لم يصل حضور الإسلاميين في الانتخابات المحلية المرتقبة في 29 نوفمبر المقبل، عتبة الخمسين بالمائة من المجالس البلدية، في واحدة من أضعف المشاركات منذ الانفتاح السياسي الذي دخلته البلاد في نهاية الثمانينيات.
ولم تتمكن الأحزاب الثلاثة، حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح، المشكلة لما يعرف بـ"تكتل الجزائر الخضراء"، في التواجد سوى في حوالي 700 بلدية، من مجموع ألف و541 بلدية موزعة على كافة التراب الوطني، أما جبهة العدالة والتنمية، التي يرأسها الشيخ عبد الله جاب الله، فقد قررت المقاطعة.
ولأول مرة يتراجع حضور الإسلاميين في الاستحقاقات الانتخابية، إلى هذا الحد من الضعف، في منحنى عكسي مع ما تعيشه البلدان التي تعيش على وقع ما يعرف بـ"الربيع العربي"، مثل تونس ومصر والمغرب وليبيا، الأمر الذي فرض طرح تساؤل صار أكثر من مشروع مفاده، هل انتهى المشروع الإسلامي في الجزائر إلى طريق مسدود؟
ومعلوم أن أول انتخابات محلية تعددية كانت قد أجريت العام 1990، وسجلت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، فوزا كاسحا.. وعلى الرغم من الأزمة المعقدة، التي عاشتها البلاد خلال عشرية التسعينيات، إلا أن الحضور الإسلامي بقي محترما في المواعيد الانتخابية منذ 1997، عبر كل من حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وبعد ذلك حركة الإصلاح الوطني، فلماذا تعجز هذه المرة، ثلاثة أحزاب عن بلوغ عتبة الـ50 بالمائة من الحضور؟
يرفض الرجل الثاني في حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، اعتبار تراجع نسبة مشاركة الإسلاميين في المحليات المقبلة، مؤشرا على وصول المشروع الإسلامي في الجزائر إلى طريق مسدود، ويقول: "لقد وضعتنا عمليات التزوير التي أقدمت عليها السلطة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، أمام خيارين، الأول: "أننا ننعزل سياسيا ونترك المبادرة للسلطة، وهذا ما تريده هذه الأخيرة، أو أننا نبقى في الجبهة السياسية ونواجه الواقع بسلبياته وتحدياته، ففضلنا الخيار الثاني".
ويبرّر مقري هذا الخيار بقوله: "لقد تيقنّا من خلال استقرائنا للاستحقاقات السابقة، أن من تعوّد على التصويت هم الموالون للسلطة وبالأخص لحزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وأن المعارضين للسلطة هم المقاطعون، لأنهم يئسوا من وصول أصواتهم إلى هدفها بسبب التزوير المبرمج، وهذا ما جعلنا نتوجه لصناديق الاقتراع، ونعمل من أجل إقناع هؤلاء المقاطعين بالمشاركة، حتى لا تتكرر تجربة التشريعيات التي أفرزت أغلبية مطلقة لصالح الافلان، بالرغم من أن من صوّت لهذا الحزب لا يتعدى 1.5 مليون ناخب، من مجموع 19 مليون ناخب".
من جهته، يرى المتحدث باسم حركة النهضة، محمد حديبي، أن اكتفاء "تكتل الجزائر الخضراء" بالدخول في اقل من نصف قوائم المجالس الشعبية البلدية، "دخول سياسي" الهدف منه عدم ترك الباب مشرعا للأحزاب الموالية للسلطة.
ويقدم حديبي مبررا آخر للمشاركة المحدودة بقوله: "نحن ندرك أن خيوط العملية الانتخابية موجودة بيد السلطة"، ويستدل على ذلك باستمرار "نفس الظروف التي عرفتها العملية الانتخابية في التشريعيات السابقة، ما يؤكد أن نية التزوير قائمة لدى السلطة في الاستحقاق المقبل، وبالتالي فلا داعي من هدر الجهود في استحقاق يبدو غير نزيه وشفاف مسبقا".
ويواصل القيادي في حركة النهضة، عرضه للمبررات فيقول: "ومن بين المؤشرات على حدوث تزوير في المحليات المقبلة، رفض السلطة مطالب المعارضة بفتح تحقيق في تزوير التشريعيات، ومواصلة التسجيلات الجماعية للأسلاك النظامية، بالرغم من وجود تعليمة من الوزير الأول، عبد المالك سلال"، على حد تعبير النائب السابق، الذي اتهم السلطة بإشاعة حالة من الشكوك، سعيا منها للإيقاع بالمعارضة ودفعها للمقاطعة، حتى تخلو لها الساحة.
وأيا كانت مصداقية هذه المبررات، فالمشروع الإسلامي يبقى هو الخاسر مقارنة بين أقرانه، فمن يتحمل مسؤولية ذلك؟ وهل يكفي تعليق الفشل على مشجب السلطة؟
https://www.echoroukonline.com/ara/articles/144451.html