السؤال :
في الطواف نلاحظ أن بعض الناس يقف في بداية المطاف ويتلفظ بنية الطواف ، كما أننا نلاحظ أن بعضهم يزاحم مزاحمة شديدة من أجل الوصول إلى الحجر
وربما اقتتلوا عليه ، فما رأيكم في هذه الأعمال ؟.
الجواب :
الحمد لله
هذه من الأخطاء التي تقع في الطواف وهي على وجوه :
الأول :
النطق بالنية عند إرادة الطواف، فتجد الحاج يقف مستقبلا الحَجَر إذا أراد الطواف ، فيقول : اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط للعمرة ، أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط للحج ، أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط تقربًا إليك .
والتلفظ بالنية بدعة
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولم يأمر أمته به ، وكل من تعبد لله بأمر لم يتعبد به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمر أمته به ، فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه
فالتلفظ بالنية عند الطواف خطأ وبدعة ، وكما أنه خطأ من ناحية الشرع فهو خطأ من ناحية العقل ، فما الداعي إلى أن تتلفظ بالنية مع أن النية بينك وبين ربك
والله سبحانه وتعالى عالم بما في الصدور وعالم بأنك سوف تطوف هذا الطواف ، وإذا كان الله سبحانه وتعالى عالماً بذلك فلا حاجة أن تظهر هذا لعباد الله .
والنبي صلى الله عليه وسلم قد طاف قبلك ولم يتكلم بالنية عند طوافه، والصحابة رضي الله عنهم قد طافوا قبلك ولم يتكلموا بالنية عند طوافهم، ولا عند غيره من العبادات ؛ فهذا خطأ.
الثاني :
أن بعض الطائفين يزاحم مزاحمة شديدة عند استلام الحَجَر والركن اليماني ، مزاحمة يتأذى بها ويؤذي غيره ، مزاحمة قد تكون مع امرأة ، وربما ينزغه من الشيطان نزع فتحصل في قلبه شهوة عندما يزاحم هذه المرأة في هذا المقام الضنك
والإنسان بشر قد تستولي عليه النفس الأمارة بالسوء ، فيقع في هذا الأمر المنكر تحت بيت الله عز وجل ، وهذا أمر يكبر ويعظم باعتبار مكانه كما أنه فتنة في أي مكان كان .
والمزاحمة الشديدة عند استلام الحجر أو الركن اليماني ليست مشروعة ، بل إن تيسر لك بهدوء فذلك المطلوب ، وإن لم يتيسر فإنك تشير إلى الحجر الأسود .
أما الركن اليماني فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه ، ولا يمكن قياسه على الحجر الأسود
لأن الحجر الأسود أعظم منه ، والحجر الأسود ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه .
والمزاحمة كما أنها غير مشروعة في هذه الحال ، وكما أنه يُخشى من الفتنة فيما إذا كان الزحام مع امرأة ، فهي أيضًا تُحدث تشويشاً في القلب والفكر
لأن الإنسان لا بد عند المزاحمة من أن يسمع كلاما يكرهه ، فتجده يشعر بامتعاض وغضب على نفسه إذا فارق هذا المحل .
والذي ينبغي للطائف أن يكون دائما في هدوء وطمأنينة ، من أجل أن يستحضر ما هو متلبس به من طاعة الله ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة
ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .
الثالث :
أن بعض الناس يظنون أن الطواف لا يصح بدون تقبيل الحجر ، وأن تقبيل الحجر شرط لصحة الطواف ، ولصحة الحج أيضًا أو العمرة ، وهذا ظن خطأ ، وتقبيل الحجر سنة وليست سنة مستقلة أيضًا ، بل هي سنة للطائف
ولا أعلم أن تقبيل الحجر يسن في غير الطواف ، وعلى هذا فإذا كان تقبيل الحجر سنة وليس بواجب ولا شرط ، فإن من لم يقبل الحجر لا نقول إن طوافه غير صحيح أو إن طوافه ناقص نقصا يأثم به ؛ بل طوافه صحيح وإذا وُجد زحام شديد فإن الإشارة أفضل من الاستلام
لأنه هو العمل الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم عند الزحام ، ولأن الإنسان يتقي به أذى يكون منه لغيره ، أو يكون من غيره له .
فلو سألنا سائل وقال :
إن المطاف مزدحم فماذا ترون :
هل الأفضل أن أُزاحم فأستلم الحجر وأقبله
أم الأفضل أن أشير إليه ؟
قلنا :
الأفضل أن تشير إليه ؛ لأن السنة هكذا جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .