اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
السؤال :
رجل مسافر وأثناء سفره مر ببلدة يصلي أهلها صلاة الجمعة فدخل مع الإمام بنية الظهر فلما سلم الإمام سلم معه على أن نيته أنه يصلي الظهر قصراً .
ما حكم صلاة هذا الرجل ؟
وهل له أن يصلي خلف إمام يصلي الجمعة أن يصلي بنية الظهر ؟
وإذا كانت صلاته لا تصح فهل يعيد هذه الصلاة ؟
الجواب :
الحمد لله
المسافر لا تجب عليه الجمعة في قول
جمهور العلماء ، فإن حضر وصلاها أجزأته
وهل تجب عليه بحضوره ، أم له أن ينصرف ، ويصليها ظهرا ؟
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا تجب عليه بحضوره .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن حضر
الجمعة لزمته ، كالمريض .
وعلى القول الأول يجوز له أن ينوي الظهر خلف إمام الجمعة ، لكنه يفوت على نفسه أجر الجمعة .
وإذا صلى الظهر ، صلاها أربع ركعات ؛ لأنه مؤتم بمقيم .
قال النووي رحمه الله :
" قال أصحابنا : إذا حضر النساء والصبيان والعبيد والمسافرون الجامع فلهم الانصراف ويصلون الظهر ... وأما الأعمى الذي لا يجد قائدا فإذا حضر لزمته ولا خلاف لزوال المشقة .
وأما المريض فأطلق المصنف والأكثرون :
أنه لا يجوز له الانصراف , بل إذا حضر لزمته الجمعة
والأولى التفصيل : فإن حضر قبل دخول الوقت فله الانصراف مطلقا , وإن كان بعد دخول الوقت وقبل إقامة الصلاة ونيتها : فإن لم تلحقه زيادة مشقة بانتظارها لزمته , وإن لحقته لم تلزمه بل له الانصراف .
وهذا التفصيل حسن واستحسنه الرافعي" انتهى .
"المجموع" (4/358) .
وقال رحمه الله أيضاً :
"ولو نوى الظهر مقصورة خلف الجمعة - مسافرا كان إمامها أو مقيما - فطريقان : المذهب وهو نصه في الإملاء - وبه قطع المصنف والأكثرون : لا يجوز القصر لأنه مؤتم بمتم ..." انتهى
من "المجموع" (4/234) .
وينظر : "المغني" (2/94)
"شرح منتهى الإرادات" (1/310).
وقال في "الإنصاف" (2/368) :
" وقال الشيخ تقي الدين [يعني : ابن تيمية] :
يحتمل أن تلزمه تبعا للمقيمين .
قال في الفروع : وهو متجه , وهو من المفردات
[يعني : انفرد به الإمام أحمد عن سائر الأئمة] .
وذكر بعض أصحابنا وجها وحُكي رواية :
تلزمه بحضورها في وقتها , ما لم يتضرر بالانتظار , وتنعقد به ، ويؤم فيها . وهو من المفردات أيضا " انتهى .
وهذا القول اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وقال :
" إذا حضر المسافر الجمعة وجب أن يصليها جمعة , لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
والمراد بالصلاة هنا صلاة الجمعة بلا ريب , والمسافر داخل في الخطاب فإنه من الذين آمنوا , ولا يصح أن ينوي بها الظهر ولا أن يؤخرها إلى العصر ؛ لأنه مأمور بالحضور إلى الجمعة .
وأما قول السائل : إنه مسافر تسقط عنه الجمعة فصحيح أن المسافر ليس عليه جمعة , بل ولا يصح منه الجمعة لو صلاها في السفر ؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يقيم الجمعة في السفر
فمن أقامها في السفر فقد خالف هدي النبي صلي الله عليه وسلم , فيكون عمله مردودا بقول النبي صلي الله عليه وسلم :
(من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) .
أما إذا مر المسافر ببلد يوم الجمعة وأقام فيه حتى حان وقت صلاة الجمعة وسمع النداء الثاني الذي يكون إذا حضر الخطيب فعليه أن يصلي الجمعة مع المسلمين , ولا يجمع العصر إليها
بل ينتظر حتى يأتي وقت العصر فيصليها في وقتها متى دخل "
انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/62) .
والحاصل : أن المسافر إذا صلى الظهر خلف من يصلي الجمعة ، صحت صلاته عند بعض أهل العلم ، ولزمه أن يتم الظهر لأنه مؤتم بمقيم ، والأحوط له أن يصلي الجمعة خروجا من خلاف من أوجب ذلك عليه ، وتحصيلا لأجر الجمعة .
وأما إعادتك للصلاة فلا يظهر وجوب ذلك عليك ، نظراً لأن المسألة اجتهادية ، وما فعلته صحيح عند بعض أهل العلم .
والله أعلم .