النجاح كان عملا وطنيا قبل أن* يكون فخرا عائليا
عمي* عبد الكريم حصل على البكالوريا منذ 60 سنة
![](https://static.echoroukonline.com/ara/files/2014/abd_elkarim_228690515.jpg)
إلى* غاية ستينات القرن الماضي،* كانت البكالوريا لمن استطاع إليها سبيلا صبرا وكفاحا ودراسة،* ومغامرة،* بدليل أن الأرقام المتوفرة في* أرشيف وزارة التربية والتعليم،* تؤكد أن أرقام الناجحين في* امتحان البكالوريا في* زمن بن بلة وبومدين لم تكن تتجاوز الخمسمائة ناجح،* ليرتفع الرقم في* زمن بوتفليقة وصار* يقارب* 300* ألف ناجح في* السنة في* الأعوام الأخيرة،* كما فاق عدد المترشحين نصف مليون طامح للحصول على شهادة البكالوريا ودخول أسوار الجامعات الستين*.
* *"الشروق اليومي*" التقت في* قسنطينة السيد عبد الكريم بن كرطوسة وهو من أوائل المهندسين الجزائريين الذين اشتغلوا خارج الوطن وفي* مختلف الولايات خاصة في* القطاع الفلاحي،* إضافة إلى تجربته في* عالم الفن والصحافة،* فعاد بنا إلى قرابة الستين سنة قبل الثورة،* عندما كان* يدرس في* الثانوية ويطمح إلى الحصول على البكالوريا لمنافسة الفرنسيين واليهود الذين كانوا* يتباهون بتفوقهم الدراسي*.
درس السيد عبد الكريم في* المرحلة الابتدائية لمدة خمس سنوات في* ابتدائية في* آراغون في* قسنطينة،* ثم انتقل إلى المرحلة الإكمالية فدرس في* متوسطة فريدينون بويسون،* لمدة أربع سنوات،* ولم* يكن إلى جانبه إلا ثلاثة أو أربعة تلاميذ جزائريين،* بينما البقية بين* يهود وفرنسيين،* ومن جنسيات أوروبية أخرى،* كانت عائلتُه ترفض أن* يتعلم في* المدارس اللغة الفرنسية،* خاصة أن الأب كان* يأخذه منذ صغره معه إلى الزوايا لتعلم القرآن الكريم،* واللغة العربية فقط،* ولكن والدته نقلته إلى المدرسة حتى* يكون طبيباً،* كما كان الكثير من رفقاء الشيخ ابن باديس،* ومنهم طبيبه الخاص الدكتور بن جلول،* وفي* الثانوية بعد ثلاث سنوات من الكد والتعب بلغ* مرحلة اجتياز البكالوريا عام* 1956* في* شعبة العلوم الطبيعية التي* كانت تُدرّس بالفرنسية فقط،* وحتى العربية كانت ضمن مقرر الامتحان،* لكن المفارقة أن الذي* كان* يدرّسها ليس جزائريا وإنما أستاذ* يهودي* يُدعى أبا الخير*.
الدراسة كانت على الطريقة الفرنسية لا علومَ* إسلامية فيها،* بل* يتم التركيز فيها كل صباح على الأدب والأخلاق كما* يحدث حاليا في* المدارس الفرنسية،* كان التحصيل العلمي* جادا في* ثانوية أومال آلان التي* صارت تدعى حاليا رضا حوحو،* خلال امتحان البكالوريا لا* يوجد سوى القليل من الحراس،* ولكن الجدية تجعل الطلبة لا* يفكرون إطلاقا في* الغش وفي* نفس الثانوية* يتمّ* الإعلان عن أسماء الناجحين*.
بعد الظفر بالبكالوريا،* انتقل السيد عبد الكريم بن كرطوسة إلى دراسة الهندسة في* مدرسة الحراش الفلاحية،* رفقة شاب من وهران،* هما الوحيدان من الجزائريين،* عوّضا أربعة جزائريين تحصلوا على شهادة مهندس في* الفلاحة،* وعندما تحصل على المركز الأول أثناء التخرج،* كادت تندلع فوضى كبرى أثارها أولياءُ* الطلبة الفرنسيين،* وباشرت فرنسا