سبب ذكر هذه الواقائع المشؤومة التي تسبب فيها بنوا هلال ومن جاء معهم من تاريخ المسلمين :
أردنا أن نستحضر هذه الواقعة والمقدّمة للوصول إلى جوهر الموضوع الذي نودّ عرضه وهو الزحفة المشؤومة على شمال أفريقيا في ما عرف بالتغريبة التي لا يعرف الكثير منها غير الرواية طالما أنها تروى في أسلوب بطولي ملحمي للعامّة التي لا يمكنها أن تدرك أبعاد مثل هذه الملاحم التي يقال عنها زورا وبهتانا "ملاحم شعبية"
وبما ان العروبيين في بلاد المغرب الاسلامي يتشدقون ويفتخرون بغزو اعراب بنوا هلال لشمال افريقيا ويستدلون على عروبة هذه البلاد بتواجد هذه القبائل وكان المغرب الكبير كان خاليا من السكان الاصليين ولهذا وجب التذكير بالوقائع كما ذكرها ابنخلدون وهو المؤرخ الذي عاصر هذه الاحداث .
عندما اجتمعت تلك القبائل الأعرابية وكثر شغبها في صعيد مصر صادف وأن قامت حركة سنية في أفريقية (تونس الحالية) فنادى الفقهاء بضرورة التخلي عن المذهب الفاطمي وقد وجد الأمير الصنهاجي المعز بن باديس حاكم إفريقية (تونس) في هذا التحرر المذهبي الفرصة لإعلان الاستقلال عن الخلافة الفاطمية .
كان الفاطميون قد فتحوا مصر بسواعد جيشمؤلف من الامازيغ (اغلبهم من قبيلة كتامة)فانتقلوا إليها محملين بأموال ضخمة مما جادت به عليهم خزائن شمال أفريقيا وهي البلاد التي حكموها أكثر من قرن.
استشاط الخليفة الفاطمي غضبا وكيف يستقل عنه أمير إفريقية ، وفاتح وزيره اليازوري فأشار عليه بإرسال أعراب هلال ومن معهم من أحلاف قبلية (بنوا سليم) وهذا جزاء سنمار ، حيث سلّم الخليفة الفاطمي البلاد التي صنعت منه ومن أسلافه خليفة على رأس أكبر دولة في عصرها وهو المشكوك في أصوله إلى قبيلة لا يعرف أبناؤها غير السلب والنهب نمط معيشة فقرر معاقبة البلد كله وكتب إلى الأمير الصنهاجي يهدده : "أما بعد؛ أرسلنا إليكم خيولاً فحولاً وحملنا عليها رجالاً كهولاً، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً" وقد أورد ذلك الحدث التاريخي الهام ابن عذاري بقوله: أباح بنو عبيد للعرب مجاز النيل، وكان ذلك ممنوعاً لا يجوزه أحد من العرب. فجازوا أفواجاً، وأقاموا بناحية برقة
لقد أغرى الخليفة الفاطمي ووزيره اليازوري أولئك الأعراب ومنح كل أعرابي دينارا وبعيرا قائلا لهم أفريقيا لكم بسيوفكم وحثهم على غزو أفريقيا الغنية بثرواتها التي لا تنضب فاكتسح هؤلاء برقة وطرابلس ولكن الخراب الحقيقي هو الذي أحدثوه في تونس ولمن أراد الاستزادة عليه بتاريخ ابن خلدون فهو غني عن التعريف.
الاحداث التي جعلت الخليفة الفاطمي يبعث قبائل الاعرابية الى المغرب الكبير:
1.استقلال امراء وامازيغ المغرب الكبير
2. انهزام عماله وجيوشه في المعارك مع القبائل الامازيغية التي استقلت عنه