موقفي من الفيس انه حزب غير ناضج على الإطلاق و هو احد أسباب خسارتنا للمكاسب التي حققها شباب اكتوبر . فالحزب كان خليطا من عدة أطراف و غير منسجم على الإطلاق و كان خطابة شعبويا و سياسويا بحتا دون أي برامج واضحة . و قد تم تأسيس الحزب بتسرع كبير من طرف أشخاص غير مؤهلين لممارسة السياسة كعباسي مدني و على بن حاج و سعوا بعد ذلك بغباء سياسي كبير جمع الإسلاميين من مختلف الأطياف و الألوان من الإخوان و السلفيين و العائدون من أفغانستان و تيار الجزأرة و الهجرة و التكفير و غيرهم في حزب واحد . و انظم إليه الكثير من المنافقين و الانتهازيين كما كان مخترقا بسهولة من المخابرات . و خطابه السياسي كان متخلفا جدا و صداميا . ناهيك عن الأطراف المتشددة التي كانت تقول انها تكفر بالديموقراطية ..... تزايدت الحماقات التي قام بها الحزب بعد فوزة في الانتخابات البلدية . و بدا انه تحول إلى حركة غوغائية خاصة ان صوت المتشددين علا على الأصوات المعتدلة فيه ....
على بن حاج و السلفيون كانوا بمثابة السوسة داخل الحزب . و رغم ان مؤتمر الوفاء بباتنة (بعد إعتقال عباسي و بن حاج) حاول إبعاد الأطراف المتشددة و تبني خطاب أكثر اعتدالا . لكن ذلك لم يغير الكثير في الواقع ..... فشل الحزب في الاعتراف بأخطائه . و فشل القيادة الجديدة على تحييد السلفيين بصورة تامة و إمساكهم العصا من الوسط للحفاظ على وحدة الحزب الخالوطة . أدى إلى حتمية الصدام مع الجيش و القوى المعارضة لمنطق الفيس ... و الواقع أن الفيس أصبح سيرك سياسي لا يمكن التحكم فيه . كما ان العديد من اعضاءه كان مستعدا للمارسة العنف ......
هذا لا يعني أن الجيش و جنرالات الانقلاب بريئون . بل هي في نظري المسؤول الأول عن الدماء التي سالت في التسعينات . فهم من قاموا بالانقلاب و شنوا حملة الاعتقالات و التعذيب و الاختطاف و القتل الذي مارسه النظام بوحشية ضد نشطاء الفيس . و هم من قتل بوضياف . و هم من اكير اللصوص الذين اغتنوا من مال الشعب . لكن الفيس قدم لهم كل الأسباب للقيام بما قاموا به .... و على قياداته أن يعترفوا بأخطائهم و يعترفوا أنهم لا يصلحون لممارسة السياسة .... و أنا ضد الإقصاء و من حق كل شخص الحق في العمل السياسي لكن محاولة إعادة تشكيل الحزب في حال سمح القانون بذلك دلالة على غبائهم و عدم استيعابهم للدرس . فتجربة الفيس تجربة فاشلة بامتياز . و البلد في حاجة لجيل جديد من السياسيين يحدث القطيعة مع تجربة الفيس .
هذا رأيي بالفيس كحزب . لكن هذا لا يعني ان كل من كان في الفيس كان متطرفا و ذو نزعة إرهابية كما عملت الآلة الدعائية للنظام على غرسه في الرأي العام . فقد كان بينهم الكثير من اصحاب النوايا الحسنة . لكن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي .