يعتقد أن له قيمة وأنه حر بمجرد أنه يستطيع أن يختار بين أنواع المنتجات الصناعية لتلبية حاجاته( انه حر في اختيار أسياده ) حسب ماركيوز . تدفع الرغبة في الاستهلاك الإنسان إلى تكوين رغبة مطلقة منفصلة تماما عن حاجاته الحقيقية، فالمجتمع الصناعي يعتقد أنه حر في وقت فراغه غير أن وقت الفراغ أصبح هو الأخر خاضع للمنظومة الرأسمالية، فالإنسان اليوم يستهلك وقت فراغه في مشاهدة المباريات الرياضية والأفلام السينمائية...بطريقة لا تختلف عن استهلاكه للسلع، فالإنسان يستمتع بمشاهدة ما هو مفروض عليه أن يراه وأن يسمعه. حاول رواد النظرية النقدية -بعد ما شاهدوه من انحطاط للقيم الفردية داخل المجتمع المتقدم ومن انسحاب لحق الفرد في الاختلاف في النظام الشمولي أولا وفي النظام الرأسمالي- إعمال العقل لإعادة الاعتبار للفرد ولتنشيط الفكر النقدي (وانطلاقا من ذلك عملوا على إعادة قراءة النص الفرويدي على ضوء تحولات المجتمع الصناعي متسائلين عن دلالات الرغبة والتصعيد اللاشعوري وموقع الجنس في آليات الإغراء الحديثة و علاقتها بالعملية الإنتاجية، وعن المعاني الجديدة التي يتخذها الحب) . 3-نقد الايديولوجيا: لقد دأب المنظرون الأوائل منذ ظهور المجتمع البرجوازي إلى الإشارة للايديولوجيا على أنه " الوعي الزائف" وقد خلص أدورنو الى أن ظهور مفهوم الايدولوجيا مرتبط بالمجتمع البرجوازي وليس بالمجتمع الصناعي، وتعتبر صناعة الثقافة التي ترجع جذورها إلى القرن الثامن عشر المولدة للايديولوجيا، وهي غير منفصلة عن تاريخ المجتمع البرجوازي . ويعتبر علم الاجتماع المعاصر الايديولوجيا كقاعدة " لسوسيولوجيا المعرفة " أي كوصف للتكون الثقافي ولتمثلات الشرائح الاجتماعية المختلفة، بالإضافة إلى العلاقة بينهما وبين الوضع الاجتماعي، فعلم اجتماع المعرفة ينظر الى معنى الحياة الانسانية من منظور الثقافة أو القيم السائدة فيه. وعلى العموم يرى أدورنوا أن علم الاجتماع يجب أن يهتم بالايديولوجيا عن طريق أبحاثه في التواصل ، ووضعه الى جنب المنتجين والمستهلكين لصناعة الثقافة الموضوعة بهدف انتاج معارف محدودة وعقل محدود، غير أن علم الاجتماع اذا أراد أن يصبح ناقدا للايديولوجيا يجب عليه أن يحلل وسائط الاتصال العامة ويدرس" سيناريوهاتها" التي تعرف بثقافة الجماهير، والتي تصب بعناية بالغة في تبرير ما هو موجود والسيطرة المحكمة على الذوق والنقد على حد سواء . وعلى العموم تعلن تلك الايديولوجيا أنه ليس هناك ما هو أحسن مما هو كائن ( وهذه الثقافة دعائية ليس إلا، وما تنفك تتحول رويدا رويدا إلى إرهاب، عندما تعمل على إقرار الوضع القائم كأمر لا مناص أو بديل عنه) . خلاصة يبدو أن نشأة النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت لم تكن وليدة الصدفة بل جاءت نتيجة ظروف العصر والمشاكل التي يتخبط فيها ، وبالتالي ومن أجل صياغة نظرية تساير متطلبات العصر لم يتم الرجوع إلى فكر فيلسوف أو عالم اجتماع واحد، ولم يساير رواد النظرية النقدية التقاليد التي كانت موجودة في تلك المرحلة بالاعتماد على منهج واحد أو إتباع طريق مفكر واحد، بل قام الرواد الأوائل بالمزاوجة بين الكثير من العلوم الاجتماعية، والانطلاق من مفكرين مختلفين وفي بعض الأحيان متعارضين في أطروحاتهم مثل الجمع بين فكر ماكس وماركس، الأمر الذي أكسب مدرسة فرانكفورت قيمة علمية مكنتها من تسيد الفكر الفلسفي المعاصر من خلال مختلف الإشكالات التي تثيرها. لائحة المراجع محمد نور الدين أفاية : الحداثة والتواصل في الفلسفة المعاصرة، نموذج هابرماس، إفريقيا الشرق ، الطبعة الثانية المغرب1998. -محمد الخوني، التنوير والنقد، منزلة كانط في فرانكفورت ، دار الحوار للنشر والتوزيع الطبعة الأولى، سوريا 2006. - محمد الأشهب : الفلسفة والسياسة عند هابرماس، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، المغرب 2006. - حسن مصدق : يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء المغرب ، الطبعة الأولى سنة 2005. -حسن حنفي وآخرون : فلسفة النقد ونقد الفلسفة في الفكر العربي والغربي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت بدون تاريخ. - هربرت ماركيوز :الانسان ذو البعد الواحد ، ترجمة د ،جورج طرابيشي، ا لطبعة الثالثة دار الآداب بيروت1988 -هربرت ماركيوز : العقل والثورة هيغل ونشأة النظرية الاجتماعية ،ترجمة د فؤاد زكريا، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1970. - علاء طاهر ، مدرسة فرنكفورت من هوركهايمر الى هابرماس ، منشورات الانماء القومي،بيروت الطبعة الأولى بدون تاريخ. -توم بوتومور: مدرسة فرانكفورت ، ترجمة سعد هجرس ،دار أويا طرابلس،ليبيا ،1998. المراجع باللغة الفرنسية: -Paul larant Assoun; l école de francfort; 2 édition : paris 1990 . -Haberrnas ;j : connaissance et l interet ;tr : jean- renée ladrrniral ; Gallirrnard ;1976 الفهــــــــرس تقديــــــــــم................................... .................................................. ..........................1 I-نشأة مدرسة فرانكفورت......................................... .................................................. .................2 II –الأسس الجوهرية لفكر مدرسة فرانكفورت......................................... ........................3 1- الأسس الفلسفية.......................................... .................................................. ..........3 2-الأسس السوسيولوجية...................................... .................................................. ......5 III – مشروع النظرية النقدية النقدية ومنطلقاتها الفكرية........................................... ............8 1-نقد النزعة الوضعية والتجريبية الحديثة........................................... ............................8 2-نقد المجتمع الاستهلاكي........................................ .................................................. 9 3-نقد الايديولوجيا...................................... .................................................. ..........10 خلاصة............................................. .................................................. .....11 لائحة المراجع........................................... ....................................11 https://social.subject-line.com/t2673-topic |
||||
2012-02-24, 19:59 | رقم المشاركة : 693 | ||||
|
اقتباس:
كتبهاصابر الفيتوري ، في 16 أغسطس 2007 الساعة: 01:17 ص ابراهيم الحيدري قدمنا في دراسة سابقة تعريفاً بفكر وفلسفة مدرسة فرانكفورت التي اسست نظرية نقدية للمجتمع. وفي هذه الحلقة نحاول توضيح اهم المحاور التي تقوم عليها وتطويرها الى فلسفة للتاريخ والمجتمع. ومن المعروف ان البناء الفكري والاجتماعي في المانيا هو بناء فلسفي في اصوله ومقوماته وفي شكله ومحتواه، وان جميع النظريات الاجتماعية والاقتصادية كانت ولا تزال تصطبغ بطابع فلسفي أو هي فلسفات اجتماعية. ومن هنا نجد ان النظرية النقدية ترتبط من جهة بالفلسفة الألمانية المثالية التي تمثلت بصامونيل كانت، وبالفلسفة المثالية ـ الموضوعية التي وقف على رأسها فردريك هيغل وكذلك بفلسفة التاريخ والمادية الديالكتيكية. وسوف نتعرض بايجاز شديد الى أهم المحاور الأساسية للنظرية النقدية والمفاهيم الرئيسية التي التزمت بها كالعلاقة بين النظرية والممارسة والجدل النقدي ومفاهيم العقلانية التكنولوجية وخاصية النظام الكلياني والاغتراب الثقافي وكذلك مفاهيم الرفض والسلب. الهيغليون الشباب من اجل فهم افضل للأسس الجوهرية للنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت لا بد لنا من استعراض الخلفية الفكرية والفلسفية التي قامت عليها، بحكم صلتها بفكر عصر التنوير والفلسفة الالمانية الموضوعية والمواقف الفكرية التي التزم بها الهيغليون الشباب في اتخاذ موقف محدد من النظام الفلسفي المحكم لمثالية هيغل ومنهجه الجدلي. لقد تمرد الهيغليون الشباب ضد الجانب التأملي المحافظ في فلسفة هيغل المثالية، ذلك الجانب الذي تفتح في ذات الوقت، عن المنهج الديالكتيكي. وفي الحقيقة لم يكن اتباع هيغل سوى معارضيه من الشباب، وكان على رأسهم كارل ماركس وبونو بوير ولودفيغ فيورباخ وغيرهم، الذين اطلق عليهم «الهيغليون الشباب» الذين اسسوا عام 1841 «حوليات الأدب والفن»، وأرسوا دعائم فلسفة اجتماعية جديدة رفضت الفكر الفلسفي التقليدي، مثلما رفضوا النظام الاجتماعي القائم ومؤسساته، محاولين تطوير الجانب النقدي من الفلسفة والانطلاق منها الى صياغة نظرية جديدة وعلم اجتماع نقدي له مفاهيمه الخاصة وميدانه المحدد، كبديل للفلسفة التقليدية وعلم الاجتماع الوضعي الذي بدأ به اوكست كونت وبخاصة بعد ان توقفت النظرية النقدية التي بدأ بها الهيغليون الشباب في ان تكون نقدية ورافضة وبعد ان تحولت المادية الديالكتيكية التي وضع اسسها كارل ماركس الى مادية ميكانيكية. لقد كان من الضروري على الجيل الجديد، بحسب هوركهايمر، احياء الماركسية من جديد وبحث الامكانيات التي يمكن بموجبها تغيير الواقع الاجتماعي القائم على التسلط والقهر، وكذلك ايديولوجيته، من خلال نظرية نقدية بديلة. وهكذا جندت مدرسة فرانكفورت نفسها لإحياء ما دعا اليه الهيغليون الشباب الذين يعودون في تاريخهم الى منتصف القرن التاسع عشر ووضعوا امام اعينهم الارتباط الجدلي بين الفلسفة والتحليل الاجتماعي. ومثلما عمل الهيغليون الشباب في فهم المنهج الجدلي الذي طوره هيغل، حاولوا وضع تصور جديد لبحث الامكانيات التي تؤدي الى تغيير النظام الاجتماعي من خلال الممارسة العملية. غير ان المائة عام التي مرت على أوروبا كانت قد احدثت تغيرات نوعية عميقة الأثر، مثلما انتجت شروطاً وظروفاً جديدة للعمل النظري ايضاً، حيث لعبت التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية دوراً كبيراً في تشكيل مقدمات النظرية النقدية. ففي الوقت الذي كتب فيه الهيغليون الشباب افكارهم، كانت المانيا تمر بتحديث رأسمالي سريع، وكانت كتابات شوبنهاور ونيتشة وفيبر وهوسرل، التي اعقبت الهيغليين الشباب، قد سيطرت على الفكر والفلسفة في المانيا بصورة عامة، كما تأسست مدرسة فرانكفورت في وقت كانت فيه المانيا قد وصلت الى مرحلة نوعية متقدمة، بسبب تنامي الاحتكارات وتدخلات الدولة بصورة مباشرة في اتخاذ القرارات الاقتصادية. ارخ هوركهايمر تأسيس معهد البحث الاجتماعي في جامعة غوته بفرانكفورت بقوله «وقد توحدت الاهتمامات والقناعات لبناء نظرية نقدية للمجتمع، لأنهم وجدوا ان من الضروري التعبير عن كل ما هو سلبي.. وان ما وحدهم هو اتفاقهم على نقدهم للمجتمع القائم وايديولوجيته..». في عام 1930 تم تنصيب هوركهايمر رئيسا للمعهد وتعيين تيودور ادورنو استاذاً مساعداً في المعهد. وبتعاون هوركهايمر وادورنو اخذ اسم النظرية النقدية في التطور والظهور، وارتبط بمدرسة فرانكفورت في علم الاجتماع النقدي، خاصة بعد ان وجه هوركهايمر نقداً «للمركزية البولشفية»، ووقف ضد اغتيال روزا لوكسمبورغ واصدار مجلة «البحث الاجتماعي»، التي عبرت في بحوثها النظرية، الميدانية عن رؤية نقدية جديدة. أزمة العلم من أزمة المجتمع في افتتاحية العدد الأول في مجلة «البحث الاجتماعي» كتب هوركهايمر عن «أزمة العلم» التي لا تنفصل عن أزمة المجتمع والتطور الاجتماعي في أوروبا، التي جلبت للعلم قيوده. فالعلم هو قبل كل شيء وسيلة لانتاج المعرفة، وهو في ذات الوقت قوة منتجة، غير انه لم يدرك بعد وظيفته الاجتماعية، ولذلك فهو يعكس تناقضات المجتمع الصناعي. كما عالج هوركهايمر التشتت المعتاد للعلم وكذلك للعلاقات الاجتماعية التي قادت الى تفتيته، وعلى العلم ان يدرك جميع شروط المعرفة حتى يستطيع تذليل الأزمة، مثلما عليه عدم ترك دوره الاجتماعي المطلوب. وحالما يكون العلم واعياً بوظيفته وبوضعيته المتأزمة، فانه يستطيع ان يطالب القوى الاجتماعية بضرورة تحريكه. أما ادورنو فقد كتب «اسس علم اجتماع الموسيقى»، واريك فروم «الماركسية والتحليل النفسي» ولو فينتال «واجبات علم اجتماع الأدب»، وهكذا عكس المجلد الأول من مجلة البحث الاجتماعي مرحلة جديدة في علم الاجتماع الألماني واتجاها مفارقاً ينحو الى الاهتمام بالنقد والتحليل السوسيولوجي والنفسي والفلسفي الجاد. وفي الاعداد الاخرى عالجت المجلة اوضاع الطبقة العاملة في المانيا والدول الأوروبية الأخرى. وفي هذا الوقت ايضاً تأسس للمعهد فرع في جنيف كانت مهمته جمع المعلومات والاحصائيات اللازمة لإعداد دراسات نظرية وميدانية حول الطبقة العاملة، وكذلك اقامة علاقات وثيقة مع منظمة العمل الدولية والتوجه نحو البحوث والدراسات الاجتماعية الأمبيريقية. في عام 1932التحق بالمعهد كل من هربرت ماركوزه، الذي ساعد على تحريك النشاط العلمي والسياسي في المعهد، حتى اصبحت أفكاره في ما بعد، رموزاً وشعارات «ثورية» استخدمها الشباب والطلاب في ما بعد في نهاية الستينات من القرن الماضي. كما التحق بالمعهد كارل مانهايم وريورغن هبرماس واريك فروم وفالتر بنيامين. النظرية النقدية في المنفى ان سيطرة النازية على السلطة في المانيا وصعود هتلر الى الحكم عام 1933اضطرت هوركهايمر وزملاءه للهرب الى سويسرا وفرنسا وبريطانيا، ومن ثم الى الولايات المتحدة الأميركية. وفي الوقت الذي صدرت فيه الأوامر باغلاق المعهد ومصادرة مكتبته القيمة، اسس هوركهايمر وزملا https://saberalfaituri.maktoobblog.co...%D8%AF-%D8%A7/ |
||||
2012-02-24, 20:02 | رقم المشاركة : 694 | ||||
|
اقتباس:
البداية من مدرسة فرانكفورت قراءة: عبدالله المطيري يورغين هابرماس ( 1929-) أحد أكبر وأهم فلاسفة العالم اليوم، هذا إن لم نذهب مع د. عصام عبدالله، صاحب كتاب "رهان الحداثة وما بعد الحداثة" في قوله أن هابرماس يعتبر أكبر فلاسفة ألمانيا المعاصرين وأهم فيلسوف في أوروبا والغرب كله. صدرت حديثا عن المكتبة الشرقية ترجمة عربية لكتاب هابرماس "مستقبل الطبيعة الإنسانية نحو نسالة ليبرالية".. ولكن قراءة هذا الكتاب تتطلب الكثير من القراءات السابقة التي يمكن أن تضع القارئ في الخط الفكري الذي يسيره هابرماس وينحت فيه مصطلحاته ومناهجه في التفكير ورؤيته للأشياء. هابرماس هو أبرز أفراد الجيل الثاني لمدرسة فرانكفورت الشهيرة. ولذا فإن فهم هابرماس، برأيي، يلزم له فهم هذه المدرسة النقدية، وهذا ما دعا إلى أن نسبق قراءة كتاب هابرماس الجديد بقراءتين تعنى الأولى بمدرسة فرانكفورت من خلال ثلاثة كتب هي: "مدرسة فرانكفورت" لبول - لوران آسون. والثاني "مدرسة فرانكفورت" لتوم بوتومور . والثالث: "يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت" لحسن مصدق. أما القراءة الثانية فتقترب بنا أكثر من هابرماس من خلال ثلاثة كتب: الأول: "التفكير مع هابرماز ضد هابرماز" لكارل أوتو آبل. والثاني: "رهان الحداثة وما بعد الحداثة" لعصام عبدالله. والثالث "إشكالية التواصل في الفلسفة الغربية الحديثة" لعمر مهيبل. على أن تخصص القراءة الثالثة لقراءة كتاب هابرماس الحديث "مستقبل الطبيعة الإنسانية" موضوع الحفاوة. "مدرسة فرانكفورت" نظرة تاريخية بحسب بول - لوران آسون فإن مدرسة فرانكفورت هي التيار الذي تحقق في فرانكفورت - ألمانيا، عند إنشاء هذه المدرسة بقرار من وزارة التربية بتاريخ 3- فبراير - 1923بالاتفاق مع معهد الأبحاث الاجتماعية. قبل التكوين الرسمي للمعهد رأس كيرت جيرلاخ هذا التجمع الفكري، لكنه توفي قبل افتتاحه بقليل، فاختير لإدارته المؤرخ كارل جرونبرج ما بين عامي 1923- 1929، والذي كرّس توجهات بحوث المعهد نحو أطروحات الماركسية الأورثوذكسية، ونحو أنشطة الحركة العمالية الأوروبية وكان عضوا منخرطا في صفوفها. وفي يناير 1931، الحديث هنا لتوم بوتومور، خلف هوركهيمر ( 1895- 1973) جرونبرج ( 1861- 1940)، وانضم إليه معظم المفكرين المشهورين فيما بعد: فروم ( 1900- 1980)، ماركوزه ( 1898- 1979)، وأدورنو ( 1903- 1969). في هذه المرحلة بلور المعهد، كما يرى حسن مصدق، برنامج بحث أصيل حيث لم يعد الاهتمام منصبا فقط على نقد الاقتصاد السياسي كأداة تحليل للمجتمع الرأسمالي كما كانت ترى الماركسية، بل اعتمد مقاربات تركيبية تقوم على ربط الفلسفة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية. وهي بمثابة الانطلاقة الحقيقية التي أفرزت لاحقا ما عرف باسم النظرية النقدية. أخذ هؤلاء الرواد على عاتقهم متابعة المشروع النقدي الذي أرساه كانط في ثلاثيته (نقد العقل الخالص، نقد العقل العملي، نقد ملكة الحكم) وتحيين فلسفة التاريخ لدى هيجل بإجراء تعاون وطيد بين الفلسفة والعلوم التجريبية. فلم يقتصر دورهم فقط على الكشف عن دلالة المعرفة في العلوم الإنسانية، ولكنهم قاموا بإنتاج رؤية منسجمة ومتمايزة لتجليات النشاط الإنساني، خاصة لتركيباته الاجتماعية والتاريخية والثقافية بناء على الأبحاث الوضعية التي تتمترس وراء التجربة والملاحظة العلمية الدقيقة. ومع استيلاء هتلر على الحكم في ألمانيا، أغلق المعهد وصودرت مكتبته، وغادر أعضاؤه، ومعظمهم من اليهود، عام 1933إلى بعض العواصم الأوروبية، وأنشأوا فرعا له في جنيف أطلقوا عليه (المؤسسة العالمية للبحث الاجتماعي)، وكوّنوا له إدارة جماعية، إضافة إلى فرعين آخرين في لندن وباريس. وبسبب التوسع النازي، اضطر هؤلاء المفكرون ثانية إلى مغادرة أوربا عام 1934، متوجهين إلى الولايات المتحدة، ونقلوا المعهد معهم إلى نيويورك باسم (المدرسة الجديدة للبحث الاجتماعي)، ليستقر بعد ذلك في الحرم الجامعي لجامعة كولومبيا . ثم ما لبثوا أن انتقلوا عام 1941إلى لوس أنجلوس. أثرت هجرة أعضاء المعهد إلى الولايات المتحدة في أعمالهم، ولذا فهم ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، وغروب النظم الفاشية والنازية، بدأوا تحليلا جديا للمجتمع الرأسمالي، الذي رأوا نمط صعوده الجديد في الولايات المتحدة، خاصة مع تنامي (المعجزة الاقتصادية) التي كوّنت رأسمالية قوية، حالت دون فعالية الطبقة العاملة في تحقيق أهدافها، وهذا ما يفسر توجه بحوث المعهد هناك إلى قضايا عديدة في هذا المجتمع، كقضية السيطرة الشاملة، والقضاء على قيمة الفردية، والقهر التقني، وصناعة الثقافة. حصار الغربة، الحديث مستمر هنا لتوم بوتومور، وعدم اندماج أعضاء المعهد مع البنى الاجتماعية الأمريكية واعتماد اليسار الجديد وحركة تحرير السود هناك لسياسات براجماتية محسوسة أكثر من اهتمامهم بالتنظير، تضافرت جميعها في ابتعادهم عن الممارسة، وانكفائهم في عزلة (الفخ) الأكاديمي، رغم انتقادهم لهذا السلوك، مما أدى بهم إلى الابتعاد عن فكرة الوحدة بين النظرية والممارسة، والتزامهم أكثر بالتجديد النظري، وهو ما رآه البعض سببا مهما في خصوبة أعمالهم النظرية. عموما عاد معهد البحوث الاجتماعية مرّة أخرى إلى موقعه الأصلي في مدينة فرانكفورت حيث عرف لأول مرة باسم (مدرسة فرانكفورت) تحديدا لتكوينه الجديد كمدرسة نقدية . "مدرسة فرانكفورت" منطلقاتها الفكرية ولدت مدرسة فرانكفورت في قلب العاصفة، دعونا هنا نحاول تصور الأوضاع في ألمانيا في العشرينات من القرن المنصرم وما تلاها مع امتداد عمر المدرسة. اندلاع الحرب العالمية الأولى، قيام الثورة البلشفية، إخفاق الثورة في ألمانيا، عدم نجاح الحركات الاشتراكية الراديكالية في أوروبا الغربية، ظهور الستالينية في الاتحاد السوفييتي، ظهور النظم الفاشية والنازية في إيطاليا وألمانيا، هيمنة النظم الرأسمالية وتعزيز سيطرتها الاقتصادية والأيديولوجية خصوصا بعد خروجها من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي مرّت بها في الثلاثينات. كل هذه الأحداث المثيرة خلقت لدى أفراد المدرسة كما يعبر سعد هجرس (مترجم كتاب بوتومور) شهوة عارمة ورغبة في صوغ أساس لنظرية وممارسة أكثر قدرة وفاعلية على تفسير الظروف التاريخية المستجدة والتعامل معها، بواسطة ممارسة نمط من النقد السلبي، يتجاوز أفكار كانط التي ساهمت في تأسيس العقلانية الحديثة، وأفكار الماركسية الأرثوذكسية التي استبعدت الذات الإنسانية من حساباتها. من المفيد جدا إيراد ما يقوله ماكس هوركهيمر مدير معهد البحوث الاجتماعية الشهير ب "مدرسة فرانكفورت" يقول: "يحركني الوعي أن فكرة الحرية الفردية التي قضت عليها النازية قد تم إحياؤها في قلوب كثير من الناس لمجرد أن المدرسة موجودة. وإذا كانت الستالينية قد تقلدت اليوم دور النازية فإنه في حالة انتصارها في أوروبا، ليس هناك مجال لأدنى شك أنها ستهدم كل ما بنيناه، وكل ما يمكن أن نتمناه هو أن ننفذ بجلدنا من جلادي التوتاليتارية الروسية كما تمكنا من الانفلات من أيدي النازية. لكن ربما ما زال هناك متسع من الوقت حتى نعلّم الشباب من الطلاب معنى الإنسانية كما تعلمناها نحن ". وإن كانت الممارسة النقدية هي سمة وخاصية هذه المدرسة التي لم تتخل عنها إلا أنه من المضلل ربما إجمال كل هذه التجربة بتنقلاتها المكانية والفكرية و تبدل روادها وأجيالها في خطوط مشتركة، ولذا يذهب توم بوتومور إلى أنه يمكن التمييز في الواقع بين مراحل أربع واضحة المعالم في تاريخ "المعهد" و "مدرسة فرانكفورت".المرحلة الأولى تقع بين عامي 1923- 1933الفترة التي كان يدير المعهد كارل جرينبرج المؤرخ الاقتصادي والاجتماعي وثيق الصلة بوجهة نظر الماركسيين النمساويين. جزء هام من عمل المعهد كان يحمل السمة الأمبيريقية بقوة ولم يكن المعهد يستوحي أثناءها مفهوما معينا للفكر الماركسي كما تجسد بعد ذلك في النظرية النقدية. المرحلة الثانية، هي مرحلة المنفى في أمريكا الشمالية ما بين عامي 1933- 1950والتي ترسخت فيها بشكل حاسم الأفكار المميزة للنظرية النقدية الهيجلية الجديدة، بوصفها المبدأ الموجه لنشاطات المعهد. وكان هذا التوجه الجديد للأفكار والاهتمامات البحثية قد بدأ بالفعل قبل ذلك ببضع سنوات، خاصة تحت تأثير تعيين هوركايمر مديرا للمعهد في يوليو عام 1930وقد لاحظ جاي، استنادا إلى خطاب تنصيب هوركايمر وعنوانه "الوضع الراهن للفلسفة الاجتماعية والواجبات المنوطة بمعهد البحوث الاجتماعية" عام 1931أن: "الاختلافات بين منهجه ومنهج سلفه كانت واضحة منذ الوهلة الأولى . فقد جاءت الفلسفة الآن، أكثر من التاريخ والاقتصاد، لتحتل المكانة الأرفع شأنا في عمل المعهد. تعزز هذا الاتجاه، كما يؤرخ توم بوتومور، عندما انضم إلى عضوية المعهد كل من ماركيوز عام 1932وأدورنو عام 1938، في أعقاب ارتباط فضفاض وأقل تحديدا منذ عام 1931، وفي الوقت نفسه أبدى المعهد اهتماما اكبر بالتحليل النفسي، ليظل بعد ذلك مبدءا سائدا في أعماله اللاحقة. وفي المنفى، بدأ الأعضاء البارزين به، وبتوجيه من هوركايمر، في تمحيص آراؤهم النظرية بطريقة أكثر منهجية، لتشكل بالتدريج معالم مدرسة فكرية متميزة. المرحلة الثالثة هي المرحلة التي تلت 1956وانتشر تأثير المدرسة فيها في معظم أنحاء أوروبا، مع ظهور اليسار الجديد، كما امتد أثر المدرسة إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث ظل بها عديد من أعضاء المعهد، وبخاصة ماركيوز. هذه المرحلة هي مرحلة الذروة في التأثير الفكري والسياسي، خصوصا في أواخر الستينات، مع النمو المتسارع لحركة الطلبة الراديكالية، في هذه الفترة ظهر ماركيوز أكثر من غيره بوصفه الممثل البارز لشكل جديد من الفكر النقدي الماركسي. أما المرحلة الرابعة، مع بداية السبعينيات، انحسر تأثير مدرسة فرانكفورت ببطء، خصوصا بعد موت أدورنو 1969وهوركايمر 1973حتى أنها كفّت أن تتواجد كمدرسة وحادت في سنواتها الأخيرة بعيدا عن الماركسية التي وهبتها الحياة في الأصل. كذلك أخذ تناولها الإجمالي للنظرية الاجتماعية في الابتعاد بشكل متزايد عن الأشكال الجديدة أو المتجددة من الفكر الماركسي. ومع ذلك شقت بعض المفاهيم الرئيسية لهذه المدرسة طريقها إلى مؤلفات الكثيرين من المشتغلين بعلم الاجتماع، سواء من الماركسيين أو غيرهم، كما أنها تطورت بطريقة مبدعة على يد هابرماس، فيما يتصل بنقد متجدد لشروط إمكانية المعرفة الاجتماعية، وفي إعادة تقويم نظرية ماركس من التاريخ والرأسمالية الحديثة. اشتهرت مدرسة فرانكفورت بقضايا فكرية عديدة سأحاول هنا إبراز عدد منها استكمالا لمحاولة فهم منطلقات المدرسة الفكرية: نقد النزعة الوضعية الحديثة والتجريبية: من المعلوم أن بدايات القرن العشرين شهدت أوج رواج الفلسفة الوضعية المنطقية والفلسفة التجريبية التي شنت حملات عنيفة على التأمل الفلسفي و النظريات الفكرية المجردة ورأت أن المنطق العلمي والتجريبي يجب أن يكون المرجع الوحيد للنظريات والتفكير الصحيح. إلا أن الجيل الأول لمدرسة فرانكفورت قد وجه انتقاداته الحادة إلى النزعة العلمية المفرطة وأنساقها التي تحولت إلى أيديولوجيات تستند إلى يقين معرفي ومعتقدات إيمانية. فكلها في نظرهم قد غدت أنظمة معرفية مغلقة تعتمد أشكالا تنظيمية جد مقننة للحياة الاجتماعية، وحمّالة قيم وسلوكيات تنافح وتدافع عنها، من خلال إسقاط آليات فهم الظواهر الطبيعية على الظواهر الاجتماعية. بمعنى أنها أصبحت أيديولوجيات شمولية تنظم علاقة الإنسان بالإنسان والإنسان بالأشياء، مما حدا برواد مدرسة فرانكفورت إلى رصد تحول العقلانية الغربية إلى أيديولوجيات شمولية، ومن أسباب انتقادهم علانية العقلانية كأيديولوجيا ومحاولة الكشف عن مكامن التسلط فيها ومحاربة نزعتها الوثوقية. نقد الماركسية الكلاسيكية والدوغمائية الستالينية: يقسم ماركس أشكال الوعي الاجتماعي إلى مستويين: 1- أشكال الوعي الأيديولوجي. 2- أشكال الوعي "الموضوعي": (العلوم، والفلسفة التي تقدم نظرية موضوعية كما هو شأن الماركسية مثلا في تقويتها للتحليل الاقتصادي والتاريخي وإعلائها من قيمتها ...). والمشكلة التي تراها النظرية النقدية تكمن في تأكيد ماركس وبشدة أنه ليس هناك من معرفة دون مصلحة، فأي معرفة سواء كانت أيديولوجية أو علمية، مشروطة أولا وأخيرا بمصلحة تدافع عنها ومن أجل قيم معينة ومحددة. غير أن ماركس في نظريته عن المصلحة لا يشير في الغالب إلا إلى مصالح اجتماعية يراها خاصة، كالمصالح الطبقية (مصالح الربح، أو تملّك وسائل الإنتاج...) بوصفها شروطا ضرورية (أي من دونها لا يمكن أن يحصل أي تعبير وتمثيل) وفي الوقت نفسه بوصفها شروطا محددة (لأنه من خلالها يتم تحديد الأفكار والنظريات). وبالتالي فإن فرضية المصالح الاجتماعية لا تسعفنا في فهم إمكانية الانتقال من الوعي الأيديولوجي إلى الوعي العلمي الموضوعي. علاوة على أن العلم كما الفلسفة يشتركان في القول بأن هناك ثمة مصالح كونية، منها الحقيقة التي تشكل معيارا مقبولا بالنسبة للفرد أيا كانت طبقته. وهذا الدحض يشمل ماركس وإنجلز المنتميات للطبقة البرجوازية ولكن كل طرحهم موجه لمصلحة طبقة غير طبقتهم وهو ما يسمح بالقول أن المعرفة لا يمكن أن توضع دائما من اجل مصلحة. فإذا اعتبرنا نظريتهم "موضوعية" فهي حجة بأن الوعي لا يتحدد دائما بالمصلحة الطبقية التي ننتمي إليها. نقد الأيديولوجيا: إذا كانت الأيديولوجيا توصف بأنها الوعي الزائف إلا أنه لا يمكن القبض عليها بسهولة، ولذا، يقول أدورنو، إن تأمل النظام الستاليني يظهر أن الأيديولوجيا كانت "وسيلة للاضطهاد"، أما في الغرب فلم يعد لها من وجه واضح القسمات لنتعرف عليها، بل أصبحت تجيد لف الحبل على الغارب وأكثر قدرة على التخفي والذوبان ومن دون أي علاقة مع الحقيقية. الأيديولوجيات العلموية تعلن أن ليس هناك ما هو أحسن مما هو كائن، ولا داعي للبحث عما ينبغي أن يكون، فالواقع ما هو كائن. هذه الثقافة دعاية ليست إلا، وما تلبث، كما يرى أدورنو، أن تتحول رويدا إلى إرهاب عندما تعمل على إقرار الوضع القائم كأمر لا مناص أو بديل عنه. وخلافا لذلك تعتمد النظرية النقدية إلى عدم إغفال تحليل الواقع التاريخي لارتباطها به أشد الارتباط حتى يتسنى لها ربط النظرية بالممارسة، فإذا كانت الممارسة تؤثر في التمثلات، فالنظرية تؤثر أيضا في الإدراك. وعلى الرغم أنها تبحث باستمرار عن سبل تجاوز المجتمع، فيجب عليها أن تتحاشى السقوط في فخ أن تصبح أيديولوجيا بدورها أو أن تتحول إلى صيغة جاهزة للاستعمال. مدرسة فرانكفورت: أعلام ومؤلفات: نذكر هنا ابرز علماء المدرسة مع أبرز مؤلفاتهم. 1- ماكس هوركايمر ( 1895- 1973) من أبرز أعماله "النظرية التقليدية والنظرية النقدية"، "جدلية التنوير" مع أدورنو 2- تيودور أدورنو ( 1903- 1970) من أعماله: تعالي الغيري والنيوماني في ظاهرية هوسرل "، "كيركجارد وبناء الجمالية"، "الشخصية الاستبدادية" مع آخرين، "الجدل السلبي ". 3- هربرت ماركيوز ( 1898- 1979) أبرز مؤلفاته: "العقل والثورة"، "الحب والحضارة"، "فلسفة النفي"، "الإنسان ذو البعد الواحد"، "نحو التحرر"، "الثورة والثورة المضادة ". 4- فردريك بولوك ( 1894- 1970) من أعماله: "نظرية العملة عند ماركس"، "تجارب التخطيط في الاتحاد السوفييتي بين عامي 1917- 1927". أما هابرماس فسنصل إليه أكثر في الحلقة التالية. https://www.alriyadh.com/2006/12/14/article208864.html |
||||
2012-02-24, 20:07 | رقم المشاركة : 695 | ||||
|
اقتباس:
عدد مرات المشاهدة :1580 - 08/ 1/ 2009 حجم الخط: مازن لطيف يشدد الفيسلوف والمنظر الاجتماعي المعاصر يورغن هابرماس الذي يعمل في الاطار التقليدي للنظرية النقدية على أن الفعل الديمقراطي التواصلي لا يستطيع أن يحصل على مشروعية حقيقية قائمة على سلطة العقل إلا في إطار خطاب نقدي خال من الإلزامات والقيود السلطوية. فلا توجد أفكار معاصرة تشبه أفكار يورغن هابرماس من جانب بنائها المعماري وقدرتها على التعبير النقدي.. رصد فلاسفة وعلماء الاجتماع في مدرسة فرانكفورت مختلف الاعراض المرضية التي اصابت عصرنا كالتشيؤ والاغتراب والصنمية ، مما حداهم ان يقيموا نقداً حاداً ليوتوبيا التقدم التقني والنظريات التبشيرية بعالم الأحلام الموعود ، كما انتقدوا في حينه النزعة العلموية التي تتصور المعرفة كطبيعة موضوعية مجردة عن المصلحة .. في الكتاب الصادر حديثاً " النظرية النقدية التواصلية ـ يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت " عن المركز الثقافي العربي ، مساهمة في التعريف بفكر هابرماس وقد كتب المفكر برهان غليون مقدمة الكتاب حيث يرى ان هناك ثلاثة عناصر تبرر الاهتمام بفكر هابرماس والحماس للتعرف به في بيئتنا العربية المعاصرة الاول : هو الطابع التوجيهي الذي تتميز به فلسفة هابرماس وسعيه المستر إلى ربط النظرية بالممارسة .. والثاني : هو النظرية النقدية التي تبناها هابرماس وإعاد بناءها والعنصر الثاثل : هو مفهوم الفضاء العمومي ويشكل هذا المفهوم الذي هو من اختراع الفيلسوف الالماني كانت مفتاح الممارسة الديمقراطية في نظر هابرماس الذي عمم استخدامه منذ السبعينيات من القرن الماضي.. حاول حسن مصدق التعريف بمدرسة فرانكفورت وبناء نظرية اجتماعية نقدية ، ويذكر الكاتب انه اذا كان ماكس هوركهيمر ابرز مفكري الاربعينيات فإن مرحلة الخمسينيات والستينيات شهدت صعود تيودور ويزنغرود أدورنو (1903_1969) إلى الواجهة ، فحتى تلك الحقبة قام نقد المجتمع على اعتبار التاريخ سيرورة تقدم للعقل ستحقق في الاشتراكية، مادام أن واقع هذه الديناميكية التاريخية ارتبط بطبقة اجتماعية تجسد حلم البشرية في الانتعاق وتغيير النظام القائم.. سيقترح كتاب هوركهيمر وأدرنو «جدلية التنوير» وهو بمثابة نقطة تحول بارزة في حياة مدرسة فرانفكورت .. وبطيعة الحال فإذا كانت فلسفة كانط الاخلاقية تقول بأن شعور الانسان بواجبه صادر من اخلاقية فطرية وأن الاخلاق عامة وطلقة وكلية وعمومية ، فإن هابرماس (1929_. . . ) حاول ايجاد بديل بذلك . ويذكر حسن مصدق ان الذي يهمه عند هابرماس أحد أبرز رواد فلسفة التواصل النقدية أن معيارية القوانين لاتستند إلى وازع أخلاقي ، وانما يجب أن تكون عقلنة للإرادة الانسانية في عالم يلفها بالتعقيد والاحتمالية ـ غير المتوقعة ـ وسيطرة الأنساق ، وفقط بفضل العقلنة اللغوية في تعابيرنا وسيادة العقل النقدي يمكن ان نطمح الى الكونية على اساس تداولي وقابل للتعميم.. اراد هابرماس البحث عن حل عقلاني للتقنية التي اطبقت على العالم المعيش واستفردت به منجميع الجهات ، فهو يقر بأننا نعيش عصر الرأسمالية المتقدمة والقائمة على التقنية ، بل ان شرعيتها أصبحت مستمدة منها .. ويعتبر ماركس بنظر هابرماس أكبر داعية للتقنية ، لكن تجدر الاشارة إلى أنه إذا كان ماركس قد ناصر التقنية كوسيلة لتحرير الانسان من الامراض الفاتكة والاوبئة وجبروت الطبيعة.. الخ، فإنه أشار في مواطن متعددة إلى الأخطار التي تحدق بالطبيعة من جراء الاستغلال التقني الارعن لمواردها ، ويقول :» إن كل تقدم في فن الزراعة الرأسمالية ليس فقط تقدماً في نهب الارض ، فكل تقدم في زيادة خصوبة الارض لوقت محدود من الزمن هو تقدم في تخريب الموارد الدائمة لهذه الخصوبة «.. يفهم هابرماس العمل ك « نشاط عقلاني موجٌَه لهدف وغاية « وهو ينقسم بدوره إلى نوعين : فعل أداتي يخضع لقواعد تقانية واختيار عقلاني ينتظم وفقاً لستراتيجيات قائمة على معرفة تحليلية.. يشخص هابرماس الحداثة الاوروبية في ضوء ماكس فيبر بأنها عقلانية أداتية ، ولخصها تحت مفهوم العقلنة والعقلانية التي تجلت في ازدياد الحسابية والبحث عن الربح والسيطرة المنظمة على كل جوانب الحياة الانسانية على أساس قواعد قللت من الاعتماد على القيم التقليدية المتوارثة.. ويلاحظ حسن مصدق ان هابرماس قدم رؤية لفهم العالم المعاصر من خلال التعريف الجديد الذي يراه منشطراً إلى عالمين : الاول يخص العالم المعيش الذي تقوم بنياته على اللغة والتواصل ، والثاني يخص عالم الانساق الذي يخضع بالاساس للعقلنة الحسابية التي تتميز بالوظيفة والأداتية والفعالية . وهذه الفجوة تقسمه إلى شطرين:عالم الأنساق والعالم المعيشي فاللغة تلعب دور التواصل في العالم المعيشي ، والنسق مجال العقلنة الحسابية والأداتية المحيطة به . فاللغة كالأرض تشخيص لمأوى الوجود وعلى الرغم من أنها كانت دائما وسيطا رمزيا بامتياز لايمكنها التنسيق بين جميع الافعال الانسانية لذلك حلت محلها الانساق في العديد من مناحي الحياة.. ويرى هابرماس ان هذه الانساق تمتاز بديناميكية انغلاق على نفسها لكل منها عالمها الخاص : فالسلطة تحدد شروط ممارستها والنقود تحدد قسم العملة بطريقة محض ذاتية.. ويضيف هابرماس أن معيارية الانساق مغلقة وغالباً ماتستعمل رموزاً مزدوجة ومصطلحات تُحددُ بها من ينتمي إلى النسق ومن لاينتمي إليه . فنسقية القانون مثلاً تمر عبر رمز مزدوج : قانوني/ غير قانوني ( وماعدا ذلك فهو خارج عن النسق وغير معترف به).. لقد حاول حسن مصدق في كتابه استنتاج بعض الروابط ذات الصلة الوثيقة بأخلاقيات التواصل وعلم السياسة.. وركز على ان هابرماس يعبر عن نفسه بمقتضى مبدأ خطابي يقوم على البرهنة ولايضفي الشرعية على المعايير التي تثير قبول وتوفق جميع المعنيين بها .. فهابرماس يتصور اجراءات تكوين الإرادة العامة كشبكة من البراهين والحجج المتمايزة التي تتبارى فيما بينها حول الاخلاق والسياسة والاقتصاد.. غير انها تتضمن ايضا إجراءات منصفة للتفاوض حول تسوية ما ختم حسن مصدق كتابه المهم « يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت» ان دور فلسفة التواصل النقدي يكمن بوصفها الاندماج الحي بين التفكير الفلسفي وعلم الاجتماع في نقد الديمقراطية التمثيلية ومحاولة تحرير مجال الاتصال الانسانس من قبضة العقل الأداتي والتشيؤ والاغتراب والسلعية بالعودة إلى الحداثة ذاتها ، وقد تم إعادته من تحريره من الذاتية والنزعة العلموية . https://www.adabfan.com/criticism/2662.html |
||||
2012-02-24, 20:09 | رقم المشاركة : 696 | ||||
|
اقتباس:
كتبهاzezo ، في 22 تشرين الثاني 2010 الساعة: 14:21 م جامعة طرابلس قسم الدراسات العليا الطالب/محمد سالم العكارى تحت اشراف الدكتور/عبدالكريم العجمى مدرسة فرانكفورت : مدرسة فرانكفورت بكل تناقضاتها وأشكالياتها المعروفة هي واحدة من المعالم المهمة التي تشكلت في الفكر الأوربي بإرثه العظيم . حيث نشأت في داخل الفكر الفلسفي وتطورت نظريتها النقدية التي استندت على الإرث الماركسي وعلى دراسة واستيعاب النظرية النقدية للتراث الفلسفي الأوربي ومحتواه النظري ويستند الرعيل الأول لهذه المدرسة (هوركهايمر وتيودور أدورنو وفالتر بنيامين وهر برت ماركوز وأريك فروم ) على الفكر النقدي للماركسية وكذلك استفادت وحاورت الكانتية والوجودية والبنيوية بكل تياراتها المعاصرة وقد أعادت قراءة الماركسية وفكرها النقدي وقدرتها المنهجية على التحليل بعيدا عن البرجماتية والممارسات الضيقة ، وتعتبر مدرسة فرانكفورت الوريث للتقاليد العظيمة للفلسفة الكلاسيكية الألمانية ونقدا صارما للثقافة البورجوازية ويعتبر الجيل المؤسس لهذه المدرسة المتميزة بأطروحاتها الجريئة منذ أن اتخذت من الماركسية وجدية أطروحاتها في نقد البني البورجوازية والجيل المؤسس من أمثال (ماكس هركهايمر وتيودور أدورنو وفريدريك بولوك وهر برت ماركوز وأريك فروم ولوفيتال وفالتر بنيامين ) بينما واصل الجيل الثاني ( الفريد شمت وكلاوس أوفي ويورجن هابر ماس وأول برخت فيلمر )وكلا الجيلين تأثروا بالماركسية حيث أتجه بها ماركوز إلى ناحية الطوبائية بينما أشتغل كل من أدرنو وهابر ماس على الجدلية السلبية بينما تأثر أريك فروم وجاك لاكان بنظرية فرويد في التحليل النفسي. وكانت بداية المشروع العلمي لمدرسة فرانكفورت مع نشأة معهد البحوث الاجتماعية الذي مارس نشاطه في عام 1923 وشهد صعود اليسار الألماني وانتكاساته وكانت في ألمانيا آنذاك تجارب جديدة تتوازى مع مشروع مدرسة فرانكفورت حيث قام أصحاب المذهب المثالي بتأسيس( معهد النقد ) الذي أسسه فردريك شلنج ويوهان فختة وكذلك تجمع الهيجليين الشباب و(جمعية برلين للفلسفة العلمية )وكان من أعضاءها هانز رايشنباخ وكارل همبل وكذلك حركة فينا المركز التنظيمي والأيديولوجي للوضعية المنطقية وكذلك ظهرت الحلقات الراديكالية الماركسية التي ظهرت بعد أخفاق الثورة الألمانية وأبرز هذه الحلقات ( أسبوع الإعمال الماركسية )التي نظمها فليكس فايل صيف 1922 بمدينة تيرنج وشارك فيها كارل كورش وجورج لوكاش وريتشارد سورج ويولوك وكارل فيتوفجل وغيرهم ومن ثم تم أنشاء معهد البحوث الاجتماعية بجامعة جوته في مدينة فرانكفورت حيث ترأسه كيرت جيرلاخ ثم توفي وترأسه بعده المؤرخ كارل جرونبرج عام 1929 وفي يناير 1931 خلفه هوركهايمر والذي أنفتح المعهد في عهده على الفرويدية والظاهراتية ، وبعد استيلاء هتلر على الحكم في ألمانيا أغلق المعهد وصودرت مكتبته ، حيث هاجر أغلب أعضاءه إلى أمريكا ليعود بعدها عام 1951 إلى فرانكفورت مرة أخرى حيث عرف لأول مرة باسم ( مدرسة فرانكفورت )وقد توالت أطروحات مدرسة فرانكفورت عبر أربعة مراحل مهمة متميزة تمثلت عام 1930 في فترة تولي جرونبرج أدارة معهد الدراسات الاجتماعية حيث أتسمت بطابع ماركسي ثوري وتمثلت الثانية مع هوركهايمر في نقد الماركسية الارثودكسية وتمثلت الثالثة عند خروج المعهد إلى المهجر والرابعة تمثلت عند عودة المدرسة إلى موطنها في فرانكفورت حيث تجلى تأثيرها الواضح على حركات الشباب في أوربا والحركات الراديكالية التي اتخذت من الماركسية نظرية تهتدي بها مبتعدة عن الماركسية الارثودكسية ومنظريها الذين حاولوا أن يجعلوا من تلك النظرية الحيوية مجرد مفاهيم ثبوتية غير قابلة للجدل وإفراغها من البعد الثوري الذي حاول مؤسسيها ومن أكملوا المشوار بعدهم جعل تلك الأفكار بديل لحالات الاستغلال والبؤس والاغتراب والتي تسلب الإنسان إنسانيته وتجعله مجرد آلة في دولاب الرأسمالية الكبير ، وفي نهاية السبعينات وهي المرحلة الأخيرة من المرحلة الرابعة حيث انتهى تأثير مدرسة فرانكفورت حيث مات تيودور أدرنو عام 1969 ومات كذلك هوركهايمر عام 1973 لتنتهي تلك الفترة من فترات نشاط تلك المدرسة وكذلك انتهى تأثير الماركسية عليها والتي وهبتها الحياة محاولة في مراحلها الأخيرة الابتعاد عن تأثير الماركسية الستالينية والتي أعتبرها الكثيرين هي الماركسية في فترة أنجمادها وإفراغها من محتواها الإنساني . واتخذت مدرسة فرانكفورت من ضمن أستراتيجاتها المهمة الهجوم على الميتافيزيقيا والمثالية ، وقد أصدر المعهد صحيفة متخصصة تمثل وجهة نظر معهد الدراسات الاجتماعية ومن ضمن المقالات المتميزة التي نشرت في الصحيفة مقالة لهوركهايمر بعنوان (الماركسية وعلم النفس ) ومقالة لاريك فروم( الماركسية والتحليل النفسي ) ودعا فيها أريك فروم إلى علم ماركسي نفسي يمكن المزاوجة فيه بين الماركسية والفرويدية وهذه المقالة هي نواة لكتابه المهم ( الخوف من الحرية ) وقد قام أعضاء تلك المدرسة بدراسات جماعية منها حول دور الطبقة العاملة في أوربا ومنها أيضا دراسات حول الجدل الهيجيلي وكذلك دراسة جماعية حول الشخصية الفردية وكذلك دراسة حول الشخصية الاستبدادية وقد ساهم في تك الدراسات المشتركة كل من( أريك فروم وأدرنو وهوركهايمر وهربرت ماركوز) ، وكذلك هناك دراسات متميزة عن معاداة السامية قام بها مجموعة من أعضاء مدرسة فرانكفورت وكانت هذه الدراسات تحت عنوان (دراسات في التحيز )، وبعد عودة مدرسة فرانكفورت إلى موطنها الأصلي وتوضح معالمها كمدرسة متميزة وأزداد تخصصها الفلسفي واهتمامها بالنظرية النقدية وتبدى تأثير أدورنو وهوركهايمر بشكل واضح وخلال الخمسينات والستينات أصبح المنهج الفلسفي واضح في دراسات أعضاء تلك المدرسة المتميزة بدراسة أعضاءها ومن بين الكتب المهمة التي ظهر تأثير الفلسفة واضح على منهجها كتاب ( العقل والثورة ) لهربرت ماركوز وكذلك كتاب ( المذهب الامبيريقي المنطقي ) الذي حاول فيه نقد طروحات الوضعية المنطقية ومقالاتها في دور العلم والمنهج الشامل ، وكذلك كتاب ( العلم الموحد )وهو من ضمن مشروع حلقة فينا والذي شاركت في تأليفه مجموعة من أعضاء تلك الحلقة المهمة ، وقامت المدرسة بدراسات مهمة عن علاقة النظرية النقدية والنظرية التقليدية وكذلك عن الدور الاجتماعي للعلم ، وقد ظهرت فلسفات للعلم تجلى فيها الوعي الزائف وخصوصا لدى مفكري مدرسة فاربورج واتجاهها الكانطي الجديد ، وكذلك التناقض بين الفعل العملي والنظري وبين المعرفة والغاية، وفي مناقشة دور البروليتاريا في العصر الحديث وهذا هو جوهر الخلاف بين جورج لوكاش الذي ميز بين الوعي الطبقي والامبيريقي للبروليتاريا الذي يكون زائفا وبين الوعي الطبقي الصحيح في كتابه ( التاريخ والوعي الطبقي ) وكان هذا خلاف بين لوكاش وهوركهايمر عن دور البروليتاريا الاجتماعي وعلاقة الفكر بالطبقة ودور الحزب البروليتاري في عملية التغيير الطبقي وأنهاء حالات البؤس والاغتراب ، وكان جميع مفكري مدرسة فرانكفورت بعيدين عن الحياة السياسية بأستثناء هربرت ماركوز الذي ناصر الحركات الطلابية في نهاية الستينات وأعتبرها بارقة أمل في الحياة الثورية وهي أي تلك الحركات الثورية الطلابية بديل للحركات العمالية التي أنتهى دورها الثوري وخصوصا عند الكثيرين من المفكرين الذين أعتبروا الطبقة العاملة جزء من الطبقة البورجوازية بعد أطلاق مقولة (تبرجز الطبقة العاملة) وعلى الرغم من أن الحركات الطلابية قد أعتبرت مدرسة فرانكفورت ودراساتها المتميزة من مصادر التأثير المهمة لتلك الحركات الا أن معظم أعضاءها كان مبتعدا عن الحياة السياسية وخصوصا أدورنو وهوركهايمر الذين أبتعدوا عن الحركات الطلابية في نهاية الستينات وكأنهم كانوا ينظرون من أبراجهم العاجية ويحلقون فوق النزاعات والمشاكل الاجتماعية غير مبالين بها ، وفي كتاب( الإنسان ذو البعد الواحد) يحاول ماركيوز أن يوضح دور الطبقات في المجتمع وكيف أن البورجوازية والبروليتاريا وصراع الطبقات بينهما والذي درسه ماركس في كتابه الراسمال لم تعد قسمات هامة في بنية المجتمعات الرأسمالية ذات النزعات الاستهلاكية ، وحاول الكثير من مفكري مدرسة فرانكفورت دراسة ملامح المجتمعات الغربية وكأنها دخلت في طور الرأسمالية المتأخر وقد قارن الكثير من الباحثين بين دراسات مدرسة فرانكفورت ودراسات ماكس فيبر وأوجه التشابه بينهما تتجلى في نقطتين رئيسيتين ، النقطة الأولى تتجلى في أحلال مفهوم المجتمع الصناعي بدل المجتمع الرأسمالي والنقطة الثانية من التشابه تتجلى في النزعة التشاؤمية الكئيبة من تفسيراتهما للمجتمع الرأسمالي فالكثير كان يصف فيبر بأنه ليبرالي يائس ، في حين يوصف مفكري فرانكفورت بأنهم ( راديكاليون يائسون ) باعتبارهم حاولوا أن يعكسوا صورة جديدة للمجتمع الصناعي وكان خير تحليل لحالة النفور الاجتماعي من العقلنة والتقنييات المغلقة هو كتاب ( الانسان ذو البعد الواحد ) لهربرت ماركوز والذي حاول أن يدرس فيه حالة العقلانية العلمية التقنية في المجتمعات الصناعية وانتهاء دور الوعي الطبقي وصراع الطبقات في تلك المجتمعات وكأن هناك قوة لا شخصانية تتحكم بالمجتمع ذو النزعات الجديدة ، وتركزت كذلك دراسات مفكري مدرسة فرانكفورت حول(مصير الفرد في المجتمع الراهن )وكذلك قيمة الفردية في المجتمع الرأسمالي وكذلك النظرة اليائسة لموقف الفرد في المجتمع الحديث وكذلك حاول هربرت ماركوز في كتابه ( الحب والحضارة ) والذي حاول فيه دراسة المفهوم الفلسفي للفرويدية وكيف أن الطبيعة البشرية تجاهد للوصول إلى هدف السعادة عن طريق التحرر الجنسي والإشباع ورفض مفهوم الكبت وأهميته من أجل خلق حضارة أي أخضاع مبدأ اللذة إلى مبدأ الواقع والذي درسه فرويد دراسة وافية في كتابه ( ما فوق مبدأ اللذة ) . وفي نهاية الستينات وبعد وفاة كل من هوركهايمر وأدورنو وأنتهاء الحركات الطلابية اقتربت تلك المدرسة من نهاياتها وبقيت أفكارها الرئيسية واضحة في الدراسات النقدية المهمة وواصل الكثير من المفكرين ممن تأثروا بأفكار مدرسة فرانكفورت وبجهود فردية بدراسات فلسفية وفكرية متميزة ويقف على رأس هؤلاء المفكرين ( يورغن هابرماس ) بالإضافة إلى ( البرخت فيلمر والفريد سمث وكلاوس أوفي) وكذلك واصل بعض المفكرين ممن تأثروا بأفكار أدورنو دراساتهم من وحي ذلك التأثير ومنهم هنريش غروسمان وخصوصا في دراسته عن التراكم والتفكك الرأسمالي الذي نشر دراسته عام 1929 في المجلد الأول من مطبوعات المعهد . وكذلك دراسات فرانز نيومان الاقتصادية ، وفريدريك بولوك ودراساته عن التخطيط السوفيتي والتسسيير الذاتي ، ويعتبر هابرماس أخر المفكرين الذين ساروا على نهج المدرسة وممن تأثروا بالفكر النقدي لها ، وللتراث النقدي للمدرسة معالم واضحة في الفكر الفل https://alakkare.maktoobblog.com/7/%D...7%D9%84%D9%85/ |
||||
2012-02-24, 20:10 | رقم المشاركة : 697 | ||||
|
اقتباس:
نظرة عامة: المترجم يرى البعض أن معظم التيارات النقدية "الراديكالية" سعت لتحديد كل من الإطار العام للماركسية التقليدية أو المحدثة، حيث لم تعد تلاءم الأفكار الماركسية التقليدية معالجة قضايا ومشكلات العصر الحديث، ولاسيما بعد مضي قرن من الزمان على أفكار مؤسس هذه النظرية كارل ماركس .فبعد هيمنة البنائية الوظيفية على حركة علم الاجتماع Sociology عموما - والتي انطلقت من رؤى وتصورات النظرية الوضعية والتي تميل إلى اعتبار علم الاجتماع أداة للمحافظة على النظام القائم، كما يقول أوجست كونت: " انك تدرس كي تضبط"، فهذه المدرسة تستخدم مفهوم البناء Structure والوظيفة Function في فهم المجتمع وتحليله من خلال مقارنته وتشبيهه بالكائن العضوي- جاء الفكر المناهض لهذه الوضعية مبكراً على يد كارل ماركس الذي أكد على مفهوم الطبقة الاجتماعية كمفهوم أساسيّ ومقولة تحليلية، ورأى أن حركة المجتمع يحكمها قانون الصّراع والتناقضاتContradictions ورأى في التغيير الاجتماعي social change حتمية تاريخية " لقد درس الناس العالم على أنحاء عدّة غير أن المهم هو تغييره". إذن نحن أمام صراع وتجاذب بين أيدلوجيتين ideology مازالت تدور رحى هذا الصّراع بينهما في أنحاء عدّة من دول العالم، أولاها الرأسمالية الصناعية capitalism وفي مقابلها الاشتراكية socialism . لكن الماركسية التقليدية Marxist - كما أشرنا آنفا- لم تعد موائمة لأوضاع القرن العشرين ومن أجل ذلك ظهرت الاتجاهات الراديكالية- ممثلة في روّاد مدرسة فرانكفورت Frankfurt school في ألمانيا- نتيجة للظروف السياسية والأيديولوجية والفكرية والثقافية وظروف العصر المجتمعية عامة التي كانت موجودة خلال النصف الأول من القرن العشرين. فخلال فترة مابين الحربين العالمية الأولى والثانية، ظهرت مجموعة من الشبان الباحثين في ألمانيا متأثرة بأفكار ماركس، وكانت ولا تزال تعمل هذه الجماعة في معهد البحث الاجتماعي Institute of Research بمدينة فرانكفورت والتي سعت بصفة عامة لإعادة تقييم الفكر الماركسي، وحاولت أن تخرج من هذا الفكر بتصور جديد يتماشى مع التيارات الفكرية الأخرى التي ظهرت في العالم الغربي الرأسمالي. ومن أهم روّاد هذه المدرسة ماركوز Marcuse وأد ورنوAdorno وهركهايمرHorkheimer وفروم Fromm بالإضافة إلى هابرماس Habermas الذي يعتبر الوريث الرئيسي المعاصر لتركة مدرسة فرانكفورت كما يعبر عن ذلك ايان كريب. يرى ماركوز أن الطبقة العاملة لم تعد قادرة على قيادة عملية التغيير- ما دام النظام قد اشترى ولاءها أو استوعبها في إطاره- فإن جماعات أخرى يمكن أن تكون الشرارة التي توقظ الآخرين كالمثقفين والطّلاب والأقليات وأقطار العالم الثالث. وهذا ما يفسّر شعبية ماركوز في الستينات فقد كانت حرب فيتنام وحركة الحقوق المدنية وثورة الطلاب كلها تثبت نظريته. لكنه لم تنطلق الانتقادات العامة لمدرسة فرانكفورت إلى الماركسية فقط بقدر ما ركزت هذه المدرسة على دراسة ونقد الرأسمالية بصورة مكثفة، وهذا ما ظهر خاصة خلال فترة وجود روّاد هذه المدرسة وإقامتهم في المنفى بالولايات المتحدة منذ عام 1933. فلقد سعوا لدراسة الواقع الرأسمالي بصورة عملية وواقعية والتعرف عن قرب على مشكلات الرأسمالية التي حددها ماركس منذ أكثر من نصف قرن قبل وفاته عام1883، وكذلك محاولتهم التمييز والتعرف على جميع مكونات مشكلات المجتمع الرأسمالي و توجيه الكثير من الانتقادات الجديدة إلى هذا المجتمع. ولا سيما عند دراسة الظروف التكنولوجية والثقافية والاقتصادية والأخلاقية والتنموية إلى حدّ أن تصوّروا المجتمع الرأسمالي بأنه الطفل الغنيّ الذي لا يمكن أن يكبر. لكن أهم ما ركّزت عليه هذه المدرسة تحليلها لنسق العلاقات الاجتماعية ونوعية المؤسسات التربوية وعمليات التغير الثقافي وأنماط الحياة الاقتصادية والإنتاج الثقافي والاستهلاكي وأيضا دور النظام التربوي وعلاقته بالنظم الاجتماعية الأخرى. لقد ركزت تصورات آراء هذه المدرسة على تحليل العملية الديمقراطية التي توجد في الولايات المتحدة بأنها ديمقراطية محدودة جدا هذا بالرغم من وضع هذا المجتمع واعتقاد أفراده وطبقاته الاجتماعية بأنهم يعيشون بالفعل في مجتمع ديمقراطي. ولقد ظهر هذا الاعتقاد نتيجة لدور المؤسسات التربوية والنظام التعليمي الذي كرّس أساسا لإنتاج نوع من الشخصية الفردية Type of personality التي تشعر بالسيطرة Domination أو التبعية أكثر من شعورها بأنها تتمتع بخاصية الاستقلالية أو المساواة. ويحدد المنظّر الاجتماعي "علي ليلة" العلاقة والفروق الأساسية بين الماركسية التقليدية ومدرسة فرانكفورت في النقاط التالية: الأولى : تتمثل في استناد مدرسة فرانكفورت إلى النظرية الماركسية، خاصّة في مقولاتها الفلسفية بحيث أغفلت المدرسة المقولات الاقتصادية للماركسية… . الثانية : تنتقد الصفوة الفكرية للمدرسة النظام الرأسمالي وقد تكشف عن تناقضاته، غير إن ذلك لا يتم بهدف التعجيل بانهياره والقضاء عليه، كما تسعى الماركسية، ولكن بهدف إصلاحه لخلق المجتمع العظيم…. . الثالثة: أنه من ناحية الأسبقية التاريخية، نجد أن مدرسة فرانكفورت هي أولى جماعات النقد الاجتماعي، حيث كان هدفها تطوير الفكر النقدي للماركسية في طابعه الإنساني، غير أنها تخلت عن هذه الإستراتيجية وتبنت إستراتيجية خاصة للنقد تستند إلى مقولات غير تلك التي تستند إليها الماركسية…. . قدّمت مدرسة فرانكفورت مجموعة من المفاهيم تجمعت حولها ومن أهمها: الهيمنة: المعنى الدّارج للهيمنة تعني لو أن أحداً هيمن عليّ فإنه قادر بشكل ما على جعلي أعمل ما يرغب هو أن أعمله، لكن ما يهمّ منظّري مدرسة فرانكفورت هو الكشف عن الطريقة التي يهيمن بها النسق (النظام الرأسمالي). العقل الأداتي: يحمل مضمونين فهو أسلوب لرؤية العالم، وأسلوب لرؤية المعرفة النظرية. فرؤية العالم بوصفه أداة، تعني اعتبار عناصره أدوات نستطيع من خلالها تحقيق غاياتنا( مثال: الشجرة وسيلة لصنع الورق وليست جمالاً). وايضاً المعرفة يمكن أن ينظر إليها باعتبارها أداة ووسيلة لتحقيق غاية، كالفلسفة عندما تستخدم أداة لخدمة العلْم، فالعلم ينتج المعرفة والفلسفة تقوم بالمساعدة في حلّ المشكلات التي تعترض طريق العلم. الثقافة: الثقافة ذات البعد الواحد - حسب مدرسة فرانكفورت- هي السّبل التي تتبعها المجتمعات والأفراد لوضع تصور عن العالم. ويتحدث ماكوز عن الطريقة التي تنتج بها صناعة الثقافة، بأنها اشباعاً لحاجات زائفة، فالحاجة الحقيقية هي التي تنبع من القوى المبدعة والعقلانية التي تجعل منا كائنات بشرية أو تعبر عنها. ويمكن تلخيص المرتكزات الأساسية لمدرسة فرانكفورت والمتمثلة في القناعات التالية: إنّ أفكار البشر هي نتاج للمجتمع الذي يعيشون فيه، وذلك لأن فكر البشر يتحدد اجتماعياً، وهنا نلاحظ خروجاً على المقولة الطبقية. إنّ على المثقفين أن يتبنوا الحياد الموضوعي، إذ لا ينبغي أن يفصل المثقف الحقيقة عن متضمناتها القيمية، وعلى المثقفين أيضاً أن يقفوا موقفا نقدياً من المجتمع موضع الدراسة، وفي ذلك خروج على الفلسفة الوضعية واقتراب من الماركسية والمثالية النقدية. إنّ على المثفين أن يقفوا، بالمثل، موقفا نقدياً فكرياً من فكرهم. إاذا كانت الماركسية هي نظرية المجتمع الصناعي في مرحلة النشأة الاولى، فإن المجتمع الصناعي طرأت عليه تحولات عديدة فرضت ضرورة إعادة فحص كفاءة النظرية الماركسية في ضوء المتغيرات الجديدة. إذا أردنا الوصول إلى فهم حقيقي، فإن ذلك ينبغي أن يتحقّق من خلال إدراك العلاقة المتبادلة بين البناء الاقتصادي للمجتمع، والنموّ النفسي للفرد والظواهر الثقافية السّائدة. إذن تعتبر أفكار أعضاء مدرسة فرانكفورت "توليفة" تجمع بين بعض الأفكار الماركسية التقليدية وبين الأفكار المتكيفة مع تغيرات المجتمع الصناعي الجديد. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هل هناك نظرية نقدية عربية؟ في الحقيقة لا أستطيع الجزم في الإجابة على هذا السؤال. سوى القول بإسهامات بعض الباحثين العرب في إبراز مساهمات أعضاء هذه المدرسة وتقريبها للقارئ العربي. إنّنا قد درجنا منذ زمن على أن نستقبل معظم أفكارنا الحديثة إمّا من العالم الرأسمالي وإمّا من بقايا العالم الاشتراكي، فهناك يتم إنتاج الفكر الذي يضيف جديداً إلى بنية العلم والمعرفة المتراكمين بكثافة، وما على شعوبنا إلّا أن تمارس وظيفتها المعتادة في الوقوف عند حدّ استهلاك الفكر المنتج الآتي من هناك. وهذا يذكرني بمقولة ابن خلدون " المغلوب مولع بتقليد الغالب". لكنه يمكن القول على وجه العموم بأن حركة النقد بمفهومه العام قد نشطت بعد الخمسينات في ظل انتشار الثقافة التنويرية في الوطن العربي، وبات يتردد مصطلحات النقد ونقد النقد.. وقرأنا مشاريع نقدية لمجموعة من المثقفين العرب مثل الطيب تيزيني، ومحمد أركون، ومحمد عابد الجابري… وغيرهم، لكننا نحتاج إلى نظرية نقدية عربية، تصاغ في ظل شروط ثقافية تؤطر للمناخ العربي مع الاستفادة من الفكر الإنساني عموماً. إنّني اعترف أنّ هناك سهولة في طرح ما يجب علينا فعله لكن الصعوبة تكمن في بلورته مشروعاً وفي ظل إنتاجية مبدعة. وإذ أقدم هذه الترجمة، أذكر أن من أوائل موضوعات البحث التي قدمتها في الجامعة هي مدرسة فرانكفورت. بيد أن ما كنت أقدمه- وحسب طبيعة البحث الأكاديمي- كان يتناول مدرسة فرانكفورت من زوايا معينة كمدرسة نقدية، أو كمساهماتهم في مجال علم اجتماع التربية… هذه الترجمة تحاول تقديم سيرة ذاتية معرفية متكاملة عن مدرسة فرانكفورت مستوعبة المراحل التي مرّت بها المدرسة، والتي تفاعلت مع التغيرات التي حدثت خلال القرن العشرين. سيرة ذاتية: مدرسة فرانكفورت،هي المدرسة النظرية النقدية الماركسية المحدثة، والبحث الاجتماعي، والفلسفة.ظهر التجمع في معهد البحث الاجتماعي (Institut für Sozialforschung) جامعة فرانكفورت في ألمانيا، عندما أصبح ماكس هوركهايمر Max Horkheimer مديراً للمعهد في 1930. مصطلح "مدرسة فرانكفورت" مصطلح غير رسمي يستخدم للتعبير عن المفكّرين الذين انتسبوا لمعهد البحث الاجتماعي أَو الذين تأثروا به. هو لَيس عنواناً لأي مؤسّسة، والمفكّرون الرئيسيون لمدرسة فرانكفورت لَمْ يستخدموا التعبير لوصْف أنفسهم. تجمّعتْ مدرسة فرانكفورت من ماركسيين معارضين dissident Marxists، وجهوا الانتقاد الحادّ للرأسمالية capitalism،في الوقت نفسه اعتقدوا بأنّ البعض منْ أتباع ماركس جاؤوا كببغاوات يُضيّقون خيارات أفكار ماركس. تأثرت مدرسة فرانكفورت، خصوصاً، بفشل ثورات الطبقة العاملة في أوربا الغربية بعد الحرب العالمية الأولى ، وبنموّ النازية في أمّة متقدّمة اقتصادياً وتقنياً (ألمانيا)، وافقوا على مهمّة اختيار أجزاءً من فكر ماركس، التي قد تخدم توضيح الأوضاع الاجتماعية التي لم يسبق لماركس نفسه أن رآها. أما ماكس فيبرMax Weber فقد مارس تأثيرا رئيسياً على مدرسة فرانكفورت، كما تأثروا بأعمال سيجموند فرويد Sigmund Freud (كما في مؤلف هربرت ماركس "التحليل الماركسي الفرويدي" في العام 1954). تأكيدهم على المكوّن "النقدي" للنظرية اشتق بشكل ملحوظ من محاولتهم التغلب على تحديدات الفلسفة الوضعية positivism، والمادية غير الناضجة materialism، والفينومينولوجيا phenomenology،عن طريق العودة إلى فلسفة كانت Kant النقدية وورثته في الفلسفة المثالية الألمانيةGerman idealism. التأثير الرئيسي كان أيضاً مما نشر في الثلاثينات من مخطوطات ماركس الفلسفية الاقتصادية والأيدلوجية .وماركوز Marcuse من أوائل من بينوا الأهمية النظرية لهذه النصوص. النظرية النقدية: النظرية النقدية، في علم الاجتماع والفلسفة، هي اختزال للنظرية النقدية للمجتمع. هي مورست من قبل أعضاء مدرسة فرانكفورت، وشبكتهم الثقافية والاجتماعية، وأولئك المتأثرين بواسطتهم بشكل ثقافي لتوصيف عملهم الخاص. إنّ عمل المدرسة موجه نحو التغيير الاجتماعي الراديكالي، والمغايرة ل "النظرية التقليدية"، وبمعنى آخر: للنظرية عند الوضعيين positivistic، ايضا النظرية النقدية استخدمت في الادب والنقد الأدبي والدراسات الثقافية. المنظرون الاجتماعيون النقديون كانوا ماركسيين،هم جزئياً تأثروا بصوت أقل جدلية سياسية من "الماركسية". على الرغم من هذا كان هناك أسباب جوهريةَ أخرى لهذا الاختيار. أولاً: كانوا يرتبطون بشكل واضح بالفلسفة النقدية لإمانويل كانت Immanuel Kant. في السياق الثقافي تحددت عن طريق الفلسفة الوضعية والاشتراكية العلمية الدوغماتية "scientific socialism، من ناحية أخرى النظرية النقدية قصدت الإصلاح، من خلال مداخلها النقدية الفلسفية الموجهة نحو الأفكار الثورية revolutionary، وذلك عندما بدأت في الهبوط. ثانيا: ضمن سياق كل من الماركسية اللينينية Marxist-Leninist والديمقراطية الاجتماعية الارثوذكية Social-Democratic orthodoxy، أكّد أعضاء مدرسة فرانكفورت أن الماركسية نمط جديد من العلم الوضعي positive science، كانوا يرتبطون بالابستمولوجية الضمنية لأعمال كارل ماركس، التي قدّمتْ نفسها كنقد، كما في ماركس "رأس المال: نقد الاقتصاد السياسي ". أيضاً أَكّدوا بأنّ ماركس كان يحاول خلق نمط جديد من التحليل النقدي موجّه نحو وحدة النظرية والممارسة الثورية، بالأحرى نمط جديد من العلم الوضعي. النقد في هذا الحسّ الماركسي Marxian يعنى أخْذ أيديولوجية المجتمع (ومثال على ذلك: - "حرية الفرد " "freedom of the individual أَو" المساواة" equality تحت النظام الرأسمالي). ويناقشه بمقارنته بالحقيقة الاجتماعية للمجتمع (ومثال على ذلك:تبعية الفرد للتركيب الطبقي أَو التباين الاجتماعي الحقيقي تحت النظام الرأسمالي). هي أيضاً، خصوصاً في المراحل التالية لمدرسة فرانكفورت، عنيت بمناقشة الحقيقة الاجتماعية الحالية، من ناحية إمكانية الحرية والسعادة الإنسانية التي وجدت ضمن تلك الحقيقة نفسها (ومثال على ذلك: استخدام التقنيات لاستغلال الطبيعة، التي يمكن أن تستخدم لحماية الطبيعة conservation of nature). ( يقدّم النص المترجم أربعة أجيال أو أربع مراحل مرّت بمدرسة فرانكفورت والتي تدلّ على ديناميكية هذه المدرسة، حيث أن القانون الثابت الذي لايتغير عند هؤلاء هو "قانون التغيير"- المترجم). المرحلة الأولى: التأثيرات الثقافية والتأكيدات النظرية للجيل الأولِ لأعضاء مدرسة فرانكفورت يمكن أن تلخّص كالتالي: المواقف التاريخية The historical situation: الانتقال من الرأسمالية ذات النطاق الضيق إلى الرأسمالية الإحتكارية والإمبريالية monopoly capitalism and imperialism؛ نموّ الحركة العمالية الاشتراكية socialist labor، التحوّلات الإصلاحية؛ ظهور دولة الرفاه/ الحروب warfare/welfare state؛ الثورة الروسية ونهوض الشيوعية؛ زمن التكنولوجيات الحديثة؛ ظهور الإعلام الجماهيري والثقافة الجماعية، الفنّ "الحديث"؛ نهوض النازية Naziism. النظرية الويبيرية Weberian: التحليل التاريخي المقارن للعقلانية rationalism الغربية في الرأسمالية، الدولة الحديثة، العقلية العلمية العلمانية secular، الثقافة، والدين؛ تحليل أشكالِ الهيمنة domination عموماً والهيمنة البيروقراطية العقلانية القانونية الحديثة بشكل خاص؛ تفصيل الطريقة التفسيرية المميّزة للعلومِ الاجتماعية. النظرية الفرويدية Freudian theory: نقد التركيب القمعيِ/ الكبتي ل"مبدأ الحقيقة" في الحضارة المتقدّمة والاضطراب العصبي neurosis الطبيعي للحياة العادية؛ إكتشاف العقل الباطن unconscious، التفكير عملية أساسية، تأثير عقدة أوديب Oedipus complex وقلق الحياة النفسية؛ تحليل القواعد النفسية للاستبدادية authoritarianism والسلوك الاجتماعي اللاعقلاني. نقد الفلسفة الوضعية Critique of Positivism: نقد الفلسفة الوضعية كفلسفة، كمنهجية علمية، كأيديولوجية سياسية، من خلال العودة إلى هيجل Hegel؛ إعتماد العناصر النقدية في الفينومينولوجيا phenomenology ، التاريخانية historicism ، الوجودية existentialism، نقد التاريخ، الاتجاهات المثالية؛ نقد الفلسفة الوضعية والبراجماتية المنطقيّة positivism and pragmatism. الحداثة الجمالية Aesthetic modernism: نقد الشكل والخبرة المجسَّدة عن طريق اختراق اللغة و أشكالها التقليدية ؛ إسقاط projection الأنماط البديلة للوجود والتجربة؛ تحرير العقل الباطن؛ الوعي الاستثنائي، الاتجاهات الحديثة؛ نقد صناعة الثقافةَ والثقافة "الوثوقية" affirmative؛ واليوتوبيا الجمالية aesthetic utopia. النظرية الماركسية Marxian: نقد الأيديولوجية البرجوازية bourgeois؛ المادية التاريخية historical materialism؛ التأريخ كصراع طبقي class struggle واستغلال العمال في مختلف جوانب الإنتاج؛ التحليل المنظومي للرأسمالية كانتزاع العمل الفائض surplus labor من خلال العملِ الحر في السوق الحرّة؛ وحدة النظرية والممارسة؛ التحليل من أجل الثورة، الديمقراطية الاشتراكية socialist democracy، المجتمعات اللاطبقية. نظرية الثقافة Culture theory: نقد الثقافة الجماعية كأداة قمعية،نقد الثقافة الغربية كثقافة هيمنة ؛ الخلاف الجدلي dialectic للأبعاد القمعية للثقافة الخاصّة؛إعادة تقييم transvaluation تعليم شيلير Schiller الجمالي. تجمعتْ هذه التأثيرات لخلق النظرية النقدية للثقافة (في مرحلة الجيل الأول):مناهضة قوى اللاحرية ولا العقلانية في المجتمع الرأسمالي الصناعي المتقدم (الممثلة في الفاشية fascism)، النظرية النقدية الشاملة، الايديولوجيا النقدية، الانعكاس الذاتي التاريخي، توجيه النظرية بشكل آني لتوضيح ومكافحة الهيمنة والتهميش والمساعدة على تبني الإنسانية العقلانية، الديمقراطية، والمجتمع الاشتراكي. طوّر منظري النقدية نظرية متكاملة منْ بنى الهيمنة النفسية والثقافية والسياسية والاقتصادية للحضارة الصناعية المتقدّمة. المنظرون الرئيسيون لهذه المرحلة: ماكس هوركهايمر Max Horkheimer ، ثيودور أدورنو Theodor W. Adorno، والتر بينجامين Walter Benjamin ، هربرت ماكوز Herbert Marcuse، ليو لوينتال Leo Lowental فريدريك بولّوك Friedrich Pollock، إريك فرومّ Erich Fromm. الأعمال الرئيسية تَتضمّن: هوركهايمر و أدورنو: جدل التنوير The Dialectic of Enlightenment، هوركهايمر : النظرية النقدية Critical Theory. أدورنو: الشخصية الاستبدادية The Authoritarian Personality، والنظرية الجمالية Aesthetic Theory ،ومقدمة في علم اجتماع الموسيقى Introduction to the Sociology of Music. بنجامين: أطروحات فلسفة التاريخ Theses on the Philosophy of History. ماركوز: العقل والثورة Reason and Revolution ، والماركسية السوفييتية Soviet Marxism ، ودراسات في الفلسفة النقدية Studies in Critical Philosophy، لوينتال: الثقافة الشعبية Popular Culture ، المجتمع Society. فرومّ: الهروب من الحرية Escape from Freedom. الطبيعة الماركسية بنفسها شكّلتْ المرتكز الثاني للمعهد، وفي هذا السياق، مفهوم النظرية النقدية عبّر عن عدّة أهداف: أولاً: التَغاير عن الأفكار التقليدية للنظرية، التي كانت بشكل كبير إما وضعية أَو علمية. ثانيا: سمح المصطلح لهم الهروب من السمة المشحونة سياسياً "الماركسية." ثالثا: ارتباطهم بشكل واضح ب"الفلسفة النقدية" لإمانويل كانت Kant. في الستّينات، طور يورجن هابرماس Jurgen Habermas (الوريث المعاصر لمدرسة فرانكفورت) مناقشة ابستمولوجية epistemological إلى مستوى جديد، في كتابه "المعرفة والمصالح البشرية" "Knowledge and Human Interests" 1968 ، بتعريف المعرفة النقدية كمستندة على المبادئ التي ميّزتها عن العلوم الطبيعة أَوالعلوم الإنسانية، من خلال توجهاته للانعكاس الذاتي والتحرر self-reflection and emancipation. بالرغم من تمييز هوركهايمر بين النظرية التقليدية والنظرية النقدية فهناك احساس أن مدرسة فرانكفورت ترجمت مقولة ماركس المأثورة: الفلاسفة فسروا العالم لكن الأهم هو تغييره. المعهد حاول إعادة صياغة الديالكتيك كطريقة متماسكة، بشكل مستمر، وعيا للجذور الاجتماعية الخاصة للتفكير والمجموعات الخاصة للقوى التي أَثّرت على إمكانية التحرير. وفقاً لذلك، رفضتْ النظرية النقدية الميتافيزيقا الماديةَ materialist ****physics للماركسية الأرثوذكسية. عند هوركهايمر وزملائه، تعني المادية توجه النظرية نحو الممارسة ونحو إنجاز الحاجات الإنسانية،هي لَيست بيانا غيبيا حول طبيعة الحقيقة. المرحلة الثانية: تركز المرحلة الثانية لنظرية مدرسة فرانكفورت النقدية، أساساً، على عملين الذي يصنّف مؤلفوها ككلاسيكيي فكر القرن العشرين: هوركهايمر وأدورنو في ديالكتيك او جدل التنوير(1944) وأدورنو ومينيما موراليا Minima Moralia في (1951). كتب المؤلفون كلا العملين أثناء منفى المعهد في أمريكا في الفترة النازية. بينما يحتفى بمعظم تحليلات الماركسيين، هذه الأعمال النظرية النقدية غيرت تأكيدات الماركسيين. نقد الرأسمالية تحوّل إلى نقد للحضارة الغربية ككل. في الحقيقة، يستعمل جدل التنوير كبارادايم(النموذج الارشادي) لتحليلِ الوعي البرجوازي. العديد من أعمال هوركهايمر وأدورنو سيطرت على الفكر الاجتماعي في السنوات الأخيرة: الهيمنة على الطبيعة تظهر كقضية مركزية للحضارة الغربية، الأيكولوجيا أصبح مصطلحا شائعا اليوم. (في سياق هذه الأعمال يقدم أدورنو رؤيته للجدل بمحاذاة الحقيقة – المترجم): عندما يظهر بأن الحقيقة بنفسها أَصبحتْ أيديولوجيا، المساهمة الأعظم أن النظرية النقدية يمكن أَنْ تُصنع لتستكشف التناقضات الجدليةَ للتجربة الشخصية الفردية من ناحية، ولإبقاء حقيقة النظرية من ناحية أخرى. حتى الجدل يمكن أَنْ يصبح وسيلة للهيمنة: "حقيقته أَو غير حقيقته، لذا، لَيس متأصلَا في الطريقة نفسها، لكن في قصده في العملية التاريخية- الكلام لأدورنو." وهذا القصد يجب أَنْ يكون نحو الحرية والسعادة التكاملية: "الفلسفة الوحيدة التي يمكن أَنْ تزاول بمسؤولية في وجه اليأس، محاولة تأمل كلّ الأشياء كما هي تقدّم نفسها من وجهة نظر التحرير". يختم أدورنو: "لكن بجانب هذا المطلب ، سؤال الحقيقة أَو الوهم تحرير نفسه أمر بالغ الصعوبة.." أدورنو موسيقار، كتب فلسفة الموسيقى الحديثة، التي فيها هو، جوهرياً، يجادل ضدّ الجمال نفسه — لأنه أَصبح جزء من أيديولوجيا المجتمع الرأسمالي المتقدّم و أنه يساهم في الهيمنة . يبقي الفنُّ والموسيقى طليعة الحقيقةَ عن طريق أسْر حقيقة المعاناة الإنسانية. وجهة النظر هذه للفنّ الحديث، بأنّها حقيقة منتجة من خلال إنكار الشكلِ الجمالي التقليدي والمعايير التقليدية للجمالِ لأنه أصبح أيديولوجيا، هي خاصية أدورنو ومدرسة فرانكفورت عموماً. المرحلة الثالثة: من هذه الأفكار بقي فقط خطوة قصيرة للمرحلة الثالثة لمدرسة فرانكفورت،والتي تَزامنت مع فترة ما بعد الحرب ، خصوصاً منْ أوائل الخمسينات إلى أواسط الستينات. مع نمو المجتمع الصناعي المتقدّم تحت أوضاع الحرب الباردة، اعترف النقديون بأنّ بناء الرأسمالية والتاريخ تغيّر بشكل حاسم، وبأنّ أنماط الظلم تظهر بشكل مختلف، وبأنّ الطبقة العاملة الصناعية لَن تبقى طويلا محتمة رفض الرأسمالية. هذا قاد للمحاولة لتجذير الجدل في طريقة متحررة من السّلبية، كما في عمل ماركوز " الإنسان ذو البعد الواحد" و"الجدل السلبي" لأدورنو. أثناء هذه الفترة. معهد البحث الاجتماعي استقر ثانية في فرانكفورت- ألمانيا (بالرغم من أن العديد من أعضائه بقي في الولايات المتحدة)، أهمية المعهد في هذه المرحلة لَيس مجرّد استمرار بحوثه لكن بقيادته القوى نحو التعليم الاجتماعي ودمقرطة ألمانيا الغربية. هذا قاد إلى تنظيم مؤكد للمعهد كامَل تراكم البحث التجريبي مع التحليلِ النظريِ. هذه التغيّرات ساعدت على تمهيد الطريق أمام المرحلة الرابعة، المرحلة الحالية لمدرسة فرانكفورت، المشكّلة عن طريق نظرية التواصل عند هابرماس Habermas ( نظرية التواصل، واحدة من أهم إضافات يورغن هابرماس، وتتعلّق بمباحث الفلسفية العملية: آليات الحوار والمناقشة والمحادثة والمساجلة والمناظرة، أي كل ما من شأنه فهم سلّم العلاقات المتدرجة التي تربط الأنا بالآخر- المترجم ). المرحلة الرابعة: يأخذ عمل هابرماس مدرسة فرانكفورت بمنطقية، الموضوع الإنساني، الإشتراكية الديمقراطية، والطريقة الجدلية. ويتغلب على مجموعة التناقضات التي دائما تضعف النظرية النقدية: التناقضات بين الطرق المادية والمثالية(غير المدركة)، بين النظرية الماركسية الاجتماعية والفرضيات الفردانية للعقلانية النقدية، بين عقلنة التقني والاجتماعي، بين الظواهر الثقافية والنفسية من ناحية والبناء الاقتصادي للمجتمع من ناحية أخرى. مدرسة فرانكفورت تجنبت اتخاذ موقف من العلاقة الدقيقة بين الطرائق المادية والمثالية، التي أدّت إلى الغموض في كتاباتها وتشويشها على قرّائها. ابستمولوجية هابرماس ركبّت هاتين الطريقتين عن طريق عرض التحليل المثالي والفينومينولوجي،التي يمكن أن تتضمن النظرية المادية للتطور الاجتماعي، بينما النظرية المادية تصبح مفهوماً فقط كجزء من نظرية شبه مثالية للمعرفة التحررية التي هي الانعكاس الذاتي للتطور الثقافي. بشكل آني تصبح الطبيعة الامبيريقية والمثالية للمعرفة التحرّرية الحجر الأساس للنظرية النقدية. في البناء الاجتماعي لاستعمال اللغة، يحرّك هابرماس مكان العقلانية من الموضوع المستقل ذاتياً إلى المواضيع التفاعلية interaction. العقلانية ملكية لَيستْ للأفراد بحدّ ذاتها، لكن بالأحرى لبنى التواصل communication غير المشوّهة. في هذه الفكرة هابرماس يتغلب على المحنة الغامضة للموضوع في النظرية النقدية. إذن يُضعف المجتمع التقني الرأسمالي الحكم الذاتي وعقلانية الموضوع، لَيس من خلال هيمنة الفرد بواسطة الأدوات apparatus لكن من خلال العقلانية التقنية technological rationality حيث ينتزع العقلانية الموصفة للتواصل. وفي تخطيطه للأخلاق الصريحة كمرحلة أعلى في المنطق الداخلي لتطور الأنظمة الأخلاقية، يلمّح هابرماس لمصدر ممارسة سياسية جديدة التي تدمج أولويات العقلانية التطوّرية evolutionary rationality.(للرّجوع إلى أفكار هابرماس ممكن قراءة الكتاب المهم لايان كريب: النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس، عالم المعرفة،عدد244، العام 1999- المترجم ). أثرت نظرية مدرسة فرانكفورت النقدية على بعض أجزاء الفكر اليساريِ (خصوصاً اليسار الجديد). هربرت ماركوز Herbert Marcuse كان من حين لآخر يوصف كعالم نظري أَو سلف ثقافي لليسار الجديد New Left. نقدهم التقنية، الكلي، الغائية و(من حين لآخر) الحضارة المؤثرة على البدائيانية primitivism. نقاشاتهم الثقافيِة مؤثرة بشدّة ،أيضاً،على الثقافة الشعبية ودراسات الثقافة الشعبية العلمية. نقّاد مدرسة فرانكفورت: ظهرت عدّة تيارات نقدت مدرسة فرانكفورت. يصرّح بعض النقّاد بأنّ المنظور الثقافي لمدرسة فرانكفورت نقد نخبوي، رومانسي للثقافة الجماعية مع مظهر ماركسي جديد مصطنع. النقد الآخر، موجه من اليسار، بأنّ النظرية النقدية شكلّت المثالية البرجوازية التي لَيس لها علاقة متأصّلة بالممارسة السياسية ومعزولة كلياً عن أيّة حركة ثورية مستمرة. النقّاد البارزون لمدرسة فرانكفورت: هينرايك غروسمان Henryk Grossman،امبيرتو ايكو Umberto Eco، مايك جولدن Mike Godwin. و جورج لوكاس Georg Lukács. المراجع: Andrew Arato & Eike Gebhardt (eds.) "The Essential Frankfurt School Reader" (ISBN 0-8264-0194-5) Seyla Benhabib "Critique، Norm، and Utopia: A Study of the Foundations of Critical Theory" (ISBN 0-231-06165-X) Tom Bottomore. "The Frankfurt School and its Critics" (ISBN 0-415-28539-9) Stephen Eric Bronner and Douglas MacKay Kellner (eds.) "Critical Theory and Society: A Reader" (ISBN 0-415-90041-7) Richard A. Brosio. "The Frankfurt School: An Analysis of the Contradictictions and Crises of Liberal Capitalist Societies" George Friedman. The Political Philosophy of the Frankfurt School، Ithaca & New York، Cornell University Press، 1981 ISBN 0-8014-1279-X. David Held. "Introduction to Critical Theory: Horkheimer to Habermas" (ISBN 0-520-04175-5) David Ingram and Julia Simon-Ingram. "Critical Theory: The Essential Readings" (ISBN 1-55778-353-5) Martin Jay. The Dialectical Imagination: A History of the Frankfurt School and the Institute for Social Research 1923-1950، Berkeley، University of California Press، 1996 ISBN 0-520-20423-9. Marxists Internet Archive. The Frankfort School and "Critical Theory." www.marxists.org Neil McLaughlin - Origin Myths in the Social Sciences: Fromm، the Frankfurt School and the Emergence of Critical Theory [1] Jeremy J. Shapiro. "The Critical Theory of Frankfurt"، in: Times Literary Supplement، No. 3، Oct. 4، 1974، 787. (Material from this publication has been used or adapted for the present article with permission). Rudolf J. Siebert. "The Critical Theory of Religion: The Frankfurt School" (ISBN 0-8108-4140-1) Rolf Wiggershaus. The Frankfurt School: Its History، Theories and Political Significance، Cambridge، Mass.، The MIT Press، 1995 ISBN 0-262-73113-4 ينشر بالتعاون مع فريق الترجمة في شبكة العلمانيين العرب www.3almani.org https://www.dctcrs.org/s5390.htm |
||||
2012-02-24, 20:30 | رقم المشاركة : 698 | |||
|
السلام عليكم أريد بحث عن علاقة علم الاجتماع بالصحافة المكتوبة |
|||
2012-02-24, 20:32 | رقم المشاركة : 699 | ||||
|
اقتباس:
|
||||
2012-02-24, 20:40 | رقم المشاركة : 700 | |||
|
لكي كل الاحترام والتقدير تقبل الله عملك |
|||
2012-02-25, 12:34 | رقم المشاركة : 701 | |||
|
[D8%A3/[/url] |
|||
2012-02-25, 13:43 | رقم المشاركة : 702 | ||||
|
اقتباس:
https://faculty.ksu.edu.sa/20722/DocL...8%B9%D8%A9.doc https://search.4shared.com/q/CCAD/1/%...B1%D8%A7%D9%82 |
||||
2012-02-25, 15:18 | رقم المشاركة : 703 | |||
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
|||
2012-02-25, 22:42 | رقم المشاركة : 704 | |||
|
السلام عليكم انا طالبة في سنة ثانية تاريخ احتاج الى بحث حول :استقلال الجزائر عن الدولة العثمانية وارجو ان يكون مزود بقائمة المصادر والمراجع وارجو ان يكون متوفر ولو على مصدرين والباقي مراجع وشكرااااااااااا |
|||
2012-02-26, 14:18 | رقم المشاركة : 705 | |||
|
السلام عليكم أنا طالب سنة أولى علوم انسانية ارجو المساعدة في بحث بعنوان مجتمع الاعلام والمعلومات.وشكرا |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
مرجع, يبدة, ساساعده |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc