رابعا :
ليس ثمة حسد في الجنة ولا بغضاء ، وفي ذلك قال تعالى ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) الحجر/ 47 .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ ، مِنَ الْحُسْنِ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) .
رواه البخاري ( 3073 ) ومسلم ( 2834 ) .
بل تأمل هذا الحديث :
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً وَيَكْبُو مَرَّةً وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً ، فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ : تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ) .
رواه مسلم (274) .
فهذا حال آخر أهل النار خروجا من النار ، وآخر أهل الجنة خروجا من الجنة ، يرى أن نال شيئا لم ينله أحد من الأولين والآخرين ، وهو لم يدخل الجنة بعد ؛ فكيف إذا دخلها ؟!
قال ابن عطية الأندلسي – رحمه الله - :
وكلُّ مَن فيها قد رُزق الرضا بحاله ، وذهب عنه أن يعتقد أنه مفضول ، وإن كنَّا نحن قد علمنا من الشريعة أن أهل الجنة تختلف مراتبهم ، على قدر أعمالهم ، وعلى قدر فضل الله على من شاء .
" المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " ( 2 / 91 ) .
وينظر: كتاب "الجنة والنار" للشيخ عمر سليمان الأشقر، حفظه الله (154-163) .