أسماء الله الحسنى وصفاته - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسماء الله الحسنى وصفاته

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2020-02-28, 17:46   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

معنى اسم الله الخافض

السؤال

هل يمكن أن تشرح لي معنى اسم الله الخافض ؟.

الجواب

الحمد لله

قبل شرح معنى هذا الاسم لابد من العلم ببعض المسائل المهمة المتعلقة بأسماء الله تعالى :

أولاً : ( الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي كتاب الله تعالى , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرهما .

وعلى هذا فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب والسنة وجب إثباته .

وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه مع إثبات كمال ضده .

وما لم يرد إثباته ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه فلا يثبت ولا ينفى , لعدم ورود الإثبات والنفي فيه .

وأما معنى اسم الخافض فيُفصل فيه : فإن أريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول , وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده ) ا.هـ من "القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى" لابن عثيمين .

ثانياً : ( الفعل أوسع من الاسم , ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالا لم يتسم منها بأسماء الفاعل ,

كأراد وشاء وأحدث , ولم يسم بـ " المريد" و"الشائي" و"المحدث" كما لم يسم نفسه بـ "الصانع" و"الفاعل" و"المتقن" وغير ذلك من الأسماء التي أطلق على نفسه , فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء .

وقد أخطأ خطأً كبيراً من اشتق له من كل فعل اسما , وبلغ بأسمائه زيادة على الألف , فسماه "الماكر , والمخادع , والفاتن , والكائد " ونحو ذلك .

وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به , فإنه يخبر عنه بأنه "شيء وموجود ومذكور , ومعلوم , ومراد " ولا يسمى بذلك .

فأما " الواجد " فلم تجىء تسميته به إلا في حديث تعداد الأسماء الحسنى ,

والصحيح أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم , ومعناه صحيح , فإنه ذو الوجد والغنى , فهو أولى بأن يسمى به من "الموجود" ومن " الموجد " أما " الموجود " فإنه منقسم إلى كامل وناقص

, وخير وشر ( ففيه يكون الشيء كاملاً أو ناقصاً ) , وما كان مسماه منقسما لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى , كالشيء والمعلوم , ولذلك لم يسم بـ " المريد" و"المتكلم"

وأما "الموجد" فقد سمى نفسه بأكمل أنواعه , وهو "الخالق , البارئ , المصور " فـ "الموجد" كـ "المحدث

والفاعل ، والصانع " , وهذا من دقيق فقه الأسماء الحسنى , فتأمله , وبالله التوفيق ) ا.هـ من

"مدارج السالكين" لابن القيم (3/383_385) .

ثالثاً : ( أن ما يطلق على الله في باب الأسماء والصفات توقيفي , وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا , كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه ,

فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع ) ا.هـ

من "بدائع الفوائد" لابن القيم (1/162) .

رابعاً : ( أن من أسماء الله عز وجل ما لا يطلق عليه إلا مقترنا بمقابله ,

فإذا أطلق وحده أوهم نقصا تعالى الله عن ذلك , فمنها المعطي المانع , والضار النافع , والقابض الباسط ,

والمعز المذل , والخافض الرافع , فلا يطلق على الله عز وجل المانع الضار القابض المذل الخافض كلا على انفراده , بل لا بد من ازدواجها بمقابلاتها , إذ لم تطلق في الوحي إلا كذلك ) ا.هـ

من "معارج القبول" للحكمي (1/64) .

إذا تبين ما سبق فاسم الخافض , لا يعرف أنه ورد إلا في حديث تعداد الأسماء الحسنى

, والصحيح أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ,

كما سبق في كلام ابن القيم , وهو ما قرره غير واحد من أهل العلم كالإمام ابن تيمية

_ كما في "الفتاوى" (6/379_380 ، 8/96 ، 22/482)

والحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/515)

والحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/221) و"البلوغ" (1395) وغيرهم .

ولكن معنى الاسم صحيح بشرط أن يقرن باسم الرافع , وثبت في "صحيح مسلم" (179) من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم

قال : " إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ...

" الحديث , وجاء في ذلك بعض الآثار عن السلف ,

ومن ذلك ما علقه البخاري في "صحيحه" (فتح _ 8/487)

مجزوما به عن أبي الدرداء أنه قال في تفسير قوله تعالى : ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) الرحمن / 29

قال : " يغفر ذنبا , ويكشف كربا , ويرفع قوما , ويضع آخرين " . وروي عنه مرفوعا .

إذا تبين هذا فلأهل العلم كلام في معنى الخافض , ومن ذلك ما يلي :

1_ قال الخطابي في "شأن الدعاء" (58) :

( الخافض الرافع : وكذلك القول في هذين الاسمين يستحسن أن يوصل أحدهما في الذكر بالآخر , فالخافض : هو الذي يخفض الجبارين ويذل الفراعنة المتكبرين , والرافع :

هو الذي رفع أولياءه بالطاعة فيعلي مراتبهم وينصرهم على أعدائه ويجعل العاقبة لهم , لا يعلو إلا من رفعه الله , ولا يتضع إلا من وضعه وخفضه ) ا.هـ .

2_ وقال الحليمي _ كما في "الأسماء والصفات" للبيهقي (1/193)

_ : ( ولا ينبغي أن يفرد الخافض عن الرافع في الدعاء , فالخافض : هو الواضع من الأقدار , والرافع : المعلي للأقدار ) ا.هـ .

3_ وقال قِوام السنة الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة" (1/140) :

( ومن أسمائه : الخافض الرافع , قيل : الخافض هو الذي يخفض الجبارين , ويذل الفراعنة ,

والرافع هو الذي يرفع أولياءه وينصرهم على أعدائهم , يخفض من يشاء من عباده فيضع قدره ويخمل ذكره ويرفع من يشاء فيعلي مكانه ويرفع شأنه

, لا يعلو إلا من رفعه ولا يتضع إلا من وضعه . وقيل : يخفض القسط ويرفعه ) .

ثم أورد حديث أبي موسى عند مسلم (293)

: " إن الله تعالى لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل الليل " .

ثم قال : ( قال أهل العلم : ... ومعنى يخفض القسط ويرفعه , يخفض العدل بتسليط ذا الجور

ويرفع العدل بإظهاره العدل , يخفض القسط بأهل الجور , ويرفع العدل بأئمة العدل , وهو في خفضه العدل مرة ورفعه أخرى يبتلي عباده لينظر كيف صبرهم على ما يسؤهم , وشكرهم على ما يسرهم ) ا.هـ

4_ وقال الشيخ ابن سعدي في "الحق الواضح المبين" (258)

: ( وهو الرافع لأقوام قائمين بالعلم والإيمان , الخافض لأعدائه ) ا.هـ

وقال في "توضيح الكافية الشافيه" (390)

: ( واعلم أن صفات الأفعال ... كلها متعلقة وصادرة عن هذه الصفات الثلاث : القدرة الكاملة , والمشيئة النافذة ,

والحكمة الشاملة التامة , وهي كلها قائمة بالله , والله متصف بها ,

وآثارها ومقتضياتها جميع ما يصدر عنها في الكون كله من التقديم والتأخير والنفع والضر والعطاء والحرمان والخفض والرفع , لا فرق بين محسوسها ومعقولها , ولا بين دينيها ودنيويها ) ا.هـ

5_ وقال الشيخ محمد خليل هراس في "شرح القصيدة النونية" (2/114) :

( وهو سبحانه الخافض الرافع , يخفض الكفار بالإشقاء والإبعاد , ويرفع أولياءه بالتقرب والإسعاد , ويداول الأيام بين عباده , فيخفض أقواما , يخمل شأنهم , ويذهب عزهم , ويرفع آخرين فيورثهم ملكهم وديارهم ) ا.هـ

وكل هذه الأقوال حق , وهي داخلة في معنى اسمي : الخافض الرافع .

والله تعالى أعلم .

: الشيخ محمد صالح المنجد


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء








 


قديم 2020-02-29, 16:18   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

الدليل على إثبات العينين لله تعالى

السؤال

بدأت تعلم العقيدة وسؤالي الأول هو هل هناك أدلة كافية لتثبت أن لله عينين؟

لقد سمعت أن هناك أحاديث (حديث عن الدجال) يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال أعور العينين

فهل هذا صحيح؟

فهل العور لا يعني العمى؟

هل عدم إثباتي أن لله عينين بسبب عدم وجود الدليل الكافي

فهل يخرجني ذلك من الإسلام؟


الجواب

الحمد لله


أجمع أهل السنة على إثبات العينين لله تعالى، واستدلوا لذلك بما صح في السنة من أن الله ليس بأعور.

والعور ليس العمى، بل هو فقد إحدى العينين ، أو ذهاب نورها.

قال في القاموس المحيط ص446: " العَوَرُ: ذَهابُ حسّ إحْدَى العَيْنَيْنِ" انتهى.

روى البخاري (7407) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ [بن مسعود]

قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ - وَإِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ

وروى البخاري (7408) ومسلم (2933)

عن أَنَس بْن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر.

وقد روى البيهقي ما يفيد إثبات العينين.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" ثم ذكر [أي البيهقي] لحديث أبي هريرة شاهدا من حديث عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: (إن ربنا سميع بصير وأشار إلى عينيه) وسنده حسن"

انتهى من فتح الباري (13/ 373).

وراوه الدارمي في النقض على بشر المريسي (1/ 318)

بالتثنية أيضا ولفظه: (فَوضع أُصْبُعه الدعّاء على عَيْنَيْهِ ، وإبهامه على أُذُنَيْهِ).

وقال الدارمي رحمه الله في "النقض على بشر المريسي" (1/327)

: " ففي تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليس بأعور) : بيان أنه بصير ذو عينين ، خلاف الأعور " انتهى .

وقال ابن خزيمة رحمه الله :

" نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ، ما تحت الثرى ، وتحت الأرض السابعة السفلى ، وما في السماوات العلى ... "

انتهى من "كتاب التوحيد" (1/76) .

وهذا هو الذي حكاه أبو الحسن الأشعري رحمه الله عن أهل الحديث والسنة، ولم يحك عنهم فيه اختلافا

قال رحمه الله :

" جملة ما عليه أهل الحديث والسنة : الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وما جاء من عند الله ، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يردون من ذلك شيئاً .

وأن الله سبحانه إله واحد فرد صمد ، لا إله غيره ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.

وأن الله سبحانه على عرشه كما قال: (الرحمن على العرش استوى) .

وأن له يدين بلا كيف كما قال: (خلقت بيدي) ، وكما قال: (بل يداه مبسوطتان) .

وأن له عينين بلا كيف ، كما قال: (تجري بأعيننا) .

وأن له وجهاً كما قال: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)" انتهى من "مقالات الإسلاميين" ص290

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "وأجمع أهل السنة على أن العينين : اثنتان .

ويؤيده قول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في الدجال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور "

انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين(3/ 235).

فتبين بهذا : أن الذي عليه أهل السنة إثبات العينين لله تعالى.

وينظر التوفيق بين ذلك وبين ما جاء في القرآن من إثبات العين بالإفراد والجمع

في جواب السؤال القادم.

ثانيا:

إذا لم يتبين للإنسان دليل إثبات العينين، فاكتفى بإثبات العين لله تعالى، فإنه لا يكفر بذلك، لكنه يكون مخطئا مجاوزا ما عليه أهل السنة، لكنه يعذر بتأويله.

وينظر في ضابط العذر بالتأويل: جواب السؤال بعد القادم

والله أعلم.









قديم 2020-02-29, 16:24   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

كيف نجمع بين قوله تعالى

(وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) بلفظ الإفراد

وقوله : (وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا) بلفظ الجمع ؟


السؤال

كيف الجمع بين قوله تعالى :

(ولتصنع على عيني )

وقوله تعالى : (واصنع الفلك بأعيننا)

فهل هي عين واحدة أو أعين ؟


الجواب

الحمد لله

أولاً :

الذي عليه أهل السنة والجماعة أن لله عز وجل عينين يبصر بهما ، وهما من الصفات الذاتية التي لا تنفك عنه سبحانه .

قال ابن خزيمة رحمه الله :

" نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ، ما تحت الثرى ، وتحت الأرض السابعة السفلى ، وما في السماوات العلى ... "

انتهى من "كتاب التوحيد" (1/76) .

وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله :

" وأن له سبحانه عينين بلا كيف ، كما قال سبحانه : (تجري بأعيننا) "

انتهى من " الإبانة عن أصول الديانة" (1/20) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " مذهب أهل السنة والجماعة : أن لله عينين اثنتين ، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به ، وهما من الصفات الذاتية "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/58) .

واستدل أهل السنة على إثبات العينين ، بما رواه البخاري (6858) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور - وأشار بيده إلى عينه - وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية).

قال الدارمي رحمه الله في "رده على بشر المريسي" (1/327) :

" ففي تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليس بأعور) : بيان أنه بصير ذو عينين ، خلاف الأعور " انتهى .

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" :

" قوله : (إن الله ليس بأعور ) : هذه الجملة هي المقصودة من الحديث في هذا الباب ، فهذا يدل على أن لله عينين حقيقة ؛ لأن العور فقدُ أحد العينين ، أو ذهاب نورها " انتهى .

ثانياً :

جاءت صفة العين في القرآن الكريم مضافة إلى الله سبحانه وتعالى بصيغتين:

1- صيغة الإفراد ، مضافة إلى ضمير المفرد . مثل قوله تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39 .

2- صيغة الجمع ، مضافة إلى ضمير الجمع . مثل قوله تعالى: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) القمر : 14

وقوله : (وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا) هود : 37 .

فقوله تعالي : (عَلَى عَيْنِي) ، لا يدل على عين واحدة

وقوله : (بِأَعْيُنِنَا) ، لا يدل على أعين كثيرة ، بل كل موضع يفسر بحسبه

وذلك أن لفظ العين إذا أضيف إلى اسم جمع ظاهر ، أو مضمر ، فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ

كما قال تعالى : (قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ) الأنبياء : 61 .

وإذا أضيف إلى مفرد ذكر مفردا مشاكلة للفظ

كما قال تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39 .

قال ابن القيم رحمه الله "الطواعق المرسلة" (1/255)

: " فذكر العين المفردة مضافة إلى الضمير المفرد ، والأعين مجموعة مضافة إلى ضمير الجمع

وذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة ليس إلا ، كما يقول القائل :

أفعل هذا على عيني ، وأجيئك على عيني ، وأحمله على عيني ، ولا يريد به أن له عينا واحدة ، فلو فهم أحد هذا من ظاهر كلام المخلوق لعد أخرق

وأما إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهرا ، أو مضمرا ، فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ كقوله : (تجري بأعيننا) القمر : 14 ، وقوله (واصنع الفلك بأعيننا) هود : 37 .

وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد ، كقوله : (بيده الملك) الملك : 1 ، وقوله : (وبيدك الخير) آل عمران : 26 .

وإن أضيفت إلى ضمير جمع جمعت ، كقوله : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما ) يس : 71 .

وكذلك إضافة اليد والعين إلى اسم الجمع الظاهر

كقوله : (بما كسبت أيدي الناس) الروم : 41 ، وقوله تعالى : (فأتوا به على أعين الناس) الأنبياء : 61 .

وقد نطق القرآن والسنة بذكر اليد مضافة إليه سبحانه مفردة ، ومثناة ، ومجموعة

وبلفظ العين مضافة إليه مفردة ، ومجموعة ، ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة

كما قال عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي : ( إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن ، فإذا التفت قال له ربه إلى من تلتفت إلى خير لك مني ) .

وقول النبي صلى عليه وسلم : ( إن ربكم ليس بأعور) صريح في أنه ليس المراد إثبات عين واحدة ليس إلا ؛ فإن ذلك عور ظاهر ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " انتهى .

وقال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله :

" وردت صفتا اليدين ، والعينين في النصوص مضافة إلى الله تعالى : على ثلاثة أوجه : الإفراد ، والتثنية ، والجمع .

فمن أمثلة الإفراد : قوله تعالى : (تبارك الذي بيده الملك) ، وقوله : (ولتصنع على عيني) .

ومن أمثلة الجمع : قوله تعالى : (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً) ، وقوله : (تجري بأعيننا) .

ومن أمثلة التثنية : قوله تعالى : ( بل يداه مبسوطتان)

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام العبد في الصلاة قام بين عيني الرحمن )

هكذا هو في مختصر الصواعق عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعزه ، ولم ترد صفة العينين في القرآن بصورة التثنية .

هذه هي الوجوه الثلاثة التي وردت عليها صفتا اليدين ، والعينين .

والجمع بين هذه الوجوه أن يقال :

إن الإفراد لا ينافي التثنية ، ولا الجمع ؛ لأن المفرد المضاف يعم ، فيتناول كل ما ثبت لله من يد ، أو عين ، واحدة كانت أو أكثر .

وأما الجمع بين ما جاء بلفظ التثنية ، وبلفظ الجمع : فإن قلنا : أقل الجمع اثنان ، فلا منافاة أصلاً بين صيغتي التثنية والجمع لاتحاد مدلوليهما

وإن قلنا : أقل الجمع ثلاثة ، وهو المشهور ، فالجمع بينهما أن يقال : إنه لا يراد من صيغة الجمع مدلولها الذي هو ثلاثة ، فأكثر ، وإنما أريد بها ، والله أعلم : التعظيم والمناسبة

أعني مناسبة المضاف للمضاف إليه ، فإن المضاف إليه ، وهو " نا " يراد به هنا التعظيم قطعاً ، فناسب أن يؤتى بالمضاف بصيغة الجمع ؛ ليناسب المضاف إليه

فإن الجمع أدل على التعظيم من الإفراد والتثنية ، وإذا كان كل من المضاف والمضاف إليه دالاً على التعظيم حصل من بينهما تعظيم أبلغ "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/59-60) .

والخلاصة :

أن لله عينين تليقان به سبحانه ، ومجيئهما في القرآن بلفظ المفرد ، المضاف إلى الضمير المفرد ، لا يدل على أن لله تعالى عينًا واحدة

كما أن ورودها بلفظ الجمع لا يدل على أن لله تعالى أعينًا متعددة ، فيحمل ما جاء بالكتاب على ما وضحته السنة ، كما في حديث الدجال ، فيزول الإشكال .

تنبيه :

الحديث الذي ذكره ابن القيم

ونقله عنه الشيخ ابن عثيمين ، رحمهما الله

: ( إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن )

خرجه الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة" (3/93)

وقال : " ضعيف جداً " انتهى .

ولذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: الحديث ضعيف لانقطاعه ، واعتمادنا في عقيدتنا هذه على الحديث الصحيح ، حديث الدجال ؛ لأنه واضح لمن تأمله .

انتهى بتصرف يسير من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (8/197) .

والله أعلم









قديم 2020-02-29, 16:37   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

ضوابط التأويل الذي لا يكفر به المتأول وفوائد في المسألة

السؤال

في موقعكم المبارك فصلتم تفصيلا جيِّدا بفتاوى متعددة بخصوص العذر بالجهل وكيفية إقامة الحجة ، لكن لم أجد ضابطا بيِّناً بخصوص ضابط المتأول على الموقع

وقرأت في المسألة لكن أجد تناقضاً في تطبيق ما قرأت للعلماء الذي بينوا الضابط

فمثلا : بعض العلماء قالوا : إذا كان تأولهم تحتمله اللغة نعذرهم به أما إذا لم تحمله اللغة لا نعذرهم به ونكفرهم ، ولما تجد تطبيقهم لها على الأشاعرة الذين يقولون بدل " استوى " استولى في الرد عليهم يُقال :

هذا لا تحتمله اللغة ، مع ذلك لا يحكم بكفر من أنكر علو الله ، مع أن شيخ الإسلام نقل عن أبي حنيفة تكفيره لمن أنكر علو الله .

ونريد إيضاحاً بخصوص تكفير العلماء لكثير من الفرق كالجهمية والقدرية .

وهل ثبت عن أحد من العلماء أنه كفر الأشاعرة ؟


الجواب

الحمد لله

هذه مسألة جليلة القدر ، وسيكون البحث فيها في نقاط محددة :

1. لا فرق بين العذر بالتأويل والعذر بالجهل في الدين ، بل إن المتأول أولى بالعذر من الجاهل

لأنه لا يجهل ما هو عليه بل يعتقده حقّاً ويستدل له وينافح عنه

ولا فرق في كون هذا الأمر عذراً في المسائل العملية أو العلمية .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

" إن المتأوِّل الذي قصد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكفر ، بل ولا يفسق إذا اجتهد فأخطأ ، وهذا مشهور عند الناس في المسائل العملية

وأما مسائل العقائد : فكثير من الناس كفَّر المخطئين فيها ، وهذا القول لا يُعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا عن أحد من أئمة المسلمين ، وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع "

انتهى من " منهاج السنَّة " ( 5 / 239 ).

2. ولا يعني هذا عدم استحقاقهم للحد - كما حُدَّ قدامة بن مظعون لما تأول في شرب الخمر

- ولا يعني عدم استحقاقه للتعزير والذم ، بل ولا وصف اعتقاده بالضلال أو الكفر - كما سيأتي تفصيله - بل قد يصل الأمر لقتالهم ؛ لأن المقصود من ذلك تنفير الناس من بدعته وحماية الدين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

" وهذا الذي ذكرتُه فيما تركه المسلم من واجب أو فعله من محرم بتأويل اجتهاد أو تقليد : واضح عندي ، وحاله فيه أحسن من حال الكافر المتأول

وهذا لا يمنع أن أقاتل الباغي المتأول ، وأجلد الشارب المتأول ، ونحو ذلك

فإن التأويل لا يرفع عقوبة الدنيا مطلقا ؛ إذ الغرض بالعقوبة دفع فساد الاعتداء " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 14 ) .

وقال - رحمه الله - :

" وأما من أظهر ما فيه مضرة : فإنه تدفع مضرته ولو بعقابه ، وإن كان مسلماً فاسقاً أو عاصياً ، أو عدلاً مجتهداً مخطئاً ، بل صالحا أو عالما ، سواء في ذلك المقدور عليه والممتنع .

.. وكذلك يعاقب من دعا إلى بدعة تضر الناس في دينهم ؛ وإن كان قد يكون معذوراً فيها في نفس الأمر لاجتهاد أو تقليد "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 10 / 375 ) .

3. ليس كل تأويل يكون سائغاً في الشرع ؛ فلا تأويل في الشهادتين ووحدانية الله تعالى وثبوت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، والبعث والجنة والنار

وتسمية هذا تأويلاً ابتداء غير مقبول ، بل هي باطنية وزندقة تعود على الدين بالإبطال .

قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله - :

" ولا بد من التنبه لقاعدة أخرى وهي : أن المخالف قد يخالف نصّاً متواتراً ويزعم أنه مؤول ، ولكن ذكر تأويله لا انقداح له أصلا في اللسان ، لا على بُعد ولا على قرب

فذلك كفر وصاحبه مكذِّب ولو زعم أنه مؤول ، ومثاله : ما رأيته في كلام بعض الباطنية أن الله تعالى واحد بمعنى أنه يعطي الوحدة ويخلقها ، وعالِم بمعنى أنه يعطي العلم لغيره ويخلقه ,

وموجود بمعنى أنه يوجد غيره , وأما أن يكون واحدا في نفسه وموجوداً وعالماً على معنى اتصافه به :

فلا , وهذا كفر صراح

لأن حمل الوحدة على إيجاد الوحدة ليس من التأويل في شيء ، ولا تحتمله لغة العرب أصلا ....

فأمثلة هذه المقالات تكذيبات عَبَّر عنها بالتأويلات "

انتهى من " فيصل التفرقة " ( ص 66 ، 67 ) .

وقال ابن الوزير - رحمه الله -

: " وكذلك لا خلاف في كفر من جحد ذلك المعلوم بالضرورة للجميع

وتستر باسم التأويل فيما لا يمكن تأويله ، كالملاحدة في تأويل جميع الأسماء الحسنى ، بل جميع القرآن والشرائع والمعاد الأخروي من البعث والقيامة والجنة والنار " .

انتهى من " إيثار الحق على الخلق " ( ص 377 ) .









قديم 2020-02-29, 16:38   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2


4. والتأويل السائغ هو ما لا يعود على الدين بالإبطال ، ويكون مقبولا في لغة العرب

ويكون صاحبه قاله قاصداً أن يصيب الحق ، وقاله وفق قواعد العلم ، ومثل هؤلاء لهم أعذار في وقوعهم في التأويل ، وهي نفسها الأعذار التي ذكرها العلماء في أسباب الاختلاف في المسائل العملية .

قال شيخ الإسلام - رحمه الله - :

" وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها ، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق

وقد تكون عنده ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها ، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها ، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ :

فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان ، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية ، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 23 / 346 ) .

وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :

" قال العلماء : كل متأول معذور بتأويله : ليس بآثم ، إذا كان تأويله سائغا في لسان العرب ، وكان له وجه في العلم "

انتهى من " فتح الباري " ( 12 / 304 ) .

5. وثمة حديث صحيح يدل على عدم كفر المتأولين في الاعتقاد إذا كان تأويلهم ليس يعود على الدين بالإبطال

وهو قوله صلى الله عليه وسلم :

( افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ

وَافْتَرَقَتْ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ

وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ الْجَمَاعَةُ )

رواه ابن ماجه ( 3992 ) وصححه الألباني .

قال أبو سليمان الخطابي - رحمه الله -

: " قوله ( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) فيه دلالة على أن هذه الفرق كلها غير خارجين من الدين ؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم من أمته

وفيه : أن المتأول لا يخرج من الملة وإن أخطأ في تأوله "

انتهى من " معالم السنن " الخطابي (4/295)

وانظر " السنن الكبرى للبيهقي " ( 10 / 208 ) .

وقال ابن تيمية - رحمه الله -

: " وكذلك سائر الثنتين وسبعين فرقة ، من كان منهم منافقاً : فهو كافر في الباطن ، ومن لم يكن منافقاً

بل كان مؤمناً بالله ورسوله في الباطن : لم يكن كافراً في الباطن ، وإن أخطأ في التأويل

كائناً ما كان خطؤه ... .

ومن قال : إن الثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفراً ينقل عن الملة :

فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة ؛ فليس فيهم من كفَّر كل واحد من الثنتين وسبعين فرقة ، وإنما يكفِّر بعضهم بعضا ببعض المقالات "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 7 / 218 ، 218 ) .

6. من حكم من العلماء على أهل البدع - غير المكفرة - بالكفر فإنما يريد الكفر غير المخرج من الملة .

قال الإمام البيهقي - رحمه الله -

:" والذي روينا عن الشافعي وغيره من الأئمة من تكفير هؤلاء المبتدعة فإنما أرادوا به كفراً دون كفر "

انتهى من " سنن البيهقي الكبرى " ( 10 / 207 ) .

وقال الإمام البغوي - رحمه الله -

: " وأجاز الشافعي شهادة أهل البدع والصلاة خلفهم مع الكراهية ، على الإطلاق

فهذا القول منه دليل على أنه إن أطلق على بعضهم اسم الكفر في موضع : أراد به كفراً دون كفر

كما قال الله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) المائدة/ 44 "

انتهى من " شرح السنة " ( 1 / 228 ) .

وقد يريد الإمام بلفظ الكفر : التحذير من الاعتقاد .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " قد يُنقل عن أحدهم أنه كفَّر من قال بعض الأقوال ويكون مقصوده أن هذا القول كفر ليُحذر ، ولا يلزم إذا كان القول كفراً

أن يكفر كل من قاله مع الجهل والتأويل ؛ فإن ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الآخرة في حقه وذلك له شروط وموانع "

انتهى من " منهاج السنَّة النبوية " ( 5 / 240 ) .

7. وأما اختلاف أقوال الأئمة على أهل البدع المكفرة بين الكفر وعدمه فراجع إلى التفصيل بين النوع والعين ، فهم يحكمون على الاعتقاد نفسه بالكفر

لكنهم لا يطبقونه على من اعتقده بعينه إلا بعد تحقيق شروط وانتفاء موانع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -

: " ولكن المقصود هنا أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين ، ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك ، ولم يفهموا غور قولهم

فطائفة تحكي عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقا ، حتى تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضِّلة لعلي

وربما رجحت التكفير والتخليد في النار ، وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام

بل لا يختلف قوله أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل

ولا يكفر من يفضل عليّاً على عثمان ، بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم ، وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته

لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بيِّنة ، ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق ، وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم وأنه يدور على التعطيل

وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة ، لكن ما كان يكفر أعيانهم ، فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به ، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط

والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه ، ومع هذا : فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية :

أن القرآن مخلوق ، وأن الله لا يُرى في الآخرة وغير ذلك

، ويدعون الناس إلى ذلك ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ، ويكفرون من لم يجبهم حتى إنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية أن القرآن مخلوق وغير ذلك

ولا يولون متوليا ، ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك

ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم ، واستغفر لهم ، لعلمه بأنهم لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطأوا وقلدوا من قال لهم ذلك .

وكذلك الشافعي لما قال لحفص الفرد حين قال القرآن مخلوق : كفرت بالله العظيم

بيَّن له أن هذا القول كُفر ، ولم يحكم بردة حفص بمجرد ذلك ، لأنه لم يتبين له الحجة التي يكفر بها

ولو اعتقد أنه مرتد لسعى في قتله ، وقد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء والصلاة خلفهم "

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 23 / 348 ، 349 ) .

8. وأما الكلام عن الأشعرية تحديداً : فلا شك أن لهم شبهاً في اعتقادهم المخالف لاعتقاد السلف ، وصار لهم رؤوس من أهل العلم يرجعون إليهم ويقلدونهم

وهم ليسوا على درجة واحدة من الاعتقاد بل هم مدارس ومنهاج ، وأقربهم للقرون الثلاثة أقربهم للحق ، وبتطبيق التفصيل الذي ذكرناه سابقا على الأشعرية يعلم أن من تكلم في حقهم بشيء من التكفير

فإنما مراده ما وقع في عقائدهم من قضايا الكفر ، لا أنه حكم بذلك على أعيانهم

أو أنه أطلق القول ، ومراده به : كفر دون كفر ، فليست الطائفة من الفرق الخارجة من الإسلام ، وليس أفرادها كفارا ؛ بل هم من أهل العذر بالتأويل فيما يقررون من مسائل وعقائد .

وقد قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

" ولا أعلم أحداً كفَّر الأشاعرة "

انتهى من " ثمرات التدوين " ( مسألة رقم 9 ) للدكتور أحمد بن عبد الرحمن القاضي .









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2020-02-29 في 16:38.
قديم 2020-02-29, 16:39   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2



9. ويمكننا تلخيص الحكم الشرعي من الفرق المبتدعة بما قاله الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في كلام علمي متين ، حيث قال :

فمن جحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو جحد بعضه غير متأول من أهل البدع فهو كافر ؛ لأنه كذَّب الله ورسوله واستكبر على الحق وعانده .

أ. فكل مبتدع من جهمي وقدري وخارجي ورافضي ونحوهم : عرف أن بدعته مناقضة لما جاء به الكتاب والسنة ، ثم أصر عليها ونصرها : فهو كافر بالله العظيم ، مشاق لله ورسوله من بعد ما تبين له الهدى .

ب. ومن كان من أهل البدع مؤمناً بالله ورسوله ظاهراً وباطناً ، معظماً لله ورسوله ملتزماً ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه خالف الحق وأخطأ في بعض المقالات

وأخطأ في تأويله من غير كفر وجحد للهدى الذي تبين له : لم يكن كافرا ً

ولكنه يكون فاسقاً مبتدعاً ، أو مبتدعاً ضالاًّ ، أو معفوّاً عنه لخفاء المقالة وقوة اجتهاده في طلب الحق الذي لم يظفر به .

ولهذا كان الخوارج والمعتزلة والقدرية ونحوهم من أهل البدع أقساماً متنوعة :

أ. منهم من هو كافر بلا ريب كغلاة الجهمية الذين نفوا الأسماء والصفات ، وقد عرفوا أن بدعتهم مخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء مكذبون للرسول عالمون بذلك .

ب. ومنهم من هو مبتدع ضال فاسق كالخوارج المتأولين والمعتزلة الذين ليس عندهم تكذيب للرسول

ولكنهم ضلوا ببدعتهم ، وظنوا أن ما هم عليه هو الحق

ولهذا اتفق الصحابة رضي الله عنهم في الحكم على بدعة الخوارج ومروقهم

كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة فيهم ، واتفقوا - أيضاً -

على عدم خروجهم من الإسلام مع أنهم استحلوا دماء المسلمين وأنكروا الشفاعة في أهل الكبائر وكثيراً من الأصول الدينية ، ولكن تأويلهم منع من تكفيرهم .

ج. ومن أهل البدع من هو دون هؤلاء ككثير من القدرية وكالكلابية والأشعرية

فهؤلاء مبتدعة ضالون في الأصول التي خالفوا فيها الكتاب والسنة ، وهي معروفة مشهورة ، وهم في بدعهم مراتب بحسب بُعدهم عن الحق وقربهم ، وبحسب بغيهم على أهل الحق بالتكفير والتفسيق والتبديع

وبحسب قدرتهم على الوصول إلى الحق واجتهادهم فيه وضد ذلك ، وتفصيل القول فيه يطول جدّاً "

انتهى من " توضيح الكافية الشافية " ( 156 - 158 ) .

نرجو بما ذكرناه سابقا أن تكون المسألة قد اتضحت لك

ونسأل الله لنا ولك التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


اخوة الاسلام


اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-01, 15:59   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

يسأل عن حديث (حجابه النور) وهل الحجاب مخلوق وأكبر من العرش

السؤال

كما تعلمون أن أعظم مخلوق هو العرش

وفى الحديث أن الله " حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " فلو كان هذ ا الحجاب مخلوقا وهو يحجب الخلق أن يروا الله سبحانه وتعالى

هل من الممكن أن نقول أن هذا الحجاب أكبر من العرش ؟

مع التنبه أنى أتكلم عن المخلوقات

ولا أقول إن هذا الحجاب يحيط بالله سبحانه وتعالى وجل شأنه

. أرجوا أن أكون استطعت أن أوصل الفكرة .


الجواب

الحمد لله

أولا:

الله تعالى من أسمائه النور

ومن صفاته النور، وحجابه النور

كما دلت على ذلك النصوص.

قال ابن القيم رحمه الله:

" النَّصَّ قَدْ وَرَدَ بِتَسْمِيَةِ الرَّبِّ نُورًا، وَبِأَنَّ لَهُ نُورًا مُضَافًا إِلَيْهِ، وَبِأَنَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبِأَنَّ حِجَابَهُ نُورٌ، هَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ.

فَالْأَوَّلُ يُقَالُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالْإِطْلَاقِ، فَإِنَّهُ النُّورُ الْهَادِي.

وَالثَّانِي يُضَافُ إِلَيْهِ كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ حَيَاتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِزَّتُهُ وَقُدْرَتُهُ وَعَلِمُهُ .

وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى وَجْهِهِ، وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى ذَاتِهِ .

فَالْأَوَّلُ : إِضَافَتُهُ إلى وجهه

كَقَوْلِهِ: " أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ "

وَقَوْلِهِ: " نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ " .

وَالثَّانِي : إِضَافَتُهُ إِلَى ذَاتِهِ

كَقَوْلِهِ : وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا [الزمر: 69]

. وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ذَلِكَ نُورُهُ الَّذِي إِذَا تَجَلَّى بِهِ ..

"، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ " الْحَدِيثَ.

الثَّالِثُ : وَهُوَ إِضَافَةُ نُورِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

كَقَوْلِهِ: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور: 35].

وَالرَّابِعُ كَقَوْلِهِ: " حِجَابُهُ النُّورُ ".

فَهَذَا النُّورُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ : يَجِيءُ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ .

وَالنُّورُ الَّذِي احْتَجَبَ بِهِ : سُمِّيَ نُورًا وَنَارًا، كَمَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي لَفْظِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ

حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ: " حِجَابُهُ النُّورُ ، أَوِ النَّارُ "، فَإِنَّ هَذِهِ النَّارَ : هِيَ نُورٌ، وَهِيَ الَّتِي كَلَّمَ اللَّهُ كَلِيمَهُ مُوسَى فِيهَا، وَهِيَ نَارٌ صَافِيَةٌ ، لَهَا إِشْرَاقٌ بِلَا إِحْرَاقٍ.

فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ:

إِشْرَاقٌ بِلَا إِحْرَاقٍ ، كَنُورِ الْقَمَرِ .

وَإِحْرَاقٌ بِلَا إِشْرَاقٍ ، وَهِيَ نَارُ جَهَنَّمَ ، فَإِنَّهَا سَوْدَاءُ مُحْرِقَةٌ ، لَا تُضِيءُ .

وَإِشْرَاقٌ بِإِحْرَاقٍ ، وَهِيَ هَذِهِ النَّارُ الْمُضِيئَةُ ، وَكَذَلِكَ نُورُ الشَّمْسِ : لَهُ الْإِشْرَاقُ ، وَالْإِحْرَاقُ .

فَهَذَا فِي الْأَنْوَارِ الْمَشْهُودَةِ الْمَخْلُوقَةِ .

وَحِجَابُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : نُورٌ ، وَهُوَ نَارٌ .

وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ كُلُّهَا : حَقِيقَةٌ ، بِحَسَبِ مَرَاتِبِهَا .

فَنُورُ وَجْهِهِ : حَقِيقَةٌ ، لَا مَجَازٌ .

وَإِذَا كَانَ نُورُ مَخْلُوقَاتِهِ ، كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنَّارِ : حَقِيقَةً ؛ فَكَيْفَ يَكُونُ نُورُهُ

الَّذِي نِسْبَةُ الْأَنْوَارِ الْمَخْلُوقَةِ إِلَيْهِ ، أَقَلُّ مِنْ نِسْبَةِ سِرَاجٍ ضَعِيفٍ ، إِلَى قُرْصِ الشَّمْسِ ؟!

فَكَيْفَ لَا يَكُونُ هَذَا النُّورُ حَقِيقَةً ؟! "

انتهى من مختصر الصواعق، ص423

وقال رحمه الله في "النونية" ص212:

" وَالنُّورُ مِنْ أسْمائِهِ أيْضاً ، وَمِنْ * أَوْصَافِهِ ، سُبْحَانَ ذِي البُرْهَانِ

وحِجَابه : نورٌ ؛ فلو كشفَ الحِجا * بَ لَأَحْرقَ السُّبحاتُ للأكوانِ

وإِذا أَتى للفصلِ ، يُشرقُ نُورهُ * في الأرضِ ، يومَ قِيامةِ الأَبدانِ" انتهى.









قديم 2020-03-01, 16:00   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2



ثانيا:

قد ورد ذكر الحجاب في نصوص عدة

منها قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى/51

وقوله: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) المطففين/15 .

وما جاء في حديث أبي موسى الأشعري قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ،

فَقَالَ: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ

عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ - وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ)

رواه مسلم (179).

ومنها : حديث صُهَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ: ( إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟

فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ )

رواه مسلم (181).

ومنها : حديث أبي موسى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِ، عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ)

رواه البخاري (4878) ومسلم (180).

فقد احتجب الله تعالى عن خلقه بالنور، وبالكبرياء، وبما شاء من الحجب.

والنصوص في إثبات الحجب لله - تعالى - كثيرة، يؤمن بها أتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ويعلمون بما ورثوه من نور النبوة ، بأن الله - تعالى - احتجب بالنور، وبالنار، وبما شاء من الحجب، وأنه لو كشف عن وجهه الكريم الحجاب لما قام لنوره شيء من الخلق

بل يحترق، ولكنه تعالى في الدار الآخرة ، يكمل خلق المؤمنين ، ويقويهم على النظر إليه - تعالى - فينعمون بذلك، بل هو أعلى نعيمهم يوم القيامة.

وقد تولى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إبطال شبه هؤلاء المنكرين لحجب الله - تعالى -

في كتابه "نقض تأسيس الجهمية، وإبطال بدعهم الكلامية" بوجوه كثيرة، أكثر من أربعين وجهاً، كل وجه منها كاف في إبطال قولهم.

فمن ذلك :

أنهم يقولون: إن الحجاب محمول على أن الله لا يخلق في العين ، الرؤيةَ له سبحانه .

وهذا باطل بالضرورة؛ لأنهم فسروا الحجاب بعدم الإدراك في أبصارهم، والعدم لا يُخلق ، ولا وجود له، فهو ليس شيئاً.

ومنها : أنه ثبت في الحديث قوله: (فيكشف الحجاب، فينظرون إليه) .

وكشف الشيء: إزالته ورفعه، وهذا لا يوصف به المعدوم، فإنه لا يُزال، ولا يُرفع، وإنما الذي يُزال ويُرفع: الموجود.

ومنها : أن في الحديث: (حجابة النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه) .

ولو كان كما زعموا ، عدم خلق الرؤية : لم يكن كشف ذلك يحرق شيئاً. فالمؤمنون يرون ربهم في عرصات القيامة، وفي الجنة، ولا تحرق رؤيتهم شيئاً... .

ينظر : شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (2/ 155).

وينظر أيضا : بيان تلبيس الجهمية (8/ 117) ، وما بعدها .

ثالثا:

الحجاب الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: (حجابه النور) مخلوق، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم، مع نفيه رؤية الله بقوله: (نور أنَّى أراه) .

ولو كان هذا الحجاب هو النور الذي هو صفته سبحانه، لكان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه.

روى مسلم (178) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟

قَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ

وروى أيضا (178) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتَ لِأَبِي ذرٍّ، لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ ؟

فَقَالَ: عَنْ أيِّ شيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟

قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟

قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ نُورًا

وهذا النور هو نور الحجاب.

قال ابن القيم رحمه الله:

" وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟

قال: (نور أنى أراه) .

فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: معناه كان ثَمَّ نور، أو : حال دون رؤيته نور ؛ فأنى أراه؟!

قال: ويدل عليه أن في بعض ألفاظ الصحيح : هل رأيت ربك؟ فقال: رأيت نورا .

وقد أعضل أمر هذا الحديث على كثير من الناس ، حتى صحفه بعضهم فقال: نورانيّ أراه ، على أنها ياء النسب، والكلمة كلمة واحدة .

وهذا خطأ ، لفظا ومعنى، وإنما أوجب لهم هذا الإشكال والخطأ : أنهم لما اعتقدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه

وكان قوله: أنى أراه ، كالإنكار للرؤية ، حاروا في الحديث ، ورده بعضهم باضطراب لفظه .

وكل هذا عدول عن موجب الدليل.

وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي، في كتاب " الرد " له، إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج .

وبعضهم استثنى ابن عباس من ذلك .

وشيخنا يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة ؛ فإن ابن عباس لم يقل:

رآه بعيني رأسه، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين

حيث قال: " إنه رآه عز وجل " ، ولم يقل بعيني رأسه ، ولفظ أحمد ، كلفظ ابن عباس رضي الله عنهما .

ويدل على صحة ما قاله شيخنا في " معنى " حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (حجابه النور).

فهذا النور هو - والله أعلم - النور المذكور في حديث أبي ذر " رضي الله عنه : " رأيت نورا "

انتهى من اجتماع الجيوش الإسلامية (2/ 47).

وينظر : "التبيان في أقسام القرآن" ، لابن القيم (382) ط عالم الفوائد .

ولا يخاض في شأن هذا الحجاب، ولا يقال هو أكبر من العرش أو أصغر؛ إذ لم يرد في بيان ذلك شيء من النصوص .

فالواجب الإثبات والتسليم، وعدم الخوض فيما لم يرد به النص .

كما يجب قطع الطمع عن إدراك كنه الذات والصفات، وصرف الذهن عن الخيالات والأوهام، فإن الله تعالى لا يشبه شيئا من خلقه، ولا يمكن أحدا أن يتصور ذاته أو صفاته .

ورحم الله الطحاوي إذ يقول في عقيدته المشهورة:

" لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام ولا يشبه الأنام" سبحانه وتعالى وتقدس.

والله أعلم.









قديم 2020-03-01, 16:06   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل صح عن الإمام مالك قوله :

الله في السماء وعلمه في كل مكان

السؤال

عن عبدالله بن نافع عن الإمام مالك

أنه قال : " الله في السماء وعلمه في كل مكان "

هناك من يضعف هذا الأثر لاختلاف علماء الجرح والتعديل في عبدالله بن نافع الصائغ

فهل الاثر صحيح؟


الجواب

الحمد لله

روى عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل في كتابه " السنة " (1 / 280)

قال : حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ ، نا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ

قَالَ : كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: ( الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ .

وَيَقُولُ : كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى .

وَقَالَ مَالِكٌ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ ) ،

وهذا الأثر صحح إسناده جمع من أهل العلم ، وهو دائر في تصانيف أهل السنة ، وتقريراتهم ، وتلقوه بالقبول ، ولم ينكره أحد منهم .

ومن هؤلاء الإمام أحمد فقد رواه مثبتا له

كما روى ذلك الآجري في كتابه "الشريعة" (3 / 1077) قال :

وَحَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْدَلِيُّ

قَالَ : نا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ ، قال : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: ( اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ ) فَقُلْتُ: مَنْ أَخْبَرَكَ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا ؟

فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ سُرَيْجِ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ " انتهى .

وهذا أمر أجمع عليه أهل العلم ، من أهل السنة ، لم يخالف فيه أحد منهم .

وقد حكى ذلك أئمة المالكية ، أنفسهم .

قال الإمام أبو عمر الطلمنكي رحمه الله :

" أجمع أهل السنة على أنه تعالى استوى على عرشه على الحقيقة ، لا على المجاز .

ثم ساق بسنده عن مالك قوله: الله في السماء وعلمه في كل مكان .

ثم قال ـ في هذا الكتاب ـ : وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى قوله تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ، ونحو ذلك من القرآن : بأن ذلك علمه ، وأن الله فوق السماوات بذاته مستو على عرشه كيف شاء "

انتهى . نقله ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" (142) .

وقال الإمام أبو عمر ابن عبد البر ، بعد روايته ذلك عن مالك ، ورواية أثره الآخر الشهير : " الاستواء معلوم .. "

قال عن نفاة العلو ، للعلي سبحانه :

" وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ

وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ معهم أينما كَانُوا فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّ عُلَمَاءَ الصَّحَابَةِ

وَالتَّابِعِينَ الَّذِينَ حَمَلْتُ عَنْهُمُ التَّأْوِيلَ فِي الْقُرْآنِ قَالُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ عَلَى الْعَرْشِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَمَا خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ "

انتهى ، من "التمهيد" (7/138) .

وينظر : "مختصر الصواعق المرسلة" لابن القيم (438)

وأيضا : "العلو" للحافظ الذهبي .

والذين ضعفوا هذا الأثر من المعاصرين ؛ فإنهم زعموا أن الراوي عبد الله ابن نافع الصائغ ضعيف الحديث ؛ لكن هذا الزعم باطل :

فعبد الله ابن نافع الصائغ خلاصة كلام أهل العلم فيه أنه ثقة وعدل في نفسه ، لكنه ربما يهم إذا حدث من حفظه .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" عبد الله بن نافع الصائغ، المخزومي مولاهم، أبو محمد، المدني، ثقة صحيح الكتاب ، في حفظه لين "

انتهى من "تقريب التهذيب" (ص 326) .

ومن هذا حاله فلا تهدر مروياته إلا حيث احتمل وجود الوهم والغلط ، أما إذا تعضدت روايته وأحاط بها ما يبعد دخول الوهم فيها ، فإن روايته في هذه الحالة تقبل وتصحح .

وهذا هو الواقع في هذا الأثر ؛ حيث احتف به من القرائن ما يشير إلى صحته واستبعاد وجود الغلط فيه :

- فعبد الله ابن نافع الصائغ في هذا الأثر لم يرو ما يحتمل دخول النسيان والوهم فيه

فلم يرو كلاما طويلا من حفظه ، يقع في مثله الغلط ، أو رأيا اختلف فيه على الإمام مالك ؛ وإنما روى عقيدة مشهورة للإمام مالك في علو الله تعالى على خلقه

ومثل هذا الروايات يندر فيها السهو ، من راو صحب الإمام مالك ولازمه سنوات طويلة ، حتى اطلع على تفاصيل عقيدته وآرائه الفقهية .

قال ابن سعد في الطبقات الكبرى :

" عبد الله بن نافع الصائغ ، ويكنى أبا محمد ، مولى لبني مخزوم ، وكان قد لزم مالك بن أنس لزوما شديدا ، وكان لا يقدّم عليه أحدا "

انتهى من "الطبقات الكبرى" (5 / 438) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" وقال الآجري عن أبي داود: سمعت أحمد يقول: كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه ، كان يحفظ حديث مالك كله ، ثم دخله بآخره شك .

قال أبو داود: وكان عبد الله عالما بمالك ، وكان صاحب فقه .

قال : وسمعت أحمد بن صالح يقول : كان أعلم الناس بمالك وحديثه "

انتهى من "تهذيب التهذيب" (2 / 443) .

وإلى هذا أشار الذهبي في تقويته لهذا الأثر فقال رحمه الله تعالى :

" وروى عبد الله بن نافع قال: قال مالك بن أنس: " الله في السماء وعلمه في كل مكان ".

هذا حديث ثابت عن مالك رحمه الله ، أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب "الرد على الجهمية " عن أبيه ، عن سريج بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع ، تلميذ مالك وخصيصه "

انتهى. "العرش" (2 / 180 – 181) .

- عبد الله ابن نافع الصائغ في هذا الأثر لم يأت بما يخالف المشهور من عقيدة الإمام مالك وأئمة السلف ؛ فهو لم يشذ ولم يأت بما ينكر . وقد سبق تقرير ابن عبد البر رحمه الله لذلك .

وقال ابن عبد البر أيضا :

" الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سماوات ، وعلمه في كل مكان ، كما قالت الجماعة أهل السنة أهل الفقه والأثر "

انتهى من "الاستذكار" (8 / 148) .

وقال ابن القطان المالكي رحمه الله تعالى :

" وأجمعوا أنه تعالى فوق سمواته "

انتهى من "الإقناع في مسائل الإجماع" (1 / 44) .









قديم 2020-03-01, 16:13   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

رأى صورة في ذهنه وخيل إليه أنها الله!!

السؤال

رأيت صورة في ذهني على أن هذه الصورة هي الله

فهل يمكن أن يكون ذلك صحيحا

وأنني فعلا رأيت الله ؟


الجواب

الحمد لله

لا يجوز للمسلم أن يستدعي في ذهنه تصورا لصورة الله تعالى .

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّه ِ، وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ )

رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (6 / 250)

وحسنه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (4 / 395) .

ولأنه إذا تخيل صورة لله تعالى فقد وقع في تمثيل صفات الله تعالى إما بإعطائها شبها معينا ( التشبيه )

أو كيفية وشكلا معينا ( التكييف ) وكل هذا جاءت نصوص الشرع بالنهي عنه .

قال الله تعالى :

( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى /11 .

وقال الله تعالى :

( فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل /74 .

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :

" أهل السنة مجموعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ، ولا يحدون فيه صفة محصورة "

انتهى من " التمهيد " (7 / 145) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" التكييف مأثور نفيه عن السلف كما قال ربيعة ، ومالك ، وابن عيينة وغيرهم

- المقالة التي تلقاها العلماء بالقبول –: " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة "
.
فاتفق هؤلاء السلف : على أن التكييف غير معلوم لنا " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " (3 / 167) .

فكل صورة تأتي في ذهن الإنسان ويتخيل أنها "الله" فالله تعالى ليس كذلك ، وليست هذه هي صورته .

ولتعلم أخي الكريم ؛ أن هذه التصورات من وساوس الشيطان.

فمن وجد شيئا من هذه الأفكار السيئة فعليه بالعلاج النبوي وهو أن يستعيذ بالله تعالى وأن يتوقف وينتهي عن هذا التفكير.

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ : مَنْ خَلَقَ كَذَا ! مَنْ خَلَقَ كَذَا ! حَتَّى يَقُول َ: مَنْ خَلَقَ رَبَّك َ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ )

رواه البخاري (3276) ، ومسلم (134) .

قال النووي رحمه الله تعالى :

" وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فليستعذ بالله ولينته ) :

فمعناه إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره عنه وليعرض عن الفكر في ذلك

وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها " .

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (2 / 155 - 156) .

وينظر جواب السؤال القادم

والله أعلم .









قديم 2020-03-01, 16:24   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك !!

السؤال

هل هذه العبارة صحيحة

: كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك ؟

وهل يمنع الإنسان من التفكر في شيء من أسماء الله وصفاته ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

لا ريب أن التفكر في أسماء الله جل جلاله وصفاته التي أثبتها لنفسه

وأثبتها لها نبيه صلى الله عليه وسلم ، والتعبد لله بمقتضى ذلك

هو من أعظم ما يفتح على العبد من المعارف والعلوم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" العلم بالله وما يستحقه من الأسماء والصفات لا ريب أنه مما يفضل الله به بعض الناس على بعض ، أعظم مما يفضلهم بغير ذلك من أنواع العلم .

ولا ريب أن ذلك يتضمن من الحمد لله ، والثناء عليه، وتعظيمه وتقديسه، وتسبيحه وتكبيره ما يعلم به أن ذلك مما يحبه الله ورسوله."

انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (7/129) .

ومتى تفكر العبد فيما ينبغي لله جل جلاله من ذلك ، وطرق باب معرفته سبحانه من حيث أمر ، فتح عليه من أبواب المعرفة والعبودية بحسب ما وفق له من ذلك ؛ فمن مقل ومستكثر .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الْقُرْآن كَلَام الله ، وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ بصِفَاته :

فَتَارَة يتجلى فِي جِلْبَاب الهيبة وَالْعَظَمَة والجلال ، فتخضع الْأَعْنَاق وتنكسر النُّفُوس وتخشع الْأَصْوَات ، ويذوب الْكبر كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء .

وَتارَة يتجلى فِي صِفَات الْجمال والكمال ، وَهُوَ كَمَال الْأَسْمَاء ، وجمال الصِّفَات

وجمال الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات ؛ فيستنفد حبُّه من قلب العَبْد قُوَّة الْحبّ كلهَا ، بحسب مَا عرفه من صِفَات جماله ونعوت كَمَاله ، فَيُصْبِح فؤاد عَبده فَارغًا إِلَّا من محبته ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الرَّحْمَة وَالْبر واللطف وَالْإِحْسَان ، انبعثت قُوَّة الرَّجَاء من العَبْد وانبسط أمله

وَقَوي طمعه ، وَسَار إِلَى ربه وحادى الرَّجَاء يَحْدُو ركاب سيره ، وَكلما قوي الرَّجَاء جد فِي الْعَمَل ، كَمَا أَن الباذر كلما قوي طمعه فِي الْمغل ، غلَّق أرضه بالبذر ، وَإِذا ضعف رجاؤه قصر فِي الْبذر .

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعدْل والانتقام وَالْغَضَب والسخط والعقوبة ، انقمعت النَّفس الأمارة ، وَبَطلَت أَو ضعفت قواها من الشَّهْوَة وَالْغَضَب وَاللَّهْو واللعب والحرص على الْمُحرمَات ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْأَمر وَالنَّهْي والعهد وَالْوَصِيَّة وإرسال الرُّسُل وإنزال الْكتب وشرع الشَّرَائِع

انبعثت مِنْهَا قُوَّة الِامْتِثَال والتنفيذ لأوامره ، والتبليغ لَهَا والتواصي بهَا ، وَذكرهَا وتذكرها ، والتصديق بالْخبر ، والامتثال للطلب ، والاجتناب للنَّهْي .

وَإِذا تجلى بِصفة السّمع وَالْبَصَر وَالْعلم انْبَعَثَ من العَبْد قُوَّة الْحيَاء ، فيستحي ربه أَن يرَاهُ على مَا يكره

أَو يسمع مِنْهُ مَا يكره ، أَو يخفي فِي سَرِيرَته مَا يمقته عَلَيْهِ ، فَتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشَّرْع ، غير مُهْملَة وَلَا مُرْسلَة تَحت حكم الطبيعة والهوى .

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْكِفَايَة والحسب وَالْقِيَام بمصالح الْعباد وسوق أَرْزَاقهم إِلَيْهِم

وَدفع المصائب عَنْهُم ، وَنَصره لأوليائه ، وحمايته لَهُم ، ومعيته الْخَاصَّة لَهُم : انبعثت من العَبْد قُوَّة التَّوَكُّل عَلَيْهِ والتفويض إِلَيْهِ وَالرِّضَا بِهِ فِي كل مَا يجريه على عَبده

ويقيمه فيه ، مِمَّا يرضى بِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ ...

وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعِزّ والكبرياء ، أَعْطَتْ نَفسه المطمئنة مَا وصلت إِلَيْهِ من الذل لعظمته

والانكسار لعزته ، والخضوع لكبريائه ، وخشوع الْقلب والجوارح لَهُ ؛ فتعلوه السكينَة وَالْوَقار فِي قلبه وَلسَانه وجوارحه وسمته ، وَيذْهب طيشه وقوته وحدته .

وجماع ذَلِك : أَنه سُبْحَانَهُ يتعرف إِلَى العَبْد بِصِفَات إلهيته تارّة ، وبصفات ربوبيته تَارَة

فَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الإلهية الْمحبَّة الْخَاصَّة ، والشوق إِلَى لِقَائِه ، والأنس والفرح بِهِ

وَالسُّرُور بخدمته ، والمنافسة فِي قربه ، والتودد إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ ، واللهج بِذكرِهِ ، والفرار من الْخلق إِلَيْهِ ، وَيصير هُوَ وَحده همه دون مَا سواهُ .

وَيُوجب لَهُ شُهُود صِفَات الربوبية التَّوَكُّل عَلَيْهِ ، والافتقار إِلَيْهِ ، والاستعانة بِهِ

والذل والخضوع والانكسار لَهُ .

وَكَمَال ذَلِك أَن يشْهد ربوبيته فِي إلهيته ، وإلهيته فِي ربوبيته ، وحمده فِي ملكه

وعزه فِي عَفوه ، وحكمته فِي قَضَائِهِ وَقدره ، وَنعمته فِي بلائه ، وعطاءه فِي مَنعه

وبره ولطفه وإحسانه وَرَحمته فِي قيوميته ، وعدله فِي انتقامه ، وجوده وَكَرمه فِي مغفرته وستره وتجاوزه

وَيشْهد حكمته وَنعمته فِي أمره وَنَهْيه ، وعزه فِي رِضَاهُ وغضبه ، وحلمه فِي إمهاله ، وَكَرمه فِي إقباله ، وغناه فِي إعراضه .

وَأَنت إِذا تدبرت الْقُرْآن ، وأجرته من التحريف وَأَن تقضي عَلَيْهِ بآراء الْمُتَكَلِّمين ، وأفكار المتكلفين : أشهدك ملكا قيوما فَوق سماواته على عَرْشه ، يدبر أَمر عباده

يَأْمر وَيُنْهِي ، وَيُرْسل الرُّسُل ، وَينزل الْكتب ، ويرضى ويغضب ، ويثيب ويعاقب

وَيُعْطِي وَيمْنَع ، ويعز ويذل ، ويخفض وَيرْفَع ، يرى من فَوق سبع وَيسمع ، وَيعلم السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ، فعّال لما يُرِيد ، مَوْصُوف بِكُل كَمَال ، منزه عَن كل عيب ، لَا تتحرك ذرّة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ

وَلَا تسْقط ورقة إِلَّا بِعِلْمِهِ ، وَلَا يشفع أحد عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ ، لَيْسَ لِعِبَادِهِ من دونه ولي وَلَا شَفِيع" .

انتهى من "الفوائد" (98-101) ط المجمع .

ثانيا :

قولهم : " كل ما خطر ببالك ، فالله بخلاف ذلك " ؛ يدخل فيه ـ بهذا الإطلاق

نفي قدر كبير من الحق ، فمن الحق أن يخطر بالبال أن الله سميع بصير حكيم خبير، استوى على عرشه كيف شاء ، وهكذا سائر ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نحو من ذلك المعنى :

" يؤكد ذلك أن حكم الوهم والخيال غالب على الآدميين في الأمور الإلهية

بل وغيرها ؛ فلو كان ذلك كله باطلًا لكان نفي ذلك من أعظم الواجبات في الشريعة

ولكان أدنى الأحوال أن يقول الشارع من جنس ما يقوله بعض النفاة : ما تخيلته فالله بخلافه ، لا سيما مع كثرة ما ذكره لهم من الصفات ."

انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (1/436) ط المجمع .

وأحسن من هذا القول ، وأقعد بالسنة

قول يحي بن عمار رحمه الله :

" لَا نحتاج فِي هَذَا الْبَاب إِلَى قَول أَكثر من هَذَا : أَن نؤمن بِهِ ، وننفي الْكَيْفِيَّة عَنهُ

ونتقي الشَّك فِيهِ ، ونوقن بِأَن مَا قَالَه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ، وَلَا نتفكر فِي ذَلِكَ وَلَا نسلط عَلَيْهِ الْوَهم ، والخاطر، والوسواس .

وَتعلم حَقًا يَقِينا أَن كل مَا تصور فِي همك ووهمك من كَيْفيَّة أَو تَشْبِيه ، فَالله سُبْحَانَهُ بِخِلَافِهِ ، وَغَيرُه ، نقُول: هُوَ بِذَاتِهِ عَلَى الْعَرْش ، وَعلمه مُحِيط بِكُل شَيْء ."

انتهى من "الحجة في بيان المحجة" لقوام السنة الأصبهاني (2/109) .

فالحاصل :

أن ما خطر بالبال من أسماء الله وصفاته وأفعاله ، التي أثبتها لنفسه في كتابه ، وأثبتها له رسوله : فهذا حق ، بل واجب اعتقاده ، والله تعالى هو بذلك الوصف الذي أخبرنا به في كتابه ، وأخبرنا عنه رسوله .

وما خطر بالبال من تشبيه ، أو تمثيل ، أو تكييف لشيء من ذلك

أو اعتقاد فيه غير ما ثبت في كتابه ، وسنة نبيه : فهو من الباطل الذي يجب الكف عنه

وقطع الوهم والظن عن بابه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

والله أعلم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-02, 18:20   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

حكم قولهم :

كأن الله يضع يده على صدر من يدعو وقت السحر ليطمئنه .


السؤال

ما حكم قول بعض الأشخاص فى الفيس بوك

( وكأن الله يضع يده علي صدر من يدعو وقت السحر ليقول له اطمئن أنا معك) ؟


الجواب

الحمد لله

ينبغي أن يُعلم أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية

فلا يثبت منها إلا ما ثبت بالنص، وأنه يحرم التقول على الله بلا علم

كما قال تعالى: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33.

فهذا القول المذكور منكر ظاهر

فلم يَرِد أن الله يضع يده على صدر من يدعو وقت السحر، فقول القائل: كأن الله يضع يده الخ

من القول على الله بلا علم، ومن تخيّل وافتراض ما لم يثبت.

والواجب الوقوف عند النص الوارد وهو ما رواه البخاري (1145) ، ومسلم (1261)

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم

قال: ( ينزل رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ).

وكفى بذلك نعمة من الله تعالى وفضلا.

قال الإمام أحمد رحمه الله:

"فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه ، لا نتعدى ذلك " .

انتهى من "تحريم النظر في كتب أهل الكلام" لابن قدامة، ص39

وقال قوام السنة الأصفهاني رحمه الله :

"فلا يسمى إلا بما سمى به نفسه في كتابه، أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم

وأجمعت عليه الأمة، أو أجمعت الأمة على تسميته به ، ولا يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، أو أجمع عليه المسلمون. فمن وصفه بغير ذلك فهو ضال"

انتهى من "الحجة في بيان المحجة" (2/ 410).

ومع أن الظاهر من مراد القائل هنا : أن يعبر عن حال الإجابة ، وحسن الظن بالله

وأن هذا الوقت مظنة الإجابة من الله

فإن الواجب الوقوف عند ما ورد

وعدم التعدي في هذا المقام الضيق

وقد قال الله جل جلاله : (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/74

والله أعلم.









قديم 2020-03-02, 18:28   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

عنده وسوسة في قدرة الله على إفناء المخلوقات

السؤال

الله الأول والآخر ، لا يوجد أحد غير الله منذ الأزل؛ أقصد لا يوجد أي مخلوق خلقه ، ثم الله خلقنا طبعا بعد العرش وغيره ، سؤالي قد يكون بسيط لكن اتمنى إجابته لأرتاح

هل الله قادر أن يعدم كل شيء مثل : عرش ، والماء ، والطاقة ، بحيث يكون الله وحيد

ولا يوجد أي مخلوق آخر موجود ، أي أن تكون حاله مثل قبل أن يخلقنا الله من العدم ؟

وما المقصود أن الله خلقنا من العدم؟ هل نحن قدرة الله ؟

أعاني من وساوس

مثل : هل الله قادر على أن ينفي الطاقة ؟

وتأتيني أسئلة هل الله قادر أن يعدم شيء ، أو كيف خلق من عدم ؟

لو لم أستطع أن أؤمن أن الله قادر على عدم إو إعدام المخلوق أي لا وجود لمخلوق بعد الخلق لأنه أعدم

هل أصبح كافرا ؟ أنا لا أريد أكون كافرا ، لكن وساوس أو تفكير عميق أرهقني

هل فقط أقول أو أؤمن أن الله قادر على أن يعدم المخلوق إذا كان سؤالي غير خاطئ

لأن عقلي لا يقبل ، ونفس وقت لا أريد أن أكفر ، أكره الكفر، مع العلم اتتني حالة أني كنت أفكر من خلق الله ، أو من أوجد الله ، لكن تجاوزتها، و ارتحت .


الجواب

الحمد لله

أولا:

نسأل الله تعالى أن يعافيك ويذهب عنك هذه الوسوسة ، فإنها داء عظيم، وشر مستطير.

ثانيا:

الله عز وجل قادر على كل شيء

كما قال سبحانه: ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/20

وقال: (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) المائدة/17

وقال: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) العنكبوت/20.

فكما أوجد المخلوق، فهو قادر على إفنائه وإعدامه

لا فرق بين العرش والماء والطاقة وغيرها في ذلك

لأنها جميعا مخلوقات خلقها الله تعالى وأوجدها، فكيف لا يقدر على إفنائها؟!

وانظر:السؤال القدن

ولكن مع قدرة الله تعالى على إفناء كل مخلوق، فإنه لن يفعل ذلك سبحانه ، فمن المخلوقات من خلقه الله للبقاء ، كالعرش، والجنة والنار.

قال البربهاريّ رحمه الله في "شرح السنّة: "وكلّ شيء ممّا أوجب الله عليه الفناء يفنى

إلا الجنّة والنار، والعرش والكرسيّ ، واللوح والقلم والصور، ليس يفنى من هذا أبداً، ثم يبعث الله الخلق على ما ماتوا عليه يوم القيامة فيحاسبهم بما شاء، فريق في الجنة

وفريق في السعير، ويقول لسائر الخلق ممن لم يخلق للبقاء: كونوا ترابًا"

انتهى من " شرح السنة "، (ص77) .

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

"عن حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سبعة لا تموت ولا تفنى ولا تذوق الفناء : النار وسكانها واللوح والقلم والكرسي والعرش فهل هذا الحديث صحيح أم لا ؟

فأجاب : هذا الخبر ، بهذا اللفظ : ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من كلام بعض العلماء .

وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة : على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى بالكلية ، كالجنة والنار والعرش وغير ذلك .

ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين

كالجهم بن صفوان ومن وافقه من المعتزلة ونحوهم ، وهذا قول باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله وإجماع سلف الأمة وأئمتها"

انتهى من "مجموع الفتاوى"(18/307).

ولهذا لا حاجة بك ـ يا عبد الله ـ إلى تصور شيء لن يقع، وشغل النفس بذلك، بل حسبك الإيمان بقدرة الله تعالى على الإيجاد والإعدام، والكف عما وراء ذلك مما يجلب لك الوسوسة.

واعلم أن خير علاج للوسوسة هو الاستعاذة بالله تعالى ، والانتهاء عنها، وعدم الاسترسال معها

كما روى البخاري (3276) ، ومسلم (134)

عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ ).

وفي رواية لمسلم :

( لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ).

وما دمت كارها لهذه الأفكار التي تعتريك فإنك لا تكفر، بل كرهك لها يدل على إيمانك، والحمد لله ، وتؤجر على مجاهدتها ومدافعتها.

روى مسلم (132)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : " جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ . قَالَ : ( وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟ ) ، قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ: ( ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ ) ".

وروى مسلم (133)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : " سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوَسْوَسَةِ قَالَ : ( تِلْكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ ) ".

أي كراهتها واستعظام النطق بها .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (2/154):

" أَمَّا مَعَانِي الْأَحَادِيث وَفِقْههَا فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ذَلِكَ صَرِيح الْإِيمَان ، وَمَحْض الْإِيمَان )

مَعْنَاهُ اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلَام بِهِ هُوَ صَرِيح الْإِيمَان

فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ ، فَضْلًا عَنْ اِعْتِقَاده ، إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان اِسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا ، وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك .

وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّوَايَة الثَّانِيَة وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ذِكْر الِاسْتِعْظَام ، فَهُوَ مُرَاد ، وَهِيَ مُخْتَصَرَة مِنْ الرِّوَايَة الْأُولَى ، وَلِهَذَا قَدَّمَ مُسْلِم - رَحِمَهُ اللَّه - الرِّوَايَة الْأُولَى .

وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَان إِنَّمَا يُوَسْوِس لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ ، فَيُنَكِّد عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِهِ ، وَأَمَّا الْكَافِر فَإِنَّهُ يَأْتِيه مِنْ حَيْثُ شَاءَ ، وَلَا يَقْتَصِر فِي حَقّه عَلَى الْوَسْوَسَة

بَلْ يَتَلَاعَب بِهِ كَيْف أَرَادَ . فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيث : سَبَب الْوَسْوَسَة مَحْض الْإِيمَان ، أَوْ الْوَسْوَسَة عَلَامَة مَحْض الْإِيمَان . وَهَذَا الْقَوْل اِخْتِيَار الْقَاضِي عِيَاض " انتهى .

والنصيحة لك : أن تراجع طبيبا نفسيا مختصا ؛ فإن الوسواس القهري مرض كسائر الأمراض المعروفة ، وله علاجه الطبي ـ الدوائي ـ وعلاجه المعرفي السلوكي ، بإشراف المختصين به .

ولا شك أن الجمع بين العلاجين ، الإيماني والطبي ، هو أنجع لدوائك ، وأشفى لك ، بإذن الله رب العالمين .

والله أعلم.









قديم 2020-03-02, 18:31   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

حكم القول بأن المادة لا تفنى ولم تخلق من عدم

السؤال

ما حكم القول أن "المادة لا تفنى ولا تزول ولم تخلق من عدم" ؟

الجواب

الحمد لله

"القول بأن المادة لا تفنى وأنها لم تخلق من عدم كفر ، لا يمكن أن يقوله مؤمن

فكل شيء في السماوات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم

كما قال الله تعالى : (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) الزمر/62 ، وليس هناك شيء أزلي أبدي سوى الله .

وأما كونها لا تفنى فإن عَنَى بذلك أن كل شيء لا يفنى لذاته فهذا أيضاً خطأ وليس بصواب ؛ لأن كل شيء موجود فهو قابل للفناء ، وإن أراد به أن من المخلوقات ما لا يفنى

بإرادة الله فهذا حق ، فالجنة لا تفنى ، وما فيها من نعيم لا يفنى ، وأهل الجنة لا يفنون ، وأهل النار لا يفنون .

لكن هذه الكلمة المطلقة "المادة ليس لها أصل في الوجود

وليس لها أصل في البقاء" هذه على إطلاقها كلمة إلحادية

فنقول : المادة مخلوقة من عدم ، فكل شيء سوى الله فالأصل فيه هو العدم .

وأما مسألة الفناء فقد تقدم التفصيل فيها . والله الموفق" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى العقيدة" (صـ 719) .









قديم 2020-03-02, 18:42   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

هل يوجد في القرآن ما ينص على أن الله كامل لا نقص فيه ؟

السؤال

هل يوجد في القرآن ما ينص على أن الله كامل لا نقص فيه؟

وإن لم يوجد هناك نص

فهل يؤمن المسلمون أن الله كامل لا نقص فيه؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

المسلمون مجمعون على الاعتقاد بأن الله تعالى متصف بأقصى ما يمكن من الكمال

وأنه منزه عن كل نقص مهما خف وقلّ ، وأقوال علماء المسلمين متواترة على اتصاف الله تعالى بالكمال المطلق ، ومن ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" الكمال ثابت لله ، بل الثابت له هو أقصى ما يمكن من الأكملية

بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه إلا وهو ثابت للرب تعالى يستحقه بنفسه المقدسة

وثبوت ذلك مستلزم نفي نقيضه ؛ فثبوت الحياة يستلزم نفي الموت ، وثبوت العلم يستلزم نفي الجهل

وثبوت القدرة يستلزم نفي العجز ، وأن هذا الكمال ثابت له بمقتضى الأدلة العقلية والبراهين اليقينية ، مع دلالة السمع – أي نصوص الوحي - على ذلك "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (6 / 71) .

ويقول : " فالإجماع منعقد على أنه تعالى لا يوصف بغير صفة الكمال"

انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (2/330) .

ويقول : " ومما يبين الأمر في ذلك : أن المسلمين متفقون على تنزيه الله تعالى عن العيوب والنقائص

، وأنه متصف بصفات الكمال ؛ لكن قد يتنازعون في بعض الأمور : هل النقص في إثباتها ، أو نفيها ، وفي طريق العلم بذلك . "

انتهى من " منهاج السنة النبوية" (2/563) .

ويقول أيضا : " ومعلوم أن الإجماع على تنزيه الله تعالى عن صفات النقص، متناول لتنزيهه عن كل نقص من صفاته الفعلية وغير الفعلية "

انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (4/89) .

ثم إن هذا أيضا ما تقضي به العقول السليمة ؛ فكيف يعبد الإنسان ربا ، لا يعتقد فيه الكمال المطلق ، أو يظن أن يتطرق النقص إلى ذاته ، أو شيء من صفاته ؟!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" النقص منفي عنه عقلًا، كما هو منفي عنه سمعًا، والعقل يوجب اتصافه سبحانه بصفات الكمال، والنقص هو ما ضادَّ صفات الكمال"

انتهى من "شرح الأصبهانية" (412) .

ثم هو أيضا مقتضى الفطر السليمة التي لم تفسد ، ولم تغير عن أصل خلقتها

كما قال الله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الروم/30

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" الإقرار بالخالق وكماله يكون فطريا ضروريا في حق من سلمت فطرته

وإن كان مع ذلك تقوم عليه الأدلة الكثيرة .

وقد يحتاج إلى الأدلة عليه كثير من الناس ، عند تغير الفطرة ، وأحوال تعرض لها."

انتهى . "مجموع الفتاوى" (6/73) .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:52

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc