هذاهو السؤال
السؤال:
سمعنا مؤخراً عن تقنية تسمى "السر" ويذكرها بعض المدربين في الدورات بسر تفاءلوا بالخير تجدوه ، فالسر كما يعرضونه هو : "النظر إلى الحياة بتفاؤل" ، فهل وراء هذا السر أي أمور باطنية عقائدية غير هذا الظاهر ؟
وهذا هو الجواب
الجواب:
مصطلح "السر" ظهر كاسم لفيلم وكتاب تضمنا إعادة طرح عقيدة الدهرية أو وحدة الوجود (Panthiesm) التي سبق نشرها بنفس الأفكار والمضمون منذ مئة سنة (1906م) في كتاب "ذبذبات الفكر: أو قانون الجذب في عالم الفكر للمؤلف ويليم واكر أتكنسون" (Thought Vibration or the Law of Attraction in the Thought World by William Walker Atkinson) الذي وأعيدت طباعته متزامناً مع الفيلم في عام 2006م، وكذا تزامن معه إصدار " قانون الجذب" للكاتب الكويتي صلاح الراشد .
وتذكر المنتجة للفيلم أن الذي أوحى لها بإنتاج هذا الفيلم هو تأثرها وقناعاتها بعد قراءتها لكتاب "علم الوصول للغنى" للمؤلف والاس واتلز (The Science of Getting Rich by Wallace D. Wattles) الذي نشر عام 1910م .
وقد تم عرض الفيلم أولا بشكل مختصر باستخدام تقنية Vividas خلال الإنترنت في مارس 2006م/ صفر 1427هـ ، ثم تلاه عرض نسخة مطولة في أكتوبر 2006م/ رمضان 1427هـ على شكل دي في دي ، ثم عرض تلفيزيونياً في الغرب في فبراير 2007م/ محرم 1428هـ.
ومؤخراً في مارس 2007م بعد ضجة إعلامية جماهيرية خلال حلقتين من برنامج أوبرا وينفري (Oprah Winfrey) انتشر الحديث عنه في العالم العربي ، ثم تم بثه تباعاً بعد ذلك في العديد من الفضائيات ومنها العربية بترجمة مكتوبة كما عرض في العديد من البرامج الحوارية الأخرى ذات الانتشار العالمي مثل (Larry King, Amy Poehler from Saturday Night Live) مما أحدث له دعاية كبرى عند العامة المتلقفين لكل جديد والمتأثرين سريعاً بقوة الإيحاءات لاسيما وقد تم تسويق الفكرة بطريقة متقدمة وناجحة على شكل تحميل مدفوع من الانترنت ومبيعات للدي في دي والكتاب المصاحب.
وفيلم "السر" هذا مقدم في قالب وثائقي يعرض سلسلة من اللقاءات والمواقف الدرامية المفتعلة موحياً بمصداقية العرض وحياديته ويباع على أنه أدوات لمساعدة النفس (Self-Help) . وتعرض المنتجة للفيلم روندا بايرن (Rhonda Byrne) التي يظهر اسمها أيضاً على غلاف الكتاب بصوتها اقتباسات ونقولات لمن تسميهم "معلموا السر القدماء" " past secret teachers"
و"السر"(The Secret) أو"قانون الجذب" (Law of Attraction) كما يعرض في الفيلم هو الإيمان بأن المشاعر والأفكار تجذب الوقائع والأحداث الحقيقية في هذا العالم إلى حياتنا سواء كانت أحداث كبرى في الكون والأفلاك أو وقائع التفاعل بين الناس في شؤونهم الجسدية والعاطفية والمهنية.
ويكرر الفيلم فكرة أن الأشخاص النافذين والمؤثرين والقادة في الماضي نجحوا بسبب اكتشافهم لهذا السر وأنهم كانوا يحرصون على إبقاء هذه العلم مخفياً وبعيداً عن العامة، وأن صانعي هذا الفيلم/الكتاب هم الوحيدون في التاريخ الذين رغبوا وحرصوا على كشف هذا السر ليستفيد منه كل الناس. ولاشك أن هذا الطرح يولد في النفس الرغبة والتطلع لمعرفة ما يخبؤه هذا العلم ويحفز الإنسان العامي لكشف السر واللحاق بركب المتفوقين والناجحين ! ولكن الحقيقة أن هذه الأفكار كلها منشورة ومعلنة منذ نشوئها وقد أثبتت فشلها ومجها العقلاء وصنفوها من الأفكار الزائفة والتخرصات النفس-روحانية، وما ادعى النجاح بها أحد إلا من رواد هذه الفلسفة وعرابيها أو من أرادوا التجارة بها .
وقد سئل جو فيتال (Joe Vitale) -أحد الذين أبرزهم الفيلم على أنه أحد الناجحين المؤثرين المستفيدين من هذا السر - أثناء لقاء له على الهواء في برنامج لاري كينج Larry King في 8 مارس 2007م ( أين الإله في كل هذا ؟)- أي في موضوع الفيلم/الكتاب/السر- فكان جوابه (كلنا الإله ، الإله هو السر، وكل شيء عن السر هو الإله، هذا قانون من الإله).
قانون الجذب ( Law of Attraction ) : يزعم أنصاره أنه قانون كوني يُمكِّن الإنسان من اجتذاب كل ما يريده من الحياة ( الصحة ، السعادة ، الثروة ، الحب .. ) إلى نفسه . يعتمد هذا القانون على الاعتقاد بأن التركيز على شيء ما يبعث إليه ذبذبات من طاقة الإنسان ، ومن ثم فهو الذي يحصل عليه بغض النظر عن إرادته له ، ولذلك يتم التدريب على كيفية التركيز على ما يريده الإنسان من لتوجه إليها الطاقة/الذبذبات –المزعومة- فتجذبها. وهذا الأمر ليس له دليل علمي بل يتعارض مع الحقائق العلمية فضلاً على أنه بناءً على هذا القول الفاسد يكون الله - للمؤمنين به - ليس سوى وسيلة ذهنية يحصل الإنسان به على ما يريد، ليس له إرادة ولا اختيار ولا حكمة يعطي على أساسها ويمنع - تعالى الله عن هذا القول وتقدس- يقول Micheal J. Losier مؤلف كتاب The Law of Attraction موضحا هذه الفلسفة : " إن الكون ليس ذكيا ولكنه مطيع ، فهو لا يميز إن كانت الذبذبات التي ترسلها نافعة لك أو مضرة ، أو إن كنت تريد الأمر أو لا ، أو إذا كان نافعا لصحتك أو مضرا لها ، إنه مطيع ، ولذلك سمي القانون "
وخلاصة القول أن هذا السر المزعوم أو قانون الجذب هو ترجمة عملية لعقيدة وحدة الوجود التي هي أصل الفلسفة الشرقية ، وتحمّل هذه العقيدة الإنسان المسؤولية الكاملة عن ما يحدث له ، فهو مسؤول عن كل ما يعانيه في الحاضر ، وهو مسؤول عن كل ما سيحصل له في المستقبل ويمكنه التحكم التام بالمستقبل وما سيحدث فيه ، وهذا التعظيم للقدرات البشرية راجع للاعتقاد بالطبيعة الإلهية للإنسان ، وأنه ليس سوى تجسيدا للإله. ولذلك نجد في كثير من التطبيقات الاستشفائية للفلسفة الشرقية التركيز على الاعتماد على الذات في استجلاب العافية وتحصيل كل مرغوب .
وقد أنتج عن هذا الفكر الضال في أحسن صوره - بعد أن تبناه بعض أبناء المسلمين وحاولوا التوفيق بينه وبين المعتقد الحق - ضلالة أخرى هي عين ضلالة فرقة المعتزلة نفاة القدر.
ومن وجه آخر فقانون الجذب يدعو -كسائر تطبيقات حركة العصر الجديد- إلى تركيز الإنسان على نفسه، ورغباته وهواه والتي غالباً ما تتمثل في الجشع المادي وتحقيق الرغبات الدنيوية. والراصدين في الغرب لآثاره على الطوائف الممارسة له حذروا من آثاره المجتمعية السيئة حيث يؤدي إلى اللامبالاة الاجتماعية وعدم الاهتمام باحتياجات بل وبحقوق الآخرين. كما أنه يؤدي إلى الهروب من الواقع بعامة وخاصة عند المصيبة فيلعب الشخص دور الضحية ويتهم في كل شيء قدرته على إرسال ذبذبات قوية بدلا من أن يتهم نفسه بالكسل وسوء الأداء وعدم التخطيط ، ومن وجه آخر يؤدي للغرور بالنفس وظن أن ما يتحقق من فرص إنما هو أولا وآخرا بمهاراته وطاقته .
، وختاماً أقول إن منتجي الفكرة ومسوقيها ومتبنيها الأصليين هم أفراد الحركات المتبنية للفكر الباطني في الغرب ولذا تسوق من خلال مكتبات الغنوصية الجديدة النيو إييج "New Age" ،ومعابد النيو ثوت "New Thought" فالنيو إييج والنيو ثوت حركات باطنية تقدم فكرها للناس على أنه نظام استشفاء ذهني للجسد والعقل والروح ، ولذا تبنت هذه الحركات تعليم الناس وتدريبهم على ممارسات تعمق الاعتقاد بألوهية الإنسان وقدراته غير المتناهية من خلال التفكير البنّاء والخلاّق والامتثال لصوت القوة الباطنة والكامنة الموجودة فيه والتي هي مصدر إلهامه وقوته وصحته وسعادته والتي هي جزء من الواحد الأسمى غير المتناهي – بحسب تعبيراتهم ومعتقداتهم -.
إن مصطلح "السر" ظهر كاسم لفيلم وكتاب تضمنا إعادة طرح عقيدة وحدة الوجود (Panthiesm) التي سبق نشرها بنفس الأفكار والمضمون منذ مئة سنة (1906م) في كتاب "ذبذبات الفكر: أو قانون الجذب في عالم الفكر للمؤلف ويليم واكر أتكنسون" وحقيقة "السر"(The Secret) أو"قانون الجذب" (Law of Attraction) كما يعرض في الكتاب هو الإيمان بأن المشاعر والأفكار تجذب الوقائع والأحداث الحقيقية في هذا العالم إلى حياتنا سواء كانت أحداث كبرى في الكون والأفلاك أو وقائع التفاعل بين الناس في شؤونهم الجسدية والعاطفية والمهنية.
ويكرر الفيلم أن الأشخاص المؤثرين والقادة نجحوا بسبب اكتشافهم لهذا السر وأبقوه مخفياً وبعيداً عن العامة، وأن آن الأوان لكشف هذا السر لإفادة كل الناس! والحقيقة أن هذه الأفكار كلها منشورة ومعلنة منذ نشوئها وقد أثبتت فشلها ومجها العقلاء وصنفوها من الأفكار الزائفة والتخرصات النفس-روحانية، وما ادعى النجاح بها أحد إلا من رواد هذه الفلسفة وعرابيها أو من أرادوا التجارة بها .
فشتان بين الدعاء والثقة بالله وحسن الظن به وبين ضلالات تأليه الإنسان .
فأين اسم المجيب ؟ وأين تعليقك ؟