ساهموا معي في نقل حقيقة المولد النبوي - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم

منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم كل ما يختص بمناقشة وطرح مواضيع نصرة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم و كذا مواضيع المقاومة و المقاطعة...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ساهموا معي في نقل حقيقة المولد النبوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-02-26, 05:17   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
sousou24
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية sousou24
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك









 


رد مع اقتباس
قديم 2010-02-26, 12:20   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
mostefa82
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم.
مشكورة.مزيدا من العطاء.










رد مع اقتباس
قديم 2010-02-26, 22:38   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
زهيرة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية زهيرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هذا الموضوع حاولت من خلاله توضيح الرؤى فيما يخص الأحتفال بميلاد خير الأنام لما رأيت تشنج في بعض المواقف والذي وصل ذروته ف هنا ..فأصبح تجريم المسلم لأخيه المسلم دون سابق إنذار ...

فقط رجائي ألا يحذف الموضوع مرة أخرى أختي الماسة





يقول الإمام مُتَولِّي الشَّعرَاويّ رحمه الله : "إذَا كانَ بنُو البَشرِ فَرحينَ بمجيئه لهذا العالمِ، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحةً لمولده وكلُّ النباتات فرحةً لمولده وكلُّ الحيوانات فرحةً لمولده، وكلُّ الجنِّ فرحةً لمولده، فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده. الأدلَّة على أنَّ الاحتفالَ بالمولد النبوي جائز أثرُ الاحتفال بالمولد على الكفار، إنَّ الابتهاجَ والاحتفال بيوم مولد النبي


يعودُ بفائدة، بفضل الله ورحمته، حتى على الكافرين" مائدة الفكر الإسلامي، ص. 295



وما نراه من بعض المخالفين من رقص سفيف وطبل مع الذكر واختلاط سافر بين النساء والرجال محرما باتفاق العلماء..وليس من المعقول ان نلغي احتفال الامه الاسلاميه بالمولد لفعل بعض الجهلاء. الذين ينسبون انفسهم لبعض الطوائف وهي منهم برئيه وليسوا بحجه علينا..بل ننبه علي اخطائهم ونرشدهم لكيفيه احياء الذكري وان شاء الله تنتهي هذه الظاهره السيئه المحرمه شرعا وعقلا ونقلا..ويكون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف خالي من كل هذه المحرمات.



كما انه ليس من المعقول الغاء التفسير لوجود اسرائليات



كما لو قيل الاختلاط وغيره فهذا محرم باتفاق العلماء ولا عقل لمن يقول به..ولو كان هذا هو الداعي لحذف المولد من قاموس المسلمين



فيجب ان نحذف الافراح في كثير من البلاد الاسلاميه لان بعضهم يختلط ويشرب ويرقص رقص سفيف ماجن..ليس من الاسلام في شئ



فنعطل ايضا سنه الزواج لان بعض المسلمين اخلوا بقواعد الاسلام وفعلوا المحرم من رقص وشرب واختلاط في الافراح وما اكثرها في بلادنا الاسلاميه وان كان العقد صحيح وزواجهم صحيح لاكتمال بنود العقد ولكن تخلله محرم..



وكذلك نلغي الاعياد عيد الفطر وعيد الاضحي لان اكثر ارباب السؤ في بعض الدول يحيون هذه الاعياد بالسكر وشرب المخدرات والخروج مع النساء والبنات ويحدث الاختلاط!!! بل اسؤ من ذلك



بل نقول يجب التنبيه وتعليم المسلمين دينهم وما هو محرم وما هو حلال وجائز وليس الغاء الاعياد ولا الزواج.. مثل المولد النبوي الشريف..



فالاحتفال بالمولد ليس ببدعه مثله مثل



1- ختم القران ليله 27 او 29 في رمضان ( هل يوجد دليل من السنه عليه او حتي من فعل الصحابه )؟؟



وهو امر ديني طرا علي الاسلام ولكنه بدعه حسنه يثاب عليها المسلمين



2- النداء في الحرم الشريف قبل الصلاه للقيام (صلاه القيام اثابكم الله)


ولا يوجد دليل علي قولها قبل صلاه التراويح في السنه بل هي من المستحسن لجلب النيه والهمه والتذكير



3- صلاح التراويح جماعه في الاصل من فعلها الفاروق عمر بن الخطاب وقال نعم البدعه هي



4- وجود المراحيض في داخل اماكن العباده المساجد لم نر له اصل في السنه بل من فعل التابعين..



5-- قراءه ختم القران جماعه في صلاه التراويح والتهجد ( لا يوجد اي من فعلها ولا من ايام الرسول صلي الله عليه وسلم ولا من عصر الصحابه ولا التابعين حتي) فهل هي بدعه



6- لحرم التصانيف في العلوم الاسلاميه لان اسمائها لم تكن في الصدر الاول من الاسلام فلم يكن هناك علم التفسير وعلم مصطلح الحديث



واستخرج السيوطي للاحتفالِ أصلاً ثانيًا مُوضحًا أنَّ البدعةَ المذمومةَ هي التي لا تدخل تحت دليل شرعي في مدحها أما إذا تناولها دليل المدح فليست مذمومة، رَوَى البَيهقيُّ عن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال: "المُحدثَاتُ من الأمور ضربان، أحدُهُمَا إحْداثُ مَا يُخَالفُ كتابًا أو سنةً أو أثرًا أو إجماعًا فهذه البدعة ضلالةٌ، والثاني مَا أُحدثَ من الخير، لاَ خلافَ فيه لواحدٍ، وهذه مُحدثةٌ غير مذمومةٍ. وقد قال عمر بن الخطاب في قيام شهر رمضان نعم البدعةُ هذه، يعني أنها محُدثةٌ لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى" (انتهى كلام الشافعي)



حُسنُ المَقصدِ فِي عَمَلِ المَولِد الامام السيوطي




ليسَ كلُّ مَا لمْ يَفعله السَّلفُ ولم يَكن في الصدر الأولِ فهو بدعةٌ منكرةٌ، يَحرمُ فعلهَا، وَيَجبُ الإنكار عليها، بل يَجبُ أنْ يُعرضَ الأمرُ المُحدَثُ عَلى أدلِّةِ الشرع، فَمَا كانَ فيه مصلحةٌ فهو واجبٌ، وَمَا كانَ فيه محرّمٌ فهو محرّمٌ، وَمَا كانَ فيه مكروهٌ فهو مَكروهٌ، وَمَا كانَ فيه مباحٌ فهو مباحٌ، وَمَا كانَ فيه مندوبٌ فهو مندوبٌ


وزعم بعض المعارضين أنه لو كان المولد من الدين لبينه رسول الله للأمة أو فعله في حياته أو فعله الصحابة رضوان الله عليهم ، ولا يمكن القول أن الرسول لم يفعله تواضعاً منه فإن هذا طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا خلفائه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين " ...


أن كل ما لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة من بعده ،لا يعتبر تركهم له تحريماً ، وحيث أن كل ما تشمله الأدلة الشريعة ولم يقصد بإحداثه مخالفة الشريعة ولم يشتمل على منكر فهو من الدين فمن زعم شئ بدعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله فقد ادعى ما ليس له دليل وكانت دعواه باطلة



قالَ عليه الصلاة والسلام: "مَنْ سنّ في الإسلام سُنَّةً حسنةً فعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتب له مثلُ أجرِ مَن عمل بِـهَا ولاَ يَنْقُصُ مِنْ أجورِهِمْ شَيءٌ".




دَرَجَ السَّلفُ الصَّالـحُ، مُنذُ القرن الرابع والخامس، على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتَّى أنواع العبادات مِنْ إطعام الطَّعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما نصَّ علىَ ذلك المؤرخونَ مثل ابنِ الجوزي وابن كثير، وابن دحية الأندلسي، وابن حجر، وجلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى. فالمولد أمرٌ استحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد، وجرى به العمل في كل صَقْعٍ فَهو مطلوب شرعاً للقاعدة الشرعية الواردة في حَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ رَضي الله عنه الموقوفِ :"مَا رَآهُ المُسلِمونَ حَسَناً فَهوَ عِندَ اللهِ حسنٌ، وَمَا رَآهُ المُسلمونَ قَبيحاً فَهوَ عندَ اللهِ قَبيحٌ" أخرجه أحمد



اعلم اخي المسلم



أن كل يوم هو مولد للنبي صلي الله عليه وسلم عندنا والرسول نحتفل به يوميا طوال العام عليه افضل الصلاه والسلام..


نحتفل عليه بالصلاه عليه يوميا


نحتفل به باحياء ذكرته العطره وتذكير المسلمين به يوميا


نحتفل به بترديد اسمه الذي قرن الله عز وجل اسمه باسمه فنقول لا اله الا الله محمد رسول الله..يوميا



وهذا اليوم المولد النبوي الشريف للتذكير لكل العالم الاسلامي ولكل من غفل قلبه عن ذكر الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم



تذكره من جرفته الحياه ونسي ذكر ربه ونبيه وبعد عن اوامر دينه لعل الله يجعل هذه التذكره سببا في هدايته


"وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"



ان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يغنينا عن الاحتفال بالاعياد الوثنيه كشم النسيم مثلا فايهما خيرا للتذكير..



كما انه فرصه للتعارف بين المسلمين والعمل علي اصدار كتيبات تعرف بالنبي صلي الله عليه وسلم تطرح في هذه الايام..



كما انه فرصه لنشر الاسلام فالغرب عندما يعلم انه يوم مولد محمد صلي الله عليه وسلم يتسائلون عن ماهيه محمد نبي الاسلام عليه الصلاه والسلام



وفيه يكتب الصحفيون الغرب المعتدلون تهنئه في جرائدهم مع التعريف بنبي الرحمه صلي الله عليه وسلم وهي فرصه عظيمه يجب اغتنامها من شهاده الغرب واهله انفسهم في ذلك اليوم للنبي الكريم صلي الله عليه وسلم والعمل بجد لنشر دعوته والتعريف به ..




المولد النبوي الشريف هو فرصه للالتقاء وتعميق اواصر الاخوه بين المسلمين والذكر والصلاه عليه صلي الله عليه وسلم وتذكر انه يوم ولد من ارسله الله ليكون رحمة للعالمين.









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-26, 22:41   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
زهيرة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية زهيرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فائده الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وهو منقول

1. الاحتفالُ بالمولد : تعبيرٌ عن الفرح بِرَسول الله صلى الله عليه وَسَلَّم:


إنَّ الفرح بِهِ صلَّى الله عليه وسلّم مطلوب بأمر القرآن في قَولِه تَعَالى: "قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ، فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا" [1]. فاللهُ تَعَالَى أَمَرَنَا أنْ نَفْرَح بالرحمة، والنبي صلّى الله عليه وسلّم الفضلُ الأكبرُ والرَحْمَةُ الأعظمُ على الإطلاقِ، قال الله تعالى: "وَمَا أَرسَلْنَاكَ إلاَّ رَحمةً للعَالمينَ" [2].


2. الاحتفال بالمولد : تعظيمٌ لشعائر الله

يقول الله تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ" [3]. والشَّعائر: جمع شعيرة ِبـمَعْنَى مَشعَرَة وهي المعلم الواضح، وتطلق هذه الكلمة على "مناسك الحج" أي معالمه بما عينه الله. فالشارع أمرنا بتَعظيم البيت الحرام، وبناء المساجد، وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره، ولم يأمرنا بعبادة الكعبة، ولا بعبادة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا بعبادة المساجد، ولا بعبادة أصحابه. كما يُعَدُّ تعظيمُ الُمصْحَفِ، والتذلُّلِ للأبوين والمؤمنين من شعائر الله وليس ذلك عبادةً لهم. وقال الإمام الفخر الرازي: "الأصلُ في الشَّعائِر الأَعلامُ التي بـهَا يُعرفُ الشيء ويكون وسيلةً إلى رحمة الله تعالى؛ فتعظيمُ شعائر الله تعالى أنْ يُعتقدَ أنَّ طاعةَ الله تعالى في التقرّب بـها، فإنَّ تعظيمها مِن أَفعال ذَوي تَقوَى القُلوب" [4].

3. الاحتفال بالمولد : مناسبةٌ للصَّلاةِ على النبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ

فَفِي إقامةِ ذكْرَى مَولدِ النَّبي صلى الله عليه وَسَلَّم مَا يَحثُّ عَلَى الثَّناءِ والصلاة عليه وهو واجبٌ أمَرَنَا الله تعالى بِه، قال تعالى: "إنَّ اللهَ وَمَلاَئكتَهُ يُصَلُونَ عَلَى النَّبي، يَا أَيّهَا الذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيه وَسَلِّمُوا تَسْليمًا" [5]. فَمُجرَّدُ الاجتماعِ وَذكرِ النَّبي صلّى الله عليه وسلّم يَجعلنَا نُثْنِي وَنُصلِّي عَلَيهِ.

4. الاحتفال بالمولد : تعبيرٌ عن محبَّة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وشكرٌ للمُنْعِمِ

يُعتبرُ الاحتفال مظهراً من مظاهر الدين ووسيلة مشروعة لبلوغ محبة الله عز وجلّ، قال تعالى: "قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحبُّونَ اللهَ فَاتَّبعُونِي يُحِْببْكُمْ اللهُ" [6] ، وقالَ صلَّى الله عليه وسلم: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكونَ أحبَّ إليه مِن نَفسهِ وَمَاله وَوَلدِه وَالنَّاسِ أَجمعين". فالاجتماع في مناسبة المولد مندوبٌ وقربةٌ لشكر الله على أعظم نعمةٍ في الوجود وهي مَقْدَمُهُ صلى الله عليه وسلم وقد حث القرآن على إظهار شكر المنعم في قوله تعالى: "وأمَّا بِنعْمَةِ ربِّكَ فَحَدِّثْ" [7].

5. الاحتفال بالمولد تثبيتٌ لقلوبِ المُؤْمِنينَ:

"وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسل مَا نُثبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ" [8] فالحكمة من قصِّ الله أنباءَ الرسل عليهم السلام هي تَثبيتُ فؤاده الشريف، صلى الله عليه وسلم بـهَا، ولاَ شَكَّ أنَّ المؤمنين يَحْتَاجونَ إلىَ تَثبيتِ أَفئدِتِهِم بِأَنبائهِ وَأَخْبَاره صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ أكثرَ من احتياجه هو صلّى الله عليه وسلّم. فالمولد الشريف مناسبةٌ لذكر معجزاته وسيرتِهِ والتَّعريف به حَتىَّ تَثبُتَ القلوبُ بمعرفته والاقتداء به والتأسّي بأعماله والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته.

6. الاحتفال بالمولد مناسبة للتعرّض لمكافأته:
بِأَدَاءِ بَعضِ مَا يَجبُ لَهُ عَلَينَا بِبَيَانِ أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة، وقد كان الشعراء يَفِدُونَ إليهِ صَلَّى الله عليه وسلّم بالقصائد وَيَرضَى عَمَلَهُم، وَيَجزيهم على ذلك بالصِّلاَتِ، فَإذَا كَانَ يَرْضَى عَمَّنْ مَدَحَهُ فَكَيفَ لاَ يَرضَى عَمَّنْ جَمعَ شمََََائلهُ الشَّريفةَ، فَفِي ذلك التقرُّب له عليه السلام باستجلاب محبته وَرضَاهُ.

7. "فِي كُلِّ يومِ اثنينٍ يُطْلَقُ سَرَاحُ أَبِي لَهبٍ منْ عَذَابِ القَبرِ لأنَّهُ أَعتَقَ جَاريتَه ثُوَيْبَةَ عندمَا بَشَّرتهُ بِخَبرِ مَولدِ النَّبيِ" [9]. وقَال الحافظُ شمسُ الدّين ابنُ الجزري في كتابه عَرْفُ التَّعريفِ بالَمَولدِ الشَّريفِ: "إنَّه صحَّ أنَّ أبَا لَهبٍ يُخفَّفُ عنه العذابُ في الناَّر كلَّ ليلةِ اثنينِ لإعتاقِهِ ثُويبةَ عندما بَشَّرتهُ بِولادَةِ النَّبي عليه الصلاة والسلام. فإذا كان أبُو لهبٍ الكافرُ، الذي نزل القرآن بذَمِّه، جُوزِيَ في النَّار بفرحه ليلةَ مَولد النَّبي عليه السلام، فَمَا حَال المُسلم المُوحِّدِ مِنْ أُمَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يُسَرُّ بَمولده ِوَيَبذُلُ مَا تَصل إليه قُدرتُه فَي مَحبَّتِهِ، لَعَمْرِي إنَّمَا يَكُون جَزَاؤُه مِنَ الله الكَريمِ أنْ يُدخِلَهُ بِفَضْلهِ جَنَّةَ النَّعِيم. وَقَالَ ابنُ كَثيرٍ في كتاب "البداية والنهاية" إنَّ أولَ مَنْ أرضعته هي ثُويبةُ، مَولاةُ أَبي لهبٍ وَكَانَ قَد أَعتقها حين بَشَّرته بولادة النبي. وَلهذا لما رَآه أخوه العبَّاس بَعدَ موته في المنام سَأَلَهُ: مَا لَقِيتَ؟ قَالَ: "لمَْ ألقَ بَعدَكُمْ خَيْراً، غَيرَ أنِّي سُقيتُ فِي هَذِه بِعِتَاقَتِي لثُويبةَ" وأشار إلى النَّقرةِ التّي بَينَ الإبْهَامِ وَالتّي تَليهَا منَ الأَصَابِع [10].

وفي هذا المعنى أنشد الحافظ شمس الدين الدمشقي في كتابه: مَورِدُ الصَّادِي فِي مَولِدِ الهَادِي:

إذا كَـــانَ هَذَا كَافرًا جَاءَ ذَمُّهُ ** وَتبَّتْ يَدَاهُ فَِي الجَحِيمِ مُخَـــــلَّدًا

أَتَى أنَّهُ فِي يَومِ الإثْـــنَينِ دَائمًا ***يُخَفَّفُ عَنه للسُّرُورِ بِأَحْمَـــــدَا

فَمَا الظَنُّ بالعَبدِ الذي طولَ عُمْرِهِ *** بِأَحْمَدَ مَسْرورًا وَمَاتَ مُوَحِّــــدًا

8. كان صلّى الله عليه وسلّم يعظّم يوم مولده، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه وكان يعبّر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في الحديث عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: "سُئلَ رَسُول اللهِ صَلَّى الله عليه وسلّم عن صيام يوم الاثنين ؟ فَقَالَ :فِيهِ وُلدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ [11]. وَهَذَا فِي مَعنى الاحتفال به، إلاّ أن طريقةَ الاحتفالِ مُختلفةٌ فتكونُ بصيامٍ أوْ إطعامِ طعامٍ أو اجتماعٍ عَلَى ذكرٍ أو صلاةٍ عَلَى النبي صلّى الله عليه وسلّم أو سَمَاعِ شمَائلهِ الشَّريفةِ.

9. كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يلاحظ ارتباط الزمان بالأحداث الدينية المهمة فإذا جاء الزمان الذي وقع فيه كان يَتَذَكَّرُهُ ويُعظِّمُ يومَهُ لأَجلهِ. وَقد بيّنَ النبي صلّى الله عليه وسلّم هذا المبدأَ بنفسه فَصَرَّحَ في الحديث الصحيح "أنَّه قَدِمَ المدينةَ فَوَجَدَ اليَهودَ يَصُومونَ يَومَ عَاشُوراءَ، فسألهم فقالوا هذا يوم أَغرقَ اللهُ فيه فرعونَ وَنـجَّى موسى، فَقالَ "نَحنُ أَولَى بِمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِه". قَال الحافظ ابن حجر:"يُستَفَادُ منهُ فعلُ شُكرِ اللهِ عَلَى مَا مَنَّ بِه في يَومِ مُعَيَّنٍ مِن إسدَاءِ نِعمةٍ أوْ دَفْعِ نِقمةٍ، وَيُعادُ ذلكَ في نظير ذلك اليوم مِنْ كُلِّ سنةٍ، والشكر يَحصلُ بأنواعِ العِبادَاتِ كالسُّجودِ وَالصيامِ وَالصَّدقةِ وَالتِّلاوةِ. (...) فَينبغي أنْ نقتصر فيه على مَا يُفهَمُ الشكرُ لله تَعَالَى مِن نَحو مَا تَقدَّمَ ذكرُه منَ التِّلاوة والإطعام وإنشادِ شيءٍ منَ المدائحِ النَّبويةِ والزُّهديةِ المُحرِّكَةِ للقلوبِ إلى فعل الخير والعملِ للآخرةِ ومَا كَانَ مُباحًا بحيثُ يَقتضي السُّرورَ بذلكَ اليَومِ لا بَأسَ بإلحاقِه بِه"ِ. وَأَضَافَ ابنُ حَجَر رحمه الله في كتاب العيدين، في شرحه
لحديث الجـاريتين المُغَنيَّـتَينِ في حـضـــرة النَّبي صلى الله عليه وسلم، وإنــكار أبي بــكر عليــهما، وقــوله صلى الله عليه وسلم: «دَعهُمَا»، عَرَّفه الحُكمَ مَقرُوناً ببَيانِ الحِكمةِ بأنَّهُ يومُ عيدٍ، أيْ يَومُ سرورٍ شَرعيٍّ، فَلاَ يُنكرُ فيه مثلُ هَذَا، كَمَا لاَ يُنكرُ فيِ الأَعراسِ [12]. فأين هذا الأمر من الفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وَبَذلِ الخَيرِ وَالمعروفِ شُكراً لله على تلك النعم، ولو لمْ تَكُنْ عبادةً في ذَاتِهَا، إنَّمَا سَببٌ للفرحِ بِنعمةِ الله تَعَالَى الُمتَجدَّدةِ. كمَا َيُؤخَذُ من قوله صلّى الله عليه وسلّم في فَضلِ يَوم الجمعة وعدِّ مزاياه: "وَفيهِ خُلقَ آدَمُ" تَشريفُ الزَّمانِ الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبيٍّ كان من الأنبياء عليهم السلام، فكيف باليوم الذي وُلد فيه أفضل الأنبياء على الإطلاقِ.

10. ذَكَرَ ابنُ الحاج في كتابه الـمَدْخل فضلَ الاحتفال بالمولد فَقَالَ :"فِي هَذَا الشَّهرِ مَنَّ اللهُ تَعَالى عَلينَا بسيِّدِ الأوَّلينَ وَالآخرينَ، فَكَانَ يَجبُ أنْ يُزَادَ فيه من العبَادَات والخَير وشُكر الَمولَى عَلَى مَا أَولاَنَا به مِنَ النِّعَمِ العَظيمةِ (...) يَجبُ عَلينا في كُلِّ يومِ اثنين من رَبيع الأولَ أنْ نُكثرَ منَ العبَادَات لنحمدَ الله على ما أتانَا من فضله بأنْ بعثَ فينا نبيَّهُ الحبيبَ ليهدينَا للإسلام والسَّلام. فالنبيُّ عندما سُئلَ عن صوم يوم الاثنين أجاب: "هَذَا يَومٌ وُلدتُ فِيهِ". لذا، فهذا اليوم يشرِّفُ ذاكَ الشهر لأنه يوم النبي وقد قال: "أَنَا سيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ. وقال: "آدَمُ ومَن جَاءَ بَعده تَحتَ لوائي يَومَ القيامة. [13]

11. قال الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه حُسنُ المَقصدِ فِي عَمَلِ المَولِد الذي ألَّفَهُ فِي استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بعد سُؤال يتعلق بحُكم عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول من حيث الشرع ، وهل هو محمود أو مذموم، وهل يثاب فاعله. "الجَوابُ عندي أنَّ أصلَ عَمَل المولد الذي هو اجتماعُ النَّاس وَقراءَة ما تيسَّرَ منَ القُرآن وَروايةُ الأَخبارِ الواردة في مبدَإ أمْرِ النبيِّ صَلى الله عليه وَآلهِ وَسلَّم وَمَا وَقعَ في مَولده منَ الآيات ثُمَّ يُمدُّ لَهمْ سماطٌ يأكلونَه ويَنصرفونَ من غير زيادةٍ عَلَى ذلك هو من البدع الحَسنةِ التي يُثاب ُعَليها صاحبُها، لما فيه من تعظيمِ قَدرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولدهِ الشريفِ، وقد كان الملك المُظفَّرُ يَعتنِي بإقامةِ المولد النبويِّ بالطعامِ وغَيرهِ، وَيحَضرُهُ أعيانُ العلماءِ وَالصوفيّةُ فَيُكْثِرُ الصَّدقةَ في يومِ الاحتفال، وَيعملُ للصوفية سماعًا منَ الظهر إلى الفجر وَقد مَاتَ رحمه الله تعالى وهو محاصِرٌ للنَّصارى في مدينة عَكَّا أثناء الحملة الصليبية سنة ثلاثين وستمائة630 للهجرة، وكان هذا الملكُ شهمًا شجاعًا بطلاً عالمًا عادلاً رحمه الله تعالى. ثم ردَّ السيوطي على من قال :"لاَ أعلمُ لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنةٍ" بقولهِ: "نفيُ العلمِ لا يلزمُ منهُ نفيُ الوجودِ". واستخرج السيوطي للاحتفالِ أصلاً ثانيًا مُوضحًا أنَّ البدعةَ المذمومةَ هي التي لا تدخل تحت دليل شرعي في مدحها أما إذا تناولها دليل المدح فليست مذمومة، رَوَى البَيهقيُّ عن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال: "المُحدثَاتُ من الأمور ضربان، أحدُهُمَا إحْداثُ مَا يُخَالفُ كتابًا أو سنةً أو أثرًا أو إجماعًا فهذه البدعة ضلالةٌ، والثاني مَا أُحدثَ من الخير، لاَ خلافَ فيه لواحدٍ، وهذه مُحدثةٌ غير مذمومةٍ. وقد قال عمر بن الخطاب في قيام شهر رمضان نعم البدعةُ هذه، يعني أنها محُدثةٌ لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى" (انتهى كلام الشافعي). قال السيوطي:" وعمل المولد ليس فيه مخالفة لكتاب ولا سُنَّة ولا أثر ولا إجماع ، فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي وهو من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان، فهو إذن من البدع المندوبة كما عبر عنه بذلك العز ابن عبد السلام".
وَأَمَّا الأصلُ الذي ذهب السيوطيُّ إلى تَخريجه عليه هو مَا أخرجهُ البيهقيُّ عن أنس أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عقَّ عن نفسه بَعدَ النبوَّةِ، مَعَ أنَّه قد وَرَدَ أنَّ جدَّهُ عَبدَ الُمطَّلبِ عَقَّ عَنه في سَابعِ ولادَتِهِ، والعقيقةُ لاَ تُعادُ مرة ثانيةً، فَيُحملُ ذلكَ عَلَى أنَّ الذي فَعلَه النبيُّ عليه السلام إظهارٌ للشكرِ على إيجاد الله تعالى إيَّاه رحمةً للعالمين، وتشريعٌ لأمته، كما كان يصلِّي عَلَى نفسه لذلك، فَيُستحبُّ لَنَا أيضًا إظهارُ الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوهِ القُربات وإظهار المسرَّات


12. يقول الإمام مُتَولِّي الشَّعرَاويّ: "إذَا كانَ بنُو البَشرِ فَرحينَ بمجيئه لهذا العالمِ، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحةً لمولده وكلُّ النباتات فرحةً لمولده وكلُّ الحيوانات فرحةً لمولده، وكلُّ الجنِّ فرحةً لمولده، فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده. الأدلَّة على أنَّ الاحتفالَ بالمولد النبوي جائز أثرُ الاحتفال بالمولد على الكفار، إنَّ الابتهاجَ والاحتفال بيوم مولد النبي
يعودُ بفائدة، بفضل الله ورحمته، حتى على الكافرين" [14].

13. ليسَ كلُّ مَا لمْ يَفعله السَّلفُ ولم يَكن في الصدر الأولِ فهو بدعةٌ منكرةٌ، يَحرمُ فعلهَا، وَيَجبُ الإنكار عليها، بل يَجبُ أنْ يُعرضَ الأمرُ المُحدَثُ عَلى أدلِّةِ الشرع، فَمَا كانَ فيه مصلحةٌ فهو واجبٌ، وَمَا كانَ فيه محرّمٌ فهو محرّمٌ، وَمَا كانَ فيه مكروهٌ فهو مَكروهٌ، وَمَا كانَ فيه مباحٌ فهو مباحٌ، وَمَا كانَ فيه مندوبٌ فهو مندوبٌ. وقسّم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام: واجبة كالردِّ على المُلحدينَ وتعلّم النَّحوِ والبَلاَغَةِ. ومندوبةٌ كإحداث المدارس والأذان على المنارات. ومكروهة كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف. ومباحة كاستعمال الهاتفِ، والتوسّع في المأكل والمشرب. ومحرَّمة كالزيادةً في الدِّين (مثلاً صلاة الظهر خمس أو ثلاث ركعات) ولم تشملهُ أدلَّة الشرع العامة وليس فيه مصلحةٌ شرعيةٌ. فليست كل بدعة محرّمة، ولو كان كذلك لحَرُم جمعُ أبي بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآنَ وكَتبُهُ في المصاحف خوفاً على ضياعه بِمَوتِ الصحابة القُرَّاء رضي الله عنهم، ولحَرُمَ جمعُ عمر رضي الله عنه النَّاس على إمامٍ واحد في صلاة القيام مع قوله "نعمت البدعة هذه"، ولَحَرُمَ التصنيف في جميع العلوم النافعة. ومن هُنَا قَيَّدَ العلماءُ رضي الله عنهم حديث "كلُّ بدعةٍ ضلالةٍ" بالبدعة السيئة، ويصرّح بـهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين من المحدثات التي لم تكن في زمنه صلّى الله عليه وسلّم. وَلَقَدْ أحْدَثَ المسلمونَ مَسَائلَ كثيرةً لم يفعلها السلف مثْلَ جمعِ الناس على إمامٍ واحدٍ في آخر الليل لأداء صلاةِ التَّهجدِ بعد صلاة التراويح، وختمِ المصحف فيها وقراءة دعاء ختم القرآن وخطبة الإمام ليلة سبع وعشرين في صلاة التَّهجّد. فكلُّ هَذَا لم يفعله النبي صلّى الله عليه وَسلّمَ وَلا أحدٌ من السَّلف فهل يكون فعلنا له بدعة ؟ فالاحتفال بالمولد وإن لم يكن في عهده صلّى الله عليه وسلّم فهو بدعة، ولكنها حسنة لاندراجها تحت الأدلة الشرعية، والقواعد الكلية، باعتبار صورتِـهَا العامَّةِ لاَ باعتِبَارِ أفرادها الموجودةِ في العهد النبوي. وكلُّ ما لم يكن في الصدر الأول بصورتِـهِ العامَّةِ، لكنْ أفرادُهُ موجودةٌ يكون مطلوباً شرعاً، لأن ما تركّب من المشروع فهو مشروعٌ. وكلُّ خير تشمله الأدلة الشرعية ولم يُقصدْ بإحداثه مخالفةُ الشَّريعةِ ولم يَشتمل على مُنكرٍ فهو من الدّين. قالَ عليه الصلاة والسلام: "مَنْ سنّ في الإسلام سُنَّةً حسنةً فعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتب له مثلُ أجرِ مَن عمل بِـهَا ولاَ يَنْقُصُ مِنْ أجورِهِمْ شَيءٌ".

14. دَرَجَ السَّلفُ الصَّالـحُ، مُنذُ القرن الرابع والخامس، على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتَّى أنواع العبادات مِنْ إطعام الطَّعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما نصَّ علىَ ذلك المؤرخونَ مثل ابنِ الجوزي وابن كثير، وابن دحية الأندلسي، وابن حجر، وجلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى. فالمولد أمرٌ استحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد، وجرى به العمل في كل صَقْعٍ فَهو مطلوب شرعاً للقاعدة الشرعية الواردة في حَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ رَضي الله عنه الموقوفِ :"مَا رَآهُ المُسلِمونَ حَسَناً فَهوَ عِندَ اللهِ حسنٌ، وَمَا رَآهُ المُسلمونَ قَبيحاً فَهوَ عندَ اللهِ قَبيحٌ" [15].

وَاعتمَادًا على هَذِهِ الأدلَّة والنُّصوصِ، نَسْتَنتجُ جوازَ الاحتفالِ بالمولدِ النبويِّ الشَّريفِ وجوازَ الاجتماعِ لسماع سيرتِهِ والصَّلاةِ والسَّلامِ عَليه وسماعِ المَدَائِح التي تُقَال في حَقِّهِ، وَإطعامِ الطَّعَامِ وَإدخَال السُّرور على قُلوبِ المؤمنينَ. فمولدُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ طاعةٌ لمَا فيهِ منَ الاحتفاء بِقَدْرِه صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسلَّمَ، وذكرِ شَمَائلِهِ الشَّريفةِ، وسَرْدِ سِيرتِه نَثْراً أو شِعْراً، وَغَرْسِ مَحبَّتِهِ وَإجلالِهِ في قلوب المسلمين، والدعوة إلى الاقْتِدَاءِ بِهِ.

هذا وَقَدْ دَرَجَت الزاوية المدنية على الاحتفال بالمولد النبويّ الشّريف في قُصيبة المديوني منذ 1929. وكَانَالمُقرئ التونسيّ الشيخ علي البَرَّاق ذو الصوت الجميل، هو الذي أقام الاحتفال في تلك السنة برعاية سيدي الشيخ محمد المدني قدس الله سره.

ملحق: الكتب المؤلفة في هذا الباب

1. الحافظ محمد بن أبي بكر بن عبدالله القيسي الدمشقي الشافعي المعروف بالحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي (مولود سنة 777 هـ/ والمتوفَّى سنة 842 هـ) [16] الذي قد صنف في المولد الشريف أجزاء عديدة، فمن ذلك "جامع الآثار في مولد النبي المختار" في ثلاث مجلدات و"اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق" وهو مختصر [17] و"مورد الصادي في مولد الهادي" .

2. الحافظ عبدالرحيم بن الحسين بن عبدالرحمن المصري الشهير بالحافظ العراقي المولود سنة 725 هـ والمتوفَّى سنة 808 هـ الذي صنّف مولداً شريفاً أسماه "المورد الهني في المولد السني ".

3. الحافظ محمد بن عبدالرحمن بن محمد القاهري المعروف بالسخاوي المولود سنة 831هـ والمتوفَّى سنة 902هـ بالمدينة المنورة

4. - الحافظ المجتهد الإمام ملا علي قاري بن سلطان بن محمد الهروي المتوفى سنة 1014هـ صاحب شرح المشكاة وغيرها . قد صنّف في مولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم كتاباً قال صاحب كشف الظنون: واسمه ( المورد الروي في المولد النبوي.

5. الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير صاحب التفسير الذي صنّف مولداً.

6. الحافظ وجيه الدين عبدالرحمن بن علي بن محمد الشيباني اليمني الزبيدي الشافعي المعروف بابن الديبع، ولد في المحرم سنة 866هـ وتوفي يوم الجمعة ثاني عشر من رجب الفرد سنة 944هـ وكان رحمه الله محدّثا كبيراً، إليه انتهت مشيخة الحديث، حدّث بالبخاري أكثر من مائة مرة وقرأه مرَّة في ستة أيام
الهامش
__________________________________________________ _______
1] سورة يونس، الآية 58
[2] الأنبياء، الآية 107

[3] سورة الحج، الآية .32

[4] التفسير الكبير (23/24/32)

[5] الأحزاب، الآية 56

[6] سورة آل عمران: 31

[7] سورة الضحى، الآية 11

[8] سورة هود، الآية120

[9] هذه القصة رواها البخاري في الصحيح في كتاب النكاح مرسلة ونقلها الحافظ ابن حجر في الفتح ورواها الإمام عبدالرزاق الصنعاني في المصنف والحافظ البيهقي في الدلائل وابن كثير في السيرة النبوية وفي البداية والنهاية ومحمد ابن عمر بحرق في حدائق الأنوار والحافظ البغوي في شرح السنة وابن هشام والسهيلي في الروض الأُنُف والعامري في بهجة المحافل، وهي وإنْ كانت مرسلة إلا أنها مقبولة لأجل نقل البخاري لها واعتماد العلماء من الحفاظ لذلك ولكونها في المناقب والخصائص لا في الحلال والحرام.


[10] ابن كثير، البداية والنهاية الجزء2، ص 272 – 273، نفسه في كتاب سيرة النبي الجزء الأول ص 124، وفي كتاب «مولد النبي» ص 21.


[11] رواه مسلم في الصحيح في كتاب الصيام .
[12] فتح الباري، جزء 3، صفحة 116.



[13] رواه الشيخان البُخَاري وَمُسلم، وابن الحاج، كتاب المدخل، الجزء الأول، ص 261.
[14] مائدة الفكر الإسلامي، ص. 295

[15] أخرجه أحمد

[16] قال عنه الحافظ ابن فهد في لحظ الألحاظ ذيل تذكرة الحفاظ صفحة 319: هو إمام حافظ مفيد مؤرخ مجيد له الذهن الصافي السالم الصحيح والخط الجيد المليح على طريقة أهل الحديث، وقال: كتب الكثير وعلّق وحشّى وأثبت وطبق وبرز على أقرانه وتقدم وأفاد كل مَن إليه يمّم. وقد تولّى مشيخة دار الحديث الأشرفية بدمشق، وقال عنه الإمام السيوطي: صار محدّث البلاد الدمشقية، وقال الشيخ محمد زاهد في تعليقه على ذيل الطبقات: قال الحافظ جمال الدين بن عبدالهادي الحنبلي في الرياض اليانعة لما ترجم لابن ناصر الدين المذكور: كان معظِّماً للشيخ ابن تيمية محباً له مبالغاً في محبته .ا.هـ



[17] التهانوي، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون صفحة 319









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 00:11   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
ب.علي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ب.علي
 

 

 
الأوسمة
وسام الوفاء 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا ً وبارك فيك أخي
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 04:16   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي يوم الجمعة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mostefa82 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم.
مشكورة.مزيدا من العطاء.
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

عفواا اسال الله ان يوفقنا لما يحبه و يرضاه
و يغفر لنا ما تقدم من دنب سبحانه المجيب دعوة الداع ادا دعاء
اللهم تقبل منا صالح الاعمال و خير الدعاء فيومك المبارك الدي وعدت فيه عبادك باستجابة دعواهم سبحانك لا اله غيرك
امين
اللهم صلى و سلم و بارك على سيدنا محمد









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 04:19   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
شكر خاص و تقدير و احترام للاخ ابراهيم زياني على جهده القيم بارك الله فيك وفي عملك ونفع الله بك الاسلام و المسلمين وجعله ربي في ميزان حسناتك
بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 04:28   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الاخ مهاجر و الاخ نايسي

شكرا لكما لمروركم الطيب و بارك الله فيكما









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 04:31   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nassi tlemcen مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
سامحني اختي الكريمة على التاخر للمشاركة في موضوعك
لزيارة ان شاء لله فيه
جزاك الله عنا كل خير و حفظك الرحمن









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 07:32   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
أبو جابر الجزائري
عضو محترف
 
الأوسمة
المرتبة الاولى وسام ثاني أحسن عضو مميّز لسنة 2011 وسام التميز 
إحصائية العضو










افتراضي

إلى الأخت الفاضلة زهيرة، ربي يحفظك ويحقق آمانيك في الدنيا والآخرة، آمين، آمين، آمين

إليك هذه القاعدة الذهبية التي لو استوعبتها وفقهتها، والله لانفتح لك باب عظيم لفهم كثير من أمور دينك وكثير من القضايا المختلف فيها ، ولدعوتَِ لي بكل خير.


ممّا لا شك فيه أن فريقا واحد على صواب والأخر مخطيء في مسألة جواز أو عدم جواز الإحتفال بالمولد النبوي.

فهناك حقّ وباطل، وهذا ما يسمى باختلاف التضاد ( مثل أن يفتي عالم فيقول هذا حرام، ويقول الآخر : بل حلال)، فيستحيل أن يكون كلى القولين صواب، لأن دين الله تعالى صادر من مشكاة واحدة وهي مشكاة الوحي، قال تعالى :

-أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرً.

-فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ.

لذا وجب على كل مسلم استفراغ الجهد في معرفة الصواب من الخطأ، باحثا عن الحق، متجردا من الهوى، محتكما لكتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، غير متعصبا لأقوال الرجال ، "اعرف الحقّ تعرف رجاله "، لأن كل الناس يؤخذ من كلامهم ويردّ إلا رسول الله صلى لله عليه وسلم".

الخلاصة:

في مسألة حكم الاحتفال بالمولد يجب الاطّلاع على أدلة كل طرف ووزنها بميزان الشرع، فإذا اقتنعتُ مثلا بجواز الاحتفال بالمولد، فيجب أن تكون هذه القناعة مبنية على صحة وقوة أدلة من أجاز ذلك ، وليس لأنها فتوى توافق ما تعودتُ عليه منذ صغري وهو ما عليه النّاس،لهذا مُلتُ لهذه الفتوى. ( فهذا اتّباع للهوى ):

ملحوظة: معظم الأدلة التي جاءت في الموضوع ، سبق مناقشتها في مشاركات الأخت صاحبة الموضوع.










رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 11:32   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
mostefa82
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

أمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــين










رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 14:14   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
نانا الحيرانة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية نانا الحيرانة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2010-02-27, 18:32   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
زهيرة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية زهيرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جابر الجزائري مشاهدة المشاركة
إلى الأخت الفاضلة زهيرة، ربي يحفظك ويحقق آمانيك في الدنيا والآخرة، آمين، آمين، آمين

إليك هذه القاعدة الذهبية التي لو استوعبتها وفقهتها، والله لانفتح لك باب عظيم لفهم كثير من أمور دينك وكثير من القضايا المختلف فيها ، ولدعوتَِ لي بكل خير.


ممّا لا شك فيه أن فريقا واحد على صواب والأخر مخطيء في مسألة جواز أو عدم جواز الإحتفال بالمولد النبوي.

فهناك حقّ وباطل، وهذا ما يسمى باختلاف التضاد ( مثل أن يفتي عالم فيقول هذا حرام، ويقول الآخر : بل حلال)، فيستحيل أن يكون كلى القولين صواب، لأن دين الله تعالى صادر من مشكاة واحدة وهي مشكاة الوحي، قال تعالى :

-أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرً.

-فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ.

لذا وجب على كل مسلم استفراغ الجهد في معرفة الصواب من الخطأ، باحثا عن الحق، متجردا من الهوى، محتكما لكتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، غير متعصبا لأقوال الرجال ، "اعرف الحقّ تعرف رجاله "، لأن كل الناس يؤخذ من كلامهم ويردّ إلا رسول الله صلى لله عليه وسلم".

الخلاصة:

في مسألة حكم الاحتفال بالمولد يجب الاطّلاع على أدلة كل طرف ووزنها بميزان الشرع، فإذا اقتنعتُ مثلا بجواز الاحتفال بالمولد، فيجب أن تكون هذه القناعة مبنية على صحة وقوة أدلة من أجاز ذلك ، وليس لأنها فتوى توافق ما تعودتُ عليه منذ صغري وهو ما عليه النّاس،لهذا مُلتُ لهذه الفتوى. ( فهذا اتّباع للهوى ):

ملحوظة: معظم الأدلة التي جاءت في الموضوع ، سبق مناقشتها في مشاركات الأخت صاحبة الموضوع.




لا والله ليس فيما أميل اتباعا للهوى ...بل إقتناع و يقين ...

أما الملاحظة لا أساس لها من الصحة أستاذنا الكريم و هذا رابط الموضوع

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=147293

ربما ننتظر المهاجر ليناقشه

بوركت على مرورك شيخنا الفاضل

وفي الأخت العزيزة الماسة الزرقاء









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-28, 09:49   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
أبو سليم الأثري
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الاحتفال بذكرى المولد النبوي
بين فتاوى التشريع وفتاوى التبديع

للأستاذ: البشير المحمودى
الخطيب والواعظ بمدينة مراكش
مراكش في 6/7/2000
نص المحاضرة التي ألقيت في مقر المجلس العلمي بمراكش بالتاريخ أعلاه تحت عنوان
الاحتفال بذكرى المولد النبوي بين فتاوى التشريع وفتاوى التبديع
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا و أستاذنا العلامة السيد رئيس المجلس العلمي.بمنطقة تانسيفت
السادة العلماء أعضاء المجلس العلمي
السادة الحاضرون السلام عليكم و رحمة الله
وبعد، نشكر أستاذنا العلامة سيدي محمد البراوي عدى اقتراحه: أن أقوم بإلقاء عرض في الموضوع المذكور بهذا المنتدى العلمي المبارك، وأشكر الجميع على التفضل بالحضور.
أيها السادة: إن موضوع العرض-كما تعلمون- هو موضوع المتداول في المجتمع الإسلامي عموما و في المجتمع المغربي خصوصا، سواء من طرف المعتزين به باعتباره من العادات المغربية الحسنة، والمغاربة هم الذين ظلوا إلى الآن بالمرصاد للتشيع و الشيعة و معتقداتها سواء على المستوى الفكري والعقدي أم على المستوى السياسي و الإداري. أم من طرف المحذرينمنه المنكرين على مستعمليه غيرة منهم- حسب تصورهم- على استمرار العقيدة الصحيحة واضحة نقية في المجتمع المغربي لا تشوبه زوائد و لا بدع و لا منكرات إن كانت فى هذه الاحتفالات منكرات.
وعملا " بقاعدة لكل مقام مقال " فإن هذا المنتدى العلمي الفاضل لا يناسبه الاكتفاء بعرض مجموعة من أسماء العلماء الذين يرون جواز هذا الاحتفال أو مجموعة من أسماء العلماء الذين يرون أن هذا الاحتفال بدعة.
لذا سيكون منهجي في هذا العرض المتواضع بحول الله هو التركيز على منهج التقريب و هو سوق المقدمات على وجه يفيد المطلوب. (1) وذلكم مع الاستعانة. بمنهج الاستطراد عند الاقتضاء، أقصد الاستطراد الوظيفي الهادف، لا الاستطراد العفوي الذي يأتي عن طريق تداعي المعاني. والتكامل بين المناهج- كما هو معلوم- سنة محمودة عند علماء المناهج.
و هكذا أيها السادة ستشكل المقدمات في هذا العرض الجزء الأكبر و تأخذ النتائج ما تبقى من الوقت.
أيها السادة إن هذا الموضوع يعد من المسائل الخلافية المشهورة، كالتوسل، وزيارة قبر الرسول، وقراءة القران جماعة، و الذكر جماعة، والذكر جهرا، و الذكر بالعدد، و كتابة الرقية المشروعة أو الاكتفاء فيها بالقراءة... الخ... الخ.
وإن تجاهل الخلاف الفقهي من طرف بعض إخواننا في الله الذين يجاهدون في سبيل الله وينشرون الدعوة إلى الله و التوعية بالإسلام و أحكام شريعته لهوضرب لقسم كبير من التراث الفقهي. الإسلامي و طمس لكثير من معالمه و أرائهإذ معرفة الخلاف ظلركنا أساسا في عمل الدعوة و الإرشادو الإفتاء عبر جميع عصور الإسلام.
و قد تنبه علماء المملكة العربية السعودية إلى هذا الخطر في التوجيه فصاروا يلزمون الطلبة بمعرفة كل أو جل ما قيل من فقه حول النص و لا يقبلون منهم الاكتفاء بمعرفة النص وحده حسب ما بلغنا جميعا من نصائح الشيوخ هناك كفالح الحربي و أمثاله.
و في هذا المجال أسوق مجموعة من توجيهات بعض علماء السلف الصالح في ما يتعلق بضرورة معرفة الخلاف:
- قال قتادة رحمه الله ت 117 هـ: من لا يعرف الاختلاف لم يشم العلم أنفه.
- وقال الحافظ سعيد بن أبي عروبة رحمه الله 156 هـ: من لم يسمع الاختلاف فلا تعدوه عالما.
- وعن عثمان بن عطاء عن أبيه رحمه الله ت سنة 155 وقال: لا ينبغي لأحد أن يفتى الناس حتى يكون عالما باختلاف الناس، فإن لم يكن كذلك رد من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه.
- وقال سيد العلماء- كما وصفه الذهبي- التابعي الجليل الحافظ أيوب السختيانى ت 231 هـ: أجسر الناس على الفتية أقلهم علما باختلاف العلماء و أمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء. (2)
و إذ انتقلنا في هذا إلى العصر الهجري الوسيط نجد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ت 727 هـ يقرر قائلا: من زاد فقهه زاد رفقه بالمخالفين. وفي رواية له: من زاد فقهه قل إنكاره عن المخالفين. وقال: إن التشنيع عن المخالفين أو تكفيرهم هو من سمت أهل الأهواء. (3)
أيها السادة: إن أسباب الخلاف الفقهي متعددة لا يهمنا منها هنا إلا ما يساهم في توحيد تصوراتنا حول الموضوع المطروح. ر قد أوجز الشيخ محمد بن صالح العشيمين هذه الأسباب في ئلاثة. فإما أن يكون الخلاف ني ثبوت الأثر أو في ترجيح الأثر أو في فهم الأثر (4).
وهذا السبب الأخير هو مشكلة المشاكل العلمية الواقعة بين مفاهيم السلفية الفقهية على اختلاف منابعها و مذاهبها و روادها من فقهاء و صوفية من جهة، وبين مفاهيم السلفية النصية بأطوارها المتعاقبة: الحنبلية و التيمية و الوهابية و المعاصرة من جهة أخرى. فالمفتي أو العالم أو الداعية كما يجب عليه العلم بمواضع الإجماع يجب عليه كذلك العلم بمواضع الاختلاف أو على الأقل بمظانها ومراجعها.
فقد كان أبو حنيفة رحمه الله يعتبر أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
وأوجب الإمام الشافعي رحمه الله على الفقيه المجتهد أو الفقيه المتصدر للفتوى أن يعرف الرأي المخالف ليبعد الغفلة عن نفسه من جهة و ليتثبت في إدراك الحق الذي ارتضاه و اعتقده من جهة ثانية. (5)
أيها السادة، إن المتواتر عند علماء السلف الصالح أن الإنكار على المسائل المختلف فيها لا يجوز، يشهد لذلك:
  • <LI class=MsoNormal dir=rtl style="mso-list: l0 level1 lfo3; tab-stops: list 36.0pt">ما يقوله ابن قدامة و نصه "ويشترط في إنكار المنكر أن يكون معلوما كونه منكرا بغير اجتهاد فكل ما هو في محل الاجتهاد فلا حسبة فيه"(6). <LI class=MsoNormal dir=rtl style="mso-list: l0 level1 lfo3; tab-stops: list 36.0pt">ما رواه أبو نعيم بسنده عن الإمام سفيان الثوري قال: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه و أنت ترى غيره فلا تنهه. (6- ب) <LI class=MsoNormal dir=rtl style="mso-list: l0 level1 lfo3; tab-stops: list 36.0pt">ما رواه الخطيب البغدادي بسنده عن سفيان الثوري أيضا قال: ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحدا من إخواني أن يأخذ به. (7)
  • ما ذكره النووي في الروضة فقال: "ثم إن العلماء إنما ينكرون ما أجمع على إنكاره أما المختلف فيه فلا إنكار فيه"(8)
أيها السادة يمكن تصنيف الاختلاف في مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي إلى مفاهيم ثلاثة-حسب مقروءاتى المحدودة- وهي:
  • <LI class=MsoNormal dir=rtl style="mso-list: l6 level1 lfo6; tab-stops: list 36.0pt">هل الاحتفال بالمولد النبوي مسألة عقدية كما ترى السلفية النصية أو مسألة فقهية يبحث عن حكمها في الشرع كما ترى السلفية الفقهية؟ <LI class=MsoNormal dir=rtl style="mso-list: l6 level1 lfo6; tab-stops: list 36.0pt">هل الاحتفال بذكرى المولد من العادات الحسنة كما تصنفه السلفية الفقهية أو هو من العبادات التي لا تجوز كما ترى جماعة من رجال السلفية النصية؟
  • هل الاحتفال بالمولد يدخل في عموم حديث "كل بدعة ضلالة" و عموم حديث "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" دون أن يكونا مخصصين بحديث "من سن سنة حسنة... "
على اعتبار أن معنى من سن سنة: من أحيا سنة أو من عمل بسنة كما ترى السلفية النصية؟ أم أن الاحتفال بالمولد يدخل في المفهوم الموسع للبدعة الذي يشمل كل ما أحدث بعد الرسول صلى الله عليه و سلم سواء كان مذموما أم ممدوحا، وبذلك يطرح ما أحدث بعد الرسول على ميزان الشرع، فإن كان حسنا دخل في مفهوم حديث "من سن سنة حسنة... الخ" (9- ا) و إن كان سيئا دخل في مفهوم حديث "كل بدعة ضلالة" كما ترى السلفية الفقهية.
وبهذا المفهوم الأخير"تكون البدعة تنقسم تقسيمين: تقسيما ثنائيا و هو أن البدعة بدعتان بدعة محمودة و بدعة مذمومة كما بينها الشافعي(9ب)، و تقسيما خماسيا و هو أن البدعة تعتريها الأحكام الخمسة كما في تقسيم سلطان العلماء عزا لدين بن عبد السلام و من حذا حذوه كشهاب الدين القرافي، و الإمام النووي، و الحافظ بن حجر، و الإمام بن عرفة، و غيرهم. (10)
و أشير هنا إلى أن الإمام الشاطبى- وهو من العلماء الذين لا يرون تقسيم البدعة- لا يؤول حديث من سن سنة حسنة الخ بمعنى من أحيا و إنما يعطيها المعنى اللغوي الحقيقي وهو أن من سن سنة حسنة معناه من اخترع و ابتدع و جاء بالجديد. (11)
فالاختلاف إذن يدور بين سلفيتين هما السلفية النصية و التي تسمى الآن السلفية، و السلفية الفقهية التي يسمى أصحابها الآن الفقهاء، فما معنى السلف و ما معنى السلفية؟
من المعلوم أن أهل السنة و الجماعة كلهم سلفيون، إلا أن منهم:
1. من يعتبر للعقل قدرته في مجالات الحياة و يترك للنصوص سلطانها في مجال الغيب و العقائد و هذه إحدى ميزات السلفية الفقهية.
2. و منهم من ينكر للعقل هذه القدرة و يحصرها في النصوص و الآثار و هذه إحدى ميزات السلفية النصية. (12)
و القرآن و الحديث هما أول من استعمل مصطلح كلمة السلف: فقد وردت في القرآن الكريم حوالي 8 مرات جاءت كلها بمعنى الماضي قال تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف" (13). و قال سبحانه "عفا الله عما سلف" (14).
وورد المصطلح في حديث ابن عباس (ض) قال: "لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "الحقي بسلفنا الصالح الخير عثمان ابن مظعون" (15). وعن السيدة فاطمة (ض) قالت: قال لهاصلى الله عليه و سلم في مرض موته: " لا أرى إلا قد حضر أجلي و إنك أول أهل بيتي لحوقا بي و نعم السلف أنا لك" (16).
و استعملته المعاجم العربية بمعنى كل من تقدم في السن و الفضل و العمل الصالح من الآباء و الأقارب و غيرهم. (17)
وفى اصطلاح الفقهاء تعدت الآراء حول مفهوم الكلمة و نحصرها فى ثلاثة اعتبارات: الاعتبار الأول يتجلى في التحديد الزمنى لبداية مذهب السلف هل هو الصحابة فقط أو الصحابة و التابعون أو الصحابة و التابعون و من تبعهم، أو كل من جاء قبل القرن الخامس الهجري، و القول الثالث هو المعتبر كثيرا عند السلف و هي المدة التي نص عليها الحديث الشريف: " خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" (18). الاعتبار الثاني يتمثل في ضرورة إضافة كلمة صالح، إذ لا يكفى أن يكون السلف من القرون الثلاثةالأولى دائما و إنمانقول السلف الصالحلأن جميع فرق أهل الأهواء من القرون الثلاثة الأولى و لكنهم لا يطلق عليهم السلف الصالح. الاعتبار الثالث أن هذا المصطلح يرادف أهل السنة والجماعة عند بعض العلماء (19). و من هنا كان السلفي هو من يرجع في معرفة الأحكام إلى الكتاب و السنة فقط و لا يلتفت إلى ما سواهما و هذه ميزة السلفية النصية بجميع مراحلها، أو هو من يرجع إلى الكتاب و السنة وآثار السلف الصالح من أقوال الصحابة ولأئمة والمجتهدين و هذه ميزة السلفية الفقهية بقسميها: الفقهاء و الصوفية أو علماء الشريعة و علماء السلوك.
أيها السادة لتتضح لنا أكثر البيئة العلمية و الفكرية التي يبرز منها القول بجواز الاحتفال أو منعه نشير إلى مراحل هذه السلفية:
المرحلة الأولى: ويمثلها الإمام أحمد بن حنبل ت 245 هـ، ويكفى في وصف سلفيته ما وصفه به ابن القيم الجوزية إذ قال: "عن الدنيا ما كان أصبره، وللماضين ما كان أشبهه، أتته البدع فنفاها و أتته الدنيا فأباها" (25). وقد أوضح الحافظ هبة الله اللالكائى ت 418 هـ عقائد ابن حنبل في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة، وهذه العقائد الحنبلية هي التي تشكل أساسا لكثير من عقائد السلفية النصية على اختلاف مراحلها.
المرحلة الثانية: و يمثلها عهد المماليك الذي عرف انتشار كثير من البدع و الضلالات و الظلم والفساد و تغلبت الخرافات على عقيدة السلف مما دفع السلفيين للخروج عن صمتهم و تشكيل معارضة الدولة من خلال الجهر بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و مما عرض بعضأعلام السلفية للسجن و الاضطهاد نذكر منهم على سبيل المثال أحمد بن تيمية ت 728 هـ و ابن القيم الجوزية ت 751 هـ و على يديهما و أمثالهما صحت الحركة السلفية القديمة ر واصلت نضالها طبق ما كان عليه الإمام أحمد بن حنبل.
المرحلة الثالثة: وتمثلها سلفية العهد العثماني و من أعلامها المجددين الشيخ محمد بن عبد الوهاب ت 1206 هـ، و محمد السنوسي ت1276 هـ وجمال الدين الأفغاني ت 1314هـ و محمد عبده ت 1323 هـ، ورشيد رضا ت 235 1 هـ و عبد الحميد بن باديس ت 1354، و أبو شعيب الدكالى ت 1315 هـ، و محمد بن العربي العلوي ت 1342 هـ و غيرهم. (21)
المرحلة الرابعة: و تمثلها السلفيةالحديثة المعاصرة التيصارت على منهاج السلفية الوهابية مع ما تتميز به عنها من مبادئ جديدة.
وهكذا تميزت السلفية النصية الحنبلية:
1. بالتركيز على النصوص إذ كان الأمام أحمد رحمه الله لا يقدم على الحديث الصحيح عملا و لا رأيا و لا قياسا.
2. بالأخذ بفتاوى الصحابة إذا انفردت في موضوع ما.
3. باختيار الأقرب إلى الكتاب والسنة من أقوال الصحابة عند تعددها و اختلافها.
4. باستعمال القياس عند الضرورة و في حالة غياب النص أو قول الصحابي أو الحديث المرسل أو الضعيف.
5. بكراهة الإفتاء. مما ليس فيه أثر من عند السلف.
و تتميز السلفية النصية التيمية:
أ.. بمواصلة منهج السلفية الحنبلية
2.. بمواجهة بعض مقولات الصوفية مع الانخراط في سلك الصوفية السنية (22)
3. برفض التأويل أي رفض صرف النظر عن المعنى الظاهر إلى المعنى المحتمل (23)
4. و بالتناقص بين الالتزام بالمنهج النصي و بين القول بضرورة تغيير الفتوى و اختلافها حسب الزمان و المكان و الأحوال و النيات و العادات. حتى إن السلفيين في هذه الفترة نصوا على أن هذا المبدأ هو مبدأ عظيم جدا إذ أسسوه على مصالح العباد فالشريعة مؤسسة عن الحكم و هي عدل كلها رحمة كلها و حكمة كلها. (24)
5. وبأن العلم الضروري للعالم و المفتى و القاضي هو مؤسس على نوعين من الفقه: فقه الواقع و فقه النصوص الواردة في المشكلات فالمفتي والعالم و القاضي هو من يتوصل من معرفة الواقع والتفقه فيه إلى، معرفة حكم الله، فالواقع يتغير و يتطور و لا بد للفتاوى أن تكون متغيرة متطورة، وتغير الواقع يستلزم تغير المصالح، وعلى المصالح تنبي الشريعة. (23)
فهل تتناقض السلفية المعاصرة مع سلفية ابن تيمية في هذا المبدأ مبدأ التغيير و التطور و مراعاةالمصالح؟ فكثيرمنهم يتشددون في مواقفهم مع مستجدات الحياة في كل ما لم يرد به نص من كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و تتميز السلفية الوهابية:
1. بتضييق مفهوم البدعة و إطلاق حديثكل بدعة ضلالة و حديث من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد على كثير من الأمور المستحدثة في الحياة.
2. و بتأويل حديث من سن سنة حسنة الخ إلى معنى من أحيى سنة خلافا لعلماء السلفية الفقهية في هذين المبدأين و خلافا للشاطبى في المبدأ الثاني.
وبهذين المبدأين ظهر من بين الجماعات الإسلامية أو من بين بعض أفرادها من يتسابق إلى التميز بأن هذه الجماعة وحدها هي التى تمثل الإسلام المصفى و الفرقة الناجية و أن غيرها يتخبط دننا البدع و في العلم المعتم و في الفقه الخرافي. و بهذا المنظور السوداوي لبعض أفراد هذه الجماعات افتقد الناس مبدأ التعاون الاسلامى السامي مع الذين يختلفون معهم في الرأي و المنهج و صار من المباح عند هذا البعض أو ذاك التشهير بالمخالفين و التحذير منهم و من فتاواهم و من سلوكهم. و من هذا الباب حملات التشهير و الإنكار على المحتفلين بالمولد النبوي. و لعل توزيع مناشر سرية مكثفة حول هذا الموضوع في السنة الماضية، و حملة تجنيد الألسنة لتغيير المنكر و القضاء على احتفالات المولد النبوى خير مثال لذلك.
3. و بفتح باب الاجتهاد الفردي بعد أن كان مغلقا منذ سقوط بغداد سنة 656 هـ مع التساهل في مراعاة شروطه و قواعده و آدابه.
4. و بتكفير طائفة من رجال التصوف و مواجهة بعض المقولات الصوفية
5. و بتحريم التوسل بالذوات مهما كان نوعها حتى الرسول صلى الله عليه و سلم و تأويل الأدلة الدالة على الجواز التى أوصلها علماء السلفية الفقهية إلى 17 دليلا من الكتاب والسنة. (26)
6. و برفض التمذهب في الأصول و قبوله في الفروع طبقا للبند الأول من معتقدات السلفية الوهابية الذي يقول إنها حركة لا مذهبية في أصولها حنبلية في فروعها. (26 ب)
7. و بالاستنكار على اتباع المذاهب مهما كانت الأدلة التى يستندون إليها.
8. و بترديد حديث كل بدعة ضلالة كما سبقت الإشارة إليه.
9. و بابتداع كثير من الأمور التى كان العمل بها جاريا مثل:
-إغلاق مسجد الرسول بعد العشاء و منع الاعتكاف فيه و التهجد
- منع التدريس في الحرمين على كل من لم يكن سلفيا و لو كان من كبار علماء الحجاز و الأحساء.
- منع أموات المسلمين من خارج مكة و المدينة من الدفن في الحرمين.
- منع النساء من الوصول لمواجهة فبر الرسول.
- فرض استدبار قبر الرسول بالقفا عند الزيارة و الدعاء
- منع إدخال كتاب دلائل الخيرات إلى الديار المقدسة
- منع الناس من القنوت قي الصبح باعتبارها بدعة لم تعرف في الشرع رغم أنما مندوبة عند الإمام الشافعي و الإمام مالك.
- تكفير الصوفية و الأشاعرة و الماتريدية و بعض الإخوان المسلمين... الخ (27)
و تتميز السلفية الوهابية المعاصرة:
1. بالسير على منهج السلفية الوهابية و مبادئها العقدية
2. و بالتسارع إلى التكفير و تعميمه على كثير من شرائح المجتمع الإسلامي
3. و بإلغاء فكرة تقسيم البدعة عند الشافعي و العز و غيرهما و اعتبار ذلك شبهة تؤدي للتضليل بالعلم.
4. و برفض الاختلاف الفقهي و اعتبار دراسة فقه الفروع مضيعة للوقت و عده من الشبهات التي تضلل الناس ر تبعدهم عن الكتاب والسنة.
5. و بوحدة المرجعية تلك التي رفضها الإمام مالك حين اقترح عليه الخليفة العباسي فرض الموطأ على الأمصار توحيدا للعلم فاعتذر بأن الموطأ لم يجمع علم الرسول صلى الله عليه و سلم و بأن الصحابة تفرقوا في الأنصار و لكل بلد فقهه في المسائل الخلافية، فكثير من شبابنا اليوم لا يستفتي إلا من كانت له سمات سلفية فكرية و شكلية. (28)
6. و بجل المواصفات و المميزات التى سبقت!لنا في السلفية الوهابية الأولى.
السلفية الفقهية:
إذا كنا قد لاحظنا بعض أنشطة السلفية الفقهية في اتجاه عمودي حسب فتراتها التاريخية فإننا على العكس من ذلك نلاحظ تطور السلفية الفقهية في اتجاه أفقي. فتراثها الفقهي الضخم تزامنت معالمه مع بعضها و تواكبت سواء في الدراسة أم التأليف والتدوين أم المناقشات و المناظرات والفتاوى. فكان موطأ الإمام مالك ومدونة سحنون و ما تفرع عنهما أول و أهم مصادر المذهب المالكي. و في نفس الوقت كان المبسوط ومدونة محمد بن الحسن الشيباني في مقدمة مراجع المذهب الحنفي. و كانت الأم و مختصر المزني المصدرين الأولين للمذهب الشافعي. وكان المغنى لابن قدامة أساس الفقه الحنبلي.
و هكذا استندت مذاهب السلفية الفقهية إلى بعضها في الفكر و المنهج و المرجعية و إن اختلف كل منه عن أخواته في كثير من الأحكام و الفروع مما جعل عمليات التحليل و التحريم تجد لها متنفسا بهذه السلفية فتوسعت فيها دائرة الفقه الإسلامي حتى استجاب لحاجات الناس و مصالحهم. ومن هنا يمكن اختزال الفرق بين السلفيتين مرة أخرى في كون السلفية الفقهية كانت ولا تزال دائرة أحكام الشرع فيها تتسع بالرأي و الاجتهاد بشروطه التي حددتها قواعد الأصول. و بكون السلفية النصية لا تخرج عن النص مما جعلها تدخل في البدع و المنكرات كل ما لم يتناوله نص كالاحتفال بالمولد. و بتعدد مراجع السلفية الفقهية و إمكانات الأخذ من جميع مأئورات المذاهب بينما السلفية النصية تلتزم وحدة المرجعية فما يقوله سلفي في المشرق هو نفس ما يردده سلفي بالمغرب بالعبارة و الحرف و ربما بالتنغيم و التشكيل الصرتيين كذلك. وما الندوات العلمية و المجامع الفقهية و غيرها إلا أمثلة لحيوية السلفية الفقهية و قدراتها على مواجهة الحياة والناس و على الإنتاج و التوالد و التفريع الفقهي.
ومن هنا كان جل علماءنا و فقهاءنا يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي لكونه من العادات الحسنة أو لكونه بدعة مستحسنة استنادا إلى الحديث النبوي الشريف "من سن سنة حسنة فله أجرها الخ " و الحديث النبوي الشريف "إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه و بعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون على دينه فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن و ما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ، قال النور الهيثمي رجاله موثوقون (29).
أيها السادة، من خلال هذهالمقدمات يمكن الخروج بنتيجة أولى هي: أن جل علماء السلفية الفقهية في كل بلد عموما و في المغرب خصوصا يجيزون الاحتفال بالمولد النبوى استنادا إلى الحديثين الأخيرين ر إلى أن مفهوم من سن سنة هو منابتدع و اخترع و جاء بجديد.
و أن جل علماء السلفية النصية يرون أن هذا الاحتفال بدعة ضلالة تجب محاربتها في شرائح المجتمع و على مستوى الدرس و الكتابة و التوعية الإسلامية استنادا إلى حديث "من سن سنة حسنة" الذي يؤولونه بمعنى من أحيا سنة و إلى حديث "كل بدعة ضلالة" وحديث "من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد". و بناء على أن أحكام الشرع لا تؤخذ إلا من الكتاب و السنة فقط و ليس من سواهما. وللمزيد من التوضيح أسوق بعض النماذج من فتاوى مجموعة من علماء الإسلام في الموضوع سواء منهم من منع الاحتفال بالمولد أم الذين أجازوا هذا الاحتفال في أشكال مشروعة:
أيها السادة, أبدأ بنموذج من فتاوى العلماء المانعين و أكتفيبجوابالشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله الذي كان حول سؤال عن المولد النبوي فقال: الجواب: أن يقال لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول و لا غيره لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين لم يفعله ولا خلفاؤه الراشدون و لا غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم و لا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، و هم أعلم الناس بالسنة و أكمل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم و متابعة لشرعه ممن بعدهم. و قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أي مردود عليه، وقال في حديث آخر: " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة"، ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع و العمل بها، و قد قال الله سبحانه في كتابه المبين "و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا"(30)
هذا النموذج يغنى عن جميع ما كتب في منع الاحتفال بالمولد لأن للسلفية النصية- كما هو معلوم- خطا واحدا و منهجا موحدا و مرجعية واحدة لا يخرج أصحابها عنه. و يمكن ذكر مجموعة من المانعين دون أن نصحبها بفتاواهم في الموضوع للسبب السابق ذكره، منهم:
الشيخ إبراهيم بن صالح آل الشيخ, د. محمد بن سعد الشويعر، الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن بسام, الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله، الشيخ د. الصديق الصدوق، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبد الله بن المنيع. و جل العلماء و الشيوخ المتمنهجين بهذا المنهج في فهم البدعة و السنة، و من هؤلاء الأساتذة والطلبة وغيرهم من دعاة السلفية الوهابية في المشرق و المغرب. (34)
و تجدر الإشارة إلى أن أقلام العلماء تجردت للرد على مزاعم السلفية النصية الوهابية في كثير من القضايا الفقهية و العقدية نثرا و نظما، نذكر منها:
أ- من المنظومات:
- منظومة العلامة عبد الرحمن الأحسائي في ستين بيتا
- منظومة التحذير و الإبداع من تحبير الابتداع نظم العلامة ابن ميمومة كيكونام بمسجد بوهوم وادوكل بتركيا 555 بيتا.(331)
-الرائية الكبرى في ألف بيت ليوسف النبهانى
- الرائية الصغرى في أكثر من 500 بيت ليوسف النبهاني
ب- من المنثور: نذكر:
- الصواعق الإلاهية في الرد على الوهابية: حسن ابن حسن خوزبك
- النقول الشرعية في الرد على الوهابية للأستاذ الشيخ حسن الشطي الحنبلى
- سبيل النجاة من بدعة أهل الزيغ و الضلالة: عبد الرحمن القوتتنى الهندي
- تاريخ الوهابية حسن خوزبك الشرقاوي الشافعي
- واعظ غير متعظ في الرد على أبى بكر الجزائري: عبد الكريم مراد و عبد الحى العمراوي، فاس.
- التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار في الرد على ابن منيع للأستاذين عبد الكريم وعبدالحي المذكورين
- الرد المحكم المنيع على منكرات و شبهات ابن منيع للأستاذ يوسف بن السيد هاشم الرفاعي، الكويت
- و اللائحة طويلة يهمنا منها الإشارة إلى بعضها كما سبق. (34)
ومن النماذج التي أمكن اختيارها بين مجموعة من آراء و فتاوى علماء السلفية الفقهية أشير إلى:
النموذج الأول: فتوى الحافظ أبي شامة شهاب الدين عبد الرحمن الشافعي ت 665 هـ المعروف بالشيخ الإمام النووي قال: "و أحسن ما ابتدع في زماننا هذا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم من المعروف و الصدقات و إظهار الفرح و السرور، فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء يشعر بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم و تعظيمه في قلب فاعل ذلك" (35)
النموذج الثانى: للعلامة محمد بن عبد الله ابن الحاج الفاسى القيرواني التلمساني المالكي
ت 714 هـ، تحدث في كتابه المدخل عن تعظيم شهر ربيع الأول و حث على تكريمه و احترامه و الإكثار من فعل الخيرات، فيه لأنه وقع فيه مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، شكرا لله على أن أولانا هذه النعمة العظيمة، و ذكر إشارة الحديث النبوي إلى فضيلة يوم ولادته و شهرها بقوله، صلى الله عليه وسلم، لمن سأله عن صوم يوم الاثنين فقال: "ذاك يوم ولدتفيه" (36).
النموذج الثالث: اخترته من فتاوى ابن تيمية قال رحمه الله "افتعظيم المولد و اتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس و يكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده و تعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم"(37). و سئل عن الفقراء المجتمعون في المسجد يذكرون و يقرؤون شيئا من القرآن ثم يدعون ويكشفون رؤوسهم و يبكون ر يتضرعون و ليس قصدهم من ذلك رياء و لا سمعة بل يفعلونه على وجه التقرب من الله هل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب: "الحمد لله،الإجماع على أن قراءة القرآن و الذكر و الدعاء حسن مستحب إذا لم يتخذ ذلك عادة راتبة كالاجتماعات المشروعة و لم تقترن به بدعة منكرة" (38). قلت و من هذا الباب كما يتضح اجتماع الناس لأجل الاحتفال بالمولد النبوي فهم يجتمعون على قراءة القرآن و ذكر الله والأمداح النبوية و الاستماع إلى دروس السيرة و إلى توصيات العلماء و نصائحهم بإتباع سنته صلى الله عليه وسلم و تطبيق شريعته.
النموذج الرابع: فتوى أبى عبد الله محمد ابن عباد ت 730 هـ: سئل هذا العارف بالله عما يقع في المولد النبوي من وقود الشموع و غيرها فأجاب: "الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين و موسم من مواسمهم " ذكر ذلك أبو العباس أحمد بن يحى الونشريسى المتوفى سنة 916 هـ. وقد استند العارف بالله محمد بن عباد المذكور في رسائله الكبرى إلى قصة المرأة التي نذرت أن تضرب بالدف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم سالما من الغزو فاستشف منها جواز الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة بعد أن استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوفاء بنذرها حينما رجع سالما فأذن لها و فعلت ما نذرته. (39)
النموذج الخامس: ما استنبطه الحافظ ابن حجر العسقلاني ت 852 هـ من تخريج جواز عمل المولد من حديث ثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون و نجا فيه موسى فنحن نصومه شكرا لله فقال صلى الله عليه وسلم نحن أولى بصومه بموسى منكم "(40)
النموذج السادس: من فتاوى الشيخ رشيد رضي ت 1255 هـ ونصه: إن أول من ابتدع الاجتماع لقراءة قصة المولد النبوي ملوك الشراكسة بمصر. و قال سئل الحافظ بن حجر عن الاحتفال بالمولد النبوي هل هو بدعة أم لا فأجاب بقوله: "اصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن واحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة الأولى، و لكنها مع ذلك اشتملت على محاسن و ضدها، فمن جرد عمله في المحاسن و تجنب ضدها كان بدعة حسنة و من لا فلا" (41).
النموذج السابع: نجدهفي ما أثبته الإمام القسطلاني ت 922 هـ من جواز الاحتفال بالمولد النبوي بما هو مشروع لا منكر فيه، واستشف هذا الجواز من حديث البخاري في باب الجنائز من كون أبى بكر الصديق تمنى الموت في هذا اليوم لكونه اليوم الذي ولد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم و فيه توفي. (42)
النموذج الثامن: ما ذكره نور الدين الحلبي في سيرتهت 1014 هـ من أن الإمام شيخ الإسلام تقي الدين السكي رئيس علماء الشافعية بمصر ت 664 هـ اجتمع عنده في مجلسه كثير من علماء عصره فأنشد الشاعر الصرصري قوله في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:
قليل لمدحالمصطفى الخط بالذهب على ورق من خط أحسن من كتب
وأن تنهض الأشراف عند سماعه قياما صفوفا أو جثيا على الركب
فقام الإمام السكى و قام معه كل من كان بالمجلس و حصل أنس كثير من ذلك المجلس، قال المؤلف "و عمل المولد و اجتماع الناس له كذلك مستحسن" (43)
النموذج التاسع: ما استنبطه الألوسى من تفسير قول الله تعالى "قل بفضل الله و رحمته فبذلك فليفرحوا" (44) فالرسول صلى الله عليه وسلم رحمة كما قال عز و جل "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"(45) و كما جاء في الحديث: "إنما أنا رحمة مهداة"(46) فوجب من هنا الاحتفال و الفرح بهذه الرحمة. (47)
النمـوذج العاشر: ما قاله الشيخ أحمد زين دحلان مفتي الشافعية. بمكة ت 1066 هـ ونصه "العادة أن الناس إذا سمعوا ذكرى وضعه صلى الله عليه وسلم يقومون تعظيما له صلى الله عليه وسلم و هذا قيام مستحب لما فيه من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، و قد فعل ذلك كثير من علماء الأمة الذين نقتدي بهم. (48)
لنموذج الحادي عشر: جواب الدكتور أحمد الشرباصي مفتي الأزهر في عصره: إذ قال "ورغم أن هذا العملبدعة فهو عادة حسنة إذا خلا من المناكر ولم يصاحبه أمر غير مشروع لأن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها من العبر و العظات ما يحيي موات النفوس و يأخذ بها إلى طريق الخير و البر...ثم قال: و لو أننا أخذنا بالنظرية التي تقول لا نحتفل بالمولد لأن ذلك ليس من الدين لقضينا على ذكريات كثيرة نجنىمن تذكرها و الاحتفال بها خيرا كثيرا و توعية إسلامية كبرى. (49)
النموذج الثاني عشر: ما قاله الحافظ شمس الدين السخاوي ت 876 هـ وهو من المتشددين في مجالالبدع و نصه: "إن عمل المولد أحدث بعد القرون الثلاثة الأولى ثم لازال أهل الإسلام بسائر الأقطار يعملونه و يتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات و يعتنون بقراءة مولده الكريم و يظهر عليه من بركاته كل فضل عظيم".
أيها السادة: هذه مجموعة من فتاوى العلماء في جواز الاحتفال بالمولد النبوي و في منعه يمكن اعتبارها مجرد أمثلة موضحة للمنهج السلفي الفقهي العام الذي أتضح لنا من خلاله جواز هذا الاحتفال، و مجرد أمثلة موضحة للمنهج السلفي النصي العام الذي أتضح لنا من خلاله كذلك منع الاحتفال بالمولد النبوي و اعتباره بدعة ضلالة لا سند لها في الشرع.
أيها السادة: إن للجانب الروحي حظه في هذا الموضوع من الناحية الشرعية فنتساءل لماذا هذه الاحتفالات بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: كما يوضحه الحافظ الشيخ محمد الحافظ المصري فيقول: لأن الله عز و جل جعل تذكر النعم أمرا مشروعا بل واجبا على كل مسلم و مسلمة، و دليل هذا الوجوب قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام:" ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور و ذكرهم بأيام الله" (51). و أيام الله كما قال المفسرون: نعمه التي أنعم بها على بنى إسرائيل و التي تعدد ذكرها في القرآن بصيغة (أذكروا نعمة الله عليكم) فهي نعم كثيرة أنعم الله بها عليهم و أمر نبيه موسى أن يذكرهم بها. فتفضيلهم على العالمين نعمة، ونجاتهم من فرعون نعمة، و العفو عنهم بعدما اتخذوا العجل نعمة، و خروج كثير من الأنبياء منهم نعمة، و تفجير 12 عينا من الحجر بالماء الصافي الشروب بعدما اشتد عليهم الجفاف نعمة. وهكذا...
وقد خاطب الله الرسول صلى الله عليه وسلم بتذكر نعمة الله فقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود" (52). وقد تعددت الآيات التى تأمر المسلمين بأن يتذكروا نعم الله عليهم. فتذكر نعم الله فرض واجب على كل مسلم و مسلمة. فرضه الله من فوق سبع سماوات. ووجود الرسول صلى الله عليه وسلم بيننا نعمة كبرى من نعم الله، قال الحافظ بن حجر رحمه الله عن علي رضي الله عنه أن نعم الله ست: الإسلام، القرآن، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الستر، العافية، الغنى عن الناس (53). ونعمة وجود الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته عامة قال تعالى"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"(54) وقال تعالى "يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها"(55) قال المفسرون: النعمة هنا هي الرسول أو نبوته، فأهل الكتاب كانوا يعرفون أن هذ5 النعمة من الله فلما جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم جحدوا وأنكروه عنادا و استمروا على عبادة الأصنام و التكذيب بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وإذا كان صلى الله عليه وسلم نعمة كبرى من الله منها الله علينا فقال:"لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم"(56) فلا عجب أن يتذكر المؤمنون في حياتهم ذكريات هذا الرسول صلى الله عليه وسلم: ذكرى المولد وذكرى البعثة و ذكرى الهجرة، وذكرى نزول أول آية في القرآن، و ذكرى نزول آخر آية في القرآن وذكرى و ذكرى.. " الخ. يتذكرونها بما لا يخرج عن مبادئ الدين الحنيف فرحين مسرورين متعظين معتبرين.
والاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ليس معناه جواز الاحتفال بغيره من الأنبياء أو الأولياء إذ لا قائل بهذا من علماء الإسلام، إذ ليس لأحد من الأنبياء أو الأولياء ما للرسول من المنزلة العليا والأفضلية الكبرى. فليس أحد منهم رحمة للعالمين كالرسول، و ليس أ-حد منهم أسوة حسنة كالرسول، وليس أ-حد منهم فاز بالاصطفاء الذاتى لرب العالمين إذ خصه الله تعالى بأنه حبيبه و مصطفا ه. و ليس أحد منهم أبيح له ما أبيح للرسول صلى الله عليه وسلم من تعدد الزوجات، وما فرض على أحد منهم قيام الليل حتى تورمت قدماه صلى الله عليه وسلم. ولم يثبت لأحد منهم أنه كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه. و ليس أحد منهم قال عن نفسه مثل ما قاله صلى الله عليه وسلم عن نفسه لما كاد يواصل صـيام رمضان ونهى الصحابة عن هذا الوصال، فقال:" لست كهيئة أحدكم إني أبيت عند ربى يطعمني و يسقيني" (56-ب) و ليس لأحد منهم المقام المحمود و هو مقام الشفاعة الكبرى التي خصه الله تعالى بها بين سائر الأنبياء و المرسلين والخلق أجمعين.(57)
فلنحتفل بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه ولنكف عن اعتبار احتفالنا بذكريات الرسول صلى الله عليه وسلم هو رخصة نمر منها لجواز الاحتفال بغيره من الأنبياء أو الأولياء.
أيها السادة، إن الاحتفال بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ليس لذاته الجسمية وإنما هو لروحه الملكوتية العلوية فنحن لا نحب النبي صلى الله عليه وسلم لذا ته وإنما نحبه لربه. و قد بين صلى الله عليه وسلم كيفية وأسباب حبنا لله وحبنا لرسوله صلى الله عليه وسلم فقال: " أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي"(58). فنحن لا نحبه لأنه محمد بن عبد الله ولكننا نحبه لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحبه لأنه مبلغ عن الله تعالى، وأنه حبيب الله عز وجل، و نحبه لأن محبته طاعة لله سبحانه و تعالى.
إن الاحتفال بمولد الرسول هو احتفال و تذكر لنعم الله كما أمر الله أن نتذكرها و نشكرها. و لذا ينبغي أن يكون هذا الاحتفال مصحوبا بالدروس و العظات و المحاضرات و الندوات و العلم و الذكر و القرآن و البر و الإنفاق و الإحسان و التصافح و التسامح بين الإخوان و لا ينبغي بل و لا يجوز أن تصحبه منكرات و كل ما يتنافى مع الدين.
وخلاصة القول:
1. أن الاحتفال بالمولد مسألة خلافية، و الخلاف-كما سبق- فقه و علم فلا يجوز الإنكار على المسائل المختلف فيها كما قرر ذلك علماء السلف.
2. أن تجاهل الرأي المخالف ليس من فقه الدعوة و لا من أخلاق الداعية و إنما الواجب أن نتعاون في ما نتفق عليه و أن يعذر بعضنا بعضا في ما نختلف فيه و شعار العلماء "نختلف و لا نفترق " فالاختلاف في الآراء و الفهوم لا ينبغي إذ يؤدي إلى الاختلاف في القلوب و بالأحرىإلى التبديع أو التكفير. و لنسم باختلافاتنا فى مثل هذه الجزئيات إلى خلاف التابعين و الأئمة المجتهدين الذين كانوا يختلفون و في نفس الوقت كانوا يتحابون ويتراحمون.
3. أن الاحتفال بالمولد أجازه كثير من العلماء الأعلام و فقهاء الإسلام باعتباره عادة حسنة أو بدعة مستحسنة و استمر العمل به عند المسلمين منذ القرن الرابع الهجري إلى الآن، بما فيهم بعض علماء السلفية النصية كابن تيمية و ابن القيم و رشيد رضا.
4. أن مجموعة من كبار العلماء و مشايخ السلفية المعاصرة يعتبرون الاحتفال بالمولد بدعة ضلالة و يجاهدون في سبيل الله لنشر فتاوى و أسباب وجوب تركها.
5. أن الأمانة العلمية و الاقتراب من النزاهة ما أمكن بالنسبة إلينا- نحن المعاصرين- يقتضيان منا ترجيح ما ذهب إليه كبار العلماء الذين كانوا أكثر علما و تقوى و أقرب إلى عصر السلف من مشايخ و علماء هذا العصر جزاهم الله جميعا بالخير و الثواب.
كلمة الختام:
وبعد، فهذه إشارات خاطفة و لمحات هادفة تذكر و لا تكفي و تحرك الفكر و لا تشفي، لأن الموضوع أكبر من وقته: دقائق محدودة لا تغطي مواضع معدودة تصب كلها في اتجاه واحد هو مشروعية الاحتفال بالمولد أو عدم مشروعيته سواء باعتبارها عبادة من حيث مضمونها: دروس و عظاتو تلاوة و أذكار و أمداح و أشعار و صلاة على النبي المختار و إكرام وإطعام، و تضرعات و ابتهالات أم باعتبارها عادة استحسنها فريق كبير من العلماء و أنفق عليها الكرماء و أيدتها الشعوب الإسلامية بحبهم العميق لرسول الله صلى الله عليه وسلم و استنكرتها جماعات و أقلام و جهات اختلفت فهومها و معارفها في الموضوع مع حسن نيتها و صدق قصدها، فالمجتهد- بقواعد الاجتهاد و شروطه- إذا أصاب فله أجران و إذا أخطأ فله أجر واحد كما يفهم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران و إذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد"(60). ما لم ينكر الوجه الخلافي الذى لا يرى فإن أنكره كان من العابثين و ليس من المجتهدين المأجورين والله أعلم.
فهل لنا أن نتساءل فى هذا الجمع العلمي الإيماني المبارك: لماذا بدأت خيوط التواصل بين مغاربة الأمس و مغاربة اليوم تتلاشى ضمن معارفهم و أخلاقهم و تقاليدهم التي لم تفقد تأييدها إجمالا أو تفصيلا من الشرع الحنيف، و إن كان بعضها يحتاج إلى تهذيب و تشذيب، و بعضها في حاجة إلى استئصال أو تشطيب؟ لماذا فقدت الثقة في العلم و العلماء بمختلف مداركهم و معارفهم و قدراتهم على تأصيل الفروع أو تفريع الأصول و حولت هذه الثقة إلى كثير من الناس غير متعلمين، أو متعلمين غير فاهمين أو متعلمين فاهمين غير عاملين أو متعلمين فاهمين عاملين غير مسلحين بالمشاركة العلمية اللازمة للداعية و المفتي و الواعظ و المصلح؟ هذه المشاركة التي يمثلها عمليا فئات من العلماء و المتخصصين و الباحثين أمثال حضراتكم في هذا الوطن العزيز و تمثلها علميا نظرية البناء المعرفي في الفكر العربي و الإسلامي كما وضحها السكاكي و غيره و التي مفادها: أن الدراسات الصوتية أساس للدراسات الصرفية، و الدراسات الصرفية أساس للدراسات النحوية، ر الدراسات النحوية أساس للدراسات البلاغية، و الدراسات البلاغية أساس للدراسات المنطقية أي الحدود و الاستدلالات، و الدراسات المنطقية أساس للدراسات الأصولية، و الدراسات الأصولية أساس لتحليل النصوص الإسلامية القرآنية و الحديثية و ما يستخلص منها من أحكام عقدية و فقهية وسلوكية الخ. هذه النظرية التي تبناها الفكر الغربي في أمثال حيسبريس و غيره منذ أكثر من سبعة عقود. فهل هذه المجموعة من الأدوات المعرفية التي تساعد على فهم النص القرآني. أو النص الحديثي هي جاهزة في أذهان كثير من أهل الدعوة في الساحات المعاصرة. و ما هذه المفارقات العجيبة في مجتمعنا بلد الإسلام و العلم: علماء بلا متعلمين و متعلمون بلاعلماء؟
وهل أسباب هذا الانفصام بيننا و بين كثير من شبابنا المتعلم و غير المتعلم هي داخلية فتكون منا أو منهم على كل حال؟ أو هي خارجية تتشكل في التسابق للشباب غير المثقف قصد تكثير السواد و جلب الزبناء و تغطية الساحة و تكريس الوحدة المرجعية في الدين و الأخلاق السلفية النصية و السلفية النصية وحدها؟ فإن كانت الأولى فالمشكل مشكلتنا جميعا: علماء و شباب، وعلينا أن نفكر في أسباب علاجه المادية و المعنوية والتنظيمية؟ وإن كانت الثانية فالمشكل مشكل جهات الدعوة كلها و ضرورة توحيدها من جمعيات العلماء ورابطة العلماء و الجماعات الإسلامية مادامت كلها تجاهد في سبيل تحقيق هدف واحد هو الدعوة إلى الله بلا خلفية مادية و لا خلفية سياسية و لا خلفية شخصية أنانية.
واسمحوا لي- حضرات السادة- فأنا لا أوجه و إنما أطرح كما تطرحون و أقترح كما نقنرحون. و السلام عليكم و رحمة الله.
البشير المحمودى

هوامش التوثيق
  • <LI class=MsoNormal dir=rtl style="mso-list: l4 level1 lfo9; tab-stops: list 36.0pt">التعريفات ص 39
  • انظر جامع بيان العلم للحافظ ابنعبد البر، و فقه الدعوة لعبد الحميد البلالى
3- الفتاوى ج 3 ص 227
4- الاختلاف عند العلماء: لمحمد بن صالح العثيمين
5- أصول الففه ص 384 محمد أبو زهرة
6- فقه الدعوة عبد الحميد البلالى
7- نفس المصدر
8- نفس المصدر
9- أ) رواه البخاري و مسلم وغيرهما
(-9ب) رواه أبو داود فقط بهذا اللفظ
(9-ج) أنظر الحلية لأبى نعيم، و مناقب الشافعي للبيهقى
10- محبة الرسول بين الأتباع و الابتداع، عبد الرؤوف محمد عثمان الرياض
11- الاعتصام ح ا ص 178
12- انظر الموسوعة الحضارية العربية و الإسلامية، مجلد 3 مباحث د. محمد عمارة
13- الآية 275 أ البقرة
14- ا لآية 95 ا لمائدة
15- رواه إلامام أحمد في مسنده
16- نفس المصدر
17- الموسوعة العربية والإسلامية مجلد 3
18- رواه البخاري و مسلم و أصحاب السنن
19- دروس في المنهج. عبدالله العبيلان الرياض
20- أعلام الموقعين ج 1 ص 137
21- الموسوعة الحضارية العربية والإسلامية مجلد 3
22- الفتاوى لأبن تيمية خ 11، أعلام الموقعين لأبن القيم
23- رسالة العبودية لأبن تيمية
24- أعلام الموقعين ج 1 87-88
25- نفس المصدر
26- انظر إتحاف الأذكياء بجواز التوسل الأنبياء و الأولياء لعبد الله بن الصديق
-انظر شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق، ليوسف النبهانى
-انظر إظهار العقوق في الرد على من منع التوسل إلي الله بالنبي والولي الصدوق, للشيخ محمد بن المصطفى الحسنى
-رسالة الشيخ الطيب بن كيران في الرد على بعض الوهابيين بأمر من السلطان سليمان العلوي
(26--ب) موسوعة الندوة العالمية للشباب المسلم، دور ة 1971 الرياض
- أنظر كذلك رسالة إلى إخواننا علماء نجد ليوسف بن السيد هاشم الرفاعى مكة
27- الإسلام والدولة: حالة المملكة ع السعودية, د. أيمن ياسينى
28- انظر الصواعق الإلاهبة في الرد على الوهابية, للشيخ الدجوى
- انظر مصباح الأنام وجلاء الظلام في رد بدع النجدي الذي أضل العوام: استنبول تركيا
29- رواه الأمام أحمد والبزار والطبراني في الكبير عن عبدالله بن مسعود موقوفا
30- التحذير من البدع ص 3-4
31- انظر محبة الرسول بين الاتباع والابتداع
- السنن و المبتدعات لعبد السلام الشقيرى
32- طبعة بالأوفسيت استنبول تركيا
33- طبعة بالأوفسيت استنبول تركيا
34- نفس المصدر المشار إليها
35- انظر التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار للأستاذين عبدالكريم مراد و عبدالحى العمراوى
36- انظر المتصوفة وبدعة الاحتفال بالمولد, أحمد الخريصى
37- اقتضاء الصراط المستقيم ص 297
38- 9الفتاوىج 22 ص 523
39- التحذير من الاغترار
40- انظر فتح الباري
41- فتاوى الشيخ رشيد رضا ج 4 ص 1243
42- شرح القسطلانى على صحيح البخاري
43- السيرة الحلبية
44- الآية 58 يونس
45- الآية 107 الأنبياء
46- رواه الحاكم في مستدركه عن أبى هريرة
47- تفسير الألوسى
48- انظر السيرة النبوية والآثار المحمدية المطبوع على هامش السيرة الحلبية









رد مع اقتباس
قديم 2010-02-28, 11:59   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
الامام الغزالي
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية الامام الغزالي
 

 

 
إحصائية العضو










B2 االقول المفيد عند الحكم على اقوال ومسائل في هذا الدين

شكرا لك على هذه الافادة والحرص على احقاق الصواب في مسائل الفروع والذي لايشك فيه عاقل انه من صميم الرباط والدفاع عن حرمة الاسلام والمسلمين لكن كان يتوجب عليك طرح ادلة المخالف كما يريد ان يفهمها للغير ثم بعد ذلك الحكم بما تقتضيه الضوابط
والقيود المعلومة
وبارك الله لك سعيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأولى, النبوي, دقيقة, ساهموا


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:11

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc