ذات يوم...
هجم على الغابة وحش كاسر,
طوله سبعون ذراعا,
رأسه كانه قاصفة وذيله بارجة عملاقة !
خاف الكل من بطشه
اختبئ الكثير,
وهرب الكثير,
الا صفوة من الاسود
قالوا: لئن تاكلنا الوحوش بعزة خير من ان تاكلنا ديدان الارض بذلة!
عاتبهم اهل الغابة ....
ولامهم الكبير والصغير...
فقائل يقول:
انتم مجانيين !
كيف يمكن ان تقاتلوا وحش متغطرس عنيد؟!
واخر يقول :
ان انتم الا نملة امام هذا الفيل!
وقال الاخرون:
دعوهم ان هم الا مجانيين !!
وقال آخرون:
لعلهم انتحارييون؟!!
اما اصحاب الجاه والسلطان فكانوا يرددون:
بل هم مجموعة من " الضالين",يخرجون عن اجماع الغابة باستمرار, ولسوف يوقعوننا بما لاقبل لنا !
فلنتركهم يفعلون ما يفعلون لعلنا ان نخلص من شرهم وينتهون!!
ولقد علمتنا السياسة : ان من الافضل للضعيف ان يقبل اليد التي تصفعه كيما ينجو من الصفعة الاخرى!!,
لهذا قررننا نحن الزعماء ان نهادن الوحش ونقدم له من الضحايا ما يشاء عسى ان تسلم رؤوسنا ونكون من الناجين!!.
.................................................. ........
نزلت الاسود الى الساحة
وحيدة بلا ناصر ولا معين
فالكل خذلها وخذّل عنها
الكل يطلب الشر لها او الخلاص منها
الا الضعفاء والمستضعفين
فقد كانوا يقولون :
لعل هؤلاء الفتية
هم من سينجينا من المحنة
ويفتح لنا الطريق
لنعود الى البريق
فترجع لنا العزة ونسير بلا رهبة
من حاكم جبار او مستعمر قهار
...........................................
اصطفت الاسود
كانها بنيان مرصوص
طالبت الوحش بالنزول
سخر الوحش منها
واستهزاء من قولتها:
من انتم حتى تطلبون؟!!
بلحسة من لساني سوف تنتهون!
وبخبطة من قبضتي تتلاشون!
لم يسمع منهم كلمة
ولم ير الا قنبلة!
زمجر وارعد,
انتفخت اوداجه
وخلاياه واحشاءه
هجم بكل قوته
وانقض فاغرا فمه
لكن.....
كان مالم يكن في الحسبان
فقد نُصبت له الكمائن في كل مكان,
فكان لا ينجوا من فخ الا ووقع في حفرة,
ولا يقطع حبلا حتى يقع في شبكة,
ولا ينجو من ضربة حتى تنفجر تحته عبوة!
حتى ادُمي وجهه وكُسرت رجله
فخارت قوته
وانتكست رايته
وخر الوحش مضرجا بالدماء
فلما راى اهل الغابة ما حل بذلك الجبار من هزيمة وانكسار
خرجت من بين الجموع الثعالب
فذاك يوم الثعالب!
تحلقت حوله
كانها امه
جامعة ململمة كل من فرّ سابقا من معركة
فلما ايقنوا ان الوحش قد انتهى
وفارق الخوف الحشى
راحوا يتراقصون
فوق جثة الوحش ويتفاخرون
كانهم هم الفاعلون!!
يلتقطون اللقطات ويصورون الافلام
يقولون للمشاهدين
" نحن من قضى على الوحش بسكين"!!
: "بسكين؟!!"
:" نعم, نعم , بسكين "
"نحن الغالبون"
"نحن المنتصرون"
صدقهم الكثير
وطبل لهم الكثير!
الا المستضعفين!!
وقليل من الواعين
من الاولين والاخرين
اما الاسود
الاسود.....الاسود
التي قضت على ذلك الوحش وانهت قصته
وحطمت عرشه وكسرت شوكته
فقد توارت عن الانظار
تبحث عن وحوش في الغار
او في الغابات والقفار
لتنقذ العالم من شرها
وتعيد للامة فخرها
لم تنتظر كلمة "شكرا" فليست ممن يبحث عنها
ولم يعرف احد صورتها لانها لا تحمل الكاميرات في جعبتها!
ولم يعرض احد لها خبرا فليس من مراسلين بصحبتها!!
ولم يسمع احد صوتها فالفضائيات تضيق من صراحتها!!
فمن ذا سينقل للعالم صولتها؟!!
نقولها ...نقولها
ذرونا نقولها
هنيئا للثعالب نصرها!!
((ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم))
اما انت ايتها الاسود:
فيكفيكي شرفا ان قال قائدك
"ولقد علمتم اننا ما خرجنا بطرا ولا اشرا ولا من اجل منصب زائل او عرض خائر
وانما خرجنا جهادا في سبيل الله نرجوا نصرة دينه ونبتغي الشهادة مضانة بعد ان
بعنا اموالنا وانفسنا لله رب العالمين ولسنا عن بيعنا راجعين ولا لعهدنا ناكثين.
وانا لنحب لكم النصر قبل ان نحبه لانفسنا فغايتنا واحدة وسبيلنا واحد."
فلا تلتفتي ايتها الاسود الى جيف الوحوش
فلست ممن ياكل الفطيسة!!
((ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون))