الحدود والتعزيرات الإسلامية - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحدود والتعزيرات الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-30, 12:28   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثم إن الغزالي – رحمه الله –

رجع في آخر حياته إلى عقيدة أهل السنة والجماعة ، وأكب على الكتاب والسنة ، وذم الكلام وأهله ، وأوصى الأمة بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعمل بما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم

ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

قال شيخ الإسلام رحمه الله:

" ... وإن كان بعد ذلك رجع إلى طريقة أهل الحديث وصنف إلجام العوام عن علم الكلام "

مجموع الفتاوى ج4 ص72 .

" وإن نظرة إلى كتابه المسمى إلجام العوام عن علم الكلام ، ليثبت لنا حقيقة هذا التغيُّر من وجوهٍ عديدة :

الوجه الأول :

أنه انتصر في هذا الكتاب لعقيدة السلف ، منبهاً على أن الحق هو مذهب السلف ، وأن من خالفهم في ذلك فهو مبتدع .

الوجه الثاني :

أنه نهى عن التأويل أشد النهي ، داعياً إلى إثبات صفات الله ، وعدم تأويلها بما يودي بها إلى التعطيل .

الوجه الثالث

: أنه شدد النكير على المتكلمين ، ووصف كل أصولهم ومقاييسهم بـ" البدعة المذمومة " ، وبأنها كانت سبب تضرر أكثر الخلق به ، ومنبت الشر بين المسلمين قائلاً :

والدليل على تضرر الخلق به : المشاهدة والعيان والتجربة ، وما ثار من الشر منذ نبغ المتكلمون ، وفشت صناعة الكلام مع نهي العصر الأول من الصحابة رضي الله عنهم عن مثل ذلك .

ويدل عليه أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة بأجمعهم ما سلكوا في المحاجة مسلك المتكلمين في تقسيماتهم وتدقيقاتهم – لا لعجز منهم عن ذلك –

فلو علموا أن ذلك نافع لأطنبوا فيه ، ولخاضوا في تحرير الأدلة خوضاً يزيد على خوضهم في مسائل الفرائض .

وقال أيضاً : إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا محتاجين إلى محاجة اليهود والنصارى في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

فما زادوا على أدلة القرآن شيئاً ، وما ركبوا ظهر اللجاج في وضع المقاييس العقلية وترتيب المقدمات . كل ذلك لعلمهم بأن ذلك مثار الفتن ومنبع التشويش

ومن لا يقنعه أدلة القرآن ، لا يقنعه إلا السيف والسنان فما بعد بيان الله بيان " أنظر كتاب ( أبو حامد الغزالي والتصوف )

هذه مجموعة من النقولات عن بعض العلماء الموثوق بعلمهم عن الغزالي رحمه الله ولعل فيها الكفاية لمن أراد الهداية . والله الهادي إلى سواء السبيل .

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-30, 12:34   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عقوبة ترويج المخدرات

السؤال

ما الحكم الشرعي والقانوني في بيع وترويج المخدرات وحبوب الكابتجون؟

الجواب

الحمد لله

حرم الله تعالى الخمر وأمر باجتنابها ، وبَيَّن أنها رجس من عمل الشيطان

فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ

فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة/90، 91 .

وبَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الخمر ملعون بائعها وشاربها وحاملها

كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (3674) وابن ماجه (3380) عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ ، وَشَارِبَهَا ، وَسَاقِيَهَا

وَبَائِعَهَا ، وَمُبْتَاعَهَا ، وَعَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

ورواه الترمذي (1295) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً : عَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا

وَشَارِبَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا ، وَالْمُشْتَرِي لَهَا ، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ) .

والخمر : كل ما غطَّى العقل مما يحدث شيئاً من اللذة والنشوة . فيدخل في ذلك كل مسكر جامد وسائل .

ولا شك أن كثيرا من أنواع المخدرات أعظم ضررا وفتكا وخطرا من الخمر ، ولهذا لزم التشديد في شأن مروجيها ومهربيها ؛ لما ينبني على عملهم من الشر والفساد .

وقد صدر قرار من هيئة كبار العلماء بشأن ترويج المخدرات ، وهذا نصه :

" الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد :

فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 9 6 1407هـ وحتى 20 6 1407هـ وقد اطلع على برقية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله -

ذات الرقم س 8033 وتاريخ 11 6 1407هـ والتي جاء فيها (نظراً لما للمخدرات من آثار سيئة ، وحيث لاحظنا كثرة انتشارها في الآونة الأخيرة

ولأن المصلحة العامة تقتضي إيجاد عقوبة رادعة لمن يقوم بنشرها وإشاعتها ، سواء عن طريق التهريب أو الترويج ، نرغب إليكم عرض الموضوع على مجلس هيئة كبار العلماء بصفة عاجلة وموافاتنا بما يتقرر) .

وقد درس المجلس الموضوع وناقشة من جميع جوانبه في أكثر من جلسة ، وبعد المناقشة والتداول في الرأي واستعراض نتائج انتشار هذا الوباء الخبيث القتال تهريباً واتجاراً وترويجاً واستعمالاً

المتمثلة في الآثار السيئة على نفوس متعاطيها ، وحملها إياهم على ارتكاب جرائم الفتك ، وحوادث السيارات ، والجري وراء أوهام تؤدي إلى ذلك

وما تسببه من إيجاد طبقة من المجرمين شأنهم العدوان وطبيعتهم الشراسة وانتهاك الحرمات ، وتجاوز الأنظمة وإشاعة الفوضى لما تؤدي إليه بمتعاطيها من حالة من المرح والتهيج ، واعتقاد أنه قادر على كل شيء

فضلاً عن اتجاهه إلى اختراع أفكار وهمية تحمله على ارتكاب الجريمة ، كما أن لها آثاراً ضارة بالصحة العامة ، وقد تؤدي إلى الخلل في العقل والجنون ، نسأل الله العافية والسلامة

لهذا كله ، فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي :

أولاً : بالنسبة للمهرب للمخدرات فإن عقوبته القتل ، لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم لا يقتصر على المهرب نفسه ، وأضرار جسيمة وأخطار بليغة على الأمة بمجموعها .

ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدرات من الخارج فيموّن بها المروجين .

ثانياً : أما بالنسبة لمروج المخدرات فإن ما أصدره المجلس بشأنه في قراره رقم (85) وتاريخ 11/ 11 /1401هـ كافٍ في الموضوع ونصه كما يلي

: ( الثاني : من يروجها سواء كان ذلك بطريق التصنيع أو الاستيراد بيعا وشراء أو إهداء ونحو ذلك من ضروب إشاعتها ونشرها

فإن كان ذلك للمرة الأولى فيعزر تعزيراً بليغاً بالحبس أو الجلد أو الغرامة المالية أو بهما جميعا حسبما يقتضيه النظر القضائي ، وإن تكرر منه ذلك فيعزز بما يقطع شره عن المجتمع ولو كان ذلك بالقتل

لأنه بفعله هذا يعتبر من المفسدين في الأرض ، وممن تأصل الإجرام في نفوسهم ، وقد قرر المحققون من أهل العلم أن القتل ضَرْبٌ [أي : نوع] من التَعزير

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : "

ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قُتِل ، مثل قتل المفرق لجماعة المسلمين الداعي للبدع في الدين " . إلى أن قال " وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل رجل تعمد الكذب عليه

وسأله ابن الديلمي عن من لم ينته عن شرب الخمر فقال : من لم ينته عنها فاقتلوه " . وفي موضع آخر قال رحمه الله في تعليل القتل تعزيراً ما نصه : "

وهذا لأن المفسد كالصائل ، وإذا لم يندفع الصائل إلا بالقتل قتل " انتهى .

ثالثاً : يرى المجلس أنه لابد قبل إيقاع أي من تلك العقوبات المشار إليها في فقرتي (أولاً) و (ثانياً) من هذا القرار استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى

براءةً للذمة ، واحتياطاً للأنفس .

رابعاً : لابد من إعلان هذه العقوبات عن طريق وسائل الإعلان قبل تنفيذها إعذاراً وإنذاراً . هذا وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

هيئة كبار العلماء "

انتهى نقلاً : "فتاوى إسلامية" (3/379) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-30, 12:37   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قتل الساحر قد يكون ردة وقد يكون حداً

السؤال

هل قتل الساحر ردة أو حداً ؟ .

الجواب

الحمد لله

"قتل الساحر قد يكون حداً، وقد يكون ردة بناءً على التفصيل في كفر الساحر ، فمتى حكمنا بكفره فقتله ردة، وإذا لم نحكم بكفره فقتله حد.

وانظر جواب السؤال القادم

والسحرة يجب قتلهم سواءً قلنا بكفرهم أم لا، لعظم ضررهم ، وفظاعة أمرهم، فهم يفرقون بين المرء وزوجه، وكذلك العكس ، فهم قد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء

ويتوصلون بذلك إلى أغراضهم، كما لو سحر امرأة ليزني بها، فيجب على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة ما دام أنه حد؛ لأن الحد إذا بلغ الإمام، لا يستتاب صاحبه، بل يقام بكل حال.

أما الكفر فإنه يستتاب صاحبه، وبهذا نعرف خطأ من أدخل حكم المرتد في الحدود، وذكروا من الحدود حد الردة؛ لأن قتل المرتد ليس من الحدود

لأنه إذا تاب انتفى عنه القتل، ثم إن الحدود كفارة لصاحبها ، وليس بكافر، والقتل بالردة ليس بكفارة وصاحبه كافر لا يصلى عليه، ولا يغسل ولا يدفن في مقابر المسلمين.

فالقول بقتل السَحَرَةِ موافق للقواعد الشرعية؛ لأنهم يسعون في الأرض فساداً، وفسادهم من أعظم الفساد، وإذا قُتِلوا سلم الناس من شرهم، وارتدع الناس عن تعاطي السحر" انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين" (2/179) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-30, 12:42   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تُقبل توبة الساحر؟

السؤال

هل تقبل توبة الساحر عند الله - لأنني سمعت عن ساحرة استفتت الصحابة عن التوبة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يفتها أحد - ؟ وماذا قالوا لها ؟

وهل ينفعها إيمانها عند الله ؟

ولماذا يفتي العلماء بقبول توبة الساحر في هذه الحال ؟.


الجواب

الحمد لله

تعلم السحر والعمل به كفر

قال تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) البقرة/102

والساحر قد يأتي بما يوجب ردَّته فيكفر فيقتل ردةً ، وقد يسحر من غير أن يأتي بمكفِّر ، وهذا قد وقع فيه خلاف بين العلماء ، والصحيح من أقوالهم

: أنه يقتل أيضاً إذا ثبت أنه ساحر ، وهو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم وأمروا به ، وإذا قُتل لم يغسَّل ولم يكفَّن ولم يُدفن في مقابر المسلمين .

ولا ينبغي التوقف في قتل الساحر سواء قلنا بكفره أم لم نقل ، لأن هذا هو الثابت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي قتله منع من الإفساد وردع لغيره من إخوانه السحرة .

فإذا تاب الساحر بينه وبين الله توبة صادقة : فإن الله تعالى يقبل منه

وهذا فيما بينه وبين ربه قبل أن يصل أمره للقضاء ، فإذا وصل أمره للقضاء الشرعي فينبغي على القاضي قتله من غير استتابة ؛ تخليصاً للمجتمع من شره

ولا يجوز لآحاد الناس أن يقيم الحد بنفسه ، بل الأمر مرجعه لولي الأمر .

وهذه طائفة من فتاوى العلماء في ذلك :

1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" إذا تاب الساحر توبة صادقة فيما بينه وبين الله : نفعه ذلك عند الله ، فالله يقبل التوبة من المشركين وغيرهم

كما قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ) الشورى/25

وقال جل وعلا : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 .

لكن في الدنيا لا تقبل ، الصحيح : أنه يقتل ، فإذا ثبت عند حاكم المحكمة أنه ساحر يقتل ، ولو قال : إنه تائب ، فالتوبة فيما بينه وبين الله صحيحة ,

إن كان صادقا تنفعه عند الله ، أما في الحكم الشرعي فيقتل ، كما أمر عمر بقتل السحرة ؛ لأن شرهم عظيم ، قد يقولون : تبنا ، وهم يكذبون

يضرون الناس ، فلا يسلم من شرهم بتوبتهم التي أظهروها ولكن يقتلون ، وتوبتهم إن كانوا صادقين تنفعهم عند الله " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 111 ) .

2. وقال الشيخ رحمه الله – أيضاً – (8/69) :

" والصحيح عند أهل العلم : أن الساحر يقتل بغير استتابة ؛ لعظم شره وفساده ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستتاب ، وأنهم كالكفرة الآخرين يستتابون

ولكن الصحيح من أقوال أهل العلم : أنه لا يستتاب ؛ لأن شره عظيم ، ولأنه يخفي شره ، ويخفي كفره ، فقد يدعي أنه تائب وهو يكذب ، فيضر الناس ضرراً عظيماً

فلهذا ذهب المحققون من أهل العلم إلى أن من عرف وثبت سحره يقتل ولو زعم أنه تائب ونادم ، فلا يصدق في قوله .

ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن يقتلوا كل من وجدوا من السحرة ، حتى يتقي شرهم ، قال أبو عثمان النهدي : ( فقتلنا ثلاث سواحر )

هكذا جاء في صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة – [رواه أبو داود بإسناد صحيح وأصله في "البخاري"] - ، وهكذا صح عن حفصة أنها قتلت جارية لها

لما علمت أنها تسحر قتلتها ، وهكذا جندب بن عبد الله رضي الله عنه الصحابي الجليل لما رأى ساحراً يلعب برأسه - يقطع رأسه ويعيده

يخيِّل على الناس بذلك - أتاه من جهة لا يعلمها فقتله ، وقال : ( أعد رأسك إن كنت صادقاً ) .

والمقصود : أن السحرة شرهم عظيم ، ولهذا يجب أن يقتلوا ، فولي الأمر إذا عرف أنهم سحرة ، وثبت لديه ذلك بالبينة الشرعية : وجب عليه قتلهم ؛ صيانة للمجتمع من شرهم وفسادهم " انتهى .

3. وقال الشيخ – أيضاً – (8/111) :

" إذا قُتل لا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، يدفن في مقابر الكفرة ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يصلى عليه ، ولا يغسل ولا يكفن ، ونسأل الله العافية " انتهى .

4. وقال – أيضاً - :

" وحكم الساحر الذي يعلم منه أنه يخيل على الناس ، أو يترتب على عمله مضرة على الناس ، من سحر العيون ، والتزوير عليها ، أو تحبيب الرجل إلى امرأته والمرأة إلى زوجها ، أو ضد ذلك مما يضر الناس

متى ثبت ذلك بالبينة لدى المحاكم الشرعية وجب قتل هذا الساحر ، ولا يقبل منه توبة ولو تاب . . .

وقد سبق ما ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه أمر عماله - أعني : أمراءه - بقتل السحرة ، لمنع فسادهم في الأرض ، وإيذائهم للمسلمين وإدخالهم الضرر على الناس ، فمتى عرفوا وجب على ولاة أمر المسلمين قتلهم

ولو قالوا : تبنا ؛ لأنهم لا يؤمَنون ، لكن إن كانوا صادقين في التوبة نفعهم ذلك عند الله عز وجل ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25 . . .

أما من جاء إلى ولاة الأمور من غير أن يقبض عليه يخبر عن توبته ، وأنه كان فعل كذا فيما مضى من الزمان وتاب إلى الله سبحانه وظهر منه الخير فهذا تقبل توبته

لأنه جاء مختاراً طالباً للخير معلناً توبته من غير أن يقبض عليه أحد أو يدعي عليه أحد ، والمقصود : أنه إذا جاء على صورة ليس فيها حيلة ولا مكر فإن مثل هذا تقبل توبته

لأنه جاء تائباً نادماً ، كغيره من الكفرة ممن يكون له سلف سيئ ثم يمن الله عليه بالتوبة من غير إكراه ولا دعوى عليه من أحد " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 81 ، 82 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-30, 12:43   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


5. وقال علماء اللجنة الدائمة :

" إذا أتى الساحر في سحره بمكفِّر : قتل لردته حدّاً ، وإن ثبت أنه قتل بسحره نفسا معصومة : قتل قصاصاً ، وإن لم يأت في سحره بمكفر ولم يقتل نفساً : ففي قتله بسحره خلاف

والصحيح : أنه يقتل حدّاً لردته ، وهذا هو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله ؛ لكفره بسحره مطلقا لدلالة آية : ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر )

على كفر الساحر مطلقاً ؛ ولما ثبت في " صحيح البخاري " عن بجالة بن عبدة أنه قال : ( كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ، فقتلنا ثلاث سواحر )

ولما صح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها ( أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها ، فقتلت ) رواه مالك في " الموطأ " ؛ ولما ثبت عن جندب أنه قال : ( حد الساحر ضربة بالسيف ) رواه الترمذي وقال : الصحيح أنه موقوف .

وعلى هذا فحكم الساحر المسئول عنه في الاستفتاء أنه يقتل على الصحيح من أقوال العلماء ، والذي يتولى إثبات السحر وتلك العقوبة هو الحاكم المتولي شئون المسلمين ؛ درءا للمفسدة وسدا لباب الفوضى " انتهى .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 551 – 553 ) .

6. وقال الشيخ ابن عثيمين :

" وهذا القتل هل هو حدٌّ أم قتله لكفره ؟

يحتمل هذا وهذا ، بناء على التفصيل السابق في كفر الساحر ، ولكن بناء على ما سبق من التفصيل نقول : من خرج به السحر إلى الكفر فقتله قتل ردة

ومن لم يخرج به السحر إلى الكفر من باب دفع الصائل يجب تنفيذه حيث رآه الإمام .

والحاصل : أنه يجب أن تقتل السحرة ، سواء قلنا بكفرهم أم لم نقل ؛ لأنهم يمرضون ، ويقتلون ، ويفرقون بين المرء وزوجه ، وكذلك بالعكس ؛ فقد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء

ويتوصلون إلى أغراضهم ؛ فإن بعضهم قد يسحر أحدا ليعطفه إليه وينال مأربه منه ، كما لو سحر امرأة ليبغي بها ، ولأنهم كانوا يسعون في الأرض فساداً

فكان واجباً على وليِّ الأمر قتلهم بدون استتابة ما دام أنه لدفع ضررهم وفظاعة أمرهم ؛ فإن الحدَّ لا يستتاب صاحبه ، متى قبض عليه وجب أن ينفذ فيه الحد " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 9 / 508 ، 509 ) وهو شرح لكتاب " التوحيد " .

7. وقال الشيخ ابن عثيمين – أيضاً - :

" والقول بقتلهم ( يعني : السحرة ) موافق للقواعد الشرعية ؛ لأنهم يسعون في الأرض فساداً ، وفسادهم من أعظم الفساد ، فقتلهم واجب على الإمام ، ولا يجوز للإمام أن يتخلف عن قتلهم

لأن مثل هؤلاء إذا تركوا وشأنهم انتشر فسادهم في أرضهم وفي أرض غيرهم ، وإذا قتلوا سلم الناس من شرهم ، وارتدع الناس عن تعاطي السحر " انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 9 / 509 ) وهو شرح لكتاب " التوحيد " .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-30, 12:47   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم تدخين أنواع الحشيشة

السؤال

هل يحرم على تدخين الماريجوانا من حين لآخر وخاصة عندما أكون متوترا؟

الجواب

الحمد لله

الحشيشة محرمة بجميع أنواعها الماريجوانا وغيرها .

قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية" (4/233) وهو يتحدث عن الحشيشة :

" والأصل في تحريمها ما رواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه بسند صحيح عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر)

قال العلماء المفتر كل ما يورث الفتور والخدر في الأطراف ، وهذا الحديث فيه دليل على تحريم الحشيش بخصوصه ، فإنها تسكر وتخدر وتفتر ، ولذلك يكثر النوم لمتعاطيها

وحكى القرافي وابن تيمية الإجماع على تحريمها ، قال : ومن استحلها فقد كفر . قال : وإنما لم تتكلم فيها الأئمة الأربعة رضي الله تبارك وتعالى عنهم لأنها لم تكن في زمنهم

وإنما ظهرت في آخر المائة السادسة وأول المائة السابعة حين ظهرت دولة التتار " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (3/425) :

" أكل هذه الحشيشة الصلبة حرام , وهي من أخبث الخبائث المحرمة , وسواء أكل منها قليلا أو كثيرا " انتهى .

وتعاطي المسكرات حرام مهما كانت طريقة التعاطي.

قال العلامة ابن قاسم الشافعي في "حاشيته على تحفة المحتاج بشرح المنهاج" (9/167) وهو يبين من هو شارب المسكر قال : "

والمراد بالشارب المتعاطي ، شرباً كان أو غيره ، وسواء فيه المتفق على تحريمه والمختلف فيه ، وسواء جامده ومائعه ، مطبوخه ونيئه " انتهى .

والشريعة إنما حرمت تناول المخدرات والمسكرات لما فيها من أضرار بالغة على العقل والنفس والأسرة والمجتمع

وقد بَيَّنا بعضا من تلك الأضرار في جواب السؤال القادم

أما التوتر والقلق فكن على يقين أن دواءه ليس في تدخين الحشيشة أو غيرها من المحرمات، فلم يجعل الله شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها ، ففي صحيح مسلم (3670)

: أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ ، فَنَهَاهُ ، أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا ، فَقَالَ إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ ، فَقَالَ : ( إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ ) .

وإذا أردت طرد القلق عن نفسك فإننا نوصيك بجملة أمور منها :

1ـ كثرة الاستغفار بحضور قلب .

2- التوضؤ والصلاة فإنها من أعظم أسباب العون على الصبر على المكاره وطرد الغم .

3ـ كثرة ذكر الله تعالى ، فإنه سبيل أكيد لحصول الطمأنينة والسكينة .

4ـ كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي سنن الترمذي (2381): قَالَ أُبَيٌّ رضي الله عنه : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ

فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟

فَقَالَ : ( مَا شِئْتَ ) قَالَ : قُلْتُ الرُّبُعَ ؟

قَالَ : ( مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ) قُلْتُ : النِّصْفَ ؟ قَالَ : ( مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ) قَالَ : قُلْتُ : فَالثُّلُثَيْنِ ؟

قَالَ : ( مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ) قُلْتُ : أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا . قَالَ : ( إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ ) . وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي .

هذا بالإضافة إلى اجتناب أسباب التوتر والقلق بقدر المستطاع ، فإن كان مصدر ذلك القلق التوتر هموم مستقبلة كأسباب الرزق ونحوها ، فعليك بحسن الظن بالله تعالى وصدق الاعتماد عليه

فقد قال جل شأنه : ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/3 .

وفقنا الله و إياك لكل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-30, 12:51   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم تناول المخدرات وهل تأخذ أحكام الخمر ؟

السؤال

زادت مؤخرا ظاهرة تناول المخدرات وخاصة الحشيش ، ظنا من الناس أنها ليست خمرا تخامر العقل .

سؤالي : هل هي فعلا من الخمر ؟

وهل إذا شرب المرء الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوما ؟

وبالتالي ما صحة صوم من يشرب الحشيش في رمضان ؟.


الجواب

الحمد لله

لا شك في تحريم تناول المخدرات ، من الحشيش والأفيون والكوكايين والمورفين وغير ذلك ، لوجوه عديدة ، منها :

1- أنها تغيّب العقل وتخامره

أي تغطيه ، وما كان كذلك فهو حرام ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام ، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة ) رواه مسلم (2003) .

وروى البخاري (4087) ومسلم (1733) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ

إِنَّ شَرَابًا يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ مِنْ الشَّعِيرِ ، وَشَرَابٌ يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ مِنْ الْعَسَلِ ، فَقَالَ : ( كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ) .

وروى البخاري (4343) ومسلم (3032) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت عمر رضي الله عنه على منبر النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أما بعد

أيها الناس ، إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة : من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ، والخمر ما خامر العقل ) .

ولا شك أن المخدرات تخامر العقل وتغيبه .

قال الحافظ ابن حجر :

" واستُدل بمطلق قوله : (كل مسكر حرام) على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شرابا ، فيدخل في ذلك الحشيشة وغيرها ، وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة ، وجزم آخرون بأنها مخدرة

وهو مكابرة ؛ لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدث الخمر من الطرب والنشوة ، والمداومة عليها والانهماك فيها .

وعلى تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة فقد ثبت في أبي داود (النهي عن كل مسكر ومفتّر) والله أعلم "

انتهى من "فتح الباري" (10/45) .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ

: الْمُفْتِر كُلّ شَرَاب يُورِث الْفُتُور وَالرَّخْوَة فِي الأَعْضَاء وَالْخَدَرَ فِي الأَطْرَاف وَهُوَ مُقَدِّمَة السُّكْر , وَنَهَى عَنْ شُرْبه لِئَلا يَكُون ذَرِيعَة إِلَى السُّكْر .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وكل ما يغيب العقل فإنه حرام وإن لم تحصل به نشوة ولا طرب ، فإن تغييب العقل حرام بإجماع المسلمين . وأما تعاطي البنج الذي لم يسكر ، ولم يغيب العقل ففيه التعزير.

وأما المحققون من الفقهاء فعلموا أنها (أي الحشيشة) مسكرة ، وإنما يتناولها الفجار ، لما فيها من النشوة والطرب ، فهي تجامع الشراب المسكر في ذلك ، والخمر توجب الحركة والخصومة

وهذه توجب الفتور واللذة ، وفيها مع ذلك من فساد المزاج والعقل ، وفتح باب الشهوة ، وما توجبه من الدياثة : مما يجعلها من شر الشراب المسكر ، وإنما حدثت في الناس بحدوث التتار .

وعلى تناول القليل منها والكثير حد الشرب : ثمانون سوطا ، أو أربعون . إذا كان مسلما يعتقد تحريم المسكر "

انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/423) .

وقال في "السياسة الشرعية" (ص92) :

" والحشيشة المصنوعة من ورق القِنَّب حرام أيضا يُجلد صاحبها كما يجلد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج

حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة وغير ذلك من الفساد . والخمر أخبث من جهة أنها تفضي إلى المخاصمة والمقاتلة ، وكلاهما يصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة .

وقد توقف بعض الفقهاء المتأخرين في حدها ورأى أن آكلها يعزر بما دون الحد ، حيث ظنها تغير العقل من غير طربٍ بمنزلة البنج . ولم نجد للعلماء المتقدمين فيها كلاما

وليس كذلك بل آكلوها ينشَون عنها ويشتهونها كشراب الخمر وأكثر ، وتصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة إذا أكثروا منها ، مع ما فيها من المفاسد الأخرى من الدياثة والتخنث وفساد المزاج والعقل وغير ذلك

. ولكن لما كانت جامدة مطعومة ليست شرابا تنازع الفقهاء في نجاستها على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره ، فقيل : هي نجسة كالخمر المشروبة

وهذا هو الاعتبار الصحيح ، وقيل : لا ؛ لجمودها . وقيل : يفرق بين جامدها ومائعها .

وبكل حال فهي داخلة فيما حرمه الله ورسوله من الخمر والمسكر لفظا أو معنى . قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن : البتع وهو من العسل ينبذ حتى يشتد

والمِزر وهو من الذرة والشعير حتى يشتد قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم بخواتيمه فقال : ( كل مسكر حرام ) متفق عليه في الصحيحين " انتهى .

وقال أيضا

: " فكيف المصر على أكل الحشيشة ، لا سيما إن كان مستحلا للمسكر منها ، كما عليه طائفة من الناس ، فإن مثل هذا ينبغي أن يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، إذ السكر منها حرام بالإجماع ، واستحلال ذلك كفر بلا نزاع "

انتهى "الفتاوى الكبرى" (2/309) .

2- أن فيها من الأضرار العظيمة ما قد يكون أعظم من الضرر الحاصل بشرب الخمر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

" ففيها ضرر بالشخص ذاته ، وبأسرته وأولاده ، وبمجتمعه وأمته .

أما الضرر الشخصي : فهو التأثير الفادح في الجسد والعقل معا ؛ لما في المسكر والمخدر من تخريب وتدمير الصحة والأعصاب والعقل والفكر ومختلف أعضاء جهاز الهضم وغير ذلك من المضار والمفاسد التي تفتك بالبدن كله

بل وبالاعتبار الآدمي والكرامة الإنسانية ، حيث تهتز شخصية الإنسان ، ويصبح موضع الهزء والسخرية ، وفريسة الأمراض المتعددة .

وأما الضرر العائلي : فهو ما يلحق بالزوجة والأولاد من إساءات ، فينقلب البيت جحيما لا يطاق من جراء التوترات العصبية والهيجان والسب والشتم وترداد عبارات الطلاق والحرام

والتكسير والإرباك ، وإهمال الزوجة والتقصير في الإنفاق على المنزل ، وقد تؤدي المسكرات والمخدرات إلى إنجاب أولاد معاقين متخلفين عقليا . . .

وأما الضرر العام : فهو واضح في إتلاف أموال طائلة من غير مردود نفعي ، وفي تعطيل المصالح والأعمال ، والتقصير في أداء الواجبات ، والإخلال بالأمانات العامة

سواء بمصالح الدولة أو المؤسسات أو المعامل أو الأفراد . هذا فضلا عما يؤدي إليه السكر أو التخدير من ارتكاب الجرائم على الأشخاص والأموال والأعراض

بل إن ضرر المخدرات أشد من ضرر المسكرات ؛ لأن المخدرات تفسد القيم الخلقية "

انتهى من "الفقه الإسلامي وأدلته" للدكتور وهبة الزحيلي (7/5511) .

والحاصل أن هذه المخدرات لا يستريب في حرمتها عاقل ، لدلالة النصوص على تحريمها ، ولما فيها من أضرار بالغة .

وأما العقوبة اللازمة لمتعاطي المخدرات : فهي أن يحد حد الخمر ، كما سبق في كلام شيخ الإسلام عن الحشيشة ، فالمخدرات داخلة فيما حرمه الله ورسوله من الخمر والمسكر لفظا أو معنى .

والواجب على العلماء والدعاة أن يبينوا للناس تحريم هذه المخدرات ، والمضار العظيمة المترتبة عليها .

وأما سؤالك عن شارب الخمر وما جاء في عدم قبول صلاته أربعين يوما ، وعن حكم صيامه ، فقد سبق بيانه في جواب السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-30, 12:55   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

عقوبة شارب الخمر ، وهل تصح منه الصلاة والصيام ؟

السؤال

ما هي عقوبة شارب الخمر ؟

هل يمكن للشارب الخمر أن يصلي ويصوم رمضان ؟.


الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90

وفي صحيح البخاري ( 2295 ) ومسلم ( 86 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ . "

أي لا يكون مؤمناً كامل الإيمان بل يكون قد نقص إيمانه نقصا عظيما بهذا الفعل الشنيع .

وفي البخاري أيضا ( 5147 ) ومسلم (3736) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الآخِرَة "ِ

وفي سنن أبي داود ( 3189 ) عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ قال

: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ " وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود ( 2/700 ) .

وفي سنن النسائي ( 5570 ) أَنَّ ابْنَ الدَّيْلَمِيِّ قال لعبد الله بن عمرو هَلْ سَمِعْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ شَأْنَ الْخَمْرِ بِشَيْءٍ فَقَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

" لا يَشْرَبُ الْخَمْرَ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي فَيَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَلاةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 709 ) . والمعنى : أنه لا يثيبه عليها لا أنه لا تجب عليه الصلاة

بل يتوجب عليه أن يأتي بجميع الصلوات ، ولو ترك الصلاة في هذا الوقت لكان مرتكبا لكبيرة من أعظم الكبائر ، حتى أوصلها بعض العلماء إلى الكفر ، والعياذ بالله .

والأحاديث والآثار الدالة على شدة تحريم الخمر كثيرة جدا ، وهي أم الخبائث ، فمن وقع فيها جَرَّأته على ما سواها من الخبائث والجرائر . نسأل الله العافية .

وأما عقوبة شاربها في الدنيا فهي الْجَلْدُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ . لِما رواه مُسْلِمٍ ( 3281 ) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ .

ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ الْجَلَدَاتِ : فَذَهَبَ جماهير العلماء إلَى أَنَّهَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً فِي الْحُرِّ , وَفِي غَيْرِهِ أَرْبَعُونَ .

واستدلوا بما جاء في حديث أنس السابق وفيه

: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ قَالَ وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ ."

ووافق الصحابة عمر رضي الله عنه على ذلك ولم يخالفوه . وقد قرر مجلس هيئة كبار العلماء أن عقوبة شارب الخمر هي الحد ، وأن الحد ثمانون جلدة .

وبعض العلماء كابن قدامة رحمه الله

وشيخ الإسلام في الاختيارات يرون أن الزيادة على الأربعين تابعة لنظر الإمام المسلم فإن رأى الحاجة داعية إلى الزيادة على أربعين كما حصل في عهد عمر رضي الله عنه فله أن يجعلها ثمانين . والله أعلم

( ينظر توضيح الأحكام 5 / 330 ) .

وأما الصلاة والصيام من شارب الخمر ، فلا شك أنه يجب عليه أن يؤدي الصلاة في أوقاتها ، وأن يصوم رمضان ، ولو أخل بشيء من صلاته أو صيامه لكان

رتكباً لكبيرة عظيمة هي أشد من ارتكابه لجريمة شرب الخمر ، فلو أنه شرب الخمر في نهار رمضان لكان قد عصى الله بمعصيتين كبيرتين : الأولى الإفطار في نهار رمضان

الثانية شرب الخمر . وليعلم أن وقوع المسلم في معصية وعجزه عن التوبة منها لضعف إيمانه لا ينبغي أن يُسوِّغ له استمراء المعاصي وإد

مانها ، أو ترك الطاعات والتفريط فيها بل يجب عليه أن يقوم بما يستطيعه من الطاعات ويجتهد في ترك ما يقترفه من الكبائر والموبقات ، نسأل الله أن يجنبنا الذنوب صغيرها وكبيرها إنه سميع قريب .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-01, 13:41   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يجوز للحاكم أن يعطل بعض الحدود في بعض الأوقات ؟

السؤال

هل يجوز للحاكم المسلم تعطيل بعض الحدود في أوقات كما فعل عمر رضي الله عنه عندما أسقط حد السرقة عام الرمادة ؟

الجواب

الحمد لله


" الواجب على المسلمين أن يقيموا فرائض الله في حدوده ، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو يخطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر رجم الزاني المحصن

قال : ( وإني أخاف إن طال بالناس زمان أن يقولوا : لا نجد الرجم في كتاب الله ؛ فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله عز وجل ) فبين أن هذا فريضة ، ولا شك أنه فريضة ، لأن الله أمر به فقال

: ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) المائدة/38

وقال : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) النور/2

وقال : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا ) المائدة/33

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) .

ولا يجوز أن تعطل هذه الحدود بأي حال من الأحوال ، وما روي عن عمر رضي الله عنه أنه أسقط الحد عام المجاعة فإن هذا يحتاج إلى شيئين :

الشيء الأول : صحة النقل ، فإننا نطالب من ادعى ذلك بصحة النقل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
الأمر الثاني : أن عمر رضي الله عنه إنما رفع الحد من أجل الشبهة القائمة

فإن الناس في مجاعة ، والإنسان قد يأخذ الشيء للضرورة إليه لا لتشبعٍ به ، ومعلوم أن المضطر إلى الطعام يجب على المسلمين إطعامه ؛ فخشي عمر رضي الله عنه أن يكون هذا السارق مضطراً إلى الطعام ومُنع منه

فتحين الفرصة فسرق ، هذا هو اللائق بعمر رضي الله عنه إن صح الأثر المنسوب إليه في أنه أسقط أو رفع الحد : حد السارق عام المجاعة .

أما حكامنا اليوم فلا يوثق بدينهم ، يعني أكثرهم لا يوثق بدينه ، ولا يوثق بنصحه للأمة ، ولو فتح الباب لقال هؤلاء الحكام

وأعني بذلك بعضهم – لقالوا : إقامة الحد في هذا العصر لا يناسب ؛ لأن أعداءنا من الكفار يتهموننا بأننا همج ، وأننا وحوش ، وأننا نخالف ما يجب من مراعاة حقوق الإنسان

ثم يرفع الحدود كلياً كما هو الواقع الآن في أكثر بلاد المسلمين مع الأسف ؛ حيث عطلت الحدود من أجل مراعاة أعداء الله .

ولهذا لما عطلت الحدود كثرت الجرائم وصار الناس – حتى الحكام الذين تابعوا الكفار في هذا الأمر – في حيرة ماذا يفعلون في هذه الجرائم " انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 483، 484) .

وبيان هذا : أن من شروط وجوب إقامة الحد على السارق : ألا يكون له شبهة في المال المسروق ، فعمر رضي الله عنه لم يقم الحد لأنه لم تتوفر فيه شروط وجوبه

والذي يسرق في زمن المجاعة له شبهة في هذا المال ، فلم يسقط عمر رضي الله عنه الحد أو عطله بعد وجوبه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-01, 13:46   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشهود الأربعة في حد الزنى فقط

السؤال


أتساءل : ما هي الأمور المطلوبة من الأربعة الشهود في المحاكمة المقامة في محكمة إسلامية ؟

وما المقصود من هذه المتطلبات ؟


الجواب

الحمد لله


الشهادة في الفقه الإسلامي إحدى بينات الإثبات ، ذكرها الله عز وجل في كتابه الكريم في مواضع عدة ، وأثبت الحكم بها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولها في كتب الفقه حظ وافر من الشرح والتفصيل والبيان .

والذي نحب التنبيه عليه في هذا الباب – مما يتعلق بالسؤال – أمور ثلاثة :

الأمر الأول :

أن نصاب الشهود المطلوب يختلف بحسب الأمر المشهود به ، وليس ثمة عدد محدد لجميع أنواع الشهادة ، فمن الأمور ما تقبل فيها شهادة عدل واحد ، ومنها ما يشترط لها شاهدان

ومنها ما يشترط لها أربعة شهود . ولا شك أن هذا من كمال التشريع الإسلامي وحكمته البالغة ، حيث روعيت فيه أقدار المواضيع من حيث الأهمية والخطورة والتأثير ، ووضعت لها ما يناسبها في أبواب الشهادة ونصاب الشهود .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (26/226-229) :

" يختلف عدد الشهود في الشهادات بحسب الموضوع المشهود به :

أ - من الشهادات ما لا يقبل فيه أقل من أربعة رجال ، لا امرأة بينهم ، وذلك في الزنا ، لقوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء . . ) الآية.

وعن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال : يا رسول الله ! إن وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء ؟ قال : نعم . رواه مسلم.

ب - ومنها ما يقبل فيه شاهدان لا امرأة فيهما ، وهو ما سوى الزنى من الحدود والقصاص ، كالقطع في السرقة ، وحد الحرابة ، والجلد في الخمر ، وهذا باتفاق الفقهاء .

وذهب جمهور الفقهاء إلى أن ما يطلع عليه الرجال غالبا ، مما ليس بمال ولا يقصد منه مال: كالنكاح ، والطلاق ، والرجعة ، والإيلاء ، والظهار ، والنسب ، والإسلام

والردة ، والجرح ، والتعديل ، والموت والإعسار ، والوكالة ، والوصاية ، والشهادة على الشهادة

ونحو ذلك ، فإنه يثبت عندهم بشهادة شاهدين لا امرأة فيهما . ودليلهم في ذلك أن الله تعالى نص على شهادة الرجلين في الطلاق والرجعة والوصية .فأما الطلاق والرجعة

فقوله تعالى : (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم ) . وأما الوصية فقوله : ( إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم ) . وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في النكاح

: ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) أخرجه البيهقي. وروى مالك عن الزهري أنه قال : " مضت السنة بأنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح والطلاق " وقيس عليها ما شاركها في الشرط المذكور .

ج - وقال الحنفية : ما يقبل فيه شاهدان ، أو شاهد وامرأتان هو ما سوى الحدود والقصاص سواء أكان الحق مالا أم غير مال ، كالنكاح والطلاق والعتاق والوكالة والوصاية .

ودليله قوله تعالى : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء )

وقصر الجمهور قبول شهادة الرجلين أو الرجل والمرأتين على ما هو مال أو بمعنى المال ، كالبيع ، والإقالة ، والحوالة ، والضمان ، والحقوق المالية ، كالخيار ، والأجل ، وغير ذلك .

د - ومنها ما تقبل فيه شهادة النساء منفردات ، وهو الولادة والاستهلال والرضاع ، وما لا يجوز أن يطلع عليه الرجال الأجانب من العيوب المستورة .

ولكنهم اختلفوا في العدد الذي تثبت به هذه الأمور من النساء على خمسة أقوال .

و - ومنها ما تقبل فيه شهادة شاهد واحد ، فتقبل شهادة الشاهد الواحد العدل بمفرده في إثبات رؤية هلال رمضان استدلالا بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -

قال : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه . رواه أبوداود. " انتهى باختصار.









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-01, 13:47   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



الأمر الثاني :

أن شهادة الأربعة على وقوع الزنى يشترط فيه – زيادة على الإسلام والحرية والعدالة – الوصف بالمعاينة وصفا دقيقا ، ولا يكفي وصف المشهد العام لاجتماع الرجل والمرأة الأجنبية ولو كانا عاريين

وهذا من خصائص هذه الشهادة أيضا .

يقول ابن رشد رحمه الله :

" وأما ثبوت الزنا بالشهود : فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنا بالشهود ، وأن العدد المشترط في الشهود أربعة بخلاف سائر الحقوق

لقوله تعالى : ( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) وأن من صفتهم أن يكونوا عدولا ، وأن من شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها ، وأنها تكون بالتصريح لا بالكناية " انتهى.

"بداية المجتهد" (2/439).

يقول الإمام الماوردي رحمه الله :

" أما صفة الشهادة في الزنا فلا يجزئ أن يقول الشهود : رأيناه يزني . حتى يصفوا ما شاهدوه من الزنا ، وهو أن يقولوا : رأينا ذكره يدخل في فرجها كدخول المرود في المكحلة : لثلاثة أمور :

أحدها : أن النبي صلى الله عليه وسلم تثبت ماعزا في إقراره فقال : أدخلت ذلك منك في ذلك منها ، كدخول المرود في المكحلة والرشا في البئر ؟ فقال : نعم . فأمر برجمه .

فلما استثبته في الإقرار كان أولى أن يستثبت في الشهادة .

والثاني : أن الشهود على المغيرة بن شعبة بالزنا لما شهدوا به عند عمر رضي الله عنه ، وهم أبو بكرة ، ونافع ، ونفيع ، وزياد ، فصرح بذلك أبو بكرة ، ونافع ، ونفيع

فأما زياد فقال له عمر : قل ما عندك ، وأرجو أن لا يهتك الله صحابيا على لسانك . فقال زياد : رأيت نفسا تعلو ، أو استا تنبو ، ورأيت رجليها على عنقه كأنهما أذنا حمار ، ولا أدري يا أمير المؤمنين ما وراء ذلك

فقال عمر : الله أكبر . فأسقط الشهادة ولم يرها تامة .

ولمعرفة براءة المغيرة بن شعبة من هذه التهمة انظر جواب السؤال القادم

والثالث : أن الزنا لفظ مشترك . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : العينان تزنيان وزناهما النظر ، واليدان تزنيان وزناهما اللمس ، ويصدق ذلك ويكذبه الفرج .

فلذلك لزم في الشهادة نفي هذا الاحتمال بذكر ما شاهده من ولوج الفرج في الفرج " انتهى.

"الحاوي" (13/227).

الأمر الثالث :

أن تخصيص الشهادة على الزنا بهذا التشديد فيه مزيد احتياط وصيانة للأعراض ، كي لا يتساهل الناس في الطعن ولا في القذف .

وباشتراط البينة بهذا التدقيق لا يكاد حد الزنى يقام على أحد إن لم يعترف ، ومن أقيم عليه بسبب مشاهدة أربعة رجال له هذه المشاهدة الدقيقة فذلك دليل على جرأة ووقاحة يستحق عليها العقوبة الرادعة .

يقول الإمام الماوردي رحمه الله :

" الشهادات تتغلظ بتغليظ المشهود فيه ، فلما كان الزنا واللواط من أغلظ الفواحش المحظورة وآخرها ، كانت الشهادة فيه أغلظ : ليكون أستر للمحارم ، وأنفى للمعرة " انتهى.

"الحاوي" (13/226) .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" والشهادة على الزنا لا يكاد يقام بها حد وما أعرف حدا أقيم بها وإنما تقام الحدود إما باعتراف وإما بحبل .." .

"منهاج السنة النبوية" (6/95) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-01, 14:08   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت وقوع المغيرة بن شعبة في الزنا ؟

وما حكم من يفعل مقدماته في الشرع؟


السؤال


قرأت في موقعكم تحت عنوان : ( الشهود الأربعة في حد الزنى فقط ) : " أن الشهود على المغيرة بن شعبة بالزنا لما شهدوا به عند عمر رضي الله عنه ، وهم أبو بكرة ، ونافع ، ونفيع ، وزياد

فصرح بذلك أبو بكرة ، ونافع ، ونفيع ، فأما زياد فقال له عمر : قل ما عندك ، وأرجو أن لا يهتك الله صحابيّاً على لسانك ، فقال زياد : " رأيت نفساً تعلو ، أو استاً تنبو ، ورأيت رجليها على عنقه كأنهما أذنا حمار

ولا أدري يا أمير المؤمنين ما وراء ذلك ، فقال عمر : الله أكبر ، فأسقط الشهادة ولم يرها تامة " . وإني أحب الله ، ورسوله ، وصحابته ، ولكني صدمت بهذا الكلام

فهل يعقل أن صحابيّاً راويا للأحاديث كالمغيرة بن شعبة يقوم بهذا الأمر ، وإن لم يثبت أنه زنا ، ولكن ثبت أنه قام بمقدمات الزنا على الأقل

كما وصف الشاهد الرابع زياد ، أفلا يقدح ذلك بعدالته ؟

وضحوا لنا الأمر جزيتم خيراً ، فإن الكلام في صحابة رسولنا الكريم قد كثر هذه الأيام كي لا تشوه صورتهم في أعيننا . وثانياً : هل ثبوت مقدمات الزنا عليه عقاب في الإسلام ؟

وإن كان نعم فما فعل عمر رضي الله عنه بالمغيرة؟


الجواب


الحمد لله

أولاً:

الصحابي الجليل " المغيرة بن شعبة " هو أحد أصحاب " بيعة الرضوان " الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ، والذين أثنى الله عليهم بالخير ، وأخبر أنه رضي عنهم

قال تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً . وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا . وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) الفتح/18 ، 19 .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

" يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ، وقد تقدم ذكر عدتهم ، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة ، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض " الحديبية " .

وقوله : ( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ) أي : من الصدق ، والوفاء ، والسمع ، والطاعة .

( فَأَنزلَ السَّكِينَةَ ) : وهي الطمأنينة ، ( عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) : وهو ما أجرى الله على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم ، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر

وفتح مكة ، ثم فتح سائر البلاد ، والأقاليم عليهم ، وما حصل لهم من العز ، والنصر ، والرفعة في الدنيا ، والآخرة ، ولهذا قال : ( وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) " انتهى .

" تفسير ابن كثير " (7/339 ، 340 ) .

وقد أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد لهم بالخيرية ، وأخبر أنهم من أهل الجنة :

أ. عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ :

( أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ ) رواه البخاري ( 2923 ) ومسلم ( 1856 ) .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - : " هذا صريح في فضل " أصحاب الشجرة " ، فقد كان من المسلمين إذ ذاك جماعةٌ بمكة ، وبالمدينة ، وبغيرهما " انتهى .
" فتح الباري " ( 7 / 443 ) .

ب. عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو حَاطِبًا ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( كَذَبْتَ ، لَا يَدْخُلُهَا فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ ) رواه مسلم ( 2495 ) .

ج. عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال : أَخْبَرَتْنِي أُمُّ مُبَشِّرٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ : ( لَا يَدْخُلُ النَّارَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا .

قَالَتْ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَانْتَهَرَهَا ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) رواه مسلم ( 2496 ) .

قال النووي – رحمه الله - :

" قال العلماء : معناه : لا يدخلها أحدٌ منهم قطعاً ، كما صرح به في الحديث الذي قبله - حديث حاطب - وإنما قال : ( إن شاء الله ) للتبرك لا للشك ، وأما قول حفصة بلى ، وانتهار النبي صلى الله عليه و سلم لها .

.. فيه دليل للمناظرة ، والاعتراض والجواب ، على وجه الاسترشاد ، وهو مقصود حفصة ؛ لا أنها أرادت رد مقالته صلى الله عليه و سلم .

والصحيح أن المراد بالورود في الآية المرور على الصراط ، وهو جسر منصوب على جهنم فيقع فيها أهلها وينجو الآخرون " انتهى .

" شرح مسلم " ( 16 / 58 ) .

وقد أسلم " المغيرة بن شعبة " رضي الله عنه عام الخندق ، وأول مشاهده : الحديبية ، ثم شهد اليمامة ، وفتوح الشام ، والقادسية ، ونهاوند ، وهمدان ، وغيرها .

قال عنه الحافظ الذهبي – رحمه الله - : " من كبار الصحابة ، أولي الشجاعة والمكيدة ، شهد بيعة الرضوان ، كان رجلا طِوالاً ، مهيبا ، ذهبت عينه يوم اليرموك ، وقيل : يوم القادسية " انتهى .

"سير أعلام النبلاء" (3/21) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-01, 14:14   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



وما جاء في روايات عدة من شهادةٍ عليه رضي الله عنه بالزنا : لم يثبت نصاب الشهادة فيها ، ولا يمكن لأحدٍ أن يتهمه رضي الله عنه بتلك الفاحشة البغيضة من غير اعتراف ، أو شهادة أربعة رجال

وكلا الأمرين معدوم ، وقد جلد عمر رضي الله عنه الثلاثة الذين اتهموه بالزنا ؛ لعدم اكتمال نصاب الشهادة ، بعد تردد الرابع ، وعدم شهادته ، ولم يصنع شيئاً مع المغيرة لعدم ثبوت أصل الواقعة شرعاً .

وأما بخصوص المروي في وصف فعله رضي الله مع تلك المرأة : فالجواب عنه من وجوه :

1. سقوط ذلك كله شرعاً ، وعدم ثبوت شيء منه ؛ لتخلف نصاب الشهادة .

2. أن كثيراً من تلك الروايات لم تصح أصلاً من حيث إسنادها .

3. أن ذلك الأمر الذي حصل – إن جزمنا بحصوله واقعاً ، وهو ما سبب إشكالاً عند كثيرين – لم يكن مع امرأة أجنبية ، بل كان مع زوجةٍ من نسائه تشبه تلك التي ادُّعي عليها فعل الفاحشة مع ذلك الصحابي الجليل.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله -

: " يظهر لنا في هذه القصة أن المرأة التي رأوا المغيرة رضي الله عنه مخالطاً لها عندما فتحت الريح الباب عنهما : هي زوجته ، ولا يعرفونها

وهي تشبه امرأة أخرى أجنبية كانوا يعرفونها تدخل على المغيرة وغيره من الأمراء ، فظنوا أنها هي ، فهم لم يقصدوا باطلاً ، ولكن ظنهم أخطأ ، وهو لم يقترف - إن شاء الله - فاحشة

لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظم فيهم الوازع الديني الزاجر عما لا ينبغي في أغلب الأحوال ، والعلم عند الله تعالى " انتهى .

"مذكرة في أصول الفقه" (ص 152) .

4. وأمر آخر يخص الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة ، وهو أنه كثير الزواج ، فأي حاجة ليفعل الحرام ، وهو يجد من الحلال الكثير ؟! .

قال الذهبي – رحمه الله - :

" عن المغيرة بن شعبة قال : لقد تزوجت سبعين امرأة ، أو أكثر .

أبو إسحاق الطالقاني : حدثنا ابن المبارك قال : كان تحت المغيرة بن شعبة أربع نسوة

قال : فصفهن بين يديه ، وقال : أنتن حسَنات الأخلاق ، طويلات الأعناق ، ولكني رجل مطلاق ، فأنتن الطلاق .

ابن وهب : حدثنا مالك قال : كان المغيرة نكَّاحا للنساء ، ويقول : صاحب الواحدة إن مرضت مرض ، وإن حاضت حاض ، وصاحب المرأتين بين نارين تشعلان ، وكان ينكح أربعا جميعاً ، ويطلقهن جميعاً " انتهى.

" سير أعلام النبلاء " ( 3 / 31 ) .

5. ومعروف غيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على حرمات الله ، وقوته في دينه ، ومعروف ـ أيضا ـ تشدده مع ولاته ، وقد ولَّى المغيرةَ بعد تلك الحادثة إمرة " الكوفة "

! ولو أنه ثبت عنده شبهة تلك المعصية فلعله لا يوليه ولاية قط ، وهذا يعني اقتناع عمر بعدم حصول تلك الواقعة أصلاً ، أو اقتناعه بأنها كانت زوجته ، ولعل الثاني هذا هو الأقرب .

وبما قلناه يسقط السؤال من أصله ، وليس ثمة حاجة للبحث في حكم فعله رضي الله عنه ؛ لأن ذلك السؤال مبني على كون تلك المرأة أجنبية .

ثانياً:

أما من حيث الحكم الشرعي ابتداءً : فإن مقدمات الزنى من الفواحش ، وقد سمَّاها الشرع " زنى " ، لكن الزنى الذي تترتب عليه الأحكام ، ويوجب الحدود : هو زنى الفرج ، لا زنى الأعضاء الأخرى .

وقد روى البخاري ( 6243 ) ومسلم ( 2657 )

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ ، وَيُكَذِّبُهُ ) .

وقد نهى الله تعالى عن مقدمات الزنى ، فقال : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) الإسراء/32

وقال : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) الأنعام/151 .

وللحاكم إن ثبت عنده فعل أحد من المسلمين مثل تلك المقدمات أن يعزره بما يراه مناسباً لحاله ، وفعله ، فليس في تلك الأفعال حدود ، بل فيها التعزير .

وينظر النقل في ذلك عن الأئمة ، مع شيء من التفصيل في أصل المسألة :

جواب السؤال القادم

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-01, 14:17   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم مقدمات الزنى من التقبيل واللمس والخلوة

السؤال


ما حكم من كان يتمتع في النساء بحيث لا يزني من قبلات وغيره ؟.


الجواب

الحمد لله

ليس الزنا هو فقط زنا الفرْج ، بل هناك زنا اليد وهو اللمس المحرَّم ، وزنا العين وهو النظر المحرَّم ، وإن كان زنا الفرْج هو الذي يترتب عليه الحد .

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان المنطق

والنفس تمنَّى وتشتهي ، والفرْج يصدق ذلك كله ويكذبه " . رواه البخاري ( 5889 ) ومسلم ( 2657 ) .

ولا يحل للمسلم أن يستهين بمقدمات الزنا كالتقبيل والخلوة والملامسة والنظر فهي كلها محرّمات ، وهي تؤدي إلى الفاحشة الكبرى وهي الزنا .

قال الله تعالى : ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً الإسراء / 32 .

والنظرة المحرمة سهم من سهام الشيطان ، تنقل صاحبها إلى موارد الهلكة ، وإن لم يقصدها في البداية ولهذا قال تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون .

وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن النور / 30 – 31 .

فتأمل كيف ربط الله تعالى بين غض البصر وبين حفظ الفرج في الآيات ، وكيف بدأ بالغض قبل حفظ الفرج لأن البصر رائد القلب .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

أمر الله سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار ، وحفظ الفروج ، وما ذاك إلا لعظم فاحشة الزنا وما يترتب عليها من الفساد الكبير بين المسلمين

ولأن إطلاق البصر من وسائل مرض القلب ووقوع الفاحشة ، وغض البصر من أسباب السلامة من ذلك ، ولهذا قال سبحانه : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون

فغض البصر وحفظ الفرج أزكى للمؤمن في الدنيا والآخرة ، وإطلاق البصر والفرج من أعظم أسباب العطب والعذاب في الدنيا والآخرة ، نسأل الله العافية من ذلك .

وأخبر عز وجل أنه خبير بما يصنعه الناس ، وأنه لا يخفى عليه خافية ، وفي ذلك تحذير للمؤمن من ركوب ما حرم الله عليه ، والإعراض عما شرع الله له

وتذكير له بأن الله سبحانه يراه ويعلم أفعاله الطيبة وغيرها. كما قال تعالى : يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور غافر / 19 .

" انتهى من التبرج وخطره " .

فعلى المسلم أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن ، وأن يبتعد عما حرَّمه الله عليه من الخلوة والنظر والمصافحة والتقبيل وغيرها من المحرَّمات والتي هي مقدمات لفاحشة الزنا .

ولا يغتر العاصي بأنه لن يقع في الفاحشة وأنه سيكتفي بهذه المحرمات عن الزنا ، فإن الشيطان لن يتركه . وليس في هذه المعاصي كالقبلة ونحوها حد لأن الحد لا يجب إلا بالجماع ( الزنى )

ولكن يعزره الحاكم ويعاقبه بما يردعه وأمثاله عن هذه المعاصي .

قال ابن القيم :

( وأما التعزير ففي كل معصية لا حد فيها ولا كفارة ; فإن المعاصي ثلاثة أنواع : نوع فيه الحد ولا كفارة فيه , ونوع فيه الكفارة ولا حد فيه , ونوع لا حد فيه ولا كفارة ;

فالأول - كالسرقة والشرب والزنا والقذف -

, والثاني : كالوطء في نهار رمضان ، والوطء في الإحرام , والثالث : كوطء الأمة المشتركة بينه وبين غيره وقبلة الأجنبية ، والخلوة بها ، ودخول الحمام بغير مئزر

وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير , ونحو ذلك ) "

إعلام الموقعين " ( 2 / 77 ) .

وعلى من أبتلي بشيء من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ، فإن من تاب تاب الله عليه ، والتائب من الذنب من لا ذنب له .

ومن أعظم ما يكفر هذه المعاصي المحافظة على الصلوات الخمس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة

ورمضان إلى رمضان ، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " رواه مسلم (1/209)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-01, 14:21   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من أتى بهيمة عزر وقتلت البهيمة

السؤال

هل يجوز أكل لحم شاة اعتدى عليها شخص جنسيا ؟

وهل يجوز شرب حليبها؟


الجواب


الحمد لله

البهيمة التي يعتدى عليها بالوطء ، تقتل ، ولا يؤكل لحمها ، فإن كانت للواطيء فهي هدر ، وإن كانت لغيره لزمه ضمانها .

وأما الفاعل فإنه يعزّر ، وقيل : يقتل ؛ لحديث ورد في ذلك لكنه ضعيف .

روى الترمذي (1455) وأبو داود (4464) وابن ماجه (2564) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( مَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ ) فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ : مَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ ؟

قَالَ : مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ، وَلَكِنْ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ لَحْمِهَا أَوْ يُنْتَفَعَ بِهَا وَقَدْ عُمِلَ بِهَا ذَلِكَ الْعَمَلُ . والحديث ضعفه أبو داود والطحاوي

وقال الترمذي عقبه : " وقد روى سفيان الثوري عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس أنه قال : ( من أتى بهيمة فلا حد عليه ) حدثنا بذلك محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان الثوري

وهذا أصح من الحديث الأول ، والعمل على هذا عند أهل العلم وهو قول أحمد وإسحاق ".

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (24/33) :

" ذهب جماهير الفقهاء إلى أنه لا حد على من أتى بهيمة لكنه يعزر , لما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : من أتى بهيمة فلا حد عليه . ومثل هذا لا يقوله إلا عن توقيف

, ولأن الطبع السليم يأباه فلم يحتج إلى زجر بحد . وعند الشافعية قول : إنه يحد حد الزنى وهو رواية عن أحمد , وعند الشافعية قول آخر : بأنه يقتل مطلقا محصنا كان أو غير محصن ..

. ومذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية والمالكية والشافعية ) أنه لا تقتل البهيمة , وإذا قتلت فإنها يجوز أكلها من غير كراهة إن كانت مما يؤكل عند المالكية والشافعية ,

ومنع أبو يوسف ومحمد أكلها . وقالا : تذبح وتحرق . وأجازه أبو حنيفة , وقد صرح الحنفية بكراهة الانتفاع بها حية وميتة .

وذهب الحنابلة إلى أن البهيمة تقتل سواء كانت مملوكة له أو لغيره . وسواء كانت مأكولة أو غير مأكولة . وهذا قول عند الشافعية , لما روى ابن عباس مرفوعا قال

: (من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة) . وعند الشافعية قول آخر : إنها تذبح إن كانت مأكولة , وصرحوا بحرمة أكلها إن كانت من جنس ما يؤكل " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " فلو أولج الإنسان في بهيمة عزّر ، وقتلت البهيمة على أنها حرام جيفة ، فإن كانت البهيمة له فاتت عليه

وإن كانت لغيره وجب عليه أن يضمنها لصاحبها . وقيل إن من أتى بهيمة قتل لحديث ورد في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة )

وهذا عام أخذ به بعض أهل العلم ، وقالوا : إن فرج البهيمة لا يحل بحال ، فيكون كاللواط ، ولكن الحديث ضعيف ، ولهذا عدل أهل العلم لمّا ضعف الحديث عندهم إلى أخف الأمرين

وهو قتل البهيمة ، وأما الآدمي فلا يقتل ؛ لأن حرمته أعظم ، ولكن يعزر لأن ذلك معصية ، والقاعدة العامة أن التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة "

انتهى من "الشرح الممتع" (14/245).

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/60) :

" واختلف في علة قتلها , فقيل : إنما قتلت لئلا يعير فاعلها , ويذكر برؤيتها . وقد روى ابن بطة بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه

واقتلوا البهيمة . قالوا : يا رسول الله ما بال البهيمة ؟ قال : لا يقال هذه وهذه) . وقيل : لئلا تلد خلقا مشوها . وقيل : لئلا تؤكل . وإليها أشار ابن عباس في تعليله " انتهى .

وبهذا يعلم أن الشاة الموطوءة لا ينتفع بلبنها ولا تترك ، بل تقتل ويتخلص منها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الحدود والتعزيرات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc