يمدح زعيم الاخوان الاول حسن البنا دعوة محمد عبده وجمال الدين الافغاني قائلا((بنى مصطفى كامل وفريد ومن قبلهما "جمال الدين" و"محمد عبده نهضة مصر ولو سارت في طريقها هذا ولم تنحرف عنه لوصلت بغيتها..))(مذكرات الدعوة والداعية لحسن البنا ص182)
محمد عبده
تابع
ولقد كان محمد عبده رجلاً منحلاً تاركاً للصلاة ولمعظم عبادات الإسلام حاله كحال العلمانيين الذين يحبونه ويرفعون ذكره إلى عنان السماء تشابهت القلوب فالتقت المشارب ، ولقد شهد الشيخ يوسف النبهانى مفتي الشام فى زمان نفى محمد عبده إليها على محمد عبده فقال
الذى أعلمه من حال الشيخ محمد عبده ، وكل من عرفه يعلمه كذلك ، أنه حينما كان فى بيروت منفياً كان كثير المخالطة للنصارى والزيارة لهم فى بيوتهم والإختلاط مع نسائهم بدون تستر ، هذا مما يعلمه كل من عرف حاله فى هذه البلاد ، فضلاً عن أسفاره المشهورة إلى بلاد أوربا واختلاطه بنساء الإفرنج وارتكابه المنكرات من شرب الخمر وترك الصلوات ، ولم يدع هو نفسه الصلاح ، ولا أحد توهمه فيه فكيف يكون قدوة وإماماً فى دين الإسلام ، نعم ، هو إمام للفساق والمراق مثله ، ولذلك تراهم على شاكلته ، لا حج ولا صلاة ، ولا صيام ، ولا غيرها من شرائع الإسلام )(الإسلام والحضارة الغربية 114).
فهذا هو حال محمد عبده وحال كل العلمانيين فى مصر والعالم العربي والإسلامى وما دفعهم لذلك إلا مداهنة النصارى الغربيين والتقرب منهم ,والهرب من أن يوصفوا بالجمود أو التخلف .
يقول الشيخ النبهانى : ((دعانى رجل من أهل جبل لبنان سنة 1305 هـ (أقول وهى توافق 1888م إلى بيته فتوجهت معه فوجدت هناك الشيخ محمد عبده , فتصاحبنا من الصباح إلى المساء لم أفارقه نهاراً كاملاً فصليت الظهر والعصر ولم يصل ظهراً ولا عصراً ، ولم يكن به علة ، ولا عذر له ، إلا خوفه من أنه إذا صلى بحضورى يقول أولئك الحاضرون الذين كان لا يصلى أمامهم أنه يرائى فى هذه الصلاة لأجلى ، فغلب عليه شيطانه وأصر على عدم الصلاة ، وإلا فقد بلغنى عنه أنه كان يصلى تارة ويترك تارة ، والترك أكثر). ))
( الإسلام والحضارة الغربية ص 114)
فهذه هى الإستنارة عند العلمانيين أن تشرب الخمر وأن تجالس النسوان وأن تترك الصلاة بل وأن تنادى بحرية الجنس أو صناعة الفسق فيما يعرف باسم فن السينما وهؤلاء خونة وهم أعداء الأمة ربتهم الماسونية على عينها ولا جدال فى أن محمد عبده والأفغانى كانوا من الماسون الكبار وقد أقر رشيد رضا بماسونية محمد عبده مع حبه الشديد له .
وكان مما قاله النبهانى لرشيد رضا قوله : ( ثم قلت له : ومما لا يختلف فيه أحد أنه كان هو وشيخه – أى محمد عبده – الشيخ جمال الدين الأفغانى داخلين فى الجمعية الماسونية وهى لا تجتمع مع الدين بوجه من الوجوه ، بل هى ترفض الأديان كلها ، وهى ضد السلطات كلها ، الدينية وغيرها ، فكيف يمكن أن يكون قدوة فى دين الإسلام مع كونه ماسونياً وكذلك شيخه .
فقال الشيخ رشيد : نعم هما داخلان فى الماسونية ولكن أنا لم أدخل فيها ) (الإسلام والحضارة الغربية 107-108)
لقد أسس محمد عبده للعلمانية فى بلادنا وبذر بذورها الأولى فأينعت وأثمرت ثمار الحنظل فى مصر والعالم العربى والإسلامى ، ولقد عمل على مستويات متعددة الديني والثقافي والسياسي والقانوني ، عاونه فى ذلك اللورد كرومر والقساوسة كإسحاق تايلور ولعلي أذكر الجميع بدور محمد عبده الإفسادى فى المجال السياسى وإلحاده فى ذلك وما قام به محمد عبده هو ما تبناه الدستور المصرى الحالى وقانون الأحزاب المصرى والذى قبل بعض الإسلاميين العمل وفق شروطهما فالدستور والأحزاب يرفضان الدين فى العمل السياسي ويمنعان منعاً باتاً قيام أي حزب على أساس ديني وهذا يعبر عنه بالجملة الشهيرة لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة فواضع هذا الأصل هو محمد عبده فقد ألف محمد عبده مع مجموعة من رفاقه (الحزب الوطنى المصرى )
(حزب ماسونى سرى وهو غير حزب مصطفى كامل) وقد كتب محمد عبده برنامج هذا الحزب عام 1881 وعن هذا البرنامج أنقل نص المادة الخامسة .
يقول محمد عبده فى المادة الخامسة من برنامج حزبه : ( الحزب الوطنى حزب سياسى ، لا دينى ، فإنه مؤلف من رجال مختلفى العقيدة والمذاهب ، وجميع النصارى واليهود وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم لغتها منضم إليه لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات ، ويعلم أن الجميع إخوان ، وأن حقوقهم فى السياسة والشرائع متساوية ، وهذا مسلم به عند أخص مشايخ الأزهر الذين يعضدون هذا الحزب ويعتقدون أن الشريعة المحمدية الحقة تنهى عن البغضاء وتعتبر الناس فى المعاملة سواء..)(الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده 1/109)
وأرجو من القارئ أن يقارن بين هذه المادة التى وضعها محمد عبده عام 1881م وبين الدستور المصرى الحالى وقانون الأحزاب المصري وتعديلاته فستجد أن المشرب واحد وأن الهدف واحد وهو اللادينية على المستوى السياسى والقانونى ، ولقد كان محمد عبده متبجحاً حيث صرح باللادينية بلفظ صريح والدستور الحالى استمد من الدساتير السابقة عليه وبخاصة دستور 1923م الذى وضعه سعد زغلول ورفاقه من تلاميذ محمد عبده .
فلقد بذر محمد عبده بذور العلمانية الحديثة فى مصر ورعاها حتى استوت على سوقها ومن ثم نعته العلمانيون برائد التنوير والإمام الأكبر ولقد كان محمد عبده مبغضاً للأزهر وعلمائه حيث مثلوا شوكة فى حلقه فلم يقوَ على تجرع العلمانية ولا هضمها إلا بعد أن استعان عليهم بالإحتلال الإنجليزى ممثلاً فى اللورد كرومر الذى أقال الشيخ حسونة النواوى – رحمه الله – وعين مكانه محمد عبده مفتياً لمصر وأفتى كثير من علماء الأزهر بكفر محمد عبده وكان محمد عبده يسمى الجامع الأزهر بثلاثة أسماء كما ذكر ذلك تلميذه رشيد رضا (الإسطبل – المخروب – الماريستان) .
وكان لمحمد عبده دور فى إدخال القوانين الوضعية وترسيخ قواعدها فى مصر كما شهد بذلك مستشار وزارة الحقانية الإنجليزى وأطلب من القارئ الكريم أن يقرأ كتابات الدكتور محمد محمد حسين " الإتجاهات الوطنية" "والإسلام والحضارة الغربية " وكتاب الشيخ مصطفى صبرى " موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين " ففيها تفاصيل عن سيرة محمد عبده ودوره فى إدخال العلمانية وترسيخها فى بلادنا .