يقول المؤرخ الأمريكي ويليام سبنسر في كتابه:
"لم تكن مدينة الجزائر مرعبة للأمم والشعوب المسيحية أكثر من رئيسها الأسمى ، الباب العالي، فقط ، بل استمرت أيضا توحي بجو من الإجبار، والرهبة ، والجلال، خلال الفترة الطويلة لتدهور الخلافة العثمانية.
إن مدينة الجزائر ، كعاصمة لدولة مستقرة قوية في شمال إفريقيا، قد مثلت ومعها وإلى جنبها تونس وطرابلس، القوة الإسلامية العثمانية القاطعة المنهمكة في مقارعة الصليبية، كالشفرة الحادة النافذة بعمق في العالم المسيحي". انتهى كلام سبنسر.
يقول المؤرخ إروين :" كانت دول الدانمارك، والبندقية وبريطانيا، وفرنسا، تتابع باهتمام مساعي أمريكا لعقد معاهدة سلم وصداقة مع الجزائر ، فعملت على إحباطها، وذلك لأن الجزائر إذ ذاك ما كانت تعقد معاهدة سلم مع دولة ما، إلا لتتفرغ لشن حرب على دول أخرى".
وقال أحد نبلاء فرنسا دو غرامي وهو في طريقه سنة 1619 إلى اسطنبول في مهمة رسمية، انطباعا حيا عن تلك الجاذبية التي كانت لمدينة الجزائر في عز قوتها فيقول:
"مدينة الجزائر ، ذلك السوط المسلط على العالم المسيحي، إنها رعب أوروبا، ولجام إيطاليا وإسبانيا، وصاحبة الأمر في الجزر".
يقول المؤرخ الفرنسي بلانطي:
" وماذا تستطيع الدول الأوروبية امام هؤلاء الناس (يقصد الدايات) الذين ينتفون لحى مبعوثي السلطان العثماني ويمزقون أوامره!"
ونعود إلى المؤرخ سبنسر الذي قال أيضا:
" أما بالنسبة للحكام الاوروبيين فإن رؤساء دولة الجزائر ظلوا دائما "السادة الأمجاد العظام".
" وعاصمتهم المحروسة جدا"
وتلاحظ التعابير الممجدة التي كان يستعملها مؤرخي ذلك العصر، لأنهم رؤوا بأم أعينهم حجم قوة وهيبة الجزائر في النفوس في ذلك العصر، ولعلك لاحظت أيضا كيف يتكلمون عن الجزائر ويصفونها مرة ب "دولة الجزائر" ، "وعاصمتها المحروسة" ، وفي مواضع أخرى "مملكة الجزائر" ، وهذا دليل للذين مازالوا يشككون في استقلالية دولة الجزائر عن الدولة العثمانية وبقيت تابعة لها فقط إسميا بصفة هاته الأخيرة دار الخلافة الإسلامية (سنفصل في ذلك أكثر في مقال لاحق).
هذا نزر يسير جدا من ما قاله الكثير من المؤرخين الغربيين عن دولة الجزائر البحرية رعب أوروبا.
المصدر :
شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية لمولود قاسم نايث بلقاسم