نصيحةٌ من أبٍ تخطَّى الثمانين عامًا
الى أولاده بشكلٍ خاصٍ و المهتمين بشكلٍ عامٍ
يقول الأب :
تهاونتُ في أمورِ ديني
و لم أترك بيني و بين الله بابًا مفتوحًا !
كان من الممكن أن أصوم يومين في الإسبوع بُمعدل مائة يومٍ في السنة
و كنت حينها سأكونُ ممن يدخلون باب الريَّان فهو للصائمينَ
و لكنّي فهمتُ الدرسَ متأخرًا عندما أصبحت لا أستطيعُ الصيامَ
تمنيتُ لو أنَّني قرأتُ يوميًا بضعَ صفحاتٍ من القُرآن عندما أستيقظُ
و عندما أذهبُ إلى النوم مُواظبًا على ذلك يوميًا و سأكون حينها من أهل القرآن أهل اللَّهِ و خاصته
و لكني أدركت تقصيري عندما ضعُفَ بصري !
تمنيتُ لو أنَّني أدمنت جملةَ
"أستغفرك ربي و أتوب إليك" بعد كل ذنبٍٍ و يُغفر لي بها ذنوبٌ كثيرةٌ
و لكني كُنت أستثقلُها فيضيقُ صدري
كُُنت أترُك صلاة الفجر و أنا أعلم جيدًا أن تركَ صلاةِ الفجرِ من صفاتِ المنافقينَ
ليتني كنتُ أصلِّي ركعةً أو ركعتينِ من قيامِ الليلِ يوميًا قبل النومِ و كُنت أعلمُ أنها سترفعني درجاتٍ عِدة
و لو قُمت الليل بمائةِ آيةٍ سأُكتبُ من القانتينَ
ليتني كنتُ منهم قائمًا قانتًا
ليتني لم أرفع صوتي على أُمي و أَبي فهما الجسرُ الذي كان من الممكن أن أعبرَ عليه للجنانِ
وصلَ عمري عشرونَ عامًا ولم أسلكْ أي بابٍ إلى الجنةِ
ثم صار أربعونَ عامًا و لم أستطعْ الفِكاكَ من مشاغلِ الدُنيا و زينتِها
ثم صار ستونَ عامًا و أنا أسعى لتأمين مستقبلِ أولادي
ثم صار ثمانونَ و تخلَّى عني أغلبُ الناسِ و على رأسِهم من أفنيتُ عمري لأجلهمْ !!
ندمت على ما فرطت و تمنيت الرجوع لأعيشَ حياتي بطريقةٍ مختلفةٍ لأنَّ الدنيا رخيصةٌ و فانيةٌ
أنا وحيدٌ
و سَفرِي بَعيدٌ
وَ زادي لا يبلِّغني مُرادي
وَ قُوَّتِي استهلَكها أولاديْ
و الموتُ كلَّ يومٍ عليَّ يُناديْ
أيقنت الآن
أن الدُنيا مهما عَظُمَت فهي حقيرةٌ
و العمر مهما طال فهو قصيرٌ
ثم كَتَبَ في نهاية الصفحة
يا أولادي
سردتُ إليكم قصتي باختصارٍ
لكي لا تندموا مثلي بعد فوات القطار
و إلى كل شخصٍ مُقصِّرٍ في طاعته للَّهِ أقولُ :
خُذْ من الدُنيا ما يكفيكَ
لتعيشَ أيامكَ
و لا تأخذْ منها ما يُمتِّعكَ و يحققُ أحلامكَ
فتُغرَّكَ زينتُها و تزِّلَ عن الطريقِ أقدامكَ
حافظ على رضا والديك مهما كلَّف الثمنُ فبرضاهما تُرزق مفاتيح الجنانِ الثمانيةِ
صَلِّ جيدًا و أعطِّ السجود حَقّهُ
صِلْ رحمكَ و انشر علمكَ و انفقْ من مالكَ ما يريحُ بالكَ
و أُتركْ لكَ أثرًا صالحًا في الدُنيا ينفعك هناكَ و يدومُ
و واظبْ على صلاةِ الفجرِ لكي لا تكونَ من الخير محرومًا
خذْ مني وصية الرسول ﷺ و التي لم أكن أُعيرها إهتمامًا لأني كنت وقتها مغرورًا بشبابي و مفتونًا بقامتي الصلبة فأُغشيت عيناي عن فهم هذا الحديث الذي يقول :
اِغتنم خَمسًا قبل خَمسٍ
شَبابكَ قبل هَرمِكَ
و صِحتكَ قبل مَرضِكَ
و غِناكَ قبل فَقرِكَ
و فَراغكَ قبل شُغلِكَ
و حَياتكَ قبل موتِكَ