|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2012-02-06, 18:32 | رقم المشاركة : 631 | |||||
|
اقتباس:
https://www.7rowf.net/vb/threads/9130...AA%D9%87%D8%A7 الفلسفة المعاصرة الفلسفة المعاصرة ليس هناك واقع فيما وراء الواقع الموجود، ليس هناك عمق يضيء، والظاهر بالنسبة لي ليس نقيض الوجود، ليس قناعا، بل إنّه الحياة وهي تسخر من نفسها لكي تجعلني أعتقد أو أشعر بأنّها مجرّد مظهر. نيتشه. ثمة. قوى ما فتئت تستعير أقنعة ليس لحجب الرؤية وإخفاء الحقيقة، أو لتوليد السؤال وإثارة الرغبة، وإنّما هي أقنعة موجّهة ضدّ الأقنعة . إنها أقنعة "حاجبة" لا يمكن فهم عبارة نيتشه تلك إلاّ على ضوء مقارنتها بالعبارة الأفلاطونية التي تقول الوجود هو مثال المثال وظاهر المثال هو في عمق مثاله. فهذه العبارة الأخيرة تقسّم الشيء إلى ظاهر ووجود، . فظاهر الشيء هو سطحه، وعمق الشيء هو وجوده أو ماهيته. وهكذا فالشيء له وجودان: وجود كنهي ووجود مزيف، والوجود الكنهي للشيء هو وجوده الحقيقي الشفاف، بينما الوجود الظاهر للشيء هو وجوده غير الحقيقي، أي هو وجوده المقنّع. وعليه فالظاهر ليس هو الوجود الأصلي للشيء، وإنما هو وجوده الشبيهي، ولذلك فهو إن كان نسخة للوجود الحق، إلا أنها لا ترقى إلى مستوى النسخة الأيقونة بل هي مجرّد نسخة وعليه فالأفلاطونية ليست هي إقامة تقابل بين عالم المعقولات وعالم المحسوسات، بل هي التمييز والمفاضلة بين النسخ الأيقونة والنسخ الخائنة . الظاهر إذن هو قناع يحجب الماهية ويموّه الحقيقة. قلب الأفلاطونية لدى نيتشه لا يعني كما ذهب هايدغر إلى ذلك إحلال الظاهر محلّ الوجود، وإحلال عالم المحسوسات محلّ عالم المثل، وإنما القلب يستهدف إلغاء العالمين معا عالم المثل والماهيات، وعالم الظاهر والأعراض إنه ليس حذفا لعالم الحقيقة من أجل الإبقاء على عالم الظواهر بل هو القول بأنّ ظاهر الوجود هو الوجود الظاهر، وأنّ السطح هو أعمق وجه في الشيء، وأنّ وراء كل كهف يوجد كهف آخر أعمق منه، وخلف هذا الكهف هناك كهف آخر...فوراء كل ظاهر هناك ظاهر آخر، بحيث يمكن الحديث عن ظاهر الظاهر، كما أنّه وراء كلّ قناع يوجد قناع آخر، بحيث يمكن الحديث عن "قناع القناع". نحن هنا أمام جغرافية جديدة للفكر، فضاؤها ليس كهوف الفلسفة ما قبل السقراطية، وليس سماء المثل الأفلاطونية، وإنما هو سطح المحايثة والحدث، أو لنقل بلغة دولوز إنه الواقع الافتراضي. فـ"ظاهر الظاهر" إذن هو أعمق بعد في الشيء، إذ هو السر الفاضح لكل سر، أو السر الذي لا يبقى معه سر، أو السر الذي ليس بسر. ظاهر الظاهر النيتشوي ليس هو ظاهر الميتافيزيقا، وإنما هو عمقها بعد أن أخضع لزحزحة بموجبها تمّ انتشاله من أرضيته، ومعاودة إسكانه فضاء السطح. يتعلق الأمر بالانفصال عن الميتافيزيقا عبر الاتصال بها، ومجاوزتها عبر إعادة تملّكها، وذلك من خلال انتشالها من أرضيتها الوجودية. إذا افترضنا الآن بأنّ الميتافيزيقا- ليس فحسب لدى نيتشه وإنما أيضا لدى هايدغر- هي بمثابة قناع . وهي تشكّل قناعا لأنها تخفي آليات اشتغالها، وتحجب شروط انبثاقها. فمن بين الآليات التي توظفها الميتافيزيقا في إنتاج المعاني التي تشتغل داخلها كحقائق وماهيات، نجد اللغة. غير أنّ الخطاب الميتافيزيقي لا يكون خطابا ممكنا، أي خطابا يقول الحقيقة إلا إذا أخفى الطابع البلاغي والشعري للغته، أي إلاّ إذا ألغى الطابع الكثيف للعلامة، وكرّس التصور الأداتي للغة عبر إقامة تطابق بين الدال والمدلول . كما أنّ شرط انبثاق الميتافيزيقا ونشأتها بما هي خطاب ماهية الوجود والحقيقة، هو إخفاء أصوله اللاهوتية والأخلاقية، أي ما يسمّيه نيتشه بالأرضية الأخلاقية للميتافيزيقا . إن القيام ببناء نسق معرفي للميتافيزيقا أو بتقويضها يقتضي إماطة اللثام عن قناع الميتافيزيقا وفضح الأوهام التي تقوم عليها مثل وهم الحقيقة، والعقل، والماهية، إلخ. وبما أنّ عالم الحقيقة هو مجرّد خرافة، وبما أنّ الماهية مجرّد وهم، فإنّ قناع الميتافيزيقا هو القناع الذي تستعمله الميتافيزيقا من أجل حجب حقيقتها بما هي خطاب يتوهّم أنه حقيقة، أي بما هي خطاب وهم . لكن العمل االمعرفي لا يهدف إلى إزالة القناع لإثبات البعد الوهمي للحقيقة، وإنما بالأحرى لإثبات البعد الحقيقي للوهم. ولا يمكن إثبات حقيقة الوهم و واقعية الزيف إلا بحجب وهم الحقيقة ولا واقعية الزيف، أي إلا عبر التأكيد على أنّ القيام ببناء نسق معرفي للميتافيزيقا، يقتضي ليس إزالة القناع عن الميتافيزيقا وإنما مضاعفته، أي يقتضي القيام بحجب قناع الميتافيزيقا. إنّ الفيلسوف اليوم يختلف بشكل جذري عن فيلسوف الأمس، فيلسوف الحقبتين معا القديمة والحديثة. فلا يستطيع اليوم الفيلسوف أن يكتب مؤلفا فلسفيا على غرار "جمهورية" أفلاطون، أو "تأمّلات" ديكارت، . يمكن أن نترجم هذه الظاهرة باعتبارها أفولا للمحكيات الكبرى الغربية ، لا يجب أن يفهم هذا بأنّ الفيلسوف اليوم هو أقلّ ذكاء من فيلسوف الأمس وأسلافه السابقين. غير أنّ القول باستنفاذ المشاريع الكبرى ذاتها غير كاف لوحده لتفسير هذه الظاهرة، إذ يتعلق الأمر بخلخلة كبيرة هزّت أعماق الروح الفلسفية، حيث مسّت صورتها ودلالتها ووظيفتها. أعتقد بأنّ الفلسفة والعمل الفكري بصفة عامة قد تغيّرت صورته ووضعيته منذ نهاية القرن التاسع عشر. فالفلسفة الحديثة من ديكارت إلى هيوم قد عرفت مؤلفين كبار أبدعوا أنساقا فكرية كبرى تفسح المجال داخلها لمجالات واسعة لفلسفة العلم ، إذ هي كانت تأخذ في حسابها جميع أوجه النشاط الإنساني، أي ما نصطلح عليه بالفلسفة النظرية والعملية، حيث كانت تسعى إلى منافسة الدين في نقطة أساسية دقيقة وجوهرية تتعلّق بالأسئلة الكبرى النهائية، وخاصة تلك المتمحورة حول معنى الوجود. فحتى هيجل نفسه عمل على بلورة رؤية شمولية للعالم، رؤية تتعايش داخلها مختلف أوجه النشاط الفكري والثقافي للإنسان. كما أنّه سعى إلى تقديم حلّ نهائي لإشكالية معنى الوجود، بتوكيده على أنّ الخلاص على الأرض أصبح ممكنا مع قدوم المجتمع الخالي من أنظمة التصور الخيالية. إنّنا نعثر على هذه الظاهرة، أي على هذا "النزوع الشمولي" و"البحث عن الخلاص"، وإن بدرجات متنوّعة ومتفاوتة في كل الفلسفة الحديثة وخاصة لدى الفلسفة المثالية الألمانية. لكن ما نلاحظه اليوم هو غياب مثل هذا الادّعاء الشمولي لدى الفلاسفة، حيث نلاحظ منذ نيتشه حتى فلاسفة الستينات في فرنسا، أنّ الفلسفة أصبحت تفكيكا للمثالية الألمانية بصفة عامة، ولفلسفة الذاتية كما أسسها ديكارت وبلورها كل من ليبنتز وهيجل، وصولا إلى هوسرل. يتعلّق الأمر بوضع موضع تساؤل جذري الطابع اللاهوتي والقيمي والطوباوي للأنساق الكبرى، وإماطة اللثام عما يمكن تسميته ب الأوهام الميتافيزيقية . لقد صار عمل الفيلسوف كما يقول نيتشه عملا معرفيا بحثيا يروم إزالة الأقنعة عن أصول الأوهام المشكّلة للفلسفة الحديثة: كوهم العقلانية، والوحدة، والحرية، والمساواة، ووهم التطابق، والحقيقة، والجوهر، إلخ. إنّ ما نشاهده لدى هؤلاء جميعا هو اختفاء نهائي لفكرة بناء الأنساق، واتسام فلسفتهم بطابع النسبية التاريخية، تلك النسبية التي تتمثّل في محاولة تفكيك طروحات الماضي وخلخلة مفهوم الحقيقة، ومفهوم الزمن، والكائن والكينونة. يمكن أن نزعم اليوم بأنّ مهام التفكيك قد تحقّقت في الغرب على نطاق واسع. ويمكن توسيع العمل البحثي ليشمل تاريخ الأفكار والمؤسسات الحديثة كما فعل نيتشه ومن بعده فوكو. كما يمكن نقل التقويض الهايدغري للميتافيزيقا الحديثة إلى مجالات أخرى، كالمجال الاجتماعي على غرار ما فعلته شتراوس . وبصفة عامة يمكن القول بأن للفلسفة المعاصرة اليوم دورين تقوم بهما:الدور الأوّل نظري يتمثّل في محاولة فهم ما يحدث اليوم في العالم وما حدث في الماضي. يتعلّق الأمر بإعادة إقامة أنسقة البحث ل"رؤى العالم" التي كانت تؤطّر وتخترق وتحرّك المسار الفكري في الغرب، وهو عمل لازال في نظرنا- إذا استثنينا محاولة " الأخلاق" لدى نيتشه، و تاريخ الجنس لدى فوكو لم ينجز بعد. ويبدو أنّه عمل لابدّ من إنجازه إذا أردنا اليوم التفكير في التجربة الفكرية للغرب . الدور الثاني الذي يجب أن تضطلع به الفلسفة المعاصرة دورا حفريا ، يتمثّل في نقد الزمن الحاضر، أسوة بفوكو. لقد مارست الأجيال السابقة هذا النقد باسم نموذجين: فمثقفوا اليمين واليمين المتطرف في فرنسا مثلا ، قد انتقدوا مجتمعاتهم باسم ماض قد ولّى وانقرض. والمثقفون التقدميون الذين كانوا في معظمهم ماركسيين، قد انتقدوها باسم مستقبل مشعّ آت. ويبدو اليوم أنّ المجتمعات الغربية قد تصالحت مع حاضرها حيث تماهت مع تجربتها الديمقراطية. وهذا ما يجعل وظيفة الفكر النقدي اليوم وظيفة تفكيكية تتمثّل في تفعيل النقد من الداخل، وتشخيص وتحليل واقع تلك المجتمعات انطلاقا من مبادئها وبنياتها الداخلية، وكذا انطلاقا من ادّعاءاتها والوعود التي تقطعها على نفسها دون أن تفي وتلتزم بها. ومما لا شك فيه أن هذا النقد الداخلي الذي يكتسي عدّة أوجه: الأركيولوجيا، والتقويض أو التفكيك- هو أكثر جذرية من النقد الخارجي الذي يتم باسم حقيقة مطلقة، أو باسم مثل عليا وقيم مفارقة للمجتمعات الديمقراطية، سواء اتخذت تلك المثل والقيم شكل حنين إلى ماض ذهبي، أو شكل هروب إلى مستقبل موعود. إنّ ما يميّز المجتمعات ما قبل الحديثة ، هو استنادها إلى مرجعية مفارقة توجد خارجها. وليست هذه المرجعية غير ما نطلق عليه عندنا التقليد. فالمجتمع التقليدي هو المجتمع الذي يحكمه قانون يستمدّ مرجعيته ومشروعيته من مصدر يوجد خارج الكائن الإنساني. إنه قانون القانون اللاهوتي بالمعنى العام للاهوت. بينما ما يميّز المجتمعات الحديثة هو ما يمكن تسميته بمشروع "التأسيس الذاتي"، أو "التشريع الذاتي وهو كما هو معلوم مشروع يجعل من الكائن الإنساني مصدرا للقانون، وهو الذي يعني جعل القانون صادرا عن الإرادة والعقل والمصلحة والحاجة الإنسانية. إذا كان زمن الأنساق الكبرى قد ولّى، فإنّ الفلاسفة لم يتخلوا عن التفكير. فمنهم من يحاول أن يستكشف تعرّجات ما بعد الحداثة (النسق التفكيكي)، ومنهم من انخرط في شؤون المدينة ، والبعض الآخر يحاول الرجوع إلى الوراء من أجل اقتفاء أثر الحكمة القديمة وإعادة استكشاف دروبها ومسالكها ، والبعض الآخر يفضّل اقتفاء أثر العلم المعاصر ومساءلته . غير أنّ هذا التنوّع والاختلاف في الممارسة الفلسفية المعاصرة لا يحجب القاسم المشترك بين مختلف الفلاسفة المعاصرين والذي يتمثّل، كما أشرنا إلى ذلك آنفا، في رفضهم للأنساق المنحدرة من التقليد الأفلاطوني والهيجلي، والسعي لإضفاء المشروعية على الاختلاف والغيرية. فاستلهام نيتشه، واكتشاف إمانويل ليفناس، والإحالة إلى أولوية الآخر والمغايرة قياسا على الذات والهوية، كلّها تعتبر بمثابة عناصر مثيرة لعقول مختلفة. وبالنسبة للبعض الآخر فإن نهاية الفلسفة الهايدغرية قد دفعتهم إلى تثمين فضاء الأدب و والانخراط في الكتابة( دريدا، التفكيكية المعاصرة). وهذا يعني أن الإحالة إلى فلاسفة التقليد الأنواري والحداثة يكتسي في الفلسفة المعاصرة دلالات مختلفة: إنه يعني القدرة على تمثّل الدرس الفلسفي مع أخد المسافة الضرورية منه في الوقت ذاته بدون الإحساس باللوم والوقوع في التناقض أو التمزّق. فمثلا يتم اليوم الرجوع إلى ألتوسير ليس باعتباره صاحب دعوة تحرير العلم من الإيديولوجيا وإنّما باعتباره الفيلسوف الذي تمثّل أحسن تمثيل بما هو صورة الفيلسوف صاحب "الحكمة بدون وهم"، والداعي إلى مقاومة السلطة كخطاب وممارسة وضلال كابية . كما أنّ الرجوع إلى جيل دولوز يتم بهدف ملاحقة مفعولات "الإنشيال من الأرضنة التي تحدثها آليات التواصل. فالجهاز المفاهيمي الذي نحته دولوز يمنح لآليات التواصل الجديدة بعدا فلسفيا غير متوقّع، سواء تعلّق الأمر بمفهوم انمحاء الفضاء والزمان المرتبط بالسرعة الفائقة التي يتم فيها تبادل المعلومات، أو بواسطة التقنيات الرّقمية؛ أو تعلّق الأمر بمفهوم "الواقع الافتراضي . كذلك فيما يتعلق بالعودة إلى دريدا حيث يتم إدراجه ضمن الفكر المنتقد للتقنية ، والمفكّك للذاتية ولفلسفة الحضور. كما يتمّ توظيف مفهوم "المباينة من أجل وصف عملية السيرورة الجارية بدون ذات" والتي تجد تجسيدها المكتمل في العملية التقنية السائدة التي سبق لهايدغر أن اعتبرها كاكتمال وتحقّق للميتافيزيقا . وأخيرا حينما يعود فيلسوف ما اليوم إلى لفي شتراوس فمن أجل التأكيد على قوة وراهنية المشروع الساعي إلى التعرّف على الكلّيات ، أي البنيات الأوّلية التي تتوقف عليها الحياة الاجتماعية والثقافية للإنسان. لو شئنا نحت صورة للفيلسوف المعاصر لقلنا بأنه نتاج لتكوين يتشكّل من انفصالات، وقطائع، وانعطافات، ومسارات تتوالى وتتقاطع فيها المدارس وتيارات الفكر. وربّما قد يكون هذا التكوين الهجين المتنوّع والمتعدّد، هو الذي يفسّر تأرجح هذا الفيلسوف بين إحالات ونماذج غير متجانسة ، فهو يعيش نوعا من الدوّار يهدّده تارة بالانغماس في ظلام الشك والعدمية، أو السير في دروب ومسالك تائهة؛ ويدفعه تارة أخرى للانخراط في منظورات نسبية غير مستقرّة. وهكذا ففي هذا الفضاء المعاصر لا يوجد أي مذهب صادق، بل كلّ مذهب وكلّ عقيدة هو مجرّد تأويل، وفي أحسن الأحوال هو تأويل لتأويل إنّ الفيلسوف الأصيل هو ذلك الذي يرتبط بالأحداث، والمستجدات، والظروف، والطوارئ، وليس بتاتا ذلك الذي يرتبط بالأفكار الأبدية، أو بالتصورات اليقينية. إنّه من يستطيع أن يسجّل تدخّله في سياقات ملموسة ومتنوّعة، ويروم أن يجمّع حول مواقفه عقولا يقظة منتبهة ومختلفة. فبقدر ما يبتعد الفيلسوف عن الأرتدوكسيات المسيّجة والعقيمة، بقدر ما يتمكّن من إسماع صوته ، هذا إن لم يكن صوته هو ذاته صوت المدينة المعاصرة. بحيث لا يرى البعض في الفلسفة المعاصرة سوى تخلّ عن الصّرامة الأكاديمية، وانشغال مهموم بملاءمة الفكر مع حياة الناس وواقعهم. هكذا إذن، استوعب الفلاسفة المعاصرون درس أسلافهم المتمثّل أساسا في ضرورة التخلّي عن الطموح الهيجلي في إقامة دولة العقل ، حيث أصبحوا ينظرون، بتواضع كبير، إلى ما يقومون به من مهام. لقد أصبح عملهم عبارة عن ثورات صغرى تأخذ على عاتقها مختلف أوجه الواقع ومظاهر الحياة الإنسانية. لهذا نلتقي أحيانا بفلاسفة منخرطين بالكامل في مجالات، كان ينظر إليها بالأمس القريب على أنها غير جديرة بالفلسفة. مثل فنّ التمدّن، الإبداع الفني ، الموسيقى وتعبيرات الجسد؛ أو متورّطين في الحياة الجمعوية وقضايا الإنسان وحقوقه. إنّ الذي يميّز مداخلة الفيلسوف المعاصر عن علماء الإنسان، هو بصفة عامة نوع من الإيقاع الجذري في النقد ، ونوع من استباق العصر. إنه البعد الذي يجعل الفيلسوف ضد الراهن ، أي ضد التقوقع في بعد من أبعاد الزمان الثلاثة. هذا البعد هو ما يجعل الفيلسوف "لحظي أي ذلك الكائن الغير متصالح مع وقته والنظام القائم فيه، سواء تعلّق الأمر بنظام الحقيقة أو الأخلاق، أو تعلّق الأمر بقواعد اللعبة السياسية. فعلى سبيل المثال نجد بأنّ عمل ليفي شتراوس قد ساهم في يقظة فلسفة سياسية وجعلها تدخل في سجال مفتوح مع هيمنة العلوم الإنسانية. فحيوية الفلسفة الراهنة ترجع بشكل أساسي إلى تسلّحها بمسعى النقد الجذري الرافض للوضعية، ولكلّ نزوع يروم إضفاء الطابع العلموي على الاجتماعي والسياسي. لقد انقرضت صورة الفيلسوف التي تجعل منه متجاوزا من قبل العصر لعدم انخراطه في قافلة العلوم الاجتماعية . فتقديس الوقائع قد ترك المجال للمساءلة حول القيم وإرادة القوى. إننا نلاحظ اليوم حذرا من التجريدات الجوفاء، في مقابل ذلك يتم منح للنشاط المفهومي دورا أساسيا وحيويا. وليس غريبا أن تكون آخر أعمال دولوز كتابه في الفلسفة بما هي إبداع للمفاهيم. لفهم هذا الانزياح يكفي النظر إلى الكيفية التي يطرح بها اليوم مشكل التلاؤم ما بين شمولية القيم الموروثة عن عصر الأنوار، وبين النزعة النسبية لتي يفرضها علينا تنوّع الثقافات واختلافها. منقول الموضوع الاصلي : الفلسفة المعاصرة - الكاتب : ابو هيثم - المصدر : عميد التعريب https://www.alghaamdi.com/vb/showthread.php?t=8711
|
|||||
2012-02-06, 18:39 | رقم المشاركة : 632 | ||||
|
اقتباس:
درج مؤرخو الفلسفة على تقسيم تاريخها العام إلى أربعة حقب أو عصور أساسية: حقبة الفلسفة القديمة أو اليونانية، وتبدأ بنشأة التفكير الفلسفي لدى اليونان وخاصة لدى طاليس صاحب أولى التأملات في اصل الكون، وتضم أعلاماً بارزة مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو وما تفرع عنهم من مدارس مختلفة بالإضافة إلى مدارس متأخرة قبل الأبيقورية والرواقية. وحقبة فلسفة العصور الوسطى التي تبدأ من القرن الثالث الميلادي عندما أخذ رجال الدين المسيحي يوفقون بين الفلسفة اليونانية والمسيحية صانعين بذلك انساقاً فلسفية دينية، ولذلك يطلق عليها اسم الفلسفة المسيحية، وتضم أعلاماً بارزين مثل أوريجين والقديس أغسطين والقديس توما الأكويني. وحقبة الفلسفة الحديثة التي تبدأ من عصر النهضة الأوروبية في القرن الخامس عشر وتنتهي بوفاة هيجل سنة 1831. وعند هذا التاريخ تبدأ حقبة الفلسفة المعاصرة والمستمرة حتى الآن. وتضم الفلسفة الحديثة أعلاماً مثل فرنسيس بيكون (1561-1626) ورينيه ديكارت (1596-1750) وسبينوزا (1632-1677) ولايبنتز (1646-1716) وجون لوك (1632-1704) وديفيد هيوم (1711 – 1776)، وأخيراً إمانويل كانط (1724-1804) الذي يُنظر إليه على أنه آخر الفلاسفة المحدثين. والحقيقة أن هذا التقسيم لتاريخ الفلسفة يتبع التقسيم التاريخى للعصور إلى العصر اليوناني والروماني والعصر الوسيط، والعصر الحديث، والتاريخ المعاصر، و هو في نفس الوقت تقسيم ثقافي سياسي وليس تقسيماً تاريخياً وحسب. ذلك لأن تاريخ الفلسفة اليونانية هو نفسه تاريخ سيادة الثقافة اليونانية – الرومانية، أو الهلينية والهلينستية في حوض البحر المتوسط والمناطق المتاخمة له، وهو أيضاً تاريخ انتشار نظام دولة المدينة الذي تحول إلى النظام الإمبراطوري الروماني. وتاريخ الفلسفة الوسيطة هو نفسه تاريخ انتشار وسيادة الدين المسيحي وسيادة نظام الدويلات الإقطاعية والكنيسة الكاثوليكية في الغرب والأرثوذكسية في الشرق. وتاريخ الفلسفة الحديثة هو نفسه تاريخ ثقافة عصر النهضة الأوروبية وعصر التنوير من القرن الخامس عشر وحتى نهاية القرن الثامن عشر، وهو كذلك تاريخ ظهور الدول القومية الحديثة ذات النظام الملكي. ومعنى هذا أن كل عصر من عصور تاريخ الفلسفة يرتبط بثقافة معينة ونظام سياسي معين، مما يدل على أن الفلسفة مرتبطة بعصرها ولا تعيش في برج عاجي كما يعتقد البعض، بل هي تعبير عن عصرها وانعكاس لثقافته ونظمه السياسية والاجتماعية. اختلف المؤرخون حول الفيلسوف الذي يبدأ عنده تاريخ الفلسفة الحديثة، فالبعض، وهم الأكثرية، ينظرون إلى ديكارت على أنه أول فيلسوف محدث، لأنه أول من وضع للتفكير الفلسفي منهجاً يقوده ويوجهه في بحثه والمتمثل في كتابه «مقال عن المنهج» ولأنه بادئ التيار العقلي في الفلسفة الحديثة والذي سوف يكون أحد أهم تياراتها، ولأنه صاحب أول نسق فلسفي متكامل حديث، يضم نظرية في المعرفة وميتافيزيقا وأخلاق، ولأنه وضع الذاتية كمبدأ أول للفلسفة وللنسق الفلسفي، إذ بدأ ديكارت بعد الشك المنهجي بإثبات وجود الذات ومنها استنبط حقيقة العالم ويقين العلوم وأثبت وجود الله وخلود النفس. ويذهب البعض الآخر إلى أن الفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون هو الذي افتتح تاريخ الفلسفة الحديثة( 1)، لأنه كان صاحب منهج تجريبي يستند على الاستقراء من الوقائع وكان بذلك بداية للتيار التجريبي في الفكر الحديث والذي استمر من بعده لدى هوبز ولوك وهيوم، ولأنه واضع قانون جديد في التفكير أحله محل المنطق الأرسطي والمتمثل في كتابه الأساسي «الأورجانون الجديد» Novum Organum والذي ظهرت فيه نظرية بيكون في الأوهام الأربعة، حيث جسد سعي الفكر الحديث في التحرر من الآراء المسبقة الموروثة والأفكار الشائعة، وكان يقصد بها الفلسفة الأرسطية، إذ قد استطاع تحرير الفكر الحديث من سلطة فلسفة العصور الوسطى والفلسفة الأرسطية ومكنه من البدء بداية جديدة تماماً غير معتمدة على أي مذهب فلسفي سابق موروث، مما مكن الفلسفة الحديثة من امتلاك استقلال وشخصية متميزة وخصائص جديدة. لكننا فيما يخص بداية الفلسفة الحديثة لن نأخذ فيلسوفاً واحداً باعتباره نقطة الانطلاق، بل سنأخذ ثلاثة أعلام باعتبارهم يمثلون نقاط انطلاق متعددة ومختلفة، وهم بيكون وديكارت وسبينوزا. والسبب الذي يجعلنا نختار هؤلاء باعتبارهم جميعاً يشكلون بداية الفلسفة الحديثة أن كل واحد منهم قد ظهرت لديه توجهات فكرية استمرت بعده وأخذت شكل تيارات. فبيكون هو مؤسس التيار التجريبي، وديكارت مؤسس التيار العقلي. لكن ماذا عن سبينوزا؟ إنه هو الآخر يشكل بداية خاصة للفلسفة الحديثة، أولاً لأنه أدخل عدداً من الأفكار الفلسفية الجديدة التي سوف يكون لها تأثيرات بالغة على كل الفكر الفلسفي اللاحق له، أهمها نظرته إلى الكون باعتباره مكوناً من جوهر واحد يتخذ صفتين هما الفكر والامتداد، وبذلك نجح في القضاء الثنائيات الديكارتية الشهيرة بينهما، وبين العقل والجسد، والروح والمادة، ولأنه أول من وضع نظرية فلسفية في الفصل بين السلطة السياسية والسلطة الدينية، ذلك الفصل الذي لم يكن موجوداً من قبله ولم يكن يجرؤ أحد على الإفصاح عنه على الرغم من أن هذا الفصل كان متحققاً في الواقع في بعض البلدان الأوروبية وأهمها هولندا وطنه وسويسرا. أولاً - عوامل النشأة: نشأ الفكر الفلسفي الحديث في ظل ظروف تاريخية خاصة هي التي عملت على ولادته. فإذا كانت الفلسفة تعبيراً فكرياً عن عصرها وابنة هذا العصر، فإن المناخ العام هو الذي يساعد على إنضاجها. وكانت هناك عوامل عديدة أسهمت في ظهور الفكر الفلسفي الحديث، أهمها عامل تاريخي، تمثل في استرداد الأسبان للأندلس في أواخر القرن الخامس عشر، مستولين بذلك على ذخائر التراث العربي التي وجودها هناك. بالإضافة إلى ظهور حركة الكشوف الجغرافية، حيث اكتشف ماجلان طريق رأس الرجاء الصالح الذي يدور حول إفريقيا، مما مكن لأوروبا طريقاً آخر للهند وشرق آسيا غير الطريق الذي يمر عبر المشرق العربي والإسلامي، وحيث اكتشف كولومبوس قارة أمريكا سنة 1492، وفتح بذلك آفاق جديدة للتجارة مع العالم الجديد والاستيطان به. والحقيقة أن نفس هذه الفترة كانت فترة توسع الأتراك العثمانيون في أوروبا الشرقية، إذ قد نجحوا في فتح القسطنطينية سنة 1453، وكان هذا عاملاً أساسياً على إسراع أوروبا في الكشوف الجغرافية وفي التوسع في العالم الجديد، كي تعوض ما فقدته للعثمانيين في الشرق. كل هذا خلق جواً جديداً لأوروبا، تعرفت فيه على العالم وتاجرت وتوسعت واتسعت بذلك آفاقها الفكرية والأدبية والفنية، إذ لم يكن من الممكن لأوروبا التي كانت محبوسة في قارتها الصغيرة أن تنتج فكراً وآداباً إنسانية وعالمية، وقد وفرت لها الكشوف الجغرافية وحركة التجارة العالمية وحركة استيطان العالم الجديد مجالاً للإبداع الإنساني العالمي. وتمثل ثاني عوامل نشأة الفكر الفلسفي الحديث في ظهور الروح العلمية الحديثة وازدهار العلوم التجريبية(2 ). وتمثل ذلك في الثورة العلمية التي أحدثها العالم البولندي نيقولاوس كوبرنيقوس (1473-1543) باكتشافه للنظام الشمسي. كان العالم قبل كوبرنيقوس يعتقد، تحت تأثير فلسفات العصور الوسطى التي كانت تعتمد على نظام بطليموس الفلكي، أن الأرض ثابتة وفي مركز الكون، والسماء بما فيها من نجوم وكواكب وشمس وقمر، تدور حولها. لم يقتنع كوبرنيقوس بهذه الفكرة الساذجة واكتشف أن العكس هو الصحيح، أي أن الشمس ثابتة والأرض هي التي تدور حولها، وكذلك اكتشف دوران الكواكب حول الشمس، أي المجموعة الشمسية. كان هذا الاكتشاف من العوامل التي أدت إلى فقدان الثقة بكل الفلسفات والعلوم الموروثة وخاصة فلسفة أرسطو، مما مكن الفكر الأوروبي من التحرر من ثقل تراث الماضي والبحث بنفسه عن أسرار الكون( 3). وبعد كوبرنيقوس جاء العالم الألماني يوهانس كبلر (1571-1630) الذي أحدث ثورة أخرى في علم الفلك والرياضيات، إذ أضاف إلى نظرية كوبرنيقوس تعديلاً هاماً يذهب إلى أن دوران الكواكب حول الشمس لا يأخذ شكل الدائرة الكاملة بل الشكل البيضاوي، كما اكتشف أن حركة الكوكب تتسارع في مداره عندما يقترب من الشمس وتتباطأ عندما يبتعد عنها، وكان هذا مما ساعد اسحق نيوتن بعد ذلك على اكتشاف القوانين العامة للجاذبية. وكذلك اكتشف كبلر العلاقة الوثيقة بين علم الفلك والرياضيات، حيث أدرك أن الرياضيات هي أداة البحث في الفلك والفيزياء عامة. كما أحدث العالم الإيطالي جاليليو (1564-1642) ثورة علمية أخرى عندما اكتشف العلاقة بين الكتلة والسرعة وبين الساكن والمتحرك في الأجسام في حالة الاصطدام، وظاهرة تسارع وتباطؤ السرعة، ووضع نظرياته في صورة رياضية دقيقة مما مكن العالم من اكتشاف الطابع الرياضي للقوانين الفيزيائية. كما دافع جاليليو عن نظرية كوبرنيقوس في المجموعة الشمسية وأجرى عدداً من الملاحظات الفلكية تؤيد تلك النظرية واكتشف عدداً من أقمار كوكب المشترى. ومن أجل تبنيه ودفاعه عن نظرية كوبرنيقوس اتهمته الكنيسة وخضع لمحكمة التفتيش وصدر في حقه حكماً بالحرق لكنه لم ينفذ، وظل جاليليو تحت الإقامة الجبرية المقيدة في منزله قرب فلورنسا، حيث فقد بصره وتوفى. وإلى جانب الروح العلمية تطورت فنون الصناعة، ذلك لأن الحروب التي دخلتها البلدان الأوروبية آنذاك أدت إلى زيادة استخدام البارود والأسلحة النارية، مما شجع على تطور الأبحاث الكيميائية والصناعات المعدنية( 4). والملاحظ كيف تداخلت هذه الفنون مع تطور العلم الحديث، فعندما كان جاليليو يدرس سقوط الأجسام والعلاقة بين الكتلة والسرعة والجاذبية ضرب مثالاً شهيراً وهو قذيفة المدفع التي تأخذ مساراً منحنياً، ودرس بدقة سرعة القذيفة والعلاقة بين المنحنى والمسافة التي تقطعها. وكان أهم اختراع في هذا العصر هو اختراع المطبعة على يد جوتنبرج. والحقيقة أن هذا الاختراع كان له أبلغ الأثر في أن يأخذ الفكر الحديث طابعاً جديداً مختلفاً عما سبقه. إذ انتشر الكتاب المطبوع وأصبح للقراءة جمهور واسع، ولم تعد الفلسفة مقيدة بفئة محددة من المتخصصين بل أصبحت شأناً عماً لكل المثقفين، حتى أصبحت مؤلفات الفلاسفة تقرأ من جمهور عريض مثل الأعمال الأدبية، وبذلك لم يعد الحكم على الأفكار في يد طائفة من رجال الدين أو الأكاديميين بل احتكم الفلاسفة إلى كل من له عقل سليم وفكر حر وبصيرة ذاتية، وكان هذا عاملاً على انتشار النزعات العقلانية والإنسانية في الفكر الغربي. وثالث عوامل نشأة الفكر الفلسفي الحديث هو ظهور عصر النهضة الأوروبية ابتداء من القرن الخامس عشر، وقد كانت نهضة شاملة، فكرية وأدبية علمية. ظهرت بدايات عصر النهضة عندما فتح الأتراك القسطنطينية سنة 1453 واسترد الأسبان آخر جزء من الأندلس وهو غرناطة في تسعينات القرن الخامس عشر، وانتقل بذلك التراث اليوناني والروماني إلى غرب أوروبا، فظهرت حركة واسعة لإحياء الآداب اليونانية واللاتينية( ). كانت هذه الآداب تركز على الإنسانيات مما أدى إلى ظهور نزعة إنسانية قوية في الفكر الأوروبي، ولم يمنع إحياء التراث اليوناني الفكر الأوربي من أن يأخذ موقفاً نقدياً منه، فقد توافق هذا الإحياء مع نقد واسع وشامل لفلسفة أرسطو عن طريق الاستعانة بفلسفة أفلاطون وأفلوطين والأفلاطونية المحدثة، وظهر هذا بصورة واضحة لدى جيوردانو برونو (1548-1600) وتوماسو كامبانيلا (1568-1639)، أو الاستعانة بالمنهج التجريبي في حالة فرنسيس بيكون، إن نقد المنطق الصوري الأرسطى الذي يعتمد على مقدمات عامة نظرية وعقلية صرف وأكد على ضرورة الاعتماد على الملاحظة والتجربة والاستقراء. وتمثل رابع عوامل نشأة الفكر الفلسفي الحديث في حركة الإصلاح الديني بقيادة مارتن لوثر (1483-1546) وجون كالفن. هدفت هذه الحركة تجديد الدين المسيحي بالتخلص من سيطرة الكنيسة الكاثوليكية والعودة إلى جوهر المسيحية الصافي في منابعها الأولى دون أية تأويلات أو عقائد نظرية جامدة يفرضها رجال الدين، وظهرت بذلك الحركات البروتستانتية والبيوريتانية التي تركز على الجوانب الأخلاقية من رسالة المسيحية، وتؤكد على قيم الزهد والعمل، وعلى الضمير الإنساني اليقظ، وعلى استقلال الإنسان بحيث يكون موجهه الأول هو الكتاب المقدس نفسه دون وساطة من كهنوت أو مؤسسة دينية( 5). وأعطت حركة الإصلاح الديني الحرية لكل إنسان في أن يفهم الكتاب المقدس وحده دون استعانة بأحد، واثقة بذلك من قدرة العقل الإنساني والضمير الحي على الفهم وعلى تبني الرسالة والعمل بها. ولذلك عمل لوثر على ترجمة الكتاب المقدس الذي كان مكتوباً باللاتينية وحكراً في يد رجال الدين وعلماء الكنيسة والمثقفين، إلى الألمانية وهي أول لغة أوروبية حديثة يترجم إليها الكتاب المقدس، وتوالت الترجمات بعد ذلك إلى كل اللغات الأوروبية، مما وضع الكتاب المقدس أمام الجمهور الأوروبي في كل قومياته، وكان هذا عاملاً على إتاحته للنظر والفهم المختلف والتفسيرات المتعددة. أكدت حركة الإصلاح الديني على أهمية الإنسان وضميره الفردي ومسئوليته الشخصية، وكانت عاملاً على نضوج النزعة الإنسانية الفردية والاستقلال الفكري. والملاحظ في تعدادنا لعوامل نشأة الفكر الحديث ورود شخصيات عديدة من إيطاليا مثل جاليليو وجيوردا وبرونو، بالإضافة إلى رواد عصر النهضة الإيطاليين أمثال ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو وتوماس كامبا نيلا. فقد بدأت النهضة الأوروبية في إيطاليا والتي كانت لها جذوراً لدى دانتي في ملحمته «الكوميديا الإلهية»، وبدأت النهضة الفكرية مع برونو، وبدأت النهضة الفنية مع دافنشي ومايكل أنجلو، وكذلك النهضة العلمية مع جاليليو. ومن هنا نستطيع القول إن بدايات الفكر الفلسفي الحديث كانت فى إيطاليا بالتحديد. فبالإضافة إلى هؤلاء، نجد أن ميكافيللي هو أول واضع لعلم السياسة الحديث الذي لم تشغله المثاليات السياسية بل وضع نظرية واقعية انطلاقاً من التجارب التاريخية السابقة والخبرة العملية في كتابه «الأمير»، كذلك فقد نقد المفكر الإيطالي بومبناتزي Pomponazzi الأدلة التقليدية التي قدمتها الفلسفات السابقة في خلود النفس، وكان بذلك سابقاً على هيوم صاحب نفس الموقف من أدلة خلود النفس، وكامبانيلا الذي انطلق في فلسفته من نقطة بداية أولى وهي إثبات وجود الذات المفكرة وكان بذلك سابقاً على ديكارت ونظريته في الكوجيتو، ونيقولا الكوزي Nicola De Cusa (1401-1464) الذي دافع عن الرؤية الجديدة للكون والتي أتى بها كوبرنيقوس، وعن العقل الذي هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس، وأوضح قدرة العقل على الوصول إلى الألوهية بفكره وحده وفي نفس الوقت اعترف بقدرة العقل المحدودة بالقياس إلى لا تناهي العلم الإلهي وكان بذلك سابقاً على ديكارت وعلى كانط في نفس الوقت. ولنا أن نتساءل عن السر الذي يكمن في ظهور بوادر الفكر الحديث في إيطاليا واستباق المفكرين الإيطاليين للمشكلات والقضايا الفلسفية التي شغلت فلاسفة العصر الحديث. والإجابة عن هذا التساؤل تتمثل في أن إيطاليا في عصر النهضة كانت هي الإقليم الأقرب اتصالاً بالشرق العربي، ففيها تم انتقال التراثين اليوناني والعربي الإسلامي إلى أوروبا، وفيها أيضاً تمت ترجمة الأعمال الأدبية الكلاسيكية والأعمال الفلسفية العربية إلى اللغة اللاتينية. كما أن إيطاليا آنذاك قد شهدت جمهوريات مزدهرة من الناحية التجارية بسبب مراكز التجارة البحرية المزدهرة مع شرق المتوسط مثل جنوة والبندقية وفلورنسا. إذ ظهرت في هذه المدن بدايات الاقتصاد النقدي والبنوك ذات النشاط الدولي، وتراكمت فيها الثروة وظهرت فيها الطبقة البروجوازية المشتغلة بأعمال المال والصناعة والتجارة. وبالتالي فإن حركة النهضة الأدبية والفنية والفكرية هناك استندت على أساس اقتصادي مزدهر، على الرغم من عدم توحد إيطاليا في دولة واحدة وانقسامها إلى العديد من الدويلات أو الجمهوريات التي نشأت حول المدن التجارية. وبعد أن انتقل مركز الثقل الاقتصادي من المدن الإيطالية إلى غرب أوروبا وخاصة فرنسا وإنجلترا في القرن السابع عشر، انتقل معه مركز الثقل الفكري والثقافي، وبذلك وجدنا الحركة الفلسفية تزدهر في هذين البلدين، بالإضافة إلى هولندا وألمانيا في القرن الثامن عشر. ثانياً - الخصائص العامة: تميزت الفلسفة الحديثة بمجموعة من الخصائص العامة، وهي عامة لأنها تطبع أغلب التيارات والمذاهب الفلسفية على الرغم من اختلافها في المنهج والتوجهات. وما يجعلنا نختار الخصائص التالية باعتبارها تميز الفلسفة الحديثة بالذات أنها هي ما يفرق بينها وبين الفلسفات الأخرى، القديمة والوسيطة والمعاصرة. وليس معنى هذا أن هذه الخصائص لم توجد إلا في تيارات الفلسفة الحديثة، بل على العكس، إذ ظهرت فلسفات أخرى غيرها ذات توجهات عقلانية وإنسانية وفردية ونسقية، بل يعني ذلك أن هذه الخصائص لم تجتمع معاً إلا في عصر فلسفي واحد هو عصر الفلسفة الحديثة. وما كان إرهاصاً للعقلانية أو الفردية أو النسقية في الفلسفات السابقة عليها، تمتع بنضج وتطور مكتمل في الفلسفة الحديثة بالذات. ومن جهة أخرى فإن هذه الخصائص سوف تنتهي عن أن تميز الفلسفة في الفترة المعاصرة. ففي مقابل العقلانية سوف تظهر في الفلسفة المعاصرة اتجاهات لا عقلانية تعتمد على أسس أخرى غير العقل، مثل الحدس والطاقة الروحية عند برجسون، والمنفعة عند بنتام وجون ستيوارت مل، والوسلية عن الاتجاه البراجماتي، واللغة عند فلاسفة التحليل وعلى رأسهم رسل وفتجنشتين وآير، والاتجاه المادي الاقتصادي عند الماركسية. وفي مقابل الفردية سوف تظهر مذاهب جماعية في الفلسفة المعاصرة عند برديائيف وأونامونو وأورتيجا أي جاسيه، ومذاهب اشتراكية لدى التوجهات الماركسية. 1 - العقلانيـــة: ويجب أن نميز في البداية بين العقلانية باعتبارها خاصية عامة للفلسفات الحديثة Rationality عن التيار العقلي Rationalism. أغلب فلاسفة العصر الحديث عقلانيون، أي يتمسكون بقدرة العقل على إدراك الواقع ويذهبون إلى أن كل سلوك إنساني صادر عن التفكير وعن استخدام الملكات الذهنية العليا، لكنهم ليسوا كلهم عقليون. التيار العقلي هو التيار الذي يضم ديكارت والمدرسة الديكارتية، وسبينوزا ولايبنتز ومالبرانش، وهو يتصف بكونه يعطي الأولوية للعقل في المعرفة وينظر إليه على أنه المصدر الأساسي لكل معرفة وكل علم، وذلك في مقابل المذهب التجريبي الذي يتصف بإعطاء الأولوية للخبرة التجريبية كمصدر أساسي للمعرفة، وما العقل في هذا المذهب سوى ملكة تنشأ عن الانعكاس على عمليات الإدراك الحسي(6 ). وليس معنى هذا أن التجريبيين ليسوا عقلانيين، بل على العكس، إذ هم عقلانيون تماماً، لكن تصورهم عن العقل يختلف عن تصور المذهب العقلي؛ إنهم يعترفون بدور العقل في المعرفة، لكنهم ينظرون إليه على أنه ملحق بالحس والخبرة التجريبية. والعقل عندهم نتاج التفكير في الخبرة التجريبية وليس مستقلاً عنها أبداً، إذ يدخل في هذه الخبرة وهو غير محمل بأي أفكار مسبقة فطرية، أي صفحة بيضاء كما يذهب لوك وهيوم. أما العقل لدى المذهب العقلي فهو كل شئ، يدخل في التجربة ليضفي عليها النظام والترتيب بفضل ما لديه من أفكار فطرية، مثلما يذهب ديكارت ولايبنتز. ظهرت العقلانية باعتبارها خاصية للفلسفة الحديثة في مقابل اعتماد فلسفة العصور الوسطى على سلطة التراث الديني والنظام الكهنوتي. فقد واجه الفكر الأوروبي منذ بدايته في عصر النهضة إشكالية العقل والنقل( 7)، وهي نفس الإشكالية التي شغلت الفكر الإسلامي. وكان أمام الفكر ا لأوروبي عدداً من الخيارات، فإما أن يتمسك بما انتقل إليه من تراث ديني كما هو وبالتالي يلغي العقل تماماً، أو أن يحاول التوفيق بينهما مثلما حدث في بداية عصر النهضة وخاصة في إيطاليا، أو أن يجعل العقل قادراً على إثبات صدق التراث الديني بإثبات قدرته على التوصل إلى نفس الحقائق الدينية بالاعتماد على البرهان العقلي وحده لا على أي سلطة موروثة، أو أن يجعل العقل وحده المعيار الوحيد للحكم على سلوك الإنسان ومعرفته. ولم يتجه الفكر الأوروبي إلى التضحية بالعقل في سبيل النقل، بل ظهرت فيه باقي المحاولات السابقة. إذا ظهرت محاولات لإثبات العقائد الدينية عن طريق العقل وحده عند ديكارت وباسكال وبالبرانش، كما ظهرت محاولات للحصول على الاستقلال التام للعقل بعيداً عن أي سلطة تراثية موروثة عند سبينوزا وفولتير وروسو والماديين الفرنسيين أصحاب الموسوعة في أواخر القرن الثامن عشر، وظهرت محاولة للتوفيق بين العقل والعقائد الإيمانية لدى كانط في كتابيه «نقد العقل العملي» و«الدين في حدود العقل و حده». 2 - الإنســـانية: ظهرت النزعة الإنسانية في بداياتها الأولى في عصر النهضة، واتخذت أشكالاً فنية وأدبية قبل أن تتحول إلى مجال الفكر والفلسفة، وكان من بين بواعث ظهورها حركة إحياء التراث اليوناني. أمد هذا التراث عصر النهضة الأوربية برؤية مختلفة للإنسان، تُعطي الأولوية للخبرات الإنسانية الحية وتعلي من قيمته وتنظر إليه على أنه سيد الطبيعة وأعلى الموجودات. كما تهتم بتصوير الطابع الدرامي للحياة الإنسانية وتتخذ الرؤية الإنسانية باعتبارها مقياساً لكل شئ، بعد أن كانت الرؤية اللاهوتية هي المسيطرة في العصور الوسطى( 8). ففي الفن ازدهر النحت على يد مايكل أنجلو الذي يهتم بتجسيد الجسم الإنساني في حالة الحركة والاهتمام بتعبيرات الوجه، وفي التصوير الزيتي اهتم ليوناردو دافنشي برسم وجوه من الحياة اليومية وتصوير الإنسان وهو منشغل في أنشطته اليومية المختلفة، وفي الأدب ظهر شكسبير الذي اهتم بالدراما البشرية وبالصراع والقيم التي تتنازع في النفس الإنسانية، وظهر سرفانتيس الأديب الأسباني مؤلف رواية «دون كيشوت» التي صورت آمال وأحلام الإنسان عندما تصطدم بأرض الواقع وتتكسر. ثم انتقلت النزعة الإنسانية إلى مجال الفكر والفلسفة، وصار الإنسان مقياس صدق وحقيقة المعرفة. واختلفت التيارات الفلسفية في ذلك، فالمذاهب التي تؤكد أولية العقل الإنساني جعلت من التفكير المجرد والوعي الذاتي مقياساً للحقيقة، والمذاهب التي تؤكد أولوية الحواس والإدراك الحسي جعلت الخبرة التجريبية البشرية مقياساً للحقيقة. فعلى الرغم من اختلاف العقليين عن التجريبين إلا أنهم جميعاً ينطلقون من أساس واحد، وهو إعطاء الأولوية للرؤية الإنسانية، سواء كانت هذه الرؤية حساً أو عقلاً. ولذلك ينظر إلى ديكارت على أنه أبو الفلسفة الحديثة، لأنه بدأ مذهبه بعد الشك بإثبات وجود الذات المفكرة وانطلق منها إلى إثبات وجود الإله والعالم وخلود ا لنفس. كما تعد فلسفة هيوم تطوراً في النزعة الإنسانية في الفلسفة، إذ ركز على جانب آخر في الطبيعة الإنسانية غير الفكر، وهو الجانب الانفعالي، وركز على دور الإحساس والإدراك الحسي في المعرفة، وأقام أول مذهب فلسفي على أساس نظرية سيكولوجية في الانفعالات، وذهب إلى أن علم النفس البشرية هو الفلسفة الحقة وهو أساس علوم الأخلاق والسياسة. وظهرت كذلك فلسفة كانط التي أحدثت ثورة في مجال نظرية المعرفة، وأصبح معيار صدق المعرفة هو اتفاقها مع قوانين العقل الإنساني لا مع الظواهر التجريبية المتغيرة، وقدم صورة للمعرفة باعتبارها صادرة عن إخضاع الخبرة التجريبية للقوانين العامة الكلية والضرورية للفهم البشري، بحيث أصبح الفهم البشري هو الذي يضفي الانتظام والموضوعية على عالم الخبرة التجريبية، وأن هذه الخبرة لا توجه المعرفة بل الفهم البشري هو الذي يوجهها وينظمها صانعًا منها معارف وعلوماً. 3 - الفرديـــة: نظر الفكر الفلسفي الحديث إلى الإنسان على أنه مقياس الأشياء جميعاً، سواء كان عقلاً أو إحساساً أو انفعالاً، وبذلك فإن هذا المقياس فردي في الأساس( 9) Individualist فنقطة الانطلاق التي بنى عليها ديكارت مذهبه هي الأنا أفكر، وقد ظهر هذا الأنا أو الكوجيتو على أنه فعل فردي. كما أن نظرية المعرفة عند لوك تتصف أيضاً بالفردية، ذلك لأنها كلها وصف للعمليات الذهنية التي تدور في ذهن الفرد ويؤسس بها المعرفة. كما ظهرت النزعة الفردية واضحة في الفكر السياسي للفلاسفة المحدثين، وازدهرت المذاهب الليبرالية وأهمها مذهب توماس هوبز، وجون لوك وديفيد هيوم، وهي تصف المجتمع على أنه ليس إلا مجموعة من الأفراد، وعلى أن ما يحرك هذا المجتمع المصالح الفردية، ووصفت ظهور السلطة السياسية بفكرة العقد الاجتماعي الذي هو اتفاق بين أفراد على التخلي عن جزء من حقوقهم الطبيعية لتنظيم سياسي يمثلهم. وظهرت كذلك فكرة الحق الطبيعي الذي هو حق الفرد في حفظ حياته وممتلكاته وتنمية قدراته واختيار حكامه، وفكرة الحق المدني الذي هو حق المواطن الفرد في أن تكون له حقوق مصانة ومعترف بها من قبل السلطة السياسية. وقد كان التأكيد على الفردية كقيمة عليا جديداً على الفكر الأوروبي بعد عصر الإقطاع الذي لم يكن يعرف أفراداً مستقلين عن الأنساق الاقتصادية والسياسية والدينية التي تشملهم. وبذلك ظهر حق الفرد في تقرير مصيره وحريته في اختيار عقيدته وآراءه وشكل الحكم الذي يلتزم به. وتتضح الفردية باعتبارها خاصية للفكر الحديث من مقارنتها بما ساد الفكر المعاصر، إذ لم تعد قيم الفردية تمثل تلك الأهمية التي كانت لها، فقد ظهر المجتمع في الفكر المعاصر باعتباره كياناً مستقلاً عن الأفراد، يمتلك حقوقاً تختلف عن الحقوق الفردية، ويمتلك هوية خاصة به تختلف عن هوية الأفراد المكونين له، وظهر ذلك على يد هيجل وماركس وكل المذاهب الفكرية التي تنظر إلى المجتمع على أنه كيان عضوي مثل الجسد الإنساني الذي يشمل أعضاءً متكاملة الوظائف، حيث يصبح الأفراد أعضاءً متكاملين في هذا الجسد الاجتماعي الواحد، وتمثل ذلك في علماء الاجتماع عند فرديناند تونيز وإميل دوركايم ومعظم المذاهب الاشتراكية المعاصرة. ومعنى هذا أن عصر الفلسفة الحديثة كان عصر الفردية بدون منازع، لأن مقولة المجتمع باعتباره كياناً مستقلاً عن الأفراد لم تكن قد ظهرت بعد، وعندما ظهرت في القرن التاسع عشر لن تعود الفردية هي النزعة المسيطرة على الفكر الأوروبي، إذ سوف تنافسها نزعات أخرى، عضوية وجماعية واشتراكية. والملاحظ أن هذه النزعات سوف تضمحل في النصف الثاني من القرن العشرين، الذي سوف يشهد عودة إلى ظهور النزعات الفردية مرة أخرى والمتمثلة في المذاهب الليبرالية الجديدة. 4 - النســـقية: كان الفلاسفة المحدثين مولعين بإقامة أفكارهم في صورة نسق فلسفي متكامل. والنسق الفلسفي System هو مذهب عام يحتوي توجهاً معيناً ويضم نظرية في المعرفة وأخرى في الأخلاق وثالثة في السياسة، كما يمكن أن يحتوي على مذهب ميتافيزيقي أو لا يحتوي حسب موقف الفيلسوف من الميتافيزيقا سواء بالقبول أو الرفض. ويعبر وضع الفلاسفة لأفكارهم في صورة نسق عن الطابع الموسوعي للقرنين السابع عشر والثامن عشر، وعن إصرار هؤلاء الفلاسفة على الاحتفاظ بدور أساسي ومركزى للفلسفة وسط العلوم الطبيعية الجديدة الناشئة. فقد ظلوا يتمسكون بالدور المشرع للفلسفة بالنسبة للعلوم الأخرى، وبأن المعرفة الإنسانية واحدة ومتكاملة على الرغم من ظهور التخصصات الدقيقة وزيادة انفصال العلم التجريبي عن الفلسفة. ودائماً ما كانت نظرية المعرفة تحتل المكان الأول في كل نسق فلسفي، تليها الميتافيزيقا، سواء بالقبول أو الرفض، ثم الأخلاق وأخيراً السياسة. وقد ظهر هذا التقسيم للمذهب الفلسفي لدى أغلب الفلاسفة المحدثين. وكان هيجل آخر الفلاسفة أصحاب الأنساق الفلسفية الكبرى، ولذلك ينظر إليه على أنه آخر فيلسوف محدث ينتهي عنده تاريخ الفلسفة الحديثة، لكننا أثرنا اعتباره أول الفلاسفة المعاصرين لأن الصورة الجديدة التي وضع فيها الفلسفة، والقضايا والإشكاليات التي طرحها، سوف تكون لها أبلغ الأثر في كل تيارات الفلسفة المعاصرة. بحيث أن الفيلسوف في الحقبة المعاصرة لن يستطيع التفلسف دون العودة إلى هيجل. وعندما نذهب إلى أن النسقية كانت خاصية مرتبطة بالفلسفات الحديثة فنحن نقصد بذلك أنها لم تعد تميز الفلسفة المعاصرة، التي هي فلسفة ضد النسق بصفة أساسية. فقد امتنع الفلاسفة المعاصرين عن وضع أفكارهم في صورة مذهب فلسفي، وآثروا الكتابة في موضوعات مختلفة متنوعة اتخذت شكل المقالات أو المؤلفات الفكرية التي تضم موضوعات متنوعة، مثل مؤلفات الوجوديين وفلاسفة مدرسة فرانكفورت، أو التركيز على قضية واحدة فقط مع الحرص على عدم صنع مذهب فلسفي منها، مثل أعمال برجسون وفلاسفة البراجماتية والتحليل. كما أن تركيز الفلسفة المعاصرة سوف يبتعد عن الفلسفة باعتبارها مذهباً أو نسقاً عاماً ويتحول إلى النظر إليها على أنها منهج، ولذلك سوف تظهر مناهج فلسفية عديدة في الفكر المعاصر: الفينومينولوجيا، التحليل المنطقي،الهرمنيوطيقا أو منهج التأويل، البنيوية، التفكيكية، ومعنى هذا أن الفلسفة باعتبارها مذهباً أو نسقاً كانت ظاهرة مرتبطة بالفلسفة الحديثة على نحو أساسي، وسوف تكف الفلسفة عن أن تكون نسقاً مذهبياً في الفكر المعاصر. وفي نهاية هذا المدخل بقى أن نشير إلى خاصية أخرى للفلسفة الحديثة، مرتبطة بها وحدها ولن تستمر في حقبة الفلسفة المعاصرة، وهي خاصية في غاية العمومية لأنها مليئة بالاستثناءات. فقد تمثلت هذه الخاصية في ارتباط التيارات الفلسفية بالقوميات. فالتيار العقلي كان إلى حد كبير تياراً فرنسياً، ضم ديكارت ومالبرانش وباسكال، والتيار التجريبي كان إنجليزياً بصورة حصرية: بيكون وهوبز ولوك وهيوم، والتيار النقدي كان كانط الألماني هو ممثله الأساسي. ويبدو أن السبب في ذلك يرجع إلى طبيعة كل شعب من هذه الشعوب، فالشعب الإنجليزي شعب تجاري وعملي، لا يهتم كثيراً بالمثاليات ولا يميل إلى الفكر المجرد وغالباً ما يلجأ إلى احتكام الحس المشترك، ولذلك كان التيار التجريبي إنجليزياً حصرياً. والفرنسيون على العكس أصحاب تفكير عميق، وهم أكثر ارتباطاً بالتراث العقلي اليوناني، ودائماً ما حاولوا التوفيق بين العقل والدين نتيجة لخلفيتهم الكاثوليكية، وغالباً ما ينتج هذا التوفيق فلسفة عقلية. هذه الخاصية ليس لها شأن كبير في الدراسة العينية المتعمقة في تلك التيارات، بل هي تخص علوماً أخرى مثل تاريخ العقليات والتاريخ الحضاري وسوسيولوجيا المعرفة، حرصنا على ذكرها هنا لما لها من علاقة وثيقة بموضوع هذا الكتاب. ( 1) إميل برهييه: تاريخ الفلسفة، القرن السابع عشر، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت 1987، ص 6-9. (2 ) أحمد أمين، وزكي نجيب محمود: قصة الفلسفة الحديثة، الجزء الأول، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1936، ص 36-39. (3 ) وليم كيلي رايت: تاريخ الفلسفة الحديثة، ترجمة محمود سيد أحمد، تقديم ومراجعة إمام عبد الفتاح إمام، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2001، ص49. (4 ) الموسوعة الفلسفية العربية، تحرير د. معن زيادة. مادة «فلسفة النهضة»، المجلد الثاني، القسم الثاني، ص 1034. معهد الإنماء العربي، بيروت، 1988. ( 5) المرجع السابق، ص1035-1036 ( 6) أحمد أمين وزكي نجيب محمود، مرجع سابق، ص 36-37. ( 7) بول هازار: أزمة المضير الأوروبي (1680-1715)، ترجمة جودت عثمان ومحمد نجيب المستكاوي، مقدمة لطه حسين، دار الشروق، القاهرة، 1987، ص 135-140. ( 8) جون هرمان راندال: تكوين العقل الحديث. ترجمة د. جورج طعمة، مراجعة برهان الدين الرجائي، دار الثقافة، بيروت، 1958، الجزء الأول، ص 30-35. ( 9) المرجع السابق، ص 120-122. (10 ) وليم كيلي رايت: المرجع السابق، ص 21-22. https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=238064 |
||||
2012-02-06, 18:41 | رقم المشاركة : 633 | ||||
|
اقتباس:
حول تسجيل اتصل -------------------- عدل هذه الصفحة -------------------- بداية جديدة -------------------- منتديات -------------------- أخبار الموقع -------------------- الدخول أو تسجيل ش ف تذكر لي! الفلسفة الحديثة طباعة ودية الفلسفة الحديثة ( فلسفة ، ويكي ، متشعب ، بروتيوس ) الفلسفة الحديثة هي فلسفة عمله في عهد "الحديثة" من أوروبا و أمريكا الشمالية . وهي ليست عقيدة معينة أو مدرسة، (وهكذا لا ينبغي الخلط بينه وبين الحداثة أو الحداثة ) رغم وجود بعض الافتراضات المشتركة لجزء كبير من هذا يميزها عن فلسفة عصر النهضة و الفلسفة المعاصرة فترات. هي الفلسفة الحديثة المعاصرة؟ الفترة الحديثة يمتد تقريبا من بداية القرن 17 حتى الوقت الحاضر. كم من فلسفة عصر النهضة ، والبعض منها كان يسمى "الحديث" في ذلك الوقت، هو أن يتم تضمينها في الفلسفة الحديثة لا تزال موضع خلاف، وكثيرا ما تعامل في القرن التاسع عشر والفلسفة الفترة الخاصة به، كما كان يسيطر عليه مشاركة كانط، الألمانية و المثالية فلاسفة مثل هيغل ، ماركس ، و برادلي ، فضلا عن العديد من المفكرين أخرى مهمة مثل جون ستيوارت ميل ، شوبنهاور آرثر و فريدريك نيتشه . وبالمثل، فإن الحداثة قد تكون أو لا وانتهت في القرن 20، وحلت محلها الحداثة بوست . كيف يمكن لأحد أن يقرر هذه الأسئلة تحديد نطاق استخدام واحد عن "الفلسفة الحديثة"، وهذا يدل على عدم جدوى الفلسفة في تصنيف التجمعات التاريخية أنيق. سوف نرى هذا مرة أخرى ما يسمى ب "الفلسفة المعاصرة" لم يعد المعاصرة، ولكن يسيطر عليها الفلسفة من عام 1950، و 60 وعلى 70 سنة، والفلسفة في نواح كثيرة قد تغيرت بالفعل إلى شيء جديد . تاريخ الفلسفة الحديثة الشخصيات الرئيسية في فلسفة العقل ، نظرية المعرفة ، و الميتافيزيقيا وتنقسم تقريبا خلال القرون السابع عشر والثامن عشر إلى مجموعتين رئيسيتين. في " العقلانيون المفترض، "معظمهم في فرنسا وألمانيا، أن كل معرفة يجب أن يبدأ من" الأفكار الفطرية "معينة في الاعتبار. وكان العقلانيون الرئيسية ديكارت ، سبينوزا ، لايبنتز ، و مالبرانش نيكولا . في " التجريبيون "، على النقيض من ذلك، عقدت تلك المعرفة يجب أن تبدأ مع التجربة الحسية. الشخصيات الرئيسية في هذا الخط من التفكير و لوك ، George_Berkeley ، و هيوم . الأخلاق و الفلسفة السياسية وعادة ما تكون لا تندرج تحت هذه الفئات، على الرغم من كل هؤلاء الفلاسفة عملت على الأخلاق في أساليبهم المميزة. شخصيات هامة أخرى هنا هوبز و روسو . في أواخر القرن eigteenth إيمانويل كانط المنصوص عليها نظاما groudbreaking الفلسفي الذي ادعى لتحقيق توحيد العقلانية والتجريبية. ولم أم لا أنه كان على حق، وقال انه لم ينجح في وضع حد للنزاع على وجه التحديد الفلسفي. وأثار عاصفة من كانط العمل الفلسفي في ألمانيا في أوائل القرن التاسع عشر. وكانت هذه المثالية الألمانية ، وكان موضوعه مميزة على أن العالم والعقل على حد سواء يجب أن يكون مفهوما وفقا لنفس الفئات، بل بلغت ذروتها في أعمال هيغل ، الذي من بين أمور أخرى كثيرة وقال ان "الحقيقي هو عقلاني، ومنطقي هو حقيقي ". ونفذت أعمال هيغل في اتجاهات عديدة من قبل طلابه، وعلى الأخص، كارل ماركس خصصت فلسفة كل من هيغل للتاريخ والأخلاق العملية السائدة في بريطانيا، وتحويل الأفكار هيغل الى شكل مادي بحت، لاستخدامها كأداة لل ثورة . في الطرف الآخر من الطيف، كيركيغارد تحولت الفلسفة إلى مسعى داخلي والدينية. شوبنهاور استغرق المثالية إلى استنتاج مفاده أن العالم لم يكن سوى التفاعل عقيمة لا نهاية لها من الصور والرغبات، ودعا إلى الإلحاد والتشاؤم. واتخذت لكيركيغارد وشوبنهاور والأفكار وحتى تحويلها من قبل نيتشه، الذي استولى على فصلهم مختلفة من العالم لإعلان "الله ميت" ورفض كل فلسفة منهجية وجميع السعي للحصول على الحقيقة الثابتة تجاوز الفردية. نيتشه، رغم ذلك، وجدت في هذه الأسباب ليس للتشاؤم، ولكن احتمال وجود نوع جديد من الحرية. العقلانيه القارية ويمتد أحيانا ليشمل روسو ، كانط والمثالية في مرحلة ما بعد كانط، و التجريبيه ويمتد أحيانا إلى تغطية فرانسيس بيكون و هوبز وإلى الأمام لتغطية جون ستيوارت ميل و Utilitarians ، وأحيانا تعامل وكأنها contiuous مع القرن العشرين الفلسفة التحليلية . خلال القرن التاسع عشر وجاءت فلسفة البريطانية increasigly أن يهيمن عليها خيوط من المحافظين الجدد Hegelisn الفكر، بل كان الغضب الذي قادته الولايات المتحدة مع هؤلاء رسل ومور في الاتجاه الذي أصبحت الفلسفة التحليلية. الأمريكي الفلاسفة بدأ تأثير أفكار من جامعاتهم، وفيما بعد، أول الحرب العالمية غيرت كل شيء، مما يؤدي إلى الاتجاهات المعاصرة في فلسفة زالت تدوي. تأثيرات الفلسفة الحديثة على الرغم من الطريقة التعسفية والعشوائية بدلا يعرف الفلسفة الحديثة، وليس هناك خلاف حول تأثيرات قوية من الفلاسفة مثل ديفيد هيوم ، إيمانويل كانط ، هيغل GWF ، كارل ماركس و فريدريك نيتشه ، على سبيل المثال لا الحصر. المفكرين المحدثين تعرف حقا الملعب الذي الفلاسفة لا تزال تعمل. هيوم نمط من الفلسفة لا تزال في العديد من الطرق من خلال تطوير العلوم، في وقت لاحق فلسفة العلوم . الفرز كانط الأسئلة أصبحت صناعة كل لنفسه، ليصبح في مرحلة ما بعد كانط ، و النيو كانط، في روح. هيغل ، ماركس ، و نيتشه واصلت لتوجيه الفلسفة المعاصرة من خلال اتباع أكثر حداثة والمعدلات، مثل جاك دريدا ، لويس ألتوسير أو جورج باتاي . في ضوء ذلك، لا تزال الفلسفة الحديثة، في حين انه لا يزال "المعاصر" في لهجة، ويمكن للمرء أن يفكر في كل من الفلسفة القيام به من جيوردانو برونو ل جان بودريار بأنها "حديثة". بهذه الطريقة الحديثة، ويمكن أن يطلق عليه، هو أن استجواب جميع التقاليد والافتراضات، ويتناقض مع السمة العامة من الفلسفة القديمة ، التي تهيمن عليها الأسئلة الأولى، وفيما بعد فلسفة العصور الوسطى ، التي تهيمن عليها العقلانية و الإيمان . حتى الآن، وحتى هذه التركيبات لها استثناءات ... بعض محتوى مقتبس من Wikinfo "المادة Modern_philosophy "تحت رخصة جنو للوثائق الحرة . (تم تحديث المعلومة من قبل بروتيوس، 01:02 بتوقيت شرق الولايات المتحدة - الأربعاء، 4 أبريل 2007) تصدير مادة | الحديث عن المادة https://getwiki.net/-Modern_Philosophy |
||||
2012-02-06, 18:50 | رقم المشاركة : 634 | ||||
|
اقتباس:
6- الفلسفة المعاصرة 1- مذاهب القرن التاسع عشر. اتسم القرن التاسع عشر بالسعي لبناء نظم فلسفية، أي العمل على التأليف والتركيب بين الأفكار، فخرجت مذاهب بعض الفلاسفة عبر مزج معطيات فلسفية سالفة. كما تأثرت المذاهب الفلسفية بالعلم مثلما نجد في المذهب المادي والوضعي. ففي ألمانيا تبنى المادية فويرباخ (1804 _ 1872م)، وموليشُط (1822 _ 1893م)، وبوخنر (1824 _ 1899م)، وكارل فوجت (1817 _ 1895م) اما في فرنسا فقد أسس أوجست كونت (1798 _ 1857م) الفلسفة الوضعية، وتبعه جون ستيوارت مل (1806 _ 1873م) في انجلترا، وارنست لاس (1837 _ 1885م) ويودل (1848 _ 1914م) في المانيا. وقد رأى هؤلاء جميعاً أن الفلسفة ليست إلاّ تجميعاً لنتائج العلم. وجرى تأييد المذهب المادي الوضعي تأييداً حاسماً بمذهب تشالرز دارون (1809- 1882م) العالم الانجليزي الذي فسر تطور أنواع الكائنات الحية في كتابه "في أصل الأنواع بالانتخاب الطبيعي". وصارت فكرة التطور مذهباً شاملاً عاماً، وأدت إلى ظهور المذهب التطوري الذي دافع عنه توماس هنري هكسلي ( (1825 _ 1895، وهربرت اسبنسر (1820 _ 1903م)، بينما نشره في مختلف طبقات القراء الالماني ارنست هيغل (1834 _ 1919م) بالإضافة إلى ذلك فان القرن التاسع عشر شهد اتجاهاً لاعقلياً في الفلسفة الأوروبية يعارض المذهب العقلي الهيغلي، وممثل هذا الاتجاه الفيلسوف الألماني شوبنهور (1788 _1860م) الذي كان يرى أن المطلق ليس العقل بل إرادة عمياء ولا عقلية. والى جانب شوبنهور ظهر الفيلسوف الدانماركي كيركجارد (1813_1855م) ليدفع إلى مدى ابعد الهجوم على المذهب العقلي. وفي مرحلة تالية ظهر نيتشه (1844_1900م) الذي دعا لمراجعة كل القيم ونادى بعبادة الرجل العظيم. ومن أبرز المذاهب التي ظهرت في القرن التاسع عشر البراغماتية أو الذرائعية. وقد هيمنت البراغماتية على الحياة العقلية مدة طويلة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي فلسفة تتخذ من العمل مقياساً مطلقاً، وقد وردت هذه الفكرة للمرة الأولى في مقال للفيلسوف الأمريكي تشارلز ساندرز بيرس في سنة 1878م بعنوان: "كيف نوضح أفكارنا". ولم تتضح أهمية هذا المقال إلاّ بعد أن كشف عنه وليم جيمس في محاضراته عن البراغماتية سنة 1898م "المفاهيم الفلسفية والنتائج العملية". واقترنت البراغماتية في الأذهان باسم وليم جيمس (1843 _ 1910م) وهو أكبر دعاتها في أمريكا، وأحد مؤسسي علم النفس الحديث، ويرى جيمس أن معيار صدق القضية هو نتائجها العملية، وليس مطابقتها للواقع، ومعيار الحقيقة هو نجاح الفكرة عملياً، فيقول: "الفكرة صادقة إذا كانت تعمل"، ويقول: "الفكرة صادقة إذا كانت لها نتائج عملية تقودنا إلى الموضوع المقصود بها إدراكه". ويتابع "القضية صادقة إذا كانت تعطينا أكبر كم من الرضا، بما في ذلك إرضاء الذوق… وان أهم خاصية للحقيقة هي التحقق العملي". ويذهب الفيلسوف الامريكي (ديوي) إلى أن تحديد مفهوم ما أي فكرة إنما هو بأنها أداة فعل. و يقول: "النظرية أداة أو آلة للتأثير في التجربة وتبديلها، والمعرفة النظرية وسيلة للسيطرة على المواقف الشاذة، أو وسيلة لزيادة قيمة التجارب السابقة من حيث دلالاتها المباشرة" وينجم عن ربط الحقيقة وصدق الفكرة بالنتائج العملية والرضا والمصلحة نسبية الحقيقة وتعددها، تبعاً لتنوع مصالح الأفراد. وهذا يعني أن البراغماتية تتعارض مع المذهب العقلي الذي يعتقد أن الحقيقة وصدق الفكرة مرهون بكشفها عن الواقع ومطابقتها للحقائق الخارجية. ويبدو أن البراغماتية تجسد أحدى تجليات الوعي حيث أضحت الحقيقة في هذا الوعي تدور مدار المصلحة. 2- مذاهب القرن العشرين اتسم النصف الأول من هذا القرن بغزارة الإنتاج الفلسفي، ففي ايطاليا وحدها كان عدد المجلات الفلسفية المتخصصة لا يقل عن الثلاثين في عام 1946م، كما أن قائمة غير كاملة للكتب الفلسفية، أصدرها المعهد الدولي للفلسفة اشتملت على أكثر من سبعة عشر ألفاً من المنشورات في النصف الأول من العام 1938 م. ويمارس الفلاسفة الغربيون في القرن العشرين طرائق التحليل أكثر من أية طريقة أخرى، مخالفين بذلك اتجاه الفلاسفة في القرن التاسع عشر الذي كان يعلو فيه التركيب والمزج على التحليل. وقد تميزت هذه الحقبة بكثافة الاتصالات بين الفلاسفة من شتى الاتجاهات، وتعدد المؤتمرات الفلسفية الدولية واللقاءات ذات الموضوعات المتخصصة التي تتناول مذهباً بعينه أو موضوعاً خاصاً. كذلك أسست مجلات للمذاهب، فمثلاً ظهرت للتوماوية وحدها حوالي عشرين مجلة متخصصة. من هنا يمكن القول إن هذه الفترة من أخصب فترات الإنتاج الفلسفي في الغرب، وان عدداً كبيراً من فلاسفة القرن العشرين سوف يترك آثاراً دائمة في تاريخ الفكر الفلسفي. ومنذ بداية هذا القرن تبلورت بالتدريج بعض الاتجاهات والمناهج والمدارس التي سادت التفكير الفلسفي في الغرب، وتحول بعضها إلى تيار واسع نفذ إلى كافة ميادين الحياة الثقافية هناك، بل تجاوز حدود أوروبا متوغلاً في شعوب أخرى. وفيما يلي إشارات سريعة إلى ابرز تلك المناهج والمدارس والاتجاهات: أ ـ المنطق الرياضي: أهملت الفلسفة الأوروبية الحديثة المنطق الصوري حتى توارى في زوايا النسيان، فلم يكن بين الفلاسفة في أوروبا الحديثة إِلاّ واحد هو ليبنتز، كان منطقياً مرموقاً، أما الآخرون فكانوا يجهلون أسس المنطق الصوري. وفي عام 1847م ظهر كتابان في المنطق الرياضي الجديد، كل منهما مستقل عن الآخر، هما أول ما نشر في ذلك، الأول للرياضي الانجليزي مورجان (1806 ـ 1878م)، والثاني لمواطنه الرياضي جورج بول (1815 ـ 1864م). واستمر في الاتجاه نفسه ارنست شرودر(1841 ـ 1902م)، وبيانو (1858 ـ 1932م)، وفريجه (1848 ـ 1925م) الذي كان منطقياً مرموقاً. بيد أن هذا المنطق ظل مجهولاً عند معظم الفلاسفة، ولم تتجه الفلسفة الانجليزية للاهتمام به إِلاّ بعد نشر برتراند رسل لكتابه "أسس الرياضيات" في عام 1903م، وذلك إثر مقابلته مع الرياضي بيانو عام 1900م. وفي 1913م ظهر الكتاب الضخم "مبادئ الرياضيات" الذي اشترك في تأليفه رسل مع وايتهد، وهو المؤلف الذي أسرع من خطا تطور المنطق الرياضي. وقد أثر المنطق الرياضي تأثيراً مزدوجاً على الفلسفة، فمن ناحية ظهر انه أداة دقيقة في تحليل المفاهيم والبراهين، وانه أداة يمكن تطبيقها على ميادين أخرى غير الرياضيات. ومن ناحية أخرى أدى المنطق الرياضي إلى إلقاء الضوء على مشكلات عتيقة، مثل مشكلة الثالث المرفوع وغيرها. ب ـ الظاهراتية (الفنومنولوجيا) يقوم المنهج الفنومنولوجي في أساسه على تحليل جوهر المعطى أو الظاهرة. وهو يمثل الاتجاه الثاني بعد المنطق الرياضي الذي ظهر في الفكر الأوروبي وساهم في قطع الجسور مع اتجاهات القرن التاسع. والاختلاف الرئيس بين هذا المنهج والمنطق الرياضي يتمثل في أن المنهج الفنومنولوجي لا يستخدم الاستنباط على الإطلاق، ولا يهتم إِلاّ قليلاً باللغة، ولا يقوم بتحليل الوقائع التجريبية بل بتحليل الماهيات. ومؤسس هذا المنهج هو ادموند هوسرل(1859 _ 1938م) الذي كان قد درس الرياضيات والفلسفة في لايبتزيج وبرلين وفينا، قبل أن يصبح فيلسوفاً يطبع عصره بطابعه المنهجي الخاص. ولا يخلو فكر هوسرل من اللبس أحياناً والغموض أحياناً أخرى، لذلك قد لا يكون ممكناً تقديم عرضٍ موجزٍ يفصح عن تمام أبعاده. ج ـ الوضعية المنطقية: اسم أطلقه بلومبرج وفايجل عام 1931م على الأفكار الفلسفية الصادرة عن الجماعة التي أطلقت على نفسها (جماعة فينا). وقد أنشأت هذه الجماعة في أوائل العشرينات من القرن العشرين حلقةً للمناقشة غير رسمية بجامعة فينا، يتزعمها موريس شليك(1882 ـ 1936م) أستاذ كرسي العلوم الاستقرائية في هذه الجامعة. ومن أعضاء هذه الجماعة البارزين رودلف كارناب(1891 ـ 1970م)، وفردريك فايزمان، وكلاهما تعلم تعليماً رياضياً في بداية الأمر، وكارل بوبر(1902 ـ 1991م). وانخرط في هذه الجماعة مجموعة من العلماء توزعت اهتماماتهم العلمية في عدة تخصصات، فمثلاً كان(هانزهان) و(كارل مينجر) و(كورت جودل) من علماء الرياضيات، بينما كان (أوتونيورات) عالم اجتماع، و(فكتور كرافت) مؤرخاً، و(فليكس كوفمان) رجل قانون، و(فيليب فرانك) أستاذ فيزياء بجامعة براغ. أما سبب لقاء هذه الجماعة في حلقة معرفية مشتركة، فيعود الى توحدها في هم مشترك بينها، يتمثل في الاهتمام بالمنهج كمدخل أساسي، والسعي لتأسيس الفلسفة العلمية أو التنظير للفلسفة علمياً من خلال ممارسة التحليل المنطقي، فضلاً عن السعي لتوحيد العلوم جميعا والتأثير المباشر على فلسفة جماعة فينا جاء من كتابات هيوم، ومل، وارنست ماخ، وغيرهم، لكن التأثير الأكبر والأخطر جاء مباشرة من رسالة فتجنشتين(1889 ـ 1951م) "رسالة منطقية فلسفية" التي صدرت بالألمانية عام 1921م، وترجمت إلى الانكليزية عام 1922م. وفي عام 1929م أصدرت جماعة فينا مؤلفاً بعنوان "حلقة فينا تصورها العلمي للعالم" أعلنت فيه عن أهدافها ومنهجها. وبعد ذلك بعام ابتاعت الجماعة صحيفة (حوليات الفلسفة) وأطلقت عليها اسماً جديداً هو مجلة (المعرفة) التي اشرف على تحريرها (كارناب) و(رايشنباخ)، واخذت تنشر أبحاث الوضعية المنطقية. وبعد اشتهار الوضعية المنطقية عالمياً انفرط عقد جماعة فينا، ففي عام 1930م صار كارناب استاذاً بجامعة براغ، ورحل هربرت فايجل الى الولايات المتحدة، ومات هانزهان عام 1934، وقُتِل شليك على يد أحد تلامذته عام 1936م. ثم حضرت السلطات النازية نشاط الجماعة عام 1938م، فتوزع بقية أعضائها بين أوروبا الغربية والولايات المتحدة، وأضحى كل عضو منهم يعمل بمفرده. وينبغي الإشارة إلى أن الفلاسفة البارزين في الوضعية المنطقية كلهم من الألمان، لكن بعد أن ذاعت دعوتها تجاوب معها بعض الفلاسفة في أوروبا والولايات المتحدة، خاصة في بريطانيا، فقد تبنى أفكارها (ألفريد جويز آير) الذي اشتهر بوضعه كتاب "اللغة والصدق والمنطق" في عام 1926م، والذي كان من أكثر الكتب رواجاً بين الناطقين بالانكليزية وأشدها تأثيراً في الفكر الفلسفي في بريطانيا، سار فيه على خطى رسل وفتجنشتاين وجماعة فينا، ولكنه خرج على الشكل العام للوضعية المنطقية وأدخل عليه بعض عناصر التراث التجريبي البريطاني عن طريق باركلي وهيوم. د ـ الوجودية: تطلق الوجودية على اتجاهات فلسفية متعددة، تتفق على أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يسبق وجودُه ماهيَّته، وان الإنسان لا يمكن فهمه إلا في المواقف التي يختارها لنفسه. وتندرج في الوجودية اتجاهات يقول بعضها بوجودية مسيحية يمثلها كل من سورين كيركغارد (1813 ـ 1855م)، وغبرييل مارسيل(1889 ـ 1973م)، ووجودية ملحدة يمثلها كل من مارتين هيدغر(1889 ـ 1976م)، وجان بول سارتر(1905 ـ 1980م)، أو وجودية فردانية نجدها عند كيركغارد وسارتر، ووجودية منطبعة بالماركسية كما عند هنري لوفيفر. وقيل بوجودية لا تنطوي تحت هذه التصنيفات كوجودية كارل ياسبرز(1883 ـ 1969م)، وموريس مرلوبونتي(1908 ـ 1961). لقد كان للوجودية تأثير واسع على الثقافة والأدب والفنون، مثلما نلاحظ في روايات ومسرحيات سارتر، وألبير كامو، وسيمون دي بوفوار، وجان جينيه وغيرهم، وامتد تأثيرها على مظاهر الحياة الاجتماعية لاسيما لدى الشباب. هـ ـ مدرسة فرانكفورت: نشأت هذه المدرسة في جامعة فرانكفورت حول معهد البحث الاجتماعي الذي تأسس عام 1923 م، وكان مؤسسوها أربعة من الفلاسفة وعلماء الاجتماع، وهم: ماكس هوركهايمر (1859 ـ 1973م) مؤسس معهد البحث الاجتماعي ومديره لمدة طويلة، وأدورنو(1903 ـ 1969م) الذي عمل أستاذاً في جامعة فرانكفورت، وماركوز (1898 ـ 1979م) الذي درس الفلسفة في برلين وفريبورج وحاضر في جامعات كولومبيا وهارفارد، وكان أستاذاً للفلسفة والسياسة في جامعة براندايز، ثم اصبح استاذاً للفلسفة في جامعة كاليفورنيا بسان ديبجو، وهابرماس (1929م) الذي كان أستاذا للفلسفة وعلم الاجتماع في جامعة فرنكفورت ثم أصبح مديراً لمعهد ماكس بلانك في شتارنبرج. أسس المعهد (مجلة البحث الاجتماعي) لنشر أبحاث هذا الفريق، فكانت الأبحاث تحقيقاً لمشروع مشترك، وهو تأسيس النظرية النقدية للعلوم الاجتماعية في صيغة برنامج مشترك، وهو يعادل في الفكر المعاصر المذهب في الفلسفة الحديثة. كانت هذه المدرسة تعمل كفريق مشترك، إذ يأخذ هوركهايمر الموقف، ويقوم زملاؤه بالبحث: (بولوك) في الاقتصاد السياسي، و(فروم) في التحليل النفسي، و(لوفنتال) في النقد الأدبي، و(ماركوز) في الفلسفة، و(أدورنو) في الموسيقى خاصة وفي النقد الادبي والتحليل النفسي وعلم الاجتماع عامة. أجرت مدرسة فرنكفورت مراجعة شاملة للوعي الأوروبي تكويناً وبنية، وأعادت النظر في أهم مذاهب الفلسفة الغربية وتياراتها، وقد بيَّنَ هوركهايمر وأدورنو حدود التنوير بأنه أعلى ما وصل إليه الوعي الأوروبي، وأعلنا نهايته. و ـ البنيوية: بلغت البنيوية أو (البنائية) ذروة ذيوعها كاتجاه فكري فلسفي في الستينات من القرن العشرين، وبات مألوفاً بين المثقفين أن يُنظَر إليها كمذهب فلسفي يتسم بالشمول ويهدف إلى تقديم تفسير موحد لعدد واسع من قضايا الفكر والمعرفة، فقد امتدت إلى ميادين متنوعة انبسطت على عدة مجالات، ففي مجال اللغويات نجد (جاكوبسون) و(شومسكي)، وفي التحليل النفسي نجد (لاكان)، وفي النقد الأدبي (رولان بارت) الذي فتح عهداً جديداً في تفسير النصوص على أساس بنائي، وفي الفلسفة كان (ميشال فوكو) يبهر الجماهير بآرائه في كتابه (الكلمات والأشياء)، أما (التوسير) فقد كان يقرأ التراث الماركسي (رأس المال) قراءة بنائية جديدة، وكان عالم الانتربولوجيا (كلود ليفي شتراوس) يواصل جهوده الحثيثة في قراءة القرابة والأسطورة في المجتمعات التقليدية، هذه الجهود التي حققت مكانة بارزة للبنيوية بين المذاهب الفلسفية في النصف الثاني من القرن العشرين. وتعود الأفكار الأساسية لهذا المذهب إلى مؤسسها الأول السويسري فرديناند دي سوسير (1857 ـ 1913م) الذي عمل على تحديد موضوع علم اللغة، وان كان بعضٌ يذهب إلى أن مفهوم البنية وجد قبل سوسير في أعمال جان جاك روسو، وإمانويل كانط، وماركس، وفرويد، وغيرهم، بيد انه لم يصبح أداةً للتحليل وقاعدة لمنهج نظري معين إلا بعد عام 1928م. وأبرز ما تمتاز به البنيوية فلسفياً هو محاربتها للنزعة التجريبية من جهة، وللنزعة التاريخية من جهة أخرى، فهي تذهب إلى أن العقل ينمو نمواً عضوياً بحيث تظل فيه صور هي أشبة بالنواة الثابتة، وان كنا نزيدها على الدوام توسيعاً وتعميقاً. وبذلك تعتقد أنها انتقلت بدراسة الإنسان إلى مرحلة العلم المنضبط، وأوقفت النزعة التاريخية الطاغية، التي ترجع إلى القرن الثامن عشر، وطغت في القرن التاسع عشر، وكانت لها امتدادات قوية في القرن العشرين، تلك النزعة التي تؤكد على وجود اتصال واستمرار تاريخي بين الظواهر، فالحاضر كامن في الماضي، والمستقبل كامن في الحاضر، فجاءت البنيوية بتصور آخر لا يقوم على أساس أن التقدم يعني تراكماً تدريجياً لمكتسبات يضاف الجديد منها إلى القديم إضافة خارجية، وإنما يقوم على أساس أن الأفكار الجديدة هي مجرد توسيع لأفكار سبق ظهورها من قبل، فالعقل الإنساني لا يسير بطريقة جيولوجية، أي انه لا يضيف طبقة من المعرفة فوق طبقة أخرى، وإنما يسير بطريقة عضوية، يعيد فيها تَمثُّل القديم بطريقة أصعب وأعقد، ويحتفظ فيها ببنائه القديم، وان كان يدرك خلال تطوره أن ذلك البناء الذي كان يعد صحيحاً صحة مطلقة في وقت مضى لا يمثل إلا جانباً من الحقيقة، هو ذلك الجانب الذي كان عقلنا يستطيع بلوغه في ذلك الوقت. بناء على ذلك يمكن القول إن طريق التقدم في نظر البنيوية يتمثل في أن كل تقدم يظل محتفظاً بالنواة المركزية، وان طريق المستقبل يمر بالماضي، وان طريق الوصول إلى الغد يتم من خلال مراجعة ما كان تم بالأمس. فالبذور القديمة موجودة دائماً، وكل ما يفعله الإنسان انه ينميها دائماً. ز ـ ما بعد البنيوية: منذ بداية السبعينات في القرن العشرين ظهرت محاولات في أوروبا لبناء فلسفة جديدة تملأ الفراغ الفلسفي في الثلث الأخير من هذا القرن، بعد تراجع البنيويه وتزايد الأعمال النقدية لمقولاتها، فولدت الفلسفة التفكيكية كأقوى اتجاه فلسفي معاصر من بين عدة اتجاهات بعد هذه الفترة، وأصبحت هي السائدة في فرنسا، وانتشرت بعد ذلك في الولايات المتحدة واليابان. ورائد هذه الفلسفة الفيلسوف الفرنسسي جاك دريدا(1930) الذي بدأ بالظاهريات ثم ثنى بهيدغر، ثم تميز بعد ذلك بتحليلاته اللغوية الفلسفية الخاصة وأسس "الكلية الفلسفية" لممارسة الفلسفة التفكيكية كفريق. وكان الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز (مات منتحراً سنة 1996م) الذي جمع بين النقد الأدبي والفلسفة من أشهر الممثلين لهذه المدرسة. وتمثل التفكيكية آخر صرخة للوعي الأوروبي فهي ليست الحداثة بل ما بعد الحداثة، وليست البنيوية بل ما بعد البنيوية، ويقوم منهجها على تحليل وتفكيك بنية العلوم الإنسانية، فقد بدأت انطلاقة دريدا عام 1967م عندما أصدر كتاباً بفرنسا نقض فيه الفكر الغربي منذ أفلاطون في العصر اليوناني إلى هيدغر وشتراوس في هذا العصر، وحاول تشريح أعمال الفلاسفة كيما ينقضها من داخلها، فصار كل فيلسوف ينقض مقولاته بأفكاره، من خلال تفكيك أعماله وقراءتها قراءة ما يحجبه الخطاب ويخفيه. وعلى هذا يهتم دريدا بالبحث عن ألفاظ التفكيك في الخطاب وليس ألفاظ الربط، فهو يؤسس منطق الاختلاف وليس منطق الهوية، فالأجزاء لها الأولوية على الكل، والهدم قبل البناء. وبالتالي تبدو فلسفته وكأنها مراجعة حساب الوعي الأوروبي لنفسه، ويذكر دريدا مصطلح (نهاية الزمان) ويكثر الإشارة للغرب، وكأن الغرب قد وصل إلى نهايته دون مخلص جديد، فالفلسفة التفكيكية مراجعة الوعي الأوروبي لذاته، مفككاً نفسه بنفسه. أضافها ممارش عبد الكريم في جدع مشترك @ 08:50 م https://goldlif.jeeran.com/blog/archi.../2/813787.html |
||||
2012-02-06, 18:59 | رقم المشاركة : 635 | |||
|
للاسف وجدت مراجع لسعد الشاذلي لحرب اكتوبر لكن لم اجد الخيار العسكري شكرا
|
|||
2012-02-06, 19:10 | رقم المشاركة : 636 | ||||
|
اقتباس:
وجدت التسيير الحر ان كان صحيح اخبريني شكرا |
||||
2012-02-09, 12:24 | رقم المشاركة : 637 | |||
|
انا ابحث عن مراجع لمذكرتي بعنوان عقد التسيير في القانون المدني الجزائري |
|||
2012-02-09, 12:26 | رقم المشاركة : 638 | |||
|
لا ليس التسيير الحر وشكرا |
|||
2012-02-09, 20:30 | رقم المشاركة : 639 | |||
|
https://www.4shared.com/dir/16168496/910c9d7f/_____.html |
|||
2012-02-09, 20:40 | رقم المشاركة : 640 | ||||
|
اقتباس:
القانون المدني الجزائري بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته القانون المدني الجزائري الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة العدل القانون المدني الجزائري أمر رقم 75-58 مؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975 يتضمن القانون المدني معدل ومتمم. باسم الشعب إن رئيس الحكومة، رئيس مجلس الوزراء، - بناء على تقرير وزير العدل، حامل الأختام، - وبمقتضى الأمرين رقم 65-182 ورقم 70-53 المؤرخين في 11 ربيع الأول عام 1385 الموافق 10 يوليو سنة 1965، 18 جمادى الأول عام 1390 الموافق 21 يوليو سنة 1965 المتضمنين تأسيس الحكومة. - وبعد استطلاع رأي مجلس الوزراء، يأمر بما يلي: الكتاب الأول أحكام عامة الباب الأول آثار القوانين و تطبيقها المادة الأولى : يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في فحواها. وإذا لم يوجد نص تشريعي، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم يوجد فبمقتضى العرف. فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة. المادة 2 : لا يسري القانون إلا على ما يقع في المستقبل ولا يكون له أثر رجعي. و لا يجوز إلغاء القانون إلا بقانون لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء. وقد يكون الإلغاء ضمنيا إذا تضمن القانون الجديد نصا يتعارض مع نص القانون القديم أو نظم من جديد موضوعا سبق أن قرر قواعده ذلك القانون القديم. المادة 3: تحسب الآجال بالتقويم الميلادي ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. المادة 4 : تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية. تكون نافذة المفعول بالجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها و في النواحي الأخرى في نطاق كل دائرة بعد مضي يوم كامل من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة ويشهد على ذلك تاريخ ختم الدائرة الموضوع على الجريدة. المادة 5: يخضع كل سكان القطر الجزائري لقوانين الشرطة والأمن. الفصل الأول تنازع القوانين من حيث الزمان المادة 6: تسري القوانين المتعلقة بالأهلية على جميع الأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها. وإذا صار شخص توفرت فيه الأهلية، بحسب نصوص قديمة، عديم الأهلية بحسب نصوص جديدة، فإذا ذلك لا يؤثر في تصرفاته السابقة. المادة 7: تطبق النصوص الجديدة المتعلقة بالإجراءات حالا. غير أن النصوص القديمة هي التي تسري على المسائل الخاصة ببدء التقادم، ووقفه، وانقطاعه، فيما يخص المدة السابقة على العمل بالنصوص الجديدة. و كذلك الحال فيما يخص آجال المرافعة. المادة 8 : تخضع البينات المعدة مقدما للنصوص المعمول بها في الوقت الذي أعدت فيه البنية أو في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعدادها. الفصل الثاني تنازع القوانين من حيث المكان المادة 9 : يكون القانون الجزائري هو المرجع في تكييف العلاقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين الواجب تطبيقه. المادة 10 : تسري القوانين المتعلقة بالحالة المدنية للأشخاص و أهليتهم على الجزائريين ولو كانوا مقيمين في بلاد أجنبية. ومع ذلك ففي التصرفات المالية التي تعقد في الجزائر وتنتج آثارها فيها، إذا كان أحد الطرفين أجنبيا ناقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل تبينه، فإن هذا السبب لا يؤثر في أهليته و في صحة المعاملة أما الأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات، وجمعيات، ومؤسسات، وغيرها التي تمارس نشاطا في الجزائر فإنها تخضع للقانون الجزائري. المادة 11 : الشروط الخاصة بصحة الزواج يطبق عليها القانون الوطني لكل من الزوجين. المادة 12 : يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج فيما يعود منها إلى المال. يسري على انحلال الزواج القانون الوطني الذي ينتمي إليه الزوج وقت رفع الدعوى. المادة 13 : يسري القانون الجزائري وحده في الأحوال المنصوص عليها في المادتين 11 و 12 إذا كان أحد الزوجين جزائريا وقت انعقاد الزواج، إلا فيما يخص أهلية الزواج. المادة 14 : يطبق القانون الوطني على الالتزام بالنفقة بين الأقارب للمدين بها. المادة 15 : يبين قانون الشخص الذي يجب حمايته القواعد الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم المتعلقة بحماية المحجورين، والغائبين. المادة 16 : يسري على الميراث، والوصية، وسائل التصرفات التي تنفذ بعد الموت، قانون الهالك أو الموصي أو من صدر منه التصرف وقت موته. غير أنه يسري على شكل الوصية، قانون الموصي وقت الإيصاء، أو قانون البلد الذي تمت فيه الوصية، وكذلك الحكم في شكل سائر التصرفات التي تنفذ بعد الموت. المادة 17 : يسري على الحيازة، والملكية، والحقوق العينية الأخرى، قانون موقع العقار، و يسري بالنسبة إلى المنقول، قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقيق السبب الذي ترتب عليه كسب أو فقد الحيازة، أو الملكية، والحقوق العينية الأخرى. المادة 18 : يسري على الالتزامات التعاقدية، قانون المكان الذي ينبرم فيه العقد ما لم يتفق المتعاقدان على تطبيق قانون آخر. غير أن العقود المتعلقة بالعقار يسري عليها قانون موقعه. المادة 19 : تخضع العقود ما بين الأحياء في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه، و يجب أيضا أن تخضع لقانون الوطن المشترك للمتعاقدين. المادة 20 : يسري على الالتزامات غير التعاقدية، قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام. غير أنه فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة عن الفعل الضار، لا تسري أحكام الفقرة السابقة على الوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في الجزائر وان كانت تعد غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه. المادة 21 : لا تسري أحكام المواد السابقة إلا حيث لا يوجد نص على خلاف ذلك، في قانون خاص، أو معاهدة دولية نافذة في الجزائر. المادة 22 : في حالة تعدد الجنسيات، يطبق القاضي الجنسية الحقيقية. غير أن القانون الجزائري هو الذي يطبق إذا كانت للشخص في وقت واحد بالنسبة إلى الجزائر، الجنسية الجزائرية، و بالنسبة إلى دولة أو عدة دول أجنبية جنسية تلك الدولة. وفي حالة انعدام الجنسية يعين القاضي القانون الواجب تطبيقه. المادة 23 : متى ظهر من الأحكام الواردة في المواد المتقدمة أن القانون الواجب التطبيق هو قانون دولة معينة تتعدد فيها الأنظمة التشريعية فان القانون الداخلي لتلك الدولة هو الذي يقرر رأي النظام التشريعي الذي يجب تطبيقه. المادة 24 : لا يجوز تطبيق القانون الأجنبي بموجب النصوص السابقة إذا كان مخالفا للنظام العام، أو الآداب في الجزائر. https://www.alg17.com/vb/showthread.php?p=19572 |
||||
2012-02-09, 20:51 | رقم المشاركة : 641 | ||||
|
اقتباس:
|
||||
2012-02-09, 20:58 | رقم المشاركة : 642 | |||
|
المكتبة الاقتصادية (كتب إقتصادية بعاشرات حمل مباشرة من هنا)https://elmajd.maktoobblog.com/1315414/kotob2/ |
|||
2012-02-09, 21:08 | رقم المشاركة : 643 | ||||
|
اقتباس:
المكتبة الاقتصادية (كتب إقتصادية بعاشرات حمل مباشرة من هنا) |
||||
2012-02-10, 12:47 | رقم المشاركة : 644 | |||
|
لم تفهم قصدي اريد مراجع وكتب تخص عقد التسيير |
|||
2012-02-12, 19:51 | رقم المشاركة : 645 | |||
|
السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
مرجع, يبدة, ساساعده |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc